منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات
قديم 23 - 05 - 2014, 06:33 PM   رقم المشاركة : ( 31 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,056

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب رحلة الكنيسة في الصوم الكبير

الأحد الثالث للصوم الكبير | أحد الابن الضال


تركز الكنيسة في هذا الأحد على قصة الابن الضال، لترينا حنان الأب، وخطايا الابن وتوبته، فتلك القصة تكشف لنا عن قلب الأب المحب الشفوق، الذي يشتاق إلى رجوعنا، وترينا الأرض الضيقة حيث الجوع الروحي والظلام وعيشة الغربة عن الله، حيث ارض الخنازير، وثمار الخطية، ونلتفت في هذه القصة إلى التوبة والرجوع والخضوع للآب والتلمذة للوصايا الإلهية والشهادة لعمل نعمة المسيح ومخافة الرب وحياة القداسة حيث فرح التوبة (ينبغي أن نفرح) (لو 15: 33)، (وتفرح الملائكة) (لو 15: 7)، وحياتنا بلا توبة هي حياة خالية من الفرح.
ومن اخطر ما يواجهنا إحساسنا مع الابن الضال أننا فُهماء وحكماء، لكن هل تفتخر الفأس على القاطع بها أو يتكبر المنشار على مردده! (اش 10: 15)، من اخطر ما يواجهنا قساوة القلب والارتباك الباطل والاستهتار، فنقول لله أعطني لأعمل جميع إرادتي، لذلك تركز الكنيسة في الأحد الثالث على (بر الآب للخطاة الراجعين الذي يفوق البر الذاتي لمن يظنون في أنفسهم إنهم أبرار)، وها عقوق الابن يقابله رحمة الآب، وبر الابن الأكبر لم يجعله يفرح بعودة أخيه الأصغر الذي لا بر له إلا بالآب.
هذا المثل غنى للغاية بمعانيه، ويتضمن جوهر روحانياتنا المسيحية، فكثيرا ما نتحول عن الطريق ونمضى إلى كورة بعيدة، لقد كان الابن الأصغر المذكور في الإنجيل يعتبر الله "شيء"، وهذه هي خطيتنا، أن نصير مالكين لأنفسنا ونتحول عن الله سر الحب، ونمضى إلى الأرض حيث نحن مالكين لأنفسنا ونتحول عن الله سر الحب، ونمضى إلى الأرض حيث خداع العالم والأباطيل والغواية وتعظم المعيشة، ولكن ما أن فحص الابن الضال نفسه وجها لوجه (محاسبة النفس)، وبدأ ينظر إلى داخله، بعيدًا عن كل إغراء أو جذب، خلوا من خداع وحيلة وأصدقاء السوء، حيث ظن أن في البعد هناك الحرية، تلك التي أفقدته حياته وجعلته شريدا بلا مأوى أو دفء حتى قام وترك خلفه كل السقطات، ومضى إلى بيت أبيه وعقد النية أن يلقى بنفسه عند أقدام مراحمه، تلك الأبوة التي تكرر ذكرها خمس مرات في مثل الابن الضال.

كتاب رحلة الكنيسة في الصوم الكبير
إن أول كلمة نطق بها الابن البعيد، عندما عاد "أبتاه" لقد تذكر أن حب أبيه له قد وهب له مجانًا، وإن كل حب وصلاح وبركة ونعمة ومحبة مصدرها هذا الحب الأبوي، تلك الأبوة التي أعطته الرجاء وجعلته يسرع إلى بيت أبيه (الكنيسة)، وفي هذا الاسم (اسم أبيه) يكتشف طبيعة توبته الحقيقية، لأن التوبة الحقة تمزج رؤية الإنسان لخطاياه مع ضمان الغفران، لأن مراحم الله لا تفتر، هي جديدة في كل صباح وهي من دور وإلى دور، لأنه لا يشاء موت الخاطئ مثل ما يرجع ويحيا-
وعودة الابن الضال إلى بيته، هي عودتنا إلى بيتنا الكنيسة أمنا جميعًا، حيث تطهيرنا بسر الاعتراف (يا أبي، أخطأت إلى السماء وقدامك ولست مستحقًا بعد أن ادعى لك ابنًا!! اجعلني كأحد أجرائك)، فمع التوبة والرجوع (الميطانيا) يكون الاعتراف والإقرار بالخطايا التي جاهد لنقلع عنها في سر التوبة والاعتراف، وعندئذ نأخذ عطية المغفرة..
وعندما نقترب من البيت (الكنيسة)، يرانا الآب السماوي ويقابلنا ويقبلنا، فكم من المرات وقف ينتظرنا مراقبًا عودتنا إلى بيته، ونحن عائدون ممزقون تعترينا الكآبة والفم مُحملون بماضٍ مخجل..
إنها العودة إلى الحياة بعيدًا عن الظلمة الخارجية، حيث نلبس الحُلة الأولى والخاتم في أيدينا والحذاء في أرجلنا، تلك الحُلة الأولى التي يقول الآباء إنها المعمودية التي كثيرًا ما نسلك بعكس نذرها ودعوتها، وننسى أننا قطيع صغير وأننا خميرة وأننا نور وأننا ملح وأننا سفراء وأننا رائحة المسيح الذكية. تلك العودة إلى بيت الآب السماوي بعد فترة التشرد التي فصلته عنه، جعلته يأخذ الخاتم الذي هو ختم الكفالة والضمان، يضع حذاء في رجليه حتى ينتعل "باستعداد إنجيل السلام"، وما العيد الذي تعيد إلا عيد القيامة عيد الحياة الأبدية عُرس الحمل عُرس الملكوت، فالابن البعيد رجع إلى أحضان أبيه رجع إلى بيته حيث الخلاص وملكوت المحبة، وحيث البيعة المقدسة التي تنادي البعيدين وتبحث عن الضالين، ليستيقظوا ويستنيروا ويرجعوا، فالوقت وقت مقبول وزمن خلاص، يفرح به كل راجع يأكل ويشرب من عطايا العريس، وينعم بالخلاص، وهو ما نعبر عنه في مديح هذا الأسبوع عندما نقول:
(قوموا يا كهنة هيئوا الحُلة، ليلبسها ابني ويتحلى، المعمودية هي الحُلة وهي أول الخيرات، كللوا ابني بإكليل النور والبسوه خاتمًا من ذهب وفير ليكون بختم الروح مستور محروسًا من كل الزلات).
واحدة هي الحلة للآخرين والأولين واحدة هي لله، وواحدة هي الحلة التي تعطي للمعتمدين داخل الماء، واحد هو الذبيح الذي تطهر به جميع الخطاة، وبخاتم واحد يختمون خزان بيت الله، واحد هو حذاء العروس التي صعدت من داخل الماء، حذاء النور الذي تدوس به الحيات، الآب المتحنن بسط مراحمه عن الخطاة.
ورجوعنا إلى الآب السماوي يأتينا من واقع الرجاء واليقين والثقة، وما نعرفه عنه وما نلمسه فيه، فحتى لو فقدنا امتياز بنوتنا، هو لا يفقد شيئًا من أبوته، فمحبته الحانية هي التي تتوسط وتتوسل وتلح في أعماقنا، إن أحشاءه الأبوية هي التي تدفعه أن يتبني من جديد، ويصدر الصفح الكامل ويستر،وبدلًا من أن يقاضي غلبت عليه أبوته وحكم على الفور بالبراءة هذا لأنه يود رجوع الابن لا هلاكه، وبدلًا من أن يعطي عقوبة يقدم قبلة، فقوة المحبة لا تقيم وزنًا للخطية، بقبلته يغفر ذنوبنا وبعواطفه الأبوية يغمرنا، هو لا يفضحنا ولا يشهر بنا، بل يضمد جروحنا تمامًا حتى لا تترك أثر أو عيب (طوبى لمن غفر إثمه وسترت خطيته) (مز32: 1).
ونحن أيضًا في أحد الابن الضال (الأحد الثالث من الصوم الكبير)، علينا أن نتمتع بعفو الآب، مهما كان إفلاسنا الروحي المطلق، فلنقم مهما كانت حالتنا، ولنرجع إلى من هذه أبوته متشجعين بهذا المثال، (وإذ كان لم يزل بعيدًا رآه أبوه فتحنن وركض ووقع على عنقه وقبّله) إني اسأل: أي مكان هنا لليأس؟ أو أي مجال حتى للاعتذار أو مظهر للخوف، إلا إذا كنا نعتقد عكس محبته الأبوية، ذلك الفكر المضاد لخلاصنا.
لقد فتح المسيح لنا بهذا المثل باب السماء أمام الخطاة وكشف عن فرح الآب الشديد وسروره برجوعنا، وهو ما نعبر عنه في مديحة الأسبوع الثالث من الصوم:
طبيب النفوس والأجساد احتضنه وفي حبه زاد
عندما رجع له باستعداد انعم عليه بكل البركات
وبدون البنوة لا تكون توبة ولا رجاء ولا حياة ولا رجوع ولا تمتع بأحضان الآب لذلك فالمعمودية هي بنوتنا لله وأساس توبتنا، ولذلك يعلمنا الآباء أن التوبة معمودية ثانية، وكلنا عندما نتغرب ونبعد ونذوق الخرنوب نخسر أنفسنا، ولكن مراحم الله الإلهية جديدة وهي من دور وإلى دور، هذه تعبيرات بلغة بشرية عن أمور إلهية لا توصف، لذلك نصلي (ليس شيء من النطق يستطيع أن يحد لجة محبتك للبشر)، فهو لا يطيق أن يرانا في ذل وعبودية، وعندما يرانا قادمين إليه في ثياب الخطية يغلب عليه تحننه وتغلبه محبته، ويقبلنا بقبلات فمه لأن حبه أطيب من الخمر، ويحتوينا في أحضانه ويلبسنا ثوبنا الأول معموديتنا الطاهرة ونقاوتنا الأولى وفكرنا البسيط، يعطينا بره كثوب ليكسونا بعد أن عرانا العالم والخطية، نخلع ثوب الخزي ونلبس ثوب الكمال لابسين المسيح، يلبسنا خاتم مسيحه لنعمل بعد للملكوت والحياة الأبدية، ولنخدم عمل الحصاد، يلبسنا خاتم القداسة لنعمل عمل الرب بقوة وبدون رخاوة، خاتم الخطبة والملكية عوض المسمار الذي في يد المسيح، كم هو ثمين هذا الخاتم، الذي ما هو إلا كلمة الله، أما أرجلنا التي أدمتها أشراك الخطية فقد لبست استعداد إنجيل السلام بعد أن صارت مغسولة بيد المسيح إلهنا، فلا تعرج في السير بل تبقى محفوظة من الزلل، ويا لفرحة السماء، ويا لوليمة الآب (الذبيحة) ذبيحة الفرح وطعام الحياة الأبدية، التي بها نُفرح قلب الآب بتوبتنا وبرجوعنا، بعد ذل الكورة البعيدة، نتمتع بأحضان الآب وذبيحة ابنه يسوع وفرح السمائيين الغير موصوف..
  رد مع اقتباس
قديم 23 - 05 - 2014, 06:37 PM   رقم المشاركة : ( 32 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,056

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب رحلة الكنيسة في الصوم الكبير

الأحد الرابع للصوم الكبير | أحد السامرية


** الأحد الرابع للصوم الكبير (أحد السامرية) (يو4: 1- 42)
كان يسوع قد تعب
* الكنيسة كلها ولدت من جنب المسيح المطعون
* ماذا يعني الرب بقوله: أدعي زوجك؟
* السجود لله بالروح والحق
* "أنا الذي أكلمك هو" المسيا
* ها الحقول قد ابيضت للحصاد
كتاب رحلة الكنيسة في الصوم الكبير
يُقرأ إنجيل السامرية (يو4: 1-42) في كنيستنا ثلاث مرات في السنة القبطية الليتورجية: في الأحد الرابع من الصوم الكبير، والأحد الثالث من الخماسين المقدسة، والسجدة الثالثة يوم عيد العنصرة.
ونترنم في المديحة التي نصلي بها أثناء التوزيع في القداس الإلهي للأحد الرابع (رب الجيوش العلوية اتضع وأخذ جسم إنسان وتكلم مع المرأة السامرية قال لها اسقيني فاني عطشان)، عندئذٍ نتطلع إلى المسيح رب المجد ينبوع الماء الحي الذي كل من يؤمن به تجري من بطنه أنهار ماء حية، فتتحول حياتنا كما كان مع تلك السامرية التي أخبرت أهل السامرة انظروا إنسان قال لي ما قد فعلت، من خاطئة إلى كارزة ومبشرة لكل أهل السامرة.
ومن أجل ربح السامرية، تكلف الرب رحلة مشقة وتعب احتملها من أجل السرور الموضوع أمامه، لذلك في كل مرة ندخل فيها الكنيسة نتلاقى مع المسيح، وفي كل وقفة صلاة وقراءة إنجيل نشبع من الينبوع الحي، وليس من العجيب أن نرى ربنا يسوع المسيح هو البادي بالحديث مع السامرية لأنه ينبوع كل عطية صالحة وكل موهبة تامة، وهو يسعى إلينا (أعطيني لأشرب)، يعطش لنفوسنا ويجوع لخلاصنا.

كتاب رحلة الكنيسة في الصوم الكبير
ولننظر مجرد نظرة بالروح للنفوس التي حولنا، سنجدها حقولًا ابيضت للحصاد لا تحتاج إلى جهد لأن آخرين تعبوا ونحن دخلنا على تعبهم، نفوس ناضجة تحتاج إلى لقاء مع المسيح، تحتاج أن نقدمه لها، فقط يلزمها حصادين وخادمين مثمرين لكي يفرح الذين زرعوا والذين حصدوا.
كتاب رحلة الكنيسة في الصوم الكبير
"كان يسوع قد تعب"

يسوع في طريقه إلى الجليل كان لابد أن يجتاز السامرة فأتى إلى سوخار، فإذا كان يسوع قد تعب من السفر جلس هكذا على البئر، وكان نحو الساعة السادسة (12 ظهرًا) هنا تبدأ الأسرار، لأنه لم يكن بدون هدف أن يتعب المسيح: قوة الله التي بها يستريح المتعبون تصير منهكة، كيف يتعب ذاك الذي بدونه نصير متعبين، وفي وجوده نتقوى ونتشدد؟!
أنه لأجلك قد تعب رب المجد من السفر إليك، وها نحن نراه قويًا وضعيفًا متعبًا: قوي لأنه كلمة الله الذي (كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيئًا مما كان) (يو1: 3)، إذن فمن يكون أقوى منه؟ لذلك فإن كانت قوة المسيح هي التي خلقتك، فضعفه هو الذي أعاد خلقتك من جديد، قوة المسيح أوجدتك من العدم وضعف المسيح وهبك الخلود ومنع عنك الهلاك الأبدي.
لقد أخذ يسوع على عاتقه أن يتعب في رحلته إليك بعد أن أخذ جسد وأن كان هو قد صار ضعيفًا بالجسد فلا تصر أنت ضعيفًا بل تقوى في ضعفه لأنه مكتوب: (ضعف الله أقوى من الناس) (كو1: 25).
كتاب رحلة الكنيسة في الصوم الكبير
* الكنيسة كلها ولدت من جنب المسيح المطعون:

إن آدم في وقت ضعفه، وهو نائم، وُهبت له زوجة من أحد ضلوع صدره، هكذا المسيح وهو مطروح على الصليب، وبعد أن رقد "باكورة الراقدين" وخرجت نفسه من جسده، أي في أكثر حالات ضعفه على الإطلاق، خرجت عروسه، الكنيسة، من جنبه المفتوح الذي طُعن بالحربة، أي خرجت السرائر التي تمارسها الكنيسة لخلاص الإنسان وحياته من جنب آدم الثاني وهو مستسلم للموت مثل أضعف مخلوق،إذن فضعف المسيح هو الذي يجعلنا أقوياء!
لقد تعب المسيح وباتضاعه جاء إلى البئر، جاء متعبًا لأنه حمل جسدًا ضعيفًا، وإلى بئر أي عمق أرضنا هذه التي نحن نسكنها، ولهذا قال المزمور: (من الأعماق صرخت إليك يا رب) (مز13: 1)، وجلس هناك بسبب اتضاعه.
كتاب رحلة الكنيسة في الصوم الكبير
* ماذا يعني الرب بقوله: أدعي زوجك؟

فلنستفسر إذًا عن زوج النفس، لماذا لا يكون السيد نفسه هو الزوج الحقيقي للنفس؟ إن ما نريد أن نقوله لا يدركه إلا المنتبهون جيدًا!! إذًا يا أخوتي، إن تكون لنا نفس ولا يكون لنا فهم، أي أن لا نستخدم هذا الفهم أو لا نعيش طبقًا له، فهذه حياة حيوانية، إن السامرية لا زالت مخطئة إذ لا زالت تفكر في هذا الماء الزائل، في حين أن الرب كان يكلمها عن الروح القدس، ولماذا كانت مخطئة إلا لأنها لم يكن لها زوج بل عشيق؟ فتجردي إذا من هذا العشيق الذي يفسدك، و"أذهبي وأدعي زوجك"، ادعه وتعالي!
كتاب رحلة الكنيسة في الصوم الكبير
* السجود لله بالروح والحق:

لذلك(صدقيني أنه تأتي ساعة لا في هذا الجبل ولا في أورشليم تسجدون للآب انتم تسجدون لما لستم تعلمون، أما نحن فنسجد لما نعلم، لان الخلاص هو من اليهود. ولكن تأتي ساعة) متى؟ (وهي الآن) أية ساعة؟ (حين الساجدون الحقيقيون يسجدون للآب بالروح والحق، لأن الآب طالب مثل هؤلاء الساجدين له) ذلك لأن (الله روح)، فلو كان الله جسدًا لكان بالحق يرغب أن يُعبد في مكان مادي كالجبل أو الهيكل ولكن (الله روح والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي أن يسجدوا).

كتاب رحلة الكنيسة في الصوم الكبير
قد تقول في قلبك "ألا أطلب جبلًا عاليًا منفردًا؟ لأنني اعتقد أن الله لكونه في الأعالي فهو يسمعني بالأحرى من مكان عال" ألا أنك على جبل عال فأنت تتصور انك قريب من الله، وإنه سيسمعك سريعًا لأنك تدعوه من مكان قريب إليه؟ حقًا أنه يسكن في الأعالي، ولكنه ينظر إلى المتواضعين (قريب هو الرب) ممن؟ (المنكسري القلوب) (مز34: 18)، (الرب عال ويعاين المتواضعين، أما المتكبرون فيعرفهم من بعد) (مز138: 6) وبقدر ما يكون الرب أقل قربًا من المتكبرين بقدر ما يرون أنفسهم مرتفعين! أتبحث عن جبل؟ انزل واتضع لكيما تقترب إليه. أتريد أن تصعد؟ اصعد، ولكن لا تبحث عن جبل: (طوبى للرجل الذي معونته من عند الرب، رتب في قلبه أن يصعد في وادي البكاء)(مز48: 6) والوادي هو الاتضاع، وعلى ذلك فليكن عملك كله في داخلك، وإذا طلبت مكانًا عاليًا ومقدسًا، اجعل من نفسك هيكلًا لله في داخلك: (إن هيكل الله مقدس الذي أنتم هو) (1كو3: 17) أتريد أن تصلي في الهيكل؟ صل في داخلك، ولكن كن أولًا هيكلًا لله، لأنه يسمع لمن يصلي إليه في هيكله! فهو الساكن في الأعالي والناظر إلى المتواضعات.
كتاب رحلة الكنيسة في الصوم الكبير
* "أنا الذي أكلمك هو" المسيا:

لقد سمعت المرأة ذلك وتقدمت خطوة، فدعت الرب نبيًا، لقد لاحظت أن هذا الذي كانت تتكلم معه قد نطق بأمور ترفعه إلى مستوى الأنبياء، فماذا كانت إجابتها؟ (قالت له المرأة أنا أعلم أن مسيا الذي يقال له المسيح يأتي، فمتى جاء ذلك يخبرنا بكل شيء) ما هذا؟ لقد قالت منذ قليل أن اليهود يختلفون معهم بخصوص الهيكل وهذا الجبل! ولكن في الحقيقة أن الرب عندما يأتي سيزدري بالجبل وسيقلب الهيكل، لأنه سيعلمنا كل شيء حتى نعرف كيف نعبد بالروح والحق، لقد علمت المرأة من هو الذي يمكنه أن يعلمها، ولكنها لازلت تجهل ذاك الذي كان يعلمها، ها هي قد استحقت الآن أن تقبل ظهوره وإعلان ذاته لها، الآن قد مُسح المسيا لأن كلمة "ممسوح" باليونانية تعني "المسيح" وفي اللغة العبرية "مسيا"
قال لها يسوع: (أنا الذي أكلمك هو) الآن بدأ إيمان المرأة يتكون ويثبت ويسود على قلبها لكي تبدأ أن تعيش باستقامة، وذلك لأنها استدعت زوجها، فبعد أن سمعت: (أنا الذي أكلمك هو) ماذا تحتاج أن تسمع أكثر من ذلك؟ لقد شعر الرب إنها مستعدة لأن تؤمن، فبمشيئته أعلن ذاته لها (وعند ذلك جاء تلاميذه وكانوا يتعجبون أنه يتكلم مع امرأة) أتتعجبون من كون ذاك الذي جاء لكي يطلب ويخلص ما قد هلك يطلب الآن نفس السامرية؟ لقد تعجبوا من صلاحه ولم يتوقعوا منه أمرًا فيه خطيه(ولكن لم يقل أحد ماذا تطلب أو لماذا تتكلم معها وللحال (تركت المرأة جرتها) بمجرد أن سمعت أنه المسيا، لأنها بمجرد أن قبلت المسيح الرب في قلبها فماذا يمكنها أن تفعل سوى أن تنزل جرتها وتسرع لتبشر بهذه البشارة المفرحة؟ لقد ألقت عنها شهواتها وأسرعت لتعلن الحق، فليتعلم من يريدون أن يبشروا بالإنجيل أن يلقوا عنهم جرارهم عند البئر.
هكذا تركت المرأة جرتها التي لم تعد في حاجة إليها بل أنها صارت ثقلًا عليها لأنه بهذا القدر صار تلهفها على الارتواء من الماء الحي، وإذا ألقت حملها عن كاهلها وصارت قادرة أن تُعرف الناس بالمسيح: (مضت إلى المدينة وقالت للناس هلموا انظروا إنسانًا قال لي كل ما فعلت) وقد جاء إعلانها لهم ودعوتها هذه بالتدريج لذلك اندفعت قائلة بصيغة الاستفهام: (ألعل هذا هو المسيح؟ فخرجوا من المدينة وأتوا إليه) (وفي أثناء ذلك سأله تلاميذه قائلين: يا معلم كُل) لأنهم (كانوا قد ذهبوا إلى المدينة ليبتاعوا طعامًا) ورجعوا (فقال لهم أنا لي طعام لآكل لستم تعرفونه انتم فقال التلاميذ بعضهم لبعض: ألعل أحد أتاه بشيء ليأكل) إذًا فلا نتعجب من أن المرأة لم تفهم كلام الرب عن الماء فها هم تلاميذه أنفسهم لم يفهموا معنى الطعام، ولكنه علم بأفكارهم، وهو الآن يعلمهم كسيد، ليس عن طريق غير مباشر كما فعل مع المرأة عندما كان يطلب زوجها ولكنه قال لهم مباشرة معلنًا: (طعامي أن أعمل مشيئة الذي أرسلني واتمم عمله) وقياسًا على ذلك فإن شرابه الذي طلبه من المرأة كان هو أن يعمل مشيئة الذي أرسله. وهذا هو سبب قوله: (أعطيني لأشرب لأني عطشان) ومعنى ذلك بالتحديد هو: أن يعمل الإيمان به وأن يشرب هو من إيمانها، بل وأن يطعمها في جسده. لأن جسده، هو الكنيسة.
كتاب رحلة الكنيسة في الصوم الكبير
* ها الحقول قد ابيضت للحصاد:

(أما يقولون أنه يكون أربعة أشهر ثم يأتي الحصاد؟) لقد كان الرب متلهفًا على العمل وكان يعد لإرسال فعلة، وكأنه يقول لهم "إنني أريكم حصاد آخر قد ابيض وصار جاهزًا للعمل".
(لذلك ها أنا أقول لكم ارفعوا أعينكم وانظروا الحقول أنها قد ابيضت للحصاد).
لقد كان على وشك أن يرسل الحاصدين، (أنه في هذا يصدق القول أن واحدا يزرع والآخر يحصد لكي يفرح الزارع والحاصد معا. إذا أرسلتكم لتحصدوا ما لم تتعبوا فيه، آخرون تعبوا وأنتم دخلتم على تعبهم). لقد أرسل الحاصدين، أليس هو أيضا الذي كان أرسل الزراع؟ فإلي أين يذهب الحاصدون إذا؟ بالطبع إلي حيث تعب الآخرون "الزراع"، لأنه حيثما وجد تعب وجهد مبذول فلابد أن يكون هناك زرع، وما زرع قد صار الآن ناضجا ويحتاج إلي منجل الحصاد وآله الدرس، فإلي أين ينبغي إرسال الحاصدين؟ إلي حيث كان الأنبياء قد كرزوا لأنهم كانوا هم الزراع. لأنه لو لم يكونوا هم الزراع فمن أين عرفت السامرية: (أنا أعلم أن مسيا يأتي)، لقد صارت تلك المرأة ثمرة ناضجة والحصاد قد أبيض في الحقول ويحتاج إلي المنجل ولكن لاحظوا يا أخوة ما قاله الرب: (لكي يفرح الزارع والحاصد معا) أن تعب كل منهما يختلف عن الآخر ولكنهما سيبتهجان بفرح متساو لأن كلا منهما سيأخذ أجرا واحدا هو الحياة الأبدية، يسوع هو ماؤنا، يسعي لخلاصنا ويذهب إلي البئر، ليجعلنا خادمين معه نفعل مشيئة أبيه.
  رد مع اقتباس
قديم 23 - 05 - 2014, 06:38 PM   رقم المشاركة : ( 33 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,056

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب رحلة الكنيسة في الصوم الكبير

الأحد الخامس للصوم الكبير | أحد المخلع

عندنا ثلاث آحاد: أحد المخلع، أحد السامرية، أحد المولود أعمي، فيها شيء أساسي مشترك هو التأكيد والتشديد على أن المسيح هو ابن الله، ولابد أن نلتفت إلي أن يوحنا الإنجيلي الحبيب عندما تحدث لم يقل شيئا عفوا، لكنه تحدث عن المخلع وبركة الماء، وعن السامرية وبئر الماء أيضا، وعن المولود أعمي وبركة سلوام، إذا: ماء، ماء، ماء، ولا حاجة بنا أن نذكر أنه خلال ماء المعمودية نجد طريق الخلاص، وفي هذه الآحاد الثلاثة يضعنا الإنجيلي أمام المخلص إلها خالقا، ويضعنا أمام كون لا يزال في حاجة إلي الخلق.
ليتنا ندرك نظرة ربنا إلينا، نظرته الرحيمة المخلصة، نظرته الحانية، أنها ليست نظرة عادية كما ينظر الناس، بل كما هو مكتوب (الإنسان ينظر إلي العينين، أما الرب فينظر إلي القلب)، ونظرة الرب تحتوي على كل مشاعر الأبوة نحونا.. تلك النظرة التي جعلته يتحنن على التي أمسكت في ذات الفعل، والتي جعلته يتحنن على زكا، تلك النظرة التي تطلعت إلي بطرس الرسول بعد أن أنكر.
تري أية نظرة هذه التي يوجهها الرب نحو هذا المريض الملقي على الفراش لمدة 38 سنة، وقد أوضح الرب بعد ذلك ان الخطية هي السبب الرئيسي لهذا المرض المضني (لا تعود تخطئ). ومن المؤكد أن الرب نظر إليه نظر إليه نظرة السامري الصالح وهي نفس النظرة التي نظرها يسوع لأرمله نايين.
أن منظرنا ونحن منطرحين على فراش المرض، وشلل الأعضاء عن العمل الروحي وعدم القدرة على السير في طريق الفضيلة، أو تحريك اليدين للصلاة، أو الرجلين للسجود، أو العينين في النظر إلي فوق، وفقد كل مقدرة على الحركة نحو الله، هنا الشلل الروحي يثير شفقة الرب نحونا جدا، فيوجه إلينا نظرة وحنان مملوءة شفاء ويقترب منا ليقول (أتريد أن تبرأ).

كتاب رحلة الكنيسة في الصوم الكبير
فالسيد لا يسألنا عن حالنا في الخطية، ولا يثير أسئلة كثيرة عن المرض، لكنه يتكلم مباشرة عن الشفاء وعن أدوية الخلاص.. أنها قضية خلاصنا وأرادتنا، هو جاء ليخلصنا ولكن ليس لنا أن نتمتع بشيء من كل من كل هذا إلا بإرادتنا الخاصة وقبولنا واستجابتنا وجهادنا، فإرادة الإنسان هي المسئول الأول.. فالمسيح لا يغصب أحد ولا يضغط على أحد، واقف يقرع على الباب، بل العكس قد جاء خصيصا ليمنحنا حرية إرادتنا التي أستعبدها الشيطان.. فالإنسان له أرادة الشفاء، والشفاء الحقيقي هو أن تقبل إرادتنا عمل نعمة المسيح الفادي وقوة خلاصه المحيي، حينئذ تصبح إرادتنا مقدسة وقوية بالمسيح قادرة على هدم حصون الشرير والخطية، وتصبح مشيئة الله فينا هي مسرتنا وإرادتنا لأنه هو العامل فينا أن نريد وأن نفعل، وهذا التوافق في أن تصبح مشيئة المسيح وإرادته هي ما نريده نحن، هو تمتعنا بالشفاء والخلاص والسلام، لذلك نصلي (لتكن مشيئتك)..
وفي هذه المعجزة (معجزة شفاء مفلوج بركة بيت حسدا) صورة حية لعمل السيد المسيح داخل الكنيسة، أنه الطبيب الحقيقي الذي لأنفسنا وأجسادنا وهو مدبر كل ذي جسد وهو الذي يتعهدنا بخلاصه، إذ يغفر الخطايا واهبا النفس الشفاء متمتعة بالبنوة لله وبأبوة الله لها، وفي هذا نجد مثالا لأنفسنا الراقدة المريضة وقد خارت قواها، وها هي تتقدم في الأحد الخامس من الصوم إلي الطبيب الكامل ليهبها الشفاء، بعد استعدادها وطلبها للملكوت وبعد غلبتها ورفضها المشورة الشريرة، وبعد توبتها ورجوعها إلي بيت الآب، متمتعة بالماء الحي الذي من يشربه لا يعطش أبدا.
لقد شفي الرب أولًا جسد مفلوج بيت حسدا (يوحنا 5)، ثم طالبه ألا يخطئ بعد أنه محب البشر الذي يقدم لكل ابن ما هو لبنيانه، يتعامل مع كل مريض حسب ما يتناسب معه، وهذا المفلوج الذي له 38 عاما في المرض ليس له من يسنده ولا من يعينه، تحطمت نفسه، فهو محتاج إلي مجيء السيد إليه، وشفاء جسده وحياته الداخلية.
وهوذا مرض بيت حسدا يصرخ اليوم يشكو من أنانية الإنسان (ليس لي إنسان)، ولكن في الوقت الذي يتخلي فيه الجميع، نجد الرب واقفا يحمل أمراضنا ويتحمل أوجاعنا،هو أقرب من الصديق، قريب للذين يدعونه، ينصف مختاريه الصارخين إليه، يأتينا في الهزيع الرابع وبعد 38 سنة لأنه رجاء من ليس له رجاء ومعين من ليس له معين، يسعي وراء الرافضين (السامرية)، يذهب إلي المقيدين (المفلوج)، ويعلن ذاته حتى لغير المؤمنين (المولود أعمي) إنه الخادم الحقيقي.
فلا يأس ولا فشل بعد، لقد قام المخلع وحمل سريره بعد 38 سنة مرضًا، بعد 38 شللًا وخطية، ولنسحب أنفسنا مع أصحاب الساعة الحادية عشر، لأنه ليس في المسيحية شيخوخة ولا يأس، بل أمل متجدد، أنها لا تعرف التوقف أبدا أنها جديدة في كل صباح وهي من دور إلي دور.
ولنردد قائلين:
طبيب الرواح ساكن فينا
بعلاجه الشافي يداوينا
فلنسأل منه أن يعطينا
مرهما يشفي الجراحات
غناك يا نفسي عند فاديك
فهو من الأسقام يداويك
كمريض بيت حسدا يشفيك
من آلام الخطايا والمعصيات
  رد مع اقتباس
قديم 23 - 05 - 2014, 06:40 PM   رقم المشاركة : ( 34 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,056

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب رحلة الكنيسة في الصوم الكبير

الأحد السادس للصوم الكبير | أحد المولود أعمى | أحد التناصير


** الأحد السادس للصوم الكبير (أحد المولود اعمي) (يوحنا 9)
* أحد التناصير
* كنت أعمي والآن أبصر
* وفيما هو مجتاز رأي إنسانا أعمي منذ ولادته
* رؤية المسيح
* لكي تظهر أعمال الله فيه
* بركة سلوام
* لنسأل أنفسنا
* المعمودية هي النور والبصيرة
كتاب رحلة الكنيسة في الصوم الكبير
* أحد التناصير

لقد كان الغرض الرئيسي من الصوم الأربعيني الكبير في عصور كنيستنا الأولي هو تعليم الموعوظين أي المؤمنين الجدد بالمسيح، وتهيئتهم لنوال نعمة المعمودية، وحينما اختفى نظام الموعوظين، بقي المعني الأساسي للصوم الكبير كما هو، فرغم أننا معمدون إلا أننا في أغلب الأحوال نفقد قوة الحياة الجديدة التي سبق فنلناها في جرن المعمودية، ولذلك فإن المنهج الكنسي اليتورجي والفكر التعبدي للكنيسة جعل من فترة الصوم الأربعيني المقدس فرصة رجوع من جديد إلي هذه الحياة الإلهية التي وهبها لنا المسيح ونلناها منه في المعمودية لأننا نسينا قوتها وفاعليتها وقيمتها وسط اهتماماتنا وانشغالنا وسط مشاغل هذا العالم.
وأنجيل قداس الأحد السادس (أحد التناصير) هو إنجيل النور إنجيل المولود أعمي الذي خلق له المسيح البصر من جديد ونجد أن الكنيسة الواعية الملهمة بالروح تضع إنجيل (أحد التناصير) (أحد المولود أعمي) ضمن قراءات الصوم الكبير إذ معروف في طقس الكنيسة أنها في العصور الأولي ربطت بين إنجيل المولود أعمي وبين طقس المعمودية ربطًا شديدًا، ويوجد في سراديب روما التي من القرن الثاني نقوش بالفريسكو لإنجيل المولود أعمي تحت عنوان المعمودية كشرح لعملها السري، كذلك يربط الآباء جميعا بين إنجيل المولود أعمي وطقس المعمودية في عظاتهم مثل القديس أمبروسيوس في المقالة على الأسرار.
ورؤية الله هي هدف رحلة الصوم، والكنيسة تطالبنا بالرؤيا الروحية من خلال إنجيل المولود لأن بنقاوة القلب نعاين الله وهذه هي ثمار الصوم المقدس.
كتاب رحلة الكنيسة في الصوم الكبير
* كنت أعمي والآن أبصر

أن تبدأ عيون قلوبنا الروحية تري الله تري إرادته، تري أحكامه وأعماله، عندئذ نثبت نظرنا في المسيح ونسجد له كما فعل المولود اعمي.
وهكذا يقودنا الفكر الليتورجي الكنسي خلال فترة الصوم إلي الاستعداد + التواضع والمحبة وصلاة المخدع.
قبول التجربة لأن السيد المسيح أنتصر لحسابي + المياه الحية التي تشبع النفس التي كل من يشرب منها لا يعطش + حتى نصل إلي رؤية الله بقلب مفتوح ومعاينة المسيح وتجديد البصيرة الروحية ونوال بركات مفاعيل المعمودية وخيراتها ثم مشاركة المسيح في آلامه في أسبوع البصخة.
ويمر أمامنا في هذا الإنجيل، المسيح رب المجد نحن الذين فقدنا البصر الروحي لكي يخلق لنا يخلق لنا قلبا جديدا وعيونا جديدة وبصيرة مستنيرة لنري بها ملكوت الله، ونحن لا يمكننا أن نبصر المسيح ونعرفه حقا إن لم نذهب ونغتسل فيه هو الذي يهب الحياة، لأنه غير ممكن أن نغتسل مرة أخري عن طريق المعمودية -لأننا سبق أن اعتمدنا باسمه- فاغتسالنا الآن في المسيح إنما هو تطهير التوبة والانسحاق كما نردد في ليتورجيات الكنيسة في الصوم (أخطأت أخطأت يا ربي يسوع المسيح أغفر لي لأنه ليس عبد بلا خطية ولا سيد بلا مغفرة).
فالتوبة معمودية ثانية نستعيد بها هبة الحياة الجديدة التي سبق أن أعطاها لنا السيد المسيح في معموديتنا، فنؤهل بالتوبة خلال فترة الصوم لنتذوق فرح قيامته.
ويتضح من عظات القديس كيرلس الأورشليمي للموعوظين وأيضا القديس جيروم أن الصوم الأربعيني كان يخصص ليشرح قانون الإيمان بنوع خاص حتى يقبل بعدها الموعوظين الذين هم "جنود الرب الجدد" بحسب تعبير العلامة ترتليان إلي دخول شركة الكنيسة بالمعمودية فيكونوا من المستنيرين، لذلك خلال الصوم الكبير كان الموعوظ يذهب إلي الكنيسة ليتلقي التعليم استعدادًا للمعمودية ولطقس جحد الشياطين والكنيسة كلها تشترك في الصوم مع الموعوظين الذين يتلقون التعليم لأعدادهم لنوال نعمة المعمودية وهذا ما يؤكده كلا من الشهيد يوستينوس والعلامة ترتليان وأيضا القديس كيرلس الأورشليمي والقديس أغريغريوس النيزنيزي.

كتاب رحلة الكنيسة في الصوم الكبير
من أجل هذا كان الفكر الليتورجي والمنهج الكنسي التعبدي وقراءات الكنيسة يعطي اهتماما كبيرا في الصوم الكبير لموضوع تجديد النفس ودعوة الإنسان إلي الله وهو الهدف الذي تبرزه روحانية كنيستنا الأرثوذكسية الشرقية أثناء الصوم الأربعيني.
وكما كان الصوم الأربعيني في القديم يعد الموعوظين لنوال نعمة المعمودية هكذا كنيستنا خلال فترة الصوم ترجع كل نفس وتأتي بها عند المعمودية لتدرك النعمة الإلهية.
واليوم في إنجيل الأحد السادس من الصوم الكبير (إنجيل المولود أعمي) في أحد التناصير تبرز لنا الكنيسة أن عطية المعمودية هي عمل إلهي هي ولادة ثانية، هي مسحة داخلية من الروح القدس هي استنارة وخلاص وختم وختان للعهد الجديد وهذه كلها أسماء لاهوتية أطلقها آباء الكنيسة على المعمودية فعكست هذه الأسماء قوتها وفاعليتها.
ونجد أيضًا أن القديس كيرلس السكندري قام بتفسير معجزة المولود أعمي طقسيا وليتورجيا.
كتاب رحلة الكنيسة في الصوم الكبير
* وفيما هو مجتاز رأي إنسانا أعمي منذ ولادته

لأن ربنا يسوع المسيح مملوء بالحب للإنسان ومهتم بخلاص النفس، كان يجول يصنع خيرا ولم يتأخر عن أي عمل من أعمال الرحمة، فصنع آية غير عادية حتى إن المولود أعمي شهد وقال بعد أن أبصر: (منذ الدهر لم نسمع أن أحدا فتح عيني مولود أعمي).
لقد أبصر السيد الأعمى فذهب إليه ليخلصه من العمي، أنه يبحث عن الخروف الضال ويفتش عن الدرهم المفقود وينتظر رجوع الابن الشارد، ويسعي وراء السامرية، ويشفي المخلع، واليوم يخلق البصر من جديد للمولود أعمي (المسيح الخادم).
وهكذا رتبت أمنا البيعة الأرثوذكسية في الأحد السادس من الصوم الكبير (أحد المولود أعمي) لكي تنبه أذهاننا بأن المخلص قام بالمعجزة دون أن يطلب منه أحد، أو حتى دون أن يترجاه أحد لقد قرر أن يشفي المولود أعمي، وهذه المعجزة ترينا جموع الأمم التي لم تترجي الله رغم أنهم كانوا خطاة ولكن الله بالطبيعة صالح، بإرادته وحده جاد وأظهر رحمته ناحيتهم، لقد أظلمت عقولهم بظلمة كثيفة جعلتهم غير قادرين على رؤية النور الحقيقي.
وهذا ما نراه بوضوح لأن الرجل الذي شفي كان مولودا أعمي فهو لا يعرف ولا يقدر على رؤيته ولكنه بعمل محب البشر حصل على رجاء عظيم، وهذا ما حدث للأمم بالمسيح يسوع.

لقد حدثت هذه المعجزة في يوم السبت آخر أيام الأسبوع لأن الابن الوحيد ربنا يسوع سكن بيننا وأعلن ذاته للكل في نهاية الزمن وآخر الدهور، ما أعظم أعمالك يا رب كلها بحكمة صنعتها.

أنه محب البشر الصالح الذي لا يشاء موت الخاطئ مثل ما يرجع ويحيا الذي يريد أن الجميع يخلصون وإلي معرفة الحق يقبلون، وهكذا تجذب الكنيسة أنظار المؤمنين في الصوم إلي المسيح الذي صام ليقدس صومي ويكمله (صام عنا) الذي أنتصر على جبل التجربة لحسابي ومن أجلي، الذي يتعطف على الخطاة ويقبل الراجعين مع الابن الضال إلي الأحضان الأبوية، تشد ألحاظ المؤمنين إلي المسيح الذي تعب ومشي وسعي وراء السامرية ليخلصها ويحولها إلي مبشرة وكارزة بعد أن كانت كارثة.
واليوم تشد ألحاظ المؤمنين إلي المسيح الخالق المحب الذي خلق أعين للمولود أعمي وأعطاه البصيرة الروحية وما صار المسيح رب المسيح رب المجد إلا عني ليكمل ضعف صومي (صام عنا) وما الخروف الضال إلا أنا وما الدرهم المفقود إلا أنا وما الابن الضال إلا أنا وما السامرية إلا أنا وما هذا الأعمى إلا أنا، يا لها من كنيسة عظيمة تلك التي رتبت لنا هذه المائدة الدسمة الغنية بالقراءات والألحان والعبادات لتسد جوع الجسد بشبع الروح.
كتاب رحلة الكنيسة في الصوم الكبير
* رؤية المسيح

الإنسان بعد أن خلقه الله ليحيا في النور ويري النور سقط بالعصيان وصار في الظلمة أي فقد الإمكانية الداخلية لرؤية نور المسيح نفسه، لذلك يقول المسيح عن نفسه أنه النور الحقيقي الأتي إلي العالم وهذا الإنجيل (المولود أعمي) هو إنجيل نور العالم وإنجيل أبناء النور.
أن عيوننا الروحية قد أصيبت بالعمى فلم تعد تري الله أو تحس به من أجل هذا تجسد المسيح ليشفي عيون البشر الداخلية من العمي (نورا تجلي للأمم) وفي إنجيل المولود أعمي (يو 9) يقدم لنا السيد صورة محسوسة لشفاء عيني الإنسان عموما من العمي، لقد تفل السيد المسيح في التراب كالفخاري العظيم الذي يعيد تشكيلنا من جديد بواسطة يده الإلهية البارعة،لقد خلق السيد المسيح أعين جديدة فنقل المولود أعمي من ظلمة العمي إلي نور النظر إشارة وتأكيدا للوضع الروحي (النور أضاء في الظلمة) وهو جعل الذي كان بلا عين أصلا منذ ولادته الأولي يبصر.
وهنا يظهر المسيح القادر أن يعطي حواسا جديدة للإنسان، حواسًا جديدة على المستوي الجسدي وعلي المستوي الروحي أيضا، ينقلنا من الضعف إلي القوة ومن النقص إلي الكمال ومن الظلمة إلي النور، ومن الضلالة والعبودية إلي حرية مجد أولاد الله.
كتاب رحلة الكنيسة في الصوم الكبير
* لكي تظهر أعمال الله فيه

لقد أعاد الرب للمولود أعمي بصيرته.. مظهرا عمله لتظهر أعمال الله فيه، إن الرب إلهنا هو الطبيب الذي يشفي طبيعتنا ويصحح حياتنا لكي يظهر قوته الإلهية ومن الذي يقدر أن بخلق أعين للمولود أعمي إلا الله الكلمة، لقد قال الرب عن نفسه (لتظهر أعمال الله فيه) وهنا نري أن المسيح رب المجد يتكلم عن نفسه، وعن أعماله.
لأنهم سمعوا أن الله حينما خلق الإنسان أخذ ترابا من الأرض لذلك أيضا صنع المسيح طينًا وبالرغم من انه لم يكن محتاجا للمادة عند خلق العينين ولكنه فعل ليعرفنا بذاته أنه هو الخالق منذ البدء لأنه خلق أعين من جديد وكأنه يقول: أن هو الذي أخذت التراب من الأرض وصنعت الإنسان، فلو كان قد قال ذلك لظهر كلامه صعبًا على السامعين أن يصدقوه لذلك أراد أن يريهم ذلك بالعمل، فاخذ التراب وخلطه بالتفل فأظهر بذلك مجده المخفي وأظهر ألوهيته.
فلم يكن هينًا أن يعتبروه خالقًا ولكنه بخلقته للعينين أثبت أنه خالق الكل، خلق العينين بذات الطريقة الأولي التي خلق بها الإنسان.
ولما كانت العين سراج الجسد، من أجل هذا نحن نطلب من الرب يسوع خالق الكل أن يهبنا الأعين الروحية المستنيرة والبصيرة الحية كما صنع مع المولود أعمي في هذا اليوم لأنه قادر أن يتمجد في الضعف، لذلك كل الأمور التي حولنا مهما كانت صعبة تجارب، أحزان، بلايا، أمراض، فشل، مضايقات، اضطهادات، لنثق إنها ستؤول لمجد الله..
لقد قال السيد (يجب أن أعمل مادام نهارًا).
إن عمل المسيح أن يتمم مشيئة الآب السماوي الذي أرسله، لذلك هو يعمل في النهار حيث النور والإيمان والاجتهاد والتوبة.
أن الله يعمل في أبناء النور وفي أبناء النهار، أبناء المعمودية الذين يقبلون الكلمة، فلنقبل الكلمة الموضوعة على المذبح الجسد والدم، ولنقبل كلمة الله التي نسمعها من المنجلية لنسلك في النهار وفي النور لأن إلهنا لا يسكن إلا في النور، لأنه هو النور الحقيقي الآتي إلي العالم، كل من يعيش بعيدًا عنه ينطرح في الظلمة الخارجية.
إن الشعب الجالس في الظلمة أبصر نورًا، لنبصر النور، ولنعاين النور، ولنعمل أعمال النهار، ولنسير في النور، نور الحياة الجديدة نور الوصية ولا نسلك في ظلمة الخطية القاتلة للنفس، ولا في ليل العدو الشرير.
ولنخبر بفضل الذي دعانا من الظلمة إلي نوره العجيب فنكون كمصباح منير في موضع مظلم إلي أن ينفجر نور النهار ويطلع كوكب الصبح في قلوبنا.
فها هو المولود أعمي، ونحن جميعا معه نولد عميان ليس لنا مقدرة على رؤية الله بسبب الفساد الذي دخل طبيعتنا منذ سقوط أبينا آدم ولكن لصلاح الله ومحبته، يتقدم المسيح من نفسه دون أن يطلب منه أحد، ليخلق البصر للمولود أعمي، بل ويعلن أنه ينبغي أن يعمل أعمال الرب لكي تظهر في هذا الرجل قائلا (مادامت في العالم فأنا نور العالم) والطريقة التي شفي بها المسيح رب المجد المولود أعمي تشير إلي طريقة إعطائنا البصر الروحي الذي به نستطيع أن نراه (بنورك يا رب نعاين النور) وهنا المسيح يعلن لنا عن ذاته ويصالحنا مع الله، وفي هذه المعجزة يقدم لنا نفسه شافيا لعين الجسد التي لإنسان مولود أعمي لكنه في ذات الوقت يقدم نفسه للعالم والعميان بحسب الروح وللجالسين في الظلمة وظلال الموت لأن معرفة المسيح هي معرفة النور وكل من يتبعه لا يمشي في الظلمة وتلك هي بركات المعمودية وخيراتها في حياتنا لذلك من تدابير كنيستنا المقدسة أن يقرأ هذا الفصل من إنجيل المولود أعمي في يوم اقتبال نفوس كثيرة لنعمة العماد لكي ندرك أسرار ملكوت الله.
والنور في اللاهوت الأرثوذكسي مرتبط صميما بالحب والحق والفرح والحياة والنهار والسلوك بلا ميل ولا عثرة، أننا أبناء نور وأبناء نهار وأبناء قيامة.
كتاب رحلة الكنيسة في الصوم الكبير
* بركة سلوام

أن الاغتسال من بركة سلوام إشارة إلي المعمودية باسم المسيح وقد ذكر الإنجيل أن سلوام تفسيرها أي معناها "مرسل" أي أن الاغتسال من المعمودية هو اغتسال في المسيح أبن الله المرسل من الآب لخلاصنا.
وبدون المعمودية لن تكون لنا الأعين الروحية لكي نري نور الله، وهذا الإنجيل الذي تقرأه الكنيسة يوم أحد التناصير يوم تعميد الداخلين الجدد في الإيمان يجعل تفتيح عيني المولود أعمي مذكرا لكل مسيحي معمد بالنور الذي أعطاه لنا المسيح بتجسده ومجيئه وصليبه وقيامته، وإن الكنيسة تذكرنا في الأحد السادس من الصوم أننا نلنا نور البصر الروحي في المعمودية.
ومجرد الاغتسال من بركة سلوام الذي تفسيره مرسل إشارة تتجه نحو المسيح نفسه مباشرة، أي أن الاغتسال في بركة سلوام سر فاعليته من صميم رسالة المسيح.
وكذلك معروف أنه في عيد المظال هذا الذي صنع فيه المسيح معجزة المولود أعمي كان يعمل فيه طقس تذكار الصخرة (الصخرة كانت المسيح) (1 كو 10: 4) حيث كان رئيس الكهنة يملئ بنفسه جرة فضية -عوض الصخرة في برية سيناء- من ماء سلوام ويصبها على المذبح، فماء سلوام هو المسيح نفسه الذي يقدس ماء المعمودية لكي يعطينا الحياة والاستنارة والحواس الجديدة التي من فوق فنؤهل لرؤية الملكوت وقبول الأبدية.
وإنجيل قداس المولود أعمى يشرح لنا عمل المسيح في المعمودية بصفته النور والحياة في ماء سلوام، وماء المعمودية هو لنا جميعا ماء سلوام الروحية، ماء المرسل ماء المسيح الماء الحقيقي الحي، الذي يعطي الحياة الجديدة والبصيرة السمائية وموهبة الحياة الجديدة والاستنارة لأنه هو مصدر الحياة ومصدر النور.
فتأخذنا الكنيسة إلي عمق الفكر الليتورجي لكي نراجع حياتنا وقلوبنا من جديد وننظر إلي هدف حياتنا ببصيرة روحية واعية مستنيرة خلال ربيع السنة الروحية في الصوم الكبير.
كتاب رحلة الكنيسة في الصوم الكبير
* لنسأل أنفسنا:

هل نحن نتمتع بإشراقة نور المسيح؟
هل نحن نعيش بركات المعمودية؟
لقد أعطانا المسيح أن ننال معرفة الثالوث القدوس الواحد في الجوهر، وأعطانا أن نكون شركاء جسده وإن نجحد الشيطان ومملكته في المعمودية المقدسة.
سلوام صورة المعمودية المقدسة التي بها نصير بنين مخلصين ووارثين ومجددين ولابسين ثياب البر، نتعرف على شخص المسيح الذي يهبنا الولادة الجديدة بالمعمودية لأنه هم المرسل، ولأنه هو الذي يقدس الأسرار، نتعرف عليه في سلوام (جرن المعمودية) سابحا بطريقة غير منظورة فوق سطح مياه المعمودية المقدسة لنغسل التلوث والنجاسة التي في عيون الذهن، وننظر الجمال الإلهي بنقاوة ومحبة الصلاح.
لقد أسرع الرجل الأعمى ليغتسل من بركة سلوام الروحية التي نتقابل معها في جرن المعمودية، لقد خلق السيد أعين للمولود أعمي دون أن يطلب، يا للعجب أن مسرة قلبه أن نعيش فيه ونري النور، لقد جاء من أجل الجميع من أجل الضالين والخطاة والمشتتين والعمي ومن أجل الشحاذين والعميان.
أن الكنيسة تأخذنا اليوم في الأسبوع السادس من الصوم الكبير أحد التناصير (المولود أعمي) إلي رؤية المسيح ومعاينة النور الإلهي في داخلنا.
كتاب رحلة الكنيسة في الصوم الكبير
* المعمودية هي النور والبصيرة

البصيرة الجديدة التي وهبها لنا الله في مياه المعمودية، البصيرة الروحية التي تقبل أعمال الله في الأسرار بلا مجادلة ولا شرشرة، البصيرة الروحية التي بها نستطيع أن نري جيش الملائكة النورانية، ونعيش في شركة الثالوث القدوس وفي شركة السمائيين، فنتأكد أن الذين معنا أكثر من الذين علينا.
تلك البصيرة الروحية التي أخذناها في المعمودية لنستطيع بها أن نقول أننا ناظرين إلي الرب بوجه مكشوف، تلك المعمودية التي أهملناها وحولنا أنظارنا إلي العالم والمشتهيات والأباطيل، ولا نعود نعرف حقيقة ضعفنا.
أن توبتنا هي معموديتنا المتكررة التي نسترد بها بصيرتنا واستنارتنا لنعرف الطريق التي نسلك فيها.
وكما أن الذين يتعمدون يعانون من الضيق والاضطهاد والآلام، كذلك كل الذين يدعي عليهم أسم ربنا يسوع المسيح أبناء المعمودية يتضايقون ويتعيرون، وهكذا نري في قصة المولود أعمي أنه بعد أن فتح الرب عينيه أصطدم بمقاومات ومحاكمات من الفريسيين ومن رؤساء الكهنة فالشيطان يرصد حركاتنا لأنه عدو الخير وعدو أولاد الله فيهيج من حولنا ويثير الناس ونجد أن الفريسيين الذين شاهدوا المعجزة، أدانوها واحتقروها لأنهم كانوا عميانا بسبب الحقد والكراهية، أما المولود أعمي فقد كشف الرب بصيرته فشهد للحق، ويكفي إنه قال:
أنا أعلم إنني كنت أعمي والآن أبصر.
لقد كان هذا الرجل مولود أعمي وأبواه أيضًا، والكلمة هذه تتكرر المرة في القراءة الإنجيلية في (أحد التناصير) لقد أبصر مستنيرا بعد ظلام وعتمة طويلة، لكن اليهود أخرجوه خارجًا، فوجد المسيح ينظره خارجًا وكفاه.
وكل من استنار وأبصر يسلك في النور بروح القيامة متحدثا عن فضائل ذلك الذي دعانا من الظلمة إلي نوره العجيب، وها قد تركنا كل شيء وتبعناك مع هذا المولود أعمي، لنشهد بعمل الله ونخبركم بكم صنعت بنا ورحمتنا ولسان حالنا أننا لا نعرف شيئا إلا أننا كنا عميان والآن نبصر.
  رد مع اقتباس
قديم 23 - 05 - 2014, 06:41 PM   رقم المشاركة : ( 35 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,056

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب رحلة الكنيسة في الصوم الكبير

الأحد السابع للصوم الكبير | أحد الشعانين

أحد الشعانين هو احد الأعياد السيدية الكبرى السبعة (أحد السعف)، وتصلي الكنيسة باللحن الشعانيني، ذلك اللحن والنغم والوزن الروحاني الخصب الذي يلهمنا ويقربنا من حدث دخول السيد المسيح ملكًا في هذا اليوم، وهذا اللحن والنغم الشعانيني الذي وضعه طقس الكنيسة الليتورجي لأحد الشعانين يجعلنا جسدًا واحدًا يتجاوب مع الحركة والانفعال الروحي، ويعدنا ويفتح أذهاننا لقبول كلمة الوعظ والتعليم، وعندئذ نحيا هذا الحدث الخلاصي سرائريًا ونشترك فعليًا في حياة المسيح مخلصنا الذي علمنا طرق الخلاص، فتصير حياة المسيح عريسنا السماوي لا مجرد تذكارات وأحداث وقعت في الماضي نجتمع لنتذكرها ونحتفل بها، بل هي حياتنا وخلاصنا ورجاؤنا كلنا، نعيشها ونتذوقها ونشعر بها ونتلامس معها، وهنا تكمن حيوية كنيستنا وخبرتها الداخلية التي تجعلنا مسيحيين ومسحاء نولد بالمعمودية وننمو بالأسرار، ولما كانت الكنيسة هي أمنا لذلك فهي تشير لنا دائمًا إلى أبوه المسيح لنا، وألحان الكنيسة العذبة التي ألفها الروح القدس بكل إبداع روحي وقدسي وأثرى الكنيسة بها منذ أجيالها الأولى، تجعلنا نعيش في أحد الشعانين، دخول المسيح لا إلى أورشليم ولكن إلى قلوبنا وحياتنا. لا كملك عليها (أي أورشليم) بل ملك على قلوبنا وحياتنا.
فتنتعش حياتنا بالنعمة ومشاعر التوبة والتقديس، وما هذه الإلحان والتسابيح إلا دموع القديسين وشركة النساك وتسبيح المتوحدين التي ادخرتها لنا أمنا البيعة الأرثوذكسية نحن الذين انتهت إلينا أواخر الدهور.
ونحن في هذا اليوم نسير(الكنيسة كلها) في موكب دخول المسيح لأورشليم نطوف بتهليل قلب مقدمين ذبيحة التسبيح ثمار شفاه معترفة باسمه ونعلن ملكوت المسيح ربنا، فنبارك الرب ربنا وملكنا لأنه ليس الأموات يسبحونك يا رب..

كتاب رحلة الكنيسة في الصوم الكبير
ولما كان هذا اليوم عيد سيدي كنسي، جعلت له الكنيسة طقس خاص به، نتقدم فيه إلى المسيح (مسيح الكنيسة) مؤكدين بنوتنا له مبتهجين بأبوته وبالوزن الشعانيني الذي يبتهج به القلب مقدمًا كل مشاعره وأحاسيسه وحبه للملك الجديد، فنستعيد به وحدة سلامنا وندخل إلى المصالحة مع السماء بل نصير نحن سماء، إنها ترجمة تعبيرية لحالة التهليل والتسبيح التي تعبر عن حالة الكنيسة التي بدأت بالاستعداد فالتجربة فالابن الشاطر فالسامرية فالمخلع فالتناصير فالشعانين، إنها أيضًا التعبير عن مجيء المسيح وخلاص العالم..
إنها صرخة التلهف نحو الله والتمجيد للجلال والمجد الإلهي ونحن حاملين في أيدينا سعف النخل والورود والأيقونات أثناء زفة أيقونة دخول المسيح أورشليم، ويا لها من دورة توصل وتؤصل الحدث في قلوبنا نحن المؤمنين في كل كورة مصر وتأتي الصلوات والقراءات والألحان والقطع والمدائح كتعبير عن الفرح الروحاني الذي ليس من هذا العالم والذي يجعلنا ننفتح على أشعة شمس البر المشرقة، نحو عريسنا الإلهي الذي نقدم له ذاتنا بالكلية، ونصحبه على مدى سني حياته الأرضية بلوغًا إلى المجد السماوي، نتقدم للشمس التي لا مغيب لها شمس بهجتنا واستقرارنا وطوباويتنا نعبده ونسبحه كما بصوت صادر من الظلمة إلى النور ومن المريض إلى الطبيب الشافي يسوع الملك الذي دخل اليوم ملكًا إلى أورشليم وهو سيد الحياة وواهبها، صلاة من الفقر والعوز إلى ذاك الذي يملأ الكل، إنها تسابيح الفرح والرغبة الملحة في التحرر من قيود الزمان والمكان تطلعًا إلى المجال الإلهي والحياة النورانية حينئذ نرى جلال الموكب الإلهي ويسوع داخل أورشليم ملكًا، ملكًا على سلوكنا فنفعل ما يرضيه أمامه، ملكًا على قلوبنا فلا نعرف آخر سواه، ملكًا على حواسنا فلا نحب العالم ولا شهوات العالم، ملكًا على حياتنا فلا نحيا بآخر سواه، به نحيا ونوجد ونتحرك، مستأثرين كل فكر لطاعة المسيح يسوع.
اليوم الجالس على الشاروبيم ركب على جحش ووصل إلى أورشليم- من أفواه الأطفال والصغار الرضعان أعددت سبحًا بإرادتك يا رب- لا تخافي يا ابنة صهيون هوذا ملكك يأتيك راكبًا على جحش- اليوم كملت النبوات قومًا اخذوا سعف النخيل وأغصان الزيتون وآخرون فرشوا ثيابهم في الطريق أمامه قائلين (أوصنا يا ابن داود مبارك الآتي باسم الرب، هوشعنا لابن داود في الأعالي لملك إسرائيل) وكلها قطع وذكصولوجيات وضعتها الكنيسة تأخذنا في رحلة أورشليم وتشركنا في موكب المسيح فعليًا وحياتيًا واختباريًا ومن ثم نفرح ونشبع بالتذكار الليتورجي على المستوى الباطني.
ويقول القديس يعقوب السروجي:
حبك أنزلك من المركبة إلى الجحش. عوض جنود الكاروبيم غير المفحوصين، يبجلك جحش.
أنزلتك المراحم من بين العجل والوجوه وأجنحة اللهب لكي تجلس على ابن الأتان، أنت الذي يجاهر السمائيون ببهائك، وهنا الجحش الحقير المزدري به يحملك بين السمائيين.
كاروبيم النار يباركونك طائرين، وهنا الأطفال يمجدونك بتسابيحهم،ملائكة النور بريش النور يهيئون طريقه، والتلاميذ هنا يلقون قدامه ثيابهم. نزل الجبار من عند أبيه ليفتقد مكاننا، وبإرادته بلغ إلى منتهي الاتضاع، ركب الجحش ليفتقد بالاتضاع شعبه.
زكريا النبي حمل قيثارة الروح، وأسرع قدامه بترتيل نبوية بابتهاج، شد أوتاره وحرك صوته وقال: افرحي يا ابنة صهيون واهتفي واصرخي، لأن ملكك يأتي راكبًا جحشًا ابن أتان (زك9: 9).
ويا لعظمة هذا اليوم الذي أرسل فيه الرب التلميذين بسلطان إلهي ليحلا الأتان والجحش، وهكذا يرسلهما إلينا ليحلونا من اهتمامات العالم، لأن الرب يتطلع للنفس لا كمن يتعالى عليها بل كمن هو يطلبها لتكون موضوع تعطفاته ومحبته يسكن فيها، فتصير حياتنا مركبة سماوية تحمله، كما يليق بنا أن نخضع له ونقدم له أنفسنا، بعد أن أعلن حبه لنا، لا بمركبات وخيل ورجال ولا بعجلات وفرسان ولا بالأبواق والناي ولا بمركبة نارية، بل بحب واتضاع عجيبين..
وكل من يلقي ثيابه القديمة يتمتع بالسيد المسيح نفسه كثوب البر الذي يلتحف به، وكل من يتقدم ويتبع المسيح الملك يتمتع بالغلبة والنصرة على الموت والخطية وهزيمة رئيس هذا العالم، وهكذا يدخل ربنا يسوع إلى أورشليمنا الداخلية ليقيم ملكوته فينا، أنه يوم الانتصار، يدخل فيه المسيح ملكًا إلى أورشليم، وهو آت ليكمل الخلاص الذي من أجله جاء إلى العالم، الراعي والفادي والمخلص جاء ليقدم نفسه ذبيحة عن الشعب في مدينة أورشليم التي هي كنيسته فيصنع خلاصًا وفداء لشعبه.
مبارك الآتي باسم الرب، الرب الذي يرحم صنعة يديه، الرب المتحنن الكثير الرحمة الجزيل التحنن الذي يخلص جميع البشر، يرفع عنهم آثامهم ويرسل النور لأولئك الذين ضلوا طريقهم في الظلام، فهو مبارك لأنه جعلنا نحن الجلوس في الظلمة وظلال الموت نبصر نوره العجيب، وهو ما تعبر عنه الكنيسة في قسمة أحد الشعانين: (أيها الرب ربنا مثل عجب صار اسمك على الأرض كلها، لأن قد ارتفع عظيم بهائك فوق السموات، من أفواه الأطفال والرضع هيئت سبحًا)
مبارك هو الذي أعطانا ذاته ليخلص شعبه إلى التمام، ينقذ الفقير من أيدي ظالميه، ويسكب خمرًا وزيتًا على ذاك الذي وقع بين أيدي اللصوص، هو مُسبح في كل العالم، لأنه الجالس بين تسبيحات إسرائيل، جاء لكي يملك ملكًا عجيبًا جدًا قدام له المجوس ذهبًا ولبانًا ومرًا، ملك غريب وعجيب يملك لا بالسيوف والغزوات بل بالتواضع والمحبة، ملك باك على خلاصنا يسعى لتكون حياتنا أفضل، ملك قوي ارتجت له المدينة، ملك على الصليب (لك القوة والمجد والبركة والعزة إلى الأبد آمين يا عمانوئيل إلهنا وملكنا).
  رد مع اقتباس
قديم 23 - 05 - 2014, 06:42 PM   رقم المشاركة : ( 36 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,056

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب رحلة الكنيسة في الصوم الكبير

الصوم الكبير والإفخارستيا

تعد القداسات الإلهية اليومية في ساعات متأخرة من أوقات النهار من أهم القواعد الطقسية التي تخص صومنا الكبير، وتأتي أهميتها من كونها مفتاح فهم التقليد الطقسي الليتورجي بروحانيته الأرثوذكسية، بعيدًا عن خطر العقلانية الغربية.
وحرص الكنيسة على دوام يومية القداسات ينير لنا التقليد الليتورجي الأرثوذكسي القبطي بكامله، ولكي نفهم هذا التدبير الكنسي لابد أن نشير إلى أن الإفخارستيا دائمًا طابعها الفرح والتعييد، إنها بالدرجة الأولى سر مجئ المسيح وحضوره، سر القيامة وبرهانها، بر الإعلان (لو24: 13)، والتناول هو نبع المعرفة الكنسية الاختياري والوجودي لقيامة ربنا يسوع المسيح، والقداسات الإلهية اليومية تؤكد على فرحنا بجهاد الصوم.
الإفخارستيا هي المجيء والحضور نفسها، والمعرفة الفائقة العقل والمطلقة في كسر الخبز، حيث ملكوت الله حاضر منذ الآن في الإفخارستيا بالمشاركة في ملكوت الفرح والسلام والغلبة ملكوت الثالوث القدوس المبارك.
ففي الصوم بينما نحن نجوع للطعام الجسدي نأخذ طعام الأبدية وبينما نحن نمتنع عن الخبز البائد نُطعم الخبز السماوي، وبينما نحن نحرم أنفسنا أن جاز أن نقول هذا، فنحن نأخذ كل الغنى والشبع، والتقديس، نصوم لا عن اضطرار بل ببهجة قلب، من أجل حضور المسيح وبشارة الفرح الأبدي لملكوت الله، تاركين الاهتمام الجسداني متطلعين إلى السماويات حيث وطننا الأصلي. وبالتالي نصعد إلى حيث صعد المسيح ربنا لنأكل لا خبز الأرض الذي نصوم عنه بل لنأكل ونشرب على مائدة المسيح في ملكوته الأبدي، ملكوت الفرح والنعيم والإشراق والمجد.

كتاب رحلة الكنيسة في الصوم الكبير
إننا بالتناول المتواتر أثناء رحلة الكنيسة في الصوم الأربعيني، نكتشف مجددًا أن حياتنا نستمدها لا من الخبز والأكل والشرب إنما من الجسد والدم الذي كل من يأكله ويشربه يُعطي حياة أبدية، فالإفخارستيا في مفهومنا الأرثوذكسي هي غناء حياتنا الروحية كأناس روحيين نسلك بالروح، وهي أيضًا بالضرورة بداية جهادنا الروحي، والموهبة الإلهية التي تؤهلها أن نعرف ونشتاق ونتطلع لشركة أكمل في النهار الذي لا يغرب للملكوت الأبدي، أننا نعرف هذا الملكوت الآتي ونشارك فيه الآن، فصومنا عن الأطعمة يجعلنا نشتاق إلى ما فوق زاهدين هذا العالم كغرباء، وفي تقدمنا للذبيحة نرى ونذوق مسبقًا المجد الآتي ونحن ما زلنا على الأرض، وصومنا هذا إنما تدريب نبدأه منذ الآن لرحلة طويلة نحو يوم الرب الأخير (الباروسيا).
ونحن في رحلة غربتنا نحتاج إلى سند ومعونة إلى زاد الطريق إلى قوة وتعزية، لأننا في الحرب مع (رئيس هذا العالم) الذي لم يستسلم بعد، الذي غلبه السيد المسيح على جبل التجربة. بصومه أربعين نهارًا وأربعين ليلة،ذلك الشيطان الذي هزمه المسيح على الصليب ظافرًا به، يخوض ضدنا حربًا شرسة ملتمسًا من يبتلعه، تلك المعركة العنيفة التي يحاول الشيطان أن ينتزع فيها قدر ما يستطيع من الناس، المعركة صعبة لأنها ليست مع دم ولحم ولكنها مع أجناد الشر مع أبواب الجحيم، وما هذه الحرب إلا الباب الضيق الذي لابد أن نعيشه ونجتازه، ولا عون لنا إلا بالجسد والدم ذلك الزاد السماوي مصل عدم الموت الواهب حياة لا كحياة أولئك الذين يحيون للعالم ولكن الذين يحيون للحياة الدائمة، فملكوت الله ليس طعامًا أو شرابًا بل هو فرح وسلام بالروح القدس.
وجوعنا وعطشنا لا يسده طعام وشراب إنما يسده ذلك الغذاء الجوهري الذي يحفظ حياتنا الروحية ويقويها، بالرغم من جميع الحروب والتجارب التي تجعلنا نكلل بعد جهادًا قانونيًا.
ويعلمنا القديس ديديموس الضرير المبصر عن أولئك الذين يرفضون تناول جسد الرب ودمه، الذي هو خبز الحياة الحق النازل من السماء الذي يُعطى كطعام للحياة، يكون صوم هذا مدان وغير مقبول.
إن الرب يقول لأولئك الذين صاموا بطريقة رديه (إن صومكم في الشهر الخامس والسابع طوال هذه السبعين سنة التي قضيتموها في بابل لم يرضيني، لقد أكلتم وشربتم ما يروق لكم دون أن تراعوا أقوال الأنبياء السابقين).
لذلك يلزم أن ينتهي الصوم الذي هو البذل الناقص بسبب الضعف والخطية، بالتناول وبالشركة في جسد الرب ودمه الأقدسين ليصير جهادنا بذلًا كاملًا، لذلك نجد أن كل تناول من الجسد والدم يسبقه صوم، وكل صوم يلزم أن ينتهي بالتناول، إذ تكمل ذبيحتنا ويكمل بذلنا ويستر عرينا ويسند ضعفنا (صلوا من أجل التناول باستحقاق، أطلبوا عنا وعن كل المسيحيين) (القداس الإلهي).
وفي الصوم الكبير لابد أن نكثف جهادنا، لأن الأمر عائد إلى أننا حسب الإنجيل وجهًا لوجه أمام عدو الفرح، عدو كل خير الشيطان وكل قواته الشريرة، ولذا نحن بحاجة خاصة إلى هذه النار الإلهية إلى جسد الرب ودمه الأقدسين، سلاحنا في الجهاد، وهي بالفعل المن السماوي الذي يحفظنا أحياء في رحلتنا في صحراء جبل التجربة.
  رد مع اقتباس
قديم 23 - 05 - 2014, 06:42 PM   رقم المشاركة : ( 37 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,056

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب رحلة الكنيسة في الصوم الكبير

مراجع البحث


  • صومًا روحانيًا (روحانية الصوم) - قداسة البابا شنودة الثالث
  • كتابات الأب الموقر القمص تادرس يعقوب ملطي
  • كتاب الصوم الكبير - الكسندر شميمان
  • رحلة الصوم المقدس - المتنيح القمص بيشوي كامل
  رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
رحلة الكنيسة في الصوم الكبير
رحلة الصوم الكبير
كتاب رحلة الصوم الكبير - أبونا بيشوى كامل
كتاب الكتروني ( رحلة الصوم الكبير )
رحلة الصوم الكبير كتاب لأبونا بيشوى كامل


الساعة الآن 08:50 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024