منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 20 - 01 - 2014, 05:18 PM   رقم المشاركة : ( 31 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,256,893

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب حياة الفضيلة والبر - البابا شنوده الثالث

من عوائق الفضيلة: سوء الفهم أو عدم الفهم

للخطأ أو للخطيئة أو للشر أسباب متعددة، من أهمها:
الجهل، أو سوء الفهم، أو عدم الفهم. قال السيد الرب:
"قد هلك شعبي من عدم المعرفة" (هو6:4).
كتاب حياة الفضيلة والبر - البابا شنوده الثالث
فكثيرًا ما يكون سبب الخطية الجهل. فممكن أن أنسانًا يخطئ بسبب عدم المعرفة ولا يقصد عدم المعرفة بصفة مطلقة، وإنما ممكن بصفة جزئية..
وفي سفر إشعياء النبي في الإصحاح الأول، يقول الرب "الثور يعرف قانيه، والحمار معلف صاحبه. أما إسرائيل فلا يعرف، شعبي لا يفهم" (أش3:1).
كتاب حياة الفضيلة والبر - البابا شنوده الثالث
ومن أمثلة الجهل الذي يخطئ به البعض: أهل نينوى.
قال عنهم الرب ليونان النبي "أفلا أشفق أنا علي نينوى المدينة العظيمة التي يوجد فيها أكثر من إثنتي عشرة ربوة من الناس لا يعرفون يمينهم من شمالهم" (يو11:4). والربوة عشرة آلاف. أي يوجد في نينوى العظيمة أكثر من 12 ألف نسمة لا يعرفون يمينهم من شمالهم.
كتاب حياة الفضيلة والبر - البابا شنوده الثالث
كثير جدًا من الناس لا يعرفون يمينهم من شمالهم.
مثل بعض القري والأحياء المخدومة. لا يعرفون شيئًا. فتأتي إحدي الطوائف تتلقفهم. ومثلما تقول لهم، هكذا يرددون كما تريد. وما اسهل عمل شهود يهوه مثلًا في أمثال هؤلاء الناس. ليس فقط في القري، بل حتى في قلب المدينة، حيث توجد عائلات لا يزورها أحد من رجال الكهنوت. وكما قال الرب "هلك شعبي من عدم المعرفة"..
وسبب عدم الفهم يقدمه السيد المسيح عذرًا لصالبيه فيقول:
"أغفر لهم يا أبتاه، لأنهم لا يعرفون ماذا يفعلون" (لو34:23).
ويقول الرسول عن هذا، "لأنهم لو عرفوا، لما صلبوا رب المجد" (1كو8:2). حتى الشيطان نفسه ما كان متأكدا هل هذا هم إبن الله ام لا. هل صلبه ينفعه كشيطان للتخلص من تعليمه. أم أن صلبه يخلص العالم.هو نفسه كان عدم معرفة!
كتاب حياة الفضيلة والبر - البابا شنوده الثالث
حقًا ما أكثر الناس الذين لا يدرون ماذا يفعلون! يظن الخير حيث يوجد الشر! وربما يوجد ناس كبار في مراكزهم العلمانية، أو في مراكزهم الدينية، وهم لا يدورن ماذا يقولون أو ماذا يفعلون!
الكتبة والفريسيون من قادة الشعب في معرفة الدين، ومع ذلك قال عنهم السيد المسيح إنهم:
"يغلقون ملكوت السموات قدام الناس، فلا هم دخلوا، ولا جعلوا الداخلين يدخلون (مت13:23)..
كتاب حياة الفضيلة والبر - البابا شنوده الثالث
وقال إنهم قادة عميان: الذي يرشدون، يجعلونه إبنا لجهنم أكثر منهم مضاعفًا (مت23: 15، 16).!! كانوا ينصحونه الشعب بطرق خاطئة، ويشرحون الوصايا بطريقة حرفية، مثل كلامهم عن وصية السبت. الرجل المولود أعمي الذي منحه السيد المسيح بصرًا: قالوا له إن السيد المسيح الذي شفاه هو رجل خاطئ (يو24:9). لأنه شفاه في يوم السبت!!
كتاب حياة الفضيلة والبر - البابا شنوده الثالث
وفي العهد القديم يقول الرب لإسرائيل "مرشدوك مضلون" (أش12:3).
وعن أمثال هؤلاء المرشدين المضلين قال الرب:
"أعمي يقود أعمي، كلاهما يسقطان في حفررة" (مت14:15).
كتاب حياة الفضيلة والبر - البابا شنوده الثالث
ولاشك أن المذاهب الدينية المتعددة سببها عدم الفهم.
إنهم يفهمون الكتاب بطريقة خاطئة، وينقلون هذا الفهم الخاطئ إلي الناس فتتكون مذاهب، وربما تتكون أيضًا بدع وهرطقات، نتيجة اعدم الفهم، وإنتشار سوء الفهم بين الناس.
ونحن في القداس الإلهي نسمي خطايا العامة جهالات.
فعند تقديم الذبيحة، يقول الكاهن للرب سرًا "لتكن مقبولة عن خطاياي وجهالات شعبك" بالنسبة ككاهن لا يعتبرها جهالات، لأنه من فم الكاهن تُطْلَب الشريعة (ملا7:2). أما الشعب فله جهالات....
من أجل هذا كله أوجد الله التعليم في الكنيسة.
وأرسل رسلًا وأنبياء وعين كهنة ومعلمين.
ومن أجل التوعية والإرشاد والإنقاذ من الخطأ منحنا الله الوحي الإلهي في كتابه المقدس. وقيل "كل الكتاب موحي به من الله، ونافع للتعليم والتوبيخ، للتقويم والتأديب" (2تي16:3).
كتاب حياة الفضيلة والبر - البابا شنوده الثالث
وعن التعليم وأهميته يقول بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس:
لاحظ نفسك والتعليم، وداود علي ذلك" (1تي16:4).
ويكمل قائلًا: لأنك إن فعلت هذا، تخلص نفسك والذين يسمعونك أيضًا"..
ويقول لتلميذه تيطس "وأما أنت فتكلم بما يليق بالتعليم الصحيح" (تي1:2).
وهنا يشير الرسول إلي التعليم الصحيح، لأن هناك معلمين مخطئين.
يعلمون وهم لا يعرفون الحق كما ينبغي ان يكون. ولذلك "يأخذون دينونة أعظم (يع1:3). لأنهم في اشياء كثيرة يعثرون. مع انهم معلمون. ولهذا نجد القديس بولس الرسول يقول لتلميذه تيموثاوس "وما تسلمته مني بشهود كثيرين أودعه أناسًا أمناء، يكونون أكفاء ان يعلموا آخرين أيضًا" (2تي2:2).
كتاب حياة الفضيلة والبر - البابا شنوده الثالث
نلاحظ هنا في التعليم عبارة أمناء، وعبارة أكفاء.
لأن الذي لم يصل بعد إلي الفهم السليم، لا يجوز له أن يعلم، مهما ظن في نفسه أنه ذو معرفة، ومهما كان حكيمًا في عيني نفسه" (أم26: 5، 12). لئلا يرتئي فوق ما ينبغي، ولا يرتئي إلي التعقل (رو3:12).
كتاب حياة الفضيلة والبر - البابا شنوده الثالث
والتوعية والتعليم لازمان أيضًا في محيط الأسرة.

كتاب حياة الفضيلة والبر - البابا شنوده الثالث
وهذه بلا شك مسئولية الوالدين والأقارب والأشابين...
من الجائز أن ابنك يكون محتاجًا إلي إرشادكم في كثير من الأمور. وإذ لا يجد هذا الإرشاد يتلقاه من صحبة شريرة أو بيئة خاطئة، ويضل،إذ يستقبل المعلومات بعقلية لا أساس لديها من الفهم، ولا قواعد ثابتة تعتمد عليها..
وحينئذ لا يكفي من جهتك أن تقابله بمجرد الأوامر بمعناها السليم. وما أجمل ما قيل في تعاليم آبائنا الرسل:
كتاب حياة الفضيلة والبر - البابا شنوده الثالث
أمح الذنب بالتعليم (الدسقولية).
قد يتزوج شابان، وهما لا يعلمان إطلاقًا ما هي الحياة الزوجية، ولا ما هي العلاقات السرية، ولا يعرفان كيف يحلان مشاكلهما،وهكذا يفشلان نتيجة لعدم المعرفة، أو نتيجة الفهم الخاطئ من أم أو صديق أو من جاره، أو من أي مصدر آخر....
حقًا ما أعمق قول الرب "هلك شعبي من عدم المعرفة".
إذن كيف يمكن أن توجد استنارة في عقل كل واحد؟
كتاب حياة الفضيلة والبر - البابا شنوده الثالث
الله من أجل التعليم، أوجد في أعماق كل إنسان الضمير.
يهديه إلي الخير، ويمنعه عن الخطأ بصفة عامة. ولكن الضمير قد يحيطه ضباب أحيانًا، فيرتبك اين الخير وأين الشر؟ وبخاصة في الأمور غير الواضحة، فكيف يستنير الضمير؟
يستنير الضمير بالوصية، وبعمل الروح القدس.
ولذلك يقول المرنم في المزمور "سراج لرجلي كلامك، ونور لسبلي" (مز119). ويقول "وصية الرب مضيئة تنير العينين عن بعد (مز119). ويقول لو لم تكن شريعتك هي تلاوتي، لهلكت في مذلتي "رمز119).
كتاب حياة الفضيلة والبر - البابا شنوده الثالث
من أجل هذا شيء الشموع عند قراءة الإنجيل في الكنيسة.
لأمه يضئ لنا الطريق، وبه ننال الاستنارة.
وعن عمل الروح القدس، يقول انا السيد الرب عنه إنه روح الحق (يو26:15). وإنه يعلمكم كل شيء، ويذكركم بكل ما قلته لكم" (يو26:14). وإنه "يرشدكم إلي جميع الحق" (يو13:16).
كثير من الأخطاء الروحية أيضًا سببها عدم المعرفة..
لا تظنوا أن كل إنسان يعرف الله معرفة سليمة. ما أكثر الآباء والأمهات الذين يهددون الطفل بأن الله، يزعل منه". في كل تصرف، فينشأ الطفل يرتعب من الله، ولا توجد بينه وبين الله علاقة طيبة. وهكذا المعرفة الخاطئة تشوه عقولهم.
السيد المسيح جاء يعرفنا بالله بطريقة جميل.
جاء يعلمنا أنه "هكذا أحب الله العالم.." (يو14:3). وقيل عن السيد نفسه إنه كان قد أحب خاصته الذين في العالم، أحبهم حتى المنتهي" (يو1:13). ورسوله يوحنا علمنا أن الله محبة. ومن يثبت في المحبة، يثبت في الله، والله فيه" (1يو16:4).
كتاب حياة الفضيلة والبر - البابا شنوده الثالث
صدقوني، أننا لم نعرف الله بعد كما ينبغي.
وبولس الرسول في كل ما عمله، يقول "لأعرفه..."(في10:3). والسيد المسيح يقول للآب "هذه هي الحياة الأبدية ان يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك.."(يو3:17).
يالتنا نبدأ ان نعرف الله المعرفة الحقيقية...
كتاب حياة الفضيلة والبر - البابا شنوده الثالث
بل لأبد أن نعرف أنفسنا حتى لا نخطئ.
لأنه إن عرفنا أننا صورة الله ومثاله، وإن عرفنا أننا أبناء الله، وينبغي أن الابن يشبه أبه، وإن عرفنا أننا هياكل للروح القدس، وروح الله ساكن فينا" (1كو16:3). إن عرفنا كل ذلك، قد نستحي من الخطية ونخجل ولا نخطئ. كذلك إن عرفنا أن الله يرانا في كل ما نفعله، قد نخجل أيضًا ولا نخطئ...
نتناول الآن بعض نقاط الخطية ونري كيف يعمل فيها عدم الفهم. ولنبدأ بأعمق الخطايا: الإلحاد.
كتاب حياة الفضيلة والبر - البابا شنوده الثالث
الإلحاد
يقول الكتاب "قال الجاهل في قلبه ليس إله" (مز1:4).
إذن الإلحاد جهل. جهل بالله، وجهل بالطبيعة التي حولنا التي كل ما فيها يشير إلي وجود الله "السماء تحدث بمجد اله والفلك يخبر عمل يديه" (مز1:19). حقًا إن الذي يتأمل في قوانين الفلك العجيبة، والعلاقة بين الشموس والأقمار والكواكب والنجوم والشهب والمجرات، لابد أن يبهر ويذهل ويؤمن بوجود الله...
ولذلك كانوا يعلمون الفلك في كليات اللاهوت، وكذلك الطب....
لأن الذي يتأمل في تشريح جسم الإنسان، وفي وظائف الأعضاء، لابد أن يدرك قدرة الله الخالق العظيم الذي صنع كل ذلك. لذلك فالملحد جاهل، مهما أدعي العلم والفلسفة، لن كل عمله جهالة عند الله....
كتاب حياة الفضيلة والبر - البابا شنوده الثالث
الحرية

كثير من الناس يقعون في الخطأ، لأنهم لا يفهمون مق\طلقًا معني الحرية، كما اخطأ الإبن الضال في فهم الحرية.
إن الحرية الحقيقية هي تحرر الإنسان في الداخل.
يتحرر الإنسان من العادات الخاطئة، ومن الرغبات والشهوات الشريرة. والذي يتحرر من الخطايا بمعناها الحقيقي هي التي قال عنها السيد المسيح "إن حرركم الإبن، فالحقيقة تكنون أحرارًا" (يو36:8).
كتاب حياة الفضيلة والبر - البابا شنوده الثالث
ولابد ان تعرف أنه لا توجد حرية مطلقة.
معني الحرية أنك تستخدم، بحيث لا تتعدي علي حرية غيرك، ولا تعتدي علي حقوق الإنسان، ولا علي النظام العام. ولا علي وصايا الله...
إن فهمت هذا، لا تخطئ.
كتاب حياة الفضيلة والبر - البابا شنوده الثالث
السعادة

كثير من الناس لا يفهمون معني السعادة، ولا معني الفرح. نفس سليمان الحكيم في مبدأ حياته، خلط بين الفرح واللذة، وظن ان الفرح مصدره كثرة المقتنيات والجواري والنساء، والقصور والأشجار، والمغنيين والمغنيات، وكثرة الغني، فقال ومهما اشتهته عيناي لم امنعه عنهما" (جا10:2). وأخيرًا وجد أن الكل باطل وقبض الريح.
كتاب حياة الفضيلة والبر - البابا شنوده الثالث
يوجد فرح روحي من نوع آخر، أكثر عمقًا.
كما قال الرسول "أفرحوا في الر كل حين، وأقول أيضًا أفرحوا" (في4:4).
يوجد فرح في الإنتصار علي النفس، وعلي فخاخ الشيطان.
إنه فرح الغالبين الذين إنتصروا، ليس علي غيرهم، وغنما علي أنفسهم، وأنتصروا علي الإغراءات والشهوات وكل الضعفات. الفرح بالنمو الروحي، الفرح بمعرفة الله، ومذاقة الحياة معه.
إنه فرح دائم. إن نلتموه لا ينزع منكم. أما أفراح العالم فكلها مؤقتة وزائلة ومادية.
كتاب حياة الفضيلة والبر - البابا شنوده الثالث
العظمة

كثيرون لا يعرفون معني العظمة الحقيقة، ويظنونها في المظهر الخارجي والتباهي، والمال والمناصب والقوة..
إنها عظمة من الخارج، وليس عظمة النفس من الداخل.
كتاب حياة الفضيلة والبر - البابا شنوده الثالث
العظمة الحقيقية هي الشخصية الكاملة، المتجملة بالفضائل، التي هي علي صورة الله ومثاله.
يوحنا المعمدان كان عظيمًا، بل أعظم من ولدته النساء. بل قيل إنه يكون عظيمًا أمام الرب. لماذا؟ لأنه من بطن أمه يمتلئ من الروح القدس (لو15:1). هذه هي العظمة الحقيقية. أتراك أدركتها أو ذقتها. أم تتمسك بعظمة العالم الذي يبيد وشهوته معه...
كتاب حياة الفضيلة والبر - البابا شنوده الثالث
أعرف نفسك

من أهم مظاهر عدم الفهم، أن الإنسان لا يفهم نفسه. ويظن أنه مجرد جسد، فيسلك حسب الجسد، لكي يتمتع بالجسد ومتطلباته. وفي كل ذلك أن في داخله روحًا لها مطالبها، وهي التي يكون لها شركة مع الروح القدس.
كتاب حياة الفضيلة والبر - البابا شنوده الثالث
وإذا عرف الإنسان أهمية روحه، يهتم بها.
الروح تحتاج أن تتغذي بكل الأغذية الروحية، وتحتاج أن تتزين وتتجمل بالفضيلة وتحتاج أن تنمو في المعرفة وفي محبة الله... وإذ هي أهم من الجسد يجب أن يبذل الإنسان جهده من أجلها. من أجل السلوك بالروح.. ولكن من ذا الذي يعرف؟ حقًا كما قال الله: "قد هلك شعبي من عدم المعرفة" (هو6:4).
  رد مع اقتباس
قديم 20 - 01 - 2014, 05:24 PM   رقم المشاركة : ( 32 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,256,893

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب حياة الفضيلة والبر - البابا شنوده الثالث

الشر هو في سوء الاستخدام

هناك أسباب تؤدي إلي الخطية وإلي الشر، ولعل في مقدمة هذه الأسباب: سوء الاستخدام. فما المقصود بهذا؟
إن الله قد وهبنا عطايا كثيرة. ولكننا نسيء استخدامها.
وهناك في الحياة أشياء كثيرة، يمكن أن تستخدم في الخير، ويمكن أن تستخدم في الشر.
هي في ذاتها ليست خطية، إنما الخطية هي في سوء استخدامها.
كتاب حياة الفضيلة والبر - البابا شنوده الثالث
فما تفسير هذا كله؟ فلنحاول معًا أن تنفهم الأمور جيدًا، حتى نستطيع أن نحدد أين يوجد الخطأ؟ وما هو مصدره؟ ولنبدأ ببعض المواهب، ونتدرج أيضًا إلي المادة، وإلي الغرائز، وإلي المخترعات، ونفحص الأمور جيدًا.
كتاب حياة الفضيلة والبر - البابا شنوده الثالث
الحب

أعطانا الله عاطفة الحب. وهي ليست خطأ. بل الخطأ هو أننا لا نحب. وقيل عن الله تبارك اسمه "الله محبة" (1يو8:4). وقال الرسول "كل من يحب فقد ولد من الله ويعرف الله" (1يو7:4).
الخطأ هو أن نسئ استخدام الحب، ونوجهه توجيهًا غير سليم.
كتاب حياة الفضيلة والبر - البابا شنوده الثالث
الحب أصلًا يكون موجهًا إلي الله، وإلي الناس داخل نطاق محبة الله. ويكون موجهًا إلي الخير والمثاليات، وإلي السماء والأبدية.
وقد قال الوحي الإلهي "تحب الرب إلهك من كل قلبك، ومن كل نفسك، ومن كل قدرتك" (تث5:6). هذه هي الوصية العظمي في الناموس. والثانية مثلها "تحب قريبك كنفسك" (مت39:22).
ولكن نخطئ إذا أسانا استخدام الحب، فأصبحنا نحب العالم أو الجسد أو المادة أو الذات.
وفي هذا قال الكتاب "محبة العالم عداوة لله" (يع4:4). وقيل "لا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم. إن أحب احد العلم فليست فيه محبة الآب. لأن كل ما في العالم: شهوة الجسد وشهوة العين، وتعظم المعيشة" (1يو2: 15، 16).
كتاب حياة الفضيلة والبر - البابا شنوده الثالث
كذلك يخطئ الإنسان إن أحب ذاته محبة خاطئة.
فليس خطأ أن يحب الإنسان ذاته محبو روحية، كما قيل: تحب قريبك كنفسك". ولكن إذا أساء استخدام محبته لنفسه، بحيث توجهت هذه المحبة إلي الجسد والذات، أو إلي العظمة والكبرياء حينئذ تصبح محبة الذات خطية.
ومن ضمن محبة العالم: محبة المال.
كتاب حياة الفضيلة والبر - البابا شنوده الثالث
المال

المال ليس شرًا في ذاته، إنما الشر في سوء استخدامه.

كتاب حياة الفضيلة والبر - البابا شنوده الثالث
فقد كان أبونا إبراهيم أبو الآباء غنيًا، وكان أمام الله. أيوب الصديق كان اغني بني الشرق، ومع ذلك كان رجلًا كاملًا ومستقيمًا يتقي الله ويحيد عن الشر (اي8:1). "وكان أبًا للفقراء، وعيونًا للأعمى، وأرجلًا للعرج. وكم أنقذ المسكين المستغيث واليتيم الذي لا معين له. وكم جعل قلب الأرملة يسر" (أي29: 12- 16). لقد استخدم ماله بطريقة سليمة.
وبالمثل كان يوسف رجلًا غنيًا (مت75:27). وهو الذي كفن السيد المسيح ودفنه. وفي الجيل السابق لنا كان إبراهيم الجوهري رجلًا غنيًا. وكان إنسانًا بارًا ينفق علي الكنائس والأديرة، ويعول الفقراء والمعوزين.
كتاب حياة الفضيلة والبر - البابا شنوده الثالث
ولكن يصير المال شرًا، إذا أسيء استخدامه، في اللهو، وملاذ الدنيا، أو اعتمد الإنسان عليه، وصار مجالًا للكبرياء. وليس عيبًا أن يمتلك الإنسان مالًا، إنما العيب ان يمتلك المال هذا الإنسان..
كتاب حياة الفضيلة والبر - البابا شنوده الثالث
الغضب

ليس الغضب شرًا في ذاته، فهناك غضب مقدس.
والغضب المقدس هو الذي يمنح الإنسان الغيرة المقدسة، والنخوة والشهامة، والدفاع عن الحق. ويبقي الغضب مقدسًا، إن كانت وسيلة مقدسة، ودوافعه مقدسة. وهنا نفرق بين الغضب والنرفزة، فالنرفزة هي تعب في الأعصاب. وقد يغضب الإنسان، ويبقي في وقاره، متزنًا، محتفظًا بأعصابه.
وقد غضب موسى النبي، عندما عبد الإنسان العجل الذهبي، وأحرق هذا التمثال بالنار، وطحنه وذراه علي وجه الماء، وبكت أخاه هرون (خر32: 20، 21).
كتاب حياة الفضيلة والبر - البابا شنوده الثالث
ولكن إذا إسئ استخدام الغضب، يصبح خطية.
وذلك إذا استخدم من أجل كرامة شخصية، أو بقسوة وبغير سبب يدعو إليه، أو إذا خلط هذا الغضب بالفاظ غير لائقة، أو باعتداء، أو بإهانات وجرح الشعور، أو بعنف، أو بظلم. ففي كل هذا يصبح الغضب خطية، لأنه قد أسئ استخدامه.
كتاب حياة الفضيلة والبر - البابا شنوده الثالث
الفن

ليس الفن خطيئة، لأنه يمكن استخدامه في الخير.
نقول هذا عن الشعر، والموسيقي، والرسم، والنحت، ونقوله أيضًا عن التمثيل في المسرح أو السينما، وسائر الفنون الأخري إذا كان استخدامها في الخير.
كتاب حياة الفضيلة والبر - البابا شنوده الثالث
كان داود النبي شاعرًا، وكان موسيقيًا....
كان ينظم المزامير شعرًا، ويغنيها علي مزماره وكان يحس الضرب علي العود" (1صم16: 16، 18). وكان آساف أيضًا شاعرًا ومغنيًا، ومريم النبية أخت هرون كانت تضرب علي الدف، وتغني للرب. وقد فعلت في معجزة شق البحر الأحمر، وهي تقود النساء في التسبيح (خر15: 20، 21). والرسول يقول "بمزامير وتسابيح وأغاني روحية،
مترنمين في قلوبكم للرب" (أف19:5). والغناء الروحي موجود في الكنيسة في الألحان والتراتيل والتسابيح، بل في القداس الإلهي نفسه. والمزمور يقول "غنوا للرب أغنية جديدة"، "رنموا للرب" (مز98:95). وسفر نشيد الأناشيد يمكن أن يترجم اغنية الأغنيات The Song of the Songs.
كتاب حياة الفضيلة والبر - البابا شنوده الثالث
إذن الغناء ليس خطأ في ذاته، ولكن إذا أسئ استخدامه في المجون والعبث، حينئذ يصبح خطية.
ونفس الوضع بالنسبة إلي الشعر، وإلي الموسيقي، يتوقف الخير أو الشر فيهما علي حسن الاستخدام أو سوء الاستخدام. ونفس الكلام نقوله عن الرسم والنحت. فلوقا الإنجيلي كان رسامًا. ولا ننسي ميشيل انجلو وأيقوناته في الكنائس. أما الرسامون الذين يسيئون استخدام الموهبة إلي الغرائز الجسدية، فهؤلاء يخطئون بسوء الاستخدام.
وتبقي الموهبة صالحة إذا استخدمت حسنًا، كما قيل:
"كل شيء طاهر للطاهرين" (تي15:1).
كتاب حياة الفضيلة والبر - البابا شنوده الثالث
الخيال

هو أيضًا يتوقف خيره أو شره علي استخدامه.
فالخيال الخير هو مصدر القصص النافع المفيد، والشعر الروحي المؤثر، بل قد يكون مصدرًا صالحًا للتأمل. ويمكن للإنسان أن يسرح خياله في السماء والملائكة والأبدية، بل وفي صفات الله نفسه.
ويصبح الخيال شرًا، إذا أسئ استخدامه، كما في أحلام اليقظة وتصور الشرور في الذهن.
أي إذا سرح خياله في خطية...
كتاب حياة الفضيلة والبر - البابا شنوده الثالث
الطموح

الطموح يكون خيرًا إن كان سعيًا وراء الكمال.
وفي ذلك قال الرسول "إذا أنسي ما هو وراء، وأمتد إلي ما هو قدام" (في3: 13). ولولا الطموح، ما كان النمو الروحي في الفضيلة، وما كان السعي إلي استرجاعنا لصورة الله فينا،.ويكون الطموح خيرًا إذا سعي الإنسان إلي إن يكون ناجحًا في كل عمل تمتد تمتد إليه يده (مز3:1). كما كان يوسف ناحجًا في كل شيء (تك3:39).
كتاب حياة الفضيلة والبر - البابا شنوده الثالث
أما إذا أسئ استخدام الطموح، وصار طموحًا في العظمة والماديات، وفي الإنتصار علي الآخرين، حينئذ يصبح خطية.
كذلك إذا قاد الطموح إلي الحسد أو إلي الكراهية، أو إلي التآمر علي الآخرين لأخذ مراكزهم.. هنا نكون قد أسانا استخدام الطموح.
كتاب حياة الفضيلة والبر - البابا شنوده الثالث
العقل

العقل موهبة من الله، يمكن أن تستخدم في الخير وفي الشر.
العقل إذا استخدم في خير الإنسان روحيًا، وفي خير البشرية، وفي التوصل إلي السلوك السليم، حينئذ يتحول إلي حكمة طاهرة نافعة.
كتاب حياة الفضيلة والبر - البابا شنوده الثالث
ولكن العقل يسئ البعض استخدامه، كالخطاة والمجرمين وكالشيطان نفسه.
ومن هنا قد يستخدم العقل في تدبير المؤامرات، مثلما كان يفعل أخيتوفل. ومثلما استخدمت الملكة إيزابل عقله في الفتك بنابوت اليزرعيلي (1مل21) ومثلما يدبر الشيطان لإهلاك البشر، ومثلما يفعل العظماء في اختراع أسلحة تدميرية فتاكة. وكما يفعل أصحاب الحيل والدهاء والمكر...
هنا يكون قد أساء استخدام عقله، في ضرر الآخرين أو ضرر نفسه.
كتاب حياة الفضيلة والبر - البابا شنوده الثالث
الاختراعات

يمكن استخدام الاختراعات في الخير أو في الشر.
الطاقة الذرية مثلًا التي استخدمت في تدمير هيروشيما، يمكن أن تستخدم سلميًا من أجل خير البشرية. هي ليست شرًا في ذاتها، ولن الشر يمكن في سوء استخدامها.
يسأل البعض أحيانًا: هل الراديو والتلفزيون حلال أم حرام، خير أم شر؟ وكذلك التمثيل؟
يمكن استخدام هذه المخترعات في الخير، إذا اشرف عليها أناس روحيون يهتمون بنقاوة القلب والفكر، وبقيادة الإنسان في طريق الخير.
والكنيسة تستخدم المخترعات الحديثة.
مثل الميكروفونات، ومكبرات الصوت، والفيديو، وأجهزة التسجيل، وكل المخترعات النافعة.
كتاب حياة الفضيلة والبر - البابا شنوده الثالث
ويمكن أن يستخدم المسرح والتمثيل في متعة الناس روحيًا.
وذلك بتقديم روايات دينية من الكتاب المقدس، أو من تاريخ الكنيسة، أو حتى من الخيال، المهم أن تترك ثأثيرها الروحي العميق في نفوس مشاهديها.
كتاب حياة الفضيلة والبر - البابا شنوده الثالث
القوة

يمكن استخدامها في الخير، وإذا أسئ استخدامها تصبح شرًا.
والدين يدعونا أن نكون أقوياء. والإنسان القوي الشخصية، هو إنسان نافع للمجتمع، ونافع لسرته، ونافع لنفسه في الانتصار علي كل إغراءات الشر. وهنا أحب ألا يفهم الناس التواضع فهمًا خاطئًا، يكون مظهره الضعف والتخاذل.
كتاب حياة الفضيلة والبر - البابا شنوده الثالث
فالسيد المسيح كان متواضعًا جدًا، وفي نفس الوقت كان قوي الشخصية، وكان يفحم الكتبة والفريسيين والصدوقيين وغيرهم في كل حواره معهم. وكانوا يشعرون بقوته وكان الجميع يبهرون بشخصه...
كتاب حياة الفضيلة والبر - البابا شنوده الثالث
ولكن إذا أسئ استخدام القوة، وتحولت إلى البطش والعنف، أو الاستبدال والتسلط أو تحولت إلي الإرهاب والظلم، حينئذ تصبح شرًا.
وهنا نميز بين القوي العادل النافع، وبين القوي المغلوب من نفسه المتسلط علي غيره كل شيء نافع إذا أسئ استخدامه يتحول إلي شر.
كتاب حياة الفضيلة والبر - البابا شنوده الثالث
الحرية

لا أظن أن أحدًا في العالم يقول أن الحرية شر. ولكن لأشك أن سوء استخدام الحرية هو خطية بلا شك.
كأن يستخدم إنسان حريته في فعل ما لا يليق، أو بغير ضابط خلقي.. أو أن يستخدم حريته في إقلاق الآخرين وإزعاجهم، أو في أن يكون عثرة لهم، وسببًا في سقوطهم.
أو أن يستخدم حريته في اللعب واللهو ويترك دروسه فيفشل.
أو أن يستخدم الإنسان حريته في الاعتداء علي حريات الآخرين أو علي حقوقهم، أو في انتهاك النظام العام..
هنا يكون الاستخدام السيء للحرية خطية.
كتاب حياة الفضيلة والبر - البابا شنوده الثالث
الغريزة

ليست الغريزة خطأ في ذاتها، وإلا ما خلقها الله فينا.
كما أن المادة ليست خطأ في ذاتها، وإلا ما كان الله خلقها. إنما المهم أن تسير الغريزة في مجراها الطبيعي، ولا يساء استخدامها...
وموضوع الغرائز موضوع طويل ليس الآن مجاله...
ونفس الكلام نقوله علي الرغبات.
كتاب حياة الفضيلة والبر - البابا شنوده الثالث
المادة

المادة ليست شرًا في ذاتها، إذا أسئ استخدامها تتحول إلي شر.
كذلك إذا أحبها الناس أكثر من الله، أو إذا سيطرت محبتها في قيادة الإنسان، بحيث يقولون عنه إنه إنسان مادي..
أي أن المادة استخدمت بأسلوب قضي علي روحياته ومثالياته ومحبته للخير...
ومن منطلق هذا المفهوم نتكلم أيضًا علي الخمر.
الخمر - كمادة ليست شرًا. ولكن الاستخدام السيء للخمر هو الشر. ونحن لا نحرم الخمر كمادة، ولكن نُحَرِّم استخدامها السيء.
أخطر ما في الخمر هو الكحول، هو الذي يتلف الصحة والإرادة، ويقود إلي السكر ويضيع هيبة الإنسان، إن زاد مقدار الكحول عن الحد....
ولكن الكحول ليس شرًا في ذاته، ونحن لا نحرمه.
وكثيرًا ما نستخدم الكحول في عديد من الأدوية، وفي العطور، وفي الصناعات وفي الوقود. ولكن الاستخدام السيء للكحول في إتلاف صحة الإنسان، أو في إشعال الحرائق، وما يماثل ذلك، هذا هو الخطأ.
  رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
حياة الفضيلة والبر بقلم قداسة البابا شنودة من عوائق الفضيلة سوء الفم او عدم الفهم
كتاب حياة الرجاء - البابا شنوده الثالث
كتاب حياة الشكر - البابا شنوده الثالث
كتاب تأملات في حياة القديس أنطونيوس - البابا شنوده الثالث
حياة الفضيلة والبر كتاب لقداسة البابا شنودة الثالث


الساعة الآن 02:26 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024