25 - 01 - 2013, 09:37 AM | رقم المشاركة : ( 31 ) | |||
..::| مشرفة |::..
|
رد: بحث متكمل عن بولس رسول الأمم
ب- الخدمة فى أسيا الصغرى : بعد أن غادر بولس وسيلا أنطاكية سورية، زارا أولاًكنائس سورية وكليكية ( أع 15 : 41 ). والأرجح أن المؤمنين في تلك الجهات، قد تجددوا بواسطة الشهادة المنبثقة من الكنيسة فى أنطاكية، ولو أنه يحتمل أن البعض منهم قد تجددوا عن طريق خدمة بولس في أثناء وجوده فى طرسوس. وبعد أن أجتازا فى الممرات الجبلية التي تسمى البوابات الكيليكية ، وصلا إلى دربة ولسترة، ومن هناك ذهبا إلى الكنائس الأخرى في أسيا الصغرى، التي تأسست فى خلال رحلته الأولى ( أع 16 : 1 و 4 )، وأعلنا فى كل كنيسة القرار الذي توصل إليه مجمع أورشليم والقضايا التي حكم بها الرسل والمشايخ الذين فى أورشليم لإِزالة التوتر الموجود بين المؤمنين من اليهود والأمم، وبذلك كانا يشددان الكنائس فى الإِيمان المسيحي، كما وأصلاًالكرازة بالإِنجيل، فتجدد كثيرون أيضاًوآمنوا بالرب يسوع المسيح ( أع 16 : 4 و 5 ) .
وفى لسترة وجد الرسول بولس الشاب تيموثأوس ـ الذي كان قد تجدد فى اثناء الرحلة الأولي ـ فطلب منه بولس أن يرافقه وسيلا فى التجوال والخدمة. وكانت جدته لوئيس وأمه أفنيكى يهوديتين متعبدتين، ثم أصبحتا مسيحيتين تشتعلان غيرة وحماسة ( اع 16 : 1و2 تي 1 : 5، 3 : 15 ).أما أبوه فقد كان يونانياً، ويبدو أنه لم يكن مؤمناًلا باله إسرائيل أو بالرب يسوع المسيح. وحيث أن تيموثاوس كان قبل تجديده نصف يهودي، تربى فى أحضان أمه وجدته اليهوديتين المتعبدتين، فكان في نظر الناس مسيحياًيهودياً، اخذه بولس وختنه حتى لا يعثر اليهود بلا داع ( أ ع 16 : 3 ). ومع أن بولس كان يحتج بشدة ضد ختان المتجددين من الأمم، لكنه لم يعترض مطلقاًـ فى ضوء الظروف القائمة ـ على حق المسيحين من اليهود فى ممارسة الختان. ولقد رأى الكثيرون من المفسرين أن ما جاء فى سفر الأعمال ( 16 : 6 ) يدل على أنه بعد زيارتهم للكنائس فى جنوبي أسيا الصغرى، ذهب بولس وسيلا إلى الجزء الشمالي من مقاطعة غلاطية، وهناك أسساًالكنائس التي كتب لها بولس فيما بعد رسالته إلى غلاطية. وقد ظهرت هذه النظرية منذ العصور الأولى عندما تعدلت الحدود السياسية لغلاطية لتضم الأجناس الغالية التي كانت تقيم أساسا فى الشمال، وهكذا فصلوا عنها الأجزاء الجنوبية التي كانت تضم أنطاكية وإيقونية ولسترة ودربة، ولذلك لم يخطر على بال الأباء أن الرسالة إلى غلاطية كتبت إلى الكنائس فى الجنوب والكلمات في اليونانية فى العدد السادس من الأصحاح السادس عشر من سفر الأعمال، ترجح أن الترجمة الصحيحة هى : وبعدما اجتازوا في كورة غلاطية الفريجية ، وبذلك يتحدد مكان الخدمة فى غلاطية الجنوبية وليس في غلاطية الشمالية كما افترضت النظرية المذكورة. |
|||
25 - 01 - 2013, 09:37 AM | رقم المشاركة : ( 32 ) | |||
..::| مشرفة |::..
|
رد: بحث متكمل عن بولس رسول الأمم
ويبدو أن بولس قصد ـ فى بداية رحلته الثانية ـ أن يمد دائرة خدمته إلى المقاطعة الرومانية المزدهرة فى غربي أسيا الصغرى، فبعد أن شدد الكنائس التي تأسست فى أثناء رحلته الأولى، رأى أن يواصل السير غرباً، لكن بطريقة ما، منعهم الروح القدس أن يتكلموا بالكلمة فى أسيا ( أع 16 : 6 )، ففكر فى الذهاب إلى المدن الرومانية الكبيرة على ساحل البحر الأسود فى مقاطعة بيثينية، فلم يدعهم الروح أيضاً( أع 16 : 7 )، فلم يعرفوا إلى أين يذهبون، ولانهم كانوا يعلمون تماماًأن الله قد دعاهم لمواصلة الكرازة للأمم، انحدروا إلى ترواس الواقعة على ساحل بحر ايجة. وفى ترواس ظهرت لبولس رؤيا في الليل رجل مكدوني يطلب إليه ويقول : اعبر إلى مكدونية وأعنا ( أ ع 16: 8و 9 )، وقد قبلا هذا توجيهاًمن الله، ورأوا الاحتمالات الكبيرة للكرازة بالإِنجيل فى المدن الواقعة إلى الغرب من بحر إيجه ( 16 : 10 ). وعند هذه النقطة يتحول ضمير الغائب في القصة إلي ضمير المتكلم ، مما اعتبر دليلاًعلى انضمام لوقا للفريق الكرازي، والذي قد يتضمن أيضاًأن الرب استخدم لوقا ـ بطريقة ما ـ فى الرؤيا المكدونية نفسها.
جـ - التقدم إلى أوروبا : بدأ الفريق خدمته في فيلبي أهم مدن المقاطعة، وكانت كولونية أي مستوطنة رومانية ( أ ع 16 : 11و12 ). ويبدو أنها لم تكن بها جالية يهودية كبيرة، إذ كان على بولس أن يبحث عن المتعبدين لله في يوم السبت، ولم يجد سوى بضع نساء عند نهر. وكان القانون اليهودي ينص على أنه متى وجد عشرة رجال من أرباب البيوتات، فيجب بناء مجمع هناك لدراسة الشريعة، وإذا لم يتيسر ذلك فيجب عقد اجتماعات للعبادة فى الهواء الطلق وبخاصة بجانب النهر. وهنا فتح الله قلب ليديه بباعة الأرجوان للإِنجيل. وبعد أن اعتمدت هي وأهل بيتها، دعتهم إلى بيتها ليتخذوا منه مقراًلهم ( أع 16 : 13 ـ 15 ). ومن هذه البداية الصغيرة، ازدهرت كنيسة فيلبي، التي وجد بولس في أعضائها ما أرضى قلبه فكانت أخف الكنائس عبئاًعليه. |
|||
25 - 01 - 2013, 09:38 AM | رقم المشاركة : ( 33 ) | |||
..::| مشرفة |::..
|
رد: بحث متكمل عن بولس رسول الأمم
ولكن حدث ما اعترض سير الخدمة في فيلبي، وذلك بعد شفاء جارية بها روح عرافة، فاتهم موإليها الرسل بالتدخل فى شئونهم وحرمانهم من مكاسبهم، وبحجة أن أولئك الصعاليك من اليهود الغرباء ينادون بديانة غير شرعية مما يؤدى إلى تعكير السلام وإضعاف سيادة روما، استطاع مواليها إثارة الجماهير والسلطات المحلية ضد بولس وسيلا، وفى الشغب الذي حدث تعرضاًللضرب ثم الُقي بهما فى السجن الداخلي وضبطت أرجهلما فى المقطرة. ونحو نصف الليل كان بولس وسيلا يصليان ويسبحان الله ( أع 16 : 25 ) فحدثت زلزلة زعزعت أساسات السجن وفتحت أبوابه وفكت قيود المسجونين. وعندما رأى السجان تدخل الله بهذه الصورة، آمن وأحسن إلى الرسولين وغسل جراحهما. وفي الصباح أرسل الولاة إلى رجال الشرطة لإِطلاق سراحهما، ولكن بولس وسيلا اصرا على حقوقهما فى ان يطلق سراحهما علناًكما يليق بمواطنين رومانيين. وبعد أن وعظا الكنيسة النإشئة، تركا المدينة كما طلب منهما الولاة ( أع 16 : 16 ـ 40 ).
ويبدو أن لوقا بقي فى مدينة فيلبي، إذ يتحول ضمير المتكلم مرة آخرى إلى ضمير الغائب بعد حادثة هذه الجارية التي كان بها روح عرافة. وبعد أن اجتاز بولس وسيلا في أمفيبوليس وأبولونية، أتيا إلى تسالونيكي واستطاعا الكرازة بالإِنجيل فى المجمع ثلاثة سبوت، وأحرزا بعض النجاح، قبل أن يتمكن اليهود من إثارة الجموع ضدهما وضد مضيفهما ياسون ( أع 17 : 1 ـ 9 ). وقد انصبت كرازتهما على موت المسيح وقبامته حسب النبوات,وأن يسوع الناصري هو المسيح الموعود به ( أع 17 : 3 مع اكو 15 : 3 ـ 5 ). وكانت التهمة الموجهة إليهما هي تعكير السلام وخيانة الدولة ( أع 17 : 6و7 ). وعندما أدرك المؤمنون في تسالونيكى خطورة الموقف ـ قبل أن تصل الأزمة إلى ذروتها ـ أرسلوا بولس وسيلا ليلاًإلى بيرية ( أع 17 : 10). وقد نزل بولس عند رأيهم ورحب بمعونتهم. ولكنا نعرف من رسالته إلى كنيسة تسالونيكي ـ بعد ذلك ببضعة شهور ـ أنه تركهم وهو يخشى على حياتهم وعلى ثباتهم فى الإِيمان ( اتس 2 : 17 ـ 3 : 5 ). |
|||
25 - 01 - 2013, 09:38 AM | رقم المشاركة : ( 34 ) | |||
..::| مشرفة |::..
|
رد: بحث متكمل عن بولس رسول الأمم
وكان اليهود في بيرية أشرف من الذين في تسالونيكي لأنهم اهتموا بفحص صحة دعوى بولس بأن الإِنجيل هو إتمام لأسفار العهد القديم، أكثر من اهتمامهم بالجدل حول أساليبه، أو تأكيد الآخرين على عدم شرعية الإيمان المسيحي. فاستمعوا إليه، وأخذوا في فحص النبوات الكتابية في ضوء ما ينادي به. ونتيجة لذلك آمن بالمسيح الكثيرون من اليهود والأمم ( أ ع 17 : 10 - 12 ). ولكن يهود تسالونيكي جاءوا إلى بيرية وأهاجوا الجموع ضده، فاضطر بولس لمغادرة بيرية أنفسهم لم يكن لهم إلا دور صغير في الاضطهاد، حتى إن سيلا وتيموثأوس استطاعا البقاء ومواصلة الخدمة في المدينة ( أ ع 17 : 13 - 15 )
ويبدو أن ذهاب بولس إلى أثينا في ولاية أخائية، كان القصد الأساسي منه هو الاحتماء من الاضطهاد الذي واجهه في مكدونية. ولكنه بينما كان ينتظر مجىء سيلا وتيموثأوس من الشمال، احتدت روحه فيه إذ رأى المدينة مملوءه أصناماً، ووجد نفسه مضطراًإلى الكرازة بالرب يسوع في المجمع لليهود وللأمم الذين يتقون الله، ولكل من يصادفونه في السوق ( أ ع 17 : 16 و 17 ). لقد كانت كلمة الله فى قلب بولس _ كما كانت في قلب إرميا - ناراً-محرقة في عظامه فلم يستطع الإمساك عنها ( إرميا 20 : 9 ) فقابله بعض أتباع الفلسفتين الأبيكورية والرواقية، وأخذوه - البعض من قبيل المزاح، والبعض عن سخرية -إلى إريوس باغوس(أع17 :18 -21)أيإلى تل بلاد الإله أرسإله الحرب عند اليونان (وهو مارسعند الرومان). وكان أريوس باغوس فى أثينا - في العصر الرومانى - محكمة هامة، كان من بين مسئولياتها العديدة الإشراف على التعليم ومراقبة المحاضرين المتجولين الذين يمرون بأثينا. وقد طلبوا من بولس أن يتكلم أمام هذا المجلس،لفحص الأمر أكثر منه للاستمتاع المحايد. وتحدث بولس للذين كانوا مجتمعين هناك، عن بُطل عبادة الأوثان، وعن استغلان الله في الطبيعة، وعن الدينونة الشاملة، وعن إعلان الله لتدبيره الفدائى شيئاًفشيئاً، وبلوغ ذلك التدبير ذروته في إقامة الله ليسوع المسيح من الأموات ( أ ع 17 : 22 _ 31 ). وينسب البعض هذا الخطاب إلى براعة لوقا,ذاعمين أن كل الخطابات في سفر الأعمال - وبخاصة هذا الخطاب - من إنشاء كاتب سفر الأعمال نفسه، على أساس ما رآه مناسباًللمتكلم في ذلك المقام. ولكننا لا نجد في هذا الخطاب ما يتعارض مطلقاًمع موقف شخص قال عن نفسه : صرت للكل كل شىء لأخلص على كل حال قوماً( 1 كو : 20 _ 22 )، بل بالحري، يبدو أن لوقا إنما يسجل مناسبة فذة، بدأ فيها بولس من موقف سامعيه محأولا أن يقودهم إلى شخص الرب يسوع المسيح. |
|||
25 - 01 - 2013, 09:39 AM | رقم المشاركة : ( 35 ) | |||
..::| مشرفة |::..
|
رد: بحث متكمل عن بولس رسول الأمم
ولم يحصل بولس من حديثه في أثينا إلا على نتائج محدودة، فالسواد الأعظم من أعضاء مجلس أريوس باغوس ، إما استهزأوا به أو أهملوا حديثة، وإن كان واحد منهم، هو ديونيسيوس قد آمن، وكذلك امرأة اسمها دامرس من النساء البارزات في المدينة وآخرون معها. ولكن يبدو أنه لم تتاسس كنيسة فى اثينا فى ذلك الوقت. ويظن البعض أن بولس قد أصابه بعض الإِحباط من هذه النتائج الضئيلة، فأعاد تقييم محاولته الحديث بأسلوب فلسفي لقوم من المثقفين، فتخلى عن هذا الأسلوب مكتفياًبالإِعلان البسيط للإِنجيل ( اكو 1 : 20 ـ 2 : 5 ).
ويبدو ـ على الأرجح ـ أن الرسول أصابته بعض خيبة الأمل لأن عدداًقليلاًجداًمن الأثينويين قد أمنوا بالمسيح نتيجة لخدمته، ولكن يجب الاننسى ان البعض قد استجاب للدعوة ! كما يجب أن نذكر أن بولس ـ فى ذلك الوقت ـ كان فكره منصرفاًإلى حالة المؤمنين في تسالونيكي الذين اضطر لمغادرتهم وهم معرضون للخطر الشديد من الاضطهاد ( اتس 2 : 17 ـ 2 : 5 ) ـ كما حدث ذلك معه مرة أخرى وهو فى ترواس، إذ كان مشغولاًمن جهة كنيسة كورنثوس ( 2كو 2 : 12و 13 ) ، وكذلك لعدم استطاعة الكرازة فى برجة لما حدث من انشقاق داخل فريق الكرازة نفسه ( انظر ماجاء بعاليه عن الرحلة الأولى ). يجب أن ندرك أن مشغولية بولس من جهة المؤمنين في تسالونيكي، كان يمكن أن تعطله ـ إلى حد ما ـ عن استخدام الفرصة التي أتيحت له، استخداماًكاملاً، فهو لم يكن ـ رغم كل شيء ـ سوى بشر، وكبشر وجد أن لعواطفه تأثير على نشاطه الروحي. ويحتمل ـ علاوه على ذلك ـ أنه كان مريضاًفى تلك الفترة لأنه يقول للتسالونيكيين، إنه أراد أن يذهب إليهم مراراًوإنما عاقنا الشيطان ( اتس 2 : 18 ) . وهي عبارة أشبه ما تكون بما ذكره عن الشوكة في الجسد ( انظر 2 كو 12 : 7 ـ 10 ). وبعد أن غادر بولس أثينا، جاء إلى كورنثوس فى ضعف وخوف ورعدة كثيرة ( اكو 2 : 3 ). وفي كورنثوس أقام مع أكيلا وبريسكلا، وهما زوجان يهوديان كان قد طردا حديثاًمن رومية بناء على مرسوم كالوديوس قيصر في 49 م، الذي قضى بطرد جميع اليهود من رومية بسبب ما شجر بينهم من منازعات حول شخص اسمه كريستوس ( المسيح ؟ ). ولا نجانب الصواب إذا قلنا أن أكيلا وبريسكلا كانا ـ على الأرجح ـ مسيحيين قبل مجيئهما إلى كورنثوس، حيث لايذكر شيء مطلقا عن تجديدهما عن طريق كرازة بولس. ومنهما عرف بولس الكثير عن الكنيسة في رومية التي كانا عضوين فيها. وحيث أنهما كانا من صانعي الخيام، انضم إليهما في حرفتهما في خلال أيام الاسبوع لأنه كان يكرز في المجمع كل سبت ( أع 18 : 1 ـ 4 ). |
|||
25 - 01 - 2013, 09:39 AM | رقم المشاركة : ( 36 ) | |||
..::| مشرفة |::..
|
رد: بحث متكمل عن بولس رسول الأمم
وبعد ذلك بقليل، وصل إلى كورنثوس سيلا وتيموثأوس قادمين من مكدونية، ومعهما :
1- تقرير عن الأحوال في الكنيسة في تسالونيكي ( اتس 3 : 6 ). 2- عطية مالية من كنيسة فيلبي ( 2كو 11 : 9، في 4 : 14و15 ). وكانت أخبار مكدونية أفضل مما توقع بولس، وقد عزته كثيراًوشجعته تماما ( اتس 3 : 7 ـ 10 ). كما أخبره سيلا وتيموثاوس عن حملة من الافتراءات ضد بولس صادرة من خارج الكنيسة ( اتس 2 : 3 ـ 6 )، وكذلك عن الحيرة التي أنتابت البعض عن مجىء المسيح ثانية ( اتس 4 : 13 ـ 5 : 11 ). وقد مكنته العطية المالية التي وصلته من فيلبي، من تكريس كل وقته للكرازة بالإِنجيل حيث إن المعنى الحرفي لما جاء في سفر الأعمال ( 18 : 5 ) أن بولس حصر نفسه في الكلمة . وبناء على الأخبار التي وصلته من تسالونيكي، كتب رسالته الأولى إلى تسالونيكي، وفيها يحرضهم على النمو والغيرة والأمانة، ويشجعهم في وجه الاضطهادات المحلية، ويدافع عن نفسه أمام الهجمات المعادية، ويعلمهم عن قداسة الحياة، وعن مجيء الرب، ويحثهم على الثبات والصبر. وبعد ذلك ببضعة أسابيع، إذ علم باستمرار حيرتهم بخصوص مجيء الرب وعلاقة المؤمن بالرجاء المبارك، كتب لهم رسالته الثانية إلى تسالونيكي. وفي هذه الرسالة ذكر لهم مع أن الكنيسة تعيش في تطلع المشتاق إلى مجىء الرب، فإن قريباًليس معناها فوراًولكنها دافع للثبات والإِصرار على المثابرة. وقد كتبت الرسالتان إلى تسالونيكي فيما بين 50 ـ 51 م تقريباً وقد سار بولس في كرازته في كورنثوس على النهج المعتاد، فبدأ بالكرازة في المجمع، ثم توجه إلى الأمم مبإشرة. فبعد أن رفضه اليهود، أقام في بيت رجل اسمه تيطس يوستس، كان بيته ملاصقاًللمجمع ( أع 18 : 5 ـ 7 ). وكان من أوائل من أمنوا في كورنثوس كريسبس رئيس المجمع، ثم تبعه عدد كبير من المدينة، فآمنوا واعتمدوا ( أع 18 : 8، اكو 1 : 14 )، وإن كان بولس لم يعمد إلا القليلين منهم ( اكو 1 : 14 ـ 16 ). وعندما تعين غاليون والياًعلى أخائية قام اليهود بنفس واحدة على بولس وأتوا به إلى كرسي الولاية، قائلين إن هذا يستميل الناس ان يعبدوا الله بخلاف الناموس. وكانوا يقصدون بذلك إن إنجيل بولس يناقض القانون الروماني الذي سمح باعتناق ديانة واحدة من الديانات المعترف بها من الشعب، وأن الإِنجيل أيضاًكان يناقض ناموس موسى كما يفهمونه. ولم ير غاليون في ذلك سوى منازعات يهودية تافهة، فرفض أن ينظر في الأمر ( أع 18 : 12 ـ 17 ). وهكذا أطلقت يد بولس ليواصل كرازته في كورنثوس، فمكث بالمدينة أكثر من سنة وستة أشهر ( أع 18 : 11 و 18 ). وهناك نقش لاتيني وجد في دلفي، يثبت ـ بلا أدنى شك ـ أن غاليون تعين والياًعلى أخائية في عام 52م، والأرجح أنه بدأ سنتي ولايته في يوليو 51م، وهو ما يتفق مع خدمة بولس في كورنثوس كما يسجلها سفر الأعمال. |
|||
25 - 01 - 2013, 09:39 AM | رقم المشاركة : ( 37 ) | |||
..::| مشرفة |::..
|
رد: بحث متكمل عن بولس رسول الأمم
وعند مغادرته كورنثوس في طريقه إلى سورية، رافقه أكيلا وبريسكلا حتى أفسس، وفي أفسس انفسح المجال أمام بولس ليتكم فى المجمع، ولكنه رأي تأجيل الكرازة في المدينة إلى وقت لاحق، إذ يبدو أ نه كان ما هناك يعجِّل بذهابه إلى أورشليم ( أع 18 : 18 ـ 21 ). وأخيراًوصل إلى قيصرية بعد رحلة بحرية طويلة، ثم ذهب إلى أورشليم ليسلم على الكنيسة هناك، وبعدها ارتحل شمالاًإلى أنطاكية سورية ( أع 18 : 22 ).
الرحلة التبشيرية الثالثة : اتجه بولس ـ أساساًـ فى رحلته التبشيرية الثالثة إلى الخدمة زمناًكافياًفى أفسس، تلك المدينة التي توقع الرسول أن يصل إليها في مستهل رحلته التبشيرية الثانية، والتي كانت تبشر بحصاد طيب للكرازة بالإِنجيل عند زيارته القصيرة لها منذ عام سابق. ويقدم لنا سفر الأعمال ( 18 : 23 ـ 21 : 16 ) موجزاًمختصراًعنها، ولكن يمكننا الحصول على تفصيلات آخري من رسائله. وقد استغرقت هذه الرحلة الثالثة من 53 ـ 58 م تقريباً. أ- خدمة ممتدة في أفسس : بعد أن زار بولس الكنائس في كورة غلاطية وفريجية يشدد جميع التلاميذ ( أع 18 : 23 )، جاء إلى أفسس، وكذلك المدينة تتميز بمصدرين للقوة تعتمد عليهما في حياتها وازدهارها، كان أولهما هو موقعها الممتاز كمركز للتجارة لأن أفسس كانت ميناء هاماًعلى بحر إيجه تربط البلاد الخارجية بالمدن الداخلية في ولاية أسيا الرومانية، ولكن بسبب الرواسب الطينية التي كان يجلبها نهر مياندر إليها، كانت أهمية المدينة كمركز تجارى، قد أخذت في الاضمحلال في أيام الرسول بولس. وقد بذلت جهود كبيرة لتحسين حالة الميناء. وفي 65م. تمت محاولة على نطاق واسع، ولكنها لم تسفر عن شيء ذي قيمة. وكان العامل الثاني في أهيتها هو عبادة أرطامسيس ( ديانا ) الهة الخصب، والتي كان لها عدد كبير من الثدى، وكان هيكلها إحدى عجائب الدنيا السبع. والعلاقة بين أرطاميس أفسس، وأرطاميس اليونانية، يكتنفها الغموض الشديد، فمع أنها فى صفاتهما المميزة كانتا جد مختلفتين، فإن عامة الشعب كثيراًما كانوا يخلطون بينهما. وباضمحلال أهمية أفسس التجارية، اصبح ازدهار المدينة متوقفاًعلى أفواج السياح والحجاج القادمين لزيارة هيكل أرطاميس. وفى زمن الوصول بولس، كان شعب مدينة أفسس ـ رغم ما يحيط بهم من مظاهر الغنى الغابر، الذى كانوا مازالوا يستمتعون ببعض ثماره ـ يدركون الخطر المحدق بمدينتهم كالمركز التجاري والسياسي لأسيا، وبدأ يتزايد اعتمادهم على هيكل أ رطاميس كمورد اقصتادي لهم. وعندما وصل بولس إلى أفسس، وجد اثني عشر رجلاًسبق ان اعتمدوا بمعمودية يوحنا ، وليس ثمه دليل على انهم كانوا مسيحيين حقيقة. وعندما سمعوا إنجيل يسوع المسيح، اعتمدوا باسم الرب يسوع ( أع 19 : 1 ـ 7 ). وهذه القصة ـ بهذا الإِيجاز الشديد ـ تبدو صعبة التفسير، فالأرجح أن أولئك الاثني عشر ( قبل لقائهم مع بولس ) كانوا أعضاء في طائفة ترى في يوحنا المعمدان ذروة إعلانات الله في تلك الحقبة من تاريخ تدبير الفداء،بل لعله كان عندهم معادلاًللمسيا نفسه. وما جاء في إنجيل يوحنا ( 1 : 9 ـ 34، 2 : 22 ـ 3 : 36 ) إنما هو لدحض أي فكر عن أفضلية يوحنا عن يسوع، ولذلك مع التوكيد على رب واحد، إيمان واحد، معمودية واحدة فى الرسالة إلى أفسس ( 4 : 5 )، مما قد يدل على أنه كان هناك حرب يتشبع ليوحنا المعمدان داخل الدوائر المسيحية بين اليهود في أسيا في القرن الأول ( مع افتراض العلاقات الافسسية بين إنجيل يوحنا والرسالة إلى أفسس )، ولابد أنه في وسط مثل هذه الجماعة ـ وبخاصة قبل أن تتبلور الأمور تماماًـ كان يوجد البعض من يوقرون يوحنا المعمدان، مع انتظارهم لمن هو أعظم،بينما كان البعض الآخر لا يذهبون في ولائهم إلى ما وراء يوحنا المعمدان، بل لعله كان في نظرهم اعظم من يسوع. ويبدو أن ابولس كان من الفريق الأول، فالبرغم من أنه كان من جماعة يوحنا المعمدان، وقد تعلم بتدقيق ، كان فى حاجة إلى أن يشرح له أكيلا وبريسكلا طريق الرب بأكثر تدقيق ( أع 18 : 24 ـ 28 ). إلا أنه ـ على ما يبدو ـ لم يكن ضيق الأفق رغم أنه كان عارفاًمعمودية يوحنا فقط لأن معمودية يوحنا كانت تعتبر مقدمة لقبول مسيا الله، وعندما شرح له أكيلا وبريسكلا الأحداث التي تلت معمودية يوحنا، وما تعنيه، بادر بالقبول. ومن العجيب ألا يذكر شيء عن اعتماده باسم المسيح، ولكن من الخطأ الشديد أن نبني رأياًعلى مجرد الصمت. واستغرقت خدمة الرسول في أفسس نحو ثلاث سنوات، وهى مسجلة بكل إيجاز في الأصحاح التاسع عشر من سفر الأعمال. وكم كنا نتمنى معرفة تفصيلات أوسع. لقد ظل بولس يجاهر في المجمع ثلاثة أشهر محاجاًومقنعا في ما يختص بملكوت الله ( أع 19 : 8 )، كان يتحدث إلى من سبق لهم أن رجبوا به ( أع 18 : 19 و 20 ). وكانت مدة خدمته هناك أطول من أي مدة آخرى اتيحت له للكلام في مجمع يهودي. وعندما ثارت في وجهه المعارضة في المجمع، انتقل إلى مدرسة تيرانس حيث واصل كرازته مدة سنتين، وفى تلك الأثناء سمع كلمة الرب يسوع جميع الساكنين فى اسيا من يهود ويونانيين ( أع 19 : 9و 10 )، وهكذا كانت كلمة الرب تنمو وتقوى بشدة مصحوبة باجراء معجزات كثيرة من شفاء مرضى وإخراج أرواح شريرة، ونقض أعمال السحرة ( اع 19 : 11 ـ 20 ). ومن افسس، والأرجح عن طريق من آمنوا على يد بولس، وصل الإِنجيل إلى جميع الساكنين في مقاطعة أسيا وتأسست كنائس في أماكن آخرى ( أع 19 : 10 مع كو 1 : 7، 2 : 1، أنظر أيضاًرسائل إغناطيوس ). وبعد أن أرسل تيموثأوس وأرسطوس إلى مكدونية وأخائية، ليث هو زمانا في أفسس ( أع 19 : 21 و 22 ). وفى ختام خدمته في أفسس، ثار شغب ضده وضد كرازته، لأن الإِنجيل قد جعل الكثيرين يتحولون عن عبادة أرطاميس الوثنية، مما أثر في اقتصاد المدينة باعتبارها مركزاًللحجاج، وكان ديمتريوس ورفقاؤه من صائغي الفضة يكسبون كثيرا من صنع تماثيل صغيرة لأرطاميس لبيعها للحجيج. وعندما بدأت كرازة بولس تؤثر في مكاسبهم، سعوا إلى اثارة الشعب ضد المرسلين المسيحيين، وإنعإش عبادة أرطاميس ( أع 19 : 23 ـ 28 )، فخطفوا غايس وأرسترخس المكدونيين رفيقي بولس، وأخذوهما إلى مسرح المدينة، وظلوا في صراخهم وهنافهم نحو ساعتين قائلين : عظيمة هى أرطاميس الأفسسيين ( أع 19 : 29 ـ 34 ). وأراد اليهود أن يفصلوا أنفسهم عن المسيحيين، فدفعوا بواحد منهم ـ هو اسكندر ـ إلى المشهد لهذا الغرض،ولكن اليهود كانوا بغيضين عند الجماهير الهائجة، مثلهم مثل المسيحيين تماماً، إذ كان اليهود والمسيحييون ينادون بإله غير منظور ويرفضون كل الأوثان، وهكذا رفضت الجموع الاستماع لاسكندر ( أع 19 : 33و 34 ) وأراد بولس أن يدخل في المشهد ليحتج أمام الجموع، ولكن الجموع كانت فى حالة من الهياج راي معه المسيحيون وبعض رجال السلطة المحلية، منعه من ذلك ( أع 19 : 30 و 31 ). وأخيراًاستطاع كاتب المدينة أن يصرف الجمع على أساس أن كرامة المدينة التي يحرصون عليها، لابد أن تتأثر ـ فى نظر روما ـ بهذا الشغب، وأن أي شكوى لديمتريوس والصناع، يجب أن ترفع إلى السلطات الشرعية ( أع 19 : 35 ـ 41 ). وإذ عرف بولس أنه قد تمم خدمته في أفسس، وأن بقاءه بها لابد أن يثير عداوات أشد، قرر أن يذهب هو ومن معه إلى مكدونية ( أع 20 : 1 ). ولا شك في أن لوقا لم يسجل إلا القليل من الأضطهادات التي ثارت في الفترة الأخيرة من خدمة بولس في أفسس. ومع أنه لا دليل على أن الرسول قد تعرض للسجن في خلال هذه المدة بناء على حكم من محكمة شعبية ـ كما يزعم البعض ـ فإن إشاراته، فيما بعد، إلى أحداث أسيا تدل على أنه واجه صعوبات كثيرة سببت له أوجاعاًوجراحاً. ولا شك في أن عبارته : قد حاربت وحوشاًفي أفسس ( اكو 15 : 32 ) ـ التي يحتمل أنها مجرد إستعارة للدلالة على المقاومة العنيفة ( لاحظ العبارة السابقة لها : أموت كل يوم فى العدد 31 ) ـ إنما تدل على فظاعة ما تحمله هناك. والأرجح أيضاًأن إشارته إلى مخاطرة أكيلا وبريسكلا بعنقيهما من أجل حياته ( رومية 16 : 3 )، وقوله بأننا تثقلنا جداًفوق الطاقة حتى أيسنا من الحياة أيضاً( 2كو 1 : 8 ـ 11 )، إنما يشيران إلى وقائع حدثت في أثناء خدمته في أفسس. ب- اتصاله المستمر بالكنائس : كان بولس على اتصال مستمر بالمسيحيين في كورنثوس في أثناء رحلته التبشيرية الثالثة، فبينما كان في أفسس كتب لهم رسالة بخصوص الانفصال عن الخطاة ( اكو 5 : 9 و 10 )، ويرى البعض أن هذه الرسالة لم تصل إلينا أو أن جزءاًمنها موجود في الرسالة الثانية إلى كورنثوس ( 6 : 14 ـ 7 : 1 ). وقد وصله الرد على الرسالة من بعض أعضاء الكنيسة ( اكو 7 : 1 ) طالبين رأيه في أمور تتعلق بالزواج ومشاكله في كورنثوس، والأطعمة التي خصصت أصلاًللأوثان واحتشام المراة فى أثناء العبادة، وممارسة عشاء الرب، والمواهب الروحية. ويحتمل أيضاًأنهم سألوه عن معنى القيامة وطبيعتها. وفى نحو ذلك الوقت، جاءه البعض من كورنثوس ـ يسميهم هو أهل خلوي ( اكو 1 : 11 ) ـ وأخبروه بوجود انقسامات عميقة ومُرَّة داخل الكنيسة. كما أنه علم من الإشاعات المتناثرة ( اكو 5 : 1 ) أنه يوجد بينهم زنى فاحش، كما يوجد بينهم دعاوى منظورة أمام المحاكم العامة. وللإِجابة على كل هذه، كتب الرسول في لهجة شديدة رسالة ثانية، هي التي نسميها الآن الرسالة الأولى إلى أهل كورنثوس. ويبدو أن المشاكل في كنيسة كورنثوس قد أسفرت عن معارضة سلطان بولس ونقد تعليمه، مما اضطر معه إلى القيام بزيارة أليمة لمدينة كورنثوس لمعالجة الأمور في الكنيسة ( 2كو 2 : 1، 12 : 14، 13 : 1 ). ويحيط الغموض بهذه الزيارة التي يتحدث عنها في رسالته الثانية إلى كورنثوس، إذ لم يذكر لوقا شيئاًعنها في سفر الأعمال، ويحتمل ـ أو لا يحتمل ـ أنها الزيارة التي قام بها تيموثاوس وأرسطوس ( أع 19 : 22 )، أو تيطس ( 2 كو 12 : 17 و 18، مع 2 : 13، 7 : 6 و 13 و 14، 8 : 6 و 16 و 23 ). ولكن يبدو أنها لم تكن زيارة ناجحة تماماً، بل كانت زيارة محزنة، فقد ظل الرسول يوجه إليهم التوبيخ، فقد اتهمه معارضوه بأنه في الحضرة ذليل وأما في الغيبة فمتجاسر ( 2كو 10 : 1 )، كما قالوا إن الرسائل ثقيلة وقوية وأما حضور الجسد فضعيف والكلام حقير ( 2كو 10 : 10 ). ثم غادر بولس أفسس متوجهاًشمالاًإلى ترواس، ولكن لم تكن له راحة في نفسه من جهة الأحوال في كورنثوس، ولأنه لم يجد تيطس في انتظاره هناك، حيث كان يرجو أن يعرف منه الأحوال في كورنتوس، فخرج إلى مكدونية دون أن يواصل الشهادة في ترواس ( 2 كو 2 : 12 و 13 ). وفي مكدونية ( وعلى الأرجح في مدينة فيلبي ) تسلم تقرير تيطس، فأرسل إليهم ـ كرد عاجل ـ الرسالة المعروفة لنا باسم الرسالة الثانية إلى أهل كورنثوس. ويزعم البعض أن الرسالة الصارمة ( 2كو 10 : 13 ) سبقت رسالة المصالحة ( 2 كو 1 ـ 9، بما فيها 6 : 14 ـ 7 : 1 أو بدونها ). ومع أن هذا افتراض ممكن، إلا أنه ليس هناك ما يستلزمه. ومن الأمور التي شغلت بولس فى رحلته التبشيرية الثالثة، الجمع من أجل القديسين المحتاجين فى أورشليم. وقد أوصى كنائس الأمم فى غلاطية وأسيا ومكدونية وأخائية بهذا الخصوص ( رو 15 : 25 ـ 32، 1 كو 16 : 1 ـ 4، 2كو 8، 9 ). لقد كان هذا عملاًعظيماًمن أعمال المحبة، شبيه بما فعلته كنيسة أنطاكية من قبل. ولكن علاوة على ذلك لقد رأى بولس في ذلك العمل رمزاًللوحدة يساعد المؤمنين من الأمم على إدراك أنهم مدينون للكنيسة الأم فى أورشليم، وإعطاء المؤمنين من اليهود صورة عن صدق الإِيمان الموجود في كنائس الامم. وفى أثناء الرحلة التبشيرية الثالثة، كرز بالإِنجيل فى المناطق الغربية حتى الليريكون ( رومية 15 : 19 )، ولا يمكن الجزم بما إذا كان الرسول بولس نفسه قد ذهب إلى هذه المنطقة، أو أن بعض المؤمنين من مكدونية ذهبوا وكرزوا هناك بالإِنجيل. وبعد أن صرف بولس بعض الوقت في كنائس مكدونية، ذهب إلى كورنثوس حيث صرف ثلاثة أشهر ( أع 20 : 2و 3 ). وكنا نتمنى لو عرفنا أكثر عن زيارة هذه الأشهر الثلاثة وعلاقة بولس بالكنيسة هناك وبخاصة بعد رسائله إليها، ولكن سفر الاعمال لا يذكر شيئا من هذه التفصيلات. وكتب الرسول فى أثناء اقامته في كونثوس، وقبيل عودته إلى أورشليم، رسالته إلى الكنيسة فى رومية ( رو 15 : 17 ـ 33 ). لقد تمت الكرازة بالإِنجيل للعالم اليوناني في القسم الشرقي من الأمبراطورية ( رو 15 : 19و23 ). لقد أوقدت النار وأخذت اللهب فى الانتشار، فأراد بولس أن ينقل خدمته إلى العالم اللاتيني فى الغرب حتى أسبانيا ( رو 15 : 24 ). وواضح أنه كان يريد أن يتخذ من كنيسة رومية قاعدة لعملياته، كما كانت الكنيسة فى أنطاكية سورية قاعدة له من قبل. لقد ود في وقت من الأوقات أن يذهب مباشرة من أخائية إلى رومية، ولكن كان عليه أن يحمل هو بنفسه عطايا كنائس الأمم إلى أورشليم، ليكون لها المعنى الكامل الذى أراده لها ( رو 15 : 22 ـ 32 ). لذلك رأى أن يرسل إلى المؤمنين فى رومية ـ الذين لم يسبق له رؤيتهم، ليمهد لزيارته المنتظرة ـ رسالة يتحدث إليهم فيها عن بر الله. ورسالته إلى رومية هى أطول رسائله وأكثرها تنسيقاً، بل هى تفسير شامل للإِنجيل أكثر منها مجرد رسالة، حتى زعم البعض أن بولس قد كتبها في زمن مبكر من خدمته، ونشرها على كنائس الأمم التي اسسها، كنوع من البحث،لإِعطاء صورة موجزة عن رسالته. وعندما أراد توجيهها إلى الكنيسة فى رومية، أضاف إليها العناصر الشخصية في الأصحاحين الخامس عشر والسادس عشر. ويرجع هذا الرأى إلى محاولة تفسير الشكوك التي ساورت الكنيسة الأولى عن علاقة هذين الأصحاحين بباقي الرسالة، وإلى عدم وجود عبارة في رومية ( 1 : 7و15 )، فى بعض المخطوطات الثانوية، ووجود تسبيحتين ختاميتين في هذين الأصحاحين ( 15 : 33، 16 : 27 ). وإذ اكتشفت مكيدة اليهود التي دبروها لقتله وهو على سطح السفينة اليهودية فى طريقة إلى أورشليم، رأى أن يرجع برًّا عن طريق مكدونية ( أع 20 : 3 )، وقد رافقه ممثلون للكنائس : سوباترس البيري، وأرسترخس وسكوندس من تسالونيكي، وغايوس من دربه، وتيموثأوس من لسترة، وتيخيكس وتروفيموس من أهل أسيا ( أع 20 : 4 ) وهكذا كانت المراكز الرئيسية في حقل الخدمة بين الأمم ـ فيما عدا فيلبي وكورنثوس ـ ممثلة في أولئك الرفاق. ويحتمل أن لوقا كان يمثل الكنيسة في كورنثوس كممثل لها ( انظر 1 كو 16 : 4 ) . وقد قضى بولس أيام الفطير في فيلبي، بينما ذهب رفقاؤه ـ من كنائس الأمم ـ إلى ترواس ( أع 20 : 5و6 ). وفى أول الأسبوع إذ كان التلاميذ في ترواس مجتمعين ليكسروا خبزا خاطبهم بولس.. وأطال الكلام إلى نصف الليل حتى تثقل شاب اسمه افتيخوس، بنوم عميق، فسقط من الطبقة الثالثة إلى أسفل وحمل ميتاً، فنزل بولس ووقع عليه واعتنقه.. وأتوا بالفتى حيًّا وتعزوا تعزية ليست بقليلة ( أع 20 : 6 ـ 12 ). وكان بولس يود أن يكون فى أورشليم في يوم الخمسين ( أع 20 : 16 )، ولذلك أراد أن يسرع إلى الإِبحار حول سواحل أسيا الصغرى بدون أن يتوني لزيارة الكنائس التي في طريقه. ومن ميليتس ارسل واستدعى شيوخ أفسس وألقى عليهم خطابه الأخير لتحذيرهم ( أع 20 : 17 ـ 38 ). ومن ميليتس أبحر بولس إلى قبرس ومنها إلى صور ثم إلى بتولمايس ثم سافر براًإلى قيصرية. [/center][/color][/cent |
|||
25 - 01 - 2013, 09:40 AM | رقم المشاركة : ( 38 ) | |||
..::| مشرفة |::..
|
رد: بحث متكمل عن بولس رسول الأمم
وعند مغادرته كورنثوس في طريقه إلى سورية، رافقه أكيلا وبريسكلا حتى أفسس، وفي أفسس انفسح المجال أمام بولس ليتكم فى المجمع، ولكنه رأي تأجيل الكرازة في المدينة إلى وقت لاحق، إذ يبدو أ نه كان ما هناك يعجِّل بذهابه إلى أورشليم ( أع 18 : 18 ـ 21 ). وأخيراًوصل إلى قيصرية بعد رحلة بحرية طويلة، ثم ذهب إلى أورشليم ليسلم على الكنيسة هناك، وبعدها ارتحل شمالاًإلى أنطاكية سورية ( أع 18 : 22 ).
الرحلة التبشيرية الثالثة : اتجه بولس ـ أساساًـ فى رحلته التبشيرية الثالثة إلى الخدمة زمناًكافياًفى أفسس، تلك المدينة التي توقع الرسول أن يصل إليها في مستهل رحلته التبشيرية الثانية، والتي كانت تبشر بحصاد طيب للكرازة بالإِنجيل عند زيارته القصيرة لها منذ عام سابق. ويقدم لنا سفر الأعمال ( 18 : 23 ـ 21 : 16 ) موجزاًمختصراًعنها، ولكن يمكننا الحصول على تفصيلات آخري من رسائله. وقد استغرقت هذه الرحلة الثالثة من 53 ـ 58 م تقريباً. أ- خدمة ممتدة في أفسس : بعد أن زار بولس الكنائس في كورة غلاطية وفريجية يشدد جميع التلاميذ ( أع 18 : 23 )، جاء إلى أفسس، وكذلك المدينة تتميز بمصدرين للقوة تعتمد عليهما في حياتها وازدهارها، كان أولهما هو موقعها الممتاز كمركز للتجارة لأن أفسس كانت ميناء هاماًعلى بحر إيجه تربط البلاد الخارجية بالمدن الداخلية في ولاية أسيا الرومانية، ولكن بسبب الرواسب الطينية التي كان يجلبها نهر مياندر إليها، كانت أهمية المدينة كمركز تجارى، قد أخذت في الاضمحلال في أيام الرسول بولس. وقد بذلت جهود كبيرة لتحسين حالة الميناء. وفي 65م. تمت محاولة على نطاق واسع، ولكنها لم تسفر عن شيء ذي قيمة. وكان العامل الثاني في أهيتها هو عبادة أرطامسيس ( ديانا ) الهة الخصب، والتي كان لها عدد كبير من الثدى، وكان هيكلها إحدى عجائب الدنيا السبع. والعلاقة بين أرطاميس أفسس، وأرطاميس اليونانية، يكتنفها الغموض الشديد، فمع أنها فى صفاتهما المميزة كانتا جد مختلفتين، فإن عامة الشعب كثيراًما كانوا يخلطون بينهما. وباضمحلال أهمية أفسس التجارية، اصبح ازدهار المدينة متوقفاًعلى أفواج السياح والحجاج القادمين لزيارة هيكل أرطاميس. وفى زمن الوصول بولس، كان شعب مدينة أفسس ـ رغم ما يحيط بهم من مظاهر الغنى الغابر، الذى كانوا مازالوا يستمتعون ببعض ثماره ـ يدركون الخطر المحدق بمدينتهم كالمركز التجاري والسياسي لأسيا، وبدأ يتزايد اعتمادهم على هيكل أ رطاميس كمورد اقصتادي لهم. وعندما وصل بولس إلى أفسس، وجد اثني عشر رجلاًسبق ان اعتمدوا بمعمودية يوحنا ، وليس ثمه دليل على انهم كانوا مسيحيين حقيقة. وعندما سمعوا إنجيل يسوع المسيح، اعتمدوا باسم الرب يسوع ( أع 19 : 1 ـ 7 ). وهذه القصة ـ بهذا الإِيجاز الشديد ـ تبدو صعبة التفسير، فالأرجح أن أولئك الاثني عشر ( قبل لقائهم مع بولس ) كانوا أعضاء في طائفة ترى في يوحنا المعمدان ذروة إعلانات الله في تلك الحقبة من تاريخ تدبير الفداء،بل لعله كان عندهم معادلاًللمسيا نفسه. وما جاء في إنجيل يوحنا ( 1 : 9 ـ 34، 2 : 22 ـ 3 : 36 ) إنما هو لدحض أي فكر عن أفضلية يوحنا عن يسوع، ولذلك مع التوكيد على رب واحد، إيمان واحد، معمودية واحدة فى الرسالة إلى أفسس ( 4 : 5 )، مما قد يدل على أنه كان هناك حرب يتشبع ليوحنا المعمدان داخل الدوائر المسيحية بين اليهود في أسيا في القرن الأول ( مع افتراض العلاقات الافسسية بين إنجيل يوحنا والرسالة إلى أفسس )، ولابد أنه في وسط مثل هذه الجماعة ـ وبخاصة قبل أن تتبلور الأمور تماماًـ كان يوجد البعض من يوقرون يوحنا المعمدان، مع انتظارهم لمن هو أعظم،بينما كان البعض الآخر لا يذهبون في ولائهم إلى ما وراء يوحنا المعمدان، بل لعله كان في نظرهم اعظم من يسوع. ويبدو أن ابولس كان من الفريق الأول، فالبرغم من أنه كان من جماعة يوحنا المعمدان، وقد تعلم بتدقيق ، كان فى حاجة إلى أن يشرح له أكيلا وبريسكلا طريق الرب بأكثر تدقيق ( أع 18 : 24 ـ 28 ). إلا أنه ـ على ما يبدو ـ لم يكن ضيق الأفق رغم أنه كان عارفاًمعمودية يوحنا فقط لأن معمودية يوحنا كانت تعتبر مقدمة لقبول مسيا الله، وعندما شرح له أكيلا وبريسكلا الأحداث التي تلت معمودية يوحنا، وما تعنيه، بادر بالقبول. ومن العجيب ألا يذكر شيء عن اعتماده باسم المسيح، ولكن من الخطأ الشديد أن نبني رأياًعلى مجرد الصمت. واستغرقت خدمة الرسول في أفسس نحو ثلاث سنوات، وهى مسجلة بكل إيجاز في الأصحاح التاسع عشر من سفر الأعمال. وكم كنا نتمنى معرفة تفصيلات أوسع. لقد ظل بولس يجاهر في المجمع ثلاثة أشهر محاجاًومقنعا في ما يختص بملكوت الله ( أع 19 : 8 )، كان يتحدث إلى من سبق لهم أن رجبوا به ( أع 18 : 19 و 20 ). وكانت مدة خدمته هناك أطول من أي مدة آخرى اتيحت له للكلام في مجمع يهودي. وعندما ثارت في وجهه المعارضة في المجمع، انتقل إلى مدرسة تيرانس حيث واصل كرازته مدة سنتين، وفى تلك الأثناء سمع كلمة الرب يسوع جميع الساكنين فى اسيا من يهود ويونانيين ( أع 19 : 9و 10 )، وهكذا كانت كلمة الرب تنمو وتقوى بشدة مصحوبة باجراء معجزات كثيرة من شفاء مرضى وإخراج أرواح شريرة، ونقض أعمال السحرة ( اع 19 : 11 ـ 20 ). ومن افسس، والأرجح عن طريق من آمنوا على يد بولس، وصل الإِنجيل إلى جميع الساكنين في مقاطعة أسيا وتأسست كنائس في أماكن آخرى ( أع 19 : 10 مع كو 1 : 7، 2 : 1، أنظر أيضاًرسائل إغناطيوس ). وبعد أن أرسل تيموثأوس وأرسطوس إلى مكدونية وأخائية، ليث هو زمانا في أفسس ( أع 19 : 21 و 22 ). وفى ختام خدمته في أفسس، ثار شغب ضده وضد كرازته، لأن الإِنجيل قد جعل الكثيرين يتحولون عن عبادة أرطاميس الوثنية، مما أثر في اقتصاد المدينة باعتبارها مركزاًللحجاج، وكان ديمتريوس ورفقاؤه من صائغي الفضة يكسبون كثيرا من صنع تماثيل صغيرة لأرطاميس لبيعها للحجيج. وعندما بدأت كرازة بولس تؤثر في مكاسبهم، سعوا إلى اثارة الشعب ضد المرسلين المسيحيين، وإنعإش عبادة أرطاميس ( أع 19 : 23 ـ 28 )، فخطفوا غايس وأرسترخس المكدونيين رفيقي بولس، وأخذوهما إلى مسرح المدينة، وظلوا في صراخهم وهنافهم نحو ساعتين قائلين : عظيمة هى أرطاميس الأفسسيين ( أع 19 : 29 ـ 34 ). وأراد اليهود أن يفصلوا أنفسهم عن المسيحيين، فدفعوا بواحد منهم ـ هو اسكندر ـ إلى المشهد لهذا الغرض،ولكن اليهود كانوا بغيضين عند الجماهير الهائجة، مثلهم مثل المسيحيين تماماً، إذ كان اليهود والمسيحييون ينادون بإله غير منظور ويرفضون كل الأوثان، وهكذا رفضت الجموع الاستماع لاسكندر ( أع 19 : 33و 34 ) وأراد بولس أن يدخل في المشهد ليحتج أمام الجموع، ولكن الجموع كانت فى حالة من الهياج راي معه المسيحيون وبعض رجال السلطة المحلية، منعه من ذلك ( أع 19 : 30 و 31 ). وأخيراًاستطاع كاتب المدينة أن يصرف الجمع على أساس أن كرامة المدينة التي يحرصون عليها، لابد أن تتأثر ـ فى نظر روما ـ بهذا الشغب، وأن أي شكوى لديمتريوس والصناع، يجب أن ترفع إلى السلطات الشرعية ( أع 19 : 35 ـ 41 ). وإذ عرف بولس أنه قد تمم خدمته في أفسس، وأن بقاءه بها لابد أن يثير عداوات أشد، قرر أن يذهب هو ومن معه إلى مكدونية ( أع 20 : 1 ). ولا شك في أن لوقا لم يسجل إلا القليل من الأضطهادات التي ثارت في الفترة الأخيرة من خدمة بولس في أفسس. ومع أنه لا دليل على أن الرسول قد تعرض للسجن في خلال هذه المدة بناء على حكم من محكمة شعبية ـ كما يزعم البعض ـ فإن إشاراته، فيما بعد، إلى أحداث أسيا تدل على أنه واجه صعوبات كثيرة سببت له أوجاعاًوجراحاً. ولا شك في أن عبارته : قد حاربت وحوشاًفي أفسس ( اكو 15 : 32 ) ـ التي يحتمل أنها مجرد إستعارة للدلالة على المقاومة العنيفة ( لاحظ العبارة السابقة لها : أموت كل يوم فى العدد 31 ) ـ إنما تدل على فظاعة ما تحمله هناك. والأرجح أيضاًأن إشارته إلى مخاطرة أكيلا وبريسكلا بعنقيهما من أجل حياته ( رومية 16 : 3 )، وقوله بأننا تثقلنا جداًفوق الطاقة حتى أيسنا من الحياة أيضاً( 2كو 1 : 8 ـ 11 )، إنما يشيران إلى وقائع حدثت في أثناء خدمته في أفسس. ب- اتصاله المستمر بالكنائس : كان بولس على اتصال مستمر بالمسيحيين في كورنثوس في أثناء رحلته التبشيرية الثالثة، فبينما كان في أفسس كتب لهم رسالة بخصوص الانفصال عن الخطاة ( اكو 5 : 9 و 10 )، ويرى البعض أن هذه الرسالة لم تصل إلينا أو أن جزءاًمنها موجود في الرسالة الثانية إلى كورنثوس ( 6 : 14 ـ 7 : 1 ). وقد وصله الرد على الرسالة من بعض أعضاء الكنيسة ( اكو 7 : 1 ) طالبين رأيه في أمور تتعلق بالزواج ومشاكله في كورنثوس، والأطعمة التي خصصت أصلاًللأوثان واحتشام المراة فى أثناء العبادة، وممارسة عشاء الرب، والمواهب الروحية. ويحتمل أيضاًأنهم سألوه عن معنى القيامة وطبيعتها. وفى نحو ذلك الوقت، جاءه البعض من كورنثوس ـ يسميهم هو أهل خلوي ( اكو 1 : 11 ) ـ وأخبروه بوجود انقسامات عميقة ومُرَّة داخل الكنيسة. كما أنه علم من الإشاعات المتناثرة ( اكو 5 : 1 ) أنه يوجد بينهم زنى فاحش، كما يوجد بينهم دعاوى منظورة أمام المحاكم العامة. وللإِجابة على كل هذه، كتب الرسول في لهجة شديدة رسالة ثانية، هي التي نسميها الآن الرسالة الأولى إلى أهل كورنثوس. ويبدو أن المشاكل في كنيسة كورنثوس قد أسفرت عن معارضة سلطان بولس ونقد تعليمه، مما اضطر معه إلى القيام بزيارة أليمة لمدينة كورنثوس لمعالجة الأمور في الكنيسة ( 2كو 2 : 1، 12 : 14، 13 : 1 ). ويحيط الغموض بهذه الزيارة التي يتحدث عنها في رسالته الثانية إلى كورنثوس، إذ لم يذكر لوقا شيئاًعنها في سفر الأعمال، ويحتمل ـ أو لا يحتمل ـ أنها الزيارة التي قام بها تيموثاوس وأرسطوس ( أع 19 : 22 )، أو تيطس ( 2 كو 12 : 17 و 18، مع 2 : 13، 7 : 6 و 13 و 14، 8 : 6 و 16 و 23 ). ولكن يبدو أنها لم تكن زيارة ناجحة تماماً، بل كانت زيارة محزنة، فقد ظل الرسول يوجه إليهم التوبيخ، فقد اتهمه معارضوه بأنه في الحضرة ذليل وأما في الغيبة فمتجاسر ( 2كو 10 : 1 )، كما قالوا إن الرسائل ثقيلة وقوية وأما حضور الجسد فضعيف والكلام حقير ( 2كو 10 : 10 ). ثم غادر بولس أفسس متوجهاًشمالاًإلى ترواس، ولكن لم تكن له راحة في نفسه من جهة الأحوال في كورنثوس، ولأنه لم يجد تيطس في انتظاره هناك، حيث كان يرجو أن يعرف منه الأحوال في كورنتوس، فخرج إلى مكدونية دون أن يواصل الشهادة في ترواس ( 2 كو 2 : 12 و 13 ). وفي مكدونية ( وعلى الأرجح في مدينة فيلبي ) تسلم تقرير تيطس، فأرسل إليهم ـ كرد عاجل ـ الرسالة المعروفة لنا باسم الرسالة الثانية إلى أهل كورنثوس. ويزعم البعض أن الرسالة الصارمة ( 2كو 10 : 13 ) سبقت رسالة المصالحة ( 2 كو 1 ـ 9، بما فيها 6 : 14 ـ 7 : 1 أو بدونها ). ومع أن هذا افتراض ممكن، إلا أنه ليس هناك ما يستلزمه. ومن الأمور التي شغلت بولس فى رحلته التبشيرية الثالثة، الجمع من أجل القديسين المحتاجين فى أورشليم. وقد أوصى كنائس الأمم فى غلاطية وأسيا ومكدونية وأخائية بهذا الخصوص ( رو 15 : 25 ـ 32، 1 كو 16 : 1 ـ 4، 2كو 8، 9 ). لقد كان هذا عملاًعظيماًمن أعمال المحبة، شبيه بما فعلته كنيسة أنطاكية من قبل. ولكن علاوة على ذلك لقد رأى بولس في ذلك العمل رمزاًللوحدة يساعد المؤمنين من الأمم على إدراك أنهم مدينون للكنيسة الأم فى أورشليم، وإعطاء المؤمنين من اليهود صورة عن صدق الإِيمان الموجود في كنائس الامم. وفى أثناء الرحلة التبشيرية الثالثة، كرز بالإِنجيل فى المناطق الغربية حتى الليريكون ( رومية 15 : 19 )، ولا يمكن الجزم بما إذا كان الرسول بولس نفسه قد ذهب إلى هذه المنطقة، أو أن بعض المؤمنين من مكدونية ذهبوا وكرزوا هناك بالإِنجيل. وبعد أن صرف بولس بعض الوقت في كنائس مكدونية، ذهب إلى كورنثوس حيث صرف ثلاثة أشهر ( أع 20 : 2و 3 ). وكنا نتمنى لو عرفنا أكثر عن زيارة هذه الأشهر الثلاثة وعلاقة بولس بالكنيسة هناك وبخاصة بعد رسائله إليها، ولكن سفر الاعمال لا يذكر شيئا من هذه التفصيلات. وكتب الرسول فى أثناء اقامته في كونثوس، وقبيل عودته إلى أورشليم، رسالته إلى الكنيسة فى رومية ( رو 15 : 17 ـ 33 ). لقد تمت الكرازة بالإِنجيل للعالم اليوناني في القسم الشرقي من الأمبراطورية ( رو 15 : 19و23 ). لقد أوقدت النار وأخذت اللهب فى الانتشار، فأراد بولس أن ينقل خدمته إلى العالم اللاتيني فى الغرب حتى أسبانيا ( رو 15 : 24 ). وواضح أنه كان يريد أن يتخذ من كنيسة رومية قاعدة لعملياته، كما كانت الكنيسة فى أنطاكية سورية قاعدة له من قبل. لقد ود في وقت من الأوقات أن يذهب مباشرة من أخائية إلى رومية، ولكن كان عليه أن يحمل هو بنفسه عطايا كنائس الأمم إلى أورشليم، ليكون لها المعنى الكامل الذى أراده لها ( رو 15 : 22 ـ 32 ). لذلك رأى أن يرسل إلى المؤمنين فى رومية ـ الذين لم يسبق له رؤيتهم، ليمهد لزيارته المنتظرة ـ رسالة يتحدث إليهم فيها عن بر الله. ورسالته إلى رومية هى أطول رسائله وأكثرها تنسيقاً، بل هى تفسير شامل للإِنجيل أكثر منها مجرد رسالة، حتى زعم البعض أن بولس قد كتبها في زمن مبكر من خدمته، ونشرها على كنائس الأمم التي اسسها، كنوع من البحث،لإِعطاء صورة موجزة عن رسالته. وعندما أراد توجيهها إلى الكنيسة فى رومية، أضاف إليها العناصر الشخصية في الأصحاحين الخامس عشر والسادس عشر. ويرجع هذا الرأى إلى محاولة تفسير الشكوك التي ساورت الكنيسة الأولى عن علاقة هذين الأصحاحين بباقي الرسالة، وإلى عدم وجود عبارة في رومية ( 1 : 7و15 )، فى بعض المخطوطات الثانوية، ووجود تسبيحتين ختاميتين في هذين الأصحاحين ( 15 : 33، 16 : 27 ). وإذ اكتشفت مكيدة اليهود التي دبروها لقتله وهو على سطح السفينة اليهودية فى طريقة إلى أورشليم، رأى أن يرجع برًّا عن طريق مكدونية ( أع 20 : 3 )، وقد رافقه ممثلون للكنائس : سوباترس البيري، وأرسترخس وسكوندس من تسالونيكي، وغايوس من دربه، وتيموثأوس من لسترة، وتيخيكس وتروفيموس من أهل أسيا ( أع 20 : 4 ) وهكذا كانت المراكز الرئيسية في حقل الخدمة بين الأمم ـ فيما عدا فيلبي وكورنثوس ـ ممثلة في أولئك الرفاق. ويحتمل أن لوقا كان يمثل الكنيسة في كورنثوس كممثل لها ( انظر 1 كو 16 : 4 ) . وقد قضى بولس أيام الفطير في فيلبي، بينما ذهب رفقاؤه ـ من كنائس الأمم ـ إلى ترواس ( أع 20 : 5و6 ). وفى أول الأسبوع إذ كان التلاميذ في ترواس مجتمعين ليكسروا خبزا خاطبهم بولس.. وأطال الكلام إلى نصف الليل حتى تثقل شاب اسمه افتيخوس، بنوم عميق، فسقط من الطبقة الثالثة إلى أسفل وحمل ميتاً، فنزل بولس ووقع عليه واعتنقه.. وأتوا بالفتى حيًّا وتعزوا تعزية ليست بقليلة ( أع 20 : 6 ـ 12 ). وكان بولس يود أن يكون فى أورشليم في يوم الخمسين ( أع 20 : 16 )، ولذلك أراد أن يسرع إلى الإِبحار حول سواحل أسيا الصغرى بدون أن يتوني لزيارة الكنائس التي في طريقه. ومن ميليتس ارسل واستدعى شيوخ أفسس وألقى عليهم خطابه الأخير لتحذيرهم ( أع 20 : 17 ـ 38 ). ومن ميليتس أبحر بولس إلى قبرس ومنها إلى صور ثم إلى بتولمايس ثم سافر براًإلى قيصرية. [/center][/color][/cent |
|||
25 - 01 - 2013, 09:54 AM | رقم المشاركة : ( 39 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: بحث متكمل عن بولس رسول الأمم
بحث رائع جدا
مجهود رائع ربنا يبارك حياتك يا قمر |
||||
25 - 01 - 2013, 10:27 AM | رقم المشاركة : ( 40 ) | |||
..::| مشرفة |::..
|
رد: بحث متكمل عن بولس رسول الأمم
ميرسى مارى شكرا لمرورك الرائع |
|||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
(معلمنا بولس رسول الأمم) 💛 |
صورة بولس رسول الأمم |
نقطة تحول في حياة وبشارة الكنيسة الاولى... بولس رسول الأمم |
بولس رسول الأمم وبطرس رسول الختان |
القديس مار بولس (رسول الأمم). |