منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 30 - 03 - 2016, 02:25 PM   رقم المشاركة : ( 31 )
marit jesus Female
..::| مشرفة |::..

الصورة الرمزية marit jesus

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 122656
تـاريخ التسجيـل : Jun 2015
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 22,574

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

marit jesus غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية

انا معاكى طبعا باذن ربنا
وفكرة حلوة جدا علطول افكارك حلوة
ومتميزة ياسمسمتى
 
قديم 30 - 03 - 2016, 02:37 PM   رقم المشاركة : ( 32 )
بنتك انا Female
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية بنتك انا

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 84
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 35
الـــــدولـــــــــــة : فى ارض الغربة
المشاركـــــــات : 23,149

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

بنتك انا غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية

انشاء الله ربنا يدبر واكون معاكم
 
قديم 30 - 03 - 2016, 05:27 PM   رقم المشاركة : ( 33 )
مريم ميرو Female
..::| مشرفة |::..


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 122635
تـاريخ التسجيـل : May 2015
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 4,742

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

مريم ميرو غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية

انا معاكم وموجودة من دلوقتي
 
قديم 30 - 03 - 2016, 07:00 PM   رقم المشاركة : ( 34 )
sama smsma Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية sama smsma

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 8
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : قلب طفلة ترفض أن تكبر
المشاركـــــــات : 91,915

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

sama smsma غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية

المسابقة الاسبوعية بالصوم الكبير ( احد السامرية )

مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية


مطلوب ان كل واحد يجيب الطلبات دى كلها مع بعض بمشاركة واحدة فقط


تأمل عن المرأة السامرية + ثلاث صور للسامرية
تأمل عن التجربة على الجبل + 3 صور للتجربة على الجبل
تأمل قصير عن اقامة لعازر من الاموات
السبع عبارات الذى قالهم السيد المسيح على الصليب
صورة للمسيح على الصليب
ثلاث اقوال من اقوال البابا شنودة الثالث
موضوع قصير او تامل عن الفرح المسيحى



اللى يجاوب فى اول مشاركة وثانى مشاركة بعد وضع الاسئلة
هما الفائزين لهذا الاسبوع
نجيب كل الطلبات مرة واحدة داخل مشاركة واحدة ماتنسوش





 
قديم 30 - 03 - 2016, 07:21 PM   رقم المشاركة : ( 35 )
بنتك انا Female
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية بنتك انا

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 84
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 35
الـــــدولـــــــــــة : فى ارض الغربة
المشاركـــــــات : 23,149

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

بنتك انا غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية

الأحد الرابع : أحد السامرية

مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية


تأمل


السامرية تجد مرعى



أنا هو الباب. إن دخل بي أحدٌ فيخلص ويدخل ويخرج ويجد مرعى
( يو 10: 9 )
ينفرد إنجيل يوحنا بذكر بعض مُقابلات للرب يسوع، لم يَرِد ذكرها في
الأناجيل الأخرى، فيذكر، مثلاً: مقابلته مع نيقوديموس (يو3)، ومقابلته مع
المرأة السامرية (يو4). ولربما يبدو، بحسب مقاييس البشر، أن نيقوديموس
أفضل جدًا من السامرية باعتباره متدينًا ومعلمًا للناموس، بينما السامرية
امرأة شريرة تحاول أن تروي ظمأها من بئر الشهوات، ولذلك كانت منبوذة من
الناس.

ولكن بحسب المقاييس والنظرة الإلهية «لا فرق. إذ الجميع أخطأوا
وأعوزهم مجد الله» ( رو 3: 22 ، 23).
لقد كان نيقوديموس محتاجًا للولادة
من فوق، وكانت السامرية محتاجة أيضًا للماء الحي.

لقد جاءت هذه المرأة لتستقي ماء حيث كان الرب يسوع جالسًا وحيدًا على حافة
البئر، إذ كان قد تعب من السفر. وهو : باعتباره «الباب»
الوحيد الذي «ليس بأحد غيره الخلاص» ( أع 4: 12 )،
فتح باب الحديث معها،
وقال لها: «أعطيني لأشرب»، واستطاع أن يكسب ثقتها، وأشعرها بحاجتها، ثم
صوَّب سهمًا إلى ضميرها، لما كشف خطيتها وعيشتها في النجاسة والشر،
وحدّثها عن شخصه باعتباره وسيلة وصول عطية الله العُظمى لنا، وبواسطته
نحصل على الماء الحي (الروح القدس)، الذي يصير في داخل قلوبنا ينبوع ماء
ينبع إلى حياة أبدية ..

وهكذا أمسك الرب بيد هذه المرأة الساقطة، وأقامها من سقطتها، وقادها للخلاص.

وبعد أن خلصت، سألت السامرية عن السجود.
وهو ـ تبارك اسمه ـ
باعتباره المعلم، عرَّفها أن السجود الحقيقي غير مرتبط بالمكان، وأنه يجب
أن يُقدَّم حسب إعلان الله عن نفسه (أي بالحق)، وحسب طبيعته (أي بالروح).

فهي سألت، ودخلت للسجود ( يو24:4 )، ثم خرجت للشهادة قائلة للناس:
«هلموا انظروا إنسانًا قال لي كل ما فعلت. أ لعل هذا هو المسيح؟»
(يو29:4).

وفي النهاية وجدت السامرية فيه مرعى حيث شبعت وارتوت، وصدَّقت وأيقنت أن
كل مَنْ يشرب من هذا الماء يعطش أيضًا، ولكن مَنْ يشرب من الماء الذي
يعطيه الرب،
فلن يعطش إلى الأبد.

لذلك تركت المرأة جرّتها ومضت، لأنه ما حاجتها بعد إلى الماء الذي لا يروي؟!



مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية

مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية

مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية

تأمـــلات فــى أحـــد التجـــربة
" لا تجرب الرب إلهك " ( مت 4 : 7 )
+ أخفى الرب يسوع لاهوته عن إبليس ، وسمح لعدو الخير أن يُجربه كبشر ، ليعطى لنا النموذج المناسب للحرب الروحية ، وكيفية التغلب على أفكار العدو الشرير ، بالوسائل المتاحة فى العالم ، والأسلحة الروحية المتوفرة بكثرة لأولاد الله ، الذين يستخدمونها فعلاً .
+ وفى تأملاتنا نرى
1 – أن العدو يحارب بعد ممارسة وسائط النعمة مباشرة ( الصوم + الصلاة + قراءة الكتاب + الإجتماعات الروحية ....... الخ ) .
2 – أن السيد المسيح حُورب بنفس ما يُحارب به الإنسان : " شهوة الجسد + شهوة العين + تعظم المعيشة " ( 1 يو 2 : 16 ) .
+ والشيطان فى محاربته لنا يستخدم أسلحة فاشلة ، ونحن فى محاربتنا الروحية له ، نستخدم اسلحة فعالة وغالبة .
أولاً : أسلحة الشيطان الفاشلة
1 – سلاح البطون
جاع الفادى بعد صوم 40 يوماً وليلة ، فحاربه عدو الخير بالإنشغال بالأكل ، بطلب تحويل الحجارة خبزاً .
2 – سلاح العيون
أراه عدو الخير ممالك العالم وما فيها ، من فوق جبل مرتفع ، وبحزم قرر المسيح طرده من أمامه فوراً .
3 – سلاح المجد الباطل ( كسب مديح الناس )
طالبه إبليس بعمل استعراض ، بالهبوط أمام الناس من فوق جناح الهيكل .
4 – سلاح التشكيك
وقال له : " إن كنت ابن الله ........ " ( مت 4 : 3 ) ، ( لو 4 : 3 ) .
5 – سلاح الكذب والخداع
وعده إبليس بإعطائه كل ممالك العالم ، وهى ليست ملكه بالطبع .
ثانياً : أسلحة المسيح الفاعلة والغالبة
1 – سلاح الصلاة
كثيرون أختبروا الصلاة كسلاح يواجهون به عدو الخير فى محارباته لهم ، وكانت الغلبة لهم حسب وعد الرب " وأما هذا الجنس فلا يخرج إلا بالصلاة والصوم " ( مت 17 :21 ) .
2 – سلاح الصوم
وهو مفيد لقهر رغبات الجسد الملتهب بالشهوات واللذات .
3 – سلاح كلمة الله
وهى سلاح فعال ضد إبليس ومكائده ، وكان قد رد السيد المسيح على عدو الخير ، بقوله : " مكتوب .... ، مكتوب .... " .
+ ولنعلم جميعاً ، أن هذه الأسلحة متوفرة لدينا ، فليتنا نستخدمها فى كل حروبنا مع عدو الخير ، وبالتأكيد ستكون النصرة لنا ، كما فعل المخلص . . . فهل نفعل ؟ ! أم نهمل تلك الأسلحة المتاحة لنا ( وسائط النعمة ) ونظل نشكو من شدة الحرب !!!
+ تأملوا وادرسوا ما فعله القديسون ، فى حروبهم الشديدة مع الشياطين ، ولنحذو حذوهم ، فننتصر مثلهم ، وننال إكليل النصر


مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية


مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية
مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية
مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية
مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية

مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية
مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية



عظة قصيرة عن إقامة لعازر التفت أبونا متى الى الرب يسوع وخاطبه قائلا:

ربى
أنا هو لعازر الجديد
أنا الميت
رباط الخطية يلف أعضائى وأنا مسجى فى قبر شهواتى
عيناى إنطفأ عنهما نور الحياة وظلمة الباطل أطبقت على عقلى
التصق لسانى بحنكى وكفت شفتاى عن النطق بحقك
إنسد حلقى بكلمات الإثم وشهادة الزور أطبقت على صدرى
توقف قلبى عن أن ينبض بحبك وتورمت جدرانه بالحقد والعداوة
كليتاى تحجرتا برواسب الشهوة وسموم الملذات أذابت أحشائى
شُلت يمينى عن الرحمة وتصلبت رجلاى عن مسيرة السلامة
وجهى مستور عنك بمنديل قبائحى ونتن أعضائى ينضح فوق أقماط كرامتى
ربى
إن كان للموتى رجاء فى بكاء، هكذا يكون رجائى
ولكن بكاءك على لعازر هو يكفينى بل ذاك معتمدى
يا من دمعت عيناك على حبيب ميت
أنا ليس لى مرثا ولا مريم. أنا اليوم ميتك فابكينى
أتوسل اليك بحبك وحنانك
أوعز الى ملائكتك أن "حلوه ودعوه يذهب"

كلمات السيد المسيح على الصليب

الكلمة الأولى-" يا أبتاه اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون" ( لوقا 23: 34).
الكلمة الثانية-"الحق أقول لك: إنك اليوم تكون معي في الفردوس"( لوقا 23: 43).
الكلمة الثالثة- قال لأمه: " يا امرأة، هوذا ابنك" ثم قال للتلميذ: " هوذا أمك" ( يوحنا 19- 26و 27).
الكلمة الرابعة - " إلهي إلهي، لماذا تركتني؟" ( متى 27: 46).
الكلمة الخامسة - " أنا عطشان" (يوحنا 19: 28).
الكلمة السادسة - " قد أُكمِل" ( يوحنا 19: 30).
الكلمة السابعة - " يا أبتاه، في يديك أستودع روحي" ( لوقا 23: 46).


مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية
مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية



مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية


مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية

اقوال البابا شنودة
احفظ المزامير تحفظك المزامير
مصير الجسد أن ينتهى فياليته ينتهى من أجل عمل صالح
ضع الله بينك وبين الضيقة فتختفى الضيقة ويبقى الله المحب


السؤال: كيف يمكنني أن أختبر الفرح في حياتي المسيحية؟

الجواب: يمكن للمؤمن المسيحي أن يختبر فترات من الكآبة والحزن. ونرى العديد من الأمثلة في الكتاب المقدس. فلقد تمني أيوب ان لم يولد (أيوب 11:3). وصلى داوود أن ينتقل لمكان لا يضطر فيه لأن يواجه الحياة (مزمور 6:55-8). وبعد أن انتصر ايليا على 450 نبي من أنبياء بعل بنار من السماء (ملوك الأولى 16:18-46)، هرب للصحراء وسأل الله وطلب من الله أن يأخذ روحه (ملوك الأولى 3:19-5).

فكيف يمكننا أن نتغلب على فترات التعاسة؟ بالتأمل لما فعله هؤلاء الرجال للتغلب على فترات الكآبة. قال أيوب، إن صلينا وتذكرنا كل البركات، سيرد الله لنا صلاحنا وبهجتنا (مزمور 8:19). وأدرك داوود أيضاً أنه لا بد أن يبارك الرب حتى في أسواء الأوقات (مزمور 5:42). وفي حالة إيليا، سمح الله له بأن يستريح قليلاً ثم أرسل له رجلاً، اليشع ليهتم به (ملوك الأولى 19:19-21). واليوم أيضاً نحتاج أصدقاء ليشاركوننا آلامنا وأحزاننا (الجامعة 9:4-12). فحاول مشاركة ما تشعر به مع شخص مسيحي تقدره. وربما سيدهشك أن تعلم أن ذلك الشخص ربما يكون قد مر بتجارب مثيلة لما تمر به.

والمهم هنا هو أن التركيز على أنفسنا ومشاكلنا وماضينا لن ينتج فرح روحي. فالفرح لا يوجد في الأشياء المادية، أو في العلاج النفسي، ولا في التركيز على ذواتنا. فنحن الذين نتبع المسيح "لأننا نحن الختان الذين نعبد الله بالروح ونفتخر في المسيح يسوع ولا نتكل على الجسد" (فيليبي 3:3). فبمعرفة المسيح نتعرف بالحق على ذواتنا، وعلى المسيح روحياً، وبهذا يصعب علينا أن نمجد أنفسنا ونعتز بحكمتنا وقوتنا وثرائنا وصلاحنا ولكننا بدلاً من هذا نفخر بقوة وحكمة وصلاح المسيح فقط. فأغمر نفسك بمعرفته الشخصية والهج في ناموسه نهاراً وليلاً. فإن كنا فيه هو يعدنا بأن "يصير فرحنا كاملاً" (يوحنا 1:15-11).

وأخيراً، تذكر أنه من خلال الله وحده وروحه القدوس يمكننا أن نجد السعادة الحقيقية (مزمور 11:51-12 وغلاطية 22:5 وتسالونيكي 6:1). ولا يمكننا أن نفعل أي شيء بدون قوة الله (كورنثوس الثانية 10:12 و4:13). والحقيقة أنه كلما حاولنا أن نجلب السعادة بمحاولاتنا الشخصية، كلما ازدادت تعاستنا. فاستريح في أحضان الرب (متى 28:11-30) واطلب وجهه بالصلاة وقراءة الكتاب المقدس "وليملأكم اله الرجاء كل سرور وسلام في الإيمان لتزدادوا في الرجاء بقوة الروح القدس" (رومية 13:15).





التعديل الأخير تم بواسطة بنتك انا ; 30 - 03 - 2016 الساعة 07:44 PM
 
قديم 30 - 03 - 2016, 07:31 PM   رقم المشاركة : ( 36 )
مريم ميرو Female
..::| مشرفة |::..


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 122635
تـاريخ التسجيـل : May 2015
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 4,742

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

مريم ميرو غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية

تأملات فى أحد السامرية



هذا أحد السامرية، تلك المرأة الرائعة،

التى سلمت نفسها للمسيح تماماً، بعد

أن كانت قد سلمت نفسها للشيطان تماماً.

إنها التوبة الجذرية الرائعة، التى

حولت الخاطئة إلى قديسة، والمعثرة إلى خادمة،

والعطشانة إلى كارزة حية،
نجحت فى تبشير مدينة كاملة، وفى تعريفهم برب المجد يسوع.

لكن - وبلاشك -
أن الأروع منها بما لا يقاس هو رب المجد يسوع، الذى استطاع أن يحدث فيها

هذا التغيير،
الذى يعجز عن اتيانه أعظم الوعاظ، ولا يستطيعه إلا الإله
المتجسد الفادى!

+ + +
1- لابد له أن يجتاز السامرة:


لم تكن هناك
حتمية أن يجتاز السيد المسيح على السامرة، إذ كان يمكن أن يعبر الأردن
ليبتعد عنها، قادماً من اليهودية جنوباً إلى الجليل شمالاً.
ولكنها حتمية
الحب، فهو يعرف بسبق علمه، وبقوة لاهوته، أن هذه المرأة الخاطئة ستكون على
البئر لتستقى عن الظهيرة، إذ كانت تفعل ذلك فى عز الحرّ،
حتى ر يكون هناك
أحد على البئر، فكل الفتيات كن يستقين الماء من البئر فى الصباح الكبير،
حيث الشمس هادئة،
والاحتياج للماء فى الإغتسال وإعداد الطعام، يناسبه
الصباح الباكر.

2- سوخار؛ وبئر يعقوب:
هى
قرية بجوار السامرة،حيث بئر يعقوب، والتى كانت عين ماء تنبع من بئر عميق،
موجودة منذ زمن قديم.
ولا شك أن ماءها كان عذباً كمياه الينابيع، لهذا كان
يشرب منها يعقوب وبنوه ومواشيه، أى منذ أكثر من 16 قرناً من الزمان.
جاءت
لتستقى من هذا الماء الذى يعطى الحياة للجسد، ومن هذه البئر، التى يمكن أن
نسميها بئر الاحتياجات البشرية.
ففى أعماق الإنسان احتياجات أساسية نجملها
فيما يلى:
أ- الحاجات البيولوجية: أى اللازمة لحياة الجسد كالطعام والشراب...
ب- الحاجات النفسية: مثل الحاجة إلى الحب والأمن والنجاح والتقدير والإنتماء والخصوصية والمرجعية...
ج- الحاجات العقلية: كالحاجة إلى المعرفة والدراسة والتفكير والعلوم وإعمال العقل فى شئون الحياة والمستقبل.
د-
الحاجات الروحية: كالحاجة إلى اللانهائى، ففى أعماق الإنسان عطش مطلق غير
محدود، لا تشبعه لا المادة ولا العلم ولا الخطايا...
ومن خلال المسيح
اللامحدود ننال غفران خطايانا، والتخلص منها، والوصول إلى الملكوت...


3- الماء الحىّ:
لقد استطاع رب المجد أن يرفع أبصار السامرية:

+ من الجسد إلى الروح. + ومن الخطيئة إلى القداسة.
+ ومن الذات إلى المسيح. + ومن الأرض إلى السماء.<p> </p><p>وهكذا</p><p>إذ أعطاها من ماء الحياة، الذى نالته باعترافها بخطاياها، وتوبتها عنها، </p><p>ثم بالشبع بالمسيح... </p><p>تحول فيها الماء الذى شربته، ماء النعمة، إلى ينبوع </p>ماء ينبع إلى حياة أبدية...<p> </p><p>وهنا... دخلت السامرية إلى الاستنارة (إذ </p><p>عرفت المسيح)،</p><p>والإرتواء (إذ اشبعها من نعمته)،</p><p>والاغتسال (إذ تابت عن </p><p>خطاياها)،</p><p>والإثمار (إذ صارت كارزة أمينة وناجحة).</p><p></p>

السوال 2

مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية

مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية

مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية

السؤال 3

فى إقامة السيد المسيح للعازر من الموت
-------------------------

موت لعازر هو إشارة لموت البشرية جميعا بفعل الخطية والتمرد على الله و كسر الوصية المقدسة ، كما أن بإقامة المسيح له إشارة لسلطان المسيح على الموت والحياة والجحيم ، بل وإشارة لقيامة المسيح ، وقيامة البشرية معه ، إذ أن قيامة المسيح هى فى الحقيقة قيامة البشرية كلها ..
وإذ كنا نرى العجب والغرابة فى معجزة إقامة السيد للعازر من القبر بعد أربعة أيام ، إنما فى هذا استعلان لقدرة الله وإفصاح عن طبيعة المسيح ، بل تأكيد لأمور جليلة وعظيمة كفيلة بأن تهب للبشرية حريتها وطبيعتها الأولى التى فقدت بمعصية آدم الأول ، قد نعجز فى هذا المقال عن سرد هذه الأمور واحدة فواحدة ، ولكن كل واحدة كفيلة بأن تهب النفس مزيدا من السلام و الفرح و القوة والرجاء ..
ولاحظ معى صديقي ما يلى :
+ معجزة إقامة السيد للعازر من الموت تفتح لنا مجال التضرع واللجاجة والسؤال ليس فقط من أجل الأمور البسيطة والتى هى على مستوى العقل ، بل ومن أجل تلك التى تفوق العقل ، الم يحثنا الرب على ذلك فى قوله لآحاز بن عزيا ملك يهوذا :
" اطلب لنفسك ايه من الرب الهك عمق طلبك او رفعه الي فوق "
( أش 7 : 11 )
فى الحقيقة نحن مهملون لهذا الحق وهذه الفرصة ، أن نطلب من الله ما هو فوق العقل ، حقا نحن مطالبون بالحياة فى تعقل وبساطة وحكمة ، ولكن ما المانع من السير فى الطريق الذى يجعلنا نمجد الله فى قدرته و عظمة قوته ، أليس فى طلبنا للمستحيل من الله مجدا لإسمه وإيمانا منا بانه يقدر ويستطيع !
+ لم تلاقى كلمات السيد
" سيقوم أخوكِ "
وقعا كبيراً فى نفس مرثا ، و ذلك لانه حيثما وجد الإيمان وجد الفرح بادنى رجاء ، لان الإيمان يعظمه ، ومتى افتقرت النفس من الإيمان افتقرت من الفرح بالرجاء والوعد والسلام ، وإن كان المصدر هو المسيح نفسه ..
+ معجزة إقامة السيد للعازر من الموت تؤكد لنا ان الألم الذى هو لمجد الله سوف يؤول إلى فرح ومجد وإنتصار عاجلا ام اجلا ، وإن طال الزمن وفُقد الأمل فى الإبراء منه ...
+ معجزة إقامة السيد للعازر من الموت تؤكد لنا ان الرب قريب من الذين يصرخون إليه ويلتمسون حضوره وتدخله وعمله ومجد صنيعه فى الحياة ، حتى ولو كان طلب الانسان هو المستحيل بعينه ، الم تكن إقامة لعازر من الموت بعد أربعة أيام من قبيل المستحيل وقد حققه فى لحظة وبكلمات قليلة من فمه المبارك !
+ معجزة إقامة السيد للعازر من الموت تؤكد لنا أن
" لكل شىء تحت السموات وقت "
، وإن طال الوقت ، فالخلاص مضمون وعمل الله مفرح كل حين وبأى صورة يظهر بها ..
+ معجزة إقامة السيد للعازر من الموت تؤكد لنا أن النفس التى إختارت أن تكون للرب
( مثل مريم )
هى التى يكون لها المجد والكرامة والسلام والهدوء ، أما النفس التى تهتم بأمور كثيرة لا قيمة لها فيلحق بها القلق والإضطراب كل حين ، لأن الحاجة إلى واحد :
" المسيح " !!
+ معجزة إقامة السيد للعازر من الموت تهب الرجاء للنفوس التى ماتت بالخطية ولم يبقى بعد أملا فى عودتها للحياة والحق ثانية ..
+ معجزة إقامة السيد للعازر من الموت أظهرت قدرة السيد وسلطانه ليس فقط على الموت بل والهاوية أيضا ، وفى هذا رجاء عظيم لنفوسنا التى ماتت بالخطية وانتنت فى قبر الظلمة والخطايا والشهوات ...
+ معجزة إقامة السيد للعازر من الموت هى إعجوبة كان لابد من إتمامها تمهيدا لتقبل فكرة قيامة المسيح وانتصاره على الموت ..
+ معجزة إقامة السيد للعازر من الموت تؤكد لنا أن الإيمان المقبول لدى الله ليس هو الذى يقف عند حد ما يعترف به العقل ، بل ذلك الذى يخضِع العقل و يجعله لا يعترض على ما يعلوه ويسمو عليه ..
+ معجزة إقامة السيد للعازر من الموت تؤكد لنا أن المعجزة لا تغير فقط نفس الشخص التى حدثت لأجله بل وكثيرا من النفوس التى تسلك بالإيمان لا العيان وكثيرا من نفوس المدعوين لميراث الملكوت ولم يعرفوا الحق بعد ..
+ لم يحتمل السيد دموع الاختين ومشاعرهما المتألمه لفراق أخيهما لعازر ، بل عندما رأى دموعهما إضطرب ثم بكي ، ولا عجب فى ذلك فهو المكتوب عنه أنه
" في كل ضيقتهم تضايق "
) اش 9:63 )
، فكان لابد أن يظهر لهم محبته فيشاركهما الحزن والمشاعر والضيقة فيبكى معهم ويضطرب ، وبقدرته يهب لهم الرجاء والفرح والخلاص .. كثيرة هى دموع الأنقياء ، ولكن عظيمة هى كلمات السيد لكل نفس عندما تعصف يها المحنه فتدفعها للنوح والبكاء :
" حوّلي عني عينيك فإنهما قد غلبتاني. . "
( نشيد 6: 5)
+ معجزة إقامة السيد للعازر من الموت أظهرت مجد لاهوت السيد وعظمة محبته وروعة تدبيره وحكمته ..، إذ لم يعسر عليه إقامة الميت ولم يستكنف من مشاركة مريم ومرثا فى بكائهما على أخيهما لعازر ، كما بحكمة عجيبة وقف بعيدا عن القبر ونادى لعازر بالخروج وكأنه كان فى القبر مثل نائم ذهب السيد ليوقظه أو كمنتظر لمن يناديه و يأمره بالخروج والانصراف ..
+ أيما أعظم فى المجد والتأثير : إقامة ميت أم شفاء مريض لو كان السيد قد أطاع دعوة الأختان مريم ومرثا لشفاء أخيهما لعازر فور وصول الدعوة اليه لكان شُفى لعازر ولم تكن المعجزة قد حظت بما حظت به من المجد والتآثير والعجب ، أما وإن تانى السيد فى ذهابه لبيت عنيا حتى موت لعازر ثم مجيئه لإقامته ففى هذا مجدا وحكمة ، بل قوة وعظمة وإقتدار ..
+ قصورا وبيوتا كثيرة كان بمقدور السيد أن يقيم ويمكث فيها بدلا من بيت عنيا ، بيت العناء والألم ، ولكن آثر السيد هذا البيت ، بل وأحبه ، إذ وجد فيه الحب والبذل ، بل مريم وتعقلها ..
صديقي
كلنا صرنا أمواتا بالخطايا والشرور وصار فينا عفن هذا الموت الذى يؤكد على أننا قد انفصلنا عن الحياة والوجود فى عالم الأحياء بالحقيقة ، ولكن هناك من يقدر أن يحررك من الموت ويهب لنفسك الحرية والحياة والقدرة على العودة ثانية إلى حيث يكون السلام والبر والشركة مع الله ، إنه المسيح الحي واهب الحياة الذى أقام لعازر وأخرين ويقدر أن يامر الآن بان تخرج من قبر خطاياك وشهواتك إلى عالم النور وأرض الأحياء فتعود إلى بيت النعمة متهللا وفرحا وسعيدا ، معترفا لمجد صنيعه معك ومرنما له مع داود قائلا
" أعظمك يارب لأنك نشلتني ولم تشمت بي أعدائي. .. لأنك أنقذت نفسي من الموت وعيني من الدمعة ورجلي من الزلق. أسلك قدام الرب في أرض الأحياء.
( مز 30 : 1 ، 116 : 8 ، 9 ) .
لك القرار والمصير !

السؤال 4
الكلمة الأولى-" يا أبتاه اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون" ( لوقا 23: 34).

الكلمة الثانية-"الحق أقول لك: إنك اليوم تكون معي في الفردوس"( لوقا 23: 43).

الكلمة الثالثة- قال لأمه: " يا امرأة، هوذا ابنك" ثم قال للتلميذ: " هوذا أمك" ( يوحنا 19- 26و 27).

الكلمة الرابعة - " إلهي إلهي، لماذا تركتني؟" ( متى 27: 46).

الكلمة الخامسة - " أنا عطشان" (يوحنا 19: 28).

الكلمة السادسة - " قد أُكمِل" ( يوحنا 19: 30).

الكلمة السابعة - " يا أبتاه، في يديك أستودع روحي" ( لوقا 23: 46).

السؤال 5
ربنا موجود
الكل للخير
المسيرة هتنتهي

V احفظ المزامير تحفظك المزامير

V إن الكلمة التى تقولها تُحسب عليك مهما اعتذرت عنها .

V كل فضيلة خالية من الحب لا تحسب فضيلة

V مصير الجسد أن ينتهى فياليته ينتهى من أجل عمل صالح

V إن الضيقة سميت ضيقة لأن القلب ضاق عن أن يحتملها

V ضع الله بينك وبين الضيقة فتختفى الضيقة ويبقى الله المحب

V ليس القوى من يهزم عدوه وإنما القوى من يربحه

V فى مناسبة قيامة السيد المسيح يقول فداسة البابا شنوده الثالث لكل إنسان يسعى إلى التوبة

قام المسيح الحى هل مثل المسيح تراك قمت

ام لا تزال موسدا فى القبر ترقد حيت أنت

V يقول قداسة البابا فى مناجاة صلب السيد المسيح :

فلماذا أنت مصلوب هنا ؟ وأنا الخاطئ حر أتباهى

حكمة يا رب لا أدركها وحنان قد تسامى وتناهى

V يقول قداسة البابا معزيا فى التجارب : ( ربنا موجود - كله للخير - مسيرها تنتهى )

V فى مناسبة قيامة المسيح ( كانت قيامة المسيح دليلا على أنه أقوى من الموت وبالتالى هو أقوى من كل قوة البشر التى تقتل وتميت ) .

V أن ضعفت يوماً فاعرف أنك نسيت قوة الله

V توجد صلاة بلا ألفاظ .. بلا كلمات ... خفق القلب صلاة .... دمعة العين صلاة ..... الإحساس بوجود الله صلاة

V صدقوني إن جواز السفر الوحيد الذي تدخلون به لملكوت الله هو هذه الشهادة الإلهية : أنت ابني ..

V لا توجد ضيقة دائمة تستمر مدى الحياة لذلك في كل تجربة تمر بك قل : مصيرها تنتهي . سيأتي عليها وقت وتعبر فيه بسلام . إنما خلال هذا الوقت ينبغي أن تحتفظ بهدوئك وأعصابك ، فلا تضعف ولاتنهار ، ولاتفقد الثقة في معونة الله وحفظه

V إن الله يعطيك ما ينفعك وليس ما تطلبه ، إلا أذا ما تطلبه هو النافع لك ، وذلك لأنك كثيرا ما تطلب ما لا ينفعك .

V النفس القوية لا تقلق ولا تضطرب ، ولا تخاف ، ولا تنهار ، ولا تتردد . اما الضعيف فإنه يتخيل مخاوف وينزعج بسببها

V إن المؤمن لا يمكن أن تتعبه التجربة أو الضيقات ... ذلك لأنه يؤمن بعمل اللـه وحفظه. ويؤمن أن اللـه يهتم به أثناء التجربة، أكثر من إهتمامه هو بنفسه … إنه يؤمن بقوة اللـه الذي يتدخل في المشكلة. ويؤمن أن حكمة اللـه لديها حلول كثيرة، مهما بدت الأمور معقدة.

V دائماً الرب يرحم الضعفاء. أما الشخص الجبار العنيف القاسي الشديد ، يكون بعيداً عن رحمة اللَّـه. إلهنا هو إله الضعفاء. اختار اللَّـه ضعفاء العالم ، ليخزي بهم الأقوياء ( 1 كو 1 : 27 ). القوي يعتمد على قوته. أما الضعيف فهو الذي يقف اللَّـه إلى جواره .

V إن أردت أن تريح الناس؛ فافعل ذلك بالطريقة التي يرونها مريحة لهم ، ليس حسب فكرك . لأنك ربما تحـاول أن تريحهـم بأسـلوب يتعبهـم.

V الإنسان الروحى يجد راحته فى الله

V الذين اختبروا الضيقة فقط ولم يختبروا المعونة الإلهية فهم قوم لم يفتحوا عيونهم جيدا لكى يبصروا الله .

V مصير الجسد أنه سبنتهى فيا ليته ينتهى من أجل عمل صالح .

V أولاد الله كلما يدخلون التجارب يختبرون الله ويذوقون حلاوته ويرون الله فى الأحداث وفى الشدة

V الصوم ليس نافعا فقد من جهة محاربة الأخطاء والسلبيات إنما يفيد إيجابيا فى تقويتة الروح

V اذكر باستمرار أنك غريب على الأرض وأنك راجع إلى وطنك السماوى .

V احرص على نقاوة أفكارك ولا تقبل فكر يأتى إليك وإن وصل إليك فكر خاطئ احذر من التمادى فيه .

V الصلاة هى فتح القلب لله لكى يدخله ويطهره

V إن الصلاة هى رعب للشياطين وأقوى سلاح ضدهم

V إن لم تستطع أن تحمل عن الناس متاعبهم فعلى الأقل لا تكن سببا فى أتعابهم

V كن واقعيا فكر فى حل مشاكلك ولا تركز على الاكتئاب وإن لم تجد حلا لمشكلتك انتظر الرب أو احتمل وعش فى واقعك

V اعط من قلبك قبل أن تعطى من جيبك

V أول درس تأخذه من ميلاد المسيح هو أن الله يسعى لخلاص الإنسان حتى لو كان الإنسان لا يسعى لخلاص نفسه

V المسيح على لاصليب أكثر جمالا وجلالا من كل أصحاب التيجان فلنرتل له ونقول " الرب قد ملك . وليس الجلال "

V إننا أحيانا لا نشكر لأننا نحسب الخير الذى نحن فيه أمرا عاديا لا يحتاج إلى شكر خيرات كثيرة أنت فيها ولا تشكر عليها كالصحة والستر لأنك تحسبها أمورا عادية ولكن المحرومين منها يشعرون بقيمتها وإن حصلوا عليها يشكرون من العمق

V إلق نفسك أمام الرب وصارع معه وقل له لست أريد فقط أن تغفر لى خطيتى وإنما أن تنزع من قلبى كل محبة للخطية على الإطلاق

V الضمير هو صوت وضعه الله فى الإنسان يدعوه إلى الخير ويبكته على الشر ولكنه ليس صوت الله

V الله غير محتاج لعشورنا ولكن بها يدربنا على العطاء وعلى محبة الآخرين وعلى الزهد فى المال كما يدربنا على الإيمان ، الإيمان ببركة الله للقليل

V الحق اسم من أسماء الله ، افلذى يحب الحق ، يحب الله والذى يبعد عن الحق يبعد عن الله

السؤال 6
نظر الإيمان المسيحي للحياة نظرة سويَّة صحيحة ويُشكل موقفًا متعقلاً ومحبًا إزاء التاريخ والحياة البشرية فالرسالة المسيحية هي "بشارة مفرحة"، وتُُوجد نصوصًا كاملة في العهد الجديد موضوعها هو الفرح مثل الرسالة إلى فيلبي التي لها ملمح خريستولوجي أي أساسه المسيح. فالرجاء هو الفضيلة الجوهرية للحياة الروحية المسيحية. قد نتقابل في اللاهوت الغربي مع روحانية مركزها الخطية والموت حيث التركيز على الحُزن والنحيب النابعين من الصليب والموت، في الوقت الذي يُهمَّش الفرح النابع من قيامة المسيح. فاللحظة السامية للقديس في الغرب هي حين يحمل علامات جروح يسوع المسيح في جسده. أما القداسة في الشرق فتتمثل في وجه متجلي ومُقام يحمل المجد "المستنير" فوق هامته. فالتمركز حول الخطية والذنب كحالة حياة دائمة يُطفئ فرح القيامة في القلب.

الفهم الخريستولوجي للفرح

عندما نتكلم عن الفرح فإننا لا نقصد مجرد حالة شعورية بسيطة يشعر فيها المرء لأسباب خارجة عن ذاته أنه فرح سعيد، ويعبر عن ذلك أمام الآخرين إما بالضحك أو بإظهار المزاج الرائق، بل نقصد شيئًا أعمق دائمًا وجوهريًا. فالفرح الذي هو مجرد حالة شعورية هو لا يتعدى كونه تهيؤ حسن بسيط من الممكن أن يُفقد بسهولة. بينما الفرح الحقيقي هو أسلوب حياة وحياة روحية عميقة معاشة، لذلك فهو يخص الحياة الروحية الداخلية وليس رهنًا لأسباب إنفعالية وشعورية تأتي من الخارج. هذا الفرح الحقيقي هو موضوع نتناوله في إطار التعاليم اللاهوتية وليس مجرد موضوع يخص علم النفس. إذن علينا أن نتناول هذا الموضوع في إطار تعاليم العهد الجديد والتعاليم الآبائية.

إن العهد الجديد يعتبر إن الشرط الأساسي الذي يقود الإنسان إلى التمتع بالفرح الحقيقي هو إيمانه بمجيء المسيح الخلاصي للعالم، وإعتبار مسألة خلاصه هي محور حياته. على أن تكون القداسة أثناء مسيرة الحياة هي الضامن الأكيد للتمتع بهذا الفرح الحقيقي. فالخطية تجلب حزنًا وتُُغَرَّب الإنسان وتلد الأحزان والنحيب ليس فقط بالمفهوم الوقتي للحزن الخاص بهذا العالم الحاضر، بل بالمفهوم الأخروي والأبدي.

الإنجيل الذي هو "الخبر المفرح" يحتوي على رسالة الفرح الجوهري، إذ يحمل رسالة التحرر والخلاص. لقد أتى يسوع المسيح إلى العالم مبطلاً مملكة الشياطين، أقصد أنه هزم مملكة القهر الداخلي والعبودية. فالإنسان عندما يكون حُرًا فهو يملك عندئذ إمكانية تذوق الفرح في كماله. بينما العبودية تعني رفض الفرح. لقد كان المسيح حاملاً للفرح العظيم. والفرح كثمرة لشركة المؤمنين بالمسيح هو دائم وكامل. والفرح في الرب هو المسحة الغالية على الكرازة الرسولية: "افرحوا في الرب وأقول أيضًا افرحوا". لذلك من الغرابة أن يتبنى البعض الحزن كسمة سائدة في الحياة الروحية.

إن الملمح الخريستولوجي للفرح يبدو واضحًا في رسالة بولس الرسول إلى فيلبي، على الرغم من أن هذه الرسالة كُتبت عندما كان في ظروف قاسية وتعسة داخل السجن منتظرًا الموت. ولم يكن الفرح عند بولس الرسول موضوعًا إجتماعيًا أو صحيًا مرتبطًا بمدى التمتع بالأمور العالمية، ولا هو بالتأكيد قضية نجاحات وإنجازات معينة، بل هو ثمرة شركة وعلاقة حيَّة بالمسيح. فالفرح هو "علامة" و "برهان" لهذه العلاقة الحية. فالفرح يعلن تجاوزًا وتخطيًا للحزن الذي تسببه الخطية فالإنسان كما قلنا ـ يعاني ويتألم عندما يكون عبدًا للخطية.

التجسد نبع الفرح الحقيقي

إن مجيء الرب بالنسبة لأنبياء العهد القديم هو الهدف المُفرح الذي إنشغلوا به. لذا قال الرب يسوع لليهود: "أبوكم إبراهيم تهلل بأن يرى يومي فرأي وفرح"[1]. وقد وصف الأنبياء إتحاد الله بالبشرية بعُرس يتحد فيه العريس بالعروس: "وكفرح العريس بالعروس يفرح بك إلهك"[2]. " ترنمي وافرحي يا بنت صهيون لأني هكذا آتي وأسكن في وسطك"[3]. وإشعياء النبي يقول: " كثَّرت الأمة. عظَّمت لها الفرح. يفرحون أمامك كالفرح في الحصاد. كالذين يبتهجون عندما يقتسمون غنيمة. لأنه يُولد لنا ولد ونعطي ابنًا وتكون الرياسة على كتفه ويُدعى اسمه عجيبـًا مشيرًا، إلهًا قديرًا، أبًا أبديًا، رئيس السلام"[4].

ونجد ذلك أيضًا في العهد الجديد. فالقديس لوقا يذكر ما قاله الملاك حين بشر الرعاة: "ها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب: إنه وُلد لكم اليوم مخلص..."[5]. يقول القديس كيرلس الأسكندري عن التجسد: " لقد نزل كلمة الله من السماء... لكي يتحد بصفته العريس بطبيعة الإنسان، فيجعلها بذلك تثمر الثمار الروحية. ولأجل ذلك تُدعى البشرية عروسًا كما يُدعى المخلص العريس"[6]. لقد كان مجيء مخلصنا إلى العالم ـ كما يقول القديس كيرلس الأسكندري ـ بمثابة عيدًا عظيمًا إتحد فيه روحيًا بطبيعة الإنسان كمثل عروس له حتى أن هذه الطبيعة التي بقيت عاقرة زمانًا طويلاً تصير مثمرة ويزداد ثمرها.

فالمسيح صار لنا سلامًا ومسرة لأن الآب قد سُر أن يجمع فيه الجميع (أف10:1) ويربط معًا العلويين مع السفليين ويجعل الذين في السماء مع الذين على الأرض قطيعًا واحدًا. هكذا يدعو القديس أغسطينوس تجسد الكلمة عُرسًا، إذ يقول: " إن المسيح يدعو تجسده، أي تجسد الكلمة عرسًا لأنه في شخص الناسوت المتحد به قد اقترنت الكنيسة بالله"[7].

الفرح والشركة الإفخارستية

إن الإفخارستيا هي سر الفرح، هي مائدة السرور والإبتهاج للمؤمنين (أنظر أع46:2)، لأن فيها نشترك في التمتع بغفران الخطايا والحياة الأبدية بواسطة إبادة الموت. إن الكنيسة قد حفظت الملمح الأول لمناخ المسيحية أي الفرح هذا الفرح يظل في الكنيسة كإيقاع أساسي للعبادة وبالحري لليتورجية الإفخارسيتة: فرح الإتحاد بالرب الحي إذ تُعلن البهجة لأن قوات الخطية والموت قد هُزمت، لأن الشياطين هُزمت، ولأن سلطان الشيطان قد أُبطل بالفعل في السماء، لأن الشر قد دُمر من جذوره، لأن للمؤمنين الذين وُلدوا ولادة ثانية بدأت من الآن الأبدية الجديدة للحياة الإلهية وللمجد ولجمال الله، حياة الإيمان الجديدة والعالم الجديد.

إن عمل المسيح الإنتصاري هو سبب فرح المؤمنين وبسر الإفخارستيا نذوق الفرح ونختبره، إنه فرح الله أو الفرح، إنها بداية الحياة الجديدة والدخول في ملكوت الله المبارك. نحن لا نشترك فقط في حزن الصليب والآلام لكن في فرح القيامة الذي أتى من موت المسيح في العالم، الموت الذي أمات الموت، فموت المسيح هو المجد والحياة والنصرة والقيامة. ونحن نتمم في سر الإفخارستيا هذه النُصرة ونحققها، فهي سر المحبة المنتصرة والإفخارستيا تعني "الشُكر" إنها تسبيح وبالأكثر صلاة الفرح المنتصر والعبور المستمر.

فالمسيح الذي قام من الأموات هو الفرح والإبتهاج الأبدي للكنيسة، وهو الذي إنتصر على الموت وهبط إلى الجحيم بقوة الصلاح والمحبة الإلهية. إن فرح الكنيسة هو فرح قيامة المسيح المصلوب، فرح في القيامة وبعد القيامة. إن خبرة الفرح والقيامة تشكل التقوى والحياة الأرثوذكسية. القيامة هي أساس الخليفة الجديدة التي نتذوقها ونحتفل بها في كل ليتورجية، إنها الحياة الأبدية والتي تدعوها الكنيسة: اليوم الثامن للخليقة. إنها بداية الحياة خارج الزمن، إنها ملكوت الروح حيث الله سيكون "الكل في الكل".

الإفخارستيا هي العيد الحقيقي لليوم الثامن، لـ "يوم الرب" الذي يُوجد خارج التحديدات الزمنية، خارج الأحزان والآلام وتأوهات الخليقة، تجعل الكنيسة واحدة مع ملكوت الله الآتي، يحولها إلى جسد المسيح في العالم، إلى اجتماع المختلفين، إلى شعب المبتهجين.

الفرح ليس هو عنصرًا نستطيع أن نحدده ونفسره تفسيرًا نظريًا، لكن هو حدث نشترك فيه ونذوقه (تعال وأنظر). فالإفخارستيا هي الباب الذي يؤدي إلى فرح الرب، على عيد قيامته. فالإفخارستيا هي سر الفرح نفسه، هي دخول الكنيسة إلى فرح العُرس. الكنيسة في الإفخارستيا وبالإفخارستيا تصير العبور المشترك والفردوس المشترك والمعيشة المشتركة، وليتورجيتها من الآن تصير المشاركة في الإبتهاج الأبدي، في العشاء السماوي الأخروي، وفي الملكوت الإلهي، إنها التذوق السرائري للقيامة، إنها إيقونة القيامة.

الكنيسة هي شركة المحبة، لذلك هي شركة فرح، فالملمح الأساسي للجماعة الكنسية هو الليتورجيا والإفخارستيا المائدة الإفخارستية هي طقس عُرسي، عيد للفرح. حول "مائدة الحياة" يفرح المؤمنون. فالمائدة الإفخارستية هي طعام وشراب روحي وفرح. يبتهج في هذا الاحتفال بالمائدة الفقراء والحزانى. الفرح والسعادة ليس بمفهوم الحياة الرغدة والترفية أو بمفهوم ضد النسك. فالنسك والتضحية والجهاد لا يلغي الفرح. إن الكنيسة التي هي جماعة المؤمنين هي مكان للحياة وليس لرفض الحياة والتاريخ. فالكنيسة هي المكان الذي يتبارك فيها شعب الله ليصير "شعبًا مباركًا". الفرح هو ثمرة من ثمار أو عطية من عطايا الروح القدس. فالفرح هو حالة مواهبية والإنسان الفَرح هو إنسان مواهبي ومملوء بالنعمة.

كل هذا لا يعني المناداة بروحنة الحياة واتخاذ موقف سلبي تجاه الحياة والتاريخ والواقع اليومي. بل على العكس، فلا يجب أن نتخذ التأملات الروحية سبيلاً للهرب من الواقع المحيط الذي تتخلله حزن وألم وظلم واستغلال، بل علينا أن نواجه ذلك الواقع المأسوي ونحوله إلى واقع مليء بالفرح والسعادة. لأن قبول التعاسة والألم والفساد والموت كحالة طبيعية هو ضد الشركة والتعليم اللاهوتي المستقيم. فلا يمكن أن نقبل نتائج السقوط والخطية كحالة طبيعية بدون أي رد فعل أو إعتراض.

إن هدف الإيمان المسيحي بناء إنسان مملوء بالنعمة والفرح، مملوء برسالة النصرة ضد الخطية والموت.

خاتمة

إن الفرح الحقيقي يرتبط إرتباطًا مباشرًا بحياة روحية جوهرية. لذا فأي شكل آخر للفرح يعتبر فرحًا مؤقتًا وظاهريًا لأنه قد يثير شعورًا كاذبًا بالفرح. فالبشر عادةً يفتشون على الفرح من خلال الأمور المادية واللذات الوقتية. بيد أن هذا لا يعني أنه لا يوجد فرحًا حقيقيًا داخل الحياة، أو أن أي شكل للفرح في الحياة اليومية له مصدر خاطئ. ومن ناحية أخرى فإن الحياة النُسكية ليست ضد الفرح بل تهدف إلى تحقيقه.

فالروح القدس لا يسكن في الضمائر والقلوب المضطربة بل في البشر المملوئين نعمة وهدوء. فالفرح يجعل الإنسان مملوءًا بالنعمة ليس فقط بالمفهوم الإجتماعي بل بالمفهوم المواهبي والسرائري. إنه الفرح المعلن الذي يدل على النضج الروحي للإنسان.

وتحدث الآباء عن ما يُسمى الحزن المفرحcarmol&Uacute;ph فالمؤمن ليس هو الإنسان المأسوي اليائس بل هو إنسان متفائل بالرجاء وفرح الإيمان. فالتجارب والآلام والأحزان تقودنا لا إلى اليأس بل إلى الفرح الطوباوي، وعلى المرء أن يتيقظ ويجاهد روحيًا حتى يتذوق مثل هذا الفرح.
انا خلصت

معلش انا نسيت سوال

أملات في الأسبوع الثاني من الصوم الكبير - التجارب



التجربة في الطريق : الجهاد طبيعة كل إنسان يريد أن يحصل على شيء ثمين. الحرب تكون ثقيلة عندما يكون المقصود منها الحرب لذاتها. ولكن إذا كان الهدف منها النمو الروحي والثبات في الله فهي حرب لذيذة. والحرب لذيذة لأن النصرة أكيدة لأن الرب يسوع انتصر لي ، وأنا به أنتصر . هي حرب مع عدو شرس سبق أن غلبه الرب. حارب المسيح بالأكل، وحاربه بالكبرياء قائلًا ارم نفسك عن جناح الهيكل، وأخيرًا حاربه بترك الصليب ونهج الطريق السهل قائلًا: أعطيك ممالك الأرض كلها إن خررت وسجدت لي بدل أن تملك على قلوب البشر بالصليب... ارم صليبك وتعلم الميوعة في الحياة... ولكن ربنا انتصر لنا .

اليوم الكنيسة في حالة حرب... وهذه ملامحها، مثلًا ماذا يغيظ الشيطان أكثر من الصوم؟ "هذا الجنس لا يخرج إلاَّ بالصلاة والصوم"، هل تعلم أن جميع كنائس الغرب تقريبًا أهملت الصوم مع مواظبتها على الاجتماعات... ويوجد طبعات للكتاب المقدس الآن غيرت كلمة " يصوم " بكلمة " يمتنع عن الأكل ". الشيطان أيضًا يدخل طرق العالم في الكنيسة، محبة المال، اللف والدوران تحت اسم الحكمة، والغاية تبرر الوسيلة، والكذب الأبيض... ثم يدخل العالم البيت وبدل أن يسمع الطفل صوت الترتيل والعبادة يسمع التليفزيون ويرى الصور الخليعة وأيضًا تأثير الشارع والمدرسة... البنت المسيحية محاصرة في وسط إغراءات العالم... وتسمع في كل مكان عن مغامرات الشر. وترى المجلات . الحق أن أولادنا في جب الأسود... جب الأسود أرحم... لكن دانيال سد أفواه الأسود بالصوم والصلاة... إنها حرب عنيفة لا يمكن ضمان سلامتنا في الرحلة إلاَّ بالصوم والصلاة مع الإيمان. ربنا قال لأرميا النبي: "طوفوا في شوارع أورشليم... " هل تجدون إنسانًا أو يوجد عامل بالعدل، طالب الحق فأصفح عنها" (أر 5: 1). لو أن واحد يصوم صومًا حقيقيًا ويبذل ذاته ربنا ينقذ الكنيسة كلها. لو أن واحد يكرس حياته في صمت وبذل يخزى

توجد حرب في كل مكان- في العائلة القبطية، أولادنا في الجامعة- توجد حرب الإلحاد - والانحراف الخلقي - الإيمان يتزعزع... تأثير المادة، طلب الهجرة من أجل المال- من كثرة الإثم تفتر محبة الكنيسة. لعل إبن الإنسان عندما يجئ يحد الإيمان على الأرض... الكنيسة اليوم محاصرة بحرب عالمية. ويوجد كنائس في الغرب انهزمت وسلمت للعالم. نحن في الصوم نعمل عملية تعبئة عامة... والموضوع في أيدينا لأن أسلحتنا قادرة بالمسيح يسوع على هدم حصون، وإخضاع كل فكر لطاعة المسيح.

فالصوم الكبير هو تعبئة عامة لمعركة كبيرة النصرة فها أكيدة، الرب يسوع معنا وقد انتصر لنا. لا يمكن أن نصطلح في هذه المعركة ولكن لا بد أن ننتصر... والمسيح مذبوح أمامنا على المذبح لكي يعلن لنا أن الجهاد ينبغي أن يكون للدم، وأن النصر ؟ بالدم.

لماذا ينسانا الله إن كان أبانا؟

هذا هو إنجيل الأحد الثاني: إنها تجربة التشكيك في أبوة الله لنا "إن كنت ابن الله- لماذا يتركك جائعًا؟ ولماذا يسمح الله بالمرض وبالفشل وبموت أحبائنا".

تدريب : علينا أن نختبر هذا الأسبوع أن يكون إيماننا في محبة الآب الذي بذل ابنه عنا- أن يكون إيمانًا فوق مستوى التجارب والانفعالات إيمان بالآب يعطينا حصانة أمام تجارب العدو وضيقات العالم وآلام وشهوات

التجربة على الجبل

الأحد الثاني هو أحد التجربة بحسب ما رتب آباء الكنيسة وفيه يقرأ إنجيل التجربة على الجبل، لما صام المسيح عنا أربعين نهارًا وأربعين ليلة وقد أورد الإنجيليون مار متى ومار لوقا عينات من هذه التجارب تجربة الخبز وتجربة مجد العالم وتجربة إلقاء المسيح نفسه من على جناح الهيكل وقد صرعه المسيح في كل تجاربه وكسر شوكته عنا واستخلص لنا بصومه المقدس نصرة على جميع سهام الشرير الملتهبة نارًا.

ولكن إنجيل العشية بحسب ما كتبه القديس مرقس البشير قد اختزل تجربة المسيح وأوردها في آية واحدة "أن الروح أخرجه إلى البرية ليجرب من إبليس أربعين يومًا وكان مع الوحوش وكانت الملائكة تخدمه".

وإذ أحجم مارمرقس عن أن يدخلنا إلى تفاصيل التجارب وطبيعتها وهو يكتب بالروح القدس فهذا معناه أن الأمر يفوق حدود العقل والإدراك البشري، فالعدو رئيس هذا العالم هو روح الظلمة الكذاب وأبو الكذاب المعاند والمقاوم لله، شرس غاية الشراسة وقد كان من البدء قتالًا للناس. فبأي كيفية حارب القدوس وإلى أي مدى كانت هذه الحرب وتلك التجارب وما هي طبيعتها وما هي أعماقها، فهذه أمور تعلو إدراكنا وتتجاوز معرفتنا الضعيفة.

ولكن لأن المسيح صام عنا ومن أجلنا، ولم يفعل شيئًُا إلا لحسابنا فبكل تأكيد أن ما خرج به المسيح منتصرًا على كل تجارب العدو كان لحسابنا بل أعطاه المسيح لنا وأجزل لنا العطاء. ونحن نقترب إلى سجله مارمرقس تلمس فيه نصيبنا لأن المسيح وهو متحد بطبيعتنا البشرية، صام بها وحارب بها وانتصر بها لحسابنا ومن أجلنا.

أولًا : إن قيل إن الروح اقتاده

فأعلم أنه قد تسجل لنا هذا ميراثًا في المسيح، وقد ت م. هذا بعد المعمودية مباشرة حين جاء صوت الآب من السماء شاهدًا "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت"، وحين حل الروح عليه بهيئة جسمية كاملة بشكل حمامة. فصار فيما بعد أن الذين ينقادون بروح الله، فأولئك هم أبناء الله.

فبدءًا بمعموديتنا حين ينادي أننا صرنا أولاد الله وحين نقبل نعمة البنوة إذ نتحد مع المسيح بشبه موته وننال نعمة الروح المعزي الحال فينا والساكن فينا حينئذ يتسلم الروح القدس قيادتنا.

مع آية: "ان جميع الذين لم يعرفوا الله هم حمقى من طبعهم لم يقدروا ان يعلموا الكائن من الخيرات المنظورة ولم يتاملوا المصنوعات حتى يعرفوا صانعها" (سفر الحكمة 13: 1

صورة في موقع الأنبا تكلا: كلمة الإلحاد باللغة العربية والإنجليزية، مع آية: "ان جميع الذين لم يعرفوا الله هم حمقى من طبعهم لم يقدروا ان يعلموا الكائن من الخيرات المنظورة ولم يتاملوا المصنوعات حتى يعرفوا صانعها" (سفر الحكمة 13: 1)

فالذي يُقتاد بروح الله فقد ختم أن الله أبوه وهو ابن الله، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. الروح هو الذي يرشد إلى جميع الحق، يعلم وينصح ويعزي ويشفع فينا بأنات لا ينطق بها ويأخذ مما للمسيح ويعطينا ويذكرنا بكل ما قاله السيد، وهو يبكت العالم على خطية وعلى بر وعلى دينونة، ويفحص كل شيء حتى أعماق الله.

فإن كان الإنسان ينقاد بالروح في العمل والكلام ويسلك بالروح ولا يطف ئ الروح ولا يحزن الروح، ويكون مراضيًا للروح مادام في طريق الحياة يسلك. يصير الإنسان محمولًا منقادًا بروح الله وحسبما يسير الروح يسير.

ثانيًا: وهنا تأتي التجارب

ويتقدم المجرب لأن التجارب في حياة أولاد الله حتمية ولا مفر لأن العدو متربص ويوم أن ننحاز إلى المسيح فقد أعلنا الحرب عليه. إن بداية معموديتنا أننا جحدنا الشيطان وكل قواته الشريرة وكل نجاساته وكل حيله الردية والمضلة.

فبعد أن خرج الشعب مع موسى من أرض العبودية واعتمدوا جميعهم في البحر الأحمر صارت الحرب مع عماليق. فالحرب بعد أن استعلن المسيح ابن الله بصوت الآب وحلول الروح صارت الحرب والتجارب وانتصب المجرب للصراع.

• إذن التجربة نتيجة طبيعية لالتصاقنا بالمسيح واتحادنا معه ودخولنا إلى شركة معه وفيه بالروح القدس.

• لم تخل حياة أحد من القديسين على مر العصور من التجارب، فتش في حياة القديسين جميعًا، هل خلت حياة أحدهم من التجارب؟ "جميع الذين يريدون أن يعيشوا بالتقوى في المسيح يضطهدون".

فالرسل الأطهار كم قاسوا من التجارب والتشريد والحبس والسجون الاضطهادات والضيقات والأحزان... شيء مهول ولكن في هذه جميعها يعظم انتصارنا بالذي أحبنا.

وهكذا الشهداء والأبرار الصديقين والنساء سكان البراري ورجال الإيمان والآباء، كم قاسوا وحملوا الصليب وتجربوا وطافوا معتازين مذلين مكروهين من العالم مجربين.

ولكن الذي يحلو لنا أن نتفكر فيه أن النصرة في المسيح وبالمسيح شيء أكيد لا يقرب منه الشك.

فالمسيح سحق الشيطان وأذل فخره، ورجع الشيطان مكسورًا مهانًا مذلولًا خائبًا. فالتمسك بالمسيح والحياة فيه، يزكي فينا الشعور بالنصرة ووعد المسيح قائم أنه أعطانا السلطان أن ندوس الحيات والعقارب وكل قوة العدو الشرير.

وهكذا ندرك أنه مهما طالت التجارب وتنوعت ومهما بدا أن الشيطان متقوٍ علينا ولكن الغلبة النهائية هي لحساب المسيح. وما بناه الشيطان في سنين وسنين يهدمه المسيح بكلمة، لأن ابن الله قد جاء لكي ينقض أعمال إبليس.

وهكذا يدخل أبناء الله التجارب وهم حاملون للنصرة في داخلهم كتلميذ يدخل الامتحان ونتيجة الامتحان والفوز في جيبه. "ثقوا أنا قد غلبت العالم"، "وخرج غالبًا ولكي يغلب". وهذا الشعور في القديسين هو الذي قادهم إلى الاتضاع الحقيقي، لأنهم أدركوا أن النصرة ليست بقوتهم ولا بذراع البشر، ولا اعتمدوا على عملهم ولا على قدرتهم بل على الله وحده. فكان إذا انتصروا على الشيطان وأذلوا فخره، كانوا يزدادون اتضاعًا وإنكارًا لذواتهم ويزدادون ثقة في الذي يقويهم "أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني"، "أنا ما أنا ولكن نعمة الله التي معي".

ثالثًا: كان مع الوحش

في الواقع أن المسيح استعاد لنا صورتنا الأولى ومجدنا الأول وأعادنا إلى الفردوس حيث كانت الوحوش أليفة صديقة للإنسان من غير أذى... فلما سقطنا من رتبتنا صارت العداوة واستعلن الطبع الوحشي في حيوانات البرية. فإن كان بالفعل قد استؤنست الوحوش وخضعت للقديسين في المسيح، مثل ما نرى في أيقونة مارمرقس وكيف أن الأسد تحت رجليه، والقديس بولس الرسول نفض وحش الثعبان في النار ولم يتأذ بشيء، والقديس برسوم العريان عاش مع ثعبان كبير والبابا زخارياس لما أُلقي للسباع لم تؤذه مثل دانيال في جب الأسود.

هذا هو زمن المسيح يرعى الأسد مع الخروف... وهذا هو قول المسيح "أرسلكم كحملان في وسط ذئاب".

في المسيح يسوع، وفي صوم المسيح عنا، تذلل الطبع الوحشي. على أن ليس المسيحي هو الذي يخضع وحوش الأرض مثل مروّضي الوحوش بل هناك في إنساننا العتيق ما يماثل الوحوش في طباعها مثل الغضب والاحتداد والعنف والانتقام والشراسة والمكر والخبث ومحبة الزنى والأنانية... كلها طباع حيوانية وحشية. ويمكننا بالمسيح وبشركة صومه أن نصير مع الوحوش بغير أذى. لقد تذلل الطبع الوحشي، فلم تعد هذه الطبائع الوحشية تسود علينا، بل على العكس صرنا بالروح نُميت أعمال الجسد ونخضع أجسادنا ونستعبدها كقول الرسول.

رابعًا: صارت الملائكة تخدمه

صوم المسيح أدخلنا إلى هذه الشركة الروحية مع الملائكة... صارت الملائكة بالنسبة لنا أرواحًا خادمة للعتيدين أن يرثوا الخلاص.

صحبة الملائكة في الصوم هي الحياة السماوية بكل ما تعني. كأن الإنسان الصائم مع المسيح برغم التجارب الكائنة يشعر أنه يحيا حياة ملائكية سماوية. ويحيا معانا من القوات السماوية، مثلما أعلن الملاك إيليا النبي حينما صام أربعين نهارًا فقد أيقظه من نومه وأطعمه، فسار بقوة هذه الأكلة أربعين يومًا.

إنها أسرار مخفية عن الحكماء ولكنها تعلن للبسطاء وأنقياء القلب.

صور لاحد التجربة
مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية

مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية

مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية

التعديل الأخير تم بواسطة مريم ميرو ; 30 - 03 - 2016 الساعة 08:12 PM
 
قديم 30 - 03 - 2016, 08:00 PM   رقم المشاركة : ( 37 )
Beshoy Ebn Elmalk Male
مميز | الفرح المسيحى


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 122944
تـاريخ التسجيـل : Mar 2016
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 195

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Beshoy Ebn Elmalk غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية

تأملات في الأسبوع الرابع من الصوم الكبير - السامرية

*

تقابل في الطريق وجهًا لوجه بين النفس البشرية المراوغة (السامرية) وبين رب المجد يسوع. النفس البشرية تبحث عن السعادة وتخيلت أن تجدها في الإكثار من شهوات العالم... حتى إلى خمسة أزواج. اللقاء مع يسوع سجل حقيقة هامة "إن النفس البشرية التي تعيش في شهوات العالم ليست شبعانة ولكنها عطشانة ".

الموجهة مع الله لابد أن تكون بالاعتراف. اعتراف المرأة أعطاها بركة الحصول على الماء الحي الاعتراف يفضح مراوغة النفس السامرية. الاعتراف يكشفه للنفس قذارتها في ضوء الروح القدس.

وبعد الاعتراف الارتواء . لابد في الصوم أن نرتوي من تيار الماء الحي. التأمل في كلمة الله ينبوع ماء حي متدفق...! الصلاة ينبوع متدفق، محبة المسيح ينبوع... لتشرب وتفيض وتجرى من بطوننا ينابيع ماء حية.

وبعد الاعتراف والارتواء السجود بالروح والحق. والكنيسة في رحلة الصوم تكثر من السجود. والسجود يحمل الانسكاب والخضوع لملكية المسيح فلنسجد كثيرًا في فترة الصوم.

وبعد السجود الكرازة ... فالسامرية كارزة لحساب المسيح. ونحن كذلك يجب أن نتحول لكارزين للقاؤنا مع الرب يسوع وسجودنا أمامه. السائرون في رحلة الصوم هم كارزون صامتون بعبادتهم واتضاعهم وانسحاقهم...

يقع هذا الأسبوع بين أحد الابن الضال وأحد السامرية.

•* في وسط هذا الأسبوع يشمخ الصليب، راية رحلة الصوم المقدس، يبرزه النبي إشعياء كشرط أساسي للسائرين في الطريق كقول ربنا يسوع: "مَن أراد أن يكون لي تلميذا ً فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني" (لو 14: 27).

وقبل أن يتحدث النبي عن ذبيحة الصليب، يعلن في نبوات يوم الاثنين من هم المستحقون لبركات الصليب في آيات بسيطة: "وترعى أبكار المساكين و يربض البائسون بالأمان" (إش 30:14).

"إن الرب أسس صهيون وبها يحتمي بائسو شعبه " (إش 14: 32).

ألم تكن هذه هي الوصية الأولى في موعظة الجبل - بداية رحلة الصوم بعد العماد والتجربة "طوبى للمساكين بالروح فإن لهم ملكوت السموات" (مت 5: 3). أما المتكبرون فكيف يقبلون بركات الصليب فهو "لليهود عثرة ولليونانيين جهالة" (1 كو 1: 24)، "إذا كان العالم في حكمة الله لم يخلص الله العالم بالحكمة بل بجهالة الكرازة" (1 كو 1: 21).


مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية




مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية





مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية




تأملات في الأسبوع الثاني من الصوم الكبير - التجارب

*

التجربة في الطريق : الجهاد طبيعة كل إنسان يريد أن يحصل على شيء ثمين. الحرب تكون ثقيلة عندما يكون المقصود منها الحرب لذاتها. ولكن إذا كان الهدف منها النمو الروحي والثبات في الله فهي حرب لذيذة. والحرب لذيذة لأن النصرة أكيدة لأن الرب يسوع انتصر لي ، وأنا به أنتصر . هي حرب مع عدو شرس سبق أن غلبه الرب. حارب المسيح بالأكل، وحاربه بالكبرياء قائلًا ارم نفسك عن جناح الهيكل، وأخيرًا حاربه بترك الصليب ونهج الطريق السهل قائلًا: أعطيك ممالك الأرض كلها إن خررت وسجدت لي بدل أن تملك على قلوب البشر بالصليب... ارم صليبك وتعلم الميوعة في الحياة... ولكن ربنا انتصر لنا .

اليوم الكنيسة في حالة حرب... وهذه ملامحها، مثلًا ماذا يغيظ الشيطان أكثر من الصوم؟ "هذا الجنس لا يخرج إلاَّ بالصلاة والصوم"، هل تعلم أن جميع كنائس الغرب تقريبًا أهملت الصوم مع مواظبتها على الاجتماعات... ويوجد طبعات للكتاب المقدس الآن غيرت كلمة " يصوم " بكلمة " يمتنع عن الأكل ". الشيطان أيضًا يدخل طرق العالم في الكنيسة، محبة المال، اللف والدوران تحت اسم الحكمة، والغاية تبرر الوسيلة، والكذب الأبيض... ثم يدخل العالم البيت وبدل أن يسمع الطفل صوت الترتيل والعبادة يسمع التليفزيون ويرى الصور الخليعة وأيضًا تأثير الشارع والمدرسة... البنت المسيحية محاصرة في وسط إغراءات العالم... وتسمع في كل مكان عن مغامرات الشر. وترى المجلات . الحق أن أولادنا في جب الأسود... جب الأسود أرحم... لكن دانيال سد أفواه الأسود بالصوم والصلاة... إنها حرب عنيفة لا يمكن ضمان سلامتنا في الرحلة إلاَّ بالصوم والصلاة مع الإيمان. ربنا قال لأرميا النبي: "طوفوا في شوارع أورشليم... " هل تجدون إنسانًا أو يوجد عامل بالعدل، طالب الحق فأصفح عنها" (أر 5: 1). لو أن واحد يصوم صومًا حقيقيًا ويبذل ذاته ربنا ينقذ الكنيسة كلها. لو أن واحد يكرس حياته في صمت وبذل يخزى الشيطان.


توجد حرب في كل مكان- في العائلة القبطية، أولادنا في الجامعة- توجد حرب الإلحاد - والانحراف الخلقي - الإيمان يتزعزع... تأثير المادة، طلب الهجرة من أجل المال- من كثرة الإثم تفتر محبة الكنيسة. لعل إبن الإنسان عندما يجئ يحد الإيمان على الأرض... الكنيسة اليوم محاصرة بحرب عالمية. ويوجد كنائس في الغرب انهزمت وسلمت للعالم. نحن في الصوم نعمل عملية تعبئة عامة... والموضوع في أيدينا لأن أسلحتنا قادرة بالمسيح يسوع على هدم حصون، وإخضاع كل فكر لطاعة المسيح.

فالصوم الكبير هو تعبئة عامة لمعركة كبيرة النصرة فها أكيدة، الرب يسوع معنا وقد انتصر لنا. لا يمكن أن نصطلح في هذه المعركة ولكن لا بد أن ننتصر... والمسيح مذبوح أمامنا على المذبح لكي يعلن لنا أن الجهاد ينبغي أن يكون للدم، وأن النصر ؟ بالدم.

لماذا ينسانا الله إن كان أبانا؟

هذا هو إنجيل الأحد الثاني: إنها تجربة التشكيك في أبوة الله لنا "إن كنت ابن الله- لماذا يتركك جائعًا؟ ولماذا يسمح الله بالمرض وبالفشل وبموت أحبائنا".

تدريب : علينا أن نختبر هذا الأسبوع أن يكون إيماننا في محبة الآب الذي بذل ابنه عنا- أن يكون إيمانًا فوق مستوى التجارب والانفعالات إيمان بالآب يعطينا حصانة أمام تجارب العدو وضيقات العالم وآلام وشهوات الجسد.




مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية




مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية





مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية





يروي لنا القديس يوحنا قصة إقامة لعازر من الأموات التي حدثت قبل الأسبوع الأخير من حياته على الأرض بفترة قليلة، غالبًا في يوم السبت السابق لدخوله أورشليم. ويعلل البعض عدم عرض هذه المعجزة في الأناجيل الثلاثة الأخرى بأن لعازر كان لا يزال حيًا حين كتابتها، وخشوا لئلا يسبب له ذلك متاعب كثيرة، أما القديس يوحنا فسجل إنجيله بعد رحيل لعازر قدم المعجزة ليكشف لنا عن شخص السيد المسيح أنه القيامة واهب الحياة، وغالب الموت. إذ كان يسوع مزمعًا أن يسلم نفسه للموت ويُدفن في القبر، أراد تأكيد سلطانه أنه يضع نفسه ويقيمها كما يشاء. إنها المعجزة الأخيرة التي سجلها القديس يوحنا، في شيءٍ من التفصيل.

في قرية صغيرة تسمى بيت عنيا أو بيت العناء أو الألم وُجدت عائلة مجهولة من الناس محبوبة جدًا لدى السيد المسيح. فتحت هذه العائلة قلبها له، كما فتحت بيتها ليستريح فيه، وعرفت كيف تخاطبه. في وسط الآم الموت المرة والخطيرة بعثت الأختان رسالة: "يا سيد هوذا الذي تحبه مريض" [3]. لم تطلبا لأخيهما الشفاء، ولا طلبتا من السيد أن يترك خدمته ويفتقدهما في ظروفها القاسية.

مات لعازر وقال السيد لتلاميذه: "لعازر حبيبنا قد نام، لكني أذهب لأوقظه". دعا الموت نومًا، فإن من يلتصق بالمسيح "القيامة" لن يحل به الموت، بالنسبة له يُحسب الموت هبة وراحة.

بعد أربعة أيام من وفاته دخل السيد القرية فلاقته مرثا وصارت تعاتبه: "يا سيد لو كنت ههنا لم يمت أخي، لكني الآن أيضًا أعلم أن كل ما تطلب من الله يعطيك الله إياه"[22]. أكد لها السيد أن أخاها سيقوم، وإذ أعلنت عن إيمانها أنه سيقوم في القيامة... قال لها يسوع: "أنا هو القيامة والحياة". [25].




الكلمة الأولى-" يا أبتاه اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون" ( لوقا 23: 34).
*
الكلمة الثانية-"الحق أقول لك: إنك اليوم تكون معي في الفردوس"( لوقا 23: 43).
*
الكلمة الثالثة- قال لأمه: " يا امرأة، هوذا ابنك" ثم قال للتلميذ: " هوذا أمك"*( يوحنا 19- 26و 27).
*
الكلمة الرابعة - " إلهي إلهي، لماذا تركتني؟" ( متى 27: 46).
*
الكلمة الخامسة - " أنا عطشان" (يوحنا 19: 28).
*
الكلمة السادسة - " قد أُكمِل" ( يوحنا 19: 30).
*
الكلمة السابعة - " يا أبتاه، في يديك أستودع روحي" ( لوقا 23: 46).



مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية






+ المحبة أم وَلود، تلد فضائل لا تُعدّ، منها الحنان والعطف، ومنها كلمة التشجيع وكلمة العزاء، ومنها الإهتمام والرعاية، ومنها الغفران والسعي إلى خلاص النفس، وهذه هي المحبة.
************************************************** ************* قداسة البابا شنوده الثالث




+ الخدمة هي قلب الخادم قبل لسانه، هي حرارته القلبية قبل وسائله التربوية.
************************************************** ************* قداسة البابا شنوده الثالث





+ لو عرفت أنك إبن اللـه ، فلن تخطئ ، وذلك لأن الإبن يجب أن يُشبه أباه.
************************************************** ************* قداسة البابا شنوده الثالث




نقول: "الفرح المسيحي"، لأن الفرح في المسيح يختلف عن الفرح الذي يعرفه العالم. ففرح العالم علامته السرور الظاهر، ويرتبط بلذة الجسد السطحية والمسرَّات، في الطعام والمال والممتلكات وشهوة الجنس والسلطة وتحقيق الأهداف المتصلة بالعالم الحاضر. وهذا الفرح قصير العمر، وإن تعالَى فهو يفتر بعد حين، وتطوِّح به الهموم والتجارب والهزائم وخوف الغد والأمراض والوحدة وتغيُّر الأحوال واقتراب الموت. والمسيحي في العالم يختبر شيئاً من هذا الفرح في مناسبات كثيرة في الأعياد والحفلات واجتماعات الصحاب. وهو يقبله ويسعد به، ولكنه لا يعوِّل عليه، لأنه يعرف أن هذا يأتي ويذهب. وإنما فرحه الحقيقي، الذي وهبه له الروح بموت الابن وقيامته وملكوته الأبدي، ثابت دائم، تعبُر به صروف الحياة وآلامها (التي تعبُر على كل الناس)، ولكنها لا تنال منه إلاَّ كما تنال الرياح من الجبال، ووجوده لا علاقة له بحضور الابتسام والضحك أو غيابهما، فمكانه أعمق، وهو يبقى حتى ونحن في الظلام، وهنا لا ينقطع تسبيحنا وتبقى أصوات الحمد مُرنِّمة. ودوام الفرح المسيحي يرتبط بعمل فوق الطبيعة البشرية، لأنه ليس نتاج عواطف، وإنما هو عمل الروح القدس وثمره. إنه فرح في الرب (مز 32: 11؛ 35: 9؛ 100: 2، إش 61: 10، رو 14: 17، في 3: 1؛ 4: 4، 1تس 1: 6، فل 20).
حياة الرسل كنماذج للفرح في الروح:

والمرء يَدهش عندما يتابع حياة خادم مناضل كالرسول بولس يتعرَّض في خدمته لكل صنوف الآلام والاضطهاد، فضلاً عن شوكة مرض جسده؛ ولكن الفرح لا يُفارقه سواء في سلوكه أو في كتاباته. فهو مع سيلا في السجن لا يطويهما ظلامه وكآبته وأغلاله، وإنما هما قائمان نحو نصف الليل "يصليان ويُسبِّحان الله والمسجونون يسمعونهما" (أع 16: 25). فلم تكن صلاتهما أنيناً خافتاً، وإنما تسبيحاً عالياً مستنداً إلى إله يؤمنان بقوته وانتصاره المحتوم حتى أن السجن تزعزع من أساسه.

وهذه مقتطفات من رسائله يُعبِّر فيها عن فرحه كما يحث فيها المؤمنين أن يفرحوا في الرب كل حين، مع أن بعضها يكتبه من السجن أسيراً في سلاسل، أو وهو يُصارع الآلام والاضطهادات: "كحزانى ونحن دائماً فرحون" (2كو 6: 10)، "لذلك أُسَرُّ بالضعفات والشتائم والضرورات والاضطهادات والضيقات لأجل المسيح" (2كو 12: 10)، "افرحوا في الرب... افرحوا في الرب كل حين وأقول أيضاً افرحوا" (في 3: 1؛ 4: 4، 1تس 5: 16)، "الآن أفرح في آلامي لأجلكم، وأُكمِّل نقائص شدائد المسيح في جسمي لأجل جسده، الذي هو الكنيسة" (كو 1: 24).

وها هما القديسان بطرس ويعقوب يحثَّان المؤمنين على الفرح الحقيقي في الروح حتى ولو كانوا يجتازون التجارب: "ذلك وإن كنتم لا ترونه (أي الرب) الآن لكن تؤمنون به، فتبتهجون بفرح لا يُنطق به ومجيد" (1بط 1: 8)، "احسبوه كل فرح يا إخوتي حينما تقعون في تجارب متنوعة" (يع 1: 2).

منابع الفرح المسيحي:

1 - التمتُّع بالخلاص والنصرة:

إذا كانت الخطية هي مصدر التعاسة والشعور بالإثم وسيادة الظلام، فإنَّ التمتُّع بخلاص المسيح وحضوره ورفقته وعنايته ورعايته كل الأيام، وعمل الروح القدس، هو الينبوع الرئيسي لفرح المسيحي ودوامه. والرب أذاع هذا السر لتلاميذه قبل الصليب والقيامة قائلاً: "المرأة وهي تلد تحزن لأن ساعتها قد جاءت، ولكن متى ولدت الطفل لا تعود تذكر الشدة لسبب الفرح، لأنه قد وُلد إنسان في العالم. فأنتم كذلك، عندكم الآن حزن. ولكني سأراكم أيضاً فتفرح قلوبكم، ولا ينزع أحدٌ فرحكم منكم" (يو 16: 21و22). وها هم تلاميذ الرب يفرحون "إذ رأوا الرب" بعد قيامته (يو 20: 20)، ثم يودِّعونه صاعداً إلى السماء، ولكنهم يرجعون من لقائهم الأخير معه بالجسد "بفرح عظيم" (لو 24: 52)، فسيدهم المنتصر على الموت بقيامته والعائد إلى مجده؛ نفخ فيهم من روحه، كما وعدهم أن يكون معهم كل الأيام إلى انقضاء الدهر (مت 28: 20).

والخاضعون لسطوة العالم والطامعون في أمجاده يظلون معذبين بإذلاله لهم وتدلُّله عليهم؛ يمنحهم فيسرهم، ويمنع عنهم فيتولاَّهم الهم. أما الذين خرجوا عن طاعته ولا آمال لهم عنده ولا حاجة، والذين شعارهم كلمات غريغوريوس الكبير: "جلست على قمة العالم لَمَّا صرتُ لا أشتهي شيئاً ولا أخاف شيئاً"، فهؤلاء لا ينقطع فرحهم. فنصرتهم على العالم قد أُعلنت منذ إعلان تبعيتهم للسيِّد ولا انقطاع لتيار الفرح عندهم كل الحياة.

دوام التوبة يؤدِّي أولاً بأول إلى التخلُّص من الخطية المسببة للهمِّ وثقل الضمير. كما أن التوبة لغير السائرين في طريق النور هي الباب المفتوح للِّحاق بمواكب المنتصرين واختبار حياة الفرح الحقيقي والتمتُّع بالحرية في المسيح: "فإن حرركم الابن، فبالحقيقة تكونون أحراراً" (يو 8: 36).

2 - السلوك بالإيمان:

بمعنى الاتكال على الله والثقة في مواعيده وتسليم كل الحياة له وقبول كل ما يسمح به الله بالشكر، وهو أيضاً أحد منابع الفرح المسيحي. فالذي يتيقن "أن كل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون الله" (رو 8: 28)، يحيا فَرِحاً، مطمئناً إلى محبة المسيح وتحنُّنه. أما مَن غاب عنهم الإيمان وإلقاء أثقالهم على كاهل المسيح، فكيف يختبرون الفرح بينما الهموم تقتحم قلوبهم؟ كما أن قلقهم، بل رُعبهم، من جهة الغد، لن يتيح للفرح أن يسود حياتهم يوماً.

ويتصل بهذا أن السلام الذي يتمتع به أولاد الله ولا يعرفه الأشرار (إش 48: 22؛ 57: 21)، ولا يستطيع العالم أن يعطيه، قد وهبه الله لمؤمنيه: "سلاماً أترك لكم، سلامي أُعطيكم. ليس كما يُعطي العالم أُعطيكم أنا" (يو 14: 27)، "جاء يسوع في الوسط وقال لهم: سلامٌ لكم" (لو 24: 36، يو 20: 21و26)؛ وهو ناجمٌ عن حالة المصالحة بين المؤمن والله ومع نفسه ومع الآخرين كإحدى ثمار الخلاص وثمار الروح، وهذا أيضاً يُهيئ النفس للفرح في الروح.

ولكن هذا لا يعني أن الآلام لا تعرف طريقها إلى حياة المؤمن أو أنها لا تهدد سلامه وفرحه، فإبليس يترصد أولاد الله ويضيق بهم، إلاَّ أن الآلام مع هذا لا تستطيع أن تقتحم مركز السلام في القلب. والحزن إن جاء (على فقدان الأحباء أو تعثُّرهم، مثلاً)، فهو يبقى عاطفة خارجية لا تهز استقرار القلب في يد القدير. على أن الكتاب يشير إلى حزن "حسب مشيئة الله" على الخطية الملوِّثة لنقاوة المؤمنين والمهينة للكرامة الإنسانية، وهذا الحزن النبيل "يُنشئ توبة لخلاص بلا ندامة" (2كو 7: 10)
 
قديم 30 - 03 - 2016, 08:01 PM   رقم المشاركة : ( 38 )
magy Female
..::| العضوية الذهبية |::..

الصورة الرمزية magy

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 122887
تـاريخ التسجيـل : Jan 2016
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 6,797

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

magy غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية

مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية
مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية

تأمل عن المرأة السامرية
-------------------


لقد جاءت هذه المرأة لتستقي ماء حيث كان الرب يسوع جالسًا وحيدًا على حافة
البئر، إذ كان قد تعب من السفر.
وهو : باعتباره «الباب»
الوحيد الذي «ليس بأحد غيره الخلاص»
( أع 4: 12 )،

فتح باب الحديث معها، وقال لها:
«أعطيني لأشرب»، واستطاع أن يكسب ثقتها، وأشعرها بحاجتها
ثم
صوَّب سهمًا إلى ضميرها، لما كشف خطيتها وعيشتها في النجاسة والشر

وحدّثها عن شخصه باعتباره وسيلة وصول عطية الله العُظمى لنا
وبواسطته
نحصل على الماء الحي (الروح القدس)، الذي يصير في داخل قلوبنا ينبوع ماء

ينبع إلى حياة أبدية ..


وهكذا أمسك الرب بيد هذه المرأة الساقطة، وأقامها من سقطتها، وقادها للخلاص.

وبعد أن خلصت....خرجت للشهادة قائلة للناس:

«هلموا انظروا إنسانًا قال لي كل ما فعلت.
ألعل هذا هو المسيح؟»

(يو29:4).

وفي النهاية وجدت السامرية فيه مرعى حيث شبعت وارتوت، وصدَّقت وأيقنت
أن
كل مَنْ يشرب من هذا الماء يعطش أيضًا
ولكن مَنْ يشرب من الماء الذي
يعطيه الرب،
فلن يعطش إلى الأبد.

لذلك تركت المرأة جرّتها ومضت، لأنه ما حاجتها بعد إلى الماء الذي لا يروي؟!
مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية

مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية


مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية



مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية


مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية


مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية


- الروح الذى أصعد المسيح الى البرية هو روح الله , أى الروح القدس:


إذن ليس هو الروح النجس أى الشيطان . كما قد يفهم خطأ من عبارة " أخذه إبليس
" ... لأنه ليس من المعقول أن الشيطان يقود المسيح إلى البرية ليصوم فترةطويلة
والشيطان يعلم ويشعر بأن الصوم من أقوى الأسلحة للتغلب عليه
.





روح الله القدوس الذى إقتاد المسيح هو روح المسيح القدوس

ذلك لأن المسيح هو الله , والمسيح واحد مع الروح القدوس ... لذلك لا نعجب إذا رأينا أن
المسيح حبل به من الروح القدس

(لو 1: 35)

.. وأصعد إلى البرية من الروح القدس ليجرب
من إبليس
ولذلك فهو لم يصعد مجبراً بل بإرادته ...

مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية


مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية

مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية

تأمل قصير عن اقامة لعازر من الاموات
------------------------

{ يا سيد لو كنت ههنا لم يمت أخي - يو 11 : 21، 32 ): لقد تكررت هذه العبارة مرتين في نفس الإصحاح
علي فم كل من مرثا ثم مريم أختها.

+ وتدخل مرثا في حوار سريع مع السيد المسيح، فيعطيها رجاء كانت في أشد الحاجة إليه
( سيقوم أخوك.. أنا أعلم أنه سيقوم في القيامة في اليوم الأخير..
أنا هو القيامة والحياة، من آمن بي ولو مات فسيحيا، وكل من كان حياً وآمن بي فلن يموت إلي الأبد
- يو 11 : 23 - 26 ).
وإذ به يٍسألها عن إيمانها به وبما قاله لها
( أتؤمنين بهذا ؟ - يو11: 26)

فقالت له
( نعم يا سيد، أنا قد آمنت أنك أنت المسيح إبن الله الآتي إلي العالم - يو 11 : 27 ).

+ وها هو يشارك طبيعتنا في مشاعرها:
فلما رأي مريم تبكي، واليهود الذين جاءوا معها يبكون...
بكي يسوع
( يو 11 : 33، 35 )


حتي قال اليهود
( أنظروا كيف كان يحبه ! - يو 11 : 36 )، وقال بعض منهم
( ألم يقدر هذا الذي فتح عيني الأعمي أن يجعل هذا أيضاً لا يموت ؟!
(- يو 11 : 37 )
.

( لقد إنزعج بالروح وإضطرب - يو 11 : 33 )

: فقد رأي
الموت في قسوته، والناس في ضعفهم.
لقد أمكنهم أن يدفنوا حبيبهم ولم يكن بوسعهم أن يقيموه
إذ إبتلعه
الموت !
إنزعج بالروح وإضطرب، إذ رأي البشرية قد وقفت عاجزة أمام سطوة
الموت وسلطانه.

+{ أين وضعتموه ؟ - يو 11 : 34 )

إن الذي يستطيع أن يقيم الميت لا يحتاج أن يدله أحد علي قبره.
لكنه قال هذا ليذهبوا معه ويشاهدوا المعجزة.



مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية

السبع عبارات الذى قالهم السيد المسيح على الصليب

مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية -----------------

الكلمة الأولى-" يا أبتاه اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون" ( لوقا 23: 34).

الكلمة الثانية-
"الحق أقول لك: إنك اليوم تكون معي في الفردوس"( لوقا 23: 43).



الكلمة الثالثة- قال لأمه: " يا امرأة، هوذا ابنك" ثم قال للتلميذ: " هوذا أمك"

( يوحنا 19- 26و 27).



الكلمة الرابعة - " إلهي إلهي، لماذا تركتني؟" ( متى 27: 46).


الكلمة الخامسة
- " أنا عطشان" (يوحنا 19: 28).



الكلمة السادسة
- " قد أُكمِل" ( يوحنا 19: 30).



الكلمة السابعة
- " يا أبتاه، في يديك أستودع روحي" ( لوقا 23: 46).

مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية


مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية

مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية
ثلاث اقوال من اقوال البابا شنودة الثالث

مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية


مهما كانت الظروف المحيطة بك مغايرة
كن كوردة وسط الشوك ، ومثل جزيرة وسط المياه
وكالقمح وسط الزوان ..



إذا تغير قلب الإنسان من الداخل ، يتغير تبعاً لذلك
سلوكه الخارجى ، ولا يكون صراع بين داخله وخارجه .

لا يُتعب الإنسان سوى عقله ، أماإيمانه فيريحه فى كل شىء .


مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية
موضوع قصير او تامل عن الفرح المسيحى
-----------------

هناكَ الكثيرون الذين، بدلاً من أن يتمتعوا بحياتهم كل يوم، يقلقون ويتثقلون باهتمامات هذه الحياة.
ويأمرنا الرب يسوع، في متى 25:6، أن لا نحيا هذا النوع من الحياة:
"لِذلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ تَهْتَمُّوا لِحَيَاتِكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَبِمَا تَشْرَبُونَ، وَلاَ لأَجْسَادِكُمْ بِمَا تَلْبَسُونَ.
أَلَيْسَتِ الْحَيَاةُ أَفْضَلَ مِنَ الطَّعَامِ، وَالْجَسَدُ أَفْضَلَ مِنَ اللِّبَاسِ

ويُكرر روح الرب، بواسطة الرسول بولس فكرة مُشابهة في فيلبي 6:4،
"لاَ تَهْتَمُّوا بِشَيْءٍ، بَلْ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِالصَّلاَةِ وَالدُّعَاءِ مَعَ الشُّكْرِ، لِتُعْلَمْ طِلْبَاتُكُمْ لَدَى الإله
" يجب أن تُقرر أن تحيا بفرح وسعادة كل يوم
إنه اختيار يجب أن تتخذه.
لا تجد نفسكَ أبداً حزيناً، أو مُكتئباً، أو مُحبطاً، مهما يحدث من حولكَ .
ليس على الرب مسئولية أن يجعلكَ سعيداً أو فرحاً.
إن الذي فعله هو أنه وَضَعَ فرحاَ في روحكَ. والفرح هو ثمرة مُميزة لروحك البشرية
التي أُعيد خلقتها (غلاطية 22:5)، ولكن الأمر متروك لكَ لكي تحيا بفرح.
ولا أحد غيركَ، في العالم كله، عليه مسئولية أن يجعلكَ فرحاً

إن الحياة بفرح ليس لها شأن بما يحدثُ لكَ أو مَن حولك
أو بما يقوله الآخرون أو يفعلونه معكَ.
وليس لها شأن بتجاربكَ مهما كانت؛ إذ يُمكنك أن تكون فرحاً في وسط الضيق.
يقول في يعقوب 2:1 أن تحسبه كل فرح عندما تمُر بضيقات مُتنوعة.
وبعبارة أُخرى، لا تنفعل بالظروف المُضادة؛ وكن شاكراً وفي فيض الفرح
عالماً أنكَ أعظم من مُنتصر .

عبِّر عن فرحكَ بوعي
إذ لا يُمكن أن تقول إنكَ فرحاً ولا تُعبِّر عنه.
الضحك، والترنيم، والتسبيح، وتقديم الشكر، والترنيم من قلبكَ للرب، جميعها تعبيرات عن الفرح.
استرجع الجزء الذي قرأناه في الشاهد الافتتاحي
يقول، "… أَمَسْرُورٌ أَحَدٌ؟ فَلْيُرَتِّلْ."

تَعلَّم أن تُعبِّر عن نفسك بفرح كل يوم، بترانيم وأغاني روحية! والآن، رنِّم بأعلى صوتك للرب .


مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية

شكراً سما حبيبتي

للبركة والفرح والأستفادة من المسابقة الجميلة

ربنا يبارك حياتك حبيبتي

مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية

 
قديم 30 - 03 - 2016, 08:02 PM   رقم المشاركة : ( 39 )
walaa farouk Female
..::| الإدارة العامة |::..

الصورة الرمزية walaa farouk

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 122664
تـاريخ التسجيـل : Jun 2015
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 373,454

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

walaa farouk متواجد حالياً

افتراضي رد: مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية

لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية
جولة مع يسوع إلى السامرة

قال المسيح الحي: الحق الحق أقول لكم من يؤمن بي فله حياة أبدية

خادم الرب الأخ: حليم حسب الله


جولة مع يسوع إلى

السامرة

مقدمة:-
لا يوجد أروع من أن نتبع ونتابع السيد العظيم الجليل ربنا يسوع المسيح في جولاته على الأرض لخدمة البشرية، مظهرا عطف الله وحنانه ورحمته ومحبته للبشر المساكين. الشيء الذي جعله لا يكف عن الخدمة في كل مكان وفي كل زمان. لذلك يقول الرسول بطرس عنه "يسوع الذي من الناصرة كيف مسحه الله بالروح القدس والقوة الذي جال يصنع خيرا ويشفي جميع المتسلط عليهم إبليس لأن الله كان معه" (أع10: 38). لقد شفى كثيرين من أمراضهم المتنوعة، وأطعم الجياع، وأحيا الموتى فكفكف الدموع المنهمرة بسبب الحزن، وذهب حيث المستعبدين بأرواح نجسة فحررهم إذ طردها من أجسادهم، وسعى نحو الخطاة ليخلصهم فقال للمرأة الخاطئة "مغفورة لك خطاياك...إيمانك قد خلصك. اذهبي بسلام". لقد عمل ولازال ويظل يعمل أيضا. إنه الرب المحب الذي يذهب لأجل الضال حتى يجده. (لو4: 40و41، مت14: 14-21، 15: 32-38، لو7: 12-16و48و50، 15: 1-4).
لقد تتبعناه في جولات سابقة منها: جولة مع يسوع من كورة الجدريين إلى بيت يايرس، وجولة إلى صور وصيدا، وجولة إلى بيت عنيا، وجولة إلى أريحا، وجولة إلى مدينة نايين. ونحن الآن نتبعه في جولة جديدة من جولاته الكثيرة ألا وهي:
جولة مع يسوع إلى السامرة

إن كنا لا نقرأ عن معجزات صنعها الرب يسوع في السامرة باستثناء الرجل السامري الذي كان واحد من العشرة الرجال البرص الذين أتوا إلى الرب يسوع ووقفوا من بعيد ورفعوا صوتا قائلين "يا يسوع يا معلم ارحمنا". هذا الذي لما رأى أنه شفي رجع يمجد الله بصوت عظيم. وخر عند رجليه شاكرا له (لو17: 11-18). لكننا نقرأ عن أروع وأعظم المعجزات التي لا يصنعها آخر سواه، ألا وهي تغيير القلوب الفاسدة إلى قلوب جديدة، تغيير الحياة بجملتها من حال إلى حال، من النجاسة إلى القداسة، ومن الظلمة إلى النور، ومن الموت إلى الحياة، ومن البؤس والشقاء إلى الراحة والرجاء، ومن العطش والجوع إلى الارتواء والشبع.
وإن كنا نجول مع السيد في رحلة طويلة إلى السامرة ونتابع مواقف متعددة، ونرى مشاهد مختلفة، لكننا نكون أكثر تركيزا في حديثنا عن المرأة السامرية. هذه القصة المعروفة لكثيرين منا. إنها امرأة مسكينة تعيش الخطية في أردأ صورها، لكن الرب المحب ذهب إلى السامرة لأجلها وتقابل معها ومنحها التحرير والخلاص. إن الظروف التي تقابل فيها الرب مع هذه المرأة ملفتة للنظر، والحديث الذي كان بين الرب يسوع وبينها لهو حديث مهم جدا، وإن نتيجة هذا اللقاء رائعة تستحق منا التأمل والتمعن.
من الملاحظ في قصة المرأة السامرية أن أسمها لم يذكر نهائيا، وإن كان الكثيرون يقولون عنها المرأة السامرية نسبة للمقاطعة والشعب الذي تنتسب إليه. لقد أشير إليها مرتين بالقول "امرأة سامرية" (يو4: 7و9) ومن هذه العبارة تتضح ديانتها وقوميتها، مثلها مثل الكثيرين قد حصلوا على الخلاص ولم تذكر أسماءهم، مثل المرأة الخاطئة في بيت سمعان الفريسي (لو7: 36-50) والمرأة الزانية التي أمسكت في زنا (يو8: 2-11). والمرأة المنحنية (لو13: 10-17). وذلك لأن الرب يسوع لم يأت ليفضح البشر وشرهم، لكنه جاء لكي يطلب ويخلص (لو9: 56، 19: 10). وأيضا لكي يستر الخطايا على أساس عمله الكفاري على الصليب (رو3: 25، 1يو1: 7). ولم يذكر اسمها أيضا لكي يضع كل واحد منا اسمه في هذه القصة لأنها قصة كل واحد منا.
وإن كان اسم المرأة السامرية لم يعرف لكنها كانت مؤمنة مثمرة. لقد أتت بثمر كثير إذ آمن كثيرون بسببها، وإلى الآن لازالت تأتي بثمر كثير جدا لمجد الله، ولا يعرف أحد كم من الخطاة أتوا إلى المخلص بسبب قصة وشهادة هذه المرأة.
في جولتنا هذه مع الرب يسوع نرى أن المرأة السامرية سألت الرب عدة أسئلة، لازال البشر يسألون ذات الأسئلة. لقد سألت الرب مباشرة فوجدت منه الإجابة الشافية. طوبى لمن يسأل الرب فيجد منه الجواب، فكل من يسأل غير الرب لا يجد إلا إجابات تشتت الأذهان، فلكل واحد رأيه. لقد جاءت ملكة سبا إلى الملك سليمان وسألته بمسائل، فأخبرها بكل ما كان في قلبها (1مل10: 1-3). أما نحن أمام من هو أعظم من سليمان بما لا يقاس (مت12: 42).
لقد كانت أسئلة المرأة كالآتي:-
· كيف تطلب مني لتشرب وأنت يهودي وأنا امرأة سامرية؟ (يو4:9).

· من أين لك الماء الحي؟ (يو4: 11).

· أ لعلك أعظم من أبينا يعقوب؟ (يو4: 12).

· يا سيد أعطني هذا الماء؟ (يو4: 15).

· يا سيد أرى أنك نبي، وكأنها تقول له هل أنت كذلك؟ (يو4: 19).

· أين السجود الحقيقي؟ (يو4: 20-24).

· هل أنت المسيا؟ (يو4: 25).

وفي شهادتها عن المسيح لأهل مدينتها، قالت "هلموا انظروا إنسانا قال لي كل ما فعلت. أ لعل هذا هو المسيح؟ (يو4: 29).
إنه شيء ممتع أن نتبع الرب يسوع في رحلته التي قادته إلى السامرة. لقد كان في أورشليم (يو2: 23)، ثم أتى إلى اليهودية (يو3: 22). ومن اليهودية ذهب إلى السامرة (يو4: 4). وقد أعلن السامريون أنه "مخلص العالم". هذه الرحلة تسير في ذات الخط الذي أوصى به تلاميذه بعد قيامته من بين الأموات "وتكونون لي شهودا في أورشليم وفي كل اليهودية والسامرة وإلى أقصى الأرض" (أع1: 8). كما نراه أيضا في رحلة من السامرة والجليل إلى أورشليم والتي فيها دخل قرية وطهر عشرة رجال برص منهم الرجل السامري (لو17: 11-18).
*********************



مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية



مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية


مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية


تأمل فى احد التجربة


حينما نبدأ جهادنا في رحلة الصوم الأربعيني المقدس يبدأ أيضا عدو الخير حربه معنا ليرجعنا عن السير في طريق الله وليسقطنا في الخطية أو الفتور الروحى. لذلك اختارت الكنيسة أن تقدم لنا في الأحد الثاني من الصوم إنجيل التجربة على الجبل لكي تعلمنا أن التجارب والضيقات للجميع . فهي ليست فقط للخطاة بسبب خطاياهم وإنما هي لجميع الناس وبالأكثر للأبرار والقديسين بل أن السيد المسيح له المجد نفسه جرب من إبليس ليس فقط الثلاثة تجارب التي جرب بها على الجبل ولكن شملت التجارب حياته كلها حتى قال عنه معلمنا بولس الرسول "مجربا في كل شيء مثلنا بلا خطية" (عب4: 15) كذلك أولاد الله لابد لهم من التعرض للضيقات والتجارب والآلام كما قال السيد المسيح لتلاميذه القديسين "في العالم سيكون لكم ضيق ولكن ثقوا أنا قد غلبت العالم" (يو16: 33) . وأيضا خدام الله يجب أن يعدوا أنفسهم للتجربة كما قيل في سفر يشوع بن سيراخ "يابنى أن أقبلت لخدمة الرب الإله فأثبت على البر والتقوى وأعد نفسك للتجربة" لذلك تجربة السيد المسيح على الجبل تعد مثالا لنا لاحتمال ما يأتي علينا من ضيقات وتجارب واثقين من معونته لنا في التجربة كما يقول الكتاب "فيما هو قد تألم مجربا يقدر أن يعين المجربين" (عب2: 18) . والكتاب المقدس يحوى نماذج عديدة للتجارب منها:-
1-تجارب بسماح من الله مثل تجارب للاختبار أو الامتحان كتجربة الله لأبينا ابراهيم بتقديم ابنه الوحيد محرقة لله ، وتجارب للتزكية والتنقية مثل تجربة أيوب البار . وهناك تجارب للتأديب "الذي يحبه الرب يؤدبه" (أم3: 12) كتأديب الله ليعقوب بواسطة خاله لابان وأولاده الذين خدعوه كما خدع هو أباه اسحق ، وهناك تجارب للوقاية من الكبرياء مثل تجربة بولس الرسول "لئلا ارتفع بفرط الإعلانات أعطيت شوكة في الجسد ملاك الشيطان ليلطمني لئلا ارتفع" (2كو12: 7)
2- تجارب سببها الإنسان نفسه كما يقول معلمنا يعقوب "ولكن كل واحد يجرب إذا انجذب وانخدع من شهوته" (يع1: 14). تقعون في تجارب متنوعة" (يع1: 2)
وبلا شك فللتجارب فوائد وبركات كثيرة فهي:-
• تشعرنا بوجود الله معنا فنراه في التجربة مثلما رآه الثلاثة فتيه القديسين في آتون النار . ومثل دانيال في جب الأسود.
• في التجربة نشعر باحتياجنا الشديد إلى الله والى معونته "ادعني يوم الضيق أنقذك فتمجدني" (مز50: 15)
• ونتلامس مع عمل الله معنا في التجربة ومحبته العاملة في حياتنا وأيضا لا تدعنا نتمسك بمحبة هذا العالم الفاني فيزداد اشتياقنا إلى السماء.
إلهنا الذي تألم مجربا قادر أن يعيننا في ضيفاتنا وتجاربنا ويعطينا النصرة والغلبة على كل أفعال المضاد وينعم علينا بخلاص نفوسنا.له كل مجد وإكرام الآن وكل أوان وإلى الأبد آمين


مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية


مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية


مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية


تأمل فى اقامة لعازر.
"وَكَانَ إِنْسَانٌ مَرِيضاً وَهُوَ لِعَازَرُ، مِنْ بَيْتِ عَنْيَا مِنْ قَرْيَةِ مَرْيَمَ وَمَرْثَا أُخْتِهَا. وَكَانَتْ مَرْيَمُ، الَّتِي كَانَ لِعَازَرُ أَخُوهَا مَرِيضاً، هِيَ الَّتِي دَهَنَتِ الرَّبَّ بِطِيبٍ، وَمَسَحَتْ رِجْلَيْهِ بِشَعْرِهَا. فَأَرْسَلَتِ الْأُخْتَانِ إِلَيْهِ قَائِلَتَيْنِ: "يَا سَيِّدُ، هُوَذَا الَّذِي تُحِبُّهُ مَرِيضٌ". فَلَمَّا سَمِعَ يَسُوعُ، قَالَ: "هذَا الْمَرَضُ لَيْسَ لِلْمَوْتِ، بَلْ لِأَجْلِ مَجْدِ اللّهِ، لِيَتَمَجَّدَ ابْنُ اللّهِ بِهِ". وَكَانَ يَسُوعُ يُحِبُّ مَرْثَا وَأُخْتَهَا وَلِعَازَرَ. فَلَمَّا سَمِعَ أَنَّهُ مَرِيضٌ مَكَثَ حِينَئِذٍ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَ فِيهِ يَوْمَيْنِ" (يوحنا 11:1-6).

جاء إلى المسيح رسول من بيت عنيا، من عند مرثا ومريم، ليبلغه أن لعازر أخاهم الذي يحبه مريض. لم تكن محبة أخيهما للمسيح هي الدافع على هذا الطلب، بل محبة المسيح لأخيهما، وهذه على الدوام لغة التقوى الحقيقية التي تعترف أن أساس السرور والرجاء والخلاص ليس في محبة الخاطئ للمخلِّص، بل في محبة المخلِّص للخاطئ. كانت مرثا ومريم تعلمان الخطر الذي يهدّد حياة المسيح وحياة تابعيه إن اقترب من أورشليم بعد سفره منها، فلم تدعواه ليأتي إليهما. ولربما تذكَّرا أنه كان أحياناً يشفي من بعيد، فيكفي أن يعرف خبر مرض أخيهما ليأمر من حيث هو لأخيهما بالشفاء.

كان جواب المسيح على هذه الرسالة وجيزاً، دون تقديم عذر لعدم ذهابه مع الرسول. قال: "هذا المرض ليس للموت، بل لأجل الله، ليتمجد ابن الله به".

وعاد الرسول إلى بيت عنيا ليجد أن لعازر قد مات. ماذا كانت أفكار ذلك الرسول؟ لعله قال إن المسيح كاذب لأنه قال إن هذا المرض ليس للموت؟

تُرى ماذا قالت مريم ومرثا عن تأخير المسيح عنهما؟ هل أصابهما الشك في محبته لهما؟

وفي اليوم الثالث طالب المسيح تلاميذه أن يستعدوا للذهاب إلى اليهودية، فعارضوه أولاً بقولهم: "يا معلم، الآن كان اليهود يطلبون أن يرجموك، وتذهب أيضاً إلى هناك؟". احتاروا في هذا الأمر الجديد، لأنه لو كان ذهابه ضرورياً لشفاء لعازر، فلماذا لم يذهب حالاً؟ وإن كان غير ضروري فلماذا يخاطر بنفسه وبهم؟

واستخدم المسيح اعتراض التلاميذ ليعلّمهم أن لا خوف على الذي يسير بإرشاد إلهي، لأن هذا هو النور، وعدمه الظلام. وقال لهم إنه يقصد بالذهاب إلى اليهودية أن يوقظ لعازر من النوم. ومن تسمية لعازر "حبيبنا" عرفنا لعازر شاباً ممتازاً في صفاته، يليق أن يكون صديقاً خصوصياً للمسيح وتلاميذه.

فكان جواب التلاميذ أن نوم لعازر علامة جيدة تدلّ على أنه يشرف على الشفاء. فلما رأى المسيح أنهم لم يفهموا كلامه أوضح الأمر بقوله: "لعازر مات". لقد أطلق المسيح على الموت "نوماً" لأن موت المؤمن وقتي، تعقبه يقظة القيامة والسعادة الأبدية.

أظهر المسيح لتلاميذه أن عدم وجوده في بيت عنيا ليشفي لعازر كان خيراً لهم، لأنه سيقوي إيمانهم تقوية عظيمة. لقد امتنع عن تقديم بركة الشفاء ليهب بركة أعظم جداً هي إقامة المريض بعد موته. وكثيراً ما يتعامل الله على هذا المنوال مع خائفيه. ويظهر أن التلاميذ تردَّدوا في أمر الطاعة، لكن توما تحمَّس أخيراً وقال: "لنذهب نحن أيضاً لكي نموت معه". فأظهر شدة حبه للمسيح واستعداده لأن يموت لأجله. هكذا بدأ سفر المسيح وتلاميذه إلى بيت عنيا.

"فَلَمَّا أَتَى يَسُوعُ وَجَدَ أَنَّهُ قَدْ صَارَ لَهُ أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ فِي الْقَبْرِ. وَكَانَتْ بَيْتُ عَنْيَا قَرِيبَةً مِنْ أُورُشَلِيمَ نَحْوَ خَمْسَ عَشْرَةَ غَلْوَةً. وَكَانَ كَثِيرُونَ مِنَ الْيَهُودِ قَدْ جَاءُوا إِلَى مَرْثَا وَمَرْيَمَ لِيُعَزُّوهُمَا عَنْ أَخِيهِمَا. فَلَمَّا سَمِعَتْ مَرْثَا أَنَّ يَسُوعَ آتٍ لَاقَتْهُ، وَأَمَّا مَرْيَمُ فَاسْتَمَرَّتْ جَالِسَةً فِي الْبَيْتِ. فَقَالَتْ مَرْثَا لِيَسُوعَ: "يَا سَيِّدُ، لَوْ كُنْتَ ههُنَا لَمْ يَمُتْ أَخِي. لكِنِّي الْآنَ أَيْضاً أَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ مَا تَطْلُبُ مِنَ اللّهِ يُعْطِيكَ اللّهُ إِيَّاهُ". قَالَ لَهَا يَسُوعُ: "سَيَقُومُ أَخُوكِ". قَالَتْ لَهُ مَرْثَا: "أَنَا أَعْلَمُ أَنَّهُ سَيَقُومُ فِي الْقِيَامَةِ، فِي الْيَوْمِ الْأَخِيرِ". قَالَ لَهَا يَسُوعُ: "أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ. مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا، وَكُلُّ مَنْ كَانَ حَيّاً وَآمَنَ بِي فَلَنْ يَمُوتَ إِلَى الْأَبَدِ. أَتُؤْمِنِينَ بِهذَا؟" قَالَتْ لَهُ: "نَعَمْ يَا سَيِّدُ. أَنَا قَدْ آمَنْتُ أَنَّكَ أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ، الْآتِي إِلَى الْعَالَمِ" (يوحنا 11:17-27).

قبل أن يصل المسيح وتلاميذه بيت عنيا سمعت مرثا بقدومهم، فأسرعت لملاقاة المسيح، تاركة أختها مريم تقوم بواجب المعزين الجالسين في البيت. ونستنتج من هذا أن بيت لعازر كان بيت غنى وسخاء.

وما أن وصلت مرثا للمسيح حتى قالت له: "يا سيد، لو كنت ههنا لم يمت أخي. لكني الآن أيضاً أعلم أن كل ما تطلب من الله يعطيك الله إياه". كان إيمانها بالمسيح قوياً، لكن غير كامل، لأنه لما قال لها: "سيقوم أخوك" لم تتوقع أنه سيُقيمه فوراً، بل أنه سيقوم مع سائر المؤمنين في اليوم الأخير. فأكرم المسيح إيمانها رغم ضعفه كما يفعل على الدوام، وذلك بإعلانٍ فائق إذ قال لها: "أنا هو القيامة والحياة. من آمن بي ولو مات فسيحيا. وكل من كان حياً وآمن بي فلن يموت إلى الأبد".

لكن من غير الله ينسب إلى نفسه صدقاً أن الموت والحياة يتوقّفان على الإيمان به، وأنه هو الحياة وهو القيامة؟ ومن يستطيع أن يصف أو يدرك مقدار التعزية التي حصلت للمؤمنين من هذا الكلام منذ قاله المسيح إلى هذا اليوم؟ وستحصل التعزية نفسها في المستقبل إلى أن يجيء بمجيئه الثاني العتيد المجيد، ويقيم بصوته جميع الذين في القبور. لما سأل مرثا: "أتؤمنين بهذا؟" أجابت: "نعم يا سيد، أنا قد آمنت أنك أنت المسيح ابن الله الآتي إلى العالم". فكان كلامها الأول زهر الإيمان، وهذا الثاني ثمره الذي نضج سريعاً.

"وَلَمَّا قَالَتْ هذَا مَضَتْ وَدَعَتْ مَرْيَمَ أُخْتَهَا سِرّاً، قَائِلَةً: "الْمُعَلِّمُ قَدْ حَضَرَ، وَهُوَ يَدْعُوكِ". أَمَّا تِلْكَ فَلَمَّا سَمِعَتْ قَامَتْ سَرِيعاً وَجَاءَتْ إِلَيْهِ. وَلَمْ يَكُنْ يَسُوعُ قَدْ جَاءَ إِلَى الْقَرْيَةِ، بَلْ كَانَ فِي الْمَكَانِ الَّذِي لَاقَتْهُ فِيهِ مَرْثَا. ثُمَّ إِنَّ الْيَهُودَ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهَا فِي الْبَيْتِ يُعَزُّونَهَا، لَمَّا رَأَوْا مَرْيَمَ قَامَتْ عَاجِلاً وَخَرَجَتْ، تَبِعُوهَا قَائِلِينَ: "إِنَّهَا تَذْهَبُ إِلَى الْقَبْرِ لِتَبْكِيَ هُنَاكَ". فَمَرْيَمُ لَمَّا أَتَتْ إِلَى حَيْثُ كَانَ يَسُوعُ وَرَأَتْهُ، خَرَّتْ عِنْدَ رِجْلَيْهِ قَائِلَةً لَهُ: "يَا سَيِّدُ، لَوْ كُنْتَ ههُنَا لَمْ يَمُتْ أَخِي". فَلَمَّا رَآهَا يَسُوعُ تَبْكِي، وَالْيَهُودُ الَّذِينَ جَاءُوا مَعَهَا يَبْكُونَ، انْزَعَجَ بِالرُّوحِ وَاضْطَرَبَ، وَقَالَ: "أَيْنَ وَضَعْتُمُوهُ؟" قَالُوا لَهُ: "يَا سَيِّدُ، تَعَالَ وَانْظُرْ". بَكَى يَسُوعُ. فَقَالَ الْيَهُودُ: "انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ يُحِبُّهُ". وَقَالَ بَعْضٌ مِنْهُمْ: "أَلَمْ يَقْدِرْ هذَا الَّذِي فَتَحَ عَيْنَيِ الْأَعْمَى أَنْ يَجْعَلَ هذَا أَيْضاً لَا يَمُوتُ؟" (يوحنا 11:28-37).

عند ذلك طلب المسيح من مرثا أن يرى أختها أيضاً. وانتظر حيث كان، بينما أسرعت مرثا إلى البيت وأخبرت مريم سراً بطلب المسيح. فلما قامت حالاً وخرجت، تبعها المعزون لأنهم ظنوا أنها تحتاج إلى من يلطِّف حزنها ويوقف بكاءها عند قبر أخيها. فكان لعملهم هذا فائدة عظمى، إذ رأى خصوم المسيح على غير قصدٍ منهم أعجب معجزاته كافة. وبعد أن رأوا إقامة لعازر من قبره يستحيل عليهم الشك أو الإنكار.

نتخيل هذا الموكب الوقور سائراً بسرعة من البيت إلى المقبرة تتقدمه الأختان الحزينتان. ثم ارتباك هؤلاء اليهود، لما فوجئوا برؤية المسيح الذي يبغضونه ويطلبون موته، ورأوا المرأة التي يتبعونها تسجد عند قدميه، وتصرخ كما صرخت أختها قبلها: "يا سيد، لو كنت ههنا لم يمت أخي". هو كلامٌ كانتا بلا شك تردّدانه كثيراً في الأربعة الأيام الأخيرة. ليس في كلامهما تلويم للمسيح على تأخيره في المجيء، لأن أخاهما مات يوم ذهاب رسولهما، فلم تقولا: "لو جئت" بل "لو كنت ههنا". تكلمت مريم ثم انفجرت ومعها الجميع بكاءً وعويلاً.

تحركت عواطف المسيح الرقيقة "وانزعج بالروح واضطرب". والمعنى الأصلي للكلمة اليونانية "انزعج" هو "اغتاظ". اغتاظ المسيح وهو يرى أمامه عدوَّه إبليس في هذه الساعة، كما كان يفعل كثيراً، لأنه يعلم أن إبليس هو السبب الأعظم للشقاء والبكاء والموت في العالم. ثم سأل عن مكان الدفن. فأجابوه: "يا سيد، تعال وانظر" فمشى معهم ودموعه تتساقط بهدوء حتى قال اليهود: "انظروا كيف كان يحبه".

ربما نتعجب كيف بكى مع أنه كان ذاهباً ليقيمه من قبره ويردَّه إلى بيته. فلماذا لم يكن مبتهجاً؟

لا يبتهج وأحباؤه مكتئبين، فهو يقدّم للعالم قدوة المواساة اللطيفة الصادقة، فبكى مع الباكين كما فرح مع الفرحين، بكى لأنه رأى في هؤلاء الباكين مثالاً لبكاء البشر جميعاً. بكى لشعوره مع البشر في مصائبهم التي لا تُحصى. فتعجب الرؤساء الحاضرون كيف لم يستعمل هذا الباكي قدرته المعهودة في شفاء شخص يحبه بهذا المقدار. وكان قد شفى أمام أعينهم من مدة قصيرة إنساناً غريباً في أورشليم ولد أعمى. فكيف لم يشْفِ حبيبه لعازر ويمنع عنه الموت؟

"فَانْزَعَجَ يَسُوعُ أَيْضاً فِي نَفْسِهِ وَجَاءَ إِلَى الْقَبْرِ، وَكَانَ مَغَارَةً وَقَدْ وُضِعَ عَلَيْهِ حَجَرٌ. قَالَ يَسُوعُ: "ارْفَعُوا الْحَجَرَ". قَالَتْ لَهُ مَرْثَا، أُخْتُ الْمَيْتِ: "يَا سَيِّدُ، قَدْ أَنْتَنَ لِأَنَّ لَهُ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ". قَالَ لَهَا يَسُوعُ: "أَلَمْ أَقُلْ لَكِ: إِنْ آمَنْتِ تَرَيْنَ مَجْدَ اللّهِ؟". فَرَفَعُوا الْحَجَرَ حَيْثُ كَانَ الْمَيْتُ مَوْضُوعاً، وَرَفَعَ يَسُوعُ عَيْنَيْهِ إِلَى فَوْقُ، وَقَالَ: "أَيُّهَا الْآبُ، أَشْكُرُكَ لِأَنَّكَ سَمِعْتَ لِي، وَأَنَا عَلِمْتُ أَنَّكَ فِي كُلِّ حِينٍ تَسْمَعُ لِي. وَلكِنْ لِأَجْلِ هذَا الْجَمْعِ الْوَاقِفِ قُلْتُ، لِيُؤْمِنُوا أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي". وَلَمَّا قَالَ هذَا صَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: "لِعَازَرُ، هَلُمَّ خَارِجاً" فَخَرَجَ الْمَيْتُ وَيَدَاهُ وَرِجْلَاهُ مَرْبُوطَاتٌ بِأَقْمِطَةٍ، وَوَجْهُهُ مَلْفُوفٌ بِمِنْدِيلٍ. فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: "حُلُّوهُ وَدَعُوهُ يَذْهَبْ" (يوحنا 11:38-44).

لما أتوا إلى القبر تجدد انفعال المسيح ثانية بانزعاج الغيظ، لأنه زاد اقتراباً عند القبر من خصمه الروحي إبليس، ومن المصارعة القوية معه لخطف فريسة الموت من قبضته، لأنه يقابله الآن عند القبر الذي هو أمنع معاقله.

كان على باب المدفن حجر كبير يجب رفعه. وبما أن الواقفين يقدرون أن يرفعوه لم يرفعه المسيح بمعجزة. وفي هذا نموذج للخلاص. لا يجوز أن يتوقف الخاطئ عن العمل المطلوب منه، بحجة أنه ينتظر العمل الإلهي العجيب، بل كما يشترط المسيح لإقامة الميت أن يدحرج الناس الحجر، يشترط على الخاطئ أن يتوب ويؤمن قبل أن يخلصه من خطيته.

أما مرثا صاحبة الكلمة في أمر الفقيد، فاعترضت على رفع الحجر عن باب القبر بدافع الشك والاحترام، لأنها لم تشأ أن ترى جسد أخيها بعد أن بدأ فيه الفساد والفناء، وقالت: "يا سيد قد أنتن، لأن له أربعة ايام". فقابلها المسيح بتوبيخ لطيف في جوابه: "ألم أقُل لك إن آمنت ترين مجد الله؟".

ولما فتحوا باب القبر كان عمل المسيح الأول تحويل أفكار الحاضرين إلى أبيه الجالس على عرش الكون. الذي هو مرتبط معه ارتباطاً خوّله حقَّ القول في وقت آخر: "أَنَا وَالْآبُ وَاحِدٌ" (يوحنا 10:30) لقد أراد أن يعرِّف كل الحاضرين أنه لا يعمل عملاً مستقلاً عن الآب، ليُظهر اشتراك الآب معه في كل ما يعمله، فرفع عينيه إلى فوق وقال: "أيها الآب أشكرك لأنك سمعت لي". ثم لكي لا نتصور أنه يصلي كأحد الأنبياء الذين ينالون أحياناً ما يطلبونه، وأحياناً لا ينالونه، قال في صلاته: "أنا علمت أنك في كل حين تسمع لي". ولكي لا يظنوا أن صلاته كانت لاحتياج فيه، كأنه عاجز في ذاته، وقال: "ولكن لأجل هذا الجمع الواقف قلت، ليؤمنوا أنك أرسلتني" والقاعدة لكل من يريد أن يخاطب موتى الذنوب والخطايا أن يخاطب الله أولاً في الصلاة لأجلهم، كما فعل المسيح في هذه الساعة.

ثم عند نهاية صلاته صرخ بصوت عظيم قائلاً: "لعازر، هلم خارجاً".

وقد أشعر الصوت العظيم الحاضرين بعظمة العمل وصعوبته، وذكّرهم أن النفس غير موجودة في هذا القبر، وأنه يناديها عن بُعد من وراء القبر. فعند هذا الصراخ السلطاني خرج الميت من قبره لابساً أكفانه التي قيَّدت حركته. فأمرهم المسيح: "حلُّوه ودعوه يذهب". فصحَّت الآن النبوَّة التي نطق بها: "اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ وَهِيَ الْآنَ، حِينَ يَسْمَعُ الْأَمْوَاتُ صَوْتَ ابْنِ اللّهِ، وَالسَّامِعُونَ يَحْيَوْنَ" (يوحنا 5:25).

"فَكَثِيرُونَ مِنَ الْيَهُودِ الَّذِينَ جَاءُوا إِلَى مَرْيَمَ، وَنَظَرُوا مَا فَعَلَ يَسُوعُ، آمَنُوا بِهِ. وَأَمَّا قَوْمٌ مِنْهُمْ فَمَضَوْا إِلَى الْفَرِّيسِيِّينَ وَقَالُوا لَهُمْ عَمَّا فَعَلَ يَسُوعُ. فَجَمَعَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْفَرِّيسِيُّونَ مَجْمَعاً وَقَالُوا: "مَاذَا نَصْنَعُ؟ فَإِنَّ هذَا الْإِنْسَانَ يَعْمَلُ آيَاتٍ كَثِيرَةً. إِنْ تَرَكْنَاهُ هكَذَا يُؤْمِنُ الْجَمِيعُ بِهِ، فَيَأْتِي الرُّومَانِيُّونَ وَيَأْخُذُونَ مَوْضِعَنَا وَأُمَّتَنَا". فَقَالَ لَهُمْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، وَهُوَ قَيَافَا، كَانَ رَئِيساً لِلْكَهَنَةِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ: "أَنْتُمْ لَسْتُمْ تَعْرِفُونَ شَيْئاً، وَلَا تُفَكِّرُونَ أَنَّهُ خَيْرٌ لَنَا أَنْ يَمُوتَ إِنْسَانٌ وَاحِدٌ عَنِ الشَّعْبِ وَلَا تَهْلِكَ الْأُمَّةُ كُلُّهَا". وَلَمْ يَقُلْ هذَا مِنْ نَفْسِهِ، بَلْ إِذْ كَانَ رَئِيساً لِلْكَهَنَةِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ، تَنَبَّأَ أَنَّ يَسُوعَ مُزْمِعٌ أَنْ يَمُوتَ عَنِ الْأُمَّةِ، وَلَيْسَ عَنِ الْأُمَّةِ فَقَطْ، بَلْ لِيَجْمَعَ أَبْنَاءَ اللّهِ الْمُتَفَرِّقِينَ إِلَى وَاحِدٍ. فَمِنْ ذلِكَ الْيَوْمِ تَشَاوَرُوا لِيَقْتُلُوهُ" (يوحنا 11:45-52).

كانت هذه المعجزة برهان صحة إرسالية المسيح السماوية وصدق تعليمه، وأقنعت كل من عنده قابلية ليقتنع بالحق. ومع ذلك لم يؤمن أغلب الموجودين بل ازدادوا قساوة وبغضاً، بتأثير رؤيتهم هذا البرهان القاطع. وقصدوا أن يكذّبوا قول المسيح إنه القيامة ومانح الحياة، بقضائهم عليه بالإعدام. فعقدوا جلسة خصوصية لمجمعهم الكبير للنظر في الظروف الجديدة التي أوجدتها إقامة لعازر من قبره، فاعترفوا أنه كان يعمل آيات كثيرة. فإن تركوه، يؤمن به الجميع بتأثير شخصه وتعليمه وآياته، فتحدث فتنة سياسية ضد الحكم الروماني، تحرِّك غضب الحكام وتجعلهم يُهلكون الأمة أو يبدّدونها بالسبي. وكانت هذه الجلسة توفيقاً عظيماً للدعوة المسيحية، لأنها أتت بشهادة جلية من خصوم المسيح.

في غضون الجلسة تكلم رئيسها قيافا (رئيس الكهنة) كلاماً نبوياً، أنطقه به الروح الإلهي على غير فهم منه. قال: "أنتم لستم تعرفون شيئاً، ولا تفكرون أنه خيرٌ لنا أن يموت إنسان واحد عن الشعب ولا تهلك الأمة كلها". قصد قيافا في كلامه نصيحة أن يقتلوا المسيح لئلا تهلك الأمة بسببه، وقصد الروح القدس الذي تكلم بواسطته أن يبيّن أن موت المسيح كان كفارة عن الأمة، وليس عن الأمة فقط بل "ليجمع أبناء الله المتفرِّقين إلى واحد".

كان قيافا، وأكثر رؤساء الكهنة، من طائفة الصدوقيين الذين ينكرون القيامة وعالم الأرواح، لذلك كانت إقامة لعازر من الموت ضربة مؤلمة عليهم، لأنها أعلنت للجميع فساد تعليمهم، الأمر الذي جعلهم يتّحدون مع خصومهم الفريسيين ليُهلكوا المسيح. ولا غرابة أن هذه القيامة مهدت الطريق كثيراً لتصديق قيامة المسيح الذي أقام لعازر، والتي حدثت بعد شهرين. ولا سيما أن المسيح لم يرقد في قبره المدة التي رقدها لعازر في قبره.

لم يصبر مجمع السنهدريم إلى جلسة أخرى، بل أصدر قراراً رسمياً بقتل المسيح، وهو أمر حاولوه مراراً من قبل لكن على غير جدوى، ولكنهم أخذوا يسعون من الآن أن ينفذوه بموجب مستند رسمي مصدَّق من مجمع السنهدريم، الذي لا يُستأنَف حكمه.


السبع عبارات التى قالها السيد المسيح على الصليب


كلمـــات المسيـــح السبع على الصليب

الكلمة الأولى-" يا أبتاه اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون" ( لوقا 23: 34).

الكلمة الثانية-"الحق أقول لك: إنك اليوم تكون معي في الفردوس"( لوقا 23: 43).

الكلمة الثالثة- قال لأمه: " يا امرأة، هوذا ابنك" ثم قال للتلميذ: " هوذا أمك" ( يوحنا 19- 26و 27).

الكلمة الرابعة - " إلهي إلهي، لماذا تركتني؟" ( متى 27: 46).

الكلمة الخامسة - " أنا عطشان" (يوحنا 19: 28).

الكلمة السادسة - " قد أُكمِل" ( يوحنا 19: 30).

الكلمة السابعة - " يا أبتاه، في يديك أستودع روحي" ( لوقا 23: 46

أيّد ادا أنه لا يوجد في هذا العالم حقٌ صراح أكثر من الله. وتبيّن أنه لا يوجد هادٍ إلى الله غير المسيح لأنه صورة الله ورسم جوهره. وأعظم رسالةٍ للمسيح هي الصليب، وأن ما قاله المسيح من على الصليب هو توضيح عظيم لرسالته المباركة. وبديهي أن الكلمات السبع التي تحدث بها وهو على الصليب، عن معضلات الحياة وما وراء الحياة، هي فصل الخطاب، وعندها مقطع الحق. ومن غير المسيح يمكن أن ينطق هو مثل الموقف الذي كان فيه؟

إن الكلمات السبع على الصليب هي البرهان الناصع على أن الشخص المعلَّق على الصليب هو المسيح نفسه. فلا يمكن لسواه أن يقولها، ولا يمكن لشبيهٍ به، مهما يكن، أن يقولها.

ولذلك رأيت خدمةً لهذا الحق المطلق أن أقضي أيامي في تأمل هذه الكلمات، التي ليس لحسنها نهاية. وكل ما أصبو إليه هو أن يبلغ القراء إلى الطريق ويحظوا بالحق ويستمتعوا بالحياة التي في المسيح. وكلنا يقين أنه متى استقر حق المسيح في النفوس كان له الأثر الفعال في تجديد الأفراد والشعوب. ومتى سار الناس على نور الصليب الباهر، في خطوات التواضع والحق والرحمة سارت سفينتهم بأمنٍ في الدنيا والآخرة.

سدّد الله خطانا إلى أسباب السعادة ومناهل الهناءة والسلام.

المؤلف


الكلمة الأولى
" يا أبتاه اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون" ( لوقا 23: 34).

لنتقدم بكل اتضاع إلى الجلجثة، ولننظر بخشوع إلى المصلوب فنرى ما لم يخطر على بال! لقد عصب أعداؤه رأسه بأكليل الشوك، ولكن ما أرهب الجلال الذي على جبينه! علّقوه على الصليب فكان الصليب رايةً لإعلان مجده الأدبي والروحي. صرخوا للحاكم قائلين: " اصلبه" أما هو فصرخ إلى الله قائلاً : " اغفر لهم".

يا لها من كلمة!
إنها كلمة محبةٍ في ضوضاء البغضة، وكلمة هدوءٍ في أعاصير الألم، وكلمة صلاحٍ في أروع مظاهر الفجور، وكلمة ثقةٍ، لأن المسيح لم يُمت بيد أعدائه بل مات عنهم. وهي كلمة محتضرٍ في سلطانه مفاتيح الحياة، وكلمة متّهمٍ يُصدر حكم العفو الملكي، وكلمة ختم عملي لما علَّم به من الصفح عن السيئات، وكلمة إنجازٍ لما هو مكتوبٌ " إنه شفع في المذنبين" ( اشعياء 53: 12)، وكلمة عظمة واقتدار في ثياب الضِّعة والضعف.
كان عظيماً يوم تكلم بالقوة في سيناء، حيث تقدَّمته الرعود وحفّ به الضياء. ولكنه صار أعظم، يوم تكلم بالحب في الجلجثة وهو مسمَّرٌ على الصليب مثخنٌ بالجراح. فعظيمٌ هو دينُ العدل الخالي من العفو، ولكن أعظم هو دينُ الرحمة الغافرة، دين " الدم الذي يتكلم أفضل من هابيل" ( عبرانيين 12: 23).

لقد رُفع الصليب كمذبحٍ، وعُلّق عليه المسيح كذبيحة. وكم نتعجب من أول كلمةٍ دشَّن المسيح بها هذا المقام الكهنوتي العظيم. وتعجُّبنا من طلبه الغفران لأعدائه لا يقِلّ عن تعجُّبنا من الحُجّة التي دعم بها هذا الطلب. فلنتأمل في الأمرين:

1- ما أجمل وأعجب الطلب الذي رفعه المسيح للآب عن أعدائه: " اغفر لهم يا أبتاه". إنه طلب نعمةٍ فياضة لغير المستحقين، الذين قابلوا المحسن البار مقابلة الوحوش الضارية. وهو طلب حكمة فائقة تتلمَّس العذر للجُناة من محيط وظروف الجناية. وهو طلبٌ عظيم للغاية، لأنه لا يتضمن طلب مالٍ أو حرية سياسية أو غير ذلك، بل يطلب أعظم شيء في الوجود: الغفران الذي يؤهل أصحابه للاشتراك في الأمجاد السماوية!
إنه طلبٌ حماسيٌ، لأنه لم يتقدم بعد قرن أو سنة أو يوم، بل تقدم في حال وقوع الذنب نفسه! فهو طلبٌ من طبيعةٍ إلهية، وضع كمَثَلٍ أعلى لتنسج البشرية المتعصبة خيوط الصفح على منواله. فإن المسيح لم يمت ليكون فقط كفارة عن خطايانا، بل مات أيضاً ليترك لنا مثالاً نقتفي أثر خطواته. فلنقف صامتين خاشعين أمام المسيح وهو مخضّب بدمائه، رابط الجأش، يرِقّ لأعدائه ويصفح عنهم الصفح كله، لنرى هل ارتفعنا إلى شرف التمثُّل به في الصفح عن أعدائنا؟ ليت منظر الصليب يذيب قلب الإنسان المتحجّر على أخيه الإنسان، فلا يبقى فينا إلا الصفح والمحبة.
ولكن ليكن صفحنا ليس عن بلادةٍ وجمود، كمن لا تؤلمه غضاضةٌ أو يمضُّه هوان. وليس عن سياسةٍ ودهاء، كمن يتحيّن الفرص للانتقام. وليس عن تهذيبٍ إنساني، حباً للظهور بمظهرٍ حضاري. وليس عن استسلامٍ أعمى ينشأ عنه الضرر. وليس عن اضطرارٍ نتيجة الضعف الذي لا يدفع.
ولكن ليكن صفحنا عن رقةٍ في الشعور، مجانياً إطاعة لأمر الله، ومحبةً لخير المذنب، وصفحاً على مثال السيد المسيح وأتباعه الأمناء، كما حدث عندما كان اليهود يرجمون استفانوس وهو يصلي: " يا رب لا تُقِم لهم هذه الخطية"( أعمال 7: 60).

هزأ ملكٌ وثني بمسيحي تحت آلة التعذيب بين حي وميت. وقال له: " أخبرني يا تابع المسيح، ما هو أعظم عمل عمله لك المسيح". فأجاب: " أعطاني القوة لأسامحك رغم ما عاملتني به من قسوة مخيفة!" وقيل لرجلٍ: " لديك فرصة سانحة للانتقام من عدوّك". فأجاب: " نعم إنها فرصة! ولكن لا لسَلب كرامته أو ثروته أو حياته، بل لسَلب ما يملك من مَيْل رديء!" وشهد لصٌ أمام محكمة أنه صوّب بندقيته على عدوٍ له وأطلق النار. ودنا من النافذة ليرى قتيله، فإذا به يراه سالماً جاثياً على ركبتيه يطلب الرحمة لطالب نفسه. فارتعب اللص ولم يقدر أن يُعيد إطلاق النار، وهرب مذعوراً، ولم يعرف أين هو حتى وقع في يد الشرطة! وهجم الصينيون في حرب البوكسر على أحد المرسلين ليقتلوه، فطلب منهم إمهاله حتى يكتب رسالةً لزوجته يُعرّفها باستشهاده، ويحضّها على أن ترسل ابنه إلى الصين بعد أن يُتم دراسته ليُكمل توصيل بُشرى الإنجيل لأهل الصين. ثم قُتل وطُرح للكلاب. ولكن روحه المتسامحة النبيلة أثرّت في أحد الجنود فآمن وصار قائداً مسيحياً مشهوراً.

لقد أثّرت صلاة المسيح الشفاعية على كثيرٍ من البشر في كل العصور والأمصار، فتحولوا من الانتقام إلى التضحية، ومن الترفُّع إلى الخدمة والإخاء.

2- وبما أن الشفقة والإخلاص هما عنوان روح المسيح، لذلك دعم طلبه بحجة بديعة ساطعة: " لأنهم لا يعملون ماذا يفعلون!". فهي حجةٌ تدل على براعة المحامي، لأن الجناية ثابتةٌ على الجناة. ومع ذلك فالمجني عليه يرى بعين الرحمة أنهم أساءوا إليه وهم يجهلون حقيقة شخصه، ويتدرج من ذلك إلى التماس العذر لهم، معتبراً أن هناك تفاوتاً في أنواع الجرائم، فليس الذي يخطئ بجهلٍ كالذي يتعمد إيقاع الخطأ.
كان بنو إسرائيل حكماء في أشياء كثيرة، ولكنهم من جهة المسيح كانوا في جهلٍ مطبق، فقد جهلوا مجده الإلهي بسبب ما رأوا فيه من مظاهر التواضع والضعف الإنساني و " لو عرفوا لما صلبوا رب المجد" ( 1كورنثوس 2: 8). وجهلوا النبوات عنه لإهمالهم دراسة كتبهم المقدسة بقلب مفتوح، ولسماعهم تفاسير معلّميهم المغلوطة. ولو أنهم فتشوا كتبهم لوجدوا فيها حياةً أبدية، لأنها تشهد للمسيح ( يوحنا 5: 39). وجهل اليهود حقيقة دعوى المسيح أنه المخلِّص المنتظَر بسبب ما رأوه من عداوة كهنتهم ورؤسائهم له وتحريضهم على قتله كثائر مجدف. وجهلوا مجد صلاحه وبرّه لأن ظلمة الخطية أعمت عيونهم، فكانوا كمريضٍ محموم يهزأ بطبيبه.
وبما أن الجهل يعقبه الخطر الداهم، كالخطر الذي يصيب رجلاً جاهلاً يلعب بالنار في مخزن البارود، فقد رأى المسيح ما سيحل باليهود عقاباً لجهلهم فطلب رفع هذا العقاب.
ومع أن الناس اليوم تقدموا في العلوم ونبغوا في الاختراعات والاكتشافات واتسعت دائرة معرفتهم، إلا أن نظرهم لا يزال قصيراً من جهة الخطية، فهم يستخفون بها ويرونها أقل بكثير مما هي. فمنهم من يخطئ ويستر خطأه بالقول إن نيته كانت سليمة. ومنهم من يخطئ ويتعلل بتفسيرات سخيفة مغلوطة لبعض آيات الكتاب المقدس، ويجعل من هذه التفسيرات عكاكيز يسير عليها في طريق الخطأ. ومنهم من يخطئ وهو يتّخذ ضعف الطبيعة البشرية وِسادة يستريح عليها. ومنهم من يخطئ وهو يقارن بينه وبين غيره من الخطاة ويجعل من هذه المقارنة منظاراً يصغّر به خطاياه الخاصة. ومنهم من يخطئ لتأخُّر القصاص عنه فلا يزيد تفكيره عن تفكير النعامة التي إذا رأت الصياد خبأت رأسها في الرمل، وهي تظن أنها في أمان، مع أنها في قلب الخطر.
ولا شك أن الخطية شرٌ أكثر مما يمكن لبشرٍ أن يتصوَّر! أليست هي التي تنبع من القلب النجس الذي يخدع الإنسان كمخدّر لا يُدريه شرَّ ما يفعله؟! أليست هي خطأ يُرتكب ضد قداسة الله وشريعته؟ أليست هي التي لم يكن لها دواء إلا كفارة الصليب؟ أليست هي التي أوجدت عذابات الجحيم الأبدية؟ أليست هي التي تُلقي في أتون نار الضمير المحمَّى سبعة أضعاف؟ أليست هي التي تنغّص الحياة وتجلب شتى البلايا علينا وعلى مَن هم حولنا؟
فمن يعمل الخطية بجهلٍ هو كمن يضع يديه على عينيه ويسير إلى حفرة عميقة وهاوية سحيقة.

****

ليت صلاة المسيح الشفاعية تقرع كأجراس عالية في آذاننا ليكون لنا، على مثال المسيح، قصدٌ روحي نحو العالم ومطمع كبير غير محدود لخلاص الجميع حتى ألدّ أعدائنا وأشد مقاومينا، ولنرحب بغير المسيحيين ترحيباً عاماً، فنقوم بأعمالٍ نشيطة جدية، وندعوهم لنوال الخلاص المشترك.
ألم يتأثر المسيحيون الأولون بمثال المسيح، فكانوا يسيرون صفوفاً صفوفاً يرنمون بخشوع إلى السجن وإلى أفواه الأسود، وهم يرون السماء أمامهم ويطلبون الرحمة لأعدائهم؟
يقول الجهلاء إن الجو الآن غير ملائم لتبشير الملايين المحيطين بنا. ولكن هؤلاء الملايين يخلقون من حولنا جواً مملوءاً بالعداوة والفجور أكثر مما عمل اليهود مع المسيح. والمسيح يطالبنا أن نقوم في الحال ونعمل بكل نشاط لنقودهم للخلاص. فلنقُم ونكمل بكرازتنا نقائص شدائد المسيح (كولوسي 1: 24) فيكون لنا من عمل المسيح وسعيه لخلاص العالم أسوة تُقتفى ومثالاً يُحتذى.

ثم أرجو أن ينتبه الذين يعيشون في خطاياهم إلى التحذير المخيف المصرَّح به في هذه الصلاة. ألم يلتمس المسيح عذراً للذين يخطئون بجهالة؟ إذاً مَن يخطئون ضد النور بعد أن أخذوا معرفة الحق لا يبقى لهم عذرٌ لعفوٍ أو سببٌ لاستعطاف. والخطية درجات، وحذار أن يصلوا إلى نقطةٍ يبطل فيها عمل المسيح النيابي، إذ توجد خطية ليست للموت وتوجد خطية للموت لا رحمة لها ( 1يوحنا 5: 16).

واعلموا أن الصليب هو أظلم جناية ارتكبها العالم، فهو يكشف أصول الخطية. فمن شاء أن يقبل كفارة الصليب فهو يكرم ابن الله، ومن تكبّر ورفض كفارة الصليب فقد رفض ابن الله وزاد شراً عن قاتليه، فلا يُحسب دم المسيح له بل عليه.

الكلمة الثانية
" الحق أقول لك: إنك اليوم تكون معي في الفردوس". ( لوقا 23: 43).
إنها كلمة تروِّع الفؤاد عجباً وتملك الحواس طرباً، في كلمة الملك المنتصر في الموقعة الفاصلة! لقد استضعفوه بالصليب، ولكنه انتصر بالمحبة! وأحصوه مع أثمة، فأحصى الأثمة في بره! وجذبوه للموت فأحيا المائتين! وجعلوه بين اللصوص فسرق القلوب للحق! وأذاقوه الألم فصار ألمه فداءً! وقدموا له الشوك تاجاً فقدم لهم الفردوس مقاماً! وجعلوا الصليب مِعولاً لهدم دعواه فاتّخذه سُلّماً يبني عليه ملكوته!
كان رؤساء اليهود حسودين سقيمي الفهم فاتهموه لدى الحكومة الرومانية أنه ثائر ينادي بنفسه ملكاً ضد قيصر، وبهذه العلة سلطوا عليه بأس انتقامهم. ولم يكفهم أن يعذبوا جسده بالصليب حتى أحضروا معه لصين ليُصلبا على جانبيه تنكيلاً به، فتتألم نفسه وتنكسر من العار. وكان المشاهدون لهذا المنظر من يهود ورومان يستهزئون بهذا الملك الذي لا يقوى على تخليص نفسه من الصليب. ودفع هذا المصلوبين الثلاثة إلى تبادل الحديث.

أما اللص الأول فشاطر الجمهور آراءهم، وسأل على سبيل الاستهزاء: " إن كنت أنت المسيح، فخلص نفسك وإيانا". فانتهره زميله قائلاً: " أوَلاَ أنت تخاف الله إذ أنت تحت هذا الحكم بعينه! أما نحن فبعدلٍ ننال استحقاق ما فعلنا، وأما هذا فلم يفعل شيئاً ليس في محله". ثم بإدراكٍ دقيق لمقام المسيح، وشعورٍ صادق بالندم على ما سبق، وبروحٍ تنزع عن الفناء إلى البقاء قال للمسيح بكل اتضاع: " اذكرني يا رب متى جئت في ملكوتك". فأجابه المسيح: " الحق أقول لك، إنك اليوم تكون معي في الفردوس".

كان اللص الأول في طريق الموت وقلبه لا يذوب، كأنه قدّ من صخر. أما اللص الآخر فشعر أنه في موقفٍ حرج إذ حضرته الوفاة، فرأى أن ينتهز الفرصة ويُعِدّ للمستقبل عُدَّته.

وانصرف تفكير اللص الأول إلى انتهاء حياته، وودَّ لو يعود إلى الحياة الأرضية ويشاطر بسهم في ملكوت زمني، فخاب رجاؤه وطاش سهمه. أما اللص الآخر فتحوَّل شوقاً إلى العالم الآخر، ورجا أن يكون له أقل نصيبٍ في دائرة ملكوت السماء، فبلغ ما في نفسه وتحققت آماله.
كان اللص الأول على قيد شبرٍ من المخلص ومات هالكاً، لأنه بمحض إرادته أصرّ على عناده ومضى في غلوائه واتخذ اليهود أسوته. وكان اللص الآخر على مقربةٍ من المخلص فنال خلاصاً لأنه خشي الله وخضع لمشيئته، وآمن بالمسيح واتكل على رحمته.
كان اللص التائب مسمَّراً على الصليب فلم يبق فيه حراً إلا قلبه ولسانه، فآمن بقلبه واعترف بلسانه، فأجزل له المسيح العطاء بقوله: " الحق أقول لك أنك اليوم تكون معي في الفردوس".

وإننا نجد في هذه الكلمة السامية أربعة أمور هامة:

1- تأكيد عظيم : " الحق أقول لك".
قدَّم المسيح في وعده للص التائب عهداً مؤكداً بقوله: " الحق أقول لك" وهي العبارة التي استعملها مكان القسم، لينفض عن قلبه غبار الشك الذي قد يتسرَّب إلى الأذهان، نظراً للضعف الظاهري الذي بدا على مُقدِّم الوعد، وعدم استحقاق اللص الموعود، ولعظمة الوعد الذي يقدمه المسيح.
فالواعِد، كما هو ظاهر للعيان، مصلوبٌ لا يبدو قادراً على مدّ يد المساعدة لنفسه، فكيف يستطيع أن يساعد غيره!؟ إنه لا يملك إلا تاج الشوك، فمِن أين له تاج المُلك؟ وهو معلق على خشبة، فمِن أين له العرش؟ وهو متروك من الكل، فمِن أين له رعية؟ وها الموت قابضٌ عليه، فمتى يؤسس مملكته؟ إن علامات النهاية تظهر عليه، فكيف يكون أمير الحياة؟ يداه مسمّرتان، فكيف يملك مفاتيح الخلود؟ وهو في عُرف شريعة موسى ملعون، فمن أين له البركة للمجرمين؟
ولكن وراء كل هذه الأسئلة نجد في جواب المسيح للص يقيناً وتأكيداً يشف عن مجده الإلهي، فهو الذي تأنَّس وقبل أن يتألم عن أعدائه، حتى أن كل من يلقي عليه رجاءه يقبل منه توبته، ويمنحه السعادة في مملكة السماء.
وأما الموعود فبديهي أنه عديم الاستحقاق. أليس هو لصاً مجرماً ذاهباً إلى الموت، وليس له فرصة ليعمل خيراً؟ أليس ماضيه مليئاً بالشراهة التي تستبيح مال الغير، والقسوة التي تلغ دماء الناس، والكذب الذي يتستّر على الجريمة، والانحطاط الروحي الذي يسوقه للجري وراء المادة؟ ألم يعبث بالنظام الاجتماعي، ويثر الفتن التي تؤدي بالبلاد إلى الخراب؟ ولا زال وهو على آلة الإعدام ثائراً يمتلئ فمه بالتجديف؟! فأنَّى لهذا أن يصعد تواً إلى السماء ويرقى إلى قمة المجد؟

ولكن مع كل هذا نجد في جواب المسيح للص عهداً أكيداً حتى لا تعترضه شُبهة يأس أو يضعف في أمثاله الرجاء. وليس في الوعد لإصدار عفو حكومي عنه، أو إطالة عمره، أو تخليد ذكره، أو منحه ثروة. بل هو وعدٌ بمنح اللص التائب فوق ما تتصوَّره العقول! إنه يعده بما لم ترَ عين ولم تسمع به أذن أو يخطر على قلب بشر. لقد وعده بالدخول إلى الفردوس حيث عرش الله! ولما كان هذا حلماً بعيداً أعلى من السموات، وليس في طاقة البشر إعطاؤه أو نواله، قال له مؤكداً بعبارة " الحق أقول لك" حتى يبقى الوعد فوق ظل الشبهات. فـ "السماء والأرض تزولان ولكن كلام المسيح لا يزول" ( متى 24: 35).

2- وعدٌ عاجل: "اليوم"
" اليوم" يا للنعمة الغنية! لم يقُل له: يوم الدين، ولا بعد حقبة من الدهر، بل: " اليوم"! فوراً، وفي الحال.
وبهذا الوعد الكريم نقل المسيح اللص التائب من آلام الصليب إلى أمجاد الفردوس! ومن حصار المسامير إلى فسيح الحرية! ومن التعلق على خشبة إلى التفيّؤ بظلال النعيم! ومن هزء الساخرين إلى موسيقى الملائكة! ومن قسوة البشر التي تكسر عظامه إلى تعزيات الله التي تجبر نفسه.
أفليس هذا وعداً يجعل البِشْر يلمع في عينيه والسرور يتدفق من وجهه ولو أظله الموت؟
" اليوم". ما أعظم ما للإيمان من اقتدار! لم يكن اللص مؤمناً قبل اليوم، وليست له فرصةٌ للعمل بعد اليوم. ولكن بالإيمان الحالي نال البركة في الحال، فتحوَّل من باب الجحيم إلى باب السماء! في الصباح كان يسير مُجدفاً، وفي المساء كان يشترك مع جوقة الملائكة مرنماً. في الصباح كان يُساق كمجرم، وفي المساء أخذ يسير في طليعة الأبكار. بادر بالتوبة، فلم يبطئ المسيح عنه بالصفح. شهد للمسيح، فلم يستحِ المسيح أن يشهد له. خدم المسيح بكلمات محبة قليلة، فأعطاه المسيح ثقل مجدٍ وكرامة. طلب أن يذكره المسيح في المستقبل البعيد، فوجد في مخزن النعمة جواباً قريباً أسرع مما طلب. أتمّ شروط الخلاص في وقت وجيز فمتّعه المسيح بكل نتائج الخلاص أبد الدهر.
" اليوم". ما أعظم ما للكفارة من نتائج سريعة! فقد قال المسيح: " وأنا إن ارتفعت عن الأرض أجذب إليّ الجميع" (يوحنا 12: 32) فكان اللص من أول الجميع، ومن باكورة القطاف. فها دماء الفدية تقطر، واللص يُعتَق من عبوديته! وينابيع الخلاص تتفجَّر، واللص يَطهُر من خطاياه! الفادي يصل إلى الدرك الأسفل من العار، واللص يسمو إلى أوج الشرف!
كان الميثاق لآدم في الجنة: " يوم تأكل منها موتاً تموت" (تكوين2: 17). وأما ميثاق اللص في الجلجثة فكان: " اليوم تكون معي في الفردوس". هذا هو يوم الحياة المجانية " اليوم الذي صنعه الرب نبتهج ونفرح فيه" ( مزمور 118: 24).

3- شركةٌ مجيدة: " تكون معي"
نزل المسيح إلى مستوانا ليرفعنا إلى مستواه! فاسمه المحبوب " عمانوئيل" معناه " الله معنا". وبالفداء الذي عمله لأجلنا جعلنا في معيَّته دائماً، فصَلَبنا معه، وأقامنا معه، وأجلسنا معه في السماويات، وسيُحضِرنا معه، وسنملك معه. وبالإجماع وهبنا ويهبنا معه كل شيء.
عاش المسيح مع الخطاة، ومات بين الخطاة، ومن الخطاة أراد أن يستصحب لصاً تائباً يرجع به إلى السماء، فيكون معه كصديقٍ يريه أمجاده، فقد صلى: " أيها الآب، أريد أن هؤلاء الذين أعطيتني يكونون معي حيث أكون أنا، لينظروا مجدي الذي أعطيتني، لأنك أحببتني قبل إنشاء العالم" ( يوحنا 17: 24). وأراد المسيح للص التائب أن يكون معه كأخٍ يشاركه طبيعة القداسة والمجد. وبما أننا أبناء فنحن ورثة، ورثة الله ووراثون مع المسيح (رومية 8: 17).
وأراده المسيح أن يكون معه كزميل في الانتصار، يحقّق له وعده: " من يغلب فسأعطيه أن يجلس معي في عرشي، كما غلبتُ أنا وجلست مع أبي في عرشه" (رؤيا 3: 21). وأراده أن يكون معه كخادم يعطيه مكافأته، فيتحقق الوعد الصادق: " إن كان أحدٌ يخدمني فليتبعني، وحيث أكون أنا هناك أيضاً يكون خادمي. وإن كان أحدٌ يخدمني يكرمه الآب" ( يوحنا 12: 26). وبالجملة أراد المسيح للص التائب أن يكون معه ليصل إلى غاية السعادة، فيهتف بانتصارٍ: " لي اشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح. ذاك أفضل جداً" (فيلبي 1: 23).
فلا يخَفْ أحدٌ من أن يرفضه المسيح أو يأبى أن يكون معه، ولكن الخوف كل الخوف هو أن نتقسّى نحن بغرور الخطية وننفصل من الوجود معه.
أما اللص فالتصق بالمسيح كطالبٍ لرحمته وشريكٍ لآلامه وشاهدٍ لبِرّه، في وقتٍ لم يقف مع المسيح أحد. ولأنه تألم معه تمجَّد أيضاً معه (رومية 8: 17).

4- نعيمٌ مقيم: " في الفردوس"
الفردوس كلمة فارسية معناها " جنة ملوكية" استعملها كتبة الوحي مجازاً للتعبير عن مكان الأرواح بعد خروجها من هذا العالم وهي في حالة انتظار يوم القيامة. وكما أن الذي يدخل فردوساً أرضياً يستظل بأشجاره الظليلة، ويشبع من قطوفه الدانية، ويرتوي من جداوله الجارية، وينتعش من نسيمه العليل، كذلك في فردوس السماء تجد النفس كل راحة وسعادة بين يدي خالقها " وترجع الروح إلى الله الذي أعطاها" ( جامعة 12: 7). وكما أن آدم وهو في فردوس عدن كان يتمتع بالسلام والبر والبساطة والشركة المقدسة مع الله، كذلك النفس في الفردوس السماوي تلبس صورتها الأصلية في البر وقداسة الحق، وترفل في حلل السعادة والسلام.
عُرف الله في الفردوس الأول أثر عمله كخالق، وأما في الفردوس الثاني فيُعرف فيه الله على أثر عمله كفادٍ. الفردوس الأول كان دور الامتحان، والثاني معقل الانتصار. الأول طُرد منه الإنسان وقد ابتلّت وجنتاه بالدموع، والثاني رُدَّ إليه الإنسان بمظاهر الابتهاج، فوضع الله يد المِلكيّة عليه، ومنحه من جديد ثمرة شجرة الحياة ببر المسيح إلى الأبد، فتحقق له الوعد: " من يغلب فسأعطيه أن يأكل من شجرة الحياة التي في وسط فردوس الله" رؤيا 2: 7).

وبما أن الرسول بولس استعمل كلمة الفردوس مرادفة لكلمة " السماء الثالثة" حيث مناظر الرب وإعلاناته، وحيث اختُطف هو في غيبةٍ، وسمع كلماتٍ لا يُنطق بها ولا يسوغ لإنسان أن يتكلم بها، فنعلم أن سعادةً لا توصف تنتظرنا هناك. فإذا سألنا : أين الفردوس؟ فالجواب الذي لا شك فيه هو " حيث يكون المسيح"! وإن سألنا : ما هو الفردوس؟ فالجواب هو أن نكون دائماً مع ربنا وعلى شاكلته تماماً! وبما أن اللص كان ( على ما يُظن) من المجرمين السياسيين، وكان يدافع عن الوطن الأرضي لقومه، فقد أنار المسيح ذهنه ليكون توّاقاً لما هو أفضل : للوطن السماوي.

الكلمة الثالثة
" فلما رأى يسوع أمه، والتلميذ الذي كان يحبه واقفاً، قال لأمه:" يا امرأة، هوذا ابنكِ" ثم قال للتلميذ: " هوذا أمك" ( يوحنا 19: 26و 27).
هلموا انظروا ابناً باراً، في عنفوان الشباب وربيع العمر، يموت مصلوباً على مرأى ومسمع من أمه الحزينة، وهي تسكب أقدس مشاعر الأمومة المتألمة. هجرت النوم وجفت الرقاد، لأن اليهود قبضوا على ابنها وجرّوه للمحاكمة دون أن يجني ذنباً أو يأتي إثماً.
وسارت وراءه بخطى واسعة، ولكن ازدحام الجماهير الهائجة المائجة حال دون أن تراه أو تلحق به! ولما وصلت مكان تنفيذ الحكم الظالم، تحيط بها بعض النساء المخلصات، يزاملهن يوحنا الحبيب، وقفت من بعيد! هناك سمعت الأم دقات المسامير في جسد ابنها العزيز! وسمعت تعييرات المعيّرين وهزء الساخرين، ورأت ابنها يُعلَّق عرياناً على خشبة، فوق رابية عالية في الشمس المحرقة، ورأت أربعة حراسٍ يقتسمون ثيابه ثم يلقون قُرعةً على قميصه! فدفعتها العاطفة إلى الأمام، فشقَّت مع زميلاتها صفوف الأعداء، يتبعهن يوحنا، ووقف الجميع بجوار الصليب!
هناك وقعت العين على العين وقعاً يفطر القلوب، والتقت النظرات بالنظرات لقاءً يشق الأفئدة! وفي صمتٍ رهيب تبادلا بتبادل اللحظات مأساة الحب ولوعة الألم، فكانت دموعها المنهمرة تزيد لّجة آلامه، وكانت دماؤه الجارية تعج في بحر آلامها!
صمتوا لأنهم عاجزون. أما هو فحتى في أوجاع موته لم ينسَ مواساة الغير، فالتفت يوصي والدته بيوحنا، ثم ليوصي يوحنا بوالدته. فجاءت تلك الوصية مرآة جلية تُظهر لنا الموصي في عظمة طبيعته الفائقة، والموصَى والموصَى بها في أجمل خُلُقهما وأكرم فضلهما.

1- الموصِي: المسيح له المجد
عاطفته:
هذا هو الإنسان الكامل في أنبل عواطف الإنسانية، فآلامه المريرة لم تحجز محبته الفائقة، وإذ رأى والدته تبكي نسي آلامه في بحر دموعها. ومع أنه كان يجوز أعظم أزمة في تاريخ الكون، وقد تصدّى لها بحمل أشد الألم ليكفّر عن خطايا البشر، إلا أنه لم يهمل واجباته البنويّة، ولم يؤجل وصيته إلى ما بعد القيامة، بل أكرم والدته علانيةً من فوق الصليب، حيث جاءت في غير خجلٍ من ابنها المصلوب.
لقد عرف صعوبة وقوف أمه بجوار الصليب، ولم يُرِد أن يُجهدها أكثر أو يثير عواطفها، فلم ينادها: " يا أماه" حرصاً على شعورها عند سماع هذه الكلمة المقدسة، التي لا بدّ ستُعيد إلى بالها ذكريات الميلاد في بيت لحم، وزيارة المجوس الخ ... ولأنه أراد تعزيتها في وحدتها، وأن يعوّضها ابناً آخر عن نفسه. وهو على وشك الفراق، خاطبها خطاباً أرق من النسيم موصياً يوحنا بها قائلاً: " يا امرأة، هوذا ابنكٍ". وهكذا نرى أنه دبّر راحة والدته في مستقبلها بوصية إلى صديقٍ له. ولم يدبر أمورها بمعجزة، مع أنه صانع العجائب، بل أراد هذه المرة أن ينفّذ رغبات عواطفه الشفوقة عن طريق سير الأمور الطبيعي، كابن البشر. وقد قام بذلك ليس كمن يفعل إحساناً بل كمن يوفي ديناً، كابنٍ بار بوالدته. وهو في ذلك كله يتجلى لنا إنساناً وابن إنسان ممثّلاً للإنسانية في أوج كمالها.

فاتَّعِظوا إذاً يا بني الإنسان، ولا تتَّصفوا بنكران الجميل، ولا تعتذروا عن إهمالكم لذوي قرباكم بانشغالكم في خدمة الدين أو خدمة الوطن، ولا تتستَّروا وراء الظروف والأزمات، وأقيموا الواجب المحتوم، واضرموا المحبة متمثّلين بصاحب أنبل عواطف الإنسانية المتأجّجة على صليب الجلجثة.

كفارته:
شرب المسيح كأس الألم صِرفاً ليسقينا كأس السرور صافيةً، فكان على الصليب يتألم ويرحب بكل أنواع الألم، في سبيل التكفير عن خطايانا. وكان منشأ هذا الترحيب بالألم رغبته العميقة غير المحدودة ليقدّم الفداء كاملاً ومملوءاً وفائضاً.
ومن عادة الذين يموتون شنقاً وسط الخجل والعار أن يهتموا كي لا يحضُرهم أحد من أهلهم؟ ولكن المسيح سمح لأمه وتلميذه المحبوب أن يكونا بقرب صليبه، دون أن يبالي بما في ذلك من مضاعفة آلامه. فكان المسيح ذبيحةً مُلتهَمَة، وسكيباً مسكوباً بمقدار ما كانت جراح المسامير تستنزف دماءه، ودموع الأحباء تمزق أحشاءه!
فخُذي إذاً يا نفسي من السلام أكثره، بمقدار ما أخذ المسيح من الألم أوفره! بل خذي من النِّعم أغزرها كما أخذ المسيح من الفقر أدقعه. ألم يعش من أجلك فقيراً وهو الغني؟ ألم يقل إن للثعالب أوجرة ولطيور السماء أوكار، وأما ابن الإنسان فليس له أين يسند رأسه (متى8: 20)؟ ألم يُمت فقيراً فجرّده العسكر حتى من ثيابه واقتسموها بينهم، فلم يبقَ له ما يمكن أن يتركه لوالدته. وحتى أمين الصندوق الذي كان يحمل حسنات الشعب شنق نفسه.
يا لها من أزمة! أمه امرأة ثكلى، وليس لديه شيء من المال يوصي به لها من بعده؟ من هنا نتعلّم نعمة ربنا يسوع المسيح، أنه هو الغني افتقر لكي يغنينا بفقره (2 كورنثوس 8: 9)! ووضع في أفواهنا أنشودةً دهرية نردّدها في أوقات الشدة قائلين: " لأن ليس لنا رئيسُ كهنةٍ غيرُ قادرٍ أن يرثي لضعفاتنا، بل مجرَّبٌ في كل شيءٍ مِثْلُنا بلا خطية" ( عبرانيين 4: 15) وهو " يقدر أن يعين المجربين" ( عبرانيين 2: 18).

مجده الإلهي:
إن كان خطاب المسيح لأمه يُرينا كماله الإنساني، فهو من جهةٍ أخرى يرينا مجده الإلهي، لأنه أراد بقوله " يا امرأة" وليس " يا أمي" أن يوجّه نظرنا أن صلتها به كمخلِّص أهم من صلتها به كأم. وقد علمت هي من خطابه إليها من على الصليب أن علاقته البشرية بها في هذه الحياة الحاضرة قد انتهت.

2- الموصَى: يوحنا الحبيب

شجاعته: كان لمبادئ المسيح التأثير العجيب على نفس يوحنا، لذلك نرى فيه الشجاعة ممثّلة والجراءة مجسّمة. صحيح أنه رأى كتائب الرومان وغوغاء اليهود يقبضون على معلِّمه فتركه مع باقي التلاميذ وهرب. ولكن ضميره استيقظ، فعاد ليقف إلى جوار سيده وهم ينفّذون فيه حكم الصلب، ولم يعد يخشى بأسهم، بل ذهب ووقف بجوار الصليب وقفة الشهيد الباسل، فنال بوقفته في ذلك الموقف الحرج شرف البطولة دون بقية التلاميذ الذين تركوا سيدهم وهربوا، واستمروا في هروبهم! وإن كنا اليوم نمجد البطولة في شخص يوحنا، فأين اليوم مَن يقفون وقفته بجوار الصليب إزاء جحود الجاحدين؟ وأين الذين يحملون عار المسيح، ويحسبون ذلك أفضل من خزائن مصر؟ وأين الذين يعترفون به على جبل الجلجثة كما يعترفون به على جبل التجلي؟ وأين الذين يشهدون لدينه لو جرَّت عليهم تلك الشهادة العار والهوان، كما يشهدون له إذا نالوا من ورائه الخير والمديح؟
إن الوقوف بجوار الصليب وسط العار هو المحك الحقيقي للدين وشجاعة المسيحي لا تتبرهن إلا بالمخاطرة بنفسه كل ساعة في سبيل الخير العام. وإن كانت تلك الآلام لا تقاس بالمجد العتيد أن يُستعلن فيه، لكنها الطريق السلطاني لذلك المجد (رومية 8: 18). ولهذا كتب يوحنا للمسيحيين المضطهَدين - وهو في منفاه - مغتبطاً مفتخراً - أنه أخوهم وشريكهم في الضيقة العظيمة وفي ملكوت المسيح وصبره (رؤيا 1: 9).

محبته وصداقته:
إن سرّ شجاعة يوحنا هو المحبة التي صيّرته أخاً للمسيح، فوقف بجواره وقام لأمه بالواجب عوضاً عنه.
لقد وجد ابن الإنسان في يوحنا صديقاً وفياً لم يتركه وقت الشدائد، فأين اليوم الأصدقاء الذين لا يخونون أصدقاءهم ويحافظون على علاقات الصداقة؟ وما أبعد الفرق بين أمانة يوحنا وخيانة يهوذا! لقد سمع يوحنا قول المسيح للقابضين عليه، عن تلاميذه: " دعوا هؤلاء يذهبون" فلماذا يخاطر يوحنا بنفسه ويجيء للجلجثة؟ سِرّ ذلك كامن في المحبة التي هي أقوى من الموت! فما هو برهاننا نحن على أننا أصدقاء من هذا الطراز؟
لنسمع صدى اختبار يوحنا في قوله: " من كان له معيشة العالم، ونظر أخاه محتاجاً وأغلق أحشاءه عنه، فكيف تثبت محبة الله فيه؟" ( 1يوحنا 3: 17). ولنرَ أساس هذا الاختبار في قوله: " ذاك وضع نفسه لأجلنا، فنحن ينبغي لنا أن نضع نفوسنا من أجل الاخوة" ( 1 يوحنا 3: 16). وبعد أن مات المسيح لأجل الاخوة، فهل كثير أن نموت نحن من أجلهم؟ سحقا إن الصداقة الصحيحة هي التي تهون لديها الأموال والأعمار!

طاعته:
عندما سمع يوحنا المسيح يوصيه بأمه أخذها من تلك الساعة إلى خاصته، وبقيت عنده إلى يوم وفاتها. لقد أطاع توجيهات المسيح بسرعة وبلا تردد أو تذمر. لم يعمل للنفقات حساباً، بل قبلها كأحسن ميراث تركه المسيح على الأرض. وإن بيتاً يضمّ يوحنا الحبيب ومريم العذراء هو السماء على الأرض، ففيه الخدمة متبادلةً: هو يخدمها مادياً بماله، وهي تخدمه روحياً بمعلوماتها عن ابنها المبارك.
وكما أوصى المسيح يوحنا بأمه فأطاع، كذلك لا زال المسيح يوصينا نحن بالفقراء لإعالتهم، وبالكنيسة لبنيانها، وبالعالم لتبشيره.
فهل مَن يطيع، ويبادر بذلك من هذه الساعة؟ وإن كان الجندي في الحرب على أتمّ استعداد لتنفيذ الأوامر بغاية الدقة وبكل سرعة، أفليس الأولى أن نكون مستعدين لتنفيذ أوامر المسيح؟ ألا ينبغي أن يُطاع الله أكثر من الناس؟ ألم يقدم المسيح نفسه مثالاً للطاعة حتى الموت؟ فلماذا لا نطيع تعليمه من القلب، ونلبّي نداء العالم المحتاج؟ " لا تمنع الخير عن أهله حين يكون في طاقة يدك أن تفعله" ( أمثال 3: 27).

3- الموصَى بها: مريم العذراء

همومها:
إن أماً ترى فلذة كبدها معلَّقاً على صليب، والجنود الأشداء يذيقونه أقسى الآلام حتى يموت، لا يمكن أن نتصوّرها إلا وهي تتمزق بالأسى. وما أثقل السيف الذي يجوز في نفسها؟! هي التي حملته وأرضعته، وتجشّمت في سبيله الأخطار وجابت الأمصار. أما الآن فإنها تقف لترى بعينيها ابنها الوحيد يموت، لا موت الأبطال بل موت المجرمين، وليس بين الأصحاب بل بين الأعداء والخصوم. فما أثقل همومها!
عزاؤها:
كانت مغمورة بإحساس الألم، لكن لم يتسرب اليأس إلى نفسها، بل شعرت كأم، وتصرفت كمسيحية. لقد أطاعت إرادة الله الذي سمح أن يتمم أسرار فدائها وفداء العالم، فآمنت أن ابنها يُقدَّم ضحيةً لخلاص البشر جميعاً، بمن فيهم هي، فكان إيمانها علاجاً لآلامها. إنها لم تعتذر أبداً عن القيام بأي واجبٍ مهما كلفها من ثمن. والآن ها هي تتحمل الألم بصدر رحب، يصفها بالقول: " وكانت واقفة!" فهي كانت ولا زالت أَمَةُ الرب!
وقد أرسل المسيح بلسماً لحزنها وأطفأ حر كبدها، فانقشعت ظلمة غيوم الفراق تحت أشعة وصيته المباركة، فنال العذراء المباركة مع التجربة المنفذ، وواجهت المستقبل في نور تلك الوصية. وكان إيمانها في قدرة ابنها ورجاؤها في قيامته نوراً يضيء نفسها وباعثاً لصبرها وعزائها.
نذكر ذلك عظةً للمتألمين وعبرةً خاصة للنساء، فيقفن في أحزانهن موقف العذراء، موقف التسليم والصبر الجميل والرجاء العامر بالأمل.

مقامها:
والحق يقال أن مجيء العذراء لتحمُّل العار مع المسيح وصبرها على الألم بجوار صليبه هو أكبر شرفٍ للأنوثة وأعظم رفعةٍ لمقام المرأة، وهو الدليل على قدرتها على القيام بأكبر الخِدم والتوشُّح بأسمى الفضائل. وإذا استوعبنا كل ما سلف، خليقٌ بنا أن ننزع عنّا الأنانية وننزل إلى ميدان الإيثار. وفي هذا الميدان ليعمل العاملون، وليتسابق المتسابقون.

الكلمة الرابعة
" ونحو الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوت عظيم قائلاً: إيلي إيلي لما شبقتني؟ أي: إلهي إلهي، لماذا تركتني؟" ( متى 27: 46).

هذه كلمة عميقة رائعة نطق بها المخلِّص بعد أن تعلَّق على الصليب ست ساعات عصبية، على رأسه إكليل من الشوك، وفي ظهره أخاديد من آثار السياط، ويداه ورجلاه مثخنة بالجراح. وكلما وهنت قواه وثقُل جسمه زادت ثقوب المسامير اتساعاً، حتى صار كل جسمه يقطر دماً من هامة الرأس إلى أسفل القدم!

وكانت الشمس في الثلاث ساعات الأولى مشرقة كعادتها، وأصوات الجماهير الهائجة تشق عنان السماء، والأغلبية الساحقة يهزأون به، وفئة قليلة تنوح عليه. فكان تارة يصلي لأجل المسيئين، وأخرى يواسي النائحين! غير أنه في منتصف النهار أسدلت الظلمة ستارها الكثيف فصمتت الألسنة وهدأت الأصوات وسكنت الحركات ثلاث ساعات! وكان المخلِّص في هذا السكوت الرهيب المستوحش يعاني آلاماً نفسية مبرحة، غير ما كان يعانيه من ألم الصلب وعاره. كانت آلامه دفينة لم تُر ولن ترى لأن الظلمة سترتها عن عيون البشر. ولكنها كانت آلاماً شديدة لا تماثلها فواجع الحرب الضروس، ولا تحاكيها أهوال الطبيعة الثائرة! آلاماً ذاب في تنّورها فؤاده الكبير كما يذوب الشمع أمام النار! آلاماً سرية من يد الآب، لا يدكها عقل ولا ينطق بها لسان! وما جاءت الظلمة الدامسة تعمُّ الأرض كلها، إلا لتعلن في ثوب الحِداد أن سيد العالم يكابد آلام الموت الكفاري، ويعاني وحده قصاص الخطية كنائبٍ عن البشر! ولم يدُمْ هذا المنظر العجيب الرهيب أكثر من ثلاث ساعات، فما انبلج النور حتى تنفَّس المخلّص الصُّعداء وصرخ بصوت عظيم: " إلهي إلهي لماذا تركتني"؟!
صرخ بصوت عظيم ليعبّر عن مرارة نفسه التي لا يمكن أن تبرز ليشعر بها الحس! وكانت صرخته بلغةٍ عامية، ليسكب شكواه القلبية بسهولة وطلاقة. واقتبسها من المزمور الثاني والعشرين، ليعلن مِن على الصليب أنه هو ذاته المسيا المنتظر.
وإذا تأملنا بخشوعٍ في تفاصيل هذه الكلمة، نرى أننا في قدس أقداس التعليم المسيحي، فهي تشتمل على سؤال عظيم، يحوي أسراراً عميقة، تعلّمنا دروساً قيِّمة.

1- سؤال عظيم
سأل المسيح، وهو يحتمل العقاب المريع من يد الآب: " إلهي إلهي لماذا تركتني؟" فقد كانت العقوبة أشد ما تكون صرامة، والمُعاقِب هو نفس الآب القدير المحب، والمُعاقَب هو الابن المعزز البار، وسبب العقوبة ذنب جناه غيره!

عجباً! لماذا تركتني؟ ولماذا تصل العقوبة إلى حدّ الترك وكسر الشركة المقدسة!؟ يهون عليّ أن أصل إلى حضيض الفاقة، فأُجرَّد من الثياب وأعطش إلى نقطة الماء. ويسهل عليّ أن ألاقي خيانة الأصحاب وظلم الأعداء أشكالاً وألواناً. وتصغُر لديَّ القيود والبصق في الوجه والجَلد والصَلب. حتى الموت الزؤام لا أحسب له حساباً!
ولكن كيف أحتمل أن وجهك لا يسير معي؟ وهل في الكون أو ما وراء الكون عقابٌ أشرّ من النفي من حضرتك والحرمان من رضاك؟ لماذا تسقيني كأساً هي خلاصة الجحيم وعصارة الغضب الإلهي؟ لماذا تملأ كأس الغضب إلى التمام فاشربها حتى الثمالة؟ أليس في هذا حزنٌ تنفطر له المرارة، وغمٌّ يُذيب الفؤاد؟ لماذا تسمو إلى قمة المباهج بينما أنا أهوى إلى وادي الأحزان العميق؟ أجل! سرورك أن تسحقني بالحزن، فقد رفضَتني الأرض لأني بلا خطية، ولكن أنت رفضتَني إذ صيَّرتني خطية، فجعلتني تحت العقاب صورة العيوب ومجتمع القبائح! لماذا تهوي بي إلى هذا الدرك الأسفل، وتُقصيني عنك إلى هذا الحد الأبعد؟
عجباً! لماذا تركتني أنت؟ لماذا يدك يا إلهي وأبي تستل الحسام على ابن محبتك وتوقظ السيف على رجل رفقتك؟ لماذا تجفوني ويصير نزوعك إليّ نزوعاً عني؟ لماذا لا تلطف بي وتعطف عليّ؟
لا عتب على يهوذا إذ خانني، ولا بطرس إذ أنكرني، ولا قيافا إذ أسلمني، ولا بيلاطس إذ حكم عليّ، ولا ملائكة إذ أحجموا عن مساعدتي، ولكن أنت إلهي إله الأمانة، الذي تربطني وإياك أواصر البنوية. أنت يا مَن أحببتني قبل إنشاء العالم، لماذا تقلب لي ظهر المجن فتمزق سهامك أحشائي؟ لماذا تقطع عني العون والمدد وتحجب وجهك عني؟ لماذا تركتني أنا؟ ألستُ أنا حبيبك الذي سُرَّت به نفسك؟ ألم أعمل كل حين ما يرضيك؟ ألم أُظهر اسمك للعالم؟ ألم يكن طعامي أن أعمل مشيئتك؟ ألستُ في حالةٍ تتوجّع لها القلوب، فلماذا تحبس عني رحمتك وتزيد جرحي إيلاماً؟ كيف لا يصل الابن إلى درجة العبد، فالشهداء تُمزَج آلامهم بالتعزيات، لكن ابنك يخلو من التعزية! كيف المحبوب لا يُحَب، وخاصتك يُنفَى من أمام وجهك؟ كيف يُغطي الهوان أعزَّ عزيز لديك، وكيف النور يكسوه الظلام! كيف ينوء مُريح التعابى تحت حمل الأثقال، وكيف يئنّ مُجفّف دموع الحزانى متوجعاً؟
عجباً، لماذا! لماذا كل هذا؟
لا يقدر الخاطئ إذا وقع تحت القصاص أن يسأل: " لماذا" لأنه عارفٌ بخطيته، وأما ابن الله فله أن يسأل لأنه قدوس بلا شرٍّ ولم يرتكب جُرماً. فعل لأجل ترابٍ صاروا هدفاً للحب الأبدي يصير هو هدفاً للقصاص الصارم؟ وهل لأجل أن يصير الناس موضع إعزاز الآب، يُهين الآب ابنه؟
الحق يقال إن هذا سؤال عظيم يدعو لكشف غوامض لم نكن نعرفها!

-2- أسرار عميقة
لا شك أن المسيح عرف السبب الذي لأجله قدم سؤاله، ولكنه سأل لنعرف نحن الأسرار العميقة التي يحتويها. فإذا كان الصليب هو الحق الأساسي للعهد الجديد، فإن هذا السؤال هو قلب هذا الحق وأعمق تصريحاته. هو الصبح وضوحاً وبياناً في إظهار أسرار التأنّس، والكفارة والمحبة، والخطية. وهي الحقائق الأربع التي تُعتبر تعاليم الصليب الجوهرية.
فمناداة المسيح " إلهي إلهي" وهو الرب الإله، تدل دلالة بيّنة على سرّ تجسده وخضوع الناسوت للاهوت.
وصرخته " لماذا تركتني؟" تعلن في وضوح محبته الفائقة التي جعلته يصنع كفارة عن خطية الإنسان بحرمانه مؤقتاً من رضا الآب، ليردّنا إلى شركة الطبيعة الإلهية.

سر التجسد:
برهن المسيح على أنه الإله المتأنس بصفاته الخالية من كل عيب، ومعجزاته الفائقة الطبيعة، وتعاليمه الفوق بشرية، وملكوت السماء الذي أسسه على الأرض، ودخوله للعالم وخروجه منه بطريقة خارقة للعادة. ولا نجد حلاً معقولاً للغز الكون إلا في الله، ولا نجد حلاً للغز إلا في المسيح، ولا نجد حلاً للغز المسيح إلا في الصليب، الذي فيه وحده سد إعواز الطبيعة البشرية وبلوغها إلى درجة الكمال. فالمسيح إله تام وإنسان تام بلا انفصال ولا امتزاج فهو " الله الذي ظهر في الجسد" (1 تيموثاوس 3: 16) وهو " صورة الله آخذاً صورة عبد" وهو الذي " وضع نفسه في الهيئة كإنسان" (فيلبي 2: 5- 8). فكإنسانٍ تعبّد لله وخضع لرئاسته وتمم إرساليته وتألم ومات، ولكنه كإلهٍ مساوٍ للآب في جوهر، لا يكل ولا يعيا أبد الدهور.
فالألم وقع فقط على الناسوت، ولأن اللاهوت لم يفارقه لحظة ولا طرفة عين صرح الإنجيل أن الترنيمة السماوية تقول:" ذُبِحْتَ واشتريتنا لله بدمك من كل قبيلةٍ ولسان وشعب وأمة" (رؤيا 5: 9) ودعا الإنجيل المسيح عمانوئيل الذي تفسيره " الله معنا" (متى 1: 23).

سرّ الكفارة:
ما كنا نعلم أن الله كريم لدرجة أن يسخو بنفسه فينوب عن البشر في حمل خطاياهم‍ ولكن بعد أن رأينا المصلوب وسمعنا صراخه، نؤمن ونقرّ أنه سمح لجسده المبارك أن يُسمَّر على الصليب حتى يسمِّر عليه صكّ خطايانا. ونؤمن أيضاً أنه حمل على نفسه اللعنة التي نستحقّها ليملأنا ببركاته. لقد وضع نفسه وقبل أقسى جزاء على النفس والجسد معاً عندما صرخ:" إلهي لماذا تركتني؟" ليقدم ترضية للعدل الإلهي نيابة عنا.
وعمل المسيح النيابي هذا حق صريح يعلنه الكتاب وتدعمه الطبيعة ويؤيده التاريخ البشري.
أما الكتاب فبكل تاريخه وطقوسه ونبوّاته وتعاليمه يشير إلى مبدأ " بدون سفك دم لا تحصل مغفرة" ( عبرانيين 9: 22).
أما الطبيعة فنواميسها وظواهرها تدل على العمل النيابي. قال أحد علماء الطبيعيات:" الأرض مبنية على أفكار روحية مركزها الفداء بذبيحة نيابية، فالمرجان يموت ليبني الصخور، والصخور تتفتَّت لتكوِّن التربة، والتربة تتحلل في عناصر العالم النباتي، والنبات بدوره يقدم ذاته للعالم الحيواني، وكلاهما يبذل نفسه للإنسان".
ونلاحظ في نظام البشر العمل النيابي، فالآباء ينوبون عن أبنائهم، والنواب السياسيون عن دوائرهم، والمحامون عن موكليهم. فلا شك إذاً في ضرورة وجود عمل نيابي لخلاص البشر الخطاة، ولم يَقْوَ عودٌ على رفع راية الخلاص إلا عود صليب المسيح " فإن المسيح تألم من أجل الخطايا، البار من أجل الأثمة، لكي يقرِّبنا إلى الله" ( 1 بطرس 3: 18).

سر المحبة:
هيا إلى شاشة الصليب الحمراء أيها القارئ فتقرأ في وجه المسيح صورة الحب، وترى على محيَّاه آية التضحية! وما أدراك ما هذا الحب الذي يسمو فوق السماء! " الله محبة" وقد تكشفت هذه المحبة في أنه " لم يشفق على ابنه، بل بذله لأجلنا أجمعين. كيف لا يهبنا معه كل شيء" (رومية 8: 32)!؟ في هذا نرى المحبة، ولكن أذهاننا تسبر غورها، ولا تبلغ أبصارنا مداها. ففي الصليب نكتشف سِرّ الحب، ونستخرج من معدنه ذخائر التضحية. فهناك نرى خالقاً سامياً يسخو بنفسه لأجل جبلةٍ ساقطة! يا للاكتشاف! هكذا أحب الله العالم، حباً جرت قنواته لتروي الحياة البشرية وتتغلغل في كل نواحيها، فتثمر أطيب الثمرات!

سر الخطية:
" فعل الرذيلة عند الجاهل كالضحك" ( أمثال 10: 23) ولكن لا نكتشف حقيقة الرذيلة وخطرها إلا إذا سألنا: لماذا الصليب؟ وكفاها خطراً أنها عندما حُسبت على المسيح لم تُترك وشأنها، ولم تُعامل بتساهل، بل حمل في شخصه الكريم قصاصها المريع، فحجب الآب وجهه عن ابنه المبارك! لقد كشف الصليب حقيقة البر وحقيقة الشر، وأوضح بحروفٍ من نار أن الخطية شرّ أعظم من أن تداويه يدٌ بشرية، ومثَّل على مسمعٍ من كل البشر كم " مخيف هو الوقوع في يدي الله الحي" ( عبرانيين 10: 31). فإن كان المخلِّص سقط تحت حمل الدينونة، فلماذا يعمل الخاطئ المنفيّ عن الرحمة الإلهية؟ إن الخاطئ في يوم الضيق أو ساعة الوفاة تكون لديه الأرض بخيراتها خدعةً وسراباً، والآخرة عذاباً وفناءً.

ولكن عندما يضيء الله بمجده الأبدي على الأبرار في السماء يتطلع الخاطئ بحسرة أبدية دون أن يجد رحمة أو عزاء. فالخطية ليست شيئاً هنياً وليست هي مجرد تعد على قانون، بل هي ثورة ضد الله سبحانه، ومعارضة لمشيئته وإتلاف لصورته فينا " إن كان أحدٌ يفسد هيكل الله فسيفسده الله" ( 1 كورنثوس 3: 17).

-3- دروس قيِّمة
لم يتألم السيد لينوب عنا فقط، بل ليرسم لنا خطة عملية نقتفي فيها أثره ونجري على أسلوبه. فمن الشرف الأعظم والامتياز الأسمى أن نحذو حذوه وننسج على منواله، وذلك فيما يأتي:

الصبر:
قبِل المسيح آلامه جميعها طواعيةً واختياراً، فأقبل على الصليب بثبات، وكان بين المعذبين أسلس من الماء وألين من أعطاف النسيم، وقابَل ترْك الآب له بصلاةٍ سكبها من معدن طبيعته البنويّة، وصاغها من نصوص التوراة، وهي لغة أبيه، ملتصقاً بثباتٍ بالآب الذي تركه.
فلماذا لا تتسع صدورنا لِما يوهب لنا من ألم، فإن الله أحياناً يضع علينا صليباً معيَّناً ليعلّمنا الصبر ويدربنا على الطاعة، فقد " وُهب لنا لأجل المسيح، لا أن نؤمن به فقط، بل أيضاً أن نتألم لأجله" ( فيلبي 1: 29). وهناك فرق عظيم بيننا نحن الذين نترك الله لنفتش على الخطية، وبين الله الذي يتركنا أحياناً ليمتحن إيماننا ويصقل محبتنا. فإذا كثرت في داخلنا الهموم، وأضنت أجسامنا الأسقام، وتخلّى عنّا الأهل والأصحاب، وانقطعت عنا كل مساعدة وتعزية، فلننظر إلى المسيح، فهو شريك لنا في بأسائنا " لأنه في ما هو قد تألم مجرباً يقدر أن يعين المجربين" ( عبرانيين2: 18).

الصلاة:
صرخ المسيح إلى الله، وهذا يعلّمنا أن وقت ضعفنا هو وقت ظهور أعمال قوة الله. فعندما نتصوَّر بُعد الله عنا نجد أنه في الحقيقة هو وقت قُرب الله منا، ما دمنا ندعوه كما دعاه المسيح " إلهي". فهو لا يتخلى عن الذين هم له. فلم توجد ساعة كان المسيح فيها أحب إلى الله أكثر من تلك الساعة التي كان فيها يفدي ملايين البشر. من أجل هذا استمع له ولم يترك نفسه في الهاوية. لقد سلّم المسيح أمره إلى الله. لم ينزل عن الصليب، ولم يعمل معجزة كان في سلطانه أن يعملها ليعزي نفسه، ثم لم يشْكُ من خيانة الأصحاب ولا من قسوة الأعداء، بل شكا للآب أنه تركه، ثم فوّض الأمر كله له.
ونحن إذا تألمنا، فلنتأكد أنه لا تسقط شعرة من رؤوسنا إلى الأرض بدون إذنه ( متى10: 30 ولوقا 12: 7). وعلينا أن نبثّ شكوانا لله تعالى فقط وليس للناس. فالمعذَّب الحكيم يشكو عذاباته للقاضي وليس للجلاّد، والمريض الذكي يشكو مرارة الدواء للطبيب وليس لزميله المريض، والجندي الشجاع يُظهر جروحه لقائده وليس للأعداء.

التواضع:
لا يوجد ما يُخجِل كبرياء البشر أكثر من اتضاع المسيح. فليتنا بدل أن نرتدي ثوب الكبرياء أن نقف إلى جوار الصليب، فتتضاءل لدينا أنفسنا ولا نتجاوز حدودنا " فليس التلميذ أفضل من المعلِّم، ولا العبد أفضل من سيّده" ( متى 10: 24).

الخدمة:
ألا تثير أنّات المسيح وصرخاته مشاعرنا وأحاسيسنا؟ وهل نرفض بعض الدموع التي نتكلّفها في طريق خدمته وهو الذي لأجلنا بذل نفسه؟ لقد حمل خطايانا المعيبة، فهلاّ نحمل نحن أثقال الآخرين ونضع أعناقنا تحت نير خدمتهم؟ يقول لك المسيح الذي علمنا التضحية، وفجر لنا ينابيع البذل والعطاء: " اتبعني". فمن يقول له: ها أنا يا رب، أرسلني في خدمتك؟ (إشعياء 6: 8).

الكلمة الخامسة
" أنا عطشان" ( يوحنا 19: 28)
هذه أقصر كلمات المسيح التي نطق بها وهو على الصليب، فجاءت حسب الترجمة العربية في كلمتين: " أنا عطشان" ولكنها في الأصل اليوناني كلمة واحدة، قصيرة في لفظها، لكنها عميقة في معناها. نطق بها المسيح وهو يتجرع الآلام، التي أصبحت قصة الفداء التي يستعذبها البشر المفديون! لقد استساغ المسيح المرّ لنشرب نحن الحلو! وأعلن احتياجه لنعلن نحن حاجتنا إليه! وتوسّل للبشر الضعفاء طالباً شربة ماء، ليكون مطمح الذين يرجونه من البشر، ومعقد أمل اللاجئين منهم إليه، فقد أتعبه العطش ليروي كل ظمآن يقصد مراحمه من نهر الحياة الصافي.
كان العطش قد أخذ من المسيح كل مأخذ نتيجة آلام عشرين ساعة متواصلة من جثسيماني، إلى المحاكم، إلى الجلجثة حيث أصابته حمى محرقة بسبب جراحه البليغة الخطيرة، فجفّ ريقه ويبس لسانه، وتحقّقت فيه نبوّة المرنم: " يبسَتْ مثلَ شفقةٍ قوّتي، ولصق لساني بحنكي" ( مزمور 22: 15).
ومن العجيب أنه وسط كل هذه الآلام، وبعدما عانى في ساعات الظلمة هول الدينونة الرهيب، نراه متمالكاً لنفسه، صادقاً في محبته للكلمة المكتوبة. وإذ رأى أن كل شيء قد تم، وبقي إتمام النبوة القائلة: " انتظرتُ رِقّة فلم تكن، ومعزّين فلم أجد ... وفي عطشي يسقونني خلاً" ( مزمور 69: 20- 21). فلكي يتم الكتاب قال: " أنا عطشان".
لقد بخل عليه اليهود بنقطة ماء وهو مشرفٌ على الموت، بسبب ما كان في قلبهم عليه من حقد. واستهزأ به جنود الرومان لبلوغه هذا الدرك من العجز والبؤس، فأخذ أحدهم اسفنجة وملأها خلاً ووضعها على قصبة وسقاه. فلما ذاق ذلك الخل الذي لا يسيغه الفم قال: " قد أكمل". وهكذا مات بين أعدائه في شدة العطش.
وإذا أمعنا النظر في قوله له المجد: " أنا عطشان" تتجلى لنا شخصيته المباركة في أربعة أمور: طبيعته، وعمله، ومثاله، ومطلبه.

-1- طبيعته
يا للعجب! إن الذي يقول: " أنا عطشان" هو نفسه " الذي يعطي العطشان من ينبوع ماء الحياة مجاناً" ( رؤيا 21: 6)، والذي يفتقر إلى نقطة ماء هو " الذي به كل شيء كان وبغيره لم يكن شيء مما كان" (يوحنا 1: 3). ولا غرابة، فالمسافة اللانهائية بين عرشه الذي يجري منه نهر ماء الحياة صافياً كبلّور، وبين صليبه المنشئ لأقسى أنواع العطش هي حدود محبته الفائقة التي جعلته يخلي نفسه، ويظهر لصاليبه كإنسان ضعيف محتاج. ولأنه وصل في ناسوته إلى هذا الدرك الأسفل من الهوان، استغاث وليس مَن يغيث.
عطش شمشون فسقاه الرب من الكِفَّة التي في لَحْيٍ (قضاة 15: 19)، وعطش بنو إسرائيل في البرية فسقاهم الرب من الصخرة ( العدد 20). وعطش المسيح فلم يعمل له الآب معجزة، ولم يعطف عليه من الناس أحد. عطش داود فشقّ أصحابه معسكر الفلسطينيين وجاءوه بماءٍ من بئر بيت لحم ( 2 صموئيل 23: 16). وأما المسيح فلم يجد أحداً من تلاميذه يواسيه في ساعة شدته، مع أن شريعة اليهود كانت تقول: " إن جاع عدوك فأطعمه، وإن عطش فاسقه" ( أمثال 25: 21) ولكن اليهود عاملوا المسيح أكثر من عدو، فلم يجد عيناً تشفق أو قلباً يرق.
كله إذ أصاب المسيح برهاناً على اشتراكه التام في بشريتنا، فالعطش ليس من خواص الملائكة، ولكنه شرٌّ يصيب البشر أيام الخراب وانقطاع المطر، وقلّما يعاني منه أهل الطبقات الرفيعة. ولم يكن عطش المسيح بالبسيط الهيِّن، لأنه كان عطش الاحتضار والموت. ولم يكن عطش الموت العادي، بل عطش الموت النيابي عن كافة البشر. فالمسيح إذاً قد وصل إلى أكثر من الحد الأقصى لآلام الإنسان عند موته، وبرهن بهذا أنه بالحقيقة " عمانوئيل" الله معنا أينما كنا وفي أية منزلةٍ نزلنا! فإذا سرنا في وادي ظل الموت، أو إذا لحقتنا حرارة الحمى، أو أصابنا خطبٌ داهم، فلنذكر أن طريقنا يجري بجوار طريقه، وأن السهم الذي يخترق أحشاءنا قد تلطخ أولاً بدمه، وأن الكأس التي نشربها مهما تكن مُرّة فقد تجرّعتها شفتاه الطاهرتان قبلنا! فهو يعرف عملياً ويلاتنا وأحزاننا، وقد جازها قبلنا، وصار وليّ شأننا ومقدام نصرتنا.
أليس باشتراك المسيح معنا في أحزاننا حوّل تلك الأحزان إلى مباهج؟ فكلما تصورنا المسيح معلَّقاً على الصليب بلا مال ولا أصحاب، جوعاناً، عطشاناً، لا يسعنا إلا الصبر والشكر تحت نير الفقر والاحتياج، والتجلّد والثبات أمام نوازل الدهر. فكأس المسيح كانت أمرّ من كأسنا بمراحل، وهل ينتظر العبد كرامة أكثر من سيده!!

-2- عمله
يا للمحبة الفائقة التي يقابلها الإنسان بالعداوة، فما أحط طبيعة الإنسان وما أرذلها. فبينما يدّعي أنه مخلوق لطيف يتقدم من حسن إلى أحسن، إذا بقلبه نجس وخدّاع.
جاء المسيح يعمل صلاحاً ويخدم الإنسان، فلم يلقَ من الإنسان إلا كل إعراض وجفاء. فمنذ ميلاد المسيح لم يجد مكاناً ينام فيه، وعند موته لم يجد كأس ماءٍ يشربها. وكانت هذه معاملة الإنسان لفاديه المحسِن. والإنسان في أعلى درجات تديُّنه ممثَّلاً في كهنة بني إسرائيل، وفي أوج نظامه السياسي ممثَّلاً في حكومة الرومان، يرتكب ضد إلهه كل هذا الشر. ولما قدّم أحدهم للسيد خلاً ومُرّاً برهن على أن " مراحم الأشرار قاسية" ( أمثال 12: 10) وأن أعدلهم مثل العوسج.
ولكن لماذا قبل المسيح هذه الآلام وتلك المعاملة؟ لا شك أن عطشه الشديد، وشربه المر، لم يكن إلا ليحل محل الخاطئ، ويقوم بمسؤوليته في احتمال قصاصه العادل. وبما أن الكتاب المقدس يقرر أن دينونة الله تُهلك " النفس والجسد كليهما في جهنم" (متى 10: 28) احتمل المسيح كنائب الخطاة آلام النفس عندما صرخ: " إلهي إلهي، لماذا تركتني؟ " واحتمل آلام الجسم عندما نادى:" أنا عطشان". وبما أن الخطية ابتدأت بشهوة الطعام على شفتي آدم، فلزم أن تنتهي بنكران تلك الشهوة والحرمان منها في " آدم ثاني" الذي هو المسيح. فآدم الأول ابتدأ بالنَّهم والتطاول على ما ليس من حقه، وأما آدم الثاني فعالج هذا الداء باحتمال العطش والتخلّي عما يستحقّه. وبما أن الخطية أنشأت عطشاً في نفوس البشر للسعادة والسلام، ولم يستطع العالم الحاضر بمسرّاته أن يقدمها لهم، وبما أن لهب الجحيم في العالم الآخِر لا تزال مندلعة حيث يطلب الخاطئ " نقطة ماء يبرّد بها لسانه" فلا يجد (لوقا 16: 24) فالمسيح وهو يحارب لفدائنا احتمل بعطشه كل هذه النتائج. لقد عطش مرة لكيلا نعطش نحن إلى الأبد، وامتصّ اسفنجة الخل لنرتشف كأس السعادة والسرور. واشتد عطشه ليجعل كأسنا رياً. " ومن يعطش فليأت، ومن يُرِد فليأخذ ماء حياة مجاناً" ( رؤيا 22: 17). " أيها العطاش جميعاً هلمّوا إلى المياه ... تعالوا اشتروا ... بلا فضة خمراً ولبناً ... كلوا الطيب، ولتتلذّذ بالدسم أنفسكم" (إشعياء 55: 1و 2).

-3- مثاله
لم يتألم المسيح ليكفّر عن خطايانا فقط، ولكنه تألم ليكون أُسوة تُقتفى ومثالاً يُحتذى، فقدم لنا مثالاً في:
إكرام الشريعة:
كثيرون للأسف يعيشون في الارتداد عن الله، يتعبّدون للمادة، ويحوّلون النظر عن كلمة الله ويتجهون إلى العقل البشري الضعيف الذي يعجز عن أن يقدم حلاً لألغاز الكون. وكثيرون حولنا " لاأدريون" ومن هذا الاسم لا يخجلون.

ولكن السيد المسيح بتعليمه ومثاله يوقفنا وسط هذه العواصف على صخرة الكتاب فلا نتزعزع. فقد قال إن زوال السماء والأرض أيسر من أن يزول حرفٌ واحد أو نقطة واحدة من كلام الله (متى 5: 18). وسيستمر الكتاب المقدس أبد الدهور أساس إيماننا. وفي أشد أوقات المسيح صعوبةً أعلن أنه لا بد أن يتم المكتوب. وإن كان المسيح قد عظّم الشريعة وأكرمها إلى هذا الحدّ، فيجب أن نتمسّك بالكتاب إلى النهاية، ونتّخذه قانون إيماننا وأعمالنا لأنه " ليس أمراً هيناً علينا بل هو حياتنا" فنقول مع المرنم: " كم أحببتُ شريعتك. اليوم كله هي لهجي" (مزمور 119: 97). س

ثم قدم لنا مثالاً في :
ضبط النفس:
قبِل المسيح الحرمان من كل شيء، ومات عطشاناً إلى الماء. قهر جسده وأغفل راحته في سبيل أغراضه الروحية السامية، ولم يحسب لملذّات الحياة الفانية حساباً بالنسبة لسعادة الحياة العتيدة. وكان شعاره: الله قبل الإنسان، ومصلحة الغير قبل المصلحة الشخصية، والسعادة المعنوية قبل السعادة المادية، والتزوُّد للآخرة قبل التزوّد للحياة الحاضرة. فهل نضبط أنفسنا بهذه الحدود؟

قولوا للمولَعين بالخمر: إن المسيح في تضحيته قبِل حتى العطش إلى الماء! وقولوا للمدخّنين التبغ المتلِفين أموالهم وصحتهم: إن المسيح في تضحيته قبِل حتى العطش إلى الماء! وقولوا للطامعين الذين يصِلون بيتاً ببيت ويقرنون حقلاً بحقل ( إشعياء5: 8): إن المسيح في تضحيته قبِل حتى العطش إلى الماء! لعلهم وهم يدّعون التديُّن يخجلون منه ويقتدون بشخصه " فكل الذين هم للمسيح قد صلبوا الجسد مع الأهواء والشهوات" ( غلاطية 5: 24).

وقدم لنا مثالاً في:
العظمة الصحيحة:
كم مِن قائدٍ محارب سعى ليرفع شأن أمته باقتحام أوطان جيرانه، فضربهم برصاص المدافع وسموم القنابل، ونسي أن العظمة الحقيقية ليست في التدمير بل في البناء، وليست في الأخذ والاغتصاب بل في الإحسان والعطاء. بئست هذه العظمة الموهومة التي مقتها ذوو الألباب واستنكرتها كل الشعوب. ألم يحاول هتلر هذه المحاولة، فأين مقره الآن؟ وماذا أخذ القياصرة والغزاة والفاتحون وأين هم؟ فمتى يرجع الناس فيفهمون أن المجد والعظمة في الخدمة والتضحية ليس إلا، وأن من اتضع ارتفع.
فها المسيح بعريه وعطشه على الصليب كان يملك العظمة النفسية الحقيقية، وقد وصل إلى ذروة المجد والنفوذ الواسع على ملايين البشر في كل العصور والأمصار، وليس اليوم لمجده مثيل. وهو بهذا يعلّمنا أن قيمة الإنسان ليست فيما ملكت يمينه من الماديات، بل فيما يملك ضميره مِن الحق والبر. وحيث الضمير العامر بالحق والبر فهناك العظمة الصحيحة.

-4- مطلبه
عبَّرت صرخة المسيح "أنا عطشان" عن رغبات قلبه، فلما قال للسامرية " أعطيني لأشرب" (يوحنا 4: 7) كان يصبو وراء سؤاله أن يرتوي بخلاصها وخلاص شعبها، كما يرويها وهي وشعبها من نهر نِعَمه (مزمور 36: 8). ولا زال المسيح اليوم ينادي: " أنا عطشان" " أعطني قلبك" (أمثال 23: 26) " لذَّاتي مع بني آدم" (أمثال 8: 31) " " هأنذا واقف على الباب وأقرع. إن سمع أحدٌ صوتي وفتح الباب أدخل إليه وأتعشّى معه وهو معي" ( رؤيا 3: 20). إنه عطشان ليباركنا ولتكون له شركة معنا. فلا يجب أن نفعل ما فعل صالبوه بتقديم قلبٍ فاتر كالخل، بل لنسكب قلوباً مُخْلِصة يستريح لها قلبه.
ولا زال المسيح ينادينا اليوم في الفقراء: " أنا عطشان" ليحرك قلوبنا نحوهم. وكم من فقراء في حالاتٍ تعيسة من جوع وعطش وعري ومرض، يكلّمنا المسيح فيهم، لأنهم إخوته الأصاغر. فإن كنا نؤمن بقول الكتاب: " من يرحم الفقير يُقرِض الرب، وعن معروفه يجازيه" (أمثال 19: 17) فلماذا لا نملأ أيدي الفقراء، ونحن نشعر بعظم الواجب والشرف الناتج عن ذلك.
ولا زال المسيح اليوم ينادى في الخطاة: " أنا عطشان". عطشان لخلاصهم. فهل من يسمع ويشارك مباهج خلاصه معهم، فيفرح هو وتفرح السماء بخاطئ يتوب ( لوقا 15: 7)!

الكلمة السادسة
" قد أُكمل" (يوحنا 19: 30).
كلمة تملك الإفهام وتأخذ بمجامع القلوب، وتعبِّر عن الظفر وتُشعِر بالانتصار، وتنمُّ عن نصرةٍ هادئة وسط أهوال الموت، وترقَى قمم المجد فوق رابية الصليب، وتُطلِع صُبح الرجاء فتمحو ظلمات القنوط، وتتلألأ بنشوة الفرح وهزّة السرور، وتشفّ عن لذّة الوفاة وهناءة النجاح، وهي ختمٌ وتأمين على شؤونٍ جليلة تمَّ تنفيذها.

ففي تلك اللحظة الخطيرة التي فرغت فيها جعبة أعداء المسيح من سهامهم، وتلقّى المسيح منهم كل براهين حقدهم، بلغت الكفارة كمالها، ومِن ثمَّ أنجز المسيح الوعود وأتم العهود. فقد أكمل المشيئة الإلهية ونفذ قضاءها المحتوم، وأنهى شريعة الظلال والرموز لتفسح المجال لحقائق الفداء. وهكذا قضى المسيح على قوة الخطية وسلطانها، فصارت كأنها لم تكن، وودّع الألم ليستقبل المجد. فلما بلغ قمة هذا الانتصار، والصليب خلفه والمجد في انتظاره، هتف بصوتٍ عظيم " قد أكمل". فهذه الكلمة السامية جامعة شاملة لأمور عظيمة أُكمِلت في المسيح من كل جهة، سواء من جهة عداوة اليهود له، أو من جهة قصد الله فيه، أو من تتميم نبوات الكتب المقدسة عنه، أو إشارات الناموس الطقسي إليه، أو علاج خطية البشر به، أو انتزاع حياته منه، أو إنجاز عمل الفداء بواسطته.

ومن امتيازنا العجيب أن نشارك المسيح في أفراح الصليب، ونشاطره مباهج الفداء. فيحلو لنا أن نتأمل هذه الكلمة لنرى ما " قد أكمل".

-1- أكمل اليهود إثمهم:
بالصليب أطلق اليهود آخر طلقةٍ في جعبة عداوتهم للمسيح. فمنذ ظهوره بينهم لم يقبلوه. نبذوا تعليمه. جحدوا معجزاته. جدفوا عليه. وأخيراً قبضوا عليه مكبلاً بالقيود وساقوه للقضاء.
شهدوا عليه زوراً. وخزوا رأسه بإكليل الشوك. لطموه على خدّه. بصقوا على وجهه. نتفوا ذقنه. جلدوا ظهره بالسياط. ثقبوا يديه ورجليه بالمسامير. علّقوه على خشبة بين لصين. اقتسموا ثيابه حتى يموت عارياً ويُطرح من غير كفن. مثّلوا به شر تمثيل ونكلوا به أشنع تنكيل. وآخر الكل وهو في حشرجة الموت بخلوا عليه بنقطة ماء، وقدموا له الخل والمر وسط عاصفة من الهزء والتعيير. وهل كان في مقدورهم أن يعملوا شيئاً أكثر من هذا؟

وماذا فعل؟ ألم يعلن حق الله وبرّه؟ ألم يشفق على الإنسانية؟ ألم يفتح عيون العمي ويطهر البرص ويحيي الموتى؟ ألا يعادل كل هذا نقطة ماء تُقدَّم له وقت احتضاره؟
ألا فاسمعوا هذا أيها المظلومون و" تفكروا في الذي احتمل من الخطاة مقاومة لنفسه مثل هذه لئلا تكلوا وتخوروا في أنفسكم" ( عبرانيين 12: 3).

-2- أكمل القصد الأزلي:
لم يبغت الصليبُ المسيحَ من حيث لم يحتسبه، ولم يداهمه من حيث لم يتوقعه. بل كان هذا في تقدير الآب وبمقتضى علمه السابق. فقبل إنشاء العالم وقبل الأزمنة الأزلية كان الآب يُبدي مشورته لابنه المبارك، وقدَّم المسيح نفسه لله بروحٍ أزلي ليُطهّر ضمائرنا من أعمالٍ ميتة، لنخدم الله الحي (عبرانيين 9: 14) وعُرف أنه " حمل الله الذي يرفع خطية العالم" (يوحنا 1: 29) وكل الذين سيقبلون كفارته وفداءه هم " معروفون" و" معيَّنون" و " مدعوون" و " مبرَّرون" و " ممجَّدون" في المسيح منذ القدم (رومية 8: 29و 30).
أما وقد حانت الساعة فالأزمنة تشرف على الجلجثة لترى كيف يُكشف الحجاب عما سبق وترتَّب من " وعد الحياة التي في المسيح يسوع" (2 تيموثاوس 1: 1) و " الخلاص بمقتضى القصد والنعمة" ( 2 تيموثاوس 1: 9).
أجل إن المسيح نفّذ مشيئة الله بحذافيرها، وأطاع حتى الموت موت الصليب، ووجد في حلاوة الطاعة ما هوّن عليه مرارة الصليب (عبرانيين 12: 2). وما كانت طاعة إسحاق لأبيه وهو موثَق على المذبح إلا رمزاً بسيطاً لخضوع المسيح التام للآب، القائل: " استيقظ يا سيف على راعيّ وعلى رجل رفقتي، يقول رب الجنود" ( زكريا 13: 7).
وما كانت محبة العبد الإسرائيلي لسيده، وقبوله أن يثقب أذنه بمثقبٍ علامة التطوٌّع للخدمة مدى الحياة ( خروج 21) إلا مثالاً ضئيلاً لمحبة المسيح وطاعته حيث قال " هأنذا أجيء لأفعل مشيئتك يا الله" ( عبرانيين 10: 9).
وإن كانت معصية آدم الأول صيَّرت الكثيرين خطاة، فمن دواعي سرورنا وتهليلنا أن طاعة " آدم الثاني" تصيّر الكثيرين أبراراً ( رومية 5: 19) فشكراً لله على عطيته التي لا تُعبَّر عنها ( 2 كورنثوس 9: 15).

-3- أُكمِل المكتوب:
إن نبوات ستة آلاف سنة تتحقق اليوم! إعلانات الأجيال الغابرة تتم كأن الأنبياء الذين تنبأوا بها كانوا شهود عيان، وجميع أخبار الآباء المتواترة وبلاغات الرائين المتتابعة عن المسيح تُنجَز بحذافيرها. لقد سبقوا ورأوا بعين النبوّة ما قد تحقق في ملء الزمان، فآدم رأى نسل المرأة يسحق رأس الحية (تكوين 3: 15). وإبراهيم رأى نسلاً تتبارك فيه جميع قبائل الأرض ( تكوين 12: 3)، وأيوب رأى وليّاً يقوم أخيراً على الأرض ( أيوب 19: 25) وداود رأى مسكيناً ثقبوا يديه ورجليه (مزمور 22: 16)، وإشعياء رأى عبد الرب مجروحاً من أجل معاصينا (إشعياء 53: 5)، وإرميا رأى غٌصناً يٌدعى " الرب برٌّنا" (أرميا 23: 6و 33: 16). ودانيال رأى مسيحاً يٌقطع ويأتي بالبر الأبدي (دانيال 9: 26)، وهوشع رأى إلهاً يجذب شعبه بحبال البشر ورُبُط المحبة ( هوشع 11: 4)، وميخا رأى مُدبِّراً يرعى شعبه، ومخارجه منذ القديم منذ أيام الأزل (ميخا 5: 2)، وناحوم رأى قدمي مبشّرٍ منادٍ بالسلام (ناحوم 1: 15)، وزكريا رأى يدَيْن مجروحتَيْن في بيت الأحباء (زكريا 13: 6)، وملاخي رأى شمس البر والشفاء في أجنحتها (ملاخي 4: 2).
وبالجملة فإن جميع النبوّات السابقة لم تسقط منها كلمة واحدة إلى الأرض، بل ويدهشنا أن نرى منها فقط ما تمّ في مدى الأربع والعشرين ساعة الأخيرة من حياة المسيح. فكل حركة أو سكون بين أفلاك السماء أو طبقات الأرض، وكل قول أو عمل بين أقطاب السياسة أو رجالات الدين، وكل صغيرة أو كبيرة مما أتاه المواطنون أو الأجانب، وكل شيء خطير أو حقير مما له علاقة بالصلب من الفضة بعددها، والثياب والاقتراع عليها، والخل وصورة تقديمه، والحربة ومن يُطعن بها، وخشبة الصلب وتوسُّطها بين اللصوص، إلى كل ما حدث في ذلك الوقت، إنما كان صورة مطابقة تمام المطابقة لكل ما هو مكتوب، مما دلّ على أن المسيح هو روح النبوّة، وأن فيه كل شيء " قد أكمل".
فإن كان كل شيء مكتوباً عن المسيح حتى " أُحصيت كل عظامه" (مزمور 22: 17 ) فذلك لنستحق نحن الوعد القائل: " إن جميع شعور رؤوسكم محصاة" ( متى 10: 30) وهذا يؤكِّد لنا عناية الآب السماوي التامة بنا حتى في أتفه أمورنا الطفيفة!

فإن كانت عين الله تكللنا من السماء، والأذرع الأبدية ترفعنا من تحت ( تثنية 33: 27)، فهل يوجد مع هذا موضع للخوف مما نسميه مفاجآت الحياة؟! وإن كانت أقوال الأنبياء عن اتّضاعٍ المسيح قد تمّت حرفاً بحرف، فلا بد أن تتم أقوالهم عن مجيئه ثانيةً بكمالٍ تام. وإن كان أهل العالم اليوم يتناسون مجيء المسيح ثانيةً وهم يلهون بالمادة، فلا بد أن يحضرهم المسيح بغتة، ويُجري قضاءه المحتوم، ومِن ثمّ نسمع الصوت للمرة الأخيرة يقول: " قد تمّ".

-4- أُكمل الناموس الطقسي:
أكمل المسيح بصليبه ناموس الأحكام والفرائض المؤقّتة، الذي استخدمه الله في إرشاد شعبه إلى الفادي كما يستخدم المعلّم الصور والرسوم في إرشاد الأطفال إلى الحقائق، فقد أعطى الله بني إسرائيل الناموس رمزاً وظلاً، لينشئ في الناس انتباهاً ورجاءً في الأشياء الأفضل. وقد كان ناموس موسى ألغازاً في ألغاز حتى كشف المسيح معناه وبيّن مغزاه. وبما أن الظلال يجب أن تفسح مجالاً للحقائق، فلا حاجة بعد للكاهن أن يربط الذبيحة بقرون المذبح، ولا حاجة بعد إلى دم الثيران أو شحم الكباش، ولا حاجة بعد للفصح، عيد أعياد اليهود، لأن " فصحنا المسيح قد ذُبح لأجلنا" ( 1 كورنثوس 5: 7) فصرنا بعد أن انحسر لثام الشَّبه عن الحقيقة نستمتع لا بظل الأشياء بل بحقيقتها وذاتيتها.
ولم يعالج المسيح ناموس موسى فقط إذ رفع لعنته وأكمل رموزه، بل عالج أيضاً أمر الإنسان كله، فالإنسان الأول صُنع من ترابٍ وسقط، والمسيح اليوم يصنعه جديداً ليحيا إلى الأبد!

إن نيابة آدم تبطل أمام نيابة المسيح، وعهد نوح لا يُذكر أمام عهد المسيح، ودم الذبائح لا يُقاس بدم المسيح، وهتافات اليوبيل تختفي أمام هتافات الإنجيل، ومباهج الأعياد لا تُحسب شيئاً أمام أفراح الخلاص، وراحة السبوت لا توازي سلام الروح القدس، والختان الظاهر في اللحم لا يحاكي ختان القلب بالروح، والأرض التي تفيض لبناً وعسلاً لا تعادل ميراث القديسين في النور.

أشار الهيكل بمحتوياته للمسيح الذي هو استعلان مجد الله، وكان كهنة العهد القديم إشارة لرئيس كهنتنا الأعظم، ورَمَز ملوك بني إسرائيل إلى ذاك الذي ليس لملكه انقضاء، ورَمَز أنبياء التوراة لخدمة ذاك الذي هو كلمة الله ورسم جوهره. فالمسيح إذاً هو الكل في الكل، وفيه يقوم الكل (كولوسي 1: 17) وبه كل شيء " قد أكمل".

-5- أُكمل شرُّ البشرية:
" قد أكمل" شر البشرية، أو كما قال النبي دانيال عن ذلك بروح النبوّة: " جاءت نهاية الإثم ليؤتَى بالبرّ الأبدي" ( دانيال 9: 24).
لقد سادت الخطية على الأرض منذ البدء، فنزلت مياه الطوفان ولم تقدر أن تمحو الخطية (تكوين7)، وسقطت النار من السماء ولم تقدر أن تحرقها (تكوين 19)، وفتحت الأرض فاها ولم تقدر أن تبتلعها ( العدد16)، وجاءت الشريعة برعودها ولم تقدر أن تزعزعها ( الخروج 19)، وثارت الحروب العاتية بما فيها من سبيٍ ونفي ولم تقدر أن تنفيها. ولم تزل الخطية تنمو حتى تجاسرت وسمَّرت مُعطي الشريعة على خشبة. ولكن الخطية جُرحت في تلك المعركة جرحاً مميتاً، فصار المسيح الذبيح ذابحاً، ومَن ظنّوه المغلوب غالباً (عبرانيين 2: 14)‍!
أجل إن الخطية دخلت إلى العالم، وسادت بالألم والموت فسطت وصالت صولتها، وليس من يقدر أن ينتصر ضدها (رومية 5: 12). ولكن جاء حمل الله الذي يرفع خطية العالم، فنقضها وأبطلها وأماتها وأزالها نهائياً، وأخضعنا لحكم البر والحياة (رومية 5: 15). وهكذا وُجدت الينابيع المفتوحة في بيت داود للتطهير من الخطية والنجاسة( زكريا 13: 1)، وعُقد بدم الصليب عهد للصفح عن الخطايا السالفة، فإذا الأشياء العتيقة قد مضت، وكل شيء قد صار جديداً (2 كورنثوس 5: 17)!
لقد سُمّر صك خطايانا بالمسامير (كولوسي 2: 14) وكُتب لنا بحروف حمراء صك البراءة من الخطية من حيث جرمها وقوتها وقصاصها! صُلبت الخطية بالصليب، فتحقق قول المسيح: " والآن يُطرح رئيس هذا العالم خارجاً" (يوحنا 12: 31). كانت الخطية حلقة اتصال بين الشيطان والبشر، والآن كُسرت تلك الحلقة، وانفكت تلك الرابطة وتمّ الوعد: " وأنا إن ارتفعتُ عن الأرض أجذب إليَّ الجميع" ( يوحنا 12: 32).

-6- أُكملت حياة المسيح على الأرض:
عندما شعر المسيح بأنفاسه الأخيرة، أدرك أن مرحلة التجسد، بكل ما فيها من اتضاع، توشك أن تنقضي، فطابت نفسه وفرح. كيف لا وقد مرّت زوبعة الآلآم وصار الجو صافياً، وعبر بحر الأهوال وها هو يصل إلى شاطىء المجد منتصراً، وقطع آخر مرحلة في سياحته الأرضية واقترب إلى الوطن السماوي، وأتمّ الجهاد، وتوقّفت رحى الحرب مسفرةً عن انتصارٍ باهر، وأُكمل السعي ولاحت أكاليل الفوز المبين، وأُسدل الستار على شقاوة الأرض، وكُشف النقاب عن سعادة السماء. لقد صار بينه وبين الفردوس خطوة، فستستقبله أمجاد الأزل. وما أحلى قوله الذي ينمّ عن يقين ويشفّ عن ارتياح: " بعد قليلٍ لا يراني العالم أيضاً، وأما أنتم فترونني. إني أنا حيٌ، فأنتم ستَحيون" ( يوحنا 14: 19).
فإذاً أيها المؤمنون لا بد من بلوغ النهاية ومسك الختام، فإن " آلام الزمان الحاضر لا تُقاس بالمجد العتيد أن يُستعلن فينا" (رومية 8: 18).

-7- أُكمل الفداء:
" قد أكمل" الفداء، وأفرغ المسيح الإنسان في قالب الجمال من جديد. صحيح أن الإنسان سقط سقوطاً لا قيام منه، ولكن جاء الفادي والولي واحتمل عنا كل ما يجب أن نحتمله، ودفع الثمن دماً زكياً كريماً، وأصبحنا في حِلٍّ من خطايانا السالفة، وهو يقول لنا: " أنا هو الماحي ذنوبك لأجل نفسي وخطاياك لا أذكرها" (إشعياء 43: 25). وأصبح الفداء من حيث هو عمل الله بالمسيح وليمة مهيأة جاهزة كاملة لا يحرمنا منها أحدٌ، إلا إذا تأخرنا. لذلك يقول: " اليوم ان سمعتم صوته فلا تقسُّوا قلوبكم" ( مزمور 95: 7- 8 عبرانيين 3: 8).
والفداء من حيث حصولنا عليه هو ماضٍ وحاضر ومستقبل. فبالنسبة للماضي ننال غفران كل ما فات. أما في الحاضر فنحصل على التجديد والتقديس والسلام، أما في المستقبل فنحصل على قيامة الأجساد وحياة الدهر الآتي. لقد تمت الكفارة واستراح المسيح من عملها، وأصبحنا ننال الفداء باستحقاقها ونحن مغتبطون بعمل المسيح لأجلنا " هذه هي الراحة. أريحوا الرازح" ( إش 28: 12).

***
وفي الختام لا يسعنا إلا أن نبدي مقدار تأثير كلمته " قد أُكمل" في نفوسنا:

1- فأول حقيقة ظاهرة ملموسة تمتلك مشاعرنا هي الإقرار بلاهوت المسيح، فإن موته الأليم كان في نظر أعدائه قاضياً على حياته، وكافياً أن يقوّض حصون دعواه أنه المسيح ابن الله، وأن يفصم عُرى مقاصده في اكتساب البشر إليه. ولكن شيئاً من هذا لم يحدث، بل صرح وهو قرير النفس ناعم البال أن كل شيء " قد أُكمل". فقد وفى عهده وفدى خليقته.

2- وثاني حقيقة رائعة تسود على قلوبنا هي قبول خلاص المسيح الكامل كما هو، فليس علينا أن نضيف على عمله شيئاً، لأن عمله كامل، والكامل غير قابل للتحسين أو التكملة، فليس علينا أن نكفّر عن سيئاتنا باحتمال الآلآم أو نشتري غفران خطايانا بالأعمال الصالحة، فكل هذا عيب في حق الصليب. إنما علينا فقط قبول هذا الخلاص بإيمانٍ كامل، ينشىء فينا فرحاً به وحباً له.

3- وثالث حقيقة ترتسم في ذهننا وتنطبع على أفئدتنا هي تكريس نفوسنا للمسيح. فهو له المجد قدّس نفسه لأجلنا وأكمل كل شيء بلا تفريط، وجاد بكل نقطة من دمه، فخليق بنا أن نكرس أجسادنا ذبيحة حية مقدسة مَرْضِيّةً عند الله، عبادتنا العقلية (رومية 12: 1).

4- وآخر حقيقة أذكرها، نعجب بها ونصبو إليها هي الأمانة حتى الموت، فقد كان المسيح ثابتاً إلى النهاية، ولم يتراجع أمام آلة الإعدام، ولم ينزل عن الصليب حتى أكمل ما عليه، فمن الشرف الأعظم أن نتحلى بحليته ونتّسم بسمته، فنكون أمناء في محبة الحق والقيام بواجب الخدمة إلى الموت فننال إكليل الحياة (رؤيا 2: 10).

الكلمة السابعة
" يا أبتاه، في يديك أستودع روحي" ( لوقا 23: 46).
هذه هي آخر الكلمات العزيزة التي نطق بها المسيح على الصليب، ويعتبر ما تضمَّنته من حقائق إحدى دعامات الإيمان المسيحي. فقد أخذ المشاهدون للمسيح المصلوب يُعيّرونه ويستهزئون به ويُنكرون أنه ابن الله. ولكنه وسط كل هذه المفتريات لم يتردد عن أن يعلن أصله الإلهي فنادى: " يا أبتاه".
صحيح أنه كان يشرب كأس الموت، لكنه لم يكن يستشعر خشية ولا يرهب شراً، بل يقول في ملء الهدوء وبكامل الطمأنينة: " في يديك أستودع روحي". قالها بقوة وثقة، لأنه بذل نفسه عن البشر الخطاة بمحض إرادته، وهو القائل عن حياته: " ليس أحدٌ يأخذها منّي، بل أضعها أنا من ذاتي. لي سلطانٌ أن أضعها، ولي سلطانٌ أن آخذها أيضاً" (يوحنا 10: 18).
مات المسيح وقد نكس الرأس علامة الطاعة للآب، وليضم جسده إلى الأرض التي أحب سكانها. فالرأس المكلل بالمجد والعز ينحني الآن في إكليل من الشوك أمام الموت.
مات المسيح في السنة الخامسة عشرة لسلطنة طيباريوس قيصر في السنة السبتية، في الشهر الذي يُعتبر رأس الشهور العبرية، في اليوم الذي قدم فيه الفصح. وبينما كانت ألوف الحملان تُذبح كان الحمل الحقيقي يجود بدمه وبنفسه من أجلنا. فكان موته بداءة حياة وراحة وعيد للجنس البشري.
مات المسيح رب المعجزات، فلا عجب أن انشقّ حجاب الهيكل وتزلزلت الأرض وتشققت الصخور وتفتحت القبور وقام كثير من أجساد الراقدين. وجميع الذين كانوا مجتمعين لهذا المنظر رجعوا وهم يقرعون صدورهم قائلين: " سحقا كان هذا الإنسان باراً" ( لوقا 23: 47و 48).
مات المسيح رئيس الحياة فهل تُطوَى صحيفته ويلحق بغيره من البشر؟ لا !! فقد استودع نفسه بطمأنينة مطلقة في يد الآب ليقوم في اليوم الثالث. فترون من هذا أن كلمته الأخيرة برهان واضح على ثقته الوطيدة بالآب، وحجة دامغة عن نظرته للموت، وشاهد صادق عن سلامه التام.

-1- ثقته الوطيدة بالآب

في أتون الألم لم يعترِ المسيح شك من جهة صلته بالآب، بل نراه يسلم نفسه إليه في طاعة كاملة وخضوع كلي. كانت أول كلماته على الصليب: " يا أبتاه" وآخر كلماته: " يا أبتاه". فكان الله ملء تفكيره ومطمع نفسه في البدء والختام. وقد اقتبس المسيح كلمته الأخيرة من أقوال داود النبي حيث قال: " في يدك استودع روحي. فديتني يا رب إله الحق" (مزمور 31: 5) فاقتبس المسيح الجزء الأول من آية داود ولم يقتبس آخرها، لأن داود كان محتاجاً للفداء، أما ابن داود فهو صانع الفداء! وهناك فرق آخر: لم ينادِ داود الله " يا أبتاه" مع أن الله سمح له أن يدعوه " أباً" كما هو مكتوب في مزمور 89: 26 " هو يدعوني أبي. أنت إلهي صخرة خلاصي" وأما المسيح فقد أضاف كلمة " يا أبتاه" على الاقتباس مبرهناً نسبته ومقامه الإلهيَّين. فخليقٌ بنا أن نحذو حذو المسيح في هذا، فنتمسك بالرب الإله القادر على كل شيء، ونؤمن أن " عند الرب السيد للموت مخارج" ( مزمور 68: 20) وأنه " الذي يحيي الموتى، ويدعو الأشياء غير الموجودة كأنها موجودة" ( رومية 4: 17).
وبهذا الإيمان نجتاز ساعتنا الأخيرة، ساعة الاحتضار وقد سلَّمنا أنفسنا لله بثقة تامة. أليس هو خالقنا وأب نفوسنا وقد ختمنا بروحه القدوس؟ فكيف مع هذا لا يفتح أمامنا أبواب المجد؟ إننا أعضاء جسد المسيح وهو رأسنا، ونحن لحم من لحمه وعظم من عظمه ( أفسس 5: 30) فنحن مستودَعون فيه في يد الله، وهو إذ أحبنا نحن خاصته أحبنا إلى المنتهى ( يوحنا 13: 1)، وليس كما يحب أهل العالم في أوقات النجاح فقط. إنه يحبنا حتى ذهب جمالنا وضاعت قوتنا وعلانا التراب! أليس هو القائل: " إلى الشيخوخة أنا هو، وإلى الشيبة أنا أحمل. قد فعلتُ وأنا أرفع وأنا أحمل وأنجّي" (إشعياء 46: 4).

-2- نظرته للموت

آراء الناس:
يرى جماعة من الناس ( ويُطلق عليهم غالباً اسم الطبيعيين) أن الإنسان يفنى بفناء جسده، وبناءً على هذه النظرية الخاطئة ينكرون الله والوحي والفضيلة والثواب والعقاب. فمنهم من ينهمك في الشهوات وينعِّم نفسه بملذّات الحياة الحاضرة كالأبيقوريين، ومنهم من يتعثر في أذيال اليأس وتضيق في وجهه مسالك الدنيا ولا يعرف لها معنى، فيحبّذ الانتحار كالرواقيين، ومنهم من يصل في ختام مطافه إلى الاقتناع بعدم كفاءة العقل البشري فيأتي متضعاً ليتعلّم من الله تعليماً يمنح الإنسان حياةً خصيبة، ومعرفةً للحق وسلوكاً في البر وتمتّعاً بالسلام، فضلاً عما يمنحه من يقين ورجاء في سعادة الخلود وراء هذه الحياة!
إن الروح شيء والحياة الحيوانية شيء آخر، فالروح كائن حي عاقل خالد، ويمكن وجودها مع الجسد كالحال مع سائر البشر، أو منفصلة عنه كالحال مع الله تعالى والملائكة. وعندما يموت جسد الإنسان " تخرج روحه فيعود إلى ترابه" ( مزمور 146: 4) " يرجع التراب إلى الأرض كما كان، وترجع الروح إلى الله الذي أعطاها" (جامعة 12: 7).

اختبار المسيح:
بعد أن أتمّ المسيح مقاصد حياته وأنهاها " اسلم الروح". وكان هذا آخر وأعلى برهان عن بشريته الكاملة، وبما أنه صرف حياته تامة كاملة لأجل تقديس الناس، فلأجل فدائهم وضع حياته الطاهرة الكاملة على مذبح الموت ليكفر عنهم. وهكذا انطفأت شعلة الحياة بانفصال الروح عن الجسد، فاستودع جسده في بطن الأرض، واستودع روحه في يد الآب!

رأي المسيح:
التعبير الذي عبَّر به المسيح عن الحالة والمكان اللذين تكون فيهما روحه هو تعبير جدير بالالتفات، فقد قال: " في يديك أستودع روحي". فالروح إذاً وديعة! والموت توريد الوديعة إلى صاحبها! ويد الآب هي المرفأ الأمين للحفظ والأمن!

عندما تكون عندنا أشياء ثمينة لا نقدر على حفظها بأنفسنا، نستودعها عند شخص تُشترط فيه شروط ثلاثة: أن يكون قوياً، وأن يكون حكيماً، وأن يكون محباً. أما أن يكون قوياً فلكي يحميها من أن تعبث بها يد اللصوصية، وأما أن يكون حكيماً فلكي يتصرف بها حسناً فيستزيدها ويستثمرها، وأما أن يكون محباً فلكي يردّها إلينا سالمة وزائدة. قال المسيح: " كل مَن أُعطي كثيراً يُطلب منه كثير، ومن يودعونه كثيراً يطالبونه بأكثر" ( لوقا 12: 48). ومعلوم أنه ليس عند الإنسان أثمن من نفسه، وليس لنا شخص أقوى وأحكم وأكثر حباً لسعادتنا من الله تعالى.
أما عن قدرته فقد قال فيها الرسول بولس: " لأنني عالِم بمن آمنت، وموقن أنه قادر أن يحفظ وديعتي إلى ذلك اليوم" ( 2 تيموثاوس 1: 12). فإذا انتشرت الأوبئة، أو نشبت الحروب، أو اشتد ظلم الإنسان على أخيه الإنسان فالنفس لا يقدرون أن يقتلوها لأنها وديعة في ذمة الله!
وأما عن حكمته فما أكثر غناها، فهو لم يخلقنا للعبث والفناء بل للبعث والبقاء، وهو " ليس إله أموات بل إله أحياء" (متى 22: 32). وإن كانت أرواحنا وهي سجينة في الجسد المادي يكللها بالمجد والكرامة، فماذا يفعل بها عندما تكون بين يديه وتراه وجهاً لوجه؟ قال أيوب: " أما أنا فقد علمتُ أن وليّي حيٌ والآخِرَ على الأرض يقوم. وبعد أن يُفنى جلدي هذا، وبدون جسدي أرى الله. الذي أراه أنا لنفسي، وعيناي تنظران وليس آخر. إلى ذاك تتوق كليتاي في جوفي" ( أيوب 19: 25- 27). وقال بولس الرسول: " لي اشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح. ذاك أفضل جداً" ( فيلبي 1: 23). فلا بد أن النفس تمتلىء راحة وعزاء وتزيد مجداً وهناءً، لأنها وديعة في ذمة الله.
وأما عن محبته فلندع الصليب يتكلم عن قوتها. وبما أنه " عزيز في عيني الرب موت أتقيائه" ( مزمور 116: 15) لذلك سيرد الوديعة مزوَّدة بالربح " تحيا أمواتك. تقوم الجثث. استيقظوا ترنَّموا يا سكان التراب" ( اشعياء 26: 19). وأي ربحٍ للروح أكثر من أن تلبس جسداً سماوياً قوياً مجيداً بعد أن كانت تلبس جسداً ترابياً ضعيفاً مُهاناً.
سلَّم المسيح وديعته للآب، فرُدَّت إليه في مظاهر القوة والانتصار في اليوم الثالث. فأين شوكة الموت، وأين غلبة الهاوية؟ (1 كورنثوس 15: 55). " فإذاً الذين يتألمون بحسب مشيئة الله فليستودعوا أنفسهم كما لخالقٍ أمين في عمل الخير" ( 1 بطرس 4: 19). فينبغي أن نكون أمناء للرب، فكما أن المصارف لا تقبل ودائع من عملة زائفة، كذلك لا يقبل الرب أن يحفظ نفوسنا غير التائبة. وإن كنا لا نجسر أن نستودع عقاراً سبق أن تصرّفنا فيه بالبيع لآخرين، لئلا نقع في جريمة التزوير، فكيف نستودع أنفسنا في يد الله في الوقت الذي نضع فيه أنفسنا بمحض إرادتنا في حيازة الشيطان؟

-3- سلامه التام

خوف الإنسان:
الإنسان في عبودية قاسية. ألا نرى كيف نمضي حياتنا في خوف مستمر من الموت، وأخيراً نُساق إليه مرغمين، فنخضع له كرهاً أو طوعاً؟ فالموت جاثم لنا في كل بقعة، وهو يفاجئنا من أبواب شتى وطرق عدة. وسواء حملنا صولجانات الملوك أو معاول الفلاحين، فسيأتي الموت ويأخذنا من فوق الأرض إلى تحتها! فكيف لا نخشاه وبأي وجه نسلم له؟

سلام المسيح:
لقد أنار المسيح أمامنا الطريق، فقابل الموت بثغر باسم وصدر رحب. كيف لا وهو الله الذي دخل العالم طفلاً وديعاً وخرج منه إنساناً مائتاً. وكان الوحيد الذي دخل العالم بإرادته وخرج منه بإرادته. أما الإنسان فليس له سلطان على روحه يحيا أو يموت. ولكن المسيح قدم نفسه للموت باختياره، وقال في ذلك: " ليس أحدٌ يأخذها مني. لي سلطان أن أضعها ولي سلطان أن آخذها أيضاً" ( يوحنا 10: 18).
يستحق الخاطىء أن يموت، ولكن المسيح أحنى رأسه من تلقاء نفسه للموت الذي لم يكن له سلطان على جسمه الخالي من الخطية. لقد جعل لذته فينا " فوضع نفسه حتى الموت" (فيلبي 2: 8) " وجعل نفسه ذبيحة إثم" (إشعياء 53: 10) " وبذل نفسه عن الخراف" (يوحنا 10: 11) " لأنه لم يأت ليُخدم بل ليَخدم ويبذل نفسه فدية عن كثيرين" (مرقس 10: 45). ولما أحس أنه على أبواب السماء غمرته إحساسات بهيجة، ولسان حاله يقول: " من عند الله خرجت وإلى الله أمضي"!(يوحنا 13: 3).
أجل. لقد مضى ليُعِدّ لنا مكاناً، ونحن نسير وراءه ونجري في طريقه. فكيف نحزن وقد ارتقينا من الأرض إلى السماء، وقد انكشف القناع عن حقيقة الموت فإذا به وإن أخذ شكل الخسارة إلا أنه عين الربح!

***

ويلقي ظل الصليب نوراً باهراً على الحياة والموت والأبدية، وإنها سعادة لا توصف أن سير في هذا النور! فصليب المسيح هو كرسي تعليمه، ومنه نتعلم كيف نصرف الحياة باستقامة لتكون أبديتنا سعيدة، فنحن مسؤولون عن أنفسنا، فإن استودعنا أنفسنا لله هنا نجدها هناك. ومن يقف بالإيمان بين يدي الرحمة هنا لا يُدان بالخطية بين يدي العدل هناك.
وأما عن الموت فالصليب يعلمنا كيف نلاقيه بثقة وجرأة واعتماد على الله. فالمسيح لمس طبيعتنا البشرية حتى في موتنا وترك لنا مثالاً، ذاك الذي تخجل الملائكة من وجهه أحنى رأسه لنحني نحن رؤوسنا للموت صابرين ومسَلِّمين لمشيئة الله.
وأما عن الأبدية فالصليب يكشف لنا عن حياةٍ لا تفنى وراء القبر. لقد استهان المسيح بعار الصليب لأنه نظر للرجاء الموضوع أمامه (عبرانيين 12: 2). ونحن بسبب معرفتنا أن الله خالقنا وفادينا نؤكد أن عنايته بنا في الحياة الحاضرة لا تتغيَّر بتغيُّرنا بالموت! فكما تغيب الشمس على رجاء الشروق، وتذبل أوراق الشتاء على رجاء ازدهارها في الربيع، كذلك نحن نموت في المسيح على رجاء القيامة. وكما تتحوّل الخرق البالية إلى أوراق لامعة، والرمل المهمَل إلى زجاج وبلور، وكما تموت البذور لتستحيل إلى نبات أخضر، وتتكسر قشور البيض لتخرج عصافير ذات أجنحة، وتُدفن الدودة في الشرنقة لتقوم فراشةً جميلةً، كذلك نحن نموت في المسيح لنقوم أخيراً في مجدٍ لم تره عين ولم تسمع به أذن ولم يخطر على بال إنسان.
" في وقت مقبول سمعتك وفي يوم خلاص أعنتك هوذا الآن وقت مقبول هوذا الآن يوم خلاص." ( 2 كو 6: 2).


تأمل عن الفرح المسيحى.
تعلمت كثير من منتدى الفرح تعلمت الحب الحكمة الوداعة
احترام الآخر كما إننى تعلمت الكثير والكثير من خلال الموضوعات الجميلة التى يقدمها أعضاء الفرح المسيحى
اتمنى ان استمر معكم فى كل وقت
لانه شرف عظيم الانتماء لهذا الصرح العظيم
 
قديم 30 - 03 - 2016, 08:43 PM   رقم المشاركة : ( 40 )
sama smsma Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية sama smsma

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 8
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : قلب طفلة ترفض أن تكبر
المشاركـــــــات : 91,915

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

sama smsma غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية

مش عارفة اقول اية بجد شكرا لكل اللى شاركوا معانا
انا بجد استفادت من كل اللى كتبتوه
ربنا يبارك تعب ايديكم مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية
شكرا ليكم مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية

و الف مبروك اول وتانى مشاركة

بنتك انا
مريم ميرو
كانوا الاسرع

هايتم ارسال كروت الشحن فى رسائل خاصة
ودى هدية بسيطة من بابا يسوع

مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية


مسابقة الصوم الكبير الاسبوعية




 
موضوع مغلق


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
المسابقة الاسبوعية عن احاد الصوم الكبير ( احد المولود اعمى )
المسابقة الاسبوعية عن احاد الصوم الكبير ( احد المخلع )
المسابقة الاسبوعية عن احاد الصوم الكبير ( احد المرأة السامرية )
المسابقة الاسبوعية عن احاد الصوم الكبير ( احد الابن الضال )
المسابقة الاسبوعية عن احاد الصوم الكبير ( احد التجربة )


الساعة الآن 09:28 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025