25 - 10 - 2014, 05:30 PM | رقم المشاركة : ( 31 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: المعجزات في الكتاب المقدس
شفى يسوع رجُلاً أصمَّ معقودَ اللِّسان
نصّ الإنجيل جاءَ الناسُ إلى يسوع بأصَمَّ معقودَ اللِّسانِ وسأَلوهُ أن يضَعَ يَدَهُ عليهِ. فانفَرَدَ بهِ عَن الجمعِ، وجَعَلَ إِصْبَعَيْهِ في أُذُنَيْهِ ، ثُمَّ تَفَلَ ولَمَسَ لِسانَهُ. ورَفَعَ عينَيْه نحوَ السَماءِ مُتَنَهِّداً وقالَ لهُ : " إَفَّتِحْ " (أيْ انفَتِحْ). فانفَتَحَ مِسْمعاهُ وانْحَلَّتْ عُقْدَةُ لِسانِهِ، فتَكَلَّمَ بِلِسانٍ طليق. وأوصاهُمْ ألاّ يُخْبِروا أحَداً. فكانَ كلَّما أكْثَرَ مِنْ توصيَتِهِمْ، أكثَروا مِنْ إذاعَةِ خَبَرِهِ. وكانوا يقولون وهُمْ في غايةِ الإِعْجاب : " قد أبْدَعَ في أعمالِهِ كلِّها، إذْ جَعَلَ الصُمَّ يَسمَعون والخُرْسَ ينطِقون ". (مرقس 7/31-37) كان لهذه المعجزة طابعٌ خاص لم تكن هذه المعجزة كغيرها من المعجزات التي صنعها يسوع، بل كان لها طابعٌ خاص بها. كان من عادته أن يقول كلمةً واحدة، وتحدُثُ المعجزةُ، كمعجزة إحياء ابن أرملة نائين : " أيّها الفتى لكَ أقولُ : قُمْ " (لوقا 7/11-17) ، أو أن يأمر المرض بالزوال وهو بعيدٌ عن المريض، فيزول المرض، كمعجزة شفاء خادم قائد المئة (متى 8/5-13) ، أو أَلاَّ يتفوّه بأيّة كلمة، كمعجزة شفاء المرأة المنزوفة (متى 9/20-22) . ولكنّه غيّر طريقته في إجراء هذه المعجزة. فقد اخذ الأصمّ المعقود اللِّسان على انفراد، ورفع عينَيْه نحو السماء، وتنهّد، وجعل إصبَعيْه في أُذُنَيْه، ولمس لسانه بريقه وقال له : " انفتحْ ". لقد أشرك إنسانيّته في عمله الإلهي : أشرك فمه الذي تكلّم، وقلبه الذي تنهّد، وعينَيْه اللتين وجّه بصرهما نحو السماء، وإصبعَيْه اللتين ادخلهما في أُذُنَيْ الأصمّ، ولسانه الذي أعطى الأخرس شيئاً من ريقه. وبتعبيرٍ آخر، فإنّ قوّته الإلهيّة التي شفت هذا الأصمَّ المعقود اللِّسان، لم تُعِدْ إليه السمع، ولم تَفُكَّ عُقدة لسانه بعملٍ مباشر، بل مرّت بقناة إنسانيَّته. فقد صنع هذه المعجزة وهو إلهٌ وإنسانٌ معاً. إنه استخدم هذه الطريقة أمام تلاميذه لأنه كان مزمعاً أن يفرضها يوماً ما عليهم، وعلى الكنيسة من بعدهم، لمنح المؤمنين الحياة الإلهيّة. لذلك كانت هذه المعجزة تمهيداً لرسم " الأسرار السبعة " التي يعمل بها يسوع اليومَ لتقديس نفوس المؤمنين به. يسوع يعمل الآن بوساطة الأسرار المقدّسة إن هذه المعجزة ذات الطابع الخاص تعلّمنا أموراً ثلاثة جليلة الأهميّة وهي : 1- إن يسوع الذي عمِلَ كثيراً في حياته الأرضيّة لأجل المرضى والمتألّمين، لا يتوقف اليومَ عن العمل، بل يعمل أكثر مِمَّا كان يعمَلُهُ قديماً. فهو يعمل الآن لا في سبيل البائسين وحدَهم، بل في سبيل جميع المؤمنين به، ولا يستثني أحداً من عطفه وعنايته ومواهبه الإلهيّة. 2- ثمّ إنّ هدف عمله الإلهي قد تغيّر، ويكاد التغيير أن يكون كاملاً. كان في الماضي يعمل، في كثيرٍ من الأحيان، لمنفعة أجساد الناس. أمّا اليومَ فهو يعمل ليحقّق في نفوس المؤمنين به ما جاء لأجله إلى العالم، وهو أن يمنحهم الحياة الإلهيّة، ويمنحهم إيّاها بوفرة. قال: " لقد أتيتُ لتكونَ لهُم الحياةُ، وتكونَ لهُم بوفرَة ".(يوحنَّا 10/11) إنّه يعمل الآن في نفوسهم ليهبَهم روحه القدّوس، ويُلهِمَهم الانقياد إلى هذا الروح الإلهي، ويجعلهم به أبناءَ الله بالتبنّي (رسالة بولس الرسول إلى اهل رومة 8/14-17). 3- والأمر الثالث هو أنّ يسوع كان على الأرض يعمل بنفسه أعمالاً مباشرة، ولا يلجأ إلى أحد ليُشرِكَه معه في أعماله. أمّا اليومَ فهو يعمل بوساطة خدّام الكنيسة، مِنَ الأساقفة والكهنة، وعن طريق منح الأسرار المقدّسة السبعة التي رسمها للمؤمنين قبل أن يصعد إلى السماء. فعندما يعمّد الكاهن طفلاً بالماء المقدّس، وهو يلفظ اسم الآب والابن والروح القدس، فإنّ يسوع نفسَهُ الإله والإنسان، والحاضر بألوهيّته وإنسانيّته مع الكاهن حضوراً غير منظور، يمنح الطفل المعموديّة، ويمنحه بها الحياة الإلهيّة التي تجعله ابناً لله بالتبنّي. فليس الكاهن إلاّ وساطة منظورة قائمة بين يسوع والمعمَّد. وهكذا فإنّ يسوع نفسه الحاضر حضوراً حقيقيّاً، وإنْ كان غير منظور، يثبّت المعمَّد في الإيمان، ويحوّل الخبز إلى جسده والخمر إلى دمه في أثناء القدّاس، ويغفِر خطايا المؤمن التائب، ويَهَب المؤمنين المتزوّجين نعمة ثبات الزواج المسيحي، ويُبعِد عن المنازع تجارب الشيطان. إنّ ما عمله يسوع في الماضي بصورةٍ منظورة ليمنَحَ الأصمَّ الأخرس السمَعَ وطلاقةَ اللِِّسان، يعمله اليومَ بطريقةٍ غير منظورة، فيمنح المؤمنين به، بوساطة خُدّام الكنيسة والأسرار المقدّسة، الحياةَ الإلهيّة، ويجعلهم أبناء الله بالتبنّي. إنّ هذه المعجزة أثارت إعجاب الناس 1- إنّ هذه المعجزة التي صنعها في سبيل الأصمِّ المعقودِ اللِّسان قد أثارت إعجاب الحاضرين أكثرَ من غيرها، لأنها ذكّرتهم بالمعجزات السابقة التي صنعها في سبيل المرضى والحزانى والصُمّ والعُميان والمقعدين والمتألّمين. ولذلك فإنّهم أذاعوها في كلّ مكان، على الرَّغم من أنّ يسوع قد أوصاهم كثيراً بأن يكتموها ولا يخبروا بها أحداً. إنّ هذا الإعجاب دليلٌ واضح على ما أبداه يسوع من حنانٍ على الناس المتألّمين وحبّه لهم، وعلى اهتمامه بمشكلاتهم الجسديّة الكثيرة. 2-غير أن سعيه لإنقاذ الشعب المتألّم من آلام هذه الحياة الأرضيّة كان رمزاً لسعيه لإنقاذ الخطأة من آلام الخطيئة المتحكّمة بقلوبهم. فإنّه لم يأتِ إلى الأرض لإصابة أهدافٍ أرضيّة، من شفاء ومؤاساة وتعزية وإحياء الموتى، بل جاء لإصابة أهدافٍ روحيّة، وهي نشر ملكوت الله، وفتح أبواب السماء المُغلقة في وجوه مَنِ اهتدَوا إلى الإيمان به، وعمِلوا البِرّ ، وتبعوه على طريق العبادة والتضحية والمحبّة. نسمع ونتكلّم لنسبّح الله ونمجّده 1- جعل يسوع الرجل الأصمّ والأخرس يسمع ويتكلّم. فمِمَّا لا شكّ فيه أنّ للكلام والسمع هدفاً حيويّاً واجتماعياً. فإنّه من الصعب جداً على المرء أن يعيش وهو أصمّ أخرس لا يسمع ولا يتكلّم. فإنّ حاجاته اليوميّة تقتضي أن يكون له أُذُنَان تسمعان ولسان يتكلّم . 2- إنّ للسمع والكلام هدفاً آخر أسمى من الهدف الأرضي، وهو أن يسبّح الله بهما ويمجّده. فالمسيحي الحقّ يسمع كلام الله الوارد في الإنجيل، ويتكلّم بكلام الله المطبوع في قلبه بعد أن يكون قد سمعه من التلاوة الإنجيليّة. فهو ينقل بلسانه إلى الآخرين الحقيقة الإلهيّة، ويبشّرهم بملكوت الله. 3- يدعونا الكتاب المقدّس إلى أن نتكلّم بكلام الحكمة، ونمتنع عن كلام الجهل والكَذِب والشهادة بالزور وكلام الفحش : " لا تعوّدْ فاكَ فحشَ الكلام، فإنّ ذلك لا يخلو من خطيئة ". (ابن سيراخ 23/17) وقال بولس الرسول : " كفّوا عن الكذب، وليصدُق كلٌّ منكم قريبَهُ ". (أفسس 4/25) التطبيق العملي 1- إنّ الأسرار السبعة المقدّسة التي رسمها يسوع تقدّسنا وترافقنا من المهد إلى اللَّحد. فالمعموديّة تَلِدُنا للحياة الإلهيّة، والميرون يثبّت فينا هذه الحياة، والقربان الأقدس يغذّيها وينمّيها، وسرّ التوبة يُعيدها إلينا إذا ما فقدناها بالخطيئة، والمسحة الأخيرة تصونها من هجمات الشيطان عند ساعة الموت، وسرّ الزواج يقدّس الزوجين ويؤازرهما على أن يعيشا عيشة المحبّة المتبادلة. أمّا سرّ الكهنوت فهو الوسيلة الروحيّة الكبرى التي يمنح بها يسوع، الكاهنُ الأعظم، المؤمنينَ به الأسرارَ المقدّسة، فتكون حياتهم الأرضيّة منتعشة بالحياة الإلهيّة التي تؤهّلهم للحياة الأبديّة. 2- نلاحظ أن بعض المسيحيّين اليومَ يتهرّبون من سماع المواعظ الدينيّة، أو إذا فُرِضت عليهم في أثناء القدّاس فإنّهم ينتظرون بفارغ الصبر نهاية "العظة" التي ينعتونها بالعِظة |
||||
25 - 10 - 2014, 05:30 PM | رقم المشاركة : ( 32 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: المعجزات في الكتاب المقدس
كثّر يسوع الخبز والسمك في البرّية للمرّة الأولى نصّ الإنجيل واجتمعَ الرُسُلُ عِندَ يسوع، وأخبَروهُ بجَميعِ ما عمِلوا وعَلَّموا. فقالَ لَهُم: " تَعَالَوا إلى مكانٍ قَفْرٍ، واستَريحوا قليلاً ". لأنَّ القادمينَ والذاهبينَ كانوا كُثْراً حتّى لَمْ تُتَحْ لَهُم فُرْصَةٌ لِتَناولِ الطعام. فمَضَوا في السفينةِ إلى مكانٍ قَفْرٍ يَعتَزلونَ فيه. فرآهُم الناسُ ذاهبين، وعَلِمَ بالأَمْرِ كثيرٌ مِنهُم، فأسْرَعوا سَيراً على الأقدامِ مِنْ جميعِ المُدُنِ وسبقوهُم إلى ذلك المكان. فلَمَّا نَزَلَ إلى البَرِّ رأى جَمْعاً كبيراً، فأَخَذَتْهُ الشَفَقَةُ عليهم، لأنَّهُم كانوا كغَنَمٍ لا راعيَ لها، وشَرَعَ يُعَلِّمُهُم أشياءَ كثيرة. وفاتَ الوقت، فدنا إليه تلاميذُهُ وقالوا : " المكانُ قَفْرٌ وقد فاتَ الوقت، فاصرِفْهُم ليذهَبوا إلى المزارعِ والقُرى المجاورة، فيشتروا لهُم ما يأكلون". فأجابَهُم : " أعْطوهُم أنتُمْ ما يأكلون ". فقالوا لهُ : " أنَذْهَبُ فنشتريَ خُبزاً بمئتَيْ دينار ونُعطيَهُم ليأكلوا ؟ " فقالَ لَهُم : " كَمْ رغيفاً لديكُمْ ؟ اذهَبوا فانظروا ". فتَحَقَّقوا ما لديهم ثُمَّ قالوا : " خَمسَةٌ وسمكتان ". فأَمَرَهُم بإقعادِ الناسِ كلِّهِم فئةً فئةً على العُشبِ الأخضَر. فقَعَدوا أفواجاً مِنها مئة ومِنها خمسون. فأخَذَ الأرغِفَةَ الخمسةَ والسمَكَتين ورَفَعَ عينَيْه نحو السماء، وبارَكَ وكسَرَ الأرغِفَة، ثُمَّ جَعَلَ يُعطي تلاميذَهُ لِيُناوِلوهم، وقسَّمَ السَمَكَتينِ عليهم جميعاً. فأَكَلوا كُلُّهُم حتى شَبِعوا. ثُمَّ رَفَعوا اثنَتَيْ عشْرَةَ قُفَّةً مُمتَلِئةً مِن الكِسَرِ وفضَلاتِ السَمَكَتَيْن. وكان الآكِلون خمسةَ آلافِ رجُل. فلَمَّا رأى الناسُ الآيَةَ التي أتى بها يسوع، قالوا : " حقّاً هذا هو النبيُّ الآتي إلى العالم". وشَعَرَ يسوع أنَّهُم يَهُمّونَ باختطافِهِ مَلِكاً، فابْتَعَدَ عنهُم. (مرقس 6/30-44 ويوحنَّا 6/14-15) أشفَق يسوع على الجموع المحتشدة عاد تلاميذ يسوع من رحلتهم التبشيريّة في الجليل ، وأخبروا يسوع بما"عَمِلوا وعَلَّموا". وكانوا تعبين جدّاً. فقالَ لهُم يسوع : " تعالَوا نَذهَب إلى مكانٍ قَفْرٍ لتَستريحوا هناك قليلاً ". فركبوا السفينة وانطلقوا في البحيرة باتّجاه قرية بيت صيدا. ورآهم الناس قد ركبوا السفينة فسبقوهم ماشين إلى المكان الذي كانوا متوجّهين إليه. وكانوا كثيرين. فلمَّا وصل يسوع إلى المكان رآهم مجتمعين لاستقباله، فأشفق عليهم. كان سبب شفقته عليهم أنَّ الجهل الديني كان مخيّماً عليهم، فلم يكونوا يعرفون شيئاً من أمور دينهم، ولا من واجباتهم الخُلُقيّة، ولا من الفضائل التي دعاهم الله إلى ممارستها، بل كانوا يعيشون تائهين روحيّاً كالخراف الشاردة التي لا راعي لها. وأخذَ يسوع يعلّمهم ويشرح لهم قواعد دينهم، ويهيّئ قلوبهم لقبول ملكوت الله بالإيمان والتوبة والأعمال الصالحة. ثمَّ جعل يتنقّل بينهم وهو يفتح عيون العميان، ويقوّي عضلات المُقعدين، ويُعيد الصحّة إلى المرضى، ويُزيل الألم عن المتألّمين، ولا يهدأ من التكلّم على أبوّة الله وحنانه وحبّه، وعلى ضرورة سلوك الحياة الفاضلة. وطال حديث يسوع وتجواله بين الناس إلى أن مالت الشمس إلى المغيب. معجزة تكثير الخبز والسمك للمرّة الأولى عرف التلاميذ أنَّ الناس قد شعروا بالجوع. فأطلعوا يسوع على ذلك، وسألوه أن يصرفهم ليذهبوا إلى المزارع والقرى المجاورة ويبتاعوا لهم طعاماً. ولكنَّ يسوع أراد أن يكافئ إقبالهم على سَماع كلمة الله، كما أراد أن يقوّي إيمان تلاميذه ويشدّد تعلّقهم به، فرفض أن يصرف الناس جائعين. فكثّر الخبز والسمك وأطعمهم جميعاً، فأكلوا وشبعوا وفضل عنهم. معجزة الخبز والسمك تذكّرنا بعناية الله إن هذه المعجزة تذكّرنا بعناية الله للبشر. فقد وضع الله في الكائنات الحيّة من الحيوانات والنباتات قدرةً خفيّة تمكّنها من النموّ والتكاثر في سبيل تأمين حاجات البشر. إنّ هذا التكاثر هو سرّ الحياة، وقد أراده الله ليوفّر للناس ما يحتاجون إليه من طعام وكسوة. لقد اعتادت عيوننا رؤية هذا التكاثر العجيب، ولم نَعُدْ نشعر بأنّه معجزة مستمرّة من معجزات الله التي يصنعها في سبيل بقاء البشريّة على الأرض ونموّها وسعادتها، وننسى أن نرفع إلى قدرته تعالى آيات الحمد والتسبيح ونقول مع صاحب المزمور : " ما أعظمَ أعمالَكَ يا رب ! لقد صنعتَ جميعَها بالحِكمة ". (مزمور 103/24) أرادوا أن يختطفوه ليقيموه ملكاً ذكر يوحنَّا الإنجيلي أن معجزة تكثير الخبز والسمك في البرّية قد ألهبت حماسة الجمهور المحتشد. فشعر الناس شعوراً قويّاً بأنّ يسوع نبيٌّ عظيم، بل النَّبيُّ الأعظم الذي لا تقف في وجهه عقبة مهما كانت قاسية وشامخة. وكانت هناك عقبةٌ سياسيّة كأداء لم يكونوا يستطيعون التغلّبَ عليها، وهي احتلال الدولة الرومانيّة لأرضهم. لقد استعمرت هذه الدولة الجبَّارة بلاداً واسعة وشعوباً كثيرة وقويّة، ولم يكن باستطاعة الشعب اليهودي المحدود القوى أن ينتصر عليها. فقالوا في ما بينهم : " لقد أرسلَ الله إلينا هذا النَّبيّ القدير ليحرّرنا من استعمار الرومانيّين ويؤسّس لنا دولةً قويّة تسيطر لا على الرومانيّين فحسب، بل على العالم كلّه ". إنّ هذا الاتجاه السياسي دفع الكثيرين من الرجال إلى أن يلتفّوا حول يسوع ليرفعوه على أكتافهم وينادوا به ملكاً على إسرائيل، وهدفُهم أن يضرموا في قلبه نار العاطفة الوطنيّة، فيدحر الرومانيّين، ويؤسّس لهم الدولة العبريّة المنشودة. ولكنّ يسوع أتى إلى العالم لينشر ملكوت الله على الأرض، وهو ملكوت روحيّ، لا ليؤسّس دولةً لإسرائيل. فلمّا عرف نيّتهم السياسيّة صرفهم على الفور وصرف الجمع كلّه، وأمر تلاميذه بأن يركبوا السفينة ويسبقوه إلى الطرف الآخر من البحيرة. ثمّ صعد الجبلَ ليصلّي لأجل هذا الشعب التائه والغارق في المؤامرات السياسيَّة والبعيد كلَّ البعد عن الله خالقه. لقد نبذَ هذا الشعب غير المؤمن تعاليمَ الأنبياء القدّيسين ووجّه قلبه وعقله لا إلى التقوى ونشر ملكوت الله ، بل إلى الأطماع الدنيويّة الزائلة، فنبذه الله. معجزة الخبز والسمك هيَّأَت التلاميذ للمعجزة الكبرى لقد عمل يسوع في البرّية ما كان يرمز إلى ما سيعملُهُ في الغرفة الكبيرة ليلةَ اجتماعه بتلاميذه في العشاء الأخير. ففي تلك الليلة أخذ خبزاً وباركه وكسره وناولهم إيَّاه قائلاً : " خذوا كلوا. هذا هو جسدي ". ثمّ أخذ كأساً فيها خمر وقال : " اشربوا من هذا. هذا هو دمي ". كان يسوع ينوي بمعجزة تكثير الخبز في البرّية أن يهيّئ تلاميذه لقبول المعجزة الكبرى التي قرّر أن يصنعها قبل أن يتألّم ويموت، وهي أن يحوّل الخبز إلى جسده والخمر إلى دمه. وكانت معجزة تكثير الخبز أيضاً مناسبة موفّقة اغتنمها يسوع ليعِدَ المؤمنين به بأنّه سوف يعطيهم جسده طعاماً ودمه شراباً، لتكون لهم الحياة الأبديّة. قال لهم : " مَنْ أكَلَ جسدي وشرِبَ دمي، فلهُ الحياةُ الأبديَّة، وأنا أقيمُهُ في اليومِ الأخير، لأنَّ جسدي طعامٌ حقّ ودمي شرابٌ حقّ " (يوحنَّا 6/54-55) التطبيق العملي 1- أطعم يسوع الشعب الجائع. فالطعام عطيّةٌ من الله، وهو واحدٌ من العطايا الكثيرة التي يهبنا الله إيّاها. عدِّدْ في هذه المناسبة عطايا الله للبشر على النحو التالي: العطايا الجسديّة ... والعطايا العقليّة... والعطايا النفسيّة... والعطايا الخُلُقيّة... والعطايا الإيمانيّة... وأوضحْ طبيعة كلٍّ من هذه العطايا مع ذكر بعض الأمثلة. 2- إن أعظم العطايا التي منحنا يسوع إيَّاها هي أنّه وهبنا ذاته في سرّ القربان الأقدس. إنّ العقل البشري لا يمكن أن يستوعب عِظَمَ هذه الهبة الروحيّة. فهي لا تُفَسَّر إلاّ بالحبّ العظيم غير المحدود الذي كان يحتفظ به في قلبه لكلّ واحدٍِ منّا. قال يوحنَّا الإنجيلي في هذا المجال : " أحَبَّ يسوع أصحابَهُ الذين هم في العالم، فبَلَغَ به الحبّ إلى أقصى حدوده ". (يوحنَّا 13/1) 3- يسوع يعطينا جسده لنأكله ودمه لنشربه. فتناولْ جسده ودمه الإلهيّين "بمخافة الله وإيمان ومحبّة". ولا تنسَ أن تسجدَ ليسوع الإله، وتشكر لـه سُكناه في قلبك، وتعبّرَ له عن حبّك، وتطلبَ إليه النعم الروحيّة والزمنيّة التي تحتاج إليها. |
||||
25 - 10 - 2014, 05:31 PM | رقم المشاركة : ( 33 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: المعجزات في الكتاب المقدس
شفى يسوع المرأة المنحنية نصّ الإنجيل وكان يسوعُ يُعَلِّمُ في بعضِ المجامِعِ يومَ السبت، وهُناكَ امرأةٌ قَدِ استَولى عليها روحٌ فأمْرَضَها مُنذُ ثمانيَ عشْرَةَ سَنَة، فجَعَلَها مُنْحَنيَةَ الظَهْرِ لا تستَطيعُ أنْ تَنْتَصِبَ البَتَّة. فرأَها يسوعُ فدعاها وقالَ لها : " يا امرأة، أنتِ مُعافاةٌ مِنْ مَرَضِكِ ". ثُمَّ وَضَعَ يَدَيْهِ عليها، فانتَصَبَت قائمَةً مِنْ ساعَِتِها ومَجَّدَتِ الله. فاستاءَ رئيسُ المَجمَع، لأنَّ يسوعَ أجرى الشِفاءَ في السبتِ، فقالَ للجَمعِ : " لدَيْكُمْ سِتَّةُ أيّامٍ يَجِبُ العمَلُ فيها، فتعالَوا واستَشفوا خِلالَها، لا يومَ السَبت ". فأجابَهُ الرَبُّ : " أيُّها المُراؤون ، أما يَحُلُّ كُلُّ واحِدٍ مِنْكُمْ يومَ السَبتِ رِباطَ ثورِهِ أو حِمارِهِ، ويَذْهَبُ بِهِ مِنَ المِذْوَدِ فيسقيهِ ؟ وهذه ابنةُ إبراهيمَ قد رَبَطَها الشيطانُ منذُ ثماني عشرَةَ سَنَة، أفما كانَ يَجِبُ أن تُحَلَّ مِنْ رِباطِها يومَ السبتِ؟" ولمّا قالَ ذلك خَزيَ جميعُ مُعارِضيهِ، وابتهجَ الجَمعُ كلُّهُ بجميعِ الأعمالِ المجيدَةِ التي كانَ يقومُ بِها. (لوقا 13/10-17) مرض المرأة المنحنية وشفاؤها كان يسوع يتجوّل في مقاطعة اليهوديّة. فدخل المجمع يومَ السبت للصلاة، فرأى فيه امرأةً منحنيَةً لا تستطيع أن تنتصب البتّة. إنّ مرضَها نوعٌ من أنواع مرض الفالج، وهو لا يُداهم الإنسان عادةً إلاّ بعد الأربعين. ولمّا كان قد مضى عليها ثمانية عشر عاماً في هذا المرض، فيكون عمرها يقارب الستّين سنة. كان الناس ينسبون هذا المرض المزمن إلى سيطرة الشيطان على المريض، مع أنّه مرضٌ طبيعي. ولكنّ يسوع لم يُصحّح الاعتقاد السائد بينهم، بل تحدّث في المجمع وَفْقَ رأي عامّة الناس. فلمّا رآها منحنيّة أشفق عليها ودعاها، فجاءت إليه وهي لم تفكّر في طلب شفائها. فالمبادرة صدرت من يسوع رأفةً بهذه المسكينة التي لم تكن تستطيع أن ترى وجه السماء الجميلة. فعندما دنت منه وضعَ يَدَيْه عليها فانتصبت للوقت، وشعرت بأنّها قد برئت، فأخذت تمجّد الله وتشكر له نعمته العظيمة. للإنسان قيمةٌ سامية رأى رئيس المجمع يسوع يضع يدَيْه على المرأة المنحنية ويشفيها. فلم يهنِّئها بشفائها، ولم يشترك معها في تقديم الشكر لله، بل أظهر غيظه الشديد مِمّا عمله يسوع، لأنّه صنع المعجزة يومَ السبت. فوبّخ الشعب ومنعهم من الاستشفاء يومَ السبت إنّ هذا الرجل المدّعي بأنّه رجلُ الدين والإيمان والمحبّة كان رجلاً مرائياً، قد أعماه التعصّب الديني، فلم يعرف أنّ الدين رحمةٌ للإنسان وعطفٌ على البشر المتألّمين. لقد بلغ به هذا التعصّب مبلغاً جعله يرضى بالعطف على الحيوان ولا يرضى به على الإنسان. إنّ عمل يسوع يدلّ على أنّ للإنسان قيمةً سامية جداً في نظر الله، وقيمته هذه قد حملته على ألاّ يبخُلَ بابنه الواحد ، بل أرسله إلى العالم ليُخلِّص الإنسان الخاطئ المُستعبَد للشريعة، ويُنقذه من عبوديّة الشيطان، ويحرّره من قيود الشريعة اليهوديّة القاسيّة، ويفتح أمامه الطريق المؤدّي إلى السعادة الأدبيّة. وُضِعَت الشريعة في سبيل خدمة الإنسان إنّ الدين المسيحي يقبل الشريعة التي سنّها الله، ويأمر بحفظها والسير بموجبها، ولكنّه لا يرضى بأن تقيّد الشريعةُ الإنسانَ بسلاسِلَ قاسية، وتنزع عنه حرّيته الشخصيّة، وتمنعه من عمل الخير في سبيل القريب المحتاج. فالشريعة التي وضعها الله إنّما وضعها لخدمة الإنسان وازدهاره، لا لإذلاله وصدّه عن ممارسة أعمال المحبّة. قال يسوع : "جُعِلَ السبتُ لأجلِ الإنسان، لا الإنسانُ لأجلِ السبت". وقد عبّر بولس الرسول عن هذه الفكرة نفسها عندما أكّد أنّ كمالَ الشريعة مُمارسةُ محبّة القريب : " أحببْ قريبكَ حُبَّكَ لنفسِكَ " (غلاطية 5/14) فالمحبّة هي أسمى نصوص الشريعة. ولذلك فإن من قدّم للآخرين يومَ الأحد خِدمةً كانوا بحاجةٍ إليها لا يُخالف شريعة راحة يوم الرب، بل يقوم بعملٍ صالح يرضى عنه الله ويكافئه. الرموز الثلاثة التي تشير إليها المرأة المنحنية تأمّل الآباء الروحيّون في سلوك هذه المرأة المنحنية فاكتشفوا فيه ثلاثة رموز تنطبق على حياة المسيحي الروحيّة. وإليكم هذه الرموز الثلاثة : الرمز الأوّل : كانت المرأة المنحنية تتطلّع دوماً إلى الأرض . إنّها بذلك ترمز إلى المسيحي الطمّاع الذي يعيش، وهو يتطلّع باستمرار إلى الأرض، ويسعى لكسب خيراتها الماديّة الفانية، ولا يفكر إطلاقاً في الحصول على الخيرات الأبديّة التي لا تفنى. إنّ هذا الإنسان ليس في الواقع مسيحيّاً، بل عابد أوثان كما قال بولس الرسول (أفسس 5/5) لأنّه ينحني أمام المادّة ويعبدها ويعتبرها هدفَ حياته وإلهَهُ الأعظم. الرمز الثاني : دخلت المرأة المنحنية إلى بيت الله لتصلّي مع سائر المؤمنين. إنّها ترمز بذلك إلى المسيحي الخاطئ الذي تدعوه حالته الروحيّة البائسة إلى أن يدخل مع سائر المؤمنين إلى بيت الله ويصلّي ليتخلّص من خطاياه بالتوبة الصادقة، ويرفع رأسه إلى السماء ويَعِدَ الآب السماوي بأن يغيّر سيرة حياته الأثيمة ويحيا حياةً فاضلة تليق بابنٍ لله تعالى. الرمز الثالث : رَفَعَت المرأة المنحنية بعد شفائها صلاة الشكر لله. فهي تعلّم كلّ مسيحي ينال نعمة من الله أن يشكُرَ له الإحسان الذي حظي به، ويمجّده بسلوك التقوى التطبيق العملي 1- كان رئيس المجمع متعصّباً للشريعة الموسويّة القاسية، فوبّخه يسوع ووصفه بأنه إنسان مراءٍ. إن الفرق عظيم بين التديّن والتعصّب. إنّ أساسَ التديّن محبةُ الله ومحبّةُ الآخرين. أمّا التعصّب الديني فمبنيٌّ على الانطواء الذاتي والمظاهر الخارجيّة وعدم التفاهم وقساوة القلب. فكُنْ متديّناً لا متعصّباً. 2- إسعَ إلى الحصول على الخيرات الروحيّة، ولا تحصُرْ اهتمامك ببلوغ الخيرات الماديّة وحدَها، خشيةَ أن يؤدّي بك هذا الاهتمام إلى فُقدان سعادتك الأبديّة. |
||||
|