![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 381 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() الفتاة الصعيدية التى علَّمت سويسرا قواعد النظافة القديسة فيرونيا كل من يقوم بزيارة للسفارة السويسرية فى القاهرة، يشاهد تمثالا لفتاة وهى تمسك مشطا فى يدها اليمنى، وأبريقا للاستحمام فى يدها اليسرى، وتحت التمثال موضوع اسم سانت فيرونيا. وفيرونيا هذه فتاة صعيدية جاءت من بلدة تدعى كركوز، وهى حاليا قرية صغيرة بمركز قوص محافظة قنا، وهى بنت احدى العائلات الغنية هناك، وقد تربت تربية مسيحية حقيقية، وفى عصر الامبراطور مكسيميان (286 ــ 305) حدثت ثورة فى بلاد الغال (فرنسا حاليا)، فتقدم بجيشه من روما إلى هناك لإخماد هذه الثورة، وعندما وصل واكتشف ضخامة حجم المتمردين وعدم قدرته على ردعهم وحده، طلب من والى الاسكندرية أن يمده بالعون من القوات الإضافية لمقاومة هذه الثورة، فأرسل اليه الامبراطور كتيبة من طيبة (بلاد الأقصر حاليا) ويبلغ قوامها حوالى ستة آلاف وستمائة جندى. وكان قائد الكتيبة يدعى موريس، وكانت الكتيبة كلها من المسيحيين، فتحركت السفينة بالكتيبة متوجهة إلى مدينة روما، وهناك قسمت الكتيبة إلى فصائل كل فصيلة تضم نحو خمسائة جندى. وكان من عادة الجنود أن يقدموا ذبائح للأوثان قبل الدخول فى الحرب لضمان أن ينتصروا فى المعارك، وبالطبع رفض موريس وباقى أفراد الكتيبة تقديم الذبائح، فأستدعاهم الإمبراطور مكسيميان وطلب إليهم تقديم الذبائح، فأرسل موريس رسالة إلى الإمبراطور يرفض فيها تقديم مثل هذه الذبائح، فاستشاط الإمبراطور غضبا، وأمر أن يقتل عشر كل مجموعة من فصائل الكتيبة، لعل الباقى يخاف ويرتدع، فلما رأى إصرار الجميع على عدم تقديم الذبائح أمر الإمبراطور بقتلهم جميعا، وتم ذلك فى مدينة آجون مقاطعة فاليس جنوب غرب سويسرا. وهذه المنطقة تعرف حاليا بمدينة سانت موريتس، وتبعد حوالى 100 كم عن جنيف، وتعتبر من أشهر المدن السويسرية. وعودة إلى فيرينا فلقد سافرت مع الكتيبة الطيبية إلى سويسرا للقيام بخدمة التمريض وإسعاف جرحى الحروب، فلما استشهد جميع أفراد الكتيبة، بقيت هى فى هذه المنطقة، وهناك أهتمت بتعليم شعبها تعاليم الدين المسيحى، كما أهتمت بتعليمهم مبادئ الصحة العامة والنظافة، فعلمتهم استعمال المشط للعناية بالشعر ونظافته، كما علمتهم ضرورة الاستحمام المستمر وحسن الهندام، لذلك يرمز لصورها وتماثيلها بفتاة تمسك فى إحدى يديها إناء به ماء، وفى اليد الأخرى تمسك بمشط، واستمرت فيرونيا فى خدمتها بالمنطقة تقوم برعاية المرضى والفقراء، ثم انتقلت إلى مدينة تورتساخ على نهر الراين وهى تقع على الحدود بين سويسرا وألمانيا، وصارت تخدم وتكرس حياتها لخدمة أهل هذه المدينة. واستمرت تخدم فى هذه المنطقة حوالى 11 سنة، وتوفيت فى عام 344م، ويعيد الغرب بعيد وفاتها فى يوم 1 سبتمبر من كل عام. ولقد بنى أهل مدينة تورتساخ كنيسة صغيرة فوق قبرها تهدمت مع المدينة كلها عندما اجتاحتها القبائل الجرمانية، وفى القرن التاسع الميلادى شيد الرهبان البندكتين ديرا مكان قبرها، ولكن ما لبث أن التهمته النيران عام 1279م، فأعيد بناؤه من جديد ومع توالى السنين ألحقت بلدة تورتساخ بدوقية بادن، واهتم أهالى البلدة بعدها بإقامة حمامات المياه المعدنية تحت اسم القديسة فيرونيا، وأصبحت كنيستها وقبرها مقصدا للحجاج. ومع توالى الأيام هدمت الكنيسة، وأقيم مكانها فندق يحمل اسم القديسة فيرينا ST.Verena ويوجد حاليا تمثال لها فى منتصف الجسر المقام بين سويسرا وألمانيا فوق نهر الراين. كما يوجد حوالى 70 كنيسة على اسمها فى سويسرا، و30 كنيسة فى ألمانيا. وهكذا سجل التاريخ قصة الفتاة الصعيدية بنت محافظة قنا التى علمت سويسرا مبادئ الصحة العامة والنظافة وغسل الشعر وتصفيفه. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 382 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() فوستينا لن تتبرّر نفس دون أن تعود بثقة إلى رحمتي، لذا يخصّص الأحد الأول بعد عيد الفصح لعيد الرحمة 560- يوم الخميس. شعرتُ بقوة تدفعني أن أبدأ في أقرب وقت مستطاع المهمّة التي أوكلها إليّ الرب. وبينما كنتُ أعترف فضّلْتُ رأيي على رأي معرّفي. لم أُدرِك أوَّلاً ذلك. ولكن في ساعة السجود رأيتُ الرب يسوع كما بدا لي في الصورة وقال لي إنه يتوجّب عليّ أن أردّد على معرِّفي وعلى رئيساتي كل شيء قاله لي وطلبه إليّ. «… وافعلي فقط ما يسمحون به لكِ». وأفهمني كم يستاء من الأنانيّين وأنا واحدة منهم. رأيتُ في داخلي ظلّ الأنانيّة، ورميتُ نفسي في التراب أمام عظمته، وطلبتُ إليه المغفرة بقلب منكسر. ولكن لم يتركني يسوع في هذه الحالة وقتاً طويلاً. ملأ نظره الإلهي قلبي بفرحٍ لا أجدُ كلاماً للتعبير عنه، وأفهمني يسوع أنه ينبغي علي أن أزيد من الأسئلة عليه وأن أطلب نصيحته. كم هو عذب، بالواقع، نظر الرب. خَرَقَتْ عيناهُ نفسي إلى أعماق سرّها. وتحدَّثَتْ نفسي إلى الله دون أن ألفظ كلمة. إنني أدرك إنني أعيش فيه وهو يعيش فيّ. 561- رأيتُ فجأة الصورة في كنيسة صغيرة. وتحوّلت الكنيسة فجأة إلى هيكل ضخم وجميل. ورأيتُ في هذا الهيكل أمّ الله مع الطفل على ذراعيها. واختفى، بعد وقت قصير، الطفل عن ذراعيّ أمه. ورأيتُ صورة حيّة ليسوع المصلوب. قالت لي أم الله أن أصنع ما صَنَعَتْ هي؛ أي أن أركّز دائماً نظري على الصليب، حتى في حالة الفرح، وقالت لي إنّ النِّعَم التي أُعطِيَت لي، لم تكن لي وحدي بل لكل النفوس الباقية. 562- لمّا أرى الطفل يسوع طوال القداس، لا يكون دائماً بنفس الحالة، فهو أحياناً فَرِحٌ جدًّا وأحياناً لا ينظر حتى إلى الكنيسة. هو غالباً فَرِحٌ لمّا يُقدِّم المعرّف [الأب سوبوكو] الذبيحة الإلهية. دهشْتُ جدًّا لفرط محبة يسوع له. أرى [يسوع] من وقت إلى آخر يرتدي مريولاً ملوَّناً. 563- قبل أن آتي إلى فيلنيوس وألتقي بمعرّفي، رأيتُ مرة كنيسة صغيرة وبقربها هذه الجمعية! كان في الدير اثنتا عشر غرفة وتعيش كل راهبة منفردة. رأيتُ الكاهن [الأب سوبوكو] الذي ساعدني لأتحضّر إلى الدير، وقد سبق وتعرَّفتُ إليه في الرؤية. رأيته كيف يدبّر كل شيء في الدير بعناية كبرى، يساعده كاهن آخر [ربما الأب ونتوشفسكي Wantuchowsky]. لم أعرفه من قبل. رأيتُ الشعريّة الحديدية مغطّاة بستار أسود ولا تخرج الراهبات إلى الكنيسة. 564- في عيد حبل أمّ الله الطاهرة، سمعتُ وقت القداس حفيف ثياب ورأيتُ أمّ الله الكليّة القداسة في إشعاع جميل. كان ثوبها الأبيض مزخرفاً بوشاح أزرق. قالت لي: «إنك تتسبّبين لي بفرح كبير عندما تعبدين الثالوث الأقدس للنِّعَم والامتيازات التي أُعطِيَتْ لي». ثم اختفت فجأة. التكفيرات والإماتات 565- تحتل الإماتات الداخلية المرتبة الأولى. ولكن بالإضافة إلى ذلك يجب القيام بإماتات خارجية محدّدة بدقة كي يتمكن الجميع من ممارستها. وهذه هي التالية: في أيام الأسبوع، الثلاثة، الأربعاء والجمعة والسبت يُحفظ صوم صارم. كل يوم جمعة تَجلِدُ كل راهبة ذاتها طوال تلاوة المزمور 50، وكل الراهبات في الوقت نفسه وبالتحديد الساعة الثالثة، ويُقدَّم الجلد للنفوس المنازعة. ويقتصر الطعام في الصومين الكبيرين وفي أيام الجذوة وعشيّة الأعياد على قطعة خبز فقط وبعض الماء مرة في النهار. ولتمارس كل راهبة هذه الإماتات المقرّرة للجميع. إذا أرادت إحداهنّ أن تقوم بإماتات إضافية، عليها أن تطلب إذناً من الرئيسة. هناك أيضاً أماتة عامة، لا يُسمَحْ لأية راهبة أن تدخل حجرة رفيقتها دون إذن خاص من الرئيسة. ولكن يحق للرئيسة أن تدخل، من وقت إلى آخر ودون سابق إنذار، إلى حجرة الراهبات، لا بداعي التجسس بل بروح المحبة والمسؤولية التي تحملها قدّام الله. ولا تُقفِل أية راهبة على شيء بل يكون مفتاح عام بحوزة الجميع. 566- ذات يوم بعد المناولة المقدسة، رأيتُ الطفل يسوع واقفاً قرب مسجدي ومتَّكئاً عليه بيديه الصغيرتين. رغم أنه لم يكن إلاّ طفلاً صغيراً، امتلأت نفسي رهبة وخوفاً لأنني رأيتُ فيه قاضِيَّ وسيّدي وخالقي، ترتجف الملائكة في حضرة قداسته. وفي الوقت نفسه فاضت نفسي بحبٍّ لا يوصف، فَخِلْتُ أنني سأموت تحت تأثيره. أرى أنّ يسوع قوَّى نفسي ومكَّنَها من الإقامة معه وإلاّ لما تمكَّنْتُ من تحمّل ما اختبرتُه آنذاك. علاقات الراهبات بالرئيسة 567- على كل الراهبات أن يحتَرِمْنَ الأم الرئيسة كما يحتَرِمْنَ يسوع بذاته، كما ذكرتُ لمّا تحدَّثتُ عن نذر الطاعة. ينبغي أن يتصرّفن معها بثقة الطفولة، فلا يتذمّرن أو يُخَطِّئَنَّها في أوامرها فهذا ما يُغيظ الله. لِيَقُدْ روحُ الإيمان كل واحدة في علاقاتها مع الراهبات، ولتطلب ببساطة كل ما تحتاج إليه. لا سمح الله أن تتسبّب أية راهبة بالحزن أو بالبكاء إلى الرئيسات أو بتكرار الإساءة. كما تجبر الوصية الرابعة الابن باحترام والديه هكذا فلتعلم كل راهبة أن الرباط الديني يلزمها باحترام الرئيسة. الراهبة السّيئة وحدها تأخذ حريتها بالحكم على رئيستها. فلتكن الراهبات صادقات مع رئيستهنّ فيخبرنها ببساطة الأولاد عن كل شيء يتعلّق بحاجاتهنّ. فلتخاطب الراهبات رئيستهنّ بهذه العبارة: «مع إذنك، يا أختي الرئيسة». لا يجب أن يُقبّلنّ يدها ولكن كلما التَقَيْنَ بها في الممرات أو دخلن إلى غرفتها، فيحنين رأسهنّ قليلاً قائلات: «ليتمجّد يسوع المسيح». فليُخاطِبنَ بعضهنّ بعضاً بعبارة «أيتها الأخت» ثمّ يُضِفْنَ اسمها. يجب أن تتميز علاقاتهنّ مع الرئيسة بروح الإيمان لا بنزعة عاطفية أو التقريظ. هذا التصرف لا يليق بالراهبة. وقد يُحِّطُ من قدرها. على الراهبة أن تكون حرّة كملكة ولا تستطيع إلى ذلك سبيلاً إن لم تعش بروح الإيمان. علينا أن نطيع الرئيسة ونحترمها ليس لأنها صالحة أو قديسة أو حكيمة، بل لأنها فقط تمثّل الله وبطاعتنا لها نُطيع الله نفسه. علاقة الرئيسة بالراهبات على الرئيسة أن تتميز بتواضعها ومحبّتها لكل راهبة على السواء. فلا تدع نفسها تنقاد بما تحب أو لا تحب، بل بروح المسيح وحده. فلتدرك أنّ عليها أن تؤدّي حساباً إلى الله عن كل راهبة. لا يجب أن تُنَظِّر في الأخلاق بل أن تُعطيهِنّ المثل في التواضع العميق ونكران الذات. تلك هي أجدى أمثولة تعطيها إلى مرؤساتها. عليها أن تتصرّف بحزم دون أن تقسى أبداً. عليها أن تصبر عندما تنزعج من نفس الأسئلة. ولو اضطرت أن تعطي نفس الجواب مئة مرة، عليها أن لا تفقد رصانتها. فلتَسْعَ لتستبق حاجات الراهبات بدل أن تنتظر أن يطلبنها إليها، لأنّ البشر يتميّزون عن بعضهم البعض في أوضاعهم. إذا لاحظت الرئيسة أنّ إحدى الراهبات هي حزينة أو متألّمة، فلتصنع جهدها لتساعدها وتشجّعها. عليها أن تصلّي كثيراً وتستنير كي تعرف كيف تتصرّف مع كل راهبة، لأنّ كل نفس هي عالمٌ قائمٌ بذاته. لله أساليب متنوعة للاتصال بالنفوس، غالباً ما تفوق إدراكنا وانتباهنا. على الراهبة أن تحرص على أن لا تُعيق عمل الله في النفس. لا يجب، وهي غاضبة، أن تُوبِّخ أية راهبة. يجب أن يتلطّف التوبيخ بالتشجيع. يجب أن تساعد الناس على معرفة خطئهم والإقرار به لا أن تسحقهم. على الرئيسة أن تمتاز بحبها للراهبات، وأن تظهره في الأعمال. عليها أن تأخذ على ذاتها كل الأحمال الثقيلة كي تخفّف أحمال الأخريات. لا يجب أن تطلب إليهنّ أية خدمة، بل عليها أن تحترمهنّ كعروسات يسوع وأن تبقى دائماً على استعداد لخدمتهنّ ليلاً نهاراً. فلتطلب بدل أن تأمر. وليكن قلبها مفتوحاً على آلام الراهبات، فلتنظر هي عن كثب وتتعلّم من الكتاب المفتوح الذي هو يسوع المصلوب. فلتصلّي بحرارة كي تستنير، لا سيّما عندما تحتاج أن تُعالج قضية هامة مع إحدى الراهبات، فلتحرص ألاّ تتدخل في ضمير الراهبات، لأنّ هذه النعمة أُعطيت للكاهن وحده. ولكن قد تحتاج راهبة أن تكشف عن نفسها للرئيسة، فلتستمع حينئذ الرئيسة إلى هذا البَوْح. ولكن هي مُلزَمَة بحفظ السّر، إذ لا شيء يسيء إلى شخص أكثر من إفشاء أمر إلى الآخرين نكون قد أؤتمنا عليه سرًّا. تلك هي نقطة الضعف عند النساء. نادراً ما نجد امرأة بتفكير رجل. على الرئيسة أن تسعى إلى اتحاد وثيق مع الله حينئذ يُدير الله من خلالها. ستكون الأم العذراء الكلية القداسة رئيسة الدير، ونصبح نحن بناتها الأمينات. 569- 15 كانون الأول 1935. منذ صباح هذا اليوم الباكر كانت تدفع بي قوّة غريبة إلى التحرّك ولم تترك لي برهة سلام. تحرّك حماس متّقد في قلبي يدفع بي إلى العمل ولم أستطع إطفاءه. هو استشهاد سرّي يعرفه الله وحده. ولكن فليصنع بي ما يرضيه. إنّ قلبي مستعدّ لكل شيء، يا يسوع، أعزّ سيّد لي، لا تتركني ولو للحظة واحدة. أنت تعلم يا يسوع كم أنا ضعيفة وحدي. لذلك أدرك أنّ ضعفي يُجبرُكَ أن تكون معي دون انقطاع. 570- في إحدى المناسبات رأيتُ يسوع في ثوب برّاق، داخل البيت الزجاجي للبنات، [قال لي]: «دوّني ما أقوله لك. إنّ سعادتي هي في اتحادي بِكِ. أنتظر الوقت وأتوق إليه لأصنع إقامتي السريّة في ديرك. سترتاح روحي في ذلك الدير وسأخصّ جيرته ببركتي. حبًّا بكنّ جميعاً سأُبعِدُ كل عقاب تفرضه، على حق، عدالة أبي. يا ابنتي لقد عطف قلبي على طلباتك. تقتصر وظيفتك وواجبك حتماً على الأرض في طلب الرحمة لكل العالم. لن تتبرّر نفس دون أن تعود بثقة إلى رحمتي، لذا يخصّص الأحد الأول بعد عيد الفصح لعيد الرحمة: على الكهنة، في هذا اليوم، أن يُخبِروا كل واحد عن عظمة رحمتي التي لا تُدرك. أُقيمُكِ مدبّرة لرحمتي. قولي للمعرّف إنّ رسمي يجب أن يكون معروضاً في الكنيسة لا داخل الشّعرية في الدير. سأغدق الكثير من النعم على النفوس بواسطة هذا الرسم. لذلك سهّلي وصول كل إنسان إليه». 571- يا يسوع الحقيقة الأزلية، لا أخاف شيئاً، لا الصعوبات ولا الآلام. أخاف شيئاً واحداً فقط وهو أن أُهينَكَ يا يسوع، أفضّل أن أموت من أن أُغيظَكَ. أنت تعرف يا يسوع أنّ قلبي لا يحبّ أحداً سواك. إنّ نفسي هي مستغرقة فيك. 572- آه! كم يجب أن يكون عظيماً حماس كل نفس التي ستعيش في الدير، لأنّ الله يرغب أن يأتي ويعيش معنا، فلتتذكر كل واحدة، إذا كنّا نحن الراهبات لا نتوسّل أمام الله، فمن يتوسّل إذاً؟ على كل واحدة منّا أن تحترق كذبيحة طاهرة أمام عظمة الله، ولكن عليها أن تتّحد بيسوع اتحاداً وثيقاً، كي تُرضي الله. وفيه ومن خلاله فقط نستطيع أن نُرضي الله. 573- 21 كانون الأول 1935. ذات يوم طلب إليّ معرّفي [الأب سوبوكو] أن نذهب وننظر إلى بيتٍ ما، ونرى إذا كان هو البيت عينه الذي شاهدته في الرؤية. ولمّا ذهبتُ مع معرّفي لنرى هذا البيت أو بالأحرى تلك الخربة، أدركتُ بلمحة بصر أنّ هذا هو البيت بالذات الذي سبق وشاهدته في الرؤية. ولمّا لمستُ الألواح المسمّرة إلى بعضها البعض، مكان الأبواب، سيطَرَتْ على نفسي قوّة أشبه ببريق نور، أعطتني ثقة لا تتزعزع. غادرتُ ذلك المكان بسرعة والفرح يملأ قلبي وقد بدا لي أنّ قوة تقيّدني هناك. سُرِرتُ أن أرى أنّ كل شيء ينطبق تماماً مع ما شاهدتُهُ في الرؤية. ولمّا تحدّث إليّ معرّفي، عن طريقة إعداد الغرف وأشياء غيرها، تأكَّدتُ أنّ كل شيء كان كما أخبرني يسوع. كنتُ سعيدة أن يعمل الله من خلال معرّفي ولم أَعْجَبْ أن يكون الله قد أفاض عليه الكثير من النور، لأنّه هو بذاته نور ويعيش في القلب الطاهر والمتواضع، وأنّ كل الآلام والصعوبات لا تهدف إلاّ لإظهار قداسة النفس. لمّا رجعتُ إلى البيت ذهبتُ فوراً إلى الكنيسة لأرتاح قليلاً فسمعتُ فجأة هذه الكلمات في نفسي: «لا تخافي شيئاً أنا معكِ. إنّ هذه الأمور هي بين يديّ وسأجعلها تُثمر حسب رحمتي لأنّ لا شيء يستطيع أن يُعارض إرادتي». |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 383 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() آه!، لو تستمع النفوس فقط إلى صوتي عندما أتحدّث إليها في أعماق قلبها، لبَلغت إلى قمّة القداسة في وقت قصير ليلة ميلاد 1935 574- استغرقَتْ روحي بالله منذ الصباح الباكر. سيطَرَ حضوره على كل حياتي. عند المساء وقبل العشاء ذهبتُ إلى الكنيسة لدقيقة واحدة لأصلّي إلى القربان، على أقدام يسوع، على نيّة الذين هم بعيدين ويحبّهم يسوع محبة كبرى والذين أنا مُدينة لهم كثيراً. وبينما كنت أصلي مع شخص آخر [ربما الأب سوبوكو] سمعتُ في داخلي هذه الكلمات: «إنّ قلبه هو سمائي على الأرض». وبينما أنا أغادر الكنيسة، غمرتني قدرة الله وأدركتُ كم هو يحبّنا. حبّذا لو استطاع الناس، أقلّه، إدراك وفهم هذه الأشياء. يوم عيد الميلاد 575- قداس نصف الليل، وقت الذبيحة المقدسة، رأيتُ الطفل يسوع في غاية الجمال، باسطاً بفرح يديه الصغيرتين نحوي، وبعد المناولة سمعتُ هذه الكلمات: «إنني دائماً في قلبِكِ، وليس فقط عندما تقبلينني في المناولة المقدسة بل دائماً». أمضيتُ هذه الأعياد بفرح كبير. 576- أيها الثالوث الأقدس، الإله الأزلي، إنّ روحي هي غارقة في جمالك. ليست الأجيال شيئاً في نظرك. فأنت لا تتبدّل أبداً. كم هي جليلة عظمتك. يا يسوع لماذا تخبّئ عظمتك؟ لماذا غادرتَ عرشَكَ السماوي لتسكن بيننا؟ فأجابني الرب: «يا ابنتي، إنّ الحب أتى بي إلى هنا وإنّ الحب يُبقيني هنا. لو تعرفين يا ابنتي، ما هو الاستحقاق الكبير والمكافأة التي يربحها عمل حبٍّ صافٍ لي لكنتِ تموتين فرحاً. أقول هذا حتى تستطيعي أن تتَّحِدي بي دون انقطاع من خلال الحب الذي هو هدف حياة نفسك. هذا هو فعل إرادة. اعلمي أنّ النفس الطاهرة هي متواضعة. عندما تتواضعين وتفرغين ذاتك أمام عظمتي، سأرافقكِ بنعَمي وأرفَعُكِ لقدرتي». 577- لمّا قال لي معرّفي مرة أن أتلو صلاة: «المجد لله في العلى» بمثابة كفّارة، أمضيتُ وقتاً طويلاً وأنا أردّدها مرات عديدة، دون أن أنهيها لأنّ روحي اتّحدت بالله ولم أستطع أن أركّز على الصلاة. غالباً ما تغمرني عظمة الله فأستغرقُ فيه، لا شعوريًّا، من خلال الحب، ولا أعلم حينئذ ما يحدث حولي. لمّا أخبرتُ معرّفي أنّ هذه الصلاة تأخذ مني غالباً وقتاً طويلاً دون أن أتمّمها، قال لي أن أتلوها فوراً في كرسي الاعتراف. غير أنّ روحي استغرقت في الله، ورغم كل جهودي، لم أستطع أن أفكّر كما أريد. حينئذ قال لي المعرّف: «ردّدي بعدي إذا أردتِ». ردَّدتُ كل كلمة وبينما كنتُ ألفظُ كل كلمة تركّزت روحي على شخص [يسوع] الذي كنتُ أسمّيه. 578- في إحدى المناسبات قال لي يسوع شيئاً يتعلّق بأحد الكهنة [ربما الأب سوبوكو] وهو أنّ هذه السنين الحالية هي زينة حياته الكهنوتية. تبدو أيام العذاب دائماً أطول من غيرها ولكن ستمرّ أيضاً ولو ببطء وكأنها تسير إلى الوراء. غير أنّ النهاية هي قريبة وسيكون فرح لا يوصف ولا ينتهي: الأبدية! من يستطيع فهم هذه الكلمة من لَدُنْكَ أيها الإله الذي لا يُدرَك، هذه الكلمة، الأبدية. 579- أعرِفُ أنّ النِّعَم التي يُغدِقُها الله يخص بها بعض النفوس دون سواها وتملأني هذه المعرفة فرحاً. أفرحُ دائماً بخير نفوس الآخرين كما لو كان لي. 580- قال لي الرب في إحدى المناسبات: «إنّ النقائص الصغيرة للنفوس المختارة تجرحُني أكثر من خطايا الذين يعيشون في العالم». تألّمْتُ لأنّ النفوس المختارة تعذّب يسوع. وقال لي يسوع أيضاً: «ليست هذه النقائص الصغيرة كل شيء. سأكشفُ لكِ عن سرّ قلبي: لمّا تعذّبني النفوس المختارة. إنّ نكران الجميل، من قبل [مثل هذه] النفوس، ردًّا على نِعَمي الغزيرة، هو غذاء قلبي المتواصل. إنّ حبّهم هو فاتر ولا أستطيع تحمّل ذلك. تُجبرُني تلك النفوس أن أنبذها. إنّ غير نفوس لا تثق بصلاحي ولا ترغب في اختبار مودّتي العذبة في قلبها، وتفتّش عني بعيداً، فلا تجدني. هذا الشك بصلاحي يؤلمني كثيراً. إذا لم يُقنعكِ موتي بمحبّتي، فما يُقنعُكِ؟ غالباً ما تجرحني نفسٌ حتى الموت ولا من يعزّيني. تستعمل نِعَمي لإهانتي. تحتقر تلك النفوس نِعَمي كما تحتقر براهين حبي على السّواء. لا تريد أن تسمع ندائي فتسير نحو الجحيم. إنّ خسارة هذه النفوس تغرقني في ألَمٍ مُميت. رغم أنني إله فلا أستطيع مساعدة مثل هذه النفوس لأنها تحتقرُني. بما أنها حرّة فبإمكانها أن تزدريني أو تحبّني. أنت القَيِّمة على نعمَتي، حدّثي العالم كله عن صلاحي فهكذا تعزّين قلبي. 581- سأقولُ لكِ أكثر فأكثر عندما تتحدّثين إليّ من أعماق قلبِكِ، حيث لا يستطيع أحدٌ أن يُزعجَ أعمالي، وحيث أستريحُ كما في حديقة مصوّنة». 582- إنّ داخل نفسي هو أشبه بعالم واسع ورائع حيث يعيش الله وأنا. لا يسمح لأحد هنا سوى الله. في بدء هذه الحياة مع الله سيطرَ عليّ الذهول والخوف. لقد أعماني بهاؤه وظننتُ، في ذلك الوقت، أنّه ليس في قلبي، بينما كان يعملُ في نفسي. يزداد حبي نقاوة وقوة وأنّ الرب قاد إرادتي إلى اتحاد وثيق مع إرادته المقدسة. لا يستطيع أحدٌ أن يفهم ما أختَبِرُ في قصر نفسي الرائع حيث يسكن حبيبي دون انقطاع. ما مِن شيء خارجي يُعيقُ اتحادي مع الله. ولو استعملتُ أكثر الكلمات قوة لم أستطع أن أعبّر ولو قليلاً كيف تستمتع نفسي بالسعادة وبحب نقي لا يوصف، طاهر مثل النبع من حيث يتدفّق، أي الله بالذات. يسيطر الله على روحي إلى حدّ أشعر به جسديًّا. ويشترك الجسم في هذه السعادة. رغم أنّ لمسات الله للنفس الواحدة قد تتنوّع فهي، على كل حال، صادرة من نبع واحد. 583- رأيتُ يسوع مرة عطشاناً ومغمى عليه وقال لي: «أنا عطشان». ولمّا أعطيتُهُ ماءً أخذه ولكن لم يشربه بل توارى حالاً. كان لباسه شبيهاً باللباس في وقت عذابه. 584- «لمّا تتأمّلين بما أقوله لكِ في أعماق قلبِكِ تستفيدين أكثر مما لو قرأتِ كتباً عديدة. آه!، لو تستمع النفوس فقط إلى صوتي عندما أتحدّث إليها في أعماق قلبها، لبَلغت إلى قمّة القداسة في وقت قصير». 585- 8 كانون الثاني 1936. لمّا ذهبتُ لأرى رئيس الأساقفة جلبريزكزفسكي، قلتُ له إنّ يسوع يطلبُ إليّ أن أسأل رحمة الله على العالم وأنه ستؤسّس جمعية رهبانية تتوسّل إلى الله من أجل العالم. وطلبتُ منه الإذن لأحقّق كل ما طلبه إليّ يسوع. أجابني رئيس الأساقفة بهذه الكلمات: «بما يتعلّق بالصلاة، فإني آذن لكِ حتى وأشجعكِ، يا أختي، أن تصلّي قدر المستطاع من أجل العالم وأن تسألي له رحمة الله، فنحن بحاجة إلى تلك الرحمة. وأفترضُ أنّ معرِّفَكِ لا يمنعكِ حتماً أن تصلّي على هذه النيّة. ولكن بما يتعلّق بالجمعية، انتظري قليلاً، يا أختي، حتى تتدبّر الأمور بطريقة أفضل. إنّ هذه القضية هي جيدة بحدّ ذاتها، ولكن لا حاجة للتسرّع، فإذا كانت تلك إرادة الله فستُحَقَّقُ عاجلاً أو آجلاً. ولما لا؟ هناك أنواع عديدة من الجمعيات وستؤسّس هذه الجمعية أيضاً إذا كان الله يريدُها. فاطمئنّي تماماً. فالرب يسوع يستطيع أن يعمل كل شيء. اسعي إلى اتحاد وثيق مع الله ولا تيأسي». ملأتني هذه الكلمات بفرح كبير. 586- لمّا غادرتُ مقر رئيس الأساقفة سمعتُ الكلمات التالية في نفسي: «بغية تثبيت روحكِ، سأكلِّمُكِ من خلال ممثّليّ حسبما طلبتُ إليكِ، ولكن اعلمي أنّ التجاوب لن يكون دائماً وفق ما أطلب. سيعارضونكِ في أمور عديدة وستظهر نعمَتي بِكِ من خلال معارضتهم، فتتأكّدين حينئذ أنّ هذا تدبيري. ولكن أنتِ لا تخافي شيئاً. أنا دائماً معَكِ. واعلمي هذا أيضاً، يا ابنتي، ستصنعُ كل الخلائق إرادتي سواء أدرَكَتْ ذلك أم لا، وسواء شاءت أو أَبَتْ». 587- رأيتُ مرة يسوع في عظمة جلالته وتحدَّثَ إليّ بهذه الكلمات: «يا ابنتي، إذا أردتُ، أخلُقُ في هذه اللحظة عالماً جديداً أكثر جمالاً من الأول وستعيشين فيه طوال ما تبقّى من حياتِكِ». فأجبتُ: «لا أريدُ عوالم، أريدُكَ، أنتَ يا يسوع. أريدُ أن أحبّك بنفس الحب الذي تكنّه لي. أطلبُ إليكَ شيئاً واحداً أن تجعل قلبي يحبّك. أتعجَّبُ كثيراً ممّا تعرضُهُ عليّ يا يسوع. ما هي تلك العوالم بالنسبة لي؟ أنت تعلمُ أنّ قلبي، يا يسوع، يموتُ توقاً إليك. كل شيء سواك لا يعنيني بشيء». في ذلك الوقت، لم أعد أرى شيئاً ولكن استولَتْ على نفسي قوة غريبة والْتَهَبَتْ نار غريبة في قلبي ودخلْتُ بشيء من النزاع لأجله. حينئذ سمعتُ هذه الكلمات: «لم أتّحد بأية نفس اتحاداً وثيقاً مثلما أتَّحدُ بِكِ وذلك بفضل تواضعك العميق وحبّك المتأجج». 588- في إحدى المناسبات سمعتُ هذه الكلمات في داخلي: «أعرفُ كل حركة من حركات قلبِكِ، اعلمي يا ابنتي، أنّ أية نظرة من نظراتك موجّهة إلى أحدٍ سواي تجرحُني أكثر من كل الخطايا التي يرتكبُها أي شخص آخر». 589- الحب يُبعد الخوف. منذ بدأتُ أن أحبّ الله بكل كياني وبكل قوة قلبي، غادرني الخوف. حتى ولو سمعتُ عن أكثر الأشياء رعباً عن عدالة الله، فلن أخافَهُ أبداً لأنني قد تعرَّفتُ إليه جيداً. الله هو محبّة وروحه هو سلام. أرى الآن أنّ أعمالي التي أنجزتُها بحبّ هي أكمل من الأعمال التي قمتُ بها بخوف. وضعتُ ثقتي بالله فلا أخافُ شيئاً. لقد سلَّمتُ نفسي إلى إرادته المقدسة فليصنع بي ما يشاء ولن أتخلّى عن حبّه. 590- عندما أقبلُ المناولة المقدسة أتوسَّلُ وأطلبُ إلى الله أن يشفي لساني حتى لا أتخلّف أبداً عن محبة قريبي. 591- يا يسوع أنت تعلم كم أتوق أن أختبئ حتى لا يعرفني أحد سوى قلبك العذب. أريد أن أكون بنفسجة صغيرة مخبأة في الأعشاب، مجهولة في جنينة رائعة حيث تنبت الزنابق والورود الجميلة. إنّ الوردة الجميلة والزنبقة تُرى من بعيد، ولكن على من يريد أن يرى بنفسجة صغيرة، أن ينحني. ينتشر عطرها فقط في البعيد. آه! كم أكون سعيدة أن أختبئ هكذا. يا عروسي السماوي، إنّ زهرة قلبي وعطر حبي الطاهر هما لك. اجتذبتني إليك، يا يسوع، يزداد شوقي إليك تأجُّجاً بازدياد حبي لك. 592- تعلَّمتُ من قلب يسوع أنه يوجد داخل السماء ذاتها، سماء ثانية لا تدخلها إلاّ النفوس المختارة، إنّ السعادة التي تغمرُ بها النفوس هي أبعد من أن توصف. آه! يا إلهي، كيف أستطيع أن أصف ذلك ولو قليلاً. تتشرّب النفوس من ألوهيته وتتنقّل من بهاء إلى بهاء، في نور لا يتبدّل ولكن غير ممل أبداً، يتجدّد دائماً دون أن يتغير. أيها الثالوث الأقدس. عرّف النفوس إلى ذاتك. 593- يا يسوع، لا شيء أَفْيَد إلى النفس أكثر من الإذلال. يَكمُنُ سرّ السعادة في تحقير الذات، لمّا تدرك النفس أنها، بحدّ ذاتها، تعيسة وتافهة، وأنّ كل ما لديها من جودة هو هبة من لَدُنِ الله. عندما تدرك النفس أنها أُعطيَتْ كل شيء مجاناً، وأنّ الشيء الوحيد الذي تملكه من ذاتها هو مجرّد تعاستها، يتبيّن لها حينئذ أنّ كل ذلك يثبّتها في حالة متواصلة من السجود المتواضع أمام عظمة الله. وإنّ الله، وقد رأى النفس في هذه الاستعدادات، يتعقّبها بمراحمه. إذا ما النفس تابعت استغراق ذاتها أكثر فأكثر عمقاً في لجّة تعاستها وحاجاتها، فإنّ الله يستعمل كل قدرته ليرفعها. إذا ما وجدت نفسٌ سعيدة حقًّا على الأرض فلا تكون، بالواقع إلاّ النفس المتواضعة. إنّ محبة الذات، في بادئ الأمر، تتسبّب بكثير من الآلام ولكن بعدما تكون النفس قد جاهدت بشجاعة، فإنّ الله يعطيها من النور ما يمكّنها، على ضوئه، أن ترى أنّ كل شيء هو مليء بالتفاهة وخيبة الأمل. يسكن حينئذ الله وحده في قلبها. إنّ النفس المتواضعة لا تثق بذاتها بل تضع كل ثقتها بالله. يحمي الله النفس المتواضعة ويلجُ هو بذاته إلى أسرارها فتستقرّ النفس في سعادة لا تفوقها سعادة ولا يستطيع أحد إدراكها. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 384 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() إنّ قوَّتكِ هي في البرشانة فهي ستحميكِ 608- 2 شباط [1936]. في الصباح عندما يوقظني الجرس، يسيطر عليّ الخمول الذي لا أستطيع نفضه عنّي، فأرمي بنفسي في الماء الباردة وبعد دقيقتين يغادرني النعاس. عندما آتي إلى التأمل، يتغلغل في رأسي حشد من الأفكار السخيفة، بحيث أنني أضطّر أن أناضل طوال وقت التأمل. وكذلك الأمر وقت الصلاة. ولكن عندما يبدأ القداس كان قلبي يمتلئ بفرح وسكون عجيبين. في هذا الوقت بالذات أرى سيدتنا مع الطفل يسوع كما أرى الرجل الشيخ القديس [مار يوسف] واقفاً وراءهما. وقالت لي الأم الكليّة القداسة: «خذي أعزّ كنزي» وأعطتني الطفل يسوع. لمّا أخذتُ الطفل بين ذراعيّ، اختفت العذراء وكذلك مار يوسف وتُرِكْتُ وحدي مع الطفل يسوع. 609- قلتُ له: «إنني أدرِكُ أنك سيدي وخالقي، رغم أنك صغير جدًّا». فمدّ يسوع يديه الصغيرتين نحوي ونظر إليّ مبتسماً. فامتلأت روحي بفرح لا شبيه له. ولمّا جاء وقت المناولة اختفى يسوع فجأة. ذهبتُ مع بقيّة الراهبات إلى المائدة المقدسة بتأثّر عميق وبعد الناولة سمعتُ هذه الكلمات في نفسي: «أنا في قلبِكِ، أنا الذي أخذتِهِ بين ذراعيكِ» توسَّلْتُ حينئذ إلى يسوع لأجل إحدى النفوس [الأب سوبوكو] سائلة الرب أن يعطيها نعمة الجهاد وأن يُبعد عنه هذه المشقّة «سيكون حسب قلبِكِ ولكن دون أن ينقص أجرُهُ». تملّك الفرح نفسي لأنّ الله هو كثير الرحمة والجودة. إنّ الله يهبُ كل ما نطلبه إليه بثقة. 610- بعد كل محادثة مع يسوع تتقوّى نفسي فوق العادة وتسود في داخلي طمأنينة عميقة وتشجّعني كي لا أخاف شيئاً في العالم سوى إغاظة يسوع. 611- يا يسوع، أتوسّل إليك، بحقّ جودة قلبك الكلي العذوبة، أن تُخمِدَ غضبك وأن تُرِيَنا رحمتك. لتكن جراحاتك درعاً لنا ضدّ عدالة أبيك. لقد أدركتُكَ، يا الله، كينبوع رحمة تُحيي وتنعش كل نفس. آه! كم هي كبيرة رحمة الرب فهي تفوق كل صفاته. الرحمة هي أكبر صفات الله. كل ما يحيط به يحدّثني عنها. الرحمة هي حياة النفوس. وأنّ حنانه لا ينضب. أيها الرب، أنظر إلينا وعاملنا حسب مراحمك التي لا تُحصى، حسب رحمتك الكبيرة. 612- ذات مرة، اعتراني شكّ فيما إذا كنتُ أغظتُ الله أم لا، بما حدث لديّ. ولمّا لم أستطع إبعاد هذا الشك، قرّرتُ أن لا أتناول دون اعتراف. غير أنني قمتُ حالاّ بفعل توبة، كما اعتدْتُ أن أسأل المغفرة عن هفوات طفيفة. طوال الأيام التي لم أتناول فيها القربان المقدس لم أشعر بحضور الله، ممّا تسبّب لي بألم لا يوصف. غير أنني تقبَّلتُهُ كعقاب للخطيئة. وفي وقت الاعتراف، وُبِّخْتُ على عدم اقترابي من المناولة المقدسة لأنّ ما حصل لي لم يكن عائقاً لتقبّل القربان. تناولتُ بعد الاعتراف ورأيتُ الرب يسوع الذي قال لي: «اعلمي يا ابنتي أنّك أحزنتني بعدم اتِّحادِكِ بي في المناولة المقدسة أكثر من ارتكابِكِ الهفوات الصغيرة». 613- ذات يوم رأيتُ في كنيسة صغيرة ستُّ راهبات يتناولنَ القربان المقدس على يد معرِّفنا [الأب سوبوكو] الذي كان يرتدي درعاً كنسيًّا وبطرشيلاً. لم تكن الكنيسة مزيّنة ولم يكن فيها مساجد. بعد المناولة المقدسة رأيتُ الرب يسوع، كما هو مصوّر في الرسم. ناديتُهُ وهو يبتعد عني: «كيف تمرّ دون أن تقول لي شيئاً يا رب، بدونك لا أصنعُ شيئاً. يجب أن تبقى معي وتباركني وتبارك أيضاً جماعتي هذه ووطني». صنع يسوع إشارة الصليب وقال: «لا تخافي شيئاً فأنا مقيمٌ دائماً معكِ». 614- في اليومين الأخيرين قبل الصوم أُقيمَت كل يوم ساعة سجود تحضيرية مع البنات الداخليّات. طوال الساعتين رأيتُ الرب يسوع كما كان بعد الجلد. كان الألم شديداً في نفسي حتى أنّي شعرتُ في جسدي وفي روحي نفس تلك الآلام. 615- أول آذار 1936. شعرتُ اليوم طوال القداس بقوة غريبة تلحُّ عليّ بأن أبدأ تحقيق رغبات الله. كان إدراكي للأمور التي طلبها إليّ الرب في غاية الوضوح، حتى إذا ادّعَيتُ أنني لم أفهمها أكون كاذبة. لأن ما طلبه الرب كان دقيقاً وواضحاً ولم يعدْ لديّ أقل أثر شك حولها. تأكَّدتُ أنني أذهب إلى أبعد نكران الجميل، إذا تماطلتُ في فهم ما يريد أن يحقِّقهُ الله لمجده ولخير العديد من النفوس، وهو يستعملني كوسيلة حقيرة يحقّق من خلالها تصاميمه الأزلية للرحمة. كم ستكون نفسي عقوق إذا تماديتُ في معارضة إرادة الله. لا شيء يوقفني بعد اليوم، لا الاضطهاد والألم والتّهكم والتهديد، والوساطات والجوع والبرد والصداقات والعداوات والأصدقاء والأعداء، سواء أكانت الأشياء التي أختبرُها اليوم أو التي ستأتي في المستقبل، حتى حقد جهنّم، لا شيء يُثنيني عن عمل إرادة الله. لا أتّكل على قوّتي الذاتية بل على كلِّيّ قدرته، فكما أعطاني نعمة معرفة إرادته، سيعطيني أيضاً النعمة لإتمامها. لا أستطيع أن لا أذكر كم تُعارِض طبيعتي الضعيفة هذه الأشياء مُبدية رغباتها الخاصة، مما يتسبّب في داخلي بصراع شديد شبيه بصراع يسوع في بستان الزيتون. وهكذا صرختُ أنا أيضاً إلى الله الآب الأزلي: «إن كان يُستطاع فأبعد عني هذه الكأس ولكن لتكن مشيئتك يا رب لا مشيئتي، لتكن مشيئتك». لم يعد سرًّا عليّ ما سوف أتحمّله ولكن أقبلُ بملء معرفتي كلّ ما ترسلُهُ لي يا رب. إنني أثق بك، أيها الإله الرحوم سأكون أوّل من يعبّر لك عن هذه الثقة التي تطلبها مني. أيتها الحقيقة الأزلية، ساعديني ونوّري طريق حياتي وأعطيني أن تتحقّق فيّ إرادتك. يا إلهي، لا أطلب شيئاً سوى إتمام إرادتك. فلا همّ إن كانت سهلة أم صعبة. أشعرُ بقوة خارقة العادة تدفعُ بي إلى التحرّك. شيء واحد يوفقني وهو الطاعة المقدسة. يا يسوع، إنك تحثّني بيد وتشدّني إلى الوراء باليد الثانية. في هذا الأمر أيضاً فلتكن مشيئتك. عشتُ في هذه الحالة طوال أيام عديدة دون استراحة. ضعُفَتْ قواي الجسدية ورغم أنني لم أَبُحْ بشيء إلى أحد، فقد تنبّهت الأم الرئيسة [بورجيا] إلى ألمي ولاحظت أنّ مظهري تغيّر وأنّ لوني أصبح شاحباً. طلَبَتْ إليّ أن أنام قبل المعتاد وأن أتأخر في الرقاد. وحمَلَتْ لي كأس حليب ساخن عند المساء. حاوَلَتْ أن تساعدني بقلبها الأمومي والمليء عطفاً. ولكن الأشياء الخارجية لا تؤثّر على الآلام الروحية ولا تنفعها بشيء. من كرسيّ الاعتراف استمدَّيْتُ قوّتي والتعزية بمعرفتي أنه لن يطول الوقت قبل أن ابدأ العمل. 616- يوم الخميس، لمّا ذهبتُ إلى غرفتي رأيتُ البرشانة المقدسة في تألّق ساطع، وسمعتُ صوتاً بدا وكأنه آتٍ من فوق البرشانة: «إنّ قوَّتكِ هي في البرشانة فهي ستحميكِ». وتوارت الرؤية بعد هذه الكلمات. ولكن قوة غريبة خالجت نفسي ونور عجيب أوضح لي أين تكمن محبتنا لله، لا سّيما في صنع إرادته. 617- أيها الثالوث القدوس، الإله الأزلي أريدُ أن ألمع في تاج رحمتك مثل لؤلؤة صغيرة تستمدّ جمالها من شعاع نورك ومن رحمتك التي لا تُسبَر. كل ما هو جميل في نفسي هو لك، أنا لستُ شيئاً، بحدّ ذاتي. 618- في بدء الصوم، طلبتُ إلى معرّفي أن أقوم ببعض الإماتات في هذا الوقت. قيل لي أن لا أخفّف من طعامي ولكن أن أتأمّل، وقت الأكل، بيسوع المسيح على الصليب وقد قَبِلَ الخلّ والمرّ. في ذلك تكمُنُ إماتتي. لم أُدرك أنّ ذلك سيفيدُ نفسي. كانت الإفادة في تأمّلي المتواصل بالآلام ليسوع المحزنة، ممّا جعلني وقت الأكل أفكّر، لا بما أتناول من الطعام، بل بموت الرب. 619- في بدء الصوم، طلبتُ أيضاً أن أبدّل موضوع فحص الضمير فقيل لي أن أصنع كل شيء بنيّة صافية تكفيراً عن الخطأة المساكين. هذا ما جعلني في اتّحاد متواصل مع الله وأنّ هذه النية أتقَنَتْ أعمالي لأنّ كل ما أصنعه يعود بالمنفعة إلى النفوس الخالدة. تصبح كلّ المشقّات والتعب كلا شيء لمّا أفكّر أنها تصالح النفوس مع الله. 620- مريم هي معلّمتي التي ترشدني دائماً كيف أعيش لله. تتنقّى روحي من لطفكِ وتواضعكِ يا مريم. 621- ذات مرة، لمّا مررتُ في الكنيسة أتأمّل لمدّة خمس دقائق وأصلي على نية إحدى النفوس، اتضح لي أنّ الله لا يقبل دائماً تضرعاتنا من أجل النفس التي نفكّر بها، بل يوجّهها إلى نفوس أخرى. لذا ورغم أنّ النفوس المطهريّة التي نريدُ مساعدتها لا تستفيد فإنّ صلاتنا لا تضيع. 622- اتّحاد النفس الودّي مع الله. يقترب الله من النفس بطريقة خاصة يفهمها هو وحده وتفهمها النفس. لا أحد يدرك هذا الاتّحاد السري. يكمن الحب في هذا الاتّحاد والحب وحده يُكمّل كل شيء. يُعطي يسوع ذاته للنفس بطريقة عذبة ولطيفة ويضع سلامه في أعماقها. يغدق على النفس نعماً عديدة ويمكّنها من المشاركة في أفكاره الأزلية. ويكشف لها غالباً عن تصاميمه الإلهية. 623- قال لي الأب إندراز إنّه لشيء رائع أن نجدَ في كنيسة الله مجموعة نفوس تطلب رحمته لأننا كلنا، في الواقع بحاجة إلى رحمته. بعد هذه الكلمات ملأ نفسي نور غير عادي. آه! كم هو صالح الرب. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 385 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() إنّ شكّ النفس يجرح قلبي أكثر من الخطايا التي ارتَكَبَتْها 624– 18 آذار 1936. طلبتُ مرة إلى الرب يسوع أن يأخذ المبادرة ويغيّر بعض الأمور، أو أن يأتي بحدث خارجي ما، أو أن يدفع بهنّ إلى طردي من الدير، لأنني وجدتُ من الصعب أن أغادر الجمعية من تلقاء نفسي. وبقيتُ أتألّم من جرّاء ذلك طوال ثلاث ساعات. لم أستطع أن أصلّي ولكن واظبتُ على الخضوع لإرادة الله. في اليوم التالي قالت لي الأم الرئيسة [بورجيا] إنّ الأم الرئيسة العامة [مايكل] ستنقلني إلى فارسو. أجبتُ الأم: «لا ينبغي، ربّما، أن أذهب إلى هناك، بل أن أغادر [الجمعية] مباشرة من هنا». رأيتُ في ذلك العلامة الخارجية التي طلبتُها من الله. فلم تجب الأم الرئيسة. ولكن استدعتني مجدَّداً بعد حين لتقول لي: «أتعلمين يا أختي؟ اذهبي على كل حال ولا تقلقي من إضاعة الرحلة حتى لو اضطررتِ أن ترجعي فوراً». أجبتُها: «حسناً سأذهب». رغم أنّ الألم قبض على قلبي لأنني أدركتُ أنّ القضية ستتأجّل من جرّاء هذه الرحلة. غير أنّني حاولتُ أن أكون مطيعة رغم كل شيء. 625- بينما كنتُ أصلّي عند المساء قالت لي أمّ الله: «يجب أن تكون حياتك شبيهة بحياتي هادئة وخفيّة، باتّحاد متواصل مع الله، تسعين إلى التواضع وتحضّري العالم لمجيء الله الثاني». 626- طوال زياح القربان عند المساء كانت نفسي، لبعض الوقت، متّحدة بالله الآب. شعرتُ أنني بين يديه كطفل صغير وسمعتُ هذه الكلمات في داخلي: «لا تخافي شيئاً، يا ابنتي، ستتبدّد كل الصعوبات على قدميّ». خالج نفسي، عند سماع هذه الكلمات سلام عميق وهدوء داخليّ كبير. 627- لمّا كنتُ أتذمّر لدى الله من أنّه لا يساعدني وأنني أُتْرَكُ وحدي دون أن أعلم ما العمل، سمعتُ هذه الكلمات: «لا تخافي أنا دائماً معكِ». بعد سماع هذه الكلمات خالج نفسي مجدَّداً سلام عميق. وسيطر عليّ وجوده تماماً حتى أنني كنت أتحسّسه. وفاض نور على روحي وشارك جسدي أيضاً بهذه الحالة. 628- عشيّة اليوم الأخير قبل ذهابي إلى فيلنيوس كشَفَتْ لي إحدى الراهبات العجوزات عن حالة نفسها. قالت لي إنها كانت تتألّم داخليًّا منذ سنين عديدة وأنه كان يتراءى لها أنّ كل اعترافاتها هي باطلة وإنّها تشكّ فيما إذا كان الله قد غفر لها أم لا. سألتُها عمّا إذا تحدّثت إلى معرّفها عن ذلك. أجابت أنها تحدّثت مرات عديدة إلى معرّفيها … «ولا شيء يريحني ويبدو لي في كل حين أنّ الله لم يغفر لي». أجبتها: «يجب أن تُطيعي معرّفك، يا أختي، وكوني بطمأنينة تامة، لأن ذلك هو مجرّد تجربة». ولكن طلبَتْ إليّ والدمع في عينيها أن أسأل يسوع إذا كان قد غفر لها، وإذا كانت اعترافاتها جيّدة أم عاطلة. أجبتها بشدّة: «إسأليه أنتِ بذاتك يا أختي، إن كنتِ لا تصدّقين معرَّفيكِ»، ولكنها قبضت على يدي ولم تدعني أغادر قبل أن أعطيَها جواباً. ومكثت تطلب إليّ أن أصلي من أجلها وأن أُعلِمَها ما قد يقول لها يسوع. ولم تدعني أترك، وهي ما تزال تبكي بمرارة وقالت لي: «إني أعلم أنّ يسوع يتحدّث معكِ يا أختي». بينما هي متكبّشة بيدي ولم أستطع إلى الهرب سبيلاً، وعدتُها بأن أصلّي من أجلها. في المساء، وقت زياح القربان، سمعتُ هذه الكلمات في نفسي: «قولي لها إنّ شكّها يجرح قلبي أكثر من الخطايا التي ارتَكَبَتْها». ولمّا نقَلْتُ لها ذلك أخذت تبكي كطفلة وخالج نفسها فرح كبير. وأدركتُ أنّ الله أراد أن يعزّي هذه النفس من خلالي. لقد أتمَمْتُ إرادة الله رغم أنّ ذلك كلّفني غالياً. 629- لمّا دخلتُ إلى الكنيسة، ذات المساء، لأشكر الله على كل النِّعَم التي أغدقها عليّ في هذا البيت، غمرني حضوره فجأة. شعرتُ أنّني كطفلة بين يديّ أفضل أب وسمعتُ هذه الكلمات: «لا تخافي أنا دائماً معكِ» وخالج حبّه كل كياني. وشعرتُ أنني دخلتُ في صداقة حميمة معه لا أستطيع أن أجد كلاماً للتعبير عنها. 630- حينئذ رأيتُ أحد الملائكة السبعة حولي مشعًّا كما في السابق بشكل نور. كنتُ أراه قربي دون انقطاع وأنا سائرة في القطار. كنتُ أرى ملاكاً جالساً في كل كنيسة نمرُّ بقربها، محاطاً بنور أكثر شحوباً من نور الملاك الذي كان يرافقني في سفري. وكان كل واحد من الملائكة الذين يحرسون الكنائس يحني رأسه للملاك الذي يرافقني. لمّا دخلتُ باب الدير في فارسو، توارى الملاك. شكرتُ الله على صلاحه وهو يعطينا ملائكة ليرافقونا. آه! كم هو قليل عدد الناس الذين يفكّرون بهذا الأمر وهو أنّ لديهم هكذا ضيف بقربهم، شاهداً لهم، في الوقت نفسه، لكل شيء. تذكروا أيها الخطأة، أنّ لكم كذلك شاهداً لكل أعمالكم. 631- يا يسوع! إنّ صلاحك يفوق كل إدراك وأنّ رحمتك لا تنضب. الهلاك هو للنفس التي تريد أن تهلك. ولكن التي تريد الخلاص، هناك محيط رحمة الله الذي لاينضب، لنستقي منه. كيف يمكن لأناء صغير أن يحتوي محيطاً لا يُسْبَر. 632- بينما كنتُ أغادر الراهبات، وأنا على وشك الرحيل اعتذرَتْ مني إحداهنّ اعتذاراً شديداً، لأنّ مساعدتها لي في واجباتي كانت ضئيلة، ولأنها لم تكتفِ فقط أن تتوانى عن مساعدتي، بل حاولت أن تضع العراقيل في دربي. غير أنني كنتُ، أعتبرها في أعماق قلبي، محسنة لي لأنها ربّتني على الصبر إلى حدّ جعل مرّة راهبة عجوزاً تقول: «إنّ الأخت فوستينا هي إمّا مجنونة وإمّا قديسة، لأن، بالحقيقة، شخصاً عاديًّا لا يسمح لغيره أن يتصرّف دائماً نحوه بهذا الشكل وبدافع الحقد». تلك الراهبة حاولت أن تضع الصعوبات في عملي إلى حدّ نجَحَتْ، رغم جهودي، في أن تُفسِد كلّ ما أتقنتُ القيام به كما أقرّت هي بذلك قبل ذهابي، وطلبَتْ مني السماح عنه. لم أرد أن أستقصي نواياها واعتبرتُ تصرّفاتها تجربة من لَدُن الله. 633- يأخذني الذهول من حسد الآخرين. لمّا أرى خير الآخر، أفرح له وكأنّه خيري أنا بالذات. فرح الآخرين هو فرحي وآلامهم هي آلامي، وإلاّ لما استطعتُ أن أتواصل مع الرب يسوع. إنّ روح يسوع هي دائماً وضيعة ووديعة وصادقة. كل خبث وحسد وفظاظة مخبّأة في ابتسامة إرادة حسنة هي أشبه بشياطين صغيرة وذكيّة. إنّ الكلمة القاسية الصادرة عن حبّ صادق لا تجرح القلب. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 386 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() القديسة فوستينا تشاهد أحداث أحد الشعانين و الجمعة العظيمة 634- 22 آذار [1936]. لمّا وصلتُ إلى فارسو، دخلتُ إلى كنيسة صغيرة، لوقت قصير، لأشكر الرب على السفر السليم ولأطلب إليه أن يساعدني ويعطيني النعمة اللازمة لكل ما ينتظرني هناك. أخضَعْتُ نفسي في كل شيء لإرادته المقدسة. سمعتُ هذه الكلمات: «لا تخافي شيئاً، ستصبح كل الصعوبات سبيلاً لإتمام إرادتي». 635- 25 آذار. في الصباح وقت التأمل، خصّني الله بحضوره. فرأيتُ صلاحه الذي لاحدود له، وفي الوقت ذاته، تنازله نحو خلائقه. ثم رأيتُ أمّ الله التي قالت لي: «آه! كم يرتضي الله بالنفس التي تتبع بأمانة إلهامات نِعمِه! أعطيتُ المخلّص إلى العالم. أما أنتِ فعليك أن تحدثي العالم عن رحمة الله الكبيرة وتُعدّيه لمجيئه الثاني، فهو سيأتي لا كمخلّص رحوم، بل كقاضٍ عادل. آه! كم هو مخيف ذلك اليوم. يوم العدالة هو مقرّر، يوم الغضب الإلهي. ترتجف الملائكة أمامه. حدّثي النفوس عن تلك الرحمة الكبيرة طالما هناك وقت [للحصول] عليها. إذا لازمتِ الصمت فسيتوجّب عليكِ أن تؤدّي حساباً عن عدد كبير من النفوس في ذلك اليوم. لا تخافي شيئاً. ثابري في الأمانة حتى النهاية. إنني أتعاطف معكِ». 636- لمّا وصلتُ إلى فالندوف (Walendow) رحّبت بي إحدى الراهبات. «يا أختي، طلما جئتِ إلينا فستسير الآن الأمور على ما يرام». فأجبتها: «لماذا تقولين لي هذا يا أختي». أجابت أنها شعَرَتْ به في نفسها. كانت تلك الراهبة تتميّز بالبساطة وبإرضاء قلب يسوع. كان الدير بالفعل في حالة (اقتصادية) سيئة. لن أذكر كل ذلك هنا. 637- الاعتراف. لمّا كنتُ أتحضَّرُ للاعتراف قلتُ ليسوع المختبئ في القربان المقدّس. «أضرعُ إليك، يا يسوع، أن تكلّمني بِفَمِ هذا الكاهن. وسيكون ذلك علامة لي. لأنه لا يعرف أبداً أنني أريدُ أن أؤسّس رهبنة الرحمة. دعهُ يقول لي شيئاً ما عن هذه الرحمة». لمّا دخلتُ كرسي الاعتراف وبدأتُ أعترف، قاطعني الكاهن وأخذ يحدّثني عن رحمة الله العظمى بحماس لم يسبق لي أن سمعتُ أحداً يحدّثني مثله عنها: «هل تعلمين أنّ رحمة الرب هي أعظم من كل أعماله، فهي إكليل أعماله». واستمعتُ بانتباه إلى كل هذه الكلمات التي كان يقولها الرب من خلال فم الكاهن رغم أنني أؤمن أنّ الله يحدّثنا دائماً من خلال شفاه الكاهن في كرسي الاعتراف، فقد اختبرتُ ذلك بشكل خاص في هذه المناسبة. ورغم أنني لم أُعلن له شيئاً عن الحياة الإلهية في نفسي واكتفيتُ بأن أشكي له إهاناتي، حدّثني هو، من تلقاء نفسه، عن الكثير عمّا يخالج نفسي وألزمني أن أكون أمينة لإلهامات الله. قال لي: «أنتِ تسيرين في الحياة مع أمّ الله التي تجاوبت بأمانة مع كل الإلهامات الإلهية». يا يسوع من يستطيع أن يُدرك أبداً صلاحكَ؟ 638- يا يسوع، أبعد عنّي كل الأفكار التي لا تتوافق مع إرادتك. إنني أعلم أن لا شيء يربطني في هذه الأرض سوى عمل الرحمة هذا. 639- الخميس. رأيتُ عند عبادة المساء، يسوع مجلوداً ومعذباً وقال لي: «يا ابنتي، أريدُ أن تتكلي على معرّفك حتى في الشؤون الصغيرة. إنّ أكبر تضحياتك لن تُرضيني إذا قمتِ بها دون استئذان معرّفك». من جهة، إنّ أصغر التضحيات ستجد قيمة كبيرة إذا قُمتِ بها مع إذنِهِ. إنّ أكبر الأعمال هي كلا شيء، في نظري، إذا قمتِ بها بدافع الأنانية وتستحق العقاب بدل من المكافأة لأنها لا تتطابق مع إرادتي. ومن جهة ثانية إنّ أصغر أعمالِكِ التي تقومين بها مع استئذان معرّفك هي عزيزة عليّ وترضي ناظري. اثبتي على ذلك. وكوني دائماً يقظة، لأنّ نفوساً عديدة تبتعد عن أبواب الجحيم وتعبد رحمتي. لا تخافي شيئاً طالما أنا معك. واعلمي أنّك لا تستطيعين شيئاً وحدك». 640- في يوم الجمعة الأول من الشهر، قبل المناولة، رأيتُ حِقًّا كبيراً مملوءاً بالبرشان المقدس. وضَعَتْ يَدٌ الحِقُّ أمامي، فأخذته بيديَّ وكان في داخله ألوف البرشانات الحيّة. سمعتُ حينئذ هذا الصوت: «لقد أعطيتُ بعض البرشانات إلى النفوس التي نلْتِ لها نعمة الارتداد الحقيقي طوال هذا الصوم». كان ذاك في الأسبوع السابق للجمعة العظيمة. أمضيتُ النهار في خشوع داخلي عميق، متخلّيّة عن ذاتي من أجل النفوس. 641- آه! يا لها من سعادة أن أفرِغ ذاتي من أجل النفوس الخالدة. إنني أُدركُ أنّ على حبة الحنطة أن تُمحَق وتُسحَق تحت حجر الطاحون لتصبح طعاماً. هكذا عليّ أن أُمحَق لأفيد الكنيسة والنفوس، رغم أنّ لا أحد يلاحظ خارجياً نصيحتي. يا يسوع، كم أريد أن أختفي مثل تلك البرشانة الصغيرة التي خارجياً، لا تُبصِرُ العين فيها شيئاً، بينما أنا قربانة مقدسة لك. 642- أحد الشعانين . اختبرتُ هذا الأحد بشكل مميّز عواطف قلب يسوع الكلّي العذوبة. رأيتُ يسوع راكباً جحشاً ابن آتان يرافقه التلاميذ وجمهور غفير حاملين الأغصان في أيديهم، فرحين. وفرش بعضهم الأغصان على أقدام يسوع حيث كان راكباً، بينما رفعها البعض الآخر عالياً في الهواء قافزين وراقصين أمام الرب، حائرين كيف يعبّرون عن فرحهم. رأيتُ جمهوراً آخر أتوا لملاقاة يسوع وأوجههم كذلك تشعّ فرحاً، والأغصان في أيديهم يهتفون فرحاً دون انقطاع. كان هناك أيضاً أولاد صغار. لكن يسوع كان رصيناً وأفهمني كم كان متألِّماً آنذاك. حينئذ لم أعد أرى سوى يسوع وقلبه مشبّع بنكران الجميل. 643- الاعتراف الفصلي. الأب بوكوفسكي (Bukowski). لمّا دفَعَتْ بي قوة داخلية أن لا أؤجّل القضية، لم يعد باستطاعتي أن أجد سلاماً داخلياً. قلتُ إلى المعرّف، الأب بوكوفسكي: إنّه لم يعد باستطاعتي الانتظار. فأجابني الكاهن: «يا أختي، هذا وهمٌ. لا يمكن أن يطلب إليك يسوع هذا. لقد قدَّمْتِ نذوراتِكِ المؤبّدة، فكل ذلك وهمٌ، وأنتِ ترتكبين نوعاً من الهرطقة». وكان يصرخ فيّ، بأعلى صوته تقريباً. وسألته عمّا إذا كان كل ذلك وهماً حقًّا. أجاب: «كل شيء» فقلت له: «قل لي إذاً، من فضلك، أيّ اتجاه عليّ أن أسير فيه». «يا أختي، عليكِ أن لا تتبعي أيّ إلهام. أبعِدي أفكاركِ عن كل هذه الأمور. ينبغي أن لا تُعيري أيّ انتباه إلى ما تسمعينه في داخل نفسك وحاولي أن تُحسني القيام بواجباتك الخارجية، لا تفكّري أبداً بهذه الأمور وأبعديها تماماً عن ذهنِكِ». أجبتُ: «حسناً، كنتُ لغاية اليوم، أتبعُ ضميري ولكن، طالما أنت تُرشدُني، فسأتوقّف، من الآن فصاعداً، عن الاهتمام بما يجول في داخلي». قال حينئذ: «إذا حدَّثَكِ الله من جديد، فاعلميني بذلك من فضلِكِ، ولكن لا ينبغي أن تأتي بأية مبادرة». لا أعلم لماذا كان الكاهن على هذا النوع من القساوة. 644- لمّا غادرتُ كرسيّ الاعتراف طَغَت على نفسي أفكار عديدة. لماذا أكونُ صادقة؟ ليس ما ذكرتُهُ خطيئة، إذاً، ليس من واجبي أن أقرّ به إلى الكاهن. ومرة أخرى، أيّ ارتياح في أن لا أكترث عمّا يجول في داخلي، طالما الأمور هي جيّدة في الخارج. لا ينبغي بعد الآن أن أُعير انتباهاً إلى أيّ شيء أو أن أتبع الأصوات الداخلية التي ألحَقَتْ بي غالباً الكثير من التحقير. سأكون حرّة من الآن فصاعداً. ولكن قد اعترى نفسي من جديد أَلَمٌ غريب. ألا أستطيع، إذاً، أن أتواصل مع الذي تشتاقُ إليه نفسي؟ والذي هو مصدر كل قوّة نفسي؟ فبدأتُ أصرخُ عالياً! «إلى من أذهب يا يسوع؟» ومنذ أن وضع عليّ المعرّف حظراً غَمَرَتْ نفسي ظلمة كثيفة. خفتُ أن أسمع أصواتاً داخلية التي قد تُزيل حَظر معرّفي. مجدَّداً صرتُ أموتُ شوقاً إلى الله. وتفتَّتَ داخلي، إذ لم يَعُدْ لديه إرادة ذاتية وقد أُعيدَتْ كلها إلى الله. كان ذاك يوم أربعاء الآلام. تكاثفت الآلام في يوم الخميس. ولمّا بدأتُ تأمّلي، دخلتُ في شيء من النزاع. لم أشعر بحضور الله، بل ثقلَتْ عليّ عدالته. رأيتُ نفسي صريعة خطايا العالم. وأخذ إبليس يسخر مني: «أنظري، لن تسعَي من الآن فصاعداً إلى كسب النفوس. أنظري كيف كوفِئْتِ. لا يصدِّقكِ أحدٌ أنّ يسوع يطلب إليكِ ذلك. أنظري كم أنتِ تتألّمين الآن وكم ستتألّمين. على كل حال، لقد أراحكِ معرِّفكِ من كل هذه الأمور». أستطيعُ أن أعيش الآن كما أريد، طالما الأمور تسيرُ حسناً في الظاهر. عذّبتني هذه الأفكار المخيفة طوال الساعة بكاملها. لمّا جاء وقت القداس قبض الألم على قلبي. ألَعَلِّي أغادِرُ الجمعية؟ طالما أنذرني الكاهن أنّ ذلك هو نوع من الهرطقة، فهل ابتعدتُ عن الكنيسة؟ صرختُ إلى الرب بصوت داخلي حزين: «خلّصني، يا يسوع». لكن، لم يَلِجْ نفسي شعاع نور واحد، وانهارت قواي، وكأنّ جسدي ينفصم عن الروح، فاستسلمتُ إلى إرادة الله وردَّدتُ: «حقّق يا رب فيّ كل ما قرّرته. لم أعد أملك شيئاً». حينئذ غمرني حضور الله فجأة ودخل في كل كياني. حصل ذلك حين تناولتُ القربان المقدس وفقدتُ كلّ إدراكٍ حولي وكل ما يتعلّق بي. 645- ثمّ رأيتُ يسوع كما هو مصوّر في الرسم. وقال لي: «أخبِري معرِّفكِ أنّ هذا هو عملي وأنني أستعملُكِ كآلة وضيعة». وقلت: «يا يسوع، لا أستطيعُ بعد الآن أن أعمل أيّ شيء تأمرني به، لأنّ معرّفي قالي لي أنّ كل ذلك هو وَهْمٌ ولن يسمح لي أن أطيعَ أيًّا من أوامرك. لن أصنع شيئاً تطلبه مني الآن. آسفة يا سيدي، لم يسمح لي أن أصنع شيئاً وعليّ أن أُطيع معرّفي. أطلبُ السماح منك، بكل جدِّيّة، يا يسوع أنت تعلمُ كم يتسبّب لي ذلك بألَمٍ ولا من يساعدني. لقد منعني معرّفي أن أتبع أوامرك». استمع يسوع إلى دفاعي وتشكّياتي بلطف ورضى. فكَرتُ أنّ يسوع قد يغتاظ كثيراً. ولكن بالعكس كان راضياً وقال لي بحنان: «أخبري دائماً معرِّفكِ عن كل شيء أقولُهُ لكِ وآمُرُكِ به، واعملي فقط ما يسمحُ به. فلا تضطربي ولا تخافي فأنا معكِ». فامتلأت نفسي فرحاً واضمحلّت كل تلك الأفكار المضنية. وخالج اليقين نفسي وغمرتها الشجاعة. 646- بعد قليل بدأتُ أعاني من الآلام التي اعترَتْ يسوع في بستان الزيتون. ودامت إلى يوم الجمعة صباحاً. ويوم الجمعة، اختبرتُ آلام يسوع، ولكن بشكل مختلف. جاء الأب بوكوفسكي، ذاك اليوم من ديربي (Derby). دفعتني قوة غريبة أن أعترف عنده وأخبره عن كل ما حلّ بي وعمّا قاله يسوع لي. ولمّا أخبرتُهُ بذلك كان له موقفٌ مختلفٌ جدًّا وقال لي: «لا تخافي شيئاً، يا أختي، فلن يمَسَّكِ أذًى، لأنّ يسوع لن يسمح بذلك. إن كنتِ مطيعة ومثابرة في هذه الاستعدادات فلا حاجة أن تقلقي من شيء. سيجدُ الله سبيلاً لإنجاز عمله. عليكِ أن تتحلّي دائماً بهذه البساطة وهذا الصدق وأن تُخبِري الرئيسة العامة عن كل شيء. وما قلتُهُ لكِ هو بمثابة تنبيه لأنّ الأوهام تؤثّر حتى على القدّيسين ويلعب الشيطان دوراً هامًّا في ذلك. ويتأتّى ذلك أحياناً من أنانيّتنا. لذا يجب التنبُّه. تابعي، إذاً، كما فعلتِهِ لحد الآن. إنَّكِ تَرَيْن يا أختي أنّك لم تُغيظي الله. ويمكنكِ يا أختي أن تُخبِري مجدَّداً عمَّا حصل لك حتى الآن، معرّفك العادي» [الأب سوبوكو]. 647- فهمتُ شيئاً واحداً من ذلك وهو عليّ أن أصلي كثيراً على نيّة كل واحد من معرِّفِيَّ حتى ينالوا نور الروح القدس. لأنني كلّما أقتربُ من كرسيّ الاعتراف دون أن أسبق اعترافي بصلاة حارّة، فلا يفهمني معرّفي كما يجب. لقد شجّعني الكاهن على أن أصلي بحرارة على هذه النوايا حتى يعطيهم الله معرفة أوفر وإدراك الأمور التي يطلبها إليّ الرب: «اصنعي تساعية بعد تساعية، يا أختي، والله سوف لا يرفض نعمة». 648- الجمعة العظيمة . رأيتُ، الساعة الثالثة، يسوع مصلوباً، نظر إليّ وقال: «أنا عشطان». ثمّ رأيتُ شعاعين ينطلقان من جنبه كما يظهران في الرسم. شعرتُ حينئذ بشوق في نفسي أن أخلّص النفوس وأن أفرِغ ذاتي من أجل الخطأة المساكين. قرَّبتُ نفسي، مع يسوع المنازع، إلى الآب الأزلي من أجل خلاص كل العالم. مع يسوع ومن خلال يسوع، وفي يسوع، هو اتّحادي بك أيها الآب الأزلي. تعذّب يسوع في نفسه يوم الجمعة العظيمة بشكل يختلف تماماً عن [عذاب] خميس الأسرار. 649- قداس القيامة. [2 نيسان 1936]. لمّا دخلتُ الكنيسة استغرَقَتْ روحي في الله، كنزي الوحيد، وغمرني حضوره. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 387 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() أهمية إرادة الله والإتّكال عليه في حياة القديسة فوستينا 650- يا يسوع معلّمي ومدبّري، قوّني وأنرني في هذه الأوقات الصعبة من حياتي. لا أنتظر مساعدة من البشر: كل رجائي هو فيك، أشعرُ أنني وحدي أمام أوامرك، يا سيدي. رغم مخاوف طبيعتي وارتيابها، إنني أتمّم إرادتك المقدسة وأرغب في أن أتمّمها بالأمانة المستطاعة طوال حياتي وعند موتي. يا يسوع، أستطيعُ كل شيء معك. اصنع مني ما يرضيك. وعند موتي، أعطني فقط قلبك الرؤوف، وهذا يكفيني. يا يسوع سيدي ساعدني. حقّق فيّ كل ما صمّمته منذ كل الأجيال. أنا مستعدّة إلى كل من إشاراتك وإرادتك المقدسة. أنر عقلي كي أستطيع أن أدرك إرادتك. أيها الإله الذي تغزو نفسي، أنت تعلمُ أنني لا أبتغي سوى مجدك. أيتها الإرادة الإلهية، أنت سعادة قلبي وطعام نفسي ونور عقلي وقوة سامية لإرادتي. لذا، لمّا أتّحد بإرادتك، يا سيد، تعمل قوتك من خلالي وتحلّ محلّ إرادتي الضعيفة. أسعى كل يوم إلى تحقيق رغباتك. 651- أيها الإله غير المُدرَك، كم هي عظيمة رحمتُك. تفوق معرفة الملائكة والبشر معاً. لقد انبثق كل الملائكة وكل البشر من عمق أعماق رحمتك الحنونة. الرحمة هي زهرة الحب. الله محبة والرحمة هي عمله. بالرحمة يُكوّن وبالرحمة يُعلَنُ عنه. كل ما أراه يتحدّث عن رحمة الله. إنّ عدالته نفسها تحدّثني عن رحمته التي لا تُسبَر لأنّ العدالة تتدفّق من المحبة. 652- كلمة واحدة أُعيرُها انتباهي وأَزِنُها. فهي كلّ شيء لي، أحيا وأموت بها، ألا وهي إرادة الله . هي غذائي اليومي. كل كيان نفسي يصغي بانتباه إلى رغبات الله. أصنعُ دائماً ما يطلبه إليّ الرب رغم أنّ طبيعتي تتزعزع غالباً وأشعر أنّ عظمة هذه الأمور تفوق قوّتي. أعرف ذاتي جيداً. ولكن أعرفُ أيضاً ما هي نعمة الله التي تقوّيني. 25 نيسان 1936. فالندوف. 653- ذاك اليوم ازداد الألم قساوة في نفسي، أكثر من أي يوم مضى. منذ الصباح الباكر، شعرتُ وكأنّ جسدي قد انفصل عن روحي. شعرتُ أنّ حضور الله قد غمر كل كياني. شعرتُ بكل عدالة الله في داخلي. شعرتُ أنني أقفُ وحدي أمام الله. فكَّرتُ: أنّ كلمة واحدة من معرّفي قد تطمئنني كليًّا. ولكن ما العمل؟ فهو ليس هنا. على أنني قرَّرتُ أن أستنير في الاعتراف. ولمّا كشفتُ عن نفسي إلى الكاهن، خاف أن يتابع سماع اعترافي ممّا تسبّب لي بأقسى الآلام. لمّا رأيتُ تخوّف الكاهن، لم أحصل على السلام الداخلي، لذا قرَّرتُ أن أكشف عن نفسي لمرشدي الروحي فقط، في كل الأمور، من أكبرها إلى أصغرها، وسأتبع توجيهاته بدقّة. 654- أُدرِكُ ألآن أنّ الاعتراف هو الإقرار بالخطايا، ويختلف تماماً عن الإرشاد الروحي. لكن لا أريد أن أتحدّث عن هذا. أريدُ أن أتحدّث عن شيء غريب حصل لي لأول مرة. لمّا راح المعرّف يحدّثني، لم أفهم منه أية كلمة. حينئذ رأيتُ يسوع مصلوباً وقال لي: «عليكِ أن تستنيري وتتقوّي بآلامي». بعد الاعتراف تأمَّلتُ بآلام يسوع المبرّحة وأدركتُ أن ما من ألم يوازي آلام المخلّص وأنّ أصغر النقائص كانت سبب هذه الآلام المبرّحة. فامتلأت نفسي حينئذ بتوبة كبيرة. وفي هذا الوقت بالذات شعرتُ أنني في بحر رحمة الله التي لا تُسبَر. آه! كم ينقصني الكلام لأعبّر عمّا اختبرتُ. أشعرُ وكأنني نقطة غارقة في عمق أعماق محيط رحمة الله. 655- 11 أيّار 1936. جئتُ إلى كراكوف وكنتُ سعيدة بأن أستطيع، أخيراً، أن أُنجز ما كان يطلبه مني الرب يسوع. لمّا كنتُ أتحدثُ مرة إلى الأب أ… [أندراز] وأخبرتُه عن كل شيء تلَّقيتُ هذا الجواب: «صلّي، يا أختي، حتى يوم عيد قلب يسوع الأقدس، وأضيفي على صلواتِكِ بعض الإماتات وسأعطيكِ جواباً. في يوم ذاك العيد». ولكن سمعتُ يوماً، صوتاً في نفسي: «لا تخافي شيئاً، أنا معكِ». بعد هذه الكلمات، شعرتُ بإلحاحٍ قويّ في داخلي، جعلني أقول في الاعتراف، ودون أن أنتظر عيد قلب يسوع الأقدس، إنني أغادِرُ الجمعية فوراً. أجابني الكاهن: «يا أختي، بما أنّك أخذتِ هذا القرار وحدَكِ، فتحمّلي وحدَكِ المسؤولية، غادري». وكنتُ سعيدة أن أغادر. في الصباح التالي غادرني فجأة حضور الله وغطّت نفسي ظلمة كثيفة. لم أستطع أن أصلّي. قرَّرتُ أن أؤجّل هذه القضية إلى بعض الوقت بسبب غياب حضور الله المفاجئ. أجاب الأب أ. [أندراز] أنه غالباً ما يحصل هذا التبديل في النفوس وأنه ليس عائقاً للعمل. 656- لمّا تحدَّثتُ إلى الرئيسة العامة [مايكل] عن كل ما حصل معي قالت: «يا أختي، أنا أسجُنُكِ في بيت القربان مع الرب يسوع، فعندما تغادرين من هناك فستكون تلك إرادة الله». 657- 19 حزيران. لمّا ذهبتُ إلى مقرّ الآباء اليسوعيين لزياح قلب يسوع الأقدس، رأيتُ، عند صلاة المساء، الأشعة ذاتها منبثقة من القربانة المقدسة، تماماً كما هي مرسومة في الصورة. فامتلأت نفسي بتَوْقٍ كبير إلى الله. حزيران 1936 حديث مع الأب أ. [أندراز] 658- «إنّ هذه الأمور هي قاسية وصعبة. إنّ مرشدكِ الروحي الرئيسي هو الروح القدس. نستطيعُ أن نوجّه هذه الإلهامات ولكنّ المرشد الحقيقي هو الروح القدس. إذا قررَّتِ بذاتكِ أن تغادري، يا أختي، فلا أستطيعُ أن أمنَعَكِ أو آمرَكِ بذلك. تأخذين أنتِ وحدَكِ المسؤولية. أقولُ لك هذا، يا أختي: يمكنُكِ أن تبدئي العمل، أنت قادرة على ذلك، لا سيّما أنّك تستطيعين ذلك. بالواقع تلك هي أمور محتملة. كل ما قلتِهِ لي لغاية الآن [قبل نذوراتِكِ المؤبدّة، في كراكوف 1943] يشجّع على بدء العمل. على كل حال يجب أن تكوني يقظة في كل هذه الأمور. صلّي كثيراً كي تستنيري». 659- وقت الذبيحة المقدسة، التي احتفل بها الأب أندراز، رأيتُ الطفل يسوع الذي قالي لي أن أتّكل عليه في كل شيء. «لا شيء يرضيني إذا قمتِ به وحدَكِ حتى لو وضعتِ فيه كلّ جهد». أدركتُ [ضرورة] اتّكالي عليه. 660- يا يسوع في يوم الحكم الأخير، ستطلبُ مني حساباً عن عمل الرحمة هذا، أيها القاضي العادل، ولكنْ عروسي أيضاً، ساعدني لأصنعَ إرادَتَكَ، أيتها الرحمة، أيتها الفضيلة الإلهية. يا قلب يسوع الكلّي الرحمة، يا عروسي، اجعل قلبي شبيهاً بقلبِكَ. 661- 16 تمّوز. أمضيتُ الليل بكامله في الصلاة. تأمَّلتُ بآلام يسوع، فَسَحَقَ ثقلُ عدالة الله نفسي. لَمَستْني يدُ الرب. 662- 17 تمّوز. يا يسوع، أنت تعلمُ كم تعتريني من عراقيل في هذه القضية، وكل عليّ أن أتحمّل من لَوْمٍ وكم من ابتسامات سخرية عليّ أن أتقبّلها برصانة. لا أستيطيعُ وحدي أن أتغلّب على كل ذلك ولكن أستطيعُ كل شيء معَكَ. آه! كم هي عميقة الجروحات التي تسبّبها ابتسامات السخرية، لا سيّما عندما [يتظاهر] صاحبها بأنه يتكلّم بصدق. 663- 22 تمّوز. يا يسوع، إنني أُدركُ أنّ أعمال الإنسان، لا كلامه أو شعوره، هي التي تُثبّتُ عظمته. إنّ أعمالنا تتحدّث عنا. لا تسمح لي أن أحلم في اليقظة، بل شجّعني وقوّني لأتمّم إرادتك المقدسة. يا يسوع، إذا أردتَ أن تتركني في حالة التردّد، حتى إلى آخر حياتي، فليكن اسمُك المقدس مباركاً. تمّوز 664- يا يسوع، كم هي عظيمة سعادتي عندما تأكَّدَتْ لي أنّ الجمعية سترى النور. لم يعُد لديّ أيّ ظل شك حول هذا الأمر وأرى أيّ مجد عظيم ستقدّم لله. ستكون انعكاسَ أعظم صفاتِ الله، أي الرحمة الإلهية. سيتوسّلون دون انقطاع إلى الرحمة الإلهية لأجلهم ولأجل العالم. سينبثق كل عمل رحمة من حبّ الله هذا، الحبّ الذي سيفيضُ عليهم ويملؤهم. سيسعون أن يتحلّوا هم بهذه الصفة العظيمة، أن يعيشوا بها ويحملوا الآخرين إلى معرفتها وإلى الثقة في صلاح الرب. ستكون جمعية الرحمة الإلهية هذه، في كنيسة الله، مثل خليّة نحل وديعة مخبّأة في بستان رائع. ستعمل الراهبات مثل النحل ليقيتَنَّ نفوس جيرانهنّ بالعسل، بينما سيُضاء الشمع لمجد الله. 29 حزيران 1936 665- طلب إليّ الأب أندراز أن أقوم بتساعية على نية معرفةٍ أفضل لإرادة الله. صلَّيتُ بحرارة وأضفتُ بعض الإماتات الجسديّة. نحو نهاية التساعية، اقتبلْتُ نوراً داخليًّأ وتأكيداً أنّ الجمعية ستأتي إلى الوجود وأنّها ستُرضي الله. رغم الصعوبات والعراقيل، خالجَتْ نفسي، من العلاء، طمأنينة وشجاعة كاملتان. أدركتُ أن لا شيء يقاوم إرادة الله أو يُلغيها. أدركتُ أنه يتوجّب عليّ أن أتمّم هذه الإرادة رغم العراقيل والاضطهاد وكل أنواع الآلام ورغم الاشمئزاز الطبيعي والخوف. 666- أدركتُ أنّ كل سعي للكمال وكل قداسة تكمن في صنع إرادة الله. إنّ إتمام إرادة الله الكامل هو النضج في القداسة، فلا مجال للشكّ هنا. أن نتقبّل نور الله ونعرف ما يريده منا ولكن دون أن نقوم به، فذلك إهانة كبرى لعظمة الله. يشبه ذلك عمل لوسيفورس الذي تقبّل نوراً كبيراً ولكن لم يسنع إرادة الله. خالج نفسي سلامٌ فوق العادة لمّا فكَّرتُ أنني، رغم الصعوبات الهائلة، تبِعتُ دائماً إرادة الله بأمانة كما عرفتها. يا يسوع أعطني النعمة لأضع موضع التنفيذ إرادتك، كما أعرفها، يا إلهي. 667- 14 تمّوز. الساعة الثالثة، استلمتُ رسالة [من الأب سوبوكو]. أنتَ وحدَكَ، يا يسوع، تعرفُ كم تألَّمتُ ولكن سأحفظُ الصمت ولن أقول عنها شيئاً لأية خليقة، لأنني أعلمُ أنّ لا أحد يقوّيني. أنت كل شيء لي، يا إلهي، وإنّ إرادتك هي غذائي. أعيشُ الآن بما سأعيشُ به في الأبدية. إنني أجلّ القديس ميخائيل، رئيس الملائكة إجلالاً كبيراً. لم يكنْ لديه مثالاً ليصنع إرادة الله، ومع ذلك لقد أتمّها بأمانة. 668- 15 تمّوز. قدَّمتُ ذاتي كليًّا إلى الأب السماوي من خلال قلب يسوع الكلي العذوبة. فليصنع بي ما يطيبُ له. فأنا لا شيء بذاتي. ولا قيمة لتعاستي. لذا أتخلّى عن ذاتي في محيط، رحمتك يا سيد. 669- 16 تمّوز. أتعلَّمُ كيف أُصبِح صالحة من يسوع الذي هو الصلاح بالذات لأستطيع أن أدَّعي أنني ابنة الآب السماوي. هذا الصباح لمّا جرح أحدهم شعوري، حاولتُ، في هذا الألم، أن أجمع إرادتي إلى إرادة الله، وأن أمجّده في الصمت. بعد الظهر، ذهبتُ للعبادة مدة خمس دقائق، فرأيتُ فجأة الصليب المعلّق على صدري قد انتعش. قالي لي يسوع: «يا ابنتي، إنّ آلامي هي علامة وجودي معَكِ». تأثَّرتُ نفسي في العمق من هذه الكلمات. 670- يا يسوع، معلّمي ومدبّري، أستطيع التحدّث معك وحدك، فلا يسهل الحدث مع أحد سواكَ يا إلهي. 671- في حياتي الروحية سأمسكُ دائماً بيد الكاهن، سأتحدّث فقط معرّفي عن حياة نفسي وحاجاتها. 672- 4 آب 1936. داهمني عذاب داخلي لأكثر من ساعتين. نزاع… فجأة سيطر عليّ حضور الله وشعرتُ كأنني في قبضة الله العادل. انتشرت عدالته فيّ حتى العظم خارجيًّا. فقدتُ قوتي ووعيي. هذا ما جعلني أدرِكُ عظمة قداسة الله وتعاستي المتفاقمة. اعترى نفسي عذابٌ أليم. تدرِكُ النفس أنّ أعمالها ليست دون عيب. فتضعف فيها قوة الثقة. فتتوق النفس بكل قواها إلى الله. غير أنها تدرك حقارتها وأنّ كل ما حولها هو باطل، وجهاً لوجه مع هذه القداسة … فيا لها من نفس مسكينة … 13 آب 673- عذّبتني تجارب مخيفة طوال النهار، تدفّق التجديف من شفَتَيَّ. واشمأزَّيتُ من كل ما هو مقدّس وإلهيّ حولي. غير أنني جاهدتُ طوال النهار. عند المساء، ثَقُلَ عقلي: ما الفائدة من الحديث مع معرّفي عن ذلك؟ سيسخر منه. وملأ نفسي شعور اشمئزاز ويأس وبدا لي أنني لا أستطيع أن أقبل المناولة المقدسة وأنا في هذه الحال. ولمّا فكَّرتُ بعدم قبول المناولة، قبض على نسفي ألَمٌ مخيف، حتى كدتُ أبكي عالياً في الكنيسة. ولكن أدركتُ فجأة أنّ الراهبات كنّ هناك، فقرَّرتُ أن أذهب إلى البستان وأختفي، فأستطيع أقلّه أن أبكي علناً. عندئذ وقف يسوع فجأة بقربي – وقال: «ابنتي، إلى أين تنوين الذهاب». 674- لم أُعْطِ جواباً إلى يسوع وكلن سكبتُ أمامه كلّ حزني، فتوقَّفَتْ تجارب إبليس. قال للي حينئذ يسوع: «إنّ السلام الداخلي الذي حصَلْتِ عليه هو نعمة». واختفى فجأة. شعرتُ بالسعادة وبسلام لا يُحَدّ. حقاًّ، إنّ استرجاع السلام خلال لحظات هو شيء يستطيع يسوع وحده القيام به، هو الرب العليّ. مسبحة الرحمة الإلهية |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 388 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() فوستينا تشاهد العرش الذي أُعِدّ لها في السماء وترى أمّ الله تبكي وقد اجتاز قلبها سيف 675- لمّا استملتُ الدراسة حول الرحمة الإلهية مع صورة [على الغلاف]، امتلأتُ، بشكل فائق العادة، من حضور الله. ولمّا استغرقتُ في صلاة شكر رأيتُ الرب، فجأة، في تألّق عظيم، تماماً كما هو في الرسم. ورأيتُ على قَدَميه الأب أندراز والأب سوبوكو، كان كلاهما يحمل قلماً في يده وكان ينبثق من رأس القلمين لمعان نور، ونور يطال جمهور شعب كبير مهرول إلى حيث لا أدري. وكل من لمسه شعاع نور، أدار ظهره فجأة إلى الجمهور وأمسك بيدَيّ يسوع. منهم من عاد بفرح كبير وغيرهم بألم وندم كبيرين، وكان ينظر يسوع إلى الكاهنين بحنان. بعد قليل تُرِكْتُ وحدي مع يسوع وقلت: «خذني الآن يا يسوع، لأنّ إرادتك قد تمّت» فأجاب يسوع: «لم تكتمل بعد إرادتي تماماً فيكِ، ستتألّمين كثيراً بعد، ولكن أنا معَكِ لا تخافي». 676- كنتُ أتحدَّثُ طويلاً مع الرب عن الأب أندراز والأب سوبوكو أيضاً. أعلمُ أنّ الرب لا يرفض شيئاً أطلبه إليه وسيعطيهما كل ما سأطلبه لهما. أُحسُّ وأُدركُ كم هي عظيمة محبّة يسوع لهما. لا أكتبُ عن هذا بالتفصيل ولكن أعرفُ ذلك وهذا سببُ فرحٍ لي. 15 آب 1936 677- لمّا كان الأب أندراز يحتفل بالذبيحة الإلهية غَمَرَ حضور الله نفسي، التي اجْتُذِبَتْ نحو المذبح. فرأيتُ أمّ الله مع الطفل يسوع. كان يسوع يتمسّكُ بيد العذراء. بعد قليل ركض الطفل يسوع بفرح نحو وسط المذبح فقالت لي أمّ الله: «أنظري بأية ثقة، أستودِعُ يسوع بين يديه، هكذا يجب أن تستودعي نفسَكِ وتكوني كطفلة له». بعد هذه الكلمات امتلأت نفسي بثقة نادرة. كانت أمّ الله ترتدي ثوباً أبيض، ناصع البياض، شفَّافاً وعلى كتفيها معطف أزرق شفّاف، أو بالأحرى، يميلُ إلى لون الأزرق ورأسها مكشوف، وشعرها منساب. بدَتْ رائعة و بجمال لا يوصف. كانت تنظر إلى الكاهن بحنان، ولكن بعد حين، كَسَرَ الكاهن الطفل يسوع، وسال منه دمٌ حيّ. فانحنى وضمّ إليه يسوع الحقيقي الحيّ. هل أكَلَهُ؟ لا أعلم ماذا حصل. يا يسوع، يا يسوع، لا أستطيعُ أن أفهمَكَ، بلحظة تصبح غير مدرك. 678- إنّ جوهر الفضائل هي إرادة الله. كل من يتمّم إرادة الله بأمانة يمارس كل الفضائل. في كلّ حالات حياتي وأحداثها، إنني أعبُدُ وأبارِكُ إرادة الله. إنّ إرادة الله هي موضوعٌ حيّ. في عمق أعماق سرّ نفسي، أعيشُ حسبَ إرادته. أتصرَّفُ خارجيًّا، حسبما أُدرِكُ، في داخلي، إنّها إرادة الله. فالآلام والعذابات والاضطهادات وكل أنواع الخصومات هي، مع إرادة الله، أطيب إلى قلبي من كل شهرة وتعظيم وتقدير مع إرادتي الخاصة. 679- مساء الخير يا يسوع: الجرس يدعوني إلى النوم، أنت ترى يا يسوع أنّني أموتُ شوقاً لخلاص النفوس. مساء الخير يا حبيبي. إنني أفرحُ باقترابي يوماً آخر من الأبدية. وإذا جعلتني أستيقِظُ غداً، يا يسوع، فسأبدأُ ترنيمة جديدة لتمجيدِكَ. 680- 13 تمّوز. أدركتُ في تأمّل هذا اليوم أنه لا ينبغي أن أتحدّث أبداً عن خبرتي الداخلية، [ولكن] لا يجب أن أُخفي شيئاً عن مرشدي الروحي. وسأطلبُ إلى الله، بالأخص، أن يُنيرَ مرشدي الروحي. إنني أعلّق أهمية على كلمات معرّفي أكبر من مجموعة كل الأنوار التي أقبَلُها في داخلي. 681- في وسط عذاباتي الكبرى، تحدّق نفسي بيسوع المصلوب. لا أتوقَّعُ مساعدة من البشر ولكن أضعُ ثقتي في الله. إنّ رجائي يكمُنُ في رحمته التي لا تُسبَر. 682- يزداد شوقي إلى الاستغراق في الصمت بقدر ما يزداد شعوري أنّ الله يُحوِّلُني. إنّ حبّ الله يعملُ عمله في أعماق نفسي. أرى أنّ الرسالة التي أوكَلَها إليّ الرب قد بدأت. 683- كنتُ أصلّي مرّة بحرارة إلى قدّيسي الآباء اليسوعيين، رأيتُ فجأة ملاكي الحارس الذي قادني أمام عرش الرب. مررتُ أمام جمهور كبير من القديسين وتعرَّفتُ إلى العديد منهم، الذين عرفتهم من خلال صورهم. رأيتُ عدداً من اليسوعيين الذين سألوني إلى أيّة جمعيةّ أنتمي. ولمّا أجبتُهُم، سألوني: «ومن هو مرشدُكِ الروحي؟» أجبتُ: «هو الآب أ.». ولمّا حاولتُ أن أُسهِب في الكلام، أشار إليّ ملاكي الحارس أن أسكُت، وجئتُ أمام عرش الله، رأيتُ نوراً كبيراً يتعذَّرُ الوصول إليه، ورأيتُ مكاناً مُعدًّا لي، قرب الله. ولكن لم أدرِك شكله لأنّ ضبابةً غطَّتهُ. غير أنّ ملاكي الحارس قال لي: «هذا هو عرشُكِ، لأمانتِكِ في تتميم إرادة الله». 684- ساعة سجود. الخميس. في ساعة السجود هذه، سمح لي يسوع أن أدخل إلى قدس الأقداس، وكنتُ شاهدة لما حصل هناك. غير أنّني تأثَّرتُ في العمق لمّا رأيتُ يسوع، قبل كلام التقديس، يرفعُ عينيه إلى السماء، ويتحدّث سريًّا مع أبيه. نستطيع فهم هذا الوقت فقط في الأبدية. كانت عيناه كَلَهيبَيّ نار. كان وجههُ مشعًّا، أبيض كالثلج. ملأتْ العظمة شخصه كليًّا كما ملأ الشوق نفسه. في وقت التقديس، ارتوى الحب واستراح واكتملت الذبيحة. وستُقام ليس فقط رتبة الدفن الخارجية، – كسر الخبز – بل إنّ جوهر [الذبيحة] كان أيضاً في قدس الأقداس. لم أفهم قطّ طوال حياتي عمق هذا السر، كما فهمته في ساعة السجود هذه. آه! كم أتوقُ أن يصل العالم كلّه إلى معرفة هذا السرّ غير المُدرك. 685- بعد ساعة السجود، أدركتُ فجأة، لمّا ذهبتُ إلى غرفتي، كم أهانَ الله في العمق، شخص عزيز على قلبي. اجتاز الألمُ نفسي لرؤية ذلك، وابسطتُ في التراب أمام الرب سائلة رحمته طوال ساعتين من الدموع والصلاة والجلد، أبعدْتُ عنه الخطيئة، وأدركتُ أنّ رحمة الله شمَلَتْ تلك النفس المسكينة. آه! يا لثمن خطيئة واحدة. 686- أيلول. أول يوم جمعة. في المساء رأيتُ صدر أمّ الله عارياً وقد اجتازه سيف. كانت تذرفُ دموعاً مرّة وتحمينا ضدّ عقاب الله المخيف. كان يريدُ الله أن يعاقبنا بقساوة، ولكن لم يستطع، لأنّ أمّه كانت تحمينا. قبضَ خوفٌ رهيب على نفسي. ثابرتُ في الصلاة من أجل بولونيا، وطني الحبيب، الذي تنَكَّرَ للجميل نحو أم الله. ولولا أمّ الله لذهَبَتْ كلّ جهودنا عبثاً. كثّفتُ صلواتي وتضحياتي لمسقط رأسي العزيز ولكن رأيتُ نفسي نقطة ماء أمام أمواج الشرّ. وهل يمكن أن توقِفْ نقطة ماء الموج. لا شكّ! إنّ نقطة الماء لا تستطيعُ شيئاً وحدها، ولكن معك يا يسوع، تستطيعُ أن تجابه بشجاعة كلّ أمواج الشرّ، وحتى الجحيم بكامله. إنّ قدرتك اللامتناهية تستطيعُ كل شيء. 687- كنتُ مرّة نازلة في الممرّ نحو المطبخ، سمعتُ هذه الكلمات في نفسي: «صلّي دون انقطاع السّبحة التي علَّمْتُكِ إياها. فمن يصليها يَنَلْ رحمتي العُظمى في ساعة الموت. ويوصي بها الكهنة الخطأة المنازعين كآخر رجاء للخلاص. حتى ولو تصلّب خاطئ ما في خطيئته فإن تَلا السبحة مرة واحدة، فسينال نعمة من رحمتي اللامتناهية. أرغبُ أن يعرف كل العالم رحمتي اللامتناهية. أريدُ أن أُغدِقَ نعماً تفوق كل تصوّر على كل النفوس التي تثق برحمتي». 688- يا يسوع، الحياة والحق والمعلّم قُدْ كلّ خطوة في حياتي كي أتصرّف حسب مشيئتك المقدسة. 689- رأيتُ في إحدى المناسبات عرش حمل الله وأمامه ثلاثة عروش: عرش ستانيسلاوس كوستكا [Kostka] وعرض أندراوس بوبولا [Bobola] وعرش الأمير كازمير، كانوا يتوسّلون من أجل بولونيا. ورأيتُ في الوقت نفسه كتاباً كبيراً موضوعاً أمام العرش، أُعْطِيَ لي لأقرأ فيه. كان مكتوباً بدم، فلم أستطع أن أقرأ فيه سوى اسم يسوع. ثمّ سمعتُ صوتاً يقول لي: «لم تأتِ ساعتُكِ بعد». ثم أُخِذَ مني الكتاب وسمعتُ هذه الكلمات: «ستشهدين لرحمتي اللامتناهية. لقد سجَّلْتُ في هذا الكتاب أسماء كل النفوس التي مجَّدَتْ رحمتي». فغمرني فرحٌ كبير لرؤية عظمة صلاح الله هذه. 690- في إحدى المناسبات، حدث لي أن عرفتُ حالة راهبتين تتذمّران في داخلهما من أمر وجّهتْهُ الأمّ الرئيسة، وقد حرمهما الله، بسبب ذلك، من نِعَمْ خاصة عديدة. فتألّم قلبي لهذا المشهد. كم هو مؤسف، يا يسوع، عندما نتسبّبُ نحن بفقدان النِّعَم. فمن يفهمُ ذلك يبقى دائماً أميناً. 691- يوم الخميس. رغم تعبي اليوم قرَّرْتُ أن أقوم بساعة سجود. لم أستطع أن أصلّي ولا أن أركع إنّما ثابَرْتُ في الصلاة لمدّة ساعة أتحدّث بالروح مع تلك النفوس التي كانت تعبدُ الله، لحد الآن، بشكل كامل. ولكن قُبيلَ نهاية الساعة، رأيتُ فجأة يسوع الذي حدّق بي بعمق وقال لي بعذوبة لا توصف: «إنني أرضى كل الرضى بصلاتك». بعد هذه الكلمات خالَجَتْ نفسي قوة فريدة وفرح روحيّ. ولم يتوقّف حضور الله من السيطة عليّ. آه! ماذا يحلُّ بنفسٍ تُلاقي الرب وجهاً إلى وجه. لم يسبِق أن عبّر قلمٌ عن ذلك كما ولن يستطيع أبداً في المستقبل. 692- يا يسوع، إنني أدركُ أنّ رحمتك هي أبعد من كل تصوّر، غير أنني أطلبُ إليك أن تجعل قلبي كبيراً ليتّسع إلى كل حاجات النفوس العائشة على وجه الأرض. يا يسوع إنّ محبّتي تمتدّ إلى ما وراء العالم إلى النفوس المعذّبة في المطهر، أُشفِقُ عليها بواسطة صلوات تسامحيّة. إنّ رحمة الله لا تُحدُّ ولا تنضُب كما أنّ الله بذاته لا يُحدّ. حتى ولو استعملتُ أكثر الكلمات تعبيراً عن رحمة الله، تبقى هذه الكلمات لا شيء بالمقارنة مع الحقيقة. يا يسوع في قلبي شفقة على كل آلام قريبي الجسدية منها والروحية. إنني أدركُ يا يسوع، أنّك تعاملنا كما نحن نعامل قريبنا. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 389 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() أخبِري العالم كلّه عن رحمتي التي لا تُدرك. لن تجدَ البشرية السلام ما لم تعود إلى نبع رحمتي 1 أيلول [1936] 693- زارنا [جلبريزكوفسكي] رئيس أساقفة فيلنيوس. رغم أنّه أمضى وقتاً قصيراً بيننا فقد تسنّى لي أن أتحدّث مع هذا الكاهن الجدير عن حَمَلِ الرحمة. فأبدى استعداداً طيباً لقضيّة الرحمة. «اطمئنِّي تماماً، يا أختي، إذا كان ذلك من تعاليم الله، فسيتحقَّقُ حتماً. وبانتظار ذلك، صلّي لأجل علامة خارجية أكثر وضوحاً. دعي يسوع يزيدُكِ إيضاحاً حول هذا الموضوع. أرجوكِ أن تنتظري بعض الوقت. إنّ الرب يسوع سيتدبّر المناسبات ليأتي كل شيء في حينه». 18 أيلول 1936 694- لمّا غادَرنا [عيادة] الطبيب ودخلنا إلى كنيسة المستشفى لوقت وجيز، سمعتُ هذه الكلمات في نفسي: «يا ابنتي، سيحينُ الوقت، أضيفي فقط بعضَ النقاط إلى كأسِكِ». ملأ الفرحُ نفسي. واستغرقتُ طويلاً في عمقِ بحر رحمة الله. شعرتُ أنّ دعوتي قد بدأت بملئها. لا يخرّب الموت شيئاً صالحاً. أخصّ بالصلاة النفوس التي تعاني آلاماً داخلية. 695- استَنَرْتُ مرّة حول وضع راهبتين، وفمهتُ أنّه يستحيلُ على الإنسان أن يتصرّف بالأسلوب نفسه تجاه كل أحد. هناك أناس يُنَمُّونَ صداقات مع الآخرين بطريقة غريبة ثمّ كأصدقاء، وفي حجّة تلك الصداقة، يتدبّرون ليجذبوا إليهم الآخر بكلمة بعد كلمة. وعندما يحينُ الوقت، يستعملون تلك الكلمات نفسها لإهانته. يا يسوع، غريبٌ هو الإنسان بضعفه. إنّ محبّتك للنفوس تُملي عليها الحكمة لتُحسن التصرُّف مع الآخرين. 24 أيلول 1936 696- أمَرَتْني الأم الرئيسة (إيرين) أن أستبدِل كل التمارين الروحية بتلاوة بيت واحد من السبحة وأن أذهب إلى الرقاد. واستغرقتُ في الرقاد فور تمدَّدتُ في سريري لأنني كنتُ تعبة جدًّا. ولكن بعد حين أيقظني الألم. كان ألماً شديداً أوقفني حتى عن أصغر الحركات. لم أستطع حتى أن أبلع لعابي. وبقيتُ ثلاث ساعات على هذه الحال. فكَّرتُ أن أوقظ الأخت المبتدئة التي تشاطرني الغرفة. ولك فكّرت: «إنّها لا تستطيع مساعدتي بشيء حرامٌ أن أوقظها». أوكلتُ نفسي كليًّا إلى إرادة الله وأدركتُ أنّ يوم وفاتي التي أتوقُ إليها، قد اقترب. واستفدْتُ منها مناسبة لأتّحد بيسوع المتألّم على الصليب. بالإضافة إلى ذلك، لم أستطع أن أصلّي. ولمّا توقّف الألم أخذتُ أعرَقُ. غير إنني لم أستطع الحركة بعد، فكان الألم يعاودني عند كل محاولة. وفي الصباح شعرتُ بتعبٍ، ولكن دون ألم جسدي، فلم أتمكّن من النهوض لسماع القداس. وفكَّرتُ إذا لا يتبعُ الموت آلاماً كهذه، فما عساه يكون ألم الموت! 697- يا يسوع، أنت تعلم أنني أحب أن أتألّم وأن أشرب كأس الألم إلى آخر نقطة فيه. غير أنني خِفْتُ وارتعدْتُ. وبسرعة استفاقت ثقتي بكل قواها برحمة الله اللامتناهية، فتراجع كل شيء بوجهها، كما يتراجع الظلّ أمام أشعّة الشمس. يا يسوع! كم هي عظيمة جودتك. إنّ جودتك اللامتناهية التي أُدرِكُها جيداً، تمكّنني من مجابهة الموت بجرأة، وجهاً إلى وجه. أعلم أن لا شيء يحلّ بي دون سماح الله. أرغبُ أن أمجّد عظمتك اللامتناهية طوال حياتي وفي ساعة موتي وفي القيامة وطوال الأبدية. يا يسوع، أنت قوّتي وسلامي وراحتي. تستحمُّ نفسي كل يوم في أشعة رحمتك. لا تمرّ برهة من حياتي دون أن أختبر رحمتك يا الله. لا أتَّكلُ في حياتي على شيء سوى على رحمتك اللامتناهية. فهي الخيطُ الذي يقود حياتي. إنّ نفسي هي مليئة برحمة الله. 698- آه! كم يجرحُ يسوع في العمق جحودُ النفس المختارة. وأيّ ألم مُبرح لحبّه الذي لا يوصف. يُحبّنا الله بكلّ ما هو عليه من كيان لا متناهٍ. وتصوّروا أنّ حفنة تراب صغيرة تهزأُ بحبّه. يتفتَّتُ قلبي ألماً، لمّا أرى نكران الجميل هذا. 699- سمعتُ في إحدى المناسبات هذه الكلمات: «أخبِري العالم كلّه عن رحمتي التي لا تُدرك. أريدُ أن يصبح عيد الرحمة ملجأً وحماية لكل النفوس وبالأخصّ نفوس الخطأة المساكين. في ذاك اليوم ستتفجّر أعماق رحمتي الحنون، وأسكبُ محيط كل النِّعَم على تلك النفوس التي تقتربُ من ينبوع رحمتي. ستنالُ النفس التي تعترف وتتناول القربان المقدس مغفرة للخطايا وللعقاب. في ذاك اليوم ستُفتحُ كل الأبواب الإلهية التي تتدفَّقُ منها النعمة. لا ينبغي أن تخاف النفس من الاقتراب مني ولو كانت خطاياها أرجوانية اللون. إنّ رحمتي هي أعظم من أن يستطيع أيّ عقل بشريّ أو ملائكيّ إدراكها طوال الأبدية. كل كائن يتحدّر من أعماق رحمتي الكليّة الحنان، وكل نفس متّحدة بي ستتأمّل بحبّي ورحمتي طوال الأبدية، عيد الرحمة من عمق أعماق حناني. أرغبُ أن يُحتَفَل به في الأحد الأول بعد عيد الفصح. لن تجدَ البشرية السلام ما لم تعود إلى نبع رحمتي». 700- أخبرْتُ، ذات مرة، الأم الرئيسة [إيرين] أنّني كنتُ في غاية التعب والألم. فأجابتني أنّه ينبغي أن أتعوّد على الألم. استمعتُ إلى كل شيء قالتهُ لي ثم غادرت. تكنّ الأم الرئيسة حبًّا كبيراً للقريب وتخصّ بالحبّ، كما يعرف الجميع، الراهبات المريضات. ولكن بما يتعلَّقُ فيّ، إنه لمن العجب أن يكون الرب يسع قد سمح لها أن لا تفهمني وأنها تمتحنني كثيراً في هذا المجال. 701- في ذلك اليوم بالذات، وقد ثابَرْتُ في العمل رغم تعبي، كنتُ أشعر، من حين إلى آخر، بالمرض. كان الطقس حارًّا وقد يحسّ أيّ إنسان بالإرهاق، كم بالأحرى عندما يتوجّب عليه العمل وهو يتألّم. قبل الظهر، انتصَبْتُ من عملي ونظرتُ نحو السماء بثقة وقلتُ للرب: «يا ربّ. إلْقِ وشاحاً على الشمس، فلم يَعُدْ باستطاعتي أن أتحمّل الحرّ». يا للعجب، في تلك اللحظة غطّت غيمة بيضاء الشمس وتضاءلت حدّة الحرارة. ولمّا بعد حين، رحتُ ألومُ ذاتي لأنني لم أتحمّل الحرّ ولأنني طلبتُ الاستراحة، هدَّأَ يسوع بنفسه خاطري. 13 آب 1936 702- غمرني حضور الله هذه الليلة وفجأة أدركتُ عظمة قداسة الله. آه! كم تسيطرُ عليّ عظمته. وعرفتُ أيضاً عمق كل حقارتي. إنّه لعذاب مبرّح، غير أنّ الحب يلحقُ بتلك المعرفة. تَثِبُ النفسُ بحماس نحو الله ويلتقي الحُبّان وجهاً إلى وجه: الخالق والخليقة. فتحاول نقطة صغيرة أن تُقارن نفسها مع المحيط. ترغبُ أولاً أن تستوعبَ المحيط في داخلها. ولكن، في الوقت نفسه، تُدرِكُ أنّها ليست إلا نقطة ماء صغير، فَتُغلَبَ على أمرها وتذوب كليًّا في الله مثل النقطة في المحيط. يبدو هذ الأمر مؤلماً أولاً، ولكن ترافقه حلاوة تتذوّقها النفس فَتَسْعَدْ. 703- إنّ موضوع تأملي الخاص الآن هو اتّحادي مع يسوع الرحوم. يعطيني هذا التمرين الروحي قوّة غريبة. إنّ قلبي هو دائماً متّحد مع من يحّب، وأنّ الرحمة التي تتدفّق من الحب تُسيِّرُ أعماله. 704- أُمضي كلّ دقيقة حرّة من وقتي على أقدام الله الخفيّ. هو معلّمي. أطلبُ إليه كل شيء. أحدّثه عن كل شيء هناك أُعْطَى قوّة ونوراً. هناك أتعلَّمُ كل شيء. هناك أستوضحُ طريقة تعاملي مع قريبي. منذ غادرتُ دير الابتداء حَبَسْتُ نفسي في بيت القربان مع يسوع، معلّمي لقد دفعني هو إلى قلب نار الحب الحيّ حيث يلتقي كل شيء. 25 أيلول 705- شعرتُ بألم مبرّح في يديّ وقدميّ وجنبي، في المواضع التي ثُقِبَتْ في جسم يسوع. أشعرُ بهذا الألم، بالأخص عندما ألتقي بنفسٍ ليست في حالة النعمة. أصلّي عندئذ بحرارة كي تشمل نعمة الله هذه النفس. 706- 29 [أيلول]. رأيتُ في عيد القديس ميخائيل رئيس الملائكة، هذا القائد العظيم، إلى جنبي، وحدّثني بهذه الكلمات: «لقد أمرني الرب أن أخصَّكِ بالاهتمام. إعلمي أنّ الشيطان يكرهُكِ ولكن لا تخافي». «من هو مثلُ الله». ثمّ توارى. ولكن ما زلتُ أشعُرُ بوجوده ومساعدته. 2 تشرين الأول 1936 707- يوم الجمعة الأولى من الشهر. بعد المناولة المقدّسة رأيتُ الرب يسوع وحدّثني بهذه الكلمات: «أعرفُ الآن أنَّكِ تحبّيني، لا من أجل الهبات والنِّعَم، بل لأنّ إرادتي هي أعزُّ على قلبِكِ [من تلك النعم]. لذا أنا أتَّحدُ بِكِ اتِّحاداً أكثر مودّة من أيّة خليقة أخرى». 708- توارى يسوع في هذا الوقت وامتلأت نفس من حضور الرب. أُدركُ أنّ نظر الرب يستقرّ عليّ. استغرقتُ تماماً بالفرح المتدفّق من الله. وثابرتُ طيلة النهار ودون انقطاع في الاستغراق بالله. عند المساء، شعرتُ وكأنني في غيبوبة وفي شيء من النزاع. أردتُ أن يضاهي حبّي حب الله القدير. يشدّني الحب إليه بقوّة جعلتني لا أستطيعُ دون نعمة خاصة أن أحمل في حياتي سعة نعمةٍ كهذه. ولكن أرى بوضوح أنّ يسوع نفسه يدعمني ويقوّيني ويشجّعني لأتّحد به. والنفس في كل ذلك هي في ذروة نشاطها. 13 تشرين الأول 1936 709- وقت تلاوة المسبحة، اليوم رأيتُ فجأة الحِقُّ مع القربان المقدس. كان الحِقُّ دون غطاء ومليئاً بالبرشان وخرج ن الحِقّ صوتٌ: «لقد تناوَلَتْ هذه البرشانات النفوس التي ارتدَّتْ بفضل صلاتِكِ وآلامِكِ». شعرتُ حينئذٍ، كطفلة بحضور الله. وشعرتُ، بغرابة، أنني شبيهة بطفلة. 710- لمّا شعرتُ – ذات يوم – أنني لا أستطيعُ البقاء لغاية الساعة التاسعة، طلبتُ إلى الأخت ن. شيئاً لآكل، لأنني كنتُ ذاهبة إلى النوم قبل المعتاد بسبب مرضي. أجابتني الأخت ن. «لكن يا أختي، أنتِ لستِ مريضة إنّما أرَدْتِ فقط أن تأخذي بعض الراحة لذلك تمارضْتِ». يا يسوع، لقد تفاقم مرضي، حتى أنّ الطبيب فصلني عن أخواتي الراهبات لتحاشي العدوى ويُحكَمُ عليّ بهذا الشكل؟ لا بأس، كل ذلك هو لأجلك يا يسوع. لا أريدُ أن أدوِّنَ أموراً خارجية لأنها لا تستأهلُ أن تُكتب. أريدُ أن أدوّن خاصة النِّعَم التي وهبني إياها الرب لأنها ليست لي وحدي بل لنفوس عديدة غيري. 5 تشرين الأول [1936] 711- استلمتُ اليوم رسالة من الأب سوبوكو. وعلمتُ أنه سينشر بطاقة تقوية عن يسوع الرحوم. وطلب إليّ أن أُرسل له صلاة ليطبعها على ظهر البطاقة إذا نال موافقة الأسقف. آه! لقد ملأ قلبي فرح كبير لأنّ الله أراني عمل رحمته. فما أعظم عملك أيها الإله العليّ! لستُ إلاّ آلة لديه. آه! كم أتوقُ أن أرى عيد الرحمة هذا الذي يطلُبُه الرب بواسطتي. لكن إذا كانت إرادة الله أن لا يُحتَفَل بهذا العيد إلاّ بعد وفاتي، سأفرحُ به منذ الآن وأحتفلُ به في داخلي من إذن معرّفي. 712- رأيتُ اليوم الأب أندراز ساجداً وغارقاً في الصلاة. وقف يسوع فجأة إلى جنبه ورفع يديه فوق رأسه وقال له: «سأقودُكَ إلى النهاية فلا تَخَف». 11 تشرين الأول 713- هذا المساء بينما كنتُ أكتُبُ عن رحمة الله العظمى وعمّا تحملُ من إفادة إلى النفوس، اندَفَعَ الشيطان في غرفتي بسخطٍ وغضب مريع. قبض على الستار وأخذ يحطّمه ويسحقه. خِفْتُ أولاً، ولكن صنعتُ للحال إشارة الصليب بالصليب الصغير الذي هو في يدي. فهدأ الوحش واختفى فجأة. لم أرَ اليوم وجهه البشع، ولكن غضبه فقط. كان غضب الشيطان مخيفاً، غير أنّ الستار لم يُمَزَّق أو يُسحَق وتابعتُ الكتابة بهدوء. أُدركُ جيداً أنّ هذا التعيس لن يُلحِقَ بي أذىً دون إرادة الله. ولكن ماذا يريدُ منّي؟ لقد بدأ يهاجمني علناً بمثل هذا الحقد والسخط الفظيع. غير أنّه لن يعكّر هدوئي برهة، وأنّ موقفي هذا يزيده سخطاً. 714- قال لي الرب اليوم: «إذهبي إلى الأم الرئيسة وقولي لها إنني أريدُ أن تتلو كل الراهبات والفتيات السبحة التي علَّمتُكِ إياها. عليهنّ أن يتلونها طوال تسعة أيام في الكنيسة ليُهَدِّئَنَّ أبي ويطلُبنَ الرحمة إلى بولونيا». أجبتُ الرب: «إني سأقولُ لها ذلك ولكن عليّ أولاً أن أتحدّث إلى الأب أندراز». وقرَّرتُ أن أتحدّث إليه بهذا الموضوع عندما يأتي. ولمّا وصل الكاهن، لم تسمح لي الظروف برؤيته. ولكن كان عليّ أن لا أُعير أهمية إلى تلك الظروف وأن أذهب وأتدبّر الأمر. وفكَّرتُ في ذاتي: «حسناً، سأراهُ عندما يعود مرّة ثانية». 715- آه! كم يغتاظُ الله من ذلك. غادرني حضور الله إلى حين، ذلك الحضور الرائع الذي أشعر فيه دون انقطاع بوضوح، وبشكل خاصّ، في داخلي. لقد غادرني تماماً في ذلك الوقت. سيطَرَتْ ظلمة على نفسي جعلتني أتساءلُ عمّا إذا كنتُ في حالة النعمة أم لا. غير أنني لم أتناول القربان المقدس طوال أربعة أيام، أخبرتُ في نهايتها، الأب أندراز عن كل شيء. فشجّعني قائلاً: «لم تفقدي نعمة الله، فكل شيء هو على حاله، اثبتي في صدقِكِ معه». حين غادرْتُ كرسيّ الاعتراف غمرني حضور الله مجدَّداً كما من قبل. وأدركتُ أنه يتوجَّبُ أن نقبل نعمة الله كما يرسلها هو لنا وفي الطريقة التي يُريدها، وعلينا أن نقبلها في الشكل الذي يعطينا إياها. 716- يا يسوع إنّي أقصُدُ قصداً ثابتاً وأبديًّا منذ الآن أن أبقى أمينة إلى أصغر نعمك وذلك بمساعدة نعمتك وبفضل رحمتك. 717- أمضيتُ الليل في الاستعداد لقبول المناولة المقدسة طالما لم أستطع النوم بسبب الآلام الجسدية. فاضت نفسي بالحب والتوبة. 718- بعد المناولة المقدسة سمعتُ هذه الكلمات: «لقد أدركْتِ ما أنتِ بحدّ ذاتِكِ. ولكن لا تخافي من ذلك. فإذا كشَفْتُ لكِ عن كلّ حقارتِكِ تموتين رعباً. إنّما تنبّهي إلى ما أنتِ عليه. لقد أعلنْتُ لكِ عن كلّ محيط رحمتي لأنَّكِ أنتِ على هذه الحقارة الفادحة. إنّني أُفتِّشُ عن نفوس مثل نفسِكِ وأرغبُ فيها ولكنّها هي قلّة. إنّ ثقتَكِ العظمى بي تدفعني أن أُعطيكِ النِّعَم بتواصل. لقد اكتسَبْتِ حقًّا ثابتاً وغير مدرك على قلبي، لأنَّكِ ابنة تتمتّعين بثقة كاملة. لن يكون باستطاعتك أن تحملي سعة الحبّ الذي أكنُّهُ لك، إن لم أظهِرُهُ لكِ بملئه هنا على الأرض. غالباً ما أُعطيكِ لمحةً عنه ولكن اعلمي أنّني أخصُّكِ بنعمة منّي. فلا حدود لحبّي ورحمتي». |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 390 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() كل عمل من يديّ يؤكّد رحمتي. فمن يثقُ برحمتي لن يهلك 719- سمعتُ اليوم هذه الكلمات: «اعلمي، يا ابنتي، أنني، إكراماً لكِ، أَهَبُ البركات إلى كلّ هذه الجيرة. ولكن عليكِ أن تشكريني عنهم لأنهم لا يشكرونني هم على الحنان الذي أُغدِقُهُ عليهم. وبفضل امتنانِكِ سأتابعُ مباركتهم». 720- يا يسوع أنتَ تعلمُ كم صعبة الحياة مع الجماعة وكم أعاني من سوء فهم وتفاهم، رغم صدق النوايا وحسنها من الجانبين. إنّما هذا هو سرّك يا رب. سنفهمه في الأبدية غير أنه علينا أن نحكم دائماً بلطف. 721- إنها لنعمة عظمى لا تُقاس أن يكون لنا مرشد روحيّ. أشعرُ الآن أنني لن أستطيع بدونه أن أتابع وحدي في مسيرة الحياة. عظيمةٌ هي قدرة الكاهن. أشكر الله بدون انقطاع لأنّه أعطاني مرشداً روحيًّا. 722- سمعتُ اليوم هذه الكلمات: «تَرَيْنَ الآن كم أنتِ ضعيفة، فمتى يمكنني أن أتّكل عليكِ». فأجبتُ: «كن دائماً معي يا يسوع فأنا طفلتُكَ الصغيرة وأنت تعلمُ ما يصنع الأولاد الصغار». 723- سمعتُ اليوم هذه الكلمات: «ليست النِّعم التي أهبُكِ إياها لكِ وحدَكِ بل لعدد كبير من النفوس غيركِ. وإنّ قلبكِ هو مقرّي الدائم رغم ما أنتِ عليه من حقارة. أتَّحدُ دائماً بكِ فانفضي عنكِ حقارتكِ وسأهبكِ رحمتي. أتمّم أعمال رحمة في كل نفس. يقوى حقّ الخاطئ برحمتي بقدر ما تزداد خطاياه. كل عمل من يديّ يؤكّد رحمتي. فمن يثقُ برحمتي لن يهلك، لأنّ كل قضاياه تصبح قضاياي، وسيتبدّد أعداؤه تحت موطئ قدميّ». 724- عشية الرياضة الروحية رحتُ أصلّي كي يعطيني الله شيئاً من الصحة، لأتمكّن من الاشتراك فيها. لأنني كنتُ أشعرُ بمرضٍ جعلني أفكّر أنها قد تكون رياضتي الأخيرة. غير أنني، ما أن بدأتُ الصلاة حتى شعرتُ باستياء غريب. فتوقَّفتُ عن صلاة التضرّع ورحتُ أشكرُ الرب على كل شيء يرسله لي، مستسلمةً كليًّا لإرادته المقدسة. شعرتُ حينئذ بسلام داخلي عميق. إنّ الخضوع الأمين لإرادة الله، دائماً وفي كل مكان، في كل أحداث الحياة وظروفها يُعطيه المجد الأعظم. إنّ مثل هذا الخضوع لإرادة الله يستحقّ أجراً من الصوم الطويل والإماتات وأعمال التوبة القصوى. آه! كم هي عظيمة المكافأة على عمل طاعة محبَّة بإرادة الله … بينما أنا أكتبُ، تبتهج نفسي لذكر محبة الله لها والطمأنينة التي تنعمُ بها هنا على الأرض. ي.م.ي. كراكوف 1936 أيتها الإرادة الإلهية، كوني حبي 725- رياضة روحية لمدة ثمانية أيام 20 تشرين الأول 1936 يا يسوع إنني ذاهبة اليوم إلى الصحراء لأتكلّم معكَ وحدَكَ يا معلّمي وربي. فلتصمُتِ الأرض، فتحدّثني أنت وحدَكَ يا يسوع. أنت تعلم أنني لا أفهمُ سوى صوتَكَ، أيها الراعي الصالح، وأنّ مقرّ قلبي هو تلك الصحراء حيث لا تصل خليقة. هناك أنت وحدَكَ ملِكٌ. 726- لمّا دخلتُ الكنيسة لأسجُد لمدّة خمس دقائق، سألتُ يسوع كيف ينبغي أن أتصرّف طوال هذه الرياضة فسمعتُ هذا الصوت في نفسي: «أريدُ أن تتحوّلي كلُّكِ إلى حبٍّ وأن تلتهبي تأجُّجاً كذبيحة حبّ طاهرة». 727- أيتها الحقيقة الأزلية، أعطني شعاعاً من نورك حتى أتمكّن من معرفتك يا رب، وأمجّد رحمتك اللامتناهية. أعطني في الوقت نفسه أن أعرف ذاتي. إنّني لستُ سوى لجّة حقارة. 728- لقد اخترتُ القديس كلود دلاكولوبيير Claude de la Colonbière والقديسة جرتريد Gertrude كشفيعيّ في هذه الرياضة، حتى يتوسّلا لأجلي أمام أمّ الله وأمام المخلّص الرحوم. 729- بينما كنتُ أتأمَّلُ في الخليقة، وعند بعض النقاط اتَّحَدَتْ نفسي اتِّحاداً وثيقاً بربّها وخالقها. أدركتُ في هذا الاتّحاد غاية الحياة ومصيرها. هدفي هو أن أتَّحد اتِّحاداً وثيقاً بالله من خلال الحبّ. وأما مصيري فهو أن أسبِّح رحمة الله وأمجدّها. 730- «سأحفظُكِ في هذه الرياضة، دائماً قريباً من قلبي حتى تزداد معرفتُكِ برحمتي، تلك الرحمة التي أحتفظ بها للبشر ولا سيّما للخطأة المساكين». 731- في اليوم الأول من الرياضة زارتني إحدى الراهبات التي قدَّمَتْ حديثاً نذوراتها المؤبّدة. وباحت لي أنها فقدت ثقتها بالله وأصبحت يائسة من أصغر الأمور. أجبتُها: «لقد أحسنتِ يا أختي بإطلاعي على هذا. سأصلّي من أجلك». وحدَّثتُها بعض الشيء عن عمق استياء الرب يسوع من الشكّ، لا سيّما الشكّ المتأتِّي من نفس مختارة. قالت لي إنها بدءاً من نذوراتها المؤبّدة، ستمارس الثقة. عرفتُ الآن أنّ، حتى [بعض] النفوس المختارة والمتقدّمة في الحياة الرهبانية أو الحياة الروحية، لا تملكُ الشجاعة لتعهد بذاتها كليًّا إلى الله. وذلك لأنّ عدداً قليلاً من النفوس تعرف رحمة الله اللامتناهية وجودته الخيّرة. 732- إنّ مهابة عظمة الله التي سيطرت عليّ اليوم وما تزال، أيقظت فيّ خوفاً كبيراً. ولكن، خوفاً مليئاً بالاحترام وليس خوف العبيد الذي يختلف عن الخوف المرفق بالاحترام. لقد استيقظ اليوم في قلبي هذا الخوف الذي يحرّكه الاحترام. لأنّ حبّ عظمة الله ومعرفتها يتسبّبان بفرح كبير للنفس. ترتجف النفس أمام أصغر الإهانات لله، ولكنّ ذلك لا يعكّر سعادتها ويُظلِمُها. كلّ شيء يسير على ما يرام حيث يوجد الحبّ. 733- قد يحدثُ أحياناً، بينما أنا أستمع إلى التأمّل، أنّ كلمة واحدة تجعلني في اتّحادٍ وثيقٍ مع الله ولا أعد أصغي إلى ما يقوله الكاهن. أعرفُ أنني قريبة جدًّا من قلب يسوع الكلّي الرحمة. فكلّ روحي هي غارقة فيه. وأتعلّم بلحظة أكثر ممّا أتعلَّمُهُ طوال ساعات عديدة في البحث العلميّ والتأمُّل. تلك هي ومضات نور مفاجئة تسمحُ لي أن أعرف الأمور، كما يراها الله، فيما يتعلّق بقضايا العالم الخارجي والداخلي على السواء. 734- أرى أنّ يسوع بذاته هو يعملُ في نفسي طوال هذه الرياضة. أمّا بما يتعلّق بي، فإنّني أحاولُ أن أكون أمينة لرحمته. لقد أخضَعْتُ نفسي بكلّيتها إلى تأثير الرب. لقد امتلك منظّم السماء الكليّ العظمة نفسي. وأشعرُ أنني رُفِعْتُ فوق الأرض والسماء إلى حياة الله الداخلية حيث أتعرَّفُ إلى الآب والابن والروح القدس، إنّما في وحدة العظمة دائماً. 735- سأسجِنُ ذاتي في كأس يسوع حتى أشجِّعَهُ بدون انقطاع. سأضعُ كل شيء أستطيعُهُ لأخلّص النفوس وسأتمِّمُهُ من خلال الصلاة والألم. أحاولُ دائماً أن أكون ليسوع بيت عنيا حتى يستريح هناك بعد كلّ تعبه. إنّ اتّحادي بيسوع في المناولة المقدسة هو اتّحاد فائق المودّة وأبعدُ من كلّ فهم، حتى لو أردتُ أن أصفَهُ كتابة لما استطعتُ لأنّ الكلمات تنقصني. 736- رأيتُ هذا المساء يسوع تماماً كما كان في آلامه. كانت عيناهُ مرفوعتين نحو السماء وكان يصلّي لأجلنا. 737- رغم أنّني كنتُ مريضة لقد صمَّمْتُ أن أقوم اليوم بساعة سجود كالمعتاد. في تلك الساعة رأيتُ الرب يسوع مجلوداً على العامود. كان يسوع يصلّي في وسط هذه العذابات المخيفة. وبعد حينٍ قال لي: «قليلة هي النفوس التي تتأمَّلُ بآلامي بشعور صادق. أَهَبُ نعماً وافرة للنفوس التي تتأمّل بخشوع بآلامي». 738- «ودون مساعدتي الخاصة ليس باستطاعتكِ أن تقبلي نعمي، أنتِ تعلمين من أنتِ». 739- تحدَّثتُ اليوم مطوَّلاً بعد المناولة المقدسة، مع الربّ يسوع عن الأُناس الذين أخصّهم بمعزَّتي. سمعتُ حينئذ هذه الكلمات: «يا ابنتي، لا تتعبي نفسك كثيراً بالكلام، إنّ النفوس التي تخصّينها بمحبتِّكِ أنا كذلك أخصّها بمحبّتي، ولأجلكِ أسكُبُ عليها نعمي. إنّني أُسَرُّ بحديثِكِ عنها ولكن لا تفعلي ذلك بمثل هذه الجهود المغالية». 740- يا مخلّص العالم. أتَّحِدُ برحمتِكَ. يا يسوع، أضُمُّ كل آلامي إلى آلامِكَ وأضعُها في كنز الكنيسة من أجل خير النفوس. |
||||
![]() |
|