![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 31 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() الفصل الثانى عشر 1- إن نعمة مماثلة الصورة الإلهية كانت كافية في حد ذاتها لكي تجعلنا نعرف الله الكلمة، ونعرف الآب بواسطته, غير أن الله إذ كان يعرف ضعف البشر، وضع في اعتباره أيضًا إهمالهم لمعرفة الله, حتى اذا لم يهتموا أن يعرفوا الله من تلقاء أنفسهم استطاعوا بواسطة المخلوقات أن يتجنبوا الجهل بخالقها. 2- ولأن إهمال البشر انحدر قليلاً قليلاً نحو السفليات فقد أعدّ الله مرة أخرى علاجًا لضعفهم، فأرسل لهم ناموسًا وأنبياءً معروفين لديهم، حتى أنهم إذا لم يرفعوا عيونهم إلى السماء ليعرفوا الخالق استطاعوا أن يتعلموا ممن يعيشون بينهم، وذلك لأن البشر يستطيعون أن يتعلموا من البشر أمثالهم عن الأمور العليا بطريقة مباشرة. 3- وهكذا كان متاحًا لهم إذا رفعوا عيونهم إلى عظمة السماء وأدركوا تناسق الخليقة أن يعرفوا مدبرها كلمة الآب، الذي بتدبيره لكل الأشياء يعرِّف الآب للجميع، وهو الذى يحرِّك كل الأشياء لهذه الغاية عينها حتى يستطيع الجميع أن يعرفوا الله بواسطته. 4- أو لو صعب عليهم هذا لكان في مقدورهم على الأقل أن يلتقوا بالرجال القديسين، وبواسطتهم يعرفوا الله خالق الكل، أبا المسيح، وأن عبادة الأوثان هي كفر بالله ومملوءة بكل جحود وفساد. 5- أو كان متيسرًا لهم بمعرفتهم للناموس أن يكّفوا عن كل تعدٍ وأن يعيشوا حياة الفضيلة, لأن الناموس لم يكن فقط لليهود، ولا أُرسِل الأنبياء إلى اليهود فقط. ولكن، وإن كانوا قد أُرسِلوا لليهود ومن اليهود اضطهدوا إلاّ أنهم كانوا معلّمين مقدسين للمسكونة كلها، يعلّمون عن معرفة الله وعن سلوك النفس. 6- وبالرغم من عِظمْ صلاح الله ومحبته للبشر فإن البشر إذ انغلبوا من شهواتهم الزائلة ومن الضلالات والغوايات التى أرسلتها الشياطين فإنهم لم يقبلوا الحق, بل ثقّلوا أنفسهم بالشرور والخطايا إلى الحد الذي يجعلهم لا يظهرون بعد كخلائق عاقلة، بل من طريقة تصرفاتهم يُحسبون مجردين من العقل. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 32 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() الفصل الثالث عشر 1- وإذ صار البشر هكذا كالحيوانات غير العاقلة، وسادت غواية الشيطان فى كل مكان حتى حجِبت معرفة الإله الحقيقي، فما الذى كان على الله أن يفعله؟ أيصمت أمام هذا الضلال العظيم ويدع البشر يضلون بتأثير الشيطان ولا يعرفون الله؟ 2- وما هي الفائدة من خلق الإنسان أصلاً على صورة الله؟ كان من الأفضل له لو أنه خُلق مثل مخلوق غير عاقل من أن يُخلق عاقلاً ثم يعيش كالحيوانات غير العاقلة. 3- أم هل كانت هناك ضرورة على الإطلاق أن يُعطَى فكرة عن الله منذ البداية؟ لأنه إن كان حتى الآن هو غير جدير بأن ينالها، فكان الأولى ألاّ تُعطى له من البداية. 4- وما هى الفائدة التى تعود على الله الذي خلقهم, وكيف يتمجد إن كان البشر الذين خلقهم لا يعبدونه, بل يظنون أن آلهة أخرى هي التي خلقتهم؟ لأنه بهذا يظهر أن الله قد خلقهم لا لنفسه, بل للآخرين. 5- ومرة أخرى نقول: أي ملك، وهو مجرد إنسان بشري، إذا امتلك لنفسه بلادًا يترك مواطنيه لآخرين يستعبدونهم؟ وهو لا يدعهم يلتجئون لغيره، لكنه ينذرهم برسائله, ثم يُرسل إليهم أصدقاءه مرارًا، وإن اقتضى الأمر يذهب اليهم بشخصه، لكى يوبخهم بحضوره، كآخر وسيلة يلجأ إليها. وكل ذلك لكى لا يصيروا خدامًا لغيره فيذهب عمله هباءً. 6- أفلا يشفق الله بالأولى على خليقته كى لا تضل عنه وتعبد الأشياء التي لا وجود لها، وبالأكثر عندما يظهر أن هذه الضلالة هي سبب هلاكهم وخرابهم؟ وليس لائقًا أن يهلك هؤلاء الذين قد كانوا مرة شركاء في صورة الله. 7- إذن فما هو الذى كان ممكنًا أن يفعله الله؟ وماذا كان يمكن أن يتم سوى تجديد الخليقة التي وُجدت على صورة الله مرة أخرى، ولكي يستطيع البشر أن يعرفوه مرة أخرى؟ ولكن كيف كان ممكنًا لهذا الأمر أن يحدث إلاّ بحضور نفس صورة الله, مخلّصنا يسوع المسيح؟ كان ذلك الأمر مستحيلاً أن يتم بواسطة البشر لأنهم هم أيضًا خُلِقوا على مثال تلك الصورة. ولا أيضًا بواسطة الملائكة لأنهم ليسوا صورًا لله, ولهذا أتى كلمة الله بذاته لكي يستطيع, وهو صورة الآب, أن يجدّد خلقة الإنسان على مثال الصورة. 8- وإضافة إلى ذلك, فهذا لم يكن ممكنًا أن يتم أيضًا دون أن يُباد الموت والفساد. 9- ولهذا فقد كان من اللائق أن يأخذ جسدًا قابلاً للموت حتى يمكن أن يُبيد فيه الموت ويجدّد خلقة البشر الذين خلقوا على صورته. إذن فلم يكن كفؤًا لسد هذه الحاجة سوى صورة الآب. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 33 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() الفصل الرابع عشر 1- وكما أنه لو كانت هناك صورة لشخص مرسومة على قماش مثبّتة على لوحة خشبية وتلطخت هذه الصورة من الخارج بالأقذار، مما أدى إلى اختفاء ملامحها، ففي هذه الحالة لابد من حضور صاحب الصورة نفسه ثانية لكي يمكن إعادة تجديد الصورة على نفس قماش اللوحة، فلا يلقى بالقماش لأن صورته رُسمت عليه، بل يُجدِّد الرسم عليه مرة أخرى.2- وعلى هذا النحو، فقد أتى إلى عالمنا الكليّ القداسة, ابن الآب، إذ هو صورة الآب، لكى يجدّد الإنسان الذي خُلِق مرة على صورته، ويخلّص ما قد هلك بمغفرة الخطايا، كما يقول هو في الأناجيل: "جئت لكي أطلب وأخلّص ما قد هلك" . ولأجل هذا أيضًا قال لليهود: "إن كان أحد لا يولد ثانية" , وهو لا يقصد بهذا, كما ظنوا, الولادة من امرأة، بل قصد التحدث عن إعادة ميلاد النفس وتجديد خلقتها بحسب الصورة. 3- ولكن إن كانت العبادات الوثنية والمعتقدات الإلحادية قد سيطرت على المسكونة، وإن كانت معرفة الله قد أُخفيت، فمن ذا الذي كان قادرًا أن يقوم بتعليم المسكونة عن الآب؟ وإن قال أحد إن هذه هى مهمة إنسان أجبناه أنه لم يكن في استطاعة إنسان أن يطوف المسكونة كلها, كما أنه ليس من طبيعته أن تكون لديه القدرة على الركض لمثل هذه المسافات الشاسعة، ولا هو يستطيع أن يدّعي القدرة على القيام بهذا العمل. كما أن البشر لا يستطيعون من تلقاء أنفسهم أن يقاوموا غواية الأرواح الشريرة وحيلها. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 34 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() 4- لأنه طالما أن الجميع ضلوا واضطربت نفوسهم بسبب غواية الأرواح الشريرة وأباطيل الأوثان, فكيف كان ممكنًا لهم أن يغيّروا نفوس البشر وعقولهم وهم أنفسهم عاجزون عن رؤية النفس والعقل؟ وكيف يمكن لأى كائن أن يغيّر النفس وهو لا يراها أو يعرفها؟
5- وقد يقول أحد إن الخليقة كانت كافية. لكن لو كانت الخليقة كافية لما حدثت كل هذه الشرور الفظيعة، لأن الخليقة كانت موجودة بالفعل ومع ذلك كان البشر يسقطون في نفس الضلال عن الله. 6- فإلى من إذن كانت الحاجة الاّ إلى كلمة الله الذي يبصر النفس والعقل، وهو المحرك لكل ما في الخليقة، والتي من خلالها يجعل الآب معروفًا؟ لأن ذلك الذى بأعمال عنايته وتدبيره لكل الأشياء يعلّم عن الآب, أنه من يستطيع أيضًا أن يجدّد ذلك التعليم عينه. 8- وكيف كان ممكنًا أن يحدث هذا؟ ربما قال امرء بأن هذا كان ممكنًا أن يحدث بنفس الطريقة السابقة، حتى أنه مرة أخرى, عن طريق أعمال الخليقة, يمكن أن يعلن معرفة الآب. لكن هذه الوسيلة لم تعد مضمونة، وبالتأكيد هى غير مضمونة، لأن البشر قد أهملوها سابقًا، بل أنهم لم يعودوا يرفعون أعينهم إلى فوق, بل صاروا يشخصون إلى أسفل. 9- ولهذا كان من الصواب، إذ أراد منفعة البشر، أن يأتى الينا كإنسان آخذًا لنفسه جسدًا شبيهًا بجسدهم من أسفل. حتى يستطيع الذين لا يريدون أن يعترفوا به، من خلال أعمال عنايته وسلطانه على كل الأشياء، أن يبصروا الأعمال التي عملها بجسده هنا على الأرض, ويعرفوا كلمة الله الحال في الجسد, ومن خلال الكلمة المتجسد يعرفون الآب. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 35 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() الفصل الخامس عشر 1- وكما أن المعلّم الصالح الذي يعتني بتلاميذه، إذ يرى أن بعضًا منهم لا يستفيد من العلوم التي تسموا فوق إدراكهم، فإنه يتنازل إلى مستواهم ويعلّمهم أمورًا أبسط، هكذا فعل كلمة الله كما يقول بولس: "إذ كان العالم في حكمة الله لم يعرف الله بالحكمة استحسن الله أن يُخلّص المؤمنين بجهالة الكرازة" .2- ولأن البشر قد تركوا التأمل في الله وانحطت نظراتهم إلى أسفل كأنهم قد غاصوا في الأعماق باحثين عن الله في عالم الحسيّات، صانعين لأنفسهم آلهة من البشر المائتين ومن الشياطين، لهذا فإن محب البشر ومخلّص الجميع كلمة الله أخذ لنفسه جسدًا ومشى كإنسان بين البشر، وجذب أحاسيس كل البشر نحو نفسه، لكي يستطيع أولئك الذين يظنون أن الله له جسد مادى، أن يدركوا الحق عن طريق الأفعال التي يعملها الرب بواسطة جسده، وعن طريقه يعرفون الآب. 3- ولأنهم بشر ويفهمون كل شيء بطريقة بشرية، فعندما يستخدمون إحساساتهم الجسدية لتفسير هذه الأفعال ويحاولون فهمها بدقة, فإنهم يرون أنفسهم قد قوبلوا في منتصف الطريق، وهكذا يتعلمون الحق من كل ناحية. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 36 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() 4- فإن نظروا إلى الخليقة وعبدوها عن خوف فإنهم يرون مع ذلك أنها تعترف بالمسيح ربًا. وإن اتجهوا بأفكارهم إلى البشر، ظانين أنهم آلهة وجدوا, رغم ذلك, أن أعمال المخلّص إن قورنت بأعمال البشر فإنها تظهره هو وحده أنه ابن الله دون سائر البشر، لأنه لم يقم بينهم قط من استطاع أن يعمل الأعمال التي عملها كلمة الله.
5- وإن كانوا انحرفوا وراء الأرواح الشريرة، فعندما يرون الكلمة يطردها, يجب أن يدركوا أن كلمة الله وحده هو الله, وأن تلك الأرواح ليست آلهة. 6- وإن كانت عقولهم قد هبطت إلى الأموات، فعبدوا الأبطال والآلهة التى تحدث عنها شعراؤهم، فإنهم بعد أن رأوا قيامة المخلّص, فيجب عليهم أن يعترفوا أن تلك الآلهة كاذبة، وأن الرب وحده هو الإله الحق، كلمة الآب، وهو الذي يسود على الموت أيضًا. 7- ولأجل هذا السبب وُلِد وظهر كإنسان، ومات، وقام. وهو قد أظهر بأعماله التي غطّت على أعمال كل من سبقوه من البشر، أن أعمالهم ضعيفة. وحتى إذا انحرفوا إلى أية ناحية فإنه يستردهم من هناك ويعلّمهم عن أبيه الحقيقي، كما يقول عن نفسه: "أنا قد جئت لكى أطلب وأخلّص ما قد هلك". |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 37 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() الفصل السادس عشر 1- فطالما أن فكر البشر قد انحط كلية إلى الأمور الحسيّة، فالكلمة أيضًا تنازل وأخفى نفسه بظهوره في جسد، لكى يجذب البشر إلى نفسه كإنسان، ويوجه إحساساتهم نحوه، ومن ثم إذ يتطلع إليه البشر كإنسان فإنهم بالأعمال التي يعملها يقتنعون إنه ليس مجرد إنسان, بل وإله أيضًا، وكلمة الإله الحقيقي وحكمته.2- وهذا أيضًا هو ما قصده بولس الرسول عندما يقول: "وأنتم متأصلون ومتأسسون في المحبة, حتى تستطيعوا أن تدركوا مع جميع القديسين ما هو الطول والعرض والعمق والعلو, وتعرفوا محبة المسيح الفائقة المعرفة, لكي تمتلئوا إلى كل ملء الله" . 3- لقد امتلأت كل الأشياء من معرفة الله بإعلان الكلمة نفسه في كل مكان, فوق وتحت، في العمق وفي العرض، أما "فوق" ففي الخليقة، و"تحت" بصيرورته إنساناً، وفي "العمق" بنزوله إلى الجحيم، وفي "العرض" أى في كل المسكونة. لقد امتلأ الكل من معرفة الله. 4- ولهذا السبب أيضًا فإنه لم يتمم ذبيحته عن الكل بمجرد مجيئه مباشرة، بتقديم جسده للموت ثم إقامته ثانية. لأنه لو فعل ذلك لجعل ذاته غير ظاهر، ولكنه صيّر نفسه ظاهرًا جدًا بتلك الأعمال التي عملها وهو في الجسد والمعجزات التي أظهرها، وبذلك صار معروفًا أنه ليس بعد مجرد إنسان فقط بل أنه هو الله الكلمة. 5- لأن المخلّص تمّم بتأنسه عمليتى المحبة: أولاً أنه أباد الموت من داخلنا وجدّدنا ثانية. ثانيًا أنه إذ هو غير ظاهر ولا منظور، فقد أعلن نفسه وعرّف ذاته بأعماله في الجسد، بأنه كلمة الآب، ومدّبر وملك الكون. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 38 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() الفصل السابع عشر 1- لأنه لم يكن محصورًا في الجسد, كما قد يتوهم البعض, أو أنه بسبب وجوده في الجسد كان كل مكان آخر خاليًا منه، أو أنه بينما كان يحرّك الجسد كان العالم محرومًا من أفعال قدراته وعنايته. غير أن الأمر العجيب والمدهش جدًا هو أنه مع كونه هو الكلمة الذي لا يحويه شئ فإنه هو نفسه يحوي كل الأشياء. وبينما هو موجود في كل الخليقة فإنه بحسب جوهره هو متميز عن كل الخليقة, فهو حاضر في كل الأشياء بقدرته فقط، ضابطًا كل الأشياء ومظهرًا سيادته على كل شئ، وعنايته بكل شئ، وواهبًا الحياة لكل شئ. ومع أنه يحوي كل الأشياء ولا يحتويه شئ، إلاّ أنه كائن كلية في أبيه وحده.2- وحتى مع وجوده في جسد بشري معطيًا الحياة له فقد كان من الطبيعي أن يمنح الحياة للكون كله في نفس الوقت, ومع كونه حاضرًا في كل جزء (من الخليقة بقدرته) فهو خارج كل شئ (بجوهره). وبينما صار معروفًا بأعماله التي عملها في الجسد فإنه كان في نفس الوقت ظاهرًا أيضًا بواسطة أعماله في الكون كله. 3- إن عمل النفس أن تدرك الأشياء الخارجة عن جسدها بأفكارها, ولكنها لا تستطيع أن تعمل خارج نطاق جسدها, أو أن تحرك الأشياء البعيدة عن جسدها. ولن يستطيع أى إنسان أن يحرك الأشياء البعيدة أو ينقلها بمجرد التفكير فيها, وأيضًا فأى إنسان لا يستطيع وهو جالس في بيته، بمجرد التفكير في الأجرام السماوية، أن يحرك الشمس أو يجعل السماء تدور، لكنه يرى أنها تتحرك وأنها قد وُجدت، دون أن يكون له أى قدرة للتأثير عليها. 4- أما كلمة الله فلم يكن كذلك في تجسده، إذ لم يكن مقيدًا بسبب الجسد، بل بالحرى كان يستخدم جسده، ولذلك فهو لم يوجد في الجسد فقط بل كان موجودًا بالفعل في كل شئ, وبينما كان خارج الكائنات فقد كان في أبيه وحده مستقرًا. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 39 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() 5- وهذا هو الأمر العجيب، أنه بينما كان يتصرف كإنسان كان ككلمة الله يُحيي كل الأشياء, وكابن كان كائنًا فى أبيه. ولذلك عندما ولَدَته العذراء لم يعتريه أي تغير (من جهة طبيعته الإلهية)، ولا تدّنس بحلوله في الجسد، بل بالعكس, فهو قدّس الجسد أيضًا.
6- ورغم وجوده في كل الأشياء, إلا أنه لم يستمد منها شيئًا، بل إن كل الأشياء تستمد منه الحياة وتعتمد عليه في بقائها. 7- أن كانت الشمس التي خلقها والتي نراها وهى تدور في السماء لا تتدنس عندما تلمس أشعتها الأجسام الأرضية، ولا تفقد نورها بسبب ظلمة هذه الأجسام، بل بالعكس تنيرها وتطهرها أيضًا؛ فبالأولى جدًا كلمة الله كليّ القداسة، خالق الشمس وربها، لا يتدنس بمجيئه في الجسد، بل لكونه عديم الفساد فقد أحيا الجسد المائت وطهّره، فهو الذى كُتب عنه: "الذي لم يفعل خطية ولا وُجدَ في فمه مكر". |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 40 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() الفصل الثامن عشر 1- عندما يتحدث الكتّاب الموحى إليهم عنه أنه يأكل ويشرب وأنه وُلِد، فإنهم يقصدون أن الجسد كجسد وُلِد واقتات بالطعام المناسب لطبيعته. أما الله الكلمة نفسه الذى كان متحدًا بالجسد فإنه يضبط كل الأشياء, وكل أعماله التي عملها وهو في الجسد تظهر أنه لم يكن إنساناً فقط بل كان أيضاً الله الكلمة. وأما هذه الأمور فإنها تُذكَر عنه لأن الجسد الذي أكل ووُلِد وتألم لم يكن جسد أحد آخر، بل كان جسد الرب نفسه. ولأنه صار إنساناً كان من المناسب أن تُقال عنه هذه الأمور كإنسان, حتى يتبين أنه أخذ جسدًا حقيقيًا لا خياليًا.2- وكما أنه بواسطة هذه الأمور عُرِفَ حضوره جسديًا, كذلك بواسطة الأعمال التي عملها في الجسد أعلن نفسه أنه ابن الله, لهذا نراه ينادى اليهود غير المؤمنين قائلاً: "إن كنت لست أعمل أعمال أبي فلا تؤمنوا بي، ولكن إن كنت أعمل فإن لم تؤمنوا بي فآمنوا بالأعمال لكي تعرفوا وتؤمنوا أن الآب فيّ وأنا فيه". 3- وكما أنه غير منظور يُمكن أن يُعرَف من خلال أعماله في الخليقة، هكذا أيضًا عندما تأنس. فبينما هو غير منظور (بلاهوته) إلاّ أنه يمكن أن يُعرَف من خلال أعماله التى عملها في الجسد أن مَن يستطيع أن يعمل هذه الأعمال لا يمكن أن يكون إنساناً فقط بل هو قوة الله وكلمته. 4- فأمرُه للأرواح الشريرة وخروجها في الحال لا يمكن أن يكون عمل إنسان بل عمل الله. ومن ذا الذي يراه وهو يشفي الأمراض التي يخضع لها الجنس البشري ويستمر في ظنه عنه أنه إنسان وليس إلهًا؟ فقد طهّر البرّص، وجعل العرج يمشون، والصم يسمعون، والعمي يبصرون، وبالإجمال طردَ من البشر كل مرضٍ وكل ضعف. من هذه الأعمال كلها كان ممكنًا لأي إنسان بسيط أن يعرف إلوهيته. وأيضًا من ذا الذي يراه يرد للإنسان ما كان ينقصه منذ ولادته مثلما فتح عيني الأعمى منذ ولادته، ولا يدرك أن طبيعة البشر كانت خاضعة له وأنه هو خالقها وصانعها؟ لأن من يرد للإنسان ما كان ينقصه منذ ولادته لابد أن يكون هو رب وسيد تكوين البشر. 5- ولهذا فإنه وهو نازل إلينا كوّن لنفسه جسدًا من عذراء لكي يقدم للجميع دليلاً قويًا على إلوهيته, حيث إن الذي صوّر هذا الجسد هو صانع جميع الأشياء. لأن من ذا الذي يرى جسدًا يأتي من عذراء وحدها بدون رجل ولا يُدرك أن من ظهر في هذا الجسد لابد أن يكون هو صانع ورب باقي الأجساد أيضًا؟ 6- أو من ذا الذي يرى تغيير طبيعة المياه وتحولها إلى خمر ولا يُدرك أن من فعل هذا هو سيد طبيعة هذه المياه وخالقها؟ ولأجل هذا دخل إلى البحر كسيّد له ومشى عليه كما على أرض يابسة لكى يقدم لكل من يراه برهانًا على سلطانه على كل الأشياء. وعندما أشبع جمعًا غفيرًا من طعام قليل، وقدّم لهم الكثير من لا شئ، فأطعم خمسة آلاف نفس من خمسة أرغفة وشبعوا وفضل عنهم الكثير، ألم يظهر ذاته أنه لم يكن آخر سوى الرب نفسه المعتني بالجميع؟ |
||||
![]() |
![]() |
|