رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مقدمة تفسير سفر أيوب الأسفار الشعريَّة والحِكَميَّة في أسفار موسى الخمسة يكتشف الإنسان رعاية الله القدوس للإنسان، فيشتهي أن يكون مقدسًا كما أنه هو قدوس. لكن لا يوجد إنسان واحد قادر أن يحفظ الشريعة تمامًا، فسقط الكل تحت لعنة الناموس، وصارت الحاجة ماسة إلى مخلصٍ ينقذ النفوس من الفساد. وفي الأسفار التاريخية يدرك المؤمن خطة الله ضابط التاريخ، والذي يهيئ البشرية لقبول المخلص القادم، والذي بحبه يصير ابنًا لداود، خاضعًا للزمن الذي خلقه! والآن في الأسفار الشعريَّة والحكميَّة يتعرف المؤمن على المفهوم الروحي للعبادة. إنها علاقة حب متبادل، مع تقديس كل عاطفة وموهبة ليكون المؤمن بكل كيانه للرب، ويتمتع باقتناء محبوبه السماوي العجيب. ففي سفر أيوب يرى وسط جهاده المُر في وادي الألم والدموع كيف يتعدى عالم البشر ليرى قيام معركة بين الله إلهه وبين عدو الخير إبليس لحسابه، تنتهي بسمو المؤمن، وارتفاع قلبه فوق الزمنيات ليرتمي في الحضن الإلهي. وفي سفر الأمثال يقدم الأب كما الأم لابنهما "سليمان" خبرتهما في الرب بأمثال يمكن أن يحفظها عن ظهر قلب، تصير علامات روحية في طريقة الروحي كما الزمني. هذه الأمثال يحتاج إليها الملك العظيم الممجد كما العامل الفقير البسيط، والمتعلم كما الأمي. وينشد سفر الجامعة قصيدة تكشف عن حقيقة العالم الحاضر، بكونه "باطل الأباطيل الكل باطل وقبض الريح"، لا لكي تفسد سعادة المؤمن، وإنما لكي تجنبه الاتحاد بالباطل فيصير باطلًا، وتدفعه إلى الالتصاق بالحق السماوي ليحيا إلى الأبد. وجاء سفر ابن سيراخ يكشف عن حياة المؤمن في أمثالٍ، تعتبر امتدادًا وشرحًا لما ورد في سفر الأمثال. ويصور لنا سفر الحكمة الحاجة إلى الاتحاد مع حكمة الله كما العروس بعريسها، لتكون رفيقًا للمؤمن، فيسلك ببرّ الله، ويأنف من الشرّ ولا يطيقه. أمّا سفر المزامير فهو سفر المرتل الحلو المتألم، كيف يتحول الألم في حياة المؤمن إلى أنشودة تملأ النفس عذوبة وسلامًا في الرب، وتقديم ذبائح تسبيح موضع سرور الله. أخيرًا، ففي نشيد الأناشيد ترتفع النفس بروح الله إلى أحضانه الإلهية، لتتنعم بعرسٍ أبديٍ لا يشيخ! الأسفار الحكمية أو الشعرية "الحكمة" في العبرية تترجم "مهارة في الحياة"، إذ يتطلع اليهود إلى الحكمة لا كأفكارٍ فلسفيةٍ مجردة، بل إمكانية حياة. لذا فإن "الله" هو مركز الحكمة ومصدرها (أم 7:1). تحوي الأسفار الحكمية الآتي: 1- أمثال شعبية تعين الإنسان على الحياة اليومية المقدسة في الرب. 2- تشبيهات لها معانٍ روحية. 3- مناقشات تعالج مشاكل الحياة. المسيح حكمتنا الحقيقية 1. الألم هو مدرسة الحكمة أو معركة الحكمة، تتجلى هذه المعركة في سفر أيوب. * لتكن آلامك كتبًا تنصحك. * يوجد فرح هو أسى، إذ يخفي فيه بؤسًا. ويوجد بؤس نافع، هو ينبوع أفراح العالم الجديد. مار أفرام السرياني * يقيس الله الألم حسب الاحتياج إليه. * بيت الحزن يعلم العطف والحكمة. * وُلد الحزن والموت من الخطية، وهما يفترسان الخطية. * يُعطَى الحزن لنا عن قصدٍ، لكي يشفينا من الخطية. القديس يوحنا الذهبي الفم * ابن الله تألم ليجعلنا أبناء لله، وابن الإنسان (نحن البشر) يرفض أن يتألم لكي تستمر بنوته لله! الشهيد كبريانوس * بدون تجارب لا يخلص أحد. القديس أوغريس 2. لا يٌفقد الألم سلام المؤمن ولا فرحه الداخلي، فقد حولت الآلام شخصية داود إلى "مرتل إسرائيل الحلو"، كما يظهر في سفر المزامير. 3. يقدم لنا سليمان الحكيم الحكمة كشخصٍ يرفعنا من الأرض، ليدخل بنا إلى الأحضان الإلهية. * ففي سفر الأمثال يؤكد أن بدء الحكمة هي مخافة الرب. * إذ يقتني المؤمن مخافة الرب ويدرك أبوة الله الحانية التي تقوده في كل جوانب حياته يصغر العالم جدًا في عينيه، فيرى "باطل الأباطيل الكل باطل وقبض الريح". ليس من جديد في العالم، ولا ما يشبع النفس. هذا هو موضوع سفر الجامعة. * أخيرًا تصعد النفس على سلم الحكمة لتجد من يشبعها، العريس السماوي، الحكمة الإلهي نفسه، فتتغنى بتسبحة نشيد الأناشيد، تسبحة العرس الأبدي. هكذا تبدأ الأسفار الحكمية بمعركة الألم والصراع مع عدو الحكمة وتنتهي بأغنية العرس المفرحة. تبدأ بالإعلان عن الحاجة إلى المخلص قائد المعركة ضد إبليس، وواهب الحكمة بلا انقطاع، وتنتهي بأن يحملنا فوق كل أحداث العالم، لندخل في حجال عرسه، ونشاركه أمجاده الأبدية. أنها أسفار مسيانية، مركزها المسيح حكمة الله الأزلي. سفر كل عصرٍ سفر أيوب هو سفر كل عصرٍ، حيث يعالج مشكلة الألم الذي يحتمله الإنسان ولا يفهم ما وراء الشر الذي يضايقه. يقدم لنا هذا السفر نموذجًا لاحتمال الأبرار آلام الجسد في صبرٍ. وكما يقول يعقوب الرسول: "خذوا يا إخوتي مثالًا لاحتمال المشقات والأناة... ها نحن نطوب الصابرين. قد سمعتم بصبر أيوب، ورأيتم عاقبة الرب" (يع 5: 10-11). تكشف لنا تجربة أيوب عن طرق معاملات الله مع البشر. أيوب الأممي كان أيوب وأصدقاؤه من أبناء الشرق، يعيشون على حدود الجزيرة العربية وبلاد أدوم التي هي أرض الحكماء، في أرض عوص. اسم عوص مشتق من كلمة "يعص"، وتعني بالعربية "يعظ"، وقد اشتهر سكان تلك المنطقة بالكلام والوعظ والحكمة. ظهر غالبًا في أيام يعقوب، إذ لا نسمع في السفر عن الخروج، كما كان أيوب يقوم بالعمل الكهنوتي عن العائلة، ولا يذكر شيئًا عن العبادة الوثنية سوى عبادة الأملاك السمائية، وهي من أقدم العبادات. كان بكر ناحور شقيق إبراهيم ويُدعى عوص. واحتفظ نسله بعبادة الله، ودُعي الله إله ناحور (تك 53:31). يرى البعض أنه من نسل إبراهيم لكنه لم يأتِ من نسل إسحق، بل من أبناء قطورة زوجة إبراهيم الذين صرفهم شرقًا إلى بلاد المشرق وبالإجمال لم يكن أيوب إسرائيليًا بل أمميًا، ومع ذلك لم يكن في الأرض نظيره في التقوى. وهكذا أظهر سفر أيوب وجود أشخاص أبرار أمام الله ليسوا من إسرائيل. * ليس لأن عيسو قد رُفض دين نسله الخارجون منه، فنرى يعقوب المخادع له أبناء غير مؤمنين، وكان لعيسو أبناء مؤمنون وأعزاء لدى الله. ليس من شك أنه يوجد كثيرون غير مؤمنين من أبناء يعقوب، فإن اليهود جميعهم، سواء كانوا مؤمنين أو غير مؤمنين يرجع أصلهم إليه، كما يوجد أبناء لعيسو صالحون وأمناء كما يدل على ذلك أيوب كمثال الذي هو من نسل عيسو . الأب إمبروسياستر معنى اسم أيوب العبراني الأصل لا يُعرف على وجه التحقيق، فالبعض يظن أنه يعني "راجع" أو "تائب"، أيضًا "المُبتلى" أو "المُجَرب" و"الصابر"، وأيضًا "هدف العداوة". يرى البعض أن معناه "مكروه"، لذا يظن بعض الدارسين أنه أخذ هذا اللقب بعد دخوله في التجربة، وتحول أصدقائه إلى مقاومته. ويظن البعض أن هذا الاسم مشتق من "يأب" العبرية ومعناها "محب". وآخرون قالوا إنه من أصل عربي من "آب يؤوب" أي بمعنى "الراجع إلى الله". يرى البعض - بناء على ما جاء في رسائل تل العمارنة وغيرها من النصوص المصرية والحثية القديمة - أنه كان اسمًا شائعًا في الألف الثانية قبل الميلاد، وأن الصيغة الأصلية للاسم هي "أيّاب" التي قد تعني "أين أبي؟" أو "بلا أب"، أي "يتيم". جاء في النص السبعيني ملاحظة أن أيوب حسب التقليد هو يوباب الملك الثاني لأدوم، الوارد في (تكوين 36: 33). كيف يبدو سفر أيوب؟ بالرغم من أن سفر أيوب هو من الأسفار الإلهية إلا أنه يحوي حوارًا مستفيضًا بين شخصيات السفر. هذا الحوار ليس هو كلام الله نفسه، لكنه مدون بإلهام من الله. وبعض فقرات من الحوار أظهر الله عدم رضاه عنها كقوله: "من هذا الذي يظلم القضاء بلا معرفة؟" (أي 2:38). ولكن السفر يذكرها كما قيلت لمنفعتنا. يقدم لنا الكاتب في أسلوبٍ نثريٍ خبر رجل مستقيم (1:1) لا عيب فيه، يتقي الله، ويحيد عن الشر. يعيش وسط أبنائه وذويه حياة سعيدة، سمح الله له بضرباتٍ من الشيطان، فخسر خيراته، ثم فقد بنيه وبناته، وأخيرًا أصابته قروح خبيثة، غير أنه تحمَّل كل هذا خاضعًا لإرادة الله بتواضعٍ: "الرب أعطى، والرب أخذ، فليكن اسم الرب مباركًا" (21:1). أنقبل السعادة من الله ولا نقبل منه الشقاء؟ (راجع 10:2) وكانت النتيجة: في هذا كله لم يخطئ أيوب بشفتيه (10:2). جاء إلى أيوب ثلاثة أصدقاء يعزونه هم: أليفاز التيماني، وبلدد الشوحي، وصوفر النعماتي. وجلسوا معه على الأرض صامتين سبعة أيام وسبع ليالٍ، بعد هذا فتح أيوب فاه ليكشف عن المرارة التي بداخله. فبدأ حوار بين أيوب وأصدقائه، أكد أيوب أنه بريء، وظل منذهلًا أمام الشرور التي تنصب عليه. أما الأصدقاء فتصرفوا كممثلين مؤتمنين على اللاهوت التقليدي في هذا الوقت، وهو أن الله يعاقب في هذه الحياة الأشرار، ويجازي الأبرار بحسب أعمالهم، فإرسال المصائب دليل على وجود خطيئة سابقة. ويمتد هذا الحوار على ثلاث دورات. يتكلم على التوالي كل من أصدقاء أيوب ويجيبهم أيوب. بعد هذا يدخل أليهو بن يرخئيل البوزي من عشيرة رام ليقدم براهين تبرر تصرف الله في خلائقه. وأخيرًا يظهر الله في العاصفة ووسط جوٍ مهيب، ويستعرض أمام أيوب بعض الخلائق العجيبة وبعض أسرار الكون. ويسأل أيوب: "أين كنت حينما أسست الأرض؟ هل تعلم من حدد أبعادها؟ هل تعلم من مدّ عليها الخيط (المطمار) ليقيسها؟ إلى أي شيء تستند العواميد؟ من وضع حجر زاويتها؟" [4:38-6] لم يجد أيوب جوابًا، فاستسلم وركع في التراب والرماد تائبًا نادمًا (6:42). وإن كان أيوب وسط مرارة نفسه تفوَّه بكلماتٍ قاسية، لكنه لم يكف عن أن يلقي بنفسه على الله، وسرعان ما يتأسف على ما صدر منه من كلمات. عاد أيوب إلى ما كان له من كرامة، وعادت إليه خيراته مضاعفة، وأعطيت له عائلة كبيرة قبل أن يموت شيخًا شبعان الأيام (42: 16). تساؤلات حول السفر دراسة أسلوب سفر أيوب على ما هو عليه الآن أثارت العديد من الأسئلة منها: ما هي العلاقة بين المقدمة والخاتمة النثرية بالحوار الشعري؟ هل أحاديث يهوه جزء أصيل في مكونات السفر، أم يوجد لها أكثر من وثيقة مختلفة؟ هل تلك الأحاديث أصلية في السفر، أم أضيفت إليه بعد ذلك؟ هل أحاديث أليهو أصلية؟ هل أضيفت قصيدة الحكمة؟ هل عدم وجود حديث ثالث لصوفر يعني فقدان ذلك الحديث، أم أنه مقصود؟ أجاب كل دارس على هذه الأسئلة بطريقته الخاصة المختلفة عن الأخرى، حتى أن عدد الآراء التي قيلت في هذا الموضوع يفوق الحصر. غاية السفر إن كان سفر إستير يعلن عن عناية الله بشعبه في أرض السبي، فإن أيوب يعلن عن رعايته لرجل أممي، إن صح التعبير، أحب الله، واستحق تسجيل اسمه وسيرته في الكتاب المقدس. كشف أيضًا عن جوانب من سرّ الألم في حياة القديسين، ويوضح الفارق بين تعزيات البشر وتعزيات الله. يقدم لنا السفر شخصية أيوب كمثالٍ حيٍ للمؤمن الذي يثق في رعاية الله وعنايته بالرغم من عدم معرفته ما وراء الستار. إنه بار في عيني الله، لكنه ليس بدون خطية أو أخطاء. أوضح القديس أمبروسيوسفي كتابه "صلاة أيوب وداود" غاية هذا السفر، فقال: * يبرهن كتاب الله المقدس في عدة عبارات أنه لا بُد للإنسان أن يعاني هنا من اضطراباتٍ في هذه الحياة، كما تُتاح له تعزيات كثيرة أيضًا. وفي وسط تلك الأمور جميعها، فإن روحًا تتسم بالعزيمة القوية واليقظة وإدراك الصواب (الحق) يجب أن تغلب الضيقات الراهنة، وتتطلع إلى تلك الوعود بالفرح الأبدي. حقًا وبالفعل تفوق التعزيات الضيقات والأتعاب، لأنها تمنح الهدوء والطمأنينة وسط الصعاب الحالية، وتعطي الرجاء في الأمور العتيدة. لهذا يقول بولس الرسول أيضًا: "إن آلام الزمان الحاضر، لا تُقاس بالمجد العتيد" (رو 18:8). حقًا إنها لا تستحق أن تُقارن بالتعزية. ناهيك عن الحديث عن ثمرة الفداء. * على هذا الأساس، شهد القديس داود بحقٍ، في كل أعماله، وخصوصًا في المزمور الواحد والأربعين (42) أنه كان يسرع إلى المجد، لأنه قال: "متى أجيء وأتراءى قدام الله؟" (مز 2:42). وقد صوّر في هذا المزمور تصويرًا بليغًا الاضطرابات التي يسببها ضعف الإنسان من جهة، والتعزيات التي من الرب من جهة أخرى. وفيه يصلي أيضًا داود لله عنا، كأن الله نسي عمله الخاص والفيض والوفرة والنعمة التي وهبها للإنسان. فقد هجر الإنسان الذي قرر أن يحميه ويكرمه، وألقى به في الهلاك، ضعيفًا ومحطّمًا بضعفات متنوعة (مز 42: 10-11). وفعل القديس أيوب نفس الشيء قبل داود، لكن كان الأخير يركز بالأكثر على الدروس الأخلاقية (moral)، أما الأول فبأكثر شدة وعنفًا! لهذا وضعت في قلبي أن أتأمل صلوات كليهما معًا، لأن فيهما تصَّورًا لطبيعة الحياة الإنسانية، ودفاعًا عن قضية الإنسان، ويظهر منهما الوضع المتميز لتلك الطبيعة البشرية. لهذا يجب أن نهتم بهذه الصلوات بالترتيب. القديس أمبروسيوس * لنقتدِ الآن بأيوب الفريد في استقامته وتقواه، الذي يحيد عن كل شرٍ، والذي أغار الشيطان مسلكه، وسرعان ما استشرى ضده، فتساقطت السهام كالبرد حتى فرغت جعبته. وتلقاها ذلك البطل دون أن يكبو. لو جمعنا كل محن العالم وويلاته التي يمكن أن تحل بإنسان في حياته من فقرٍ ومرضٍ وموت أبنائه، وانتقام الأعداء، وجحود الأصدقاء والجوع والسخرية والإهانات والافترءات... وصببناها على رأس شخصٍ واحدٍ كما انصبت على رأس أيوب البار لعرفنا قيمته وجَلَدَه . القديس يوحنا الذهبي الفم * هذا ما نتعلمه من حالة أيوب. يضع الله القادرين أن يحتملوا التجربة حتى الموت أمام الضعفاء كنموذجٍ لهم.* يتعلم (الإنسان) الاحتمال من أيوب، هذا الذي ليس فقط عندما بدأت ظروف الحياة أن تنقلب ضده، ففي لحظة اندفع من الغنى إلى الفقر المدقع، ومن كونه أبًا لأبناء فاضلين تحول إلى الثكل (الحرمان من الأبناء)، ومع هذا بقي كما هو، محتفظًا بتدبير نفسه دون أن يتحطم. بل ولم يثر في غضب ضد أصدقائه الذين جاءوا لتعزيته فوطأوا عليه بأقدامهم، فتفاقمت متاعبه. القديس باسيليوس الكبير * لست أعرف بأيّ لقب أدعو هذا البار.هل أدعوه مصارعًا؟ إنه يفوق ذلك، بنواله مثل هذا العدد من الأكاليل! هل أدعوه صخرة؟ إني أراه أكثر صلابة منها. هل جنديًا؟ أدرك أنه أكثر قوة في جَلًده. هل أدعوه برجًا؟ لكنه يقوم في الحكمة؟ هل أدعوه شجرة؟ أراه أكثر سخاء منها. هل ثمرة؟ يظهر أنه أكثر جمالًا منها. هل كنزًا؟ يُعرف بأنه أكثر غنى من هذا. بهذا فإنني لا أجد لقبًا أدعو به هذا القديس . الأب قيصريوس أسقف آرل * إني أصعد المنبر لا لأمدح أيوب وحده. يوجد فيكم أيوبون كثيرون أمتدحهم. في كل واحدٍ منكم أيوب جديد، حيث يظهر صبر هذا القديس وبسالته من جديد . القديس أمبروسيوس * استخدم الشيطان كل حيله الشريرة ضد أيوب الطوباوي محاولًا أن يفرض عليه شر الخطية، فلم يقطع عنه فقط الاحتياجات الزمنية، بل وحاول أن يُرعبه بكل مصائب الحرمان التي لم تكن متوقعة، كموت أولاده السبعة (وبناته الثلاث)، وإصابته بقروح مميتة، وعذابات لا تُطاق من رأسه حتى أخمص قدميه، لكن أيوب بقيَ في هذا كله ثابتًا غير مجدِّفٍ .* صبر أيوب وانتفاعهبالتجارب التي بها ازداد صلاحًا لم ينتفع به الشيطان، بل أيوب وحده لأنه احتمل بصبر . * فإننا نقرأ عن المكافأة التي نالها الطوباوي أيوب، والذي تُوج بالنصرة من الناحية اليمينية، لأنه إذ كان أبًا لسبعة بنين (وبناته الثلاث) وكان غنيًا وصاحب ثروة طائلة، كان يقدم كل يومٍ ذبائح لله لأجل تطهيرهم، وذلك لشغفه أن يكونوا مقبولين وأعزاء لدى الله أكثر منه. وكان يفتح بابه لكل غريبٍ إذ كان: "عيونًا للعُمي وأرجلًا للعُرج" (أي 15:29)، وكسا أكتاف التعابى بصوف غنمه. وكان أبًا للأيتام وزوجًا للأرامل، ولم يكن يفرح قط لسقوط عدوٍ له. وقد بقي نفس الرجل في حياة الفضيلة بصورة أعظم عندما انتصر على المصائب من الناحية اليسارية، عندما أُخِذ منه أولاده السبعة (وثلاثة بنات) في لحظة، فإنه كأب لم يتغلب عليه الحزن المرّ، بل كخادمٍ حقيقي لله ابتهج بإرادة خالقه. وإذ صار فقيرًا بعدما كان صاحب ثروة، ومُعدمًا بعد أن كان غنيًا، وهزيلًا بعدما كان قويًا، ومؤدبًا ومرذولًا بعدما كان مشهورًا وصاحب شرف، في كل هذا احتفظ بثبات عقلة من غير أي اضطراب. وأخيرًا إذ تجرد من كل شيء جلس وسط الرماد وكان يحُك جسده بسبب ما أصابه، زافرًا بتنهدات حارة، ومع هذا لم يسقط في اليأس ولا جدف أو تذمر على خالقه . الأب ثيؤدور سمات السفربالإضافة إلى أنه سفر مُوحى به، فإنه أحد القطع الأدبية الرائعة في العالم. بجانب ما حمله السفر من حقائق علمية اكتشفت حديثًا، فهو قطعة شعرية رائعة من أعظم ما عرفه الأدب القديم والحديث، يتذوقها من يقرأه في لغته الأصلية. كقصة متماسكة متصلة تتوفر فيها كل عناصر الحبكة القصصية وانسجام الشخصيات مع سياق القصة، وكلها دلائل على الفن القصصي الرفيع. 1. يكمن مفتاح السفر في الآيات 1: 9-11؛ 2: 4-5، حيث يرى الشيطان أن الإنسان يخدم الله من أجل هباته. فإن نُزعت عنه هذه الهبات وحلت به الضيقات، يعطي الإنسان القفا لله. 2. من أبرز ما قدمه السفر الكشف عن مفهوم العقيدة الإيمانية. فقد كان الأصدقاء الثلاثة فلاسفة، علماء لاهوت، أصحاب معرفة، متدينين، يجيدون معرفة صفات الله، خاصة العدل الإلهي، لكن معرفتهم نظرية عقلانية، قدموا حقائق لاهوتية أكثرها صادقة وهامة، لكنهم لم يتمتعوا بالحقائق والأسرار الإلهية كحياة يتمتعون بها في سلوكم اليومي. جاءت عقائدهم جافة بلا روح، بل ومدمرة لهم ولمن حولهم. 3. طابع السفر ولغته وما ورد فيه من عادات وأفكار تكشف عن قِدَمْ السفر. طول عمر أيوب يكشف عن أنه ينتمي إلى عصر الآباء قبل موسى النبي. لا يشير إلى النظام اللاوي للذبائح والكهنوت، ولا عن وجود أمة إسرائيل. هذا كله جعل أغلب الدارسين يعتقدون أنه أقدم أسفار الكتاب المقدس. 4. الله محب للحوار: يقدم لنا سفر أيوب صورة رائعة عن معاملات الله مع خليقته. فمع أنه الله القدير، خالق السماء والأرض، لكنه يقدس حرية الإرادة. أعطى حتى للشيطان المقاوم والمُفتري والمُضل فرصته للحوار بكل حرية، ومع شهادة الله لعبده البار أيوب استمع لاتهام الشيطان ضده بطول أناةٍ حتى يكتشف المضل نفسه برّ أيوب. مع ما حمله حواره مع الله من لوم لله أحيانًا، إلا أن الله يعمل في القلب المفتوح الصريح. يظهر الله في هذا السفر، سواء في حواره مع الشيطان، أو مع أيوب أنه محب للحوار، وليس لإصدار أوامرٍ ونواهٍ لكي تُنفذ إلزامًا دون اعتراض. إنه أب يعلمنا كيف نتعامل حتى مع مقاومينا، نستمع بطول أناة لأولادنا ومرؤوسينا والمقاومين لنا، ونعطيهم فرصتهم للتعبير عن أنفسهم. 5. الله قريب من أولاده، خاصة وهم في أتون التجارب، سواء خلال أعماله الظاهرة أو الخفية. إنه يخفي أحيانًا عن الأعين حضرته في وسط أولاده حتى يزكيهم في إيمانهم. الله ليس مصدر الألم والشقاء والضيق، لكنه يسمح به، لتزكية قديسيه. * أيها الأحباء، هل التجربة صعبة؟ دعونا نحتمل المصاعب، لأنه ليس أحد يتجنب الرماح وتراب المعركة يفوز بالإكليل. هل العدو يخدعكم، وحربه بلا فائدة...؟ هذه التجارب ضعيفة، لأن الرب قد مزج شرهم بالضعف. لكن دعونا نحذر من صراخنا بصوت عالٍ بسبب ألمٍ قليلٍ. إننا بهذا نكون مدانين. إذ تحرمون أنفسكم من المكافأة الأبدية التي تُعطى للأبرار. أنتم أبناء الذين اعترفوا بالمسيح. أنتم أبناء الشهداء. لقد قاوموا حتى الدم ضد الخطية. لذلك اجعلوا أمثلة من هؤلاء قريبة وعزيزة لديكم لتصبحوا شجعان لأجل مسيحيتكم. ليس فينا من يُنزع جلده من جسده... لم يعانِ أحد منا من مصادرة مسكنه... لم نُسق إلى المنفى، لم نسجن... إذن ما هو حجم المعاناة التي تكبدناها...؟ حقيقة ربما نعتبر مصدر ألمنا هو أننا لم نعانِ شيئًا. وأننا غير مستحقين لآلام المسيح. القديس باسيليوس الكبير * كرب هو الطريق الذي يدخل بنا إلى الحياة، وضيّق أيضًا، لكن المكافأة رائعة وعظيمة إذ ندخله في مجدٍ! القديس كبريانوس 6. تقدم لنا هذه القصيدة الشعرية في عبارات واضحة الحقائق الخمس: أ- فكرة عن علم اللاهوت البدائي: تم البحث في هذا السفر بغاية الوضوح والإسهاب والوقار والفصاحة الروحية عن وجود الله، وصفاته المجيدة وكمالاته، وحكمته التي لا تُوصف، وقدرته التي لا تُقاوم، ومجده الذي لا يُدرك، وعدله الذي لا يُلغى، وعظمته التي لا يُعبر عنها. ب- يقدم لنا عينة من تقوى بعض الأممين، فأيوب لم يكن من شعب الله الخاص، لم يكن إسرائيليًا، ولا دخيلًا على إسرائيل، ومع ذلك لم يكن هناك نظير له في التقوى. ج- يقدم لنا تفسيرًا للمشكلتين الغامضتين، وهما نجاح الأشرار أحيانًا ونكبات الأبرار. يطمئننا القديس أغسطينوسأنه وإن وُجدت الحنطة مختلطة بالتبن هنا، لكن هذا لن يؤذي الحنطة ولا يفقدها إكليلها، فسيأتي الوقت المعين لعزلها عن التبن، حيث يُحرق التبن في النار: [هذا التبن لا يُهلك من هم حنطة الرب، والذين هم قليلون إن قورنوا بالآخرين، لكنهم هم جمع عظيم. لا يهلك مختارو الله الذين يُجمعون من أقاصي العالم، من أربعة رياح، من أقصى السماء إلى أقصاها (مت 24: 31). ويصرخ المختارون قائلين: "خلِّص يا رب، لأنه قد انقرض التقي، لأنه قد انقطع الأمناء من بني البشر" (مز 12: 1). فيقول لهم الرب: "من يصبر إلى المنتهى (حيث يُقيد الشرّ) فهذا يخلُص" (مت 24: 13).] د- يقدم لنا مثالًا عظيمًا للصبر والاتصال الوثيق بالله وسط النكبات الشديدة. ه- يقدم لنا رمزًا للسيد المسيح، وبصفة عامة نقول إن أيوب كابد الآلام الشديدة، وأخلى نفسه وتواضع، من أجل هذا نال مجدًا عظيمًا. وهكذا وضع المسيح نفسه لكي نرتفع نحن. قال القديس جيروم إن أيوب كان رمزًا للمسيح، الذي من أجل السرور الموضوع أمامه احتمل الصليب (عب 2:12) واضطهده الناس والشيطان وقتيًا، وبدا أيضًا كأن الله قد تركه. لكنه قام من الأموات أخيرًا، لكي يشفع حتى من أجل خاصته الذين أضافوا ضيقًا على ضيقاته. 7. كمال أيوب: كان القديس يوحنا الذهبي الفمأسيرًا لشخصيتين من الكتاب المقدس، يعشقهما، حتى متى أشار إلى إحداهما لا يقدر أن يكمل ما كان يكتبه أو يتحدث عنه، بل يسترسل في الحديث عن هذه الشخصية العجيبة ليعود بعد فترة معتذرًا أنه قد ابتعد عن موضوع كتابته أو حديثه. هاتان الشخصيتان هما أيوب البار من العهد القديم، وبولس الرسول من العهد الجديد! كان أيوب كاملًا في فضائله. تعني كلمة "كامل" في لغة السفر مستقيمًا، أو يسير على خط مستقيم، وليس فيه غش أو دوران. كان مستقيمًا في سائر معاملاته، أمينًا في وعوده، ليس قدام الناس فحسب، بل وأمام الله الذي يشهد لكماله. وسرّ كمال أيوب واستقامته هو أنه يتقي الله ويحيد عن الشر. ذُكر في الكتاب المقدس ضمن ثلاثة رجال مباركين هم: نوح ودانيال وأيوب )حز 14: 14-20). لقد كرّر القديس أغسطينوس في مواضع كثيرة قول القديس أمبروسيوس: [ليس أحد في العالم بلا خطيّة.] لكننا مدعوون لنكون قديسين كاملين بشركتنا الحية العملية مع يسوع المسيح ربنا. * ليس من يدعو نفسه قديسًا هو قديس، بل ذاك الذي يؤمن بالرب يسوع، ويعيش حسب تعليمه . ثيؤدوروت أسقف قورش * كل مؤمن هو قديس بالرغم من كونه إنسانًا يعيش في العالم، إذ يقول (الرسول) "لأن الرجل غير المؤمن مقدس في المرأة، والمرأة غير المؤمنة مقدسة في الرجل" (1 كو 7: 14). أنظر كيف يقيم الإيمان القداسة؟ فإن رأينا علمانيًا (واحدًا من الشعب) في ضيقة يلزمنا أن نمد يدنا إليه، فلا نكون غيورين تجاه سكان الجبال وحدهم، فإن هؤلاء بحق هم قديسون في سلوكهم كما بالإيمان، أما الأولون فقديسون بإيمانهم والكثير منهم بالسلوك أيضًا. إذن ليتنا لا نذهب إلى راهبٍ ملقى في السجن، بينما نمتنع عن الذهاب إلى واحدٍ من الشعب. فالأخير قديس وأخ.* هو نفسه جعلنا قدّيسين، لكنّنا مدعوّون أن نبقى قدّيسين. القدّيس هو من يحيا في الإيمان، ويسلك حياة بلا لوم. القديس يوحنا الذهبي الفم 8. أيوب والبرّ الذاتي: يرى البعض أنه لم تكن توجد خطورة من كمال أيوب وقداسته سوى معرفته بكماله، وقد ملأت أفكار البرّ الذاتي حياة أيوب ولازمته طويلًا. من هنا استطاع المجرب أن يجد فيه مكانًا ليشتكي عليه، مما جعل الله يقبل طلب إبليس ويتركه ليجرب أيوب! ولم يكن هذا الكلام تجنيًا على أيوب البار، بل يظهر من تصرفاته وأقواله صدق هذا الكلام. فمنذ البداية يذكر الكتاب المقدس عن أيوب أنه قدم ذبائح عن بنيه قائلًا ربما أخطأوا، أو هم يحتاجون إلى ذبائح دونه، لأنه اعتبر نفسه غير محتاج مثلهم. ونراه يقول عن نفسه: "كامل أنا، لا أبالي بنفسي، رذلت صباي". وفي الحقيقة كان أيوب يتطلع إلى برّه في وسط جيلٍ معوجٍ ضالٍ، ولكن حين رأى الله أخيرًا عرف حقيقة نفسه حيث يضع نفسه في التراب والرماد. تمسك أيوب ببرِّه كنبي في العهد القديم يحمل إلينا رمزًا ولو ضئيلًا لكمال السيد المسيح الذي وحده بلا خطية. * الله وحده هو البارّ والذي يبرّر، يهب الإنسان البرّ. إنهم يطلبون أن يُثبتوا برّ أنفسهم، بمعنى أنهم يظنّون بأن الصلاح هو من عندهم لا عطيّة إلهية. بهذا "لم يخضعوا لبرّ الله" (رو 10: 3)، لأنهم متكبرون ويحسبون أنهم قادرون على إرضاء الله بذواتهم لا بما لله. القديس أغسطينوس 9. كانت الحياة تبدو سهلة أمام أيوب، هينة مبهجة، يعيش في الفردوس دون أن يدخل مطلقًا إلى بستان جثسيماني، كأنه ينصب لنفسه خيمة على جبل التجلي! كان كمن يعيش إلى جوار شجرة الحياة، ولم يتعود حمل الصليب بعد. كان من الذين يريدون أن يدخلوا إلى ملكوت الله من الباب الواسع والطريق الرحب، ولقد أراد الله له أن يجرب الطريق الضيق، والصليب والجلجثة، يجرب الأحزان والضيقات ليأخذ بركة الضيقات.10. لم يقدر أصدقاء أيوب أن يعزوه للأسباب التالية: أ- لم يأتوا ليعزوه بل ليدينوه. ب- لم يدركوا معنى التجارب ولم يختبروها. ج- كلماتهم بشرية، وليست من الله. 11. اتجاهات أصدقاء أيوب: أ- سار أليفاز في أقواله طريق الاختبار الشخصي (أي 28:41). ب- انقاد بلدد بالعنف والشدة نحو التقليد البشري وحجة القدامى (أي 8:8). ج- تبع صوفر طريق الناموس القديم الحرفي (أي 14:11-15). د- أليهو: روحاني، وهو رمز الوسيط الإلهي. 12. يوبخ الله أيوب، قائلًا له: "من هذا الذي يظلم القضاء بلا معرفة؟" (أي 1:38). هنا يعاتب الله أيوب لكونه يتظلم على قضاء الله، وكأنه يريد أن يقول لأيوب. * أه يا أيوب لو كان لديك معرفة بأسرار الكون والخلائق غير المنظورة، لما شكوت من قضائي. * إنني يا أيوب أريد أن أخرس الشيطان المدعي عليك لكي تدخل معي إلى الأبدية وأنت مُزكى، لا يسيطر شيطان عليك. * كل ما نزعه الشيطان في حقده وحسده سأرده لك مضاعفًا، فهل هذا قضاء ظالم؟ ما يعوق عمل روح الله فينا، هو إننا نريد أن نفرض عليه مشيئتنا، ولا نريد أن نخضع نحن لمشيئته. ليتنا نتعلم أن نعيش في روعة التسليم للمشيئة الإلهية. * "المجد لله في كل شيء". فإني لن أكف عن القول بهذا مهما حلّ بي. القديس يوحنا الذهبي الفم * لا يحدث شيء بدون الله: نحن نعلم ذلك من مصادر كثيرة. كل من يتحقق أن الله هو العقل والحكمة والصلاح الكامل والحق، وأنه لا يسمح بشيء ليس صالحًا وبه الحق الذي له. لهذا فإن من يتحقق هذا يدرك أن تدابير الله ليس فيها عنصر المصادفة أو التشويش... إنها تناسبنا، ونعرف أن هذه الأمور تحدث للأفضل. القديس غريغوريوس النيسي 13. لن ييأس إبليس من مقاومة الله في أولاده، لكن قدر ما يثابر على مقاومتهم يمتلئ كأس شره، وتكمل هزيمته، وتتحول مقاومته إلى بركات لأولاد الله.* ما يقوله سفر أيوب عنه هو مخيف ومرعب (أي 40: 18؛ 41: 7). جنباه نحاس، وظهره حديد مسبوك، أحشاؤه من حجارة صنفرة. هذا وأكثر منه يقول عنه الكتاب المقدس. هذا هو قائد الفرق الشيطانية العظيم والقدير. ولكن ماذا يدعوه صاحب القوة الحق والفريد؟ إنه "ثعلب صغير!" (نش 2: 15). كل الذين مع الشيطان، قواته بكاملها هي موضع سخرية. الله يدعوهم بذات الاسم "الثعالب الصغيرة" ويحث الصيادين ضدهم. القديس غريغوريوس النيسي * لا تخافوا مطلقًا تهديدات الشيطان، فإنّه مشلول كأعصاب ميّت. هرماس قصة أيوب إحدى القصص الأدبية العظيمة في الأدب العبري، ولعل هذا ما ساعد على أن يكون لها مثل هذا الانتشار الواسع في كل العالم. عالج السفر مشكلة طالما تئن منها الشعوب عبر الأجيال، وهي: أ- التعليم التقليدي عن المجازاة الإلهية: في العهد القديم نرى الله يتعامل مع الشعب، لكنه لا يتجاهل الفرد. فتحدث إرميا (29:31-30) وحزقيال (12:14-1:18) عن مسئولية الإنسان الشخصية والمجازاة الإلهية سواء كانت مكافأة لأعمال خيرة، أو عقابًا لأعمال شريرة حسب التصرف الشخصي. قال حزقيال بلسان الرب: الإنسان الذي يخطئ هو الذي يموت (حز 2:15-4)، واستند هذا التعليم إلى أسس ثابتة، فأعلن أن الله العادل (إر 10:17؛ مز 7:36)، يجازي كل واحدٍ حسب أعماله (أم 3:24). لكن عدالة الله هذه تتم على الأرض، لأن الشعب العبراني لم يكن يؤمن بعد بوضوح بقيامة الموتى وخلود النفس، لم يكن ينشغل بحياة ثانية بعد الموت. وبما أنهم لا يهتمون بعدالة الله في العالم الآخر، يرون ضرورة أن تتم على هذه الأرض، والرب يعطي الإنسان أجرته في هذه الدنيا، يجعل البار سعيدًا والشرير شقيًا. ب- الاختبار اليومي يكذب هذه النظرية: يوجد صديقون يصيبهم ما يليق بعمل الأشرار، ويوجد أشرار يصيبهم ما يليق بعمل الصديقين. من جانبٍ آخر يقول سفر الجامعة (9:2-3) كل الناس لهم مصير واحد، البار والشرير. يتشكك المؤمنون حينما يرون الأشرار في أمان، لهذا توسل الحكماء إلى الأبرار بأن لا يتمثلوا بالأشرار ولا يسيروا في طرقهم (أم 31:3، 17:23 مز 1:37). قال الحكماء بأن للألم مكانة في خطة الله، وهو يساعد على التكفير عن خطايانا، وأن المحنة ليست عقابًا من الله، بل هي نعمة من لدنه، وهو يؤدب الأبناء الذين يحبهم (أم 11:3-12). تعطي المحنة قوة ونقاوة، تشبه النار التي تنقي الذهب. بهذا يطمئن البار بأنه سيخرج من المحنة وتعود إليه السعادة مضاعفة، أما الشرير فلن يفلت من العقاب (مز 21:11)، وإن نسله سيصيبه الشقاء. حاول الحكماء أن يدافعوا عن عدالة الله، ويؤكدوا للمؤمنين أنهم هم الرابحون في النهاية، ولكنهم نسوا الواقع اليومي. فجاء سفر أيوب يفتح عيونهم على ما يصيب الناس في هذا العالم، ويفتح قلوبهم إلى الإيمان بإلهٍ يريد أن يرفعنا على مستوى العطاء المجاني إلى مستوى الإيمان المطلق الذي يسير على هُدى كلمة الله بالرغم من الظلام المحيط به. آلام أيوب التي نتجت عن ادعاءات الشيطان ضد تقوى أيوب وعن الإذن الإلهي بذلك تثبت أنها ليست برهانًا على لعنة القضاء الإلهي على أيوب، كما حاول أصحابه أن يثبتوا. إنما هي برهان على الثقة الإلهية فيه، وتحدي الرب للشيطان، ليثبت له برّ أيوب. فسفر أيوب تفسير بليغ لعدم كفاءة العقل البشري على الإجابة على الأسئلة البشرية، فظهور الأصدقاء لنصح أيوب يؤدي إلى الجدال والأمل الكاذب واليأس، بينما ظهور الله يؤدي إلى الخضوع والإيمان والشجاعة. كلمة الإنسان عاجزة عن اختراق ظلمة عقل أيوب، أما كلمة الله فتجلب النور الدائم. ويتطلع سفر أيوب إلى السيد المسيح، فتُثار المشاكل وتُسمع أنات التوجع، وهذه كلها يستطيع ربنا يسوع وحده أن يعالجها. في القلب البشري فراغ لا يستطيع إلا ربنا يسوع المسيح وحده أن يملأه. كاتب السفر وتاريخ كتابته غير معروف على وجه التحقيق اسم كاتب هذا السفر. فيما يلي بعض الآراء: 1. يرى البعض أن هذا السفر سُجل في نفس عصر الحدث نفسه بواسطة أيوب نفسه، أو أليهو أحد أصدقائه الأربعة. 2. يرى كثير من الآباء أن موسى النبي كتبه وهو في مديان لتعزية الشعب الساقط تحت العبودية، وليثقوا في عمل الله معهم. ويميل الربيون إلى نسب السفر إلى موسى النبي. وكان رئيس الكهنة يقرأ سفر أيوب للتعزية قبل يوم كبير(24). 3. يرى البعض أن أليهو هو كاتب المناقشات، وأن موسى النبي كتب الأصحاحين الأولين (1، 2) والأصحاح الأخير، إذ دُعي الله "يهوه" في هذه الأصحاحات الثلاثة، ولم يُذكر إلا مرة واحد في المناقشات (أي 12: 9)، وهو الاسم الذي لم يعرفه الآباء الأولون قبل موسى (خر 6: 3). إذ كان الله يعرف بالقدير (شاداي)، وقد ذكر في السفر أكثر من ثلاثين مرة. واضح أن السفر كُتب قبل موسى النبي، حيث لم يشر إلى خروج إسرائيل من مصر حيث خلصهم الله من مرارة عبودية فرعون، ولا أشار إلى الناموس. لم يُوجه السفر إلى شعبٍ معينٍ، لكنه وُجد بين أسفار العهد القديم، مُوحى به من الله. يعتقد البعض أنه كُتب للشعب اليهودي كدرسٍ لهم عن عناية الله الفائقة لمحبيه وسط آلامهم وتجاربهم، غير أن طابع السفر جامعي، يحدث كل إنسان في البشرية دون تقيدٍ بجنسٍ معينٍ. إنه كتاب كل عصر لكل إنسان وكل أمة، تحتاج إليه كل البشرية في كل حين لتتلمس خطة الله من نحو الإنسان، ورعايته له. 4. يرى البعض أن الكاتب هو أحد العبرانيين الملمين بآداب بلادهم، وهو شاعر عبقري ومفكر عميق، انفتح على سرّ الله، وارتبط بمثالٍ أخلاقيٍ سامٍ، وأحس بشقاء الناس وبالضيق الذي يعيشون فيه. 5. سُجل في عصر سليمان؛ أخذ بهذا لوثر وFranz Delitzsch وآخرون. يستحسن بعض الدارسين هذا الرأي، لأن سليمان الحكيم كان مهتمًا بمعالجة المشاكل الواقعية في الحياة، وأن سفر الأمثال إلى حدٍ ما حمل ذات الفكر الذي لسفر أيوب. كل من السفرين يهتم بالحكمة كأمرٍ جوهريٍ وحيويٍ في حياة المؤمن. هذا وإن كان سليمان نفسه أو أحد معاصريه قد سجل السفر، فهذا يتفق مع انفتاح شخصية سليمان على الشعوب والأمم الأخرى. 6. كاتب السفر هو إشعياء أو حزقيا أو باروخ صديق إرميا. ويرى البعض أنه سُجل في وقت السبي، إما قبله مباشرة أو بعده، ربما في أيام حكم منسى. يعتمد أصحاب هذا الرأي على أن السفر جاء نتيجة تشكك البعض في عناية الله الذي سمح لإسرائيل بالهزيمة وحدوث كوارث على نطاقٍ واسعٍ. لكن بعض الدارسين رفضوا هذا، لأن السفر لم يعالج مشكلة الألم أو الكوارث على مستوى الجماعة أو الشعب، إنما على مستوى الفرد. ولأن ما حواه السفر سواء من جهة النظرة إلى الله أو إلى السلوكيات ليس أكثر تقدمًا مما كان للذين في عهد سليمان. يرى البعض أن سمو شخصية أيوب يمكن مقارنتها بشخصية ملكي صادق الذي التقى معه إبراهيم. 7. للأسف يعتقد بعض النقاد أن سفر أيوب هذا لم يُكتب بيدٍ واحدةٍ بل شكلت المقدمة (1:1-13:2) والخاتمة (7:42-17) خبرًا فولكلوريا يتحدث عن سمو رجل عاش في أرض عوص، فاشتهر في الشرق، وتنقل هذا الخبر على ألسنة الحكماء في الألف الثاني ووصل إلى أرض كنعان في أيام صموئيل وداود وسليمان، أي في القرنين الحادي عشر والعاشر ق.م، أي قبل السبي. ولما حلت الكارثة بأورشليم سنة 587 ق.م. خسر بنو يهوذا كل شيءٍ، فدفعهم الضياع الذي وقعوا فيه إلى التساؤل عن معنى وجودهم وعن صحة إيمانهم ببرّ الله وقداسته وعدله. فعاد أحد شعراء الفوج الثاني فوضع قصيدة (1:3-31 - 40؛ 10:38- 6:42) وطبعها بالطابع النبوي. قدم لنا بطلًا يتألم، ولا يعرف لماذا يتألم، وأصدقاء ثلاثة تجادلوا معه في معنى الوجود، وفي حقوق الإنسان تجاه عدالة البشر وعدالة الله (35:31 - 37). وبعد هذا جاء تلميذ لكاتب سفر أيوب فزاد خطبه أليهو (1:23- 34:37) ليدافع أيضًا عن الله، ويبني قيمة الألم الذي يؤدب الإنسان. كان هناك أناس يحسون بالمرارة (مرا 15:3) والغضب تجاه إله لم يفِ بمواعيده، فسُرد لهم خبر أيوب الذي تألم كما تألم بنو يهوذا. كان الشعب يعتبر أن له حقوقًا على الله، فأعلن سفر أيوب أن الله ليس تاجرًا نعطيه فيعطينا، لأن الإيمان الحقيقي يعلمنا المجانية. أيوب في أدب الحاخامات Rabbinical Literature لم يكن سفر أيوب من الأسفار المقرر قراءتها قراءة عامة في المجامع اليهودية، مثل أسفار موسى الخمسة والأنبياء، أو في المناسبات الدينية في الأعياد مثل كتب "الميجلوت" (الدرج) الخمسة، وهي: نشيد الأناشيد وراعوث ومراثي إرميا والجامعة وإستير. لكنه كان كتابًا للقراءة الخاصة، فهو كتاب يعالج موضوعًا عميقًا يروق للطبقات المثقفة الواعية. نظرًا لأهمية سفر أيوب اهتم التلموديون Talmudists اهتمامًا زائدًا بالشخصية الرئيسية للسفر. كل الحاخامات باستثناء اثنين فقط يؤكدون أن أيوب شخصية تاريخية واقعية، وإن كانوا قد اختلفوا في تحديد الزمن الذي عاش فيه كما اختلفوا في تحديد جنسيته. 1. يرى بار كابارا Bar Kappara أن أيوب عاش في عصر إبراهيم. 2. يرى أبا كاهانا Abba Kahana أنه عاش في أيام يعقوب، وأنه تزوج دينة ابنته. 3. ر. ليفي R. Levi قال بأنه عاش في أيام أبناء يعقوب، كما قال على لسان يوسي هالافتا Yose b. Halafta أن أيوب وُلد أثناء ذهاب يعقوب إلى مصر، وأنه مات عند خروج إسرائيل من مصر. يرى البعض أن ما حلّ بأيوب علته أن فرعون طلب المشورة من يثرون وبلعام وأيوب كيف يعمل على تقليل عدد شعب إسرائيل، وقد ضُرب أيوب بالضيقات لأنه وقف صامتًا. وردت هذه القصة في سفر ياشر Sefer ha-Yashar (26)، إذ جاء فيه الآتي: كان أيوب أحد خصيان فرعون ومشيريه الذي أشاروا إليه بقتل الأطفال الذكور (خر 1: 16). وإذ رأى فرعون في حلم ينذر بميلاد مُعِينْ helper عندئذ عاد يطلب مشورة أيوب من جديد، فأجابه بطريقة غامضة: "ليفعل الملك ما يسره(27)". يرى البعض أن موسى النبي التقى بأيوب أثناء تجواله في البرية قبل ذهابه إلى مصر لينقذ الشعب من عبودية فرعون. 4. يرى Levi b. Lahama ليفي ب. لاهاما أن أيوب عاش في أيام موسى الذي قام بكتابة السفر. يرى بعض الحاخامات أن أيوب كان أحد خدام فرعون الذي كان يهاب كلمة الله (خر 9: 20). 5. يرى راباRaba أن أيوب عاش في أيام الجواسيس الذي أرسلهم موسى لفحص أرض كنعان. وكان أيوب أمميًا تقيًا، أحد أنبياء الأمم. 6. يرى بعض الحاخامات أيوب إسرائيليًا، ويرى البعض أنه أحد العائدين من السبي. أيوب قصة تاريخية واقعية يظن البعض أنه من الصعب أن نقطع بما إذا كان أيوب شخصية حقيقية أم لا، ولكن لا بُد من وجود أساس واقعي للقصة، جعل لها كل هذه القوة والتأثير، فأيوب يعيش في قلوب الناس - وإن تكن لها صورة الأسطورة - لا يمكن إلا أن تكون شخصية حقيقية، وليس من طبيعة الكتّاب العبرانيين أن يستوحوا أبطال قصصهم من محض الخيال، بل يبنوها دائمًا على أسس صحيحة من الواقع. 1. حدد الموضع الذي كان فيه أيوب وهو عوص، وسنتحدث عن هذا الموقع في الأصحاح الأول. 2. حدد شخصيات أصدقائه: أليفاز من نسل عيسو (تك 36: 11)، وبلدد من نسل إبراهيم وقطورة (تك 25: 2)، وصوفر من مكان لم يحدد. وأليهو من نسل ناحور، أخ إبراهيم (تك 22: 21). 3. أما الحوار بين الله والشيطان، فقد تعرف عليه الكاتب خلال إعلانٍ إلهيٍ، كما في كثير من أسفار الأنبياء. أيوب والأسفار المقدسة مع عدم محبة بعض اليهود لشخصية أيوب، لأنه ليس من رعوية إسرائيل، إلا أنهم كأمناء على كلمة الله احتفظوا به كسفرٍ مقدسٍ، كُتب بوحي الروح القدس. أشار إليه يعقوب الرسول (يع 5: 11)، واقتبس منه الرسول بولس (1 كو 3: 19، أي 5: 13). موضعه في الأسفار العبرية القانونية، يتفق مع ما له من تقديرٍ كبيرٍ، فهو يقع في القسم الثالث، الذي يسمى في العبرية "كتبهيم" أي "الكتابات المقدسة"، والتي تعرف في اليونانية باسم "الهاجيوجرافيا" - بعد سفر المزامير وسفر الأمثال، ولكنه وُضع في الترجمة السبعينية في مقدمة الأسفار الشعرية، وهو ما سارت عليه الترجمات الحديثة. وسفر أيوب واحد من ثلاثة كتب (مع المزامير والأمثال) وضع لها علماء اللاهوت العبري (المأسورين) نظامًا خاصًا لعلامات الترقيم لإظهار سماتها الشعرية. كرم أيوب اهتم التلموديون Talmudists بشخصية أيوب وتقواه، وحسبوه أكثر البشر كرمًا. وأنه مثل إبراهيم بَنَى فندقًا في مفترق الطرق، له أربعة أبواب، كل باب من ناحية معينة، حتى لا يجد عابرو السبيل صعوبة في إيجاد مدخل إليه. كان مشهورًا بحبه وحنوه، يفتقد المرضى والمتألمين، ويهتم بالأيتام. كان كإبراهيم يعبد الله بتقوى، مقدمًا صلوات طاهرة. ومثل ملكي صادق وأخنوخ يسلك بلا لوم، بعيدًا عن كل تصرفٍ مشينٍ. بحسب الترجوم كان اسم أيوب أحد سبعة أسماء منقوشة على السبعة فروع للمنارة الذهبية. رأى بعض الربييَّن أن هذه السمات تجعله يفوق شخصية إبراهيم. لذلك حاول آخرون الكشف عن سمو شخصية إبراهيم التي تفوق شخصية أيوب. قال يوحنان زاكاي Yohanan b. Zakkai إن كل تقوى أيوب كانت صادرة عن الخوف من العقاب. وجاء في Recension R . N . أنه مع ما بلغه أيوب من كرمٍ عظيم إذ سقط في أحزان اشتكى بأنه ظُلم، وأن الله قال له: "كرمك هذا لم يبلغ بعد نصف كرم إبراهيم". يميل الأدب التلمودي إلى اعتبار أيوب مخطئًا، أو كما قيل إنه "قد تمرد" ولولا تمرده لالتزم الشعب أن يردد في صلواته: "إله أيوب"، كما يرددون: "إله إبراهيم وإسحق ويعقوب". ويرى رابا Raba أن أيوب قد أنكر القيامة . بين السيد المسيح وأيوب يقول John Howard Raven بأن سفر أيوب هو أفضل عرض درامي لمشكلة آلام الأبرار، لا يمكن مضاهاته في كل الأدب. حل المشكلة اللائق مثالي يقترب جدًا من حل العهد الجديد بطريقة واقعية. أيوب المتألم البار هو ظل للمسيح المتألم البار. والبركات المتدفقة بسبب آلام أيوب هي ظلال للبركات غير المحصية التي لآلام المسيح. يسند هذا الفكر ما ورد في يعقوب 11:5. واضح أن أيوب وهو ليس إسرائيليًا كان على دراية بالوعود الإلهية الخاصة بالخلاص والتمتع بالقيامة والمجد معه (أي 19: 25-27)، تسلمها بالتقليد الشفوي. 1. تعرض كل من السيد المسيح وأيوب في زمانه أكثر من غيره لتجارب الشيطان وانتصر عليها. 2. كل من السيد المسيح وأيوب تخلى عنه أصحابه أبان تجاربه. 3. من إجابة أيوب على أصحابه قال مشيرًا ضمنًا إلى المصالحة التي صنعها السيد المسيح. "لأنه ليس هو إنسانًا مثلي فأجاوبه، فنأتي جميعًا إلى المحاكمة. ليس بيننا مصالح يضع يده على كلينا" (أي 9: 32-33). وقد أرادت الكنيسة بتلاوتها ميمر أيوب يوم أربعاء البصخة أن تبين لنا أن المُصالح الذي تكلم عنه أيوب في السفر قد وُجد فعلًا، وهو السيد المسيح الذي بدأت آلامه بخيانة تلميذه له في يوم الأربعاء. 4. كل من السيد المسيح وأيوب انتصر في النهاية على التجربة، فيسوع المسيح صُلب ومات ولكنه قام حيًا. وأيوب قيل عنه: بارك الرب آخرة أيوب أكثر من أولاه، ومات شيخًا وشبعان أيامًا. 5. بالرغم من أن أيوب عاش العصر الأول في العهد القديم إلا إنه قدم مثلًا واضحًا عن السيد المسيح، حين قدم نفسه للخزي مستهينًا بالعار، مُضطهدًا ومرذولًا من الناس والشيطان، ثم مات ودفن وقام معلنا القيامة، وقد شفع فينا بالدم الكريم. هكذا أيوب أيضًا قدم شفاعة عن مضطهديه وقدم الذبائح عنهم. يقول Franz Delitzsch [المحتويات الحقيقية لسفر أيوب هي سٌر الصليب: صليب الجلجثة هو الحل للغز كل صليب، سفر أيوب هو نبوة عن هذا الحل النهائي .] رعرع أيوب قيل أن هذا النبات هو الذي استعمله أيوب حينما استحم وبرأ. وهو عبارة عن عشب من فصيلة النعناع الأخضر وفي حجمه وشكله وله رائحة عطرية هادئة (الريحان)، ويُجمع حزمًا في يوم الأربعاء ليستعمل في الاستحمام مع الماء لما يعتقد من خاصية الشفاء فيه. أيوب في الكنيسة القبطية تعيد الكنيسة القبطية لأيوب في أول توت تذكار شفائه من مرضه العضال بعدما استحم بالماء، وفي 2 بشنس تذكار نياحته. * تُقرأ نبواته في فترة الصوم الكبير، ويُذكر في طقس سرّ مسحة المرضى حتى لا ييأس أحد من شدة مرضه. * يذكر اسمه في التسبحة: فنصلي في مجمع قائلين: اطلبوا عنا يا صفوف الأنبياء والأبرار والصديقون، أطلب عنا أيها الصديق أيوب. اطلبوا من الرب عنا يا يواقيم وحنة ويوسف الشيخ والصديق أيوب ويوسف ونيقوديموس، ليغفر لنا خطايانا. * ويذكر اسمه أيضًا في ثيؤطوكية الأحد وفي الشيرات حيث تسبح الكنيسة قائلة: السلام لك يا مريم ثبات أيوب البار... * وفي ذكصولوجية الصوم المقدس حيث تقول: بالصوم والصلاة تراءف الله على عبده أيوب ومنحه الشفاء. * تذكار أيوب في البصخة المقدسة: يعرف يوم أربعاء البصخة باسم (أربعاء أيوب)... لأنه فيه يُتلى ميمر هذا البار الذي كان رمزًا للسيد المسيح في آلامه الشديدة وتجاربه كما بالنهاية السعيدة التي خُتمت بها حياته. وقد رتبت الكنيسة قراءة ميمر أيوب يوم الأربعاء، لأن فيه بدأ تدبير المؤامرة على السيد المسيح. وحدة السفر يعترض البعض على وحدة السفر بالآتي: 1. أن أحاديث أليهو (أصحاحات 32-37) تبدو أنها وُضعت مؤخرًا، إذ لم يُذكر أليهو في مقدمة السفر ولا في خاتمته، وأن مناقشته لم تختلف عن الأصدقاء الثلاثة لأيوب، فجاء حواره يعترض انسجام هذه القطعة الشعرية بلا معنى، خاصة وأن يهوه أجاب أيوب وليس أليهو (1:38). يرد على ذلك بالآتي: أ. لم يُذكر أليهو في المقدمة، لأنه لم يدخل في المناقشات حتى المرحلة الأخيرة. ولم يذكر في خاتمة السفر، لأن دوره كسابق ليهوه يهيئ الطريق في أذهانهم قد تحقق. ب. دان أليهو أيوب على اتهامه الله بالظلم، غير أنه حاول أن يبرر موقف أيوب (32: 33). ج. لم يكن هدفه مناقشة مشكلة الألم بالنسبة للأبرار قدر ما كان يُعد الطريق لحديث الله مع أيوب في العاصفة. د. أجاب الله أيوب لا أليهو، لأن موضوع السفر هو أيوب البار المتألم، كما لم يوجد في أحاديث أليهو ما يُدان عليه. ه. بدون حوار أليهو تكون الإجابة من العاصفة مبتورة(32). 2. يرى بعض النقاد أن ما ورد عن كوارث الأشرار (7:27 إلخ) لا موضع له في هذا المكان، إذ جاء الحديث مشابهًا لما ورد في أصحاح 20. يرد على ذلك أن الحديث متناغم مع ما جاء قبله ويجعله واضحًا. لقد أكد الأصدقاء الثلاثة عداوتهم لأيوب. فبنفسه المحطمة أراد أيوب تأديبهم على هذه العداوة الموجهة ضده بلا سبب. لقد توقع أيوب أن الله حتمًا يتدخل ليرد له موقفه. 3. ما ورد في الأصحاح 28 عن الحكمة قطع العلاقة بين الأصحاحين 28 و29، وأنه حديث غريب عما سبق فقاله أيوب، وعما يعانيه من حزنٍ ومرارةٍ. يرد على ذلك بأن الأصدقاء الثلاثة ظنوا أنهم أصحاب حكمة، فأراد أيوب تأكيد أنهم لم يقتنوا الحكمة، بل هم مستحقون التأديب الإلهي بسبب عداوتهم له الباطلة. يبرز هذا الأصحاح حال أيوب كيف كان يمر بفترات يأس مُرة، لكن يشرق عليه الرجاء في عمل الله الأكيد وخلاصه، فيمتلئ رجاءً. 4. يدعى بعض الدارسين أن افتتاحية السفر وخاتمته وُضعتا مؤخرًا في وقت لاحق للسفر. يرد على ذلك أنه بدون المقدمة والخاتمة لا معنى للحوار كله، وليس من حلٌ للمشكلة ذاتها. 5. استخف Cheyne بما ورد من أقوال القدير (ص 38-41)، خاصة وصف بهيموث (40: 15-41: 34)، كعنصر مربك في السفر لا لزوم له. ويرد على ذلك أن السفر يحمل انسجامًا وتناغمًا أدبيًا عجيبًا. وأنه إن حذفت أقوال يهوه من العاصفة تبقى مشكلة الألم بلا حل، ويفقد السفر أجمل فصل فيه. الهيكل العام للسفر أولًا: بين السماء والأرض ص 1، 2: * إن كان الله يفرح بأولاده الصالحين ويعتز بهم (1: 8)، فإن العدو بدوره لا يكف عن الشكوى ضدهم لعله يجد فرصته ليجربهم بالآلام. * يسمح الله لإبليس بذلك لكي يمتلئ كأسه ويتزكى أولاد الله. 1. أيوب قبل التجربة ثانيًا: تعزيات بشرية ص 31: 1- 5. 2. الشيطان والألم 1: 6- ص 2. جاء أصدقاؤه يعزونه، فتمررت نفسه بالأكثر، وسبّ اليوم الذي وُلد فيه، واشتهى الموت. "معزون متعبون كلكم". لم يقف الأمر عند العجز عن العزاء، إنما صاروا يدينونة ويثيرون مباحثات نظرية تحطم نفسه. ثالثًا: مباحثات نظرية حول الألم ص 4- 37 1- المباحثة الأولى 4- 14 تنتهي كل مناقشة بطلب من أيوب أن يتوب. 2- المباحثة الثانية 15- 21 تعالج كل مناقشة الألم ونهاية الأشرار. 3- المباحثة الثالثة 22- 31 مثل المباحثة الأولى. 4- أليهو الحكيم 32- 37. * الألم في ذهن أصدقائه علامة غضب الله، لذلك حسبوا أيوب إنسانًا أثيمًا مرائيًا. * استنبط أليفاز التيماني براهينه عن دروس تعلمها في حلم أو رؤيا، وبلدد الشوحي عن أمثال قديمة (8: 2- 13)، وصوفر النعماتي عن الخبرة والعقل. * دافع أيوب عن نفسه، وفي ص 21 قدم برهانًا جديدًا أن الأشرار غالبًا ما يعيشون في وسعٍ. * انتظر أليهو الشاب الحكيم إلى النهاية مظهرًا أن الألم لتأديب النفس، كما أعلن الحاجة إلى الفادي الوسيط للتبرير (33: 23- 28)، كما كشف عن سمو حكمة الله (37: 11- 13). رابعًا: الله والألم ص 38-42 * اظهر الله لأيوب جهله بأمورٍ كثيرةٍ تدور حوله، فكيف يدرك أسرار الله؟ * يحوي ص 38 معلومات لم يدركها الإنسان إلا في القرن الـ20. * أوضح الله حكمته في التجربة: 1. بها رأى أيوب الله. "بسمع الأذن قد سمعت عنك والآن رأتك عيني" (42: 5). 2. بها نال أيوب كرامة، فطلب الله من أصدقائه أن يسألوه الصلاة عنهم والشفاعة من أجلهم. 3. ردّ له البركات مضاعفة. 4. أكدّ له أن أولاده لم يموتوا. أقسام سفر أيوب 1. مقدمة ملاحظة1 -2. 2. مرثاة أيوب 3. 3. حوار شعري بين أيوب وأصدقائه 4 -31. أ- الدورة الأولى للحوار 4 -14. ب- الدورة الثانية للحوار 15 -21. ج- الدورة الثالثة للحوار 22 -31. 4. خطب شعرية يلقيها أليهو 32 -37. 5. حوار شعري بين الرب وأيوب 38 -42. أ- الرب يرد على أيوب 38 -41. ب- إجابة أيوب على الكلمة الإلهية 42: 1 -6. 6. أيوب يستعيد ضِعْفْ ما فقد 7:42 -17. أهم الآباء الذين فسروا سفر أيوب هم: 1. القديس يوحنا الذهبي الفم Jean Chryostome: Commentaire sur Job, tome 1 (ch. 1-14), tome 2 (ch 15- 42). trans. into French, by Henri Sorlin (Source Chrétienne, No 346, Paris 1988. 2. البابا غريغوريوس (الكبير)(34) Morals on the Book of Job, Oxford, London 1845, 1847 (John H. Parker J. Rivringion). 3. الأب هيسيخيوس الأورشليمي Hésychius de Jérusalem: Homélies sur Job. Vol. 1, 2. by Charles Renoux, F. Graffin. Patrolog. Orientalis, tome 42, Fascicule 1, No 190, Fas 2-191. Belgium 1983. تنيح هذا الأب حوالي عام 450م، وهو كاتب ومفسر للكتاب المقدس. بدأ حياته المبكرة راهبًا. وفي عام 412 سيم كاهنًا في أورشليم حسب قول ثيوفان المعترف. لا نعرف عنه شيًا سوى ما قيل عنه أنه فسر الكتاب المقدس كله. ويظهر مما تبقي من تفاسيره وتعليقاته أنه أخذ المنهج السكندري في التفسير، ودافع عن الإيمان الأرثوذكسي ضد الأريوسيين وأتباع أبوليناريوس وأتباع ماني وغيرهم. نُشر عمل باسم "القرون Centuries" وهو عمل نسكي تحت اسمه، غير أنه هو للأب هيسيخيوس السينائي (القرن السادس/ السابع) تعيد له الكنيسة اليونانية في 25 مارس . وُجدت ترجمات كثيرة لهذه النصوص. من وحي سفر أيوب بأي لقب أدعوك يا أيها البار؟ * عشت أمميًا بلا ناموس مكتوب، فسبقت بعذوبة تقواك كثيرين من شعب الله! لم يكن معك كتاب مقدس، ولا مرشد أو معين، لكن قلبك ارتفع ليشارك السمائيين تسابيحهم! * حياتك صارت إنجيلًا مفتوحًا، يقرأه كل إنسانٍ، فيتلامس مع حب الله للبشر. حياتك تشهد لله الذي ليس عنده محاباة، يحب كل إنسان، ويشتهي خلاص الكل! اسمك سبق الكثيرين، يُسجل في سفر الحياة. سمعت عن الله، ورأته عيناك، تُرى مَنْ مِنْ رجال الله يبلغ مقامك؟ * سيرتك هي سيرة القلب المفتوح، سيرة الأبوة الصادقة لكل إنسان! في غناك لم تغلق بابك أمام المحتاجين، وفي فقرك فتحت أبواب الرجاء لكل المجربين! * على المزبلة تمجدت أكثر من آدم أبيك في الفردوس! في حديثك مع زوجتك، لم تنحنِ للغواية كأبيك، بل جذبتها لتتنعم معك بالخيرات والبركات. * في صراعك مع التجارب المتنوعة تكللت وتمجدت. في حوارك مع أصدقائك، لم تطلب تعزية بشرية. وفي حوارك مع الله تواضعت فتمَّجدت! * لم ييأس إبليس من مقاومتك! لكنك كنت مختفيًا في صخر الدهور. تكسرت سهام إبليس، وصار في خزي! وتزكيت أمام الله، وصرت في مجدٍ! صبرك حطّم كل حيَّل العدو! * طوباك يا أيوب، صرت رمزًا لمسيحنا! جُربت وكُللت، وجُرب هو ليكللنا فيه! تخلى عنك أصحابك، وطردته خاصته خارج المحلة! شفعت في أصدقائك الذين عادوك، وشفع مسيحنا بدمه الثمين فينا ونحن أعداء! * صرت كميتٍ في مزبلة، وقمت متهللًا برؤية إلهك! ومات مسيحنا ودفن، وأقامنا معه لنرى الأحضان الإلهية. طوباك ثم طوباك يا من صرت مثالًا رائعًا عبر الأجيال. بأي لقبٍ ندعوك يا أيها البار؟ ملحق خاص بالثلاث مباحثات المباحثة الأولى 4-11 أليفاز 4-5 1. اعتمد على الخبرة وملاحظاته الشخصية ورؤيا بالليل. 2. أكبرهم سنُا: القائد والمتقدم في كل حوار. 3. هيأ الجو لأصدقائه بتقديم نظريته: يوجد ارتباط حاضر بين الخطية والألم. فالبرّ يجلب سعادة زمنية، والخطية تجلب نكبات زمنية، وقام بتطبيقها على أيوب. في مباحثته الأولى حسب آلام أيوب بسيطة تتناسب مع شروره، لكنه قدم اللوم لأيوب من أجل خطاياه العظمى: 1. كآبته (2:4-11) لشعوره بالظلم من قبل الله. 2. عدم صبره (12:4-7:59). 3. عدم توبته عن خطاياه الخفية (8:5-27). رد أيوب 6-7 * حضور الفلاسفة وعرض نظرياتهم دفعه للتساؤل عن عدل الله، دون الدخول في حوار لاهوتي. * عبَر عن ثورته الداخلية: ليس من خطية غير عادية - وإن كان يعترف بخطاياه. * توبيخه لأصدقائه على اتجاههم غير المترفق (14:6-30). * وجه نظره لله ليجدد مرثاته 1:7-21). بلدد 8 * اعتمد على التقليد البشري وحجة القدامى. * عدم مبالاته ببؤس صديقه. * استخفاف بدفاع أيوب عن شكواه. * تجاهل نقد أيوب لهم لعدم ترفقهم به. * أكد نظرية أليفاز [عدالة الله]. * ذيَّل حديثه بكلمة مختصرة مبهجة لكن بطريقة غير لائقة (20-22). رد أيوب * مثل إجابته الأولى على أليفاز قدم نفسه لأصدقائه وعندئذ وجه حديثه لله. * سخر بافتتاحية بلدد، ثم عارض بشدة خاتمة بلدد. * توجه إلى الله يشكو، مجاهدًا في الطلبة ومعاتبًا في صداقة دون تجديف. * لم يستطع الشيطان أن يدفعه من يد الله ليجدف عليه. صوفر 11 * اعتمد على الناموس القديم الحرفي. * في إجابة أيوب على أليفاز وبلدد دافع بقوةٍ عن براءته، مما أثار الثلاثة. * هنا باسم الثلاثة يدين أيوب بعنفٍ شديدٍ، متهمًا إياه بالشر. * ختم حديثه بإمكانية الإصلاح وضمان الرخاء من جديد بالتوبة. رد أيوب 12-14 * هاجم جهالة مشيريه، منتقدًا إياهم. * أبرز حق الصداقة في التعزية عوض التحطيم، لكن سرعان ما اتجه نحو الله مباشرة (20:13-21:14). * وسط هذه الاستغاثة بالله، أشرق الرجاء على نفس أيوب وراء الجحيم. واضح من إجابته هنا أن إيمانه تحدى الهاوية بروح الرجاء والنصرة. المباحثة الثانية 15-21 أليفاز 15 * خلقت المناظر السابقة الجافة جوًا من الجفاء عوض الصداقة. * نسي أليفاز الفيلسوف الأرستقراطي مبادئ الكياسة البدائية. * مارس دوره ليبرز فلسفته وحكمته ويضيف اتهامات جديدة ضد أيوب. رد أيوب 16-17 إذ كانت كارثة الإيمان تقترب، لم يعد أيوب يعطي اهتمامًا كبيرًا لهم، بل تحول من الحوار إلى الحديث مع الله، كما إليهم دون رغبة في الحوار الباطل. "معزون متعبون كلكم" (2:6). بلدد 18 حط من قدر أيوب، فحسبه مفترسًا لنفسه بالغيظ، ويدفع نفسه برجليه إلى الشبكة، ويلحق به الموت، أي يسقط تحت ويلات الأشرار. رد أيوب 19 إذ سقط تحت إحكام وحشية من أصدقائه لم يجد له ملجأ سواء الله، الصديق السماوي المتعاطف معه (23-29). صوفر 20 إذ ضرب أيوب على أوتار الحق الخلاصي كمن يود أن يثير الملائكة، إذ بصوفر في حديثه الثاني له أذنين ولا تسمعان. إنه يكمل ما قاله بلدد في تناغم، لينشدا قصيدة عن الرجل الشرير أوحيت إليهما خلال تطلعاتهما إلى المزبلة حيث وجدا الشرير أيوب - في نظرهما. رد أيوب 21 إذ أُصيب المتهمون بالعمى، لم ينظروا إخلاص أيوب وأمانته، فجحدوه وهم يتطلعون إلى كوارثه عوض إيجاد تفسير لها. لكن أيوب الآن يتحصن بالأكثر بروح الرجاء، فانفتحت عيناه ليرى أبرارًا متألمين وأشرارًا متنعمين في الحياة الزمنية، فيصعب فصلهم (26). المباحثة الثالثة 22-40 أليفاز 22 قدم في حديثه الأخير في غير حياء موجزًا لاتهاماتهم في صراحة وليس تلميحًا. فبينما يدافعون عن عدالة الله في تصرفاتهم مع البشر صاروا حلفاء إبليس، مصممين أن ذاك الذي شهد الله أن عبده الأمين، ليس مثله على الأرض، هو أداة إبليس. يطالب أيوب بالتوبة. إجابة أيوب 25-23 * فنّد أيوب أقوال أليفاز بأنها اتهام لا أساس له، ولخص ماسبق أن قاله (ص 21). * يفكر متأملًا عدالة الله غير المدركة في معاملاته معه كرجلٍ بارٍ (ص 23)، ومع الشرير (ص 24). بلدد 25 * تحاشى الدخول في حوار والرد على حديث أيوب (25:24). * عاد يكرر بلدد ما قاله هؤلاء الفلاسفة، إن الإنسان لن يتزكى إمام الله. * قدم حديثًا وقورًا، لكنه لا يمس الموضوع. إجابة أيوب 26 يجيب أيوب بقوة، مؤكدًا حكمة الله في كل طرقه. لكن أوضح أن ما نطق به بلدد إنما كأداة لإبليس وليس دفاعًا عن الله. تعليم أيوب للأصدقاء الصامتين 27-28 صمت صوفر وتعليم أيوب: فشل صوفر، وتوقف الحوار المشترك، وبدأ مع صمتهم يقدم أيوب تعليمًا، متحدثًا كمعلم. أبرز أن اتهاماتهم هي من وحي الشيطان وليست من قبل الله. |
|