منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 31 - 01 - 2014, 03:37 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,298,857

عذاب الضمير من نتائج الخطية

من أمثلة عذاب الضمير قصة تقال عن بيلاطس:
كان بيلاطس يعرف أن المسيح برئ، ولذلك قال "ها أنا قد فحصت قدامكم، ولم أجد في هذا الإنسان علة مما تشتكون به عليه" (لو 23: 14). وإذ كان جالسًا علي كرسي الولاية أرسلت إليه امرأته قائلة "إياك وذلك البار. لأني تألمت اليوم كثيرًا في حلم من أجله". ولكنه أمر بحكم الموت ضد ضميره. ولأجل أن يريح ضميره راحة زائفة، اخذ ماءًا وغسل يديه قدام الجميع قائلًا: إني برئ من دم هذا البار" (مت 27: 24). وتقول القصة إن بيلاطس عندما خلا إلي نفسه في منزله، وجد يديه ملطختين بالدماء فغسلهما مرة ثانية. ولكن الدم لم يفارقهما. فغسلهما للمرة الثالثة وهو يقول "أنا برئ من دم هذا البار". ولكنه عاد الدم ما يزال يلطخهما. فاستمر يغسلهما مرات عديدة وهو يصرخ في رعب قائلًا "أنا من دم هذا البار". أنها قصة تصور لنا مقدار الرعب وفقدان السلام الذي يصيب الخاطئ نتيجة لخطيئته.
إن الخطية متعبة. وقد لا يحس الإنسان بمقدار خطورتها إلا بعد وقوعها، وربما بعد وقوعها بمدة، حين يستيقظ الضمير، من تلقاء نفسه أو بمؤثر خارجي..

كتاب حياة التوبة والنقاوة لقداسة البابا شنودة الثالث
ومن أمثلة عذاب هذه اليقظة المتأخرة للضمير. قصة يهوذا الإسخريوطي.
إن يهوذا لم يشعر ببشاعة خيانته في بادئ الأمر. كان مشغولًا بالتآمر والمقابلات والاتفاقات. وكان مشغولًا بالتآمر والمقابلات والاتفاقات. وكان مشغولًا بالمال وتسلمه. وبميعاد ومكان تسليم سيده حتى إنذارات الرب له لم يحس بها. وأخيرًا عندما حوكم السيد المسيح وحكم عليه بالصلب.. استيقظ ضمير يهوذا، وظل يعذبه، فوجد نفسه أمام خطيئة بشعة ومرعبة وبدأ يتذكر كلام الرب للتلاميذ "أنتم طاهرون ولكن ليس كلكم"، "أحد منكم سيسلمني".. "ابن الإنسان ماض كما هو محتوم. ولكن ويل لذلك الإنسان الذي يسلمه" (لو 22: 22).. وتذكر يهوذا أيضًا قول الرب له: ما تريد أن تعمله فاعمله بأقصى سرعة. ثم كلمة المسيح الأخيرة له "يا صاحب لماذا جئت" (مت 26: 50)، "أبقبلة تسلم ابن الإنسان" (لو 22: 48). ولم يستطيع يهوذا أن يحتمل كل هذا، وأتعبه ضميره جدًا، فقام وذهب لرؤساء الكهنة "ورد الثلاثين من الفضة قائلًا: "قد أخطأت إذ أسلمت دمًا بريئًا. فقال ماذا علينا أنت أبصر. فطرح الفضة في الهيكل وانصرف" (مت 27: 3). ومع كل هذا استمر ضمير يهوذا يعذبه وظل يعذبه بلا هوادة. وتسمرت صورة خطيئته في عمق بشاعتها أمام عينيه.. وأخيرًا "مضي وخنق نفسه" (مت 27: 5). يا أخوتي ما أبشع الخطية، وما أكثر رعبها، عندما يستيقظ الضمير إن الإنسان قد لا يحس بمرارتها طالما هو في دوامه من الخطايا أو من المشغوليات ولكن بمجرد أن ينتبه لنفسه أو يرجع لذاته، يتعب ويتألم من منظر خطيئته. لذلك فإن بعض المجرمين يذهبون ويسلمون أنفسهم للعدالة معترفين بجرائمهم.. لأنهم لم يستطيعوا أن يحتملوا تأنيب الضمير ولا القلق الداخلي الذي يتعبهم وفقدان السلام الناتج عن إحساسهم بالإثم.لذلك صدق قول الكتاب "لا سلام قال الرب للأشرار" (أش 48: 22). وهناك قاعدة هامه عند علماء النفس تقول إن المجرم يظل يحوم حول مكان الجريمة في الأيام الأولي لحدوثها. لأنه يكون قلقًا وخائفا من اكتشاف أمره. ويقول في نفسه "يا تري هل تركت أثرًا أم لم اترك. وهل عرف رجال البوليس أم لم يعرفوا؟!" من أجل هذا فإن رجال النيابة والشرطة عندما يكتشفون جريمة يترصدون مكانها متخفين، لكي يكتشفوا كل الأشخاص المشتبه فيهم الذين يحومون حول المكان. ومن أمثلة الخوف والقلق وفقدان السلام، ما حدث لقايين بعد خطيته: عاش تائهًا وهاربًا في الأرض، خائفًا أن يقتله احد كما قتل أخاه، شاعرًا أن الله قد طرده عن وجه الأرض، وطرده من أما وجهه (تك 4: 13، 14). وبهذا القلق قضي قايين حياته في خوف. ولم يستفد من خطيته شيئًا.. تطارده خطيته ويطارده صوت أخيه الصارخ من الأرض. هكذا الأمراض النفسية التي تصيب الخطاة نتيجة للقلق والخوف والانزعاج والاضطراب وتوقع الشر باستمرار.
أما الأبرار فعلي العكس من ذلك يعيشون في فرح وسلام..
هم في فرح مستمر، لا يضطربون، ولا يقلقون، ولا ينزعجون من الداخلي، فالكتاب المقدس يقول "من ثمار الروح القدس محبة، فرح، سلام" (غل 5: 22). إذن فالشخص الذي لا يعيش في سلام، لا توجد فيه ثمار الروح القدس. قيل عن القديس الأنبا أنطونيوس، في القصة التي كتبها عنه القديس أثناسيوس الرسولي "من من الناس كان مضطرًا النفس أو منزعج القلب، ويري وجه الأنبا أنطونيوس، إلا ويمتلئ بالسلام". مجرد رؤية وجه الأنبا أنطونيوس -في هدوئه وفرحه- كانت تملأ القلب بالسلام. ليس كذلك الخطاة، ليسوا كذلك، بل هم حزن وعذاب، وبخاصة عندما يستيقظ ضميرهم ويلبهم بسياطه. وقد أخذنا فكرة عن عذاب الأشرار كيهوذا وقايين..
ونريد أن نأخذ مثالًا عن عذاب الضمير للقديسين ممثلًا أفضل تمثيل في قصة داود النبي:
في أثناء الخطية، كان داود النبي في نشوة اللذة الجسدية، فلم يشعر بخطورة ما كان يفعل..! حتى أنه اتبع خطية الزنى بخطية القتل، دون أن يتحرك ضميره أو يتخرج. ولكن بعد أن واجهه ناثان وخطيته، وبدأ يحس خطورة ما فعل، حينئذ استيقظ ضميره وبدأ يتعبه علي الرغم من قول النبي له "الرب قد نقل عنك خطيئتك، لا تموت" (2 صم 12: 13). عندما استيقظ ضميره، بلل داود فراشه بدموعه. وصارت دموعه له طعامًا نهارًا وليلًا، ولصقت بالتراب نفسه، وعاش في مذله من نفسه، وصرخ إلي الرب قائلًا "إن عظامي قد اضطربت، ونفسي قد انزعجت جدًا" (مز 6). ورضي بالمذلة من اجل خلاص نفسه، وقال في ذلك "خير لي يا رب أنك أذللتني لكي أتعلم ناموسك" (مز 118). حقًا إن الإنسان عندما تتكشف له خطاياه، يصير من عذاب ضميره وكأنه في جحيم.
هل تظنون أن "البكاء وصرير الأسنان" يكونان فقط في البحيرة المتقدة بالنار والكبريت؟ كلا، بل يكونان علي الأرض أيضًا، عندما يتعذب الإنسان في قلبه من هول خطاياه.. يحدث هذا في أوقات التوبة، عندما يحس الإنسان التائب مقدار بشاعة خطيته، ويبكي عليها بدموع وحرقة قلب، ويلوم نفسه قائلًا: أين كان عقلي وتفكيري عندما فعلت هذا..؟! ويظل ضميره يؤنبه، فتصطك أسنانه من الألم والندم والخزي والعار والشعور باحتقار الذات..
وفي الحقيقة خير التائب أن يقاسي "البكاء وصرير الأسنان" ههنا علي الأرض، من أن يقاسيه هناك في الأبدية علي غير رجاء.. رأينا أنه من نتائج الخطية الخوف، وفقدان السلام الداخلي، والمرارة، وعذاب الضمير.. علي أن هناك نتائج للخطية..
رد مع اقتباس
قديم 31 - 01 - 2014, 03:38 PM   رقم المشاركة : ( 2 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,298,857

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب حياة التوبة والنقاوة لقداسة البابا شنودة الثالث

فقد الصورة الإلهية

كتاب حياة التوبة والنقاوة لقداسة البابا شنودة الثالث
خلق الإنسان علي صورة الله ومثاله. ولكنه في حاله الخطية لا يحتفظ بهذه الصورة الإلهية، بل بفقدها. يفقدها من الداخلي ومن الخارج أيضًا إذ تترك الخطية طابعها علي وجهه وملامحه، وعلي صوته وإشارتها بل تترك الخطية طابعها علي زيه وملابسه. وحتى كلماته أيضًا وأسلوبه ولغته تعبر عن الخطية الكامنة فيه، حسبما قيل "لغتك تظهرك" (مر 14: 70). من أجل هذا قال معلمنا القديس يوحنا الحبيب "بهذا أولاد الله ظاهرون، وأولاد إبليس (ظاهرون)" (1 يو 3: 10).
فأنت أيها الأخ يا مَنْ غَيَّرَت الخطية شكلك وطباعك، وأنت أيتها الأخت يا مَنْ غيرت الخطية وجهك وملابسك وصوتك. ارجعا إلي الله بالتوبة. وسيغير كما التوبة في كل شيء، وتعيد إليكما الصورة الإلهية التي فقدتماها..
وكما يفقد الإنسان صورته الإلهية بالخطية، كذلك يفقد كرامته..
  رد مع اقتباس
قديم 31 - 01 - 2014, 03:39 PM   رقم المشاركة : ( 3 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,298,857

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب حياة التوبة والنقاوة لقداسة البابا شنودة الثالث

فقد الكرامة

كان الإنسان قبل الخطية نفخة قدسية خرجت من فم الله. كان صورة الله مثاله. أما بعد الخطية فإن الرب يقول له "أنت تراب، وإلي التراب تعود". عاد ترابًا كما كان، ولم يستحق أن يدعي صورة الله. اشتهي أن يكون له مجد الألوهية ففقد مجد البشرية الذي كان له.

كتاب حياة التوبة والنقاوة لقداسة البابا شنودة الثالث
ولأنه -كالحيوانات- اشتهي أن يأكل، لذلك أعطاه الرب أن يأكل العشب (تك 3: 18) الذي كان من قبل طعام الحيوانات (تك 1: 30)..
وضاعت هيبته علي الحيوانات وأصبح يخافها وصارت لها إمكانية أن تأكله بعد أن كان سيدًا عليها جميعًا (تك 1: 26).. حتى الحية أصبح في أمكانها أن تسحق عقبه (تك 3: 15).
حتى الأرض تمردت عليه.. وأصبحت تنبت له شوكًا وحسكًا (تك 3: 18)، بل أن أقسي عبارة في تمرد الأرض علي الإنسان تظهر في قول الله" (متى عملت الأرض لا تعود تعطيك قوتها" (تك 4: 12)..
الإنسان الخاطئ هو إنسان فاقد للكرامة، فاقد للاحترام. هو لعبه في أيدي الشياطين وفي أيدي الأشرار، ليست له هيبة.. بل أنه يفقد احترام ذاته لذاته.
أنظروا إلي الابن الضال، وكيف صار يشتهي الخرنوب الذي تأكله الخنازير، وكيف تمني أن يكون كأحد الأجراء في بيت أبيه..! بل أنظروا إلي نبوخذ نصر الملك وكيف مذعورًا عنه جلاله وصار كأحد الحيوانات (دا 5: 2، 21). وشمشون الجبار، كيف أنه بالخطية فقد قوته وفقد كرامته، وأذله وهزأ به أهل فلسطين (قض 16: 19-25).
لا يخدعك الشيطان يا أخي، إذ يصور لك في الخطية ملاذًا وشهوات، ويعدك بكرامات وإغراءات. وعندما تذوق الخطية تجدها في الأخر مرة كالعلقم، تقودك إلي الذل، وتفقدك كل شيء.. وتورثك الكآبة والضيق، وتقودك إلي اليأس، وتغطي بالخزي وجهك..
وكما تفقد فيها صورتك الإلهية وكرامتك، كذلك تفقد بساطتك ونقاوتك..
  رد مع اقتباس
قديم 31 - 01 - 2014, 03:39 PM   رقم المشاركة : ( 4 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,298,857

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب حياة التوبة والنقاوة لقداسة البابا شنودة الثالث

فقد البساطة والنقاوة

كتاب حياة التوبة والنقاوة لقداسة البابا شنودة الثالث
الإنسان البار هو إنسان نقي، لا يعرف سوي الخير. أما عندما يخطئ، فإنه يبدأ أن يعرف الشر أيضًا، وهكذا يفقد بساطته. وينظر إلي الأمور بغير نظرته الأولي. ويعرف أمورًا جديدة تسيئه معرفتها، ويتمني لو كانت تزول من فكرة..
كان آدم وحواء عريانين في الجنة -قبل الخطية- ولا يخجلان. يعيشان في بساطة لا تعرف الدنس. ولكنهما بالخطية فقدا بساطتهما، واضطرا أن يصنعا لهما مآزر..
وأنت أيها الأخ، ماذا فعلت الخطية بك؟ هل أفقدتك بساطة فكرك، ونقاوة قلبك. هل غيرت نظرتك إلي الناس، ونظرتك إلي نفسك، ونظرتك إلي الأمور. ما أبشع هذا التغير ليتك لا تتمادي، حتى لا تفقد ما بقي لك من بساطة ومن نقاوة..
ليتك ترجع إلي الله بالتوبة، حتى ترجع إليك نقاوتك الأولي. ويمنحك الرب ثوبًا جديدًا أبيض..
  رد مع اقتباس
قديم 31 - 01 - 2014, 03:40 PM   رقم المشاركة : ( 5 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,298,857

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب حياة التوبة والنقاوة لقداسة البابا شنودة الثالث

إن عرفت عقوبة الخطية، تخاف من الخطية

كتاب حياة التوبة والنقاوة لقداسة البابا شنودة الثالث
ها قد عرفت في الفصل السابق نتائج الخطية وما يمكن أن تحطمه في داخل النفس البشرية حيث تفقد صورتها وبساطتها ونقاوتها وتورثها الخوف والقلق والعذاب والخزي والهوان، وبقي أن تأخذ فكرة عن عقوبة الخطية..
أن عرفت عقوبة الخطية، تخاف من الخطية..
ينبغي أن نعرف جيدًا أن الله كما أنه رحيم ولا حدود لرحمته، كذلك هو أيضًا عادل ولا حدود لعدله.. وكما أنه شفوق يغفر الخطية، كذلك هو قدوس يكره الخطية.
غير أن البعض -للأسف الشديد- يستغل مراحم الله استغلالًا رديئًا يقوده إلي الاستهتار وإلي الخطية، معتمدًا اعتمادًا زائفًا علي مراحم الله!!
مثل هذا يخطئ كما يريد، وإن وبخته يقول لك "إن الله رحيم.. وحنون.. وطيب.. لا يصنع معنا حسب خطايانا، ولا يجازينا حسب آثامنا..! الذي غفر للمرأة الزانية يغفر لي، والذي غفر لزكا العشار يغفر لي أنا أيضًا.. والذي غفر لأوغسطينوس يغفر لي ويسامحني.. والذي قبل إليه مريم القبطية وموسى الأسود، يقبلني أنا أيضًا معهم"!! يقول هذا، وينسي التوبة العجيبة العميقة التي كانت لأولئك القديسين، والتي بسببها قبلهم الرب إليه. تلك التوبة التي كانت حدًا فاصلًا في حياتهم، وتغييرًا كليًا لسيرتهم، فلم يرجعوا إلي الخطية مرة أخرى مطلقًا، بل كانوا كل يوم يزدادون في النعمة وينمون في محبة الله.. ولم تكن رحمه الله لهم مجالًا للاستهتار أو للاستمرار في الخطية، حاشا..
ينبغي أن نفهم عدل الله ورحمته فهمًا سليمًا يقودنا إلي التوبة. وفي هذا المجال ما أجمل أن نورد ما ذكره القديس بولس الرسول عن لطف الله وصرامته"..
  رد مع اقتباس
قديم 31 - 01 - 2014, 03:59 PM   رقم المشاركة : ( 6 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,298,857

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب حياة التوبة والنقاوة لقداسة البابا شنودة الثالث

لطف الله وصرامته

هكذا قال الرسول العظيم معلمًا:
"هوذا لطف الله وصرامته،
أما الصرامة فعلي الذين سقطوا،
وأما اللطف فلك، إن ثبت في اللطف،
وإلا، فأنت أيضًا ستقطع.."
(رو 11:22)
لا يصح إذن أن نعتمد علي لطف الله، وننسي صرامته.. ولا يصح أن نعتمد علي رحمة الله، وننسي عدله.
رحمة الله وعادلة:
إن صفات الله لا تنفصل عن بعضها البعض، بحيث تقف واحدة منها مستقلة عن الأخرى، إنما نذكرها أحيانًا منفردة، من جهة التفاصيل وليس من جهة الفصل،لكي يفهمها الناس. ولكنها متحدة لاهوتيًا..

كتاب حياة التوبة والنقاوة لقداسة البابا شنودة الثالث
الله عادل في رحمته، ورحيم في عدله. عدله رحيم، ورحمته عادلة. عدله مملوء رحمة، ورحمته مملوءة عدلًا. ولا يمكن أن نفصل رحمته عن عدله..
هذه الوحدة القائمة بين الرحمة والعدل هي أساس عمل الفداء.
لو كانت رحمة الله قائمه بذاتها -بدون العدل- لكان يكفي برحمته أن يقول للبشر "مغفورة لكم خطاياكم"، وينتهي الأمر، بدون صلب.. لكنه بالرحمة غفر الخطية، وبالعدل دفع ثمن الخطية..
ولأن الله عادل، وتجسد ومات عنا، ليدفع ثمن خطيئتنا.. العدل لابد أن يستوفي حقوقه، حتى لو أدي الأمر أن يأخذ الله جسدًا، ويصير في الهيئة كإنسان، ويأخذ شكل العبد، ويهان ويصلب ويتعذب ويموت.. إن كان هكذا عدل الله، فأين نهرب من عدله؟ يمكن أن تشبه معاملة الله لك أحيانًا بالمرآة: فكما أنك تنظر إلي المرآة في وقت ما فتري وجهًا بشوشًا فرحًا، وتنظر إليها في وقت آخر فتري وجهًا حزينًا عابسًا، مع أن المرآة واحدة.. هكذا -كالمرآة- يريك الله حالتك.. تنظر إلي وجه الله، فتري حالتك من الداخل. إن كنت تائبًا، تري الله في لطفه. وإن كنت مستهترًا، تري الله في صرامته.
لطف الله وصرامته يمثلها الملاك الذي ظهر للمريمتين عند القبر.. هذا الملاك كان مخيفًا ومفرحًا.. كان مخيفًا للحراس لدرجة أن الكتاب المقدس يقول عنه "فمن خوفه ارتعد الحراس وصاروا كأموات" (مت 28: 4). ونفس هذا الملاك كان سبب فرح للمرأتين ومصدرًا لبشري مفرحة.. هكذا الله مخيف للبعض ومفرح للبعض الآخر.
ولطف الله وصرامته يظهران عمومًا في عمل الملائكة:
كلنا نتكلم عن ملائكة الرحمة. فهل ننسي أنهم أيضًا ملائكة للعقوبة والإهلاك؟
نحن نعلم أن ملاكًا أيقظ إيليا النبي وهو جوعان، وأعطاه طعامًا ليأكل. ومشي إيليا بقوة تلك الأكلة التي أخذها من الملاك أربعين يومًا (1مل 19: 6-8). ونعلم أن ملاكًا أرسله الله إلي هاجر عندما أشرف ابنها علي الموت عطشًا، ففتح عينيها فأبصرت بئر ماء، وشرب ولدها وعاش (تك 21: 15-19). ونعلم أن ملاكًا نزل غلي الجب، وسد أفواه الأسود فلم تضر دانيال (دا 6: 22). كذلك ذهب ملاك إلي السجن، وأخرج بطرس منه بعد أن فك السلسلتين من يديه (أع 12: 7-10). ويعوزنا الوقت أن نشرح عمل الملائكة الحالة حول المؤمنين وتنجيهم،
والملائكة المبشرة بالخيرات، والملائكة التي هي "أرواح خادمة مرسلة للخدمة لأجل العتيدين أن يرثوا الخلاص" (عب 1: 4). غير أن طبيعة الملائكة الرحيمة لم تمنع أن تكون الملائكة أيضًا للضرب والعقوبة والهلاك.
وسنضرب الآن أمثلة لملائكة أرسلهم الله للإهلاك والعقوبة: من أمثلتهم الملاك المهلك الذي ضرب كل أبكار المصريين، فماتوا جميعهم في ليلة واحدة "من بكر فرعون الجالس علي كرسيه إلي بكر الأسير الذي في السجن وكان صراخ عظيم في مصر، لأنه لم يكن بيت ليس فيه ميت" (خر 12: 29، 30) كذلك الملاك الذي رفع سيفه علي أورشليم عندما اخطأ داود النبي وعد الشعب. ومات في ذلك اليوم سبعون ألف رجل (1 أي 21: 14).ومن أمثلة ملائكة الإهلاك الملائكة السبعة أصحاب الأبواق الذين ورد ذكرهم في سفر الرؤيا، وذكر ضرباتهم المخيفة (رؤ 8: 9). ولا ننسى أو أول ذكر للملائكة في الكتاب المقدس كان مرعبًا، إذ طرد الله الإنسان من جنة عدن، وأرسل الكاروبيم بسيف من نار لحراسة طريق شجرة الحياة حتى لا يأكل منها الإنسان (تك 3: 24).
ولعل اللطف والصرامة يتجليان في وقت واحد في الملاكين المرسلين إلي لوط، أنقذاه وفي نفس الوقت ضربا الناس الأشرار بالعمى (تك 19: 10، 11). كما يتجليان معًا في قصة إليشع النبي مع نعمان السرياني، إذ شفي نعمان من برصه، وجعل البرص الذي كان عند نعمان يلصق بجيحزي "فخرج من أمامه أبرص كالثلج" (2مل 5: 14- 27).
إن كان الله هكذا في لطفه وصرامته، وهكذا أيضًا ملائكته وأنبياؤه، فلنخف نحن أيضًا لئلا نتعرض لصرامة الله بسبب خطايانا..
  رد مع اقتباس
قديم 31 - 01 - 2014, 05:33 PM   رقم المشاركة : ( 7 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,298,857

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب حياة التوبة والنقاوة لقداسة البابا شنودة الثالث

عقوبات الله المخيفة

إن رحمة الله التي لا تحد، لم تمنع ورود أمثلة لعقوبات مخيفة، أوقعها العدل الإلهي علي البشرية، بسبب خطايا الإنسان التي تحدت قداسة الله، وقاومت صلاحه، وكسرت وصايا..
· مثال ذلك الطوفان، الذي محا الله فيه الإنسان من علي وجه الأرض.. (تك 6: 7).
* مثال آخر هو حرق سدوم وعمورة..
إذ أمطر الله عليهما كبريتًا ونارًا من السماء "وقلب تلك المدن وكل الدائرة وجميع سكان المدن ونبات الأرض.. ونظرت امرأة لوط إلي الوراء فصارت عمود ملح" (تك 19: 24-26).. ونحن نقف أمام الطوفان، وأمام حرق سدوم وعمورة ونتعظ ونفكر.. من قال إن خطايانا هي أقل من خطايا سدوم؟! أو أقل من خطايا الناس وقت الطوفان؟! أو أقل من خطية امرأة لوط التي صارت عمود ملح؟!
ومن قال إن الله الذي أوقع هذه العقوبات في القديم، قد تغير في العهد الجديد؟!
أليس "هو هو، أمسًا واليوم وإلي الأبد" (عب 13: 8) "ليس عنده تغيير ولا ظل دوران" (يع 1: 17)..

كتاب حياة التوبة والنقاوة لقداسة البابا شنودة الثالث
· هو أيضًا الذي في العهد الجديد أوقع حنانيا وسفيرا ميتين.. من أجل أنهما كذبا في حديثهما مع بطرس الرسول.. وكم من الناس يكذبون أثناء حديثهم مع الآباء الأساقفة والآباء الكهنة بل مع الآباء البطاركة أيضًا..!
· وهو أيضًا الذي سمح لعبده بولس أن يقول عن خاطئ كورنثوس:
· "حكمت.. أن يسلم مثل هذا للشيطان لإهلاك الجسد، لكي تخلص الروح في يوم الرب يسوع" (1كو5: 5).
* ومن أعنف ما ورد في الكتاب المقدس عن عقوبات الله للخطاة: اللعنات التي صبها الله علي من يعصي وصاياه.
وقد وردت قائمة بهذه اللعنات في سفر التثنية إذ يقول الرب: "ولكن إن لم تسمع لصوت الرب إلهك لتحرص أن تعمل بجميع وصاياه وفرائضه.. تأتي عليك جميع هذه اللعنات وتدركك: ملعونًا تكون في الحقل، ملعونة تكون ثمرة بطنك وثمرة أرضك، نتائج بقرك وإناث غنمك، ملعونًا تكون في دخولك، وملعونًا تكون في خروجك. يرسل الرب عليك اللعن والاضطراب والزجر في كل ما تمتد إليه يدك لتعمله، حتى تهلك وتفني سريعًا من أجل سوء أعمالك إذ تركتني تكون سماؤك التي فوق رأسك نجاسًا، والأرض التي تحتك حديدًا.. يجعلك الرب منهزمًا أما أعدائك، في طريق واحدة تخرج عليهم، وفي سبع طرق تهرب أمامهم.وتكون قلقًا في جميع ممالك الأرض.. ولا تنجح في طرقك، بل لا تكون إلا مظلومًا مغصوبًا كل الأيام، وليس مخلص..
أيضًا كل مرض وكل ضربة -لم تكتب في سفر الناموس هذا- يسلطها الرب عليك حتى تهلك.. وتكون حياتك معلقه أمامك، وترتعب ليلًا ونهارًا، ولا تأمن علي حياتك. في الصباح تقول ياليته المساء، وفي المساء تقول ياليته الصباح، من ارتعاب قلبك الذي ترتعب، ومن منظر عينيك الذي تنظر.." (تث 28: 15، 68).
حقًا مخيفة ومرعبه هي هذه اللعنات. ومن شدة ما فيها من رعب أصمت عن تسجيل جميعها.. إنها تعطينا فكرة عن قداسة الله التي لا تتساهل مطلقًا مع الخطية، وتعطينا فكرة عن عدل الله الذي يجازي الخطية حسب ما فيها من بشاعة، فليتنا نقرأ كل هذا ونتعظ ونتوب.. وتاركين الخطية التي تسبب كل هذه اللعنات..
* حقًا أن اللعنة دخلت إلي العالم نتيجة الخطية:
* عندما أخطأ آدم، قال له الرب "ملعونة الأرض بسببك" (تك 3: 17). ثم تطور الأمر فزجفت اللعنة إلي الإنسان ذاته، وهكذا قال الرب لقايين "ملعون أنت من الأرض التي فزحفت فاها لتقبل دم أخيك من يدك" (تك 4: 11) "ملعون أنت.." تمامًا مثلما قال للحية من قبل "ملعونة أنت.." (تك 3: 14). وهكذا تشابه الإنسان الخاطئ مع الشيطان "الحية القديمة" وحق أن يسمي الخطاة بأنهم "أولاد إبليس" (1 يو 3: 10)، أو أنهم "أولاد الأفاعي" (مت 3:7) ثم كانت لعنة الطوفان، التي هي لعنة الإفناء (تك 8: 21). ثم كانت لعنة العبودية التي وقعت أولًا علي كنعان، حيث قيل له "ملعون كنعان. عبد العبيد يكون لأخوته" (تك 9: 25). ثم كانت لعنات الناموس (تث 28) التي شملت عقوبات عديدة.. كان منها الموت والمرض والوباء والفقر والفشل والظلم والقلق والهزيمة..
وفي العهد الجديد لعن السيد المسيح شجرة التين المورقة غير المثمرة (مر 11: 21) التي تعطي فكرة عن الرياء مع عدم التقوى، وكانت رمزًا لكل من يسلك هذا السبيل.
* حقًا من يقرأ كل هذا ولا نخاف؟! ومن يحتمل أن يلعنه الله؟! بل من يحتمل أن يفقد البركة التي أخذها أولًا من الرب؟! فلنتب يا أخوتي لأن كل هذه الأمور قد تركت لنا مثالًا، وكتبت لإنذارنا، نحن الذين انتهت إلينا أواخر الدهور (1كو 10: 11). ولنغسل خطايانا بدموع التوبة، قبل أن يلحقنا يوم الدينونة الرهيب حيث لا ينفع بكاء ولا توبة.
  رد مع اقتباس
قديم 31 - 01 - 2014, 05:34 PM   رقم المشاركة : ( 8 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,298,857

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب حياة التوبة والنقاوة لقداسة البابا شنودة الثالث

عذاب الأبدية المرعب

إن مجرد التفكير في يوم الموت ويوم الدينونة، يبعث في قلب الخاطئ قشعريرة، ويقوده إلي التخشع والتوبة..

كتاب حياة التوبة والنقاوة لقداسة البابا شنودة الثالث
· إنه يوم رهيب مخوف:
· يقول عنه أشعياء النبي "هوذا يوم الرب قادم قاسيًا بسخط وحمو غضب، ليجعل الأرض خرابًا ويبيد منها خطاتها" (13: 9). "في ذلك اليوم يطرح الإنسان أوثانه.. ليدخل في نقر الصخور وفي شقوق المعاقل، من أمام هيبة الرب ومن بهاء عظمته، عند قيامه ليرعب الأرض" (أش 2: 20، 21) وعن هذا اليوم يقول ملاخي النبي "فهوذا يأتي اليوم المتقد كالتنور. وكل المستكبرين وكل فاعلي الشر يكونون قشًا، ويحرقهم اليوم الآتي -قال رب الجنود- فلا يبقي لهم أصلًا ولا فرعًا" (ملا 4: 1). حقًا أن يوم مجيء الرب لرهيب شرحه قال عنه المرتل في المزمور "السحاب والضباب حوله. العدل والقضاء قوام كرسيه. النار تسبق وتسلك أمامه، وتحرق أعداءه من حوله. أضائت بروقه المسكونة. نظرت الأرض فتزلزلت. ذابت الجبال مثل الشمع قدام الرب، قدام سيد الأرض كلها" (مز 97). هذا اليوم الرهيب شرحه القديس يوحنا الرسول في رؤياه فقال "ونظرت لما فتح الختم السادس، وإذ زلزلة عظيمة حدثت. والشمس صارت سوداء كمسح من شعر، والقمر صار كالدم، ونجوم السماء سقطت إلي الأرض كما تطرح شجرة التين سقاطها إذا هزتها ريح عظيمة. والسماء انفلقت كدرج ملتف. وكل جبل وجزيرة تزحزحا من موضعهما. وملوك الأرض والعظماء والأغنياء والأمراء والأقوياء وكل عبد وكل حر. أخفوا أنفسهم في المغاير وفي صخور الجبال. وهم يقولون للجبال والصخور أسقطي علينا، وأخفينا عن وجه الجالس علي العرش وعن غضب الخروف، لأنه قد جاء يوم غضبه العظيم ومن يستطيع الوقوف" (رؤ 6: 12-17). هذا هو حال الخطاة والأشرار في ذلك اليوم. أما الأبرار فإنهم يصعدون إلي الرب علي السحاب، ويكونون في كل حين مع الرب، في مجده.. وبينما يكون الأبرار في "فرح لا ينطق به ومجيد" (1 بط 1: 8)، وبينما ترتفع تراتيل القديسين ومعهم قيثارات الله (رؤ 15: 2، 3)، وبينما يتمتع هؤلاء بصحبة الرب وقديسيه في أورشليم السمائية.. بينما هؤلاء في النعيم، يكون الأشرار في عذاب لا يطاق، لا يعرفون للراحة طعمًا إلي الأبد.
· عذاب الأشرار وآلامهم:
يقول الرب عنهم "فيمضي هؤلاء إلي عذاب أبدي، والأبرار إلي حياة أبدية (مت 25: 46). ويقول أيضًا "يرسل ابن الإنسان ملائكته فيجمعون من ملكوته جميع المعاثر وفاعلي الإثم، ويطرحونهم في أتون النار. هناك يكون البكاء وصرير الأسنان. حينئذ يضئ الأبرار كالشمس في ملكوت أبيهم" (مت 13: 41، 42). ما أشد هذا العذاب الأبدي الذي لا ينتهي، في بكاء وصرير الأسنان في الظلمة الخارجية، وفي لهيب النار، يزيده ألمًا تلك المقارنة التي تعقد بين حال الأشرار وحال الأبرار. يصف بولس حالتهم فيقول".. سيعاقبون بهلاك أيدي من وجه الرب ومن مجد قوته، متى جاء ليتمجد في قديسيه ويتعجب منه في جميع المؤمنين" (2 تس 1: 9، 10). ويقول أيضًا "سخط وغضب، شده وضيق، علي كل نفس إنسان يفعل الشر اليهودي أولًا ثم اليوناني. ومجد وكرامة وسلام لكل من يفعل الصلاح.." (رؤ 2: 8-10). لا شك أننا نخاف ونرتعش حينما نسمع هذا الرسول القديس يقول: "فإنه إن أخطأنا باختيارنا -بعدما أخذنا معرفة الحق- لا تبقي بعد ذبيحة عن الخطايا بل قبول دينونة مخيف وغيره نار عتيدة أن تأكل المضادين" (عب 10: 26، 27). ويعلل الرسول ذلك قائلًا "من خالف ناموس موسي، فعلي شاهدين أو ثلاثة شهود يموت بدون رأفة. فكم عقابًا أشر تظنون أنه يحسب مستحقًا من داس ابن الله وحسب دم العهد الذي قدس به دنسًا وازدري بروح النعمة فإننا نعرف الذي قال: لي الانتقام أنا أجازي يقول الرب، وأيضًا الرب يدين شعبه مخيف هو الوقوع في يدي الله الحي" (عب 10: 31) والقديس يوحنا الحبيب، الرسول المشهور بحديثة المستفيض عن محبة الله، يتحدث في رؤياه عن البحيرة المتقدة بالنار والكبريت" (رو 21: 8). ويصف عقاب الخاطئ فيقول "سيشرب من حمو غضب الله المصبوب صرفًا في كأس غضبه، ويعذب بنار وكبريات أمام الملائكة القديسين وأمام الخروف. ويصعد دخان عذابهم إلي الآبدين. ولا تكون راحة نهارًا وليلًا" (رو 14:10، 11). "وسيعذبون نهارًا وليلًا إلي أبد الآبدين" (رؤ 20: 10). ويشرح كمثال لهذا العذاب عقوبة بابل الزانية فيقول "بقدر ما مجدت نفسها وتنعمت، بقدر ذلك أعطوها عذابًا وحزنًا.. وسيبكي وينوح عليها ملوك الأرض الذين زنوا وتنعموا حينما ينظرون دخان حريقها واقفين من بعيد لأجل خوف عذابها قائلين: ويل ويل" (رؤ 18: 17-10). ما أرهب تلك الدينونة. من أجل هذا وضعت الكنيسة المقدسة، أن يقال في صلاة الستار يا رب إن دينونتك لمرهوبة، إذ تحشر الناس، ويقف الملائكة وتفتح الأسفار، وتكشف الأعمال، وتفحص الأفكار. أية إدانة تكون إدانتي أنا المضبوط في الخطايا، من يطفئ لهيب النار عني، أن لم ترحمني أنت يا محب البشر..". والله لا يرحم الخاطئ، إلا إذا كان يتوب..
حقًا، إنه خجل عظيم، أن تكشف جميع العمال والأفكار، أمام كل الناس والملائكة. من يستطيع أن يحتمل انكشافه في تلك الساعة؟‍ ومرعب أيضًا ومخجل أن ينفصل الخطاة عن الأبرار.. هنا علي الأرض يجتمع الكل معًا، أنجس الفاسقين مع أقدس الصالحين. أما هناك فلا. يبدأ الله فيفصل الزوان عن القمح، والجداء عن الخراف، وأهل الشمال عن أهل اليمين. يحرم الخطاة من عشرة القديسين إلي الأبد، ومن عشرة الملائكة، ومن عشرة الله.. تصوروا الإنسان البار عندما ينتقل تحمله الملائكة مثل لعازر (لو 16: 22). وتأخذه إلي أحضان القديسين.. تقوده في ذلك وتعرفه بكل أحد. هذا هو نوح، وهذا هو هابيل، وهذا هو شيت، وباقي الآباء البطاركة وهؤلاء هم موسى، وصموئيل، وأرمياء، وأشعياء، ودانيال، وباقي الأنبياء.. وهنا الأنبا أنطونيوس، والأنبا مقاريوس، والأنبا باخوميوس، وباقي الآباء الرهبان..متعال لنريك الأنبا بولا، وأبا نفر والأنبا ميصائيل وباقي الآباء السواح.. وانظر هنا الأنبا أثناسيوس، والأنبا كيرلس، والأنبا ديسقورس، وباقي أبطال الإيمان.. وهنا مارجرجس، ومارمينا، والقديسة دميانة، وباقي الشهداء.. وهؤلاء هم الملائكة، والقوات، والأرباب، والسلاطين، والشاروبيم، والسارافيم وكل الجمع غير المحصي الذي للقوات السمائية.. إنها حفلة تعارف عجيبة تتعرف فيها الروح البارة علي مجمع الملائكة والقديسين. ‍
· أما الخطاة فيكونون واقفين من بعيد، في الظلمة الخارجية، بينهم وبين الأبرار هوة عميقة من بعيد، في الظلمة الخارجية، بينهم وبين الأبرار هوة عميقة، محرومين من مجمع الأبرار، ومن متعه الخلطة بهم..
لا شك أنها مؤثرة جدًا تلك الكلمات التي تشرح حالة الغني في الجحيم، إذ يقول الكتاب في ذلك عنه:
فرفع عينية في الجحيم، وهو في العذاب،
ورأي إبراهيم من بعيد، ولعازر في حضنه،
فنادي وقال يا أبي إبراهيم ارحمني..
وأرسل لعازر، ليبل طرف أصبعه بماء،
ويبرد لساني، لأني معذب في هذا اللهيب.
(لو 16: 23، 24)
يا للعجب ‍‍ أليس هذا هو لعازر المسكين الذي كانت الكلاب تلحس قروحه الذي كان هذا الغني إليه من قبل في اشمئزاز.. وهوذا الآن قد تغير الوضع، وأصبح الغني العظيم يشتهي أن يأتيه لعازر، ولا يحصل علي مشتهاة...‍ عن الخطية هي حرمان من القديسين، وهي بالأكثر حرمان من الله.. كل هذا عن العقوبة الأبدية. ولكن بالإضافة إلي هذه، هناك عقوبات أخري للخطية، عقوبات علي الأرض.
  رد مع اقتباس
قديم 31 - 01 - 2014, 05:35 PM   رقم المشاركة : ( 9 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,298,857

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب حياة التوبة والنقاوة لقداسة البابا شنودة الثالث

عقوبتان للخطية: عقوبة أرضية وعقوبة أبدية

للخطية عقوبتان: عقوبة أرضية، وأخري في الأبدية.
أما العقوبة الأبدية، فيمكن للإنسان أن ينجو منها بالتوبة. بعكس الأرضية التي قد فرضها الله علي الإنسان فيقاسيها علي الرغم من توبته.
· أبوينا الأولان كمثال:
عندما أخطأ آدم وحواء، ماذا كانت عقوبتهما؟ كانت هي الموت. هذا الموت خلصهما منه المسيح بموته. ولكن علي الرغم من حكم الموت هذا الذي أنذرهما به الله من قبل. لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل أوقع الله عليهما عقوبة أخري أرضية.
· فماذا كانت العقوبة الأرضية لآدم وحواء؟

كتاب حياة التوبة والنقاوة لقداسة البابا شنودة الثالث
الطرد من الجنة كانت عقوبة مشتركة لكليهما. وماذا أيضًا؟ قال الرب لآدم "ملعونة الأرض بسببك. بالتعب تأكل منها كل أيام حياتك.. بعرق وجهك تأكل خبزًا.." (تك 3: 17،19). وظلت عقوبة التعب وعرق الجبين لاصقة بجميع أبناء آدم إلي يومنا هذا علي الرغم من عمل الفداء العظيم علي الصليب. وقال الرب لحواء "تكثيرًا أتعاب حبلك، بالوجع تلدين أولادًا". وجاء السيد المسيح وغفر للمرأة خطيئتها، ومع ذلك فهي ما تزال تحبل وتلد بالتعب والوجع. إنها عقوبة أرضية.. أن هذه العقوبة الأرضية التي وقعت علي آدم وحواء، هي مثال واضح لما يقاسيه الإنسان علي الأرض نتيجة خطيئته حتى إن غفرها الله له في السماء..
· مثال المرأة الزانية:
من المعروف أن السيد المسيح غفر لكثير من الزاينات كالمرأة الزانية التي بللت قدميه بدموعها، ومستحتهما بشعر رأسها. وكالمرأة التي ضبطت في ذات الفعل وأنقذها الرب من الرجم قائلًا للمشتكين عليها "من كان منكم بلا خطية، فليرجمها أولًا بحجر" (يو 8: 7).
ومع هذه المغفرة فقد عاقب الرب المرأة الزانية بتطليقها وبعدم الزواج ثانية (مت 5: 32، مت 19: 9، لو 16: 18). وكثير من الناس يتساءلون لماذا لا يسمح بالزواج للزانية، وقد غفر الرب للمرأة الزانية. والجواب بسيط. يمكن أن يغفر الرب للزانية إذا تابت، وهكذا لا تفقد أبديتها بل تجد لها نصيبًا في الفردوس.أما ههنا فإنه توجد لها عقوبة أرضية تكابدها جزاء خطيتها. مادامت لم تكن أمينه لزوجها، فلا يمكن أن يأتمنها الرب علي زواج آخر، بل تكون درسًا لغيرها.. والعقوبة الأرضية علي أنواع: إما أن تكون نتيجة طبيعته للخطية.. وأما أن تكون ضربه من الله.. وأما أن تكون عقوبة من المجتمع، أو من الدولة، أو من الكنيسة.
العقوبة الأرضية كنتيجة طبيعية للخطية:
هناك خطايا كثيرة تحمل عقوبتها في ذاتها:
فالزني مثلًا قد يصاب بالضعف أو الأنيميا أو بعض الأمراض السرية. والذي يتعاطى المخدرات مثلًا قد يصاب بفقدان الشخصية وبتلف الأعصاب والذي يدخن قد بالسرطان أو داء الرئة أو ضغط الدم أو غيرها من الأمراض. والطالب الذي يهمل دروسه، له عقوبة علي الأرض هي الرسوب والفشل والذي يلعب الميسر (القمار)، يصاب بالفقر والعوز.. والأم التي لا تربي ابنها، تقاسي الأمرين علي الأرض من سوء أخلاق هذا الابن.
كل هذه عقوبات علي الأرض، غير العقوبة الأبدية. وقد تمحي العقوبة الأبدية بالتوبة، وتظل العقوبة الأرضية كما هي. فالأم التي لم ترب ابنها، قد تتوب وتغفر لها خطيتها، ويظل ابنها مرارة قلب لها علي الأرض. والتلميذ الذي لم يذاكر ورسب، قد يتوب ويغفر له الرب إهماله، ولكن هذا لا يمنع أن سنة من عمرة قد ضاعت علي الأرض سدي.. والذي تسبب له الخطية مرضًا، قد تغفر له الخطية بالتوبة، ويظل المرضي معه كعقوبة أرضية هي نتيجة طبيعية للخطية.
العقوبة الأرضية كضربة من الله:
قد يكون المرض مثلًا نتيجة طبيعة للخطية كالأمراض التي تنتج عن التدخين وتعاطي المخدرات والزنى وشرب الخمر.. ألخ. علي أن هناك نوعًا آخر من الأمراض يعتبر ضربة من الله. مثل ضربة البرص التي أصابت جيحزي تلميذ إليشع عقابًا له علي محبته للمال وكذبة علي معمله (2 مل 5: 27)، ومثل ضربة البرص التي أصابت مريم أخت هارون وموسى عقابًا لها علي تكلمها ضد موسى (عد 12: 10)، ومثل ضربة الدمامل التي أصابت مصر عقابًا علي قساوة قلب فرعون (خر 9: 10). ومثل ضربة الوبا الذي أصابت بني إسرائيل عقوبة علي خطية داود الملك، فمات منهم في يوم واحد سبعون ألف رجل (2 صم 24: 15) وعن مثل هذه الضربة يقول الرب في لعنته للخاطئ "يلصق بك الرب الوبأ حتى يبيدك عن الأرض التي أنت داخل إليها لكي تمتلكها. يضربك بالسل والحمي والبرداء والالتهاب والجفاف واللفح والذبول فتتعبك حتى تفنيك يضربك الرب بقرحة مصر وبالبواسير والجرب والحكة حتى لا تستطيع الشفاء" (تث 28: 21، 22، 27). وغير المرض هناك ضربات أخري من الله: كالفشل مثلًا.. قد يكون الفشل نتيجة طبيعية لإهمال الإنسان وتقصيره، وقد يكون أيضًا ضربه من الله لزوال البركة (تث 28). كذلك من أمثال هذه الضربات: الهزيمة، والعبودية، بل الموت أيضًا أن الخطية هي موت، وعقوبة الخطية هي الموت أيضًا. مثلما حدث مع عالي الكاهن إذ لم يرب أولاده (1 صم 4: 18). تأمل يا أخي في حياتك. أنظر في كل ما فعلته وفشلت فيه، لعل هناك خطية هي السبب في كل ما يصيبك من ضربات.
عقوبات للخطية مع المجتمع والدولة والكنيسة:
هناك عقوبات للخطية تصيب الإنسان علي الأرض لا يوقعها الله مباشرة، وإنما يوقعها المجتمع أو الدولة أو الكنيسة. فمن العقوبات التي ينالها الإنسان الخاطئ من المجتمع الفضيحة والعار وسوء السمعة، بل قد يصل الأمر إلي الاحتقار أو إلي نبذ الإنسان من المجتمع الذي يعيش فيه وتحاشى الخلطة معه.. وقد تكون العقوبة الأرضية صادرة من الدولة معًا. عقوبة من الله. مع فضيحة من المجتمع، مع سجن تحكم به الدولة.. وهناك أيضًا عقوبات كنيسة كثيرة تشملها كتب القوانين الكنسيّة. ومن ضمنها الحرمان من التناول فترة معينة، أو الحرمان من دخول الكنيسة، أو الإيقاف عن الكهنوت أو التجريد.. أو عقوبات أخري لا داعي الآن لسردها. ولكني أقول الكنيسة عندما كانت صارمة وحازمة في عقوبتها، كانت جماعة المؤمنين أكثر قداسة وحرصًا وتدقيقًا، وفيها نخوف الله..وأنت أيها الأخ، أسال نفسك: هل ارتكبت خطأ تستوجب به حكمًا كنسيًا لم يوقع عليك؟ ربما تكون هاربًا من مثل هذا الحكم ولا تستحق دخول الكنيسة حسب القوانين.. إن العقوبة الأرضية أمر سمح الله أن يوقع حتى علي أحبائه القديسين الذين جاهدوا لأجله وفعلوا معجزات باسمه.
  رد مع اقتباس
قديم 31 - 01 - 2014, 05:36 PM   رقم المشاركة : ( 10 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,298,857

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب حياة التوبة والنقاوة لقداسة البابا شنودة الثالث

عقوبات لأحباء الله القديسين


  1. عقوبة داود النبي
  2. عقوبة موسى النبي
  3. معاقبة يعقوب أب الآباء
  4. عقوبة القديس موسى الأسود
  5. عقوبة القديس الأنبا بيمن
  رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
من كتاب حياة التواضع والوداعة لقداسة البابا شنودة الثالث علاقة التواضع بالصلاة
تأملات فى حياة القديس أنطونيوس كتاب لقداسة البابا شنودة الثالث
تأملات فى حياة داود النبى كتاب لقداسة البابا شنودة الثالث
حياة التواضع والوداعة كتاب لقداسة البابا شنودة الثالث
حياة الفضيلة والبر كتاب لقداسة البابا شنودة الثالث


الساعة الآن 05:04 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025