منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 28 - 03 - 2021, 11:48 AM   رقم المشاركة : ( 36341 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,297,062

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

Lost Son - قصص وأحداث الكتاب المقدّس - مثل الابن الضال



 
قديم 28 - 03 - 2021, 11:50 AM   رقم المشاركة : ( 36342 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,297,062

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

ما هو التعليمُ اللاهوتيّ والروحيّ: سِرُّ التوبةِ والمُصالَحة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة





عِندَما يَنالُ الـمُؤمِنُ سِرَّ المـَعمودية ويَلبسُ المسيح تُمحى كُلُّ خَطاياهُ ويُصبِحُ إنسانًا جديدًا. ولكن، ما العَمَلُ حينَ يُخطِئُ مِن جَديد؟ فالمـَعموديَّةُ لا تُعطى إلا مرَّةً واحِدة. لقد كشفَ لنا الربُّ أنّ رَحمةَ اللهِ كبيرةٌ ولا حُدودَ لها. وأوصانا بأن نَغفرَ بَعضَنا لبَعض مِن دونِ حُدودٍ، كما قالَ لبُطرُس أن يَغفرَ لأخيه سَبعينَ مرّة سَبعَ مرّات. إن كانَ قد طلَبَ مِنَّا أن نَغفرَ فكَم بالحَريِّ هوَ نفسُهُ معَنا؟ لذلِكَ أعطى كنيسَتَهُ مِن خِلال رُسُلِهِ، مَهمَّةَ إعلانِ الغُفرانِ وحَلِّ النَّاسِ مِن الخطايا. لا يُريدُ الربُّ أن يَموتَ المـُؤمِنُ بخطيئَتِهِ، ولا يَرضى بأن تُبعِدَهُ خطاياهُ عَن عَلاقةِ الحُبِّ الكبيرِ التي تَجمَعُهُ باللهِ، وها هوَ مِن خِلالِ سِرِّ المـُصالَحَةِ يَحنو على التائِبِ ويُدخِلُهُ مِن جَديد في الشركَةِ معَه.
حينَ يَعي المـُؤمِنُ مِقدارَ مَحبَّةِ اللهِ لهُ يَنظرُ إلى حياتِهِ ويَكتشِفُ أنّ بعضَ أعمالِهِ ومَواقِفِه أو أفكارِهِ أو إهمالِهِ هيَ بمثابةِ الخيانةِ للعَهد الذي قَطعَهُ معَ الربِّ، يَندَمُ عَليها ويُقرِّرُ الرُّجوعَ إلى اللهِ طالِبًا المـُسامَحةَ. توصي الكنيسةُ بأن يَتقدَّمَ المـُؤمِنُ التائِبُ مِنَ الكَاهِن الذي يَسمَعُ اعتِرافَهُ بخطاياه، ثم يَقولُ لهُ ما يراهُ مُناسِبًا مِن تَعليمِ الإيمانِ، وهذا بِمثابَةِ إعلانِ كلمَةِ اللهِ – كما في كُلِّ أسرارِ الكنيسة – ثم يَمنحُهُ الغُفرانَ باسمِ الثالوثِ الأقدس.
لماذا الكاهِنُ؟ ألا يَكفي الإنسانَ أن يتوبَ مُباشَرةً إلى الله؟ إنَّ العلاقةَ معَ اللهِ شَخصيِّةٌ طبعًا، ومِنَ المـُفيدِ للمُؤمِنِ أن يَبني معَ اللهِ علاقةً خاصّة، فتتَغذى صلواتُهُ مما يَعيشُ يَوميًّا، شاكِرًا اللهَ على كُلِّ عطاياهُ وواضِعًا أمامَهُ همومَهُ ومشاكِلَهُ، وفي الوَقتِ عَينهِ طالِبًا منهُ الغُفرانَ على خطاياهُ. ولكن إضافَةً إلى هذا الطابَعِ الشخصيِّ للإيمان، للكنيسةِ دورٌ أساسيٌّ. فهيَ قد مَنحَتني المـَعموديَّةَ التي بها انتَميتُ إلى كنيسةِ المسيح، وأصبحتُ عُضوًا حيًّا فيها، وهيَ تُعلِّمُني وتُعلِنُ لي الإنجيلَ وتَشرَحُهُ، وهيَ تَمنَحُني سِرَّ الإفخارستيا. لذلِكَ اهتمَّ المسيحُ بأن يَدعو رُسُلَهُ ويُتلمِذَهُم ويُعلِّمَهُم، قبل أن يُسلِّمَهُم مهمَّةَ إعلانِ الإنجيلِ والدعوةِ إلى التوبة وسُلطانَ غُفرانِ الخطايا.
لا يُطلَبُ مِنَ المؤمِنِ أن يَتقدَّمَ كُلَّ يومٍ مِن سِرِّ التوبةِ والمصالَحة، لكنَّ الكنيسةَ توصيهِ بأن يكونَ ذلكَ أقلَّهُ مَرَّةً في السنة. هذا مِن ناحيةِ القانونِ الكَنَسيِّ، لكن في الواقِعِ مِنَ المـُفيدِ أن يكونَ ذلكَ عِدّةَ مرّاتٍ في السنةِ، أي مِن حينٍ لآخر حينَ يرى المؤمِنُ أنهُ قد ارتكَبَ خطايا كبيرة، أو حينَ يَشعُرُ أنّهُ يحتاجُ إلى أن يُجدِّدَ علاقةَ الحُبِّ معَ الله، لأن هِمَّتَهُ قد فَترَت أو إنّهُ ابتَعدَ قليلاً عَن حرارةِ الإيمان.
 
قديم 28 - 03 - 2021, 11:52 AM   رقم المشاركة : ( 36343 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,297,062

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

كارتون الكتاب المقدس - الابن الضال



 
قديم 28 - 03 - 2021, 11:53 AM   رقم المشاركة : ( 36344 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,297,062

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

مثل الابن الضال


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة






لوقا 15 : 11 ل 32


رؤساء الكهنة كانوا متضايقين إن يسوع كان بيقضي وقت مع الخطاة ... فهو حكى حكاية تقول قد إيه ربنا بيحب كل الناس حتى الخطاة





لوقا 15 : 11 ل 32 وكان جميع العشارين والخطاة يدنون منه ليسمعوه. فتذمر الفريسيون والكتبة قائلين: «هذا يقبل خطاة ويأكل معهم!». فكلمهم بهذا المثل قائلا: ...
إنسان كان له ابنان. فقال أصغرهما لأبيه: يا أبي أعطني القسم الذي يصيبني من المال.
فقسم لهما معيشته.
وبعد أيام ليست بكثيرة جمع الابن الأصغر كل شيء وسافر إلى كورة بعيدة، وهناك بذر ماله بعيش مسرف. فلما أنفق كل شيء، حدث جوع شديد في تلك الكورة، فابتدأ يحتاج.
فمضى والتصق بواحد من أهل تلك الكورة، فأرسله إلى حقوله ليرعى خنازير. وكان يشتهي أن يملأ بطنه من الخرنوب الذي كانت الخنازير تأكله، فلم يعطه أحد.
فرجع إلى نفسه وقال: كم من أجير لأبي يفضل عنه الخبز وأنا أهلك جوعا! أقوم وأذهب إلى أبي وأقول له: يا أبي، أخطأت إلى السماء وقدامك، ولست مستحقا بعد أن أدعى لك ابنا. اجعلني كأحد أجراك. فقام وجاء إلى أبيه.
وإذ كان لم يزل بعيدا رآه أبوه، فتحنن وركض ووقع على عنقه وقبله.
فقال له الابن: يا أبي، أخطأت إلى السماء وقدامك، ولست مستحقا بعد أن أدعى لك ابنا.
فقال الأب لعبيده: أخرجوا الحلة الأولى وألبسوه، واجعلوا خاتما في يده، وحذاء في رجليه، وقدموا العجل المسمن واذبحوه فنأكل ونفرح، لأن ابني هذا كان ميتا فعاش، وكان ضالا فوجد. فابتدأوا يفرحون.
وكان ابنه الأكبر في الحقل. فلما جاء وقرب من البيت، سمع صوت آلات طرب ورقصا. فدعا واحدا من الغلمان وسأله: ما عسى أن يكون هذا؟ فقال له: أخوك جاء فذبح أبوك العجل المسمن، لأنه قبله سالما. فغضب ولم يرد أن يدخل.
فخرج أبوه يطلب إليه.
فأجاب وقال لأبيه: ها أنا أخدمك سنين هذا عددها، وقط لم أتجاوز وصيتك، وجديا لم تعطني قط لأفرح مع أصدقائي. ولكن لما جاء ابنك هذا الذي أكل معيشتك مع الزواني، ذبحت له العجل المسمن!
فقال له: يا بني أنت معي في كل حين، وكل ما لي فهو لك. ولكن كان ينبغي أن نفرح ونسر، لأن أخاك هذا كان ميتا فعاش، وكان ضالا فوجد».









المَثَل

  • كان فيه أب طيب و غني عنده ولدين ... و كانوا عايشين كويس و مبسوطين
  • في يوم، طلب الابن الصغير ميراثه من أبوه (طبعاً ده المفروض يحصل بعد ما الأب يموت مش و هو عايش!) ... الأب أعطاه ميراثه (نص ثروته كلها) و هو قلبه مكسور
  • الابن راح بلد بعيدة و ضيّع كل الفلوس الكتييييييير اللي كانت معاه في حاجات مش مهمة و حاجات غلط ... و حصلت مجاعة في البلد دي ... فالابن بقت شغلته إنه يؤكل الخنازير ... و بقى نفسه ياكل من أكلهم
  • و افتكر بيت أبوه ... و فكّر: ده الخدامين هناك عايشين أحسن من كده بكتير ... أنا هارجع بيت أبويا، و أعتذر له و أترجاه يقبلني عنده كخدام (عشان أنا ماستاهلش أكون ابنه بعد اللي عملته)
  • لمّا قرّب على البيت، أبوه شافه من بعيد ... جري عليه و حَضَنه ... و الابن قال لأبوه: "أنا ماستاهلش أكون ابنك" لكن أبوه ماسابوش يكمّل
  • بل أمر الخدام يجيبوا لابنه أحسن رداء عنده ... و يجيبوا الخاتم بتاعه يحطّوه في صباعه ... و يشووا العجل المسمن و يعملوا احتفال كبير بسبب رجوع الابن
  • الابن الكبير لمّا عرف اتغاظ! و قال لأبوه: أنا كل ده باشتغل معاك و أخدمك و عمرك ما عملت لي حفلة زي دي! بينما هو ضيّع فلوسك و انت بتحتفل بيه!!
  • الأب الحكيم قال له: يا ابني كل اللي عندي ده بتاعك و ليك ... لكن احنا لازم ننبسط و نحتفل لأن أخوك كان ميّت و عاش ... و كان ضال فوُجِد
يا رب تقصد إيه؟

  • الأب الطيب اللي في القصة دي زي ربنا ... بيحب كل ولاده جداااااً مهما غلطوا ... و بيبقى نفسه إنهم يرجعوا لحضنه على طول و مايسيبوهوش
  • الابن الصغير ده زي أي حد فينا لمّا يعمل حاجة غلط تزعل ربنا ... هانكون دايماً زعلانين و مش حاسين بالأمان و إحنا بعيد عنه ... لكن الشطارة إننا بسرعة نرجع لأبونا اللي بيحبنا
  • الابن الكبير كان موقفه غلط و مافيهوش محبة ... و ده يعلّمنا إننا لازم نحب كل اخواتنا اللي راجعين لربنا ... مش نغير من اخواتنا أو نقول إنهم مايستاهلوش
 
قديم 28 - 03 - 2021, 11:55 AM   رقم المشاركة : ( 36345 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,297,062

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

مثل الابن الضالّ



وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
نصُّ الإنجيل

كانَ لِرَجُلٍ اِبنان . فقالَ أَصغرُهما لأَبيهِ : " يا أَبتِ , أَعْطِنِي النَصيبَ الذي يَعودُ عليَّ مِنَ المال ." فقَسَمَ مالَهُ بينَهُما . وبعدَ بِضعَةِ أَيَّامٍ جَمَعَ الابنُ الأَصغرُ كُلَّ شيءٍ له ,


وسافَرَ إلى بلَدٍ بعيد , فبدَّدَ مالَهُ هُناكَ في عِيشَةِ التبذير . فلمَّا أَنفَقَ كُلَّ شيءٍ أَصابتْ ذلك البلَدَ مجاعةٌ شديدة , فأَخذَ يشكو العَوَز . ثُمَّ ذَهَبَ فالتحَقَ بِرَجُلٍ مِنْ أَهلِ ذلك البلد , فأَرسَلَهُ إلى حقولِهِ يَرعَى الخنازير .


وكانَ يشتَهي أَنْ يملأَ بطنَهُ مِنَ الخُرنوبِ الذي كانتِ الخنازيرُ تأْكُلُهُ , فلا يُعطيهِ أَحَد . فرَجَعَ إلى نفسِهِ وقال : " كَمْ أَجيرٍ لأَبي يفضُلُ عَنهُ الخُبزُ وأَنا أَهلِكُ هنا جُوعاً . أَقُومُ وأَمضي إِلى أَبي فأَقُولُ لَهُ : يا أَبَتِ إِنِّي خَطِئْتُ إِلى السَماءِ وإِليك . ولَسْتُ أَهلاً بعدَ ذَلك لأَنْ أُدْعَى لكَ ابناً , فاجعَلْني كأَحَدِ أُجرائكَ ."


فَقامَ ومضَى إِلى أَبيهِ . وكانَ لَمْ يَزلْ بَعيداً إِذْ رآهُ أَبُوهُ , فتحرَّكَتْ أَحشاؤهُ وأَسرعَ فأَلقَى بِنفسِهِ على عُنُقِهِ وقَبَّلَهُ طَويلاً . فَقالَ لَهُ الإِبنُ :


" يا أَبَتِ إِنَّي خَطِئْتُ إِلى السَماءِ وإِليك . ولَسْتُ أَهلاً بعدَ ذَلك لأَنْ أُدْعَى لكَ ابناً ." فقالَ الأَبُ لخَدَمِهِ : " أَسرِعوا فأْتوا بأَفخَرِ حُلَّةٍ وأَلبِسُوهُ , واجعَلوا في إِصبَعِهِ خاتَماً، وفي رِجلَيْهِ حِذاءً . وأْتوا بالعِجلِ المُسَمَّنِ واذبحوُهُ فَنَأَكلَ ونتنعَّمَ لأنَّ ابني هذا كانَ مَيْتاً فعاش، وكان ضالاً فَوُجِد." فأَخَذوا يفرَحون.

وكانَ ابنُهُ الأَكبرُ في الحَقل . فلمَّا رَجَعَ واقترَبَ مِنَ الدار سَمِعَ غِناءً ورقصاً . فدعا أَحَدَ الخدَمِ واسْتَخْبَرَ ما عَسى أَنْ يكونَ ذَلِكَ . فقالَ لَهُ : " قَدِمَ أَخوكَ فذبحَ أَبوكَ العِجلَ المُسمَّن لأَنَّهُ لَقِيَهُ سالِماً ." فغَضِبَ وأَبى أَنْ يدخُل. فخرَجَ إِليهِ أَبوُهُ يسأَلُهُ أَنْ يدخُل . فأَجابَ أَباهُ : " ها إِنِّي أَخدُمُكَ منذُ سنينَ طِوال , وما عَصَيْتُ لَكَ أَمراً قط . فما أَعطيتَني جَدْياً واحِداً لأَتَنعَّمَ بِهِ مَعَ أَصدِقائي. ولمَّا رَجَعَ إِبنُكَ هذا الذي أَكلَ مالَكَ مَعَ البَغايا ذبحتَ لَهُ العِجلَ المُسمَّن ."


فقالَ لَـهُ : " أَنتَ مَعي دائِماً أَبداً, وجَميعُ ما هو لي فهوَ لَك. ولَكِن قد وَجَبَ أَنْ نتنَعَّمَ ونفرَح لأَنَّ أَخاكَ هذا كانَ مَيْتاً فعاش, وكانَ ضالاً فَوُجِد." ( لوقا 15/11-32 )

الفكرة الأساسيَّة الواردة في هذا المثل



إنَّ الفكرة الأساسيَّة الواردة في هذا المثل هي أنّ الإنسان الخاطئ يتوهَّم أنَّه إذا استسلم إلى الخطيئة وجد السعادة التي يتوق إليها, ولكنَّه لا يلبث أنْ يذوق مرارة الخطيئة التي أبعدته عن الله مصدر سعادته الحقَّة.

فإذا نَدِمَ على سوء تصرُّفه وعاد إلى الله تائِباً غفر لـه الله خطيئَتَه مهما اشتدَّت شناعتُها. فعلى المسيحيين أن يتوبوا من ذنوبهم كالابن الأصغر, ويقتدوا بالله الغَفور, ولا يستسلموا كالابن الأكبر إلى كبريائهم وحقدهم, بل يتعاملوا بعضهم مع بعض بحنانٍ وتفهُّمٍ ومحبَّةٍ أخويَّة.

إنَّ هذا المثل هو من أجمل الأمثال التي ضربها يسوع وتحدَّث فيها عن علاقة الله بالإنسان الخاطئ, وعن علاقة الإنسان بأخيه الإنسان. إنَّ فيه ثلاث شخصيَّات هي الابن الأصغر, والأب, والابن الأكبر. وإليكم إيضاح هذه الفكرة.

الإبن الأصغر



الإبن الأصغر شابٌّ طائش. لقد ظنَّ أنَّه يجِد في الاستقلال عن سلطة أبيه الوالديَّة السعادة الكاملة التي يتوق إليها. ولكنَّه لم يجد إلاَّ الذلَّ والفقر والحرمان.
إنَّه في الواقع قد أساء استعمال حُريَّته الشخصيَّة إساءةً بعيدة المدى. ولكنَّ تفكيره السليم الهادئ في سوء حالته حمله على العودة إلى أبيه تائِباً مُستغفِراً. فأضحى بذلك قدوةً للمسيحيين الخطأة الذين يتوهَّمون أنَّهم, بارتكاب الخطيئة, يتحرَّرون من سلطة الله أبيهم, ويجدون الهناء وسعادة القلب. ولكنَّهم لا يلاقون في الخطيئة إلاَّ الفقر الروحي, وعبوديّة إبليس والحرمان من صداقة الله ومحبَّته.


فإذا عمدوا إلى التفكير الهادئ والتأمُّل في سوء حالتهم الروحيَّة ندِموا على ما ارتكبوه من المآثِم, واغتنموا المناسبات الدينيَّة الكبرى, كأيَّام الصيام والأعياد وعادوا إلى الله مستغفرين, فنالوا مغفِرة ذنوبهم وعاشوا في صداقة الله عيشة السعادة.




الأب
إنَّ الأب رجلٌ حكيمٌ حنونٌ غفور. لقد فرِح بعودةِ ابنه الضال فرحاً عظيماً, فغفر له سوء سلوكه, وأعاده إلى منزلته البَنَويَّة, من دون أيِّ تردُّدٍ أو عِتاب.


إنَّه يمثِّل الله الحكيم الحنون الغفور الذي يقبل توبة الخاطئ بفرحٍ عظيم. إنَّ في قلبه حناناً أعمق بما لا يُقاس من حنان أحنِّ الآباء. فلن نرى على الأرض أباً يبدي نحو ابنه العاصي حناناً كحنان الله على أبنائِه الخطأة, ومغفرةً لهم كمغفرة الله عند توبتهم وعودتهم إليه نادمين.

إنَّ الهدف الأكبر الذي توخَّى المثل إصابته هو أن يُظهِر لنا أنَّ الله أبٌ حنون يعطف علينا, ويغفر لنا, ويُحِبُّنا حتى وإنْ أسأنا استعمال حُرِّيتنا, وابتعدنا عنه بارتكاب الخطيئة. وهذا ما ينشئ فينا الثقةَ الكاملة بحُبِّه وحنانه, والرَّغبةَ في البقاء بقربه الوالدي, في البيت الأبوي, والتصميمَ على العودة إليه إذا ما ابتعدنا عنه بالاستسلام إلى المعصية.





الإبن الأكبر
1- إنَّ الابن الأكبر شابٌّ نشيط وجادّ ولكنّه حقودٌ ومتكبِّر. لقد اطَّّلع بانزعاجٍ شديد على خبر عودة أخيه. فعدَّد لأبيه أعماله وخدماته بالتفصيل, وعاتبه عتاباً قويَّاً, وألحَّ على ذكر ذنوب أخيه القبيحة, ورفض أن يدخل الدار ويسلِّم عليه تحت تأثير حقده وكبريائِه ورغبته في الانتقام منه. لقد أبدى الأب نحو ابنه الأكبر تنازلاً رائِعاً عندما أخذ يتوسَّل إليه.

وعمِل كلَّ ما في وسعه ليُحرِّك في قلبه عاطفة الأخوَّة ويجعله يشعر بحلاوة المحبَّة التي يجب أنْ تقوم بين الإخوة الأشقَّاء. ولا نعرف ما إذا كان كلام الأب قد أثَّر في قلبه المتحجِّر.

2- إنَّ هذا الابن الأكبر يمثِّل بعض المسيحيين المتكبِّرين الذين يدَّعون التقوى والسيرة الحميدة, ولكنَّهم يستسلمون في قلوبهم إلى الحقد والكبرياء والتعالي والرغبة في الانتقام, ويحتقرون الآخرين, ويتململون في أنفسهم لأنَّهم يعتقدون أنَّ الله لا يُكافئهم على صلاحهم وحسن سيرتهم المكافأة التي يستحقُّونها, ويستغربون كلَّ الاستغراب أنَّه يغفِر للخطأة والفُجَّار خطاياهم ويغمرهم بنِعَمٍ غزيرة لا تليق بسلوكِهم الخاطئ.
3- إنَّ الله يعرف ما في قلوب الناس من ميول شرّيرة ومن عواطف الحسد والتشفِّي والمنافسة الشديدة التي تدفعهم إلى أن ينتقمَ بعضُهم من بعض لأقلِّ هفوةٍ تصدر عنهم. فإنَّ هذه العواطف القبيحة التي تتأجَّج في صدورهم مظهرٌ من مظاهر ضَعف الطبيعة البشريَّة الميَّالة إلى الشرّ بسبب تأثير الخطيئة الأولى التي ورثنا نتائجها الوخيمة من سقطة أبوينا الأوَّلَيْن.


ولذلك فإنَّ الله يبقى أباً غفوراً حنوناً على الجميع لا يرفض أحداً من البشر, بل يغمر الناس كلّهم بعطفه, ويغفِر لهم زلاَّتهم عندما يعودون إليه تائبين.



التطبيق العملي





1- إذا جرَّتك التجربة إلى سوء استعمال حُريَّتِك ودفعتك إلى ارتكاب الخطيئة فلا تُهمل التوبة, بل عُدْ إلى نفسِك بالتفكير والتأمُّل في حالتك الروحيَّة البائِسة. وكُنْ على يقين أنَّ الخطيئة أعظمُ شرٍّ يهدِّدُ سعادتك في الدنيا والآخرة.

2- ولا تيأسْ أبداً مِنْ رحمة الله وحنانه ومغفرته. لقد اطَّلعت من المثل الذي ضربه يسوع على اتِّساع قلب الأب الذي قَبِلَ عودة ابنه الطائِش بالحُبِّ والحنان. إنّ هذا الموقف يدعوك إلى أنْ تثِق بحنان قلب الله وتُقبل على قبول سرِّ المصالحة كلَّما سقطت في الخطيئة عن ضَعفٍ أو طيشٍ أو تعمُّد.

ولا تظنَّ نفسك أفضل من الآخرين مهما اطَّلعت عليه من عيوبٍ تشوِّه حياتهم الروحيَّة, ولا تحتقرْ أحداً كما احتقر الابن الأكبر أخاه- بل عاملِ الجميع بمحبَّة أخويَّة صافية.


 
قديم 28 - 03 - 2021, 11:56 AM   رقم المشاركة : ( 36346 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,297,062

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

عودة الابن الضال


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


  • مَثَلُ ظ±لِظ±بْنِ ظ±لضَّالِّ

أَعْطَى يَسُوعُ مَثَلَيِ ظ±لْخَرُوفِ ظ±لضَّائِعِ وَظ±لدِّرْهَمِ ظ±لْمَفْقُودِ وَهُوَ بَعْدُ عَلَى ظ±لْأَغْلَبِ فِي بِيرْيَا شَرْقَ نَهْرِ ظ±لْأُرْدُنِّ.‏ وَظ±لْعِبْرَةُ ظ±لَّتِي نَسْتَخْلِصُهَا مِنَ ظ±لْمَثَلَيْنِ عَلَى ظ±لسَّوَاءِ أَنْ نَفْرَحَ بِظ±لْخُطَاةِ ظ±لَّذِينَ يَتُوبُونَ وَيَرْجِعُونَ إِلَى ظ±للهِ.‏ لظ°كِنَّ ظ±لْفَرِّيسِيِّينَ وَظ±لْكَتَبَةَ يَنْتَقِدُونَ يَسُوعَ لِأَنَّهُ يُرَحِّبُ بِمِثْلِ هظ°ؤُلَاءِ.‏ فَهَلْ يَتَّعِظُونَ بِهظ°ذَيْنِ ظ±لْمَثَلَيْنِ؟‏ وَهَلْ يَسْتَوْعِبُونَ كَيْفَ يَشْعُرُ أَبُونَا ظ±لسَّمَاوِيُّ تِجَاهَ ظ±لْخُطَاةِ ظ±لتَّائِبِينَ؟‏ يَرْوِي يَسُوعُ ظ±لْآنَ مَثَلًا يَمَسُّ ظ±لْقَلْبَ وَيَضْرِبُ عَلَى ظ±لْوَتَرِ ظ±لْحَسَّاسِ عَيْنِهِ.‏


تَدُورُ أَحْدَاثُ ظ±لْمَثَلِ حَوْلَ أَبٍ لَهُ ظ±بْنَانِ،‏ وَأَصْغَرُهُمَا هُوَ ظ±لشَّخْصِيَّةُ ظ±لْمِحْوَرِيَّةُ.‏ وَمَا يَحْدُثُ مَعَهُ يُفْتَرَضُ أَنْ يُؤَثِّرَ فِي ظ±لْفَرِّيسِيِّينَ وَظ±لْكَتَبَةِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ سَامِعِي يَسُوعَ.‏ وَلظ°كِنْ لَا يَعْنِي ذظ°لِكَ أَنَّ ظ±لْأَبَ وَظ±لِظ±بْنَ ظ±لْأَكْبَرَ يُؤَدِّيَانِ دَوْرًا هَامِشِيًّا.‏ فَظ±لْمَوَاقِفُ ظ±لَّتِي يَتَّخِذَانِهَا تَحْمِلُ أَيْضًا فِي طَيَّاتِهَا دُرُوسًا مُهِمَّةً.‏ فَلْنُبْقِ ظ±لشَّخْصِيَّاتِ ظ±لثَّلَاثَ فِي بَالِنَا فِيمَا نَتَأَمَّلُ فِي ظ±لْمَثَلِ.‏
يَرْوِي يَسُوعُ:‏ «إِنْسَانٌ كَانَ لَهُ ظ±بْنَانِ.‏ فَقَالَ أَصْغَرُهُمَا لِأَبِيهِ:‏ ‹يَا أَبِي،‏ أَعْطِنِي نَصِيبِي مِنَ ظ±لْأَمْلَاكِ›.‏ فَقَسَمَ لَهُمَا مَعِيشَتَهُ»،‏ أَيْ مُمْتَلَكَاتِهِ.‏ (‏لوقا ظ،ظ¥:‏​ظ،ظ،،‏ ظ،ظ¢‏)‏ جَدِيرٌ بِظ±لْمُلَاحَظَةِ أَنَّ ظ±لِظ±بْنَ ظ±لْأَصْغَرَ طَالَبَ بِحِصَّتِهِ فِي ظ±لْمِيرَاثِ وَأَبُوهُ لَا يَزَالُ عَلَى قَيْدِ ظ±لْحَيَاةِ.‏ فَقَدْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَقِلَّ بِذَاتِهِ وَيَصْرِفَ ظ±لثَّرْوَةَ عَلَى كَيْفِهِ.‏


يُخْبِرُ يَسُوعُ:‏ «بَعْدَ أَيَّامٍ لَيْسَتْ كَثِيرَةً،‏ جَمَعَ ظ±لِظ±بْنُ ظ±لْأَصْغَرُ كُلَّ شَيْءٍ وَسَافَرَ إِلَى بَلَدٍ بَعِيدٍ،‏ وَهُنَاكَ بَدَّدَ مَا يَمْلِكُ عَائِشًا حَيَاةً خَلِيعَةً».‏ (‏لوقا ظ،ظ¥:‏ظ،ظ£‏)‏ فَعِوَضَ أَنْ يَبْقَى فِي كَنَفِ بَيْتِهِ مَعَ أَبِيهِ ظ±لَّذِي يُعْنَى بِعَائِلَتِهِ وَيُؤَمِّنُ لَهُمْ عِيشَةً كَرِيمَةً،‏ غَادَرَ إِلَى بَلَدٍ آخَرَ.‏ وَهُنَاكَ بَذَّرَ كُلَّ مِيرَاثِهِ مُتَمَرِّغًا فِي ظ±لْمَلَذَّاتِ وَظ±لْفُجُورِ.‏ ثُمَّ وَقَعَ فِي ظَرْفٍ عَصِيبٍ،‏ حَسْبَمَا يُتَابِعُ يَسُوعُ:‏
‏«لَمَّا أَنْفَقَ كُلَّ شَيْءٍ،‏ حَدَثَتْ مَجَاعَةٌ شَدِيدَةٌ فِي ذظ°لِكَ ظ±لْبَلَدِ،‏ فَظ±بْتَدَأَ يَحْتَاجُ.‏ حَتَّى إِنَّهُ ذَهَبَ وَظ±لْتَحَقَ بِوَاحِدٍ مِنْ مُوَاطِنِي ذظ°لِكَ ظ±لْبَلَدِ،‏ فَأَرْسَلَهُ إِلَى حُقُولِهِ لِيَرْعَى خَنَازِيرَ.‏ وَكَانَ يَشْتَهِي أَنْ يَشْبَعَ مِنْ قُرُونِ ظ±لْخَرُّوبِ ظ±لَّتِي كَانَتِ ظ±لْخَنَازِيرُ تَأْكُلُهَا،‏ فَلَا يُعْطِيهِ أَحَدٌ شَيْئًا».‏ —‏ لوقا ظ،ظ¥:‏​ظ،ظ¤-‏ظ،ظ¦‏.‏


لَقَدْ رَضِيَ هظ°ذَا ظ±لِظ±بْنُ أَنْ يَعْمَلَ رَاعِيَ خَنَازِيرَ مَعَ أَنَّهَا حَيَوَانَاتٌ نَجِسَةٌ بِحَسَبِ شَرِيعَةِ ظ±للهِ.‏ وَتَضَوَّرَ جُوعًا لِدَرَجَةِ أَنَّ لُعَابَهُ كَانَ يَسِيلُ عَلَى طَعَامِ ظ±لْخَنَازِيرِ ظ±لَّتِي يَرْعَاهَا.‏ وَلظ°كِنْ فِي خِضَمِّ بُؤْسِهِ وَإِحْبَاطِهِ،‏ «عَادَ إِلَى رُشْدِهِ».‏ فَمَاذَا قَرَّرَ أَنْ يَفْعَلَ؟‏ اِفْتَكَرَ فِي نَفْسِهِ:‏ «كَمْ مِنْ أَجِيرٍ لِأَبِي يَكْثُرُ عِنْدَهُ ظ±لْخُبْزُ،‏ وَأَنَا أَهْلِكُ هُنَا مِنَ ظ±لْجُوعِ!‏ أَقُومُ وَأُسَافِرُ إِلَى أَبِي وَأَقُولُ لَهُ:‏ ‹يَا أَبِي،‏ قَدْ أَخْطَأْتُ إِلَى ظ±لسَّمَاءِ وَإِلَيْكَ.‏ وَلَا أَسْتَحِقُّ بَعْدُ أَنْ أُدْعَى ظ±بْنَكَ.‏ اِجْعَلْنِي كَأَحَدِ أُجَرَائِكَ›».‏ وَبِظ±لْفِعْلِ،‏ قَامَ وَذَهَبَ إِلَى أَبِيهِ.‏ —‏ لوقا ظ،ظ¥:‏​ظ،ظ§-‏ظ¢ظ*‏.‏
فَكَيْفَ تَصَرَّفَ وَالِدُهُ يَا تُرَى؟‏ هَلْ صَبَّ عَلَيْهِ جَامَ غَضَبِهِ وَعَنَّفَهُ عَلَى حَمَاقَتِهِ حِينَ تَرَكَ ظ±لْبَيْتَ؟‏ هَلِ ظ±سْتَقْبَلَهُ بِفُتُورٍ غَيْرَ مُكْتَرِثٍ بِرُجُوعِهِ؟‏ مَاذَا تَفْعَلُ أَنْتَ لَوْ كُنْتَ مَحَلَّهُ وَظ±لْوَلَدُ هُوَ ظ±بْنُكَ أَوْ بِنْتُكَ؟‏


كَانَ ضَائِعًا فَوُجِدَ

يُخْبِرُنَا يَسُوعُ عَنْ مَشَاعِرِ ظ±لْأَبِ وَرَدِّ فِعْلِهِ قَائِلًا:‏ «إِذْ كَانَ [ظ±لِظ±بْنُ] لَمْ يَزَلْ بَعِيدًا،‏ أَبْصَرَهُ أَبُوهُ فَأَشْفَقَ عَلَيْهِ،‏ وَرَكَضَ وَوَقَعَ عَلَى عُنُقِهِ وَقَبَّلَهُ».‏ (‏لوقا ظ،ظ¥:‏ظ¢ظ*‏)‏ فَقَدْ فَتَحَ ظ±لْأَبُ ذِرَاعَيْهِ لِظ±بْنِهِ مَعَ أَنَّهُ رُبَّمَا سَمِعَ بِحَيَاتِهِ ظ±لْخَلِيعَةِ.‏ فَهَلْ يَسْتَشِفُّ ظ±لْقَادَةُ ظ±لْيَهُودُ،‏ ظ±لَّذِينَ يَزْعَمُونَ أَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ يَهْوَهَ وَيَعْبُدُونَهُ،‏ كَيْفَ يَشْعُرُ أَبُونَا ظ±لسَّمَاوِيُّ حِيَالَ ظ±لْخُطَاةِ ظ±لتَّائِبِينَ؟‏ وَهَلْ يُدْرِكُونَ أَنَّ يَسُوعَ يَتَحَلَّى بِظ±لْمَوْقِفِ نَفْسِهِ؟‏
يُرَجَّحُ أَنَّ ظ±لْأَبَ رَأَى ظ±لتَّوْبَةَ وَظ±لنَّدَمَ فِي مَلَامِحِ ظ±بْنِهِ ظ±لْحَزِينَةِ.‏ فَبَادَرَ إِلَى ظ±سْتِقْبَالِهِ بِمَحَبَّةٍ سَهَّلَتْ عَلَيْهِ ظ±لْإِقْرَارَ بِخَطَايَاهُ.‏ يَرْوِي يَسُوعُ:‏ «عِنْدَئِذٍ قَالَ لَهُ ظ±لِظ±بْنُ:‏ ‹يَا أَبِي،‏ قَدْ أَخْطَأْتُ إِلَى ظ±لسَّمَاءِ وَإِلَيْكَ.‏ وَلَا أَسْتَحِقُّ بَعْدُ أَنْ أُدْعَى ظ±بْنَكَ›».‏ —‏ لوقا ظ،ظ¥:‏ظ¢ظ،‏.‏
لظ°كِنَّ ظ±لْأَبَ أَمَرَ عَبِيدَهُ:‏ «أَسْرِعُوا وَأَخْرِجُوا أَفْضَلَ حُلَّةٍ وَأَلْبِسُوهُ،‏ وَظ±جْعَلُوا خَاتَمًا فِي يَدِهِ وَنَعْلَيْنِ فِي قَدَمَيْهِ.‏ وَأْتُوا بِظ±لْعِجْلِ ظ±لْمُسَمَّنِ وَظ±ذْبَحُوهُ،‏ وَلْنَأْكُلْ وَنَسْتَمْتِعْ،‏ لِأَنَّ ظ±بْنِي هظ°ذَا كَانَ مَيِّتًا فَعَادَ إِلَى ظ±لْحَيَاةِ،‏ كَانَ ضَائِعًا فَوُجِدَ».‏ ثُمَّ «ظ±بْتَدَأُوا يَسْتَمْتِعُونَ».‏ —‏ لوقا ظ،ظ¥:‏​ظ¢ظ¢-‏ظ¢ظ¤‏.‏


فِي هظ°ذِهِ ظ±لْأَثْنَاءِ،‏ كَانَ ظ±لِظ±بْنُ ظ±لْأَكْبَرُ فِي ظ±لْحَقْلِ.‏ يُخْبِرُ يَسُوعُ عَنْهُ:‏ «لَمَّا جَاءَ وَظ±قْتَرَبَ مِنَ ظ±لْبَيْتِ،‏ سَمِعَ عَزْفَ آلَاتٍ وَرَقْصًا.‏ فَدَعَا أَحَدَ ظ±لْخَدَمِ وَظ±سْتَعْلَمَهُ عَمَّا يَكُونُ هظ°ذَا.‏ فَقَالَ لَهُ:‏ ‹قَدْ أَتَى أَخُوكَ،‏ فَذَبَحَ أَبُوكَ ظ±لْعِجْلَ ظ±لْمُسَمَّنَ،‏ لِأَنَّهُ ظ±سْتَعَادَهُ فِي صِحَّةٍ جَيِّدَةٍ›.‏ وَلظ°كِنَّهُ سَخِطَ وَلَمْ يَشَأْ أَنْ يَدْخُلَ.‏ فَخَرَجَ أَبُوهُ وَأَخَذَ يَتَوَسَّلُ إِلَيْهِ.‏ فَأَجَابَ وَقَالَ لِأَبِيهِ:‏ ‹هَا أَنَا أَخْدُمُكَ كَعَبْدٍ سِنِينَ كَثِيرَةً جِدًّا وَلَمْ أَتَعَدَّ وَصِيَّتَكَ قَطُّ،‏ وَمَعَ ذظ°لِكَ لَمْ تُعْطِنِي قَطُّ جَدْيًا لِأَسْتَمْتِعَ مَعَ أَصْدِقَائِي.‏ وَلظ°كِنْ مَا إِنْ جَاءَ ظ±بْنُكَ هظ°ذَا ظ±لَّذِي أَكَلَ مَعِيشَتَكَ [أَيْ بَدَّدَ مُمْتَلَكَاتِكَ] مَعَ ظ±لْعَاهِرَاتِ،‏ حَتَّى ذَبَحْتَ لَهُ ظ±لْعِجْلَ ظ±لْمُسَمَّنَ›».‏ —‏ لوقا ظ،ظ¥:‏​ظ¢ظ¥-‏ظ£ظ*‏.‏
فَمَنْ عَلَى غِرَارِ ظ±لِظ±بْنِ ظ±لْأَكْبَرِ يَعِيبُونَ رَحْمَةَ يَسُوعَ وَظ±هْتِمَامَهُ بِعَامَّةِ ظ±لنَّاسِ وَظ±لْخُطَاةِ؟‏ أَلَيْسُوا ظ±لْكَتَبَةَ وَظ±لْفَرِّيسِيِّينَ؟‏!‏ فَظ±نْتِقَادُهُمْ يَسُوعَ عَلَى تَرْحِيبِهِ بِظ±لْخُطَاةِ هُوَ مَا دَفَعَهُ إِلَى سَرْدِ هظ°ذَا ظ±لْمَثَلِ.‏ وَظ±لدَّرْسُ ظ±لْمُسْتَمَدُّ مِنْهُ مُوَجَّهٌ أَيْضًا إِلَى كُلِّ مَنْ يَنْتَقِدُ رَحْمَةَ ظ±للهِ.‏
يَخْتَتِمُ يَسُوعُ مَثَلَهُ بِمُنَاشَدَةِ ظ±لْأَبِ ظ±بْنَهُ ظ±لْأَكْبَرَ:‏ «يَا وَلَدِي،‏ أَنْتَ مَعِي كُلَّ حِينٍ،‏ وَكُلُّ مَا هُوَ لِي فَهُوَ لَكَ.‏ وَلظ°كِنْ كَانَ يَجِبُ أَنْ نَسْتَمْتِعَ وَنَفْرَحَ،‏ لِأَنَّ أَخَاكَ هظ°ذَا كَانَ مَيِّتًا فَعَادَ إِلَى ظ±لْحَيَاةِ،‏ وَكَانَ ضَائِعًا فَوُجِدَ».‏ —‏ لوقا ظ،ظ¥:‏​ظ£ظ،،‏ ظ£ظ¢‏.‏
يَتْرُكُ يَسُوعُ قَرَارَ ظ±لِظ±بْنِ ظ±لْأَكْبَرِ مُعَلَّقًا.‏ وَلظ°كِنْ تَجْدُرُ ظ±لْإِشَارَةُ أَنَّهُ بَعْدَ مَوْتِ يَسُوعَ وَقِيَامَتِهِ،‏ «أَخَذَ جَمْعٌ كَثِيرٌ مِنَ ظ±لْكَهَنَةِ يُطِيعُونَ ظ±لْإِيمَانَ».‏ (‏اعمال ظ¦:‏ظ§‏)‏ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ بَيْنَهُمْ كَهَنَةً سَمِعُوا مِنْ فَمِهِ هظ°ذَا ظ±لْمَثَلَ ظ±لْمُحَرِّكَ لِلْمَشَاعِرِ.‏ فَقَدْ كَانَ ظ±لْبَابُ مَفْتُوحًا حَتَّى لِهظ°ؤُلَاءِ أَنْ يَعُودُوا إِلَى رُشْدِهِمْ،‏ وَيَتُوبُوا،‏ وَيَرْجِعُوا إِلَى ظ±للهِ.‏
وَهظ°كَذَا يَتَعَلَّمُ تَلَامِيذُ يَسُوعَ أَجْمَعُونَ دُرُوسًا جَوْهَرِيَّةً مِنْ هظ°ذَا ظ±لْمَثَلِ ظ±لرَّائِعِ.‏ أَوَّلًا،‏ مِنَ ظ±لْحِكْمَةِ أَنْ نَبْقَى فِي كَنَفِ شَعْبِ ظ±للهِ تَحْتَ جَنَاحِ أَبِينَا ظ±لسَّمَاوِيِّ ظ±لَّذِي يُحِبُّنَا وَيُعِيلُنَا،‏ بَدَلَ أَنْ نَنْجَرَّ وَرَاءَ ظ±لْمَلَذَّاتِ ظ±لْمُغْرِيَةِ فِي «بَلَدٍ بَعِيدٍ».‏
ثَانِيًا،‏ إِنْ حَدَثَ وَحِدْنَا عَنْ طَرِيقِ ظ±للهِ،‏ يَنْبَغِي أَنْ نَرْجِعَ إِلَيْهِ بِتَوَاضُعٍ كَيْ نَحْظَى مُجَدَّدًا بِرِضَاهُ.‏
وَأَخِيرًا وَلَيْسَ آخِرًا،‏ نَسْتَقِي عِبْرَةً مِنَ ظ±لتَّبَايُنِ ظ±لصَّارِخِ بَيْنَ غُفْرَانِ ظ±لْأَبِ ظ±لرَّحْبِ ظ±لصَّدْرِ وَمَوْقِفِ ظ±بْنِهِ ظ±لْأَكْبَرِ ظ±لْحَاقِدِ وَظ±لْبَارِدِ ظ±لْإِحْسَاسِ.‏ فَعَلَيْنَا نَحْنُ خُدَّامَ ظ±للهِ أَنْ نُسَامِحَ وَنَأْخُذَ بِظ±لْأَحْضَانِ أَيَّ أَخٍ ضَلَّ ثُمَّ تَابَ تَوْبَةً أَصِيلَةً وَرَجَعَ إِلَى ‹بَيْتِ أَبِيهِ›.‏ وَلْنُهَلِّلْ لِأَنَّهُ «كَانَ مَيِّتًا فَعَادَ إِلَى ظ±لْحَيَاةِ .‏ .‏ .‏ كَانَ ضَائِعًا فَوُجِدَ».‏
 
قديم 28 - 03 - 2021, 11:57 AM   رقم المشاركة : ( 36347 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,297,062

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

كَانَ ضَائِعًا فَوُجِدَ



وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


يُخْبِرُنَا يَسُوعُ عَنْ مَشَاعِرِ ظ±لْأَبِ وَرَدِّ فِعْلِهِ قَائِلًا:‏ «إِذْ كَانَ [ظ±لِظ±بْنُ] لَمْ يَزَلْ بَعِيدًا،‏ أَبْصَرَهُ أَبُوهُ فَأَشْفَقَ عَلَيْهِ،‏ وَرَكَضَ وَوَقَعَ عَلَى عُنُقِهِ وَقَبَّلَهُ».‏ (‏لوقا ظ،ظ¥:‏ظ¢ظ*‏)‏ فَقَدْ فَتَحَ ظ±لْأَبُ ذِرَاعَيْهِ لِظ±بْنِهِ مَعَ أَنَّهُ رُبَّمَا سَمِعَ بِحَيَاتِهِ ظ±لْخَلِيعَةِ.‏ فَهَلْ يَسْتَشِفُّ ظ±لْقَادَةُ ظ±لْيَهُودُ،‏ ظ±لَّذِينَ يَزْعَمُونَ أَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ يَهْوَهَ وَيَعْبُدُونَهُ،‏ كَيْفَ يَشْعُرُ أَبُونَا ظ±لسَّمَاوِيُّ حِيَالَ ظ±لْخُطَاةِ ظ±لتَّائِبِينَ؟‏ وَهَلْ يُدْرِكُونَ أَنَّ يَسُوعَ يَتَحَلَّى بِظ±لْمَوْقِفِ نَفْسِهِ؟‏
يُرَجَّحُ أَنَّ ظ±لْأَبَ رَأَى ظ±لتَّوْبَةَ وَظ±لنَّدَمَ فِي مَلَامِحِ ظ±بْنِهِ ظ±لْحَزِينَةِ.‏ فَبَادَرَ إِلَى ظ±سْتِقْبَالِهِ بِمَحَبَّةٍ سَهَّلَتْ عَلَيْهِ ظ±لْإِقْرَارَ بِخَطَايَاهُ.‏ يَرْوِي يَسُوعُ:‏ «عِنْدَئِذٍ قَالَ لَهُ ظ±لِظ±بْنُ:‏ ‹يَا أَبِي،‏ قَدْ أَخْطَأْتُ إِلَى ظ±لسَّمَاءِ وَإِلَيْكَ.‏ وَلَا أَسْتَحِقُّ بَعْدُ أَنْ أُدْعَى ظ±بْنَكَ›».‏ —‏ لوقا ظ،ظ¥:‏ظ¢ظ،‏.‏
لظ°كِنَّ ظ±لْأَبَ أَمَرَ عَبِيدَهُ:‏ «أَسْرِعُوا وَأَخْرِجُوا أَفْضَلَ حُلَّةٍ وَأَلْبِسُوهُ،‏ وَظ±جْعَلُوا خَاتَمًا فِي يَدِهِ وَنَعْلَيْنِ فِي قَدَمَيْهِ.‏ وَأْتُوا بِظ±لْعِجْلِ ظ±لْمُسَمَّنِ وَظ±ذْبَحُوهُ،‏ وَلْنَأْكُلْ وَنَسْتَمْتِعْ،‏ لِأَنَّ ظ±بْنِي هظ°ذَا كَانَ مَيِّتًا فَعَادَ إِلَى ظ±لْحَيَاةِ،‏ كَانَ ضَائِعًا فَوُجِدَ».‏ ثُمَّ «ظ±بْتَدَأُوا يَسْتَمْتِعُونَ».‏ —‏ لوقا ظ،ظ¥:‏​ظ¢ظ¢-‏ظ¢ظ¤‏.‏


فِي هظ°ذِهِ ظ±لْأَثْنَاءِ،‏ كَانَ ظ±لِظ±بْنُ ظ±لْأَكْبَرُ فِي ظ±لْحَقْلِ.‏ يُخْبِرُ يَسُوعُ عَنْهُ:‏ «لَمَّا جَاءَ وَظ±قْتَرَبَ مِنَ ظ±لْبَيْتِ،‏ سَمِعَ عَزْفَ آلَاتٍ وَرَقْصًا.‏ فَدَعَا أَحَدَ ظ±لْخَدَمِ وَظ±سْتَعْلَمَهُ عَمَّا يَكُونُ هظ°ذَا.‏ فَقَالَ لَهُ:‏ ‹قَدْ أَتَى أَخُوكَ،‏ فَذَبَحَ أَبُوكَ ظ±لْعِجْلَ ظ±لْمُسَمَّنَ،‏ لِأَنَّهُ ظ±سْتَعَادَهُ فِي صِحَّةٍ جَيِّدَةٍ›.‏ وَلظ°كِنَّهُ سَخِطَ وَلَمْ يَشَأْ أَنْ يَدْخُلَ.‏ فَخَرَجَ أَبُوهُ وَأَخَذَ يَتَوَسَّلُ إِلَيْهِ.‏ فَأَجَابَ وَقَالَ لِأَبِيهِ:‏ ‹هَا أَنَا أَخْدُمُكَ كَعَبْدٍ سِنِينَ كَثِيرَةً جِدًّا وَلَمْ أَتَعَدَّ وَصِيَّتَكَ قَطُّ،‏ وَمَعَ ذظ°لِكَ لَمْ تُعْطِنِي قَطُّ جَدْيًا لِأَسْتَمْتِعَ مَعَ أَصْدِقَائِي.‏ وَلظ°كِنْ مَا إِنْ جَاءَ ظ±بْنُكَ هظ°ذَا ظ±لَّذِي أَكَلَ مَعِيشَتَكَ [أَيْ بَدَّدَ مُمْتَلَكَاتِكَ] مَعَ ظ±لْعَاهِرَاتِ،‏ حَتَّى ذَبَحْتَ لَهُ ظ±لْعِجْلَ ظ±لْمُسَمَّنَ›».‏ —‏ لوقا ظ،ظ¥:‏​ظ¢ظ¥-‏ظ£ظ*‏.‏
فَمَنْ عَلَى غِرَارِ ظ±لِظ±بْنِ ظ±لْأَكْبَرِ يَعِيبُونَ رَحْمَةَ يَسُوعَ وَظ±هْتِمَامَهُ بِعَامَّةِ ظ±لنَّاسِ وَظ±لْخُطَاةِ؟‏ أَلَيْسُوا ظ±لْكَتَبَةَ وَظ±لْفَرِّيسِيِّينَ؟‏!‏ فَظ±نْتِقَادُهُمْ يَسُوعَ عَلَى تَرْحِيبِهِ بِظ±لْخُطَاةِ هُوَ مَا دَفَعَهُ إِلَى سَرْدِ هظ°ذَا ظ±لْمَثَلِ.‏ وَظ±لدَّرْسُ ظ±لْمُسْتَمَدُّ مِنْهُ مُوَجَّهٌ أَيْضًا إِلَى كُلِّ مَنْ يَنْتَقِدُ رَحْمَةَ ظ±للهِ.‏
يَخْتَتِمُ يَسُوعُ مَثَلَهُ بِمُنَاشَدَةِ ظ±لْأَبِ ظ±بْنَهُ ظ±لْأَكْبَرَ:‏ «يَا وَلَدِي،‏ أَنْتَ مَعِي كُلَّ حِينٍ،‏ وَكُلُّ مَا هُوَ لِي فَهُوَ لَكَ.‏ وَلظ°كِنْ كَانَ يَجِبُ أَنْ نَسْتَمْتِعَ وَنَفْرَحَ،‏ لِأَنَّ أَخَاكَ هظ°ذَا كَانَ مَيِّتًا فَعَادَ إِلَى ظ±لْحَيَاةِ،‏ وَكَانَ ضَائِعًا فَوُجِدَ».‏ —‏ لوقا ظ،ظ¥:‏​ظ£ظ،،‏ ظ£ظ¢‏.‏
يَتْرُكُ يَسُوعُ قَرَارَ ظ±لِظ±بْنِ ظ±لْأَكْبَرِ مُعَلَّقًا.‏ وَلظ°كِنْ تَجْدُرُ ظ±لْإِشَارَةُ أَنَّهُ بَعْدَ مَوْتِ يَسُوعَ وَقِيَامَتِهِ،‏ «أَخَذَ جَمْعٌ كَثِيرٌ مِنَ ظ±لْكَهَنَةِ يُطِيعُونَ ظ±لْإِيمَانَ».‏ (‏اعمال ظ¦:‏ظ§‏)‏ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ بَيْنَهُمْ كَهَنَةً سَمِعُوا مِنْ فَمِهِ هظ°ذَا ظ±لْمَثَلَ ظ±لْمُحَرِّكَ لِلْمَشَاعِرِ.‏ فَقَدْ كَانَ ظ±لْبَابُ مَفْتُوحًا حَتَّى لِهظ°ؤُلَاءِ أَنْ يَعُودُوا إِلَى رُشْدِهِمْ،‏ وَيَتُوبُوا،‏ وَيَرْجِعُوا إِلَى ظ±للهِ.‏
وَهظ°كَذَا يَتَعَلَّمُ تَلَامِيذُ يَسُوعَ أَجْمَعُونَ دُرُوسًا جَوْهَرِيَّةً مِنْ هظ°ذَا ظ±لْمَثَلِ ظ±لرَّائِعِ.‏ أَوَّلًا،‏ مِنَ ظ±لْحِكْمَةِ أَنْ نَبْقَى فِي كَنَفِ شَعْبِ ظ±للهِ تَحْتَ جَنَاحِ أَبِينَا ظ±لسَّمَاوِيِّ ظ±لَّذِي يُحِبُّنَا وَيُعِيلُنَا،‏ بَدَلَ أَنْ نَنْجَرَّ وَرَاءَ ظ±لْمَلَذَّاتِ ظ±لْمُغْرِيَةِ فِي «بَلَدٍ بَعِيدٍ».‏
ثَانِيًا،‏ إِنْ حَدَثَ وَحِدْنَا عَنْ طَرِيقِ ظ±للهِ،‏ يَنْبَغِي أَنْ نَرْجِعَ إِلَيْهِ بِتَوَاضُعٍ كَيْ نَحْظَى مُجَدَّدًا بِرِضَاهُ.‏
وَأَخِيرًا وَلَيْسَ آخِرًا،‏ نَسْتَقِي عِبْرَةً مِنَ ظ±لتَّبَايُنِ ظ±لصَّارِخِ بَيْنَ غُفْرَانِ ظ±لْأَبِ ظ±لرَّحْبِ ظ±لصَّدْرِ وَمَوْقِفِ ظ±بْنِهِ ظ±لْأَكْبَرِ ظ±لْحَاقِدِ وَظ±لْبَارِدِ ظ±لْإِحْسَاسِ.‏ فَعَلَيْنَا نَحْنُ خُدَّامَ ظ±للهِ أَنْ نُسَامِحَ وَنَأْخُذَ بِظ±لْأَحْضَانِ أَيَّ أَخٍ ضَلَّ ثُمَّ تَابَ تَوْبَةً أَصِيلَةً وَرَجَعَ إِلَى ‹بَيْتِ أَبِيهِ›.‏ وَلْنُهَلِّلْ لِأَنَّهُ «كَانَ مَيِّتًا فَعَادَ إِلَى ظ±لْحَيَاةِ .‏ .‏ .‏ كَانَ ضَائِعًا فَوُجِدَ».‏
 
قديم 28 - 03 - 2021, 12:01 PM   رقم المشاركة : ( 36348 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,297,062

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

مثل الابن الضال في أقوال آباء الكنيسة


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة





في أمثال الرب يسوع تكثر التعاليم المُحيية، وهي تحتاج إلى قراءة متأنية للاستفادة منها. وأقوال الآباء بها الكثير من التأملات على هذه الأمثال. ومن الأمثال التي انفرد بها الإنجيل بحسب القديس لوقا مَثَل الابن الضال. والمَثَل في مجمله قاله الرب يسوع للفرِّيسيين، يدعوهم ليفرحوا بتوبة الخطاة. اسمع ما يقوله القديس كيرلس الكبير في هذا الصدد:
[ما هو هدف المثل؟ فلنبحث عن الظروف التي أدَّت إليه حتى نفهم الحقيقة. فمن قبل ذلك بقليل تكلَّم المغبوط لوقا عن مخلِّصنا كلنا ربنا يسوع المسيح... حينما احتجَّ الكتبة والفريسيون على لطف محبة ربنا للناس. وبمكر وعدم تقوى لاموه لأنه يَقْبل ويُعلِّم الناس الخطاة. وهنا كان من الضروري أن يضع المسيح أمامهم المَثَل الحاضر.

المسيح يوضِّح بجلاء أن إله الكل يطلب الإخلاص في اتِّباع وصيته، حتى مِمَّن هو ثابت وغير متزعزع وقديس، وقد اقتنى أعلى درجة من المديح كنتيجة لسلوكه المنضبط. حينما يُدعى أحدٌ للتوبة، حتى ولو كان من أصحاب السمعة الرديئة، فينبغي أن نفرح بالأحرى وألاَّ نَدَع الانفعالات الخالية من المحبة تجاهه](1).
«إنسانٌ كان له ابنان»:

ماذا يمثِّل هذان الابنان؟ للقديس كيرلس الكبير رأي في ذلك:

[هناك رأيٌ للبعض يقول إن الابنين يُمثِّلان: الملائكة القديسين، ونحن سكان الأرض. فالابن الأكبر، الذي بَقِيَ في البيت آمناً يُمثِّل شركة الملائكة القديسين، بينما الابن الأصغر أو الضال يمثِّل الجنس البشري. والبعض الآخر يُفسِّر تفسيراً آخر فيقول: إن الابن الأكبر ذا السلوك الحسن يمثل إسرائيل حسب الجسد؛ بينما الابن الآخر، الذي اختار العيش في التمتُّع بالملذات وانتقل بعيداً عن أبيه, يمثل جماعة الأمم](2).
تَرْك الابن الأصغر لأبيه:

اعتبر الآباء أن ترك الابن الأصغر لأبيه يمثِّل ترك الإنسان لنفسه، إذا جاز هذا التعبير، فيقول القديس أمبروسيوس بهذا الصدد:

[تعلمون أن الميراث الإلهي يُعطَى لمَن يسأله. فلا ينبغي أن تُفكِّروا أن الأب كان مُخطئاً حين أعطى الابن الأصغر (النصيب) الذي يخصه. فلا يوجد عُمر يعجز عن بلوغ الملكوت، كما لا يُقاس الإيمان بعدد السنين في الإيمان. فالابن الذي طلب الميراث، بالتأكيد حَكَمَ على نفسه أنه مستحق أن يأخذ ما له. ولكن بعد أن ذهب بعيداً، فهو يمثل الذي غادر الكنيسة ثم بذَّر ميراثه. يقول الكتاب: «وبعد أيام ليست بكثيرة جمع الابن الأصغر كلَّ شيء وسافر إلى كورة بعيدة» (لو 13:15).

وماذا يكون أبعد من أن يسافر الإنسان بعيداً عن نفسه، وليس مجرد عن مكانٍ ما؟... حقاً إن من يفصل نفسه عن المسيح هو منفيٌّ بعيداً عن وطنه، لقد أصبح مواطناً للعالم. نحن لسنا غرباء ونُزلاء بل نحن «رعية مع القديسين وأهل بيت الله» (أف 19:2)؛ لأننا كنا من قبل بعيدين, ولكننا صرنا قريبين بدم المسيح (أف 13:2).

لا يصحُّ أن ننظر بازدراء للعائدين من الأرض البعيدة، لأننا نحن أيضاً كنا في أرض بعيدة، كما يُعلِّم إشعياء: «الجالسون في أرض ظلال الموت أشرق عليهم نور» (إش 2:9).

هناك دائرة متسعة لظلال الموت، ولكننا نعيش الآن في ظل المسيح. لهذا تقول الكنيسة: «تحت ظلِّه اشتهيتُ أن أجلس» (نش 3:2)](3).
«حدث جوع شديد
في تلك الكورة» (لو 14:15):

يتابع القديس أمبروسيوس شرحه فيقول:

[لم يكن جوع بسبب صوم، ولكن جوع إلى الأعمال الصالحة والفضائل. وما أصعب هذا الجوع! حقاً إن مَن يُفارق كلمة الله فإنه يجوع، لأنه «ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة من الله» (لو 4:4). فمَن يترك كن‍زاً فإنه حتماً يحتاج. ومَن يترك الحكمة فإنه حتماً يصير غبياً. ومَن يترك الفضيلة فإنه حتماً يهلك. أمرٌ طبيعي جداً أن يبدأ (الإنسان) في الاحتياج، لأنه ترك كنوز الحكمة ومعرفة الله (كو 3:2)، وأعماق الغِنَى السماوي؛ فابتدأ يحتاج، وهكذا عانى الجوع، لأنه ليس هناك ما يُشبع الملذات الطائشة. مَن لا يعرف كيف يمتلئ من الشبع الأبدي، فإنه دائماً يُعاني من المجاعة](4).
«فمضى والتصق بواحدٍ
من أهل تلك الكورة» (لو 15:15):

مَنْ يكون هذا ”الواحد“ الذي مضى إليه الابن الأصغر؟ يشرح ذلك القديس أمبروسيوس:

[كل مَن التصق بآخر فهو في فخٍّ. وهذا الواحد الذي من أهل تلك الكورة هو رئيس هذا العالم (يو 31:12؛ 30:14؛ 11:16). لقد أُرسل الابنُ الضال إلى الحقول، التي كان قد اشتراها هذا الرجل الذي عزل نفسه عن المملكة (لو 18:14). كان الابن يرعى الخنازير، تلك التي يشاء إبليس أن يدخل فيها، وهؤلاء قد طرحهم إلى بحر العالم حيث يعيشون في الفسق والفجور (انظر مت 31:8-32) ... وهناك مَن يُفسِّرون الخنازير على أنها أعداد الشياطين، أما الخرنوب فيرمز إلى فقدان الفضيلة عند أدنياء الناس](5).
الاعتراف الأول: «يا أبي أخطأتُ
إلى السماء وقدَّامك»:

نعود أيضاً إلى القديس أمبروسيوس حيث يُكمِل قائلاً:

[هذا هو الاعتراف الأول أمام خالق الطبيعة، آب الرحمة، والقاضي ضد الخطية. رغم أن الله يعلم كل شيء (راجع أستير 17:4 حسب السبعينية، يـو 17:21)، فهو ينتظر كلمات اعترافك... اعترف، حتى يشفع المسيح من أجلك، الذي هو لنا شفيعٌ لدى الآب (1يو 1:2). اعترف، حتى تصلِّي الكنيسة من أجلك ويبكي الناس من أجلك. لا تخف من أن لا تنال الغفران. لقد وعد الشفيعُ بالغفران، الآب يمنح النعمة، المُدافع عنا يَعِدُ بالمصالحة مع مسرة الآب بك. آمن لأن هذه هي الحقيقة (راجع يو 6:14؛ 1يو 6:5).

عُدْ إلى رشدك لأن ذلك فضيلة. هو لديه السنَد لكي يشفع لك، وإلاَّ يكون قـد مـات عنك باطلاً (راجع غلاطية 21:2). والآب أيضاً له سند للغفران، لأن الآب يريد ما يريده الابن](6).
«لستُ مستحقاً أن أُدعى لك ابناً.
اجعلني كأحد أَجراك» (لو 19:15):

نتابع القديس أمبروسيوس في شرحه لإنجيل لوقا:

[كان الابن الضال في هذه الحالة متضعاً، وحالته المتضعة سوف ترفعه: «اجعلني كأحد أَجراك»، هناك فرق بين الأبناء والأصدقاء وبين الأَجراء والعبيد. أنت ابن بالمعمودية، وحبيب من خلال الفضيلة، وأجير من خلال العمل، ولكنك تصير عبداً من خلال الخوف. الأصدقاء يمكن أن يكونوا سابقاً من بين العبيد والأجراء، حسب المكتوب: «أنتم أحبائي إن فعلتم ما آمركم به. لا أعود أُسمِّيكم عبيداً» (يو 14:15-15)](7).
«فقام وجاء إلى أبيه. وإذ كان لم يزل بعيداً، رآه أبوه فتحنن، وركض، ووقع على عنقه، وقبَّله» (لو 20:15):

الآب هو الذي يبدأ المصالحة، وهكذا يتابع القديس أمبروسيوس فيقول:

[المسيح يختار القائمين. فقُمْ واركض إلى الكنيسة. هنا الآب والابن والروح القدس. هذا الذي يسمعك سبق أن اطَّلع على أفكارك المخفية في عقلك، فـ ”ركض“ نحوك (مِثل الأب في مَثَل الابن الضال). وحينما تكون بعيداً، يراك ويركض إليك. يرى ما في قلبك. يركض إليك لئلا يعوقك أحد، ويعانقك. إنَّ ركضه نحوك، يُعبِّر عن معرفته السابقة بك، وعن رحمته التي ظهرت في عناقه واستعلانه المحبة الأبوية. إنه يقع على عُنقك لكي يرفع الإنسان المنكسر والمثقَّل بالخطايا، ثم يُجدِّده بعد أن مال إلى الأرضيات، فيُعيده إلى السماء. المسيح يقع على عنقك لكي يُحرِّر عنقك من نير العبودية, ويضع نِيرَه الحلو على أكتافك (راجع مت 30:11)](8).
الآب يقبل الابن الضال،
ويدعوه إلى العُرس الإلهي كابن:

هذه بالتأكيد مضادة فكرية! ولكن لها هدف - كما ذكرنا من قبل – وهو أن نفرح بتوبة الخطاة. يقول القديس أثناسيوس الرسولي في رسالته الفصحية السابعة:

[حينئذ يقوم ويأتي إلى أبيه، ويعترف له: «أخطأتُ إلى السماء وقدامك، ولستُ مستحقاً بعد أن أُدعى لك ابناً». حين يعترف الابن العائد، فهو بهذا يُحسب أنه مستحق أكثر مما كان يفتكر. أما أبوه فلا يأخذه كأحد الأجراء, ولا يعامله كغريب؛ بل بالعكس، فإنه يُقبِّله كابن، ويَقْبَله كإنسان كان ميتاً فعاش، ويحسبه مستحقاً للعُرْس الإلهي, ويُلْبِسه الثوب الثمين الذي كان يلبسه.

وهناك في هذا المثال، فرح وترتيل في بيت الآب. ما حدث هو نتيجة لنعمة الآب ومحبته، لأنه ليس فقط يعود بالابن من الموت إلى الحياة؛ بل يُظهِر نعمته بالروح بوضوح. ولكي يستبدل الفساد, ألبسه ثوباً عديم الفساد. ولكي يُشبِع الجائع، فإنه يذبح العجل المُسمَّن. ويوفِّر الآب له حذاءً في رجليه حتى لا يسافر بعيداً (أي إلى طريق الشر فيما بعد). وأجمل الكل أن يجعل خاتماً في يده، أي يلده جديداً في صورة مجد المسيح](9).
الابن الأكبر وأبوه:

الآباء الحاذقون في التفسير أعطونا تفسيراً مقنعاً عن موقف الابن الأكبر تجاه أبيه. أهم هؤلاء هو القديس كيرلس الكبير الذي ذكرنا رأيه من قبل، أنَّ الابن الأكبر يُمثِّل شركة الملائكة القديسين، ويُضيف:

[إن كان أحد يقول إن الابن العاقل والعفيف يرمز إلى إسرائيل حسب الجسد، فلا يمكن أن نوافق على هذا الرأي. فإنه من غير المناسب أن نقول إن شعب إسرائيل قد اختار الحياة التي بلا عيب. فخلال كل الكتاب المقدس الموحَى به، نراهم وقد سقطوا في التذمُّر وعدم الطاعة ...

وإن ظن أحد أن الابن العاقل والعفيف يعني إسرائيل، فكيف يقول إسرائيل لأبيه بجسارة إنه لم يُعطِِه جِدْياً؟ وسواء قلنا جدياً أم حملاً، فإن المسيح يُفهَم على أنه الذبيحة المقدَّمة عن الخطية. وهو لم يُقدَّم كفدية عن الأمم فقط، بل وأيضاً لكي يفدي إسرائيل، الذي لأجل تكرار تعدِّيه للناموس، أتى باللوم الكثير على نفسه. يشهد بذلك بولس الحكيم قائـلاً: «يسوع أيضاً لكي يُقدِّس الشعب بدم نفسه تألم خارج الباب» (عب 12:13)](10).

 
قديم 28 - 03 - 2021, 12:03 PM   رقم المشاركة : ( 36349 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,297,062

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

قصة الابن الضال

محبة الله الأبوية

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


هذه القصة مثل من أمثال يسوع المسيح، التي يبيّن فيها لنا محبة الله الأبوية غير المحدودة لبني البشر الخطأة.
وقالَ يَسوعُ: «كانَ لِرَجلٍ اَبنانِ، فقالَ لَه الأصغَرُ: يا أبي أعطِني حِصَّتي مِنَ الأملاكِ. فقَسَم لهُما أملاكَهُ. وبَعدَ أيّامٍ قَليلةٍ، جمَعَ الابنُ الأصغَرُ كُلَّ ما يَملِكُ، وسافَرَ إلى بِلادٍ بَعيدَةٍ، وهُناكَ بَدَّدَ مالَهُ في العَيشِ بِلا حِسابٍ. فلمَّا أنفَقَ كُلَ شيءٍ، أصابَت تِلكَ البلادَ مَجاعةٌ قاسِيَةٌ، فوقَعَ في ضيقٍ. فلَجأ إلى العَمَلِ عِندَ رَجُلٍ مِنْ أهلِ تِلكَ البِلادِ، فأرسَلَهُ إلى حُقولِهِ ليَرعى الخنازيرَ. وكانَ يَشتَهي أنْ يَشبَعَ مِنَ الخُرنُوبِ الّذي كانَتِ الخنازيرُ تأكُلُهُ، فلا يُعطيهِ أحدٌ.
فرَجَعَ إلى نَفسِهِ وقالَ: كم أَجيرٍ عِندَ أبي يَفضُلُ عَنهُ الطَّعامُ، وأنا هُنا أموتُ مِنَ الجوعِ. سأقومُ وأرجِعُ إلى أبي وأقولُ لَه: يا أبي، أخطَأتُ إلى السَّماءِ وإلَيكَ، ولا أستحِقُّ بَعدُ أنْ أُدعى لكَ اَبنًا، فعامِلْني كأَجيرٍ عِندَكَ. فقامَ ورجَعَ إلى أبيهِ.
فَرآهُ أبوهُ قادِمًا مِنْ بَعيدٍ، فأشفَقَ علَيهِ وأسرَعَ إلَيهِ يُعانِقُهُ ويُقَبِّلُهُ. فقالَ لَه الابنُ: يا أبي، أخطَأْتُ إلى السَّماءِ وإلَيكَ، ولا أستَحِقُّ بَعدُ أنْ أُدعى لكَ اَبنًا.
فقالَ الأبُ لخَدَمِهِ: أسرِعوا! هاتُوا أفخَرَ ثوبٍ وأَلْبِسوهُ، وضَعُوا خاتَمًا في إصبَعِهِ وحِذاءً في رِجلَيهِ. وقَدِّموا العِجلَ المُسمَّنَ واَذبَحوهُ، فنَأْكُلَ ونَفرَحَ، لأنَّ اَبني هذا كانَ مَيْتًا فعاشَ، وكانَ ضالاًّ فَوُجِدَ. فأخذوا يَفرَحونَ.
وكانَ الابنُ الأكبرُ في الحَقلِ، فلمَّا رجَعَ واَقتَرَبَ مِنَ البَيتِ، سَمِعَ صَوتَ الغِناءِ والرَّقصِ. فدَعا أحَدَ الخَدَمِ وسألَهُ: ما الخَبرُ؟ فأجابَهُ: رجَعَ أخوكَ سالِمًا، فذبَحَ أبوكَ العِجْلَ المُسَمَّنَ. فغَضِبَ ورَفَضَ أنْ يَدخُلَ. فخَرَجَ إلَيهِ أبوهُ يَرجو مِنهُ أنْ يَدخُلَ، فقالَ لأبيهِ: خَدَمْتُكَ كُلَّ هذِهِ السِّنينَ وما عَصَيتُ لكَ أمرًا، فما أعطَيتَني جَدْيًا واحدًا لأفرَحَ بِهِ معَ أصحابي. ولكنْ لمَّا رجَعَ اَبنُكَ هذا، بَعدَما أكَلَ مالَكَ معَ البَغايا، ذَبَحتَ العِجلَ المُسَمَّنَ! فأجابَهُ أبوهُ: يا اَبني، أنتَ مَعي في كُلِّ حِينٍ، وكُلُّ ما هوَ لي فهوَ لكَ. ولكِنْ كانَ علَينا أنْ نَفرَحَ ونَمرَحَ، لأنَّ أخاكَ هذا كانَ مَيِّتًا فَعاشَ، وكانَ ضالاًّ فَوُجِدَ.» (لوقا 15: 11-32)


 
قديم 28 - 03 - 2021, 12:06 PM   رقم المشاركة : ( 36350 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,297,062

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الابن الضال



وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة





دعى "مثل الابن الناصح" أو "مثل الأب المحب"، لأنه بقدر ما يكشف عن جفاف قلب الابن الهارب من وجه أبيه المحب يشتاق الأب إلى عودته، ليستقبله بالقبلات، دون عتاب أو جرح لمشاعره، بينما وقف أخوه خارجًا في تذمر من أجل محبَّة الأب له.
"وقال: إنسان كان له ابنان.
فقال أصغرهما لأبيه:
يا أبي أعطني القسم الذي يصيبني من المال،
فقسم لهما معيشته.
وبعد أيام ليست بكثيرة جمع الابن الأصغر كل شيء
وسافر إلى كورة بعيدة،
وهناك بذر ماله بعيش مسرف" [11- 13].
في المثلين السابقين لم يكتفِ السيِّد المسيح بالكشف عن علاقة الله بالإنسان، إذ يبحث الله عنه كالراعي نحو خروفه الضال أو كالمرأة التي تضيء السراج وتنقب البيت وتفتشه من أجل الدرهم المفقود، وإنما كشف أيضًا عن علاقة السمائيين بنا. ففي المثل الأول ظهروا كتسعة وتسعين خروفًا لا يكمل عددهم إلا بعودتنا حيث تفرح السماء بخاطئ واحد يتوب، وكتسعة دراهم تكمل بنا نحن الدرهم المفقود. أما في المثل الذي بين أيدينا فيقدَّم صورة مُرّة لعلاقة الإنسان بأخيه، فيظهر الأخ الأكبر بالرغم مما يبدو عليه من تعقل وأمانة في العمل، لكنه لا يستطيع بسهولة أن يتقبل أخاه الراجع إلى بيت الآب، بل يقف موقف الناقد لأبيه على اتساع قلبه للابن الراجع إليه. على أي الأحوال ظهور ابنين في المثل يكشف عن أمور كثيرة نذكر منها:
أولاً: لا يمكن الحكم على أحد مادام لا يزال في طريق الجهاد. فقد ظهر الأصغر في بدء حياته إنسانًا محبًا للملذّات، عنيفًا في معاملاته، إذ يطالب أباه بالميراث وهو بعد حيّ، مبددًا للوزنات غير أمين فيما بين يديه... لكنه يرجع بالتوبة إلى الأحضان الأبويَّة ليظهر لابسًا الثوب الجديد وخاتم البنوة وحذاء في قدَّميه ومتمتعًا بالوليمة في بيت أبيه. أما الآخر فقد بدأ حياته إنسانًا لطيفًا في معاملاته، يخدم والده، ولا يطلب أجرة يبقى في بيت أبيه، لكنه يختم حياته بالوقوف خارجًا ينتقد أباه على حبه، ويغلق قلبه نحو أخيه، فيفقد سلامه الداخلي وفرحه ليعيش بقلب مناقض لقلب أبيه.
ثانيًا: يبدو أن البعض ظن أن الابنين يشيران إلى الطغمات الملائكيَّة والجنس البشري فالابن الأكبر يشير إلى الملائكة القدِّيسين الذين يعيشون بتعقل والأصغر يشير إلى الجنس البشري الذي ترك بيت أبيه بالعصيان وقد عاد مرة أخرى خلال التوبة. وقد رفض القدِّيس يوحنا الذهبي الفم هذا الرأي، قائلاً: [إن الابن الأكبر قد ثار عند عودة أخيه وسلامه بينما يقول الرب: يكون فرح في السماء بخاطىء واحد يتوب.] ويقول القدِّيس كيرلس الكبير: [إن أشرنا للابن المستقيم بكونه الملائكة القدِّيسين لا نجد الحديث مناسبًا، ولا يحمل مشاعرهم نحو الخطاة التائبين، الذين يتحولون من الحياة الدنسة إلى السلوك المستحق للإعجاب، إذ يقول الرب مخلِّص الجميع: "يكون فرح في السماء أمام الملائكة القدِّيسين بخاطىء واحد يتوب" (راجع لو 15: 7). وأما الابن (الأكبر) المذكور في المثل الذي أمامنا، وإن كان مقبولاً لدى أبيه، ويسلك في حياة بلا لوم لكنه يعود فيظهر غاضبًا ومتماديًا في عدم محبَّته والظهور بلا إحساس، حاسبًا أن أباه مخطئًا لإظهار مشاعر الحب الطبيعيَّة نحو ذاك الذي خلص... هذا مغاير لمشاعر الملائكة القدِّيسين، الذين يفرحون ويمجدون الله عندما يرون سكان الأرض يخلصون. فعندما خضع الابن لكي يولد من امرأة حسب الجسد في بيت لحم حملوا الأخبار المفرحة للرعاة، قائلين: "لا تخافوا، فها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب، أنه ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلِّص هو المسيح الرب" (2: 11). وإذ توجوا بالمديح والحمد لذاك الذي ولد، قالوا: "المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبين الناس الإرادة الصالحة"]
أما التفسير الذي قبله غالبية الآباء فهو أن الابنين يشيران إلى البشريَّة من جهة علاقتها بالله، فقد انقسمت إلى فريقين: اليهود والأمم. الابن الأكبر يمثل الشعب اليهودي الذي يُحسب بكرًا في معرفة الله، إذ قبل المواعيد الإلهيَّة والناموس والنبوات قبل سائر الأمم، والابن الأصغر يمثل الأمم التي لم تكن لها علاقة صادقة مع الله بل بددوا عطايا الله (الناموس الطبيعي) كما في عيش مسرف خلال الانغماس في عبادة الأصنام والرجاسات الوثنية، لكن عادت الأمم إلى الله ليصير الآخرون أولين، بينما تأخر اليهود خلال حسدهم للأمم ووقفوا خارج بيت الإيمان جاحدين الله وناقدين محبَّته للأمم.
يرى القدِّيس كيرلس الكبير أن الابن الأكبر لا ينطبق على اليهود، لأن اليهود لم يسلكوا حياة مستقيمة، بل كثيرًا ما انحرفوا إلى العبادة الوثنية وانغمسوا في رجاساتها، وقد جاء في إرميا: "ماذا وجد فيّ آباؤكم من جور حتى ابتعدوا عني، وساروا وراء الباطل، وصاروا باطلاً؟!" (أر 2: 5)، وفي إشعياء: "هذا الشعب قد اقترب إليّ بفمه، وأكرمني بشفتيه، وأما قلبه فأبعده عني، باطلاً يخافونني، وصيَّة الناس مُعلمة" (إش 29: 13). لهذا يرى القدِّيس كيرلس الكبير أن الابن الأكبر ينطبق بالأكثر على جماعة الفرِّيسيِّين الذين يفتخرون أنهم يسلكون بالبرّ حسب الناموس، لكنهم في كبرياء يرفضون حب المخلِّص للخطاة والعشارين، عوض الفرح والبهجة بخلاصهم.
ثالثًا: كان الابن الأصغر متجاسرًا، إذ طلب نصيبه من الميراث ووالده لا يزال حيًا، أراد أن يتمتع بنصيبه بخروجه خارج بيت أبيه، حاسبًا الارتباط ببيت أبيه هو مذلة وعبوديَّة وقيد، يجب التحرَّر منه، ليعيش حسب إرادته الذاتيَّة وهواه، فإذا به ينفق ماله في عيش مسرف.
يا للعجب فإن الإنسان الذي وهبه الله، أبوه السماوي، عطيَّة الإرادة الحرة، كأعظم هبة يستخدمها ضد الله نفسه، فيحسب هذه الحريَّة لن تتحقَّق إلا بالعصيان والخروج عن دائرة طاعة الله ومحبَّته والتمثل بإرادته!
النصيب الذي بدده الأممي في عيش مسرف هو الناموس الطبيعي الذي أساء استخدامه، إذ يقول الرسول بولس عن الأمم: "لأنهم لما عرفوا الله لم يمجدوه أو يشكروه كإله، بل حمقوا في أفكارهم، وأظلم قلبهم الغبي، وبينما هم يزعمون أنهم حكماء صاروا جهلاء" (رو 1: 21-22). أما اليهودي فنال نصيبًا أعظم ليبدده، إذ لم يسئ استخدام الناموس الطبيعي فحسب، وإنما أيضًا الناموس الموسوي، فعوض أن يقوده للتوبة والاشتياق نحو المخلِّص للتمتع بالخلاص الأبدي سقط في الكبرياء وحسب نفسه أفضل من غيره فلم يدخل الملكوت ولا ترك الآخرين يدخلون. وأما المسيحي الساقط في البر الذاتي فهو أبشع من الاثنين لأنه إذ يتمتع ببركات جديدة وعطايا إلهيَّة فائقة يستغلها للشر. وكما يقول القدِّيس أمبروسيوس: [قد بددنا ميراث كرامتنا الروحيَّة التي نلناها في الملذّات الأرضية.] على أي الأحوال، يفتح ربَّنا يسوع خلال هذا المثل أبواب الرجاء للجميع، فإن كنا قد بددنا العطايا الطبيعيَّة أو أخطأنا في حق الوصيَّة أو النعمة المجانية، لا يزال الله ينتظرنا فاتحًا ذراعيه ليتقبلنا كأولاد له نعود إلى بيت أبينا.
في شيء من التوضيح نقول إن كان الإنسان قبل الناموس تمتع أيضًا ببعض الدوافع والغرائز الطبيعيَّة كالحب والخوف والغضب والأبوة أو الأمومة، إنما لتعمل لبنيان الإنسان في الرب، فيكون قادرًا على محبَّة الله والخوف من الشر والغضب ضد الإثم وممارسة الوالديَّة لبنيان أبنائنا روحياُ واجتماعيًا ونفسانيًا. فإذ ينحرف الإنسان، عوض حب الله يحب ملذّاته الجسديَّة، ويتحول الحب إلى شهوة جسديَّة. حتى في محبَّته للغير يتقوقع حول "الأنا"، فيطلب ما لجسده أو لذاته تحت ستار الحب، كما فعلت امرأة فوطيفار التي ظنت أنها أحبت يوسف جدّا. فأسلمته للسجن حين رفض تقديم الملذّات لجسدها. وأيضًا ما فعله أمنون بأخته التي مرض جدّا بسبب حبه لها، وإذ سقط معها، أذلها وطردها، إذ أبغضها للغاية. وما نقول عن الحب ينطبق على كل الدوافع الطبيعيَّة، كأن يتحول خوفنا من الشر إلى خوف من الناس وجبن من أحداث المستقبل وقلق وارتباك الخ.
ونحن إذ قبلنا الإيمان وصارت لنا عطايا إلهيَّة فائقة، صارت إمكانياتنا أعظم. لكن أن أهملناها يكون السقوط أبشع! لذا فسقوط المؤمن في الخطيَّة غالبًا ما يكون أكثر خطرًا من سقوط غير المؤمن، لأنه يسيء استخدام العطايا التي للبنيان، محولاً إيَّاها للهدم.
نعود إلى هذا الابن لنراه هاربًا من بيت أبيه، حاسبًا في هذا تمتعًا بالحريَّة، وكما يقول القدِّيس أمبروسيوس: [من يبتعد عن الكنيسة يبدد ميراثه.]
ويقول الشهيد كبريانوس: [من يبقى خارج الكنيسة فهو خارج معسكر المسيح.] [من ليس له الكنيسة أمًا، لا يقدر أن يكون الله أباه!]
رابعًا: يقول: "وسافر إلى كورة بعيدة" [13]. ما هي هذه الكورة البعيدة التي يمكن للإنسان أن يهرب إليها إلا "الأنا"؟ فينطلق الإنسان في كمال حريته بغباوة من الحياة السماويَّة، التي هي "الحب"، إلى الأنانية حيث يتقوقع حول ذاته، فيصير كمن هو في كورة بعيدة، لا عن الله فحسب، بل وعن الناس، وعن محبَّته لخلاص نفسه. خلال "الأنا" يفقد الإنسان التصاقه الداخلي بالكل، حتى وإن ظهر في أعين الآخرين اجتماعيًا ولطيفًا وسخيًا في العطاء! "الأنا" هي انغلاق داخلي محكم، يحبس فيه الإنسان نفسه وحيويته، ليفقد إنسانيته، ويعيش في عزلة داخليَّة حتى عن أولاده وأهل بيته!
يقول القدِّيس يوحنا الذهبي الفم: [لم يسافر الابن الأصغر إلى كورة بعيدًا، فيرحل عن الله مكانيًا، لأن الله حاضر في كل موضع، وإنما يرحل عنه بقلبه؛ إذ يهرب الخاطئ من الله ليبتعد عنه بعيدًا.] يقول القدِّيس أغسطينوس بأن هذا الرحيل هو اتكال الإنسان على ذاته وقوَّته الخاصة فيفقد عمل الله فيه، وعلى العكس الاقتراب من الله يعني الاتكال عليه، ليعمل فينا، فنصير على مثاله.
يُعلِّق القدِّيس أمبروسيوس على السفر إلى كورة بعيدة، قائلاً: [الابتعاد الأعظم هو أن ينفصل الإنسان لا خلال المسافات المكانية وإنما خلال العادات، فلا يذهب إلى بلاد مختلفة بل يحمل اتجاهات مختلفة... من ينفصل عن المسيح يتغرب عن الوطن، ويصير وطنه هذا العالم، أما نحن فلسنا بعد غرباء ونزلاء بل رعيَّة مع القدِّيسين وأهل بيت الله (أف 2: 19)، لأنه "أنتم الذين كنتم قبلاً بعيدين صرتم قريبين بدم المسيح" (أف 2: 13). ليتنا لا نكن قساة على القادمين من كورة بعيدة، لأننا نحن أيضًا كنا بعيدين في كورة بعيدة... هي ظلال الموت... وقد صرنا أحياء في ظل المسيح، لذا تقول الكنيسة: "تحت ظله اشتهيت أن أجلس" (نش 2: 3).]
خامسًا: حدوث مجاعة "فلما أنفق كل شيء، حدث جوع شديد في تلك الكورة، فابتدأ يحتاج" [14]. إذ تهرب النفس من الله مصدر الشبع وكنز الحكمة تجد نفسها قد دخلت إلى حالة فراغ داخلي، فتكون كمن في "مجاعة".
خُلقت النفس البشريَّة على صورة الله ومثاله، لن تشبع إلا به بكونه الأصل. العالم كله بإغراءاته، والجسد بشهواته، والحياة الزمنيَّة بكل أحداثها، لن تملأ فراغ النفس التي تتطلب ذاك اللانهائي لكي يملأها.
يقول القدِّيس أمبروسيوس: [المجاعة التي اجتاحت تلك الكورة لم تكن مجاعة طعام، بل مجاعة للأعمال الصالحة والفضائل. هل يوجد أمر يحتاج إلى رثاء أكثر من هذا؟! فإن من يبتعد عن كلمة الله يصير جائعًا، لأنه "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، بل بكل كلمة تخرج من فم الله" (لو 4: 4). بالابتعاد عن الينبوع نعطش، وبالابتعاد عن الكنز نفتقر، وبالابتعاد عن الحكمة نصير جهلاء، وبالابتعاد عن الفضيلة نموت. إذن كان طبيعيًا (لهذا الابن) أن يحتاج، لأنه ترك الله الذي فيه كنوز الحكمة والعلم (كو 2: 3)، وترك أعماق الخيرات السمائية، فشعر بالجوع إذ لا يوجد ما يُشبع الإنسان الضال. الإنسان يصير في جوعٍ دائمٍ عندما لا يدرك أن الطعام الأبدي هو مصدر الشبع.]
سادسًا: رعايته للخنازير "فمضى والتصق بواحد من أهل تلك الكورةk فأرسله إلى حقوله، ليرعى خنازير، وكان يشتهي أن يملأ بطنه من الخرنوب الذي كانت الخنازير تأكله، فلم يُعطه أحد" [15-16].
يقول القدِّيس أمبروسيوس:
[يبدو أن هذا الرجل يشير إلى رئيس هذا العالم، وقد أرسل (هذا الابن) إلى حقوله، التي بها يعتذر الشاري عن وليمة الملكوت (لو 14: 18)، وفيها يرعى الخنازير التي طلبت الشياطين أن تدخل فيها فاندفعت إلى جرف هذا العالم (مت 8: 32). هذه الخنازير تعيش على النفايات والنتانة.
كان يشتهي أن يملأ بطنه من الخرنوب الذي كانت الخنازير تأكله، فلم يعطه أحد. الخاطئ لا همّ له سوى أن يملأ بطنه، إذ قيل "آلهتهم بطنهم" (في 3: 19). الطعام المناسب لهم هو الخرنوب الفارغ في الداخل ولين في الخارج، الذي يملأ البطن بلا فائدة غذائية، وزنه أكثر من نفعه.
يرى البعض في الخرنوب إشارة للأجناد الشرِّيرة، أو ضعف الفضيلة البشريَّة، كمن لهم رونق في العظات دون فائدة، تجتذبهم الفلسفة الباطلة. لهم المظهر الخارجي البراّق دون نفع. هذه الزينة الخارجيَّة لا يُكتب لها الدوام...
"لم يعطه أحد"، إذ لا يمكن لأحد غير الله أن يهب الحياة.]
يقدَّم لنا القدِّيس أغسطينوس ذات التفسير، إذ يرى هذا الإنسان هو "رئيس الهواء" الذي يدخل بالنفس المبتعدة عن الله إلى حقوله، أي يجعله تحت سلطانه، يخدم الأرواح الدنسة (الخنازير)، إذ يعمل لحساب الخطايا المتنوعة. أما الطعام الذي يقدَّمه فهو الخرنوب، أي التعاليم البشريَّة الجوفاء التي تبهج الشياطين وتملأ ذهن الخطاة لكنها لا تشبع النفس، فيعيش الخاطئ في حياة بلا سعادة، ويشعر كأنه لا يجد من يعطه شيئاُ مشبعًا!
سابعًا: رجوعه إلى نفسه، "فرجع إلى نفسه، وقال: كم من أجير لأبي يفضل عنه الخبز وأنا أهلك جوعًا؟! أقوم وأذهب إلى أبي..." [17-18.]
هذا هو بداية طريق التوبة: "رجع إلى نفسه"، ماذا يعني هذا؟ قلنا أن الابن الضال حين ترك أباه وسافر إلى كورة بعيدة، إنما ترك طريق الحب وتقوقع حول "الأنا" أو "الذات البشريَّة " ليعيش في أنانيته مؤلهًا ذاته، متمركزًا حول كرامته أو شبعه الجسدي أو ملذّاته. بهذا يكون بالحق قد انطلق حتى من "نفسه". فإنه إذ يتقوقع حول "الذات" إنما يحطم نفسه ويهلك حياته.
بمعنى آخر ليتنا نميز بين "الذات ego" وحب الإنسان لنفسه بمعنى حبه لخلاصها، هذا ما أكده السيِّد المسيح حين أعلن من يهلك نفسه يخلصها، بمعنى من يحطم "الأنا" فيه إنما يعيش في طريق الحب لا لله والناس والملائكة فحسب، وإنما يحب نفسه أيضًا خارج دائرة الأنانية. وهذا ما أعلنه الناموس حين طالبنا أن نحب قريبنا كأنفسنا، إذ يقول القدِّيس أغسطينوس من لا يحب نفسه، أي خلاصها الأبدي، كيف يقدر أن يحب قريبه؟!
إن كانت الخطيَّة هي تحطيم للنفس بدخول الإنسان إلى "كورة بعيدة" أي الأنا، فإن التوبة هي عودة الإنسان ورجوعه إلى نفسه ليعلن حبه لخلاصها، فيرجع بهذا إلى أبيه السماوي القادر على تجديد النفس وإشباعها الداخلي. بهذا إذ يرجع الإنسان إلى نفسه إنما يعود إلى كورة أبيه، ليمارس الحب كعطيَّة إلهيَّة، ويوجد بالحق كعضو حيّ في بيت الله يفتح قلبه لله وملائكته وكل خليقته حتى للمقاومين له.
v إن كان قد رجع إلى نفسه، فلأنه كان قد ترك نفسه، إذ سقط عن نفسه وتركها، لذلك يرجع أولاً إلى نفسه، لكي يرجع إلى حالته الأولى التي سقط منها.
v إذ سقط عن نفسه سقط عن أبيه.
إذ سقط عن نفسه انطلق إلى الأمور الخارجيَّة.
الآن يعود إلى نفسه فيعود إلى أبيه حيث تكون نفسه في آمان تام.
القدِّيس أغسطينوس
v رجع إلى نفسه بعد أن ابتعد عنها، لأن الرجوع إلى الرب هو رجوع إلى النفس. فمن يبتعد عن المسيح يقاوم نفسه.
القدِّيس أمبروسيوس
رجوع الإنسان إلى نفسه يحتاج إلى عمل إلهي ينير بصيرة الإنسان الداخليَّة ليكتشف فقره التام بل وموته، وفي نفس الوقت يدرك عمل الله الخلاصي ومحبَّته له، فيمتلئ رجاءً. فالقدِّيس بطرس رجع إلى نفسه عندما تطلع الرب إليه، فخرج سمعان بطرس خارجًا يبكي بمرارة، لكن ليس بدون رجاء، أما يهوذا فندم مدركًا شره، لكنه إذ لم ينظر إلى مخلِّص العالم مضى وشنق نفسه.
ما أحوجنا أن نجلس مع نفوسنا الداخليَّة تحت رعاية ربَّنا يسوع المسيح نفسه الذي يشرق علينا بروحه القدُّوس فيبكتنا على خطيَّة، وفي نفس الوقت يعزينا بنعمته المجانية، يهبنا تنهدات القلب مع سلامه الفائق، يدفق فينا ينبوع الدموع لتختلط مشاعر التوبة ببهجة عمله الإلهي. فنرجع إلى نفوسنا بالحق، متكئين في حضن الآب الباسط يديه بالحب ليحتضننا.
إذ رجع الابن الشارد إلى نفسه أدرك الحقيقة، أنه وهو ابن يشتهي أن يأكل الخرنوب مع الخنازير، بينما يأكل الأجراء في بيت أبيه خبزًا لا خرنوبًا! يعيش بعيدًا عن بيت أبيه في جوعٍ شديدٍ بينما يقترب الأجراء من أبيه ويشبعون!
v بعد أن عانى في كورة غريبة ما يستحقه الأشرار، فسقط تحت المصائب التي حلت به، أي الجوع والعوز، أحسّ بهلاكه، مدركًا أنه بإرادته ألقى بنفسه في أيدي الغرباء بعيدًا عن أبيه، فصار في منفى عوض بيته، وفي عوز عوض الغنى، وفي مجاعة عوض الخيرات والترف؛ هذا هو ما عناه بقوله: "وأنا أهلك جوعًا" [17].
كأنه يقول: إني لست غريبًا بل ابن لأب صالح وأخ لأخ مطيع. أنا هو الحُر النبيل قد صرت أبأس من العبيد الأجراء، سقطت من الرتبة العاليَّة السامية إلى أحط درجة!
القدِّيس يوحنا ذهبي الفم
v آه أيها الرب يسوع، ليتك ترفع عنا الخرنوب، وتهبنا البركات، لأنك أنت المسئول في بيت أبيك!
ليتك تقبلنا عبيدًا، وإن كنا قد جئنا متأخرين، لأنك تقبل الذين يأتون في الساعة الحاديَّة عشر وتدفع لهم ذات الأجرة؛ تهبهم ذات الحياة لكن ليس نفس المجد، فإكليل البرّ لا يحفظ للجميع، بل للذي يستطيع أن يقول "جاهدت الجهاد الحسن" (2 تي 4: 7)!
يرى البعض أن يؤجلوا عمادهم أو توبتهم لحين قرب الموت، لكنك كيف تعرف أنه لا تُطلب نفسك في هذه الليلة (12: 20) ؟
القدِّيس أمبروسيوس
هكذا يحثُّنا القدِّيس أمبروسيوس على الرجوع السريع إلى بيت أبينا حتى لا نُحرم نحن الأبناء من التمتع بما يناله ولو الأجراء، الذين يخدمون أبانا السماوي من أجل الأجرة. لنجر سريعًا إليه، يدفعنا في ذلك عوامل كثيرة، أولها أننا لا نعرف متى تُطلب نفوسنا فقد تكون "الآن". وثانيًا لكي نجاهد بالحق، فإن كانت عطيَّة الله لكل داخلٍ ملكوته هي "الحياة الأبديَّة"، لكن "نجمًا يمتاز عن نجم في المجد" (1 كو 15: 41)، وكما يقول رب المجد نفسه: "في بيت أبي منازل كثيرة" (يو 14: 2).
لنقم الآن وننطلق نحو بيت أبينا السماوي مجاهدين كل لحظات غربتنا، لنقول بحق: "جاهدت الجهادالحسن، أكملت السعي، حفظت الإيمان، وأخيرًا قد وُضع لي إكليل البرّ، الذي يهبه لي في ذلك اليوم الرب الديان العادل" (2 تي 4: 7-8).
ثامنًا: الدخول في خبرة الحياة المقامة، "أقوم وأذهب إلى أبي" [18].
إن كان عمل التوبة يبدأ بعودة الإنسان إلى نفسه بالروح القدس ليكتشف أنه في حالة جوعٍ، مدركًا أن "الأنا" قد أردته على الأرض منهارًا من الفراغ، مكتشفًا أنه قد سقط على الأرض تمامًا، وصار تحت حكم الموت الأبدي. لكن الروح القدس يكشف عن بصيرته، ليرى في مخلِّصه يسوع المسيح القائم من الأموات "سّر القيامة". إنه يهب الموتى "قيامة" ليعيشوا في "خبرة حياته المقامة". التوبة ليست عملاً سلبيًا خلاله يكتشف الإنسان ضعفاته بل وهلاكه التام، إنما هي عمل إيجابي فيه يقبل المؤمن مسيحه كسرّ قيامته وحياته، ليعيش كل أيام غربته مختبرًا الحياة الجديدة، منطلقًا من قوَّة إلى قوَّة، ومتمتعًا بمجد وراء مجدًا، ونعمة فوق نعمة... مشتاقًا أن يبلغ قياس قامة ملء المسيح (أف 4: 13)... التوبة هي تمتع عملي بالقيامة الدائمة.
v سبيلنا نحن أيضًا أن نتوسل إلى الله، لكي يجردنا من الإنسان العتيق ويلبسنا المسيح السماوي... لأن الرب عندما شاء أن يشبعنا بذوق ملكوته قال: بدوني لا تقدرون أن تعملوا شيئًا (يو 15: 5).
يجب على كل واحدٍ منا أن يغصب نفسه على التوسل إلى الله، لكي يُحسب أهلاً لنوال ووجود كنز الروح السماوي، لكي يقدر بلا تعب وصعوبة أن يتمم وصايا الرب كلها بطهارة وبدون عيب.
القدِّيس مقاريوس الكبير
v (الروح القدس) هو القوَّة التي تقيم الحياة، وهو الذي بواسطته قبل الإنسان التبني، وتحول فيه الموت إلى عدم الموت.
القدِّيس باسيليوس الكبير
v إن التجديد الذي نجوزه في هذه الحياة، وانتقالنا من حياة أرضية حسب الجسد إلى حياة سمائية روحيَّة، إنما يحدث فينا بفعل الروح القدس.
القدِّيس باسيليوس الكبير
تاسعًا: الاعتراف بالخطأ، "وأقول له: يا أبي أخطأت إلى السماء وقدامك، ولست مستحقًا بعد أن أدعى لك ابنا، اجعلني كأحد أجراءك" [18-19]. الروح القدس الذي يعمل فينا للتوبة يفتح قلبنا بالرجاء في الله واهب القيامة من الأموات، لكن بروح التواضع يهبنا أن نعترف بخطايانا. فالابن الضال بثقة يقول: "يا أبي"، وبتواضع يعلن أنه مخطئ وغير مستحق للبنوة طالبًا قبوله كأجير.
v إذا سلمت النفس ذاتها للرب بطل قوَّتها، يظهر الله الصالح لها هذه الأوجاع والعيوب واحدة فواحدة لكي تحيد عنها.
القدِّيس أنبا أنطونيوس الكبير
v لنتعلم كيف نتضرع إلى الآب. قال: "يا أبي"! يا لرحمة الله وعطفه! فمع أنه قد أسيء إليه لكنه لا يرفض مناداته "يا أبي".
"أخطأت إلى السماء وقدامك". وهذا هو الاعتراف الأول... قدام سيد الرحمة، أمام ديان الخطيَّة.
الله يعرف كل شيء، لكنه ينتظر الإقرار بالاعتراف، "لأن الفم يعترف به للخلاص" (رو 10: 10).
عندما يلوم الإنسان نفسه يخفف ثقل ضلاله، ويقطع عنه حدة الاتهام... إنك لا تخسر شيئًا عندما تعترف بما معروف لديه.
لتقر بخطاياك فيشفع فيك المسيح لأنه هو شفيعنا لدى الآب (1 يو 2: 21).
لتصلِ أيضًا الكنيسة لأجلك، ولتبكِ الجموع عليك، ولا ترتاب فإنك ستأخذ. الشفيع يعدك بالغفران، وصاحب الكرم بالنعمة، والدفاع يؤكد مصالحتك مع العطف الأبوي.
ثق أن هذه حقيقة واسترح، لأن الله قوَّة! يهمه أن يشفع فيك حتى لا يكون قد مات لأجلك باطلاً. والآب يهمه أن يغفر، "لأنه إن كان بالناموس برّ، فالمسيح إذاَ مات بلا سبب" (غل 2: 21).
"يا أبي أخطأت في السماء وقدامك" الخطيَّة تسيء إلى مواهب الروح السماوي، إذ كان ينبغي بالإنسان ألا ينحرف عن أحشاء هذه الأم "أورشليم" التي هي السماء.
يقول: "لست مستحقًا أن أدعى لك أبنًا"، إذ يليق بالساقط ألا يتكبر بل يرجع متضعًا.
القدِّيس أمبروسيوس
v هذه الكلمات تخص من يفكر في التوبة معترفًا بخطاياه، لكنه لم يستخدمها بعد.
أنه لا يتحدَّث الآن مع أبيه، إنما يعد بما ينطق به عندما يأتي إلى أبيه.
لنفهم "المجيء إلى الآب" يعني الإقامة في الكنيسة بالإيمان، حيث نمارس فيها الاعتراف بالخطايا بطريقة قانونية فعّالة.
القدِّيس أغسطينوس
v كان يوجه الحديث لنفسه، ولكنه لا يكفي الحديث ما لم يأتِ إلى الأب.
أين يبحث عنه؟ أين يجده؟
قم أسرع إلى الكنيسة لتجد هناك الأب، هناك الابن، هناك الروح القدس.
الأب ينصت إليك، وأنت تتحدَّث في داخلك، ويسرع لمقابلتك.
القدِّيس أمبروسيوس
عاشرًا: البدء بالعمل، "فقام وجاء إلى أبيه" [20].
إن كان الابن الشارد قد سافر إلى كورة بعيدة من أجل ما حسبه تمتعًا بالحريَّة الشخصيَّة، يبذر مال أبيه كما يعلن له، فإنه أن رجع بذهنه إلى بيت أبيه أدرك أن المسافة مهما طالت بينه وبين أبيه لا تمثل عائقًا. جذبته أبوة أبيه، وسحبت ذهنه ليجد طريق العودة ليس طويلاً ولا مستحيلاً، فقام منطلقًا أيضًا بالعمل، سائرًا نحو أبيه، وكأنه يسمع صوت النبي زكريا: "هكذا قال رب الجنود: ارجعوا إليّ يقول رب الجنود، فأرجع إليكم يقول رب الجنود" (زك 1: 3).
v لنعمل أيضًا، حتى وإن كنا خارج الحدود.َ لنرتفع إلى بيت أبينا، ولا نتوانى خلال الرحلة. إن أردنا فسيكون الرجوع سريعًا وسهلاً جدًا. فقط علينا أن نترك الكورة الغريبة التي هي الخطيَّة، لنتركها حتى نرجع سريعًا إلى بيت أبينا...
قد يقول قائل: كيف أرجع؟
فقط ابتدئ بالعمل، فيتحقَّق كل شيء.
القدِّيس يوحنا الذهبي الفم
حادي عشر: لقاء مع الأب الحنون، "وإذ كان لم يزل بعيدًا رآه أبوه فتحنن، وركض، ووقع على عنقه وقبله. فقال له الابن: يا أبي أخطأت إلى السماء وقدامك ولست مستحقًا بعد أن أدعى لك ابنًا. فقال الأب لعبيده: اخرجوا الحلة الأولى..." [20-22].
يكشف هذا المثل عن أبوة الله الحانية، فإنه وإن كان لا يلزم الإنسان بالرجوع إليه، لكنه إذ يراه من بعيد منطلقًا نحوه يركض هو مسرعًا لا ليعاتبه أو يوبخه وإنما ليقع على عنقه ويقّبله. إنه ينصت لاعتراف ابنه المخطئ، لكنه لا يسمح له بالمذلة، فلا يتركه يقول: "اجعلني كأحد أجراءك"، إنما يطلب له ثوب الابن وخاتمه، مكرمًا إيَّاه في بيته!
v ينصت الآب إليك وأنت تتكلم في داخل نفسك، ويسرع لمقابلتك. عندما تكون لا تزال بعيدًا يراك ويركض.
إنه ينظر ما في داخل قلبك، ويُسرع حتى لا يؤخرك أحد، بل ويحتضنك.
"مقابلته لك" هي سبق معرفته، و"احتضانه لك" هو إعلان رحمته، وتعبير عن حبه الأبوي.
يقع على عنقك لكي يقيمك أنت الساقط تحت ثقل الخطايا، ولكي يرجعك إلى السماء إذ اتجهت إلى الأرض، فتطلب خالقك.
يقع المسيح على عنقك، لكي يخلص عنقك من نير العبوديَّة، فيحملك نيره الهين (مت 11: 30)...
يقع على عنقك بقوله: "تعالوا إليّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم، احملوا نيري عليكم" (مت 11: 28).
هكذا يحتضنك الرب عندما تتوب.
القدِّيس أمبروسيوس
v ماذا يعني: "ركض"؟ إلا أنه بسبب عائق خطايانا لا نستطيع نحن أن نبلغ إلى الله خلال فضيلتنا، لكن الله نفسه قادر أن يأتي للضعيف لذا يقع على عنقه.
يُقبل الفمّ، أي يتقبل الآب بفرح ذاك الذي يعترف (بفمه) نادمًا من قلبه.
القدِّيس يوحنا الذهبي الفم
v إذ يركض يقع على عنقه، لأن الآب لا يترك ابنه الوحيد الجنس الذي يجري دومًا نحونا نحن الذين ضللنا طويلاً. "الله كان في المسيح مصالحًا العالم لنفسه" (2 كو 5: 19).
إنه يقع على عنقه، ينحني ليحتضن بذراعه، أي بالرب يسوع المسيح.
إذ يتعزى (التائب) بكلمة نعمة الله الواهبة رجاء غفران الخطايا هذا يتّحقَّق بقبلة الحب النابعة عن الأب عند الرجوع إليه في رحلة طويلة...
لم يقل: "اجعلني كأحد أجراءك"، لأنه عندما كان في عوز إلى خبز اشتاق أن يكون ولو عبدًا أجيرًا، لكنه إذ تقّبل القبلة من أبيه بنبلٍ كفّ عن ذلك.
القدِّيس أغسطينوس
اثنا عشر: العطايا الأبويَّة، "فقال الأب لعبيده: اخرجوا الحلة الأولى وألبسوه، واجعلوا خاتمًا في يده، وحذاء في رجليه.وقدَّموا العجل المسمن واذبحوه فنأكل ونفرح. لأن ابني هذا كان ميتًا فعاش، وكان ضالاً فُوجد، فابتدؤوا يفرحون" [22-24].
يقول القدِّيس يوحنا الذهبي الفم أن الأب لا يوجه حديثه لابنه الراجع بل لعبيده، أو وكلائه، فإن كان التائب هو الذي جاء متوسلاً لكنه ينال الإجابة لا خلال كلمات موجهة إليه، وإنما خلال أعمال الرحمة التي تُقدَّم له.
يرى الأب ثيؤفلاكتيوس أن هؤلاء العبيد هم الأرواح الخادمة، أو الكهنة الذين يمارسون العماد ويقدَّمون كلمة التعليم لكي تكتسي النفس بالمسيح نفسه.
v يأتيك بالحلة والخاتم والحذاء.
الحلة هي ثوب الحكمة التي بها غطى الرسل عري أجسادهم، وبها يكتسي كل إنسان.
أخذوا الحلة لكي يستروا ضعفات أجسادهم بقوَّة الحكمة الروحيَّة، وقد قيل عن الحكمة: "غسل بالخمر لباسه" (تك 49: 11). الحلة هي الكساء الروحي وثوب العرس.
الخاتم ليس إلا صك الإيمان الصادق وختم الحق.
الحذاء يشير إلى الكرازة بالإنجيل.
القدِّيس أمبروسيوس
v الحلة الأولى هي الكرامة التي فقدها آدم، وأما العبيد الذين قدَّموها فهم الكارزون بالمصالحة...
الخاتم الذي في اليد هو عربون الروح القدس بسبب شركة النعمة، إذ يُشار إلى الروح حسنًا بالإصبع...
الحذاء في القدَّمين هما الاستعداد للبشارة بالإنجيل كي لا نمس الأرضيات.
القدِّيس أغسطينوس
v هذا هو عمل الحب الأبوي المترفق وصلاحه، أنه ليس قط يقيم الإنسان من الأموات، بل ويعيد إليه نعمته العظيمة خلال الروح؛ وبدل الفساد يلبسه ثوبًا غير فاسد، وبدل الجوع يذبح العجل المسمن، وعوض المسافة الطويلة التي قطعها في رحلته، فإن الآب المنتظر رجوعه إليه يقدَّم حذاء لرجليه. وما هو أعجب من هذا أنه يعطيه خاتم الخطبة الإلهي في إصبعه، وفي هذا كله يجعله في صورة مجد المسيح.
القدِّيس البابا أثناسيوس
هذه الأمور الثلاثة (الثوب والخاتم والحذاء) قدَّمها السيِّد المسيح للبشريَّة الخاطئة، ليقيم منها أبناء الله الحيّ، الذين يرتدون ثوب العرس اللائق بالوليمة السماويَّة، ويحملون خاتم البنوة، ويسترون أرجلهم ويحفظونها من أتربة هذا العالم ودنسه أثناء عبورهم خلال كلمة الكرازة.
يمكننا أيضًا أن نقول أن هذه الأمور إنما قدَّمها للبشريَّة الراجعة إليه ليقيمها عرُوسًا وملكة له بعد أن عاشت زمانها كزانية روحيًا تجري وراء عريسٍ آخر. قدَّم لها أولاً الثوب المُوشى بالذهب، كقول المرتل: "قامت الملكة عن يمينك بثوب موشى بالذهب" (مز 45). وكما يقول القدِّيس يوحنا الذهبي الفم: [لا يقصد هنا ثوبًا حقيقيًا بل الفضيلة... الثوب الموشى بالذهب ثوب به في نسيجه مواد متنوعة]. يكمل القدِّيس حديثه موضحًا أن الكنيسة تضم أصحاب مواهب متنوعة ومتمايزة، لكنها متكاملة، فتنسج ثوبًا واحدًا للعرس السماوي. أما الخاتم فهو عربون الروح، إذ يقول الرسول بولس: "ولكن الذي يثبتنا معكم في المسيح وقد مسحنا هو الله، الذي ختمنا أيضًا وأعطى عربون الروح" (2 كو 1: 21-22) هذا هو مهر العرس الذي قدَّمه العريس السماوي لعروسه الكنيسة لكي تحيا به حتى تدخل إلى كمال العرس. والحذاء يشير إلى الانطلاق للكرازة لتضم كل نفس إلى العضويَّة الكنسيَّة الروحيَّة فيكون له نصيب في العرس الأبدي.
ما هو العجل المسمن الذي قدَّم في الوليمة ليأكل الكل ويشبعوا ويفرحوا؟ يقول القدِّيس يوحنا الذهبي الفم: [إنه الرب يسوع المسيح الذي دعي هكذا مقدَّما جسده الذي بلا عيب ذبيحة، وسمي "المسمن" بسبب غناه وتكلفته، إذ قادر على خلاص العالم كله.] ويقدَّم القدِّيس أغسطينوس ذات التفسير، قائلاً: [قد ذُبح لأجل كل إنسان يؤمن بذبحه.] وجاء تعليق القدِّيس أمبروسيوس هكذا: [بالتناول من الأسرار المقدَّسة يستطيع الإنسان أن يتقوت بجسد الرب الدسم بالقوَّة الروحيَّة... هو الذبيحة الكهنوتيَّة التي قدَّمت عن الخطايا.]
إن كان الابن قد أسلم جسده ذبيحة من أجل خلاص البشريَّة، والآب قد فرح وتهلل من أجل هذا العمل المفرح، وطالب السمائيين أن يتقدَّموا لينظروا ويفرحوا بالإنسان القائم إلى الحياة السماويَّة بعد موته، إلا أن الابن الأكبر الذي يشير إلى المتكبرين من اليهود قد وقف خارجًا لا يريد أن يدخل ويفرح مع الكل، إذ يقول السيِّد المسيح:
"وكان ابنه الأكبر في الحقل،
فلما جاء وقرب من البيت سمع صوت آلات طربٍ ورقصًا.
فدعا واحدًا من الغلمان وسأله ما عسى أن يكون هذا.
فقال له: أخوك جاء، فذبح أبوك العجل المسمن، لأنه قبله سالمًا.
فغضب، ولم يرد أن يدخل، فخرج أبوه يطلب إليه.
فأجاب وقال لأبيه: هاأنا أخدمك سنين هذا عددها،
وقط لم أتجاوز وصيتك،
وجديًا لم تعطني قط، لأفرح مع أصدقائي.
ولكن لما جاء ابنك هذا الذي أكل معيشتك مع الزواني
ذبحت له العجل المسمن.
فقال له: يا بني أنت معي في كل حين،
وكل ما لي فهو لك.
ولكن كان ينبغي أن نفرح ونسر،
لأن أخاك هذا كان ميتًا فعاش، وكان ضالاً فُوجد" [25- 32].
يُعلِّق القدِّيس أمبروسيوس على تصرف هذا الابن الأكبر، قائلاً:
[دين الابن الأكبر، لأنه جاء من الحقل. هنا الحقل يشير إلى الاهتمام بأعمال الأرض والجهل بأعمال روح الله (1 كو 2: 11).
اشتكى لأنه لم يُعط جديًا ليذبحه، مع أن حمل الله قد ذُبح لغفران الخطايا، لا لذة الجسد.
يطلب الحاسد جديًا ليذبحه، بينما يشتهي البار أن يُذبح من أجل حمل الله!
بسبب الحسد أصيب الأكبر بشيخوخة (روحيَّة) مبكرة، وقد ظل خارجًا بسبب عدم محبَّته. الغيرة (الشرِّيرة) التي فاض بها قلبه طردته خارجًا!
إنه أحد الذين لا يبصرون الخشبة التي في أعينهم، بينما ينتقدون القذى التي في الآخرين.
إنه يغضب، لأن الغير ينال غفرانًا ونعمة!
يا لعدم احتمال جنود الشر الروحيَّة، إذ لا تطيق أن تسمع ترانيم الفرح وتلاوة المزامير!...
يشير الابنان إلى شعبين، الأصغر يمثل الأمم، والأكبر إسرائيل الذي يحسد الآخر من أجل تمتعه بالبركات الأبديَّة. احتج اليهود عندما دخل المسيح ليأكل عند الأمم، لذا طلبوا جديًا كتقدَّمة أثيمة مكروهة.
يطلب اليهودي الجدي (باراباس)، والمسيحي يطلب حملاً (المسيح)، لذلك أطلق لليهود بارباس وقدَّم لنا المسيح ذبيحة. حل بهم منذ ذلك الحين فساد الإثم بينما نلنا نحن غفران الخطايا...
يشير الابن الأكبر للفرِّيسي الذي برر ذاته في صلاته المملوءة غرورًا، هذا الذي حسب نفسه أنه لم يكسر وصيَّة الله مطلقًا، بممارسته لحرف الناموس (18: 11). بقسوة اتهم أخاه أنه بدد ميراث أبيه مع الزواني، مع أنه كان يجب أن يحترس في كلماته لأن الرب يسوع جاء لأجل العشارين والزواني.
لم يُطرد الابن الأكبر، إنما وقف على الباب ولم يرد أن يدخل، إذ لم يقبل إرادة الله التي دعت الأمم للإيمان، بهذا صار الابن عبدًا، "لأن العبد لا يعرف إرادة سيِّده" (يو 10: 14)، وعندما عرفها غار وصار معذبًا من أجل سعادة الكنيسة، وبقي هو خارجًا. مع هذا أراد الأب المحب أن يخلصه، إذ قال له: "أنت معي في كل حين"... يا حبذا لو أبطلت حسدك، "كل ما هو لي فهو لك"، فإذ لك أسرار العهد القديم كيهودي، وتنال أسرار العهد الجديد أن اعتمدت أيضًا.]
v الآن إذ كان أخوه الأكبر في الحقل وقد جاء إلى البيت سمع صوت موسيقى ورقصًا، فدعى أحد العبيد وسأله ما عسى أن يكون هذا. الابن الأكبر يُفهم بكونه الشعب اليهودي الذي كان في الحقل يخدم الله لأجل التمتع بممتلكات أرضية. ففي العهد القديم على وجه الخصوص كانت السعادة الأرضية وعدًا لمن يعبد الله.
جاء إلى البيت وسمع موسيقى. الصوت المتناغم معًا يُسمى موسيقى، لأنه حينما يتفق كل الذين يخدمون الله في محبَّة يتممون قول الرسول: "أطلب إليكم أن تقولوا جميعكم قولاً واحدًا" (1 كو 1: 10) حينما يصير المسيحيون هكذا يبعثون موسيقى، أي صوتًا متناغمًا يسرّ الله، ويتحقَّق فيهم المكتوب: "كان لهم قلب واحد ونفس واحدة" (راجع أع 4: 32).
لقد سأل أحد العبيد، أي قرأ أحد الأنبياء... إشعياء أو إرميا أو دانيال، إذ كرز الكل بمجيء المسيح وبالفرح من أجل مصالحة الأمم.
قال له العبد: "أخوك جاء فذبح أبوك العجل المسمن" [27]، فغضب ولم يرد أن يدخل [28]. غضبه يعني مقاومة الشعب اليهودي لخلاص الأمم. حقًا فإنهم إلى هذا اليوم في غيرة من الكنيسة يقاومونها.
الحقيقة التاليَّة هي أن الأب "خرج يطلب إليه" [28] ربَّما تعني أنه في نهاية العالم سيقبل كل اليهود الإيمان خلال رحمة الله، كقول الرسول بولس: "إلى أن يخلص ملئ الأمم وهكذا سيخلص جميع إسرائيل" (رو 11: 25-26)...
بقوله: "قط لم أتجاوز وصيتك" [29] عني أن اليهود بدوا كمن عبدوا الله الواحد، وعندما اشتكى: "وجديًا لم تعطني قط" تُفهم عن المسيح. فإن المسيح وهو حمل الله دين كجدي بواسطة اليهود، أي دين كخاطئ. لهذا فالمسيح بالنسبة لنا هو حمل، وبالنسبة لهم هو جدي. الذين اعتقدوا أنه خاطئ وليس بارًا لم يستحقوا التمتع بوليمة جدي مذبوح أو حمل كذبيحة.
عندما قال الأب: "أنت معي في كل حين وكل ما لي فهو لك" [31] يعني بذلك عبادة الله الواحد وكتابات العهد القديم والأنبياء الأمور التي بالتأكيد تخص الله وقد بقيت مع اليهود على الدوام.
الأب قيصريوس أسقف آرل
تفسير العهد الجديد / القمص تادرس يعقوب ملطى
 
موضوع مغلق


الانتقال السريع


الساعة الآن 02:20 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025