ثم أنني خشيت إن تقبّلت المسؤولية قبل أن أدع السيد نفسه يؤهلني لها، خشيت أن أسير في خطى البعض الذين يُقبلون إلى خدمة المذبح بلا استحقاق كأن هذه الخدمة باب للارتزاق، وكأنها سلطان عوض أن تكون مثالاً للفضيلة يجتذب الآخرين بالمحبة (1بط 2 : 5) … إن أقبل أحد إلى الكهنوت، عليه أولاً أن ينقَّى بالنار مثل المعدن الثمين (1كو12:3). حياة الفضيلة أمر شاق ولكن مَن أقدم على خدمة القدسات من دون أن يقدِّس ذاته فهو لا يجلب فقط دينونةً لذاته بل دينونةً للآخرين أيضاً.
كيف نطبب الآخرين من دون أن نشفى نحن أولاً؟ ثم ماذا نقدّم للآخرين إن لم نُعط من عند الآب أن نتقدّم بالفضيلة؟ لا يكفي أن نبتعد عن الشرّ، علينا أيضاً كما يوصي الكتاب أن نسعى لفعل الخير.
العمل الرعائي يشبه عمل الطبيب ولكن النفوس تقاوم شفاءها لأن المرض الروحي خفي على خلاف الأمراض الجسدية ولأن الكاهن يستهدف ليس فقط حفظ الصحة واستعادتها ولكنه يسعى ليؤلِّه كل من يأتي إلى المضيف الإلهي. ثم أن الكاهن الطبيب يعالج نماذج مختلفة من البشر، من هنا عليه أن يغيّر اسلوبه وفقاً للزمن والظروف. البعض يعالجون ببسط العقيدة لهم وآخرون بحاجة إلى مثال حيّ يتبعونه، البعض بحاجة إلى رأفة وآخرون بحاجة إلى صرامة، البعض بطيئون في الفهم وآخرون يلتهمون التعليم التهاماً، البعض يبنون بالمديح وآخرون بالتأنيب، البعض بحاجة إلى احتضان وآخرون ليسوا بحاجة إليه، للبعض نضع لهم حدوداً ولآخرين نترك ملء الحرية. كل حسب شخصيته وظروفه ومجتمعه.