|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
اكشف لي ذاتك لست أنا يا رب الذي أذهب إليك، لأني لا أعرف طريقة الوصول جيدا، عقلي قاصر، وروحي حبيسة، وأنا أيضًا مربوط إلي الجسد، وهناك أشياء كثيرة تعطيني: منها شهواتي ورغباتي.. وأيضًا يا رب لأني أحيانا أريد أن أتقرب إليك!! ثم أني يا رب، مشغول عنك! لدي اهتمامات كثيرة تعطلني وأنا من فرط شقاوتي وجهلي لا أنزع عني الاهتمامات الباطلة وغنما أزيد عليها في كل يوم شيئًا جديدا.. فتعال أنت يا رب إليَّ اكشف لي ذاتي وافتقدني – كابن أو كعبد – أنت يا من كلك محبة، بل أنت المحبة كلها. لست أنا يا رب الذي أبني لك بيتا في قلبي لتسكن فيه، لأنه {أن لم يبن الرب البيت، فباطلا تعب البناءون}.. من أنا حتى أبني لك هيكلا مقدسا يحل فيه روحك عندي؟ أنت يا رب تبني أورشليم. فتعال ولا تنتظرني، إذ قد يطول انتظارك ولا أجئ.. ليس بجهدي يا رب، ولكن بمعونتك، ليس بقوتي، ولكن بنعمتك. أنا من ذاتي لا أستطيع أن أعرف، ولكن أنت تستطيع بمحبتك أن تكشف ذاتك لي. وأنت لا تكشف لي ذاتك، أن لم أحبك، ولكن كيف أحبك أن لم تكشف لي ذاتك. أكشف ذاتك لي حتى ينمو حبي لك. لأني كلما أري فيك شيئًا جديدًا، يزداد حبي لك بالأكثر، وتتوطد علاقتي بك، إذ كيف يمكن أن يحب الإنسان بمحبة حقيقية كلئنا أن لم يعرفه ولم يره ومعلوماته عنه غامضة؟! فاكشف لي ذاتك إذن، لأن هذا هو المصدر الوحيد الذي أعرفك به معرفة حقيقية: ليس عن طريق الناس أو الكتب، بل معرفة الذي رأيناه بأعيننا ولمسناه بأيدينا.. أنني لا أستطيع أن أعرفك معرفة كاملة عن طريق الكتب أو عن طريق الناس الذين عرفوك، إذ أن هؤلاء أيضًا لا يستطيعون أن يعبروا عما رأوه فيك من صفات لا ينطق بها، ولا يقوي لسان أن يتحدث عنها. بل كل ما يستطيعونه أنهم يشوقون السامع أو القارئ بقولهم: {تعال وأنظر ما أطيب الرب} أما أن يوضحوا حقيقتك فليس بإمكانهم! ولكن إن كشف لي ذاتك يا رب، فكيف أستطيع أن أرى وجهك بينما بدون القداسة لا يعاين أحد الرب؟! والقداسة أمر ليس في إمكاني، فقد كثر الذين يحزنونني واعتزوا أكثر مني، وأنا ضعيف أمامهم جميعا: أما العالم الجسد والشيطان، وأمام الرغبات والشهوات والأفكار. كثيرا ما أسقط، وكثيرا ما أزِل. والقداسة حلم أشتهيه ولكن أين لي به! فهل معني هذا أنني سوف لا أراك؟ أعطني يا رب نقاوة القلب التي بها أري وجهك. انضح علي بزوفاك فأطهر، أغسلني فأبيض أكثر من الثلج. |
09 - 01 - 2014, 03:22 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب انطلاق الروح لقداسة البابا شنودة الثالث
محبة الطريق لماذا أصلي؟ ولماذا أصوم؟ ولماذا أختلي؟ ولماذا أقرأ؟ … هل لكي أصبح رجل صلاة، أو رجل صوم أو خلوة أو معرفة؟ هل أحب أن أكون عابدا؟ هل العبادة شهوة مستقلة في نفسي لها غرض خاص؟ هل أريد أن تكبر نفسي، أو أن أكبر في عيني نفسي، عن طريق النجاح والنبوغ في هذا الطريق!؟ هل أنا مهتم بذاتي: ماذا أكون؟ وكيف أكون؟ ومتى أكون؟ وكيف أتطور إلي أفضل؟….. هل أنا أحب الله ذاته، أم أحب الطريق الذي يوصل إليه؟ هل أنا مثلا أحب الصلاة، أم أحب الله الذي أصلي إليه؟ أنني ألاحظ في نفسي أحيانا أخطاء كثيرة: عندما أكمل مزاميري أفرح: لا لأني تحدثت مع الله، وإنما لأنني راهب ناجح في القيام بقانونه وواجبه في العبادة!! وعندما لا أستطيع أن أصلي مزاميري جميعها، أحزن: لا لأني فقدت متعة التحدث مع الله، وإنما لأني راهب فاشل!! وهكذا أيضًا في صومي، وفي سهري، وفي قراءاتي …! المسألة إذن شخصية بحتة. هي أنانية واضحة. أريد فيها أن أكبر في عيني نفسي علي حساب صلتي بالله.؟ متى يأتي الوقت الذي لا أصلي فيه مزمورا واحدا، ومع ذلك أكون سعيدا لأني علي الرغم من ذلك كنت ثابتا في الله عن طريق آخر من العبادة. هل أنا أصلي من اجل لذة ومتعة الحديث معك، وحلاوة الوجود في حضرتك، أم من أجل أن أكتسب فضيلة أصل بها إلي الحياة الأخرى؟ أم أنني أصلي لكي أتحدث معك حديثا أطلب فيه تلك الحياة؟ هل الصلاة في نظري هدف في ذاتها أم مجرد وسيلة؟ أن كنت أثور علي إنسان عطل خلوتي وصلاتي، ومن أجل الصلاة والخلوة، أفقد سلامي الداخلي، وأفقد سلامي مع الناس، وبالتالي يتعكر قلبي وأفقد سلامي مع الله أيضا، إذن فقد أصبحت الصلاة هدفا لا وسيلة، وفي سبيل هذا الهدف قد أنحرف وأخطئ. إن العبادة هي مجرد طريق يوصل إلي الله، ولكن الهدف هو الله ذاته. والمحبة طريق، والخدمة طريق، ولكن واحدا هو الهدف، أعني الله.. لماذا إذن نفقد الله من أجل المحافظة علي الطريق الذي يوصل إليه؟ ومن أجل أن يكون هذا الطريق في الوضع الذي نشتهيه؟ فلنحب الطريق لا لأنه شيء في ذاته -وحقًا هو شهي- وإنما لأنه يقودنا إلي الله. ولنسرع في الطريق ونعبره بسرعة لنصل إليه. والكمال هو أن يكون طريقنا إلي الله، هو الله. لأنه ذاته … هو الطريق. |
||||
09 - 01 - 2014, 03:24 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب انطلاق الروح لقداسة البابا شنودة الثالث
أتــركـــيـنــى الآن هوذا أنا هكذا يارب أتدخل باستمرار فيها لا يعنيني . لست أقصد التدخل في شئون غيرى من الناس ، كيف يتصرف ، وكيف تتصرف أنت معه – ولو أنني أقع كثيرا في هذا الخطأ – وإنما أقصد تدخلي في شئون نفسي . بينما هي أمور لا تعنيني أنا بقدر ما تعنيك أنت .. نفسي ليست ملكي ، وإنما هي ملكك ، اشتريتها بدمك الكريم فأصبحت لك . وليس لي بعد أن أتدخل في شئونها ، لأنك أنت تدبرها حسب مشئيتك الصالحة الطوباوية . علي إذن أن أنظر وأمجدك . متي يأتي الوقت الذي لا أتدخل فيه في شئون نفسي ، وإنما أتركها لك : حيثما تسيرني أسير ، وكيفما تصيرني أصير ؟ متي أرض بحالتي التي أرتضيتها أنت لي ، فلا الح عليك في تغييرها كأنك غافل عن صالحي ؟. متي تتحول صلاتي من طلب إلي شكر؟ أو متي ابحث عن شئ أطلبه فلا أجد لأني لست أجد خيرا لي الآن مما أنا فيه ؟.. متي يأتي الوقت الذي يصبح فيه عملي الوحيد هو ألا أعمل شئياً ، وإنما اترك نفسي في يديك وانساها هناك ، ولا أذكر الا هاتين اليديين اللتين جبلتاني وصنعتاني واللتين كنت تضعهما علي كل واحد فتشفيه . متي أؤمن بك الإيمان كله . فأستأمنك علي حياتي تدبرها كيف تشاء ، أنت يا صانع الخيرات ، دون أن أقحم نفسي في عملك هذا واتلصص متجسسا عليك لأري ماذا تعمل بي !! وكيف تعمل .. وهل عملك مقبول أم لا ! وهل يستدعي الأمر تدخلا مني ام لا يستدعي ؟ آه يارب كم أنا وقح في تصرفي معك ! جاهل أنا وأتدخل في أعمال حكمتك محاولاً أن أوقفها لأنفذ مشورتي الغبية !! كم يكون أحكمني لو أنني سكت وأخذت منك موقف المتفرج لا موقف الشريك . إذن لكنت أري عجائب من حكمتك .... أنني يارب أفكر كثيراً في ذاتي ، ولا أفكر ولو قليلا فيك . أنني أثق كثيرا بذاتي ، ولا اثق ولو قليلا بك . ذاتي هي صنمي متي يتحطم لكي أعبدك العبادة الحقة ؟ ان كنت لا أحطم بنفسي هذا الصنم لكونه جميلا في عيني ، أو لكونه محبوبا لدي جدا ، فتول أنت يارب تحطيمه ، وعند ذلك لا يبقي لك منافس في قلبي فأحبك ، ولا يبقي لك منافس في إيماني فأعبدك . لو كنت يارب افكر فيك بقدر ما أفكر في ذاتي ، ولو كنت اعتمد عليك بقدر ما أعتمد علي مقدرتي الخاصة ، ولو كنت أحبك بقدر ما أحب نفسي ، أذاً لأصبحت مثل أولئك القديسين الذين أنكروا انفسهم ليعرفوك . متي تعتنقني يارب من ذاتي ؟ متي ؟ لا لكي اصير قديسا وإنما لكي أجدك . متي تخرج من الحبس نفسي ، وتطلق عبدك بسلام ؟ متي أضيع ذاني من أجلك لكي أجدك ؟ وحينئذ اجدها فيك . متي أهلك ذاتي من أجلك ؟ اذن لكانت تحيا بك . متي انظر إلي ذاتي فلا أجدها ، وإنما أجدك أنت ، متي أنظر إليها فأراك ؟ متي أنظر إلي العالم فأراك ؟ وإلي الناس فأراك ؟ وتصبح لي الكل في الكل وليس سواك . هي تبيد وأنت تبقي ، وكلها كثوب تبلي ، وكرداء تطويها فتتغير . ولكن أنت انت وسنوك لا تفني . قالوا لي : {أعرف نفسك }. وقالوا لي : { أدخل إلي ذاتك }. آه يارب هي ذاتي هذه سبب متاعبي كلها .. متي أدخل إليها فلا أجدها ؟! ... كم مرة نظرت إلي ذاتي فوجدتها معلقة علي الصليب بلا حراك . فلما امعنت النظر إليها ، ابصرتك انت ، ففرحت . لم افرح بذاتي لأنها ورثت الملكوت وإنما فرحت بك لأني وجدتك . ويخيل إلي أنني سوف لا أجدك في كل مرة الا هناك في وادي ظل الموت ، لأنني أن سرت في وادي ظل الموت فأنت معي . لقد خلقتنا للحياة ، ولكننا بخطيتنا أخترنا لنا الموت ، فأذا بك أنت البسيط الذي كل شي طاهر قدامك ، تقدس الموت وتجعله لنا باباً للحياة !! بل هو الباب الوحيد للحياة . { من وجد نفسه يضيعها ، ومن اضاع نفسه من اجلي يجدها {أنكر ذاتك واحمل صليبك وأتبعني }. فى السنة الأولى من حياتى الرهبانية قرأت لقديسيك أن الرهبنة هى انحلال من الكل للإرتباط بالواحد . فعلى قدر استطاعتى حبست نفسى عن العالم والناس . ولكن هذا لم يوصلنى إلى الأرتباط بك . لانني لم ادخل إلي الوحدة من اجلك ، وإنما من اجل نفسي . أما لترضي هي عن ذاتها ، أو ليرضي الناس عنها . لكنني في السنة الثانية عرفت معني الانحلال من الكل بتفسير آخر ، وهو الانحلال من نفسي ، لأنني أجعلها بالنسبة إلي الكل في الكل . وفي السنة الثالثة اي معني سأعرفه لهذه العبارة ؟ لست ادري . ليتني أكون قد نسيتها ،ونسيت التفكير في معناها ، من فرط الإنشغال بك . كنت أقول عن اجتماعي بالأخوة ، أننا باجتماعنا معاً علي الأرض هنا نعطل أنفسنا عن الإنشغال بالله ، وربما نتسبب بذلك في عدم أجتماعنا كلنا هناك معه في الأبد . وأريد الآن أن اقول ان اجتماعي بنفسي هو الذي يعطلني بالأكثر . أنني اشعر أنني محتاج ، بين الحين والحين ، كلما أخلو إلي نفسي ، أن أقول لها : * أتركيني الآن ، فهذا خير لنا * ------------------------------------ ------------------------------------ أتركيني لكي أخلو بالله ، وبهذا أستطيع أن أتمتع بوعده من ان تثبتي فيه }. فأجلس – لا مع ذاتي وإنما مع الله الحال في ذاتي . |
||||
09 - 01 - 2014, 03:25 PM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب انطلاق الروح لقداسة البابا شنودة الثالث
أنت يارب موجود \ يحس الضعفاء وجودك فيتعزون ، وأن تذكر الأقوياء وجودك يرتعشون . لذلك فعبارة { ربنا موجود } تبهج وترعب ، تعزي وتكدر . ولكن علي الرغم من وجودك ، فان كثيرين لا يحسونه ، وهكذا صاح سليمان الحكيم قائلاً : { ثم رجعت ورأيت كل المظالم التي تجري تحت الشمس . فهوذا دموع المظلومين ولا معز لهم } {جا1:4}. فلماذا يارب تنظر وتصمت ؟ أرنا يارب رحمتك . اثبت وجودك .؟ لماذا يعيروننا قائلين : أين الرب الهكم ؟ لماذا تنتظر حتي الهزيع الأخير من الليل ، والتلاميذ مضطربون في السفينة ، والأمواج شديدة ؟ نعم ، لماذا تنتظر ، بينما يقول الكتاب أنك تأتي ولا تبطئ ؟ ! أسرع يارب أسرع لقد شكا داود من هذا الابطاء ، فقال : { اللهم التفت إلي معونتي ، يارب أسرع وأعني . أنت معيني ومخلصي يارب فلا تبطئ } {مز69} نحن نعلم أن رحمتك ستأتي ، وأنه ليس لنا ان نعرف الأزمنة والأوقات التي جعلتها في سلطانك وحدك . لذلك سننتظر كل الوقت كما قال المرتل { أنتظرت نفسي الرب من محرس الصبح حتي الليل }.... ها نحن يارب ننتظر ، مؤمنين انك موجود ، وأنك لابد ستعمل . وستعمل بقوة ، وبحكمة ، وفي الوقت المناسب الذي تحدده رأفاتك غير المحدودة .. ما أجمل قول ربنا يسوع : { أبي يعمل حتي الآن ، وأنا أيضاً أعمل }... فأعمل يارب إذن اعمل من أجل محبتك للعدل وللصلاح . وأعمل من اجل أن يطمئن الناس ، فيسلموا حياتهم في يدك ، ويتأملوا عملك وهم صامتون ، او يتأملوا عملك وهم ينشدون تلك الأغنية الجميلة { الرب يقاتل عنكم وأنتم تصمتون }. بل هم يتأملون عملك ، فيتغنون وهم مطمئنون { ربنا موجود } نعم حقا : { ربنا موجود }... |
||||
|