|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
19 - 07 - 2012, 08:10 AM | رقم المشاركة : ( 31 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: موضوع متكامل عن سيرة القديس الانبا شنودة رئيس المتوحدين ومعجزاتة وتعاليمة
العظة الثالثة عشرة «كل من يعمل الخطية هو عبدٌ للخطية» (يو8: 34) كما أن العين للنظر والأذن للسمع أقول: إن الغِنى للرحمة والمقدرة لإقامة العدل والأيدي للصلاة واللسان لكي يبارك والرجل لكي تدوس عتبة كنيسة الله والجسد كله لكي يخضع للذي خلقه، ولا أنسى ما قاله زميل: "إن الرهبان قد جُعلوا للصوم". حقًا إنهم مجبولون لذلك من أجل الرجاء الذي يتطلّعون إليه في السموات. وكما أن الزميل يتكلم بمرح - وليس ثمة مناسبة للمزاح - أُريه أيضًا دون خجل أنه يجب عليه أن يصوم فأضرب لذلك المثل الآتي: كان لرجل ابنان، وذبح العجل المسمّن وأعطى الواحد أربعة أجزاء والآخر جزءًا واحدًا فقط، فمَنْ من الاثنين يجب عليه أن يعمل أكثر؟ هل الذي أخذ القليل أم الذي أخذ الكثير؟ هل الرهبان الحقيقيون المستقيمون الذين يعيشون على غذاء قليل وعليهم أن يصوموا، أم أنت الذي تأكل العجول وتشرب النبيذ مع خيرات أخرى من كل نوع تتمتع بها كما تشاء؟ لا تتهمني إذا كنتُ أقول لك الحق، لأنك أنت الذي فهمتَ الكلام بطريقة المزاح، تريدني أن أضحك في وقت يجب فيه البكاء، بل تريدني أن أشاركك في الفرح وأنت لاهٍ. لقد قلتُ لك عن تجربة إنه إذا كان الراهب يصوم فلماذا لا تتوخى العدل من أجله؟ أليس كل واحد يجاهد لكي يجد رحمةً أمام الله؟ لأنه كما كنتُ أقول يومًا لأحد الناس: "أعطِ راحةً للفقراء الذين يعملون من أجلك"، ولأنه لا يحب العدل ويكره الفقراء أجاب قائلاً: "إنها خطيئة أن تأكل خبز إنسان دون أن تعمل عمله". قال ذلك لأنه كان تحت سلطان آخر، فأجبته: "حسنًا قلتَ إنها خطيئة أن تأكل خبز إنسان دون أن تعمل عمله، لأن الخبز ليس خبزه بل خبز المسيح، فكم يكون أفظع إذا كنا لا نعمل أعماله فحسب؛ بل نجعل الآخرين يُغضبونه بشرورنا شأن الذين لا يعرفونه"؟! سألني صديقٌ عندما اقتربنا من الأربعين المقدسة قائلاً: "ماذا آكل في هذه الأيام"؟ فقلتُ له: "كل شيء يمنعه الإنسان عن نفسه سوف ينال عنه أجرًا من الله. ولكنني أخبرك عن الشيء الوحيد الذي ينجس كثيرًا، فإذا لم تأكل منه تكون سعيدًا". فتساءل: "أهو الخنـزير"؟ قلتُ: "لا". ثم ذكر أشياء أخرى كثيرة قائلاً: "هل هي هذه"؟ فقلتُ له: "لا". فسأل: "وما هي إذن"؟ فقلتُ له: "إنها الخطيئة مكرهة الرب، فإذا كنتَ تمتنع عن عمل الشر أثناء الأربعين المقدسة يمكنك أن تقول لنفسك: إذا كنتُ أفعل هكذا في حياتي كلها، فلا يوجد شيطان أو روح نجس يستطيع أن يغلبني لكي أخطئ"! طوبى للذين يعرفون المسيح، لأنه لا يوجد إله آخر حقيقي إلاّ الله القادر على كل شيء وابنه يسوع المسيح سيد الكون. طوبى للذين لا يخدمون إلهًا آخر. ولا أقول فقط عن الآلهة التي تخدمها الأمم: الأخشاب والأحجار والشمس والقمر والنجوم ... إلخ. بل عن الذين يدعون باسم المسيح ويخدمون آلهةً أخرى، الذين يُفسدون الحكم ويتركون ما هو حق من أجل الذهب ويخدمون آخرين. إن الذين يدنسون أجسادهم من الواضح أنهم خدام الأدناس، وبديهي أيضًا أن الطماعين هم خدام أصنام. وبالأكثر، فإن هناك إله مخفي عن الغافلين هو البطن، لأن الرسول قال: «الذين إلههم بطنهم» (في3: 19). فالإنسان يمكنه أن يأكل ويشرب ما يحتاجه جسده دون أن يكون عبدًا للبطن، ويؤنب الذين في كل ساعة يهتمون بالأكل والشرب، وكذلك الذي قال لنفسه: «لكِ خيرات كثيرة موضوعة لسنين كثيرة، استريحي وكُلي واشربي وافرحي» (لو12: 19)، فسمع لوقته: «يا غبي، هذه الليلة تُطلَب نفسك منك» (لو12: 20). إنهم لا يغيرون في أي وقت ما يقوله الإنجيل عنهم إنهم «يأكلون بيوت الأرامل» (مر12: 40). وهل نستطيع أن نقول غير ذلك؟ يشهد القديس بولس الرسول أن الشيء الذي يُغلَب منه أحدٌ من الأشياء التي يكرهها الله هو عبدٌ له، فكيف إذن لا يستحي الإنسان من أن يتورط في صداقة العالم لدرجة أنه يصبح عدوًا للمسيح إلاّ إذا تخلّى عن غش البُخل وقساوة القلب حتى يصبح رحومًا شفوقًا ومحبًا؟! قال أبٌ طيبٌ حكيمٌ تقيٌ بحق: "تكلم ولا تتركه يكلّمك"، أما أنا فأتصور أنه يعني: كلِّم العالم الذي سوف تخرج منه لتقف أمام محكمة الله قائلاً: ’البُخل وما ينجم عنه وعدم التقوى لا يقدران أن يحولا بيني وبين أن أكون نقيًا في كل شيء‘. لا تترك العالم يكلمك ويقول لك: ’أخذتك وربطتك بمحبة الأموال والخطايا: الزنى والعنف والسرقات والنجاسات وأشياء أخرى لا تُحصَى‘ .. كما أظهر لنا الابن. أي أن الذين يخدمون المسيح ويخدمون ابنه بالحقيقة هم الذين يكرهون العنف والسرقة وشهوة المال وما شابه ذلك، مساعدين أنفسهم بعمل كل ما يمكنهم أن يعملوه من الصالحات. فلنبتعد عن هذه الأصنام حتى لا تكون عثرة في سبيل تقوانا. ألا تقولون: "لو لم يكن المخلِّص يسوع قد جاء إلى العالم لكان للأرض شأنٌ آخر"؟ إن حال الناس يُشبَّه بحال من يكونوا قد انتهوا من بناء آلهة من الخشب والحجر، وذلك عندما يرى العدو ما يحل بالأرض من الدمار وقد خُرِّب كل ما كان بها، فيُسرع بآخرين للعمل حتى يصبح عددًا كبيرًا من قلوب الناس هياكل لهذه الأصنام التي تكلمنا عنها ..! يتبع |
||||
19 - 07 - 2012, 08:12 AM | رقم المشاركة : ( 32 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: موضوع متكامل عن سيرة القديس الانبا شنودة رئيس المتوحدين ومعجزاتة وتعاليمة
العظة الرابعة عشرة «إن كان أحـدٌ لا يثبـت فيَّ يُطـرَح خارجًا كالغصـن فيجف ويجمعونه ويطرحونه في النار فيحترق» (يو15: 6) حينما تكلمتُ مع صديق ووجدتُ أنه لا يرغب في تقبُّل كلمة الحق قلتُ له: "لماذا تتهم الله الذي هو الحق"؟ وأنا أقارنه بنجار وخزّاف، أما الأخشاب التي لا تصلح لعمل النجار فتستحق أن تُلقى في النار، أي أن الناس الذين لا يستحقون ملكوت السموات يستحقون نار جهنم. لأنه إن كان الله ممجَّدًا في الأتقياء، فهو أيضًا ممجَّدٌ في الأشرار. ألم تسمع أن الرب تمجّد بواسطة فرعون؟ ألم يُظهر برّه عندما جعل شعبه يعبر البحر الأحمر ثم أغرق فرعون وكل من معه؟ كما أنه تمجد بإنقاذ لوط وبنتيه من هلاك سدوم وعمورة، وأظهر قوته بأن أحرق سكانهما. وقد تمجد بإنقاذ الثلاثة فتية القديسين من أتون النار الذي أشعله الملك نبوخذ نصر، كما أظهر قوته في أن النار التهمت خدام الملك. هكذا أيضًا تمجّد بخلاص دانيال النبي إذ جعل الأسود لا تضرّه، بل أضرّت الذين اتهموه فمزقتهم وافترستهم لكي تظهر قوته. وهل إذا جعل الجحيم يبتلعهم في اليوم الأخير مع كل الذين نصحوهم بالعنف لا تظهر قوته فيهم؟ ففي أي شيء لا يتمجّد السيد؟ إنه يتمجّد وهو يضرب ويتمجد وهو يشفي، يُظهر قوته وهو يُحيي وقوته وهو يُميت. إنه يتمجّد وهو يجمع الحبوب في مخازنه ويُظهر قوته وهو يحرق القش. إنه يتمجد في كل ما يفعله منذ الأزل وبرّه عظيم في كل ما سوف يعمل ..! قلتُ مرةً أخرى إنه إذا رغب الرؤساء وأحبوا الحق لاستطاعوا أن يصبحوا أغنياء في الأعمال الصالحة في سنة واحدة وفي جولة واحدة في البلد، لأن لهم القدرة على إجراء الحكم وعلى مساعدة من هم في خطر. أما إذا كان هؤلاء الرؤساء مهملين، فسيُفسدون ما هو أكثر قيمةً من الذهب أو الفضة أو العالم بكل ما فيه. وحقًا ما هي منفعة الأموال؟ لقد قلتُ في قلبي إنه إذا كان الرؤساء يجدون ما يبحثون عنه، أي الذهب، فإنهم يودّون لو قطعوا جميع أشجار البلد الذي ذهبوا إليه وجعلوها صحراء. لا تنظروا إلى طريقتي في الكلام الذي أوجّهه لكم وتغتاظون أيها القادرون، ولكن فكروا في حكم الله وسوف تعلمون أن هذه الأمور ليست مستقيمة. إن كان الذي هو كبيرٌ في قومه له نفوذٌ وقدرةٌ؛ فإن كلمة التعليم أكبر ومرتفعة أكثر من كل الذين يسكنون الأرض، أكثر من العالم وكل ما فيه، لأنه مَنْ هم الذين بجانب السيد المسيح الذي خلق الكون ويحكمه، الذي جبلنا وخلقنا ووضع يده علينا وجعل قوته فينا؟ ليتنا نجد رحمةً أمامه في يوم الدين، وأيضًا نعمته في مكان غربتنا هذا! وما هو العالم بالنسبة للراحة في السماء؟! طوبى للذين يصلّون قائلين: "خبزنا الذي للغد أعطنا كل يوم". ربما تقول لي إنه يتكلم عن خبز الغذاء الجسدي، لكن أليس أن الكفرة عندهم هذا الخبز أيضًا وكثيرون متوفر عندهم بكثرة؟ ألا تسمع "الذي للغد" (حسب النص القبطي)؟ إنه يقصد الذين لهم المسيح اليوم، أي كل أيام حياتهم، فهو يقصد الخبز الحقيقي خبز الحياة الذي نزل من السماء، والذي هو رجاء حياتهم الذي سيقفون أمامه حينما يأتي ليُدين الأحياء والأموات. الخبز غذاء الجسد يثبِّت قلب الإنسان، فكم بالحري يُثبِّت الخبز الحقيقي خبز الحياة قلوب الذين يأتون ليتغذوا منه؟! انظروا إلى حال عبّاد الأصنام والكفرة، إن قلبهم مكسورٌ ضائع. فلا شك أن ذلك ليس إلاّ لأنهم ليس عندهم الرب يسوع، فإن لم يكن هو عندهم فمن هو الذي يثبِّتهم؟ هل الخشب والحجر؟ أم الشمس والقمر وكل زينة السماء؟ إنني أتجرّأ وأضرب مثَل الذين عندهم الخبز بكثرة ولا يستطيعون أن يأكلوا منه لأنهم مرضى يُعانون من مرض شديد، فأمثلهم بالذين سقطوا في مرض شر الشيطان ويقولون: "لنا يسوع"، ولكنه في الحقيقة في أفواههم وليس في قلوبهم! ومن هو الذي يجعلهم يُقيمون في الضعف وهذا الخزي جالسين بجوار الخطية التي تُفسد نفوسهم مثل امرأة يتبعها كلاب وتجلس القرفصاء لكي تسمح للكلاب أن تنهش لحمها! إنهم لا يحاربون الخطية ولا يطاردونها بأعمالهم الصالحة مثل رجل يضرب الكلاب بالعصا حينما تقترب إليه! أيضًا كانت توجد امرأة تجلس بالقرب من إبليس وتحت أرجل الشياطين بدلاً من الكلاب حتى ضربوها وغلبوها. ومن هي؟ إنها مجمع اليهود الذين طاردوا الرسل والأنبياء وجميع القديسين، فقد تجرّأَتْ وطاردتهم جميعًا. ومن الذي يقابلها بسلام؟ إنها صرخت ضد سيدها قائلةً: "اصلبه اصلبه"! لماذا؟ أليس لكي يكرهها جميع الصديقين وشعب وكنيسة المسيح جميعًا هؤلاء الذين يقفون في وجه العدو وهم مستعدون أن يموتوا من أجل اسم إلههم وسيدهم؟! «لا سلام قال الرب للأشرار»: هذه حقًا عداوةٌ لله، إذ ترى آباء وإخوة يقولون: "إننا ملكٌ للمسيح"، في حين أنهم يشاركون بعضهم بعضًا في معاطب أولاد الهلاك! ما هو سلام الناس عند الله عندما تكون شرورهم غير خافية عن زملائهم ولا يوبخ بعضهم بعضًا؟ كيف يهربون مما هو مكتوبٌ: «لا سلام قال الرب للأشرار» (إش48: 22)؟ طوباهم الذين تعلّموا فعل الخير لأنهم هم الذين تعلّموا كيف يهربون من الغضب الآتي. الأشرار في كل زمان إلى نهاية الدهر سيذهبون إلى الجحيم، والأبرار منذ أن خُلق الإنسان على الأرض وإلى النهاية سيذهبون مع زملائهم إلى الملكوت. ومن ذا الذي لا يرغب أن يكون بارًا حتى يذهب إلى المسيح مع ملائكته وأنبيائه ورسله وجميع الصديقين منذ هابيل حتى الآن وإلى الدهور الآتية بدلاً من أن يكون شريرًا ويذهب إلى الشيطان في الجحيم مع الأبالسة والكفرة ومع كل الذين ماتوا في شرور خيانتهم التي هي أردأ من كل خطاياهم؟ لأن الذين هم عبيدٌ لله في كل زمان يشفع فيهم روح الرحمة قائلاً: "النفس المعترفة لك لا تسلِّمها إلى البهائم". وهو يتضرع إلى الله لكي لا يسلّمها للشياطين. إن الكتب لن تفيدنا شيئًا ولن نجني منها ثمرًا طالما نحن نغوص في حمأة الخطية والطين يغطينا ويغرّقنا. ألا يصيح أحد أو يسمع أحد مَنْ يقول: «الرب يرعاني فلا يعوزني شيء»، بينما يعوزه كل شيء؟! ربما تظن أنه يقول: إنه لن يتركني أحتاج إلى الذهب أو الفضة أو النحاس أو أي غنى، دون أن تفكر أنه يقول: إنه لن يتركني أحتاج إلى ما هو ضروري: الطهارة في الجسد وكل شيء! وحتى تعرف ذلك ألا ترى الأشرار يملكون خيرات الأرض بكثرة ويعوزهم غنى الرب الذي يرعاهم؟! «إن لم تتكلم لتحذّر الشرير من طريقه، فذلك الشرير يموت بذنبه، أما دمه فمن يدك أطلبه» (حز33: 8). إن كنتُ أنا ثقيلاً عليكم مثل حِملٍ فلا تجزعوا، بل انتبهوا إلى نفوسكم وإلى التعليم، لأنكم إن فعلتم ذلك سوف تخلصون أنتم والذين يسمعونكم أيضًا. لذلك كنتُ أعظ بشدّة حتى قيل إنني عنيفٌ! ترتكبون كل نجاسةٍ وكل أمر رديء أنتم الذين سلّمكم روح الله للازدراء. إنكم تشبهون الذباب الطائر إذا مات ضاع منه زيت العطر (ربما يقصد نوعًا معينًا من الفراش!). إنكم قد متُّم وضاعت منكم الحياة التي يحفظها المسيحيون في أنفسهم. أفلا تستطيعون أن تبكّتوا أنفسكم بواسطة هذه الحشرات الصغيرة؟! ولنقل نحن لكل من لا يريد أن يعيش في الإيمان وصار من أعوان الشيطان، إن نصيبه كما هو مكتوب هو أنه يصير «كالثعالب في الخرب» (حز13: 4). العنـزة لا تُعطَى للوحوش بل يرعاها الراعي، أما إذا ماتت فيمكن للراعي أن يعطيها للوحوش لتستعملها كطعام. وهل للشيطان نصيبٌ في الناس؟ حاشا، لأن الخليقة كلها، الناس والحيوانات والوحوش والطيور والحيوانات المائية والزواحف وحتى الثعابين، قد أوجدها الله. وإن كنتم تموتون في جحودكم وعدم أمانتكم تصيرون نصيبًا للشياطين ومسكنًا للأرواح النجسة. كل مَنْ يُصادق من لا يحب الحق ولا يتبع كلمة الله يضارّ كثيرًا. حتى متى تفتقرون؟ أو ما هي الأشياء التي أنتم في حاجة إليها حسب مقاييس هذه الحياة حتى يوجد بينكم سارقون لا يشبعون يجرّهم الشيطان إلى التفكير فيما للجسد حتى يموتوا أو يُميتوا آخرين معهم في كل تعدٍّ منذ البدء حتى الآن؟! لقد أغضبتم اسم الله القدوس، وصعد كبرياؤكم إليه في كل زمان. لقد رفعتم قرنكم ضد السماء وكلّمتم الله بعنف! جميع الذين يفعلون الشر سيتفرقون وسيفنى الخطاة من على وجه الأرض. لقد تكلم الله مرات عديدة بطرق شتّى مع قديسيه موصيًا إياهم أن يصنعوا إرادته، ولكنه مرةً واحدةً فقط أمر نوحًا أن يبني الفلك، فأتم عمله ونجا من الغضب الذي حلّ على الأرض هو وكل بيته والطيور والحيوانات. ونحن الذين نفعل الشر لم نُطع بعد هذا الكلام الذي يأتي من الله أو نتمم عمل حق نخلص به! مرةً واحدةً قال الله لإبراهيم أن يقدّم له ابنه الحبيب محرقةً، ففعل سريعًا بما أمره الرب لأنه كان يحبه أكثر من ابنه، ونحن حتى الآن لا نطيعه في كل كلامه فنقدم له أجسادنا ذبيحةً بكل طهارة ومحبة! والملائكة لم تكلّم لوطًا كلامًا كثيرًا لكي تجعله يهرب خارج مدينته التي أحرقها الرب بنار من السماء، ولكن لوطًا عمل بما أُمر به بسرعة، ونحن لم نُطع الله في كل كلامه لكي نهرب من كل شر ونكمل كل عمل صالح! أيضًا كلمةً واحدةً قالها الرب لتلاميذه: "اتبعوني وسأجعلكم صيادين للناس"، فتركوا شباكهم وسفنهم وعملهم بسرعة وتبعوه، وهكذا نالوا هذه الكرامات والأمجاد العظيمة! ونحن لم نُطعه في كل هذه الأقوال حتى نترك وراءنا رغباتنا وخطايانا لكي نصير مستحقين لرحمته وبركته! إن الأبرار منذ آبائنا القدماء حتى آبائنا الرسل لم يعصوا الله بل عملوا ليس بكل إرادته فحسب؛ بل أيضًا حثّوا الآخرين معلّمين إياهم كما هو مكتوبٌ: «فأعلّم الأثمة طرقك والخطاة إليك يرجعون» (مز51: 13). ألا يجب علينا أن نتمم مشيئته بكل قلوبنا كأبناء سوف يرثون ملكوت أبيهم السماوي؟! مرات عديدة، بسبب الأثمة، قلتُ بأَسَى وقلبي مملوء حزنًا: "يا الله سيد الكون، أيها الرب يسوع أضرع إليك بكل قوتي في شدّتي، إن كنتَ تشاء أن تُبقيني في هذا الدير فلا تسمح أن أموت في الوقت الحاضر. لا تجعلني أتغرّب عن هذا المكان سريعًا حتى أراك تؤدِّب المستكبرين الذين يأكلون لحم الأسد الشيطان ويشربون دمه، أي الشرور والشهوات والحقد والعصيان والجهل والآثام والسرقات والأكاذيب والمكر، وفوق كل شيء الكبرياء والافتخار وكل الشرور الأخرى"! مرات عديدة، بسبب الأشرار، قلتُ وأنا مُلقى على الأرض على وجهي: "يا الله، أتضرع إليك من كل قلبي وفكري، أنه إذا كنتُ أعنِّف الذين يحزنون نفسي بلا سبب، وإذا كنتُ أنا حقًا أكرههم أو أحسدهم؛ فليأتِ عليَّ كل حزن وعذاب وعار لأن هذا هو جزائي إذا كنتُ بدلاً من أن أحب قريبي كنفسي قد كرهته. ولكن إن كنتُ لا أريد لهم إلاّ الخير وخلاصًا لنفوسهم في يوم الدينونة كما أنت تعلم؛ فعلِّم أنت هؤلاء بالحزن والتنهد والألم بلا راحة، ولكن ليس بغضبك يا سيد حتى لا تجعلنا ضعفاء في غضبك، وأيضًا ليس بسبـبي أنا لأنني حقًا غير صالح أمامك يا سيد، إذ عنّفتُ نفسي وحدي وسط كل الشرور، فأرجو ألاّ أكون مخطئًا بهذه الكيفية كما تعلم لأنك أنت الذي تفحص قلبي وكليتيَّ. مرات عديدة، بسبب الخطاة، حينما أقترب من الدير أكون مثل الذي رماه أعداؤه بالسهام حينما أفكر في أمثال هؤلاء الناس، ليس لأنني أكرههم، حاشا، ولكن لأنني حزينٌ من أجلهم، عالمًا أن الله غاضبٌ عليهم ولا يقبل ما يفعلونه في كبريائهم وفي ثرثرتهم ومعرفتهم الباطلة وكل أعمالهم الشريرة التي يعملونها في جهادهم وتذمرهم على الذين يعلّمونهم، لأنهم لم يتعلّموا من الكتب قط. مرات عديدة قلتُ في قلبي بحزن بسبب هؤلاء إنني مصممٌ أن آكل خبزي وحدي منفصلاً عن الدير، مهتمًا بطريقي كغريب، لكنني كنتُ أعود وأنصح نفسي وحدي أن أفعل العكس حتى لا أعثر أمثال هؤلاء في عمل آخر. لأنني ما كنتُ أريد أن أُحزن سائر الإخوة أو الأبناء لعلمي أن ذلك يؤلمهم جدًا لأنهم رحومون. مرات عديدة استطعنا أن نقول كلمة تعزية أو صلاة للذين يستحقون كل بركة أو كل تعزية، لأننا جلسنا ساعات كثيرة في اليوم في اجتماعاتنا وقلوبنا متأكدة أنهم لم يُراعوا كلمة السيد حتى أتت عليهم تأديبات كثيرة بسبب الجهل والعصيان. مرات عديدة قضينا نصف الليل حتى الفجر، وقضينا نصف النهار حتى الظهر، وأمضينا اليوم كله نتكلم ونؤنِّب ونصلِّي ونعزّي ونبارك ونجاهد قائلين كلامًا فيه زجر وفيه سلام، ثائرين لكن جسورين، رحبي الصدر ولكن مثقلين بضيق وحزن، باكين بالدموع ولكن مستبشرين بالتعزية، وفي مخافة الله عالمون أننا نكون مخطئين إذا ضحكنا في هذه الظروف، لأن ضحكنا يجب أن يتحول إلى حزن كما هو مكتوب (يع4: 19)، ومع ذلك فإننا نفرح أيضًا في الرب كما هو مكتوب (في4: 4). نجلس مجتمعين ونقول: "أين هم أصدقاؤنا الذين كانوا يأتون إلينا من الخارج ويسموننا ملائكة؟ أين هم ليروا شرورنا ومكرنا وكل أعمالنا الشريرة؟ يروننا نسلك بدون لياقة، الواحد في عداوة للآخر بسبب كبريائنا وجهلنا، وقد عصينا الكلمة المكتوبة: «فلنعكف إذًا على ما هو للسلام وما هو للبنيان بعضنا لبعض» (رو14: 19). تارةً كنا نقول كلمات قاسية وثقيلة، وتارةً أخرى كلمات لينة وخفيفة. ننذر بغير هوادة كل واحد حتى يغفر لقريبه من له دين، ويتضع أمامه ليس عن اضطرار بل بقلب صالح، وأن يتّقي غضب الله وانتقامه على الذين قيّدهم العدو بسلاسل فشابهوا يهوذا، وعلى الذين لم يهتموا بالابتعاد عن الشر حتى يكونوا متصالحين مع الله ولم يتركوا العداوة أو يصطلحوا مع القريب. مرات عديدة أيضًا في ألمي بسببهم لم أستطع أن أقابل الذين يفدون إلينا من الخارج، ولولا أنني وجدتُ، ببركة الرب، بعض الآباء الشيوخ الموجودين معنا الآن فأرسلتهم لكي يستقبلوهم ويُقنعوهم بكل شيء؛ لكنتُ قد أعثرتُ الكثيرين من جهتي كما لو كنتُ قد احتقرتهم، بينما لم يكن في داخلي شيء من ذلك، ولكنني كنتُ أرغب أن أراهم أكثر مما كانوا هم يرغبون أن يروني أنا غير المستحق. كنتُ أجلس مع الآتين إلينا ثم أتركهم لأدخل إلى الدير لكي أقرر ما يُتّبع بشأنهم، وكنتُ أضطرب حزنًا كالتي تتمخض في الأوجاع، لأنني ذاهبٌ بعيدًا عن الذين جاءوا إلينا لكي أقرر مصير هؤلاء التعساء. وأخيرًا، انتهيتُ إلى قرار بحزن قلب، ولأجل خلاص كثيرين قلتُ، وكل الإخوة يسمعون، إننا لا نرى أن نفعل شيئًا آخر سوى أن نفصل الخاطئين عن القديسين كما فعل الرسول مع بعض الناس القساة القلوب الذين عصوا قديمًا. ولذلك فقد افترق عنهم الرسول القديس وأبعد الإخوة عنهم، وهكذا كان يكلّم الذين يستحقون أن يسمعوا، أما أعداء الله المقيمين في عصيانهم وغير التائبين المصرّين والمجاهرين بشرورهم؛ فما كان يقول لهم شيئًا لأنهم لم يكونوا مستحقين متذكرًا قول السيد: «لا تُعطوا القدس للكلاب» (مت7: 6). وهؤلاء وأمثالهم هم الذين قال لهم: «دمكم على رؤوسكم» (أع18: 6). وأنتم يا أحباء المسيح، أتريدون أن تعرفوا قلوب الذين يحبون الله لكي تكتشفوا جمال نفوسهم المملوءة من الروح القدس في كل عمل صالح؟ راقبوا شقوق الصخور المملوءة باليمام والأماكن التي تسكنها. هذه الشقوق هي المساكن الوحيدة للصغار، وهي لا تتركها وحدها لأن قلبها مثل قلوب الأصدقاء الأمناء. إنها واحدٌ مع السيد المسيح، الجحر الذي يفيض عسلاً، لأن الصخرة هي المسيح ولم ينفصلوا عنها. وهو يقول: "إنه أشبعهم عسلاً من صخرة، وزيت شفاء لغليلهم من الحجر الجلمود" (انظر مز81: 16؛ حك11: 4)، فما هو العسل إن لم يكن هو المسيح؟ وما هو الزيت إن لم تكن النعمة التي بها يخلص المسيحيون؟! إذا اختلط الماء بالنبيذ يصبح واحدًا معه، وأيضًا رجل الله إذا اشترك مع الروح القدس يصير معه واحدًا! ومن هي التي يقول عنها المتكلم في سليمان: «يا حبيبتي يا جميلتي .. يا حمامتي» (نش2: 10و14) إن لم تكن الكنيسة التي تلد المسيحيين الذين يشبهونها؟! وعنها أيضًا قيل: «واحدةٌ هي حمامتي كاملتي الوحيدة لأُمّها عقيلة (أو مختارة) والدتها هي» (نش6: 9)، ثم يقول أيضًا: «قومي يا حبيبتي يا جميلتي وتعالي يا حمامتي في محاجئ الصخر في ستر المعاقل» (نش2: 13و14)، وهذا يشير إلى الذي في البهاء الذي هو إشراقة النور الذي جاء إلى العالم، أي المسيح، فقد كتب موسى في الناموس عن جماله ومجده ونعمته وقوته. وقال أيضًا سليمان: «أنتِ جميلةٌ يا حبيبتي كترصة حسنة كأورشليم» (نش6: 4)، وأيضًا: «ها أنتِ جميلة يا حبيبتي، ها أنتِ جميلة، عيناك حمامتان» (نش4: 1)، ويعني بذلك الأنبياء والرسل المملوءين من الروح القدس. وقال أيضًا: «ثدياك كخشفتي ظبية توأمين» (نش4: 5)، وأيضًا: «صرّة المرّ حبيبي لي، بين ثدييَّ يبيت» (نش1: 13)، ويعني بذلك العهدين القديم والجديد المملوءين بكلام الله. يتبع |
||||
19 - 07 - 2012, 08:13 AM | رقم المشاركة : ( 33 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: موضوع متكامل عن سيرة القديس الانبا شنودة رئيس المتوحدين ومعجزاتة وتعاليمة
عظة عن أعياد الشهداء للانبا شنودة رئيس المتوحدين جميلٌ جدًا أن يذهب الإنسان إلى مقر الشهيد ليصلِّي ويقرأ ويُنشد المزامير ويُطهِّر نفسه ويتناول من الأسرار المقدسة بمخافة المسيح. أما من يذهب ليتكلم ويأكل ويشرب ويلهو، بل ربما يزني، ويرتكب الجرائم نتيجة إفراطه في الشرب والفساد والإثم، فهذا هو الكافر بعينه! وبينما يكون البعض في الداخل يرتلون المزامير ويقرأون ويتناولون، إذ بآخرين في الخارج يملأون المكان بآلات الطبل والزمر، في حين أن «بيتي بيت الصلاة يُدعَى وأنتم جعلتموه مغارة لصوص» (مت21: 13). لقد جعلتموه سوقًا لبيع العسل والحليّ وما أشبه ذلك، وجعلتموها موالد ومكانًا لتدريب بهائمكم وسباق حميركم وخيلكم. جعلتموها أماكن لسرقة ما يُعرَض فيها للبيع. وبعد جهد يحصل بائع العسل على بعض الزبائن المتشاحنين، أو يستخلص لنفسه شيئًا من الفائدة نظير أتعابه. وحتى الأمور التي لا يمكن أن تحدث للباعة في الأسواق العامة تحدث لهم في أعياد الشهداء! يا للغباء! هل تذهبون لمواطن الشهداء لكي تفعلوا كل ما يروق لكم؟ فأيّة فائدة تعود على بيوتكم التي في مدنكم أو قراكم؟ يا لعقولكم المغلّقة! وإذا كانت بناتكم وأُمهاتكم يعطّرن رؤوسهن ويكحّلن عيونهن ويتجمّلن لخداع الناس الذين ينظرون إليهن، وإذا كان أبناؤكم وإخوتكم وأصدقاؤكم وجيرانكم يفعلون هكذا عند ذهابهم إلى مواطن الشهداء، فلماذا جعلتم لكم بيوتًا؟! كثيرون يذهبون إلى تلك الأعياد لإفساد هيكل الرب، ولكي يجعلوا من أعضاء المسيح أعضاء للإثم والفجور بدلاً من أن يحفظوا لها قداستها وطهارتها من كل رجس، سواء كانوا رجالاً أم نساء ...! يتبع |
||||
19 - 07 - 2012, 08:15 AM | رقم المشاركة : ( 34 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: موضوع متكامل عن سيرة القديس الانبا شنودة رئيس المتوحدين ومعجزاتة وتعاليمة
عظة على القيامة والتوبة للانبا شنودة رئيس المتوحدين يا لعمق هذه الأعجوبة التي لا يمكن قياسها! فالعظام المتناثرة والتي أحرقتها النيران، الأجساد التي أكلتها الوحوش أو الطيور الجارحة، وتلك التي أنتنت في جوف الأرض، كلها سوف تسمع صوت ابن الله وتجتمع مع غيرها، كلٌّ منها مع ما يخصه، فيغطيها اللحم والمفاصل، ويُبسط الجلد عليها، وتدخل فيها الأرواح، وهكذا تحيا وتقوم في حضرة الذي يأمرها كما قال حزقيال النبي: «... هكذا قال السيد الرب لهذه العظام: هانذا أُدخل فيكم روحًا فتحيون، وأضع عليكم عصبًا وأكسيكم لحمًا ... فتحيون وتعلمون أني أنا الرب ... فدخل فيهم الروح فحيوا وقاموا على أقدامهم جيشٌ عظيمٌ جدًا جدًا. ثم قال لي: يا ابن آدم، هذه العظام هي كل بيت إسرائيل، ها هم يقولون يبست عظامنا وهلك رجاؤنا قد انقطعنا ... هانذا أفتح قبوركم وأصعدكم من قبوركم يا شعبي ... وأجعل روحي فيكم فتحيون وأجعلكم في أرضكم» (حز37: 1-14). ها هو أمر الله الذي سوف يجعل الأموات يقومون في الحال. ولاحظوا أيضًا تجاسركم أيها المقيمون في خطاياكم! يا لعمى القلب الذي يسيطر علينا! كل عظمة يابسة سوف تعرف العظام الأخرى وتقترب منها دون أن تختلط بعضها ببعض، ثم تكسوها المفاصل ويغطيها اللحم وينبسط عليها الجلد ويدخل فيها روح فتحيا. ونحن حتى الآن لا نطيع فيبتعد كل منا عن أعماله الشريرة التي يتمرغ فيها، مثلنا مثل عظام يابسة مرفوضة في القبور. سوف تكتسي العظام اليابسة، ومع ذلك فإن المشاعر والأفكار الصالحة والإيمان قد يبست عند كل الهراطقة، سقطت على الأرض مثل أوراق. يدخل الروح في جميع الأموات فيحيون (انظر 1كو15)، أما روح الله القدوس فيبتعد عن الوثنيين والهراطقة، إذ قد خنقهم روح شرير في عدم إيمانهم وتجديفهم على الله وعلى مسيحه، وكل أعمالهم المكروهة الأخرى. هكذا يقوم الجميع من أول بار، وهو هابيل الذي قتله قايين، حتى الذين يموتون إلى انقضاء الدهر. إنكم أنتم الذين تعبدون الأباطيل في عماكم أكثر من اليهودي الميت في شر أبيه الشيطان، ذلك الذي لم يكفه أن يكون عثرةً، بل إنكم حتى الآن تجدّفون على الرب يسوع كما شتموه هم أيضًا في ذلك الزمان بكلامهم وخيانتهم، كلامهم المملوء حقدًا حينما كان معلّقًا على الصليب لأجل خطاياهم. ألم يقل الرب يسوع بغضب لهؤلاء ولكل الذين لا يؤمنون به في كل زمان: «أنتم من أبٍ هو إبليس» (يو8: 44)؟ لأن هذا جاء منتفخًا في مدحه لذاته قائلاً إنه سيكون مساويًا لله وشبيهًا بالعلي، وما كان يدري أنه هابطٌ إلى الجحيم كما هو مكتوب. الذين يجدفون على الله ومسيحه جاءوا وهم مرتفعو القلوب يغشاهم عنفهم وعدم تقواهم، يتعالون على المسيحيين حاسبين أنفسهم مساوين لهم في الصلاح بينما هم كفرة لا يعرفون أن الرب يسوع سوف يتتبعهم كراعٍ، فهو يتبع الذئاب ويُبعدها عن حظيرته حتى يذلّها ويطردها من وسط شعبه. قال الشيطان: "سوف أتساوى مع الله"، ومنه تعلّم غير المسيحيين أن يقولوا للمسيحيين: "ابتعدوا عنا لأننا أطهار"، بينما هم نجسون. إن قطيع الغنم المبارك ينصت إلى صوت الراعي الصالح يسوع وهم يتبعونه في كل عمل صالح كما قال: «خرافي تسمع صوتي». ولكن الأشرار ينصتون إلى أفكار العدو الغريب ويتبعونه في كل غش. لقد تواضع الرب يسوع وأخذ شكل العبد مع أنه سيد الخليقة، فكما هو مكتوب إنه تواضع وأطاع حتى الموت. هكذا أيضًا تبع المسيحيون تعاليمه! يبدو الإنسان حسنًا في عيون الذين ينظرون إليه ما دام حيًا في الجسد، ولكنه يكون قبيحًا للغاية في عيون الذين يرونه ميتًا ومُلقى في القبور. هكذا الإنسان أيضًا يكون حسنًا أمام الله إذا رآه يحيا في البر، ولكنه يكون قبيحًا للغاية أمامه إذا رآه ثابتًا في خطاياه. الخطاة الذين هلكوا وسقطوا على الأرض الواحد تلو الآخر بسبب الشرور ويُقضَى عليهم جميعًا، هم مثل أجساد ميتة تلاشت أعضاؤها وسقط منها الواحد بعد الآخر، مثل أعضاء الذين ماتوا في الخطية وهم في فم الشرير، ومثل أعضاء الأجساد الميتة في أفواه الحيوانات المتوحشة. مَنْ هو الإنسان الذي يرضى أن يموت قبل نهاية الأيام التي حدّدها الله لحياته؟ إنه ذاك الذي يدوم في شروره ولا يريد أن يتحرر منها برضاه الكامل، فهو يحب الموت وهو في كل شر، وسيُجازَى حسب أعماله. الذين يعيشون في يُسر لا يرغبون أن يعيشوا ضعفاء في الشيخوخة، هكذا أيضًا المؤمنون، فإنهم لا يرغبون في الحياة إلاّ في الحق وفي كل برّ إلى اليوم الذي يقفون فيه أمام الله الذي يجازي كل واحد حسب أعماله بالعدل والحق، لأن سيدنا يسوع المسيح مات لأجلنا لكي نقوم من بين الأموات ليس فقط بالجسد في اليوم الأخير؛ بل أيضًا لكي نقوم الآن من موت الخطية. هب أن واحدًا من القديسين القدماء حضر الآن وقال لبعض الأموات الذين مكثوا زمانًا طويلاً في مكان دفنهم وانحلّت أجسادهم: "قوموا" فنهضوا أحياء، لكن بعضهم مجّد صنيعه واستنكره البعض الآخر، تُرى ماذا يفعل؟ أخال أنه يمنح الذين يستحقون أن يكونوا في حياة سعيدة، وأما النجسون فيكسوهم بالخزي ويسلّمهم إلى الموت مرةً أخرى. هكذا الذين ماتوا في الخطية، فإنهم بعد أن عاشوا طويلاً في الشر وأضاعوا حياتهم في كل نجاسة، قد يحدث أن يقوموا من موت الخطية بأمر الذي مات لأجلنا وقام. ولكن البعض يدوم في التوبة ممجّدًا الله من أجل خلاصه ومن أجل البركة، ويُمسي البعض الآخر جاحدًا لا يعرف مَنْ هو الذي أحسن إليه وما هو الشرف الذي يمنحه الرب يسوع للذين أكرموه في آلامهم الحقيقية فيمنحهم الحياة الأبدية ولا يموتون في الخطية فيما بعد، بل يعيشون أيضًا في البرّ ويقومون جسديًا لكي يحيوا إلى الأبد. وكم يكون الازدراء الذي سوف يُعاقَب به الآخرون الذين يسلّمهم مرةً أخرى لنجاستهم، فيُسلَّمون إلى الجحيم بسبب خطاياهم في يوم القيامة. مَنْ من الذين يخافون الله يرى أمواتًا في قبورهم ولا يحزن؟ بل مَنْ من الأنبياء والرسل يرى الأشرار وقد ماتوا في شرورهم ولا يحزن عليهم؟ مَنْ من الذين أخطأوا يسرُّه الذهاب إلى الجحيم بعد القيامة من الأموات؟ مَنْ من الذين قاموا من موت الخطية وتابوا عن كل شرورهم يُسرُّ بالعودة مرةً أخرى إلى شروره؟ ومَنْ من الذين يستحقون رحمة الله العلي لا يرغب في الدخول إلى الحياة عند القيامة من الأموات؟ مَنْ من الذين يخافون الرب الذي أقامهم من بين الأموات لا يريد أن يستمر في كل عمل صالح؟ مَنْ لا يقول: "نجسٌ هذا الكلب الذي يعود إلى قيئه مرةً أخرى"؟ من ذا الذي لا يقول: "مكرهةٌ عند الله أن الإنسان بعد أن يعتمد باسم الثالوث الأقدس يعود مرةً أخرى إلى خطئه وعدم إيمانه"؟ الويل للذين لا يؤمنون بالله ومسيحه ولم يتوبوا بعد! الويل للسحرة! الويل للذين يأخذون جسد الرب ودمه دون أن يكونوا قد تحرروا من أعمالهم الشريرة! الويل للذين يستهزئون بأسرار الله أو بأعمال البرّ التي يمارسها المسيحيون! الويل لكل مَنْ ينال المعمودية المقدسة التي لربنا وهو ذو قلبين! الويل لمن يقبِّل يده وهو يقول: السلام لكِ أيتها الشمس، كن منتصرًا أيها القمر! مبارِكًا بذلك المخلوقات وممجّدًا إياها أكثر من الخالق، في حين أنه يجب أن يعطي المجد لله القادر على كل شيء الذي صنعها لكي تُنير الأرض! الويل للذين يُشعلون المصابيح في أي عيد إكرامًا للأباطيل ويبخرون باسم الأشباح! لو كان هؤلاء الناس يستحقون أن ينالوا معرفة خالقهم لكانوا يُنصتون لخادمه إذ يقول: «لا تقدرون أن تشربوا كأس الرب وكأس شياطين، لا تقدرون أن تشتركوا في مائدة الرب وفي مائدة شياطين» (1كو10: 21). أقول للذين يقولون إننا مسيحيون وللذين يُغضبون الرب: "ألم يكفكم الزمان الذي قضيتموه في جهلكم"؟ البيت المبني على الرمال لا يثبت إذا هبّت عليه الرياح الشديدة، ومَنْ كانت كلمة الله ليست ثابتة فيه يعثر إذا أصابه حزن أو اضطهاد وقد لا ينجو من نكران إيمانه. وقول الكذب بدلاً من الحق برياء وبمحاباة ألا يكون ذلك إنكارًا للإيمان؟ أي شيء أفضل من الاعتراف بالرب يسوع؟ فإنه حتى لو فقأوا عينيك أفلا تقوم في القيامة ولك عينان؟ يكفي أن يعترف بك الرب أمام ملائكته. فماذا تخشى إذن؟ هل تخشى أن تعترف بأمور تشهد الكتب المقدسة نفسها لها؟ فحتى لو ضربوا عنقك، فإنك سوف تقوم من بين الأموات ورأسك موجودة على كتفيك. ولو قطعوا كل عضو فيك، فستقوم دون أن ينقصك أصبع واحد في يدك أو قدمك. نعم، إنك ستقوم من بين الأموات جسدًا روحانيًا! إذا كنتَ تذكر الألم والحزن الذي سبّبه لك الأشرار، فتفكر فيما قاله الرسول: «إني أحسب أن آلام الزمان الحاضر لا تُقاس بالمجد العتيد أن يُستَعلَن فينا» (رو8: 18). يكفيك أن ترى هناك جميع الذين احتُقروا أو قُتلوا من أجل الرب يسوع، ولا سيما الرسل والأنبياء الأبرياء. وذلك مثل يوحنا المعمدان الذي قطع هيرودس رأسه بعد أن ألقاه في السجن بسبب حبّه لامرأة شريرة وابنتها، وميخا الذي ضربه الأنبياء الكذبة بأمر ملك شرير، وإرميا وإسطفانوس الذي رجموه وقتلوه ...! يتبع |
||||
19 - 07 - 2012, 08:17 AM | رقم المشاركة : ( 35 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: موضوع متكامل عن سيرة القديس الانبا شنودة رئيس المتوحدين ومعجزاتة وتعاليمة
عظة على يوم الدينونة الرهيب للانبا شنودة رئيس المتوحدينما هو جزاء الذين يتجاسرون على عمل الشرور؟ معرفتهم رماد وحكمتهم ضلال، فبماذا يُجيبون في يوم الدينونة؟ أيقولون: «باسمك تنبّأنا وباسمك أخرجنا شياطين وباسمك صنعنا قوات كثيرة» (مت7: 22)؟ لكنهم سيسمعون: «إني لم أعرفكم قط، اذهبوا عني» (مت7: 23). أَليس ذلك هو بسبب شرورهم التي يرتكبونها سرًّا دون أن يعلم أحدٌ بها إلاّ الله؟ فلنطرد عنا كل مكر قبل أن يدين الله الخفيات. عندما نمثل أمام محكمته، هل نستطيع أن نهرب من قوله: لا أعرفكم؟ إنه لا يقول عن الخطاة المعروفين؛ بل إنه يقول: «كثيرون سيقولون لي في ذلك اليوم ...»، ليس من الذين لا يعرفونه، بل من الذين يمجدون أنفسهم باسمه! لأن القش والزوان وما ينظر إليه الناس كأنه قمح في حين أنه قش، كلها معدّةً للنار. كثيرون سيقعون في يد الرب يسوع المسيح من الماكرين والمرائين الذين شبّههم بالقبور المبيضة، فهي جميلة من الخارج، أما داخلها فمملوء من كل نتانة ونجاسة. ماذا يُجدي الاسم والزي بدون الطهارة؟ أين هي الثمار التي تليق بها؟ أعني الفضائل المسيحية التي تمجد الملك المسيح؟ لأن الأسماء والثياب والتيجان لا يصل بهرجها إلاّ إلى ساعة الموت فقط. فلا شيء منها يمكنه أن يُعيننا، لأننا نحن الذين نحمل الاسم والملبس سنرجع أمام الله قبل كل إنسان، وحتى الملوك وكل كائن من العظماء. لأنه كما أن الأغنياء، سواء كانوا أبرارًا أو أشرارًا، يتركون خيراتهم ويذهبون إما ليفوزوا برحمة الله لأنهم كانوا رحومين، أو ليحق عليهم العقاب لأنهم لم يكونوا محبين للناس. هكذا نحن، فإننا سوف نتخلّى عن الاسم والزي، وإذا كنا قد عملنا ما يليق أثناء حملنا إياها فسوف نأخذ أجرًا، وإن كنا قد عملنا ما لا يجب فسوف يُحكَم علينا. ففي المكان الذي نتطلّع إليه لا يرتفع إنسان بسبب الاسم أو الزي، فالمرتفعون هم الذين ترفعهم أعمالهم الحسنة. أما إذا قلنا إنهم مرتفعون بالاسم، فإنما نقول ذلك لكي نُقنع أنفسنا. فإن كنا نكمل حياتنا حسنًا مثل كل الذين يصنعون إرادة الله، فإننا نكون مرتفعين بالأعمال مع الأنبياء والرسل وجميع القديسين. إنهم هم فقط الذين تمموا أعمالاً تميّزهم وسيكونون مطوّبين، أما الذين يهملون ما اؤتُمنوا عليه ويتممون ما هو مكروه وغير مسموح به فسيكونون ملعونين. لا يوجد ملك ولا قوة ولا شخص ينتمي إلى الجنس البشري يحكم في السموات سوى الله ومسيحه الرب ملك السماء والأرض. والمستحقون بأعمالهم الصالحة سيملكون الحياة في الدهر الآتي. الذين ماتوا مع المسيح هم الذين سوف يحيون من جديد مع المسيح. الذين تألموا مع المسيح هم الذين سوف يمجَّدون معه. الذين تألموا ليس بالاسم فحسب؛ بل أيضًا في الإيمان والأعمال وفي كل التجارب هم الذين سيكونون ملوكًا مع المسيح لا مساوين له لأنه إله وملك. إذا كنا أولاد الملك المسيح فسنملك أيضًا معه. هل يوجد ملك أفضل ممن سوف يجد رحمةً أمام الرب يسوع وبالأخص الذين يرثون ملكوته؟ لأن مَنْ ذا الذي يرث ملكوت السموات دون أن يكون ملكًا؟ هل يملك أحدٌ إلاّ الذين ليس لهم سيد سوى المسيح يسوع وأبيه؟ هل يوجد ملكٌ آخر إلاّ الذي ينجو من الغضب الآتي؟ أيكون ملكٌ آخر إلاّ الذي ملك حياة الدهر الآتي؟ الإنسان يكون ملكًا ليس لأنه يرى وجه ملاك مسرورًا أو وجه قديس فحسب؛ بل لأنه يرى جابلنا وجهًا لوجه، الرب الملك المسيح وابن الملك. إنها أثمن رؤية، لأنه لا يوجد ملك خارجًا عن هناك، لأن الذين يستحقون أن يروه في مجده هم الذين سيتمجدون به. لكن مَنْ هم الذين سوف يصلون إلى هذه المراتب إلاّ الذين تجنّدوا في الخدمة العسكرية جنودًا للملك المسيح؟ لقد أخذوا درع الإيمان وذهبوا إلى المعركة. حاربوا كل إثم حتى لا يتسلّط عليهم. إنهم أحرار من عبودية الخطية، وهم الذين سيكونون أحرارًا من كل الآلام، أما عبيد النجاسة والشر فحالما يفصلهم الموت عنها تتسلّط عليهم كل الضيقات. لماذا تمسّكنا بكل أعمال التقشُّف التي نتخذها على عاتقنا؟ لكي لا نجعل أنفسنا غرباء عن الله وعن مسيحه من أجل مسرة أو إغراء زائف أو شر. وإذا كان الله يحول وجهه عنا فلن ينفعنا شيء في حياتنا أو عند مثولنا أمام محكمته. إذا كانت الخطية تجد موضعًا في أناس قبل النعمة أو التكريس، فهذا أمر هين، لأنه لا يصعب عليهم أن يتطهروا منها إذا تابوا. ولكن إذا كان الشر يتسلّط على الإنسان بعد التكريس والنعمة والاسم الذي دُعيَ به والمكان المقدس الذي سكن فيه، فيصعب عليه أن يهرب منه، وأصعب منه أن يهرب من غضب الله. إنه يكون على شاكلة يهوذا الذي بعد أن دُعيَ رسولاً وبعد أن حُسب مع الأحد عشر رسولاً، وبعد أن أخذ الخبز دخله الشيطان ووضع في قلبه أن يسلِّم سيده، فحقّ عليه العقاب الأبدي هو والذين سلّم الرب يسوع إليهم، أي رؤساء الكهنة والكهنة وكل مَنْ وضع يده على الرب لكي يغتاله مثل الحيوانات المفترسة. ألستُ أقول ذلك باختصار وأبكي على هؤلاء الأشقياء لأنهم الآن في العذاب وهم كارهون أنفسهم بالأكثر بسبب ما فعلوه، وقد لعنوا أنفسهم في عمى قلوبهم؟! وأتكلم أيضًا عن قلوبهم الدنسة والشباك التي ينصبونها التي هي تعاليمهم والأوامر التي أصدروها باحثين عن قتل الرب، لأنه يوجد شيء واحد ينصب به الصياد شباكه، إنه مكره. وهكذا يقول إرميا النبي: «ماذا وجد فيَّ آباؤكم من جور حتى ابتعدوا عني» (إر2: 5)؟ لأن بني إسرائيل ابتعدوا عن الله مرات كثيرة، مرةً بعبادة الأصنام، ومرةً أخرى بقتل القديسين، وأخيرًا وضعوا أيديهم على ملك الكون مظهرين شرهم وأفكار رؤسائهم الرديئة! يتبع |
||||
19 - 07 - 2012, 08:21 AM | رقم المشاركة : ( 36 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: موضوع متكامل عن سيرة القديس الانبا شنودة رئيس المتوحدين ومعجزاتة وتعاليمة
عظات أسبوع الآلام عظة باكر الاثنين من البصخة المقدسة يا إخوة، إن كنا نريد الآن أن نفلت من عقاب الله ونجد رحمةً أمامه، فلنجلس مساء كل يوم منفردين وحدنا عند كمال النهار، ونفتش ذواتنا عما قدمناه للملاك الذي يخدمنا (أي الملازم لنا) لكي يُصعده إلى الرب. وأيضًا إذا انقضى الليل وطلع النهار، فلنفتش ذواتنا ونعلم ما الذي قدمناه للملاك الموكّل بنا ليُصعده إلى الله، ولا نشكّ البتّة، لأن كل إنسان ذكرًا كان أو أنثى صغيرًا أو كبيرًا اعتمد باسم الآب والابن والروح القدس جعل الله له ملاكًا موكلاً به إلى يوم وفاته، لكي يُصعد إليه كل يوم أعمال الإنسان الموكل به الليلية والنهارية، ليس لأن الله غير عارف بأعمالنا، حاشا، بل إنه أعلم بها بالأكثر، كما هو مكتوب أن عيني الرب ناظرةً كل حين في كل مكان على صانعي الشر وفاعلي الخير. إنما الملائكة هم خدّام قد أقامهم خالق الكل لأجل المزمعين أو يرثوا الخلاص. (فلنختم موعظة أبينا القديس أنبا شنودة الذي أنار عقولنا وعيون قلوبنا باسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد، آميـن) عظة الساعة التاسعة من يوم الاثنين من البصخة المقدسة والآن أيها الإخوة، لنمتحن أفكارنا وأعمالنا، ولنتأمل ماذا نفعل قبل أن يبطل كل التعليم وكل عمل صالح ولا ننتفع شيئًا ... في المكان الذي سنذهب إليه سواء كان عملنا قليلاً أو كثيرًا. لماذا، إذن، نرتكب كل هذه الآثام؟ وإن كنا قد ارتكبناها فلماذا لم نتُب ونظل غير مستأهلين لنعمة المسيح هذه التي خلّصت عددًا لا يُحصَى؟ أي عمل تراه ثقيلاً أو صعبًا مما أوصانا به السيد؟ ما هو العبء الذي ألقاه السيد الرب على الإنسان الأول آدم؟ ألم يقل له: من كل أشجار الجنة تأكل ما عدا هذه الشجرة وحدها التي في وسط الجنة فلا تأكل منها لأنك يوم تأكل منها موتًا تموت؟ ولما خالف آدم وحواء وأكلا حرما نفسيهما من بقية أشجار الجنة.وما أحرى أن تكون الجنة وأشجارها مثل السنة التي نعيشها والصوم الأربعيني وما يجب نحو عيد القيامة الذي يُشبّه بالشجرة التي في وسط الجنة! فليجاهد كل إنسان قدر استطاعته، وحتى المرضى، حتى يباركنا السيد مع الذين جاهدوا وحتى نجد مكان الراحة في ملكوت السموات. أما الذين يخطئون في هذه الأيام المقدسة أو الذين يرتكبون التعديات فسيهلكون ... موتًا يموتون وسيشملهم الحزن والألم في جهنم. أما الذين يحتملون الجوع والعطش فطوبى لهم، لأنهم سيتمتعون بكل الأفراح والسعادة في ملكوت السموات. وينبغي أن نعلم أيضًا أن بدء الصالحات هو أن يحفظ الإنسان جسده طاهرًا، وبعد أن نكون أطهارًا فلنتمم كل عمل صالح حسبما يرشدنا الروح القدس سواء كانت هذه الأعمال عظيمة أو صغيرة، وبذلك نكون مخلَّصين وننتفع بها ... لأنهم (الأطهار) سيباركون السيد بها في الدهر الآتي إلى الأبد حينما يقومون أجسادًا روحانيةً في يوم القيامة. (فلنختم عظة ...) عظة الساعة الحادية عشرة من يوم اثنين البصخة قد توجد أعمال نخالها صالحة ولكنها رديئة عند الله، وذلك أننا نرى من يُخطئ في المواضع المقدسة ونصبر عليه مما يجعله يتمادى في الشر. لأن الرب لم يغرس في الفردوس الأشجار الصالحة وغير الصالحة بل الأشجار الصالحة فقط. ولم يغرس فيه أشجارًا غير مثمرة أو رديئة الثمر. وليس هذا فحسب؛ بل إن الإنسان نفسه الذي وضعه فيه عندما خالف لم يُهمل أمره (أي لم يحتمله) بل أخرجه منه. فمن هذا اعلموا، أيها الإخوة الأحباء، أنه لا يجب أن تكون بيوت الله المقدسة مليئة بالناس الأشرار والصالحين كما في العالم المملوء من الخطاة والظالمين والقديسين والنجسين؛ بل إن الذين يعيشون في الخطية يجب أن يُطرَدوا منها. ويجب علينا أن نقول ذلك لكل من نراه يسلك بدون ترتيب في بيت الله. أنا أعرف أن الأرض كلها للرب، فإذا كان بيته مثل باقي الأرض فما هي ميزته إذن على غيره؟ فإن كنتُ وأنا الكاهن أعمل الشر كما يعمله الأشرار على الأرض فلا يحق لي أن أُدعَى كاهنًا! لأننا مرارًا كثيرة نخطئ ولا نعرف كيف ندين أنفسنا بما نقول. لأنه لا يتجرّأ أحد أن يملأ بيتك قذارة إلاّ إذا رأى منك التهاون، ولا يتجرّأ حجّاب الملك أن يدخلوا بكل إنسان إلى بيته من حافظي مراسيمه والمخالفين لها إلاّ بأمره، ومتى فعلوا خلاف ذلك ألا يُعاقبون؟ (فلنختم عظة ...). عظة باكر يوم الثلاثاء من البصخة المقدسة إنني أخبركم بأمرين: أن كل الذين يفرحون بهم في السماء بسبب توبتهم على الأرض، سوف لا يرون حزنًا ولا ألمًا في ذلك المكان العتيد أن يرثوه. وأما الذين لا يفرحون بهم في السماء لعدم رجوعهم عن خطاياهم وتوبتهم عن آثامهم على الأرض، فلن يروا فرحًا ولا نياحًا في ذلك الموضع، لأن الذين يتنعمون ويفرحون على الأرض لن يروا فرحًا ولا نياحًا في السماء. أما سمعتم قوله تعالى: «طوبى للحزانى فإنهم يتعزون» (مت5: 4)؟ وكذلك أيضًا الذين لا يفرحون على الأرض يفرحون في السموات، أما سمعتم: «ويلٌ لكم أيها الضاحكون الآن لأنكم ستحزنون وتبكون» (لو6: 25)؟ أليس هذا هو الزمان الذي فيه يلبس الضعفاء قوةً، والذي ليس بقوي يقول أنا قوي عندما يعطي قلبه للقول المكتوب؟ وكقول النبي: «كثيرون هم الذين ضعفت أجسادهم من كثرة زناهم» (حسب النص)، ولكنهم سيضعفون أيضًا في قلوبهم كما يقول الكتاب عن مثل هؤلاء: «إنه يهلك بنجاسة نفسه» (انظر مي2: 10). أما المجاهدون بشجاعة فقد قيل عنهم: «اجتهد أن تُقيم نفسك لله مزكَّى عاملاً لا يُخزى مفصلاً كلمة الحق باستقامة» (2تي2: 15). (فلنختم عظة ...).عظة الساعة التاسعة من يوم ثلاثاء البصخة فلنصنع إرادة الله، يا إخوتي الأحباء، ما دام لنا وقت أن نعمل فيه لأجل الرب. تذكروا أن الموت لا يتأخر وأن مصيرنا أن نترك العالم. أين جميع الذين كانوا قبلنا؟ هوذا جميعهم الآن يرقدون في القبور. فلنصنع ثمارًا تليق بنعمة الله التي أعطانا إياها. وعلينا نحن وجميع المسيحيين أن نتشبّه بيسوع المسيح النور الحقيقي، ولكننا نحن بشر وهو السيد ونحن عبيده. هو الراعي ونحن غنم تحت يده. هو مولودٌ من الآب ولكننا نحن خليقته. هو نور من نور، وقد مات لأجلنا نحن الخطاة وسلّم ذاته من أجلنا على خشبة الصليب لكي يُنعم علينا بملكوته. فإذا كان السيد قد استهان بالخزي ومات من أجل عبيده أفلا يكون العبيد ملزمين أن يموتوا من أجل سيدهم، وذلك لكي كما مات هو يموتون هم معه، وكما هو حي فهم أيضًا يحيون؟! (فلنختم عظة ..). عظة باكر أربعاء البصخة المقدسة أقول هذا الكلام ولا أتركه: لا تظنوا أنه بعد عزل التبن من الحنطة يحصل الخطاة على راحة. وأقول لكم كشهادة الكتب إنه وإن كان الملائكة أو رؤساء الملائكة أو القديسين يصمتون جميعًا؛ فإن لكلمة الله الحكم الكامل القاطع في اليوم الذي يفرز فيه الأشرار من بين الصديقين، في الوقت الذي يُلقَى فيه الخطاة في أتون النار المتقدة. هل تُرى الله مثل البشر حتى يجعل له مشيرًا أو جليسًا يسأله؟ لأنه ما هو الذي ينساه الله حتى يُجيبه آخَر عنه أو يسأله عن كلمة إلاّ هذا القول فقط: أن يُقال من فم واحد: "أيها الديان الحق أحكامك عادلة، أنت المعطي كل واحد حسب أعماله، فهل نحن الذين نذكِّرك بهذه الأمور، أنت الذي من عندك كل الرأفات"؟ (فلنختم عظة ...) . عظة الساعة التاسعة من أربعاء البصخة أمران أقولهما لكم: ... (أكمل من عظة باكر الثلاثاء). فإلى متى تتكاسل أيها الإنسان؟ أتوسل إليك أن تبكي على نفسك طالما تكون دموعك مقبولة، وبالأخص إذا كنتَ قد ارتكبتَ أعمالاً تستحق البكاء. فابك على نفسك وحدك مادام جميع القديسين يبكون معك لأجل خلاص نفسك. طوبى لمن امتلأ بكاءً على نفسه هنا، فإنه سينجو هناك من البكاء وصرير الأسنان الأبدي ويفرح فرحًا سماويًا. فلنتيقّظ، يا أحبائي، قبل أن يُقفَل دوننا خدر العرس وباب التوبة، ونتضرع أمام الباب فنسمع: إنني لستُ أعرفكم! كل ذلك وأردأ سنسمعه إذا تمادينا في خطايانا. (فلنختم عظة ...). عظة الساعة التاسعة يوم خميس العهد (النصف الأول من العظة هو نفسه الجزء الأول من عظة الساعة الحادية عشر يوم الاثنين) ... لهذا يجب علينا أن نخافه ونحفظ وصاياه. فإذا سقطنا في واحدة منها فلنبك وننتحب أمامه حتى إذا رأى تنهدنا واشتياق نفوسنا مثل المرأة التي بلّت قدميه بدموعها، نكون حقًا مستحقين صوته الحلو القائل: «مغفورةٌ لك خطاياك، إيمانك قد خلّصك، اذهبي بسلام» (لو7: 48و50). فقد رأيتم، يا إخوتي، أن الإيمان يؤدّي إلى الخلاص وأنها أظهرت اشتياقها إلى ذلك. إذن، فكل من ليس له اشتياق لحفظ وصايا الله وغيرة في الاقتداء بالحكماء بالروح، الذين شُهد لهم أنهم قد عرفوا الحق وقبلوا نصيحته وأعماله، والذين ليس لهم إيمان يسقطون في كل أمر رديء ويهلكون كما هو مكتوبٌ: «الرجل العاقل يقبل النصيحة ويعمل، والجاهل يسقط على وجهه» (حسب النص). (فلنختم عظة ...). عظة لقان خميس العهد فلنستح الآن، أيها الإخوة، من الذي تألم من أجلنا، ولنخف ممن اشتدّ بمنديل وصبّ ماءً في جرن وغسل أرجل تلاميذه بيديه الطاهرتين، حتى نصنع ثمارًا تستحق هذا الاتضاع العظيم الذي اتخذه من أجلنا لكي نتوب سريعًا عن خطايانا التي ارتكبناها، لأننا إن لم نتُب فسيُقال عنا في السماء إننا محبون للخطية. فماذا يكون رجاؤنا بعد أن نكون قد طُردنا من السماء وطُرحنا للحكم ورُفضنا بسبب خطايانا. إننا نُدان دينونةً مضاعفةً ليس لأننا أخطأنا بغير معرفة فحسب؛ بل لأن ما صنعناه بمعرفة كان أردأ مما صنعناه بغير معرفة، ولا لكوننا أخطأنا فحسب؛ بل لكوننا لم نتُب. لماذا لم تعرف الخراف صوت الراعي الحقيقي المحيي وتلتجئ إليه؟ ذاك الذي اشتراها بدمه وعالها وسلّم ذاته فداءً عنها، الذي أعطانا جسده لنأكله ودمه لنشربه، يسوع المسيح ربنا ومخلصنا الإله ابن الإله، الممجَّد والساكن في الأعالي إلى الأبد. (فلنختم عظة ...). يتبع |
||||
19 - 07 - 2012, 08:23 AM | رقم المشاركة : ( 37 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: موضوع متكامل عن سيرة القديس الانبا شنودة رئيس المتوحدين ومعجزاتة وتعاليمة
بعض شروحات للقديس «الله ليس إله أموات بل إله أحياء»: «الله ليس إله أموات» (مت22: 32)، فهل جميع الذين ماتوا صاروا غرباء عن الله؟ وهل جميع الأحياء هم لله؟ فإذا كان الله إله الأحياء فقط وليس هو إله الأموات فكيف إذن استطاع الرسول بولس أن يقول: «ليس أحدٌ منا يعيش لذاته ولا أحدٌ يموت لذاته، لأننا إن عشنا فللرب نعيش، وإن متنا فللرب نموت، فإن عشنا وإن متنا فللرب نحن. لأنه لهذا مات المسيح وقام وعاش لكي يسود على الأحياء والأموات» (رو14: 7- 9). لذلك، فإنه عندما يقول إنه ليس إله أموات، فهو يقصد الذين ماتوا في الدنس والنجاسة والسرقة والكذب وشهادة الزور والقتال والخصومات والحسد والحقد والعداوة وعدم الإيمان وكل أمر شرير. هكذا قال الرب يسوع: «ليس الله إله أموات بل إله أحياء» (مت22: 32)، وذلك في الطهارة والكرامة والبر وكل أمر صالح. «لو كنتم عميانًا لما كانت لكم خطية، ولكن الآن تقولون إننا نبصر، فخطيتكم باقية» (يو9: 41) «النفس الشبعانة تدوس العسل» كما هو مكتوب (أم27: 7)، وأيضًا العين العمياء لا تقبل النور بسبب ما بها من الظلام. العيون المضيئة بالنور هي التي ترى النور أو تقبله، أما العيون التي غشيها الظلام فلا تبصر وهي في ظلام، ولا يمكن أبدًا جعل العين التي فقدت نورها أن ترى النور. كذلك أيضًا لا يمكن أن ترى يسوع يفتح عيني الأعمى، ذاك الذي جاء إلى العالم لكي يرى الذين لا يرون ويبصر الذين كانوا عميانًا. قال له الفريسيون: «ألعلنا نحن أيضًا عميان» (يو9: 40)؟ فسمعوا هذه الكلمة الحزينة: «لو كنتم عميانًا لما كانت لكم خطية، ولكن الآن تقولون إننا نبصر، فخطيتكم باقية» (يو9: 41). أولاد الملك المسيح الرب هم في النور، كما هو مكتوب، ولكن الأشرار هم في الظلمة، مثل إنسان دخل مكانًا مظلمًا فيسوده الظلام حتى إن الذين ينظرون إليه لا يرونه. هكذا يكون رؤساء الأمم غير المؤمنين منذ البدء الذين انغمسوا في مكان الظلمة، أي الشيطان، وساروا في زواياه وغرفه وقد أحاطتها دوامة من كل شر، فغمرهم الظلام الدامس، مثل بيوت مبنية تحت الأرض ليس فيها شعاع صغير من النور، لأن الله قد تركهم، وهو النور الحقيقي يسوع الذي يُنير لأولاده الذين يؤمنون بالنور ويسيرون في النور في كل زمان، كما هو مكتوب. وهم يُشبّهون بإنسان أسرع خارج مكان قفر ومظلم إلى مكان منير يحيط به عدد من المدن، هكذا كان آباؤنا القدماء إبراهيم وإسحق ويعقوب مع الذين كانوا قبلهم والذين كانوا بعدهم، فقد أسرعوا جميعًا خارج الخطية التي كانت في العالم نحو المعرفة الحقيقية، وكانوا تحت ظل الرب إله السماء، وكما أن النور يُضيء الظلمة دون أن تعرفه الظلمة؛ هكذا أضحى جنسهم كله منذ البدء وإلى الآن يتألق بالأعمال الصالحة دون أن يقوى عليهم الهراطقة. «انظروا الحقول إنها قد ابيضت للحصاد» يقول الرب: «ارفعوا أعينكم وانظروا الحقول إنها قد ابيضت للحصاد» (يو4: 35). هل يتكلم عن حقول حقيقية أم عن الشعب؟ لأنه يقول: «اطلبوا من رب الحصاد أن يرسل فعلةً إلى حصاده» (مت9: 38). يرسلهم لكي يعلموا كل الأفكار، لأننا مكان حرث للرب للحياة الأبدية، وأيضًا نحن كرمة كما قال: «كان لسليمان كرم» نش8: 11). وتوجد شواهد كثيرة في الأسفار المقدسة تبين أننا نحن الكرمة، كما أن السيد المسيح يعلّمنا أنه أخذ الكرمة من الكرامين الذين لم يعطوه ثمرها وأعطاها لآخرين يعطونه ثمرها في حينه. إنها شعبٌ تعلّم من معلّمه المسيح، وهي أيضًا تنشر التعليم وتعلّم الجموع الجاهلة، وهي تتنبّأ وتبشر البعيدين والقريبين أيضًا. إنها راعية ترعى الناس بكلمتها التي يوحي بها الله إليها إذ تصرخ إليه قائلةً: "ارع شعبك بعصاك، قبائل ماعز ميراثك، إنها تبقى من تلقاء نفسها في الغابة". وعن الخراف يقول السيد: «خرافي تسمع صوتي وأنا أعرفها فتتبعني»، وأيضًا: «لي خرافٌ أُخر ليست من هذه الحظيرة، ينبغي أن آتي بتلك أيضًا» (يو10: 27و16)، فيهم الطبيب والراعي كقول الكتاب: «وضع الله أناسًا في الكنيسة: أولاً رسلاً ثانيًا أنبياء ثالثًا معلمين ... مواهب شفاء ..» (1كو12: 28)، وتلاميذ كقول السيد: «ليس التلميذ أفضل من المعلّم .. يكفي التلميذ أن يكون كمعلّمه» (مت10: 24و25)، وعن الباب الذي يدخل منه الكثيرون إلى الحياة يقول: «أنا هو الباب، إن دخل بي أحدٌ فيخلص ويدخل ويخرج ويجد مرعى» (يو10: 9). فالكنيسة حصنٌ له سورٌ يحميه حوله وأمامه مصنوعٌ من الفضة كما هو مكتوبٌ أنه حصنٌ تحيط به حاميات من الفضة، وهي أختٌ كما قال الرب: «من يصنع مشيئة الله هو أخي وأختي وأُمّي» (مر3: 34). وهي حبيبة كما قال السيد: «أنتم أحبائي إن فعلتم ما أوصيكم به. لاأعود أسميكم عبيدًا ... لكني قد سميتكم أحباء» (يو15: 15). ويقول عنها أيضًا ما قاله لإبراهيم: «قد جعلتك أبًا لجمهور من الأمم» (تك17: 5) الذين قال عنهم: «هلم أيها البنون استمعوا لي فأعلّمكم مخافة الرب» (مز34: 11)، ويقول الرسول أيضًا: «يا أولادي الذين أتمخض بكم إلى أن يتصور المسيح فيكم» (غل4: 19). إنها هي الكنيسة الجامعة التي تسير في الطريق الحقيقي للرب، والتي سوف يدخل بها جموعٌ إلى الحياة. هي نور يسير في النور الذي جاء إلى العالم الرب يسوع، وسوف يسير الناس في نورها كما هو مكتوب: «أنتم نور العالم» (مت5: 14)، وهي تدعو الناس للسير حسب كرامة السيد، وهي أيضًا مدعوةً لكي تسير في كرامة الخدمة التي دُعيت إليها بكل تواضع وطهر. وهي ذبيحة كما قال الرسول بولس: «أطلب إليكم ... أن تقدّموا أجسادكم ذبيحةً حيّةً مرضيةً عند الله» (رو12: 1). وهي مملكة وكهنوت وأمّة مبرّرة وشعب للحياة (انظر1بط2: 9) حسب المكتوب أنها دائمة إلى الأبد مع الآب والابن والروح القدس. وقيل في الكتب أيضًا إن الرب هو خطيبها البكر والحبيب والسيد، هي الخراف وهو الراعي، هي الذبيحة وهو رئيس الكهنة، هي الكرمة وهو الجبل، هي نهار وهو الشمس، وهو الأول والآخر. ومن يقرأ بقية الشهادات في الكتب بتمعُّن يستطيع أن يفهمها. بخصوص بيوت الله: إذا كنا ندنس الأماكن المقدسة ونتصرف فيها بإهمال، فالويل لنا في دخولنا وخروجنا، لأنها أماكن جميلة في طولها ومقاساتها وكل ما فيها، ويجب أن يسكنها أناس تكون مقاسات قلوبهم وأرواحهم جميلة. إنها أماكن المسيح. وجيدٌ أن يُزيَّن خارجها والأفضل منه أن يُزيَّن داخلها. إنني أشير بخارجها إلى الطوب والحجارة والخشب وبقية المواد التي يتركب منها بناؤها، وأشير بداخلها إلى الشعب الذي يسكن فيها أو يدخل إليها. وهكذا قيل: «كونوا أنتم مبنيين كحجارة حيّة بيتًا روحيًا كهنوتًا مقدسًا» (1بط2: 5). فإذا كان البيت كاملاً، فإن سكانه يعيشون في انسجام كامل مع الذين يدخلونه، فيتقدمون ويظهرون أبرارًا وأطهارًا في بيت الله الطاهر ويصبحون خير قدوة وأفضل مثال للجموع الأخرى. أما إذا دخلتَ لتسرق وتنهب، فهل تظن أنك تُعطىَ كأس ماء في الأماكن السماوية وأنت سارق في هذه الأماكن؟ فإن لم تكن أمينًا في الأماكن التي تدخل إليها والتي سوف تتركها أيضًا، فكيف تكون أمينًا في الخيرات المستديمة؟! لا يسكن أحدٌ في بيت قبل أن يُبنى، ولا توضع فيه أشياء ضرورية أو أشياء من الذهب والحجارة الكريمة إلاّ إذا شاهده الإنسان عن كثَب وعاينه باهتمام سائلاً نفسه إن كان يصلح للتأثيث أم لا. ولن يُقال إنه بيت أو بيوت لله قبل أن تُبنى. وإذا كان الأمر كذلك، فيجب أن نعرف متى يسكن المسيح في الإنسان ومتى لا يسكن ..! إذا كان قبيحًا أن يُقال عن بيت قذر إنه بيت الملك، وهو لن يُحسَب أبدًا ضمن بيوت الملك؛ فمن ذا الذي يقول عن إنسان نجس إنه بيت المسيح؟! بيوت الملوك جميلة ولا تُنسَب البيوت غير اللائقة للملوك، هكذا أيضًا يُنظَر إلى الذين ليسوا هم لله ..! هل هو أمرٌ بسيط أن يُرفَع حجرٌ ثقيلٌ إلى مكان عالٍ لكي يوضع فوق عامود؟ هكذا أيضًا فمن الصعب أن يُبعَد الجاهل عن أهوائه الحقيرة، فإن هذا هو أكثر صعوبةً من رفع الشيء الثقيل، فهو يحتاج إلى تعب وجهد حتى يعود إلى طاعة المسيح لكي يجد رحمةً في يوم شدّته. ينظر الناس إلى الزينة الخارجية للبيوت، ولكن الرب يسوع ينظر إلى الزينة الداخلية! ما هو المكان الذي لا يملأه الرب يسوع في السموات وعلى الأرض وبالأحرى بيته؟ ولكنني أقول أيضًا إن البيت الظاهر هو البيت المعدّ للناس ليسكنوا فيه، ولكن الداخل هو ملكٌ للمسيح ليسكن فيه. إن الناس يصيرون غرباء عن المسيح إذا جعلوا بيته غريبًا عنه بالدنس. إن الله لا يسكن في بيت لنفسه ولا يعوزه مكان سكن، فإن سماء السموات هي كرسيه. وإن كان سليمان بنى له بيتًا، و«لكن العلي لا يسكن في مصنوعات الأيادي ... أي بيت تبنون لي يقول الرب وأيٌ هو مكان راحتي؟ أليست يدي صنعت هذه الأشياء كلها» (أع7: 48-50)؟ ولكنه يسكن فيها من أجلنا إذا كنا أطهارًا! إذا كان الله لم يرحم الذين كانوا يدنسون المكان الذي يقدمون فيه العجول والماعز والعصافير، فهل يرحم الذين يدنسون المكان الذي يقدمون فيه له جسد ودم ابنه؟! إنه حقًا يصبر علينا. وإذا كان هذا الشعب قد احتاج إلى القصاص من حين لآخر، فهل ننجو نحن الآخرين، أم أننا نحتاج أن يؤدبنا مرات عديدة؟ وإذا كنا نهرب منه في هذا المكان فإلى أين نهرب منه في ذلك اليوم؟! إن الإنسان سوف يصير بارًا يتمتع بجمال البيت وتناسق بنائه، ونحن أيضًا نصير كذلك، بل إننا سوف نخلص إذا كنا نحفظ البر ونطيع كتبه وقوانينه. «بضيقات كثيرة ينبغي أن ندخل ملكوت الله» (أع14: 22): إن كنتَ تخشى السهام فلن يمكنك أن تقف في المعركة، ولكنك سوف تُهزَم. وإذا كنتَ تخشى استهزاء الناس فلن تستطيع أن تفصِّل كلمة الحق باستقامة، ولكنك سوف تلبس ثوب الرياء كما يفعل كثير من الضعفاء عندما يُصيبهم جرحٌ أو ضربة. فإذا كنتَ تخاف من أن تُجرَح يدك أو رجلك أو أي عضو آخر في جسدك، فلا تقدر أن تجاهد حتى تأخذ الإكليل، لأنه «إن كان أحدٌ يجاهد لا يُكلَّل إن لم يجاهد قانونيًا» (2تي2: 5). فلماذا تخاف من أن يقول الناس كلامًا رديئًا ضدك؟ إن الذين لا يخشون من الوقوع بين يدي الله، وبدلاً من أن يقولوا الحق يكذبون، فإنهم يخجلون من الناس أكثر من الله، ويترجون مجد الناس أكثر من مجد الله. الجندي له أسلحة ويمكنه أن يُلقي السهام، وأنت أيضًا احمل الحق حتى تقول لك كلمة الله: «عدله يحيط بك كالسلاح، فلا تخشى من خوف الليل ولا من سهم يطير في النهار» (مز90: 4و5 الترجمة القبطية). إذا أردتَ أن تُطفئ نارًا بسرعة فاسكب عليها ماءً، فخذ «ترس الإيمان الذي به تقدر أن تُطفئ جميع سهام الشرير الملتهبة» (أف6: 16). الجندي له منطقة يلبسها في المعركة، وأنت أيضًا أُعطيتَ منطقة الحق لكي تتمنطق بها، وفوق كل شيء تشجّع لأنك لبستَ المسيح (غل3: 27)! من ذا الذي يستطيع أن يُحزنك إن كنتَ تريد أن تتغلّب على كل حزن وكل كآبة؟ فإذا كانوا قد جدّفوا على المسيح بسببك لأنه جاء لكي يخلّصك من كل شر، فذلك لكي تمجده كما قيل: «أما من جهتهم فيُجدَّف عليه وأما من جهتكم فيُمجَّد» (1بط4: 14). فلماذا لا يشتمونك من أجله؟ ينبغي أن تمتلئ من تمجيده إذا كانوا يحتقرونك من أجله. إن كانوا قد كذبوا من نحو المسيح من أجلك أنت كما قيل إن أعداء الرب كذبوا عليه؛ فلماذا لا يكذبون ضدك من أجله؟ وإذا كانوا قد تكلموا بالشر على الله الذي خلقهم، فكيف لا يتكلمون عليك بالشر؟ وإذا كانوا قد نسبوا الخطية للرب يسوع الذي يرفع خطية العالم وذلك كما قال رؤساء الكهنة: «تذكرنا أن ذلك المضلّ قال وهو حي إني بعد ثلاثة أيام أقوم» (مت27: 63)، فلماذا لا يدعونك مضلاًّ؟ وإذا كانوا قد شهدوا عليه زورًا، فلماذا لا يتهمونك زورًا؟ لقد حدث ذلك مع جميع القديسين، فقد كذبوا ضد يوسف في بيت المصري حتى سقط في ضيقات كثيرة، ولكن الله لم يتركه. وكذبوا ضد سوسنة، ومَنْ هم الذين كذبوا؟ كهنة وشيوخ وقضاة، ولكن الله لم ينس تضرعها وصلاتها. كذبوا ضد اسطفانوس ورجموه وقتلوه، ولكنه رأى السماء مفتوحة ورأى مجد الله والرب يسوع عن يمين الله. وفوق كل شيء، كيف أنه هو الآن في مجد؟! فلا عجب أن يُقال كلام قاسٍ ضدّك، فهذا ليس بالأمر الجديد! إنهم لم يجربوك بالعذابات وبالسيوف مثل الرسل الذين تركوهم شبه أموات وجرّوهم بعنف وطردوهم خارج المدينة. لم يُلقوك في السجون مثلهم، وقد قتلوا آباءك منذ هابيل الصديق إلى زكريا بن براشيا وسائر الشهداء الذين سفكوا دماءهم! لم يقولوا شرًا على جميع القديسين فحسب؛ بل احتقروهم وكذبوا ضدّهم وقتلوا معظمهم. ألم يكونوا عبيدًا قبلوا الاحتقار من أجل اسم سيدهم؟ ألم يُحتَقَر سيدهم من الأشرار لأجل خلاص عبيده؟ الذين غشت القساوة أعين قلوبهم أوثقوه مثل لص، فأنت أيضًا إذا أوثقوك من أجله فلا تعثر. لقد بصقوا على وجهه وغطّوا وجهه ولطموه وضربوا رأسه بالقصبة، وفي عطشه سقوه خلاًّ ووضعوا على رأسه إكليل شوك وسمّروا يديه ورجليه على الخشبة وأهانوه على الصليب قائلين: «إن كنتَ ابن الله فانزل عن الصلي ب .. فنؤمن بك» (مت27: 40و42). وبعد كل ذلك طعنوا جنبه بالحربة! أما كان يستطيع أن يجعل الأرض تنفتح وتبتلع جميع هؤلاء الأشرار الذين كانوا يحيطون به مثل الكلاب؟ ولكنه كان يتطلّع إلى الذين يؤمنون به. وأنت أيضًا إذا سقطتَ في أيدي الأعداء الذين فكروا في قلوبهم بالشر ضدّك من أجله، أو «سنّوا ألسنتهم كحيّةٍ، حُمة الأفعوان تحت شفاههم» (مز140: 3)، فلا تردّ بالشرور، بل انظر إلى ازدياد البر ومجد الرب الذي يتقدم وينتشر في الأرض كلها، وإلى رائحة الأعمال الصالحة العطرة فإن رائحتها أفضل من كل بخور، ولَسوف يؤنَّب الذين جدّفوا على الرب يسوع، فقد جاء عليهم الهلاك حقًا وسوف يأتي أيضًا، وسيُؤنَّب جميع الذين يصنعون هذه الشرور، لأنه يقول: «هوذا قد جاء الرب في ربوات قديسيه ليصنع دينونةً على الجميع ويعاقب جميع فجّارهم على جميع أعمال فجورهم التي فجروا بها، وعلى جميع الكلمات الصعبة التي تكلم بها عليه خطاةٌ فجّار» (يه:14و15). يتبع |
||||
19 - 07 - 2012, 08:36 AM | رقم المشاركة : ( 38 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: موضوع متكامل عن سيرة القديس الانبا شنودة رئيس المتوحدين ومعجزاتة وتعاليمة
هجوم القديس على الشيطان أيها الشيطان، إنك مخرِّبٌ ولكنك لا تستطيع شيئًا ضد الساهرين، ولا حتى في نومهم حينما تأتي في خيالات الأحلام آخذًا شكلاً غير شكلك متشبهًا بملاك. إن الساهرين يعرفونك لأن الملائكة يتكلمون في داخلنا وليس خارجًا عنا. إنك دودةٌ ماصة للدماء ولكنها لا تشرب إلاّ الدم الذي يروق لها. إنك مفترسٌ ولكنك لا تستطيع أن تلتهم إلاّ الشباعى. إنك ثعبانٌ ولكن بقوة السيد المسيح يتطهر الأمناء من سُمّك، بل يسحقون رأسك ويقطعونك ويُهلكونك فلا يمكن أن يخشى أحدهم جثة ميتة! أسلحتك مثل أعضائك قد هدمها السيد المسيح وليس لك سلطان إلاّ الذي يعطيه لك الناس أنفسهم. أنت، إذن، لستَ إلاّ عبدًا هاربًا وأسلحتك خادعة، إنها أكاذيب وظلمات وكل الخطايا. أما أسلحة الأمناء فهي الطهارة والبر. تجاربك أيها العدو ليس لها سلطان إلاّ بالمشاركة الإرادية للناس المجرَّبين، والأمراض التي تجعلها عليهم لا تصل إليهم إلاّ بسماح من الله. إنني أهاجمك أيها الشيطان ولا تستطيع أن تفعل شيئًا بينما يستطيع ملاك واحد أن يُهلكك. أنت لا تُسقِط إلاّ الذين يريدون السقوط ولا يعرفون رحمة الله. ليس لك سلطان إلاّ على الهدم ولا سلطان لك على الإبداع. إن الذي يخاف الله ويُجرَّب بالمرض يجد في مرضه ذاته ما يمدح به السيد المسيح الذي هو عضوٌ فيه حقًا إنه بسببك أنت، يا رئيس الشر، قد حدث كل أمر شرير. لقد أقمتَ مستعمرةً لكل شر في وجه كل خير. ولكنك إذا كنتَ فضلاً عن ذلك تقوِّي في الناس الكراهية للمحبة والعداوة للسلام والدنس ضدًا للطهارة والعنف ضدًا للحق والعدل وكل أشكال العصيان الأخرى ضد التقوى؛ فهل يذهب الجميع إلى الهلاك؟! طوبى للذين يفكرون قائلين: "ماذا تستطيع بعض الحزم من الحشائش والقش أن تفعله ضد النار حينما يُلقونها عليها؟ أو ماذا تستطيع بعض الأواني الطينية أن تعمله ضد الحجر وهم يُلقونها عليه؟ إنني أقول ذلك ضدك أيها الروح النجس. مَنْ تكون أنت مع كل شرورك أمام قوة الله الكائنة في الإنسان الذي يجتهد في فعل الخير؟ لا تغترّ بخداعك للناس النيام الذين سلبتهم وكنستَ بيوتهم. تعال ضدّ اليقظين الساهرين! أيها السفّاح، لماذا تحوم حولهم في خيالات الأحلام ذات الأشكال العديدة؟ أيها المتمرِّد، إذا كنتَ شجاعًا في الحرب، فلا تهرب من الطرق التي بها يحاربك كل مَنْ يسلِّم نفسه لله بإخلاص وينكر نجاساتك. بك أنت كل الضعفات، وعندك مرض النجاسات من كل نوع. أنت لستَ رجلاً ولا امرأة، لستَ ثورًا ولا حصانًا ولا أي حيوان عامل، لستَ ثعبانًا ولا عقربًا أو أي نوع من الزواحف، أنت لستَ من البربر ولا من الرجال الأشرار، لستَ بحرًا ولا ينبوع ماء، لستَ جبلاً ولا أرضًا، ولا تُحسَب كواحد منها. إنك تغيّر شكلك إلى شبه هذه الأشياء أو غيرها، ولكن شكلك كما هو لا يتغير. ليس لك أصغر جزء من عضو في أي شيء كان، لا أنت ولا باقي شياطينك. كل شيء تغيِّر نفسك إليه هو غريبٌ عنك ولا يعدو أن يكون مظهرًا وخيالاً! ماذا بينك وبين السماء والهواء أو النور حتى تحاول أن تأخذ شكلها، وأنت مثال الذين سيُطرَحون في النهاية في النار؟ إن زلزلة الأرض وتكاثف السحب والدخان قد تجعل الكون يبدو كأنه على وشك الدمار. تلك الظلمات المخيِّبة للآمال قد تغطِّي العالم فيتصور الناس الهلاك، وأنت تتخذ شكل جموع بشرية مع شياطينك وتصرخ: هذه هي النهاية. تتعجل فتسقط وتقوم ثم تسقط على الأرض، وذلك لكي تخدع الذين يرون مظاهرك الشريرة في الأحلام! وقد تُعلن أمورًا كثيرةً بواسطة الذين تملّكتهم مدّعيًا أنها النهاية. بيد أنه لا يوجد شيء من ذلك لأنك كذاب وأبو الكذاب. وقد يتصور البعض في تخيلاته أنك ملاك نور وتتمادى في تظاهرك، بينما تكون رغبتك الحقيقية هي أن تقتل ضحاياك وليس لكي تفرِّح قلوبهم بالرؤى العلوية التي تدّعيها. أيها المملوء من كل مكر وخبث والتواء، أتتخذ شكل ملك أو جندي لكي تُدخل الاضطراب والخوف إلى النفوس؟ أية منفعة تنالها وقد أُعِدّت لك جهنم مع كل جنودك الأشرار؟ بل أية منفعة ترجوها وأنت تقيِّد الناس بالخطايا ليكون نصيبهم النار التي لا تُطفَأ؟ إنك تغير ذاتك بعالمك الذي هو من نور كاذب. إن كل ما تملكه إنما هو مزوَّر ومصيره الفناء. إذا كنتَ تظهر في شكل ملاك للذين لا تتملّك عليهم، فهم لا يصدقونك لأنهم يعرفون علامات ملاك الرب. يعرفون أنك أنت الشيطان من أعمالك. إذا ظهرتَ في أشكالك الكاذبة للذين يتحفظون ضدك فستنفضح لأنهم يتعرفون عليك، فماذا أنت فاعل؟ إنك حتى لو تشكّلتَ بصورة ملاك من نور فلن تكون مخفيًا عنهم. أرواح الحق وأرواح الضلال: يا له من جنون! لماذا نقف عديمي الفهم حتى نتوقع من ملاك أو من روح أن يظهر لنا ويتحدث إلينا، في حين أن الله وروحه وملائكته يتكلمون معنا في داخل أرواحنا؟! في الواقع إن الفارغين هم الذين لا يسكن فيهم الرب يسوع، فإنهم ليسوا ممتلئين من روح الله القدوس. وأنت لا تستطيع أن تستهزئ بالذين هم ملكٌ حقًا للسيد المسيح، ولا تستطيع أن تربطهم بظهوراتك الكاذبة. طوبى للذين يرون هلاكك دون أن يهلكوا معك في اليوم الذي فيه يسحقك غضب ذاك الذي جدّفتَ على أعماله. إنك سوف تُسحَق وتُلقَى في قاع جهنم. ولكن ويلٌ لمن يُعاينون هلاكك ويهلكون معك! ويلٌ لمن لم يميّزوا أفكارك وفخاخك! إنهم لم يميِّزوا صوت الكتب المقدسة حينما جاءت على الأرض. طوبى للذين عرفوك وعرفوا أفكارك المختبئة خصوصًا أدناسك التي يستطيع أن يميّزها الصغار، وهي ليست بمخفية عن الذين يستهزئون بك وبأدناسك. أيها المخالف، أسقطتَ كل الذين يسلكون رديئًا مخالفين للرب. أيها الكائن المرفوض، جعلتَ شعوبًا عديدةً مرفوضةً! أنت أخطر من الدودة الماصة للدماء، فإنك تفعل أكثر منها، فهي لا تستطيع أن تبلغ إلى شراهتك. أيها القاتل، ألم يكفك سافكو الدماء وخدّام الأوثان؟ نعم ليس بكافٍ لك ملحدٌ ولا هرطوقي، قاسٍ أو شهواني ضعيف، غير مؤمن أو أي واحد من الذين أنكروا الله! طوبى للذين لم يتذوقوا البتة ما تتذوقه أنت. إنه يلزم بالضرورة وأنت تتذوق ما يذوقون أن يتذوقوا هم ما تذوق أنت، فهي الأطعمة الوحيدة المشتركة بينك وبينهم. طوبى للذين جرحوا حنجرتك ولم تستطع أن تبتلعهم بسبب عظامهم الكبيرة، أولئك الذين تجرِّبهم وتتعقبهم ولا تستطيع أن تتملّك عليهم بسبب إيمانهم بالله وفضيلتهم. طوبى أيضًا للذين تركتَهم رغمًا عنك فخلصوا. أما أنت فصرتَ بائسًا حتى الفناء، في تلك الساعة التي يبيد فيها الرب يسوع بقية أفكارك التي على الأرض وتختفي وتهوي في جهنم. إنك لم تشبع من قتل الناس، ولسوف تتعذب إلى دهر الدهور مع الذين أشبعوا هواهم معك. إن سُمّ الثعبان له حدود ولا يخرج عن طبيعته لأن الله هو الذي جعله فيه، ولكن سُمّك أنت ليس له حدود! يستطيع الثعبان أن يقذف سائلاً محدودًا يُلحق الأذى في القريبين منه فقط، وعندما يقفز أو يعضّ فمَنْ يدركه يُلحق به الأذى في مكانه المحدود؛ أما أنت أيها الشرير، فسمومك تدرك الذين في العالم أجمع! إنك تُفاجئ وتضرب الذين في العالم أجمع من البدء حتى اليوم، فسمومك كثيرة جدًا، وأنت لا تكفّ عن أن تنفثها بكل قوتك. كثيرون في كل مكان يحفظون أنفسهم حتى لا تُصيبهم سمومك، وإذا كان بعضها قد يُصيب الكثيرين، فإن افتقاد السيد المسيح يطهرهم منها إلى النهاية. الثعبان ينفث سمّه نحو عيون الجسد، أما أنت فتهدف إلى عيون القلب! الويل للبائسين الذين جعلتَهم عميانًا بالكلية، ففي اتساع تجبُّرك على الذين سقطوا تحت قدميك قد سحقتَ رؤوسهم ولن يستطيعوا بعد أن يتكلموا عن ضعفك. أما الذين سحقوك وأذلّوك تحت أقدامهم، فليس لك سلطان عليهم ولا شيء آخر تقدر أن تصنعه لهم بشرورك سوى أن تحوم خارج أجسادهم بأمراض مختلفة وأنواع من الآلام. إنك لا تستطيع أن تجذبهم إلى مكرهاتك، ولا تجد منفعةً من محاربتهم، بل إنك تهرول هاربًا مسرعًا! وهكذا تخزى بخيالاتك وأشكالك المتعددة الدنسة، إذ ترتد إليك مكرهاتك وسهامك، لأنهم يرفضونها في نومهم الهادئ الطاهر كما في يقظتهم. إن الثعبان في الواقع ليس له سلطان آخر سوى سُمّه، ولا شيء يخشاه الناس فيه سواه، ومن يهرب من سُمّه لن يموت بسببه؛ وأنت أيضًا بالأكثر عدو كل الخليقة، وليس لك سلطان آخر سوى سُمّ شرورك. أنت تمزِّق وتفرِّق، ليس لأن الله جعلك بائسًا بهذا المقدار فحسب؛ ولكن لأن شكلك المرئي مهدوم، وأيضًا لِما نعرفه عن ضعفك. إن الذي يهرب من شرورك لا يعود يُبالي بوجودك، حتى وإن كنتَ تملك سيوفًا في أي وقت، فإن سيوفك قد فسدت تمامًا، وما عندك منها تصوّبه نحو الأغنياء الذين يعطونك سلطانًا أن تتملّك عليهم. أما الذين يعرفونك فلا يُبالون بخيالاتك الليلية أو النهارية، وهم لا يخافونك البتة، إذ كيف يخافون من جثة هامدة؟ أيخافون من جندي قطع الملك يديه ورجليه وجرّده من سيفه وأسلحته وسائر مستلزمات القتال، فجعله غريبًا عن مكان إقامته وبلده؟! نعم إن الملك حاربه، ولكنه بكرمه تركه حيًّا إلى اليوم الذي يرى أن يقضي عليه فيه! نعم أيها الشيطان، لقد تفرّقتَ وأُلقيتَ من السماء (انظر إش14: 9-21؛ لو10: 18)، وسقطتَ من سائر جيش الملائكة بسبب كبريائك. أيها المجنون الأعمى الذي يقاوم الله، لقد صرتَ كائنًا محتقرًا بدلاً من أن تكون كائنًا مكرّمًا. صرتَ ملعونًا من الله لأنه يعرف ظروف بدايتك ونهايتك وفسادك الكامل وانحطاطك وحسدك. أيها العبد الهارب غير النافع الذي هرب من سيده، كيف تستطيع أن تهرب أو تختبئ منه؟ أعرف شيئًا غير خافٍ عن الحكماء، أعرف أنك مذنبٌ بما تحمّله السيد المسيح من آلام، حتى الذين صلبوه فقد فعلوا ذلك بوصيتك الشريرة. في جنونك لا تجد ماذا تفعل مع الذين يثبتون! سيُهلكك السيد المسيح ويجعلك تختفي. أتبعد حينما لا يكون لك درع ولا سيف ولا منطقة ولا ثوب ولا سلسلة براقة ولا سلاح مثل التي لرافائيل وجبرائيل ورئيس الملائكة الجليل ميخائيل وكل الملائكة؟ الأشياء التي لك والتي تدّعيها بالأكثر قد أُعلنت لكل واحد. عوض درع الملائكة أو المنطقة، وضعتَ درعك حول وسطك ومنطقة الكذب اشتدّيتَ بها. عوض السلسلة البراقة والثوب النوراني، فإن سلسلة سوداء وثوب دخان وضباب يغطيك أيها الكلّي الظلمات. عوض سيف الملاك وقوة الروح الطاهر توجد في عجز تام. نصيبك هو الهلاك بسبب النجاسة الكاملة وأعمالك الأخرى: أعمال العنف والزنى والدنس والحسد وبقية الشرور التي لسنا في حاجة أن نذكرها بالتفصيل لأنك تعرفها، فأنت في شرورك مثل غابة من الجذوع الذابلة المتراكمة، إذا ألقى أحدٌ نارًا عليها وأشعلها لَرآها تسقط أمامه رمادًا، ومَنْ أهملها رآها سهامًا وسيوفًا وعتاد حرب من كل نوع، لأن كل أُمّة شريرة قد خرّبتَها أنت بكل ظلم وليس بحربة أو بسلاح آخر. ولكن أناس الله الحقيقيين فبطهارتهم يضربونك، وببرّهم وبأنواع الأعمال الصالحة وكل تقوى يغلبونك. إن التجارب التي تَبتلي بها أجساد الذين يحاربون تفكيرك المكروه ليست ملكًا لك، إنما هي نتيجةً لسماح من الله. إن أتباعك والذين أصبحوا من أمثالهم هم أولئك الذين حسبهم الكتاب المقدس مثل قش سوف يُحرَق بنار لا تُطفَأ. أعتقد أنه لو فُرض أنني أشتم هكذا أحد ملائكة الله – حاشا، بل ليكن بالحري مباركًا – لكان يحرقني بلهيب نار لأن له سلطانًا وليس لك أنت. إنني أجحدك وأشتمك وأقول ذلك ضدك وأكثر منه أيضًا بالنهار وبالليل وفي كل وقت ولا تجد ما تفعله بي، لأنه لو كان في مقدورك أن تفعل شيئًا، حينما لا تدركنا معونة المسيح، لما كنتَ تمتنع. ليس نصرًا لك أن تملأ الجسد بالوجع والألم. وإذا كان هذا السلطان لك فمن هم الذين انتصرتَ عليهم؟ أليس أولئك الذين أسقطتهم بكل الطرق وهم في معرفة كاملة ولم يكن ذلك عن جهل منهم؟ من لا يعرفك ويجهل حيلك السحرية؟ هل أنت قاضٍ أيها الخبيث في الخداع؟ إنك تارةً تُقنع الذين تأتي بهم إلى الخطية أن الله لن يحاسبهم، وتارةً تجعل قلب الذين يريدون أن يتخلّصوا من شرهم مضطربًا بحجة أن الله لن يغفر لهم كما لو كنتَ تعلم فكر الله العلي! فليترك عديم الفهم طرقه والشرير خططه، وليلتفت نحو الرب، والرب سيُشفق عليه، لأن كرمه وجوده وتحنُّنه في مغفرة الخطايا غير محدود: «لأن أفكاري ليست أفكاركم ولا طرقكم طرقي يقول الرب. لأنه كما علت السموات عن الأرض هكذا عَلَتْ طرقي عن طرقكم وأفكاري عن أفكاركم» (إش55: 8و9). ليس لك سلطان أيها الشيطان إلاّ لكي تهدم. إنه لَتجديفٌ أن يُقال إن لك سلطانًا أن تخلق أو أن تفعل خيرًا، كما يفكر الوثنيون، إلى أن تسلّمهم لضربات الغضب الإلهي. الذين تعوّدوا أن يحاربوك يقولون غير ذلك، إنك تجرّب أجسادهم بالألم. ابعد عن جسد السيد المسيح وأعضائه لأنهم سوف يخضعون له ويخدمونه ويشكرونه حتى في مرضهم، لكي يكون واضحًا أنه ليس أمامك في ذلك جدوى، ولن تجد ما تربحه من أي إنسان يخاف الله. أيوب البار، ليس فقط بأعماله الصالحة أصبح غنيًا بالله؛ ولكن أيضًا بسبب تجربته بالأمراض. وأيضًا لعازر، ليس فقط لم يكن له ما يعطيه؛ ولكنه أيضًا كان يشتهي أن يشبع من الفتات الساقط من مائدة الغني، ولا نجد سببًا آخر من أجله حُمل إلى حضن أب الآباء إبراهيم سوى احتمال المرض بصبر ...! يتبع |
||||
19 - 07 - 2012, 08:43 AM | رقم المشاركة : ( 39 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: موضوع متكامل عن سيرة القديس الانبا شنودة رئيس المتوحدين ومعجزاتة وتعاليمة
من تعاليم القديس أنبا شنودة كان أنبا شنودة يعلِّم أولاده قائلاً: يوجد طريق واحد للحياة، هو أن تحب الرب إلهك من كل قلبك وتحب قريبك كنفسك. والذي لا تشتهي أن يفعله بك أحد لا تفعله أنت بأحد. لا تقتل، لا تفسق، لا تشتهِ شيئًا لصاحبك، لا تشهد بالزور. لا تقُل شرًّا على أحد، ولا يكن كلامك كاذبًا أو باطلاً. لا تكن بقلبين في أفكارك البتّة. لا تأخذ أجرة أجير، ولا تتعظّم في قلبك، ولا تقُل كلامًا رديئًا. لا تبغض أحدًا من الناس. إذا سقط واحدٌ في خطية فبكِّته بينك وبينه وصلِّ لأجله ووجِّهه مثل نفسك وقال أيضًا: اهرب من كل شر. لا تكن غضوبًا لأن الغضب يقود إلى القتل. لا تكن حسودًا ولا لوامًا ولا مماريًا، لأن ذلك يولِّد القتل. لا تكن طموحًا مشتهيًا، لأن الشهوة تؤدِّي إلى الزنى. لا تتفوّه بكلام باطل. لا تكن وقح العينين، لأن ذلك يؤدّي إلى شهادة الزور. لا تكن راقيًا ولا معزِّمًا، ولا تقترب من هذه الأفعال، لأنها تجعل الإنسان يبعد عن الله. لا تكن كاذبًا ولا محبًا للفضة، لأن ذلك يؤدّي إلى الكفر. لا تصغر نفسك، ولا تفكر بالشر وقال أيضًا: كن وديعًا لأن الودعاء يرثون أرض الحياة. كن طويل الأناة بسيط القلب صالحًا خائفًا من الله، مرتعدًا من كلام الله في كل وقت. لا ترفع نفسك ولا تتكل على الغد. اسلك مع الأبرار والتصق بالمتواضعين. وما يحلّ بك اقبله سواء ظننته شرًا أو خيرًا. اتلُ الكلام المبارك ليلاً ونهارًا واذكر كلام الله. اسأل عن طريق القديسين وابتهج بكلامهم. لا تعمل فرقةً بين إنسان وآخر، بل اجمع المتفرقين بالمصالحة والسلام. أحكم بالحق ولا توبِّخ أحدًا على خطيته. لا تكن مبسوط اليد عند الأخذ وقابضها عند العطاء. أعط الفقراء لكي تُمسَح خطيتك. وإذا دفعتَ شيئًا لأحد لا تكن بقلبين، ولا تتذمر عند الدفع. إذا كنتَ رحيمًا فاعلم أن الله يعطيك الأجر الحسن. لا تردّ وجهك عن سائل كقدر قوتك. كن مشاركًا لكل أحد يحتاج إليك، لأنك إذا شاركتَ الآخرين في الدنيا الفانية، تكون مشاركًا للأبرار في الآخرة الباقية وقال أيضًا: التأمل هو نصف العبادة، والجوع يجب أن يرافق العبادة. أقرب الناس إلى الله هو المتفكر في الخير وفي الجائع. وكما قال بعض المعلّمين: إذا امتلأت المعدة ثارت الفكرة وصمتت الحكمة وارتخت الأعضاء عن العبادة. خبز الشعير والماء والنوم على المزابل يوافق مَنْ يشاء أن يسكن الفردوس وقال أيضًا: من أعداء المسيرة الرهبانية التفكير العقلاني والرضا عن الذات وشر التدبير، وثمرة المعرفة هي الحكمة، وحُسن التدبير هو في كمال غيرة المعرفة والكنوز المذّخرة في أقوال الصالحين. إذا علمتَ (أي إن كانت لك معرفة) فاذكر أن الله ينظر إليك، وإذا تمسكنتَ فاذكر معرفة الله فيك، وإذا تكلمتَ فاذكر أن الله يسمعك. راقب ساعات حياتك لئلاّ تفلت منك بالتغافل، وإيمانك لئلاّ تبيعه بثمن بخس، وكلامك لئلاّ تتكلم فيما لا يعنيك وقال أيضًا: اهجر الدنيا بالآخرة، والناس بالملامة. وإذا لم تساعدك نفسك على الطاعة ومخافة الله والشكر، فتمم الطاعة بمخافة ورجاء وشكر. أصل المعصية هو الكبرياء والغضب والحسد وقال أيضًا: إذا كنتَ بالنهار هائمًا وبالليل نائمًا، فمتى تتجه نحو من يأمرك وهو قائم؟ إذا كنتَ بالنهار (مثل) خلية، وبالليل (مثل) خشبة، فمتى تقوم لكي تتجاوز العقبة؟ إنك تنال النعمة السماوية بفعل المكارم وتجنُّب المحارم والصبر على المغارم (أي الخسائر)، مع امتلاء العينين بالدموع واللسان بالثناء والتمجيد، والقلب بمخافة الله والرجاء وقال أيضًا: إذا دخل النور الإلهي في القلب انشرح، وعلامته هي مجافاة دار الغرور والهروب إلى دار الخلود والاستعداد للموت قبل الموت باكتساب الفضائل وترك الرذائل والتخلّي عن هذا المجد الزائل وقال أيضًا: لا تحقد على من يُبغضك ولا من يُغضبك، ولا تخطئ في من تحب، واصبر على من ضربك ولطمك وظلمك. لا تصحّ الأُخوّة إلاّ بالأعمال وتقريب الآجال وتنقية الآمال وقال أيضًا: من أدلة المحب: السكوت والتذلل والإطراق والخجل والدموع. انفق ما فضل من مالك، وامسك الفضل من لسانك. غاية الزهد الانشغال بذكر الله عما سواه، والعلم بأنه إن أعطاك فلا يقدر أحد أن يحرمك، وإن منعك لا يقدر أحد أن يعطيك. اترك الاهتمام برزقك الذي ضمنه لك وقال أيضًا: حقيقة الإيمان هي الالتجاء إلى رحمة الله والالتزام بطاعته والمداومة على تقواه. إذا أبطأ عليك الرزق والاستجابة فاكنـز من طلب المغفرة، وإذا جاءتك نعمة فسبّح الله، وإذا حلّت بك مصيبة فتقوّى بالرب وقال أيضًا: صلِّ من أجل من قطعك عنه، وأعطِ من حرمك من شيء، واغفر لمن ظلمك. إياك أن يُخرجك غضبك عن الحق أو رضاك إلى الباطل. لا تأخذ مما ليس لك. إذا كنتَ لا تنفع الناس فلا تضرّهم، وإذا لم تسرّهم فلا تغمّهم، وإذا لم تمدحهم فلا تذمّهم وقال أيضًا: شره القلب يتولد من كثرة الأكل وكثرة النوم وكثرة الضحك، ويتولد أيضًا من عدم الاحتراس في الكلام وكثرة الذنوب، ومن التعليم بدون علم لأنه يُفسد أكثر من أن يُصلح، ومَنْ جعل أذنيه هدفًا لسماع ما يحكم به على الآخرين. يكثر انشغال الإنسان بالله إذا اتّقاه في كل شيء واستعان به في كل شيء وافتقر إليه في كل شيء. احتمل كل ما يأتي عليك وقال أيضًا: أصل جميع الخطايا هو الكذب، فتجنّبوه لأنه هو الشيطان الكبير. وأصل جميع الخيرات هو الحق، فإذا اعتمدتم عليه لا تخيبوا، ومَنْ اعتمد عليه في كل طرقه يقويه الله. لا تتفكّروا في الأمور الرديئة، ولا تطلبوا أن تأكلوا شيئًا من الإخوة بالسرقة، لأنه لا يفرح بالسيئات إلاّ الشيطان وقال أيضًا: الرجل الحكيم إذا رأى أن واحدًا قد سقط يجتهد في إنقاذه ويتعب حتى يخلّصه. كما أن الله إذا أبصر إنسانًا ساقطًا في خطيئة لا يُسرّ بذلك، بل يُسرّ بالذي يسلك في الطريق المستقيم الإلهي وقال أيضًا: تدبّر يا بُنيَّ بما في الكتب ولا تعمل بغيره، لأن الروح المتكلم في الأنبياء هو المتكلم في الصديقين إلى الأبد. وغاية المستقيم هي أبونا السماوي كما قال سيدنا يسوع المسيح. لأن غاية الصديقين هي التشبُّه بالله بقدر الطاقة وقال أيضًا: يا إخوة، يجب أن نجتهد في تكميل ما جاء في الكتب المقدسة، وأن يكون الإنسان بارًا وصدّيقًا ومتجنِّبًا للأمور الرديئة، فإذا فعل ذلك يكون كالشمس مضيئًا في الملكوت كما هو مكتوب (مت13: 43)، ولا يسلك في أي شيء من طرق السوء. والصدّيق يحزن على مَنْ يسلك فيها. قال الرب: لا تحب السوء وانظر إلى أفعال القديسين لأنهم يطلبون الخير بكل قلوبهم لكل من يسقط وقال أيضًا: لا تفتخر، لأن القديس إذا افتخر سقط من أعين الناس بسبب تعظُّم قلبه وافتخاره بمجد فارغ، كما أنه يُغضب الله بتعظُّم قلبه وقال أيضًا: لا يقدر أحد أن يقف على أسرار الله التي في الكتب إلاّ إذا أنار الله عليه، ولكنه بحكمته لا يقدر على ذلك، وإذا اتكل في ذلك على حكمته فقد عظمت سقطته وقال أيضًا: لا تقُل في نفسك: إنني لم أفعل شيئًا، فتكون سقطتك كبيرة، فلا يوجد صدّيقٌ على الأرض ولا بارٌّ ليس له بين يدي الله خطية ولو كانت حياته يومًا واحدًا على الأرض. وأقول لكم إن كل من افتخر بالذي يفعله ويتعظم به فقد صار كالفريسي وانعدم فيه الخير. وقال أيضًا: من قتل نفسه بالجوع والعطش وأنفق جميع ما له وليست فيه محبة فليس له نصيب مع الرب، وهو يرذله ويضعه. ومن اتضع واعتمد على الله في كل أفعاله وأهان نفسه وسلّم أموره لله استحق أن يُنيره الله بنور مسيحه كالعشار الذي بسبب تأدُّب نفسه واتضاعه وقرعه على صدره قال للرب: لستُ مستحقًا أن أرفع عينيَّ إلى السماء لكثرة خطاياي وذنوبي، لذلك مضى إلى بيته بالأنوار المضيئة الإلهية. ومن افتخر مثل الفريسي وظن أنه فاعل خير ورفع عينيه إلى السماء بافتخار يخزى مثله ويضيع أجره لأنه مضى بالخزي والخيبة وقال أيضًا: الصدّيق الذي يعمل الحسنات ويفتخر بعمله يكون مرذولاً أمام الله أكثر من الخطاة. والمتضع فاعل الحسنات القليلة ويُعظِّم غيره يكون عند الله في منـزلة جليلة والموضع الرفيع الذي لا يوجد مثله. والمفتخر بالسوء، المفتري على الصالحين ويفعل الخير يكون عند الله أشرّ من الخطاة النجسين بسبب افتخاره، وتكون حسناته مرذولة أمام الرب. فاقتنِ الاتضاع لأنه هو غاية البر، فتُعتبر حسناتك القليلة كثيرة عند الله وقال أيضًا: الذي يرذل الصدّيقين تكون خطيئته عظيمة أمام الرب لأنهم مصطفون وجليلون أمام جماعة الملائكة. كل من يخاف الرب ويصنع الخير ولا يفكر في الشر؛ يكون مكرَّمًا أمام الرب أكثر من الملائكة. الذين يخطئون ولا يعرفون الرب يسوع المسيح ولا ملائكته ولا كلامه، فالويل لهم جميعًا قدامه. والذين يعرفون الرب يسوع المسيح ويُغضبوه بأعمال الشر ولا يفعلون الخير إطلاقًا، فالويل لهم لأن الرب يحب الذين يفعلون الخير على قدر طاقتهم، لأن الحكيم يقول: «لا تكن بارًّا كثيرًا» (جا7: 16)، وهو يحب ألاّ يفتخر الأديب بحكمته، لأنه هو القائل إنه ليس أحد أديب ولا عالِم غيري، ولكنه يحب من يتضع ولا يتعظم ولا يفتخر ولا يكذب، ومن يرجع إلى كلام ذوي المعرفة وذوي الأعمال الصالحة الذين ليس فيهم غش ولا كذب، أولئك الذين يحبهم الرب بسبب صلاح قلوبهم وحبهم له واجتنابهم فعل الشر ومحبتهم للإخوة. والصدّيق لا يفتخر بالحسنات، بل إنه يُكثر منها ويتضع مثل الرب يسوع المسيح الصدّيق الحقيقي الذي اتضع حتى الموت موت الصليب. فلا يجب أن يفتخر الأديب بحكمته لأن إلهنا هو ربّ كل أدب وحكمة، وهو القائل: لا أديب غيري وقال أيضًا: قال الرب: اجعلوا الناس يرون أعمالكم الحسنة التي ليس فيها غش ولا رياء، فيمجدون الله أباكم، ولا يسمعوا منكم كلام العلم الذي أساسه الافتخار. كثيرون عملوا خيرات كثيرة ثم ابتعدوا من الله بسبب الكذب والنجاسة والسرقة وقلة السمع والأفكار الرديئة التي يقبلونها مع فعل الخير. لا توجد خطية أعظم من الكذب، ولا توجد فضيلة أفضل من قول الحق، والصدق هو الذي يوقف الإنسان أمام الرب مستقيمًا وقال أيضًا: مَنْ عمل بالناموس كله ماعدا وصية صغيرة قيل عنه: «من حفظ كل الناموس وإنما عثر في واحدة، فقد صار مجرمًا في الكل» (يع2: 10). وأنا رأيتُ كل ذلك بروح الله وفهمته عندما أحاط الأعداء بروحي مثل الكلاب، ومثل سباع تزأر لتخطف، لأنني رأيتُ أنني أخطأتُ كثيرًا، لأن الإنسان إذا فعل خيرًا كثيرًا ثم فعل شرًّا قليلاً فإنه يُلاشي ذلك الخير، ويُبعده من الله بعد الاقتراب منه بسبب السيئات القليلة التي ارتكبها. لقد كنتُ في زماني أفعل خيرًا كثيرًا، فقلتُ إنني قد اقتربتُ من المسيح وصرتُ صدّيقًا، فابتعدتُ عنه بسبب الشر القليل الذي ارتكبتُه. لذلك يجب على الخاطئ أن يفعل الخير بدون افتخار ولا يتكلم عنه بل يُخفيه ويُظهر للناس خطاياه التي لا يعرفونها، وبذلك فإن الرب يسوع المسيح وملائكته يعظمونه عند توبته وعودته إلى الصلاح، ولا سيما إذا أخفى ما عمله من الخير وقال أيضًا: من يفكر في السوء فهو كمَنْ فعله. وإذا احترسنا من الأفكار الرديئة وتكلمنا بالسوء نكون قد فعلنا جميع الخطايا. ومَنْ قال إنه ليست له خطية فقد كذّب الله، لأنه قال على ألسنة أنبيائه إنه لا يوجد صدّيق بلا خطية ولو أقام على الأرض يومًا واحدًا وقال أيضًا: المتذمر والغضوب والمتكبر والذي يأكل لحم الناس بالاغتياب، أي الذي يتكلم في حق أخيه؛ كل مَنْ يرتكب تلك الأمور مرذولٌ جدًا قدام الله وملائكته. الرجل الفهيم هو الذي ليس فيه غش والماشي حسب الحق ولا يغضب. الذي يخاف الله هو المتحنن الرءوف الذي يحزن على من يعمل الشر ويفرح بالله ويعمل الصلاح، ولا يفتري على مَنْ يُخطئ بل يبكي على أخيه الذي يفعل السوء، هذا الإنسان يظهر برّه أمام الله والناس وخصوصًا إذا لم يظن أن الله راضيًا عنه، بل يعتقد أنه خاطئ وقال أيضًا: مَنْ يأكل فليأكل من أجل الله ويشكره، ومَنْ يصوم فليصُم بقوة من عند الرب ويفعل ذلك بدون غش، والمريض الذي له قوة احتمال فليحتمل، ومَنْ لا يقدر أن يحتمل فليطلب قوة الاحتمال من الله بمخافة وقال أيضًا: خادم الإخوة المرضى فليهتم بهم في كل مكان بمخافة الله بكل ما يأمرهم به الأرشيمندريت، ولا يفعلون شيئًا إلاّ بأمره. الذي يتمارض وهو ليس مريضًا، ولكنه يطلب شهواته، فهذا مرذولٌ أمام الله تعالى. والمريض إذا اشتهى شيئًا فليطلبه مرةً أو اثنتين بخضوع وبساطة وبدون غش، بينما يكون متضرعًا إلى الله أن يصرف عنه الشهوات الجسدية لأنها موت، وبذلك تقوى فيه الأفكار الروحانية التي تؤدّي إلى الحياة الأبدية وقال أيضًا: المريض المحق في مرضه الشاكر لكل ما يصنعه له الخادم، يكون منيرًا بين يدي المسيح ربنا. الخادم المتهاون بالمريض الذي يؤخر عنه شهواته وطلباته يكون شريرًا بين يدي السيد المسيح وكمن يُهرق دماء الناس. كذلك المريض القليل الشكر والذي يتفكر في قلبه بالرديء على الخادم، يكون مرذولاً. كما أن الخادم إذا تفوّه بكلام صعب أو بغيض للمريض يكون مرذول وقال أيضًا: أي واحد من الإخوة، صغيرًا كان أو كبيرًا، رجلاً أو امرأة، لا يأكل شيئًا مسروقًا ولا حتى عود بقل أو خبز إلاّ مع الإخوة، ومَنْ فعل غير ذلك يكون مظلمًا قدام الله. ولا يشرب أحد شيئًا مسروقًا لا في مرضه ولا في صحته، ولا في برد ولا في حرّ ولا لأي ضرورة وقال أيضًا: مكتوبٌ في ناموس الآباء المتقدمين أن يكون الأكل مرة واحدة في اليوم، وذلك بالنسبة لكل مَنْ يلبس الإسكيم. ولا ينتقل أحد من موضع إلى آخر، فقد قال أنبا أنطونيوس: لا تنتقل من مكان إلى آخر سريعًا، فالرهبنة الحقيقية هي أن يثبت كل واحد في الموضع الذي يسكن فيه، ويلزم الصبر في موضعه ويثبت ولا يتنقّل ويقاتل أراخنة الشياطين. فلا تتشبهوا أنتم بغير المؤدَّبين الذين يتنقّلون من موضع إلى آخر حيث أن ذلك لا يتفق مع عبادة الله. ولا يقاوم أحد صاحبه في أي شيء وقال أيضًا: يجب ألاّ يسكن راهب مع علماني، ولا يجوز أن يقبل الرهبان العلمانيين في مجمعهم، بل يجعلونهم خارج المجمع، ولا يأكلوا ولا يشربوا قدامهم. لا يخرج راهب أو راهبة من باب الدير، وبعد أن يضرب الناقوس في آخر النهار لا يتحدث الراهب مع أحد حتى يدق ناقوس السَحَرْ وقال أيضًا: لا تذهب أية راهبة قط إلى دير رجال. وإذا ذهبت راهبة أو راهب لمقابلة الأقرباء بدون مشورة فإنه يسجس قلوب الذين يرعونه ويخالف الوصايا الإلهية. فالراهب يجب أن يخضع لناموس الرب في الدير. فعلينا أن نطيع كبير الدير ولا نقاومه ولا نتكلم معه أو من ورائه إلاّ بما يشاء هو، لأنه مختارٌ من الله تعالى لرعاية المقيمين في هذا المكان، وهو مكلَّفٌ بالاهتمام بنجاة نفوسهم وسيجاوب الله عنهم، وهو المهتم بأمورهم وكل مصالحهم. لذلك يجب ألاّ يعملوا شيئًا كبيرًا أو صغيرًا إلاّ بمشورته وقال أيضًا: الراهب يهتم بالتوبة وملازمة الأفكار الإلهية، ولا يفكر في الشر أو يتمم شيئًا منه، ولا يتفوّه بكلام بشري، ولا يهتم بالاختلاط الفارغ بالناس أو الأفكار الجسدانية، بل يذكر خطاياه ويندم عليها، ويختلي ويحزن على أعماله الشريرة ويجتهد في الابتعاد عما يماثلها، ويبكي من أجل مَنْ يعمل شرًّا ولا يوبخه، ويتقوى بالرب الذي يعمل على خلاص أفكارنا وأجسادنا من هذه كلها، وذلك كمن يريد أن يدير سفينته في ريح عاصف حتى تسلم وتصل إلى الميناء. وعلينا أن نلازم ضرب المطانيات قدام الله لأجل التوبة عن ذنوبنا ومن أجل الذي يندم عليها، والرب، جلّ اسمه، يُعيننا وإياكم على العمل بما يُرضيه. آمين |
||||
19 - 07 - 2012, 08:46 AM | رقم المشاركة : ( 40 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: موضوع متكامل عن سيرة القديس الانبا شنودة رئيس المتوحدين ومعجزاتة وتعاليمة
معجزة للانبا شنودة رئيس المتوحدين شفاعة من اجل الانجاب يقول احد اباء دير القديس الأنبا شنوده، انه اثناء ترميم كنيسة الدير من الداخل، طلبت هيئة الاثار ان نمد كابلات للكهرباء وتدفن تحت ارضية الكنيسة. تم الاستعانة بمجموعة من الاخوة الخدام المتخصصين فى هذا العمل، وبدئنا العمل وكان يوم شديد الحرارة وكانت ارضية الكنيسة صلبة جدا فكان مجهود كبير على الاخوة الخدام . فى ذلك الوقت سمعنا اصوات طبول وزمار خارج الدير ففهمنا من ذلك ان يكون احد اخوتنا المسلمين حضر للدير لوفاء نذر وهذه عادتهم عندما يرزقون بطفل كانوا قد تشفعوا بالقديس الأنبا شنوده بعد حالة عقم وعدم انجاب، وكان الدير يصرح لهم بذلك فى اضيق الحدود خارج الدير، وطلبنا من احد الاخوة الخدام بأن يقدم لهم واجب الضيافة، وتكلمنا قليلا فى هذا الامر ثم استأنفنا العمل، واذ بنا نجد احد الاخوة الخدام وقد بدا عليه الحزن . ففهمت من ذلك حيث انه كان قد اخبرنى سابقا بأنه متزوج من سبع سنوات ولم يرزقه الله بأطفال، +++الصلاة المستجابة ففكرت ان اخرجه من هذا التفكير فقلت للاخوة هيا بنا نقف نصلى من اجله كى يعطيه الرب نسل بشفاعة القديس الأنبا شنوده رئيس المتوحدين فعلنا ذلك بأيمان وكان الرب قد استجاب لانه يعرف احتياجاتنا قبل ان نطلبها " لأنه اشرف من علو قدسه الرب من السماء الى الارض نظر " مز( 102 : 19 ) . ورزق هذا الأخ بابنه مباركة (مريم ) . . ولم يتركه القديس العظيم الأنبا شنوده فى حزنه بل كفكف دموعه، واعطاه النسل الصالح . وكنت انا قد نزرت للقديس عماد الطفل بذبيحة ووفيت النذر عن هذا الاخ لتعبه ومحبته للدير، وكان يوم عماد الطفلة مفرحا لكل الخدام الذين اشتركوا فى الصلاة المستجابة . شفاعة القديس العظيم الأنبا شنوده رئيس المتوحدين تفرح الكل وتعطى المحروم . " فقال له الملاك لا تخف يا ذكريا لأن طلبتك قد سمعت وامرأتك اليصابات ستلد لك ابنا وتسميه يوحنا " ( لو 1 : 13 ) يتبع |
||||
|