10 - 01 - 2014, 04:06 PM | رقم المشاركة : ( 31 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب حياة التواضع والوداعة - قداسة البابا شنودة الثالث
البدعة أو الهرطقة كل الهراطقة والمبتدعين كانوا متكبرين وعنفاء بلا استثناء. ويندر أن يكون أحدهم قد وقع في الهراطقة عن جهل. لأن الجاهل -إن كان متواضعًا- يقبل التصحيح ويقبل تغيير رأيه. أما المتكبر فلا يستطيع. لا يمكنه أن يقول إنه قد أخطأ. وهكذا يستمر في فكره المنحرف، ويدافع عن هذا الفكر، ويحاول أن يجد له إثباتات، أو أن يطوع تفسير آيات الكتاب لرأيه. وبذلك يثبت في أخطائه العقيدية، وتتحول بسبب كبريائه من أخطاء إلي هرطقة.. وربما تقنع الكبرياء إنسانًا أن يأتي بشيء جديد لم يطرقه أحد من قبل، أو لم يكتب فيه الآباء، حتى لو كان غير مألوف أو غير مقبول. وهكذا يقع في البدعة، إذ يبتدع شيئًا جديدًا، ويعجب بنفسه أنه قد أتي بجديد. وربما يري في الجديد شيئًا مشوقًا، فيعمل على نشره منتظرًا أن يجلب لنفسه شهرة ومديحًا كصاحب فكر!! وتقوده البدعة إلي أن "يرتئي فوق ما ينبغي" (رو12: 3). فيتحدث عن أمور ربما لم يتعرض لها الكتاب في صراحة. أنة لم تتعرض لها أقوال الآباء، أو هي فوق إدراكنا.. وفي كبريائه يستحي أن يقول "لا أعرف".. فيبدي رأيه، ثم يحاول أن يثبته. وقد يعتمد على مراجع غير دينية. ولا يشاء أن يقول إن ذلك مجرد رأي، أو أنه مجرد مفهومه الخاص.. وبالكبرياء يحاول أن يقدم رأيه الخاص كأنه عقيدة!! أو أن يعتبر رأيه هو رأي الكنيسة وتعليمها! ويندهش إن سأله أحد "ما هو المرجع الذي اعتمدت عليه؟"، ظانًا في نفسه أنه هو المرجع الذي يعتمد عليه الآخرون! حقًا، إن التكلم في اللاهوتيات يحتاج إلي تواضع قلب وإلي تواضع فكر. والمتكبر يظن أنه يفهم أكثر من غيره. فلا يقبل تصحيح غيره له. لأنه من هو الذي يفهم أكثر منه، حتى يصحح له؟! وهكذا فإن هرطوقيًا مثل أريوس، لم يغير رأيه بتوجيه البابا بطرس خاتم الشهداء، ولا قبل أيضًا توجيه البابا ألكسندروس، ولم يخضع للمجمع المكاني الذي عقده البابا ألكسندروس وحضره مائة أسقف من أساقفة الكرازة المرقسية في مصر وليبيا. ولم يقبل شيئًا من اقناعات القديس أثناسيوس. بل لم يقبل حكم المجمع المسكوني العظيم المنعقد في نيقية والذي حضره 318 من الأساقفة ورؤساء الأساقفة يمثلون كنائس العالم كله. وظل متمسكًا بفكره الخاطئ، لا يعبأ بأسقف ولا ببطريرك ولا بمجمع!! وهذا يدل على خطية أخري هي: |
||||
10 - 01 - 2014, 04:07 PM | رقم المشاركة : ( 32 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب حياة التواضع والوداعة - قداسة البابا شنودة الثالث
العناد | نتائج أخرى للكبرياء المتكبر عنيد. والهرطوقي أيضًا عنيد، والمبتدع عنيد. فإن صادفت إنسانًا عنيدًا، اعرف أن وراء عناده كبرياء. وإن وجدت هرطوقيًا، أعرف أن من أسباب هرطقته العناد والكبرياء. والعناد يدخل في أمور أخري غير اللاهوت والعقيدة. وهو على أية الحالات طبع منفر، كأمه الكبرياء، يقود أيضًا إلي العزلة والانطواء. نتائج أخري: للكبرياء نتائج أخري وعلامات كثيرة. لعل من بينها المجد الباطل، ومحبة المديح والكرامة، والتعالي، والتمركز حول الذات، والتقدم على الآخرين.. وأمور أخري عديدة.. |
||||
10 - 01 - 2014, 04:10 PM | رقم المشاركة : ( 33 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب حياة التواضع والوداعة - قداسة البابا شنودة الثالث
المتكبر يرتفع فيسقط.. والمتكبر دائمًا يبرر ذاته | المتكبر يفقد حياة الوداعة وحياة التوبة..
|
||||
10 - 01 - 2014, 04:11 PM | رقم المشاركة : ( 34 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب حياة التواضع والوداعة - قداسة البابا شنودة الثالث
المتكبر يرتفع فيسقط شرح القديس أوغسطينوس أن المتكبرين يبيدون كالدخان، فقال: الدخان يرتفع جدًا إلي فوق. وفيما هو يرتفع يتبدد وينتهي. بعكس اللهيب الذي لا يرتفع كالدخان، ولكنه يبقي بقوته. وقال هذا القديس في تفسير المزمورين 37، 73. يقول المزمور "رأيت الشرير مرتفعًا إلي فوق، وقائمًا أعلي من أرز لبنان" (مز37: 35). فلنفترض إذن أنه مرتفع إلي أعلي، وأنه متشامخ فوق الباقين. ولكن ماذا بعد هذا؟ يستطرد المرتل فيقول عنه: "عبرت عليه، فإذا هو ليس بموجود. طلبته فما أمكن أن يعثر له على مكان".. تمامًا كما لو كان دخانًا، هذا الذي عبرت عليه. قيل أيضًا عن مثل هذا في المزمور إنه سيفنون ويتبددون مثل الدخان. يقول "فنوا مثل الدخان، فنوا" (مز7: 20).. تمامًا مثل الدخان الذي يتبدد فيما هو يرتفع إلي فوق.. فهو في ذات صعوده إلي اعلي، ينتفخ إلي حجم اكبر. وعلي قدر ما يعظم حجمه، تنحل مادته.. وهكذا تلاحظ أن نفس عظمته كانت قاضية عليه. لأنه كلما ارتفع وامتد غلي أعلي، تزداد رقعته ويخف، ويقل ويضيع ويضمحل. هكذا أعداء الله: عندما يبدأون أن يتمجدوا ويرتفعوا، سريعًا ما يفنون تمامًا كالدخان.." [القديس أوغسطينوس] هنا ونذكر أشخاصا، حينما تعينهم النعمة، ويجدون أن حياتهم قد تغيرت إلي أفضل، يفتخرون قائلين: "حياتي قد تغيرت وتجددت. صرت إنسانا آخر". ويشرحون اختباراتهم للناس، بطريقة "كنت.. وأصبحت.."! وإذ يفتخر الشخص بارتفاعه، تبعد عنه النعمة، فيسقط.. ليته يتذكر قول الكتاب في ذلك: "من يظن انه قائم، فلينظر أن لا يسقط" (1كو 10: 12). إن كنت قائمًا، فلا تظن قيامك وضعًا دائمًا لا يتغير. وتذكر القديسين الذين سقطوا. وهكذا يتضع قلبك، وتحترس لنفسك. إن الاتضاع يحفظك، لأن الرب قريب من المنسحقين بقلوبهم. فالإنسان المتضع: إذ يعترف بضعفه، فإنه يخاف فيحترس ويدقق. وهكذا يبعد عن العثرات فلا يسقط. أما المتكبر فيعتز بقوته ولا يبالي، فتضربه الخطية من حيث لا يدري. إن الشيطان له خبرة آلاف السنين في محاربة بني البشر. وقد يجدك محترسًا من خطية معينة، فلا يحاربك بها. ولكنه يهاجمك من جهة أخري ظننت نفسك فيها قويًا، يسقطك.. وربما لا يحاربك إلي فترة طويلة، حتى تظن أنك قد ارتفعت فوق مستوي الحروب، وتستهين بالاحتراس، .وحينئذ يرجع إليك وأنت غير مستعد في ارتفاع قلبك هذا. وإذا تسقط، تتأكد أنك لست فوق السقوط! لا تظن إذن أن السقوط هو فقط للمبتدئين! وانك لست من المبتدئين! بعد أن قطعت شوطًا في الحياة الروحية. فإنك عندما كنت متضعًا ومحترسًا، كنت تصلي بحرارة طالبًا من الله أن يهبك معونة لكي لا تسقط. أما الآن فأنت لا تصلي لأجل هذه المعونة، بل ربما تطلبها لأجل الآخرين فقط المعرضين وحدهم للسقوط، وليس أنت! وهكذا تبقي بلا معونة فتسقط.. تأمل ماراسحق في عبارة "قبل السقطة تكون الكبرياء" فقال: علي قدر ظهور العظمة في النفس، على قدر ما تكون السقطة، ويكون الانكسار المسموح به من الله. فإن الله لا يرفض الإنسان ويتخلي عنه، إلا إذا وجد عقله متفاوضًا مع أفكار العظمة. فالذين يخرجون عن طريق الاتضاع، يتعرون من المعونات الإلهية ويسقطون.. فالمتعظم بالمعرفة يُهمل، فيسقط في فخاخ الجهل المظلمة. إن داوم الإنسان على الكبرياء، حينئذ يبتعد عنه الملاك المعتني به، الذي إذا ما كان قريبًا منه، حرك فيه الاهتمام بالبر. ولكن بابتعاده عنه، يقترب منه المحتال، ولا يدعه يدرك شيئًا من عمل البر. حقًا، أليس ارتفاع القلب هو سقطة الشيطان.. يقول له سفر حزقيال "قد ارتفع قلبك" (خر28: 1)."أرتفع قلبك لبهجتك. أفسدت حكمتك لأجل بهائك" (حز28: 17). ويقول عنه سفر إشعياء "أنت قلت في قلبك: أصعد إلي السموات. أرفع كرسي فوق كواكب الله.. أصعد فوق مرتفعات السماء. أصير مثل العلي. لكنك انحدرت إلي الهاوية، إلي أسافل الجب" (أش14: 13- 15). لم يقنع بما كان له من مجد، فاشتهي مجدًا أكبر. ففقد ما كان له. وهكذا الإنسان الأول: اشتهي مجد الألوهية، ففقد مجد بشريته! العجيب أن غالبية المتكبرين يدعون أنهم غير متكبرين. وهذا بلا شك من كبريائهم، إذ أنهم على الدوام يبررون ذواتهم. وبهذا يقعون في خطية أخري هي تبرير الذات. |
||||
10 - 01 - 2014, 04:13 PM | رقم المشاركة : ( 35 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب حياة التواضع والوداعة - قداسة البابا شنودة الثالث
المتكبر يبرر ذاته باستمرار يدافع عن نفسه. لا يحب مطلقًا أن يبدو في صورة الخاطئ. هو دائمًا "بار في عيني نفسه". ويريد أيضا أن يكون بارًا في أعين الناس. وإن نبهه أحد إلي خطأ واضح، ربما يحاول أن يغطيه بالكذب أو بالأعذار، بعيدًا عن الاعتراف والتوبة. أبونا آدم لم يعترف بخطيئته، بل حاول أن يبرر ذاته. وهكذا فعلت أيضًا أمنا حواء (تك 3). ونحن ورثنا عنهما تبرير الذات. الخاطئ يضيف إلي خطيئته التي يبررها، خطيئة التبرير. وما أكثر الحيل التي يلجأ إليها المتكبر في تبرير ذاته: منها إلقاء التبعة على غيره، أو على الظروف المحيطة. ومنها الإنكار، أو وإدعاء القصد السليم، أو الناس لم يفهموه على حقيقته. وغير ذلك من الأسباب التي تخرج جميعها عن النطاق الروحي..! ما أصعب كلمة "أخطأت" على المتكبر.. إنها تجرحه.. وقد يقولها أحيانًا إن كانت تجلب له مديحًا! أو إن كانت صورة الاتضاع الزائف ترضي كبرياءه.. ولكنه في داخله لا يشعر إطلاقًا بأنه قد أخطأ. تخرج الكلمة من فمه وليس من قلبه. وقد يقول كلمة "أخطأت" -إن قالها- بلون من السياسة، وليس بروح الاتضاع.. المتكبرون لا يعترفون، وإنما يدينون غيرهم، ليستروا أنفسهم. لابد أن يكون غيرهم هو المخطئ، إذ ليس من المعقول أن يكونوا هم المخطئين! كما لو كانوا معصومين في كل تصرفاتهم! لذلك فالمتكبر كثير الجدل والنقاش لتبرير ذاته. التعامل معه ليس سهلًا. والتفاهم معه ليس سهلًا. التفاهم عنده ليس معناه أن يفهم رأي غيره أو يقبله. إنما تفاهمه مع الغير، معناه أن يقبل هذا الغير رأيه ويقتنع به.. وإن لم يقتنع غيره برأيه، قد يثور ويغضب. ويعالج الموضوع بأعصابه، مادام لم يستطع معالجته بالرأي والفكر والإقناع. لهذا فإن الغضب زميل للكبرياء، يلازمها كثيرًا وتلازمه. وفي كل ذلك يفقد المتكبر وداعته. بعكس الإنسان المتواضع، فإنه إنسان رقيق لطيف وديع، سهل التعامل مع الآخرين. لذلك فهو محبوب من الكل. يخضع لهم بروح الحب فيكسبهم. وإن صادفته مشكلة يحلها بوداعة الحكمة (يع 3: 13). أما المتكبر، فإنه لا يخطئ فقط من الناحية الروحية، بل من الناحية الاجتماعية أيضًا، إذ يفقد محبة الكثيرين بسبب كبريائه. والمتكبر في تبريره لذاته يبعد عن حياة التوبة. لأنه كيف يمكن أن يتوب إنسان، إن كان باستمرار بارًا في عيني نفسه؟! فهل يحتاج الأصحاء إلي طبيب؟! (مت 9: 12). أو كيف يستطيع هذا المتكبر أن يصلح أخطاءه، إن كان باستمرار يبررها؟! وكأنه بلا خطية! أنت لا تترك خطأ من الأخطاء، ما لم تعترف أولًا بينك وبين نفسك أنه خطأ، أما إذا اعتقدت أنك على صواب، فسوف تبقي حيث أنت، لا تغير في نفسك شيئًا.. إن مشكلة العزة بالنفس والكرامة والكبرياء الذاتية، هي التي تعوق الإنسان عن الاعتراف بأخطائه، حتى أمام أب اعترافه! قد يعترف ببعض الخطايا التي لا يخجله ذكرها، ويخفي الباقي، أو يمر عليه مرورًا عابرًا، أو يشير إليه من بعيد، أو يقوله دمجًا، أو يقوله ويبرره.. وقد لا يعترف إطلاقًا، ويتحول اعترافه إلي شكوى ضد غيره. وكأنه أمام أب الاعتراف يعترف بخطايا غيره وليس بخطاياه هو! وفي تبرير الإنسان لذاته، قد يسمي خطاياه بأسماء فضائل! فقد يسمي ما يقع فيه من خبث ومكر ودهاء، بأنه لون من الحكمة! وقد يسمي تدليله الخاطئ لأطفاله بأنه حب وحنان، بينما يسمي قسوته بأنها حزم وتربية، ويسمي إدانته للآخرين وثورته الخاطئة على الأوضاع، بأنها غيرة مقدسة ورغبة في الإصلاح.. وهكذا مع باقي التصرفات.. علي أن أخطر ما في تبرير الذات وما في المكابرة، أن يبدأ المتكبر المخطئ في أن يفلسف أخطاءه ويبررها فكريًا ليقنع الناس بها! وهنا يوجد جوًا من البلبلة الفكرية، حتى يحار البعض أين هو الحق؟! إن تبرير الذات في تصرفاتها هو تبرير سلوكي يتعلق بالشخص نفسه وحده،أما تبريرها فكريًا، فهو يتعلق بالقيم والمبادئ، ويأخذ اتجاهًا عامًا.. لذلك فإن التبرير الفكري للأخطاء له خطورة كبيرة. فإن الحق ليس هو الهدف فيه، وإنما الذات. ويندفع الشخص فيه متأثرًا بعوامل نفسية. المتكبر -في تبريره لذاته- كل ما يهمه هو رأي الناس فيه، ولا يهمه مصير هذه الذات في الأبدية، مركزًا على توقير الناس لها! فهو يدافع عن نفسه، ويدافع عن أفكاره وتصرفاته. ويشرح، وقد يعثر الغير في شرحه. وهو لا يهتم بشيء من ذلك. إنما المهم عنده هو أن تخرج ذاته بريئة سليمة بعيدة عن اللوم. وقد يؤدي تبريره لذاته ودفاعه عنها، إلي اتهام الغير أو تجريحه ولا بأس لديه من ذلك، مادام ذاته هو تصل إلي تبرير يرضيها.. وفي تبرير الذات في أخطائها الفكرية، وقع البعض في البدعة أو في الهرطقة وأصروا على ذلك، إذ منعتهم كبرياؤهم من الاعتراف بالخطأ. في تبرير أخطاء الذات، يفقد المتكبر كل سلطان عليه، ويتولي قيادته روح الكبرياء وعزة النفس. والعجيب أن الذين يبررون ذواتهم، قد يصلون طالبين مغفرة خطاياهم. وهم في داخل أنفسهم لا يرون أنهم خطاة في شيء!! في الحقيقة أن تبرير الذات لا يفيدها، إنما تفيدها التوبة. لأن التوبة تنقي الذات، بينما التبرير يعمل على تغطية الذات مع بقائها في أخطائها. والتوبة تعني كشف الذات ومعرفة أخطائها، وتبكيتها على هذه الأخطاء. ولكن المتكبر للأسف الشديد، ترفض ذاته أن تنكشف وأن تعترف بالخطأ. فيبقي بعيدًا عن التوبة. إن الذي يظن في نفسه أنه شيء، يكبر في عيني نفسه، ويريد أن يكبر في أعين الناس. وربما يكبر في علاقته مع الله، ويقع بذلك في التجديف! كما حدث مع الشيطان وكثير من الملحدين. |
||||
10 - 01 - 2014, 04:15 PM | رقم المشاركة : ( 36 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب حياة التواضع والوداعة - قداسة البابا شنودة الثالث
العجرفة هناك ثلاثة أنواع من العجرفة تصيب المتكبرين.. وهذه هي العجرفة. ويقسمها البعض إلي ثلاثة أنواع: عجرفة علمانية، وعجرفة رهبانية، وعجرفة في العقيدة واللاهوتيات. · العجرفة العلمانية هي أن ينتفخ الإنسان من الداخل. وتظهر الكبرياء في نظراته، وفي مشيته وجلوسه، وفي مظهره الخارجي، وفي أسلوب كلامه.. يمشي في خيلاء وعظمة، ويتخذ مظهرًا ارستقراطيًا في كل تعاملاته.. · أما العجرفة الرهبانية، فتظهر في الافتخار بالصمت والوحدة، ولبس الخيش. كل ذلك من الخارج، دون التدرب في الداخل على نقاوة القلب والفكر وممارسة ثمر الروح (غل5: 22، 23). ومثل هذا الراهب يتعالي على زملائه الرهبان، ويحتقر وينتقد الذين ليسوا في نسكه ووحده. · أما العجرفة في مجال العقيدة واللاهوتيات، فتظهر في الذين يسعون إلي التكلم بألسنة، ويقولون إنها علامة الملء بالروح.. ويتحدثون عن اختباراتهم علنًا ومن فوق المنابر. ويدعون منح الروح القدس بوضع أيديهم على الناس. ويقولون إن الشيطان تحت أقدامهم، يدوسونه بأرجلهم..! · وقد يدعي بعضهم المعرفة اللاهوتية، وأنه يأتي فيها بجديد لم يدركه غيره، فيقع بذلك في البدعة والهرطقة..! العجيب أن كثيرًا من الذين تكبروا، أو غالبية الذين تكبروا، كانوا من الذين قد أحسن الله إليهم، أو وهبهم إحدى المواهب. إنسان يمنحه الله ذكاءً، أو لونًا من الفن، فينتفخ بسبب ذكائه أو فنه. وآخر يمنحه الله طاقة أو قدرة على العمل. فتكبًر ذاته بسبب قدرته. وثالث يمنحه الله غني، فينتفخ بسبب غناه، أو يسمح الله لإنسان أن يتولي منصبًا عاليًا أو وظيفة مرموقة، فيرتفع قلبه بسبب مركزه أو وظيفته.. وإذا به ينظر إلي الناس من فوق، أو يتجاهل أصدقاءه القدامى. أمثال هؤلاء لم يحتملوا كرامة المركز والغني، ولا كرامة الذكاء والطاقة. وكما قال القديس أنطونيوس الكبير في ذلك: هناك من يستطيعون أن يحتملوا الإهانة، ولا يحتملون الكرامة. لأن احتمال الكرامة أصعب من احتمال الإهانة. لأن كثيرين ممن نالوا كرامة، انتفخوا وارتفع قلبهم من الداخل، وفقدوا الاتضاع والوداعة. ومثلهم أيضًا من نالوا مواهب عقلية أو فنية، أو حتى مواهب روحية، دفعهم ذلك إلي الكبرياء أو على الأقل إلي الإعجاب بالنفس! حتى تلاميذ المسيح أنفسهم أدركهم الإعجاب بالنفس، لما خضعت لهم الشياطين بالموهبة التي منحها الرب إياها. وقالوا له وهم فرحون "يا رب، حتى الشياطين تخضع لنا باسمك". فقال لهم "لا تفرحوا بهذا أن الأرواح تخضع لكم. بل افرحوا بالحري أن أسماءكم قد كُتبت في السموات" (لو10: 17، 20). ولأجل هذا قال أحد الأدباء: "إذا منحك الله موهبة، اطلب منه أن يهبك تواضعًا ليحميها. وإلا فليأخذها منك". وذلك حتى لا يرتفع قلبك بسبب الموهبة، فتسقط.. حقًا إن المتواضعين فقط هم الذين يأتمنهم الرب على مواهبه. كما قيل في الكتاب "أما المتواضعون فيعطيهم نعمة" (يع 4: 6) (أم 3: 34). لهذا أختار الرب أكثر العذراوات اتضاعًا لكي يتجسد منها. وتستطيع بتواضعها أن تحتمل هذه الكرامة العظيمة. هذه التي قالت لها القديسة أليصابات "من أين لي هذا، أن تأتي أم ربي إليً؟!" (لو1: 43)،ومع أنها أم الرب، إلا أنها قالت للملاك المبشر لها "هوذا أنا أمة الرب. ليكن لي كقولك" (لو1: 38). حقًا إن القدير "نظر إلي أتضاع أمته" (لو1: 48). وهكذا باتضاعها احتملت حلول الروح عليها وعمله فيها، واحتملت أن تحوي جمر اللاهوت داخلها "واحتملت الرؤى وظهور الملائكة وكل المعجزات التي صاحبت ميلاد الرب منها. ولم تتحدث كثيرًا عن كل تلك الأمجاد. بل قيل عنها إنما كانت تحفظ جميع هذه الأمور في قلبها" (لو2: 51). وهكذا تلاميذ الرب، اختارهم من بين فئات متواضعة: فقيل "اختار الله جُهَّال العالم ليخزي الحكماء. واختار ضعفاء العالم ليخزي الأقوياء. واختار الله أدنياء العالم والمزدري وغير الموجود، ليبطل الموجود. لكي لا يفتخر كل ذي جسد أمامه" (1كو1: 27-29). واختار موسي "الأغلف الشفتين" (خر6: 30)، العارف بضعفه، الذي قال للرب -حينما دعاه- "لست أنا صاحب كلام، منذ أمس ولا من حين كلمت عبدك. بل أنا ثقيل الفم واللسان" (خر4: 10). هذا العاجز عن الكلام، دعاه لكي يكون كليم الله، وصاحب المعجزات! |
||||
10 - 01 - 2014, 04:17 PM | رقم المشاركة : ( 37 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب حياة التواضع والوداعة - قداسة البابا شنودة الثالث
التجارب والمواهب الذين منحهم الرب مواهب، سمح لهم بالتجارب لتحميهم من الكبرياء. · لنأخذ بولس الرسول كمثال: كان صاحب رؤى كثيرة، رأي الرب حينما عاتبه الرب ودعاه وهو في طريق دمشق (أع 9). وظهر له الرب أيضًا في كورنثوس في رؤيا بالليل وقال له "لا تخف، بل تكلم ولا تسكت. لأني أنا معك، ولا يقع بك أحد ليؤذيك. لأن لي شعبًا كثيرًا في هذه المدينة" (أع 18: 9، 10). وظهر له في الله في أورشليم، وقال له "أذهب، فإني سأرسلك بعيدًا إلي الأمم" (أع22: 17، 21). وظهر له الرب مرة أخري وقال له "ثق يا بولس، لأنك كما شهدت بما لي في أورشليم، هكذا ينبغي أن تشهد في رومية أيضًا" (أع23: 11). بولس هذا الذي تعب في الخدمة أكثر من جميع الرسل (1كو14: 18)، والذي كان رجل استعلانات، يقول أخيرًا، هذا الذي اختطف إلي السماء الثالثة (2كو 12: 2): "ولئلا ارتفع بفرط الاستعلانات، أُعطيت شوكة في الجسد، ملاك الشيطان ليلطمني لئلا أرتفع.." (2كو 12: 7). سمح الله لشيطان أن يضرب بولس بشوكة في الجسد لئلا يرتفع. واستمرت هذه الشوكة معه في جسده، تشعره بضعفه، حتى لا يرتفع قلبه من فرط ما وصل إليه من مجد روحي. علي الرغم من أنه تضرع إلي الله ثلاث مرات ليشفيه. ولكن الرب قال له "تكفيك نعمتي" (2كو 12: 8، 9). لأن قوة الله تظهر كاملة في ضعف هذا الرسول.. * مثال آخر، هو داود النبي: داود صاحب المزمار والقيثار والعود، الذي له مواهب في الشعر وفي الموسيقي. وهو رجل حرب "جبار بأس" (1صم 16: 18). هو الذي هزم جليات (1صم 17). وقبل ذلك قتل الدب والأسد في شجاعة، ولم يخف منهما (1صم 17: 35، 36). داود هذا، بما له من موهبة النبوة. وقد صار مسيحًا للرب، بعد أن مسحه صموئيل النبي، وحل عليه روح الرب (1صم 16: 13). داود هذا بكل مواهبه، سمح الله أن يقوم ضده شاول الملك بكل عنف، ويذل حياته. ويطارده من برية، ويدبر المؤامرات لقتله.. وعاش ذليلًا أمام شاول، حتى قال عن نفسه إنه برغوث، وكلب ميت (1صم 24: 14). بل سمح الله أن يسقط داود ويخطئ. فكانت سقطته هذه سبب ذل لنفسه من الداخل، وحياة غارقة في البكاء والدموع، حتى قال "تعبت في تنهدي. في كل ليلة أعوم سريري. بدموعي أبل فراشي" (مز6: 6). وقال للرب: " خير لي أنك أذللتني، لكي أتعلم فرائضك" (مز119: 71). نعم، كان خيرًا له ذلك الذل الذي عاش فيه، الذي يقيم توازنًا في داخله مع مجد النبوة، ورفاهية الملك، وموسيقي الناي والعود..! إنه درس روحي عميق، نتعلمه من هذا المزمور أن الله قد يسمح بالذل لأحد أبنائه من الأنبياء، لأن ذلك خير له، لكي يتضع قلبه، ولا تحوله الأمجاد المحيطة به إلي الكبرياء. · مثال ثالث هو أيوب الصديق: سمح له الرب بذل من نوع الآخر، فيه الفقر والمرض وتحقير أصدقائه له.. هذا الذي شهد له الله مرتين إنه كامل ومستقيم (أي 1: 8) (أي 2: 3). وأنه "ليس مثله في الأرض، ويتقي الله ويحيد عن الشر". وإلي جوار بره، كانت تحيط به العظمة من كل جانب: كان "أعظم كل بني المشرق" (أي 1: 3). وكان محترمًا جدًا من الناس."رآه الغلمان فأختبأوا، والشيوخ قاموا ووقفوا" "الأذن سمعت فطوبته، والعين رأت فشهدت له" (أي 29: 8، 11)." أنقذ المسكين والمستغيث واليتيم ولا معين له"، "كان أبًا للفقراء، وعيونًا للعمي، وأرجلًا للعرج" (أي 29: 12-16). ولهذا كله سمح الله بتجربة لأيوب. كانت شديدة. ولكنها كانت لازمة له لتنقذه، حتى لا يكون بارًا في عيني نفسه" (أي 32: 1). أن الله يهمه جدًا سلامة أولاده من الكبرياء المهلكة للنفس، لذلك فهو بالتجارب والضيقات، أو بالآلام والأمراض، يحمي نفوسه حتى لا يضرهم المجد المحيط بهم، أو شعورهم بحياة البر التي يحيونها. * مثال رابع هو يعقوب أبو الآباء: هذا الذي أحبه الله قبل أن يولد (رو9: 11-13). والذي قيل له في بركته "كن سيدًا لأخوتك، وليسجد لك بنو أمك"، "ليستعبد لك شعوب، وتسجد لك قبائل" (تك 27: 29)،يعقوب هذا الذي ظهر له الله في أعلي سلم منصوبة بين السماء والأرض والملائكة صاعدة ونازلة عليها. وباركه الله وقال له: ها أنا معك، وأحفظك حيثما تذهب.." (تك 28: 12-15). يعقوب هذا الذي "جاهد مع الله والناس وقدر" (تك 32: 28)، ومنحه أسمًا جديدًا. وقد نظر الله وجهًا لوجه (تك 32: 30).. يعقوب هذا -لكي يشعر بضعفه فلا يتكبر- "ضربه الله على حق فخذه"، وخرج من مصارعته مع الله "وهو يخمع على فخذه" (تك 32: 30). ولعلك تسأل: لماذا يا رب تضرب يعقوب على فخذه، فيعيش كمعوق كل أيام حياته؟ وتكون الإجابة: لأن ذلك نافع له، وأفضل من أن تضربه الكبرياء فيهلك.. ونفس الوضع بالنسبة إلي بولس الرسول: أعطي شوكة في الجسد، "لكي لا يرتفع من فرط الإعلانات". وكذلك أيوب الصديق: ضُرب بقرح رديء من باطن قدمه إلي هامته" لكي لا يكون بارًا في عيني نفسه".. إن الله يهمه بالدرجة الأولي مصير أبنائه في الأبدية. فإن كانت الضربات التي تصيبهم على الأرض نافعة لأبديتهم، إذ توصلهم إلي انسحاق القلب، فلا مانع منها. وفي هذا يقول القديس بولس الرسول: " لذلك أسر بالضيقات والشتائم والضرورات والاضطهادات والضيقات لأجل المسيح. لأني حينما أنا ضعيف، فحينئذ أنا قوي" (2كو 12: 10). الضعفات والضيقات تمنع الكبرياء، وتوصل إلي تواضع القلب. وأيضًا في هذه الضيقات -إذ يشعر الإنسان بضعفه- يلجأ إلي الله فيأخذ منه قوة. ولهذا قال القديس بولس الرسول: " أفتخر بالحري في ضعفاتي، لكي تحل عليً قوة المسيح" (2كو 12: 9). |
||||
10 - 01 - 2014, 04:18 PM | رقم المشاركة : ( 38 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب حياة التواضع والوداعة - قداسة البابا شنودة الثالث
الذات سبب الكبرياء
|
||||
10 - 01 - 2014, 04:22 PM | رقم المشاركة : ( 39 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب حياة التواضع والوداعة - قداسة البابا شنودة الثالث
الذات تريد أن تكبر يقع في الكبرياء الإنسان الذي يهتم بذاته بطريقة خاطئة، أو أنه يحب ذاته بطريقة خاطئة. فهو يكبر في عيني نفسه. ويحب أن يكبر في أعين الناس. بل يحب أيضا أن يكبر أكثر من غيره. · مثال للذي يكبر في عيني نفسه. كالشخص الذي يطيل النظر في المرآة، يتأمل محاسن نفسه..! أو كالذين أرادوا في القديم أن يبنوا برج بابل، وقالوا بعضهم لبعض:" هلم نبن لأنفسنا مدينة وبرجًا رأسه في السماء، ونصنع لأنفسنا اسمًا" (تك11: 4).. صدقوني يا أخوتي ربما كان هؤلاء أقل كبرياء في أعين أنفسهم من الذين قالوا: نصعد إلي القمر، نرفع عليه علم بلادنا، نصعد أيضًا إلي المريخ. نمهد إلي سكني الكواكب أو ننظم رحلات إليها. كلها أمثلة للعقل البشري، حينما يكبر في عيني نفسه، ويتصور تصورات أو تخيلات تليق بهذا اللون من الكبر. * أما الذي يريد أن يكبر في أعين الناس، وأن يمجدوه: فهو مثل هيرودس الملك، الذي وهو يخاطب الناس من على عرشه، سر أن يمجده الناس قائلين "هذا صوت إله، لا صوت إنسان" (أع 12: 22). ففي الحال ضربه ملاك الرب بسبب كبريائه، فمات وأكله الدود. ومثال آخر هو هامان -في عهد أحشويرش الملك- الذي اضطهد مردخاي لأنه لم يسجد له مثل سائر الناس الذين يمجدونه (إس 3: 3-6). * على أن البعض لا يكفيه أن يكبر، بل يريد أن يكبر أكثر من غيره. مثال ذلك أبشالوم بن داود الملك، الذي أراد أن يصير أكبر من أبيه، وأن يجلس على العرش بدلًا منه. ودخل في حرب ضده (2 صم 15-18). · والذي يريد أن يكون أكبر مكن غيره، يقع في حب الرئاسة. وذلك ليكون اعلي من غيره قدرًا. وقد حورب الآباء الرسل بهذا الأمر: من يكون الأول فيهم. فقال لهم السيد الرب "أنتم تعلمون أن رؤساء الأمم يسودونهم، والعظماء يتسلطون عليهم. فلا يكون هكذا فيكم. بل من أراد أن يكون فيكم عظيمًا، فليكن لكم خادمًا. ومن أراد أن يكون فيكم أولًا، فليكن لكم عبدًا" (مت 20: 25-27). * وطبيعي أن الذي يحب أن يكون الأكبر، يكره أن يكون هناك من هو أفضل منه. ونتيجة لهذا تدب فيه روح الغيرة والحسد: فلما رأي شاول الملك آن الفتى داود قد ناله مديح أكثر منه، بعد أن انتصر على جليات الجبار، تملكته الغيرة والحسد، فأراد قتل داود أكثر من مرة، وطارده من مكان إلي آخر، وتغير قلبه من جهته (1 صم 18: 7- 15). أيضًا قايين قام على أخيه هابيل وقتله. لأن الرب قبل ذبيحة هابيل ولم يقبل تقدمته هو، فتملكته الغيرة والحسد التي انتهت به إلي القتل. كذلك أخوة يوسف الصديق: لما رأوا انه قد صار أفضل منهم، بالأحلام التي حكاها لهم، وبالقميص الملون الذي منحه أبوه إياه، لذلك حسدوه، وازدادوا أيضًا بغضًا له. واحتالوا عليه ليميتوه. وأخيرًا باعوه كعبد (تك 37). نفس الغيرة أيضا دبت بين أختين شقيقتين هما ليئة وراحيل، من أجل الأفضلية في أنجاب البنين، وفي كسب محبة الزوج (تك 29: 31-35). حتى " قالت راحيل: مصارعات الله قد صارعت أختي" (تك 30: 8). * عجيب أن يشعر إنسان بكبره، لأسباب تحيط بذاته من الخارج. مثال ذلك سليمان الملك، الذي شعر بذاته لسباب كلها خارجة عنه، مثل قوله "بَنَيْتُ لِنَفْسِي بُيُوتًا، غَرَسْتُ لِنَفْسِي كُرُومًا. عَمِلْتُ لِنَفْسِي جَنَّاتٍ وَفَرَادِيسَ.. عَمِلْتُ لِنَفْسِي بِرَكَ مِيَاهٍ لِتُسْقَى بِهَا الْمَغَارِسُ الْمُنْبِتَةُ الشَّجَرَ. قَنَيْتُ عَبِيدًا وَجَوَارِيَ.. وَكَانَتْ لِي أَيْضًا قِنْيَةُ بَقَرٍ وَغَنَمٍ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ الَّذِينَ كَانُوا فِي أُورُشَلِيمَ قَبْلِي.." وعجيب أنه قال بعد كل تلك الأسباب الخارجية: "فعظمت وازددت أكثر من جميع الذين كانوا قبلي في أورشليم" (سفر الجامعة 2: 4-9). بينما المفروض أن تكون أسباب العظمة من الداخل، كقول المزمور: "كل مجد ابنة الملك من داخل" (مز45: 13). علي الرغم من أنها "مشتملة بأطراف موشاة بالذهب، ومزينة بأنواع كثيرة". ومع ذلك ما أكثر الذين يكبرون في أعين أنفسهم أو في أعين الناس بأسباب خارج الذات مثل السلطة والغني والمركز وما أشبه. * على أن البعض قد يكبر بسبب ذاته: كأن يكون حكيمًا في عيني نفسه، أو بارًا في عيني نفسه. الحكيم في عيني نفسه، يعتد برأيه وبفكره. ويظن باستمرار أنه على صواب، وأن الحق في جانبه. بينما يقول الكتاب: "على فهمك لا تعتمد"، "ولا تكن حكيمًا في عيني نفسك" (أم 3: 5، 7). والحكيم في عيني نفسه، لا يري أنه محتاج إلي مشورة أو أي نصح. لأنه مكتف بذاته من جهة الفك، وواثق بمعرفته. بل قد يصل في ذلك إلي مقاومة الرأي الآخر، في عناد وتشبث برأيه. أما البار في عيني نفسه، فهو الذي يشعر أنه لا يخطئ أبدًا. ولذلك فهو لا يقبل عتابًا. ولا يكون مستعدًا لتغيير مسلكه. |
||||
10 - 01 - 2014, 04:23 PM | رقم المشاركة : ( 40 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب حياة التواضع والوداعة - قداسة البابا شنودة الثالث
الغرور والبار في عيني نفسه، والحكيم في عيني نفسه، كلاهما يصيبهما الغرور. والمغرور له ثقة زائدة في نفسه. يظن في نفسه أكثر من حقيقتها بكثير. ويعتد بنفسه. وربما تكون له مواهب أو قدرات تتعبه، وتكون مصدرًا لغروره. أو قد يظن أن له مثل هذه المواهب والقدرات. المغرور بذاته يعتمد على نفسه. أما المتواضع فيعتمد على الله. الواثق بنفسه يكون كثير العمل. أما المتواضع فيكون كثير الصلاة. المغرور إذا نجح، يفتخر بعقليته وجهده وعمله. أما المتواضع فإذا نجح، يشكر الله - لأنه لم ينجح إلا بمعونة منه. وهذا المغرور قد لا يعمل شيئًا. ولكنه في كثير من الأحيان يسبح في أحلام اليقظة، ويتخيل فيها أنه يقوم بعظائم الأمور!! وهو قد يقحم نفسه في أمور ربما تكون فوق مستواه، ظانًا أنه يستطيع أن يبدي فيها رأيًا، أن يعمل فيها عملًا. وغالبًا ما يفشل.. وإن فشل أو صدًه الناس، قد ينطوي. يتأمل في وحدته محاسن نفسه ومواهبها، بعيدًا عن مجتمع لا يقدًرها ولا ينتفع بها!! |
||||
|