18 - 02 - 2017, 07:12 PM | رقم المشاركة : ( 31 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس بورفيريوس الرّائي
”قوّتي في الضعف تُكْمَل“ عانى القديس بورفيريوس من أمراض كثيرة خلال حياته، إلى جانب المرض الّذي أجبره على مغادرة الجبل المقدس والّذي أثّر في صحتّه كثيرًا. ففي نهاية خدمته في مستشفى أثينا، أُصيب بمرض في كُليتيه. أُجريت له عملية جراحيّة عندما كان المرض قد تفاقم جدًا، وذلك لأنّه كان يعمل دون توقُّف واعتاد أن يطيع ”حتّى الموت“، وأطاع مدير المستشفى الّذي قال له أن يُرجئ العملية إلى ما بعد الفصح، فدخل في غيبوبة من جرّاء هذا التأخير. وقد أعلم الأطباء أقاربه بتحضير مراسم الدفن. إلا أنّ المشيئة الإلهية شاءت غير ذلك واستعاد القديس صحته رغم كلّ التوقّعات الطبية. وقبل ذلك بقليل كان قد كسر رجله. عانى القديس من الفتاق طيلة حياته بسبب الأحمال الثقيلة الّتي كان ينقلها إلى بيته في توركوفونيا. |
||||
18 - 02 - 2017, 07:12 PM | رقم المشاركة : ( 32 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس بورفيريوس الرّائي
ثم إنّه عام 1978، أُصيب بذبحة قلبية. أُدخل على إثرها إلى مستشفى وطالت فترة نقاهته. في وقت لاحق، عندما استقرّ في البيت المتنقل في ”ميليسي“، أُجريت له عملية في عينه ولكن أخطأ الأطباء فانطفأت عينه وبعد بضعة سنوات انطفأت عينه الأخرى. وقد أعطاه الأطباء دون إذنه جرعة من الكورتيزون كان جسمه يتحسّس منه، ما أدى إلى نزيف حاد في معدته، فأعطوه 12 عيّنة من الدّم، وأُجبر على التقيّد بنوعية معيّنة من الطعام الّذي يأكله. فكان يقيت نفسه ببضعة ملاعق من الحليب والماء يوميًا فقط. على الأثر ضعفت قواه الجسدية وأُرهق لدرجة أنّه لم يعد يستطيع الوقوف مستقيمًا. هذه المرة أيضًا رغم اقترابه من الموت، نجّاه الرّب. وٱستمرت هذه القرحة إلى آخر حياته، ينزف منها كلّ ثلاثة أشهر تقريبًا. |
||||
18 - 02 - 2017, 07:12 PM | رقم المشاركة : ( 33 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس بورفيريوس الرّائي
منذ ذلك الحين، أخذت صحّته تتدهور. استمرّ الأب بورفيريوس برعاية أغنامه على قدر استطاعته، معرّفًا لوقت أقل من الماضي، أحيانًا مع أوجاعٍ مؤلمة ومختلفة. وأخذ يفقد نظره تدريجيًا حتّى أُعمي كليًا عام 1987، ومعه خفّف من كلمات النّصح الّتي كان يُسديها للنّاس وزاد من صلاته لأجلهم. صلّى بصمت وبكثير من الحب والتواضع لكلّ من كان يستنجد به طالبًا معونة من ربّه. وبفرحٍ روحيّ كبير كان يشهد لنعمة الله تقودهم إلى كلّ عمل صالح. |
||||
18 - 02 - 2017, 07:12 PM | رقم المشاركة : ( 34 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس بورفيريوس الرّائي
بناء دير جديد رغب القديس ببناء دير مقدّس، يكون أساسًا رهبانيًا تعيش فيه راهبات تقيّات من بناته الرّوحيات. تعهد الأب بورفيريوس أمام الله أن يهتم بهؤلاء النسوة اللواتي ساعدنه قبل مفارقته الدنيا لأنّهنّ كن معاونات أمينات لسنوات عديدة. وقد شاء أن يزداد هذا الدير مع الوقت ويجمع كلّ من أردن أن يكرسن أنفسهن لله. أول فكر له كان أن يبني ديرًا في كاليسيا، بندلّي، في المكان الّذي ٱستأجره من دير بندلي. حاول مرارًا وتكرارًا أن يُقنع أصحاب الأرض بمنحه إيّاها ولكن دون جدوى. أحسّ الأب بورفيريوس أنّها لم تكن مشيئة الله، مدبّر كلّ الأمور بحكمة، أن يستمرّ في هذا المكان بل أراده أن ينتقل إلى مكان آخر. |
||||
18 - 02 - 2017, 07:12 PM | رقم المشاركة : ( 35 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس بورفيريوس الرّائي
باشر الأب بورفيريوس بالتفتيش عن أرضٍِ مناسبة لبناء دير. خلال هذا الوقت، قدّم للّجنة المختصّة في الكنيسة ميثاقًا أعدّه مع أبنائه الرّوحيين لتأسيس دير للراهبات. وبما أنّه لم يكن قد وجد العقار المناسب انتقى منطقة ”توركوفونيا“ في أثينا مقرًا للدير. هناك كان يملك بيتًا حجريًا صغيرًا فقيرًا سكن فيه منذ العام 1948 إلى أن ٱنتقل إلى كاليسيا. لم يشأ الأب بورفيريوس أن يقوم بأي شيء من دون إذن الكنيسة. ومع أنّه قدّم الأوراق عام 1978، لم يحصل على الإذن بإنشاء ”دير تجلّي ربّنا وإلهنا يسوع المسيح“ إلا عام 1981 وذلك بعد متاعب إدارية كثيرة. أراد الأب بورفيريوس أن يكون المكان مَحْمِيًّا من الرّياح ذا منظر جميل. صلّى كعادته كي ينيره الله. لم يلجأ إلى المكاتب العقارية بل أخذ يجول بنفسه على الأراضي المختلفة متفحصًا بتدقيق ميّزات كلّ منها. بحث بلا كلل وزار مئات العقارات، استشار عددًا كبيرًا من النّاس. وفي الأخير أظهر الله له مكانًا في ”ميليسي، أتيكا“، فوق الهضبة، لكي يبني ديرًا. أخبره أحد الرّعاة أنّ هذا المكان يُعرف بـ”الخلاص المقدّس“. |
||||
18 - 02 - 2017, 07:13 PM | رقم المشاركة : ( 36 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس بورفيريوس الرّائي
أراد أن يعرف إذا كان في الأرض ماء... ”رأى“ ببصيرته الماء، و”ذاقه“ وكان جيدًا جدًا ولكن عميقًا جدًا. ثم راقب الطرقات إذا كان بالإمكان تمديد الكهرباء والهاتف، هل المكان محميّ من الرّيح وما إذا كان الهواء الشمالي يصيبه، وهل فيه رطوبة وراقب مسيرة الشمس فيه، مترددًا على المكان لأشهر لأنّه أراد أن يبني ديرًا تشرق عليه الشمس وتغرب منه، فيسقط عليه آخر شعاع لها. ولما كانت هذه الأمور مؤاتية، قرر شراء الأرض. تمّت الصّفقة وابتدأت أعمال البناء عام 1980 بالأموال الّتي ادّخرها عبر السّنين، لأجل بناء الدير معتمدًا أيضًا على مساعدات الأصدقاء والأقارب الّذين شاركوه هذه الرّغبة. عاش أكثر من سنة هناك في عربة متنقّلة في ظروف صعبة جدًا خاصة في الشتاء.
وبما أنّ المياه الّتي ”رآها“ القديسعميقة فقد اضطر إلى بناء خزّانٍ كبيرٍ يجمع مياه الأمطار. ولكن هذا لم يكن كافيًا. ذات مرة أتى رجل إلى القديسمسترشدًا فكشف له الرّب الإله به أمورًا عائلية معينة تخصّه. تعجب الرجل وتأثر جدًا وقال له أنّه يريد أن يحفر له بئر ماء. وهكذا حصل على المياه الجوفية الجيدة بعد أن حدد له القديس العمق الّذي يجب حفره للحصول على المياه. |
||||
18 - 02 - 2017, 07:13 PM | رقم المشاركة : ( 37 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس بورفيريوس الرّائي
حبّه اللاّمحدود لربّه وللقريب دفعاه إلى إرشاد الكل إلى فرح تجلّي المسيح الإله على جبل ثابور. كان، مع الرّسول بولس، يناشد أولاده الرّوحيين أن ”لا تتشبهوا بهذا الدهر بل تحوّلوا إلى صورة أخرى بتجديد عقولكم لتختبروا ما مشيئة الله الصالحة المرضيّة الكاملة“ (رومية 2:12). أراد أن يرشدهم إلى الحالة الّتي اختبرها حيث ”نحن جميعنا ننظر بوجهٍ مكشوف كما في المرآة مجد الرّب، فتتحوّل إلى تلك الصّورة بعينها من مجدٍ إلى مجدٍ كما من الرّب الرّوح.“ (2 كو 18:3). لذلك كرّس الدير لتجلّي ربّنا وإلهنا ومخلّصنا يسوع المسيح وأراد أن تُكرَّس كنيسة الدير لهذا العيد. وفي نهاية المطاف، بعد صلاة حارّة، متواترة، توصّل مع العمال إلى رسم تخطيط بسيط ومتكامل للكنيسة. تمّ وضع حجر الأساس في ليلة 25 شباط 1990، خلال سهرانة للقدّيس ”بورفيريوس الغزّاوي“. لم يكن الأب بورفيريوس يستطيع النّزول إلى أسفل حيث سيوضع حجر الأساس، فأعطاهم بكثير من التأثّر صليبه ليكون حجر الأساس. ومن سريره صلّى "يا صليب المسيح ثبّت أساس هذا البيت، يا صليب المسيح، خلّصنا بقوّتك، اذكر، يا الله، عبدك الحقير بورفيريوس ورفقته...“. وبصلوات القديس استمر العمل في بناء الكنيسة دون توقف، واستطاع أن يرى بعينيه الرّوحيتين (لأنّه كان قد فقد نظره الطبيعي منذ سنوات) الكنيسة في مراحلها الأخيرة. لأنّه ما إن وصل البناء إلى قاعدة قبة الكنيسة الأساسية حتّى رحل القديس من هذا العالم. |
||||
18 - 02 - 2017, 07:13 PM | رقم المشاركة : ( 38 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس بورفيريوس الرّائي
عودته إلى مكان توبته الأولى لم يترك القديس بورفيريوس الجبل المقدس إلا بالجسد. فروحه بقيت هناك. لم يكن ثمة موضوع يهتم به أكثر من الجبل المقدّس آثوس وبالأخصّ ”كافسوكاليفيا“. لسنوات كان عنده قلاية هناك لأحد تلاميذه يزوره فيها. عام 1984، علم أنّ آخر راهبٍ في قلاية القدّيس جاورجيوس قد غادر وٱنتقل إلى دير آخر، فأسرع إلى دير اللاّفرا الكبير الّذي تتبع له القلاية وطلب من رئيس الدير إعطاءه إيّاها. هناك أخذ أوّل نذوره الرّهبانية، ولسنوات تمنّى العودة ليفي النّذر الّذي قام به منذ أكثر من ستين سنة وأن يبقى في الدّير إلى آخر نسمة من حياته. لقد أصبح الآن مستعدًا لآخر رحلة في حياته. أُعطي القديس بورفيريوس قلاّية القدّيس جاورجيوس بحسب ترتيب الجبل المقدّس بوثيقة مختومة في 21 أيلول 1984. سكن هناك مع عدد من تلاميذه. في صيف 1991 أصبح عددهم خمسة، وهو العدد الّذي ذكره أمام أولاده الرّوحيين منذ ثلاث سنوات قائلاً: إنّه عندما يصبح عدد تلاميذه خمسة سوف ينطلق إلى ربّه. |
||||
18 - 02 - 2017, 07:13 PM | رقم المشاركة : ( 39 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس بورفيريوس الرّائي
رحلته الأخيرة خلال آخر سنتين من حياته كان يتكلم باستمرار عن تحضيره للمثول أمام الدينونة. أعطى أوامر محددة عن رغبته في أن يدفن في كافسوكاليفيا. في الأخير قرّر أن يذهب إلى هناك بنفسه ما دام حيًّا. عشية عيد الرّوح القدس من العام 1991، غادر الأب بورفيريوس باتجاه الجبل المقدس بعد أن كان قد اعترف وأخذ الحلّ عن خطاياه من أبيه الرّوحي المسنّ والمريض. استقرّ هناك وٱنتظر النّهاية. غادر الأب بورفيريوس الدّير في ميليسي وفي نيّته عدم العودة ثانية. لقد تكلّم بما فيه الكفاية مع أبنائه الرّوحيين ملمّحًا أحيانًا وأحيانًا أخرى قائلاً لهم بصراحة إنّه يراهم للمرة الأخيرة. قبل ذلك كان كلّما ذهب إلى الجبل المقدّس يحاول أولاده الرّوحيّون حمله على العودة إلى أثينا بسبب صحته الرّقيقة وصعوبة العيش في كافسوكاليفيا أو لتعزيتهم، حتّى ٱضطر إلى العودة مرّتين، وكلّ مرّة لم يكن يبقى إلا بضعة أيام ثم يسرع عائدًا إلى الجبل. آخر مرة غادر فيها، خشي أن يضطره أولاده إلى العودة خاصة أنّه اعتاد طيلة حياته أن يتمّم مشيئة الآخر لذلك قال لأحد تلاميذه: ”إذا قلت لك أن تأخذني إلى أثينا، ٱمنعني، لأنّ هذه ستكون تجربة من الشرير“. وبالفعل حاول العديد ترتيب عودته إلى أثينا، ولكنْ على غير طائل. |
||||
18 - 02 - 2017, 07:13 PM | رقم المشاركة : ( 40 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس بورفيريوس الرّائي
وشاء الرّب الإله أن يحقق للقديس رغبته بأن يموت ميتة الأبرار في منتهى البساطة وبعيدًا عن الأنظار محاطًا فقط بتلاميذه الّذين كانوا يُصلّون معه. في آخر ليلة من حياته الأرضية، ذهب القديس ليعترف بخطاياه ثم أخذ يردّد صلاة يسوع دون توقّف بصمت على الطريقة الهدوئية. قرأ تلاميذه المزمور الخمسين ومزامير أخرى ثم خدمة المحتضرين وأخذوا يصلّون صلاة يسوع معه حتّى أتموا قانون الاسكيم الكبير. بكثير من الحبّ قدّم له تلاميذه ما احتاجه من تعزية جسدية وروحية. وللحظات طالت سمعوه يتمتم صلاته إلى أن قال كلمته الأخيرة: ”فلتكن مشيئتك“. بعدها قال كلمة واحدة نجدها في رؤيا القدّيس يوحنّا في العهد الجديد: ”تعال“. وجاء محبوبه الرّب يسوع ونقل روحه الطاهرة إلى السّماء، كان ذلك في 2 كانون الأوّل عام 1991 عند السّاعة 4:31 صباحًا. أُلبس القديس على الطريقة الرّهبانية ونقل إلى كنيسة كافسوكاليفيا. هناك بحسب التقليد قرأ الآباء الإنجيل المقدّس كلّ النّهار، وفي الليل أُقيمت سهرانية. كلّ شيء تمّ وفق توصيات القديس الّتي كتبها ليمنع الالتباس. وفي صباح 3 كانون الأوّل، دُفن القديس في إسقيطه في كافسوكاليفيا يحيط به عدد قليل من الرّهبان. عندها فقط تمّ إعلان وفاته كما أوصى. دير راهبات السيّدة بلمّانا، (2005)، القديس بورفيريوس الرائي (سيرة وأقوال)، بلمّانا، منشورات دير راهبات السيّدة |
||||
|