منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09 - 02 - 2023, 02:33 PM   رقم المشاركة : ( 31 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,316,088

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: تفسير سفر حزقيال

تفسير سفر حزقيال


الدعوة للخدمة



إذ رأى حزقيال النبي المركبة النارية، شبه مجد الرب (1: 28)، خرَّ على وجهه علامة العجز التَّام عن اللقاء مع الله، لكن الله دعاه للخدمة مقدمًا له إمكانيات العمل وشروطه:
حينما يدعونا الله للعمل يتكفل بتأهيلنا لتحقيق المهمة، وكما يقول القديس أغسطينوس إن أوامر الله هي التي تمّكن الإنسان من القيام بعمل الله. ففي ثقة يقول خادم الله: "أنا ملآن قوة روح الرب" (مي 3: 8)فإن الله لا يُرسل أحدًا على نفقة نفسه قط أو ليحقق رسالة الرب بقدرته الخاصة، بل يهبه كل إمكانيات النجاح




1. التمتع بخبرة القيامة:

إذ شاهد النبي المركبة النارية خرَّ على وجهه في عجز تام وكأنه قد بلغ الموت، لهذا أمره الرب: "يا ابن آدم قم على قدميك فأتكلم معك" [1]. فإنه لا يمكن الحديث مع من بلغ الموت إنما يليق به أولًا أن يقوم فيتمتع بالاستماع لصوت الرب. إن كانت رسالة خدام الله الدخول بالنفوس الميتة بالخطاياإلى الحياة المقامة، فإنه بالأولى يليق بالخدام أنفسهم أن يختبروا القيامة في داخلهم. هذا ما حدث مع شاول الطرسوسي الذي كان يظن أنه قادر بنفسه وغيرته البشرية وتربيته الناموسية وإمكانياته الشخصية ومواهبه أن يخدم الله، لكنه إذ التقي بالسيد المسيح سقط على الأرض كميت وأدرك أنه لا شيء... فسمع الصوت الإلهي: "قم وقف على رجليك لإني ظهرت لك لأنتخبك خادمًا وشاهدًا بما رأيت وبما سأظهر لك به" (أع 26: 16) فقاموتمتع بالحياة الجديدة المقامة، لهذا كان يبشر الأمم "بيسوعوالقيامة" (أع 17: 18)هذه هي رسالة التلاميذ والرسل إنه "بقوةعظيمة كان الرسل يؤدون الشهادة بقيامة الرب يسوع" (أع 4: 33).

هذا والأمر الصادر للنبي أن يقوم ويقف على قدميه يحمل إشارة إلى ضرورة العمل بلا توقف، فإن الله لا يعمل في المتراخين بل في الدائمي الجهاد. فإننا بالعمل الدائم نحمل سمة إلهية كقول السيد نفسه: "أبييعمل حتى الآن وأنا أعمل" (يو 5: 17).
لقد صدر إليه الأمر أن يقف على قدميه، على أهبة الاستعداد، ليحقق رسالة مقدسة خطيرة. لقد حُرم من العمل الكهنوتي بسبب السبي، لكن الله يدعوه للعمل النبوي، ليقدم الإرادة الإلهية لشعب متمرد. ليقف في مهابة أمام الله، مصغيًا إلى صوته بكل انتباه ليحقق مشيئته.
2. العمل بروح الله:

إن كان الأمر قد صدر بالقيام، لكن كيف تستطيع الجبلة الساقطة أن تقوم؟! إنها في حاجة إلى روح الله نفسه واهب الحياة، هذا الذي يهبنا الاتحاد مع المسيح يسوع القائم من الأموات فنختبر قوة قيامته فينا.
يصف حزقيال النبي قيامته هكذا: "فدخل فيَّ لما تكلم معي وأقامني على قدميَّ فسمعت المتكلم معي" [2]. وكأنه ما كان يمكنه أن يسمع الصوت الإلهي المتكلم معه ولا أن يدخل معه في حديث الحب إلا بدخول الروح القدس إلى حياته. بهذا يتفهم الكلمات الإلهية، ويختبر العمل الإلهي، ويقدر أن يكرز ويبشر بقوة الروح!
بدأ حزقيال النبي خدمته بانفتاح السماء أمامه ليري المركبة الإلهية المرهبة، فسقط في رعدة، واحتاج إلى روح الله لكي يقيمه فيمشي على قدميه. أما السيد المسيح فبدأ خدمته بانفتاح السماء، ليدرك الحاضرون أنه الابن الوحيد المحبوب من الآب، ويعاينون روح الله القدوس حالًا عليه على شكل حمامة. إنه يفتح السماء لكي يهب مؤمنيه البنوة لله فيجدوا موضعًا في حضن الآب، وينالوا روح التبني. حزقيال النبي ارتعب لأنه خلال المركبة السماوية يتسلم النبوة عن التأديبات الإلهية، أما السيد المسيح فتهلل لأنه يعلن بعماده غفران الخطايا وتمتع مؤمنين بالعهد الجديد في استحقاقات دمه الثمين.
3. الشعور بالوكالة:

إن كان عمل الروح القدس في حياة المؤمنين بصفة عامة هو الدخول بهم إلى قيامة السيد المسيح لتصير لهم في المعمودية الحياة الجديدة على صورة خالقهم، فإن الروح ذاته يعمل في خدام الكنيسة، لينزلوا إلى حيث يرقد الناس في موت الخطيئة، وينطلقوا بهم إلى البشارة المفرحة بقيامتهم مع المسيح وتمتعهم بالحياة المقامة. هذا هو عمل الخادم... إنه عمل فوق كل طاقة بشرية، هو عمل الله نفسه وما الخادم إلا وكيل سرائر الله. هذا ما أكده الرب، قائلًا: "يا ابن آدم أنا مرسلك إلى بني إسرائيل إلى أمة متمردة قد تمردت عليَّ. هم وآباؤهم عصوا عليَّ إلى ذات هذا اليوم. والبنون قساة الوجوه والصّلاب القلوب أنا مرسلك إليهم" [3-4].

كأن الله يؤكد له صعوبة العمل، إن الأمر يحتاج إلى نزول إلى أناس متمردين قساة الوجوه وصلاب القلوب أبًا عن جد، فمن الذي ينطلق بهم إلى الطاعة عوض التمرد واللطف عوض القسوة وانفتاح القلب عوض صلابته وانغلاقه؟! إنه عمل الله نفسه، لهذا يؤكد أكثر من مرة "أنا مرسلك إليهم". إنها رسالتي وليست رسالتك، أن أعمل في القلب في الداخل، أخلقه من جديد وأهبه حياة!
هذا ما أدركه كل العاملين بأمانة في كرم الرب، فيقول الرسول بولس: "هكذا فليحسبنا الإنسان كخدام المسيح ووكلاء سرائر الله" (1 كو 4: 1)أدرك أنه مجرد وكيل يتكلم ويعمل لا بأسمه الخاص بل باسم موكله.
ويعلق القديس يوحنا الذهبي الفم على هذا القول هكذا: [يقوم الوكيل بإدارة أمور موكله حسنًا دون أن ينسب لنفسه ما لموكله، بل على العكس ينسب ما لديه لسيده... أتريد مثالًا لوكلاء مؤمنين؟ اسمع ما يقوله بطرس: لماذا تشخصون إلينا كأننا بقوتنا أو تقوانا قد جعلنا هذا يمشي؟! (أع 3: 12). وعندكرنيليوسأيضا قال: "قمأنا أيضًا إنسان"... وبولسلا يقل عنه أمانة في قوله: "أنا تعبت أكثر من جميعهم، ولكن لا أنا بل نعمة الله التي معي" (1 كو 15: 10)... وعندماقاوم الرسول أولئك الأشخاص غير الأمناء قال: "وأي شيء لك لم تأخذه؟!" (1 كو 4: 7)].
الخادم كوكيل يعمل لحساب موكله لا لحساب نفسه لهذا كان القديس يوحنا الذهبي الفم دائم الحذر من محبة المجد الباطل والمديح، لئلا يكون مغتصبًا لحق الله نفسه. في هذا يقول: "بالتأكيدسيديننا سر الكهنوت إن لم نحسن استخدامه"، كما يقول: [من يدخل عمل التبشير وبه رغبات كهذه (حب المديح) أي آلام وشدائد تلاحقه؟ إنه من الأسهل أن يكون البحر بلا أمواج عن أن يكون مثل هذا الشخص بلا متاعب أو أحزان ].

لقدخافالقديس على نفسه كبطريرك للقسطنطينية فقال: [إنيأسكب الدموع عندما أرى نفسي على كرسي فوق كراسي الآخرين، وعندما يقدم لي احترام أكثر من غيري].
ليس من عمل سفراء المسيح أن يقدموا عبارات بشرية فصيحة، ولا أن يستعرضوا انجازاتهم ويمجدوا مجهوداتهم الشخصية، بل أن ينادوا بكلمة الرب نفسه، ويدعوا إلى التوبة بروح الوداعة والاتضاع. كلمة الرب قوية وقادرة لأنه "حيثتكون كلمة الملك هناك يكون السلطان" (جا 8: 4) واللههوملك الملوك، كلمته لن ترجع فارغة بلا ثمر (إش 55: 11)
الشعوربالوكالةيعطي الخادم قوة فلا يهاب العمل مهما كان صعبًا أو بدا مستحيلًا، يعمل متكئًا على صدر الموكل مهما تكن النتائج، إذ يسمع الصوت الإلهي: "أنامرسلكإليهم... وهمإن سمعوا وإن امتنعوا، لأنهم بيت متمرد فإنهم يعلمون أن نبيًا كان بينهم" [5]. هذا لا يعني أن الله لا يعلم إن كانوا يسمعون أو يعصون لكنه ينطق هكذا حتى يترك لهم حرية الطاعة أو العصيان فلا يكون لهم حجة أنه حكم عليهم بالعصيان مقدمًا.
وكما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [لمينطق بهذا عن جهل إنما لئلا يقول أحد المعاندين إن نبوته ألزمتهم بالعصيان ].

4. الخدمة بشجاعة:

"أما أنت يا ابن آدم فلا تخف منهم، ومن كلامهم لا تخف لأنهم قريس (عوسج)
وسلاء (أشواك) لديك، وأنت ساكن بين العقارب. لا تخف من كلامهم ولا تخف
من وجوههم.
لا ترتعب لأنهم بيت متمرد" [6].
الرسالة الإلهية ليست سهلة، إذ يعمل الخادم كأنه في وسط العوسج ومحاط بالأشواك هذه التي تفسد فلاحة الله، وكمن يسكن بين العقارب يتعرض للدغات خفية. لكنه يلزم ألا يخاف الناس ولا يرتبك من كلامهم ولا من وجوههم، بل كما سبق فأوصي الله يشوع بن نون هكذا:
"تشدد وتشجع، لا ترهب، ولا ترتعب،
لأن الرب إلهك معك حيثما تذهب" (يش 1: 9).
بل حذر الله إرميا النبي من الخوف، إذ يقول له: "قم وكلمهم بكل ما آمرك به. لا ترتع من وجوههم لئلا أريعك أمامهم. هأنذا قد جعلتك اليوم مدينة حصينة وعمود حديد وأسوار نحاس على كل الأرض... فيحاربونك ولا يقدرون عليك، لإني أنا معك يقول الرب لأنقذك" (إر 1: 17-19).
كأن الله يهدد خادمه إن ارتعب ليس فقط لا يحميه إنما يقوم هو بارهابه، لأنه لا يعمل في القلب غير المتكئ عليه.
لقد قدم لنا القديس يوحنا الذهبي الفم مثلًا رائعًا للأب المملوء حنانًا حتى إنه كان يحب شعبه أكثر من نور عينيه، إن سقط أحد أولاده في خطيئة يشعر في نفسه كأنه في خطر عظيم كمن هو في سجن مظلم أو كمن حكم عليه بعشرة آلاف جلدة أو حبس في هوة عميقة، لهذا كان يصرخ في أولاده قائلًا: [لم أعد بعد أحتمل أكثر من هذا! ابسطوا أيديكم نحوي وانقذوني

ومع هذا كان صريحًا شجاعًا يتحدث بجرأة وقوة بلا خوف، إذ يقول: [إني مستعد أن احتمل كل شيء. مَن يصِر على تصرفاته ولا يسمع لتحذيري أمنعه من دخول الكنيسة كما بصوت بوق حتى وإن كان أميرًا أو إمبراطورًا، كيف أجلس على هذا الكرسي إن لم أفعل ما يليق به؟! خير لي أن أنزل عنه لأنه ليس شيء أمرّ من وجود أسقف لا يفيد شعبه].
لقد دعي الله الشعب المتمرد بالعوسج والأشواك والعقارب لا لييأس منهم الخادم أو يزدري بهم، لكن ليعرف صعوبة العمل ويتهيأ له، فيقول مع أيوب البار: "صرت أخًا للذئاب وصاحبًا لرئال النعام" (30: 29)، متذكرًا كلمات الرسول: "لكي تكونوا بلا لوم وبسطاء أولادًا لله بلا عيب في وسط جيل معوج وملتو تضيئون بينهم كأنوار في العالم" (في 2: 15)
قد يعترض البعض قائلًا: لماذا دعاهم الرب هكذا؟

فيجيب القديس إكليمنضس الإسكندري: [هذا برهان عظيم جدًا على محبته، فبالرغم من معرفته تمامًا حال العار الذي بلغه الشعب حتى طرده واقتلعه (من أورشليم) فهو يحثه على التوبة].
يتحدث الله بكل صراحة مع خدامه، مُعلنًا لهم صعوبة رسالتهم، فإنهم في كل جيل يجدون المقاومين للحق؛ وعليهم أن يستعدوا لاحتمال الآلم والاضطهاد، مدركين أن الله يهبهم نعمة ليقووا على مواجهة التيارات المضادة، ليعلم الخادم أن طريق الخدمة ليس مفروشًا بالورود، بل هو طريق الصليب الضيق، والذي ينتهي حتمًا ببهجة القيامة. إلهنا لم يخدعنا، لكنه يكشف لنا في وضوح صعوبة الطريق وكربه.
يقول الله: "وتتكلم معهم بكلامي إن سمعوا وإن امتنعوا لأنهم متمردون" [7] وكأن رسالته تنصب في تقديم كلمة الله كما هي؛ قد يسمعوا فيتوبوا، وقد يمتنعوا عن الاستجابة للصوت الإلهي... فليكن. فإن نجاح الخادم يكمن في أمانته في تقديم كلمة الرب كما هي، أي أمينًا في الوديعة الإلهية.

5. الاهتمام بحياته الخاصة:

مع أن الله اختاره للعمل النبوي وهو يعلم قلبه وجهاده لكنه يحذره، قائلًا: "لاتكن متمردًا كالبيت المتمرد" [8]. لقد خشي عليه لئلا وهو يكرز للشعب بالطاعة يسقط هو معهم في التمرد بدلا من أن يقيمهم. وكأن الله أراد أن يؤكد لخادمه ألا ينسي خلاص نفسه وحياته الروحية أثناء خدمته، لأن كثيرين فقدوا سلامهم وخلاصهم أثناء غيرتهم البشرية وتعبهم في الخدمة. لهذا السبب يقول الرسول بولس: "أقمع جسدي وأستعبده حتى بعدما كرزت للآخرين لا أصير أنا نفسي مرفوضًا" (1 كو 9: 27).
هذا ما دفع القديس يوحنا الذهبي الفم وقد ذاب قلبه حبًا من أجل الخدمة أن يكون يقظًا لا من أجل خلاص إخوته فحسب وإنما لأجل خلاص نفسه أيضًا
إذ يقول: [إن كلامي أكثر فائدة لحياتي من الذين يسمعونني

كما يقول: [إني أعرف خطورة هذه الوظيفة وصعوبة عملها والزوابع الشديدة التي تجتاح نفس الكاهن فإنها أقسى من الزوابع التي للبحر اضطرابًا ].
6. التمتع بخبرة كلمة الله:

"افتح فمك وكلّ ما أنا معطيكه. فنظرت وإذا بيد ممدودة إليَّ
وإذا بدرج سفر فيها، فنشره أمامي وهو مكتوب من داخل
ومن قفاه وكُتب فيه مراث ونحيب وويل" [8-10].
موضوع عمله هو "كلمة الله" التي ينبغي على الخادم أن يأكلها فتشبع بها أعماقه الداخلية، وتكون موضوع تفكيره المستمر، بل ويختفي فيها، فلا يقدم شيئًا من ذاته بل يقدم ما هو لله.
أكل الكلمة يعني دخولها إلى أعماقه، تتحول في حياته إلى دم يسري في عروقه. وكأنه يمتزج بها، ويحسبها حياته! يأكلها ويعيش بها ليقدمها للآخرين بتقديم حياته الإنجيلية رسالة مقروءة من جميع الناس.
لقد اعتاد القديس يوحنا الذهبي الفم أن يقدم من مائدة الكتاب المقدس لشعبه غالبًا كل يوم، معطيًا اهتمامًا خاصًا بالكلمة الإنجيلية الرسولية، ففي إحدى عظاته يقول:
[قد سمعتم الصوت الرسولي!
إنه بوق سماوي! هو قيثارة الروح!
نعم. إنقراءة الكتب المقدسة هي روضة،
بلي، هي فردوس أيضًا لا يقدم زهورًا عطرة فحسب، بل وثمارًا تقدر أن تقوت النفس...!
نحن نشبه أناسًا يصهرون ذهبًا مستخرجًا من المناجم الرسولية لا بإلقائه في فرن، بل بإيداعه في أذهان نفوسكم، لا بإشعال نار أرضية بل بالتهاب الروح.

فلنجمع منه أجزاء صغيرة بجد واجتهاد... فإن اللآلي لا تُقيَّم حسب حجمها بل بجمال طبيعتها].
لقد تسلم كتابًا مكتوبًا من الخارج ومن الداخل، ربما قصد أن كلمة الله معلنة من الخارج بالحروف على ورق لكن يحتاج الأمر إلى عمل الروح القدس الذي يكشف في القلب الكتابة التي في الداخل، أي المفهوم العميق الداخلي. وربما أيضا قصد أن هذا الكتاب يحوي من الخارج خطايا الشعب ومعاصيهم بينما في الداخل يحمل تأديبات الله لتوبتهم.
أما الكتابة فكما جاء في الترجمة السبعينية: "مراث وتسبحة وويل" [10] وفيما يلي بعض تعليقات الآباء على هذه العبارة:
*الكتاب كله مملوء ويلًا على الهالكين، وتسبحة من أجل المخلصين، ومراث على الذين بين الاثنين (أي الذين في طريق التوبة).
العلامة أوريجانوس

*جاءفيه أمران محزنان وواحد مفرح، فإن من يبكي في هذا الزمن كثيرًا يخلص في المستقبل، لأن "قلبالحكماء في بيت النوح وقلب الجهال في بيت الفرح" (جا 7: 4)وكمايقول الرب نفسه: "طوباكم أيها الباكون الآن لأنكم ستضحكون" (لو 6: 21).
القديس أمبروسيوس
* كتب فيه مراث وتسبحة وويل. أولي هذه الثلاث تخصك إن كنت كخاطئ تتوب عن خطاياك، والثانية تخص القديسين الذين يدعون للترنم مسبحين الله، لأن التسبيح لا يكون في فم الخطاه، والثالثة تخص الذين هم في يأس مثلك وقد أسلموا أنفسهم للنجاسة والزنا والنهم والشهوات الدنيئة، أناس يظنون أن الموت هو نهاية كل شيء، وأنه ليس بعد الموت شيء آخر، الذين يقولون: "السوط الجارف إذا عبر لا يأتينا" (إش 28: 15).
الكتاب الذي يأكله النبي هو كل مجموعة الكتب المقدسة التي تجعل التائب ينتحب والبار يكرم ويعطي ويلًا لليائس.
القديس جيروم

من وحي حزقيال 2


مشتاق أن أعمل في كرمك ‍‍‍‍‍‍‍‍‍


*كشفت عن سمواتك لحزقيال نبيك فاشتاق أن يخدمك،
اكشف لي عنها فأعمل بجدية في كرمك.
سمواتك مفرحة ومبهجة،
العمل معك صليب ثقيل، لكنه مفرح ومبهج للغاية‍‍‍
ما أعزب العمل معك،
فإنك تعلن ذاتك للعاملين بك ومعك.
*أرسلت نبيك إلى شعب عنيد جدًا،
لكن روحك أقامه لكي يقيم كثيرين،
هب لي روح القيامة فلا أخاف الموت
لقد دب الموت فيّ وفي إخوتي،
لكنك أنت هو القيامة بعينها
أرسلته إلى شعب عنيد،
وخشيت لئلا يتسرب العناد إليه.
احفظني لئلا في خدمتي أضعف وأسقط

احفظني بنعمتك واحفظ شعبك.
*ماذا أقدم لإخوتي:
ها أنا أفتح فمي لتمد يدك بالسفر،
آكلُه واستعذبه يا عذوبة نفسي
ما هذه اليد الممتدة إلا تجسدك وتأنسك،
أعطيتني جسدك أيها الكلمة لأتناوله.
*كلمتك فيها عذوبة ومرارة:
اجعلها عذبة بنعمتك، إذ اقتني وعودك الإلهية.
هب لي أن أقبل تاديباتك مرارة وقتية لاصلاح نفسي وبنيانها أبديًا.

  رد مع اقتباس
قديم 09 - 02 - 2023, 02:55 PM   رقم المشاركة : ( 32 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,316,088

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: تفسير سفر حزقيال

تفسير سفر حزقيال


نبوات ضد فرعون مصر




الأصحاحات الأربعة (29-32):

ترك النبي فرعون مصر في النهاية ليفرد أربع أصحاحات يقدم فيها نبوات ومراثي عن فرعون مصر في تشبيهات كثيرة وبتوسع لسببين: الأول أن مصر في ذلك الحين كانت صاحبة سلطان ضخم، فالنبوة ضد فرعون مصر تحمل نبوة ضد العالم الوثني بأجمعه. والثاني أن يهوذا اتكل على فرعون مصر لينقذه من يديْ ملك بابل فتحطم، فصار فرعون مصر رمزًا للاتكال على الذراع البشري عوض التوبة والرجوع إلى الله.

في الأصحاح 29 تحدث عن خطية فرعون مصر "الكبرياء".

في الأصحاح 30 تنبأ ضد فرعون مصر بانهزامه أمام بابل.

في الأصحاح 31 شبه فرعون مصر بالأرز المتشامخ يقطع ويطرح في الهاوية.

وفي الأصحاح 32 قدم مرثاة على فرعون، التمساح الذي أهلكه ملك بابل.


1. فرعون التمساح الكبير:

يحدد حزقيال النبي هذه النبوة بالسنة العاشرة من السبي، حيث قدم فرعون بجيوشه نحو أورشليم ليخلصها من الحصار. لم يسمع رجال يهوذا لتحذيرات إرميا ولا حزقيال، واتكاؤا على فرعون ضد بابل، وقاموا بثورة ضد بابل، وخرج فرعون مصر ينقذهم من بابل... الأمر الذي أدَّى إلى تدمير المدينة فيما بعد وقتل الكثيرين.
لقد قدم الله التشبيه المناسب، إذ كانت صور جزيرة غنية بتجارتها، معتزة بتجارها، شبهها بالسفينة الثمينة بمواد بنائها وشحنتها، والكاملة في طاقمها وحراسها، أما فرعون مصر فيعتمد مع رجاله على نيل مصر الذي جعل مصر خصبة، لهذا شبهه بالتمساح الكبير الرابض في وسط أنهاره [3] فقد اشتهر نهر النيل بالتماسيح.
دعا الله فرعون "التمساح الكبير" ربما لأن المصريين قد عبدوا التماسيح فصاروا تماسيح، ودعي ملكهم "التمساح الكبير". من يعبد الحجارة يصير حجرًا، ومن يعبد الباطل يصير باطلًا، ومن يعبد الله الحق يصير "حقًا" ويتمتع بشركة الطبيعة الإلهية.
خطيئة صور هي استغلالها سقوط يهوذا واغتنامها بطمع هذه الفرصة، أما خطيئة فرعون فهي الكبرياء، إذ كان بجيشه القوي يظن أنه قادر أن يفعل كل شيء، "الذي قال: نهري لي وأنا عملته لنفسي" [3]. يقال إنه قصد به فرعون خفرع الذي افتخر بأمرين أنه صانع بيديه ما هو فيه من قوة وأمان، وأن هذا إنما لأجله هو. لقد أقام "الأنا" إلهًا، هي الصانعة للنهر سر خصوبة مصر وعظمتها، ولأجل نفسها صنعت ذلك. يروى المؤرخ هيرودت Herodotus عن هذا الملك أنه ملك في رخاء عظيم لمدة خمسة وعشرون عامًا وقد ارتفع قلبه بسبب نجاحه قائلًا إن الله نفسه لا يقدر أن ينزعه من مملكته. تحدث إرميا النبي عن هذا الكبرياء هكذا: "من هذا الصاعد كالنيل كأنهار تتلاطم مياهها؟! تصعد مصر كالنيل وكأنهار تتلاطم المياه، فيقول أصعد وأغطى الأرض، أهلك المدينة والساكنين فيها" (إر 46: 7-8).
ماذا يفعل الله مع هذا التمساح المتكبر الذي يظن أنه خالق النهر لحساب ذاته؟!
يقول: "أجعل خزائم في فكيكَ،
وألزق سمك أنهارك بحرشفك، وأُطلعك من وسط أنهارك، وكل سمك أنهارك ملصق بحرشفك.
وأترك في البرية أنت وجميع سمك أنهارك.
على وجه الحقل تسقط فلا تجمع ولا تُلمّ.
بذلتك طعامًا لوحوش البرية ولطيور السماء" [4-5].
إذ ظن بكبرياء قلبه أن ما فيه من قوة ورخاء إنما هو صنعة يديه، لهذا يحرمه من هذه النعم، ويطرده من وسط أنهاره، ليموت كما تموت السمكة خارج المياه. وإذ ظن أن كل شيء إنما خلق لخدمة ذاته، يعمل الكل لخدمته لحسابه، لهذا يُلقى في البرية، يموت وليس من يسأل عنه ولا من يدفنه، يصير فريسة لوحوش البرية وطعامًا لطيور السماء! وإذ جمع حوله الكثيرين يحتمون به أو يحاربون معه يصيرون كالسمك الملتصق بحراشيفه، سواء كانوا أممًا أو قوادًا، أو مركبات أو جيشًا، ينالون نفس مصيره. هكذا يفقده الكبرياء خيراته وكرامته بل وحياته، ويذل حتى الملتصقين به المتكلين عليه. وقد قيل إن فرعون هذا خرج ليُحارب أهل القيروان الذين طردوا صديقه أريكيوس Aricius ملك ليبيا، ويرده إلى ملكه، لكن المصريين ثاروا عليه في غيبته فلم يعد هو ولا قواده إلى مملكته وألقى في البرية معهم.
هذا هو عمل الكبرياء في حياة واحد ينتسب إلى أكبر طغمة سمائية (إبليس) الذي فقد بكبريائه السماء ليسقط إلى الهاوية، وعوض الصداقة الإلهية دخل في العداوة مع الله، وعوض المجد السماوي دخل إلى الذل الدائم، تحطم وحطم معه كثيرين من ملائكته وأيضًا من البشريين! بذات الداء، سقط أبوانا الأولان من الفردوس وحُرما من الوجود الدائم في الحضرة الإلهية وورَّثا نسليهما كل تعب وشقاء! لقد طُردنا من نهر الحياة، وألقينا في برية هذه الحياة لنموت روحيًا ونصير غنيمة لكل وحوش البرية (شيطان الظلم والقسوة) وطيور السماء (شيطان الكبرياء).
عاد ليشبه فرعون مصر بعكاز قصب لبيت إسرائيل [6]، فهو كالعصا لكنها من القصب (البوص) إذ يتكئ عليها الإنسان تنكسر، أما المتكئ عليها فيتمزق كتفه ويضعف. عوض أن تسنده تحطم طاقاته، كقول إشعياء النبي: "فإن مصر تعين باطلًا وعبثًا لذلك دعوتها رهب الجلوس" (إش 30: 7) لقد شجع فرعون مصر صدقيا الملك ليثور ضد بابل ويخون العهد ويحنث بالقسم، فضاع حزقيا وتحطمت أورشليم وكل مدن يهوذا وانهزم فرعون.
ومما يُلاحظ هنا أن تأديب فرعون والسمك الملتصق بحراشيفه كان بتركهم يموتون في البرية لتأكلهم وحوش البرية وطيور السماء، هذه أبشع ميته يكرهها المصريون الذين كانوا يخافون على الجثمان، وبنوا السراديب لحفظها حتى متى عادت الروح تلبس جسمها مرة أخرى.
2. تأديب مؤقت:

ظن فرعون في كبرياء قلبه أنه صانع النهر العظيم، وأنه المدافع عن الأمم المحيطة به، فإذا بالرب يجلب عليه سيفًا فيستأصل الإنسان والحيوان. بالكبرياء يفقد الإنسان إنسانيته "حياته الفكرية"، وأيضًا حيوانيته "حياته الأرضية"، يفقد ما هو للعقل والجسد معًا. أما حدود هذه الخسارة فهي خسارة كاملة ممتدة من الشمال "مجدل" إلى الجنوب
"أسوان" على حدود كوش.
"مجدل migdol" اسم سامي معناه "برج"، غالبًا مدينة محصنة على تخوم مصر الشمالية الشرقية تجاه فلسطين، حاليًا تل الهير Tell-el-Her، تبعد 12 ميلًا غرب البلسم. وهي على الطريق الذي عبر منه اليهود أثناء خروجهم من مصر.
أسوان، كانت بالمصرية Sewen، على الضفة الشرقية من النهر على الحدود الجنوبية لمصر. يُقابلها من الجانب الآخر "جزيرة الفيلة". كانت مصدرًا للجرانيت لإقامة التماثيل المصرية، كما كانت مركز دفاع قويًا على الحدود الجنوبية.
أما كوش، فغالبًا ما يقصد بها "أثيويبا" أو "الحبشة" وهنا يقصد بها بلاد النوبة.
إذن تأديب فرعون مصر تأديب شامل، فتصير أرضه خرابًا لا يسكنها إنسان أو حيوان، ممتد من أقصى الجنوب، لكنه في نفس الوقت مؤقت ولمده محددة (40 عامًا)، على عكس بقية الأمم إذ صدر الأمر أن يكون التأديب أبديًا.
إنه يشتت المصريين ويبددهم إلى حين، ربما كان هذا إشارة إلى ما تحمله مصر في قلب الله من دالة بعد قبولها الإيمان بالسيد المسيح، إذ يقول في إشعياء النبي: "هوذا الرب راكب على سحابة سريعة وقادم إلى مصر... فيُعرف الرب في مصر، ويعرف المصريون الرب في ذلك اليوم ويقدمون ذبيحة وتقدمة، وينذرون للرب نذرًا يوفون به" (إش 19).
إنها تقضي أيام وثنيتها كمن هي في البرية تائهة لتعود إلى الإيمان بالله مخلصها وتتعبد له.
3. عودة وإصلاح لمصر:

لقد أعطى الرب لفرعون مصر درسًا هذا الذي أثار ملك يهوذا وجعله لا يسمع لصوت الأنبياء، فبدلًا من أن يسنده صار هو وشعبه مشتتًا أربعين عامًا، ثم أعاد مملكة مصر إلى أرض فتروس Pathros [14]، وهي كلمة مصرية تعني "أرض الجنوب". يقصد بفتروس صعيد مصر، مقابل "مصر السفلى والوسطى"، وقد كان الوجه البحري أو مصر السفلى أكثر شهوة من مصر العليا أو صعيد مصر. ويلاحظ أنه بعد أن أسر نبوخذنصَّر أورشليم استوطن بعض اليهود فتروس (إر 44: 1-2، 15).
كأنه يقصد بعودة المملكة إلى "فتروس" أي ضعفها وعدم إمكانيتها للحرب ومساندة الآخرين، فلا تعود بعد إلى كبريائها، ولا تخدع شعب الله بكونها سندًا لهم ضد بابل.
4. تسليمه لملك بابل:

أخيرًا عوض الدفاع عن يهوذا يسقط فرعون مصر في قبضة ملك بابل، يأخذ ثروته ويغتنمه غنيمة وينهبه. يسلمه الرب لملك بابل مجازاة له على ما فعله مع صور. لقد اغتنمت صور أورشليم ونهبتها، فأثار الله بابل ضدها، وإذ حطم صور كافأها بثروة فرعون. لقد هاجم نبوخذ نصَّر مصر في السنة السابعة والثلاثين من ملكه (568-567 ق.م) ونال الكثير منها لكنها لم تصر ضمن مملكته.
أما الموضوع الرئيسي فهو ليس مكافأة ملك بابل الذي أهلك صور الشامتة بأورشليم، إنما ما يشغل ذهن الله أن يقيم قرنًا (أي قوة) لخلاص شعبه [21] ويفتح فم نبيه في وسط الشعب ليعلن عن هذا الخلاص بروح الرجاء والفرح، إذ يقول: "وأجعل لك فتح الفم في وسطهم فيعلمون أني أنا الرب" [21].
من وحي حزقيال 29

نهري لي، أنا عملته لنفسي!


* يعتز فرعون مصر بنهر النيل،
فيحسبه نهره الذي عملته يداه لنفسه!
ما أعجب الإنسان الذي ينسب لنفسه ما هو لإلهه،
عوض الشكر والتسبيح لله خالق العالم لأجله،
يظن في نفسه إلهًا!
* أدَّبت مصر إلى حين،
وأتيت إليها يا مخلص كما بسحابة خفيفة!
حطمت أوثانها وأقمت مذبحك في وسطها!
* لتسرع يا مخلص إلى نفسي!
لتهتز أوثان قلبي أمام حضرتك!
ولتقم مذبحك الإلهي في داخلي!
* انزع عني الجحود وعلمني الشكر!
نهر النيل هو من عمل يديك!
عطاياك أكثر من أن تحصى!
ماذا أرد لك يا رب من أجل كثرة إحساناتك؟!
.

  رد مع اقتباس
قديم 09 - 02 - 2023, 03:11 PM   رقم المشاركة : ( 33 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,316,088

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: تفسير سفر حزقيال

تفسير سفر حزقيال


انهزام فرعون مصر أمام بابل



في هذا الأصحاح تحدث عن الهزيمة التي لحقت بفرعون مصر الذي ظن أنه قادر على إنقاذ يهوذا. كانت هزيمته على مستوى عالمي حطمت نفسيته وأضاعت ثروته، وأخيرًا فقد ذراعيه.


1. التحطيم النفسي لفرعون:

حينما طلب الرب من حزقيال النبي التنبؤ ضد فرعون مصر، لم يوجه الدعوة إلى فرعون أن يولول ولا إلى كل شعب مصر. إنما وجهها دعوة عامة إلى العالم الوثني كله، بكون فرعون مصر يمثله في ذلك الحين، فيقول "ولولوا يا لليوم" [2]. ودعا يوم فرعون "يوم الرب"، لأنه تأديب من قبل الرب لجميع الأمم.! لهذا قيل: "من صوت سقوطه أرجفت الأمم عند إنزال إياه إلى الهاوية مع الهابطين في الجب" (31: 16)، "يرجفون (ملوك شعوب كثيرة) كل لحظة، كل واحد على نفسه في يوم سقوطك" (32: 10). هكذا يدوي خبر سقوطه في العالم كله، وترتجف له كل الخليقة.
ومما يجب ملاحظته أن فرعون هنا يشير إلى "الشيطان" بكونه المحرض على عصيان الكلمات النبوية، الذي يظن في نفسه أنه صاحب سلطان قادر أن يسند الكثيرين. وقد تحدثنا عن فرعون كرمز للشيطان أثناء دراستنا لسفر الخروج في مقاومته لموسى النبي وهرون.

وكما يقول العلامة أوريجانوس: [في رأيي أن بعض أسماء الشعوب أو الملوك التي نقرأ عنها في الكتاب المقدس تخص بلا شك الملائكة الأشرار أو السلاطين المضادة مثل فرعون ملك مصر ونبوخذنصَّر ملك بابل وأشور ].
إن كان فرعون - كرمز للشيطان - يظن في نفسه أنه صاحب سلطان تلجأ إليه الأمم الأخرى وتحتمي فيه، فإن الله يعلن هزيمته النفسية، وتحطيمه بالخوف. لقد جعل يومه "يوم غيم" [2]. فالغيم أو السحاب كما سبق فرأينا علامة المجد الإلهي، يغطى الجبل المقدس أو الخيمة المقدسة أو الهيكل إعلانًا عن دخول الإنسان في أسرار غير منظورة لا يمكن إدراكها، أما بالنسبة للشيطان أو فرعون فالسحاب يمثل حالة من الظلمة، من خلالها لا يقدر أن يتصرف ولا يعرف ماذا يفعل. إن كان قد ظن نفسه قائدًا، فإنه في الظلمة يسلك فيعثر ويتعثر معه الملتصقون به والمحتمون تحت جناحيه. لهذا يقول: "في ذلك اليوم يخرج من قبلي رسل في سفن لتخويف كوش المطمئنة، فيأتي عليهم خوف عظيم كما في يوم مصر، لأنه هوذا يأتي" [9]. إن أقرب دولة له هي "كوش" التي ربما قصد بها النوبة، وأيضًا بعض مناطق في آسيا. على أيه الأحوال ملأ الرعب قلب فرعون، بل وقلب أقرب مملكة له كانت تحتمي تحت ظله، فماذا يكون مصير الأمم الأخرى البعيدة؟! الذي أرعبهم هو الرب نفسه: "يخرج من قبلي رسل في سفن لتخويف كوش المطمئنة" لأنها تركت الرب ولجأت إلى فرعون.
بسقوط فرعون ورعبه، "يسقط معه كوش (النوبة أو أثيوبيا) وفوط ولود وكل اللفيف وكوب وبنو أرض العهد" [5].
سبق لنا الحديث عن كوش وأيضًا فوط ولود (حز 27: 10)، وأما قوله "كل اللفيف" ويترجمها البعض "الشعب المختلط" والآخر "العربية"...
أما كوب فيرى البعض أنها لوب (ليبيا)، غالبًا شعب سكن في شمال شرقي أفريقيا، وجاءت الترجمة السبعينية: "الليبيون" "بنو أرض العهد" يقصد بها االبلاد التي دخلت مع فرعون في عهد لحمايتها خاصة من هجوم ملك بابل.
لا بُد من أن ينحط كبرياء إبليس بالكامل في كل مملكته، من أقصى الشمال (مجدل) إلى أقصى الجنوب (أسوان) [6]، وينهار مع كل أعوانه والمرتبطين به: "فيعلمون أني أنا الرب عند إضرامي نارًا في مصر ويكسر جميع أعوانها" [8].

2. تحطيم ثروة فرعون:

مقابل الكبرياء والعجرفة، حل الخوف والرعدة بفرعون وكل الدول المحيطة به والمحتمية فيه. وعوض غناه وثروته قائلًا: "نهري لي وأنا عملته لنفسي" (29: 3، 9)، تصير الأنهار يابسة [12]. وعوض ملكه وسلطانه يسلم أرضه للأشرار الغرباء [12]. عوض الطمأنينة والراحة يضرم الرب نارًا وتفقد مملكته رجاءها، إذ تخسر شبابها في الحرب، وبناتها في السبي! كان يظن في نفسه إلها، هوذا تتحطم أوثانه وعبادته [13].
لا بُد لمملكة إبليس أن تنتهي، تزول مهابته وخشيته المخادعة، وتنهار كل إمكانياته ويلقى في النار الأبدية مع كل الذين تبعوه واحتموا به.

ستتحطم كل مراكز القوى التي كانت تعمل لخدمته تحت سلطانه، والتي رمز إليها بالمدن المصرية الحصينة المذكورة هنا، أهمها:
أ. نوف Noph: "هكذا قال السيد الرب: وأبيد الأصنام وأبطل الأوثان من نوف، ولا يكون بعد رئيس من أرض مصر، وألقى الرعب في أرض مصر" [13]. حينما أراد أن يتحدث عن إبادة كل سلطان لفرعون (رمز الشيطان) ونهاية مملكته فلا يظهر بعد منه رئيس، اختار "نوف" (بالعبرية) التي هي بالمصرية "منيفي" أو "مينفري" وباليونانية "ممفيس" خœخ*خ¼د†خ¹د‚ وتعتبر أشهر مدينة في مصر، أقامها مينا عندما وحَّد الوجهين البحري والقبلي، وصارت عاصمة مصر القديمة، لا تُضاهيها في الحجم والأهمية سوى طيبة حتى أقام اليونان مدينة الإسكندرية كعاصمة.
تبعد ممفيس حوالي 10 أميال جنوب القاهرة بجوار ميت رهينة. كانت قصور الملوك تقام داخل العاصمة ممفيس أو بجوارها، كما أقيمت الأهرامات بجوارها على بعد 12 ميلًا جنوب مركز خرائب ممفيس، فيها يدفن الملوك.
بعد إقامة الإسكندرية صارت ممفيس في المركز الثاني، وكانت تزدحم بالسكان حتى دخول العرب مصر فخربت بسرعة. نمو الفسطاط والقاهرة قام جنبًا إلى جنب مع خراب ممفيس حيث نقلت الحجارة من ممفيس ومواد البناء.
كان عجل أبيس تفسير سفر حزقيال تفسير سفر حزقيال تفسير سفر حزقيال تفسير سفر حزقيال يُعبد في ممفيس كمقدس للإله بتاح تفسير سفر حزقيال تفسير سفر حزقيال تفسير سفر حزقيال ، الإله الرئيسي للمدينة "إله النار".
ب. فتروس [14]: قلنا إنها "أرض الجنوب" يقصد بها صعيد مصر كما يُبيد الأوثان من منوف في مصر السفلى، هكذا يُخرب مصر العليا.
ج. صوعن [14]: على الضفة الشرقية من الدلتا، بنيت بعد حبرون بسبع سنين (عد 13: 22). أشير إلى حقول صوعن في (مز 78: 12، 43) بكونها الموضع الذي فيه تمت العجائب المرتبطة بخروج بني إسرائيل من مصر وذكرت في (إش 19: 11، 13؛ 30: 4) ربما بكونها عاصمة مصر. كانت معروفة باسم "افرس Avaris" كعاصمة للهكسوس؛ أهملت بعد طردهم، لكن أعيد الاهتمام بها في العهد الرعمسيسى، أيام حكم سيتي الأول، ورمسيس الثاني، وحملت اسم "رعمسيس" (خر 1: 11)، أما اسمها اليوناني فهو "تانيس"، حاليًا تُسمى "صا الحجر".
د. نو No:يقول إن الله يجري أحكامه على نو ويستأصل جمهورها [15].
نو، نو آمون، آمون نو: اسم مصري معناه مدينة آمون. وهو أكبر آلهة مصر خاصة ابتداء من الأسرة السابعة عشر. (كلمة آمون بالمصرية تعني المختفي أو المحتجب، وبالعبرية تعني آمين أو الصانع).
تقع نو آمون، التي هي مدينة طيبة، في صعيد مصر، 400 ميلًا جنوب ممفيس على ضفتي النيل. أعطاها أحمس أهمية كبرى بطرده الهكسوس وتحرير مصر وإعادة توحيدها ووضع حجر الأساس للإمبراطورية المصرية التي بنتها الأسرتان 18، 19. واعتنى خلفاؤه بالمدينة فازدادت روعة وفخامة. كان لها مئة بوابة، وكان كاهنها - كاهن آمون - يعتبر الرجل الثاني في الدولة. وحتى حينما صارت ممفيس فيما بعد عاصمة لمصر بقيت لطيبة أهميتها بسبب عبادة الإله آمون وما احتوته من غنى في الهياكل والمباني والمسلات. وفي القرن السابع ق.م. إذ وصل إليها آسر حدون الفاتح السوري سنة 671 ق.م. وابنه آشور بانيبال سنة 664 ق.م. فتحها واحتلها (نا 3: 8) لكنه لم يقضِ عليها تمامًا. ولما تزعمت ثورة مصر العليا ضد الرومان، دمرتها الجيوش الرومانية فصارت مجموعة من الآثار. ولا تزال تشهد تلك المنطقة في الأقصر والكرنك والقرنة وهيبو ومقابر الملوك والدير البحري إلخ... بعظمة تلك الآثار التي تشد أنظار العالم كله كمتحف لأعظم حضارة بشرية شاهدها التاريخ.
ه. سين Sin: وأسكب غضبي على سين حصن مصر [15]: "سين تتوجع وجعًا" [16]. وهي المدينة الوحيدة التي وضعت تحت تصرف أشوري قامت بلا شك في موضع البلسم لتحفظ أبواب مصر مفتوحة أمام الملك الأشوري.
سميت حصن مصر إذ جرت عندها مواقع كثيرة. موقعها الآن تل الفرما على بعد 20 ميلًا شمال شرقي القنطرة.

و. آون: "شبان آون وفيبسته يسقطون بالسيف، وهما تذهبان إلى السبي" [17].
مدينة آون On Aven، بالمصري "إنو" وباليونانية "هيليوبوليس". كرسي إله الشمس رع Ra. حاليًا تل حسن أو عين شمس، تبعد سبعة أميال شمال شرق القاهرة، فيها وجد بيت حمى يوسف (تك 41: 45، 50).
معبدها له أهمية كبرى، أحبه الملوك، وكان كهنته أكثر الكهنة علمًا، لهذا وجد تقليد بأن أفلاطون وكثيرًا من الفلاسفة اليونان درسوا في هيليوبوليس.
كأن الله أراد أن يعلن بأن شباب هذه المدينة صاحبة العلم يسقطون بالسيف وينتهي كيانها، فإن العلم بغير الإيمان لا يبني النفس.
ز. فيبسته أو فيبسث: اسم مصري معناه "بيت الإلهة باست". (بي بستيس)، اسمها اليوناني "بوباستس". حاليًا تسمى تل بسطة، بجوار الزقازيق شرق الدلتا.
ح. تحفنحيس: "ويظلم النار في تحفنحيس عند كسرى أنيار مصر هناك وتبطل فيها كبرياء عزها" [18]. وهي المدينة التي التجأ إليها بعض اليهود حين هربوا إلى مصر بعد قتل جدليا (إر 43: 7). تسمى باليونانية "دفنة"، حاليًا "تل دفنة" على بعد 10 أميال غربي القنطرة، جاءت في الترجمة السبعينية "تفنيس"، أما معناها فهو "حصن أو قلعة بناحس Penahse." كان بناحس غالبًا قائدًا صاحب سلطان من طيبة، عاش في القرن 11 ق.م، قام بثورة في الشمال، فنشأت عدة مدن تحمل اسمه.
يذكر هيرودت أن تحفيس كانت قلعة مصر من الجانب الأسيوي، وأن اليونان حرسوها. وجد في آثارها الكثير من الأواني الفخارية اليونانية وأيضًا أسلحة حديدية ورؤوس سهام من النحاس والحديد تحمل طابعًا يونانيًا، هذا بخلاف الكثير من الآثار التي تشهد أنها كانت طريق تجارة ضخم.
3. تحطيم ذراعي فرعون:

إذ تحدث عن الخراب الذي حل بمدنه الحصينة بدأ يتحدث عن ذراعه كيف أصابها جرح مميت لا يُمكن شفائه، فلا يعود يقدر أن يحمل سلاحًا لا للدفاع عن نفسه ولا عمن احتموا فيه. في نفس الوقت يشدد الله ذراعي ملك بابل ويجعل السيف في يده لتأديب فرعون مصر فتسقط يداه ويشتت شعبه!
هذه صورة للعمل الشيطاني المقاوم للتدبير الإلهي إذ ينتهي بالفشل الكامل، مهما ظهر في البداية ناجحًا.
من وحي حزقيال 30

نار في مدينة النار!

* عبد المصريون الإله تباح في ممفيس مدينة إله النار!
وظن فرعون أنه الرجل الناري،
صاحب السلطان، تلجأ إليه الأمم فيحميها.



هوذا الرب يجعل يوم فرعون يوم غمام،
يوم ظلمة وخوف،
فتتحطم نفسيته، ويحل الرعب في كل مصر!
يضرم الله نار تأديبه فيكسر كل طاقات فرعون!
* عوض حماية الآخرين يصير هو رعب!
يفقد ثروته وتتحطم ذراعاه!
* علمني يا رب روح الاتضاع!
أنت ملجأ لي ولإخوتي!
محتاج أنا وهم إلى حمايتك ورعايتك،
يا راعي النفوس الحكيم!



  رد مع اقتباس
قديم 10 - 02 - 2023, 01:28 PM   رقم المشاركة : ( 34 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,316,088

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: تفسير سفر حزقيال

تفسير سفر حزقيال




مَرْثَاة شَجَرَةَ الأَرْز




إذ سبق أن تنبأ عن صور قدمها كسفينة ثمينة في مواد بنائها وحمولتها. لها طاقمها الممتاز وحراسها رجال حرب، جنحت وسط البحار وغاصت مع حمولتها إلى الأعماق فانهار العاملون عليها وتجارها وصارت عبرة لكل السفن الأخرى. أما هنا إذ يتنبأ عن فرعون مصر يقدم لنا "شجرة الأرز" العالية حتى بلغت قمتها السحاب، والغنية في فروعها لتأوي طيور السماء وحيوانات البرية تحت ظلها... هذه التي تنهار أيضًا وتسقط. هذه الشجرة كما وردت في الترجمة السبعينية "آشور" وكأنه يقدم لفرعون مثلًا عمليًا أمامه، دولة آشور التي انهارت ليحل محلها الإمبراطورية البابلية. ويرى بعض الدارسين أنه يتحدث عن فرعون مصر نفسه كشجرة الأرز العالية، على أي الأحوال المثال ينطبق على فرعون مصر المتشامخ كما على آشور من قبله، بل ينطبق على كل نفس متشامخة متكبرة.




1. شجرة الأرز المتشامخة:

يأمر الله حزقيال أن يسأل فرعون مصر:
"من أشبهت في عظمتك؟
هوذا (آشور)(265) أعلى الأرز في لبنان،
جميل الأغصان،
وأغبى الظل،
وقامته طويلة وكان فرعه بين الغيوم..." [2-3].
إن كان يوبخ فرعون مصر لأنه يتعاظم في عيني نفسه بسبب ما وهبه الله من عطايا ومواهب، أو يقدم له آشور التي حملت ذات السمة "الكبرياء" كمثال له، فإن الصورة المقدمة تنطبق على الإنسان الذي غمره الله بكل إمكانية للنجاح، فعوض أن يمجد الله سقط في الكبرياء فانهار. هذه مرثاة على كل نفس، تقترب من المرثاة على رئيس صور كرمز لإبليس الذي جعله الله فوق كل خليقة أرضية وسماوية، كاروبًا، في جنته يحمل العرش. لا يخفي عنه شيئًا من الأسرار، لكنه إذ تكبر سقط.
يرى البعض أن الله يطلب من فرعون أن يفكر في آشور، المملكة العظيمة التي سقطت. ففي سنة 609 ق.م. ذهب فرعون نخو إلى كركميش لمساعدة الإمبراطورية الآشورية التي كانت تتعرض هجمات بابلية. لكن المجهودات باءت بالفشل، وأُنتزعت آشور من التاريخ، كشجرة أرز في لبنان قد اقتلعت.

والآن، ماذا قدم لنا الله؟

لخص الرب عطاياه لنا في أمور ثلاثة:
أ. "هوذا (آشور) أعلى الأرز في لبنان" [3].
كانت آشور أعظم دولة في ذلك الحين، تبدو كشجرة الأرز العالية، ملكها أعظم من كل ملوك الدول المحيطة بها، والخاضعين له.
خلقنا الله كأكمل خليقة أرضية، إذ أقامنا في اليوم السادس بعد أن أوجد كل شيء لراحتنا. وهبنا نفسًا عاقلة على صورته ومثاله، ومنحنا سلطانًا على كل خليقة أرضية. أراد لا أن يذله بل أن يرفعه، لا أن يحرمه بل أن يشبعه، لا أن يقيمه آلة طيَّعة في يده بل كائنًا ذا إرادة حرة... لقد سما به إلى أبعد الحدود.
"كان جميلًا في عظمته، وفي طول قضبانه...
الأرز في جنة الله لم يفُقه السرو ولم يشبه أغصانه، والدُلب لم يكن مثل فروعه، كل الأشجار في جنة الله لم تشبهه في حسنه. جعلته جميلًا بكثرة قضبانه حتى حسدته كل أشجار عدن التي في جنة الله" [7-9]. إنه غرس الله، صنع يديه، غرسه في جنته وأقامه جميلًا أجمل كل أشجار جنته، حتى حسده الشيطان من أجل بهائه الذي سكبه الرب عليه، فحثّه على الكبرياء والتشامخ على الله!

ب. "جميل الأغصان" [3]. حسده الشيطان بسبب كثرة فروعه [9]، إذ "عششت في أغصانه كل طيور السماء، وتحت فروعه ولدت كل حيوان البر، وسكن تحت ظله كل الأمم العظيمة" [6].
يُشبِّه الدول الخاضعة لآشور كطيور تأوي بين أغصان الشجرة، أو كحيوانات الأرض التي تلد تحت فروعها.
ما هذه الأغصان الكثيرة الجميلة التي وهبها الله، لتحمي طيور السماء وتلد تحت ظلها حيوانات البرية إلا طبيعة الحب التي أوجدها الله فيه، ليمتد الإنسان بقلبه نحو كل البشرية، بل ونحو كل خليقة أرضية. فيه يستريح القديسون، وفيه يستريح المتألمون، وإليه يلجأ الكل ليجد فيه قلبًا متسعًا قادرًا أن يضم الكثيرين، لقد خلق الله الإنسان كائنًا محبوبًا ومحبًا، موضوع حب الله وملائكته، ويتسع قلبه أيضًا لكي يحب.
حقا اتسع آشور بجبروته وسلطانه ليضم أممًا كثيرة تحت لوائه، وأيضًا فرعون مصر تحت سلطانه، لكن أولاد الله يتسعون بالحب الحقيقي الداخلي لكي إن أمكن يحبوا حتى المقاومين والأشرار، ليجد الكل فيهم راحتهم.

ج. غرسه على مجاري المياه الفياضة: "قد عظمته المياه ورفعه الغمر أنهاره جرت من حول مغرسة وأرسلت جداولها إلى كل أشجار الحقل" [4]. إن كان فرعون يرتوي من مياه النيل الفياضة التي أكسبته غنى وثروة وسندته في عظمته، حتى ارتوى وأفاض على بقية الأمم مرسلًا جداول المياه إلى كل أشجار الحقل. فإنه في هذا يشبه آشور أيضًا الذي اعتمد على الدجلة والفرات... لكن هوذا آشور قد سقطت!
أما بالنسبة لنا نحن المؤمنين، فإنه يلزمنا أن نختبر هذا هو عمل نعمة الله فينا. فإذ نُغرس على مياه المعمودية المقدسة، ونرتوي داخليًا بالروح القدس الذي يهبنا استقامة حتى تدخل قامتنا إلى السحاب (الغيم)، وتمتد أغصاننا في كل اتجاه، بل وينعكس هذا حتى على الآخرين، فيقبلون عمل الروح فيهم. يلتهبون بناره إذ يروننا ملتهبين بناره القدوس، ويتمتعون بعمل المعمودية المقدسة إذ يلمسون فاعليتها فينا.
إن كان ارتفاع شجرة الأرز حتى تبلغ قمتها السحاب [3] يشير إلى حياة الكمال والتقديس التي وهبها الله للإنسان، إذ بهما يدخل إلى أسرار الملكوت ويعاين الأمجاد الإلهية المخفية، وإن كانت كثرة الأغصان تشير إلى قوة الحب ليتسع القلب للجميع، فإن كليهما "القداسة والحب" هما عطية الروح القدس الذي يعمل فينا من خلال مياه المعمودية المقدسة، إذ يقول: "فلذلك ارتفعت قامته على جميع أشجار الحقل وكثرت أغصانه وطالت فروعه لكثرة المياه إذ نبت" [5]. ففي مياه المعمودية ننبت كغصن جديد في الكرمة الحقيقية وبالروح الإلهي ننمو على الدوام في استقامة إلى فوق وبكثرة الأغصان عرضًا.
لهذا يقول الأب مار اسحق السرياني: [إن صنع معك خيرًا، علنًا أو خفية، فتأكد أن المعمودية والإيمان هما الوسيطان لهذا الخير، إذ بهما قد دعيت إلى الأعمال الصالحة في
المسيح يسوع ].
ويقول الأب ميثوديوس: [يتقبل الذين يستنيرون ملامح المسيح... فإنه حتمًا يطبع على كل واحد منهم شكل الكلمة وصورته وملامحه، حتى يُحسب المسيح مولودًا في كل منهم وذلك بفعل الروح القدس... ويصير الذين يُعمَّدون مسحاء آخرين ].
كما يقول القديس يعقوب السروجي في ميمر له عن المعمودية: [المعمودية تكتب اسمك فوق في السماء، في بيعة الأبكار، فتصير ابنًا للأب الجالس في الأعالي!].
هكذا المؤمن الحقيقي يجمع بين الجمال الروحي والعلو والسمو، والقوة والحب... حتى يفوق كل الأشجار الأخرى، بل وتحسده.
2. سقوط شجرة الأرز:

يركز سفر حزقيال النبي على خطيئة الكبرياء كسر للسقوط. هنا يقول: "من أجل أنك ارتفعت قامتك، وقد جعل فرعه بين الغيوم، وارتفع قلبه بعلوه، أسلمته إلى يد قوىِّ الأمم فيفعل به فعلًا، لشره طردته" [10-11]. كان الله يشتهي أن يراه وقد ارتفعت قامته وبلغت قمته داخل السحاب (الغيوم)، لكن إذ ارتفع قلبه بتعاليه، سقط من علو قامته ونزلت قمته من السحاب. كثيرون ارتفعت قامتهم الروحية ودخلوا إلى أسرار الله الخفية، كما حدث مع القديسة مريم محتفظين بقلب متضع. لقد سبحت العذراء الله قائلة: "أنزل الأعزاء عن الكراسي، ورفع المتضعين". لهذا حذرنا الآباء من الكبرياء والمجد الباطل أو الزهو كما حثونا على الاتضاع.
يقول القديس يوحنا الدرجي: [الاتضاع هو السلم السماوي، الذي يستطيع أن يرفع النفس من هوة الآثام إلى السماء].
[إذ كان كبرياء بعض الملائكة حوَّلهم إلى الشياطين (إش 14: 14؛ 1 تي 3: 6)، فبلا شك يستطيع الاتضاع أن يجعل من الشياطين (النفوس الساقطة) ملائكة، لهذا فليتشجع الذين سقطوا].

أما ثمر الكبرياء وعمله فينا فهو:

أ. لقد أذل الكبرياء آشور وأخضعها لبابل، وأيضًا هكذا يفعل بفرعون مصر:
"يستأصله الغرباء عتاة الأمم" [12]. حقًا إن نعمة الله تتخلى عن الإنسان المتكبر فيصير فريسة للشياطين، بهذا يستأصله هؤلاء الغرباء العتاة. أما الإنسان المتضع فتسنده نعمة الله، وتخضع له وحوش البرية، ويملك على الأرض. لهذا قيل: "طوبى للودعاء لأنهم يرثون الأرض" (مت 5: 5).

ب. لا يقف الأمر عند هياج الشياطين ضده، إنما يفقد هو سماته الداخلية التي وُهبت له: "تتساقط قضبانه (فروعه) على الجبال وفي جميع الأودية، وتنكسر قضبانه عند كل أنهار الأرض، وينزل عن ظله كل شعوب الأرض ويتركونه" [12]. هذه صورة مُرّة للنفس، فإن هلاكها ليس نتيجة حرب خارجية، وإنما نتيجة موت داخلي، فتتساقط فروعها بعد أن تجف وتفقد كل حيوية أينما وجدت، سواء على الجبال العالية أو في الوديان المنخفضة، في البراري أو عند الأنهار.
ينبع فساده في داخله مهما تكن الظروف، فيصير بلا أغصان، عقيمًا جافًا لا يستظل به أحد، ولا يستريح له إنسان، ويُترك وحيدًا.
لقد كتب القديس يوحنا الذهبي الفممقالات كثيرة في هذا الشأن معلنًا أنه لا يقدر أحد أن يؤذي إنسانًا ما لم يؤذِ الإنسان نفسه. بالكبرياء يُحطم الإنسان حياته، معللًا فشله للظروف المحيطة به أو الأشخاص الذين يتعاملون معه. فالعيب في الشجرة التي حملت جفافها لا في الجبال أو الوديان أو الأنهار أو الشعوب التي تركتها.

ج. عوض أن تطير إليه طيور السماء لتستريح في ظل أغصانه، وتهرب إليه حيوانات البرية لتلد تحت ظله قيل: "على هشيمه (الشجرة الساقطة) جميع طيور السماء وجميع حيوان البر تكون على قضبانه" [13]. صارت الشجرة هشيمًا لا نفع فيه، فتستقر عليه الطيور محتقرة إياه، ويأتي إليه الحيوانات كما إلى موضع خراب. تصير النفس حاملة طيور السماء أي روح العجرفة والتعالي، وتحمل حيوانات البر أو روح العنف والشراسة والحيوانية.

د. تسقط في الهاوية فتصير عبرة للأشجار الأخرى: "لكيلا ترتفع شجرة ما... لأنها قد أسلمت جميعًا إلى الموت إلى الأرض السفلي في وسط بني آدم مع الهابطين في الجب" [14].

ه. يفقد الإنسان فرحه ويدخل به وبالمحيطين به إلى الحزن: "في يوم نزوله إلى الهاوية أقمت نَوْحًا. كسوتُ عليه الغمر، ومنعتُ أنهاره وفنيت المياه الكثيرة وأحزنتُ لبنان عليه وكل أشجار الحقل ذبلت عليه. من صوت سقوطه أرجفت الأمم عند إنزالي إياه إلى الهاوية" [15-16].
تفقد النفس سر فرحها، إذ تحرم من أنهار النعمة المقدسة وتجف المياه الحية بالنسبة لها، فتحزن عليها النفوس الأخرى، وترتجف أيضًا خوفًا على نفسها هذه التي تشترك معها في خطاياها.

و. ختم حديثه عن نهاية المتكبرين بقوله: "يضطجع بين الغلف مع المقتولين بالسيف" [18]. ليس نهايته الموت البشع أي القتل بالسيف فحسب وإنما حتى في اضطجاعه يكون بين الغلف أي الدنسين، كأنه قد فقد حياته هنا على الأرض في أبشع صوره وهي القتل بالسيف، ويفقد حياته الأخرى بإحصائه مع الدنسين.
هكذا تضيع كل عظمة، ويزول كل مجد، وتحرم النفس من ثمرة النعمة الإلهية التي قدمت لها مجانًا! هذا هو عمل الكبرياء!
من وحي حزقيال 31

انزع عني الكبرياء!


* لم يتعلم فرعون مصر من ملك آشور،
شجرة الأرز الشامخة،
التي صارت ملقاة على الأرض.
عوض أن تأوي طيور السماء وتظلل حيوانات البرية،
صارت يابسة بلا قيمة!
* انزع عني الكبرياء يا معلم الاتضاع!
علمني أن أُغرس بمياه نعمتك في فردوسك،
واحمل ثمر الروح الحق!
* اعترف لك بخطيتي وضعفي،
وأشكرك على غنى نعمتك في حياتي!
كل صلاح فيَّ هو من عندك يا صانع الخيرات.

  رد مع اقتباس
قديم 10 - 02 - 2023, 01:54 PM   رقم المشاركة : ( 35 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,316,088

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: تفسير سفر حزقيال

تفسير سفر حزقيال



مرثاة على فرعون مصر


ختم نبواته عن فرعون مصر بمرثاة مُرّة على فرعون مصر، وأخرى على جمهوره الذي صار قتلى بالسيف بين الغلف، انهار رجاله الجبابرة مع الأمم التي اتكأت عليه:
1. مرثاة على فرعون مصر:

بدأت المرثاة الأخيرة بفرعون ثم جمهوره ثم بالأمم المتشبهين به أو المتكلين عليه. جاءت هذه المرثاة بعد حوالي شهرين من وصول أخبار احتلال أورشليم إلى حزقيال النبي ورجال السبي.
بدأت المرثاة هكذا: قال له: "أشبهت شبل (أسد) الأمم وأنت نظير تمساح في البحار" [2]. ظن في نفسه أسدًا يحمي الأمم من ملك بابل ولم يدرك أنه مجرد تمساح حبيس نهره، لا يقدر أن يخرج من أرض مصر لينقذ أورشليم أو غيرها من يديْ بابل. لقد ظن أنه قادر على الإنقاذ فأثار ملك يهوذا، وعندما حوصرت أورشليم لم يقدر أن يخلصها، صار كمن يعكر الماء برجليه فلا يستريح ولا يترك غيره في راحة. هذا هو "التمساح الكبير الرابض في وسط أنهاره" (29: 3).
في الأصحاح 29 كان التمساح الكبير يفتخر بنفسه قائلًا: "نهري لي وأنا عملته لنفسي" (29: 3، 9). هذه الروح المتعجرفة لم تُحطم التمساح وحده بل حطمت السمك المتعلق بحراشيفه. تدفق بأنهار كبريائه على أنهار الآخرين فعكرها برجليه [2]. لهذا صارت دينونته قاسية ومُرّة، جلبت على غيره أيضًا الموت. فقد بسط الرب شبكته ليصطاد هذا التمساح مع الأسماك، (الشعوب) الكثيرة المتمثلة به أو المتعلقة بحراشيفه (32: 3، 29: 4).

أما تأديبات الرب فهي:

أ. يكرر ذات العقوبة الواردة في الأصحاح 29. إنه يخرجه من نهره، موضوع افتخاره وعجرفته، ويطرحه على الأرض اليابسة ليموت مع السمك المتعلق به، ويصير فريسة
لطيور السماء وحيوانات البرية.
ب. إذ يعتز هذا التمساح الكبير بنيله وما يجلبه من فيضان يعطي خصوبة للأرض ويغنيه بالخيرات، لهذا عوض فيضان الماء يفيض الله بدم التمساح على الأرض حتى يبلغ إلى الجبال وتمتلئ منه الوديان [6]. يُحوّل الكبرياء الماء دمًا، فينسكب دم المتكبر يحمل رائحة موت يشمئز منها الكل: الجبال العالية كما الوديان المنخفضة. عوض كلمات الافتخار التي تجتذب الكثيرين ليحتموا فيه، تفوح رائحة الموت فينفر الكل منه.
ج. إذ يخرج دمه منه يصير هذا التمساح الكبير جيفة نتنة ملقاة على الجبال وفي الأودية. بعد أن كان يظن في نفسه سندًا للآخرين إذا به يصير ثقل نتانة يُريد الكل أن يتخلص منه. إنه يصيره هو ومن حوله "أسرى"(269) في أراضي لا يعرفونها [9].
د. لا تقف دينونته عند هلاكه هو. وهلاك الشعوب المتعلقة به، وتحويل مياه النهر إلى دم مميت، وصيرورته ثقلًا تريد الجبال والأودية التخلص من جيفته النتنة، وإنما تبلغ فاعلية كبريائه إلى الشمس والقمر والكواكب الأخرى، إذ قيل: "وعند إطفائي إياك أحجب السموات وأظلم نجومها وأغشي الشمس بسحاب والقمر لا يضئ ضوءه. وأظلم فوقك كل أنوار السماء المنيرة وأجعل الظلمة على أرضك يقول السيد الرب" [7-8].
إنها صورة مُرّة لعلامات النهاية كما أعلنها السيد المسيح نفسه (مت 24: 29)، ولعلامات المسيح الكذاب (رؤ 8: 12). كأن دينونة الإنسان المتكبر إنما هي عربون الدينونة الكبرى، وظل لعصر المسيح الدجال!
ما هذه السموات التي يحجب نورها إلا فقدان الإنسان كل فكر سماوي وعدم تذوقه للحياة الأبدية؟! ما هذه النجوم التي تظلم إلا الطاقات الروحية الداخلية وحواس الجسد؟! عوض أن تكون سر استنارة داخلية بالروح القدس تصبح سر ظلمة النفس وهلاكها. يغشى الشمس بسحاب، إذ لا تعود النفس ترى مسيحها - شمس البر- مضيئًا فيها؛ ولا يضيء القمر إذ لا يكون للحياة الكنسية بعبادتها وكرازتها أثرًا عليه، أما الأرض التي تغشاها الظلمة فهي جسد الإنسان، عوض أن يكون هيكلًا مقدسًا مستنيرًا بالرب يصير موضع ظلمة.
في اختصار تحطم الكبرياء الإنسان تمامًا، تفقده المسيح شمس البر، والكنيسة القمر المضيء، وتحطم طاقاته الداخلية وتفسد قلبه وجسده، وتظلم كل أفكاره! تصير السماء والأرض بالنسبة له مظلمتين، الشمس والقمر كأن لا وجود لهما؛ والنجوم تتساقط في داخله.
ه. أمام هذا الخراب الشامل للنفس والجسد كما للفكر والقلب تسري حالة من الرعب والرعدة في الشعوب الكثيرة بملوكهم، إذ قيل: "وأحيّر منك شعوبًا كثيرين ملوكهم يقشعرون عليك اقشعرارًا عندما أخطِر بسيفي قدام وجوههم فيرجفون كل لحظة كل واحد على نفسه يوم سقوطك" [10]. هلاك المتكبر يرعب قلوب الخطاة إذ يشعرون أن دينونتهم قد اقتربت.
2. مرثاة على جمهور فرعون:

لا يقف التأديب عند فرعون، وإنما يلحق بجمهوره فيسقطون بسيوف جبابرة ملك بابل. يهتز كبرياء فرعون وجمهوره وحيواناته.
إن كان فرعون يمثل النفس المتكبرة فإن جمهوره يمثل طاقات النفس التي تعمل لبنيانها أو هدمها، أما حيواناته فتشير إلى الجسد بحواسه وطاقاته. يشمل الهلاك الإنسان بكل إمكانياته الخاصة بالنفس والجسد معًا.
أما المياه الكثيرة التي تنضب إنما هي نعم الله وعطاياه المجانية التي يسحبها الله من النفس المتعجرفة.
3. مرثاة على فرعون مع الأمم:

في نهاية النبوة ضد فرعون وجمهوره ضم إليه في المرثاة عليه "بنات الأمم العظيمة" [18] معلنا أن يولولوا عليهن مع جمهور فرعون، لأن الجميع انحدروا إلى الأرض السفلى مع الهابطين في الجب. لعله قصد بأولئك البنات الأمم التي ارتبطت بفرعون وجيشه وسلطانه كما ترتبط النساء برجالهن يطلبن حمايتهن...
إنها نهاية جمهور الأمم أن ينحدروا إلى الجب السفلي، إلى الهاوية، كقتلى مطروحين مع الغلف.
وقد تكرر هذا التعبير في هذا القسم كثيرًا [19، 25، 27، 29، 30، 31]. كانوا كجبابرة لهم رعبهم وخشيتهم في أرض الأحياء، فهبطوا بدنسهم (الغلف) قتلى مطروحين في الهاوية.
لقد قُدم لفرعون وجمهوره أمثلة حيَّة لدول عظيمة كانت كجبابرة في أرض الأحياء وانتهت مطروحة كغلف مقتولين بالسيف، نازلين إلى الهاوية، مثل آشور [22] وعيلام [24] وماشك وتوبال [26]، وآدوم [29] وجميع الصيدونيين [30].
سبق لنا الحديث عن هذه البلاد أو الممالك فيما عدا عيلام، التي تنتسب إلى عيلام بن سام (تك 10: 22). ففي أيام إبراهيم كان كدر لعومر ملك عيلام قائد ملوك الشرق الذين غزوا الأردن (تك 14: 1-11). أما حدود هذه المملكة فهي وراء نهر دجلة شرق مملكة بابل وجنوب آشور وميديا وشمال خليج العجم، وغرب فارس. عاصمتها شوشان (شوش) لذلك سُمِّيَ العيلاميون بالشوشانيين. في القرن الثامن ق.م. انتصر ملوك آشور على عيلام واتخذوا من رجالها جنودًا مرتزقة في جيشهم اشتركوا في الهجوم على القدس (إش 22: 6). ضمها المديون (الفرس) إلى إمبراطوريتهم وحولوها إلى ولاية لهم، ولاعتبارهم بمكانتها جعلوا شوشن عاصمة لهم (دا 8: 2). وقد كان العيلاميون من جملة الشعوب التي حُملت إلى السامرة لسكناها بعد سبي يهوذا، ولما عاد اليهود من السبي كان بقايا هؤلاء المهاجرين من الذين قاوموا فكرة بناء الهيكل من جديد (عز 4: 9). حوالي عام 200 ق.م. استعاد العيلاميون قوتهم وتسلط بعض ملوكهم على مدن في بابل. حاليُا عيلام جزء من إيران، تسمى مقاطعة خورستان.
من وحي حزقيال 32

اجعلني شبلًا لا تمساحًا!


* ارتدى فرعون جلد شبل ليحمي أممًا،
فإذا به تمساح يأكل الأمم كسمك حوله!
* بروح متعجرفة أدعى أنه صنع نيل مصر بيديه،
ولم يدر أنه بكبريائه قد عكر ماء النيل برجليه،
إنه لم يسترح ولا ترك الأمم حوله تستريح!
* بسببه حجبت السموات أنوارها، وصارت الأرض في ظلمة!
فسدت نفسه (السماء)، وأيضا جسده (الأرض)!
* اجعلني يا رب شبلًا،
ابنًا لك أيها الأسد الخارج من وسط يهوذا!
هب لي اتضاعًا فلا أعكر ماء النعمة في قلبي!
اشرق بنورك في داخلي يا شمس البر،
فتُضيء نفسي كسماء جديدة!
ويتقدس جسدي كأرض جديدة!



  رد مع اقتباس
قديم 10 - 02 - 2023, 01:58 PM   رقم المشاركة : ( 36 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,316,088

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: تفسير سفر حزقيال

تفسير سفر حزقيال



نبوات عن الرجوع من السبي



إعدادات للمستقبل المبارك

إذ بدأ الاستعداد المبارك بتحطيم العدو الخارجي الذي يرمزإلى الشيطان. كان يلزم أن يُرافقه تغيير داخلي، فعوض "البيت المتمرد" يصيرون "شعبه". وقدبدأ التحول بظهور واحد منفلت من أورشليم (33: 21) جاءيخبرهم بما حلّ بها من خراب، فتبدأ الوعود بالإصلاح والرجوع وبناء الهيكل الجديد خلال التوبة الداخلية الحقيقية وقبول رعاية الله الخلاصية والتزام كل مؤمن بمسئوليته الخاصة عن تصرفاته.




التوبة بدء الإصلاح

إذ يدخل في حلقة جديدة من النبوات يؤكد موقفه الحساس كرقيب أقامة الله ليكون صريحًا في إعلان كلمة الله وإنذاراته ووصاياه ووعوده، إن سمع له أحد أو لم يسمع. وإذ شعر كمسئول عنهم أن روح اليأس دب فيهم بدأ في هذا الأصحاح يعلن لهم "إنجيل الرجاء" موضحًاالتوبة كطريق ممكن وفي أيدينا لكي ننعم بالإصلاح الإلهي فينا.




1. مسئوليته كرقيب:

قبل أن نتحدث عن مسئوليته نود أن نوضح أن حديث الرب إليه كان هكذا: "كلم بني شعبك" [2] ، ولم يقل له "بني شعبي"، وأيضًا يقول "كشعبي" [31]،أي كأنهم شعبي. فإنهم إذ لم ينعموا بعد بالمصالحة مع الله لا يدعوهم الله "شعبي".هذا ما رأيناه في دراستنا لسفر الخروج، فإن الله إذ يكون في حالة مصالحة مع شعبه يقول: "شعبي، سبوتي، أعيادي، بخوري، تقدماتي..." ناسبًاالشعب وكل عبادته وأعياده وتقدماته أنها له شخصيًا. أما في حالة تعبه من جهتهم فيقول للنبي "شعبك" كمايقول لهم "أعيادكم، سبوتكم، تقدماتكم إلخ...".
كان الله قد بدأ هذه المجموعة من النبوات والوصايا بعتاب غير مباشر فيقول لهم: لا أستطيع بعد أن أدعوكم شعبي... أنتم شعب حزقيال، كأنكم شعبي. اقبلوا وصيتي وادخلوا إلى التوبة فأجعلكم شعبًا لي وأصير لكم إلهًا، أو كما قال على لسان حزقيال النبي: "يكون مسكني فوقهم، وأكون إلهًا ويكونون لي شعبًا" (37: 27).

تحدث بعد ذلك عن مسئوليته كرقيب، يلتزم أن يكون صريحًا لخلاص نفوسهم وخلاص نفسه، فإنه إن توقف عن إعلان الرسالة مجاملة لهم تُطلب كل نفس تهلك منه..."فإن رأى الرقيب السيف مقبلًا ولم ينفخ في البوق ولم يتحذر الشعب، فجاء السيف وأخذ نفسًا منهم، فهو قد أُخِذ بذنبه أما دمه فمن يد الرقيب أطلبه" [6]. هذه الكلمات لا تزال ترعب كل أسقف أو كاهن أو شماس... فإنهم إن أهملوا في تحذير الشعب -أيا كانت ظروفهم أو مراكزهم- تطلب نفوسهم عوض النفوس الهالكة... وقد سبق أن قدمنا أمثلة لذلك.
فيما يلي بعض تعليقات الآباء على مسئولية الرقباء والتزامهم بتحذير الخطاة وعدم صمتهم:
* بحسبما جاء في حزقيال يلزم ألا يصمت الرقباء على الرذيلة مادام السيف مسلطًا عليهم، فإن هذا الصمتلا يفيدهم كما لا يفيد الخطاة، إنما بالحري يجب أن يراقبوا ويحذروا، بهذا ينتفع الذين يقدمون التحذير ما لم ينتفع الاثنان معًا: المتكلم والسامع.
القديس غريغوريوس النزينزي
* أولشيء أفعله هو تقديم تقرير لشعبي أستمده من فوق لأتمم عملي كرقيب (إش 21: 6؛ 62: 6؛ حب 2: 1) فإنكنت لا أوقف مجيء السيف فإني أخلص نفسي ونفوس الذين يسمعونني معلنًا عصيان شعبي، حاسبًا ما يخصهم يخصني أنا. بهذا أحصل على شيء من الراحة والحنو.
القديس غريغوريوس النزينزي
* لقدوضع الرقباء والنظار في الكنيسة على الشعب لينتهروا الخطيئة بغير رحمة.
القديس أغسطينوس
* أينوع من الدم يطلبه الله من يد الرقيب إلا ذاك الذي ينسكب من الخاطئ؟! فإنه هكذا يهلك قلب الغبي، إذ قيل: "اسمعوا لي يا من فقدتم قلوبكم"، إذ سكبوا الدم وفقدوا قوة النفس الحية.
العلامة أوريجانوس
* لوأنك أؤتمنت على حفظ ينبوع مياه نقية للقطيع، ورأيت القطيع يشرب وحلًا أفلا تعمل من أجل إزالة الوحل من المياه؟! لكنك الآن لست تتعهد ينبوعًا من المياه بل من الدم والروح فإن رأيت واحدًا فيه خطيئة، التي هي أخطر من التراب والوحل وجاء إليه أفلا تحزن؟! أما تمنعه؟! أي عذر لك؟! فإن الله قد أعطاك هذه الكرامة لهذا الهدف أن تميز هذه الأشياء. هذه هي وظيفتك؛ هنا يكون سلامك، وهنا يكون لك إكليلك، ليس مجرد أنك تلبس ثوبًا أبيضًا متلألأ!
القديس يوحنا الذهبي الفم
2. لا نيأس فإن الله رحوم:

إن كان النبي ملتزمًا أن يكون صريحًا كل الصراحة في إعلان الوصية الإلهية والنبوات دون مداهنة أو مجاملة، لخلاص نفوسهم ونفسه هو أيضًا، لكن هذا لا يعني أن يقسو عليهم. إن كان قبلًا قد تحدث بعنف لأن خطر السبي كان قادمًا، لكن الآن وقد تحقق السبي فعلًا ودخل الكل تحت مرارة المُرّ فلا حاجة لليأس إنما يبدأ الإعلان عن مراحم الله ومحبته للبشرية حتى في وسط تأديباته القاسية.
"أنتم تتكلمون هكذا قائلين:
أن معاصينا وخطايانا علينا وبها نحن فانون، فكيف نحيا؟!
قل لهم:
حي أنا يقول السيد الرب إني لا أُسر بموت الشرير بل أن يرجع الشرير عن طريقه ويحيا.
ارجعوا ارجعوا عن طرقكم الرديئة،
فلماذا تموتون يا بيت إسرائيل" [10-11].
كانوا قبلاً يشربون الإثم كالماء، مستهينين بالخطيئة وفاعليتها في حياتهم، وحينما بدأوا يسقطون تحت التأديب فعلًا حوربوا باليأس قائلين إنهم فانون أي هالكون فكيف يحيون بعد...؟! لكن الرب الذي كان يوبخهم بمرارة قبل التأديب الآن يُلاطفهم بالحب حتى لا يتحطموا بقطع الرجاء.
يعلق الآباء على هذه الكلمات الإلهية الواهبة رجاء هكذا:
* منخلال هذه الكلمات الإلهية يعود الخاطئ إلى الرجاء، لكنه أيضًا يوجد فخ آخر يخشي منه، وهو أنه خلال هذا الرجاء عينه يخطئ بالاكثر (مستهينًا بالخطيئة).
القديس أغسطينوس
* ليحبلأن الله يُريد الرحمة أكثر من الذبيحة (هو 6: 6)، وليخشَ لأنه يبغض الخطيئة!
ليحب، فإن الله يود توبة الخاطئ لا موته، وليخشَ لأنه يبغض الخطاة الذين لا يتوبون!
العلامة ترتليان
* إنهارسالة المخلص أن يدعو الخطاة لا الأبرار، لأنه كما قال بنفسه: "لا يحتاج الأصحاء إلى طبيب" (مت 9: 12-13).
إنه يُريد توبة الخاطئ لا موته (حز 33: 11)، ويحمل على منكبيه الحمل المسكين الضال. وهكذا إذ عاد الابن الضال استقبله أبوه بفرح.
القديس جيروم


3. لا يُحاسبنا الله على ماضينا:

إذ يفتح لنا الرب باب الرجاء يُريدنا أن ندخل إليه بكل قوة بلا خوف، لهذا يقدم لنا كل طمأنينة. إنه لا يُحاسبنا على ماضينا بل ولا على حاضرنا إن قدمنا الآن توبة صادقة. إنه لا يريد هلاكنا بل يبحث بكل الطرق على خلاصنا مقدمًا لنا كل إمكانية للعودة إليه. وفي نفس الوقت إذ يخشَى الله على أولاده القائمين من السقوط يحذرهم لئلا يتكلوا على ماضيهم فيستهتروا ويسقطوا...
يقول القديس جيروم: [في حياة المسيحيين لا نتطلع إلى البدايات بل إلى النهايات. لقد بدأ بولس بطريقة رديئة لكن نهايته كانت صالحة. بداية يهوذا كانت مستحقة المديح لكن نهايته كانت ملومة بسبب خيانته...
حياة المسيحي هي سلم يعقوب الحقيقي، عليه يصعد الملائكة وينزلون، بينما يقف الرب عليه باسطًا يديه للذين ينزلقون، ساندا إياهم متطلعًا إلى الصاعدين على الدرجات المؤلمة ].
سبق أن رأينا في تفسرنا الأصحاح الثامن عشر كيف استخدمه العلامة أوريجانوس للرد على القائلين باختلاف الطبائع البشرية موضحًا أنه يمكن للشرير أن يتوب، وللبار أن يسقط... إذ ظن البعض أن الإنسان يحمل طبيعة صالحة أو شريرة لا يمكن تغيرها. فمن كلماته: [نفس الإنسان البار قابل للتغيير كما يشهد حزقيال قائلًا: بأن البار يمكن أن يهجر وصايا الله فلا يُحسب له بره السابق(281)].
أن رجع البار عن حياته البارة في الرب يموت، بينما أن تاب الشرير عن شره يجد الحياة في المسيح تتلقفه.
"عند رجوع البار عن بره وعند عمله إثما فإنه يموت به.
وعند رجوع الشرير عن شره وعند عمله بالعدل والحق فأنه يحيا بهما" [18-19].
لنحذر إذن من الخطية لئلا نموت، وإن كنا قد متنا بها فلنقبل الرب برنا فنحيا به. يقول القديس أمبروسيوس: [كل من يُسلم نفسه للملذات الشريرة يكون ميتًا، لأن المتنعمة قد ماتت وهي حية" (1 تي 5: 6) والذين بلا إيمان ينحدرون إلى الهاوية وهم بعد أحياء، حتى وإن كانوا يبدون أحياء معنا، فإنهم في الهاوية.
كل من يأخذ ربا أو يقترف سرقة فهو ليس حيًا، كما تقرأون في حزقيال. أما أن حفظ ذلك الإنسان وصايا الرب ليعملها فهو يحيا، ويحيا بها [19]... فلنسرع إذن إلى تلك الحياة، فمن يمس الحياة يحيا. وقد مستها المرأة حقًا، هذه التي لمست هدب ثوبه فبرأت، وتحررت من الموت، وقيل لها: "إيمانك قد شفاكِ، اذهبي بسلام" (لو 8: 48،مت 9: 22) إنكان من يمس ميتًا يكون نجسًا، فإن من لمس الحي يخلص حقًا. إذن فلنطلب هذا الحيّ، لكن احذروا أن تطلبوه بين الأموات، فيقال لما كما للنسوة: "لماذاتطلبن الحيّ بين الأموات؟ إنه ليس ههنا؛ لقد قام" (لو 24: 5-6).
4. التشبه بإبراهيم:


استطاع رجل من أورشليم أن يفلت عند ضرب المدينة ويجري إلى حيث حزقيال النبي والشعب المسبي ليخبرهم بضربة أورشليم، وكان ذلك في السنة الثانية عشر من السبي الأول ليهوذا في الشهر العاشر في الخامس من الشهر، أي وصلتهم الأخبار بعد حوالي ستة شهور، وهنا انفتح فمه للكلام ولم يعد بعد حزقيال صامتًا [22] إذ سمع الكل بصدق نبواته التي سبق أن أعلنها لهم.
لقد سبق أن قالوا له إن كان من أجل إبراهيم وهو رجل واحد أورثه الله كل هذه الأرض، أفلا يعطيهم هذه الأرض وهم كثيرون؟! [24] ما أبعد مقاييس الله عن الإنسان، الله يتطلع إلى القلب فيهب بسخاء للقلب النقي ولو كان فريدًا في العالم، ولا يعطي من أجل الكثرة. أما الإنسان فينظر لا إلى نقاوة القلب بل إلى كثرة العدد. لقد ظنوا أن الله لن يتخلى عن المدينة ولا الهيكل مهما فعلوا من رجاسات ماداموا يقدمون الذبائح والتقدمات له، حتى وإن كانت قلوبهم متعبدة للأصنام ومنحرفة نحو الشر. الله يُريد العبادة النقية لا الكثرة في الفروض والشكلية في العبادة! كان إبراهيم المطيع المؤمن مستحقًا أن يرث كل هذه الأرض، بينما لم يوجد وسط تلك الربوات من نسله في ذلك الحين من يستحق الميراث!!! ما أحوج الكنيسة إلى قديسين حقيقيين يستريح الله في قلوبهم، حتى وإن كانت أعدادهم قليلة جدًا! لهذا جاءت كلمة الله لحزقيال النبي أن يتنقوا فيرثوا الأرض. بمعنى آخر أن يصيروا كإبراهيم أبيهم فيستحقوا أن يرثوه!
هذه هي التوبة... إنها رجوع إلى الحياة المقدسة الخفية!
5. عودة قلبية لا شكلية:

إذ وصلت الأخبار توافدت الجموع إلى حزقيال تسمع له. لقد عرفوا أنه إنما يتكلم بالحق. وربما أيضًا توافدوا إليه بكثرة وشوق لأنه بعدما كان يحدثهم بكلمات التوبيخ والتوبة قبل سقوط أورشليم بدأ يتحدث عن النقمة من الأشرار الشامتين (ص 25-32) ويعطيرجاء بالعودة والإصلاح. هذا وربما جاءوا إليه أيضًا للاستماع بلفته الأدبية الرائعة.
لقد خشي النبي أن يأتوا إليه يسمعون لمجرد اللذة الفكرية أو البهجة المؤقتة لا التوبة الصادقة، إذ قال له الرب "يأتون إليك كما يأتي الشعب ويجلسون أمامك كشعبي ويسمعون كلامك ولا يعملون به، لأنهم بأفواههم يظهرون أشواقًا وقلبهم وراء كسبهم" [31].صارت كلماته كشعر موزون يُقدم بصوت جميل على نغمات الموسيقي يستمتعون به إلى حين ولا يعملون! الله لا يريد مجرد الاستمتاع إنما يريد العمل... التوبة الصادقة الخارجةمن القلب، والعملية!
من وحي حزقيال 33

انزع عني روح الفشل!


* عجيب أنت يا رب في خطتك نحونا!
سمحت بالتأديب القاسي للشعب حتى السبي البابلي،
وهددت بهدم المدينة المقدسة أورشليم وهيكلها،
وطلبت من نبيك كرقيب أن ينطق بالحق ولو كان جارحًا!
ومع هذا كله إذ سُبي الشعب تنزع عنهم اليأس!
تحثهم بالتوبة الصادقة المملوءة رجاءً!
* ها أنابين يديك يا مخلص نفسي!
من ينقذني من الشعور بالفشل غيرك!
في تأديبك لي أمسك بأعماقي فلا تنهار!
تجلى في داخلي فلا تتحطم نفسي!
توبني واسندني بروح الرجاء!
* أنتيا سيدي تهتم بالقلب لا الشكل!
تطلب قلبًا واحدًا مقدسًا كقلب إبراهيم،
أفضل من كثيرين يخلطون الحق بالباطل!
قدسنا! احسبنا القلة القليلة المقدسة لحسابك!
استلم قلبي وفكري وأحاسيسي!
استلم جسدي وسلوكي!
إني بين يديك اطلب عمل روحك القدوس فيّ!
  رد مع اقتباس
قديم 11 - 02 - 2023, 06:27 PM   رقم المشاركة : ( 37 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,316,088

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: تفسير سفر حزقيال

تفسير سفر حزقيال




الله يرعى غنمه



إذ قام الله بتأديب العدو الخارجي (ص 25-32) طالبالشعببالتوبة الصادقة (ص 33)،والآن يبدأ في توبيخ الرعاة الأشرار الذين يرعون أنفسهم لا الشعب. ويتدخل الله ليستلم الرعاية بنفسه مقيمًا نوعًا جديدًا من الرعاية:





1. الرعاة الأنانيون:

"ويل لرعاة إسرائيل الذين كانوا يرعون أنفسهم.
ألا يرعى الرعاة الغنم؟!
تأكلون الشحم وتلبسون الصوف وتذبحون السمين ولا ترعون الغنم.
المريض لم تقوّوه، والمجروح لم تعصبوه، والمكسور لم تجبروه، والمطرود لم تستردوه، والضال لم تطلبوه بل بشدة وبعنف تسلطتم عليهم" [2-4]. إذ يتحول قلب الراعي عن شعب اللهإلى ذاته يرعى مصالحه الخاصة، فيعمل لحساب كرامته أو ممتلكاته أو راحته الجسدية إلخ... عوض أن يهتم باحتياجاتهم ومصالحهم. إنه لا يُبالي بالمريض أو المجروح أو المكسور أو المطرود أو الضال، بل يهتم بأنانيته. مثل هذا لا يُحسب راعيًا بل أجيرًا، يطلب الأجرة لا البنوة، بل وأحيانًا يُحسب لصًا يسرق الرعية عوض أن يصونها ويسندها.
*يوجدأجراء يعملون في الكنيسة، يقول عنهم الرسول بولس: "يطلبون ما هو لأنفسهم لا ما هو ليسوع المسيح" (في 2: 21).
ماذا يعني: "يطلبون ما هو لأنفسهم"؟ أي لا يحبون المسيح مجانًا. لا يطلبون ما هو لله بل يطلبون المنافع الزمنية، يفغرون أفواههم للربح ويولعون بطلب الكرامة من الناس. متى اشتهي أي رقيب أمورًا كهذه وكان يخدم الله لأجل نوالها، فإنه مهما يكن هذا الإنسان يُحسب أجيرًا ولا يقدر أن يُحسب نفسه بين الأولاد، لأنه عن مثل هؤلاء قال الرب أيضًا: "الحق أقول لكم أنهم قد استوفوا أجرهم" (مت 6: 5)...

الأجراء موجودون أيضًا بيننا، لكن الرب وحده يفرزهم، ذاك الذي يعرف القلوب هو يفرزهم، وإن كنا أحيانًا نستطيع أن نعرفهم، لأنه لم ينطق الرب باطلًا في حديثه عن الذئاب: "منثمارهم تعرفونهم" (مت 6: 17).
القديس أغسطينوس
محبة الراعي لذاته تفقده الأبوة الحانية المُترفقة بالضعفاء ، وتحوله لاإلى أجير فحسب بل ومتسلط عنيف، يفقد أبوته ليفتح الباب للتسلط. هذا العنف يدفع الشعبإلى التشتت فيصير غنيمة لجميع وحوش البرية [5] إذتضل "في كل الجبال وعلى كل تل عال وعلى كل وجه الأرض" [6].
يصير الإنسان فريسة لكل أنواع الشياطين التي تلتهم غنم الله بسبب إهمال الرعاة وانشغالهم بذواتهم. فتسلك الرعية بلا هدف ولا مأوي، تنتقل من جبلإلى جبل، ومن تلإلى آخر، ومن موضع إلى موضع بلا تمييز ولا حكمة ولا معرفة. تلعب بها الشياطين، الواحد يسلمهم للآخر حتى يتحطموا تمامًا.
"هأنذا على الرعاة، وأطلب غنمي من يدهم" [10].
يقول الأب قيصريوس أسقف آرل:
[مادامالرب قد أقامنا لكي ندبر سفينة كنيسته، ليتنا بمعونته وبتوجيه العهدين أن نحكم سفينة كنيسته حتى لا تنحرف بسبب إهمالنا يمينًا أو يسارًا، بل بدون مجهود نبقي في استقامة الحياة وسط مخاطر هذا العالم العظيمة. وكما أن أيه سفينة لا يمكن أن تنال مكاسب أرضية بدون متاعب، هكذا سفينة الكنيسة لا تقدر أن تنعم بالمكاسب وفرح الأبديات دون متاعب كثيرة].
يصرخ الرب قائلًا: "أيها الرعاة... غنمي صار غنيمة" [7-8]،محمِّلًاإياهم المسئولية، إذ صاروا سر تحطيم للنفوس وهلاكها عوض أن يكونوا ملجأ لها ومأوي من الذئاب الخاطفة.
لقد كتب البابا أثناسيوس الرسولي إلى الأسقف Dracontium يُحمله المسئولية الرعوية، قائلًا له: [قبل أن تتقبل نعمة الأسقفية لم يعرفك أحد، لكنك صرت ذاك الذي يتوقع الشعب منه أن يقدم له الطعام أي تعاليم الكتب المقدسة. عندما يتوقعون ذلك الأمر ويعانون من الجوع بينما تشبع نفسك وحدك يأتي ربنا يسوع المسيح وتقف أمامه، فإي دفاع تقدمه عندما يجد قطيعه جائعًا؟].
لا يقف الأمر أحيانًا عند شرب المياه الحلوة وحدهم أو التهام الطعام الروحي دون شعبهم، وإنما ما هو أمرّ أنهم في أنانيتهم يحتفظون أحيانًا لأنفسهم بالمياه العميقة، يشربون منها ولا يتركوا حتى المياه الضحلة لشعبهم بل يكدرونها بأرجلهم ليقدموها مملؤة وحلًا:
"أهو صغير عندكم أن ترعوا المرعى الجيد وبقية مراعيكم تدوسونها بأرجلكم، وأن تشربوا من المياه العميقة والبقية تكدرونها بأقدامكم، وغنمي ترعى من دوس أقدامكم وتشرب من كدر أرجلكم" [18-19].
يري القديس جيرومأن أقدام الهراطقة الموحلة هي التي تُعكر المياه الصافية فتفسد إيمان الرعية.
2. الله يرعى شعبه:

"هأنذا اسأل عن غنمي وأفتقدها" [11]. ليس شيء أثمن لدى الله من النفس البشرية التي أوجدها على صورته ومثاله. فإن كان قد سلَّم شعبه بين يدي رعاة إنما تكريمًا للبشرية ذاتها لتشترك مع الله وباسمه وبقوته في رعاية النفوس، لكن الله يحتفظ بهذا العمل الإلهي، معتزًا به، قائلًا: "هأنذاأسأل عن غنمي وأفتقدها".

في رعايته لغنمه لا يحتمل أنانية الرعاة الذين أقامهم لخدمة أولاده، لهذا يقف بنفسه في مواجهتهم، حاسبًا كل إهمال أو خطأ في الرعاية إنما هو مُوجَّه ضده شخصيًا. إنه يطمئن كل نفس استغلها الرعاة أو أهملوها، قائلًا: "هأنذا على الرعاة، وأطلب غنمي من يدهم وأكفهم عن رعي الغنم، ولا يرعى الرعاة أنفسهم بعد، فأُخلص غنمي من أفواههم فلا تكون لهم مأكلًا" [10]. إنه يقف ضدهم ويتسلم الرعاية بنفسه! يلذ له أن يُسمي نفسه "راعيًا"مكررًا كلمة "غنمي" 14 مرةفيهذا الأصحاح، مؤكدًا أنهم شعبه، إذ يقول "شعبي" إنهم له، يُخلصهم من الرعاة الأشرار كما يخلصهم من العدو الخارجي ويتسلم حياتهم بنفسه.
إن كان الرعاة قد افترسوا الرعية، يتسلم الراعي الأعظم قطيعه ليحكم للرعية الضعيفة ضد الرعاة العنفاء: "لذلك هكذا قال السيد الرب لهم: هأنذا أحكم بين الشاة السمينة (الراعي المستبد) والشاة المهزولة(الرعية المسكينة)... فأخلص غنمي فلا تكون من بعد غنيمة وأحكم بين شاة وشاة" [20-22]. يستوي الكل أمامي، الرعاة والرعية، فأُدين الجميع وأحكم بينهم، بين شاة وشاة!
هكذا الخادم الناجح هو الذي يرفع عينيه دائمًا إلى مجيء الراعي الأعظم ليُدين الكل ولا يميز. إنه لا يُحابي الوجوه ولا يهتم بالكرامات بل على العكس الذي وهب له أكثر يدان أكثر ويطالب بأكثر! هذا والخادم الناصح هو الذي يختفي دومًا في الراعي الصالح، فلا يخدم إلا من خلال الراعي الأوحد، ولا يعمل إلا به حسب فكره الإلهي. بهذا لا ينتفخ الخادم على مخدوميه، ولا يظن في نفسه أنه أفضل من إخوته.
3. قيام رعاية جديدة:

إذ تحدث عن اهتمام الله بالبشرية أعلن قمة هذه الرعاية خلال "السيدالمسيح"،الملك الحقيقي الروحي ابن داود، قائلًا: "وأقيم عليهم راعيًا واحدًا فيرعاها عبدي داود، هو يرعاها وهو يكون لها راعيًا" [23]. بلا شك "عبديداود"لا تعني قيامة داود الملك من الأموات ليملك من جديد، إنما ظهور السيد المسيح، ابن الله الذي صار عبدًا ليملك علينا من خلال حبه واتضاعه.
في هذا يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [بالنسبة لحزقيال وغيره من الأنبياء فإن حديثهم عن مجيء داود وقيامه مرة أخرى لا يعني أنه ذاك الذي مات].

ويقول العلامة أوريجانوس: [إنه ليس البطريرك (الأب)داود الذي يقوم ويحكم القديسين إنما المسيح].
كما يقول القديس أغسطينوس: [يتحدث حزقيال نبويًا في شخص الله الآب، مخبرًا مقدمًا عن السيد المسيح بطريقة نبوية بكونه "داود"،الذي أخذ شكل العبد وصار إنسانًا، هذا الذي هو ابن الله].
يتحدث عن هذا الراعي الصالح، المسيا المخلص، بكونه:
أ. يقطع عهدًا مع البشرية [25] يكتبه لا على ألواح حجرية بل بالدم ينقشه على جسده المقدس بالحب الإلهي، فيدخل بنا إلى أحشائه ونتقبله عريسًا أبديًا.
ب. ينزع الوحوش الرديئة من الأرض فيسكنون في البرية مطمئنين وينامون في الوعور [25]. ما هذه الوحوش الرديئة التي ينزعها عن الأرض إلا أعمال الإنسان القديم المملوءة عنفًا، تنزع عن أرض جسدنا ونعيش في سلام مطمئنين.
ربما قصد بالوحوش الرديئة الأمم الذين كانوا كالوحوش المفترسة فإنها تتقبل الإيمان وتتحول عن طبيعتها الوحشية لتحيا بروح جديد وطبيعة جديدة.
ج. ينزل المطر في حينه على الأكمة التي حوله [26]، الذي هو نزول السيد المسيح نفسه من السماء، يرطب النفس ويطفئ نار شرورها.
د. يهب شجرة الحقل - التي هي الكنيسة - ثمرتها، وتعطي الأرض غلتها فيحل الأمان على الأرض [27]. إنه يغرس شجرة العهد الجديد في جسده المقدس، وتأتي بثمر كثير. إنه يغرسنا فيه فتتبارك طبيعتنا فيه وتصير أرض جسدنا في أمان دائم.
ه. يكسر نيرهم وينقذهم من يد الذين استعبدوهم [27]. إنهعلى الصليب يمزق الصك الذي كان علينا ويعتقنا من عبودية الشيطان الذي تسلط علينا. وكما يقول الرسول: "إذ محا الصك الذي علينا في الفرائض الذي كان ضدًا لنا وقد رفعه من الوسط مسمرًا إياه بالصليب، إذ جرد الرياسات والسلاطين أشهرهم جهارًا ظافرًا بهم فيه" (كو 2: 14-15). لهذايعود حزقيال النبي فيؤكد بلسان الرب نفسه: "فلا يكونون بعد غنيمة للأمم ولا يأكلهم وحش الأرض بل يسكنون آمنين ولا مخيف" [28]، أي لا يصيرون غنيمة الشياطين ولا يأكلهم وحش شهوات الجسد (الأرض)بل يمتلئون بقوة الروح القدس واهب التعزية والغلبة.
و. لا يقف عمله عند كسر نير عبودية الشر وطرد الطبيعة الوحشية لكنه يقدم الجانب الإيجابي: "أقيم لهم غرسًا" [29]. إنه ينزع الطبيعة القديمة واهبًا الطبيعة الجديدة التي على صورته لتعمل لإشباع الإنسان به شخصيًا.
ز. أما ما يعتز به السيد فهو أنه يجعلهم "شعبه"،ويكون هو إلههم يسكن في وسطهم ويتحد بهم..."فيعلمون أني أنا الرب إلههم معهم وهم شعبي بيت إسرائيل يقول السيد الرب. وأنتم يا غنمي غنم مرعاي، أناس أنتم. أنا إلهكم يقول السيد الرب" [30-31]. هذاهو ختام عطاياه كلها، إنه يتقدم إلهًا لهم وهم غنمه، شعبه، يعتز بهم وهم يعتزون به. لهذا سمع القديس يوحنا الحبيب وصفًا للسماء أو الحياة الأبدية هكذا: "هوذا مسكن الله مع الناس، وهو سيسكن معهم، وهم يكونون له شعبًا والله نفسه يكون معهم إلهًا لهم" (رؤ 21: 3).
من وحي حزقيال34

أنت راعيّ!


*عجيبأنت يا ربي في رعايتك لي!
تهدد كل راعٍ أنانيّ
يطلب ما لنفسه على حساب رعيتك!
تحكم بنفسك بين الرعاة العنفاء والرعية المحَّطمة!
*أتيت إلى أرضنا كراعٍ صالح،
بذلت ذاتك لأجلي ولأجل كل إنسان!
فتحت لنا سمواتك كمرعى مشبع!
حوطتنا بروحك القدوس ندى يُلَّطف قلوبنا.
قدمت لنا ثمر الروح في أعماقنا!
*ماأعذب كلماتك! وما أقواها!
تقول وتعمل:
"هانذاأسأل عن غنمي وافتقدها...
أرعاها في مرعى جيد...
أنا أرعى غنمي وأربضها...
وأطلب الضال،
وإسترد المطرود،
وأجبر الكسير،
وأعصب الجريح،
وأبُيد السمين والقوي،
وأرعاها بعدلٍ".

  رد مع اقتباس
قديم 12 - 02 - 2023, 09:49 AM   رقم المشاركة : ( 38 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,316,088

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: تفسير سفر حزقيال

تفسير سفر حزقيال



نبوة ضد جبل سعير



أثناء النبوات ضد الأمم الغريبة الشامتة (ص 25-33) تنبأحزقيال النبي ضد سعير(289) مع موآب (25: 8) كما تنبأ ضد آدوم التي تضم في طياتها جبل سعير (25: 12) فلماذاعاد يتنبأ بشيء من التوسع ضد سعير أثناء حديثه عن الإصلاح الداخلي؟
1. لا يمكننا أننعزلالعمل الخارجي عن العمل الداخلي، حقًا لقد أراد الله أن يُهيئ الطريق للعودة والإصلاح الداخلي على مستوى الشعب والرعاة بهدم قوى الشر الخارجية، لكنه في الواقع العملي يرتبط الإصلاحان معًا. فلا هدم لقوى الشر الخارجي دون بدء انطلاق التوبة في الداخل، ولا إصلاح دون بدء هدم الشر الخارجي. هذا وكل إصلاح داخلي إنما يثير العدو الخارجي (إبليس) ويهيجه،لهذا كان نحميا يبني بيد ويمسك بيده الأخرى السلاح، هكذا حينما يعمل الإنسان روحيًا إنما ينبغي أن يكون متيقظًا لكل حرب تثور ضده لتحطيمه.
2. لعلهاهتمبأن يتحدث عن جبل سعير بالذات لوصول أخبارإلى المسبيين أن الأدوميين تسللواإلى يهوذا تدريجيًا بعد انكسار أورشليم، وشغلوها فأراد النبي أن يؤكد لهم أن الله ينقذ البلاد من يد هؤلاء المحتلين لها، خاصة وأن الخلاف علَى الأرض بين إسرائيل وأدوم قضية قديمة (تك 27: 40) بهذافتح علة جديدة للإصلاح، إذ يتدخل الله للإصلاح من أجل افتراءات أهل سعير، الأمر الذي يظهر بوضوح في الأصحاح التالي.

أما الأسس التي قامت عليها النبوة ضدهم فهي:
1. البغضة: بغضةسعير للشعب بغضة قديمة تأصلت في داخل قلوبهم إذ يقول: "لأنه كانت لكَ بغضة أبدية ودفعت بني إسرائيلإلى يد السيف في وقت مصيبتهم وقت إثم النهاية" [5]. لم تقف البغضة عند حدود الفرح بمصيبتهم، إنما تحولتإلى ظلم وسفك دم، دفعتهمإلى السيف. أحبت الم لذلك فالدم يتبعها، أو كما يقول الرب: "إذ لم تكره الدم فالدم يتبعك" [6].
بالكيلالذي به يكيل الإنسان يُكال له، وفي الحفرة التي يحفرها لأخيه يسقط هو، الصليب الذي أعده هامان لمردخاي علق هو عليه.
2. أغتنامها الآخرين: "لأنك قلت إن هاتين الأمتين وهاتين الأرضين تكونان لي فنمتلكهما والرب كان هناك..." [10]. هكذا حين يُريد الإنسان أن يغتنم أرضًا غير أرضه، ويملك ما ليس له، لا يدرك أن الله غير المنظور يتطلع وينظرإلى الظلم. لقد أرادت أن تمتلك ما ليس لها لهذا تفقد ما هو لها، إذ تصير مدنها خربة وتكون قفرًا [4].
3. عجرفتها المملوءة تجديفًا: "قد تعظمتم عليَّ بأفواهكم وكثرتم كلامكم عليَّ أنا سمعت" [13] حين أرادت أن تملك ما ليس لها كان الرب موجودًا هناك يرى شرهم، وإذ تعجرفت في قلبها ونطقت بشفتيها ضد الله كان الله يسمع. لقد أطال أناته كثيرًا، لكنه يُجازيها على تجديفها.
4. فرحت بضرر يهوذا يوم تأديبه: إذ سقط يهوذا في التأديب لم تتعظ بل فرحت في شماته، لهذا استحقت غضب الله: "كما فرحت على ميراث بيت إسرائيل لأنه خرب هكذا أفعل بك. تكون خرابًا يا جبل سعير أنت وكل أدوم بأجمعها فيعلمون إني أنا الرب" [15].
أي أن ما حلّ بجبل سعير إنما هو ثمرة خطيئتها الداخلية، تحمل ذات الثمر الذي لعملها، وأيضًا لأجل بنيان شعب الله إذ صار هؤلاء مغتصبين لحقوقهم فيدافع الله عن أولاده لأجل اسمه القدوس، "فيعلمون أني أنا الرب".
من وحي حزقيال 35

ليتبدد جميع أعدائك!


*منهو سعير (آدوم) الشامت في كنيستك
إلا عدو الخير العنيف سافك الدماء؟!
هوذا عدوي يبغضني!
بغضته لي قديمة جدًا،
هي بغضة لك أنت يا حبيب نفسي!
يكرهني جدًا، لأنه يكرهك!
أعَّد لك الصليب، فتحطم هو به!
*عدوييُريد أن يغتصب قلبي،
إنه ليس ملكه ولا ملكي، بل هو بكليته لك!
يُريد أن يملك ما ليس له،
يغتصب ملكوتك الذي فيّ!
قم يا رب،
وليتبدد جميع أعدائك،
وليهرب من أمام وجهك كل مبغضي اسمك!
*عدوي متعجرف،
لكن في الهاوية مصيره!
أما أنا فتحملني بروحك القدوسإلى حضن أبيك!

  رد مع اقتباس
قديم 12 - 02 - 2023, 10:00 AM   رقم المشاركة : ( 39 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,316,088

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: تفسير سفر حزقيال

تفسير سفر حزقيال





نبوة عن جبال إسرائيل

في الأصحاح السابق تنبأ حزقيال النبي على سعير بكونه يمثل عدو الخير المقاوم لله في شعبه. هنا يتحدث عن اهتمام الله بشعبه وغيرته عليهم من عدو الخير الذي يريد تحطيمهم. هذه الغيرة الإلهية تقوم على إصلاح جذري، وتجديد للطبيعة البشرية، فيتقدس في حياتهم.



1. غيرة الله على جبله:
في هذا الأصحاح كشف الله عن علة جديدة لتدخله لإصلاح حال شعبه وهي غيرته على اسمه القدوس الذي أهانه الأمم الذين ظنوا في الله أنه ضعيف بسبب ما حل بشعبه من تأديبات. لقد شمتوا في خراب شعبه وأساءوا إلى اسمه القدوس، وتسللوا إلى أرض الميراث، لتصير ميراثًا لهم عوض شعب الله، إذ يقول السيد الرب: "من أجل أن العدو قال عليكم هه. إن المرتفعات القديمة صارت لنا ميراثًا" [2]. لقد فرحوا بالهزيمة واستغلوها، لهذا قام الرب يخلص شعبه "في نار غيرته" [5]. يتطلع الرب إلى الجبال والتلال والأنهار والأودية والخرب المقفرة والمدن المهجورة التي صارت للنهب والاستهزاء لبقية الأمم من حولها ويقول: "هأنذا في غيرتي في غضبي تكلمت من أجل أنكم حملتم تعيير الأمم، لذلك... إني أرفع يدي فالأمم الذين حولكم هم يحملون تعييرهم" [7].
ما هي هذه الجبال إلا الأنبياء، والتلال هم الكهنة، والأنهار هم المعلمون، والأودية هي النفوس الضعيفة، أما الخرب المقفرة والمدن المهجورة فهي الشعب الذي هلك بسبب شره وإهمال رعايته.
إنه يتحدث مع الرعاة والرعية، الكهنة والشعب، العظماء، والمحتقرين، الثابتين كالجبال والمنهارين كالمدن الخربة... إنه يتحدث مع الجميع معلنًا أنه يتدخل لإصلاحهم، ليس من أجل أحد منهم، بل لأجل غيرته النارية بسبب تعييرات الأمم لهم وله!
لقد رفع يده [7] ليتكلم ضد الأمم، وكأنه وقف يعلن القسم، لأن عادة اليهود في ذلك الحين حينما يقسمون يرفعون أياديهم. إنه يؤكد بقسم أنه يتدخل لإصلاحهم بغيرته المتقدة. وفي هذا لا يظلم الأمم، إنما يرد عليهم أعمالهم، إذ "يحملون تعييرهم" [7]. فما يفعلونه مع غيرهم يرتد عليهم، يشربون ذات الكأس التي أعدوها لغيرهم.
يعود فيتطلع الرب إلى الجبال المقدسة كما إلى كنيسته معلنًا أنه يقدم لها إمكانية جديدة للإثمار حتى إذ يرجع إليها شعبه يجد الجبال مزروعة ومثمرة، وتُعمَر المدن وتبني الخرب [10] وتمتلئ الجبال من البشر والحيوانات [12].
عجيب هو الله في حبه للإنسان فإنه يقدم له إمكانية للعودة، لا إلى ما كان عليه قبلاً قبل السقوط والسبي، وإنما إلى حال أفضل، إذ يقول: "أسكّنكم حسب حالتكم القديمة وأُحسن إليكم أكثر ممَّا في أوائلكم فتعلمون أني أنا الرب" [11]. هذا ما فعله معنا السيد المسيح، قدم لنا الجبال المقدسة (الكنيسة) مزروعة ومهيأة للسكني فيها لا كالفردوس القديم المفقود بل وأعظم. ندخل إلى الجبال المقدسة فلا نجد شجرة الحياة بل المسيح نفسه واهب الحياة، عوض الأنهار نجد ينابيع الروح القدس تفيض بالنعم الإلهية، وعوض الدمار والخراب الذي حل بنا يمتلئ القلب بملكوت الله الأبدي.
في عهد النعمة لم يرجع الإنسان إلى حاله الأصلية قبل السقوط فحسب، وإنما صار ابنًا للآب، وعضوًا في جسد السيد المسيح وهيكلًا مقدسًا للروح القدس... أي مجد أعظم من هذا؟! لقد صار حالنا الآن -في المسيح يسوع- أفضل مما كنا عليه في أوائلنا!
ماذا يفعل الرب بجبله المقدس؟ "أكثَّر الناس عليكم... وأكثَّر عليكم الإنسان والبهيمة فيكثرون ويثمرون وأُسكّنكم... وأُمشَّي الناس عليكم شعبي إسرائيل فيرثونك، فتكون لهم ميراثا ولا تعود بعد تُثكِّلُهم" [10-12].
أنه يُكثر الناس داخل كنيسته - جبله المقدس - فيأتي بهم من المشارق والمغارب من كل أمة ولسان وشعب. يكثر الإنسان والبهيمة فيكثرون ويثمرون بمعنى أنه ليس فقط يأتي بهم من كل العالم إلى جبله، وإنما يُبارك كل واحد منهم، يبارك نفسه (الإنسان) وجسده (يرمز له بالبهيمة) فيكثرهما ويثمرهما، إذ تحمل النفس كما الجسد من ثمر الروح القدس.
لا تصير هناك عداوة بين الإنسان والحيوان، بين النفس والجسد، بل يسكنان معًا كما في الفردوس، منسجمين معًا، يعملان تحت قيادة الروح القدس.
يقول إن الناس يمشون في الجبال، إذ يدخلون كشعب الله إلى الكنيسة، ويصيرون في حالة تحرك مستمر بلا توقف حتى يرثوا الجبل المقدس، ولا يعود الموت يقترب إليهم! يدخلون إلى الكنيسة الأبدية، الميراث الإلهي، حيث لا موت ولا ألم ولا ضيق.

2. إصلاحهم بعد التأديب:
كأن النبي يسأل: مادمت ترد الشعب إلى حال أفضل مما كان عليه، فتعمر المدن الخربة وتبني الخرائب، فلماذا سمحت بالتدمير والخراب؟ وجاءت الإجابة الإلهية تعلن أن ما صنعه الله إنما لتأديب الشعب بسبب شرهم، حتى إذ سقطوا تحت التأديب وقامت الأمم بتعييرهم يقوم هو بغيرته الإلهية ويردهم إلى حال أفضل مما كانوا عليه. لقد كانت أعمالهم قبلًا نجسة كخرقة الطامث، صنعوا رجاسات وسفكوا الدماء وصاروا سبب تجديف على اسمه القدوس... ومع ذلك إذ أدبهم عاد فتحنن عليهم من أجل اسمه القدوس.

3. إصلاح جذري:
إذ تحدث عن غيرته للإصلاح بدأ بالحديث عن غاية هذا الإصلاح ثم وسائله. أما غايته فهي: "ليس لأجلكم أنا صانع يا بيت إسرائيل بل لأجل اسمي القدوس... فأقدس اسمي العظيم...فتعلم الأمم أني أنا الرب يقول السيد الرب حين أتقدس فيكم قدام أعينهم" [22-23].
ماذا يعني الرب بهذا؟ هل أنه يعمل لخلاصنا وإصلاحنا من أجل اسمه القدوس وليس لأجلنا؟ هل في هذا أنانية؟ هل يحب مجد اسمه القدوس ولا يهتم بنا؟ يستحيل! إنما في قوله "ليس لأجلكم" لا يعني عدم اهتمامه بنا، إنما لا يعمل عن استحقاق فينا، ولا بإمكانياتنا، إنما يعمل فينا لأجل اسمه بإمكانياته كقدوس. إنه يحبنا فيجعلنا موضع "تمجيد اسمه القدوس"، فيتجلى بقداسته فينا، ذلك كالأب الذي يفرح بأولاده الناجحين كأنما هو الناجح، ويحسبهم مستحقين أبوته. إنه يرفعنا من روح العبودية إلى روح البنوة القادرة أن تعلن بوضوح مجد الآب، أو يقيمنا كجسد مقدس يكشف بتصرفاته الحكيمة عن حكمة الرأس المدبر.
اهتمامه بإعلان قداسة اسمه فينا إنما هو ذات الحب لنا!
أما وسائل الإصلاح الجذري فهي:
أ. "آخذكم من بين الأمم وأجمعكم من جميع الأراضي وآتي بكم إلى أرضكم" [24]. إنها دعوة لإقامة شعب واحد مقدس، يجمعه من جميع الأراضي، أي من كل أمة ولسان وشعب، ويأتي بالكل إلى أرضهم أي إلى الكنيسة التي هي لهم. هذه هي دعوة السيد المسيح للبشرية كلها تجتمع فيه لتصير جسده المقدس، فتستريح فيه كما في أرضها أو بيتها.
ب. إن كان الله من أجل سفك الدماء ورجاسات الوثنية ظهر كضعيف وسط الأمم مسلمًا شعبه لبابل، فلكي يتمجد اسمه القدوس وتظهر قوته لا يحتاج الأمر إلى مجرد عودتهم إلى أرضهم بل بالحري إلى غفران خطاياهم بالدم الكريم المبذول عنهم. هذا الذي يتمتعون به خلال مياه المعمودية المقدسة.
"وأرش عليكم ماء طاهرًا فتطهرون من كل نجاساتكم ومن كل أصنامكم أُطهركم" [25]. بهذا ينالون غفران خطاياهم فيحق لهم العودة إلى مدنهم وبناء خرائبهم: "هكذا قال السيد الرب: في يوم تطهيري إياكم من كل آثامكم أسكنكم في المدن فتبني الخرب وتفلح الأرض الخربة عوضًا عن كونها خربة أمام عيني كل عابر" [33-34].
هذا هو عمل المياه المقدسة، إذ يقول القديس برناباس: [حقًا إننا ننزل في الماء مملوءين من الخطايا والدنس ونصعد حاملين ثمرًا في قلوبنا، حاملين في روحنا خوف (الله) والرجاء بيسوع ].
ويقول القديس إكليمنضس الإسكندري: [المعمودية تغسلنا من كل عيب، وتجعلنا هيكل الله المقدس، وتردنا إلى شركة الطبيعة الإلهية بواسطة الروح القدس.]


ج. لا يقف التطهير في المياه المقدسة عند غسلنا من الخطايا القديمة وإزالة كل عيب فينا، وإنما يمتد إلى منحنا طبيعة جديدة تقوم عوض الطبيعة الفاسدة التي كانت لنا، طبيعة تناسب الحياة الجديدة في الأرض الجديدة: "وأعطيكم قلبًا جديدًا وأجعل روحًا جديدة في داخلكم وأنزع قلب الحجر من لحمكم وأعطيكم قلب لحم" [26]. هذا القلب الجديد وهذه الروح الجديدة إنما يتحققان بنوالنا الميلاد الروحي الجديد في مياه المعمودية المقدسة.
ويقول القديس كبريانوس: [إنها المعمودية التي فيها يموت الإنسان القديم ويولد الإنسان الجديد كما يعلن الرسول مؤكدًا أنه خلصنا بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس (تي 3: 5) ].
د. بنوالنا الغفران وتمتعنا بالقلب الجديد بواسطة الروح القدس داخل مياه المعمودية إنما نتهيأ لقبول الروح القدس فينا في الميرون. هذه هي علامة العهد الجديد، عطية السيد المسيح لنا أنه وهبنا روحه، إذ يقول: "وأجعل روحي في داخلكم وأجعلكم تسلكون في فرائضي وتحفظون أحكامي وتعملون بها" [27]. هذه هي الإمكانية الجديدة للسلوك في وصايا الرب وحفظ أحكامه والعمل بها، إنها إمكانية روحه القدوس الذي وُهب لنا في داخلنا. لهذا ركز الأنبياء على هذه العطية، فمن أقوالهم:
"وأجعل روحي فيكم فتحيون" (حز 37: 14).
"لا أحجب وجهي عنهم بعد لأني سكبت روحي على بيت إسرائيل" (حز 39: 26).
"لأني أسكب ماء على العطشان وسيولًا على اليابسة. أسكب روحي على نسلك وبركتي على ذريتك" (إش 44: 3) (عمل الروح القدس فينا كعمل المياه في العطشان والسيول في الأرض اليابسة).
"ويكون بعد ذلك أني أسكب روحي على كل بشر، فيتنبأ بنوكم وبناتكم ويحلم شيوخكم أحلامًا ويري شبابكم رؤى، وعلى العبيد أيضًا وعلى الإماء أسكب روحي في تلك الأيام" (يؤ 2: 28-29).
ه. تذكرنا الدائم لضعفنا، إذ يقول: "فتذكرون طرقكم الرديئة وأعمالكم غير الصالحة وتمقتون أنفسكم أمام وجوهكم من أجل آثامكم وعلى رجاساتكم" [31]. إن كان الله قد وهبنا غفران خطايانا في استحقاقات دمه وأعطانا طبيعة جديدة وقدم لنا روحه ساكنا فينا، لكننا وسط فرحنا بأعمال الله العظيمة معنا ورجائنا المستمر فيه ينبغي أن نذكر ضعفاتنا تبكيتًا لنفوسنا وتحذيرًا لنا لئلا نسقط. وكما يقول المرتل التائب: "خطيتي أمامي في كل حين" (مز 51). وكأننا بالمفلوج الذي شفي وقام من سرير مرضه لكنه يلتزم أن يحمل سريره فلا ينسي ضعفاته. غير أنه يليق بنا في تذكرنا لخطايانا أن نسلك بروح التمييز، فلا نذكر خطايانا بتفاصيلها فنتعثر بتذكارها، كما لا نذكرها بروح اليأس فنفقد فرحنا بالخلاص.
وقد تحدث القديس بينوفيوس كثيرًا في هذا الأمر محذرًا إيانا لئلا بسبب تذكر الخطايا تختنق نفوسنا من رائحة البالوعات الخانقة .
و. النمو الدائم: من خلال تذكرنا لضعفنا الذاتي نؤمن بالذي يعمل فينا بغير انقطاع لأجل بلوغنا الكمال. شعورنا بضعفنا ربما يُحطم نفوسنا، لكن إيماننا بالذي يعمل فينا على الدوام يُنمينا، لهذا يكمل الرب قائلاً: "إني أنا الرب بنيت المنهدمة وغرست المقفرة. أنا الرب تكلمت وسأفعل" [36]. يقول أيضًا: "أكثّرهم كغنم أُناسٍ، كغنم مقدس، كغنم أورشليم في مواسمها فتكون المدن الخربة ملآنة غنم أُناسٍ" [37-38]. إنه يعمل فينا ليملأ أورشليمنا الداخلية بالثمر المتكاثر، وينطق بنا من مجد إلى مجد ليدخل بنا إلى كماله.

من وحي حزقيال 36
أقمني جبلًا مقدسًا لك!


* أقمني يا رب جبلًا مقدسًا لك!
تجعلني ثابتًا كالجبال،
لا يقدر عدو الخير أن يزحزحني!
* لترسل روحك القدوس كمطر عليّ،
يحولني إلى جنة مثمرة.
اَحمل في داخلي صليبك.
شجرة الحياة الأبدية.
* أنت تكثر الناس والبهائم،
تبارك نفسي العاقلة،
وتقدس جسدي فلا يحمل بعد طبيعة حيوانية!
روحك القدوس يجدد طبيعتي فأحيا أبديًا!
* يا لغنى نعمتك!
يا لفيض حنانك!
أنت تغفر لي خطاياي وعصياني،
تنزع عني نجاساتي وتهبني الحياة المقدسة!
أما أنا فأذكر دومًا ضعفي،
وأعترف لك بفضلك عليّ!
أقمني يا رب جبلًا مقدسًا لك!


  رد مع اقتباس
قديم 12 - 02 - 2023, 10:35 AM   رقم المشاركة : ( 40 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,316,088

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: تفسير سفر حزقيال

تفسير سفر حزقيال

القيامة من الأموات



إذ يتحدث عن الإصلاح الداخلي من خلال المعمودية المقدسة والتمتع بالقلب الجديد والروح الجديد. ونوالهم الروح القدس في داخلهم التزم أن يحدثهم عن عمل الروح فيهم بكونه "إقامة من الأموات".

1. وادي العظام اليابسة:

إذ طرد الشعب من وطنه بسبب رجاساته الوثنية وسفكه الدماء تحولت مدنه إلى خراب لا يسكنها أحد، فصارت وكأنها بقعة ملآنة عظامًا كثيرة ويابسة جدًا. صارت أشبه بأرض معركة قتل فيها كل الرجال ولم يوجد من يدفنهم، فصاروا عظامًا كثيرة مبعثرة، لفتحها الشمس وهبَّت عليها الرياح زمانًا طويلًا فجفت جدًا. بمعنى آخر صارت كأنها قبر مفتوح يضم عظامًا بلا حياة! هذه ليست صورة المدن بل بالأحرى هي صورة الشعب نفسه الذي تشتت في مواضع كثيرة بنفس محطمة فصار أشبه بوادي الموت يحوي عظامًا يابسة تحتاج إلى من يقيمها من موتها، ويجمعها من جديد ويهبها الحياة.

هذه الرؤيا في الحقيقة قدمت لنا القيامة من الأموات كعمل إلهي مستمر عبر التاريخ من جوانب متعددة، منها:
أ. قيامة الشعب القديم برده من السبي البابلي مرة أخرى إلى أرض الموعد كمملكة واحدة بقلب واحد جديد...
ب. قيامة النفوس من موت الخطيئة للدخول إلى حياة البر والقداسة، الحياة السماوية الروحية الإلهية، ذلك بفعل كلمة الله المتجسد واهب الحياة.
ج. قيامة كنيسة العهد الجديد من كل الأمم والشعوب، هؤلاء الذين قبلوا الإيمان فأنعم عليهم بالقيامة من الموت إلى الحياة، ليعيشوا عروسًا سماوية، من خلال الكرازة بالإنجيل.
د. قيامة أجساد القديسين في يوم الرب العظيم حيث تتقبل النفوس التي سبق أن تمتعت بالقيامة من خلال إيمانها بالسيد المسيح، الأجساد التي لها، ليبقى الإنسان نفسًا وجسدًا في الأمجاد الأبدية. فقد استخدمت عبارات هذا الأصحاح في الكنيسة الأولى كشهادة عن القيامة. نذكر على سبيل المثال العلامة ترتليان الذي وافق أن هذه النبوة تشير إلى قيامة الشعب من الموت (السبي)، وفي نفس الوقت يرى فيها إعلانًا عن حقيقة الجسد الذي لا يمكن إنكارها(294).

كما يقول القديس أمبروسيوس: [يا لعظمة محبة الرب المترفقة فقد أخذ النبي كشاهد للقيامة المقبلة، فنراها نحن من خلال عينه. إذ لا يمكن أن يؤخذ الكل كشهود عيان، ففي هذا الواحد صرنا نحن شهودًا ].
ه. يرى البعض أن هذا الأصحاح يتنبأ عن قيام إسرائيل وقبولها الإيمان بالسيد المسيح في أواخر الدهور، فيعمل الروح القدس فيهم ويقيمهم من موت عدم الإيمان.
أما بخصوص الرؤيا فقد جاء وصفها يُعبِّر بدقة عن عمل الله في إقامتنا من الأموات. يبدأ الرؤيا بقوله: "كانت عليَّ يد الرب فأخرجني بروح الرب وأنزلني في وسط البقعة وهي ملآنة عظامًا، وأمرَّني عليها من حولها، وإذا هي كثيرة جدًا على وجه البقعة وإذا هي يابسة جدًا" [1-2]. إن كانت يد الرب -كما سبق أن رأينا- تشير إلى الأقنوم الثاني، ابن الله المتجسد، فكأنه ما كان يمكن لحزقيال النبي أن ينزل إلى البقعة ولا أن يرى العظام اليابسة الكثيرة المبعثرة ولا أن يشاهد القيامة ما لم يمسك السيد المسيح بيده ويقوده بروحه وينزل به إلى البقعة.

إنه عمل السيد المسيح -يد الرب- أن يخرجنا بروح الرب من ذواتنا وينطلق بها أولًاً إلى البقعة، فننزل هناك ونرى ما نحن عليه من موت ليعود فيرفعنا إلى بهجة القيامة معه. إنه وعد بإرسال روحه القدوس ليبكت على الخطيئة (يو 16: 8)، هذا الروح الإلهي الذي يفتح بصيرتنا، فنتعرف على موتنا، وعندئذ نتقبل القيامة فينا.
بمعنى آخر لو أن حزقيالنا الداخلي أراد أن ينزل بنفسه إلى البقعة لما استطاع أن يخرج من "الأنا"، لأن هذا هو عمل روح الرب أن يخرجه ليرى بمنظار الرب لا بالمنظار البشري القاتم. ولو أنه نزل واكتشف الموت لتحطم تمامًا، لأنه ما كان يمكنه أن يلمس القيامة ويختبرها إلا من خلال السيد المسيح نفسه القائم من الأموات. لهذا يميز الآباء القديسون بين التوبة الصادقة والندامة البشرية، الأولى هي ثمر الروح الإلهي الذي يملأ النفس عزاءًا ورجاء في أمر لحظات التوبة ووسط الدموع، أما الندامة البشرية فتدفع إلى اليأس كما حدث مع يهوذا حين بكَّته ضميره دون الالتجاء إلى المخلص وطلب عمل روح الرب فيه.
2. عودة الحياة للعظام:

إذ تنبأ حزقيال النبي كما أمره الرب صار صوت فرعش وعندئذ تقاربت العظام، كل عظم إلى عظمه [7]. لعل الصوت يشير إلى "كلمة الله" أو الصوت الإلهي الذي يهب الحياة والقيامة، أما الرعش فيشير إلى تدخل روح الله. أما تقارب العظام كل عظم إلى عظمه فيتم بخطة إلهية دقيقة، فيه إشارة إلى تجميع الشعب اليهودي من الشتات وضم أفراد كل سبط معًا. وفيه أيضًا إعلان عن تكامل جسد المسيح الذي هو الكنيسة التي تجمعت من كل جنس ولسان وأمة وكأنها عظام مبعثرة يابسة، ضمها الروح القدس معًا لتصير جسد المسيح المقدس الواحد، العامل معًا. وفي هذا العمل أيضًا صورة حيَّة لعمل الروح القدس في النفس البشرية وقد صارت حطامًا، فإنه يضم العظام معًا بطريقة فائقة لتعمل طاقات الإنسان ومواهبه معًا في انسجام بخطة إلهية.

"قال السيد الرب: هلم يا روح... وهُبَّ على هؤلاء القتلى ليحيوا" [9]. إنه عمل الله الذي يرسل روحه القدوس على النفس وقد صارت كالقتيل فيهبها حياة. وهنا لا يقف عمل الروح عند ذلك، وإنما يجعلها تحمل قوة عمل وخدمة، إذ يجعل منها "جيشًا عظيمًا جدًا جدًا" [10]. وكأن الإنسان في موته يكون مجموعة عظام كثيرة ويابسة جدًا، وفي قيامته بالله يصير جيشًا عظيمًا جدًا جدًا. حياتنا الروحية لا يعرف فيها أنصاف الحلول، إما موت قاتل أو حياة قوية وفعالة. ففي مزمور التوبة إذ التقى المرتل بالله مخلصه لم يكتف بتوبته ورجوعه إلى الحياة بعد الموت بل قال "أعلم الأثمة طرقك والمنافقون إليك يرجعون (مز 51: 13)... لقد ذاق الحياة بعد الموت فلا يكف على أن يكرز بهذه الحياة لكل أثيم ومنافق لكي يدخل الكل معه إلى هذه الحياة الجديدة.
3. قيامة القلب:

لئلا يظن السامع أن ما رآه حزقيال النبي يخص مجرد رجوع الشعب من السبي إلى أرض الموعد أكد الرب بوضوح أن هذه الرؤيا أيضًا تعلن قيامة النفس التي ماتت باعتزالها إلهها، وقيامة القلب الذي حطمه اليأس فصار قبرًا يضم عظامًا يابسة. لهذا يقول الرب: "ها هم يقولون يبست عظامنا وهلك رجاؤنا. قد انقطعنا... هأنذا أفتح قبوركم وأصعدكم من قبوركم يا شعبي" [12]. إنه يتحدث مع أناس أحياء حسب الجسد أموات حسب الروح، لهذا يفتح قبورهم الداخلية ويقيم نفوسهم. هنا يكرر تعبير "يا شعبي"... فبعد أن كان يدعوه "الشعب" صار الآن بقوة القيامة "شعب الله"، يفرح الرب بأن ينسبه إليه.
4. القيامة والوحدة:


طلب الرب من حزقيال النبي أن يأخذ عصا يكتب عليها ليهوذا ولبني إسرائيل رفقائه وأخرى يكتب عليها ليوسف عصا أفرايم وكل بيت إسرائيل رفقائه، ويقرنهما معًا كعصا واحدة في يده. وكأن في هذا العمل الرمزي نبوة عن اتحاد يهوذا مع أفرايم، أي مملكة الجنوب مع الشمال... ويلاحظ في هذا الرمز والتفسير الذي قدمه الرب نفسه بطريقة مطولة الآتي:
أ. أن القيامة ليست عملًا فرديًا، لكنها وإن كانت عملًا شخصيًا يتذوقه كل إنسان وينعم به شخصيًا لكنه يتقبل القيامة بكونها دخول به إلى العضوية في الشعب الواحد، الكنيسة الواحدة، عروس المسيح الواحد. حينما تحدث الرسول بولس إلى أهل أفسس عن الكنيسة بكونها جسد المسيح المتمتع بالقيامة معه، تحدث عنها لا كأعضاء منعزلة بعضها عن بعض، بل كأعضاء لبعضها البعض تنعم بإمكانيات السيد المسيح لها. يقول عن الكنيسة: "يجمع كل شيء في المسيح" (أف 1: 10)، "التي هي جسده ملء الذي يملأ الكل في الكل" (1: 23). "الذي فيه كل البناء مركبًا معًا ينمو هيكلاً مقدسًا في الرب، الذي فيه أنتم أيضًا مبنيون معًا مسكنًا لله في الروح" (2: 21-22). ففي المسيح أجتمع مع كل إخوتي بوحدانية الروح لكي يعلن الجسد كاملًا، وفيه أنمو ليس منفردًا لكنني كجزء لا يتجزأ من الهيكل المقدس الواحد، وأمثل نصيبًا حيًا في مسكن الله الواحد، أي في مقدساته. قيامتي إنما هي جزء لا يتجزأ من قيامة الكنيسة الجامعة، وقيامة الجسد كله إنما هو سر قيامتي في الرب.
ب. اختار الرب في المثل عصوين صارتا في يد النبي عصا واحدة، وكأنهما عارضتا الصليب، العارضة الطولية والعارضة العرضية اجتمعتا في يد الرب فأعلنت الوحدة من خلال الصليب. وقد سبق لي أن عرضت أقوال الآباء عن عمل الصليب وفاعليته بضمنا إلى وحدة طولية وأخرى عرضية .
وحدتنا الأولى مع الله وحدة السماء مع الأرض، أما الوحدة العرضية فهي وحدة الأمم والشعوب أو وحدة البشر معًا خلال الصليب، إذ يقول الرسول "ولكني الآن في المسيح يسوع أنتم الذين كنتم قبلًا بعيدين صرتم قريبين بدم المسيح... يصالح الاثنين في جسد واحد مع الله بالصليب قاتلًا العداوة به" (أف 2: 13-16). بالصليب قتل العداوة بين السماء والأرض، وقتل العداوة التي كانت بين البشر وبعضهم البعض.
ج. نقشت أسماء الأسباط جميعًا من المملكتين على الصليب (العصوين) ليجد كل إنسان له موضعًا في أحشاء المصلوب المملوء حبًا بلا تمييز.
د. سر هذه الأمة الواحدة أو الشعب الواحد الذي تمتع بالقيامة من الأموات هو إقامة "ملك واحد يكون ملكًا عليهم كلهم" [22]. معلنًا هكذا: "داود عبدي يكون ملكًا عليهم ويكون لجميعهم راعٍ واحدٍ" [24].

سر الوحدة أن ندخل جميعنا "في المسيح يسوع" راعينا الواحد، ونوجد في المحبوب (أف 1: 6)، نجتمع معًا: السمائيون والأرضيون (أف 1: 10). فيه ننعم بالخليقة الجديدة (أف 2: 10)، ويضمنا نحن الذين كنا غرباء وبعيدين فصرنا قريبين إليه (أف 2: 7) ليكتمل بناؤنا فيه كمقدس إلهي حيّ وهيكل الله الأبدي.
ه. إنه يقيمنا كنيسة واحدة تتمتع بالحياة المقامة أي بحياته الإلهية من خلال العهد الأبدي الذي قطعه معنا، عهدًا مؤبدًا، فيه يتعهد لا بقيامتنا فحسب بل ونموّنا الدائم من خلال إقامته في وسطنا وفوقنا...
أي يحل في وسط شعبه، ويصير شعبه عرشًا إلهيًا كالكاروبيم يحملونه فوقهم. هذا ما عناه بقوله "وأقطع معهم عهد سلام فيكون معهم عهدًا مؤبدًا وأقرهم وأكثرهم وأجعل مقدسي في وسطهم إلى الأبد ويكون مسكني فوقهم" [26-27]. لقد سلمنا هذا العهد في أيدينا فصار معنا نتمسك به، من خلاله نتقدس بحلوله فينا وقبوله إيانا عرشًا له... هذا هو سر تقديسنا، إذ يقول: "فتعلم الأمم إني أنا الرب مقدس إسرائيل" [28]. هذا هو إسرائيل الجديد الذي قبل الله كَسِر تقديسه!
من وحي حزقيال 37

وادي العظام اليابسة


* ماذا ترى فيّ يا مخلصي؟
إني وادي العظام اليابسة!
بروحك القدوس تهبني الحياة المقامة!
عوض الموت تهبني الحياة!
عوض الفساد تهبني النقاوة والقداسة!
عجيب هو عملك أيها القائم من الأموات،
تقيمنى وتجعل مني جيشًا عظيمًا جدًا جدًا!

* بروحك القدوس تقدس عواطفي وأحاسيسي،
تقدس قلبي وفكري،
تقدس مواهبي وإمكانياتي،
تقدس أفكاري وأقوالي وأعمالي...
وتقيم من هذا كله جيشًا عظيمًا جدًا جدًا!
* تقيمني فأتحد مع بقية إخوتي!
تجعلنا عصا واحدة،
بقلب واحدٍ وروحٍ واحدة!
أنت هو قيامتنا وسر وحدتنا!
لتملك أيها الرأس القائم من الأموات،
فتجعلنا كنيسة واحدة تنعم بالحياة المُقامة!
  رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
هل نبوة حزقيال عن ياتي الذي له الحكم هي عن رسول الاسلام ؟ حزقيال 21
هل استجابة الرب لطلبة حزقيال يعتبر ناسخ ومنسوخ ؟ حزقيال 4: 10-12
تفسير سفر حزقيال - د/ مجدى نجيب
تفسير "حزقيال 23" اهولة واهوليبة (للرابي اليهودي الحاخام جاك أبرامويتز)
" تفسير مجازى للرؤيا الموصوفة في سفر حزقيال النبي"


الساعة الآن 02:01 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025