|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
16 - 11 - 2022, 02:47 PM | رقم المشاركة : ( 31 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
قداسة البابا شودة الثالث الفضيلة: تعريفات ومستويات تعريفات ما أكثر الأسماء أو الصفات التي نطلقها على الفضيلة. وهى في مجموعها تعطينا فكرة عن كنه الفضيلة وتفاصيلها وطريقة السلوك فيها.. وسنحاول أن نذكر هنا بعضًا من هذه التعريفات: 1- الفضيلة هي محبة الخير: إنها ليست في مجرد عمل الخير, إنما بالأكثر في محبة الخير. ذلك لأن الفضيلة التي تمارس من الخارج فقط, وليست صادرة من القلب, قد تكون رياءً. أو أن البعض يعملون الخير خوفًا من انتقاد الناس, أو خوفًا من عقوبة المجتمع أو عقوبة القانون, أو يفعلون ذلك خجلًا, أو من أجل المنفعة, أو لمجرد كسب مديح الآخر وليست حبًا في الخير ولا حبًا في الغير, أو رغبة في نوال مكافأة, أو مجاراة لتيار معين, أو تقليدًا لغيرهم. كل ذلك بغير اقتناع من الداخل, وبغير رغبة! وربما يفعل الشخص ذلك وهو محرَج, لا يستطيع أن يمتنع أو يقول لا!! وعمل الخير لشيء من هذه الأسباب لا يمكن أن يُحسب فضيلة... الفضيلة هي إذن حب الخير, حتى لو كان الإنسان لا يستطيع أن يفعله لسبب خارج عن إرادته, لوجود موانع تمنع التنفيذ عمليًا... ولكن إن وُجدت إمكانية لعمل الخير, فلابد أن يعمله. لأنه حينذاك تجتمع نية القلب مع العمل والإرادة, لأن النية وحدها لا تفيد الآخرين.. فالفضيلة تبدأ في داخل القلب, وتنبع منه, في المشاعر والنيات والأحاسيس. ويكون عمل الخير هو التعبير عما في القلب من مشاعر طيبة.. 2- الفضيلة هي السلوك الفاضل إنها تبدأ في الداخل, في القلب والفكر والروح. ولكنها تظهر في الخارج عن طريق الممارسة العملية. فالحب مثلًا هو فضيلة في القلب, ولكن لابد أن يتحول إلى عمل محبة في الخارج. فلا نحب بالكلام ولا باللسان, بل بالعمل والحق. هنا تظهر المحبة عن طريق العطاء والبذل والتضحية... فضيلتك التي في فكرك لا يشعر بها أحد. ولكنك تعبر عنها بعملك. وكذلك محبتك لابنك التي في داخل قلبك, تعبر عنها بالعطايا والاهتمام وبالحنو. وأيضًا لا يكفى أن تقول إن محبتك لله هي في قلبك, بل تعبر عنها بطاعتك لوصاياه. وبالمثل: خشوع العابد في داخل قلبه, يعبر عنه بخشوع الجسد من الخارج. بالسجود والركوع في الصلاة. وحفظ الجسد أثناءها من طياشة الفكر والحواس. وبهذا يشترك الجسد مع الروح. وتكون الفضيلة من الداخل والخارج معًا.. إن حياة الشجرة في داخلها. ولكنها تعبر عن وجود الحياة فيها بالخضرة وبالزهر والثمر. ونحن نريد الفضيلة المثمرة, بالعمل الصالح, بالكلمة الطيبة, بالسلوك الحسن, بالمحبة العملية, بالقدوة المؤثرة في الغير... 3- الفضيلة هي في الشخصية المتكاملة: بحيث لا يوجد في من يمارسها أي نقص في سلوكه. وهذا واضح عمليًا: فإن سلك في فضيلة ما, لابد ستقوده إلى فضائل أخرى كثيرة. كما أنه أذا فقد إحدى الفضائل, ما أسهل أن يجره السقوط إلى فضائل أخرى عديدة.. إنها سلسلة مترابطة إن انفك عقد أحدها, انفرط الباقي أيضًا... فطالب العلم الذي يهمه مستقبله, يقوده هذا إلى الاجتهاد والعمل على التفوق. وهذا الاجتهاد يحثه على البعد عن اللهو. والبعد عن اللهو يبعده أيضًا عن أصدقاء السوء. والبعد عنهم ينجيه من القدوة السيئة. وهذا أيضًا يساعده على حياة الفضيلة... وهكذا تتعاون الفضائل معًا, ويؤدى بعضها إلى البعض الآخر. وبالمثل فإن الخطية تجر إلى خطايا أخرى. 4- الفضيلة وضع متوسط بين رذيلتين: أو هي وضع متكامل بين نقصين. ومن أمثلة ذلك: الشجاعة هي الوضع المتوسط بين الخوف والتهور.. والتربية السليمة هي الوضع المتوسط بين التدليل والقسوة والتدبير الحسن لما تملكه هو الوضع المتوسط بين البخل والتبذير.. ويمكننا أن نذكر أمثلة عديدة لهذا الوضع المتوسط.. مستويات * فيوجد نوعان من الفضيلة: وذلك من الناحية السلبية, والناحية الإيجابية. فالناحية السلبية هي مقاومة الخطيئة ورفضها. أما من جهة الناحية الإيجابية فهي عمل الخير. وليست الفضيلة هي فقط البعد عن الخطيئة, إنما يجب الارتفاع عن المستوى السلبي, وذلك إيجابيًا بالسلوك في حياة البر: لا يكفى فقط إنك لا تكره إنسانًا, إنما يجب أن تحب الكل... لا يكفى أن تمتنع عن اللفظ بأية كلمة خاطئة, إنما يجب أيضًا أن تقول كلامًا للبنيان ينفع الآخرين. ولذلك فإن الفضيلة ليست فقط أنك لا تضر الناس, إنما هي بالأكثر أن تعينهم بقدر إمكانك, وتعمل على راحتهم أو إسعادهم.. * ومستويات الفضيلة تشمل الحسّ، والفكر, والقلب, والعمل فهناك المستوى الجسدي للفضيلة, والمستوى النفسي, والمستوى الروحي... وعلى الإنسان أن يحفظ نفسه في كل مستوى, ويحترس من السقوط في غيره فمثلًا الحواس هي أبواب الفكر, وما تراه أو تسمعه أو تلمسه, قد يجلب لك أفكارًا. فلكي تحفظ فكرك, أحفظ حواسك. وإن أخطأت بالحواس, لا تجعل الخطأ يتطور إلى فكرك. وإن وصل الخطأ إلى الفكر, اطرده بسرعة, وحذار أن تجعله يتحول إلى مشاعر في قلبك. وإن تحوّل إلى مشاعر, لا تجعله يتطور إلى العمل بالضغط على إرادتك... واعلم أن جميع المستويات تتجاوب مع بعضها البعض. وقد يصير الواحد منها سببًا ونتيجة... فخطأ القلب يسبب خطأ الفكر. كما أن خطأ الفكر يسبب مشاعر للقلب. وربما الاثنان يدفعان إلى العمل. وكذلك المشاعر والعمل يقودان إلى خطأ الحواس. إنها دائرة متصلة. أية نقطة فيها توصل إلى باقي النقاط وكما في الشر, كذلك في الخير: تتعاون كل المستويات معًا... على أن أعلى مستوى في الفضيلة هو السعي إلى الكمال. إن الذي يسلك في الفضيلة, يودى أن ينمو فيها. ويستمر في النمو حتى يصل إلى الكمال الممكن له كإنسان. وأعني الكمال النسبي, نسبة إلى ما عنده من إمكانيات, وما يُوهب له من عمل النعمة فيه... والسعي إلى الكمال يحتاج إلى التدرج. والآباء الروحيون كثيرًا ما كانوا يدربون أولادهم في نطاق هذا التدرج. لأن الطفرات السريعة في الفضيلة قد تؤدى إلى ارتفاع القلب والكبرياء، وأحيانًا تكون لها نتائج عكسية. لكن القادة الروحيين كانوا يعملون على تثبيت أبنائهم في كل خطوة يخطونها. حتى إذا ما صارت شبه طبيعة عندهم, يتدرجون منها إلى خطوة أعلى, ولا يصبحون في خطر من أية نكسة ترجعهم إلى الوراء... أما إذا أرادت نعمة الله أن ترفع الإنسان إلى فوق مرة واحدة, فهذه هبة إلهية غير عادية. والسعي إلى الكمال يحتاج إلى جهاد: لأنه كما أن نعمة الله تساعد الإنسان على الارتفاع إلى فوق, فإن قوى الشر لا تريد أن تتركه في راحة, إنما تحاول أن تجذبه إلى أسفل. ومن هنا كانت محاولة الوصول إلى الكمال الروحي, هي صراع ضد الخطية وضد العقبات الروحية. |
||||
16 - 11 - 2022, 02:51 PM | رقم المشاركة : ( 32 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
قداسة البابا شودة الثالث ما هي الفضيلة؟ وما مصادرها؟ ما هي الفضيلة ؟ وما معنى عبارة "إنسان فاضل" ؟ الفضيلة قد تعنى البر والنقاوة. والإنسان الفاضل هو الإنسان الخيّر، البار، الذي يحب الخير ويفعله... وقد تعنى الفضيلة أيضًا قوة في النفس، تمكّنها من الانتصار على كل نوازع الشر وإغراءاته، وتسير في طرق الله... وربما تعنى الفضيلة: الارتفاع فوق مستوى الذات: بحيث يخرج الإنسان من التركيز على نفسه فقط، إلى الاهتمام بالآخرين. والى محبة الله والناس. نقول هذا لأن الخطيئة كثيرًا ما تكون انحصارًا حول الذات. حيث يريد الإنسان أن يرفع ذاته ، ويُشبع رغبات ذاته ويمتعها.. والفضيلة هي أيضًا ارتفاع فوق مستوى اللذة: لأن غالبية الخطايا قد تكون مصحوبة بلذة حسية، أو لذة نفسية. فتدور حول ملاذ الجسد أو الفكر أو النفس، وتصبح لونًا من إشباع الذات، وبطريقة خاطئة. فالذي يحب المال أو المقتنيات، إنما يجد لذة في المال وفي المقتنيات. وكذلك من يحب الزينة أو الطعام، ومن يحب المناصب والشهرة، إنما يجد لذة في كل هذا... ومن يحب الجسد يجد لذته في الجسد. ومن ينتقم لنفسه يجد لذة في الانتقام... الخطيئة إذن هي سعى وراء اللذة، أما الفضيلة فهي ارتفاع فوق مستوى اللذة حتى تجد إشباعًا لها في السعادة الروحية . والسعادة غير اللذة، وكذلك الفرح غير اللذة. اللذة غالبًا ترتبط بالحسّ ، بالجسد والمادة. أما السعادة والفرح فيرتبطان بالروح. ولذلك فالفضيلة إذن تكون ارتفاعًا فوق الخضوع للمادة. مصادر الفضيلة: 1- المصدر الأول للفضيلة هو الحفاظ على المبادئ والقيم. فالإنسان الروحي المتمسك بالمبادئ والقيم، يمكنه أن يحيا حياة الفضيلة، لأن القيم التي يؤمن بها تحصنه فلا يستطيع أن يخطئ مهما حورب بالخطية، مثال ذلك يوسف الصديق .أما الإنسان الخاطئ فلا قيم عنده. والفضائل ليست لها قيمة حقيقية في نظره.إنه يكذب مثلًا، لأن الصدق لا قيمة له في نظره. وبسبب ضياع القيم، يقع في الاستهتار واللامبالاة. فلا الواجبات لها قيمة، ولا النظام العام، ولا القانون ولا التقاليد. فهو لا يعبأ بشيء منها. 2- من مصادر الفضيلة أيضًا: قوة الإرادة والعزيمة: فقد لا يستطيع أن يسلك في الفضيلة، لأنه مغلوب من نفسه. فمهما أحب الخير، لا يفعله لأنه ضعيف الإرادة. وبسبب الضعف يقع في الخطية لأنه لا يستطيع أن يقاومها. والوقوع في الخطية يؤدى إلى مزيد من الضعف. ولهذا فإن كثيرين- لكي يحيوا في الفضيلة- يسلكون في تداريب روحية لتقوية إرادتهم. لذلك نقول عن الإنسان الفاضل إنه إنسان قوى.. قوى في الروح، وفي الفكر، وفي العزيمة والتنفيذ. إنه قوى في الانتصار على النزعات الداخلية، وقوى في الانتصار على الحروب الخارجية. أما الذي تستعبده عادة رديئة، فهو ضعيف. والذي لا يستطيع أن يتحكم في لسانه، ولا في أعصابه، ولا في فكره، هو إنسان ضعيف. وبسبب هذا الضعف يبعد عن الفضيلة. وحتى إن تاب عن الخطية يرجع إليها مرة أخرى.. 3- ومن مصادر الفضيلة، الحكمة والمعرفة. وهى المعرفة التي تميز بدقة بين الخير والشر، وبين اللائق وغير اللائق... والحكيم يسلك بالضرورة في حياة الفضيلة، بينما نصف الخاطئ بأنه جاهل مهما كان من العلماء! إنه جاهل بطبيعة الخير والشر وجاهل بمصيره الأبدي، وجاهل بما تجلبه الخطية من نتائج سيئة. جاهل لا يعرف خيره من شره، ولا نفعه من ضره. وبالمثل نقول عن الملحد إنه إنسان جاهل حتى لو كان من الفلاسفة! ولا نقصد بكلمة (جاهل) المعنى السطحي للكلمة التي تعنى إنه لم يتعلم في مدارس أو على أيدي أساتذة. إنما هو جاهل من جهة الحكمة الإلهية، وجاهل من جهة المعرفة الحقيقية. وهو يحتاج إلى توعية وإرشاد. وكلما يتعمق الإنسان في الحكمة، فعلى هذا القدر يتعمق في فهم الأمور، ويعرف ما ينبغي أن يفعل... 4- ولعل من أهم مصادر الفضيلة: مخافة الله فالإنسان الذي توجد مخافة الله في قلبه، لا يمكن أن يخطئ. وكما قيل في المزمور"رأس الحكمة مخافة الله". إن الإنسان الروحي يخاف أن يكسر وصايا الله ويخاف من اليوم الذي يقف فيه أمام الديان العادل. إنه يخاف من العقوبة، ويخاف أن يفقد نقاوته وطهره. ويخاف أيضًا على سمعته، ويخاف من أن يكون عثرة لغيره. وهو أيضًا يبعد عن الخطية حتى بالفكر وبالنية، لأنه يخاف الله الفاحص القلوب والعارف بالنيات. وبالمخافة يسلك في طريق الفضيلة، وبممارسة الفضيلة يحبها. وهكذا يسلك فيها عن حب وليس لمجرد الخوف... 5- من مصادر الفضيلة أيضًا: الجهاد الروحي. فالحياة الفضلى على نوعين: نوع يولد الإنسان بها، كما يقول المثل العامي"مالك متربي؟ قال من عند ربي". وقد يرث الفضيلة والطبع الهادئ الطيب عن والديه، أو بالتربية السليمة والقدوة الحسنة. أما النوع الآخر من الفضيلة، فهو ما يجاهد الإنسان لكي يصل إليه.. وحتى الذين يولد بالفضيلة، يحتاج إلى جهاد لكي يحافظ عليها... ذلك لأن الشيطان عدو الخير لا يشاء أن يتركه في راحة، بل يحاربه محاولًا أن يفقده في فضائله. لهذا يلزم للإنسان أن يجاهد لكي يصمد أمام حروب العدو، ولكي يثبت في الخير ولا يتزعزع... أيضًا يجاهد لكي يصل إلى أكمل مستوى في حياة الفضيلة. هنا الجهاد للنمو في عمل الخير، وليس لمجرد مقاومة الخطيئة.. 6- من مصادر الفضيلة أيضًا: النعمة الإلهية.. فمهما جاهد الإنسان، قد يفشل إن لم تساعده نعمة الله وتقويه. على أنه يجب عليه أن يتجاوب من عمل النعمة. وبهذا يثبت نيته الطيبة في محبة الخير. والاعتماد على نعمة الله لا يعني تكاسلنا وتراخينا... 7- من مصادر الفضيلة أيضًا الضمير الحي. وكما قال أحد الحكماء: إن الفضيلة بطبيعتها مغروسة فينا. وبهذا تكون الخطية هي مقاومة هذا الغرس الإلهي، أي الضمير الذي يدعو إلى الخير، ويبكت على الشر. إنه يمثل الشريعة الطبيعية، غير المكتوبة التي تبكتنا إن بعدنا عن الفضيلة. لذلك نجد أن الذي يخطئ، يشعر بالخجل والخوف والارتباك، طالما كان ضميره حيًا: هذا إذا ارتكب إثمًا لا توافق عليه القيم المغروسة فينا بالفطرة. |
||||
16 - 11 - 2022, 02:53 PM | رقم المشاركة : ( 33 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
قداسة البابا شودة الثالث أسباب السقوط في الفكر؟ توجد أسباب عديدة تساعد على السقوط بالفكر، نذكر من بينها: الفراغ، والاسترخاء، والضعف الروحي، والاستسلام، ومحبة الحكايات، والشهوة أو الرغبة... 1- حالة الفراغ: فإن حورب أي شخص بفكر خاطئ، وبقى في حالة فراغ واسترخاء، فلابد أن يشتد الفكر عليه، وقد يقوى على إسقاطه. لأنه في حالة الفراغ ينفرد الفكر بالإنسان، وهو بلا مقاومة ولا دفاع... وقد قيل في بعض الأمثال "عقل الكسلان معمل للشيطان". وهكذا يأخذ الفكر معه ويعطى... لذلك أحترس في وقت فراغك من الأفكار التي تأتي إليك. والأفضل أنك لا تترك فكرك في حالة فراغ. فالعقل- من طبيعته- أنه دائمًا يعمل. وهو في انشغال مستمر، إما بأمور هامة، أو بأمور تافهة. ولكنه لا يتوقف.. 2-الاسترخاء: في حالة الاسترخاء، قد يفكر العقل في أي موضوع، وربما يعبر على عديد من القصص والأخبار والأفكار. وهنا قد يستغل عدو الخير استرخاءه، فيلقى إليه بفكر خطية أو بفكر يؤول إلى خطية، دون أن يشعر... فينبغي أن يكون الإنسان في يقظة روحية، ويطرد هذا الفكر الخاطئ بسرعة، قبل أن يستقر ويستمر. ويحس في حالة الاسترخاء، أن يشغل الإنسان نفسه بفكر هادئ بسيط لا يقود إلى خطية... والاسترخاء هدفه إراحة الأعصاب، وليس إلقاء النفس إلى الأفكار. 3- حالة الضعف الروحي: في حالة الضعف الروحي، لا يقدر العقل على مقاومة الفكر الخاطئ، فيستسلم له! لذلك إن وجد الإنسان نفسه في هذا الضعف الروحي، عليه أن يهتم بنفسه بالأكثر، ويكون في حالة حرص شديد، ويراقب أفكاره بكل دقة. وفي نفس الوقت يحاول أن يقوي ذاته من ضعفها، بأن يقدم لها كافة الأغذية الروحية التي تساعدها على طرد الأفكار الخاطئة... لهذا كله، احترس جدًا من حالات الضعف الروحي، وأهرب أثناءها من كل مسيبات العثرات والأفكار.. 4- الاستسلام للفكر: مهما كنت ضعيفًا، لا تستسلم إلى الفكر الخاطئ. بل اثبت في قتالك مع عدو الخير، إلى أن تأتيك قوة من فوق لكي تنتشلك مما أنت فيه... بعمل النعمة من أجلك... والضعف الروحي ليس هو حجة للسقوط، إنما هو حجة لطلب المعونة التي بها تقاوم الشيطان وأفكاره.. 5- محبة الحكايات الخاطئة: لا تكن محبًا لتأليف قصص خاطئة في ذهنك، تحاول بها أن تشبع رغبات خاطئة داخل نفسك! وهنا تكون الخطية في داخلك، نابعة منك! وكثيرون من هواة إشباع أنفسهم بلذة الحكايات الآثمة: إما أنهم يبدأون بها، أو أن الشيطان يلقى إليهم بفكر، فيؤلفون حوله حكايات طويلة لا تنتهي! وتكون أمثال هذه الأفكار هي عمل إرادي لإشباع ما في نفس من رغبات أو شهوات، تتمثل أحيانًا في أفكار انتقام، أو عظمة، أو زنا أو أحلام يقظة، وما إلى ذلك.. بداية الفكر الخاطئ: 1- إن فكر الخطية قد لا يبدأ بخطية! لأنه لو بدأ هكذا، يكون قد كشف عن نفسه. وعندئذ يهرب منه القلب النقي، أو يطرده، أو يقاومه بكل السبل حتى لا يثبت.. إنه قد يبدأ بصورة خداعية. مثال ذلك بالعطف على الساقطين ومحاولة إنقاذهم. وهنا يستعرض نوعية السقوط ودرجته وأسبابه وقصصه. وربما ينفعل بكل ذلك انفعالًا ألهيًا، فيسقط فكريًا في نفس الأمر! لذلك ليس كل إنسان يصلح في العمل على إنقاذ الآخرين، ولا في ميدان الإصلاح... 2- والفكر الخاطئ قد يبدأ ضعيفًا! بحيث يُخَيَّل إليك أنك تستطيع بسهولة أن تنتصر عليه... ولكنك كلما تستبقيه داخلك، وكلما تأخذ وتعطى معه... يثبت هو أقدامه ويقوى عليك، لأنك مكنته من وضع اليد على أرض مقدسة في داخل نفسك. كما أنك -باستبقائك للفكر- قد أشعرته بأنك تريده، إذن فأنت عاجز من طرده! كذلك في استبقائه، يكثر إلحاحه عليك، وضغطه على مشاعرك وحينئذ قد تضعف أمامه، لأنك لم تعد في قوتك الأولى التي كانت لك في بداية الفكر، ولم يعد هو في ضعفه الذي بدأ به! فتصبح الحرب غير متوازنة، وتحتاج إلى مجهود أكبر للسيطرة عليها! نقطة أخرى في سيطرة الفكر عليك بعد أن كان ضعيفًا، وهى أنك تخون الرب باستبقائك فكر الخطية. وبسبب هذه الخيانة، تتخلى عنك النعمة التي كانت مصدر قوتك، فيسهل بهذا سقوطك... وهناك سبب آخر في تخلي النعمة عنك، هو أنه ربما كان في داخلك لون من الكبرياء والشعور بالذات يقنعك انك أقوى من الفكر، وأنك تستطيع طرده في أية لحظة أردت! لذلك تتركك النعمة، لتشعر بضعفك، فتهرب في المستقبل بسرعة من أي فكر خاطئ يحاربك، وتصلي طالبًا من الرب معونة. |
||||
16 - 11 - 2022, 02:55 PM | رقم المشاركة : ( 34 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
قداسة البابا شودة الثالث الأفكار الخاطئة وحروب الفكر إن الله تبارك اسمه يريدنا أن نكون أنقياءً وأطهارًا في أفكارنا وقلوبنا ومشاعرنا، لذلك علينا أن نبعد عن كل فكر خاطئ، ونطرده من أذهاننا ومن ذاكرتنا... فما هي الأفكار الخاطئة؟ الأفكار الخاطئة التي تمر على العقل، قد تكون أفكار انتقام، أو أفكار عظمة وكبرياء ومجد باطل وأحلام يقظة، أو أفكار تجول حول أخطاء الناس وإدانتهم، أو أفكار حسد وغيرة، أو شهوات عالمية، أو قد تكون أفكار زنا ونجاسة، وما إلى ذلك... مصادر الفكر الخاطئ 1- قد يأتي الفكر الخاطئ من فكر سابق. فالأفكار ليست عقيمة إنها تلد أفكارًا من نوعها، كجنسها. ربما كان لك فكر بدأت به منذ أيام، ويريد أن يكمل. أو قصة بدأتها ولم تصل إلى نهايتها، وهى تريد مزيدًا من التفاصيل، ولو من باب حب الاستطلاع. فأهرب من هذا كله... 2- وقد يأتي الفكر الخاطئ من خبرتك الخاصة. 3- وقد يكون مصدر الفكر الخاطئ هو العقل الباطن: فربما تكون قد تركزت في عقلك الباطن قصص أو مشاعر أو رغبات، تحب أن تطفو على عقلك الواعي، لتتفاوض معك.. فكن حريصًا على حفظ عقلك الباطن نقيًا. ولا تختزن فيه أشياء تعكر نقاوة فكرك. وإن كنت قد اختزنت فيه خطايا أو معثرات قديمة، فلا تستعملها. وإنما بالوقت والإهمال يتنقى عقلك منها، وكذلك تصل إلى نقاوة عقلك بإحلال أفكار نقية جديدة تحل محل تلك الأفكار داخلك... ولما كان العقل الباطن يختزن ما يختزنه، من مصادر متعددة، منها القراءات والسماعات والمناظر والشهوات... لذلك عليك أن تكون حريصًا على نقاوة قلبك وفكرك، من كل ما يدخل إليهما عن طريق القراءة والسماع، وأيضًا كل ما تراه وما تفكر فيه. ولتكن كل رغباتك نقية، كما تحرص أيضًا على نقاوة حواسك. 4- مادامت الحواس هي أبواب الفكر، إذن احترس من جهة الحواس التي عملها هو الجولان في الأرض والتمشي فيها. فهي تجول هنا وهناك تجلب للعقل أفكارًا من النظر الطائش غير النقي، ومن السماعات البطالة، ومن كل ما تشمّ وما تلمس.. إن الحواس النقية تجلب للعقل أفكارًا نقية، بينما الحواس الدنسة تجلب أفكارًا دنسة. والحواس الطائشة تجلب أفكارًا طائشة.. وضبط الحواس يساعد بلا شك على ضبط الفكر أيضًا. والذي جاهد حتى حصل على نقاوة الفكر، عليه أن يراقب حواسه، ويدرّبها على الحرص الروحي. 5- والفكر الخاطئ قد يأتي أيضًا من كلام الناس ورواياتهم: فكم من زوج فشل في حياته الزوجية، بسبب ما تصبه أمه أو أخته في أذنيه من جهة زوجته، فتأثر بذلك، ودخلت إلى ذهنه أفكار لم تكن عنده من قبل في فترة الخطوبة أو في الشهور الأولى للزواج. وكذلك كم من زوجة فشلت بسبب نصائح أهلها... إن أفكارًا غريبة قد تأتي لأي شخص، ليست هي منه، ولكنها مع ذلك تستطيع أن تغير طبعه وأسلوبه! لذلك راجع أفكارك باستمرار. ولا تكن تحت تأثير أو سيطرة شخص ما، تجد أنك تعتنق ما يقوله من أفكار بغير فحص!! 6- كذلك قد تأتي الأفكار الخاطئة من الشيطان: يلقيها في ذهن الإنسان، ولو كمجرد اقتراح! وعلى الإنسان أن يميز ليدرك أن هذا الفكر الشرير أو الخاطئ هو من الشيطان.. وإن لم تكن له موهبة الإفراز أو التمييز، عليه أن يستشير من له الموهبة.. ونحب أن نقول هنا إن الشيطان لا يرغم أحدًا على قبول أفكاره. إنما هو يقدّم عروضًا، ويقدمها في إغراء. والإنسان حرّ تمامًا في أن يقبل منه أو لا يقبل... حرب الفكر، والسقوط بالفكر. ليس كل فكر خاطئ يأتي إلى عقل الإنسان يعتبر خطية، مادام هو رافضًا لهذا الفكر، وليس هو السبب فيه. فقد يكون الفكر الخاطئ حربًا من عدو الخير . وهناك فارق بين حرب الفكر والسقوط فيه.. ففي الحرب الروحية قد تلح الأفكار الخاطئة على عقل الإنسان إلحاحًا وبشدة، وربما لفترة قد تطول، وهو رافض لها، ويقاومها بكل ما يستطيع من قدرة. ومع ذلك فالأفكار مستمرة وضاغطة..! أما السقوط بالفكر، فهو قبول الفكر وعدم مقاومته، أو مقاومته بطريقة شكلية ضعيفة، وهى في الحقيقة مستسلمة وراضية! وقبول الفكر الخاطئ يعتبر خيانة لله. لأنه بهذا القبول، يفتح الشخص أبواب قلبه للخطية، ولا يكون قلبه وقتذاك مع الله بل ضده. وفي السقوط بالفكر، يكون الشخص ملتذًا بفكر الخطيئة، أو متعاونًا معه، ينميه ويقويه ويستبقيه، ويكمل عليه... ويكون هو والفكر كيانًا واحدًا، بحيث يصعب التمييز في مجرى التفكير الخاطئ بين الفكر الذي أتى من الخارج كحرب روحية، والفكر الصادر من هذا الإنسان الخاطئ، من قلبه وعقله هو!! وفكر السقوط قد يكون مصدره شهوة أو رغبة... والشهوة والفكر يتبادلون الوضع كسبب ونتيجة. فالفكر الخاطئ تنتج عنه الشهوة. والشهوة ينتج عنها الفكر الخاطئ. وكل منهما يكون سببًا للآخر أو نتيجة له، بحيث يقوّيان بعضهما البعض في خط واحد. وفي هذه الحالة يتعاون الفكر الذي من الخارج، مع الفكر الذي من الداخل... بقى أن أحدثك عن الأمور التي تساعد على السقوط بالفكر، وأيضًا عن بداية الفكر الخاطئ، وكيف يأتي... فإلى اللقاء في العدد المقبل إن أحبت نعمة الرب وعشنا. |
||||
16 - 11 - 2022, 02:58 PM | رقم المشاركة : ( 35 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
قداسة البابا شودة الثالث قساوة القلب قساوة القلب لها اتجاهان: قساوة في التعامل مع الناس، وقساوة في التعامل مع الله. أما القساوة في التعامل مع الله، فهي الرفض المستمر للحياة مع الله ولطاعة وصاياه، وإغلاق القلب تجاه محبته، وعدم الانجذاب نحو إحسانات الله التي يظهرها للإنسان في عديد من المناسبات... أما القسوة في التعامل مع الناس، فمظهرها قسوة المعاملة، والكلمة القاسية، والنظرة القاسية، والعقوبة القاسية، والتوبيخ القاسي. وقد تكون القسوة على الجسد في تعذيبه، أو قد تكون القسوة على النفس في إذلالها وسحقها، والتشهير بها، والعنف في معاملته. والإنسان الخاطئ يقع في هذين النوعين من القساوة. وعكس القوة: الرحمة والحنو والعطف والإشفاق... إن القسوة كثيرًا ما تكون مظهرًا أو نتيجة لكبرياء القلب. وعلى القساة أن يحترسوا، وليخافوا على أنفسهم من قساوة قلوبهم. لئلا يلاقوا نفس المعاملة. وبالكيل الذي به يكيلون، يُكال لهم ويزاد! فإن القسوة مكروهة من الكل. كما كانت قسوة فرعون الذي ما كان يلين مطلقًا ولا يتوب.. أما القلب الطيب، فإنه قريب جدًا من الله، فهو كعجينة لينة في يد الله يشكلّها مثلما يشاء. وعكس ذلك القساة لأن قلوبهم صخرية صلبة، لا تستجيب لعمل النعمة فيها! القلب القاسي -من جهة الحياة الروحية- يعيش في جو من اللامبالاة! كلمة الله لا تترك تأثيرها فيه. فهو لا يتأثر بكلام الروح. بل قد يسخر منه ويتهكم، ويرفض السماع! تصبح وصايا الله ثقيلة عليه، بينما الثقل كله هو في القلب! إنه لا يتأثر إطلاقًا بأي دافع روحي. لا يتأثر بحنان الله، ولا حتى بإنذاراته وعقوباته! ولا يتأثر أيضًا بالأحداث مهما كانت خطيرة! لا يؤثر فيه مرض، ولا موت أحد أحبائه! ولا تؤثر فيه صلاة ولا عظة، ولا كلمة روحية. وكل إحسانات الله إليه، يقابلها بنكران الجميل، أو ينسبها إلى أسباب بشرية! وقساوة القلب تؤدى إلى العناد والمكابرة. والشخص القاسي القلب، قد تشرح له خطأه لمدة ساعات، وكأنك لم تقل شيئًا! إنه لا يعترف بالخطأ، بل يصّر على موقفه. قلبه صخري، لا يلين ولا يستجيب! وبسبب إصراره وعناده وعدم استجابته، تتخلى عنه النعمة، وينحرف إلى الضياع! مثل هذا الإنسان، توبته ليست سهلة الإنسان الرقيق الحساس، دموعه قريبة. أما القاسي فيندر أن تبتل عيناه مهما كانت الأسباب! لأن الدموع دليل على رقة الشعور. أما القاسي فلا رقة في مشاعره، سواء في تعامله مع الله أو مع الناس. قساوة القلب تقود أيضًا إلى الحدة والغضب ... فالشخص القاسي القلب تشتعل مشاعره ضد الآخرين بسرعة، ويحتّد ويثور، ويهدّد وينذر. ولا يحتمل أن يمسّه أحد بكلمة. وفي نفس الوقت لا يراعى شعور الآخرين. فيجرح مشاعر غيره بسهولة وفي لا مبالاة! ولا مانع عنده من أن يهين غيره ويشتمه ولا يبالى بوقع الألفاظ عليه... وهنا يجمع بين أمرين متناقضين: فيكون حساسًا جدًا من جهة المعاملة التي يعامله بها الناس، بينما لا إحساس له! إطلاقًا من جهة تعامله هو مع الآخرين.! فهو، إذا وبخّ غيره -بحق أو بغير حق- يكون كثير التوبيخ وعميقة. وإذا غضب على أحد، يكون طويل الغضب وعنيفة.. في قسوته لا يحتمل أحدًا. ويريد أن يحتمله الكل! وعليهم ألاّ يثوروا بسبب ثورته عليهم، بل يتقبلوها كما لو كانوا يستحقون ما ينالهم منه! وعمومًا، فالقسوة منفرة. ومن يتصف بها يخسر من يتعامل معهم من الناس، ويفشل في حياته الاجتماعية... أسباب قسوة القلب: * ربما من أسباب هذه القسوة، طباع موروثة عن الآباء أو الأمهات.. وهنا قد يسأل البعض: ما ذنب إنسان ورث طبعًا قاسيًا؟ بينما غيره قد وُلد وديعًا، وليس في حاجة إلى بذل مجهود لمقاومة قسوة كالتي وُلد بها غيره.. وهنا نقول إن الطبع يمكن تغييره مهما كان موروثًا.. والذي يبذل جهدًا لتغيير طبعه، تكون مكافأته عند الله أكثر... * من أسباب قسوة القلب أيضًا، الكبرياء التي تدفع الإنسان إلى أن يبالغ في كرامته وعزة نفسه، ووجوب احترام الناس له، بأسلوب يجعله يقسو على كل شخص يظن أنه يمس كرامته بشيء! والكبرياء تجعل القسوة تظهر في ملامحه وفي نظراته، وفي حدة صوته، وفي نوعية ألفاظه، وطريقة معاملاته... * ومما يقسّي القلب أيضًا، تأثير الآخرين: إما بأصدقاء يوحون إليه بمعانٍ جديدة عن القوة والبطولة، أو عن الحرية وما يلزم له من حقوق.. وهكذا يثور على كل سلطة أو رئاسة، سواء في البيت أو في الدراسة. بل قد يثور أيضًا على النظام وعلى القانون! ويرى الرجولة في أن يفرض رأيه! وفى بعض بلاد الغرب: كثير من الشباب -حينما يشعرون بنضوجهم- يرفضون الخضوع لآبائهم بحجة الحرية الشخصية! ويعتبر الشاب أن نصيحة والده له، هي مجرد رأى يمكن أن يأخذ به، أو لا يأخذ! وهكذا يتقسى قلبه من جهة والده. ويصر على أنه هو صاحب القرار، مهما كان قليل الخبرة في الحياة! يلزم إذن أن نربى أولادنا منذ طفولتهم المبكرة، حتى لا تتلفهم أفكار جديدة عليهم، تتلفهم وتقسي قلوبهم، وتدفعهم إلى الجدل في البديهات، والى رفض كل شيء لمجرد الرفض! تلك الأفكار التي تصّور لهم الطاعة ضعفًا، والخضوع خنوعًا، والهدوء خوفًا وجبنًا..!! وفي تقسية قلوبهم، تقلب لهم كل الموازين، فيفرحون بذلك إحساسًا منهم بالوجود وبالشخصية...! وكما تصل إليهم تلك الأفكار من أشخاص، يمكن أن تصل إليهم من بعض الكتب والمطبوعات... وما نقوله عن تأثر الصغار بأفكار غيرهم، يمكن أن نقوله عن الكبار أيضًا! مثال ذلك في محيط الأسرة: زوجة الأب التي تقسى قلب زوجها على أولاده من زوجة سابقة. وتظل تحدثه عن أخطائهم وخطورتها، حتى يثور عليهم ويقسو في معاملتهم..! أو مثل أم تظل تصب في أذن ابنها المتزوج أحاديث عن أخطاء زوجته، أو إهانات هذه الزوجة لها، حتى تتغير معاملته لزوجته ويقسو عليها... فعلى كل إنسان أن يكون حريصًا، ولا يسمح للقسوة أن تزحف إليه من الآخرين، ولا يصدق كل ما يسمعه... |
||||
16 - 11 - 2022, 03:00 PM | رقم المشاركة : ( 36 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
قداسة البابا شودة الثالث الفراغ وأنواعه الفراغ من أنواع كثيرة مثل فراغ الوقت، وفراغ الفكر، والفراغ الروحي، وفراغ الشخصية، والفراغ العاطفي... وسنحاول أن ندرس معًا كل هذه الأنواع بشيء من العناية... فراغ الوقت: هذا الفراغ يتعب من يشعر به. وقد يقوده إلى أخطاء عديدة، إذا أساء الطريقة التي يملأ بها هذا الفراغ.. لذلك عندما خلق الله أبانا آدم، لم يتركه في فراغ، بل أوجد له عملًا يعمله..وحتى الرهبان أصبح العمل جزء من حياتهم، بشرط ألاّ يعطلهم عن روحياتهم..! * إن الفراغ قد يسبب للإنسان لونًا من الملل والضجر. لذلك يهرب منه إلى تسليات تريحه. وقد يخطئ في اختيار نوع هذه التسليات! وربما يلجأ إلى الثرثرة مع الناس، بطريقة يضيع فيها وقته ووقت من يتحدث معهم، وربما يلجأ إلى الملاهي أو المقاهي أو النوادي وما أكثر ما يصادفه هناك من أخطاء! وقد يلجأ البعض إلى المشي، أو ما يسميه البعض بالنزهة، بلا هدف..! أو قد يصب فراغه في الآخرين فيضيع وقتهم، وإضاعة الوقت هكذا في فراغ، هي إضاعة جزء من حياة الإنسان كان يمكن استغلاله فيما يفيده ويفيد غيره! والذي يضيع وقته، لا شك أنه لا يشعر بقيمة حياته، وغالبًا ليس أمامه هدف كبير يسعى إليه! أما الذي يكون له هدف كبير، إنما يستغل كل وقته لتحقيق هذا الهدف. وقد يشعر أحيانًا أنه محتاج إلى وقت ولا يجد.. لذلك عليكم أن تملأوا فراغكم بشيء مفيد، وكذلك فراغ أولادكم. ربما تتضايقون أحيانًا من الضوضاء التي يحدثها الأطفال. وتشبعونهم توبيخًا ولومًا وانتهارًا ودروسًا في الأخلاق!!...وتكثر أوامركم ونواهيكم وتهديداتكم لهؤلاء الأطفال.. وغالبًا ما يكون سبب إشكالاتهم كلها هو الفراغ! ولو أنكم استطعتم أن توجدوا لهم طريقة سليمة يملأون بها هذا الفراغ، لاسترحتم واستراحوا من هذا كله... فكّروا إذن في شغل وقت الفراغ عند أولادكم، بما ينفعهم ويريحكم... وهنا نسأل كيف تقضون وقت فراغكم؟ وهل الطريقة سليمة وتنفعكم؟ اشغل يا أخي وقت فراغك من آجل نموك الروحي، أو الفكري، أو في خدمة الآخرين، أو في أية تسلية غير ضارة، أو في أي عمل محبة نحو الناس وفي افتقادهم... أم وقت فراغك هو وقت ضائع؟! ربما تقضيه إلى جوار الراديو أو التليفزيون الذي أحيانًا لا يأخذ وقت فراغك فقط، إنما يطغى على وقتك كله، حتى الذي يلزم لتأدية مسئولياتك أيضًا!! ولعلكم تجيبون على هذا السؤال. هل معالجتكم لفراغ الوقت أدت بكم إلى فراغ في الروح؟! فراغ الفكر: أحيانًا يؤدي فراغ الوقت إلى فراغ في الفكر أو في التفكير. ويبقى العقل بلا عمل! فيأتي الشيطان ليشغله أو ليشاغله. وكما يقول المثل: "عقل الكسلان معمل للشيطان".! لذلك من الخطورة بمكان الوحدة أو الخلوة التي لا تنشغل بعمل روحي.. فإذا لم يوجد فكر روحي يضبط العقل، فإنه يعيش في فكر خاطئ... إنما مفهوم الوحدة في معناها الروحي أنها خلوة مع الله! فهي ليست فراغًا. * هناك فراغ آخر في الفكر من جهة عدم امتلائه من المعرفة النافعة أو خلوّه منها... فالإنسان الذي لا يدأب على تثقيف نفسه بالمعلومات المفيدة له روحيًا وعمليًا، بالإضافة إلى المعلومات الثقافية العامة اللازمة له، فإن مثل هذا الإنسان يوجد نفسه في فراغ فكري! بحيث إذا تحدث مع غيره، لا ينطق بشيء له عمق أو له فائدة. * من هنا أن تعليم المرأة الريفية أمكن أن يخرجها من هذا الفراغ الذي عاشته في عصور مظلمة. وبهذه المناسبة نود أن نشكر القائمين على فصول محو الأمية في الريف سواء للنساء أو للأطفال أو للكبار. * وكذلك خدمة الكلمة لازمة لإخراج الناس من الفراغ الفكري دينيًا، إلا إذا كان ما يقدم لهم هو فراغ أيضًا!! وذلك لفراغ المعلمين والمتكلمين بسبب إهمالهم في تحضير دروسهم أو مقالاتهم أو عظاتهم. فأصبحوا لا يقدمون للسامعين شيئًا يفيدهم! ومثلهم الذين لا يقدمون إلا معلومات معروفة متكررة لا عمق فيها، ولا جديد ولا تأثير! إنها أيضًا فراغ!! ومثال ذلك أيضًا الذين يقدمون أفكارًا لا روح فيها، بل هي مجرد معارف ومعلومات لا تتصل بالقلب ولا الروح في شيء! بل هي أيضًا فراغ! هذا يقودنا إلى نقطة أخرى من موضوعنا هي الفراغ الروحي. ثم علينا أن نتحدث عن فراغ الشخصية، ثم عن الفراغ العاطفي. فإلى اللقاء في مقال ثان بمشيئة الله، إن أحبت نعمة الرب وعشنا. |
||||
16 - 11 - 2022, 03:05 PM | رقم المشاركة : ( 37 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
قداسة البابا شودة الثالث أسباب العنف 1- من أسباب العنف القسوة في الطباع: فهناك أشخاص قساة في طباعهم. يتعاملون باستمرار بقسوة. فإذا ازدادت حدة القسوة عندهم، فإنها تتحول إلى عنف. وهذه القسوة في الطبع قد ترجع إلى ظروف اجتماعية حادة أدت بهم إلى استخدام القسوة. وربما يكونون قد حصلوا عليها عن طريق الوراثة. 2- وقد يكون السبب في العنف تعب في الأعصاب: وهذا التعب ربما يكون قد نتج عن الإرهاق. والمعروف أن الإنسان في حالة الإرهاق وتعب الأعصاب، لا يكون قادرًا على الاحتمال، فيرد بشدة. وإذا زاد الضغط عليه، يتصرف بعنف... 3- وقد يكون السبب في العنف هو قلة الحيلة. أو إخفاء الضعف بالعنف كما ذكرنا من قبل. 4- وقد يكون سبب العنف هو مرض عصبي أو مرض عقلي: ومعروف أن بعض الأمراض العقلية وكذلك العصبية يصحبها عنف. ولعل من المدرسة الإيطالية علماء يقولون إن كل مجرم هو إنسان مريض. وهكذا يبحثون عن المرض الذي كان دافعًا إلى الجريمة... ولكن ذلك كله لا يمنع أن هناك مجرمين يقومون بأعمال عنفهم وهم في حالة عقلية تامة. وإلا زالت المسئولية عن غالبية الجرائم! 5- وأحيانا يكون الخوف من اكتشاف الجريمة سببًا آخر للعنف: كسارق اقتحم بيتًا لغرض السرقة فقط، وليس القتل في نيته إطلاقًا. ولكنه قد يضطر إلى ذلك إذا ما اكتشف أحد أمره، فيقتله لئلا يخبر عنه. أو كعصابة تقتل -لنفس السبب- بعض الذين يعرفون أسرارها، حتى لو كانوا من أعضائها، خوفًا من أن يكشفوا هذه الأسرار، خيانة منهم، أو حتى ظروف ضاغطة. مثال آخر: شخص يظن أن آخر يتآمر عليه، فيقتله خوفًا من تآمره. 6- وقد يكون سبب العنف: الغرور أو الاعتزاز بالقوة: ففي الغرور يسئ الشخص ما لديه من قوة وإمكانيات. كمن يضرب الآخرين ليشعرهم بأنه أقوى منهم، وأنه يستطيع قهرهم متى أراد. ويحدث هذا أحيانًا مع بعض المراهقين، ومع بعض الطغاة، ومع بعض العصابات في إخضاع أفراد العصابة لسلطة قائدها...! 7- وربما يكون سبب العنف هو الحقد: فالذي يحقد على آخرين، قد ينفس عن حقده بالعنف! كشخص يحقد على آخر ظانًا أنه ينافسه في الميراث، أو أنه يسعى لكي يحل محله في مركزه، فيستخدم معه العنف...! وقد تدفع الغيرة أو الحسد إلى مثل هذا أيضًا... أو قد يكون السبب في العنف هو ردّ العنف بالعنف... 8- وقد يكون سبب العنف هو الاضطهاد الديني: كما قال السيد المسيح لتلاميذه عما سوف يلقونه من مؤامرات اليهود وقسوة الرومان: "تأتى ساعة يظن فيها كل من يقتلكم أنه يقدم خدمة لله"...! وهنا امتزج الاضطهاد بالفهم الخاطئ. ومن أمثلة الفهم الخاطئ الذي يؤدى إلى لون آخر من الاضطهاد أو من العنف: من يقتل وفي مفهومه أنه يمحو عارًا للأسرة، أو أنه ينتقم لدمائها... 9- وهناك من يلجأ إلى العنف، ظانًا أنه أسهل الحلول وأسرعها!! وهذا ظن خاطئ، لأن أسهل الحلول ليس هو أفضل الحلول. كما أن العنف له الكثير من ردود الفعل السيئة... أو قد يرى مثل هذا الشخص أن العنف هو الحل الوحيد! وقد يقول لك: هذه الأمور لا يصلح لها إلا العنف!! أو هؤلاء الأشخاص لا ينفع معهم إلا العنف!! وهذا بالطبع تفكير ضيق، لا يريد أن يبحث عن وسائل أخرى! 10- وقد يكون العنف لونًا من السياسة أو الحيلة: وذلك حسبما يقول المثل السائد: "اضرب المربوط فيخاف السائب"! أو حسبما يقال "اضرب الراعي فتشتت الرعية" (أَضْرِبُ الرَّاعِيَ فَتَتَبَدَّدُ خِرَافُ الرَّعِيَّةِ) (إنجيل متى 26: 31)... وهنا لا يكون العنف مقصودًا لذاته إنما لنتائجه. أي هو هنا مجرد وسيلة لغاية... وهذا يقودنا إلى نقطة أخرى وهى: 11- العنف الظاهري: وليس هو عنفًا حقيقيًا... ومثاله: الأب الذي يتظاهر بالغضب، وبالرغبة في استخدام العنف، وذلك لكي يقود ابنه إلى الطاعة وحسن السلوك. أو مثال رئيس العمل الذي يهدد بعقوبة عنيفة لا ينوى مطلقًا أن يفرضها. وذلك لتخويف مرؤوسيه حتى يسلكوا كما ينبغي... 12- العنف المشترك: ومثال: شخص ليس في طبعه العنف. ولكنه قد يسلك بالعنف في وسط أصدقائه العنفاء، فيشترك معهم في عنفهم، أو يستخدم عنفاء لكي يوصلوه إلى غرضه، على اعتبار أن العنف يكون غير مباشر بالنسبة إليه! العنف الخاطئ والعنف السليم: لا نستطيع أن نسمى كل عنف خطيئة. فهناك مواقف يلزم لها العنف، مثل معاقبة الخطاة المستهترين أو المستبيحين، أو الذين يهددون المجتمع بجرائم تحطمه أو تحطم تراثه وقيمه... ومن أمثلة ذلك عقوبة الإعدام للقاتل ومن يرتكب جريمة مماثلة. والله نفسه -تبارك اسمه- عاقب على مجرى التاريخ بعقوبات عنيفة، كالطوفان مثلًا... وهناك جرائم -إذا لم تؤخذ بعنف- قد يستهتر مرتكبوها فيكررونها، أو يكونون قدوة سيئة لغيرهم. أما إذا ما عولجت بحزم وحسم وبسرعة، فإن المجتمع يتنقى ويتطهر وهنا يكون العنف فضيلة يقوم بها كل من هم في مسئولية، واضعين أمامهم أن الحق العام لا تساهل فيه، وأن المجتمع يحتاج إلى صيانة، حتى لا يعبث فيه كل من نامت ضمائرهم، وحتى لا يأكل فيه القوى الضعيف... العنف والإيذاء إننا نرفض العنف في كل صوره، لأنه سلوك غير روحي، كما أنه يشمل الكثير من الأخطاء، مما سنذكره الآن: * إنه خطيئة مركبة ومنفرة. لذلك فهو مكروه من الكل، ولا يقبله سوى مقترفيه. والذي يتصف بالعنف، لا يستطيع أن يربح أحدًا من الناس. وسنحاول أن نحلل العنف، لنرى ما بداخله من الخطايا... * العنف دليل على قسوة القلب. فالذي يؤذى أو يقتل بعضًا من الناس، هو بالضرورة إنسان قاس. أما القلب الرقيق فلا يمكن أن يكون عنيفًا. بل تكون تصرفاته رقيقة، وألفاظه أيضًا رقيقة ومنتقاة، لا يسمح لنفسه أن يخدش شعور أحد. وبالتالي يبعد عن الإيذاء، الذي لا يناسب طبعه. * وبالتالي فإن العنف ضد فضيلة الوداعة وفضيلة الهدوء. * والعنف أيضًا ضد فضيلة المحبة. لأن الإنسان الروحي يعالج كل المشاكل بالحب وليس بالعنف. أما الإنسان العنيف، فلا شك أن في قلبه كراهية دفعته إلى العنف والإيذاء، وبها يخسر الكل... * والعنف أيضًا خطيئة عدوانية. وإن كانت الحياة الروحية السليمة تبعدنا عن الغضب والنرفزة، فكم بالأكثر إذا تطور الأمر إلى العدوان! * وإذا حاول العنيف تبرير عنفه، تكون موازينه الروحية قد اختلّت! العنف دليل الضعيف: إذا لم يستطع قلب الإنسان أن يتسع بالحب، وإذا لم يتمكن عقله من حل الأمور بحكمة وهدوء، وإذا لم يقدر أن يضبط أعصابه في اتزان، حينئذ يلجأ إلى العنف! ويكون عنفه دليلًا على قلة الحيلة والعجز عن التصرف السليم. حقًا إن غالبية العنفاء ضعاف في حقيقة شخصياتهم، ليست لديهم قوة أعصاب، ولا قوة احتمال، ولا قوة تفكير، وسأضرب لذلك أكثر من مثل: * المدرس الذي يلجأ إلى العنف مع تلاميذه، هو مدرس ضعيف: أقصد المدرس الذي لا يستطيع أن يضبط النظام بين تلاميذه، فيثور عليهم، ويضرب هذا، ويطرد ذاك، ويشتم ويعاقب، هو بلا شك إنسان ضعيف. لأنه لو كان قويًا، ما كان يلجأ إلى شيء من هذا. بل يمكنه أن يضبط الفصل بقوة شخصيته، أو بذكائه وجاذبية شرحه، أو بمرحه ولطفه، أو بمحبة تلاميذه له... ولكنه إذ خلا من كل هذه الصفات المحببة، لجأ إلى العنف بدافع من قلة الحيلة. * مثال آخر: هو الأم التي تضرب أطفالها... أم يصيح ابنها، أو يلهو ويجرى ويعبث، ولا تستطيع أن تهدئه، كما لا تستطيع أن تتركه يلعب، فتلجأ إلى العنف: تضرب أو تشتم أو تهدد، أو تخيفه بطريقة ما! كل هذا لأنها لا تملك الخبرة ولا المعرفة بالطرق التربوية وكيفية معاملة الأطفال. ولو عرفت لكسبت طفلها دون اللجوء إلى العنف. لأن العنف هنا يكون وسيلة لتغطية العجز، أو مجرد رد فعل لقلة الحيلة! أو هو تغطية لضعف داخلي، ربما يكون عدم الاحتمال. ذلك لأن الشخص الذكي يستطيع أن يخرج من إشكالاته بسهولة، في حكمة وحسن تصرف. أما الضعيف فيستخدم العنف! أنواع من العنف: 1- أشهر نوع من العنف هو الإيذاء بكل درجاته: ويشمل الضرب، والقتل بأنواعه. وكل ذلك كل أنواع التعذيب الجسدي أو المعنوي كالتخويف، وإثارة الذعر، مما يدخل في العنف العصبي. 2- عنف آخر هو الإرهاب: ويشمل جرائم الخطف للإفراد وللطائرات والسفن، وتفجير السيارات الملغومة، والرسائل الملغمة، وكافة أعمال النسف والتدمير، والتخريب، والذعر. 3- ومن العنف أيضا الحرب وأخطرها الحروب النووية، والتي تستخدم فيها الغازات السامة، والأسلحة الفتاكة والمحرقة، وبخاصة إن ضربت المستشفيات، أو مساكن المدنيين الآمنين، أو دمرت مدنًا بأكملها، وخلّفت مجموعات من المشوهين والمعوقين 4- وهناك عنف على مستوى فردى هو تحطيم المعنويات: ومن أمثلته الزجر الشديد، والتوبيخ القاسي، والتركيز باستمرار على الأخطاء، وتحطيم الشخصية. ويدخل في هذا النوع عنف الإهانة: ويشمل التهكم اللاذع، والازدراء، والتشهير، والتجريح، والقذف، والتجاهل، والمقاطعة، والسب.. وما إلى ذلك من ألوان القتل الأدبي أو المعنوي. وما يصحب ذلك من عبارات التهديد والتخويف. 5- هناك مظهر آخر للعنف هو عنف العتاب: ويشمل العتاب الشديد القاسي، ربما لسبب تافه لا يستحق. وقد يستمر هذا العتاب طويلًا، وبأسلوب يجرح، وربما أمام الآخرين، ويكون مصحوبًا بعصبية، وعلى كل صغيرة وكبيرة، وبه يُفقد الأصدقاء كما قال الشاعر: إذا كنت في كل الأمور معاتبًا صديقك لم تلق الذي لا تعاتبهْ فعش واحدًا أو صِل أخاك فإنه مقارف ذنب مرةً ومجانبهْ إذا أنت لم تشرب مرارًا على القذى ظمئت، وأي الناس تصغو مشاربه 6- هناك نوع آخر من العنف يختلف عن كل ما سبق يمكن أن نسميه بالعنف السلبي. 6- العنف السلبي: مثال ذلك شخص لا يقدر على العنف الإيجابي، فيلجأ إلى العنف السلبي، وهو نوع آخر من الضغط. ومن ذلك الكآبة المستمرة، والبكاء الدائم، والإضراب عن الطعام، والصمت الحزين، والانسحاب... وكلها أنواع من العنف الهادئ الصامت يمثل ضغطًا. وما أكثر استخدام النساء لهذا النوع... 7- عنف الشهوات: وهو نوع من العنف ليس موجهًا ضد الآخر، إنما هو يعمل داخل الإنسان ذاته... فقد توجد شهوات تحارب الإنسان بعنف حتى تدمره تدميرًا، مثل شهوة المخدرات، وشهوات أخرى كالجشع والزنى والكبرياء... والمعروف أن الشهوات لا تستريح حتى تكمل، ثم تستمر. وقد تصحب الشهوات أفكار مدمرة: تلصق بالعقل في إلحاح ولا تفارقه، حتى تحطم صاحبها. لدرجة أن البعض يعالجونها بالمقومات ليستريح من الأفكار. وبعد، إن حديثنا عن العنف لم يتم. بقى أن نتكلم عن أسباب العنف، وعن الفرق بين العنف الخاطئ والعنف السليم. فإلى اللقاء. |
||||
16 - 11 - 2022, 03:08 PM | رقم المشاركة : ( 38 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
قداسة البابا شودة الثالث الكآبة التي هي مرض كل منا ممكن أن يقع في الكآبة لفترة محدده ثم تزول. أما الكآبة المرضية فهي التي تستمر وتطول، ويبدو أنه ليس حدّ لنهايتها..! فيها تضغط الأفكار على الإنسان حتى تحطم كل معنوياته، وتزُيل منه كل بشاشة. فكر الكآبة يلصق بالمريض ولا يفارقه! يكون معه في جلوسه وفي مشيه، في نومه وفي صحوة.. بأفكار سوداء كلها حزن وخوف وقلق، وصور كئيبة أمامه بلا حل ولا رجاء! كآبة تضيّع حياته وروحياته، ونفسيته وعقله، باقتناع داخلي أنه قد ضاع! أسباب الكآبة: * كإنسان مثلًا يظن أن خطاياه لن تُغْفَر. ربما يكون الشيطان هو الذي ألقى في نفسه هذا الفكر، حتى يوقعه في الكآبة ثم اليأس، على اعتبار أنه قد فقد أبديته ولا خلاص له! * أو قد يكون سبب كآبته هو عقدة الذنب. كأن يموت له أب أو ابن، فيشعر انه السبب في موته. ويظل هذا الفكر يتعبه، ويجلب له حزنًا لا ينقطع. ويظل يقول: ربما أكون قد قصرت في حقه، ولولا تقصيري ما مات! ربما لو أحضرت له طبيبًا أكثر شهرة وخبرة، ما مات. ربما لو كان قد سافر إلى الخارج للعلاج... وهكذا تطوف به الأفكار..! * وربما يكون سبب الكآبة هو مرض الشخص بمرض يظن أنه بلا شفاء! أو يتوقع له نتائج خطيرة يصورها له الوهم أو الفكر الأسود.. * وما أكثر الأسباب التي تؤدى إلى الكآبة المرضية، والتي تصيب المريض بحزن لا يتخلص منه، ولا يعطى لنفسه فرصة للشفاء منه! أما عن أعراض الكآبة المرضية: فالمريض بالكآبة يكون ساهمًا باستمرار، كئيب الوجه والملامح، كثير البكاء، كثير الشكوى، يائسًا تطمئنه الأفكار السوداء، بلا رجاء! يظن أنه قد ضيّع أبديته، أو ضيع نفسه ومستقبله أو ضاعت صحته، أو أنه تسبب في ضياع غيره، وأن ما ينتظره هو أسوأ مما هو كائن! وقد تحاول تصحّح له أفكاره، فلا يقبل. فينظر إليك في يأس ويبكى فهذا الذي تقوله قد سبق أن سمعه أو فكّر فيه. وظهر له انه حل بلا جدوى! أو قد يرفض الحديث جملةّ، إذ لا فائدة منه، ويشعر أن من يكلمونه لا يحسون به! * وهناك نوع عكسي، يريد أن يحكى عن متاعبه، لكي يجد حلًا . ومشكلة هذا الشخص انه إما لا يجد حلًا، فتزداد كآبته. أو يجد الشخص الذي يستريح إليه، فيظل يتردد عليه كثيرًا. وفي كل مرة يقضى ساعات في الكلام، حتى يهرب منه هذا الشخص المريح! فيُتِعبه هذا الهروب ويرى أنه يفقد القلب الذي أراحه. وفقدانه يزيد كآبته. ومن جهة العلاج، هناك نوعان من المصابين بالكآبة: * نوع يرفض العزاء ويرفض التفاهم * ونوع يتشبث بالفكر. وكلما يخرجونه، يعود إليه. وكلما يشفى، يعود مرة أخرى إلى مرضه كما كان، وربما أزيد! * وربما تخطر عليه فكرة الانتحار لكي يتخلص به من آلامه ومن حزنه. فإما أن ينفذ الفكرة، أو يجدها هي أيضًا بلا فائدة، إن كان يؤمن بالأبدية. أو لأنه يفضل الكآبة على الموت. أو لأنه يحاول أن يحل مشاكله عن طريق الخيال والفكر وأحلام اليقظة... وعمومًا يكون للكآبة تأثيرها السيئ على صحته. من جهة إنهاك الفكر له، فالكآبة تنهك الأعصاب. وأيضًا من جهة التعب النفسي وتأثيره على الجسد. وأيضًا فكرة واحدة محيطة به، لا يعرف كيف يخرج من حصارها له.. انه مرض يتعبه، ويتعب كل الذين حوله، ويتعب طبيبه معه. وأيضًا يتعب مرشدة الروحي، ويحتار كيف يتصرف معه.. إذن ما هو العلاج؟ ينبغي أن يعرف أولًا إن الكآبة ليست حلًا لمشاكله. لقد حدثت له مشكلة حزن بسببها. وكل الناس تحدث لهم مشاكل. فإما أن يجدون حلًا، أو يتركونها إلى الله حلال المشاكل كلها.. أما هذا الشخص فقد اكتأب بسبب كلها، وطال الزمن في اكتئابه حتى تحولت الكآبة بمرضًا، وأصبحت كآبته مشكلة أضخم من المشكلة الأولى التي كانت سببًا في كآبته. ثم ما الذي استفادة من الكآبة على طول مدتها؟! ليس هو سوى الكآبة، بل عرضت على الناس نقصًا فيه ما كانوا يعرفونه من قبل.. ويجب أن يكون أقوى من المشكلة وأقوى من الكآبة. ويحاول أن يتخلص من هذا الجو الذي يعيش فيه. ثم أن هناك علاجًا آخر للكآبة هو المشغولية: فليشغل نفسه باستمرار، ليهرب من هذا الفكر الكئيب الذي يحاربه. لأن مداومة الفكر في المشكلة ترهق أعصابه ونفسيته فليشغل نفسه باستمرار بأي شيئًا يبعد عنه الفكر. والعمل يقدم له فكرًا جديدًا ينشغل به. ويشعره أنه قادر على أنتاج شيء، وقادر على تحمل المسئولية. ولتعرض عليه مشغوليات أو أنشطة معينة يختار منها ما يشاء.. غير أن البعض قد يرفضون العمل أو يهربون منه، لكي يخلو ذهنه مع الأفكار التي هي من أعراض أمراضهم. أما إن قبل المريض العمل والمشغولية، تكون هذه علامة صحية تبشر بقرب الشفاء من مرضه . الموسيقى كعلاج: لا شك أن هناك أنواعًا من الموسيقى لها تأثير قوى على النفس ويمكنها أن تريح وتهدئ، وتبعد الإنسان عن جو الحزن والكآبة، وتنقله إلى أجواء أخرى. ويمكن اختيار قطع الموسيقى التي لا تضر روحيًا، وفي نفس الوقت يكون لها العمق والتأثير، والقدرة على نقل المشاعر المتألمة وفتح أبواب الرجاء له. ولا أظن أن الإنسان المكتئب يرفض الموسيقى. وليس المقصود بالموسيقى أن تكون مصحوبة بالغناء. فهناك موسيقى عميقة لا يصاحبها غناء. إن الموسيقى هي علاج للنفس من الداخل. علاج للمشاعِر والأحاسيس وقد تكون أكثر تأثيرًا من العظات في بعض الأحيان العلاج الكيماوي عن طريق العقاقير: العلاج بالعقاقير قد يكون مقبولًا إذا كان المريض في حالة معينة، أو في حالة نفسيه لا تقبل التفاهم والحوار. فيعطونه العقاقير للتهدئة. وربما تهدئ أعصابه، وتصبح في حالة تسمح بالعلاج النفسي. والعقاقير تُعطى حينما يكون المريض غير محتمل للألم، والأفكار تضغط عليه بطريقة تمنع عنه النوم. فتُعطى العقاقير كمسكنات، ولكي يقدر على النوم. نقول هذا مع معرفتنا بأضرار كثيرة من العقاقير. ولكن في الحالات الصعبة، ربما لا يجد الطبيب علاجًا غيرها في ذلك الوقت. والمريض قد يأخذ العقاقير من مهدئات ومسكنات ومنومات، فيستريح من الفكر الذي يتعبه، وينام ويصحو، وإذا الفكر الذي يتعبه ما زال موجودًا. فيحتاج إلى دفعة أخرى من العقاقير، وتتكرر العملية! وقد لا يأتي العقار بنتيجة فتزاد الكمية المعطاة منه، أو يعطونه عقارًا آخر أشد تأثيرًا، أو يُستبدل العقار بمنوم.. إن العقاقير ربما تكون لعلاج نتائج المرض، وليس لعلاقة الأسباب. وإن أعطوه آخر يجعله ينسى، سيؤثر هذا على قوة الذاكرة والمخ.. إن أسباب الكآبة قد يصلح لها العلاج النفسي بأسلوب أعمق. والمشكلة أن العلاج النفسي يحتاج إلى وقت.. وسأم الطبيب من الإطالة وكثرة الكلام من المريض وتكرار كلامه، قد يجعل النفسي يتوقف. وبعد ذلك قد يحتاج المريض إلى نوع من العلاج الروحي، وليس هذا هو مجاله الآن لأن المقال قد أوشك على الانتهاء... |
||||
16 - 11 - 2022, 03:11 PM | رقم المشاركة : ( 39 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
قداسة البابا شودة الثالث الكآبة المؤقتة والمرضية الكآبة المؤقتة: هي إما كآبة روحية أو كآبة طبيعية أو كآبة خاطئة. وكلها لها وقت محدد، قد يطول أحيانًا وقد يقصر، ثم تزول وتنتهي. وهى غير الكآبة المرضية التي يتدخل فيها الطب، ويصف لها أدوية وعقاقير. وسنتكلم الآن عن الكآبة المؤقتة التي منها: كآبة روحية: وهى مثل كآبة الشخص بسبب خطاياه، مع ندمه وربما يصحبها بصوم. ويصلى طالبًا المغفرة. وتنتهي بالتوبة، وتزول حالما يتأكد من مغفرة خطاياه... ومن هذا النوع أيضًا كآبة الراعي بسبب خطايا رعيته، وكآبة أب على خطية ابنته، وطلبه إلى الرب أن يغفر لها ويُصلح لها أمورها. أما الكآبة الطبيعية: فهي مثل كآبة شخص على وفاة أحد أفراد أسرته أو على وفاة إنسان عزيز عليه. وهى قد تستمر وقتًا حسب قرب هذا المتوفى إلى قلبه. أما الكآبة الخاطئة: فلها أسباب عديدة. وهى أيضًا مؤقتة... من ضمن أسباب الكآبة الخاطئة: 1- كآبة إنسان في قلبه شهوة خاطئة لم يستطع أن يحققها. ولا شك أن ذلك كان في صالحه. ولكنه مع ذلك كان يريد تحقيق ما في قلبه من شهوة مهما كانت خاطئة... 2- هناك كآبة أخرى سببها الحسد والغيرة ومثالها كآبة أي إنسان يشعر أن غيره قد حصل على شيء بينما هو أحق منه به. حتى لو كان هو ليس مستحقًا لشيء، ولكن الغيرة تنهش قلبه وتتعبه 3- وهناك كآبة سببها الفشل: بينما الفشل لا يصلح علاجه بالكآبة، وإنما بمعرفة أسبابه، ومعالجة تلك الأسباب بطريقة ايجابية. أما مجرد الكآبة، فإنها تضيف إلى الفشل مشكلة أخرى -وهى الكآبة- تحتاج إلى حلّ. وتزداد الخطورة في مثل هذه الكآبة إن كان سببها الفشل في ارتكاب خطية! 4- وقد توجد كآبة سببها اليأس مثل ابن مسافر كان يريد أخذ بركة أبية المريض. ولكنه عاد من السفر، فوجد أباه قد مات قبل وصوله. فاكتأب في يأس... 5- وهناك كآبة سببها الضيقات كأن ينحصر بالضيقات، ويبقى فيها حزينًا بلا رجاء. والكآبة التي بلا رجاء هي كآبة خاطئة بلا شك، حتى لو كانت بسبب طبيعي كالبكاء على ميت، أو بسبب روحي كالكآبة بسبب خطية. وكذلك الكآبة بلا رجاء بسبب المشاكل والضيقات. ونصيحتي لك: لا تجمّع مشاكلك وتكوّمها أمامك، وتقف حزينًا، بلا حل، بلا رجاء، بلا اتكال على الله! فهذا كله غير نافع لك، ولا يُوجد لك حلًا. بل إن تجمعّت حولك المشاكل، فرّقها، وضَع الله بينها وبينك، حينئذ يظهر الله بمعونته، وتختفي المشاكل التي هي سبب كآبتك. وثق أن الله عنده حلول كثيرة، وعنده مفاتيح لكل باب مغلق... 6- هناك كآبة أخرى سببها الحساسية الزائدة! إذ قد يوجد شخص حساس جدًا نحو كرامته، أو حساس جدًا نحو حقوقه. يتضايق جدًا لأي سبب، أو لأقل سبب أو بلا سبب! يريد معاملة خاصة، في منتهى الرقة، في منتهى الدقة، في منتهى الحرص! فإن لم يجدها، ونادرًا طبعًا ما يجدها، فحينئذ يكتئب! علاجه أن يترك حساسيته الزائدة هذه ولكن كيف يتركها؟! هذه مشكلة... 7- وقد يأتي الاكتئاب أيضًا للذين لا يعيشون في الواقع، بل يرفضونه! ولا يقبلون غيره سوى بديل خيالي لا يتحقق!! فهم ثائرون على وضعهم. ولكنهم لا يحاولون تغييره بطريقة عملية توصلهم إلى ما يريدون! إنما يكتفون بالثورة، ويبقون حيث هم، في كآبة وفي سخط على كل شيء! وإن أتتهم لحظات سعادة، تكون ببعض أحلام اليقظة التي يعيشون فيها في خيال يتمنونه. ثم يستيقظون من خيالاتهم وأحلامهم، ليجدوا واقعهم كما هو، فيزدادوا سخطا عليه، وتزداد كآبتهم. ونصيحتي لهؤلاء أن يكونوا واقعين. فإما أن يعيشوا في قناعة تسعدهم، راضين بما عندهم، بل شاكرين أيضًا. وإما أن يعملوا على تغيير الواقع بطريقة عملية. ولا يكتفون بالكآبة... 8- قد يأتي الاكتئاب بسبب ضيق الصدر وعدم الاحتمال. فالإنسان الواسع الصدر والقلب يمكنه أن يمرر أشياء كثيرة، تذوب في قلبه الواسع ولا يضيق بها. أما الذين لا يحتملون، فإنهم يصلون إلى الكآبة.. وسعة الفكر يمكنها أن تعالج الكآبة. وبدلًا من الكآبة يفكر في حلّ. والإنسان الذكي إذا أحاطت به مشكلة أو ضيقة، بدلًا من الاكتئاب وإرهاق أعصابه بالمشكلة ومتاعبها، يشغل ذهنه بمحاولة إيجاد حلّ للخروج من المشكلة. فإن وجد الحل يبتهج، وتزول حدة المشكلة. وإن لم يجد الحل، يصبر. والذين لا يستطيع أن يصبر، لا شك أنه ضيق الصدر. وهذا تزداد كآبته، ويكون سببها قلة الحيلة... 9- وقد تحدث الكآبة بسبب حرب خارجية من عدو الخير دون ما سبب ظاهر... يغرس في النفس أسبابًا للضيق ولو يخترعها اختراعًا، أو يكبّر ويضخم في أسباب تافهة لا تدعو إلى الكآبة، أو يحاول أن يلهو بالإنسان كلما يسعد بوضع فيغريه بأوضاع أخرى كأنها أفضل مما هو فيه. فإن وصل إليها، يغريه بغيرها، أو بالرجوع إلى وضعه الأول!! ويوجده في جو من التردد وعدم الثبات يكون سببًا في الكآبة... مثال ذلك ناسك يعيش في حياة الوحدة (التفرد). فيغريه بالخدمة والاشتراك في حل مشاكل الناس وبناء الملكوت. وإن نزل ليخدم يغريه بالعودة جمال الحياة متوحدًا، في التأمل والسكون والصلاة الدائمة، ومتعة الوجود في حضرة الله. وهكذا يجعله مترددًا لا يثبت على حالِ، فيكتئب! 10- الشك أيضًا سبب من أسباب الكآبة وإذا استمر فإنه يحطم النفس، ويجعلها في حالة قلق. سواء كان شكًا في إخلاص صديق، أو في أمانة زوجة وعفتها، أو كان شكًا في الإيمان أو في حفظ الله ومعونته. أو قد يكون الشك في تدابير يدبرها البعض ضد سلامة الإنسان وهو لا يدرى! إن أفكار الشك تخرج من العقل، لكي تُوجد عذابًا للنفس. مثل حالة زوج يشك في عفة زوجته، فيغلق عليها الأبواب والنوافذ، ويتجسس عليها. ويسمح لنفسه أن يفتش خطاباتها وأدراجها، ويحقق معها في كل ما يظنه سببًا للشك. ويجعل حياتها عذابًا، وقد تكون بريئة كل البراءة... حياتها تصبح في جحيم، وحياته أيضًا تصبح في جحيم. وكله بسبب الشك.. بقى أن أحدثك عن الكآبة المرضية وأسبابها وعلاجها، وعن علاج الكآبة بصفة عامة... فإلى اللقاء في العدد المقبل، إن شاء الرب وعشنا. |
||||
16 - 11 - 2022, 03:13 PM | رقم المشاركة : ( 40 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
قداسة البابا شودة الثالث أسباب الشك وعلاجه كلمتكم في مقالنا السابق عن الشك وأنواعه. وأود اليوم أن أحدثكم عن أسباب الشك، وبقدر الإمكان عن علاجه أيضًا... إن أسباب الشك قد تكون داخلية، نابعة من الإنسان نفسه.. وقد يكون للشك أسباب خارجية. وسنحاول أن نتأمل تفاصيل كل هذا، لكيما ندرك المناسب له: 1- قد يكون سبب الشك هو طبيعة الشخص نفسه. كأن يكون بطبيعته شكاكًا، يمكن أن يشك في أي شيء، أو يكون موسوسًا يسهل عليه أن يقع في الشك. ومثل هذا الشخص علاجه صعب جدًا، إذ أنه قد يشك في أي علاج يُقدم له، فلا يقبله!! وقد يكون ضيق التفكير، ليس أمامه سوى الشك. ولو كان واسع الأفق لزال شكه... 2- ومن أمثلة ضيق الأفق: الانحصار في سبب واحد: * فمثلًا شخص أقام حفلة بمناسبة عيد ميلاده، ودعا لحضورها جميع أصدقائه. غير أن واحدًا منهم تغيب، وربما تكون هناك أسباب كثيرة عاقته عن الحضور على الرغم منه. ولكن إذا حصر الداعي تغيب صديقه في سبب واحد حسب تخيله وهو إهمال هذا الصديق ونقص محبته، حينئذ يدخله الشك في إخلاصه. * كذلك إذا تأخر زوج عن موعد عودته إلى منزله في ذات مساء: فإن حصرت زوجته سبب تأخره في افتراض واحد، فحينئذ سيدخلها الشك من جهته! * أو أم تأخرت ابنتها في الرجوع إلى بيتها: فإن انحصرت في تعليل واحد سيء ومخيف، كأن يكون قد حدث لها حادث أصابها بمكروه، أو إن أحدًا خطفها، أو ما شابه ذلك من الأضرار، فلابد ستعصف بها الشكوك وتعيش في قلق وخوف حتى تعود ابنتها، أو قد تشك في إنها سوف تعود!! * لذلك فليكن ذهن الإنسان متسعًا، وليفترض أسبابًا عديدة، حتى يريح نفسه، كما يريح الآخرين من شكوكه. لأن العجيب في أن الذين ينحصرون في سبب واحد، إنما يتحيرون أسوأ الأسباب التي تقلقهم وتشل تفكيرهم...! 3- من أسباب الشك أيضًا تعميم الخطأ: * كإنسانة تعيش في بيت مملوء بالنزاع والشجار، ولها أبٍ قاسٍ يسئ معاملة أمها. فتخاف من الزواج وتتخيل أن كل زوج سيكون في نفس طباع أبيها، وأنه سوف يسئ معاملتها كما كان يفعل أبوها مع أمها!! والخطأ هنا في تعميم القاعدة، بينما ليس كل الأزواج كذلك! وليت هذه الابنة تضع أمامها أمثلة أخرى لأسرات سعيدة... * مثال آخر مشابه، وهو لأسرة أخطأت إحدى بناتها وانحرفت... وللأسف نرى كثيرين يتخوفون من التزوج بإحدى أخواتها الكثيرات، يشكوّن في أن تكون مثل أختها التي انحرفت! كأن عنصر الانحراف قد سرى في الأسرة كلها!! * أو كإنسان خانه أحد أصدقائه. فيشكّ في جميع الأصدقاء (اقرأ مقالًا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات) وإخلاصهم! وربما تكون النتيجة أنه ينطوي على نفسه! ويخشى أن يقول كلمة سرّ لأحد مهما كان قريبًا على قلبه، ويظن أنه سوف يخونه هو أيضًا! * وبنفس تعميم الخطأ، يقول أحدهم: كل شعب البلاد الفلانية بخلاء! أو احترس أن تتزوج واحدة من الشعب الفلاني لأن كل فتياتهم مستهترات! ويكون كل ذلك بسبب حالات فردية لا تشمل الكلّ.. 4- سبب آخر للشك هو البساطة، أو العمق أحيانًا... * الإنسان البسيط يصدق كل شيء، فلا يقع في الشك ولكن ربما بسبب بساطته، يحكى له أحدهم أخبارًا متتابعة عن صديق له يتكلم عنه دائمًا بالسوء، فيصدق تلك الأخبار ويشك في إخلاص صديقه! أو بسبب بساطته، يخدعه البعض من جهة أمور تتعلق بالعقيدة والإيمان، فيوقعه في شكوك..! * ومن الناحية الأخرى نرى المتعمق في تفكيره يصل إلى الشيء وعكسه!! فالعمق في التفكير يقوده إلى العمق في الإيمان فيكتشف زيف الشكوك ويرفضها ولا يقبلها. كما أن التعمق في التفكير قد يقود إلى لون من العقلانية البحتة البعيدة عن الإيمان ويحاول أن يفحص أمورًا أعلى من تفكيره خاصة بالله أو العقيدة. فيقع في شكوك..! 5- وقد يأتي الشك من معاشرة الشكاكين أو من الشائعات: كم أنه بمعاشرة أهل الإيمان يتعمق الإنسان في إيمانه، كذلك بمعاشرة الشكاكين تنتقل إليهم عدوى شكوكهم. فالبعد عن هؤلاء أفضل. وعلى الأقل عدم تصديقهم... كذلك ينتقل الشك عن طريق الشائعات التي كثيرًا ما تكون خاطئة. ولكنها مع ذلك تنتشر وتزداد! فخير لك أنك لا تسمعها. وإن سمعتها لا تصدقها... * ومن مصادر الشك أيضًا قراءة الكتب التي تحوي شكوكًا. فأبعد عن هذه الكتب، وتخيرّ الكتب التي تبني إيمانك، وليست التي تهدمه... 6- من أسباب الشك أيضًا، حروب الشيطان... فهذا هو أسلوب الشيطان باستمرار: أن يغرس أفكار الشك في أذهان الناس في كل شيء: في الله ووجوده، وفي استجابة الله للصلاة، وفي الإيمان عمومًا... وفي العلاقات مع الآخرين.. وذلك لكي يبلبل بها أفكار الناس... فلا تستجب إطلاقا ًلأفكاره. 7- الشك بسبب الوهم: بعض الناس يحاربهم الشك بسبب أوهام لا تتعب غيرهم في شيء. مثال ذلك من يشك في سلامة يومه إذا بدأه بسماع صوت بومة أو صوت غراب أو ما أشبه... وهناك من يحاربه الشك بسبب رقم (13) ويشعر أنه لابد من شرّ وراءه. فيدخله الشك في كل يوم يكون تاريخه (13) أو مضاعفاته! كذلك إن كان رقم بيته (13) أو تليفونه يبدأ بهذا الرقم.. إلخ. وكلها أوهام لا تبنى على أية قاعدة أو عقيدة أو منطق... 8- الشك بسبب العَمَل أو السحر البعض إذا كان في ضيقة لا يعرف لها سببًا، كفتاة كلما يأتيها عريس ينصرف ولا يعود، تشك أن البعض قد عمل لها عملًا (أو سحرًا). وهكذا قد تلجأ إلى المشعوذين بحجة فك العمل، فتقع في أيديهم واستغلالهم!! وما (العَمَل) إلا شيء آخر من الوهم لا وجود له... |
||||
|