منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 14 - 12 - 2013, 12:08 PM   رقم المشاركة : ( 4151 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

أريد أن اعيش في سلام



وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
يا رب أريد أن أعيش في سلام بدون خوف من وحدة أو ظلام

أريد أن أنام هانئة هادئة دون اضطراب أو تعب في المنام

تملك مني الخوف حتى أنهكني ودخل في مفارق النفس والعظام

أفقدني كل المشاعر الجميلة، أفقدني الحب والفرح والأمان.

لا أدري لما سمحت له بذلك ! هل هو ضعف مني ؟أم عدم إيمان !

قال لي ابني ذو العاشرة: أنت عارفة يا ماما إحنا بنخاف ليه ؟

قلت له وأنا انظر في عينيه المفعمة بالفرح والسلام: ليه ؟

قال لي: إحنا بنخاف لإنه ماعندناش إيمان. مش ربنا لما كان مع تلاميذه في السفينة، والبحر هاج وهم خافوا، قاللهم ما تخافوش أنا معاكم . يبقى أحنا بنخاف ليه؟

ماما أتطمني واتكلي على ربنا، وما تخافيش من حاجة.

أحسست بالخجل من أني كبيرة وإيماني صغير، وابني صغير لكن عنده إيمان كبير.

كنت حزينة وسعيدة معاً ! حزينة على نفسي المضطربة التي تتجاذبها أمواج الخوف وعدم الثقة، وسعيدة لأن الله منح ابني هذا الإيمان ؟ استطاع ابني بثقته الكبيرة بالرب أن يزيل مخاوفي، وأن يجلب الهدوء إلى نفسي، وجعلني أتساءل: كيف أخاف وهو ممسك بيدي ؟ كيف أخاف وهو ضامن غدي ؟ كيف أخاف من الموت وهو منحني الحياة ؟كيف أخاف من المرض وهو قد منحني الشفاء؟كيف أخاف من تعب وضعف وهو قد منحني القوة ؟كيف أخاف مما يحدث حولي من حروب وزلازل ومجاعات وأوبئة، وهو مسيطر ومتحكم في هذا الكون ؟

كان حديثي مع ابني ليلاً، وكنا معاً في السرير. حين أنهى كلامه قال لي: ماما تصبحي على خير. ممكن يا ماما ما يبقاش خير اللي الناس بتصحى عليه كل يوم، بس ربنا معانا وحتى لو سمح بكده عشان ها يدينا بعدها حاجة أحلى . ونام بكل هدوء وسلام .

أغرورقت عيناي بالدموع، وأعتذرت للرب وقلت: أنا آسفة على عدم إيماني .أنا آسفة على جهلي بيك وباللي بتعملو عشاني .أنا نسيت أنك موجود، وأنك رب الكل، ونسيت إنك يا ما عملت ويا ما شفيت وياما حفظت، وأنك رب الأمس واليوم وإلى الأبد .

سامحني يا رب وأديني إيمان ذي إيمان ابني. مش عايزة أكتر من كده .
 
قديم 14 - 12 - 2013, 12:11 PM   رقم المشاركة : ( 4152 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

دعاء وطلب وابتهال إلى الله



وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
يا رب أرجوك بارك نفسي وطهرها من كل دنس وغرور أصابها.

يا رب امحي مآتمي لأنني عبد خاطئ مجبول بالخطيئة ومولود فيها.

يا رب قويني لكي أصلح اعوجاج ذاتي قبل أن انظر إلى اعوجاج الغير.

يا رب امنحني قوة العقل والبصيرة لكي أستطيع أن أميز فعل الخير،
وابتعد عن فعل الشر.

يا رب زودني بحكمتك المعهودة كي اعدل وانصف بها كلما احتاج الأمر لذلك .

يا رب لا تحملني أكثر من طاقتي أرجوك لأنني لا أستطيع الاحتمال.

يا رب لا ترذلني من أمام وجهك القدوس، وتطردني من فردوسك المبارك لأنك إله متسامح ورحوم.

يا رب اغفر خطاياي، واغسلني واجعلني إنساناً نظيفاً وجديداً يليق بالمؤمن الحقيقي، وسلحني بالمحبة
والتواضع والإيمان.

يا رب اخلق فيّ قلباً طاهراً ونقياً كي أمجد اسمك العظيم وأقدسه.

يا رب أمنحني روحاً جديدة نقية ومستقيمة في ذاتي حتى أُرشد وأعلم الخطاة طريق نورك الأبدي،
ومجدك السماوي كي يهتدون إليه.

يا رب لا تغلق باب ملكوتك أمامي قائلاً: أذهب عني يا قليل الإيمان لأنني لا أعرفك.

يا رب أنر طريقي بنور قدسك، وزودني بالإيمان كي أكون عند حسن ظنك بي، وامنحني الغفران حتى أرى ملكوتك.

يا رب هبني موهبة الكلام حتى أعظ وابشر باسمك القدوس، وتعاليمك السماوية المباركة بين الذين
لا يعرفون اسمك وتعاليمك الخلاصية.

يا رب أجعل حارساً لفمي كي أحفظ لساني عن النطق بالسوء تجاه الغير.

يا رب أبعد قلبي عن الأمور الرديئة، وأبعدني عن فاعلي الإثم والخطيئة بكل نفائسهم ومقتنياتهم.

يا رب إليك اصرخ وأنادي واسكب دموعي وشكواي أمامك كي تمنحني القوة والحكمة والإيمان لكي
أتغلب على هؤلاء الذين ينكرونك، ويشكون في ألوهيتك.

يا رب اقبل صلاتي كبخور أرفعها أمامك، وأفتح يديّ وابسطهما كذبيحة ترتفع إليك في كل يوم.

يا رب نجني من الأشرار والمنافقين الذين ينصبون شباكهم للأبرار والصالحين كي يرموهم في فخ شباكهم الأثيمة.

يا رب وصاياك وإرشاداتك الإلهية دائماً تنجني من الوقوع في شباك الأشرار، وتبعدني عنهم وعن مسلكهم الرديء،
لذا علمني أن أتسلح بوصاياك دائماً لأنها غذاء للنفس وحماية للجسد، وقد تعلمتهم وورثتهم من أبويّ.

يا رب نفسي مشتاقة وظمآنة إليك لتستقي من لدنك الكثير الكثير من دعائك ورضاك الأبويين، كي تمنحها الحياة الأبدية.

يا رب قدوس أنت ومتواضع القلب. اجعل قلبي عطوفاً ومتواضعاً شبيهاً بقلبك.

يا رب لا تسلمني للنار واللهيب حيث البكاء والنحيب.

يا رب فلتسبحك كل الشعوب والأمم، وليمجدوا اسمك القدوس على مدى الدهور والأزمنة،
وليعم أمنك وسلامك كل أقطار المسكونة.
آمين
 
قديم 14 - 12 - 2013, 12:28 PM   رقم المشاركة : ( 4153 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

التغلب على شعورنا بالذنب بحسب رأي الكتاب المقدس



وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أولاً: الروح القدس: هو العطية التي منحها الله (لكنيسته) لتنتصر بها في حياة المسيحي. ويميز الله بين أعمال الجسد وبين ثمار الروح في الرسالة إلى أهل غلاطية 5: 16- 25.

يدعونا هذا النص إلى السلوك بحسب الروح. "جميع المؤمنين قد نالوا الروح القدس، لكن هذا المقطع يحثنا على أن نسلك بحسب الروح، أي أن نكون منقادين به. ومعنى هذا أن تكون عندنا) إرادة للإستجابة (وفقاً لما يحرّض الروح القدس على فعله في حياتنا )عوضاً عن( تلبية شهوات الجسد.

والفارق الذي يستطيع الروح القدس إحداثه في حياة المؤمن نجد برهانـاً له في حياة بطرس، الذي أنكر يسوع ثلاث مرات قبل قبوله الروح القدس. وبعد أن قال بأنه سيتبع المسيح حتى الموت. لكنه بعد قبوله الروح القدس، أخذ يتكلم بجرأة إلى اليهود عن المخلص في يوم الخمسين (العنصرة).

إن من يسلك بحسب الروح يحاول عدم "وضع غطاء" على نداءات الروح "لا تطفئوا الروح" كما هو مكتوب في 1 تسالونيكي 5: 19 بل عوضاً عن ذلك يفتش أن يكون ممتلئاً من الروح “ أفسس 5: 18-21” “كولوسي 3: 16 “بمعنى أن الله يختار أن يملأ بالروح أولئك الذين يملئون أنفسهم من كلمة الله، والنتيجة لكليهما متشابهة. وهذا يقودنا إلى المصدر اللاحق .

ثانياً: كلام الله، الكتاب المقدس:” 2 تيموثاوس3: 16-17” يقول أن الله أعطانا كلمته لكي يكون إنسان الله كاملاً، متأهّباً لكل عمل صالح. إنه يعلمنا كيف نعيش ونؤمن، ويكشف لنا إذا كنَّا سائرين في طرق خاطئة، ليساعدنا على الرجوع إلى الطريق الصحيح والاستمرار فيه. كما أنه في “عبرانيين 4: 12” يُعلن أن كلمة الله حيَّة وفعَّالة وأمضى مِن كُلِّ سَيفٍ ذِي حَدَّين، وخارِقَةٌ إلى مَفرق النَّفس والرُّوح والمفاصِل والمِخاخِ، ومُمَيزةٌ أفكارَ القلبِ ونِيَّاتِه.

والمزامير تتحدث بقدرتها على تغيير مسار حياة الإنسان “مز 119: 9 و11 و105 وغيرها”. نعتبر هذا المصدر على العموم لا دالة له، إذا كنا نستخدمه على سبيل الرمز ونحن نأخذ الإنجيل معنا إلى الكنيسة أو نقرأ يومياً فيه صلاة أو إصحاحاً، دون أن نحفظ منه شيئاً، أو نتأمل فيه، أو نحاول تطبيقه في حياتنا العملية، أو نعترف بالخطايا التي يظهرها لنا فيه، لنمجد الله على النعم التي أعطانا إياها. وفي أغلب الأحيان يكون موقفنا منه ( إمَّا شرهاً لمعرفة المزيد عنه أو نكاد نفقد الشهية تجاهه ). إنَّنا نستهلك منه الجزء الذي يساعدنا لنبقى أحياء روحياً عندما " نبتلع" الكلمة ونحن في الكنيسة (دون أن نصير قديسين أو مسيحيين متقدمين)، أوغالباً ما نأتي لنتغذى، دون أن نتأمل ملياً لننال الغذاء الروحي .

من المهم، إذا كنا لم نعتاد يومياً على دراسة كلمة الله بطريقة ذات مغزى، وحفظها عندما نلاحظ كلمات الروح القدس لتنطبع في قلبنا،)وجب عليكم أن تصير تلك عادة فيكم(. لتكن عادة بألاَّ تتركوا الكلمة حتى تسجلوا شيئاً ما استخلصتموه. على الأرجح أسجل صلوات إلى الله ليساعدني على التغيير في مجالات كلمني عنها. والكتاب المقدس هو الأداة التي يستعملها الروح القدس في حياتنا وحياة الآخرين “أفسس 6: 17”، فالجزء الأساسي من هذا السلاح الذي يعطينا إياه الله هو لمحاربة أجناد الشَّر الروحية “أفسس 6: 12-18”.

ثالثاً: الصلاة : مصدر أساسي آخر أعطانا الله إياه. غالباً ما يقدم خدمة للمسيحيين، ) إنما لا يُستخدم على وجه صحيح (. فهناك اجتماعات للصلاة، وأوقات للصلاة،.. الخ ، ولكننا لا نجد الاندفاع نفسه الذي كان عند الكنيسة الأولى بدليل (أعمال الرسل 3: 1 ، 4: 31 ، 6: 4 ، 13: 1 -3 ، الخ). ويقول بولس في مرات عديدة كيف أنه صلَّى من أجل من بشَّرهم. ونحن أيضاً بين بعضنا البعض لا نستعمل هذا المصدر الكبير المتوفر لدينا. بينما أعطانا الله الوعود العظيمة الخاصة بالصلاة (متى 7: 7- 11؛ لوقا 18: 8- 1؛ يوحنا 6: 23-27؛ 1 يوحنا 5: 14-15، الخ). وبولس، من جديد، ضمَّنها في كلامه عن الإستعداد للحرب الروحية (أفسس 6: 18). وما أهمية كل ذلك؟ عندما تقرأ من جديد (ما حصل مع القديس بطرس)، تحضر أمامك كلمات المسيح التي قالها له في بستان جثسيماني قبل إنكاره. هنا، بينما كان يسوع يصلي، كان بطرس (وباقي الرسل) نائمين. أيقظهم يسوع قائلاً: "اسهروا وصلوا) لئلا تدخلوا في تجربة(. أمَّا الروح فنشيط وأمَّا الجسد فضعيفٌ" (متى 26: 41). وأنتم نظير بطرس،) تريدون فعل ما هو صالح، لكنكم لا تجدون القوة(. يجب علينا الإحتجاج والإعتراض عند الله لكي نسـتمر في البحث، ) نواصل بأن نقرع ونلحُّ في الطلب(.وسـيعطينا القوة التي نحتاج إليها (متى7:7).

لذلك يتحتم علينا استخدام هذا المصدر بالتمام. ) أنا لا أقول أن الصلاة كالسحر،وهي ليست كذلك(. أما الله فهو مذهل. فالصلاة تعرِّف ببساطة حدود قدراتنا الذاتية وقدرة الله اللامتناهية، التي توجهنا نحوه لنحصل على القوة لعمل ما يريد منَّا فعله (ليس ما نحن نريد فعله) (1 يوحنا 5: 14- 15).

رابعاً: الكنيسة: هي المصدر الذي نميل مرة أخرى إلى نسيانه. عندما أرسل يسوع رسله، أرسلهم إثنين إثنين وقال لهم "حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فهناك أكون في وسطهم" (متى 18: 20). وأوصى بعدم ترك الإجتماع كعادة البعض، بل أن يسهر المجتمعون بعضهم مع بعض للتحريض على المحبة والأعمال الحسنة (عبرانيين 10: 24- 25). كما قال لنا إعترفوا بعضكم لبعض بالزلات (يعقوب 5: 16). وقيل في أدب الحكمة من العهد القديم: الحديد بالحديد يُحَدَّد، والإنسان يُحدد وجه صاحِبِهِ (أمثال 27: 17). )الخيط المثلوث لا ينقطع سريعاً" مما يدل على قوة العدد (“الجامعة 4: 11- 12”.

بعض الناس ممن أعرفهم وجدوا إخوة أو أخوات لهم في المسيح يتواصلون هاتفياً أو شخصياَ للمشاركة بآرائهم حول النمو في حياتهم المسيحية، وكيف استطاعوا أن يجاهدوا، وتعاهدوا على الصلاة بعضهم لبعض على الالتزام بكلمة الله في علاقاتهم، الخ. قد يحدث التغيير أحياناً بسرعة، وأحياناً أخرى قد يأخذ وقتاً في مجالات أخرى. لكن الله قد أعطى لنا وعده، إذا استخدمنا مصادره، فسوف يُحدث التغيير في حياتنا. فثابروا عالمين أن الله أمين في وعوده .
 
قديم 14 - 12 - 2013, 12:32 PM   رقم المشاركة : ( 4154 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الطاعة حباً



وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
في رحاب تاريخ البشرية يدور الصراع بين النور والظلمة. بين الخير والشر. بين الحياة والموت. الطاعة وعدم الطاعة. فلنتعلم من الخلائق التي خُلقت بكلمته. كن فكانت الطبيعة بفصولها ومواسمها، وهي تعطي ثمارها في أوانها.

تعالوا نتعلم كيف تكون الطاعة فنتذكر الحوت الذي أطاع ليكون قلاية صلاة ليونان الهارب من وجه الرب، والغراب الذي يلتقط الطعام من أمام فراخه كان يطيع ويقدم الخبز واللحم صباحاً مساءً ليعيل إيليا في زمن المجاعة. والأسود الجائعة أطاعت، ودانيال يقف بسلام في وسطها. والديك كان جرس الإنذار لبطرس أثناء نكرانه لمعرفة الرب.

لنذكّر أنفسنا ونتأمل بعمل الرب فينا ومن أجلنا. فقد أذاقنا أول حب عرفته البشرية حين أخذ حفنة تراب من الأرض بيديه، وجبلنا جبلة واحدة، وترك عليها بصمته: ارجعوا إليّ أرجع إليكم. وسكب عليها من فيض حبه وحنانه، وقال بفمه المبارك: لذاتي مع بني آدم، ونفخ فيها من روحه نسمة خلود ليدعونا إلى حياة بلا فناء. وأحبّنا بمقدار حبّه لابنه لذلك فدانا بابنه الوحيد لنبقى مطيعين بحب متبادل، بقبولنا خلاصه في حياتنا وطاعته لنعيش برفقة روحه القدوس، فنحن نعيش في عصر النعمة بقوة روحه الذي يعلّمنا ويرشدنا ويقودنا عكس تيار روح هذا العالم المظلم بعصيانه.

إذاً لنطيع ونصغي لصوت الرب الذي يدعونا في زمن الحب الالهي بنعمته ولمجد اسمه، فميراثنا ومستقبلنا الأبدي مع الرب يسوع له كل المجد، وروعة حياتنا معه، فلنتقدم إليه بالطاعة حباً، ولتكن دموع التوبة في عيوننا كمطافئ لنار جهنم، ولننطلق نحو السماء محمولين على ذراعي المصلوب، ولندخل ملكوته مختومين بدمه، واثقين بوعده، حاملين قيثارات الفرح والترنيم. آمين.
 
قديم 16 - 12 - 2013, 07:29 PM   رقم المشاركة : ( 4155 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

إِخْوَتُنَا الأَصَاغِرُ وهَدِيَّةُ المِيلاَدِ المَجِيدِ



وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

مع نهاية العام و الاستعداد للميلاد المجيد ، قدم هداياك في وسط هذه الظروف المناخية والحياتية التي نعيشها ، قدم هديتك للمولود الإلهي لتكون شريكًا في الحدث الخلاصي العجيب ، قدم نفسك فتأخذ النصيب والميراث ... هلموا بنا نزور المسيح ، نعتني بالمسيح ، نطعم المسيح ، نكسي المسيح ، نستضيف المسيح ، نكرم المسيح ، نسقي المسيح ، هلموا نُجلسه معنا على مائدتنا ونصبّ عليه قاروره الطيب ، هلموا نشترك مع يوسف نيقوديموس والمرأة صاحبة الناردين كثير الثمن ، هلموا نقدم له قبرًا لأنه غريب وندبر له كفنه . هلموا نقدم الذهب واللبان والمر مع المجوس .

فهدايانا ليست في الفلكلور والعادات وروتين مظاهر الاحتفال والمراسم والاستقبالات والبروتوكولات ، هدايانا هي رحمة وذبيحه عطاء ، للمسكين والفقير والمطرود والمريض والمظلوم والمسجون والمطروح والمتروك ، حتى إذا انتقلنا يستقبلوننا في المظال الأبدية ...فكل ما نفعله مع هؤلاء إخوته الأصاغر ( فبه نفعل) .

أطعموا الجائعين للخبز وللبر واسقوا العطشانين للماء وللخلاص ، واكسوا العرايا للملابس وللستر من الفضيحة ، واستضيفوا المطرودين والذين هُدمت حُرقت بيوتهم ... افتقدوهم وشجعوهم وعاملوهم كشخص الرب ، لأن مجده ليس في المظاهر والبهرجة والسفريات والإنشاءات لكن مجده في عبيده الذين سماهم واختارهم خاصته ( إخوته الأصاغر ) ، قدموا لهم كؤوس الماء لأنها محصاة عند الذي ليس بظالم أن ينسى تعب المحبة ... هل يعقل أن بيننا في هذا العالم آلاف شُردوا حُرقوا وصاروا تحت الضغطة والعوز ، من جراء اضطهاد إبليس للمؤمنين !! و لازال زمن الشهداء والمعترفين ، الحاملين دماءهم وخراب بيوتهم وجروح مصابيهم وأحزانهم مصرورة ومعظمها ملطخ بالتنازلات والخسائر ، التي سيعوضهم عنها إله التعويضات الذي يسمع أنينهم ويرى بعينه ما جرى لهم خلف أستار الظلام .

فلنسرع إلى هؤلاء المسلوبين والمنهكين من جراء وطأة الاضطهاد الحادث ، ونصنع من عيوننا شبكة تصطاد المحتاجين إلى معونة عاجلة ونغسل أرجلهم نُتكئهم ونستضيفهم ونعتني بهم ونقدم لهم حتى ولو كسرة خبز تسند قلوبهم وسط ما عانوه من جفاء وظلم وما جازوه في انفسهم كما اجتازه الأولون ... إننا عندما نكون في خدمتهم نرى بشريتنا وأقاربنا فلا نطعم أنفسنا دون أن نطعمهم ونكسيهم ونغطي عريهم ... لأننا إذا لم نفعل ذلك سنذهب مع الملاعين إلى النار الأبدية ، لذلك نصلي كأن كل شيء يعتمد على الله ، ونعمل كأن كل شيء يعتمد علينا ... عالمين أنه بدون الافخارستيا يكون لا معنى لهذه الأعمال ، وتصبح مجرد خدمة اجتماعية خيرية . لكنها بالشركة والافخارستيا تكون دعوة لخدمة يسوع المصلوب ( أنا عطشان) كي نطفئ ظمأة المتواصل في إخوتنا المساكين .

كذلك أثمن التقدمات والهدايا هي أن لا نقدم أموالاً وذهبًا وفضة و مفاخر فقط ، لأن جميعها مادي وسيزول ومرتبط بهذه الدنيا السفلى ، لكن بالأحرى نقدم أنفسنا للذي وُلد لأجلنا وأتى إلينا ، فنأتي نحن إليه ، ليولد فينا ونقدم له عطيه النفس ، التي هي أثمن الهدايا لدى الله والأكثر إرضاءًا له . ومن ثَمَّ نقدم كل ما عندنا لإخوته الأصاغر ، لأن لهم الأولوية المطلقة على كل شيء بلا استثناء ، مادمنا قررنا أن نقدم الكل لذاك الذي قدم نفسه فدية عنا وبدلاً منا ، صائرين من أجل المسيح ، كل ما صاره هو لأجلنا.




بقلم أبينا المحبوب /
القمص أثناسيوس جورج


 
قديم 16 - 12 - 2013, 07:34 PM   رقم المشاركة : ( 4156 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

خادم الرب الأمين
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
شخص تعلم فى اموره المادية ان يكون
(مكتفياً بماعنده)
ولا(يتعب نفسه ليكون غنياً)
وهو
(غير طامعاً بالربح القبيح)
وليس
(الهه بطنه)
وحتى فى الامور الروحية
(لايسود على الانصبة)
وان لم يجد ما يسد حاجة الخدمة
(يعمل يسدد احتياجات الخدمة)
وهو دائماً
(ينفق وينفق)
لاجل الرب فى شعبه!!
-------
الشواهد الكتابية
====
فيلبى 4:11 لَيْسَ أَنِّي أَقُولُ مِنْ جِهَةِ احْتِيَاجٍ، فَإِنِّي قَدْ تَعَلَّمْتُ أَنْ أَكُونَ ‍مُكْتَفِيًا بِمَا أَنَا فِيهِ.
الامثال 23: 4 لاَ تَتْعَبْ لِكَيْ تَصِيرَ غَنِيًّا. كُفَّ عَنْ ‍فِطْنَتِكَ
تيطس 1: 7 وَلاَ طَامِعٍ فِي الرِّبْحِ ‍الْقَبِيحِ،
رومية 16: 18 لأَنَّ مِثْلَ هؤُلاَءِ لاَ يَخْدِمُونَ رَبَّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحَ بَلْ ‍بُطُونَهُمْ. وَبِالْكَلاَمِ الطَّيِّبِ وَالأَقْوَالِ الْحَسَنَةِ يَخْدَعُونَ قُلُوبَ السُّلَمَاءِ
بطرس الاولى 5: 3 وَلاَ كَمَنْ يَسُودُ عَلَى ‍الأَنْصِبَةِ، بَلْ صَائِرِينَ أَمْثِلَةً لِلرَّعِيَّةِ.
كورنثوس الثانية 12: 15 وَأَمَّا أَنَا فَبِكُلِّ سُرُورٍ ‍أُنْفِقُ وَ‍أُنْفَقُ لأَجْلِ أَنْفُسِكُمْ،
أعمال الرسل 20:34 أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ حَاجَاتِي وَحَاجَاتِ الَّذِينَ مَعِي خَدَمَتْهَا ‍هَاتَانِ الْيَدَانِ
-------
شهادات حية
----------------
1- بولس كان يعمل خيام لاجل الخدمة(أعمال الرسل 18: 3 )وَلِكَوْنِهِ مِنْ صِنَاعَتِهِمَا أَقَامَ عِنْدَهُمَا وَكَانَ يَعْمَلُ، لأَنَّهُمَا كَانَا فِي صِنَاعَتِهِمَا ‍خِيَامِيَّيْنِ.
2- احد القسوس كان قبل تفرغه يعمل فى مجال التحاليل الكيميائية وكان يعمل بعد تفرغه لبعض الوقت لينفق على خدمته وبكل صدق على اعالة بعض الخدام الاخرين.
3- أحد القسوس الاتقياء كان يقوم ببعض الاعمال الغير معطلة للخدمة لاجل الخدمة لانه فى بلد نائية وشبه معدمة مالياً.
------
ليبارك الرب رجاله الامناء وليفتح اعيننا كمؤمنين لنكون معنينين لهم فى سد اعوازاهم ليتفرغوا لخدمة الرب بكل قلوبهم.

__________________
 
قديم 17 - 12 - 2013, 07:52 PM   رقم المشاركة : ( 4157 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

مبــاراة قصيرة...

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

مبــاراة قصيرة

الحياة كمباراة الكرة، اللاعبون فيها هم البشر، والـحَكَم (القاضي) هو الله؛ يطلق الـحَكَم صفارته مُعلِنًا بداية المباراة، ثم يعود ويطلقها مرة أخرى ليعلن نهايتها. وبين البداية والنهاية تجرى أحداث المباراة من "أوتات" و"فاولات"، وأهداف صحيحة تُحتسَب، وأهداف غير صحيحة تُلغى، وضربات جزاء وضربات أخرى؛ هي ملخص الحياة بجملتها. وهى كمباريات الكؤوس أو Final games، لابد فيها من نتيجة؛ فوز أو هزيمة، ولا تعادلات.
والـحَكَم لا يُنَاقَش
(أيوب33: 13).
فكل شيء مكتوب بدقة في تقريره، ما لك وما عليك.

قد ينزل واحد أرض الملعب، وبأمر الـحَكَم تبدأ المباراة، ثم يُفاجئ الجميع بصفارته ليعلن نهايتها بعد دقائق قليلة من بدايتها. وهذا ما حدث مع ابنة يايرس ذات الاثنتي عشرة سنة، إذ انتهت حياتها بعد مباراة قصيرة، فإذ الأب يضطرب، ويتوسل للـحَكَم أمام الجماهير الغفيرة، وكأنه يريد أن يقول: ابنتي على الموت صغيرة (مرقس5).

وقد تطول المباراة، وتُلعب كاملة الأشواط كموسى وأيوب؛ فالأول لعب مباراة (واللعب هنا جدىٌ رسميٌ وليس بلا قيمة أو هزلىٌ) مدتها مئة وعشرين سنة، بدأت في أجواء سيئة ومعاكِسة من تهديد ووعيد من فرعون الذى أمر بطرح كل ابن يولد في النهر
(خروج1: 22).
ورغم ذلك بدأت المباراة في قارب صغير جدًا صُنع خصيصًا لرضيع عمره تسعون يومًا، وكأنه تدريب وتمهيد للعبور العظيم فيما بعد (عبور البحر الأحمر) كأعظم قائد حربى عرفه التاريخ. وبعد مباراة حافلة بالإثارة والندية، والتسديدات المتقنة القوية، أطلق الـحَكَم صفارته ليعتزل موسى الحياة، مكرَّمًا وموقّرًا وبكامل لياقته البدنية حيث
« لم تكِّل عينه ولا ذهبت نضارته»
(تثنية34: 7).

أما أيوب، وبعد أطول وأشرس تجربة مرّ بها، إذ كان قد خسر فيها كل شيء، المال والبنون، الصحة والكرامة، إلا أنه ظل ثابتًا في كل هذا ولم يخطئ أيوب بشفتيه
(أيوب 2: 10)
حتى كسب ما خسره، وزاد الرب على كل ما كان له مضاعفًا، ورأى بنيه وبنى بنيه إلى أربعة أجيال. ثم مات شيخًا وشبعان الأيام
(أيوب24: 10 -17).

وقد تطول المباراة أكثر وتلعب وقتًا إضافيًا، وبأمر الـحَكَم طبقًا لقوانين اللعبة، كحزقيا الملك. فبعد أن انتهى وقته الأصلي، أضاف له الرب خمس عشرة سنة
(إشعياء38: 5)
ثم مات.

صديقي.. صديقتي..
لا شك أنك لا تختلف معي في أن الحياة قصيرة، مهما طالت. ولكن سؤال العمر الهام:
ماذا بعد هذه الحياة القصيرة؟
هل أحرزت فوزًا أم هزيمة؟
إن الإجابة الطبيعية لأذكى الأذكياء هي:
لا أدرى!

سألت مرة سيدة تعمل كضابط في شرطة المرور بمدينة لندن :
ماذا بعد الحياة هنا على الأرض؟
فهزّت كتفيها وباستغراب شديد أجابت:
"لا أعلم"
وربما تكون إجابتك أنت:
"الله أعلم".

أما لغة تلميذ الكتاب المقدس فهي
« نحن نعلم... »
(1يوحنا3: 14).
لذلك ليتك تأتى إلى المسيح فتفوز بالحياة لأنه
« فيه كانت الحياة»
(يوحنا1: 4)
بل هو
« رئيس الحياة»
(أعمال 3: 15).
وهو من قال عن نفسه:
« أنا هو الطريق والحق والحياة»
(يوحنا 14: 6).
وأيضًا
« أنا هو القيامة والحياة»
(يوحنا 11: 25).
وهو واهب الحياة
« مَنْ يسمع كلامي ويؤمن... فله حياة أبدية»
(يوحنا5: 24).
وهو ضامن الحياة
« وأنا أعطيها حياة أبدية ولن تهلك إلى الأبد»
(يوحنا10: 28 ).

فليتك تحب الحياة، وتذكر قول الرب
« مَنْ يجدني يجد الحياة... ومن يخطئ عنى يَضُرُّ نفسه. كل مبغضي يحبون الموت»
(أمثال 8: 35، 36).

نعم يا سيدى...
حياتي هنا على الأرض أشبار، وكالبخار. وقد تغرب شمسي وأنا بعد في وسط النهار.. فلا تجعل الدنيا تلهيني، وأحداثها تطويني وتستهويني، وإبليس يهزمني ويسبينى.. فخُذ بيدي أنا الضال راجيًا أن تهديني.. فأنت الحياة.

أشكرك أحبك كثيراً
الرب يسوع المسيح يحبكم
جميعاً فتعال...هو ينتظرك
 
قديم 17 - 12 - 2013, 08:21 PM   رقم المشاركة : ( 4158 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

حين تجسّد الله
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ان الله الخالق القدير العليّ، ساكن الابد هو عظيم جدا في قدرتة وحكمته وجبروته وجلاله، ولا يمكن للمخلوق الضعيف ان يعيه بمنطقه او يدركه بعقله او يغور سبر كينونته بخلده.... وعلى مدى التاريخ، حاول البشر ان يفهموا او يعللوا او يفسروا وجود القدير، وسبب وجوده وسر كيانه، لكن الانسان اعجز واوهى واهش من ان يدرس خالقه.. وتغنّى الحكماء والشعراء والادباء على مر العصور بخصال العليّ وشيَم القدير وميزات الخالق.. واندهش الفلاسفة وانشده العباقرة من سر وجود الخالق، الذي كان وما زال يحتاط بالغموض والالغاز المبهمة.... وما هو سر اهتمام البشر بحقيقة وجود الخالق؟؟،
اولا من البديهي ان يبحث المخلوق عن خالقه، فلا يمكن لمخلوق ان يأتي الى الوجود من لا شيء، ولا يمكن ان يتكون من دون مسبب، فلكل نتيجة علة وتعليل، فليس الكيان هو البداية، بل لكل بداية بادئ ومنتج ومبدع... والانسان من البديهي ان يحاول ان يبحث ويكتشف من اين اتى، ومَن هو الذي ابدعه وخلقه وصنعه بهذا الشكل العجيب.. كما الطفل اذا ترعرع، امضى كل سنين عمره يبحث عن ابيه البيولوجي وعن امه التي ولدته، ولن يهدأ له بال، الا اذا وجد مَن ولده، ومَن اتى به الى هذا العالم...
ويبقى وجود الخالق سرا مبهما ولغزا يحتار امامه العلماء والفلاسفة. وتتنوع التحليلات والتعليلات والخرافات والتصورات حول مبدع الكون العجيب، منها الصحيح ومنها الخطأ، وينزلق البشر الى محيط من البلبلات والتشويشات والجدالات التي لا حد لها.. ونقع جميعنا في بحر من التساؤلات الوجودية المحيّرة...
ولا جواب لاهم معضلة في التاريخ، ولا مخرج لاعقد مأزق على مر العصور، ولا جواب شافي وكافي وووافي لاكثر التساؤلات اهمية واولوية، ولن يهدأ البشر الا اذا وجدوا مرسى هادئ، يطمئن عنده الانسان.. اقول، انه لا جواب لتخبطات المخلوق، الا امام فكرة انجيلية كتبها صيادوا سمك، ينقصهم العلم والفلسفة...
الفكرة هي ، ان الله تجسّد، اي تأنّس واتّخذ جسما وجسدا كما الانسان.. لا جواب للبشر امام اهم لغز في الحياة، الا الاعلان الالهي ان الله القدير جاء في هيئة جسد انسان.... لان الله الخالق لا يُرى وهو غير مادي ولا ملموس ولا يمكن ملامسته او معاينته او محادثته او اكتشافه بحواس البشر الخمسة او حتى بالحاسة السادسة، لان الله بعيد عن مجال الملموس ومدار المحسوس..
وكل معرفة البشر للامور تأتي عن طريق الحواس والمنطق البشري المعتمد بالدرجة الاولى على الملموس والمحسوس والمرئي والمسموع... ويعلن الانجيل ان الله غير المرئي، تجسّد وصار مثلنا، يمكن ملامسته ورؤيته وسمعه ومحادثته ويمكن السير معه والاكل معه...
والفكرة التي يقاومها كل الفلاسفة والعلماء والفهماء هي، ان الله صار جسدا والقدير صار انسانا والعلي نزل وحل بيننا... ومع ان الكثيرين ما زالوا يقاومون هذه الفكرة العجيبة والفائقة والمدهشة، الا انها هي الوحيدة، الجواب لمعضلة الانسان، والتعليل للكون والكائن وللخالق لكل الامور...
ربما يقول قائل، ومَن خلق الله؟!.. بما اننا زلنا بعيدين عن فكرة وجود الله، وما زلنا بعد الاف السنين نحاول ان نصل الى القدير وادراك سر وجوده، اذن ما زلنا بعيدين اكثر، ملايين السنين الضوئية عن السؤال، مَن اوجد الخالق... ولا يمكن لنا معرفة الاجابة على هذا السؤال.. اولا، لانه لم يكن احد من البشر هناك، ولم ير احد الله، وثانيا، نحن ما زلنا نتخبط بالنسبة للسؤال، ليس مَن خلق الله، بل مَن هو الله، وما هو الله وماهية الله وما صفاته وصورته... ولا يمكن ان يكون الله مشابها للبشر، ولا يمكن ان ندركه بعقول بشرية هشة وضعيفة ومحدودة..
حتى ان الانسان ما زال يقف محتارا وعاجزا امام امور مخلوقة يراها، كالنجوم والكواكب واسرار الاسماك واسرار الحياة وسر الموت وامور كثيرة اخرى، فكيف يدرك الخالق، اذا كان عاجزا عن تعليل امور مخلوقة... مهما فكر العلماء والحكماء والفلاسفة فلا يوجد جواب شافي الا فكرة وحقيقة، ان الله تجسد وصار ملموسا وحل ومشى بين البشر... ومع انه كأنسان يشبه البشر في كل شيء ما عدا الخطأ، الا انه ينبغي ان يكون مختلفا عن البشر العاديين في كلامه وتعاليمه واقواله واعماله وحكمته واسلوب تعامله... والانجيل هو الكتاب الوحيد الذي اتى بهذه الفكرة، ان الله صار جسدا ملموسا مثلنا.....
ومهما حاول البعض الجدال لينكروا هذه الفكرة ولكي يظهروا انها سخيفة، لكنها تبقى حقيقة تاريخية، ان يسوع الذي قال الانجيل انه هو الله الظاهر في الجسد، كان فريدا في ولادته وحياته وتعليمه ونهايته وتأثيره، فحوله، كُتبت ملايين الكتب، ومن تعليمه، استقى الجميع فلسفاتهم ومعتقداتهم. ويسوع هو الوحيد الذي تأثيره انتشر في كل مكان وزمان، مع انه لم يدرس في جامعة ولم يحمل سلاحا ولا مالا ولا ثروة ولا جيشا ولا عائلة ولا منصبا ولم يعش اكثر من ثلاثة وثلاثين عاما، وكل خدمته وتعليمه وعمله كان في ثلاث سنين فقط، انقلب العالم رأسا على عقب بعد دخوله اي دخول يسوع الى العالم...
ومن الناحية الادبية هو الوحيد الكامل، فلم يقتل ولم يزن ولم يعتد على احد ولم يخطئ بالفكر والكلام والعمل....وحتى اليوم بعد الاف السنين، ما زال العالم الذي اسم المسيح عليه مختلفا ومتقدما ومبدعا ومخترعا، وتأثيره سائدا في كل الدول التي اسم المسيح عليها.. والسؤال الهام الان، ماذا ينتفع البشر، لو ان الله الخالق، بقي في السماء، ولم يتجسد، ولم يأتي كبشر الينا؟؟ ماذا ينتفع الانسان حتى ولو تغنّى بعظمة الخالق وكتب كتبا واشعارا وملاحم شعرية ووعظ الوعاظ عن القدير عظات عظيمة اشادت بصفات الخالق وقدرته، ماذا ينتفع الانسان، لو ترنم بعظمة الخالق، من دون ان يأتي الخالق الينا جسدا؟؟
لو ان الله لم يتجسد ولم يتأنس ، لهلك الجميع ولبقي البشر يجهلون حقيقة ماهية الله ولكانت كل افكارهم وتحاليلهم عن الله هباء وغباء ومجرد غناء، ولكانت نهاينتهم فناء من دون سماء... لان البشر خطاة واشرار وعصاة وفاسدون وضالون وضائعون.... لكن الله اتى الينا وتجسد بيننا لكي يخلصنا ويفدينا وينقذنا وينقلنا من الهلاك الى الحياة الابدية... لو ان الله لم يتجسد، لكان كل التدين فارغ، وكل الواجبات الدينية هباء...
لكن الله تجسد، وحل بيننا وسمعناه ورأيناه ولمسناه وشاهدناه، كما قال تلاميذه ورسله الامناء....ان تجسد الله ومجيئة كانسان، حباه عظمة خاصة، واعلن لنا عن حقيقة عظمته وعظمة حكمته وقدرته.. وكل خصال الله العجيبة ظهرت في يسوع الانسان..وهل تعلم ان مئات النبوات كُتبت عن يسوع، قبل ولادته بمئات السنين، كتب عن ولادته واين سيولد، وعن حياته والامه ونهايته وموته وقيامته وكل تفاصيل حياته....
اريد ان اقول من كل ما ورد، ان الله مع كل عظمته، لن يعني لنا شيئا، الا اذا تجسد بيننا وصار ملموسا ومعاينا من البشر وصار حضوره ملموسا وواضحا...ولن ينتفع الانسان من كل عظمة الخالق، الا عندما ولد كطفل وعاش كبشر ومات كفاد ومخلص وشفيع وقام ليهب البشر انتصارا وخلودا......ان تجسد الله في المسيح انار لنا الخلود اي اظهر لنا حقيقة الخالق وكشف لنا عن الابدية ومصير البشر... ونحن المؤمنين، ننادي بعقيدة مسيحية وتعاليم سامية ومبادئ تهتز منها جدران الكنائس، ونعظ العظات الرنانة، ونكتب العبارت المؤثرة، وننادي بانجيل قوي، ونفتخر بتعاليم جميلة، تمتاز عن كل التعاليم البشرية التي ينادي بها الاخرون..
لكن اذا لم يتحوّل ايماننا الى امر ملموس يراه البشر، يبقى تعليمنا خاملا ومبادئنا نظرية وكلما نادينا الانجيل بصوت اعلى، كلما ضاربنا الهواء، لان الانجيل، اذا بقي حبرا على ورق، وبقي اللاهوت في السماء غير متجسد، لن يستفيد احد من ذلك، ويبقى الامر نحاسا يطن وصنجا يرن لا يفيد السامعين شيئا....لكن الله تجسد، فحصل الخلاص لملايين، والقدير صار ملموسا فصار فداءا لكثيرين، واللاهوت حل بيننا ولمسناه وعايناه، فصار التعليم المسيحي قويا طرح الامبراطورية الرومانية ارضا وحوّل الفلسفة اليونانية الى حطام وردم..
والكنيسة اليوم، تعلّم تعاليم سامية جدا، لكن ينقصها تجسيد ايمانها بشكل ملموس عن طريق تضحية وخطوة ايمان تكلفها الكثير... اذ يدعونا الانجيل الى ان نخرج خارج المحلة، اي لنخرج خارج المعتاد والروتين والتعليم النظري ولننزل الى واقع الحياة، ونجسد ايماننا الى حقيقة ملموسة، يراها ويلمسها الجميع، خطوة نتخدذها تكون سبب بركة وخلاص وحياة وفداء وجذب الكثيرين للمسيح..
ان العالم اليوم بفلسفاته وتخبطاته، لا يحتاج فقط الى كلام كثير وتعاليم رنانة، بل الى تجسد للامور الالهية في واقع ملموس وحقيقي ومرئي ... وتجسد يسوع، مع انه كان سبب خلاص وحياة، الا انه كان سبب سخرية واحتقار ورفض من اصحاب الفلسفة والدين... والانجيل حين يقول "فلنخرج اليه"، يتابع القول بالقول "حاملين عاره"... الايمان الصحيح يحتاج الى تجسيد، كما تجسد اللاهوت في الناسوت.. وكلما تجسد، صار سبب احتقار ورفض، لكن ايضا سبب حياة وخلاص ونجاة وبركة ونعمة لكثيرين....
كنا قد كتبنا ووعظنا الكثير عن الايمان المسيحي في "الاراضي المقدسة" لسنين طويلة.. لكن اتى الوقت، حين جسّدنا ايماننا وعقائدنا في خطوة ايمان جماعية ملموسة، اي بلدة الجليل الجديد، فكانت سبب رفض واحتقار ومقاومة من كثيرين، لكنها ايضا سبب خلاص وبركة لكثيرين..... ان تجسيد الاله هو اعظم سر عرفه التاريخ، ولم ولن يضاهيه سر اخر، واتباع الاله الحقيقي عليهم لا ان يتكلموا ويعظوا ويكتبوا فقط، بل ان يحذوا حذو الههم، اذ يجسّدون ايمانهم في طفل المغارة المحتقر، مع انه هو، وهو فقط، الطريق والحق والحياة
 
قديم 18 - 12 - 2013, 04:57 PM   رقم المشاركة : ( 4159 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الثيئوتوكوس theotokos،

السلام لمريم الثيئوتوكوس

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
[ السلام لمريم الثيئوتوكـوس ،
الكنز الثمين الذي وجده العالم ،
المصبـــــاح غير المنطفئ قط ،
تــــــــــــــاج البتوليــــــــــــــة ،
الهيكل غيـــــــر المنهـــــــــدم ،
الموضع الذي احتوى غير المُحوى ،
الأم الباقيــــــــــة عــــــــــذراء ] ( القديس كيرلس الكبير P.G. LXXVII, 992 b )
في الحقيقة أن لقب القديس العذراء مريم " الثيئوتوكوس " ( أي والدة الإله ) ليس لفظاً لتكريم العذراء لنجعلها آلهة لنعبدها كما يظن البعض من الذين ليس لهم الحس الكنسي المنضبط بإعلان الروح وإلهامه، وليس هو مجرد لقب تكريمي كما يعتقد البعض، وإنما هو تعريف لاهوتي بالدرجة الأولى، يحمل حقيقة واقعية وإيمان حي وجهاد قوي على مر العصور كلها، بل ويُعتبر عن جدارة رؤية في الخلود. والنطق بهذه الكلمة مدخل أساسي للإيمان الأرثوذكسي وبدونه مستحيل أن يُقبل أحد في الإيمان. ويؤكد على هذا القديس غريغوريوس في رسالته إلى لكليدونيوس 101 قائلاً: [ إذا لم يؤمن أحد أن مريم هي " الثيئوتوكوس " فهو غريب عن الله ]
فمنذ فجر عصور المسيحية ولقب العذراء القديسة مريم هو " أم الله - ثيئوتوكوس " ويُنطق على كل لسان وهذا ما يقوله جميع الآباء على مر العصور، وحتى أصحاب الآراء المتعارضة لم ينكروا أبداً كرامة القديسة العذراء مريم، بسبب أن الكلمة سكن في احشائها ...
يقول القديس كيرلس الكبير: [ حيث أن العذراء القديسة ولدت حسب الجسد الله المتحد بالجسد، من أجل هذا السبب نقول عنها إنها " والدة الإله " ثيئوتوكوس، ليس أن الكلمة أخذ بدايته من الجسد، حاشا لأنه موجود منذ البدء " في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله "، وهو خالق العالم سرمدي مع الآب، ولكن كما سبق وقلنا إذ انه اتحد شخصياً بطبيعة الإنسان فإنه سمح أيضاً أن يولد بالجسد من رحمها ] ( Cat. Rud. 17, 11)


والتأكيد الذي أصرَّ عليه القديس كيرلس الكبير ان العذراء القديسة مريم هي الثيئوتوكوس، هو التأكيد على الإيمان الذي تسلمناه من القديسين، أي أن الذي وُلِدَ من العذراء القديسة مريم الدائمة البتولية هو شخص الكلمة المتجسد الذي هو الله الظاهر في الجسد ولم يكن شخصاً آخر !!!!، لذلك الذين يريدون منا - اليوم - أن نُغير لقب العذراء القديسة مريم أم الله لنجعل لقبها أم يسوع فقط [ ولا نقل أنها أم الله ] فهم على خطأ لاهوتي رهيب، لأنهم بدون وعي يريدون أن ننكر أولاً أن يسوع هو المسيح، وثانياً أن ننكر المولود منها هو قدوس الله أي ابن الله الحي، وبذلك ننكر إيماننا كله وننقض الكتاب المقدس ونرفض بشارة الله على فم الملاك وكلامه مع القديسة العذراء مريم والدة الإله الكلمة المتجسد الذي رأينا مجده مجداً كما لوحيد من الآب مملوء نعمة وحق !!!!
مع أنه مكتوب بوضوح وبدون مورابة وبنص رسولي صريح جداً لا يحتاج لشرح أو تأويل: [ من هو الكذاب الا الذي يُنكر أن يسوع هو المسيح، هذا هو ضد المسيح الذي ينكر الآب والابن ] (1يو 2 : 22)


*** ونذكر على سبيل المثال بعض البدع التي أنكرت تجسد الكلمة من العذراء القديسة مريم لنستطيع أن نفهم أهمية هذا اللفظ وضرورة التأكيد عليه، لا تزمتاً من الكنائس التقليدية ولا من أجل العذراء القديسة مريم في حد ذاتها كما يظن الذين ليسوا على دراية بالإنجيل الحي، بل كاعتراف إيمان بتجسد الكلمة حسب التدبير:
(1) الدوكيتون
وهم جماعة تُعلِّم أن المسيح عَبَرَ في العذراء دون أن يأخذ من جسدها شيئاً، إذ يقولون: إنه لم يصر إنساناً حقيقياً بل (بدى) وكأنه إنسان !!!؛ ومن ضمن هذه الجماعة بعض الأسماء المشهورة كمروجي التعليم لهذه الجماعة وهما كالآتي:
- ساتيرنانيوس (حوالي سنة 120م) وقد أعلن أن المُخلَّص لم يتجسد، لم يولد ولم يكن له شكل وهو يعتبر أن الزواج وإنجاب الأطفال من صنع الشيطان !!!
- فالنتينوس (توفى سنة 161م) أعلن أن المسيح اتحد بالإنسان يسوع، الذي وُلِدَ عَبر مريم وليس من مريم، عَبَرَ بواسطتها كما بواسطة قناة !!!
- مرقيون (85 - 160م تقريباً) أعتبر أن المسيح لم يولد من مريم بل ظهر فجأة في جسد خيالي، شخصاً كامل النمو مستعداً لبدء الخدمة.
- ابيليس (غير معروف تاريخ ميلاده ولكنه في القرون الأولى ) وقد أعلن أن للسيد جسداً حقيقياً لكنه جسد سماوي أُعطيَّ له من السماء وليس من مريم ...
عموماً قد حذر الآباء الرسوليون والآباء المدافعين عن الإيمان [ إغناطيوس، يوستينوس، إيريناوس، ترتليانوس، أوريجانس ... وغيرهم ... ] المؤمنين من هذه التعاليم الكاذبة، كما نقرأ للقديس إغناطيوس (استشهد ما بين 100 - 117) في رسالته قائلاً: [ صمّوا آذانكم عندما تسمعون كلاماً لا يكون عن المسيح ابن داود المولود من مريم العذراء ... ] (الرسالة إلى تراليان 9: 10)
(2) المانيّة أو المانوية:
يؤمن أصحاب هذه البدعة أن المسيح ليس ابناً لمريم، وقد حاربهم القديس ألكسندروس الاسكندري والقديس أثناسيوس الرسولي (296 - 373) والقديس أمبروسيوس الميلاني (339 - 397). ومن أقوال القديس أثناسيوس الكبير (الرسولي) إلى ابيكتاثوس: [ كان جسد الرب جسداً حقيقياً مثل جسدنا لأن مريم هي أختنا (بالجسد - من حيث إنسانيتها) ]. ويقول القديس أمبروسيوس: [ إن مريم قدَّمت شيئاً من عندها ولم تعطِ المسيح شيئاً غريباً عنها بل من جسدها ] (في تجسد الرب 4: 1) .
(3) الآريوسية
أنكر الآريوسيون ألوهية المسيح الإله مُنكرين بالتالي أمومة مريم لله الكلمة المتجسد، وقد واجههم بالطبع آباء الإسكندرية الكبار [ ألكسندروس، وأثناسيوس الرسولي وغيرهما من الآباء ] بتسمية القديسة العذراء مريم ب [ والدة الإله - الثيئوتوكس ]، وكما نعلم جميعاً أن هذا بدأ في مجمع نيقية الشهير وما يليها ...
(4) النسطورية
أطلق نسطور على والدة الإله اسم [ خريستوتوكس ] أي والدة [ المسيح ] قائلاً: [ ليت أحداً لا يُسمي مريم العذراء والدة الإله لأنها لم تكن سوى امرأة ومن المستحيل أن يولد الله من إمرأة ]. وقد وقف العديد من الآباء ( وعلى الأخص القديس كيرلس الكبير المشهور بـ "عامود الدين" )، وقد أكدت الكنيسة في المجمع المسكوني الثالث (431م) لقب ثيئوتوكوس لمريم العذراء، مُذَّكرة أنها والدة الإله وليس فقط والدة يسوع ...
وعموماً أول من اعترض على عبارة [ والدة الإله ] وسبق نسطور في هذا المجال هو ثيودورس اسقف موبسوستيه (350 - 428) الذي قال: [ إن مريم ولدت يسوع لا الكلمة، لأن الكلمة كان ولا يزال حاضراً في كل مكان وإن سكن منذ البداية في يسوع بطريقة خاصة. وهكذا فأن مريم هي أم يسوع نفسه وليست أم الله. على أنها يُمكن أن تُدعى على سبيل المجاز والدة الإله لأن الله في المسيح بصورة مُميزة. ولكنها في الحقيقة ولدت إنساناً اتحد به الكلمة لكن هذا الاتحاد لم يتم تماماً إذ لم يكن يُدعى بعد ابن الله ]، وقد قال في موضع آخر: [ إنه لمن الجنون أن نقول إن الله وًلِدَ من مريم ]، وطبعاً هذا نتاج الفلسفة والفكر الإنساني المريض، لأن الله اتخذ من مريم العذراء جسداً وهو مولوداً منذ الأزل ميلاداً ليس كسائر الناس، بل ميلاداً لاهوتياً يفوق الشرح والفكر الإنساني، ولم تلده العذراء ولادة أزلية، لأنها ولدت الله الكلمة المتجسد، أي الميلاد حسب الجسد، ولم تلده من جهة لاهوته بالطبع...

* ومن أهم الدفاع عن الإيمان الحي في مواجهة البدع وعلى الأخص موضوع والدة الإله هو مجمع أفسس، المجمع المسكوني الثالث الذي حضره القديس كيرلس الكبير (431م) ...؛ ومن إبسالات (أي حرومات) المجمع ضد نسطور هو كالتالي: [ ليكن مبسلاً (محروماً) كل من لا يعترف أن عمانوئيل هو إله حق، وأن العذراء القديسة هي لذلك والدة الإله لأنها بحسب الجسد ولدت كلمة الله الذي صار جسداً كما كُتِبَ: " والكلمة صار جسداً " (يوحنا1: 14) ] ...
كما ورد أيضاً في إحدى رسائل القديس كيرلس الكبير عامود الدين التي قُرأت في أولى جلسات المجمع (مجمع أفسس المسكوني) الآتي: [ ...وولد (المسيح) إنساناً من امرأة دون أن يخلع عنه وجوده كإله أو ولادته الأزلية من الله الآب. ولكنه مع اتخاذه لنفسه جسداً بقى كما كان. هذا هو إعلان الإيمان القويم الذي يُنادى به في كل مكان. وهكذا اعتقد الآباء القديسون. لذلك تجرأوا على أن يدعوا العذراء القديسة والدة الإله، ليس لأن طبيعة الكلمة أو لاهوته كانت بدايته من العذراء القديسة، بل لأنه منها وُلِدَ الجسد المقدس بنفس عاقلة، وهو الجسد الذي اتحد به شخصياً الكلمة الذي قيل عنه إنه وُلِدَ بحسب الجسد ...
وما دامت العذراء القديسة ولدت بالجسد الله الذي صار واحداً مع الجسد بحسب الطبيعة، لهذا السبب ندعوها والدة الإله ولا نعني بذلك أن طبيعة الكلمة كانت بداية وجودها من الجسد ... ]
وقد تم التأكيد على تسمية العذراء القديسة مريم بوالدة الإله بعد ذلك في جميع المجامع بحسب الإيمان القويم بهذه الجملة الشهيرة [ وُلِدَ السيد من العذراء مريم والدة الإله بحسب الطبيعة البشرية في آخر الأزمنة لأجلنا ولأجل خلاصنا ... ]
عموماً كلمة " ثيئوتوكوس " لا تستحدث أي عنصر جديد في الإيمان أو تفتح نقاشاً جديداً أو تُعطي مفهوماً جديداً، وإنما تجمع شمل الإيمان في تعبير يحمية من أي التباس أو تأويل، فهي كلمة قاطعة استخدمتها الكنيسة قبل عصور المجامع المقدسة ثم أقرها المجمع الثالث في أفسس، لتحديد مفهوم طبيعة المسيح المتحدة من اللاهوت والناسوت بدون تغيير. حيث لم يكن موضوع الحوار - في المجمع - بخصوص " الثيئوتوكوس " يدور حول العذراء مريم، إنما دار حول طبيعة المسيح له المجد. فكلمة " ثيئوتوكوس " أي والدة الإله ليست إذن لقب شرف للعذراء القديسة الدائمة البتولية، وإنما عقيدة لاهوتية تخص طبيعة المسيح له المجد، بمعنى أن المسيح له المجد المولود من العذراء القديسة مريم لاهوت وناسوت متحدان بلا امتزاج أو اختلاط أو تغيير، وأنه هو المسيح الواحد بلا انفصال أو انقسام، فهو الله الكلمة المتجسد بالحقيقة...
ومن هنا يتضح لنا أن ما يخص القديسة العذراء مريم يدخل ضمن عقيدة الإيمان المسيحي بالضرورة. هكذا نرى أن " الثيئوتوكوس " كلمة عميقة تُعتبر في العقيدة الأرثوذكسية مدخل رسمي للإيمان المستقيم، وأي محاولة للتخلص من هذه الكلمة يخلخل الإيمان المسيحي من أساسه ...
فالمدخل الوحيد لفهم شخصية القديسة العذراء مريم فهماً أرثوذكسياً (لا أقصد المعنى الطائفي إنما المعنى الجوهري للكلمة) سليماً هو من جهة طبيعة ربنا يسوع المسيح المتحدة من اللاهوت والناسوت المولودة منها. فالقديسة مريم العذراء
الدائمة البتولية عنصر أساسي في التجسد [ وتجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء ] ( قانون الإيمان )

إذن أي محاولة لفهم قداسة العذراء القديسة مريم أو تكريمها كشخصية مستقلة عن المسيح له المجد شيء مستحيل على الإطلاق، لأن طبيعة المسيح له المجد، إن كانت قد اصبحت قادرة على أن تجذب إليها البشرية بدالة العنصر البشري الذي فيها " إذ تشارك الأولاد في اللحم والدم اشترك هو أيضاً فيهما كذلك ... من ثم كان ينبغي أن يشبه إخوته في كل شيء " ( عب 2 : 14 - 16 )، فبالأولى جداً تُصبح " الأم " التي أعطته من لحمها ودمها هذا العنصر البشري في طبيعته الكاملة القائم بها حتى الآن وإلى الأبد، ذات اتصال دائم ووثيق معه لا ينحل أو ينفك ...

ولنختم كلماتنا القليلة بتسبحة ننطق بها معاً قائلين:
السلام للسماء الجديدة التي صنعها الآب وجعلها موضع راحة لإبنه الحبيب
الســــــــــلام للكرسي الملوكي الــــذي للمحمــــــــــول على الشاروبيــــــــــم
الســـــلام للمرتفعة جداً أكثر من رؤساء الآباء ومكرمـــة أفضل من الأنبياء
الســـــلام للتي صار لها دالـــــة عند الله أكثــــــر من الشاروبيم والساروفيم
أيتهـــــا العـــذراء القديســـــة مريـــــم والـــــدة الإلـــــه الثيئوتوكــــــــــوس
يـــــا مـــــن صــــــــــرتِ فخــــــــــر جنسنــــــــــا وشفيعــــــــــة نفوسنــــــا
أشفعي فينـــــا أمـــــام مخلصنا لكي يثبتنا في الإيمان المستقيم
وينعم لنا بغفران خطايانا ، حتى نفوز برحمة بواسطة شفاعتك
المجـــــد لك أيها الثالـــــوث القـــــدوس الإلـــه الواحـــــد آمين


__________________________________________________ ______________
بعض المراجع الهامة والتي تم الاستعانة بها لمن يحب أن يتوسع في الموضوع
  • * العذراء القديسة مريم الثيئوتوكوس - الأب متى المسكين - إصدار دير الأنبا مقار 1979
  • * القديسة مريم في المفهوم الأرثوذكسي - القمص تادرس يعقوب مالطي - إصدار اسبورتنج 1978
  • * مجموعة الشرع الكنسي، جمع وترجمة الأب حنيانيا كسّاب - منشورات النور 1982
  • * الكنيسة الأرثوذكسية إيمان وعقيدة سلسلة تعرف على كنيستك - منشورات النور 1982
  • * الرؤية الأرثوذكسية لوالدة الإله - مجموعة من المؤلفين - سلسلة تعرف على كنيستك 1982
  • * معجم المصطلحات الكنسية الجزء الأول - مقدمات في طقوس الكنيسة 2001
 
قديم 18 - 12 - 2013, 06:39 PM   رقم المشاركة : ( 4160 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الخطيئة الجدية
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



عندما نتحدّث عن الموت والخطيئة الجدية، فإننا لا نعني أن الموت أتى في البداية كشيء موروث في الطبيعة البشرية ثم تبعته الخطيئة الجدية. ولكننا نعني أن الموت ارتبط ارتباطاً وثيقاً بخطيئة آدم كنـتيجة لها. وبالتالي، الموت لم يكن في البداية أمراً طبيعياً للإنسان، ولكنه دخل إلى الطبيعة البشرية وبالتالي يعمل كما لو كان متطفلاً.

يظهر هذا الأمر متكرراً في الكتاب المقدس. فالله لم يصنع الموت الذي دخل إلى العالم بواسطة خطيئة آدم. أود هنا أن أذكر نصين كتابيين: النص الأول هو من العهد القديم ويقول: "إذ ليس الموت من صنع الله ولا هلاك الأحياء يسره. لأنه إنما خلق الجميع للبقاء فمواليد العالم إنما كونت معافاة وليس فيها سم مهلك ولا ولاية للجحيم على الأرض لأن البر خالد" (حك 1: 13-15). من المستحيل أن ينبعث الشر من الله طالما أن الله خير. ولهذا عندما خلق الله الإنسان لم يخلقه لكي يموت. وكما نرى في التقليد الآبائي، خلق الله الإنسان بإمكانية أن يصبح مائتاً أو غير مائت. النص الثاني هو من رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية: "... كأنما بإنسان واحد دخلت الخطيئة إلى العالم وبالخطيئة الموت وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس... لكن قد ملك الموت من آدم إلى موسى" (رو5: 12-14). يُرى الموت في هذا النص على أنه دخيل ومتطفل على الطبيعة البشرية، ونتيجة وثمرة لخطيئة آدم. يتعلّق الأمر إذاً بالموت الذي دخل إلى الطبيعة البشرية.

الخطيئة التي تولد منها الموت هي سقوط آدم في فردوس النعيم. عندما أمر الله الإنسان الأول ألا يأكل من الثمرة المحرمة أعلمه في نفس الوقت: "لأنك يوم تأكل منها موتاً تموت" (تك 17:2). وبعد هذه الخطيئة، دخل الموت إلى الطبيعة البشرية، أولاً الموت الروحي الذي هو انفصال الإنسان عن الله، ثم الموت الجسدي الذي هو انفصال النفس عن الجسد. لقد مات آدم روحياً في اليوم الذي أخطأ فيه، ولاحقاً مات جسدياً.

بالرغم من موقف الكتاب المقدس من الموت ومن مشاركة الآباء القديسين في هذه الرؤية، إلا أن علم اللاهوت الغربي يرى الأمور بطريقة مختلفة إذ ينظر إلى الموت على أنه طريقة من الله لعقاب الإنسان بسبب خطيئته، ويرى ميراث الموت في كل الجنس البشري كميراث للذنب. لقد دحض الأب جون رومانيدس هذه الآراء الخاطئة التي لعلم اللاهوت الغربي في دراسة أصيلة ومهمة، كما قدم تعليم الآباء القديسين عن هذه الأمور.

يتبع لاهوتيو الغرب إفتراضات أوغسطينوس فيرون الموت كنتيجة لقرار الله بأنّ الإنسان مذنب وأنّه يجب معاقبة الجنس البشري على الخطيئة التي ارتكبها آدم. ويرى بعض البروتستانت الموت على أنه حقيقة بسيطة، ولكن تقودهم مثل هذه المفاهيم لاستنتاج أن الله هو علة الموت. كما توجد نظرية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بهذا المفهوم مفادها أنّ الشيطان هو أداة الله في تنفيذ قراره بمعاقبة الجنس البشري. هذه المفاهيم والآراء تجعل اللاهوت الغربي عاجزاً عن شرح الغرض من تجسّد المسيح، الذي هو كسر قوة الشيطان والموت، وبالتالي يعجز هذا اللاهوت عن تفسير هدف الأسرار وكلّ الحياة الكنسية.

في تعليم الآباء، ليس الموت عقاباً من الله ولكنه ثمرة ونتيجة لخطيئة آدم. يُستعمل تعبير "موت" ليعني عزلة الإنسان وانفصاله عن الله الذي هو الحياة الحقيقية. وبالتالي فإن أيّ شخص يبتعد عن الحياة أي عن الله فإنه يموت. ويؤكد القديس غريغوريوس بالاماس هذا الكلام: "إن أول من عانى هذا الموت هو إبليس الذي ابتعد عن الله بسبب عصيانه. لقد نقل الشيطان المائت الموت إلى الإنسان أيضاً، لأن الإنسان استمع لنصيحته وعصى الله وفقد نعمته". ويؤكّد القديس مكسيموس المعترف أننا عندما نتكلّم عن الموت فإننا نعني بصورة رئيسية الانفصال عن الله. ولأنّ هذا الانفصال يحدث من خلال الخطيئة، فالخطيئة هي إذاً مركز الموت. ولأن الإنسان لم يطع وصية الله، ولأنه ابتعد عن الله "كان من الضروري أن يتبع ذلك موت الجسد".

يؤكد القديس يوحنا الدمشقي على أن أصل كل الناس هو من الله، ولكن الفساد ونتيجته أي الموت، يأتي من الشرّ البشري: "لقد أتى الموت مع عقوبات أخرى من خلال الإنسان، أي من خلال تعدي آدم". خلقة الإنسان هي إذاً عمل قوة الله الخالقة، واستمرار حياتنا هو عمل قواه المانحة للتماسك. والموت هو نتيجة اختيارنا الخاص ونتيجة الشر، وهو ليس عقوبة وفعل من الله، فالموت دخل إلى العالم "مثل حيوان مفترس متوحش لكي يدمر حياة الإنسان". هذا تشبيه يعبِّر بصورة حية عن الحقيقة بجملتها. في الواقع، يشبه الموت حيواناً متوحشاً غير مروَّض يتلف ويدمر حياة الناس، ونحن جميعاً نتذوق بحق وحشية الموت عندما يموت أحباؤنا.

وبالطبع عندما نقول أن آدم مات فإننا لا نعني أن الطبيعة البشرية قد دُمرت تدميراً تاماً. ولكن اختبار الموت الروحي أولاً ومن بعده الموت الجسدي لم يؤدِّ إلى عدم الوجود. لقد انفصل الإنسان عن الله، واهتز بهذه النتائج ولكن دون أن يُدَمَر كليةً. وكما يخبرنا القديس مكاريوس المصري بطريقة مميزة: "ومع ذلك نحن لا نقول أنه ضاع تماماً وأُبيد من الوجود ومات. لقد مات بمقدار ما اختلت علاقته بالله، ولكنه لا يزال يعيش في طبيعته". بعد سقوط آدم، ألبسه الله من خلال محبته وشفقته، أقمصة من جلد التي نرى في تعليم الآباء أنّها الفساد والموت الذي دخل جسد الإنسان بعد خطيئته. ويتكون الفساد من الأمراض، والضعفات، وصعوبات الحياة الإنسانية، وكيفية الحبل به، والحمل به في الرحم، وولادته، وأخيراً مسيرته نحو الموت. وفي الواقع تكون حياة الإنسان بجملتها سلسلة من ميتات متتالية، أي أنها موت بطيء.

إذاً، من الواضح في تعليم الآباء أن سبب الموت ليس الله بل الخطيئة التي ارتكبها الإنسان الأول في الفردوس بحرية اختياره، وأن الله سمح بدخول الموت إلى الطبيعة البشرية بسبب محبته للبشر. فهو، بعد السقوط، لم يسمح بيموت الجسد بل أن يعيش "مانحاً له طريقاً للتوبة" وإمكانية تحقيق حياة روحية. وبالتالي أصبحت كل الآلام المرتبطة بالفساد والموت فرصاً للاشتياق للحياة العليا ولتحقيق الشركة مع الله. وبحسب القديس باسيليوس الكبير، سمح الله بالموت لكي لا يبقى الإنسان إلى الأبد في موتٍ حي. وقد بلورت الكنيسة هذه الرؤية في صلاة الحلّ في خدمة الجناز، حيث يرِد أن الله في محبته لجنس البشر، ولكي لا يصبح الشر أبدياً خالداً، سمح لرباط النفس والجسد غير القابل للكسر أن ينحل بإرادته، أي أنه سمح للموت أن يحدث.

إلى هذا يوجد اختلاف بين اللاهوت الغربي واللاهوت الشرقي حول مسألة ميراث الموت. فالغرب يرى أنّ توريث الموت هو توريث الذنب؛ كما لو كان كل شخص قد أخطأ في شخص آدم وبالتالي يكون كل واحد هو المتسبب في موته الخاص. أمّا الآباء القديسون فيرون أنّ الأمر لا يتعلق بالذنب ولكن بنتيجة خطيئة آدم أي الفساد والموت. فبسبب ضعف الطبيعة البشرية المسبب من خطيئة آدم صار كل إنسان، كونه جزءاً لا يتجزأ من هذه الطبيعة، عاجزاً عن الهرب من الفساد. إلى هذا، يوجد رباط لا ينحلّ بين الخطايا والأهواء من جهة، والفساد والموت من جهة أخرى. وبالتالي، الموت ليس نتيجة للخطية وحَسْب بل هو ايضاً سبب لها. فالفساد والموت اللذين نرثهما هما خلف تكوين العديد من الأهواء كالتهاون، البخل، محبة المجد الباطل؛ ما يعني أن الموت هو سبب وقوعنا في العديد من الخطايا. بحسب هذه الافتراضات يمكن الكلام عن انتقال الموت وليس انتقال الذنب زحّسب كما يرى لاهوت الغرب.

شدّد أوغسطينوس على أننا نرث كلّ خطيئة آدم، بينما تقليد الآباء يوضِح أننا نرث نتائج الخطيئة التي هي الفساد والموت والتي تنـتقل في الجسد. فالقديس يوحنا ذهبي الفم يرى أن التوريث البيولوجي للفساد الذي دخل إلى الطبيعة البشرية لنسل آدم مبرراً: "وهو إذ صار فاسداً، هكذا أيضاً صار الأولاد الذين أنجبهم". أمّا القديس كيرلس الإسكندري فيقول الأمر نفسه: "بعد السقوط في ذلك (الموت) أنجبا أطفالاً. ولكونهم ثمرة آتية من فساد، فإنهم أُنجِبوا فاسدين". فبحسب القديس يوحنا ذهبي الفم نحن نعمّد الأطفال "بالرغم من كونهم بلا خطيئة"، لكي يُضاف "التقديس، والبر، والتبني، والميراث، والعضوية في المسيح، والصيرورة كمسكن للروح".

الهدف من تجسد المسيح كان تدمير الموت والخطيئة وهزيمة الشيطان. فالمسيح اتخذ جسداً مائتاً وضعيفاً لكي يهزم الموت بصلبه وقيامته، وبهذا أعطى الإنسان أن يغلبه في حياته الشخصية بعد أن يتحد به. ويتحقق هذا الاتّحاد من خلال أسرار الكنيسة التي لا تحرر الإنسان مما يسمى الشعور النفسي بالذنب، ولا هي تستعطف الله عن خطية آدم، ولكنها تهزم الموت. فالإنسان يصبح عضواً في جسد المسيح القائم بالمعمودية، وفي تناوله جسد المسيح ودمه يأخذ دواء عدم الموت. فالنفس لا تتحد بالله وحدها، بل الجسد أيضاً يشعر بالتغيير الداخلي وبتحول النفس. ويظهر هذا بوضوح في رفات قديسي الكنيسة.

أمّا بقاء الموت بعد المعمودية والمناولة المقدسة فهي عميقة المعنى إذ، كما يشرح القديس مكسيموس المعترف، ما حدث في حياة المسيح يحدث هنا أيضاً. ففي ولادة المسيح التي هي بلا خطيئة بقي فساد جسده لكي بآلامه المخلّصة يهزم الموت. وهكذا، تبقى طبيعة الشخص المعمد قابلة للهلاك بعد المعمودية ليس كعقاب لطبيعته الخاطئة بل كوسيلة لإدانة الخطيئة والقضاء عليها. بالمعمودية يصير الإنسان بإرادته قادراً على محاربة الخطيئة المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بهلاك وموت جسده. وعليه، خلاص الإنسان هو عملية إلهية وتعاون بشري.

كل ما سبق ذكره يرد بوضوح في رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية "فإني أُسَر بناموس الله بحسب الإنسان الباطن ولكني أرى ناموساً آخر في أعضائي يحارب ناموس ذهني ويسبيني إلى ناموس الخطيئة الكائن في أعضائي. ويحي أنا الإنسان الشقي من ينقذني من جسد هذا الموت. أشكر الله بيسوع المسيح ربنا"(رو7: 22-25).

إنّ دراسة إطار هذا الكلام يقود إلى أن الرسول يشير إلى زمن الناموس أي عندما كان يحاول أن يتحرر نفسه من ناموس الخطيئة من خلال ناموس الله دون أن ينجح من دون قوة المسيح المتجسد. من هنا يظهر أنّ الخلاص ليس بطاعة الناموس بل بالاشتراك في قيامة المسيح في حياتنا الشخصية. من الواضح في النص أن الإنسان الباطني يخدم ناموس الله ويُسرّ به اي أنه يقتني الصلاة الداخلية والاستنارة النوسية ما يوصله إلى تذكر الله الدائم. ولكن بينما يُسَر الإنسان الباطني بناموس الله فإنه يشعر بناموس الخطيئة في أعضائه. فناموس الخطيئة هو الفساد والموت. من هنا أنّ الأمراض والضيقات وعملية الموت تمنح أهواء النفس على التعبير عن نفسها على عكس الطبيعة وتعطي الشيطان فرصة لشنّ الحرب على الإنسان. هذا ما يتحمّله القديسون. وعليه قول الرسول "ويحي أنا الإنسان الشقي من ينقذني من جسد هذا الموت" يعبّر عن معاناة كل أناس العهد القديم الأبرار الذين وجدوا أنفسهم تحت سلطان الموت عاجزين عن التحرر بواسطة الناموس.

لكن كون التحرر أتى بتجسد المسيح وآلامه وقيامته، التي يختبرها الإنسان في جسد المسيح الكنيسة، ما يجعله محتاجاً إلى تقديم الشكر القلبي لله، يقول الرسول: "لأن ناموس روح الحياة في المسيح يسوع قد أعتقني من ناموس الخطيئة والموت"(رو2:8). فالمسيح أنجز ما لم عجز الناموس عن فعله بإدانته الخطيئة والموت في جسده (رو 3:8) وبالتالي صار الإنسان ودُعي "روحانياً".

ختاماً، الله لم يخلق الموت، أي أنّه لم يخلق الإنسان ككيان مائت. الموت دخل إلى الطبيعة البشرية بعد خطيئة آدم كي لا يبقى الشر خالداً وأبدياً. الموت يُوَرَث بسبب ضعف الطبيعة البشرية وليس كذنب الإنسان وكعقاب الله. وقد منح الله الإنسانَ بتجسد ابنه إمكانية القضاء على الموت، الروحي أولاً باتّحاد الإنسان بجسد المسيح القائم بواسطة الأسرار، ثم بالتحرر من الموت الجسدي أيضاً.


 
موضوع مغلق


الانتقال السريع


الساعة الآن 06:48 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024