البابا شنودة الثالث
عفة النظر
عفة النظر تكون في البعد عن كل نظرة شهوانية.
ولعل هذا ما قصده القديس يوحنا بعبارة "شهوة العين" (1يو 2: 16). وهذا أيضًا ما قصده أيوب الصديق حينما قال "عهدًا قطعت لعيني. فكيف أتطلَّع في عذراء؟!" (أي 31: 1). بل هذا ما قاله الرب "إن كل من ينظر إلى امرأة ليشتهيها، فقد زنى بها في قلبه".
إذن عدم عفة القلب تؤدى إلى عدم عفة النظر.
الإنسان العفيف تكون نظرته إلى أية امرأة، هي نظرة عفيفة لا خطيئة فيها.
ولكن يبدأ عدم العفة حينما يتلوث القلب من الداخل.
هذا هو الذي حديث مع امرأة فوطيفار. يقول الكتاب إنها "رفعت عينيها إلى يوسف" (تك 39: 7). إنها بلا شك كانت تراه كل يوم. ولكنها في ذلك الوقت بدأت تنظر غليه بطريقة أخرى، بقلب دخلته الشهوة.
حدث مثل ذلك وبمعنى آخر، مع أمنا حواء بالنسبة إلى شجرة معرفة الخير والشر. كانت الشجرة في وسط الجنة (تك 3: 3). ولا شك أن حواء كانت تمر عليها كل يوم وتراها، ولكن بقلب عفيف لا يشتهيها. إذن فمتى بدأت المشكلة؟ بدأت حينما تغير قلب حواء من الداخل بإغراء الحية التي قالت لها "لن تموتًا.. تصيران مثل الله، تنفتح أعينكما" (تك 3: 4، 5).. حينئذ "رأت المرأة أن الشجرة جيدة للأكل، وأنها بهجة للعيون، وأن الشجرة شهية للنظر" (تك 3: 6). من أين أتت هذه الشهوة نحو الشجرة؟ أتت من تغير القلب من الداخل..
الإنسان العفيف ينظر بغير شهوة، بل في استحياء..
ليس في الأمور الجنسية وحدها، بل أيضًا من جهة نظرة الاحترام نحو مَنْ هو أكبر منه. فلا يجرؤ أن الابن ينظر إلى أبيه بغير حشمة، بل في توقير شديد. وقد لا يجرؤ أن يرفع عينيه إليه، أو أن ينظر نظرة تحد.. قيل عن القديس الأنبا بيجيمي أنه عاش 18 سنة مع شيوخ قديسين في الدير، لم يجرؤ خلال ذلك أن يرفع بصره ليملأ عينيه من واحد منهم.
هناك نظرات أخرى غير متعففة (من نوع آخر).
مثل النظرات المتجسسة الفاحِصَة، التي تريد أن تسبر غور مَنْ أمامها وتفحص دواخِله وتعرف أسراره، أو تؤثر عليه.