05 - 05 - 2021, 05:21 PM | رقم المشاركة : ( 39521 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
خيانة يهوذا الإسخريوطى
ربما كان من السهل علينا أن ننسى حقيقة أن يسوع هو الذي اختار يهوذا تلميذاً له. كما أنه من السهل أن ننسى أيضا أن بعض التلاميذ قد تركوا يسوع. فقد اساء يهوذا وسائر التلاميذ على السواء، فهم رسالة يسوع. لقد توقعوا جميعاً أن يقوم يسوع بحركة سياسية. ولما ظل يتحدّث عن الموت، شعروا كلهم، بدرجات متفاوتة، بالغضب والخوف والأحباط، ولم يستطيعوا أن يدركوا لماذا اختارهم يسوع ما دامت رسالته مصيرها الفشل. وقد يسأل سائل: لماذا اراد يهوذا أن يسلّم الرب يسوع؟!.. والحقيقة نحن لا نعرف الدافع الحقيقي وراء خيانة يهوذا ليسوع، ولكن الواضح هو أن يهوذا سمح لمطامعه أن تضعه في موقف يستطيع فيه الشيطان أن يتلاعب به. فكما نوّهنا سابقا، فقد كان يهوذا، كسائر التلاميذ، ينتظر أن يشرع المسيح في ثورة سياسية، يخلع بها عنهم نير روما. ولاشك في أن يهوذا توقع كباقي التلاميذ، أن يُعطى مركزاً هاماً في حكومة المسيح الجديدة "عندئذ تقدم إليه يعقوب ويوحنا ابنا زبدي، وقالا له: يامعلم، نرغب في أن تفعل لنا كل ما نطلب منك. فسألهما: ماذا ترغبان في أن أفعل لكما؟ قالا له: هبنا أن نجلس في مجدك: واحد عن يمينك، وواحد عن يسارك" (مر37,35:10)، ولكن عندما امتدح الرب يسوع مريم لسكبها الطيب الذي كان يساوي أجر سنة، لعلّه أدرك أن مملكة المسيح ليست أرضية أو سياسية، بل روحية، فوجد أن جشعه للمال والمركز لا يمكن أن يتحقق باتباعه للرب يسوع، لذلك أسلمه طمعاً في المال واسترضاء للقادة الدينيين. ويكشف لنا الرسول يوحنا في انجيله بعض الامور التي تساعدنا على معرفة شيء عن يهوذا في الفترة التي تقع بين دعوته والأحداث السابقة لتسليمه للمسيح، فقد ذكر بعض الإشارات التي تفصح عن شخصيته الشريرة منذ البداية. وبتتبع هذه الإشارات نستطيع أن نرى التطور التدريجي وزيادة الوضوح في العبارات التي أنبأ بها يسوع عن خيانة يهوذا في المستقبل. فبعد الحديث عن "خبز الحياة" في مجمع كفر ناحوم (يو59,48:6)، رجع كثيرون من التلاميذ عن يسوع "من ذلك الوقت هجره كثيرون من أتباعه، ولم يعودوا يتبعونه" (عدد 66). ثم أكَّد بطرس ولاء التلاميذ له "نحن آمنا وعرفنا أنك قدوس الله" (عدد69). فقال يسوع: أليس أنا اخترتكم أنتم الاثني عشر، ومع ذلك فواحد منكم شيطان (عدد70). ويعلق يوحنا قائلًا "أشار بهذا إلى يهوذا بن سمعان، لأن هذا كان مزمعًا أن يسلمه وهو واحد من الأثني عشر" (عدد 71)، مبينًا أن يسوع عرف مسبقًا أن يهوذا كان واحدًا من الذين رجعوا إلى الوراء ولم يعودوا يمشون معه. ولكن الموقف مهما كان مزعجًا لخطط يهوذا الجشعة، التي يحتمل أنها هي التي دفعته للتلمذة ليسوع، لم يكن قد وصل إلى الدرجة الحرجة الكافية لأن تدفعه إلى الرجوع الفوري عن يسوع. وقد هدأ خوفه من اكتشاف أمره، أن يسوع لم يذكره بالاسم، واستمر متظاهرًا بأنه واحد من الأمناء، كما كان للدوافع الشخصية لطبيعته الأنانية أثر قوي في بقائه. ومع أنه كان أمينًا للصندوق، إلا أنه تجاهل تحذيرات الرب يسوع من الطمع "بل اكنزوا لكم كنوزا في السماء، حيث لا يفسدها سوس ولا ينقب عنها لصوص ولا يسرقون" (مت 6: 20)، ومن الرياء "وفي تلك الأثناء، إذ احتشد عشرات الألوف من الشعب حتى داس بعضهم بعضا، أخذ يقول لتلاميذه أولا: احذروا لأنفسكم من خمير الفريسيين الذي هو الريا ء. فما من مستور لن يكشف، ولا من سر لن يعرف. لذلك كل ما قلتموه في الظلام سوف يسمع في النور، وما تحدثتم به همسا في الغرف الداخلية سوف يذاع على سطوح البيوت" (لو 12: 1, 3). واستغل الأموال لحسابه ولتغطية جشعه، وتظاهر بالغيرة على الصندوق، فعندما دهنت مريم قدمي يسوع بالطيب تساءل: "لماذا لم يُبَع هذا العطر بثلاث مئة دينار توزع على الفقراء؟. ولم يقل هذا لأنه كان يعطف على الفقراء، بل لأنه كان لصا، فقد كان أمينا للصندوق وكان يختلس مما يودع فيه." (يو 12: 6,5 ). استطاع يهوذا بدهائه أن يخفي "لبعض الوقت" طبيعته الحقيقية عن بقية التلاميذ، وأن يقضي على أي استياء يمكن أن يحدث بينهم (مر 14: 4)، إلا أنه شعر هنا أنه لا يمكن أن يضمن استمرار مصدر دخله. أما كلمات سيده التي تضمنت حديثه عن يوم تكفينه فقد كشفت لمُسلّمه أن يسوع قد عرف جيدًا القوى الشريرة التي كانت تعمل ضده "فإنها إذ سكبت العطر على جسمي، فقد فعلت ذلك إعدادا لدفني" (مت 26: 12، مر 14: 8، يو 12: 7). وواضح مما جاء في متى ومرقس، أن يهوذا ذهب على الفور "اي بعد حادثة قارورة الطيب" وتآمر مع رؤساء الكهنة "عندئذ ذهب واحد من الاثني عشر، وهو المدعو يهوذا الإسخريوطي، إلى رؤساء الكهنة، وقال: كم تعطونني لأسلمه إليكم؟ فوزنوا له ثلاثين قطعة من الفضة. ومن ذلك الوقت، أخذ يهوذا يتحين الفرصة لتسليمه" (مت 26: 15,14; مر 14: 11,10 ; انظر أيضًا لو 22: 6,3)، ولكنه اختفى إلى حين، فقد كان حاضرًا بعد ذلك عند غسل أرجل التلاميذ حيث ميزَّ يسوع مرة أخرى بينه وبين بقية الاثنى عشر دون التصريح باسمه: "أنتم طاهرون ولكن ليس كلكم"، "والذي يأكل معي الخبز رفع علَّي عقبه" (يو 13: 10 و18). ويبدو أن يسوع كان يريد أن يعطى يهوذا كل فرصة للتوبة والاعتراف حتى في تلك الساعة المتأخرة. وللمرة الأخيرة عندما جلسوا للأكل، تقدم إليه يسوع بهذه الكلمات: "إن واحدًا منكم سيسلمني" (مت 26: 21، مر 14: 18، لو 22: 21، يو 13: 21). وأخيرًا وردًا على تساؤلات التلاميذ الحائرة: "هل أنا؟" أشار يسوع إلى مسلمه، لا بذكر اسمه ، ولكن بالقول: "هو ذاك الذي أغمس أنا اللقمة وأعطيه" (يو 13: 26). وحالما أخذ اللقمة، غادر يهوذا المكان، لقد حانت الفرصة التي كان ينتظرها (يو 13: 30، مت 26: 16). وحالما خرج يهوذا ذهب إلى رؤساء الكهنة وأتباعهم، وتقاضى ثمن تسليم يسوع لليهود عندما جاء إلى يسوع في البستان، حيث أرشد الحرس اليه وسلّم سيده بقبلة "وفيما هو يتكلم، إذا بيهوذا، أحد الاثني عشر، قد وصل ومعه جمع عظيم يحملون السيوف والعصي، وقد أرسلهم رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب. وكان مُسلّمه قد أعطاهم علامة قائلا: الذي أقبله فهو هو؛ فاقبضوا عليه. فتقدم في الحال إلى يسوع وقال: سلام ياسيدي! وقبّله. فقال له يسوع: ياصاحبي، لماذا أنت هنا؟ فتقدم الجمع وألقوا القبض على يسوع" (مت50,47:26; مر44,43:14; لو47:22; يو5,2:18). ومن المثير للانتباه ان الانجيليين عندما اشاروا الى قيام يهوذا بتسليم الرب يسوع لليهود، عرّفوه بانه أحد الاثني عشر، بل أن الرب يسوع نفسه عندما سُئل من التلاميذ عن الشخص الذي سيسلمه، أجابهم قائلاً: انه واحد من الاثني عشر (مر20:14)، وذلك أمر غاية في الأهمّية، إذ يوضّح خطيّة الخيانة بأكثر جلاء. فإن الذي كرَّمه مساويًا إيّاه بالبقيَّة، وزيّنه بالكرامات الرسوليّة، وجعله المحبوب وضمّه للمائدة المقدّسة... صار طريقًا ووسيلة لقتل المسيح. كان لابد للسيِّد المسيح وقد احتل آخر الصفوف - ليحمل آلامنا ويشرب عنّا الكأس حتى النهاية - أن يتقبّل الألم على يديّ أحد تلاميذه، وخلال قُبلة ليكون الجرح غاية في المرارة. لقد رآه النبي مجروحًا فسأله: "ما هذه الجروح في يديك؟ فيجيب السيِّد في مرارة: "هي التي جُرحتُ بها في بيت أحبائي" (زك 13: 6). وتزداد الجراحات مرارة أنها جاءت مغلَّفة بغلاف الحب الغاش، والكلمات الليِّنة التي تحمل وراءها سُم الشرّ. فقد أعطى لهؤلاء القتلة علامة، قائلًا: "الذي أُقَبّله هو". متناسياً تمامًا مجد المسيح، وظن أنه سيبقى متسترًا عندما يُقدم القبلة التي هي علامة الحب، بينما يحمل في قلبه خداعًا مرًا وشريرًا. فإنه حين كان في صحبة المسيح مخلصنا مع بقية الرسل في رحلاته، غالبًا ما سمعه يسبق فيخبرهم بالأمور المقبلة بكونه الله العالم بكل شيء، وقد سبق فأخبره عن عمل خيانته، إذ قال للتلاميذ: "الحق أقول لكم إن واحدًا منكم يسلمني". كيف إذن تبقى نيته مخفية؟ لا، بل كان الشرير الذي استغل طمعه وضعفه تجاه المال، يصارع الله في داخله، وجعل منه مسكناً له، حتى ان يوحنا الانجيلي كتب يقول " ثم غمس يسوع اللقمة وأعطاها ليهوذا. وبعد اللقمة، دخله الشيطان. فقال له يسوع: أسرع في ما نويت أن تعمله" (27:13). هكذا أعمى الطمع قلب يهوذا التلميذ ليبيع معلمه وسيّده، وقد حُدد الثمن بثلاثين من الفضة كما سبق فأنبأ عاموس النبي "لأنهم باعوا الصديق لقاء الفضة" (2: 6) كثمنٍ لبيع البار، وهو ثمن بخس يُدفع كدية عبدٍ إذا نطحه ثور وقتله "وإذا نطح الثور عبدا أو أمة، فإن صاحبه يدفع ثلاثين قطعة فضة تعويضا لمولاه" (خر 21: 32).. باع التلميذ سيده وهو الذي كان معه أغلب الأيام يقضي الساعات الطويلة، بل وأحيانًا الأيام، يراه يصنع أعمالًا عجيبة ويسمعه كثيرًا، بل ونال منه سلطانًا للكرازة وعمل الآيات، لكن قلبه لم يلتقي معه بسبب محبّة المال... من أجل الدراهم التي بلا ثمن كّف عن أن يكون مع المسيح وفقد رجاؤه في الله وكرامته والأكاليل والحياة والمجد المعد لتابعي المسيح الحقيقيين وحقه أن يملك معه. بعد ذلك بفترة حاول يهوذا الرجوع عن الشر الذي ارتكبه، باعادة الثمن للكهنة، فرغم انه بعد أن أسلم يسوع، لم يُذكر عنه شيئا في أناجيل مرقس ولوقا ويوحنا، أما ما جاء في إنجيل متى وسفر الأعمال عن ندامته وموته، ففيه اختلاف في بعض التفاصيل، فيذكر متى أن الحكم على يسوع كان سببًا في إيقاظ إحساسه بالذنب، وفي يأسه المتزايد بسبب طرد رؤساء الكهنة والشيوخ له، " فلما رأى يهوذا مسلمه أن الحكم عليه قد صدر، ندم وردّ الثلاثين قطعة من الفضة إلى رؤساء الكهنة والشيوخ، وقال: قد أخطأت إذ سلمتكم دما بريئا. فأجابوه: ليس هذا شأننا نحن، بل هو شأنك أنت! فألقى قطع الفضة في الهيكل وانصرف، ثم ذهب وشنق نفسه. (مت5,3:27) واشترى رؤساء الكهنة بالفضة حقل الفخاري الذي سمي فيما بعد "حقل الدم". وبهذا تحققت نبوة زكريا (11: 12-14). أما ما جاء في سفر الأعمال (20,16:1) فأقصر كثيرا، فلا يذكر شيئًا عن ندامة يهوذا ولا عن رؤساء الكهنة، ولكنه يذكر فقط أن يهوذا اقتنى حقلًا من أجرة الظلم وإذ سقط على وجهه انشق من الوسط فانسكبت أحشاؤه كلها (عدد 18) ويجد كاتب سفر الأعمال في هذا تحقيقًا للنبوة التي جاءت في مزمور 69: 25. وحتى لو كان يهوذا قد ندم ورجع عن الشر الذي ارتكبه، لكن الوقت كان قد فات. كانت عجلات خطة الله قد بدأت تتحرك. ويالها من مأساة أن ينهي يهوذا حياته يائساً دون أن يختبر عطية المصالحة التي كان يمكن أن يقدمها الله له هو أيضا في يسوع المسيح!. لأن يهوذا لم يكن يحمل عداوة ضد المسيح (مز 13:55)، بل وحتى بعد تسليمه للمخلص مدح المعلم قائلًا أنه أخطأ إذ سلم دمًا بريئًا، معترفًا بذلك أمام رؤساء الكهنة والشيوخ، بجانب إلقائه بالمال على الأرض دون الاستمتاع به. كل هذه اللمسات الجميلة تكشف أنه كان يمكنه أن يقدم توبة مقتربًا نحو المخلص، لكنه للأسف فتح قلبه للشيطان للمرة الثانية لينتحر فاقدًا الرجاء في الله مخلص البشرية. وقد كانت المشاعر البشرية من نحو يهوذا الإسخريوطي مختلطة، فلقد كرهه البعض بشدة لخيانته، وأشفق عليه البعض الآخر لعدم إدراكه شناعة ما فعل، إلاّ بعد فوات الأوان. وتساءل آخرون عن مدى عدالة الله في سماحه أن يتحمّل إنسان واحد كل هذا الجرم الفظيع. وبينما تتفاوت المشاعر كثيرا من جهة يهوذا، فهناك بعض الحقائق التي ذكرنا قسماً منها والتي يتحتم علينا ملاحظتها وادراكها جيدا وهي - اختيار يهوذا بمحض إرادته أن يسلم ابن الله الى أيدي الجنود الرومان "قال له يسوع: يايهوذا، أبقبلة تسلم ابن الإنسان؟" (لو48:22). - كان لصاً "ولم يقل هذا لأنه كان يعطف على الفقراء، بل لأنه كان لصا" (يو6:12). - كان يسوع يعلم أن حياة يهوذا الشريرة لن تتغير"فقال يسوع: أليس أنا اخترتكم أنتم الاثني عشر، ومع ذلك فواحد منكم شيطان" (يو70:6). - كان تسليم يهوذا ليسوع جزءاً من خطة الله، ويذكر الكتاب الشواهد التالية: "حتى صديقي الملازم لي الذي وثقت به، الآكل من طعامي قد انقلب علي، ورفع علي عقبه (مز9:41).. "ثم قلت لهم: إن طاب لكم فأعطوني أجرتي، وإلا فاحتفظوا بها. فوزنوا أجرتي ثلاثين شاقلا من الفضة فقال الرب لي: أعط هذا الثمن الكريم الذي ثمنوني به إلى الفخاري. فأخذت الثلاثين قطعة من الفضة وألقيتها في بيت الرب إلى الفخاري" (زك13,12:11 ).. "ها نحن صاعدون إلى أورشليم، حيث يسلم ابن الإنسان إلى رؤساء الكهنة، والكتبة، فيحكمون عليه بالموت" (مت18:20) "وعند المساء اتكأ مع الاثني عشر. وبينما كانوا يأكلون، قال: الحق أقول لكم: إن واحدا منكم سيسلمني. فاستولى عليهم الحزن الشديد، وأخذ كل منهم يسأله: هل أنا يارب؟ فأجاب: الذي يغمس يده معي في الصحفة هو الذي يسلمني. إن ابن الإنسان لابد أن يمضي كما قد كتب عنه، ولكن الويل لذلك الرجل الذي على يده يسلم ابن الإنسان. كان خيرا لذلك الرجل لو لم يولد! فسأله يهوذا مُسلّمه: هل أنا هو يامعلم؟ أجابه: أنت قلت" (مت 25,20:26).. "أيها الإخوة، كان لابد من أن تتم النبوءة التي قالها الروح القدس بلسان النبي داود، عن يهوذا الذي انقلب دليلا للذين قبضوا على يسوع. وكان يهوذا يعتبر واحدا منا، وقد شاركنا في خدمتنا. ثم إنه اشترى حقلا بالمال الذي تقاضاه ثمنا للخيانة، وفيه وقع على وجهه، فانشق من وسطه واندلقت أمعاؤه كلها. وعلم أهل أورشليم جميعا بهذه الحادثة، فأطلقوا على حقله اسم "حقل دمخ" بلغتهم، أي حقل الدم. فتمت النبوءة الواردة في كتاب المزامير: لتصر داره خرابا، ولا يسكنها ساكن. وأيضا: ليستلم وظيفته آخر" (أع20,16:1). لقد أرتكب يهوذا بتسليمه يسوع أكبر خطا في التاريخ، ولكن حقيقة أن يسوع كان يعلم أن يهوذا سيسّلمه، ليس معناه أن يهوذا كان العوبة في يد الله، فيهوذا نفسه هو الذي اراد ذلك، وكان الله يعلم ما سيختاره، وسمح به. وكما نوّهنا سابقاً فان يهوذا لم يفقد علاقته بالرب يسوع لأنه لم يبدأها على الاطلاق، وقد دُعي "ابن الهلاك" (يو12:17). رغم ان الرب يسوع كان يريد أن يعطى يهوذا كل فرصة للتوبة والاعتراف، بتحذيره أكثر من مرة من الطمع ومحبة المال، وتنبيهه بانه عالم بما سيفعله من خلال كشفه مسبقا لكل ما سيحدث له، فإنه حتى في لحظات القبض عليه عاتبه بكلمات لطيفة: "يا صاحب لماذا جئتَ؟!" و "يايهوذا، أبقبلة تسلم ابن الإنسان؟". فلم يبخل عنه بطول أناته عليه، كانت الفرصة متاحة له كما لبقية التلاميذ، الذين لم يتمكن منهم الشيطان رغم محاولاته، لأن قلوبهم كانت راسخة ومحبّتهم للمسيح ثابتة، لكنه وجد له موضعًا في الخائن، من أجل مرض الطمع المرّ الذي يقول عنه الرسول بولس "أصل كل الشرور، وإذ سعى بعضهم إليه، ضلوا عن الإيمان، وطعنوا أنفسهم بأوجاع كثيرة" (1تي 6: 10) ذلك المرض الذي كان قد هزمه. ويؤدي يهودا خدمة لنا، لو جَعَلَنا نفكر مرّة أُخرى في التزامنا لله ووجود روحه القدوس في داخلنا، فهل نحن تلاميذ وأتباع حقيقيون، أم مجرد ادعياء كاذبين، نستطيع أن نختار اليأس والموت، أو أن نختار التوبة والغفران والحياة الأبدية. ها هي الفرصة أمامنا، فهل نقبل عطيته المجانية ؟ أو نُسلّمه كما سَلّمه يهوذا؟. منجزاته ونواحي القوة في شخصيته: - لقد اختاره يسوع واحداً من الاثني عشر تلميذاً، وهو الوحيد الذي لم يكن من الجليل. - كان يحتفظ بصندوق مصاريف الجماعة. - لقد إستطاع أن يدرك مدى الشر في تسليم يسوع. ضعفاته واخطاؤه: - كان طماعاً (يو6:12). - اسلم يسوع. - انتحر بدلا من أن يطلب المغفرة. دروس من حياته: - إن الخطط والدوافع الشريرة تجعلنا معرضين لاستخدام الشيطان لنا في شرورو أشد: كشفت لنا شخصية يهوذا، ان العدو قد تمكن منه لتجاوبه معه في حب المال، فبث فيه السرقة (يو 12: 6)، ثم دفعه للخيانة، فصار أداته التي يستخدمها كيفما شاء، إذ سلّم يهوذا نفسه بنفسه له. وقد حذرنا الرب يسوع مرارا وتكرارا من محبة المال، ومن ضمن ما قاله "انه لايمكن أن نخدم إلاّ سيداً واحداً، ولايمكن ان نكون عبيدا لله والمال معاً". ولأن يهودا أحب المال أكثر فلم يستطع أن يكون أمينا لسيده.. ونحن نعيش في مجتمع تسوده المادية، حيث يعبد الكثيرون المال، فيصرفون كل حياتهم في جمعه واكتنازه، ليموتوا ويتركوه وراءهم. فشهوتهم للمال وما يمكن أن يشتريه، تفوق بكثير التزامهم لله وللامور الروحية، لاعتقادهم بأن المال يجلب السعادة رغم كل الدلائل الدامغة التي ثبت العكس. فالذين يسعون وراء مزيد من الثروة، يمكن أن يدوروا في حلقة مفرغة، لا تنتهي الا بالخراب والدمار. فاحذر الوقوع في شرك الماديات، باستخدام بعض المباديء التي قدمها لنا الرسول بولس وهي: ثق انه يوما ما ستضيع كل الثروة.. اقنع بما عندك.. تنبه الى ما أنت على استعداد أن تفعله للحصول على المزيد من المال.. لتكن محبتك للناس أعظم من محبتك للمال.. ليكن عمل الله أحب اليك من المال.. اقتسم مالك مع الآخرين بسخاء. - إن عواقب الشر مدمّرة للغاية، حتى إن كذبة تافهة أو أخطاء صغيرة يمكن أن تكون نتائجها خطيرة: كيف أمكن لانسان عاش مع الرب يسوع بأن يخونه؟. لقد تلقى يهوذا نفس الدعوة كالآخرين وسمع نفس التعاليم، لكنه اختار أن يرفض تحذير المسيح، كما رفض رحمته. وقد قسّى يهوذا قلبه لينضم الى أعداء يسوع المتآمرين عليه لخيانته. وكانت عواقب هذا الشر الكبير الذي ارتكبه مع القادة الدينيين وخيمة ومدمرة فعلا، فبعد أن غير يهوذا رأيه، واراد أن يُسقط اتهامه، لم يوافق القادة الدينيين على ايقاف المحاكمة، في حين انه كان من واجبهم أن يعلّموا الشعب عن الله، وأن يكونوا وسطاء بينهم وبينه، يقدمون عنهم الذبائح للتكفير عن خطاياهم، وبدلا من مساعدة يهوذا للحصول على الغفران بعد أن اعترف بانه أخطأ، قالو له "هذا شأنك أنت" فهم لم يرفضوا المسيح فحسب، بل تخلوا أيضاً عن واجبهم ككهنة، بل انهم حتى لم يشعروا باي ذنب في إعطاء يهوذا مالاً لتسليم إنسان بريء، ولكن عندما أعاد يهوذا لهم المال لم يستطيعوا قبوله إذ كان من الخطأ أخذ ثمن دم، لقد دفعتهم عداوتهم للرب يسوع الى فقدان كل احساس بالعدالة. وهكذا لم يكن ممكنًا ليهوذا أن يترك الفضّة معه، فكما أن من يترك شيئًا من أجل السيِّد المسيح يرد له مئة ضعف في هذا العالم مع حياة أبديّة في الدهر الآتي (مت 19: 29)، فأن من يبيع السيِّد بثمن يخسر مئة ضعف في هذا العالم ويفقد حياته إلى الأبد. كان يهوذا في طمعه يظن أنه يقتني ربحًا بالثلاثين من الفضّة، وإذا به يقتني همًّا وغمًا، فما كان منه الان ان يذهب ليردّ الفضّة في ندامة بلا توبة، ومرارة بلا رجاء، حتى لم يطِق حياته فمضى وشنق نفسه لكي يضع نهاية لكل تلك الشرور بشر وخطيئة أكبر، بدلا من طلب الغفران.. ومهما كان دافع يهوذا، فانه غيّر فكره، ولكن بعد فوات الاوان، وكثير من الخطط التي بدأنا في تنفيذها، لايمكن تغييرها، فمن الافضل أن نفكر في النتائج المحتملة قبل الشروع في عمل قد نندم عليه فيما بعد. - إن خطة الله ومقاصده لابد أن تتم حتى في اسوأ الحوادث: إن دور الشيطان في خيانة يسوع لايزيح عن كتف يهوذا أية مسؤولية، فسواء كان الامر قد اختلط على يهوذا، واصيب بخيبة أمل لأن الرب يسوع كان يتحدث دائماً عن الموت وليس عن إقامة مملكته، أو ربما لأن يهوذا بسبب أنه لم يفهم إرسالية الرب يسوع، لم يعد يؤمن بأنه المختار من الله، فمهما كان فكر يهوذا فإن الشيطان افترض أن موت يسوع سينهي إرساليته ويشتت خطة الله ويفسدها. ولكن الشيطان، مثل يهوذا، لم يكن يعرف أن موت الرب يسوع هو أهم جزء في خطة الله على الإطلاق.. ومع ذلك، وبالرغم من أن "خطة الله الحكيمة" كانت تقديم الخلاص لجميع الناس، ولانها لم تكن معلومة عند البشر، فقد تبدو رسالة موت المسيح من أجل الخطايا جهالة في نظر غير المؤمنين، فالموت يبدو انه نهاية الطريق ومنتهى الضعف، ولكنها أصبحت على أشد ما تكون وضوحاً عندما قام الرب يسوع من الأموات، فقيامته أثبتت أن له سلطان على الخطية والموت، وهو سيخلصنا من الموت الأبدي ويمنحنا حياة أبدية متى آمنا به مخلصاً ورباً. لذلك فلا عذر لغير المؤمنين الذين مازالت خطة الله خافية عنهم، سواء لأنهم يابون قبولها أو يفضلون تجاهلها، أو لأنهم لم يسمعوا بها. بيانات أساسية: مكان إقامته: الأرجح أنه كان من قرية قريوت. وظيفته: تلميذ ليسوع. أقرباؤه: أبوه سمعان. المعاصرون له: يسوع، بيلاطس، هيرودس، التلاميذ الأحد عشر الآخرون. الاية الرئيسية "ودخل الشيطان في يهوذا الملقب بالإسخريوطي، وهو في عداد الاثني عشر. فمضى وتكلم مع رؤساء الكهنة وقواد حرس الهيكل كيف يسلمه إليهم" (لو4,3:22). ونجد قصة يهوذا في الأناجيل ، كما يرد ذكره في أعمال الرسل (19,18:1). |
||||
05 - 05 - 2021, 05:22 PM | رقم المشاركة : ( 39522 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
يهوذا الإسخريوطي لماذا اراد يهوذا أن يسلّم الرب يسوع؟!.. والحقيقة نحن لا نعرف الدافع الحقيقي وراء خيانة يهوذا ليسوع، ولكن الواضح هو أن يهوذا سمح لمطامعه أن تضعه في موقف يستطيع فيه الشيطان أن يتلاعب به. فكما نوّهنا سابقا، فقد كان يهوذا، كسائر التلاميذ، ينتظر أن يشرع المسيح في ثورة سياسية، يخلع بها عنهم نير روما. ولاشك في أن يهوذا توقع كباقي التلاميذ، أن يُعطى مركزاً هاماً في حكومة المسيح الجديدة "عندئذ تقدم إليه يعقوب ويوحنا ابنا زبدي، وقالا له: يامعلم، نرغب في أن تفعل لنا كل ما نطلب منك. فسألهما: ماذا ترغبان في أن أفعل لكما؟ قالا له: هبنا أن نجلس في مجدك: واحد عن يمينك، وواحد عن يسارك" (مر37,35:10)، ولكن عندما امتدح الرب يسوع مريم لسكبها الطيب الذي كان يساوي أجر سنة، لعلّه أدرك أن مملكة المسيح ليست أرضية أو سياسية، بل روحية، فوجد أن جشعه للمال والمركز لا يمكن أن يتحقق باتباعه للرب يسوع، لذلك أسلمه طمعاً في المال واسترضاء للقادة الدينيين. ويكشف لنا الرسول يوحنا في انجيله بعض الامور التي تساعدنا على معرفة شيء عن يهوذا في الفترة التي تقع بين دعوته والأحداث السابقة لتسليمه للمسيح، فقد ذكر بعض الإشارات التي تفصح عن شخصيته الشريرة منذ البداية. وبتتبع هذه الإشارات نستطيع أن نرى التطور التدريجي وزيادة الوضوح في العبارات التي أنبأ بها يسوع عن خيانة يهوذا في المستقبل. فبعد الحديث عن "خبز الحياة" في مجمع كفر ناحوم (يو59,48:6)، رجع كثيرون من التلاميذ عن يسوع "من ذلك الوقت هجره كثيرون من أتباعه، ولم يعودوا يتبعونه" (عدد 66). ثم أكَّد بطرس ولاء التلاميذ له "نحن آمنا وعرفنا أنك قدوس الله" (عدد69). فقال يسوع: أليس أنا اخترتكم أنتم الاثني عشر، ومع ذلك فواحد منكم شيطان (عدد70). ويعلق يوحنا قائلًا "أشار بهذا إلى يهوذا بن سمعان، لأن هذا كان مزمعًا أن يسلمه وهو واحد من الأثني عشر" (عدد 71)، مبينًا أن يسوع عرف مسبقًا أن يهوذا كان واحدًا من الذين رجعوا إلى الوراء ولم يعودوا يمشون معه. ولكن الموقف مهما كان مزعجًا لخطط يهوذا الجشعة، التي يحتمل أنها هي التي دفعته للتلمذة ليسوع، لم يكن قد وصل إلى الدرجة الحرجة الكافية لأن تدفعه إلى الرجوع الفوري عن يسوع. وقد هدأ خوفه من اكتشاف أمره، أن يسوع لم يذكره بالاسم، واستمر متظاهرًا بأنه واحد من الأمناء، كما كان للدوافع الشخصية لطبيعته الأنانية أثر قوي في بقائه. ومع أنه كان أمينًا للصندوق، إلا أنه تجاهل تحذيرات الرب يسوع من الطمع "بل اكنزوا لكم كنوزا في السماء، حيث لا يفسدها سوس ولا ينقب عنها لصوص ولا يسرقون" (مت 6: 20)، ومن الرياء "وفي تلك الأثناء، إذ احتشد عشرات الألوف من الشعب حتى داس بعضهم بعضا، أخذ يقول لتلاميذه أولا: احذروا لأنفسكم من خمير الفريسيين الذي هو الريا ء. فما من مستور لن يكشف، ولا من سر لن يعرف. لذلك كل ما قلتموه في الظلام سوف يسمع في النور، وما تحدثتم به همسا في الغرف الداخلية سوف يذاع على سطوح البيوت" (لو 12: 1, 3). واستغل الأموال لحسابه ولتغطية جشعه، وتظاهر بالغيرة على الصندوق، فعندما دهنت مريم قدمي يسوع بالطيب تساءل: "لماذا لم يُبَع هذا العطر بثلاث مئة دينار توزع على الفقراء؟. ولم يقل هذا لأنه كان يعطف على الفقراء، بل لأنه كان لصا، فقد كان أمينا للصندوق وكان يختلس مما يودع فيه." (يو 12: 6,5 ). استطاع يهوذا بدهائه أن يخفي "لبعض الوقت" طبيعته الحقيقية عن بقية التلاميذ، وأن يقضي على أي استياء يمكن أن يحدث بينهم (مر 14: 4)، إلا أنه شعر هنا أنه لا يمكن أن يضمن استمرار مصدر دخله. أما كلمات سيده التي تضمنت حديثه عن يوم تكفينه فقد كشفت لمُسلّمه أن يسوع قد عرف جيدًا القوى الشريرة التي كانت تعمل ضده "فإنها إذ سكبت العطر على جسمي، فقد فعلت ذلك إعدادا لدفني" (مت 26: 12، مر 14: 8، يو 12: 7). وواضح مما جاء في متى ومرقس، أن يهوذا ذهب على الفور "اي بعد حادثة قارورة الطيب" وتآمر مع رؤساء الكهنة "عندئذ ذهب واحد من الاثني عشر، وهو المدعو يهوذا الإسخريوطي، إلى رؤساء الكهنة، وقال: كم تعطونني لأسلمه إليكم؟ فوزنوا له ثلاثين قطعة من الفضة. ومن ذلك الوقت، أخذ يهوذا يتحين الفرصة لتسليمه" (مت 26: 15,14; مر 14: 11,10 ; انظر أيضًا لو 22: 6,3)، ولكنه اختفى إلى حين، فقد كان حاضرًا بعد ذلك عند غسل أرجل التلاميذ حيث ميزَّ يسوع مرة أخرى بينه وبين بقية الاثنى عشر دون التصريح باسمه: "أنتم طاهرون ولكن ليس كلكم"، "والذي يأكل معي الخبز رفع علَّي عقبه" (يو 13: 10 و18). ويبدو أن يسوع كان يريد أن يعطى يهوذا كل فرصة للتوبة والاعتراف حتى في تلك الساعة المتأخرة. وللمرة الأخيرة عندما جلسوا للأكل، تقدم إليه يسوع بهذه الكلمات: "إن واحدًا منكم سيسلمني" (مت 26: 21، مر 14: 18، لو 22: 21، يو 13: 21). وأخيرًا وردًا على تساؤلات التلاميذ الحائرة: "هل أنا؟" أشار يسوع إلى مسلمه، لا بذكر اسمه ، ولكن بالقول: "هو ذاك الذي أغمس أنا اللقمة وأعطيه" (يو 13: 26). وحالما أخذ اللقمة، غادر يهوذا المكان، لقد حانت الفرصة التي كان ينتظرها (يو 13: 30، مت 26: 16). وحالما خرج يهوذا ذهب إلى رؤساء الكهنة وأتباعهم، وتقاضى ثمن تسليم يسوع لليهود عندما جاء إلى يسوع في البستان، حيث أرشد الحرس اليه وسلّم سيده بقبلة "وفيما هو يتكلم، إذا بيهوذا، أحد الاثني عشر، قد وصل ومعه جمع عظيم يحملون السيوف والعصي، وقد أرسلهم رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب. وكان مُسلّمه قد أعطاهم علامة قائلا: الذي أقبله فهو هو؛ فاقبضوا عليه. فتقدم في الحال إلى يسوع وقال: سلام ياسيدي! وقبّله. فقال له يسوع: ياصاحبي، لماذا أنت هنا؟ فتقدم الجمع وألقوا القبض على يسوع" (مت50,47:26; مر44,43:14; لو47:22; يو5,2:18). ومن المثير للانتباه ان الانجيليين عندما اشاروا الى قيام يهوذا بتسليم الرب يسوع لليهود، عرّفوه بانه أحد الاثني عشر، بل أن الرب يسوع نفسه عندما سُئل من التلاميذ عن الشخص الذي سيسلمه، أجابهم قائلاً: انه واحد من الاثني عشر (مر20:14)، وذلك أمر غاية في الأهمّية، إذ يوضّح خطيّة الخيانة بأكثر جلاء. فإن الذي كرَّمه مساويًا إيّاه بالبقيَّة، وزيّنه بالكرامات الرسوليّة، وجعله المحبوب وضمّه للمائدة المقدّسة... صار طريقًا ووسيلة لقتل المسيح. كان لابد للسيِّد المسيح وقد احتل آخر الصفوف - ليحمل آلامنا ويشرب عنّا الكأس حتى النهاية - أن يتقبّل الألم على يديّ أحد تلاميذه، وخلال قُبلة ليكون الجرح غاية في المرارة. لقد رآه النبي مجروحًا فسأله: "ما هذه الجروح في يديك؟ فيجيب السيِّد في مرارة: "هي التي جُرحتُ بها في بيت أحبائي" (زك 13: 6). وتزداد الجراحات مرارة أنها جاءت مغلَّفة بغلاف الحب الغاش، والكلمات الليِّنة التي تحمل وراءها سُم الشرّ. فقد أعطى لهؤلاء القتلة علامة، قائلًا: "الذي أُقَبّله هو". متناسياً تمامًا مجد المسيح، وظن أنه سيبقى متسترًا عندما يُقدم القبلة التي هي علامة الحب، بينما يحمل في قلبه خداعًا مرًا وشريرًا. فإنه حين كان في صحبة المسيح مخلصنا مع بقية الرسل في رحلاته، غالبًا ما سمعه يسبق فيخبرهم بالأمور المقبلة بكونه الله العالم بكل شيء، وقد سبق فأخبره عن عمل خيانته، إذ قال للتلاميذ: "الحق أقول لكم إن واحدًا منكم يسلمني". كيف إذن تبقى نيته مخفية؟ لا، بل كان الشرير الذي استغل طمعه وضعفه تجاه المال، يصارع الله في داخله، وجعل منه مسكناً له، حتى ان يوحنا الانجيلي كتب يقول " ثم غمس يسوع اللقمة وأعطاها ليهوذا. وبعد اللقمة، دخله الشيطان. فقال له يسوع: أسرع في ما نويت أن تعمله" (27:13). هكذا أعمى الطمع قلب يهوذا التلميذ ليبيع معلمه وسيّده، وقد حُدد الثمن بثلاثين من الفضة كما سبق فأنبأ عاموس النبي "لأنهم باعوا الصديق لقاء الفضة" (2: 6) كثمنٍ لبيع البار، وهو ثمن بخس يُدفع كدية عبدٍ إذا نطحه ثور وقتله "وإذا نطح الثور عبدا أو أمة، فإن صاحبه يدفع ثلاثين قطعة فضة تعويضا لمولاه" (خر 21: 32).. باع التلميذ سيده وهو الذي كان معه أغلب الأيام يقضي الساعات الطويلة، بل وأحيانًا الأيام، يراه يصنع أعمالًا عجيبة ويسمعه كثيرًا، بل ونال منه سلطانًا للكرازة وعمل الآيات، لكن قلبه لم يلتقي معه بسبب محبّة المال... من أجل الدراهم التي بلا ثمن كّف عن أن يكون مع المسيح وفقد رجاؤه في الله وكرامته والأكاليل والحياة والمجد المعد لتابعي المسيح الحقيقيين وحقه أن يملك معه. بعد ذلك بفترة حاول يهوذا الرجوع عن الشر الذي ارتكبه، باعادة الثمن للكهنة، فرغم انه بعد أن أسلم يسوع، لم يُذكر عنه شيئا في أناجيل مرقس ولوقا ويوحنا، أما ما جاء في إنجيل متى وسفر الأعمال عن ندامته وموته، ففيه اختلاف في بعض التفاصيل، فيذكر متى أن الحكم على يسوع كان سببًا في إيقاظ إحساسه بالذنب، وفي يأسه المتزايد بسبب طرد رؤساء الكهنة والشيوخ له، " فلما رأى يهوذا مسلمه أن الحكم عليه قد صدر، ندم وردّ الثلاثين قطعة من الفضة إلى رؤساء الكهنة والشيوخ، وقال: قد أخطأت إذ سلمتكم دما بريئا. فأجابوه: ليس هذا شأننا نحن، بل هو شأنك أنت! فألقى قطع الفضة في الهيكل وانصرف، ثم ذهب وشنق نفسه. (مت5,3:27) واشترى رؤساء الكهنة بالفضة حقل الفخاري الذي سمي فيما بعد "حقل الدم". وبهذا تحققت نبوة زكريا (11: 12-14). أما ما جاء في سفر الأعمال (20,16:1) فأقصر كثيرا، فلا يذكر شيئًا عن ندامة يهوذا ولا عن رؤساء الكهنة، ولكنه يذكر فقط أن يهوذا اقتنى حقلًا من أجرة الظلم وإذ سقط على وجهه انشق من الوسط فانسكبت أحشاؤه كلها (عدد 18) ويجد كاتب سفر الأعمال في هذا تحقيقًا للنبوة التي جاءت في مزمور 69: 25. وحتى لو كان يهوذا قد ندم ورجع عن الشر الذي ارتكبه، لكن الوقت كان قد فات. كانت عجلات خطة الله قد بدأت تتحرك. ويالها من مأساة أن ينهي يهوذا حياته يائساً دون أن يختبر عطية المصالحة التي كان يمكن أن يقدمها الله له هو أيضا في يسوع المسيح!. لأن يهوذا لم يكن يحمل عداوة ضد المسيح (مز 13:55)، بل وحتى بعد تسليمه للمخلص مدح المعلم قائلًا أنه أخطأ إذ سلم دمًا بريئًا، معترفًا بذلك أمام رؤساء الكهنة والشيوخ، بجانب إلقائه بالمال على الأرض دون الاستمتاع به. كل هذه اللمسات الجميلة تكشف أنه كان يمكنه أن يقدم توبة مقتربًا نحو المخلص، لكنه للأسف فتح قلبه للشيطان للمرة الثانية لينتحر فاقدًا الرجاء في الله مخلص البشرية. وقد كانت المشاعر البشرية من نحو يهوذا الإسخريوطي مختلطة، فلقد كرهه البعض بشدة لخيانته، وأشفق عليه البعض الآخر لعدم إدراكه شناعة ما فعل، إلاّ بعد فوات الأوان. وتساءل آخرون عن مدى عدالة الله في سماحه أن يتحمّل إنسان واحد كل هذا الجرم الفظيع. وبينما تتفاوت المشاعر كثيرا من جهة يهوذا، فهناك |
||||
05 - 05 - 2021, 05:23 PM | رقم المشاركة : ( 39523 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
حقائق عن يهوذا الإسخريوطي - اختيار يهوذا بمحض إرادته أن يسلم ابن الله الى أيدي الجنود الرومان "قال له يسوع: يايهوذا، أبقبلة تسلم ابن الإنسان؟" (لو48:22). - كان لصاً "ولم يقل هذا لأنه كان يعطف على الفقراء، بل لأنه كان لصا" (يو6:12). - كان يسوع يعلم أن حياة يهوذا الشريرة لن تتغير"فقال يسوع: أليس أنا اخترتكم أنتم الاثني عشر، ومع ذلك فواحد منكم شيطان" (يو70:6). - كان تسليم يهوذا ليسوع جزءاً من خطة الله، ويذكر الكتاب الشواهد التالية: "حتى صديقي الملازم لي الذي وثقت به، الآكل من طعامي قد انقلب علي، ورفع علي عقبه (مز9:41).. "ثم قلت لهم: إن طاب لكم فأعطوني أجرتي، وإلا فاحتفظوا بها. فوزنوا أجرتي ثلاثين شاقلا من الفضة فقال الرب لي: أعط هذا الثمن الكريم الذي ثمنوني به إلى الفخاري. فأخذت الثلاثين قطعة من الفضة وألقيتها في بيت الرب إلى الفخاري" (زك13,12:11 ).. "ها نحن صاعدون إلى أورشليم، حيث يسلم ابن الإنسان إلى رؤساء الكهنة، والكتبة، فيحكمون عليه بالموت" (مت18:20) "وعند المساء اتكأ مع الاثني عشر. وبينما كانوا يأكلون، قال: الحق أقول لكم: إن واحدا منكم سيسلمني. فاستولى عليهم الحزن الشديد، وأخذ كل منهم يسأله: هل أنا يارب؟ فأجاب: الذي يغمس يده معي في الصحفة هو الذي يسلمني. إن ابن الإنسان لابد أن يمضي كما قد كتب عنه، ولكن الويل لذلك الرجل الذي على يده يسلم ابن الإنسان. كان خيرا لذلك الرجل لو لم يولد! فسأله يهوذا مُسلّمه: هل أنا هو يامعلم؟ أجابه: أنت قلت" (مت 25,20:26).. "أيها الإخوة، كان لابد من أن تتم النبوءة التي قالها الروح القدس بلسان النبي داود، عن يهوذا الذي انقلب دليلا للذين قبضوا على يسوع. وكان يهوذا يعتبر واحدا منا، وقد شاركنا في خدمتنا. ثم إنه اشترى حقلا بالمال الذي تقاضاه ثمنا للخيانة، وفيه وقع على وجهه، فانشق من وسطه واندلقت أمعاؤه كلها. وعلم أهل أورشليم جميعا بهذه الحادثة، فأطلقوا على حقله اسم "حقل دمخ" بلغتهم، أي حقل الدم. فتمت النبوءة الواردة في كتاب المزامير: لتصر داره خرابا، ولا يسكنها ساكن. وأيضا: ليستلم وظيفته آخر" (أع20,16:1). لقد أرتكب يهوذا بتسليمه يسوع أكبر خطا في التاريخ، ولكن حقيقة أن يسوع كان يعلم أن يهوذا سيسّلمه، ليس معناه أن يهوذا كان العوبة في يد الله، فيهوذا نفسه هو الذي اراد ذلك، وكان الله يعلم ما سيختاره، وسمح به. وكما نوّهنا سابقاً فان يهوذا لم يفقد علاقته بالرب يسوع لأنه لم يبدأها على الاطلاق، وقد دُعي "ابن الهلاك" (يو12:17). رغم ان الرب يسوع كان يريد أن يعطى يهوذا كل فرصة للتوبة والاعتراف، بتحذيره أكثر من مرة من الطمع ومحبة المال، وتنبيهه بانه عالم بما سيفعله من خلال كشفه مسبقا لكل ما سيحدث له، فإنه حتى في لحظات القبض عليه عاتبه بكلمات لطيفة: "يا صاحب لماذا جئتَ؟!" و "يايهوذا، أبقبلة تسلم ابن الإنسان؟". فلم يبخل عنه بطول أناته عليه، كانت الفرصة متاحة له كما لبقية التلاميذ، الذين لم يتمكن منهم الشيطان رغم محاولاته، لأن قلوبهم كانت راسخة ومحبّتهم للمسيح ثابتة، لكنه وجد له موضعًا في الخائن، من أجل مرض الطمع المرّ الذي يقول عنه الرسول بولس "أصل كل الشرور، وإذ سعى بعضهم إليه، ضلوا عن الإيمان، وطعنوا أنفسهم بأوجاع كثيرة" (1تي 6: 10) ذلك المرض الذي كان قد هزمه. ويؤدي يهودا خدمة لنا، لو جَعَلَنا نفكر مرّة أُخرى في التزامنا لله ووجود روحه القدوس في داخلنا، فهل نحن تلاميذ وأتباع حقيقيون، أم مجرد ادعياء كاذبين، نستطيع أن نختار اليأس والموت، أو أن نختار التوبة والغفران والحياة الأبدية. ها هي الفرصة أمامنا، فهل نقبل عطيته المجانية ؟ أو نُسلّمه كما سَلّمه يهوذا؟. |
||||
05 - 05 - 2021, 05:24 PM | رقم المشاركة : ( 39524 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
نواحي القوة في شخصية يهوذا الإسخريوطي منجزاته ونواحي القوة في شخصيته: - لقد اختاره يسوع واحداً من الاثني عشر تلميذاً، وهو الوحيد الذي لم يكن من الجليل. - كان يحتفظ بصندوق مصاريف الجماعة. - لقد إستطاع أن يدرك مدى الشر في تسليم يسوع. |
||||
05 - 05 - 2021, 05:25 PM | رقم المشاركة : ( 39525 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
اخطاء في شخصية يهوذا الإسخريوطي ضعفاته واخطاؤه: - كان طماعاً (يو6:12). - اسلم يسوع. - انتحر بدلا من أن يطلب المغفرة. |
||||
05 - 05 - 2021, 05:26 PM | رقم المشاركة : ( 39526 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
دروس من شخصية يهوذا الإسخريوطي دروس من حياته: - إن الخطط والدوافع الشريرة تجعلنا معرضين لاستخدام الشيطان لنا في شرورو أشد: كشفت لنا شخصية يهوذا، ان العدو قد تمكن منه لتجاوبه معه في حب المال، فبث فيه السرقة (يو 12: 6)، ثم دفعه للخيانة، فصار أداته التي يستخدمها كيفما شاء، إذ سلّم يهوذا نفسه بنفسه له. وقد حذرنا الرب يسوع مرارا وتكرارا من محبة المال، ومن ضمن ما قاله "انه لايمكن أن نخدم إلاّ سيداً واحداً، ولايمكن ان نكون عبيدا لله والمال معاً". ولأن يهودا أحب المال أكثر فلم يستطع أن يكون أمينا لسيده.. ونحن نعيش في مجتمع تسوده المادية، حيث يعبد الكثيرون المال، فيصرفون كل حياتهم في جمعه واكتنازه، ليموتوا ويتركوه وراءهم. فشهوتهم للمال وما يمكن أن يشتريه، تفوق بكثير التزامهم لله وللامور الروحية، لاعتقادهم بأن المال يجلب السعادة رغم كل الدلائل الدامغة التي ثبت العكس. فالذين يسعون وراء مزيد من الثروة، يمكن أن يدوروا في حلقة مفرغة، لا تنتهي الا بالخراب والدمار. فاحذر الوقوع في شرك الماديات، باستخدام بعض المباديء التي قدمها لنا الرسول بولس وهي: ثق انه يوما ما ستضيع كل الثروة.. اقنع بما عندك.. تنبه الى ما أنت على استعداد أن تفعله للحصول على المزيد من المال.. لتكن محبتك للناس أعظم من محبتك للمال.. ليكن عمل الله أحب اليك من المال.. اقتسم مالك مع الآخرين بسخاء. - إن عواقب الشر مدمّرة للغاية، حتى إن كذبة تافهة أو أخطاء صغيرة يمكن أن تكون نتائجها خطيرة: كيف أمكن لانسان عاش مع الرب يسوع بأن يخونه؟. لقد تلقى يهوذا نفس الدعوة كالآخرين وسمع نفس التعاليم، لكنه اختار أن يرفض تحذير المسيح، كما رفض رحمته. وقد قسّى يهوذا قلبه لينضم الى أعداء يسوع المتآمرين عليه لخيانته. وكانت عواقب هذا الشر الكبير الذي ارتكبه مع القادة الدينيين وخيمة ومدمرة فعلا، فبعد أن غير يهوذا رأيه، واراد أن يُسقط اتهامه، لم يوافق القادة الدينيين على ايقاف المحاكمة، في حين انه كان من واجبهم أن يعلّموا الشعب عن الله، وأن يكونوا وسطاء بينهم وبينه، يقدمون عنهم الذبائح للتكفير عن خطاياهم، وبدلا من مساعدة يهوذا للحصول على الغفران بعد أن اعترف بانه أخطأ، قالو له "هذا شأنك أنت" فهم لم يرفضوا المسيح فحسب، بل تخلوا أيضاً عن واجبهم ككهنة، بل انهم حتى لم يشعروا باي ذنب في إعطاء يهوذا مالاً لتسليم إنسان بريء، ولكن عندما أعاد يهوذا لهم المال لم يستطيعوا قبوله إذ كان من الخطأ أخذ ثمن دم، لقد دفعتهم عداوتهم للرب يسوع الى فقدان كل احساس بالعدالة. وهكذا لم يكن ممكنًا ليهوذا أن يترك الفضّة معه، فكما أن من يترك شيئًا من أجل السيِّد المسيح يرد له مئة ضعف في هذا العالم مع حياة أبديّة في الدهر الآتي (مت 19: 29)، فأن من يبيع السيِّد بثمن يخسر مئة ضعف في هذا العالم ويفقد حياته إلى الأبد. كان يهوذا في طمعه يظن أنه يقتني ربحًا بالثلاثين من الفضّة، وإذا به يقتني همًّا وغمًا، فما كان منه الان ان يذهب ليردّ الفضّة في ندامة بلا توبة، ومرارة بلا رجاء، حتى لم يطِق حياته فمضى وشنق نفسه لكي يضع نهاية لكل تلك الشرور بشر وخطيئة أكبر، بدلا من طلب الغفران.. ومهما كان دافع يهوذا، فانه غيّر فكره، ولكن بعد فوات الاوان، وكثير من الخطط التي بدأنا في تنفيذها، لايمكن تغييرها، فمن الافضل أن نفكر في النتائج المحتملة قبل الشروع في عمل قد نندم عليه فيما بعد. - إن خطة الله ومقاصده لابد أن تتم حتى في اسوأ الحوادث: إن دور الشيطان في خيانة يسوع لايزيح عن كتف يهوذا أية مسؤولية، فسواء كان الامر قد اختلط على يهوذا، واصيب بخيبة أمل لأن الرب يسوع كان يتحدث دائماً عن الموت وليس عن إقامة مملكته، أو ربما لأن يهوذا بسبب أنه لم يفهم إرسالية الرب يسوع، لم يعد يؤمن بأنه المختار من الله، فمهما كان فكر يهوذا فإن الشيطان افترض أن موت يسوع سينهي إرساليته ويشتت خطة الله ويفسدها. ولكن الشيطان، مثل يهوذا، لم يكن يعرف أن موت الرب يسوع هو أهم جزء في خطة الله على الإطلاق.. ومع ذلك، وبالرغم من أن "خطة الله الحكيمة" كانت تقديم الخلاص لجميع الناس، ولانها لم تكن معلومة عند البشر، فقد تبدو رسالة موت المسيح من أجل الخطايا جهالة في نظر غير المؤمنين، فالموت يبدو انه نهاية الطريق ومنتهى الضعف، ولكنها أصبحت على أشد ما تكون وضوحاً عندما قام الرب يسوع من الأموات، فقيامته أثبتت أن له سلطان على الخطية والموت، وهو سيخلصنا من الموت الأبدي ويمنحنا حياة أبدية متى آمنا به مخلصاً ورباً. لذلك فلا عذر لغير المؤمنين الذين مازالت خطة الله خافية عنهم، سواء لأنهم يابون قبولها أو يفضلون تجاهلها، أو لأنهم لم يسمعوا بها. |
||||
05 - 05 - 2021, 05:27 PM | رقم المشاركة : ( 39527 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
معلومات عن يهوذا الإسخريوطى بيانات أساسية: مكان إقامته: الأرجح أنه كان من قرية قريوت. وظيفته: تلميذ ليسوع. أقرباؤه: أبوه سمعان. المعاصرون له: يسوع، بيلاطس، هيرودس، التلاميذ الأحد عشر الآخرون. الاية الرئيسية "ودخل الشيطان في يهوذا الملقب بالإسخريوطي، وهو في عداد الاثني عشر. فمضى وتكلم مع رؤساء الكهنة وقواد حرس الهيكل كيف يسلمه إليهم" (لو4,3:22). ونجد قصة يهوذا في الأناجيل ، كما يرد ذكره في أعمال الرسل (19,18:1). |
||||
05 - 05 - 2021, 05:31 PM | رقم المشاركة : ( 39528 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
يهوذا الإسخريوطي أحد تلاميذ المسيح
من هو يهوذا الاسخريوطي __ يهوذا الإسخريوطي أحد تلاميذ المسيح الأثنى عشر، ويعني أسمه " يهوذا "، أنه يهودي أو من سبط يهوذا كان معروفًا منذ اختيار الرب له أنه سيسلمه: "أجابهم يسوع أليس أني أنا اخترتكم الاثني عشر وواحد منكم شيطان قال عن يهوذا سمعان الإسخريوطي, بناء على علم الرب وتدبيره السابق " لان الذين سبق فعرفهم سبق فعيّنهم " (رو8 :29). يصفه الكتاب بأنه كان " مزمعًا أن يسلم الرب "، بل وكان سارقًا للصندوق كان أمينًا للصندوق، إلا أنه تجاهل تحذيرات الرب يسوع المسيح من الطمع والرياء (مت 6: 20،لو 12: 1 - 3)، واستغل الأموال لحسابه ولتغطية جشعه، وتظاهر بالغيرة على الصندوق. _ تأمر مع رؤساء الكهنة وباع لهم المسيح: "حينئذ ذهب واحد من الاثني عشر الذي يدعى يهوذا الإسخريوطي إلى رؤساء الكهنة " (مت26 :14). " ليسلمه إليهم " (مر14 :10) وأثناء العشاء كشف عنه الرب بشكل غير مباشر لكل التلاميذ، وحذره التحذير الأخير بأنه، المسيح، سيسلم ويصلب سواء قام هو بتسليمه أم لا، فهذا هو ما حتمته المشورة الإلهية وما هو مكتوب في كتب الأنبياء، كما حذره من المصير الذي ينتظره في حالة قيامه بتسليم الرب وخيانته له: "وفيما هم يأكلون قال الحق أقول لكم أن واحدًا منكم يسلمني. فحزنوا جدا وابتدأ كل واحد منهم يقول له هل أنا هو يا رب. فأجاب وقال. الذي يغمس يده معي في الصحفة هو يسلمني. أن ابن الإنسان ماض كما هو مكتوب عنه. ولكن ويل لذلك الرجل الذي به يسلم ابن الإنسان. كان خيرا لذلك الرجل لو لم يولد " (مت26 :22-24). _ يقول الكتاب: "فدخل الشيطان في يهوذا الذي يدعى الإسخريوطي وهو من جملة الاثني عشر " (لو22 ). " فحين كان العشاء وقد ألقى الشيطان في قلب يهوذا سمعان الإسخريوطي أن يسلمه.. لما قال يسوع هذا اضطرب بالروح وشهد وقال الحق الحق أقول لكم أن واحدا منكم سيسلمني. فكان التلاميذ ينظرون بعضهم إلى بعض وهم محتارون في من قال عنه. وكان متكئا في حضن يسوع واحد من تلاميذه كان يسوع يحبه. فأومأ إليه سمعان بطرس أن يسأل من عسى أن يكون الذي قال عنه. فاتكأ ذاك على صدر يسوع وقال له يا سيد من هو. أجاب يسوع هو ذاك الذي اغمس أنا اللقمة وأعطيه. فغمس اللقمة وأعطاها ليهوذا سمعان الإسخريوطي. فبعد اللقمة دخله الشيطان. فقال له يسوع ما أنت تعمله فاعمله بأكثر سرعة000 فذاك لما اخذ اللقمة خرج للوقت. وكان ليلا. فلما خرج قال يسوع الآن تمجد ابن الإنسان وتمجد الله فيه (يو13 :2و22-31). _ وبعد أن قبض على الرب يسوع المسيح ندم ، وبدأ يشعر بالذنب، وفي يأسه المتزايد بسبب طرد رؤساء الكهنة والشيوخ له، " طرح الفضة في الهيكل وانصرف، ثم مضى وخنق نفسه " (مت27 :5)، واشترى رؤساء الكهنة بالفضة حقل الفخاري الذي سمي فيما بعد " حقل الدم " فتحققت نبوة زكريا (11: 12 - 14). ويوضح لنا سفر الأعمال كيفية موته بعد أن شنق نفسه فيقول: "وإذ سقط على وجهه انشق من الوسط فانسكبت أحشاؤه كلها " (أع1 :16-20) . وتم فيه قول الكتاب: "لأنه مكتوب في سفر المزامير لتصر داره خرابا ولا يكن فيها ساكن وليأخذ وظيفته آخر " (أع1 :20). .................................................. ............................ |
||||
05 - 05 - 2021, 05:34 PM | رقم المشاركة : ( 39529 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
يهوذا الإسخريوطي بين الخيانة وفقدان الإنسانية
مُقدّمة سنتعامل، في هذا المقال، مع أكثر الشخصيات غموضًا في الجماعة الرسولية، ألا وهو «يهوذا الإسخريوطي». أتصوّر أنَّ اسمهُ يَخْلُق في أذهانِنا ردّة فعل مزعجة بمجرد ذكره، إذ يجعلنا نتراجع مع نوع من الخوف. لذلك فَمِن الصعب جدًا أن نكون في صحبته، لكن يجب علينا أنْ نَبْذلَ القليل من الجهد للدخول في شخصيتِه والسّعيّ خاصةً إلى كسرِ الأحكامِ المسبقة. نظرًا لكونِهِ تلميذًا ليسوع، يمكنه بالتأكيد أنْ يعلمَنا شيئًا أو يكشف لنا عن جانب خفي من هذه التلمذة المسيحية. تتحدث الأناجيل الأربعة في رواياتها عن يهوذا كشخصية مهمة لا كشخصية ثانوية، بل في بعض اللحظات كبطل للرواية: يُذكر اسم «يهوذا» من قِبل الإنجيليُّ متى 5 مراتٍ، يذكُره الإنجيليّ مرقس 3 مراتٍ ولوقا الإنجيليّ 4 مراتٍ. أمَّا الإنجيليّ يوحنَّا، فأعطاه أهميةً خاصةً، إذ يَذكُر اسمه 8 مرات (يو6: 71؛ 12: 4؛ 13: 2، 26، 29؛ 18: 2، 3-5)، خاصةً في سياقَين مهمّين: في إطار إعلان «يسوع خبز الحياة» (يو6: 60-71) وفي إطار «دَهن يسوع بالطيب في بيت عنيا» (يو12: 1-8). كما وتروي لنا الأناجيل الإزائية (متى، مرقس ولوقا)، أنَّ يهوذا بحسب التقليد كانَ مَوجودًا في أحداث “العشاء الأخير والاعتقال”، التي تحتوي على حوارٍ واضِحٍ دارَ بين يسوع ويهوذا في أثناء العشاء السريّ، بعكس الإنجيل الرابع (يوحنَّا)، الذي لا يحتوي على هذا الحوار، لأنّ يسوعَ وحدَه هو المتكلّم (متى26: 25؛ لو22: 48؛ يو13:30-26). من هو؟ يهوذا الإسخريوطي، أحد رُسُلِ المسيح، يُشير اسمهُ «يهوذا» إلى الابن الرابع للبطريرك يعقوب، لكون “يهوذا” على وجه التحديد هو مؤسس أهم قبيلة (سبط) في إسرائيل. أمّا لقبه «الإسخريوطي»، فيحتوي على الكثير من التفسيرات. يقولُ البابا بندكتوس السادس عشر في مقابلتِهِ العامة مع المؤمنين يوم الأربعاء (18 تشرين الأول 2006)، بأنّ يهوذا سميَّ “بالاسخريوطي” نسبة إلى قريتِهِ الأصليّة “كريوت أو قريوت – رجل من كريوت”، الكائنة قرب مدينة حبرون وتُذكر مرتين في الكتاب المقدّس (يش15: 25؛ عا2: 2). اسم “الإسخريوطي” مُشتق من الجذر العبري (ساكار – Sacàr)، جاء بمعنى الرشوة أو الإغراء، أي رشوة شخصٍ بالمال (عزرا 4-5)، إذ نلاحظ ذلك في أثناء «دَهن يسوع بالطيب في بيت عنيا» (يو12)، إذ يروي لنا الإنجيليّ يوحنا حقيقة حُبّ يهوذا للمال: «لِماذا لم يُبَعْ هذا الطِّيبُ بِثَلاثِمِائَةِ دينار، فتُعْطى لِلفُقَراء؟ ولَم يَقُلْ هذا لاهتِمامِه بِالفُقَراء، بل لأَنَّه كانَ سارِقاً وكانَ صُندوقُ الدَّراهِمِ عِندَه، فَيختَلِسُ ما يُلْقى فيه» (يو12: 5-6). إنَّ سؤال يهوذا في النص هو سؤالٌ قويّ وعدواني، نابع من مصلحته؛ اهتمامَه بالفقراء ليس سوى ذريعة (عذر)، لأنّه كان مُعتادًا على أنْ يأخُذَ لنفسِهِ ما كان مُقدّرًا للفقراء. بالطبع، هناك رابِط بين يهوذا والمال، بحسب التقليد، فخيانة هذا التلميذ لمعلّمِهِ كانت من أجل القطع النقديّة الشهيرة (الثلاثين قطعة نقدية فضيّة). أمّا من الناحية الإجتماعية، يحتوي اسمُهُ على الكلمة اللاتينية (سيكا – sica) بمعنى «الخنجر في يدي مسلّح»، وهذا دليلٌ على انتمائِهِ إلى جماعة (سيكاري – Sicari) «القتلة المستأجرين». التفسير الأخر لكلمة «الإسخريوطيّ» جاء من الجذر الآرامي، بمعنى الشخص الذي على وشك تسليم شخصٍ ما، أو ما يسمى “بالشخص المُسلِّم” «فيَهوذا بنَ سِمْعانَ الإِسخَريوطيّ هُوَ الَّذي سيُسلِّمُ [يسوع] معَ أَنَّه أَحَدُ الاثنَي عَشَر» (يو6: 71). حدثُ الخيانة خيانة يسوع من قبل يهوذا الإسخريوطي، يحدث في وقتين: التصميم (التخطيط) للحدث والتنفيذ له. فالتخطيط يَحدُث عندما يتّفق يهوذا مع خصوم يسوع على ثلاثين من الفضة (متى26: 14-16)، إذ من الصعب أنْ نستطيع تقدير ثمنِها، لكنّنا نعلم بأنّها كافية لشراء عبد. أما التنفيذ، يحدثُ في بستان الزيتون بقبلةٍ من يهوذا، متّفق عليها بينهُ وبين عظماء الكهنة وشيوخ الشعب (متى26: 46-50). فهكذا يتم تقديم شخصية يهوذا باعتباره خائنًا وأنَّهُ يتّبع المسيح من المظهر، فشخصيّته تمثّل انفصالاً واضحًا بين الوجود والظهور، بين التبعيّة والخيانة، بين المَعَ والضّد. لذلك نراهُ يبتعدُ خارجًا عن جماعة الرسل خلال العشاء السريّ ليعود للظهور ثانية في بستان الزيتون. يروي لنا يوحنّا الإنجيلي أنّ يهوذا في غسل أرجل التلاميذ دخل الشيطانُ قلبَه: «وفي أَثْناءِ العَشاء، وقَد أَلْقى إِبَليسُ في قَلْبِ يَهوذا بْنِ سِمعانَ الإِسخَريوطيِّ أَن يُسلِمَه […] فما إِن أَخَذَ اللُّقمَةَ حتَّى دَخَلَ فيه الشَّيطان» (يو13: 2- 27). لكن بالحقيقة، لا نعرف متى دخل الشيطانُ قلبَ يهوذا، أقبل تناوله للعشاء السريّ أم بعده؟ النصُّ يذكر بأنْ يهوذا يسلُك في طريقٍ طويلٍ مُظلمٍ قبل الوصول إلى القرار الحاسم بالخيانة. صحيحٌ أنَّ محاولةَ يسوع السّاحقة لإثنائِهِ عن الهدف واستعادتِه في ضوء الحقيقة تتداخل مع رحلة يهوذا الشخصية، لذلك يمكننا تسمية النص أعلاهُ «بخط مسار يهوذا نحو تحقيق الخيانة أو ببداية الإغراء التي ينفذها الشيطان في قلب الرسول». هكذا يصبح يهوذا موضع خلاف بين يسوع، الذي يريد إنقاذه تمامًا والاحتفاظ بهِ كتلميذٍ من بين تلامذتِهِ، والمجرّب (الشيطان) الذي يريد من يهوذا أنْ يقطع كل العلاقات الحميمة التي تربطهُ بهذه المجموعة وأن يتجنّب ولاءه للمعلم يسوع. يهوذا ورمز القبلة (الأنا) بطلا الرواية، بحسب يوحنا الإنجيلي، ليسا يسوع ويهوذا، بل يسوع والشيطان (يو13)، لأنّ شخصية يهوذا تصبح مدعوةً لاتخاذ قرار: إمّا أنْ يبقى مع الربّ، أو مع خصمِهِ الشيطان؛ إمّا معَ النور أم مَع الظلام. بالتالي تبدأ حرب الاستيلاء والتحرير على يهوذا، فالشيطان يريدُ الاستيلاء عليه ويسوع يريدُ أنْ يحرّره. يبدأ يسوع في الاستجابة على استفزازات الشيطان، لكي ينقذ يهوذا من يده، فأول عمل يقوم به يسوع، هو “غسل أرجل التلاميذ“، يحاولُ من خلاله استعادة يهوذا وتحريره من الشيطان لكيلا يقع في الخطيئة: «فإِذا كُنتُ أَنا الرَّبَّ والمُعَلِّمَ قد غَسَلتُ أَقدامَكم، فيَجِبُ علَيكُم أَنتُم أَيضاً أَن يَغسِلَ بَعضُكم أَقدامَ بَعْض. فقَد جَعَلتُ لَكُم مِن نَفْسي قُدوَةً لِتَصنَعوا أَنتُم أَيضاً ما صَنَعتُ إِلَيكم» (يو13: 14-15). يُبيّن يسوع ليهوذا، أنّهُ لا يواجه رجُلاً مُستبدًّا، مُتكبّرًا، بل يواجه سيد الحياة؛ ليس برجُلٍ مُتسلِّطٍ، بل برجلٍ مُتواضِع، يغسل أرجلَ تلاميذه كالخَدَم. بالرغمِ من قوته وألوهيته يفعل ما يفعلُهُ الخدم: «خَلَعَ ثِيابَه، وأَخَذَ مِنديلاً فَائتَزَرَ بِه، ثُمَّ صَبَّ ماءً في مَطهَرَةٍ وأَخَذَ يَغسِلُ أَقدامَ التَّلاميذ، ويَمسَحُها بِالمِنديلِ الَّذي ائتَزَرَ بِه» (يو13: 4-5). نلاحظ في هذا المشهد، يُساءُ فهمه من قبل هامة الرسل ورأس التلاميذ بطرس، لذلك يقوم بشرحِ ما قامَ به بصوتٍ عالٍ، ليس فقط لبطرس بل لجميع الرسل، خاصةً ليهوذا. يستفزّ بعملِهِ هذا يهوذا بصورة غير مُباشرة ليفتح عينيه على الواقع ويكتشف أين هو من هذا العمل، كما لو كان يقولُ لهُ: «اسمح لنفسكَ يا يهوذا، افتح قلبك ولا تكُن مُتردِّدًا، اسمع لضميرك ولا تَسمع للأنا!». يطلب يسوع من يهوذا أنْ يؤمن بالمصالحة مع الله، ليس أن ييأس من مغفرتِهِ، فالله لديه القدرة على إعادة قلبِ الخاطئ إلى قلبٍ نقيّ. لا يغفلُ يسوع لحظة واحدة عن يهوذا، إنْ فعلَ ذلك، فالشيطان قادرٌ على أنْ يأخذَه منهُ بسهولة؛ هو مستعدٌّ ليستحوذ عليه بلحظةٍ واحدة. لا نعلم بالحقيقة ماذا حدث ليهوذا، هل بالفعل يعتقدُ أنّهُ أكبر من الشخصِ الذي اختارَهُ وأرسلَهُ كرسولٍ، كمبشِّرٍ للأُمَم؟ (يو13: 18-19). يُريد يسوع أنْ يفتح عيني يهوذا أمام نجاسة أفكاره: «ما كانَ الخادِمُ أَعظِمَ مِن سَيِّدهِ ولا كانَ الرَّسولُ أَعظَمَ مِن مُرسِلِه» (يو13: 16). أعلَنَ يسوع بصورةٍ واضِحةٍ من سيخونه لتلاميذه: «فَغَمَس اللُّقمَةَ ورَفَعَها وناوَلَها يَهوذا بْنَ سِمْعانَ الإِسخَريوطيّ» (يو13: 26). «أعلنَ»، كلمةٌ يُمكن أنْ تُتَرجَم بكلمة “شَهدَ شهادة”، كما لو كان يسوع بالمحكمة يَشهدُ ضِد يهوذا الإسخريوطي الذي خانَهُ على أمل أنْ يَعترِف بفعلتِهِ هذه. هنا يهوذا هو المدَّعي عليه، فاتّهامُ يسوع لهُ ليس كانتقامٍ كما يمكن أن يحدثَ بمحكمةٍ بشريّةٍ، لكن لكي ينبّههُ بخطيئته وبذلك يستعيده من يد الشيطان. عَلِمَ يسوع من هذه اللحظة أنّهُ قد فقدَ يهوذا الإسخريوطي فشعر بأنّ نفسه مضطربة، أو بالأحرى الترجمة الصحيحة للكلمة اليونانيّة (etaràchthe tأ² pnèumati) المشتقّة من كلمة (taràssein)، «مضطرب الروحِ»: «فاضطَرَبَت نَفْسُه فأَعلَنَ قال: “الحَقَّ الحَقَّ أَقولُ لَكم: إِنَ واحِداً مِنكُم سَيُسلِمُني”» (يو13: 21). لا أحدَ يعرف في تلك اللحظة شعور يسوع سوى يوحنّا الحبيب الذي اتّكئ على صدره، فسمع بالتأكيد نَبَضات قلبه المضطربة، لأنّهُ من الصعبِ جدًّا التفكيرُ بأنّ يخونكَ أقرب الناس إليك! اضطراب يسوع هذا جعله يلجأ فيما بعد إلى مكانٍ هادئ ليُصلي بنفسٍ حزينة، طالبًا العون من الآب لتحمّل الآلام، فلجأ إلى «بستانِ الزيتون». يملك الشيطان الآن ورقَةً رابحة لإرباك يسوع وإزعاجه ألا وهي يهوذا الإسخريوطيّ. يأمُرُ يسوع يهوذا بأنْ يخونه ليخلّصهُ من هذا الذنب: «إفعَلْ ما أَنتَ فاعِلٌ وعَجّل» (يو13: 27). كما لو كان يقول: «من هذه اللحظة التي لَم أستطعْ أبعاد عنك ثقل اختيارك بالخيانة، أوصيكَ إذًا أنْ تفعل ذلك وأنا بدوري أتحمّل نتيجة فعلتك هذه». لنتأمل جيدًا في هذا النص، نلاحظ بأنّ يهوذا كالسارقِ الذي فاجأهُ مالِكُ البيتِ يسرق فقالَ لهُ: «ماذا تريدُ أنْ تسرق منّي؟ أهذا ما تريدُ؟ ها هو! أعطيكَ إياهُ هديّة». يا يهوذا أنا أسامحك ولن أقاضيكَ على ما فعلته بيّ، فأذهب ولا تقترف هذا الذنب من جديد، اسمع لضميرك دائمًا ولما يقوله لكَ فهو الذي يرشدك إلى عمل الخير وترك الشر وعد لتعيش حياتك. يعتقد الكلُّ هنا بأنَّ يسوع، في هذه اللحظة، تخلى نهائيًّا عن يهوذا، تركه في يدِّ الشيطان، على العكس، أرادَ يسوع أنْ يبيّن للشيطان أنّهُ قادِرٌ على الاستحواذِ على يهوذا لأنّهُ الآن لوحدِهِ، لا يملكُ أي صاحِب. بالحقيقة، لن يترك يسوع يهوذا ولو للحظة ولن يستسلم أبدًا. دعا يسوع يهوذا الإسخريوطي في ليلة الحب مثلما فعل مع بطرس، أندراوس، يعقوب والرسل الآخرين. فَلَم يَخترْ يهوذا الإسخريوطي لغرض الخيانة – في بعضِ قراءات الآباء والمفسرين، حتى تلك المعتمدة، نرى بأنَّ يهوذا قد دُعيَ من قبل يسوع ليكون خائِنًا، ليقوم بتسليمِهِ إلى رؤساءِ الكهنة وشيوخِ الشعب، فأصبح ضحيّة لهذا الفكر. كما ويُبالِغ يوحنا الإنجيليّ في بعض الأحيان أيضًا، في عرض شخصيّة يهوذا الإسخريوطي كخائن – اختيرَ ليكون رسولاً حقيقيًّا، مُبشِّرًا للأمم، ولكنَّ “الأنا” تغلّبَ عليهِ، فوقع بخطيئة الخيانة. حبُّه للمعلم لم يكُن حُبًّا أصيلاً، بل كانَ حُبًّا أنانيًّا، حُبًّا من أجلِ المال، السلطة والشهرة، هذه هي خطيئة يهوذا. متى بدأت رحلة الظلام التي سلكها يهوذا؟ كيف لهُ أنْ يُسلِّم المعلم؟ بالحقيقة، لا أحد يعرف متى بدأ يهوذا يُفكّر بالخيانة لأنّ ذلكَ لا يزال لغزًا! إنّهُ سرُّ الحياة! التفكير في شخصيّة يهوذا تعني التأمُّل في “الأنا” الخاص بهِ وفي مأساة الحرية. يهوذا تلقى نفس الدعوة مثل الآخرين إلى القداسة، رافق المعلم خلال الثلاث سنوات. رَغِبَ يسوع بقدر المُستطاع إنقاذَهُ، لكنَّه لم يستجب لمحاولاتِه، بل تعثّر ووقع أكثر فأكثر في خطيئة «الأنا». أختارَ يهوذا علامة الحبِّ “القبلة” لتسليم المعلم، فمُنذُ تلك اللحظة أصبحت القبلة رمزًا للانفصال والكره والخيانة، رمزًا للأنا. صعوبة يهوذا لم تكمُنْ في خطورةِ الخطيئة المرتكبة (الخيانة) – لا ننسى بأنّ الخطيئة دائمًا ذنبٌ يُعاقب الله عليها – بل لأنّهُ بعد فترة من حدَثِ الخيانة، هامةُ الرسل “بطرس” سيفعل أسوء من ذلك، سينكُر هويّته، معرِفتَهُ ليسوع وللجماعة الرسولية. يهوذا، فضّلَ الخطيئة على الرجوع بسبب “الأنا”، عدم التواضع، فقدان الأمل في مغفرة الرّب والمصالحة معهُ؛ لو أنّهُ طلبَ المغفرة بعد خيانته للربّ يسوع، لاستجاب لتوبته، واستقبله الرسل ورحّبوا به مثلما فعلوا مع مضطهد المسيحين بولس، لا بل مثلما حدَثَ مع الأب الرحيم الذي استقبل ابنه رغم فعلته النكراء تلك (لو15). دعوةٌ لنا يمكننا نحنُ أيضًا أن نسلكَ في الطريق المظلم الذي سلكَهُ يهوذا وبطرس عندما نرتكب الخطايا، فلم يَعُد بإمكانِنا رؤية الحبِّ الأزلي، اللامتناهي ونعتقد بأنّهُ لا حاجةَ إلى التوبة. أثناء هذه المسيرة نكتشف بأنَّ هنالكَ ضوء يُنيرُ طريقنا، إذ يرشدُنا إلى طريقٍ أخرى، إلى طريقِ التوبة. بالتأكيد من الصَعب رؤية هذا الضوء، إن كان الأنا يطغى عليه ونظرنا مُتّجهٌ نحو الأسفل. يهوذا فضّلَ اختيار “الأنا”، المسارُ الذي يوبّخنا باستمرار، الذي يجعلنا يائسين من وجود خلاص الربّ، يجعلنا ننطوي على أنفسنا ولا نريد اللجوء إلى الأنت، الأخر الذي يساعنا. يقولُ البابا بندكتوس السادس عشر في مقابلتِهِ العامة مع المؤمنين يوم الأربعاء (18 تشرين الأول 2006)، متكلّمًا عن يهوذا ومتيّا: «بُطرُس بعد سقطتِهِ نَدِم، فوجدَ الغفران والنّعمة؛ يهوذا أيضًا نَدِم، إلا أنّ ندَمَهُ أدّى إلى اليأس وتحوّل هكذا إلى تدمير الذات. لنتذكّر جيدًا ما يقوله القديس بندكتوس في نهاية الفصل الخامس من “قانونه”: “لا تيأس أبدًا من الرحمة الإلهيّة”. لنحتفِظْ في فكرنا بشيئين: الأول، يسوع يحترم حريتنا؛ الثاني، يسوع ينتظر جهوزيتنا للندامة والاهتداء. فيسوع غني بالرحمة والغفران». السؤال الذي أسالهُ دائمًا أين كان نظرُ يهوذا متّجهًا؟ أينَ كان عقله من توجيه المعلم لهُ؟ ألم يتذكّر قدرته على فعل الخير وعلى الحبِّ؟ أين انتهى اهتمامهُ بالفقراء؟ بالتأكيد، كان نظره مُتّجِهًا نحو الأنا، فالخطأ الذي ارتكبه، كان ذريعًا ولكنّهُ لم يؤمن بالتوبة والتغير. فإنّ اعترفَ بخطيئتهِ وطلب الغفران، بعيدًا عن تكبره، مثلما فعل بطرس، لكانَ الآن رسولاً ومُبشّرًا للأُمَم بالخلاص الأبدي. مدَّ يسوع ذراعيه منتظرًا بفارغ الصبر عودة الابن الضال، الخروف الضائع، لكي يستقبله بفرح ويقيم له حفلاً كبيرًا، ولكن ذاك استخدمَ بطريقة سيئة حريتَهُ، فابتعد أكثر عن يسوع. |
||||
05 - 05 - 2021, 05:37 PM | رقم المشاركة : ( 39530 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
من هو؟ يهوذا الإسخريوطي من هو؟ يهوذا الإسخريوطي، أحد رُسُلِ المسيح، يُشير اسمهُ «يهوذا» إلى الابن الرابع للبطريرك يعقوب، لكون “يهوذا” على وجه التحديد هو مؤسس أهم قبيلة (سبط) في إسرائيل. أمّا لقبه «الإسخريوطي»، فيحتوي على الكثير من التفسيرات. يقولُ البابا بندكتوس السادس عشر في مقابلتِهِ العامة مع المؤمنين يوم الأربعاء (18 تشرين الأول 2006)، بأنّ يهوذا سميَّ “بالاسخريوطي” نسبة إلى قريتِهِ الأصليّة “كريوت أو قريوت – رجل من كريوت”، الكائنة قرب مدينة حبرون وتُذكر مرتين في الكتاب المقدّس (يش15: 25؛ عا2: 2). اسم “الإسخريوطي” مُشتق من الجذر العبري (ساكار – Sacàr)، جاء بمعنى الرشوة أو الإغراء، أي رشوة شخصٍ بالمال (عزرا 4-5)، إذ نلاحظ ذلك في أثناء «دَهن يسوع بالطيب في بيت عنيا» (يو12)، إذ يروي لنا الإنجيليّ يوحنا حقيقة حُبّ يهوذا للمال: «لِماذا لم يُبَعْ هذا الطِّيبُ بِثَلاثِمِائَةِ دينار، فتُعْطى لِلفُقَراء؟ ولَم يَقُلْ هذا لاهتِمامِه بِالفُقَراء، بل لأَنَّه كانَ سارِقاً وكانَ صُندوقُ الدَّراهِمِ عِندَه، فَيختَلِسُ ما يُلْقى فيه» (يو12: 5-6). إنَّ سؤال يهوذا في النص هو سؤالٌ قويّ وعدواني، نابع من مصلحته؛ اهتمامَه بالفقراء ليس سوى ذريعة (عذر)، لأنّه كان مُعتادًا على أنْ يأخُذَ لنفسِهِ ما كان مُقدّرًا للفقراء. بالطبع، هناك رابِط بين يهوذا والمال، بحسب التقليد، فخيانة هذا التلميذ لمعلّمِهِ كانت من أجل القطع النقديّة الشهيرة (الثلاثين قطعة نقدية فضيّة). أمّا من الناحية الإجتماعية، يحتوي اسمُهُ على الكلمة اللاتينية (سيكا – sica) بمعنى «الخنجر في يدي مسلّح»، وهذا دليلٌ على انتمائِهِ إلى جماعة (سيكاري – Sicari) «القتلة المستأجرين». التفسير الأخر لكلمة «الإسخريوطيّ» جاء من الجذر الآرامي، بمعنى الشخص الذي على وشك تسليم شخصٍ ما، أو ما يسمى “بالشخص المُسلِّم” «فيَهوذا بنَ سِمْعانَ الإِسخَريوطيّ هُوَ الَّذي سيُسلِّمُ [يسوع] معَ أَنَّه أَحَدُ الاثنَي عَشَر» (يو6: 71). |
||||