منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 28 - 04 - 2021, 11:08 PM   رقم المشاركة : ( 39051 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,297,515

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



خلاصه حياة ايوب




وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




خِتام الأمر وخلاصته

في نهاية السِّفر، اندهش أيوب عندما عرف وأدرك جيداً أن الله يستطيع كل شيء ولا يعسر عليه أمر (اي ظ¤ظ¢: ظ¢)، عرف أن الله يستطيع ان يعيد الوعاء بعد ان تحطّم ليس فقط الى ما كان عليه قبلاً بل الى حالة أفضل وأسمى وأعمق. وان الله يقدر أن يجمع القِطَع المتبعثرة من جديد ويصنع منها انساناً جديداً حسب صورة خالقه. لم تعُد العلاقة بين ايوب والله سطحية بل مَتينة وعميقة وذات معنى. استطاع ايوب ان يعكس صفات الله للآخرين من حوله. ظنّ العدو انه حطّم ايوب، لكن الله حوّل شر ابليس الى بركة وخير. ظنّ ايوب انه انتهى وقُضيَ عليه، فحنَّ الى الماضي، لكن الرب أقنعه أن ما ظنّه ايوب نهاية، هو بداية وقيامة، وعلِمَ ايوب منذ آلاف السنين ما كشفه الرسول بولس ان انساننا الخارج يفنى اما الداخل فيتجدّد يوماً فيوماً (ظ¢ كو ظ¤: ظ،ظ¦).
 
قديم 28 - 04 - 2021, 11:10 PM   رقم المشاركة : ( 39052 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,297,515

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

أيوب




وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



â†گ اللغة الإنجليزية: Job - اللغة العبرية: ×گض´×™ض¼×•ض¹×‘ - اللغة اليونانية: خ™دژخ² - اللغة القبطية: Iwb?.
لا يكل الأطفال مطلقاً من السؤال: "لماذا؟" ولكن هذا السؤال يصبح مزيرًا كلما تقدمت بنا الأيام. فالأطفال يستغربون من كل شيء، والبالغون يتعجبون من الألم، ونلاحظ أن العالم يبدو وكأنه يسير على نظام "السبب والنتيجة" أو "العلة والمعلول". ومع ذلك فهناك بعض النتائج التي لا نستطيع أن نجد لها سببًا واضحًا، وكذلك بعض الأسباب التي لا تؤدي إلى النتائج المنتظرة. قد نتوقع أن ثروة أيوب وأسرته تؤديان به إلى حياة سعيدة، وقد تحقق ذلك لبعض الوقت، ولكن ما عاناه من خسارة وألم، يصيبنا بصدمة. فالفصلان الأولان من كتابه أكثر مما نستطيع أن نحتمل. وللذين يبادرون بالسؤال "لماذا؟" أمام أقل المصائب، تبدو أمانة أيوب شيئًا لا يُصدق. ولكن أيوب نفسه كان يلزمه أن يتعلم شيئًا، ونستطيع أن نتعلمه نحن أيضًا معه.
وقد جعلنا عصرنا، عصر السرعة، في كل شيء، نفقد القدرة على الانتظار، فنتوقع أن نتعلم الصبر بسرعة، وفي عجلتنا يفوتنا التناقض بين الصبر والتعجل. ويأتي الألم على رأس قائمة ما نحتاج اليوم. فنحن نريد علاجًا سريعًا لكل شيء، من ألم الأسنان إلى الأزمات القلبية.
ومع أن بعض الأوجاع أمكن شفاؤها، فمازلنا نعيش في عالم يتألم فيه الكثيرون. ولم يكن أيوب ينتظر إجابات فورية للألم العاطفي والجسدي الشديد الذي كان يعانيه. ولكن في النهاية، لم يكن الألم هو الذي هدم صبر أيوب، بل بالحري عدم معرفته سبب آلامه.
وفي الواقع لم تختلف نظرة أيوب إلى الحياة كثيرًا عن نظرة أصحابه. أما ما لم يستطع أن يفهمه فهو لماذا يعاني كل هذا الألم، بينما هو متيقن من أنه لم يفعل ما يستحق هذا العقاب. وقد قدم الصديق الأخير "أليهو" تفسيرًا آخر للألم، بأن الله يمكن أن يكون قد سمح به لتنقية أيوب. ولكن لم يكن في هذا إلا تخفيف جزئي. وعندما تكلم الله أخيرًا، لم يقدم لأيوب، جوابًا، بل، عوضًا عن ذلك، أكد فكرة أن معرفة الله أفضل من معرفة الأجوبة.
وكثيرًا ما نعاني من عواقب قرارات وأفعال سيئة. وإستعداد أيوب للتوبة والاعتراف بأخطاء معروفة مثال طيب لنا، وكثيرًا ما يؤهلنا الألم لخدمة خاصة للآخرين. وأحياناً يكون الألم نتيجة لهجوم الشيطان على حياتنا. وأحياناً لا نعلم لماذا نتألم، وفي مثل هذه الأوقات نكون على استعداد للاتكال على الله بالرغم من الأسئلة التي تظل بلا إجابة.

نقاط القوة والإنجازات في شخصيته:
- كان رجل الإيمان والصبر والاحتمال.
- كان مشهورًا بأنه شخص كريم وعطوف.
- كان واسع الثراء.

نقاط الضعف والخطأ:
سمح لآلامه أن تهزمه وتجعله يُسائل الله.

دروس من حياته:
- معرفة الله أفضل من معرفة الأجوبة.
- الله ليس مستبدًا أو قاسيًا.
- ليس الألم عقابًا دائمًا.

بيانات أساسية:
المكان: أرض عوص.
المهنة: غني وصاحب أرض وماشية.
الأقرباء: زوجة، وكان له عشرة أبناء لا تُذكر أسماؤهم. وبناته بعد الشفاء: يميمة وقصيعة وقرن هنوك.
معاصروه: أليفاز، بلدد، صوفر، أليهو.

الآيات الرئيسية:
"واقتدوا يا إخوتي في احتمال الآلام والصبر عليها، بالأنبياء الذين تكلموا باسم الرب، فنحن نقول عن الصابرين على الألم: "طوبى لهم". وقد سمعتم بصبر أيوب، ورأيتم كيف عامله الرب في النهاية. وهذا يبين أن الرب كثير الرحمة والشفقة" (يع 5: 10، 11).
ونجد قصة أيوب في سفر أيوب، كما يُشار إليه في (حز 14:14، 20 / يع 5: 11).

 
قديم 28 - 04 - 2021, 11:11 PM   رقم المشاركة : ( 39053 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,297,515

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

نقاط القوة والإنجازات في شخصية ايوب


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




نقاط القوة والإنجازات في شخصيته:
- كان رجل الإيمان والصبر والاحتمال.
- كان مشهورًا بأنه شخص كريم وعطوف.
- كان واسع الثراء.
 
قديم 28 - 04 - 2021, 11:11 PM   رقم المشاركة : ( 39054 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,297,515

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

نقاط الضعف والخطأ في شخصية ايوب


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




نقاط الضعف والخطأ:
سمح لآلامه أن تهزمه وتجعله يُسائل الله
 
قديم 28 - 04 - 2021, 11:13 PM   رقم المشاركة : ( 39055 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,297,515

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

دروس من حياة ايوب


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




دروس من حياته:
- معرفة الله أفضل من معرفة الأجوبة.
- الله ليس مستبدًا أو قاسيًا.
- ليس الألم عقابًا دائمًا.
 
قديم 28 - 04 - 2021, 11:13 PM   رقم المشاركة : ( 39056 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,297,515

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

البيانات الأساسية لايوب

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




بيانات أساسية:
المكان: أرض عوص.
المهنة: غني وصاحب أرض وماشية.
الأقرباء: زوجة، وكان له عشرة أبناء لا تُذكر أسماؤهم. وبناته بعد الشفاء: يميمة وقصيعة وقرن هنوك.
معاصروه: أليفاز، بلدد، صوفر، أليهو.

الآيات الرئيسية:
"واقتدوا يا إخوتي في احتمال الآلام والصبر عليها، بالأنبياء الذين تكلموا باسم الرب، فنحن نقول عن الصابرين على الألم: "طوبى لهم". وقد سمعتم بصبر أيوب، ورأيتم كيف عامله الرب في النهاية. وهذا يبين أن الرب كثير الرحمة والشفقة" (يع 5: 10، 11).
ونجد قصة أيوب في سفر أيوب، كما يُشار إليه في (حز 14:14، 20 / يع 5: 11).
 
قديم 28 - 04 - 2021, 11:16 PM   رقم المشاركة : ( 39057 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,297,515

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

تقييم الله والكتاب المُقدّس لأيُّوب




وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



â†گ اللغة الإنجليزية: Job - اللغة العبرية: ×گض´×™ض¼×•ض¹×‘ - اللغة اليونانية: خ™دژخ² - اللغة القبطية: Iwb?.

(أيُّوب 1: 1) "كَانَ رَجُلٌ فِي أَرْضِ عَوْصَ ظ±سْمُهُ أَيُّوبُ. وَكَانَ هَذَا ظ±لرَّجُلُ كَامِلًا وَمُسْتَقِيمًا، يَتَّقِي ظ±للهَ وَيَحِيدُ عَنِ ظ±لشَّرِّ".
(أيُّوب 1: 5) " وَكَانَ لَمَّا دَارَتْ أَيَّامُ ظ±لْوَلِيمَةِ، أَنَّ أَيُّوبَ أَرْسَلَ فَقَدَّسَهُمْ، وَبَكَّرَ فِي ظ±لْغَدِ وَأَصْعَدَ مُحْرَقَاتٍ عَلَى عَدَدِهِمْ كُلِّهِمْ، لِأَنَّ أَيُّوبَ قَالَ: "رُبَّمَا أَخْطَأَ بَنِيَّ وَجَدَّفُوا عَلَى ظ±للهِ فِي قُلُوبِهِمْ". هَكَذَا كَانَ أَيُّوب يَفْعَلُ كُلَّ ظ±لأَيَّامِ".
(أيُّوب 1: 8) "فَقَالَ يَهْوَه لِلشَّيْطَانِ: "هَلْ جَعَلْتَ قَلْبَكَ عَلَى عَبْدِي أَيُّوبَ؟ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِثْلُهُ فِي ظ±لْأَرْضِ. رَجُلٌ كَامِلٌ وَمُسْتَقِيمٌ، يَتَّقِي ظ±للهَ وَيَحِيدُ عَنِ ظ±لشَّرِّ".
ما النقطة الأساسيّة التي ترونها في هذه الفقرات؟ تتعلّق هذه المقتطفات الثلاثة المختصرة من الكتاب المُقدّس كلها بأيُّوب. ومع أنها قصيرة، إلا أنها تكشف بوضوحٍ نوع شخصيّته. من خلال وصفها لسلوك أيُّوب اليوميّ وتصرّفه، فإنها تُخبِر الجميع أن تقييم الله لأيُّوب لم يكن بلا أساسٍ بل كان قائم على أساس صحيح. تُخبِرنا أنه سواء كان تقييم الإنسان لأيُّوب (أيُّوب 1: 1) أو تقييم الله لأيُّوب (أيُّوب 1: 8)، فكلاهما نتاجٌ لأفعال أيُّوب أمام الله والإنسان (أيُّوب 1: 5).
أولًا، دعونا نقرأ الآية الأولى: كَانَ رَجُلٌ فِي أَرْضِ عَوْصَ ظ±سْمُهُ أَيُّوبُ. وَكَانَ هَذَا ظ±لرَّجُلُ كَامِلًا وَمُسْتَقِيمًا، يَتَّقِي ظ±للهَ وَيَحِيدُ عَنِ ظ±لشَّرِّ". هذه الآية هي التقييم الأول لأيُّوب في الكتاب المُقدّس، وهي تقييم الكاتب لأيُّوب. وبطبيعة الحال، فإنها تُمثّل أيضًا تقييم الإنسان لأيُّوب: " وَكَانَ هَذَا ظ±لرَّجُلُ كَامِلًا وَمُسْتَقِيمًا، يَتَّقِي ظ±للهَ وَيَحِيدُ عَنِ ظ±لشَّرِّ". دعونا بعد ذلك نقرأ تقييم الله لأيُّوب: "لِأَنَّهُ لَيْسَ مِثْلُهُ فِي ظ±لْأَرْضِ. رَجُلٌ كَامِلٌ وَمُسْتَقِيمٌ، يَتَّقِي ظ±للهَ وَيَحِيدُ عَنِ ظ±لشَّرِّ". (أيُّوب 1: 8). من بين التقييمين، جاء تقييمٌ من الإنسان وجاء التقييم الآخر من الله. هذان التقييمان لهما المحتوى نفسه. يمكن أن نرى، إذًا، أن سلوك أيُّوب وتصرّفه كانا معروفين للإنسان، كما كانا موضع مدح من الله. وهذا يعني أن سلوك أيُّوب أمام الإنسان وسلوكه أمام الله هما السلوك نفسه. لقد وضع سلوكه ودافعه أمام الله في جميع الأوقات، بحيث يمكن أن يلاحظهما الله، كما أنه كان يتّقي الله ويحيد عن الشرّ. وهكذا، في نظر الله، لم يكن سوى أيُّوب من بين الناس على وجه الأرض مَنْ كان كاملًا ومستقيمًا ومَنْ كان يتّقي الله ويحيد عن الشرّ.
مظاهر مُحدّدة من اتّقاء أيُّوب الله وحيدانه عن الشرّ في حياته اليوميّة





دعونا بعد ذلك نلقي نظرةً على مظاهر مُحدّدة لاتّقاء أيُّوب الله وحيدانه عن الشرّ. بالإضافة إلى المقاطع السابقة واللاحقة، دعونا أيضًا نقرأ أيُّوب 1: 5، وهي أحد المظاهر المُحدّدة لاتّقاء أيُّوب الله وحيدانه عن الشرّ. إنها تتعلّق بكيفيّة اتّقاء أيُّوب الله وحيدانه عن الشرّ في حياته اليوميّة؛ وأكثر هذه الأمور وضوحًا أنه لم يكتفِ بعمل ما كان يجب عمله نتيجة اتّقاءه الله وحيدانه عن الشرّ، بل إنه كان يُصعِد بانتظامٍ محرقات أمام الله عن أبنائه. كان يخشى من أن يكون أبناؤه "رُبَّمَا أَخْطَأَوا... وَجَدَّفُوا عَلَى اللهِ فِي قُلُوبِهِمْ" في أيام الوليمة. وكيف ظهر هذا الخوف عند أيُّوب؟ يُقدّم النصّ الأصليّ الرواية التالية: "وَكَانَ لَمَّا دَارَتْ أَيَّامُ ظ±لْوَلِيمَةِ، أَنَّ أَيُّوبَ أَرْسَلَ فَقَدَّسَهُمْ، وَبَكَّرَ فِي ظ±لْغَدِ وَأَصْعَدَ مُحْرَقَاتٍ عَلَى عَدَدِهِمْ كُلِّهِمْ". يُبيّن لنا تصرّف أيُّوب أن اتّقاءه الله، بدلاً من كونه متجلّيًا في سلوكه الخارجيّ، كان نابعًا من داخل قلبه، واتّقاء الله هذا يمكن إيجاده في كل جانبٍ من جوانب حياته اليوميّة، وفي جميع الأوقات، لأنه لم يكن يحيد عن الشرّ فحسب، بل كان كثيرًا ما يُصعِد محرقات عن أبنائه. وهذا يعني أن أيُّوب لم يكن خائفًا خوفًا شديدًا من الخطيّة أمام الله والتجديف على الله في قلبه، ولكنه كان مهمومًا أيضًا من أن يكون أبناؤه قد أخطأوا أمام الله وجدّفوا عليه في قلوبهم. يمكن أن نرى من هذا أن حقيقة اتّقاء أيُّوب الله تصمد أمام الفحص الدقيق، وأبعد من شكّ أيّ إنسانٍ. هل كان يفعل ذلك في قليلٍ أم كثيرٍ من الأحيان؟ تقول الجملة الأخيرة من النصّ: "هَكَذَا كَانَ أَيُّوب يَفْعَلُ كُلَّ ظ±لأَيَّامِ". هذه الكلمات تعني أن أيُّوب لم يكن يذهب ويتفقد أبناءه من حينٍ لآخر، أو عندما كان يروق له الأمر، ولم يكن يعترف لله من خلال الصلاة. بدلًا من ذلك، كان يُرسِل بانتظامٍ ويُقدّس أبناءه ويُصعِد محرقات عنهم. لا يعني تعبير "كُلَّ الأَيَّامِ" هنا أنه فعل ذلك لمدة يومٍ أو يومين، أو للحظاتٍ. ولكنه يعني أن إظهار اتّقاء أيُّوب الله لم يكن مُؤقّتًا، ولم يتوقّف عند المعرفة أو الكلام المنطوق؛ بل كان طريق اتّقاءه الله وحيدانه عن الشرّ يُوجّه قلبه ويُملي عليه سلوكه، وكان، في قلبه، جذر وجوده. كان ما يعمله كل الأيام يُظهِر أنه، في قلبه، كان يخشى في كثيرٍ من الأحيان أن يكون هو نفسه قد أخطأ أمام الله، كما كان يخشى أن يكون أبناؤه وبناته قد أخطأوا أمام الله. إنها تُمثّل مدى تطبّع قلبه بطريق اتّقاء الله والحيدان عن الشرّ. كان يفعل هذا كل الأيام لأنه، في قلبه، كان مرتعدًا وخائفًا من أن يكون قد صنع الشرّ وأخطأ أمام الله، ومن أن يكون قد حاد عن طريق الله وبذلك لم يكن بإمكانه إرضاء الله. وفي الوقت نفسه، كان مهمومًا بشأن أبنائه وبناته، خوفًا من أن يكونوا قد أخطأوا أمام الله. كان هذا هو سلوك أيُّوب الطبيعيّ في حياته اليوميّة. وهذا السلوك الطبيعيّ هو بالضبط ما يُبرهِن على أن اتّقاء أيُّوب الله وحيدانه عن الشرّ ليسا كلمات فارغة، وأن أيُّوب عاش بالفعل مثل هذا الواقع. "هَكَذَا كَانَ أَيُّوب يَفْعَلُ كُلَّ ظ±لأَيَّامِ": تُخبِرنا هذه الكلمات بأفعال أيُّوب اليوميّة أمام الله. عندما كان يعمل ذلك كل الأيام، هل وصل سلوكه وقلبه أمام الله؟ أيّ هل كان الله راضيًا في كثيرٍ من الأحيان عن قلبه وسلوكه؟ وبعد ذلك، في أيّة حالةٍ وفي أيّ سياقٍ كان أيُّوب يعمل ذلك كل الأيام؟ يقول بعض الناس إن السبب وراء ذلك هو أن الله كان يتراءى لأيُّوب في كثيرٍ من الأحيان؛ ويقول البعض إنه كان يفعل ذلك كل الأيام لأنه كان يحيد عن الشرّ؛ ويقول البعض إنه ربّما اعتقد أن ثروته لم تأتِ بسهولةٍ، وكان يعلم أن الله منحه إياها، ولذلك كان يخشى بشدّةٍ من فقدان ممتلكاته نتيجة الخطيّة أمام الله أو التجديف عليه. هل أيٌّ من هذه الادعاءات صحيحٌ؟ كلا بالطبع. لأنه في نظر الله، أكثر ما كان يقبله الله ويُقدّره في قلبه تجاه أيُّوب ليس أنه كان يفعل ذلك كل الأيام فحسب، ولكن بالأحرى سلوكه أمام الله والإنسان والشيطان عندما أُسلم للشيطان لتجربته. تُقدّم الأقسام أدناه أكثر الأدلة إقناعًا، وهو الدليل الذي يُبيّن لنا حقيقة تقييم الله لأيُّوب. وبعد ذلك، دعونا نقرأ المقاطع التالية من الكتاب المُقدّس.
من "عمل الله، وشخصيّة الله، والله ذاته (ب)" في "الكلمة يظهر في الجسد"



 
قديم 28 - 04 - 2021, 11:19 PM   رقم المشاركة : ( 39058 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,297,515

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

"أيوب الصديق"




وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



â†گ اللغة الإنجليزية: Job - اللغة العبرية: ×گض´×™ض¼×•ض¹×‘ - اللغة اليونانية: خ™دژخ² - اللغة القبطية: Iwb?.

"أيوب الصديق" كان بارا في جيله صديقا في عصره، فحسده الشيطان وطلب من الله أن يمكنه منه ومن كل ماله فسمح له بذلك لعلمه تعالي بصبر أيوب وأنه سيكون مثالا ونموذجا لمن يأتي بعده، وفي يوم واحد فقد أيوب بنيه وبناته ومواشيه وجميع ماله، وليس ذلك فقط بل ضربه أيضا العدو في جسده بالجذام من رأسه إلى قدميه وكان في ذلك جميعه شاكرا الله ولم يتذمر قط ولا جدف علي خالقه، وأشد ما آلمه هو تبكيت أصدقائه وزوجته له لأنها أشارت عليه بالتجديف، أما هو فوبخها، وأقام أيوب مطروحاً على كومة حتى تنقى كما تتنقى سبائك الذهب في النار، وأخيراً شفاه الله من مرضه، وضاعف كل ما كان له، ورزقه بنيناً وبنات آخرين، وعاش أيوب حتى وصل إلى شيخوخة صالحة وتوفي.

 
قديم 28 - 04 - 2021, 11:26 PM   رقم المشاركة : ( 39059 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,297,515

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

معاناة أيّوب




وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




هل يجب أن يتألّم الأبرار؟



تظهر مشكلة الألم من بين المشاكل التي تمثّل تحديًّا للمسيحيّة في الزمن المعاصر، تتخطّى كونها مشكلة فلسفيّة لتصبح مشكلة إيمانيّة عميقة. تدّعي المسيحيّة أنّ الله صالحٌ وقادر على كلّ شيء، وفي الوقت نفسه، يتألّم الأطفال، ويموت الأبرياء، ويُعذّب الصدّيقون. لماذا يتألّم الناس؟ ولماذا يتألّم بعضهم أكثر من غيرهم؟ إن كان الله حقًّا صالحًا، لماذا يسمح بأن يتألّم أولادُه، وإن كان حقًّا قادرًا على كلّ شيء لمَ لا يمنع الشرّ من أن يُصيب الإنسان؟ كيف يمكن لإله محبّ أن يسمح باستمرار الألم في العالم الذي خلقه؟ فيَنجُم عن الألم سؤالٌ يتكرّر مرارًا "لماذا أنا وليس هو"؟. كما نتذمّر ونصرخ "لماذا يا ربّ"؟



1- معاناة أيّوب: البارّ المتألّم

قد يكون الألم ألمًا في الجسد أو النّفس أو المشاعر أو الرّوح أو في العلاقات على مستوى شخصيّ أو عائليّ أو إجتماعيّ أو وطنيّ أو كونيّ. إنّه ملازم لحياتنا اليوميّة. يكون الألم على مستويات، فالبعض منه عابرٌ، والبعض الآخر باقٍ مدى الحياة. ألم الجسد لا يوازي قلبًا منكسرًا، وإنكسارُ القلب قليل إزاء إنهزام الإنسان أمام الألم. تحدث أمور مريعة وأشياء لا نستحقّها وأمور تخالف المنطق. لذلك قد يبدو الله غير عادل بالنسبة إلينا إذ لا يقدّم لنا "أجوبة" تشرح لنا الحقيقة المرّة.

يخصّص الكتاب المقدّس سفرًا كاملاً لمشكلة الألم. يتحدّث عن رجل إسمه أيّوب. يبدأ بمشهد يقدّم للقارئ خلفيّة آلام أيّوب ومعاناته. يستعمل الشيطان أيّوب من أجل إثبات فرضيّته القائلة: "إذا جُرّد الإنسان من كلّ شيء سيفقد إيمانه وتقواه". كان أيّوب رجلاً مستقيمًا وبلا عيب. ثمّ نزلت عليه كلّ أنواع المصائب والنكبات. قام اللّصوص باقتحام حقوله، وسُلِبَت مواشيه وقُتِلت، وقُتل غلمانه، وانهار المنزل على أبنائه وبناته وقُتلوا جميعًا. ضربه المرض، وغطّت البثور المؤلمة جسده كلّه. وفي كلّ هذا خضع لله صابرًا، حتّى إنّ زوجته سخرت منه، وقالت له "إلعن الله ومت". ثمّ وصل الأصدقاء وجلسوا معه لأيّام يعزّونه في معاناته ويلومونه في الوقت نفسه، مبرّرين آلامه على أنّها عقابٌ على خطيئة ما، يتستّر عليها ويتظاهر بأنّه بارّ. وكلّما كانت الخطيئة كبيرة، كان العقاب أشدّ. واتّهموه بأنّه مراءٍ. كان يجب أن يعترف بخطيئته ويقبل عقابه، ليغفر الله له ويرفع عنه العقاب.



في الواقع، لم يستطع أيّوب التحمّل أكثر. دافع عن نفسه على أنّه بريء من أيّ خطيئة، ومرّة أخرى اعترفَ بأنّه لا يوجد إنسان بلا خطيئة. وفي سَيْلٍ من الحزن والغضب صرخ مرّة أخرى متمنّيًا لو أنّه لم يُولد وأن يتركه الله وحده. ثمّ طلب في مرحلة ثانية أن يستمع الله إليه. ومع ذلك، في كلّ هذا يصرّ على أنّه لا يستحقّ كلّ هذه المعاناة، ويطالب الله بفرصة ليقف أمامه ويُعلن حُجّته.



في النهاية، إفتقد الله أيّوب ونفّذ طلبه وتحدّث إليه من قلب العاصفة. من جهّة، لم يفسّر الله لأيّوب أسباب معاناته. بكلمات أخرى ليست أجوبة الله عن أسئلة أيّوب هي التي جعلته يشعر بالإكتفاء، إنّما أسئلة الله التي طرحها على أيّوب: "أين كنت (أيّوب) حين أسّست الأرض؟" "هل تربط أنت (أيّوب) عقد الثُريا (النجوم)؟" لقد تحدّى أيّوب خالق العقل، لكنّه لم يدرك حتّى عقل النعامة. أليس هو الله؟ لذا اعترف أيّوب قائلاً: "قد نطقتُ بما لم أفهم. بعجائب فوقي لم أعرفها" (أيّوب 42/ 3). من جهّة أخرى لم يوافق الله على موقف أصدقاء أيّوب، فانحاز إلى أيّوب لأنّهم لم يقولوا الصّدق عن الله مثل أيّوب: "لم تقولوا فيّ الصّواب كعبدي أيّوب!" (أيّوب 42/ 7 - 8).



إن وجدنا أنفسنا مدفونين في سوادٍ أحلك من ظلمة اللّيل، فإنّ الله يتحدّث إلينا من وسط العاصفة. لكنّ قصّة أيّوب لم تنتهِ بعد. لم تكن الكلمة الأخيرة أو العمل الأخير لله. تألّم الله بدوره، تألّم في شخص المسيح عوضًا عنّا.



صار واحدًا منّا في كلّ شيء ما عدا الخطيئة. حمل هذا الثقل إلى الموت، وبالموت فتح لنا طريقـًا إلى الحياة. لقد ذاق ألمًا حقيقيًّا، ونزف دمًا حقيقيًّا، وذاق الموت فعلاً. وعلى الصّليب شعر بالوحدة الشديدة، وعندما صرخ "إلهي... إلهي لماذا تركتني؟" كانت صرخة متألّم (متى 27/ 46). دفع الثمن الذي عجزنا عن سداده، وحمل الثقل الذي عجزنا عن حمله: "تعالوا إليّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال، وأنا أريحكم" (متى 11/ 28). ويبقى السؤال: لماذا يسمح الله بالألم؟ أين الله؟ هل يشعر؟ أم أنّ صلواتي تصطدم بالحائط وترجع إليّ؟ هل هو قريب؟ أو بعيد يراقب من هناك؟ إذا كان جُرحي عميقًا وصرخ قلبي بهذه الأسئلة، ألا أستحقّ إجابة؟

تختصر هذه القصّة معاناة الإنسان مع الألم. تلتفّ المتاعب حولي وتخنقني، والهموم تمزّقني. باللّيل أعجز عن النوم، وبالنهار لا أجد راحة. أوجاعي فوق الإحتمال. تساعد الآلام التي عاناها أيّوب في تبرير الإنسان. أعاد ترتيب أيّوب شرف الإنسان من خلال إيمانه الذي عبّر عنه في أصعب مراحل الألم، وهكذا اشتركت عذاباته مسبقـًا بعذابات المسيح، الذي يعيد إلينا شرفنا جميعًا أمام الله، ويدلّنا إلى الطريق فلا نفقد الإيمان بالله في أحلك الظلمات. عندما واجه أيّوب الربّ بصمت. لا يقلّل صمت أيّوب من عمق الألم والخسارة التي نتحمّلها بصبر، بل يؤكّد على أهميّة الثقة بخطّة الله وسط الألم، حتّى عندما لا نعرف ما هي هذه الخطّة. يخضع الألم مثل الخبرات الإنسانيّة الأخرى لحكمة الله. نتعلّم في النهاية، أنّنا قد لا نعرف السبب المحدّد للألم، ولكن يجب أن نثق بإلهنا. هذا هو الحلّ الحقيقيّ للألم.

يساعدنا سفر أيّوب على إدراك أهميّة الإختبار في الحياة الرّوحيّة. يحتاج الإنسان إلى الإختبار من أجل إنضاج تقواه، والإنتقال بها من السطحيّة إلى الإتّحاد العميق بإرادة الله. فكما أنّ عصير العنب بحاجة إلى الإختمار ليصبح خمرًا جيّدة هكذا يحتاج الإنسان إلى التطهير والتحوّل ليجد ذاته ويلتقي الله. الحبّ هو دومًا عمليّة تطهير وتنقية، وتجرّد.

عاش المسيح، إبن الله الأزليّ، على الأرض إنسانًا واحتمل الجوع والعطش والتجربة والعار والإضطهاد والعري والحزن والخيانة والهزء والظلم والموت. لذلك فهو قادر أن يجيب سؤل قلب أيّوب حين قال: "ليس الله إنسانًا مثلي فأرُدّ عليه، أَو كي نجتمع معًا في محكمةٍ. ليس من وسيطٍ بيننا، يضعُ يدَه على كلينا. لو أنّه يرفعُ عنّي عصا عقابه، فلا يُرعبني رُعبًا. عند ذلك سأتكلّم دون أن أخاف، أمّا الآن فلا أستطيع". (أيّوب 9/ 33 - 35).

قال الكاردينال جون هنري نيومان: "إستطاع الربّ بكلمة واحدة خلق الكون من العدم، ولكنّه في ما خصّ خطايا البشر وآلامهم، لم يستطع أن يتجاوزها إلاّ بإشراك ذاته فيها، فعانى هو نفسه الألم من خلال إبنه الذي تحمّل الألم وتخطّاه ببذل نفسه. يتطلّب الإنتصار تعبئة قلبنا وتعبئة وجودنا كلّه. تبقى هذه التعبئة غير كافية، ولا يمكنها أن تكون فاعلة، إلاّ بالإتّحاد بمن حمل أعباءنا جميعًا".





2- الإنتصار على الألم: قوّة الإيمان

يُخطئ من يظنّ بأنّ الذي يصلّي ويحفظ وصايا الله هو محمي من الألم والمحن في هذه الحياة، مكافأةً له من الربّ يسوع على تقواه ومحبّته لله. يذكر لنا الكتاب المقدّس بعهديه القديم والجديد أشخاصًا أبرارًا عرفوا الألم، كما يذكر تاريخ الكنيسة قصص آلاف القدّيسين والشّهداء الذين سفكوا دماءهم من أجل المسيح. يتعرّض الإنسان المؤمن وغير المؤمن للألم والمحن، لكنّ الفرق بينهما أنّ من بنى بيته على الصّخر يصمد أمام الكوارث ومن بنى بيته على الرّمال ينهار.

يؤكّد الكتاب المقدّس أنّ صاحب الإيمان يجرّب ويمتحن ويتألّم. نقرأ في رسالة القدّيس يعقوب: "أنظروا يا إخوتي إلى ما يصيبكم من مختلف المحن نظركم إلى دواعي الفرح الخالص. فأنتم تعلمون أنّ امتحان إيمانكم يلد الثبات" (يع 1/ 2 - 3).

ويقول القدّيس بطرس: "لا بدّ لكم من الإغتمام حينًا بما يصيبكم من مختلف المحن، فيمتحن بها إيمانكم وهو أثمن من الذهب الفاني الذي مع ذلك يمتحن بالنّار فيؤول إلى الحمد والمجد والتكرمة عند ظهور يسوع المسيح" (1 بط 1/ 6 - 7). ويزيد قائلاً: "إفرحوا بمقدار ما تشتركون في آلام المسيح حتّى تفرحوا أيضًا وتبتهجوا في تجلّي مجده" (1 بط 4/ 13). ويقول القدّيس بولس: "إنّ آلام هذا الدّهر لا تقاس بالمجد المزمع أن يتجلّى فينا" (روم 8/ 18).

عندما نقول "لو كان الله صالحًا لما سمح بالألم"، يبيّن هذا التصريح بأنّ الألم غيرُ نافعٍ للإنسان. هل حقًّا أنّ الألم الذي نبغضه جميعًا ونرفضه هو غير نافع للإنسان؟ هل من الصّواب التفكير بأنّ الألم يُشير إلى عدم صلاح الله؟ هل يمكن أن نتصوّر إنسانًا خاليًا من الألم، كيف يتصرّف؟ وبأيّ أسلوب يتكلّم؟ وكيف يمشي؟ وعمّ يتكلّم؟ وكيف يُعامل غيره؟ هل الألم أو فكرة الألم تهذّب النّفس، وتُليّن حدّة اللّسان، وتُهيّئ الرّوح، وتُولّد تواضعًا، وخُلقـًا، وإبداعًا من أجل الآخر؟



صلاح الله نابعٌ من طبيعته. وكما يُعلنه لنا الكتاب المقدّس هو محبّة. فالله المحبّة هو صالح، ولأنّه محبّة يريد أن يشارك حياة الإنسان ويشركه في حياته. ليست المحبّة مشاعر جيّدةً وطيّبةً تُجاه الآخر فقط، إنّما رغبة صادقة لتقديم الخير المطلق للذي نُحبّ. تُسبّب محبّة الله الصادقة ألمًا في الإنسان الخاطئ. إن كنّا نظنّ بأنّ الله يرغب في أن يُبقي الإنسان كما هو في ضعفه وخطيئته فظنّنا يشير باطنيًّا إلى أنّ الله غيرُ محبٍّ. يريد الله ما هو أفضل لنا، وهو يعرف أكثر منّا. لو أنّ الله استجاب لكلّ الطلبات، فكيف يكون وضع الإنسان؟ نتألّم أحيانًا لأنّ الله يحبُّنا. يهمس الله في آذاننا وسط أفراحنا، ويتكلّم معنا من خلال ضمائرنا، ويصرخ بنا في آلامنا. يُزيل الألمُ الفرح الزائف ويجعلنا نتمسّك بالفرح الحقيقيّ. أحيانًا يكون الإنسان منحدرًا نحو الجحيم وضميره مُخدّرًا، وفجأة يوقظه الألم.

قُدرة الله على كلّ شيء لا تعني أنّ الله يفعل أشياءَ بخلاف طبيعته وجوهره. الله القادر على كلّ شيء هو قدّوس، فلا يفعل الشرّ لأنّه قدّوس. يعيش الإنسان في عالم منظّمٍ خلقه الله، وكلّنا نخضع لهذا النّظام الذي وضعه. من يطلب ألاّ يتألّم فهو يطلب من الله أن يُغيّر كلّ الأنظمة لتتلاءم مع حاجته، فيهمل حاجة الآخرين. أن ترفض الألم يعني أن ترفض النّظام الذي وضعه الله. خلق الله عالمًا منظّمًا، فيه جبال وأودية، فرح وألم، لذلك لا نستطيع أن نطلب من الله أن يُغيّر نظام الكون، لكي لا نتألّم. خلق الله الإنسان وأعطاه الحريّة.





يختار الإنسان ما يريد أن يفعل أو ما لا يريد أن يفعل. وبفعله أو عدمه يؤثّر سلبًا أو إيجابًا في الآخرين. فإمّا أن يكون الإنسان حرًّا أو لا يكون. لا نستطيع أن نقول يا ربّ لا تعطِ الحريّة للأشرار ولكن أعطها للأبرار فقط. أن يكون الإنسان غير حرٍّ، يعني أنّ الله سلبه إنسانيّته ومعنى وجوده. لا نستطيع أن نطلب من الله أن يعطي الإنسان الحريّة ويُسيّر أفكاره وآراءه. لم يخلق الله الإنسان كحجر شطرنج أو دُمية. لأنّ الإنسان حُرٌّ ومسؤول. قد يُخطئ تُجاه نفسه أو تُجاه الآخرين أو تُجاه الطبيعة فيتألّم. يبقى الله صالحًا وقادرًا على كلّ شيء حتّى ولو لم يتدخّل. لأنّ عدم تدخّله فعلٌ ينسجم مع طبيعته. فعوضًا عن لَوْم الله لنبحثْ عن الطريق والحقّ والعلاج لألمنا.



خاتمة

إلتزم الله قضيّة الإنسان لأنّه محبٌّ وصالحٌ ويهمّه أن يُقدّم الأفضل للإنسان حتى ولو تألّم. فرحنا الحقيقيّ هو الربّ. حين نطلب في صلاة الأبانا "لا تدخلنا في التجارب" نعبّر عن قناعتنا بأنّ الألم لا يقدر علينا ولا يقهرنا. "الله صخرتنا وملجانا". "من يفصلني عن محبّة المسيح؟" عندما تكون المحنة قاسيةً نضع مخاوفنا وآمالنا وقراراتنا بين يدي الله ونرتّل قائلين: "توكّلنا على الله وهو ملجانا، توكّلنا على الله لا نخاف السوء".





 
قديم 28 - 04 - 2021, 11:27 PM   رقم المشاركة : ( 39060 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,297,515

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

هل يجب أن يتألّم الأبرار؟

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

تظهر مشكلة الألم من بين المشاكل التي تمثّل تحديًّا للمسيحيّة في الزمن المعاصر، تتخطّى كونها مشكلة فلسفيّة لتصبح مشكلة إيمانيّة عميقة. تدّعي المسيحيّة أنّ الله صالحٌ وقادر على كلّ شيء، وفي الوقت نفسه، يتألّم الأطفال، ويموت الأبرياء، ويُعذّب الصدّيقون. لماذا يتألّم الناس؟ ولماذا يتألّم بعضهم أكثر من غيرهم؟ إن كان الله حقًّا صالحًا، لماذا يسمح بأن يتألّم أولادُه، وإن كان حقًّا قادرًا على كلّ شيء لمَ لا يمنع الشرّ من أن يُصيب الإنسان؟ كيف يمكن لإله محبّ أن يسمح باستمرار الألم في العالم الذي خلقه؟ فيَنجُم عن الألم سؤالٌ يتكرّر مرارًا "لماذا أنا وليس هو"؟. كما نتذمّر ونصرخ "لماذا يا ربّ"؟
 
موضوع مغلق


الانتقال السريع


الساعة الآن 06:26 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025