![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 38411 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() أعضاء السنهدريم كانوا هناك ![]() رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ ..وَهُمْ يَسْتَهْزِئُونَ مَعَ الْكَتَبَةِ .. قَالُوا: خَلَّصَ آخَرِينَ وَأَمَّا نَفْسُهُ فَمَا يَقْدِرُ أَنْ يُخَلِّصَهَا! ( متى 27: 41 ، 42) بعد أن حاكموه وحكموا عليه في مَحكمتهم، رافقوه في كل خطوة من خطوات المحاكمة المدنية حتى ظفروا بالحكم بإدانته من بيلاطس. وكان المفروض أن يعودوا إلى بيوتهم بعد تعب وسهر طويل، خصوصًا وقد أُسلِم يسوع إلى جلاَّديه ليُنفذوا فيه الحكم الذي أرادوه. لكن حقدهم ومقتهم زادا اشتعالاً، وتعطشهم إلى الانتقام كان شديدًا لدرجة أنهم زاحموا الجموع، طارحين كل اعتبار أدبي، ورافقوه إلى مكان التنفيذ ليُشبعوا نَهم عيونهم من منظر الذبيحة تتأوه وتتألم. وحتى بعد أن رُفِع على الخشبة، أطلقوا فيه ألسنتهم، وسلبوه حق الميت في أن يموت بسلام. وإذ قد فقدوا كل معاني اللياقة والإنسانية، راحوا يقذفونه بالتعييرات والإهانات ولاذع السخريات. وطبيعي أن يحذو الجمع حذوهم، ليس فقط العسكر من حوله، بل اللصان أيضًا اللذان صُلِبا معه. وهكذا تحوَّلت ساحة الجلجثة إلى بحر يهدر ازدراء ويقذف استهزاء، تتلاطم حول الصليب أمواجه المتعاركة الغاضبة. كانوا في تقريعه يذكرون كل الأسماء والألقاب السامية التي وصف نفسه بها، أو التي وصفه بها الآخرون، يذكرونها بالمُباينة بينها وبين ما صار عليه الآن فوق الصليب: «ابن الله» .. «مُختارَ الله» .. «المسيح» .. «ملك إسرائيل» .. «ملك اليهود» .. «ناقض الهيكل وبانيه في ثلاثة أيام». بهذه التعبيرات والتعييرات كانوا يسخَرون منه بكل نوع من أنواع السخرية، وتحدُّوه أن ينزل من على الصليب فيؤمنوا به. طلبوا ذلك بصراخ، وأصرُّوا على طلبهم قائلين: «خلَّص آخرين وأما نفسَهُ فما يقدر أن يُخلِّصها! ... قد اتكل على الله، فليُنقذه الآن إن أرادَهُ!». وبينما هم يفرغون المرارة المتراكمة في قرارة قلوبهم، ما دَروا أنهم كانوا يقولون عين ما قيل في المزمور الثاني والعشرين: «كل الذين يَرُونني يستهزئون بي ... قائلين: اتَّكل على الرب فليُنجِّهِ، ليُنقذهُ لأنه سُرَّ بهِ» ( مز 22: 7 ، 8). وكان ممكنًا للرب يسوع أن يُجاوب مُعيريه؛ كان يُمكنه أن يرُّد على ضجيجهم بجواب يُسكِتهم، لكنه لم ينطق بكلمة واحدة «الذي إذ شُتِمَ لم يكن يشتم عوضًا، وإذ تألَّم لم يكن يُهدِّد»، «كنعجةٍ صامتةٍ أمامَ جازيها فلم يفتح فاهُ». ولم يكن ذلك لأنه لم يشعر. كلا. إن تلك الكلمات الصعبة التي أُطلِقَت عليه كانت على نفسه وعلى ذهنه أقسى من وخزات المسامير. إن القلب البشري في تلك الآونة قد كشف عن جوانبه وفساد جوانحه، وصب نقيع خبثه على حَمَل الله الوديع. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 38412 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() نيران العدالة ونيران المحبة ![]() «لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنَه الوحيد، لكي لا يهلك كل مَن يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية» ( يوحنا 3: 16 ) كان خادم الرب الهندي ساندر سينغ في رحلة تبشيرية عبر إحدى غابات الهيمالايا. وبينما كان يرتحل من هناك، مرّ مع مرافقيه بجانب حريق في الغابة كان قد اندلع منذ فترة قصيرة حيث تواجد العشرات من الرجال يكافحون الحريق ولكن دونَ جدوى. ووسطَ هذا المنظرِ المُحزن نظر ساندر الى إحدى الأشجار التي ابتدأت النيران تتسرَّب اليها، إذ بَدا صوتُ عصفورة تزقزق باضطراب شديد من فوقها وهي تحوم حولَ تلك الشجـرة بسرعة كبيرة. نظر ساندر الى هذه العصفورة التي كانت تحوم بسرعة فوقَ عشِ فراخِها وهي تحاول على ما يبدو أن تنبهَ فراخها إلى الخطر المُحدق بهم وتحاول أن تنقذَهم من موت مُحتَّم. لكن عندما باءت التحذيرات بالفشل، أسرعت نازلة إلى العش، وجلست في داخله مُغطية فراخها بجناحيها. وبينما ساندر يراقب ذلك المنظر الرهيب، التهمت النيران العش بمَن فيه. تأثر ساندر جدًا لهذا المشهد المؤلم، واقترب من الرجال الذين كانوا يرافقونه وقال لهم: ”لقد خلق الرب هذه العصفورة الأُم وزرع فيها تلك المحبة الشديدة حتى إنها بذلت حياتها وهي تحاول أن تنقذ حياة فراخها. ”إن هذه هي المحبة التي جعلت الرب ينزل من السماء ليأخذَ جسد بشر مثلنا. هذه هي المحبة التي دفعته أن يذوق آلامَ موت الصليب الرهيب من أجل خلاصنا نحن. نعم عزيزي القارئ: ما أشبهنا بصغار العصافير هذه والتي أحاطت بها النار من كل ناحية. فلقد سقط آدم وبه دخلت الخطية للعالم وبالخطية الموت، وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس إذ أخطأ الجميع ( رومية 5: 12 )، ونتيجة خطايانا وفسادنا، كان ينتظرنا عقابًا أبديًا في البحيرة المُتقدة بالنار والكبريت حيث النار التي لا تُطفأ. ولكن إن كانت هذه العصفورة الأُم قد أحبَّت صغارها وعجزت عن إنقاذهم، لكن ربنا وحبيبنا يسوع المسيح أتى إلينا واعترض طريق هلاكنا، ومات هو لينقذنا من الموت، وهناك على صليب العار فرَدَ يديه لنحتمي تحتهما من نيران عدالة الله المُذخَّـرة لدينونة الخطية. نعم يا صديقي، هناك على الصليب أرسل الله الديَّان العادل نار عدالته من السماء فسرَت في عظام المسيح ( مرا 1: 13 ) فذاب قلبه في وسط أمعاءه كما يذوب الشمع ( مزمور 22: 14 ). إني أدعوك عزيزي أن تفتح قلبك للمسيح الذي أحبَّك وبذل نفسه من أجلك، فتنجو من الحريق الأبدي. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 38413 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() آية قيامته ![]() وتعيَّن (تبرهن أنه) ابن الله بقوة من جهة روح القداسة، بالقيامة من الأموات ( رو 1: 4 ) المسيح لم يَمُت فقط بكامل إرادته، وعندما أراد وكما حدَّد، بل أيضًا قام بكامل إرادته عندما أراد وكما حدَّد. فلا عَجَب أن يعلِّق الرسول بولس على آية قيامته هذه بالقول: «تعيَّن (تبرهن أنه) ابن الله بقوة من جهة روح القداسة، بالقيامة من الأموات» ( رو 1: 4 ). فإقامة المسيح لنفسه من بين الأموات، من أقوى الأدلة على لاهوته. ما زال الموت في نظر الكثيرين عدوًا مُخيفًا، أمامه تنحني كل الجباه، وتصمت كل الأفواه. لذا سُميَ في الكتاب المقدس «ملك الأهوال» ( أي 18: 4 ). لقد «وُضِع للناس أن يموتوا مرةً» ( عب 9: 27 ). ومَن الذي استطاع أن يهزم ذلك الملك الرهيب، العدو الأول للبشرية؟ لا أحد سوى المسيح. وهو لم يكن مجرد إنسان، ولكنه أكثر من ذلك بكثير. وإقامته لنفسه من بين الأموات دلّت على أنه هو «الله (الذي) ظهر في الجسد» ( 1تي 3: 16 ). يقول داود في المزمور: «قدامه يجثو كل مَن ينحدر إلى التراب ومَن لم يُحيي نفسه» ( مز 22: 29 ). وهي عبارة تنطبق يقينًا على كل بني آدم، فقد يستطيع الإنسان أن يُميت نفسه، لكن أين هو الإنسان الذي يقدر أن يُحيي نفسه؟ لقد صار الحكم على جميع البشر أجرةً للخطية التي ارتكبها آدم في الجنة، فقال له الرب: «لأنك تُراب، وإلى ترابٍ تعود» ( تك 3: 19 ). والعجيب أن المسيح نفسه شاركنا في هذا عندما أتى ليحمل عنا عقوبة الخطية، فيقول في المزمور كحامل الخطايا: «إلى تراب الموت تضعني» ( مز 22: 15 ). ولكن مع أن المسيح شاركنا في الجزء الأول من الآية، وانحدر إلى التراب، ولكن ـ لأنه كان مختلفًا عنا ـ لم يشاركنا في بقية الآية، إذ إنه أقام نفسه من الأموات. والواقع أن هذا هو مُنتهى العَجَب، فالموت هو عين الضعف البشري، وإقامة الميت من قبره هو عين القوة الإلهية، فكيف يجتمع النقيضان معًا في شخصٍ واحد؟ كيف يجتمع مُنتهى الضعف ومُنتهى القوة في الوقت ذاته؟ كيف يلتقي الضعف البشري مع القوة الإلهية في الشخص نفسه؟ الإجابة: لأن المسيح، مع أنه صار إنسانًا، لكنه لم يكف لحظة عن أن يكون ابن الله الذي ظهر في الجسد. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 38414 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() جزة جدعون ![]() فَإِنْ كَانَ طَلٌّ عَلَى الْجَّزَةِ وَحْدَهَا, وَجَفَافٌ عَلَى الأَرْضِ كُلِّهَا, عَلِمْتُ أَنَّكَ تُخَلِّصُ بِيَدِي إِسْرَائِيلَ ( قض 6: 37 ) طلب جدعون علامة من الله، ليتأكد أن الله سوف يُخلِّص إسرائيل بيده. لقد طلب أن يكون طلّ على الجزة وحدها وجفاف على الأرض، وكان كذلك. ثم طلب جدعون علامة ثانية، وهي أن يكون العكس؛ جفاف على الجزة وحدها وعلى كل الأرض ليكن طل. ففعل الله كذلك! ونحن في ضوء العهد الجديد يمكننا أن نفهم المعاني الروحية لتلك العلامة. فالمسيح الذي كان «كشاةٍ تُسَاق إلى الذبح، وكنعجة صامتة أمام جازيها فلم يفتح فاه»، نرى صورة له في الجزة. فهو الذي في كل حياته كان عليه الطل الذي هو تعبير عن رضى الله، وعن سروره به ( تث 33: 13؛ مز133: 3). في تلك الأثناء كان على الأرض كلها جفاف. فلقد نظر الله من السماء، ولم يجد أحدًا يمكن أن يُدخِل السرور إلى قلبه إذ الجميع زاغوا وفسدوا، وليس مَن يعمل صلاحًا ليس ولا واحد، لكن السماء عند معمودية المسيح انفتحت، ونظر الآب إلى المسيح وقال: «هذا هو ابني الحبيب الذي به سُررت»، وفي ذلك نجد أن الجزة وحدها كان عليها طل، وعلى الأرض كلهـا جفـاف. لكن عند الصليب انعكست الآية. لقد صار عليه هو الجفاف. يقول: «يبست مثل شقفة قوتي، ولصق لساني بحنكي» ( مز 22: 15 ). لقد صار جفاف شديد على الجزة، لكي يُصبح على الأرض كلها طلّ! والمسيح طالما كان الطلّ عليه كان الله يستجيب له، أما عندما كان عليه جفاف فإنه لم يستجب. وهو في كل حياته كان عليه طل؛ كان يصلي والله يستجيب له. عندما خاطب أباه عند قبر لعازر «قال: أيها الآب ... أنا علمتُ أنَّك في كل حين تسمع لي». فطالما عليه الطل، كان الله يستجيب له على الفور. وكأن الله يقول له: لقد وجدت فيك سروري وفرحي، فكل ما تطلبه أستجيبه لك. لكن أ ليس عجيبًا أن يقول المسيح عند الصليب: «إلهي، في النهار أدعو فلا تستجيب»؟ لماذا يسمع الرب لي أنا الآن رغم أنني في ذاتي مليء بالخطايا؟ الإجابة لأنه غضب على بديلي الكامل المبارك فوق الصليب، والآن هو لا يراني في الخطية، إنما يراني في البار؛ يرانا في المسيح كالمسيح. لك كل المجد يا سيدنا، فلقد كان لا بد أن يكون عليك وحدك الجفاف طالما أنك أردت أن يكون علينا نحن طـلّ! |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 38415 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() هذا فعلَهُ العَسكَر ![]() يَقْسِمُونَ ثِيَابِي بَيْنَهُمْ، وَعَلَى لِبَاسِي يَقْتَرِعُونَ ( مز 22: 18 ) مزمور22 يتكلم في نصفه الأول عن آلام المسيح التي قاساها من يد الله لأجل الإنسان. والرب ينطق وهو على الصليب بأول عبارة يُفتتح بها المزمور «إلهي، إلهي، لماذا تركتني؟» مُعبِّرًا بذلك عن إحساساته ومشاعره. لكن بالنسبة للنبوة الواردة في يوحنا 24:19 عن اقتسام ثياب المسيح والاقتراع على لباسه نجد الوحي يسبقها بعبارة «ليتم الكتاب القائل». فالمسيح لم ينطق بكلمات هذه النبوة، لكن الروح القدس، في صاحب المزمور، سبق فأخبر بالآلام التي للمسيح وهو على الصليب. إذًا هنا شهادة الروح القدس عن انطباق النصف الأول من هذا المزمور على المسيح المتألم. أما النصف الثاني فيحدثنا عن النتائج العجيبة للصليب. نتائج مصوغة في شكل تسبيح وسجود، والتي إلى الآن لم تُستعلن في ملئها وكمالها. ولكنها لا بد أن تتم في حينها. في يوحنا 24:19 نجد كل استخفاف واستهتار من جانب العسكر، بصليب المسيح. أَوَ ليس هذا الاستهتار ينتشر في العالم في يومنا الحاضر؟ كانوا عند الصليب تستحوذ عليهم شهوة المكسب المادي، كما كانت فيهم روح المقامرة. هذه الأمور كانت تشغل قلوبهم، وإلى جوارهم رب الحياة يضع حياته لأجل الناس. وكم في المسيحية اليوم من شبان وشيوخ تستحوذ عليهم هذه الروح العالمية عينها، فتعمي أعينهم عن أن يروا، وتَصُم آذانهم عن أن تسمع المسيح متكلمًا بالخلاص، وصانعًا للسلام، ومقدمًا للجميع حياة أبدية بلا ثمن! «هذا فعله العسكر» .. ويا له من تتميم للنبوات! إن العسكر لم تكن عندهم أية فكرة عن أن ما كانوا يعملونه يومئذٍ هو عين ما أُوحيَ به في النبوات من أجيال عديدة سبقت. وإنها لحقيقة خطيرة أن نتأمل في أن جميع نبوات العهد القديم والجديد على السواء، والتي لم تتم حتى الآن، سوف تتحقق في حينها المناسب. والإنسان لا يستطيع أن يغيِّر هذه الحقيقة على الإطلاق، ولو أنه يستطيـع ـ بدون قصد ـ أن يدفع الحوادث. وهذا اليقين من جهة تتميم مواعيد الكتاب يقترن عند المؤمن المفدي بالبركة. وهذا اليقين عينه بالنسبة لغير المؤمن يقترن بالدينونة، وكل تتميم لأية نبوة من نبوات الكتاب سيكون لمجد الله والمسيح. ليتنا جميعًا ننتظر بفرح وصحو إتمام كل نبوة الكتاب. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 38416 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() الأسد الجريح! ![]() إِلَهِي، إِلَهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي، بَعِيدًا عَنْ خَلاَصِي، عَنْ كَلاَمِ زَفِيرِي؟ ( مزمور 22: 1 ) يتكرر تعبير ”البُعد“ ثلاث مرات في مزمور 22: (1) ع1 «بعيدًا عن خلاصي». (2) ع11 «لاَ تَتَبَاعَد عني». (3) ع19 «أما أنتَ يا رب فلا تَبعُد». ثلاث مرات يشكو المسيح من البُعد. إنه غير قادر على بُعد إلهه عنه ثلاث ساعات. فلقد كانت بالنسبة له كأنها دهر مُمتد. تُرى ماذا سيفعل الخطاة في أبدية لا تنتهي، إلى أبد الآبدين سيكونون بعيدين عن مركز البركة والنور والسلام والمحبة؟! «بعيدًا عن خلاصي، عن كلام زفيري» ... وعبارة ”زفيري“ كما ورَدت في العديد من الترجمات تعني “زئيري Roaring”. ها أسد سبط يهوذا جريح، يزأر متألمًا من شيء فوق طاقة احتماله. وإن كان المخلوق الأعجمي لا يملك أن يعبِّر عن آلامه سوى بتلك الزفرات الرهيبة، فإن مفردات لغة البشر عجزت عن أن تعبِّر عما كان يحس به القدوس المتـألم! وهنا نسأل: هل مجد لاهوته جعل المسيح لا يشعر بالألم؟ كلا، فهذا يتعارض مع حقيقة ناسوته. العكس هو الصحيح، فإن لاهوته جعله يحتمل، وناسوته جعله يحس بتلك الآلام التي نعجز عن وصفها. وتمت في الجلجثة الصورة التي كان قد رأى موسى قديمًا ملامحها عندما قال: «أميلُ الآن لأنظر هذا المنظر العظيم. لماذا لا تحترق العُلَّيقة؟». وكانت الإجابة أن الله كان في وسط تلك الشجيرة التي نبتت في الأرض اليابسة، والتي لم يكن لها اعتبار في عين الإنسان ( خر 3: 3، 4). لهذا لم تقضِ النار عليها في الحال، بل استمرت مشتعلة وقتًا طويلاً. ثم يواصل المسيح فيقول: «إلهي، في النهار أدعو فلا تستجيب، في الليل أدعو فلا هُدوُءَّ لي». ونستطيع أن نفهم هذه العبارة بمعنيين. ففي كل أيام حياته علي الأرض كان الصليب ماثلاً أمام عينيه. لقد أشار إلى الصليب مِرارًا في حديثه مع تلاميذه. وطالما صلى لأجل هذا الأمر، في النهار والليل ( عب 5: 7 ). لكن في يوم الصلب كان يوجد أيضًا نهار وليل؛ ساعات النور وساعات الظلام. ولقد صلى الرب في النور كما صلى أيضًا في الظلام، ولم تكن له استجابة! وهو لا يكف عن الصراخ، والله لا يُجيب مطلقًا. ومع أن الله لا يستجيب، فإن المسيح يظل يدعو، لأنه لا خيار آخر أمامه. لكن أخيرًا لما أتم المسيح العمل حدثت الاستجابة ( مز 22: 21 ، 24). |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 38417 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() جُعِلَ خطيةً لأجلنا ![]() «لأَنَّهُ جَعَلَ الَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً، خَطِيَّةً لأَجْلِنَا» ( 2كورنثوس 5: 21 ) يُكلّمنا الكتاب المقدس عن أن المسيح مات على الصليب، من أجل خطيتنا، ومن أجل خطايانا. لقد حَمَل على الصليب ثقل خطايانا، وما تستحقه طبيعتنا، بسبب بعدها وعداوتها لله، أو بالحري بسبب روح عدم الطاعة والتمرد فيها. لقد نُسِبَ إليه كل شرنا، وعُومِلَ - له المجد - نائبًا عنا، كما لو كان فيه كل شر الطبيعة البشرية. وبالطبع لو كانت فيه ذرة واحدة من الشر، لَما استطاع أن يُكفِّر عن الآخرين، لأن دينونة الله كانت تنصب على ما فيه من شر. لكن خلو شخصه الكريم، خلوًا كاملاً وتامًا، من الشر، أعطاه بحق أهلية كاملة لأن يكون ذبيحة كافية. والله تعامل مع الخطية، في كل طولها وعرضها وعمقها، في شخص المسيح على الصليب «لأَنَّهُ جَعَلَ الَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً، خَطِيَّةً لأَجْلِنَا» ( 2كو 5: 21 ). والله أقام نفس الشخص الذي قضى تحت وطأة الغضب الإلهي. وهذا الذي كان عليه أن يذوق مرارة الترك واحتجاب وجه الله عنه، لم يُفارق الحياة بدون أن يقول: «يَا أَبَتَاهُ، فِي يَدَيْكَ أَسْتَوْدِعُ رُوحِي» ( لو 23: 46 ). وهي عبارة تُبرهن على ثقة قلبه الكاملة، وعلى مسرته في الله. ومع أنه مكتوب: «عَلَيْكَ اتَّكَلَ آبَاؤُنَا. اتَّكَلُوا فَنَجَّيْتَهُمْ. إِلَيْكَ صَرَخُوا فَنَجُوا. عَلَيْكَ اتَّكَلُوا فَلَمْ يَخْزُوا» ( مز 22: 4 ، 5)، لكن المسيح لم يُسمَع له حتى أكمَل العمل، واستوفى العدل الإلهي كل مطاليبه. لقد اُستُجيبَ له «مِنْ فَمِ الأَسَدِ وَمِنْ قُرُونِ بَقَرِ الْوَحْشِ» ( مز 22: 21 ). كان على المسيح أن يجتاز الكل؛ حزن لا يُنطَق به، واكتئاب شديد لا يُحتمَل عند الناس، ولكنه احتمله. كان ينبغي أن يحتمل كل الغضب الإلهي بأكمله، لكي يكون الخلاص كاملاً، وعلى قياس فكر الله. لكن عبارته التي نطق بها وهو يُفارق المشهد الحاضر، تُرينا أنه رغم كل ما تألم به، فقد كان قلبه ثابتًا في الله، كما تُرينا أن الله ليس هو فقط القدوس، بل أيضًا المملوء بالمحبة «يَا أَبَتَاهُ، فِي يَدَيْكَ أَسْتَوْدِعُ رُوحِي». |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 38418 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() أَيِّلَةِ الصُبْحِ ![]() أُخبر باسمك إخوتي. في وسط الجماعة أُسبحك ( مز 22: 22 ) التعبير «على أيِّلَة الصُّبْحِ» لم يَرِد في كل الكتاب إلا في عنوان مزمور22. فمنطقة يهوذا، التي تقع فيها قرية بيت لحم، حيث ترَّبى داود، هي منطقة مُحاطة بالجبال، وكثيرًا ما سهر داود يحرس أغنامه على تلك الجبال، وبالتالي كان يستمتع بمنظر الشمس وهي تُشرق. وكان داود يتخيل أشعة الشمس أول ما تظهر له من خلف جبال يهوذا الشرقية كأنها قرون الإيّل. فدعا الشمس المُشرقة «أيِّلة الصبح». وثمة مُشابهات عديدة بين المسيح، وبين الأيّلة الجميلة المُسالمة: (1) فالإيّل من الحيوانات الطاهرة (لا11)، وهكذا عاش المسيح في الأرض، فهو «قدوس بلا شر ولا دنس» ( عب 7: 26 ). (2) الإيّل يهوى حياة البراري ( نش 2: 5 )، وهكذا كان المسيح «في الصباح باكرًا جدًا قام وخرج إلى موضع خلاء، وكان يصلي هناك» ( مر 1: 35 ) (3) كلمة «إيِّل» مُشتقة من لفظ الجلالة «إيل» الذي يعني ”قوي“، هذه القوة التي ظهرت في حياة المسيح في أعماله الفائقة والخارقة التي نسميها معجزات ( يو 20: 30 ). (4) يمتاز الإيّل بأنه رقيق ووديع. وهكذا كان المسيح الذي قال: «تعلموا مني لأني وديع ومتواضع القلب» ( مت 11: 29 ). وعلى الرغم من قوته التي ظهرت عندما طرح كل الآتين للقبض عليه بكلمة خرجت من فمه، فإنه في وداعته تركهم يوثقونه ( يو 18: 4 - 12). (5) يتميز الإيّل بأشواقه وتلهفه إلى المياه ( مز 42: 1 )، وهكذا كان المسيح «في ناموس الرب مسرته وفي ناموسه يلهج نهارًا وليلاً» ( مز 1: 2 ). (6) بالإضافة إلى ما سبق، فإن أيّلة مزمورنا هي «إيّلة الصبح»، هو تعبير يُشار به إلى شروق الشمس من جديد بعد مغيب. فكأن الشمس ماتت في الليل، فاتشحت الطبيعة بالسواد وأتى الظلام، ولكنها في الفجر قامت من جديد فملأت الأرجاء. والمسيح بعد أن مات، وفي ظلام القبر بات، فإنه قام ناقضًا أوجاع الموت. (7) وأخيرًا كان المسيح بحق، وبكل معنى الكلمة «أيّلة مُسيَّبة، يعطي أقوالاً حسنة» ( تك 49: 21 ). وتذكّرنا تلك الأيّلة المُسيَّبة، بالمسيح وقد انسل من أكفان القبر وقام من الأموات، وبعد قيامته أعطى الأقوال الحسنة «أُخبر باسمك إخوتي. في وسط الجماعة أُسبحك» ( مز 22: 22 ). |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 38419 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() البدَلية والفداء ![]() ونحو الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوتٍ عظيم قائلاً: إيلي، إيلي، لَمَا شبقتني؟ أي: إلهي، إلهي، لماذا تركتني؟ ( مت 27: 46 ) نلاحظ أن الرب اعتاد في حياته أن يصلي إلى الله مُخاطبًا إياه «يا أبتاه»، أو «أيها الآب». أما هنا، في صرخة المسيح في ساعات الظلمة، فلا يقول له «يا أبتاه»، بل هنا نحن نسمعه لأول مرة يقول: «إلهي إلهي». ذلك لأن المسيح، في هذا الموقف، كان ممثلاً للإنسان أمام الله، ديان كل الأرض. هنا، وفي هذا السؤال، نفهم أحد معاني الكفارة. ويمكننا أن نقول إن المسيح لم يصرخ من فوق الصليب إلى «يهوه» بل إلى الله «إيلوهيم»، وذلك لسببين: (1) اسم «يهوه» هو اسم علاقة الله بشعبه إسرائيل. والمسيح فوق الصليب لم يكن يتألم لأجل خطايا إسرائيل فحَسَب، بل لأجل كل الخطايا التي ارتُكبت من بداية التاريخ. (2) لأن هذه الصرخة تصوِّر لنا البُعد الذي وضعت الخطية فيه الإنسان، وليس العلاقة الخاصة والقرب الذي يُستفاد من اسم «يهوه». وعندما يسأل المسيح: «لماذا؟»، ولا يتلقى على سؤاله هذا جوابًا، فلا تتوقَّع أني أنا المحدود لديَّ الجواب. ولكننا مع ذلك، إذا سرنا قليلاً في المزمور الذي يُفتتح بصرخة المسيح هذه، فإننا نجد في العدد الثالث منه ما يمكننا أن نعتبره الردّ على هذا السؤال الذي بلا جواب، إذ يقول: «وأنت القدوس» ( مز 22: 3 ). فالله لم يترك المسيح ظلمًا. حاشا! بل تركه لأنه القدوس. أ تسأل: ولماذا الله ـ باعتباره القدوس ـ يترك المسيح فوق الصليب؟ الإجابة: ليس لأن في المسيح أي شيء لا يتوافق مع الله وقداسته. كلا البتة، بل لأنه ـ تبارك اسمه ـ قَبِلَ ان يمثِّل الخطاة، وكانت خطايانا موضوعة عليه في ذلك الوقت. يستطرد المسيح فيقول: «وأنت القدوس الجالس بين تسبيحات إسرائيل». فكيف لله القدوس أن يسكن وسط تسبيحات شعب خاطئ إلا على أساس الكفارة؟ أ ليس هذا أمرًا عجيبًا ومجيدًا؟! لقد تُرك ليكون لنا نحن علاقة وشركة مع الله. وفي المزمور عينه الذي يبدأ بصرخة الترك، نقرأ عن تسبيحات الشركة، فيقول المسيح: «أُخبر باسمك إخوتي، وفي وسط الجماعة أسبحّك». وتتكرر التسبيحات في هذا المزمور من جميع المفديين ( مز 22: 22 ، 23، 25، 26)، وكلها بناءً على صرخة الفادي في أول المزمور. لذا كان ينبغي أن يذوق المسيح الموت بكل رُعبه وهوله، يذوقه بنعمة الله، ليكون هو بنفسه الكفارة لشعبه. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 38420 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() نتائج الآلام ![]() فَكَمْ عِقَابًا أَشَرَّ .. يُحْسَبُ مُسْتَحِقًّا مَنْ دَاسَ ابْنَ اللهِ، وَحَسِبَ دَمَ الْعَهْدِ الَّذِي قُدِّسَ بِهِ دَنِسًا.. ( عبرانيين 10: 29 ) لقد ظل المسيح على الصليب ست ساعات، من الساعة التاسعة صباحًا حتى الثالثة بعد الظهر حسب توقيتنا الحاضر. ولقد كان في الثلاث ساعات الأولى نور، بينما غطى الكون الظلام في الساعات الثلاث التالية. والفارق كبير بين آلام المسيح في هاتين الفترتين. فالمسيح تألم في الفترة الأولى من يد البشر؛ وبالتالي فإنه تألم كشهيد، لكن ليست هذه الآلام هي التي خلَّصتنا، بل الآلام التي احتملها المسيح من يد الله في ساعات الظلام. وهناك نتيجتان مختلفتان لهذين النوعين من الآلام. الآلام التي احتملها بالظلم من يد البشر نتيجتها دينونة مروعة سوف تنصَّب عن قريب على العالم. فالمسيح كان فيها «يُسلِّم لمَن يقضي بعدل» ( 1بط 2: 23)، و«الرَّب ينظر ويُطالب» ( 2أخ 24: 22). وما أخطر هذا! فالله سيُطالب ليس فقط بدم زكريا النبي قائل هذه العبارة، بل بداية من أول شهيد، كقول الرب له المجد: «لكي يأتي عليكم كل دم زكي سُفك على الأرض، من دم هابيل الصدِّيق إلى دم زكريا بن برخيا الذي قتلتموه بين الهيكل والمذبح» ( مت 23: 35 ). وإن كان دم الشهداء لن يمر بدون انتقام، فكم بالأحرى دم المسيح؟! «فكم عقابًا أشرّ تظنون أنه يُحسَب مُستحقًا مَنْ داسَ ابن الله، وحَسِبَ دم العهد الذي قُدِّسَ به دنسًا، وازدرى بروح النعمة؟» ( عب 10: 29). هذا الأمر نراه في مزمور 69 والذي يصوِّر لنا آلام المسيح بالظلم من يد البشر. لهذا يقول «لتَصِر مائدتهم قدَّامهم فخًا، وللآمنين شَرَكًا. لتُظلِم عيونهم عن البصَر، وقلقل مُتونهم دائمًا. صُب عليهم سخطَكَ، وليُدركهم حُمُو غضبك. لتَصِر دارهم خرابًا، وفي خيامهم لا يكن ساكنٌ. لأن الذي ضربته أنت هم طردوه» ( مز 69: 22-28). إن الذي يقضي بالعدل لن يسكت إلى الأبد على ظلم البار، وسيجلب قضاءه الرهيب على هذا العالم، ولو أن كل تائب مؤمن سيُعفى من تحمل هذا الوِزر الثقيل، وذلك نتيجة صلاة المسيح للآب أن يغفر لهم. وأما المتهاونون والمحتقرون فيا ويلهم حقًا!! أما الآلام التي احتملها المسيح من يد الله فلن يعاقب عليها أحد. فمن ذا الذي يُعاقَبْ لأن المسيح أخذ الكأس من يد الآب؟ لكن ليس فقط لا عقوبة، بل إن هذه الآلام تجلب البركة غير المحدودة للإنسان ( مز 22: 22 -31). |
||||