08 - 06 - 2013, 11:04 AM | رقم المشاركة : ( 3431 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أخطأت سامحني أو أخطيت سامحنى عبارة يرددها الكثيرون وربما لكثرة ترديدها اصبحت بلا معني وربما قالها البعض بسخرية او لمجرد فض نقاش احتدم والقليل منا من يقولها ولدية شعور عميق انة فعلا اخطأ ويرغب في طي هذه الصفحة من ماضية واراحة ضميره .. والتعلم من اخطاءه فبداية المغفرة هو الشعور بالخطأ والتوبة عنه والاعتراف به اضغط على الشريط لمشاهدة الصورة بحجمها الطبيعي 521x341px, 59KB والتناول بعد ذلك من جسد الرب ودمه الذي يعطي لمغفرة الخطايا وحياة ابدية لكل من يتناول منه واليك مواقف من كلمة اخطأت سامحني اشخاص رفضوا قولها اضغط على الشريط لمشاهدة الصورة بحجمها الطبيعي 676x591px, 34KB مثل ادم وحواء فرغم محاولات الله المستمرة لدفعهم للاعتراف بخطأهم .. الا انهم رفضوا قولها .. واخذ كل منهم يلقي باللوم علي الاخر فادم القي باللوم علي حواء التي اعطتة فاكل وعلي اللة نفسة الذي اعطاة حواء نفسها وحواء بدورها القت اللوم علي الحية .. ورغم طول اناة الله علي كلاهما الا انهم رفضوا قولها واستحقوا الطرد من الجنة ويحكي لنا الكتاب المقدس قصص كثيرون رفضوا قولها وهلكوا بسبب هذا منهم مثلا جيحزي تلميذ اليشع النبي الذي اخذ الهدايا التي امتنع سيده البيشع عن اخذها وعندما رجع سأله اليشع قائلا من اين اتيت يا جيحزي فقال لم يذهب عبدك الي هنا او هناك فقال لة اهو وقت لاخذ الفضة والثياب والزيتون والغنم فبرص نعمان يلصق بك وبنسلك الي الابد فخري جيحزي من امامه ابرص كالثلج اشخاص قالوها بلا توبة مثل فرعون مصر وقت خروج بني اسرائيل فقد قالها بعد كل ضربة من الضربات العشر اضغط على الشريط لمشاهدة الصورة بحجمها الطبيعي 676x507px, 71KB التي ضرب الرب بها ارض مصر علي يد موسي ولكن فور ان ترفع الضربة يتقسي قلب فرعون اكثر ويرفض خروج بني اسرائيل وقيلت عنة هذة العبارة " ولكن غلظ قلب فرعون فلم يطلق الشعب " ( خروج 9 : 7 ) وبعد ضربة الجراد دعا فرعون موسي وهارون وقال " اخطأت الي الرب الهكما واليكما والان اصفحا عن خطيئتي هذة المرة وصليا الي الرب الهكما ليرفع عن هذا الموت فقط ولكنها لم تختلف عن المرات السابقة وانتهي الامر بفرعون هذا في قاع البحر هو وكل مركباته وجنوده ولعل هذا بسبب غلاظة قلبه اشخاص قالوها بلا رجاء مثل يهوذا الذي قالها يأسا وقال اخطأت اذ سلمت لكم دما بريئا ثم ذهب وشنق نفسه وفقدان الرجاء هو اسوأ ما يصل الية الانسان مع ان اللة لا يغلق باب الرجاء امام احد مهما كانت خطيئتة ولكنة للاسف الشيطان الذي يملا القلب بالكأبة والعقل بالافكار السوداء حتي يجد الانسان نفسة سجينا لاوهام ليس لها اساس من الصحة تقودة لليأس وفقدان الرجاء ولذلك يقول معلمنا بولس الرسول " فرحين في الرجاء صابرين في الضيق مواظبين علي الصلاة " ( رومية 12 : 12 ) اشخاص قالوها بعد فوات الاوان ومثل هؤلاء كثيرون منهم من سيقولها امام عرش الدينونة ولكنها ستكون بلا فائدة فبعد خروج الروح من الجسد يغلق تماما باب التوبة وياتي وقت الدينونة العادلة ولذلك تذكرنا صلوات الاجبية في كل ساعاتها بضرورة التوبة قبل فوات الاوان ولما سأل احدهم الانبا مقاريوس الكبير عن كلمة منفعة قبل نياحتة نظر الي تلاميذة قائلا " ابكوا يا اولادي مادمتم في العالم قبل ان تذهبوا الي الموضع الذي بل ينفع فية البكاء" ويقصد ان يبكي الانسان علي خطاياه قبل ان يطرح الي الظلمة الخارجية وصرير الانسان حيث البكاء هناك بلا فائدة اشخاص قالوها قبل فوات الاوان مثل التائبيين كالابن الضال والسامرية واللص اليمين والمراة الخاطئة اضغط على الشريط لمشاهدة الصورة بحجمها الطبيعي 558x394px, 54KB وموسي الاسود وغيرهم الكثير ولذلك يشجعنا معلمنا قائلا " هوذا الان وقت مقبول . هوذا الان يوم خلاص " ( 2كو 6 : 2 ) |
||||
08 - 06 - 2013, 11:15 AM | رقم المشاركة : ( 3432 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ضع ثقتك فيه
|
||||
08 - 06 - 2013, 11:15 AM | رقم المشاركة : ( 3433 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ضع ثقتك فيه
|
||||
08 - 06 - 2013, 11:18 AM | رقم المشاركة : ( 3434 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الغرور وأنواعه الغرور هو شعور داخلي بالاعجاب الشديد والافتخار بالذات. وقد ينتج عنه الكبرياء والتعالي على الآخرين . فالغرور هو شعور بالافتخار بنفسك ، أما الكبرياء فهو شعور بالأفتخار على الآخرين . يولد هذا الاحساس صغيراً، ثم ينمو تدريجياً مع النجاحات المتتالية في الحياة. وهو إحساس خادع، فقد لا يشعر الأنسان أنه مصاب بالغرور والكبرياء. لا يوجد شخص لديه حصانة من هذا الداء الدفين، الذي يصيب الجميع بنسب متفاوتة. فهذا الداء له مضاعفات خطيرة، تدمر الإنسان نفسياً وروحيا. لذلك حذرنا منه الكتاب المقدس قائلاً: «قَبْلَ الْكَسْرِ الْكِبْرِيَاءُ، وَقَبْلَ السُّقُوطِ تَشَامُخُ الرُّوحِ» (امثال 16: 18). كما أنه ليس مجرد إحساس أو شعور فقط ، لكنه خطية يبغضها الرب. فهو خطية الشيطان التي جعلته يسقط ويفقد مركزه كملاك. قد لا يكون الغرور بسبب الإمكانيات المادية والنجاحات الشخصية فقط، لكنه قد يصيب المؤمن عندما يفتخر بمواهبه الروحية. لذلك اعطى الرب بولس شوكة في الجسد ليحميه من هذا المرض . «وَلِئَلاَّ أَرْتَفِعَ بِفَرْطِ الإِعْلاَنَاتِ، أُعْطِيتُ شَوْكَةً فِي الْجَسَدِ» (2 كورنثوس 12: 7). وقد يتعرض الشخص في رحلة الحياة للاصابة بهذا الداء، خاصة عندما يحقق الكثير من النجاحات في وقت قصير . هناك أنواع متعددة من الغرور والكبرياء سنتامل معاً في بعضها. أولاً: الغرور الشخصي (غرور الغنى) هذا النوع من الغرور قد ينتاب الشخص عندما يجد أنه حقق نجاحات كثيرة ، في مجالات متعددة . فقد ينجح في عمله ويصل إلى مركز مرموق ، أو يحصل على أعلى الشهادات ، أو يحصل على دخل مرتفع ، أو يمتلك الكثير من المال أو الممتلكات . وعندما ينظر إلى ما حققه وما أصبح عليه وما يمتلكه ؛ ينتابه نوع من الكبرياء والغرور . وهذا الإحساس يبدأ تدريجياً دون الشعور به ثم يتضخم . ويصبح هذا الشخص معجباً بذاته ، فخوراً بنفسه ، متعالياً على الاخرين ، لا يتحمل النقد ، ولا يستطيع أن يغفر للآخرين أو يقبل إعتذارهم . أحياناً يغيرنا النجاح ويغير قلوبنا ؛ فيجعلها ترتفع . ليحفظنا الرب من هذا الأمر ويجعل قلوبنا متضعة أمامه ، وكل ما يعطينا الرب أكثر، ننحني أمامه أكثر. ثانيا ً: الغرور في مجال الأسرة عندما ينجح الزوج في حياته ويرتفع مركزه الاجتماعي والمهني ويزداد دخله وتزداد إمكانياته ، يشعر بالغرور والتعالي تجاه زوجته ، وقد يرى أنه يستحق زوجة أفضل منها. فيبدأ يضخم عيوبها ولا يرى امتيازاتها ، وربما يتجه بعواطفه لغيرها . وهكذا الزوجة قد تفعل هذا الأمر أيضاً . وينسى الأثنان عهد الزواج المقدس الذي تعهدا به أمام الرب والناس يوم الزفاف ، بأن يكونا مخلصين بعضهما لبعض طوال العمر . ويحدث ما حذر الرب منه قديماً . «مِنْ أَجْلِ أَنَّ الرَّبَّ هُوَ الشَّاهِدُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ امْرَأَةِ شَبَابكَ الَّتِي أَنْتَ غَدَرْتَ بِهَا، وَهِيَ قَرِينَتُكَ وَامْرَأَةُ عَهْدِكَ... فَاحْذَرُوا لِرُوحِكُمْ وَلاَ يَغْدُرْ أَحَدٌ بِامْرَأَةِ شَبَابِهِ. "لأَنَّهُ يَكْرَهُ الطَّلاَق َ، قَالَ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ» (ملاخي 2 : 14 – 16). وقد يصيب الغرور والكبرياء الأبناء الذين نجحوا واندمجوا في المجتمع بصورة أفضل من والديهم ، فتتغير نظرتهم لوالديهم ويتمردون على وضع الأسرة وسلطة الوالدين . ثالثا ً: الغرور الروحي بعض الأشخاص عندما يعطيهم الرب وينجحهم لا يشعرون بالإمتنان للرب ولا يشكروه على ما أعطاهم ، بل على العكس قد ينسوا الرب إلههم ، ويتركوا عبادته . فعندما ينجح أحد الأشخاص ويمتلك الكثير، قد تجده لا يهتم بالامور الروحية ، ولا يجد وقتاً لعبادة الرب أو خدمته . وتبدأ مفاهيمه ومبادئه تتغير، وربما يقبل أفكار عصرية ومتحررة ، منتشرة ، بعيدة عن كلمة الله . وهذا ما حذر الرب شعبه منه قائلاً : «اِحْتَرِزْ مِنْ أَنْ تَنْسَى الرَّبَّ إِلهَكَ وَلاَ تَحْفَظَ وَصَايَاهُ وَأَحْكَامَهُ وَفَرَائِضَهُ الَّتِي أنا أُوصِيكَ بِهَا الْيَوْمَ. لِئَلاَّ إِذَا أَكَلْتَ وَشَبِعْتَ وَبَنَيْتَ بُيُوتًا جَيِّدَةً وَسَكَنْتَ، وَكَثُرَتْ بَقَرُكَ وَغَنَمُكَ ، وَكَثُرَتْ لَكَ الْفِضَّةُ وَالذَّهَبُ ، وَكَثُرَ كُلُّ مَا لَكَ ، يَرْتَفِعُ قَلْبُكَ وَتَنْسَى الرَّبَّ إِلهَكَ الَّذِي أَخْرَجَكَ مِنْ أرض مِصْرَ مِنْ بَيْتِ الْعُبُودِيَّةِ» (تثنية 8: 11 – 14). قد يظهر الغرور الروحي أحياناً أيضاً في الاجتماعات والكنائس . فإذ أختلف عضو مع عضو آخر، أو لم يؤخذ برأيه ، قد يترك الكنيسة ويذهب إلى أخرى أو ربما يكّون كنيسة أخرى . لذلك تكثر الإنقسامات وتكثر الاجتماعات ، ولكن بأعضاء قلائل . أخي القارئ ، عندما يعطيك الرب وتنجح في حياتك ، تعَلم أن ترجع كل الفضل للرب وتفتخر بالرب الذي صنع معك هذا. وأطلب من الرب أن يحمي قلبك من الأرتفاع . |
||||
10 - 06 - 2013, 03:17 PM | رقم المشاركة : ( 3435 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
التوبة التوبة كانت رسالة يوحنا المعمدان التي بدأ فيها خدمته معلناً فيها قدوم المسيح وإقتراب ملكوت السموات. كانت دعوة يوحنا المعمدان الى التوبة بمثابة مناداة ملحة للخطاة. فالتوبة شرط ضروري وحالة مستمرة ضرورية للخلاص. التوبة في معناها الكتابي تعني تغيير جذري في حياة الشخص اذ يتحول فيها من العيش في العطية الى العيش في المسيح. والتوبة هي نتيجة وثمر الولادة الجديدة وبالرغم من أنها تبدأ بالولادة الجديدة الا ان المؤمن يحتاج للتوبة بصورة متكررة خلال حياته. فالوقوع في الخطية شئ ممكن ولا يمكننا اجتيازه ولذلك دعينا ان نتوب بتبكيت من الروح القدس. التوبة يجب ان لا تكون بسبب الخوف من العقوبةبل يجب ان تكون التوبة نابعة من فهم خطأ الخطية والرغبة في العيش حياة القداسة بصورة صادقة حقيقية بعيداً عن الإساءة لله. الشخص ذو القلب المنسحق يحترف بخطيته بشكل تام دون اي محاولة عذر وتبرير لهذه الخطية كما يرنم داود النبي في مزمو 51 "قَلْباً نَقِيّاً اخْلُقْ فِيَّ يَا اللهُ وَرُوحاً مُسْتَقِيماً جَدِّدْ فِي دَاخِلِي.... ذَبَائِحُ اللهِ هِيَ رُوحٌ مُنْكَسِرَةٌ. الْقَلْبُ الْمُنْكَسِرُ وَالْمُنْسَحِقُ يَا اللهُ لاَ تَحْتَقِرُهُ." الله وعدنا ان يقبل توبتنا ويقدم لنا المغفرة ويعيدنا للشركة معه: " إِنِ اعْتَرَفْنَا بِخَطَايَانَا فَهُوَ أَمِينٌ وَعَادِلٌ، حَتَّى يَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَيُطَهِّرَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ." الخلاصة التوبة هي شئ ضروري في حياة المؤمن فأول ثمار الولادة الثانية هي التوبة عن الخطية. التوبة هي الإعتراف بالخطية والعمل بإصرار على الإبتعاد عنها. المؤمن يتوب عدة مرات خلال حياته. الله يعدنا بالمغفرة واعادة الشركة في حالة توبتنا الصادقة. |
||||
10 - 06 - 2013, 03:18 PM | رقم المشاركة : ( 3436 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
وقع في حب المسيح...
(حُبِّ المسيح يسكن في قلب الإنسان) كيف؟؟؟ إنسانٌ وقع في حُبِّ المسيح عندما تقع في الحب، لا يمكنك إلا أن تقدِّم نفسك وحياتك للشخص الذي تحبُّه. وعندما تقع في الحب، لن تمانع أن تعمل أي شيء في سبيل الشخص الذي تحبُّه. لا يمكنك أن تحب بدون عطاء – ليس فقط الهدايا – بل كل حياتك ووجودك للشخص الذي تحبُّه. سأشارك معك في هذا المقال، عزيزي القارئ، قصَّة رجل وقع في حُب السيد المسيح. عادةً ما نسمع عن أناس يقعون في الحب، أو يبدأون ارتباطهم بقصة حُب، إلا أنَّ حبَّهم يتوقـَّف. لكن الوقوع في حُبِّ السيد المسيح ليس له نهاية، وإذا وصلت لمرحلة توقـَّف فيها هذا الحب، فهذا بسببك أنت وليس بسببه هو. فالسيد المسيح لا ولن يتخلـَّى عن حبه لك أبدًا مهما حصل. اسمه وسمعته إن العمل الجاد والحرص في جمع الضرائب جعلتا من الإنسان "زكـّا" رئيسًا للعشّارين (جُباة الضرائب) في الإمبراطورية الرومانية. كان المجتمع اليهودي يعتبر هذه المهنة بمثابة خيانة للأمة اليهودية، لأن الإمبراطورية الرومانية كانت سلطة محتلة، كما أن جُباة الضرائب كانوا يجمعون من الشعب مبالغ أكثر من تلك المُقرَّر، فيجمعون ثروتهم على حساب باقي أبناء شعبهم. لم يكن الربح المادي فقط هو ما أزعج الشعب من زكـَّا، فقد كان أيضاً صاحب منصب مرموق وقوة ونفوذ، كما أنه كان يأخذ الرشاوى - ويُعطي نصفها للحكومة الرومانية، ويحتفظ بالنصف الباقي لنفسه. لقد أصبح زكّا ثريًا جدًا بسبب الغش وسرقة أموال الشعب، فكان الشعب ينظر إلى زكّا على أنه "رجل خاطئ" (إنجيل لوقا 19: 2، 8)، وهذا هو الصيت الذي حصل عليه. حاجته للغفران كان المسيح، الذي ارتكزت رسالته على دعوة الناس لقبول ملكوت الله وخلاص الضالين، كان مُجتازًا في مدينة أريحا. ومن المعروف بأن المسيح كان يغتنم كل فرصة ليعلـِّم الناس ويدعوهم للعودة إلى الله وقبول الخلاص والحياة الأبدية. سَمِعَ زكـّا عن تعاليم السيد المسيح ورسالته، وعن قدرته على الشفاء وإقامة الموتى وغفران الخطايا. وعندما عَلِمَ بأن المسيح كان يسير في شوارع مدينة أريحا، شعر بحاجة ماسَّة للقائه. فترك المكان الذي اعتاد أن يجلس فيه ليجبي الضرائب غير مكترثٍ للمسؤولياته أو لطاولة الجباية، وذهب مُسرعاً إلى حيث كان المسيح، لكن الجموع كانت كثيرة أمامه، وبسبب قصر قامته لم يستطع أن يرى المسيح! لكن رغبته في رؤية المسيح طغت عليه ودفعته لتسلــّق شجرة جمّيز. كانت الجموع منهمكة ومنشغلة بحضور المسيح إلى مدينتهم، فلم يكترثوا بأي شيء آخر وربما لم يلاحظوا بأن زكـّا تسلـَّق الشجرة وجلس ليراقب ما كان يحدث في الشارع. لكن السيد المسيح شعر بحاجة ومحبة قلب زكـَّا قبل أن يبصره على الشجرة! ولهذا حوَّل عينيه من الجموع لينظر إلى شجرة الجُّميز وإلى الذي جلس فوقها. فناداه المسيح باسمه وقال له: "يا زكـّا أسرع وانزل لأنه ينبغي أن أمكث اليوم في بيتك. فأسرع ونزل وقـَبـِلـَه فرحاً" (إنجيل لوقا 19: 5 و6). فرحَّب زكّا بالمسيح، حيث أنه شعر أخيراً بأنَّ شخصًا يحبه ويقبله كما هو. لكنه لم يشعر حتى هذه اللحظة بالغفران والصَّفح. يمكننا أن نتخيَّل موقف الجموع في هذه اللحظة الغريبة التي جمعت ما بين السيد المسيح الطاهر والنقي والتـَّقي مع زكـَّا العشَّار الخاطيء والخائن والسارق. ونقرأ أيضاً في إنجيل لوقا 19: 7 وصفاً لما حدث آنذاك، إذ تقول الكلمات: "فلمَّا رأى الجميع ذلك تذمَّروا قائلين إنه دخل ليبيت عند رجل خاطيء". فما الذي جمع هذين الإثنين معاً؟ استجابة زكـَّا للحب لم يسمع زكّا كلمات الإدانة تخرج من فم المسيح نحوه، لكنه سَمِعَ كلمات المحبة والقبول، فتلامست هذه الكلمات مع قلبه وشَعَرَ بمحبَّة المسيح، فوقع في حُبِّه. إن محبته الشديدة للمسيح دفعته أن يُصرِّح قائلاً: "ها أنا يا ربّ أُعطي نصف أموالي للمساكين" (إنجيل لوقا 19: 8). إنَّ المعنى الأصلي لكلمة "ربّ" في اللغات الأصلية للعهد الجديد تعني مُعلـِّم أو سيِّد. كان زكّا وكثير غيره من التلاميذ يدعون السيد المسيح مُعلـِّمًا وسيِّدًا. وهنا نرى زكّا يقطع عهداً أمام السيد المسيح بأنه سيُعطي نصف أمواله للمساكين. فمن أين تعلـَّم مبدأ العطاء؟ لقد سَمِعَ زكـّا الكثير عن السيد المسيح، كما أنه اختبره شخصياً عندما لمس عطاء محبته وقبوله غير المشروط عندما دعاه لينزل من الشجرة. وهكذا تعلـَّم العطاء من سيِّده ومُعلـِّمه الذي كانت حياته بمجملها مُكرسَّة للعطاء والمحبة للآخرين. إن نصف ممتلكات الشخص ونصف استثماراته هي نسبة كبيرة من المال، ولا يمكن أن يتبرَّع أي إنسان بملغ كهذا إلا إذا كان ما أصابه أعظم من قيمة تلك الأموال. ومن الواضح بأنَّ حب زكـَّا للسيد المسيح هو ما دفعه لعمل هذا وأكثر! فزكـّا لم يتوقف عند إعطاء نصف أمواله للفقراء، بل نجده يتابع تصريحه قائلاً: "وإن كنتُ قد وشيت بأحدٍ أردُّ أربعة أضعاف" (إنجيل لوقا 19: 8). لم تكن هذه مهمة سهلة أبدًا، فدفع أربعة أضعاف كان بمثابة عقوبة فرضها زكـَّا بنفسه على نفسه! لقد صار له قلبه الجديد غير مستعبد للمادة وكان توَّاقاً لأن يفتح دفتر حساباته وأعماله ليُصحِّح ما فيه من انتهاكات وجرائم وسرقات. إن رغبته هذه أظهرت نواياه الصادقة في التوبة والرُّجوع وطلب الغفران وليس فقط في إرجاع المسروق وتطبيق الشريعة الموسوية – التي لم تطلب من المختلس سوى الخمس فقط زيادة على ما اختلسه! فما عمق الحب الذي دفع زكـَّا لتقديم كل هذا! عندما تقع في حُبِّ المسيح، يتغيَّر قلبك بشكل كبير جدًا بحيث أنك ستسعى لجعل كل الأمور في نصابها الصحيح مع كل الذين من حولك، خصوصاً أولئك الذين أسأت أو أخطأت إليهم. كيف تجاوب السيد المسيح يا تـُرى مع محبة زكـّا له؟ "اليوم حصل خلاصٌ لهذا البيت إذ هُوَ أيضًا ابن إبراهيم" (إنجيل لوقا 19: 9). الخاتمة لا يمكنك أن تتجاوز أحداث هذه القصة دون أن تـُدرك حقيقة أنه لا يمكنك أن تحب دون أن تـُعطي. كما أنه لا يمكنك أن تقع في حُبّ المسيح وتتجاهل الأمور التي تـُشكـِّل أهمية كبيرة بالنسبة له. بينما تتأمل هذه القصة، تخيَّل معي مدينة أريحا في اليوم الذي تلا زيارة السيد المسيح لها والأعمال التي قام بها زكّا فيما بعد. ربما وضع نصف أمواله في علب أو أكياس وقام بتحميلها على ظهر جحش أو حمار ومشى بها إلى السوق، ثم نصب طاولة أو استأجر متجرًا صغيراً – لا لغرض البيع، إنما للتوزيع والعطاء لكل الفقراء. الآن تخيل ما حدث عندما جاء أحد المؤمنين ليسأله عن التغيير العجيب الذي حصل في حياته، فيجيبه زكـّا بابتسامة عريضة ويقول: "أنا أحب المسيح. وقد اخترته أن يكون معلـِّمي وسيِّد حياتي. وأنا أعلم بأنه يُحب الفقراء والمساكين، فقرّرت أن أعطي أموالي وممتلكاتي للفقراء والمساكين!" فيجيبه المؤمن قائلاً: "إن كان هذا ما فعله المسيح في حياتك يا زكّا، فأنا أريده أن يفعل نفس الشيء في حياتي ويغيِّرني". استمر في التخيل معي عزيزي. لقد حلَّ يوم آخر على مدينة أريحا بعد أن تقابل زكّا مع المسيح. وهنا، نجد زكـَّا يقرع على باب أحد المنازل، فيُفتـَح له الباب ويظهر من خلفه رجلٌ يقول بصوت عالٍ: "ماذا تريد منـِّي الآن يا زكّا؟ لقد أكملت دفع الضرائب بعد أن بعت الماشية التي كنت أرتزق منها أنا وعائلتي. فماذا تريد الآن؟" لكن زكـّا يجيبه بصوت خافت ويقول: "لم آتِ لبيتك لآخذ منك أموالاً للضرائب. لقد جئت لأعتذر منك. كنت أطلب منك أكثر من الضريبة المقرَّرة وقد تسببت بأذيتك وخسارتك. أرجوك سامحني. لقد جئت لأرجع لك المال الذي أخذته منك وأكثر منه بأضعاف. لقد قابلت المسيح وتعلـَّمت منه العطاء والمساعدة والصلاح. ولأنني أحبه أريد أن أعيش كما عاش هو وأعمل الأعمال التي عملها هو والتعاليم التي علـَّمها لنا. عندما يدخل المسيح حياتك، لن تبقَ كما كنت سابقًا. ستشعر بحبِّه لك وتتغيَّر. وهذا التغيير هو دليل على حبِّك له، ولابد أن يظهر في أعمالك وسلوكك وتصرفاتك. فحياتك ستكون عالطر العبق الذي يصدر عن الأزهار الجميلة. فالعطر لا يفوح من الزهرة طوعاً لأمرها، بل لأنه حقيقتها ودليل وجودها. إن السيد المسيح يوجِّه لك الدعوة الآن ويقول لك: "ينبغي أن أمكث اليوم في بيتك". فماذا سيكون ردُّك؟ إذا أردت أن تقبله في حياتك، صلـِّي هذه الصلاة: سيِّدي ومُعلـِّمي وربِّي يسوع المسيح، أريد أن أقع في حُبِّك كما أحبَّك زكـَّا وأكثر. أريد أن أحببك كما لو أنني لم أحبب أحدًا مِن قبل. اجعلني إنسانًا جديدًا. غيِّرني. تعال واسكن في بيتي، وفي عائلتي، وفي قلبي، من الآن وإلى أن تأتي في يوم القيامة. أمين. أشكرك أحبك كثيراً يسوع المسيح يحبكم جميعاً هو ينبوع الحياة |
||||
10 - 06 - 2013, 03:24 PM | رقم المشاركة : ( 3437 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
التوبة ربيع الإنسان وتجديده المستمر
أحياناً كثيرة لا يتوافق الإنسان مع عمل الله ويخضع للنعمة التي تحرك قلبه بالشوق لأن يتوب ويرجع لله الحي، وبالتالي لا يرضى أن يترك طريق الموت وحياة الفساد ليتجه بقلبه نحو الله بصدق، وكثيرين يهربون من التوبة الحقيقية بأشكال متعددة لتخدير الضمير لأن حب عادة معينة أو خطية خاصة، تُلازم القلب وتلتصق بها النفس، وهي تسعى إليها دائماً وتدبر وتخطط لارتكابها طِوعاً لأن قلبها فيها، وحيثما يكون القلب تنشغل أفكار الإنسان، لأن في هذا يكمن كنز الإنسان [ لأنه حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك أيضاً ] (متى 6: 21)... وعادةً الهروب من التوبة يأتي عن طريق الخدمة أو كثرة المعارف الإلهية، لأن الكثيرين يظنوا بخداع أنفسهم، أنهم حينما يعرفون المبادئ الروحية والأفكار اللاهوتية ويفهمونها جيداً، وبكونهم أصبحوا معلمين للذين في الظلمة والمبتعدين عن الله، فقد أصبحوا بذلك مسيحيين متعمقين في الحق ولهم ملكوت الله وحياتهم أصبحت مقدسة وبلا لوم أمام الله، فيزدادون معرفة فوق معرفة وسعي متواصل لكي يوصلوا الكلمة للآخرين، مع أن الكلمة ليست مغروسة فيهم ومثمرة بالروح القدس في تواضع ووداعة قلب [ لذلك اطرحوا كل نجاسة وكثرة شرّ، فاقبلوا بوداعة الكلمة المغروسة القادرة أن تُخلِّص نفوسكم ] (يعقوب 1: 21)، لذلك يصيرون إلى أردأ، حتى أن مرض الكبرياء القاتل يصيبهم ولا يبقي فيهم شيء صالح، حتى يظنوا أنهم الوحيدون الذين يفهمون الكتب ويعرفون الأصول الروحية، فيتهمون من لا يتبعون فكرهم أنهم لا يفهمون ولا يعرفون، ويرغبون دائماً في أن يصححوا للجميع فكرهم الغبي، فيتعدون على الآخرين دائماً بكل شكل ولون ويتهمونهم اتهامات صعبة معززين قدرتهم على الفهم محتقرين الآخرين في قلبهم، وبذلك يكونون وقعوا في شراك العدو وتصعُب توبتهم جداً، لأن المتكبر في منتهى الصعوبة أنه يعود لله الحي ويتوب، لأنه يرى نفسه الأفضل والفاهم والعارف ولا يحتاج لتوبة لأنه مع الله قائم في مجد عظيم، لذلك مكتوب: [ كثيرون أضلهم بطلان آرائهم، وعلى عقولهم سيطر الوهم.ويقول الرسول: [ هوذا أنت تُسمى يهودياً وتتكل على الناموس وتفتخر بالله. وتعرف مشيئته وتُميز الأمور المتخالفة مُتعلماً من الناموس. وتثق أنك قائد للعُميان ونور للذين في الظلمة. ومهذب للأغبياء ومُعلم للأطفال ولك صورة العلم والحق في الناموس. فأنت إذاً الذي تُعلِّم غيرك ألستُ تُعلِّم نفسك: الذي تكرز أن لا يُسرق أتسرق. الذي تقول أن لا يُزنى أتزني، الذي تستكره الأوثان أتسرق الهياكل. الذي تفتخر بالناموس، أبتعدي الناموس تُهين الله. لأن اسم الله يجدف عليه بسببكم بين الأمم كما هو مكتوب. فأن الختان ينفع أن عملت بالناموس، ولكن أن كنت متعدياً الناموس فقد صار ختانك غرلة. إذاً أن كان الأغرل يحفظ أحكام الناموس أفما تُحسب غرلته ختاناً. وتكون الغُرلة التي من الطبيعة وهي تُكمل الناموس تُدينك أنت الذي في الكتاب والختان تتعدى الناموس. لأن اليهودي في الظاهر ليس هو يهودياً، ولا الختان الذي في الظاهر في اللحم ختاناً. بل اليهودي في الخفاء هو اليهودي وختان القلب بالروح لا بالكتاب هو الختان الذي مدحه ليس من الناس بل من الله ] (رومية 2: 17 – 29) فيا من تظن أنك عالم في الكتاب المقدس وتعرف الحق، وتفتخر أنك مسيحي نقي حامل الإيمان في قلبك وحاميه، ونور للذين في الظلمة ومُعلِّم الأغبياء، فاهماً لكل شيء ومتعمق ومتأصل في دراسة الكلمة ولك اسم وشهره بين الناس، والكل يحترمك ويقدر عملك ومجهودك العظيم، وهذا حقيقي فيك، أفلا تدري أن الله لا يأخذ بالوجوه، ولا ينظر للمعارف بل ينظر للقلب وما فيه، لأن المسيحي ليس بالظاهر هو المسيحي، وليس بذكائه ولا قدرة عقله، بل بقلبه، بوداعته وتواضعه، بانحنائه وغسل أقدام الآخرين كخدام تحت الأقدام مستعد أن يحمل خطايا الآخرين ويقف يصلي لأجلهم أمام مسيح خلاص النفس، لا يصيح ولا يلعن بل يبارك الجميع، لا يفرق بل يجمع الكل في المحبة، لا يتهم احداً بالضلال ولا الكفر ولا الهرطقة، لا يرفض خاطي ولا يعظم عالم، ولا يستنكف أن يجلس ببساطة واتضاع عظيم مع المزدرى والغير موجود والجاهل والأُمي – غير متفضلاً عليهم بل كأعضاء المسيح – ولا يتفاخر بعلمه ومعرفته ولا حتى طائفته، لا يقاضي الآخرين ويهددهم، ولا يقف أمامهم لأنهم أقل منه علماً أو معرفة، والمسيحي الحقيقي لا يفتخر على أحد أو يتعالى على أي إنسان مهما من كان، وأن حدث هذا فلنعلم أنه ليس مسيحياً إلا بالاسم فقط... فيا إخوتي أن أعظم ضربة للإنسان هو الكبرياء والتعالي ظناً منه أن الأفضل أو الأحسن، وأن عنده وحده الحق كله، وكل الذين من حزبه يتبعون فكره، وأن كل من لا يتبعه يراه متخلفاً مرفوضاً من الله، جاهلاً لا يفهم ولا يعي شيئاً. هذه الغطرسة دائماً ما تُصيب أصحاب المعرفة التي لم تنزل لقلبهم لتتحوَّل لحياة ظاهرة في تواضع قلب، لذلك بولس الرسول الملهم من الله لكي يؤكد مسيحية الإنسان الذي نال طبعاً جديداً قال:
+ فهذا هو حال من هم في المسيح، يعيشون بالتوبة الدائمة [ إذاً لا شيء من الدينونة الآن على الذين هم في المسيح يسوع، السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح. لأن ناموس (قانون) روح الحياة في المسيح يسوع، قد أعتقني (فكني – حررني) من ناموس الخطية والموت ] (رومية 8: 1و 2) + أما كل من هم خارج شخص المسيح يجدون أنفسهم – تلقائياً – محصورين في الدينونة حتى لو كانوا يعرفون الكتاب المقدس ويفهمون كل شيء بتدقيق مُعلمين الآخرين، كالقول الشهير للبعض بدون خبرة روحية عميقة (((من يفهمني يحيا بي))):
|
||||
10 - 06 - 2013, 06:37 PM | رقم المشاركة : ( 3438 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الحياة فى المسيح والإنسان بعد أن يولد يحيا ، ولابد لنا أن نتابع بعض الوقت هذا الرجل العظيم ، وكيف عاش على الأرض أعظم حياة يمكن أن يعيشها مسيحى ، ونحن لا نستطيع أن ندرك ذلك إلا إذا تبين لنا أولا : « الحياة السرية فى المسيح » . يقول الرسول : « لأنكم قد متم وحياتكم مستترةمع المسيح فى اللّه» ( كو 3 : 3 ) .. وهو يرينا شخصاً قد مات عن العالم ، وهو فى العالم ، وعاش حياة مستترة أو سرية مع المسيح ، وقد عاش بولس أعمق حياة سرية مع المسيح ، لقد صلب العالم له ، وهو للعالم ، فلم يعد يعيش للعالم ، ولم يعد العالم يجد فيه شيئاً يتجاوب معه ، .. وقد وصفه رينان فأبدع فى الوصف وهو يقول : إن بولس ينتمى بالكلية إلى عالم آخر خلاف العالم الحاضر فماراثون بولس وأولمبياده ، ومشرق شمسه ومغربها وكل اليونان وروما والأرض المقدسة ، ليست هنا بل هناك » ... فى العلاقة التى تربطه بسيده ، وقد سار كثيرون فى إثر بولس فى ذلك ، فكلفن لم يرفع عينيه إلى جبال الألب أو عظمة سويسرا أو جنيف حوله ، إذ كان كل نهاره وليله عاكفاً على خدمته وكتابه « النظم المسيحية » الذى خلفه للأجيال ، ... وبسكال ، وقد شغلته النفس الخالدة للإنسان سار على نفس الدرب ، دون أن يشغله شئ . والقديس برنارد الذى سار يوماً بأكمله على بحيرة جنيف وهو يضع قلنسوة الرهبان على رأسه ، ثم سأل آخر الأمر ، أين هى البحيرة المشهورة التى يقولون عنها ، ... إن الحياة السرية مع المسيح استغرقت حياة بولس ، وحياة هؤلاء العظام حتى شغلتهم عن التأمل فى جمال الطبيعة الفاتنة التى تحيط بهم .. ولن نعرف بولس على الإطلاق ، قبل أن نلتفت إلى حياته السرية مع المسيح ، أو إلى النبع الدافق الصافى الرقراق الذى كان يرويه بماء الحياة !! .. ولا شبهة فى أن كل مؤمن لابد له من هذه الحياة السرية مع الفادى الكريم ، وعلى قدر عمق الشركة التى له بفاديه ، على قدر ما يمكن أن يخرج إلى العالم جباراً قوياً عملاقاً ، .. وقد أشار السيد مرات متعددة إلى هذه العلاقة ، عندما قال : « أنا هو ... الحياة ... أنا هو خبز الحياة .... أنا هو الراعى .... أنا هو الباب .... أنا هو الكرمة وانتم الأغصان » ( يو 11 : 25 ، 6 : 35 ، 10 : 11 ، 10 : 9 ، 15 : 5 ) قال أحد مشاهير البيورتان : إنه لا يظهر فى الحقيقة أمام اللّه إلا رجلان هما آدم ويسوع المسيح ، والجنس البشرى متعلق كله بأهداب الرجلين ، ... وقد رأى بولس نفسه متعلقاً بيسوع المسيح ، فالمسيح هو رأس الكنيسة ، والمؤمنون أعضاء جسده ، .. والمسيح هو الحياة ، الذى قال عنه بولس : « لأن لى الحياة هى المسيح » ( فى 1 : 21 ) .. والمؤمن فى المسيح ، والمسيح فيه ، ولطالما أردت كثيراً أن أعرف كيف يمكن أن يكون المسيح فىَّ وأنا فيه ، ورفعت عينى إلى الهواء الذى يحيط بى على الدوام والذى يدخل صدرى ، وعرفت كيف أنى داخل الهواء ، والهواء داخلى ، ... إذا جاز التشبيه بالنسبة للمسيح ... بل رأيت نفسى أشبه بالإسفنجة فى البحر يملؤها الماء من الداخل ، وهى مغمورة فى الماء فى نفس الوقت !! .. وعلى قدر ما تتشبع بالماء يمكن أن أتشبع بالمسيح فىَّ وأنا فيه !! .. ولقد كان بولس أكثر تشبعاً بالماء ، أو انتفاعاً بالهواء أو أعمق ارتباطاً بسيده ، فهو يسير معه فى مسيرة الحياة على الأرض ، وهو يحلق بأجنحة قل أن تكون لمسيحى ، وهو هناك فى أعلى قمم الحياة الروحية « يجلس فى السماويات مع المسيح » .. لقد كانت له الشركة الدائمة العميقة المتصلة ، وقبله قال إيليا : « حى هو رب الجنود الذى أنا واقف أمامه » ( 2 مل 18 : 15 ) لأن عينيه لم تتحولا قط عن اللّه ، لكن بولس عاش حياته فى مشاعر المرنم القديم : « من خلف ومن قدام حاصرتنى وجعلت على يدك . عجيبة هذه المعرفة فوقى ارتفعت لا أستطيعها . أين أذهب من روحك ومن وجهك أين أهرب . إن صعدت إلى السموات فأنت هناك . وإن فرشت فى الهاوية فها أنت . إن أخذت جناحى الصبح وسكنت فى أقاصى البحر فهناك أيضاً تهدينى يدك وتمسكنى يمينك » ( مز 139: 5 - 10 ) ومن ثم كان لبولس فى كل هذه : « حياة الإيمان فى المسيح » . . وإذا كان كل مؤمن لابد أن يكون له إيمان بالسيد ، وإذا كان إيماننا بالمسيح هو الذى يحلق بنا فى الأعالى ، فلربما كان بولس النسر الذى حلق فى سماء الإيمان إلى ارتفاع لم يبلغه مؤمن آخر ، ... وليس معنى ذلك أنه لم يكن من طينتنا أو بطبيعة تختلف عن طبيعتنا ، لقد كان إنساناً تحت الآلام مثلنا ، ... عندما دخل كورنثوس كان فى ضعف ووخوف ورعدة ، أى أنه كان يرتعد من الصعوبات والمخاوف التى تجابهه فى الخدمة ، وفى أسيا وصل إلى اليأس من الحياة نفسها : « فإننا لا نريد أن تجهلوا أيها الإخوة من جهة ضيقتنا التى أصابتنا فى أسيا أننا تثقلنا جداً فوق الطاقة حتى يأسنا من الحياة أيضاً . لكن كان لنا فى أنفسنا حكم الموت لكى لا نكون متكلين على أنفسنا بل على اللّه الذى يقيم الأموات. الذى نجانا من موت مثل هذا وينجى الذى لنا رجاء فيه أنه سينجى أيضاً فيما بعد » ( 2 كو 1 : 8 - 10 ) ... هل سمعت عن ذلك الجندى الذى قرر الأطباء أن مرضه ميئوس منه ، وأنه لابد أن يموت وإذ أدرك الجندى هذه الحقيقة قال لنفسه : إذا كان ليس من الموت بد ، فلماذا لا أقاتل لأموت فى المعركة شجاعاً باسلا بدلا من موت يأتى بطيئا معذباً مؤلماً،... وتحول الجندى كما تقول القصة إلى أسطورة فى المعركة ، فعندما يتراجع الجميع يتقدم هو ، وعندما يفشل الكل يصمد بصورة غير مألوفة عند البشر ، ... وكانت النتيجة أنه قلب ميزان المعركة وانتزع النصر من بين براثن الهزيمة،.. وتعجب القائد لأمر الجندى ، وعز عليه أن يموت مثل هذا البطل فى عذاب المرض ، فأرسله إلى كبار الأطباء الذين نجحوا فى انقاذه من الموت ، .. لكن الجندى وقد تيقن من الحياة ، عاد إلى طبيعة البشر فى الخوف من الموت ، وانتهت أسطورة البطولة الخارقة التى كانت عنده ، وأصبح واحداً من الجنود العاديين ، ... على أن بولس لم يكن مثل هذا الجندى ، بل عاش فى المعركة فى ألوانها المختلفة بين الهزيمة والنصر وبين الفشل والنجاح ، بإيمان ربما لم يتح بلوغه لغيره من المؤمنين ، وعندما اقترب من النهاية كان هو القائل : « لأننى عالم بمن آمنت » ( 2 تى 1 : 12 ) وفى معاركه العظيمة اخترق كافة الحواجز ، وفاز فى السباق ، وهو يقول : « أستطيع كل شئ فى المسيح الذى يقوينى » .. ( فى 4 : 13 ) وهذا الإيمان العظيم ، قاده إلى « حياة الصلاة فى المسيح » ... ولا يتسع الوقت أمامنا لنرى بولس مصلياً ، لكنه يقول : « بسبب هذا أحنى ركبتى لدى أبى ربنا يسوع المسيح الذى منه تسمى كل عشيرة فى السموات وعلى الأرض » ( أف 3 : 14 ، 15 ).. « صلوا بلا انقطاع » ( 1 تس 5 : 17 ) ... كان السير توماس براون رجلا من رجال الصلاة العظام على الأرض ، وقد قال فى مذكراته : « لقد صليت فى كل الأماكن الهادئة التى أتيح لى أن أوجد فيها ، فى أى بيت أو برية أو شارع ، وليس هناك شارع واحد فى المدينة التى أعيش فيها ، ومررت فيه دون أن يشهد صلاتى ، فلم أنس إلهى ومخلصى فيه ، وليست هناك قرية أو مدينة ذهبت إليها ولم أفعل كذلك ، ولم أر كنيسة أو أمر بجوارها ماشياً أو راكباً إلا ورفعت صلاة من أجلها . إنى أصلى يومياً وعلى وجه الخصوص لمرضاى الذين أعودهم ، وكل مريض يقع تحت عنايتى ، ... ومادخلت بيتاً قط لأحد هؤلاء المرضى إلا وطلبت عند مدخله السلام والرحمة لهذا البيت ، وما سمعت عظة إلا وطلبت أن تكون مباركة ، وصليت لواعظها ، وما رأيت وجوهاً جميلة إلا وشكرت اللّه الخالق لهذا الجمال ، وصليت لأجل جمال نفوسهم أيضاً لكى يغنيهم اللّه بالنعمة الداخلية التى تتجاوب مع الجمال الخارجى ، وعند النظر إلى الساقطين كنت أصلى أن يرسل اللّه إليهم نعمته ليعطوا جمال الحياة المقامة مع اللّه » .. اضرب عدد صلوات السير توماس براون فى عشرات أضعافها ، تقترب من روح بولس رجل الصلاة العظيم أمام اللّه !! كان بولس - فى الأصل كما تحدثنا عند عرض قصة غمالائيل - يختلف عن أستاذه ومعلمه فى الحياة الملتهبة ، التى تحولت كالوحش الضارى إلى اضطهاد المؤمنين ، الأمر الذى عاش طوال حياته يأسف عليه ، إلا أن هذه الغيرة تحولت ناراً متقدة لا تهدأ فى خدمة سيده وفادية . عندما تحدث أمام الملك أغريباس ظنه فستوس ، من طريقة حديثه وحركاته ، مجنوناً ، قائلا له : « أنت تهذى يا بولس . الكتب الكثيرة تحولك إلى الهديان » ( أع 36 : 24 ) .. كان فستوس عاجزاً عن أن يدرك النار العظيمة التى كانت تتقد فى أعماقه ، وأوقدها يسوع المسيح ، ولم يستطع سيف الجلاد نفسه ، إلا أن يشهد بشجاعتها الباسلة التى لا تتراجع حتى الموت !! . وأى ثبات أو صبر يفوق الوصف ونحن نسمع الرجل يقول : « بل فى كل شئ نظهر أنفسنا كخدام اللّه فى صبر كثير فى شدائد فى ضرورات فى ضيقات فى ضربات فى سجون فى اضطرابات فى أتعاب فى أسهار فى أصوام فى طهارة فى علم فى أناة فى لطف فى الروح القدس فى محبة بلا رياء فى كلام الحق فى قوة اللّه بسلاح البر لليمين ولليسار ، بمجد وهو ان بصيت ردئ وصيت حسن . كمضلين ونحن صادقون ، كمجهولين ونحن معروفون . كمائتين وها نحن نحيا . كمؤدبين ونحن غير مقتولين . كحزانى ونحن دائماً فرحون كفقراء ونحن نغنى كثيرين . كأن لا شئ لنا ونحن نملك كل شئ » ( 2 كو 6 : 4 - 10 ) . يقول توماس بوسطن فى إحدى كتاباته البليغة : « يولد الإنسان صارخاً ، ويعيش مشتكياً ، ويموت تعساً ، وهو يقول : باطل الأباطيل الكل باطل وقبض الريح .. لخلاصك انتظرت يارب»... ومع أن بولس عاش فرحاً بإلهه ، وحتى فى السجن كان يصلى ويسبح اللّه مع سيلا ، ... لكن بولس مع ذلك كان واحداً من أعظم المحزونين فى الأرض ، ... وكان حزنه عميقاً لا ينقطع ، أليس هو القائل : « أقول الصدق فى المسيح . لا أكذب وضميرى شاهد لى بالروح القدس . إن لى حزناً عظيماً ووجعاً فى قلبى لا ينقطع فإنى كنت أود لو أكون أنا نفسى محروماً من المسيح لأجل إخوتى أنسبائى حسب الجسد » ( رو 9 : 1 - 3 ) ... قال الفيلسوف بسكال : إن عظمة الإنسان تقاس فى العادة بعظمة بؤسه . وكان من المستحيل أن يرى بولس الجحيم وهو يبتلع كل يوم النفوس التى تتهاوى إليه وبينهم الكثيرون من أقرب الناس إليه وأحبهم إلى قلبه دون أن يدمى قلبه ويتقطع ، وقد أعطاه السيد حباً عجيباً للنفوس التى مات المسيح لأجلها !! ... على أنه لا يمكن أن نذكرحياة بولس فى المسيح دون أن نذكر شوكته فى الجسد ، وقد أدرك بولس أن هذه الشوكة أعطيت له ضماناً للحياة التى اختارها له اللّه فى قصده الأزلى ، ... ولا يتسع المجال للحديث عن الأفكار المختلفة ، والشروحات المتعددة عن هذه الشوكة . ومن الغريب أن الآباء ورجال العصور الوسطى صوروها كتجارب جسمية أو نفسية ، ... وكان الذهبى الفم يرى الشوكة فى هيمينايس واسكندر النحاس اللذين عذبا نفسه وأظهرا له شروراً كثيرة ، ... وكان يراها كلفن فى الصراع الداخلى المستمر فى الإنسان الباطن ، ... وموشين يصورها فى الندم على حياته الأولى، ... لكن الاتجاه الحديث يصورها كمرض من أمراض الجسد ، فمثلا لا يتفود يظنها الصرع ، ودين فرار الرمد ، وبروفسور رامسى حمى من الحميات التى كانت منتشرة فى أسيا الصغرى ولعلها الملاريا ، ... وأياً كان التصور عن هذه الشوكة ، وعجز بولس عن فهم الحكمة منها فى بداية الأمر ، إذ كان يعتقد أنها معطل له عن الخدمة ، .. وقد صلى ثلاث مرات ، أو لعلها ثلاثة فصول ، أو لعله ركز عليها ثلاث فترات معينة ، ولم يجبه اللّه بالصورة التى تمناها ، بل قواه على احتمالها .. قال أحدهم لقد صليت أن يرفع اللّه الحمل عن كاهلى ، .. ولكن اللّه أعطانى كتفاً أستطيع به أن أحمل هذا الحمل !! .. وقد ظهرت قوة اللّه فى ضعف بولس وأعانته أن ينتصر تماماً على الشوكة ، ويعيش بها مرتفعاً فوق الضعف ، وفى الوقت نفسه تخزه كلما جرب بأن يرتفع!! .. لقد ذكرنا فى مطلع الحديث أن بولس كان يؤمن بالاختيار المطلق، ونعرف الآن أن الشوكة كانت واحدة من الوسائل المتعددة التى استخدمها اللّه لتحقيق غرضه فى حياة بولس . |
||||
12 - 06 - 2013, 11:46 AM | رقم المشاركة : ( 3439 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
بركات المؤمن عند مجيء الرب
عَزُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا بِهذَا الكَلاَمِ ( 1تسالونيكي 4: 18 ) (1) فداء الأجساد: نحن نعلم كمؤمنين أن نفوسنا وأرواحنا قد خلُصت بالنعمة بالإيمان بعمل المسيح. ولكننا ننتظر مجيء الرب للاختطاف «متوقعين التبني فداء أجسادنا» ( رو 8: 23 ). ففي نعمة فائقة الوصف سنكون نحن الترابيون مثله .. يا للمشهد البديع! عندما تلبس النفوس المفدية، الأجساد الممجدة. (2) جمع الشمل: من نتائج الخطية المُروعة هي التفريق بين الأحباء عن طريق الموت الجسدي، مُسببة الكثير من الآلام والجروح النفسية. ولكن مجدًا لاسمهِ العظيم، فمجيء سيدنا، سيجمع شمل كل الأحباء، فكم نتعزى بالكلمة الواردة في 1تسالونيكي4: 17 «جميعًا»! (3) المكافآت: أمام كرسي المسيح ستمتحن النار عمل كل واحد، وستظهر آراء القلوب، وتتضح خفايا الظلام ( عب 4: 9 )، ولكن شكرًا لله لأنه مكتوب «بقيت راحة لشعب الله» (عب4: 9). وعند مجيء سيدنا سيأخذنا إلى الراحة الأبدية لنودع ظلم الحياة، وأتعاب البرية. (5) الغنى الأبدي: يا لغنى المؤمن في المسيح! فقد صرنا «ورثة الله ووارثون مع المسيح»، لذلك لا نحتاج أن نمتلك شيئًا في هذا العالم الفاني. فسيدنا وعريسنا قد زيَّن لنا شوارع المدينة السماوية بالذهب النقي. (6) المُلك مع المسيح: الآن الأرض مُسلَّمة ليد الشرير ( أي 9: 24 ). ولكن الأمر لن يستمر كذلك إلى الأبد. فسيأتي الذي له الحكم، أي الرب يسوع، ويتقلَّد مُلكه وسلطانه على كل الأرض، وسنملك نحن معه، يا للعجب! فهل نحن عمليًا عائشون كملوك مترفعين عن كل الدنايا؟ (7) السعادة المطلقة: ما أحلى المكتوب «لكي تفرحوا عند استعلان مجده مبتهجين» ( 1بط 4: 13 ) ـ هناك لن يوجد شيء يعكر صفو أفراحنا. فالرب له المجد في الوسط، والأجساد مُمجَّدة، والبيئة نقية هانئة. |
||||
12 - 06 - 2013, 11:50 AM | رقم المشاركة : ( 3440 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أساس الدعوة للتوبة أن للتوبة أساس راسخ تقوم عليه وتُبنى وبدونه تستحيل على وجه الإطلاق، لأن الله لا يدعو الإنسان ليتوب بمجرد كلام، أو نداء ودعوة للأخلاق الحميدة، أو على أساس أنه يهرب من الدينونة، أو لأجل أن يكون في المجتمع إنسان سوي لينال مدحاً من أحد، أو لأن الله سيستفيد من بره شيئاً أو حتى من توبته، لأن الإنسان لا يقدر أن يضيف أو ينتقص من الله شيئاً قط، بل أساس التوبة والدعوة قائمة على الآتي: [1] محبة الله الشديدة للإنسان
عموماً منذ بداية السقوط نرى إشفاق الله على حبيبه الإنسان الذي خسر نفسه حينما طعنها بأوجاع الموت، لأنه خرج خارج وصية المحب ولم يعد يرى نفسه أنه حبيبه الخاص، فخسر التحرك نحوه وتسرب الفساد لنفسه حتى أنه أصبح غير قادر على رؤية وجه النور، فانحصر في الظلمة وشعر ببرودة الموت تجتاح كيانه الذي بدأ يميل نحو الفناء لأن النعمة رفعت عنه بقبوله الموت، ولكن شكراً لله الذي عدل محبته لم يسمح أن صورته تضيع أو تزول من حبيبه الإنسان، فأعطاه الوعد لخلاص نفسه ونجاته لا بإنسان ولا برئيس ملائكة بل بواسطة ذاته أي هو بنفسه وبذاته يصير مخلصه الصالح وذلك ليكون خلاصه مضموناً والله بنفسه يكون هو حياته... عموماً حينما نرى كيف وصف الله محبته للإنسان، فأننا نجده أنه وضعها في رتبه أعلى وأقوى وأرفع من طبيعة الأمومة نفسها التي زرعها في صميم طبيعة المرأة: [ هل تنسى المرأة رضيعها فلا ترحم ابن بطنها ؟ حتى هؤلاء ينسين وأنا لا أنساك ] (إشعياء 49: 15) فعدل محبة الله الفائقة يؤكد على أنه يستحيل على وجه الإطلاق أن ينسى حبيبه الإنسان، ومن هذه المحبة تنطلق الدعوة، دعوة شخصية لكل خاطي ميت معجون بشهوات مختلفة يعيش في فساد تحت سلطان الموت، مثل إنسان يحيا تحت الأرض في مجاري المخلفات ذات الرائحة النتنة المحملة بكل الميكروبات والجراثيم، ومن كثرة مدة طول حياته في وسطها وبكونه لم يتعرف على ضوء النهار ولا الجو النقي، فأنه يصبح غريب عنه ويظن أن حياته بهذه الطريقة طبيعية جداً، وكل ما هو فيه هو الحياة الإنسانية في كل بقاع العالم، ولكن حينما يرى شعاع الشمس يأتي من منفذ بعيد فأنه يتعجب ويندهش ويعلم أن هناك حياة أجمل واسمى مما يحياها لأنه محروماً منها زمان هذا مقداره وهو قابع (1) في مكانه راضي بحياته، وهكذا بالمثل تأتي دعوة الله وسط عتمة ظلمة الإنسان، بمحبة فائقة، لذلك يقول في هوشع وهو يصف محبته للبشر العُصاة ويكشف عن عمق شخصيته المُحبة قائلاً:
ولو أردنا أن نستوعب معنى هذه الآية حسب قصد الله، علينا أن نركز فيما قاله الرسول: [ ونحن بعد خُطاة مات المسيح لأجلنا ] (رومية 5: 8)؛ [ الذي أحبني وأسلم نفسه (للموت) من أجلي ] (غلاطية 2: 20)المعنى واضح بالطبع، أن الله لم ينتظر أن يتغير الإنسان حسب القول المغلوط، الدارج والشهير [ لما ابقى كويس اروح لله واصلي علشان ابقى مستحق أعيش معاه ] فالله أظهر محبته لنا – أنا وأنت عزيزي القارئ – ونحن في عمق خطايانا وآثامنا، فهو يُقدم محبته لنا بإصرار ونحن جانحون إلى الارتداد عنه، وفي عمق ظلمتنا يشع علينا بشعاع نوره الخاص ليكشف لنا عن الحياة الجديدة التي ليس فيها موت بل كلها فرح في الروح القدس، يجذبنا ويشدنا إليه دائماً غير منتظر منا عمل ولا شيء قط، سوى أن نلبي الدعوة ونأتي إليه كما نحن وهو من يغسلنا ويطهرنا ويُغيرنا ويجدد نفوسنا...
فلننصت يا إخوتي لصوت الروح ولا نقسي قلبنا بل نطيع من القلب دعوتنا المقدسة والمفرحة للقلب جداً حينما نصغي ونُطيعها؛ فما المانع لديك الآن يا من تخاف أن تقترب من الله أو تخشى من أن يرفضك من أجل كثرة آثامك وتقول [[ انا لا أنفع وغير قادر، أنا ضعيف لا أستطيع شيئاً بل ولا أستحق لأني مجرم وخاطي بل فاجر فجور لا يستطيع ان يدركه أحد أو يعرف مدى فظاعته الشديدة ]]، فيا أخي الحبيب أليس لنا رئيس كهنة قادر أن يترفق بضعفتنا (عبرانيين 4: 15)، وهو يتغاضى عن كل سيئاتنا ويرأف بنا، إذ كُتب عنه [ لا يُخاصم ولا يصيح ] (متى 12: 19)، لأنه [ وديع ومتواضع القلب ] (متى 11: 24) !!! أم أنك لا تدرك أن كلما كنت تشعر أنك فاجر وفاجر جداً كلما كانت لك النعمة قوية وقوية جداً: [ حيث كثرت الخطية ازدادت النعمة جداً ] (رومية 5: 20) أفأنت فاجر فعلاً وغير مستحق غير الموت وترى أنك فاسد فساد أشد من هم في القبور، إذاً فأن لك نعمة الله بكثافة أعظم وأكبر من أي شخص آخر، ولك مسيح القيامة الذي يُقيم الميت الذي أنتن...
_______________ (1) قابع: المستخبي تحت الغطاء، والمقصود هنا المستتر تحت الظلمة ظناً منه أن هذا هو الأمان وطبيعة حياته _____________________________ |
||||