![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 34111 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() يونان وصراع الأفكار ![]() يدرك يونان النبى أن الرب هو إله السماء و البر و البحر ( ثم يأخذ سفينة ليهرب من وجه الرب؟) هذا التناقض في أفكارنا الذي يظهر في الفرق بين ما نعرفه عن الله و بين ما نعمله في معاملاتنا مع الله. يعيش يونان النبى هذا التناقض، فيما هو يعترف بايمانه ويشهد لربه شهادة نظرية ، لكنه يتمرد على الله، ويهرب من وجهه. حتى حملته هذه التناقضات على تمني الموت والاستسلام له. في وسط الصراع يري يونان النبى الريح الشديدة و يري النوء العظيم (لكن الله يري ليونان النبى الحوت العظيم).يونان النبى يري الموت و الله يري الحياة ليونان.إنه صراع بين الموت و الحياة و الله فيه يغلب .من هنا يبدأ مشهد الصلبوت.من بطن الحوت. في الصراع بين الموت و الحياة. يأتى وقت تهاجمنا الأفكار تريد أن تطرحنا إلي الهوة السحيقة.(خذوني و أطرحوني إلي البحر).حين نشعر أنه لا جدوى من انفسنا و لا رجاء في ملكوت الله حينها يتدخل الله بسرعة و بقوة ليحول الشك إلي الإيمان.كما فعل مع تلميذه توما. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 34112 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() يونان النبي وصراع أدوار
![]() صراع الأدوار يبدأ حين يتخلي الإنسان عن دوره. يدرك يونان أنه النبى و يدرك أن البحارة وثنيون.لكن الوثنيون هم الذين نصحوا النبى أن يصلى (قم أصرخ إلي إلهك) في صراعنا مع أنفسنا قد تنقلب الأدوار.و بدلاً من أن نقود العالم ننقاد به و بدلاً من أن تكون مهمتنا توصيل كلمة الله للناس-نضعف- فيتدخل الرب و يكلمنا بنفسه علي ألسنة الناس.لقد أمر الرب يونان النبى أن( يقوم) و يذهب إلي نينوي فلم يسمع و هنا يأمره ربان السفينة أن( يقوم) و يصلي – في الحقيقة هو صوت الرب يتكرر لأن الربان إستخدم نفس الأمر ( قم) .ثم يكرر الرب الأمر بنفسه ليونان النبى للمرة الثالثة بعد إنقاذه من الحوت.قم إعتدل .عد إلي دورك و مهمتك و خدمتك و رتبتك. في صراع الأدوار يتخلي يونان النبى عن دوره كمنقذ و حنان الله يحول الحوت من دوره كمهلك إلي منقذ ليونان النبى.في صراع الأدوار يصنع الشعب صليباً لموت المسيح فيصنع المسيح خلاصاً و حياة بالصليب.لا يمكنك أن تغلب الله في الصراع.فقط إعتدل و عد إلي دورك الصحيح. الله في حنانه لم يعاتب يونان النبى علي عصيانه.لأنه يدرك ما في دواخلنا من صراع .الفرصة لم تضيع و مراحم الرب تتجدد. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 34113 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() يونان النبي وإنكشاف الأسرار ![]() كان يونان النبى يري البحر و الموج و الريح لكنه لا ير أن في الأعماق أسرار,و أن حوتاً تم تجهيزه لا يتوقعه النبى.في أوقات الضعف تزيد النعمة من عملها لكي لا يهلك الإنسان ليكتشف كيف أنه مسنود علي النعمة فيتمسك بها لهذا يقول يونان النبى في صلاته في بطن الحوت (الذين يراعون اباطيل كاذبة يتركون نعمتهم.) يون 2: 8 بعد أن خرج يونان النبى من بطن الحوت ذهب إلي نينوي و نادى عليها (فابتدا يونان النبى يدخل المدينة مسيرة يوم واحد ونادى وقال بعد اربعين يوما تنقلب نينوى)يون 3 : 4 و كان يتوقع أن تهلك المدينة. حتي شعب المدينة تاب و صلي و صام لكي يموت و هو تائب و لم ينتظر أن يرجع الله عن قراره. لكن من الأسرار التي لا نعرفها أن مراحم الله لها طرق عجيبة.تأخذ شاول الطرسوسى من وسط القتلة لتضعه وسط التلاميذ الرسل.مراحم الله تجعل مناداة يونان النبى بهلاك المدينة هي الطريقة لإنقاذ المدينة.مراحم الله تستخدم أدوات لا نتوقعها لكننا نكتشفها فيما بعد حين تتضح لنا أسرار النعمة. الراقدون حول بركة بيت حسدا لم يتوقعوا شفاءاً إلا من البِركة لكن المسيح له المجد أتي للمريض بالشفاء من غير الِبركة.من شخصه من نعمته من حيث لم يتوقع أحد. صفح الرب عن أهل نينوى و إغتم يونان النبى و قال فالآن يا رب خذ نفسي مني لان موتي خير من حياتي) يون 4 : 3 و لم يكن يقصد أن موته خير علي الإطلاق.لكنه يقصد أنه يريد أن يموت فينتهي هذا الصراع الذي يعيشه.لكن الرب إستخدم نفس العبارة بطريقة عجيبة. نعم صار موت يونان النبى( نظرياً) في بطن الحوت ثم نجاته من الموت هو أعظم وجه للشبه بينه و بين المسيح. لم يدرك النبى أن موته سيكون آية ل («جيل شرير وفاسق يطلب اية ولا تعطى له اية الا اية يونان النبي. لانه كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة ايام وثلاث ليال هكذا يكون ابن الانسان في قلب الارض ثلاثة ايام وثلاث ليال) مت 12 : 40 و سيكون ترتيلة الكنيسة طوال أيام صوم نينوى (يونان في بطن الحوت كمثال المسيح في القبر ثلاثة أيام). في أسوأ أوقات االيأس لا تكف النعمة عن أن تشرق في الظلمة بنورها. و علم يونان أنه حين ضاقت به الحياة جداً كان قريباً جداً من النجاة. يونان النبى كان يري اليقطينة مظلة و يري الدودة لعنة.لكنه بعد ذلك أدرك أن اليقطينة و الدودة لم يكونا سوى درساً لمعني أعمق للخلاص.فالرب شرح له علاقة الفرح بالنجاة من الحَر بالفرح بالنجاة من الشر.و أما الدودة التي أرسلها الله فلكي ترفع أي غطاء يحجب الإنسان عن علاقة مباشرة بالسماء.و الصليب الذي كان رمزاً للعنة أصبح مدخلاً بنا إلي الخلاص فور أن عٌلق المسيح عليه. كان يونان عند اليقطينة يعيش رموز الصليب دون أن يدرى. في أوقات الضعف تنكشف أسرار كثيرة.كما إنكشف لإيليا النبي العظيم أنه يوجد سبعة آلاف ركبة لم تنحن لبعل لا يعرف واحداً منها.في أوقات الضعف أدرك يونان النبى محبة الله للعالم كله لأن العالم كله في ضعف. و أنت أيضاً للنعمة مسار و أسرار معك فكن واثقاً و افرح. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 34114 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() آية يونان النبي حِينَئِذٍ قَالَ قَوْمٌ مِنَ الْكَتَبَةِ وَالْفَرِّيسِيِّينَ، يَا مُعَلِّمُ، نُرِيدُ أَنْ نَرَى مِنْكَ آيَةً. 38 فَقَالَ لَهُمْ، جِيلٌ شِرِّيرٌ وَفَاسِقٌ يَطْلُبُ آيَةً، وَلاَ تُعْطَى لَهُ آيَةٌ إِلاَّ آيَةَ يُونَانَ النَّبِيِّ. 39 لأَنَّهُ كَمَا كَانَ يُونَانُ فِي بَطْنِ الْحُوتِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَالٍ، هَكَذَا يَكُونُ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي قَلْبِ الأَرْضِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَالٍ. 40 رِجَالُ نِينَوَى سَيَقُومُونَ فِي الدِّينِ مَعَ هَذَا الْجِيلِ وَيَدِينُونَهُ، لأَنَّهُمْ تَابُوا بِمُنَادَاةِ يُونَانَ، وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ يُونَانَ هَهُنَا. 41 مَلِكَةُ التَّيْمَنِ سَتَقُومُ فِي الدِّينِ مَعَ هَذَا الْجِيلِ وَتَدِينُهُ، لأَنَّهَا أَتَتْ مِنْ أَقَاصِي الأَرْضِ لِتَسْمَعَ حِكْمَةَ سُلَيْمَانَ، وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ سُلَيْمَانَ هَهُنَا. 42 ( 12: 38-45) ![]() طلب اليهود من المسيح معجزة، لا بدافع الثقة والمحبة، بل بهدف التجربة، لكي لا يضطروا للإيمان بألوهيته. هكذا لا يريد البشر الإيمان، بل يطلبون البراهين المنطقية والأدلة الملموسة على وجود الله.فلا يهتمون بالمسيح ولا يدركون الروح القدس. لا يستطيع أحد أن يبرهن وحدة الثالوث الأقدس بسبب قساوة قلوبهم. وحتى نحن لا نؤمن بعقولنا أولا، بل محبة المسيح ألهمتنا الإيمان الذي هو هبة من الوحي الإلهي. فالإيمان يتطلب منَّا تجاسر ثقة عقولنا، وموافقة قلوبنا، لنتغلب على الشكوك النابعة من داخلنا. فمن طبيعة الأشخاص المتكبرين أن يملوا إرادتهم على الله ثم يتخذون هذه حجة لعدم الولاء له. إن المسيح مستعد دائماً ليسمع ويستجيب الرغبات الطاهرة والصلوات البريئة، إلا أنه لا يمكن أن يحقق الشهوات الفاسدة والاميال المنحرفة، فالذين يطلبون ردياً لا يأخذون (يعقوب4: 3). أعطى الله للناس العنيدين علامة خارقة، تفوق إدراكهم البشري واختباراتهم العملية، الا وهي قيامة المصلوب العظيمة. وهي التي دعيت هنا "آية يونان النبي". كانت هذه باقية لإقناعهم، وكان مقصوداً بها أن تكون الحجة العظمى لإثبات أن المسيح هو المسيا، لأنه بها "تعين ابن الله بقوة" (رو1: 4). لقد فاقت هذه الآية سائر الآيات، كملتها وتوجتها. "إذ لم يصدقوا" الآيات السابقة صدقوا هذه (خروج4: 9)، وإن لم تكف هذه لإقناعهم فلا يكفي أي شيء لإقناعهم. فكل من لا يؤمن بهذه الحادثة التاريخية، يكون ذا إرادة سيئة. بشّر المسيح بعد قيامته تلاميذه، نظير يونان الذي بعد خروجه من بطن الحوت، دعا أهل نينوى إلى التوبة. فظهورات المسيح وكلماته بعد قيامته، كانت البيان القاطع لألوهيته. وقد أعلن يسوع قبل موته أعجوبة قيامته العظمى أمام تلاميذه وأمام الشعب، لكي يؤمنوا به عند حدوثها. رفض غالبية اليهود المسيح، مع أنه تكلَّم بسلطان إلهي. لكن كلماته الحنونة لم تدخل آذانهم، فتقسَّت قلوبهم. وهذا عكس ما عمله أهل نينوى الوثنيون، الذين قبلوا كلمة الله من يونان النبي بندامة وتابوا. أما اليهود فلم يرجعوا إلى ربهم رغم تجسُّد كلمته وحلوله بينهم. لذلك انتهى فيهم الشوق لمعرفة الحق، وظنُّوا أنهم وحدهم يعلمون شريعة موسى الحقّة، وأنهم أبرار كاملون. يذكرنا الكتاب المقدس يذكِّرنا أن ملكة التيمن أتت من أقصى الجزيرة العربية إلى سليمان الحكيم، لتسمع حكمة الله التي في الملك. لكن اليهود القريبون من المسيح، رفضوا باستهزاء حكمة الله الكاملة التي تمثَّلت أمامهم. فكيف هي حالتك؟ هل تشتاق إلى سماع كلمة المسيح؟ أتهزك عجائبه وقيامته العظيمة؟ هل تشتاق إلى حلول حكمة الله فيك، أم تجاري اليهود الذين قسوا قلوبهم وتمسكوا ببرهم الذاتي؟ هل أنت من الجيل الشرير، أم رجعت إلى ربك الحي مثل أهل نينوى، الذين عند سماعهم النداء للتوبة تابوا حقاً بدموع، وآمنوا بكلمة الله وخلصوا من غضبه المعلن ضدهم؟ يدعي البعض في أيامنا أن المسيح لم يبق ثلاثة أيام في القبر مثلما بقي يونان في بطن الحوت. واستدلوا بما جاء في إنجيل يوحنا بأن المسيح مات في ظهر يوم الجمعة، وقام فجر يوم الأحد. إنه سؤال مهم، ونجيب هؤلاء المتسائلين بالتالي: عُهد في اللغة إطلاق الكل على الجزء، فيطلق اليوم على جزئه. ومعنى اليوم عند العبرانيين هو المساء والصباح، أو الليل والنهار. فمقدار الزمان المعبر عنه هنا بثلاثة أيام وثلاث ليال، الذي كان في الحقيقة يوماً كاملا وجزء من يومين آخرين وليلتين كاملتين، وسمي في أستير بثلاثة أيام وثلاث ليال. فورد في أستير ( أستير 4: 16) " لا تأكلوا ولا تشربوا ثلاثة أيام ليلاً ونهاراً" ثم ورد في ( 5: 1 ) " وفي اليوم الثالث وقفت أستير في دار بيت الملك الداخلية" وحصل الفرج في هذا اليوم ومع ذلك فقد قيل عن هذه المدة ثلاثة أيام. وورد في (سفر صموئيل الأول 30: 2 ) " لأنه لم يأكل خبزاً ولا شرب ماء في ثلاثة أيام وثلاث ليال". والحقيقة هي أن المدة لم تكن ثلاثة أيام بل أقل من ذلك، فإنه في اليوم الثالث أكل. كذلك ورد في ( أخبار الأيام الثاني 10: 5 ) "ارجعوا إلي بعد ثلاثة أيام" ثم ورد في ( آية 12 ) فجاء الشعب إلى يربعام في اليوم الثالث، فلم تمض ثلاثة أيام صحيحة بل مضى جزء منها. ومع ذلك ففهمت الأمة مراده. كذلك ورد في ( تكوين 42: 17و18) إطلاق ثلاثة أيام على جزء صغير منها، لأن يوسف كان كلم إخوته في أواخر اليوم الأول، واعتبر يوماً كاملاً، ثم مضى يوم واحد وكلمهم في اليوم الذي بعده، فاعتبروا ذلك ثلاثة أيام. وإذ توفي إنسان قبل غروب الشمس بنصف ساعة حسب له هذا اليوم يوماً كاملاً، مع أنه يكون قد مضى النهار بتمامه ولم يبق فيه سوى نصف ساعة فقط. الصلاة أيها الآب القدوس، اغفر لنا ميلنا إلى الأرواح المضادة لروحك الأمين، وامنحنا الإيمان الصحيح بابنك، وسامحنا على قساوة قلوبنا واحفظنا في رغبة الإستماع لإنجيلك. اجعلنا نتوب توبة حقة حالما نسمع نداءك مع كل المؤمنين بقيامتك المجيدة. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 34115 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() قصة يونان النبي ![]() إن قصة يونان النبي هي قصة صراع بين الذات الإنسانية والله. ويونان النبي كان إنسانا تحت الآلام مثلنا. وكانت ذاته تتعبه. ونود في هذا المقال أن نتأمل صراع ذاته مع الله… الذي يريد أن يسير في طريق الله، ينبغي أن ينكر ذاته، يجحدها وينساها، ولا يضع أمامه سوى الله وحده. ومشكلة يونان النبي أن ذاته كانت بارزة ومهمة في طريق كرازته. وكانت تقف حائلا بينه وبين وصية الله، ولعله كثيرا ما كان يفكر في نفسه هكذا: ما موقفي كنبي، وكرامتي، وكلمتي، وفكرة الناس عني؟؟ وماذا أفعل إذا اصطدمت كرامتي بطريقة الله في العمل؟ كلفه الله بالذهاب إلي نينوى، والمناداة بهلاكها… وكانت نينوى عاصمة كبيرة فيها أكثر من 120000 نسمة. ولكنها كانت أممية وجاهلة وخاطئة جدا، وتستحق الهلاك فعلا. ولكن يونان أخذ يفكر في الموضوع: سأنادي علي المدينة بالهلاك، ثم تتوب، ويتراءف الله عليها فلا تهلك. ثم تسقط كلمتي، ويكون الله قد ضيع كرامتي علي مذبح رحمته ومغفرته. فالأفضل أن أبعد عن طريقه المضيع للكرامة!! وهكذا وجد سفينة ذاهبة إلي ترشيش، فنزل فيها وهرب. لم يكن يونان من النوع الذي يطيع تلقائيا. إنما كان يناقش أوامر الله الصادرة إليه، ويرى هل توافق شخصيته وذاته أم لا. ليس كذلك الملائكة. إنهم يطيعون بغير مناقشة، وبغير تردد. إن الله كلي الحكمة، وهم مجرد منفذين لمشيئته، وليسوا شركاء له في التدبير حتى يناقشوا أو يعترضوا… سواء كان الأمر رحمة أو قصاصا، يطيع الملائكة بلا نقاش: يأمر الله أحدهم أن يذهب ليسد أفواه الأسود منقذا دانيال، فيطيع. وبنفس الطاعة يذهب الملاك الذي يأمره الرب بقتل جميع أبكار مصر. ملائكة يأمرهم الله بإنقاذ بطرس من السجن، أو بإنقاذ بولس، أو بإنقاذ لوط، أو بافتقاد هاجر، فيطيعون. وبنفس الطاعة ينفذ أمره الملائكة الذين يبوقون بالأبواق في سفر الرؤيا فتنزل الويلات علي الأرض تحطمها تحطيما. لا يقولون عفوا يا رب، أشفق وأرحم، وأبعدنا عن هذه المهمة. وظيفتهم هي التنفيذ، وليس التدبير أو التفكير. إنهم متواضعون، لا يعتبرون أنفسهم أحن على الناس من الله خالقهم. يذكرنا هذا بقوانين الأحوال الشخصية، ومنع الطلاق إلا لعلة الزنا، وعبارات الحنو التي يدافع البعض عن زواج المطلقات، كأنهم أكثر حبا وعطفا وحنانا من المسيح الذي وضع الوصية… أما نحن فوظيفتنا هي التنفيذ وليس المناقشة. لا نريد أن نعمل مثل يونان، الذي تلقى الأمر من الله، فناقشه ثم رأى الحكمة في مخالفته… وهكذا استقل سفينة ليهرب من الرب! مسكين هذا الإنسان الذي يظن أنه يقدر علي الهروب من الله! ترى إلي أين يهرب؟! مهما هربت من الوصية ستجدها تطاردك حيثما كنت. ترن في أذنيك وتدور في عقلك، وتزعج ضميرك… إن كلمة الرب قوية وفعالة، ومثل سيف ذي حدين، وتستطيع أن تخترق القلب والعقل، وتدوي في أرجاء الإنسان. هرب يونان إلي ترشيش، ونسي أن الله موجود في ترشيش أيضا. وركب السفينة وهو يعلم أن الله هو إله البحر، كما أنه إله البر أيضا. ولم يشأ الله أن يصل يونان إلي ترشيش، وإنما أمسكه في البحر، وهيج الأمواج عليه وعلى السفينة كلها… والعجيب أن يونان كان قد نام في جوف السفينة نوما عميقا. لا أيقظه الموج، ولا صوت الأمتعة وهي تلقي في الماء، ولا صوت ضميره!! نام يونان، لم يهتم بمشيئة الله وأمره، ولم يهتم بنينوى وهلاكها أو خلاصها، ولم يهتم بأهل السفينة وما تجره عليهم خطيئته… لكنه تمركز حول ذاته، وشعر أنه حافظ على كرامته فنام نوما ثقيلا… هذا النوم الثقيل كان يحتاج إلي إجراء حاسم من الله: به ينقذ ركاب السفينة جسديا وروحيا، وينقذ مشيئته من جهة نينوى وخلاصها، وينقذ نفس هذا النبي الهارب، ويعلمه الطاعة والحكمة. مستبقيا إياه في خدمته بطول أناة عجيبة، على الرغم من كل أخطائه ومخالفته… ومن هم جنودك يا رب الذين ستستخدمهم في عمليات الإنقاذ الكبرى هذه؟ يجيب الرب عمليًا: عندي الموج، والرياح، والبحر، والحوت، والشمس، والدودة، واليقظة… إن كانت خليقتي العاقلة لم تطعني، فسابكتها بالجمادات والحيوانات. وهكذا أمر الله الرياح، فهاج البحر، وهاجت أمواجه، وصدمت السفينة حتى كادت تنقلب. وازداد هيجان البحر، لأن أمر الرب كان لابد أن ينفذ وبكل سرعة، وبكل دقة. وتصرف ركاب السفينة بحكمة وحرص شديدين… وبذلوا كل جهدهم الفني، وصلوا كل واحد إلى إلهه وألقوا قرعا ليعرفوا بسبب من كانت تلك البلية، فأصابت القرعة يونان. الوحيد الذي لم يذكر الكتاب أنه صلي كباقي البحارة، كان يونان. وحتى بعد أن نبهه أو وبخه رئيس النوتية، لم يلجأ إلي الصلاة. كأن عناده أكبر من الخطر المحيط به… حاول البحارة إنقاذ يونان بكافة الطرق فلم يستطعوا. واعترف يونان أنه خائف من الله الذي صنع البحر والبر!! إن كنت خائفا منه حقا، نفذ مشيئته. ما معني أن تخافه وتبقي مخالفا؟ ولكن كبرياء يونان كانت ما تزال تسيطر عليه. إن الإنسان إذا تعلق بذاته وكرامته، يمكن أن يضحي في سبيل ذلك بكل شيء… كان يونان يدرك الحق، ومع ذلك تمسك بالمخالفة، من أجل الكرامة التي دفعته إليها الكبرياء، فتحولت إلي عناد… قالوا له: ماذا نصنع بك ليسكن البحر عنا؟. فأجابهم: خذوني واطرحوني في البحر وهنا أقف متعجبا!! علي الرغم من كل هذه الإنذارات والضربات الإلهية، لم يرجع يونان. لم يقل أخطأت يا رب في هروبي، سأطيع وأذهب إلي نينوى… فضل أن يلقي في البحر، ولا يقول أخطأت..! لم يستعطف الله. لم يعتذر عن هروبه. لم يعد بالذهاب. لم يسكب نفسه في الصلاة أمام الله. إنما يبدو أنه فضل أن يموت بكرامته دون أن تسقط كلمته!! وهكذا القوة في البحر… أما مشيئة الله فكانت لابد أن تنقذ. هل تظن يا يونان أنك ستعاند الله وتنجح؟! هيهات، لابد أن تذهب مهما هربت، ومهما غضبت. أن الله سينفذ مشيئته سواء أطعت أم عصيت، ذهبت أم هربت… ألقي يونان في البحر، وأعد الرب حوتا عظيما فابتلع يونان. يا يونان، صعب عليك أن ترفس مناخس. إن شئت فبقدميك تصل إلي نينوى. وإن لم تنشأ فستصل بالبحر والموج والحوت. بالأمر، إن لم يكن بالقلب. وفي جوف الحوت وجد يونان خلوة روحية هادئة، ففكر في حاله. إنه في وضع لا هو حياة، ولا هو موت. وعليه أن يتفاهم مع الله، فبدأ يصلي. إنه لا يريد أن يعترف بخطيئته ويعتذر عنها، وفي نفس الوقت لا يريد أن يبقى في هذا الوضع. فاتخذ موقف العتاب، وقال: دعوت من ضيقي الرب، فاستجابني… لأنك طرحتني في العمق… طردت من أمام عينيك. من الواضح أن الله لم يضع يونان في الضيق، ولم يطرحه في العمق، ولم يطرده ولكن خطيئة يونان هي السبب. هو الذي أوقع نفسه في الضيقة، ثم شكا منها، ونسب تعبه إلي الله… ولكن النقطة البيضاء، هي أنه رجع إلي إيمانه في بطن الحوت. فآمن أن صلاته ستُستَجاب، وقال للرب: أعود أنظر هيكل قدسك. آمن أنه حتى لو كان في جوف الحوت، فلابد سيخرج منه ويري هيكل الرب. أتت هذه القضية الكبرى بمفعولها. ونجح الحوت في مهمته. والظاهر أن يونان نذر نذرا بأنه إن خرج من جوف الحوت، سيذهب نينوى لأنه قال للرب وهو في جوف الحوت أما أنا فبصوت الحمد أذبح لك، وأوفي بما نظرته 2:9. أي نذر تراه غير هذا؟! ثم إنه لما قذفه الحوت إلي البر,،وصدر إليه زمر الرب ثانية، نفذ نذره، وذهب إلي نينوى… ولكن الظاهر أنه ذهب بقدميه مضطرًا، وليس بقلبه راضيًا. ذهب من أجل الطاعة، وليس عن اقتناع. بلغ الرسالة إلي الناس. ونجحت الرسالة روحيًا… وتاب أهل نينوى وتذللوا أمام الرب، وصاموا، وصلوا. وقبل الرب توبتهم، ولم يهلك المدينة. ورأي النبي أن كلمته قد سقطت، ولم تهلك المدينة فاغتاظ. وكان غيظ يونان دليلًا على الذاتية التي لم يتخلص منها. ما كان يجوز إطلاقا إن يغتاظ النبي لخلاص أكثر من 120000 نسمة، قد رجعوا إلي الله بالتوبة وقلب منسحق، لأن الكتاب يقول: يكون هناك فرحا في السماء بخاطئ واحد يتوب. لا شك إذن أنه قد كان هناك فرحًا عظيمًا جدًا في السماء بخلاص أهل نينوى. ولكن يونان لم يشارك في هذا الفرح من أجل ذاتيته. كما أن الابن الأكبر لم يشارك في الفرح برجوع أخيه الصغير وفي الحفل الذي أقيم له لأجل ذاتيته أيضا (لوقا 15). في كل هذا لم تكن مشيئة يونان موافقة لمشيئة الله. ولم يكتف يونان بهذا، بل عاتب الله، وبرر ذاته، وظن أن الحق في جانبه. فصلى إلى الله وقال: آه يا رب، أليس هذا كلامي إذا كنت بعد في أرضي. لذلك بادرت بالهرب إلي ترشيش، لأني علمت أنك إله رؤوف ورحيم. كيف صلي، وهو في تلك الحالة القلبية الخاطئة المغتاظة؟ وكيف تكلم كما لو كان مجنيًا عليه وقال: آه يا رب؟ وكيف ظن الحق في جانبه قائلًا: أليس هذا كلامي وكيف برر هروبه قائلا: لذلك بادرت بالهرب…. لم يقل ذلك في شعور بالندم أو الانسحاق، بل شعور من له حق، وقد رضي بالتعب صابرا! عجيب هو الإنسان حينما يجامل نفسه علي حساب الحق! ويرفض الاعتراف بالخطأ مهما كانت أخطاؤه واضحة!! على أن الله استخدم في علاجه أربعة أمثلة من مخلوقاته غير العاقلة التي كلفت بمهام صعبة، وأدتها على أكمل وجه، دون نقاش: الأمواج التي لطمت السفينة حتى كادت تغرق، الحوت الذي بلع يونان، الشمس التي ضربت رأسه فذبل، الدودة التي أكلت اليقطينة… أما يونان فجلس شرقي المدينة ليري ماذا يحدث فيها. كما لو كان ينتظر أن يعود الله فيهلك الشعب كله إرضاء لكرامة يونان؟!! وأعطاه الله درسا من كل تلك الكائنات غير العاقلة التي كانت أكثر تنفيذًا لمشيئته من هذا النبي العظيم، الذي لم يتركه الرب بل هداه إلي طريقه,، بركة صلواته فلتكن مع جميعنا. إن قصة يونان النبي وتوبة أهل نينوى، إنما تقدم لنا تأملات كثيرة… لقد دخل شعب نينوى في التاريخ، ولم تكن لهم مظاهر عظمة تدعو إلي ذلك علي الإطلاق… كانوا شعبًا أمميًا لا يعرف الله. وكانوا في حالة من الجهل لا يعرفون يمينهم من شمالهم (يونان 4:11). وكانوا أيضًا خطاة تلزمهم التوبة… ولكن الذي سجل اسمهم، وخلد قصتهم في الكتاب المقدس، هو إنهم تابوا… وقال عنهم السيد المسيح إنهم سيقومون في يوم الدين ويدينون هذا الجيل، لأنهم تابوا بمناداة يونان (متى 12:41)… ومما أعطي لتوبة أهل نينوى أهمه في التاريخ, إنها كانت توبة جادة وسريعة وقوية. كما أنها شملت الشعب كله من الملك إلي عامة الناس. واستطاعت هذه التوبة أن تكسب رضا الله، بل ودفاعه عن هؤلاء التائبين… كثيرون سجل التاريخ أسماءهم بسبب أعمال عظيمة قاموا بها، أو بسبب نبوغ أو ذكاء خاص، أو ارتفاع في حياة الروح، أو قدرة على إتيان المعجزات، أو ما منحهم الله إياه من مواهب… أما نينوى فنالت شهرتها بالتوبة… وكلما نذكر نينوى، نذكر هذه التوبة، لكي ما نقتدي بها في حياتنا… هناك نوعيات من التوبة لا يستطيع التاريخ أن يتجاهلها، بخاصة إذا كانت تلك التوبة نقطة تحول في الحياة، ولا رجعة فيها. وما بعدها يختلف تمامًا عن حياة الخطية الأولي. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 34116 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() حوار عبر الزمن مع يونان النبي ![]() س : من أنت ؟ عرفنا بنفسك ؟ أنا يونان ابن أمتاي، إسرائيلي الجنسية ، ولدت في القرن الثامن قبل الميلاد، وعشت فى جت الناصرة، وأسمى معناه حمامة. عشت في عصر الملك يربعام الثاني وقد كان عصرا مزدهرا ولكنه في نفس الوقت عصرا شريرا ؟ وعاصرت عاموس النبى. س : ماذا كان عملك ؟ كانت وظيفتى، نبى لشعبى إسرائيل (مملكة الشمال ) ، بمعنى أنى أنبئ الناس برسالة الله، خاصة ما يتعلق بالأحداث المستقبلية. وقد كنت نبيا معروفا في مملكة إسرائيل الشمالية. وقد أنبت بالانتصار العسكري العظيم الذي حققه الملك يربعام الثاني ضد الآراميين (السوريين) (2 ملوك 25:14). س: ما هي الرسالة التي كلفك الله بها يا يونان ؟ تلقّيت أمرًا من الله بأن أنادي بالتوبة في نينوى عاصمة المملكة الاشورية ، وقال لي الرب " قم إذهب الي نينوي المدينة العظيمة وناد عليها لانه قد صعد شرهم أمامي " . فرفضت دعوة الله ، وأردت الهروب منه ألي ترشيش ، فنزلت الي يافا ووجدت سفينة ذاهبة إلي ترشيش فدفعت أجرتها ونزلت فيها لأذهب معهم إلي ترشيش . وبهذا أخذت الإتجاه العكسى لنينوى، وظننت أننـى بـهذا هربت من المسئولية ومن الله نفسه والموضوع إنتهى.. س: لماذا رفضت دعوة الله لك ؟ بالحقيقة أنا كنت فى منتهى الحيرة والقلق، كيف أكون من شعب الله، وأذهب إلى شعب أممى وثنى وأدعوهم بالتوبة والخلاص من شرورهم، كيف أخبر شعبى أن الله يحب الأمم أيضاً، وأنه يريد خلاصهم.. أين روحى الوطنية ، كيف أذهب لأعدائنا وليس أى أعداء.. بل إلى مملكة اشور، وهى المملكة التى حطمت ودمرت مملكتنا من قبل وكان ذلك سنة (722 ق م ). س : هل نجحت خطتك في الهروب من وجه الرب ؟ لا لم تنجح فقد حصل شئ عجيب غير متوقع، وأنا نائم فى السفينة وإذ بالبحارة الأممين يوقظونى للصلاة إلى إلهى، لكى تهـدأ الرياح حيث كانت شديدة وكادت السفينة تتكسر، ولكن بعد سلسلة أحداث، عرفوا أنى السبب فى هيجان البحر، لأنى هارب من إلهى وأن هذا نتيجة خطئى، فطرحـونى فى البحر فأبتلعنى حوت، وبعد ثلاثة أيـام لفظـنى عند شاطئ البحر. وأخيرا أذعنت لأمرالرب ، فأنطلقت إلى نينوى، لأبشرأهلها بالخلاص، وكانت المفاجئة التى أزعجتنى وآثارت غضبى، هى اقبال الناس على التوبة فقلت للرب: " فالآن خذ نفسى منى لان موتى خير من حياتى" بعدها لقنّى الرب درس عملى مستخدما النبتة، التى لم أتعـب فيـها كيف اشفقت عليها، وأوضح لى كيف لا يشفق هو عـلى نينوى العظيمة المملؤة بآلاف الناس. ووضحت لي الحقيقة وهي أن الله يريد خلاص كل الجنس البشرى، سواء كانوا من بنى إسرائيل أو من الأمم، لم يكن بوسعي أن أخُلص الحب لشعب أشور، غير أن الله لم يشأ لهم سوى كل خير وخلاص، لـذلك أرسـلني لهم لأناديهم بالتوبة فيحيون. س: " أنت النبي الوحيد الذي خصصت له الكنيسة القبطية صوما خاص به " قل لنا لماذا ذلك ؟ خصصت الكنيسة القبطية ثلاثة آيام للصوم الخاص بي وهو الصوم المعروف بـ (صوم يونان) ، وهو يسبق عادة الصوم الكبير بخمسة عشر يوم وبهذا يدخل المؤمنين الصوم الكبير وهم فى حياة التوبة ، ويعرف (فطر) صوم يونان بـ (فصح يونان) وهو اصطلاح كنسي فريد لا يستخدم إلا بالنسبة لعيد القيامة المجيد الذي يطلق عليه أيضا (عيد الفصح) مما يدل علي أن الكنيسة تنظر إلي قصتي علي أنها رمز لقصة المسيح مخلصنا. " لأَنَّهُكَمَا كَانَ يُونَانُ فِي بَطْنِ الْحُوتِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَال،هكَذَا يَكُونُ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي قَلْب الأَرْضِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَلَيَال "( إنجيل متى 12). وعبر رب المجد بفمه الطاهرعن أهمية قصتي بقوله : " إن هذا الجيل شرير، يطلب آية فلا يعطي إلا آية يونان النبي. لإنه كما كان يونان آية لأهل نينوى، هكذا يكون ابن الإنسان لهذا الجيل… وأهل نينوي سيقومون في يوم الدينونة مع هذا الجيل ويدينونه، لأنهم تابوا عندما أنذرهم يونان. وهوذا أعظم من يونان هنا " (لوقا11:19-32), (متي12:38-41). ويعد هذا الصوم من الاصوام القصيرة والمحبوبة جداً لدي الشعب القبطي، وهو من أصوام الدرجة الأولى التى يكون فيها درجة النسك والتقشف عالية وكذلك تكون فيه ساعات الانقطاع عن الأكل طويلة . تقام فيه القداسات يومياً وتنتهى فى وقت متأخر من اليوم " بعد الساعة الثالثة بعد الظهرغالباً " ويعامل هذا الصوم فى النسك والطقس مثل الصوم الكبير. هذا الصوم هو صوم التوبة الذى به تاب أهل نينوى وخلصوا من غضب الله عليهم ، ونصومه لكى نستعطف قلب الله الرحوم أن يرحمنا ويسامحنا ويعطينا حياة التوبة ونقاوة القلب ويعطينا غفران خطايانا. هذا الصوم المقدس يهيئ أنفسنا وأذهاننا إلى رحلة الصوم الكبير لذلك نهتم جداً بهذا الصوم المقدس بما فيه من معانى روحية عظيمة ومفيدة لخلاص أنفسنا.، ويهيئ أذهاننا إلى رحلة التوبة والموت والقيامة مع المسيح . س: ماذا تعني كلمة فصح التي تقصدها هنا ؟ الفصح كلمة عبرانية معناها (العبور) أطلقت في العهد القديم علي عيد الفصح اليهودي تخليدا لعبور بني إسرائيل البحر الأحمر (الخروج 14: 15) إلي برية سيناء فأرض الموعد. ولقد كان ذلك العبور القديم رمزا إلي الحقيقة الأعظم ، وهي (العبور) بجميع بني آدم من عبودية الجحيم إلي حرية مجد أولاد الله في المسيح، وقد تم هذا العبور بصلب المسيح وبقيامته المجيدة، إذ عبر هو له المجد بالنيابة عنا، بموته بديلا عنا وفادي، فصار عبوره هو عبورا لنا نحن، وقد عبرنا نحن فيه، ولما كانت قيامة المسيح بسلطان لاهوته هي برهان نجاح عملية العبور، لذلك كان عيد القيامة هو عيد (الفصح) الجديد، إذ هو عيد (العبور) إلي الفردوس والمنشود الذي فتحه المسيح له المجد. بقيامته المجيدة. س: ماذا تريد أن تقول لنا اليوم ؟ لا أريد أن أروي لكم تاريخا ، بل أن أقدّم تعليما هو شمولية الخلاص. هناك العجائب الكثيرة في كتابي الصغير وطابعها المجاني (العاصفة، من هم في السفينة ، القرعة، أنأ في البحر، الحوت الخاص الذي ارسله الله، خروجى من بطن الحوت الذي لم يؤذني ، طرحي على الشاطئ، النبتة التي تنمو في ليلة وتيبس). أن الخلاص لا ينحصر في الشعب اليهودي. إنه يشمل البشر كلهم حتى أكثرهم خطيئة.. الله هو ابو البشر، لأنه الخالق. الله يريد خلاص جميع البشر لانه الرحيم. أنا فقط أداة في خدمة كلمة الله التي تتجاوزني. رغم استعداداتي السيّئة أستخدمني الله لتوصيل رسالته . وذكر يسوع المسيح آيتي (آية يونان ). " وأتخذها رمزا له . وخلاصة كلامي أن الرب يحب كل أنسان كشخص فريد ، ويريد أن الجميع يرجعون اليه ويخلصون، محبته شاملة لكل البشر لانهم ابنائه المخلوقين على صورته . ربنا رحيم استحالة يهلك المدينة، فأنا أعرفه جيداً، عاشرته وأختبرته، " علمت أنك إله رؤوف ورحيم بطئ الغضب، وكثير الرحمة ". أن الله يريد خلاص كل الجنس البشرى، سواء كانوا من بنى إسرائيل أو من الأمم. من المسيحيين أو غير المسيحيين . ألم يقل لكم " ها أنا واقف على الباب أقرع " " ومن يأتي الئً لا أطرحه خارجا " لا تترددوا عندما يطلب منكم الرب رسالة معينة ، لا تخافوا أن تذهبوا إلى حيث يريدكم حتي ولو رأيتم هذا الطلب غير منطقي، فبالرغم من ضعفكم فسوف يساعدكم لأكمال رسالته . |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 34117 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() تفسير سفر يونان النبي
![]() (( قم آنطلق إلى نينوى المدينة العظيمة، وناد عليها، فإن شرها قد صعد إلى أمامي )). فقام يونان ليهرب إلى ترشيش من وجه الرب، فنزل إلى يافا، فوجد سفينة سائرة إلى ترشيش. فدفع أجرتها ونزل فيها ليذهب معهم إلى ترشيش من وجه الرب. فألقى الرب ريحا شديدة على البحر، فكانت عاصفة عظيمة في البحر، فأشرفت السفينة على الآنكسار. فخاف الملاحون وصرخوا كل إلى إلهه، وألقوا الأمتعة التي في السفينة إلى البحر ليخففوا عنهم. أما يونان، فكان قد نزل إلى جوف السفينة وآضجع وآستغرق في النوم. فدنا منه رئيس البحارة وقال له: (( ما بالك مستغرقا في النوم؟ قم فآدع إلى إلهك لعل الله يفكر فينا فلا نهلك )). وقال بعضهم لبعض: (( هلموا نلق قرعا لنعلم بسبب من أصابنا هذا الشر )). فألقوا قرعا، فوقعت القرعة على يونان. فقالوا له: (( أخبرنا بسبب من أصابنا هذا الشر. ما عملك ومن أين جئت وما أرضك ومن أي شعب أنت ))؟ فقال لهم: (( أنا عبراني، وإني أتقي الرب، إله السموات، الذي صنع البحر واليبس )). فخاف الرجال خوفا شديدا وقالوا له: (( لماذا صنعت ذلك؟ )) وقد علموا أنه هارب من وجه الرب ، لأنه أخبرهم. وقالوا له: (( ماذا نصنع بك حتى يسكن البحر عنا؟ )) وكان البحر يزداد هياجا )). فقال لهم: (( خذوني وألقوني إلى البحر فيسكن البحر عنكم، فإني عالم أن هذه العاصفة العظيمة إنما حلت بكم بسببي )). وكان الرجال يجذفون ليرجعوا إلى اليابسة، فلم يستطيعوا لأن البحر كان يزداد هياجا عليهم. فدعوا إلى الرب وقالوا: (( أيها الرب، لا نهلكن بسبب نفس هذا الرجل، ولا تجعل علينا دما بريئا، فإنك أنت، أيها الرب، قد صنعت كما شئت )). ثم أخذوا يونان وألقوه إلى البحر، فوقف البحر عن هيجانه. فخاف الرجال الرب خوفا شديدا، وذبحوا ذبيحة للرب ونذروا نذورا. فأعد الرب حوتا عظيما لآبتلاع يونان. فكان يونان في جوف الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال . فصلى يونان إلى الرب إلهه من جوف الحوت، وقال: إلى الرب صرخت في ضيقي فأجابني من جوف مثوى الأموات آستغثت فسمعت صوتي قد طرحتني في العمق في قلب البحار فالنهر أحاط بي جميع مياهك وأمواجك جازت علي. فقلت: إني طردت من أمام عينيك لكني سأعود أنظر هيكل قدسك. قد غمرتني المياه إلى حلقي وأحاط بي الغمر وآلتف الخيزران حول رأسي. نزلت إلى أصول الجبال إلى أرض أغلقت علي مزاليجها للأبد لكنك أصعدت حياتي من الهوة أيها الرب إلهي. عندما غشي على نفسي تذكرت الرب فبلغت إليك صلاتي إلى هيكل قدسك. إن الذين يعبدون أوثان الباطل فليكفوا عن عبادتهم. أما أنا فبصوت شكر أذبح لك وما نذرته أوفي به. من الرب الخلاص! فأمر الرب الحوت، فقذف يونان إلى اليابسة. وكانت كلمة الرب إلى يونان ثانية قائلا: (( قم آنطلق إلى نينوى المدينة العظيمة، وناد عليها المناداة التي أكلمك بها )). فقام يونان وآنطلق إلى نينوى بحسب كلمة الرب، وكانت نينوى مدينة عظيمة جدا، يقتضي آجتيازها ثلاثة أيام. فدخل يونان أولا إلى المدينة مسيرة يوم واحد، ونادى وقال: (( بعد أربعين يوما تنقلب نينوى )). فآمن أهل نينوى بالله، ونادوا بصوم ولبسوا مسوحا من كبيرهم إلى صغيرهم. وبلغ الخبر ملك نينوى، فقام عن عرشه، وألقى عنه رداءه وآلتف بمسح وجلس على الرماد. وأمر أن ينادى ويقال في نينوى بقرار الملك وعظمائه: (( لا يذق بشر ولا بهيمة ولا بقر ولا غنم شيئا، ولا ترع ولا تشرب ماء، وليلتف البشر والبهائم بمسوح، وليدعوا إلى الله بشدة، وليرجع كل واحد عن طريقه الشرير وعن العنف الذي بأيديهم، لعل الله يرجع ويندم ويرجع عن آضطرام غضبه، فلا نهلك )). فرأى الله أعمالهم وأنهم رجعوا عن طريقهم الشرير. فندم الله على الشر الذي قال إنه يصنعه بهم، ولم يصنعه. فساء الأمر يونان مساءة شديدة وغضب. وصلى إلى الرب وقال: (( أيها الرب، ألم يكن هذا كلامي وأنا في أرضي؟ ولذلك بادرت إلى الهرب إلى ترشيش، فإني علمت أنك إله رؤوف رحيم طويل الأناة كثير الرحمة ونادم على الشر. فالآن، أيها الرب، خذ نفسي مني، فإنه خير لي أن أموت من أن أحيا )). فقال الرب: (( أبحق غضبك؟ )) وخرج يونان من المدينة وجلس شرقي المدينة، وصنع له هناك كوخا وجلس تحته في الظل، ريثما يرى ماذا يصيب المدينة. فأعد الرب الإله خروعة فآرتفعت فوق يونان، ليكون على رأسه ظل فينقذه من الضرر، ففرح يونان بالخروعة فرحا عظيما. ثم أعد الله دودة عند طلوع الفجر في الغد، ولسعت الخروعة فيبست. فلما أشرقت الشمس أعد الله ريحا شرقية حارة، فضربت الشمس على رأس يونان، فأغمي عليه، فتمنى الموت لنفسه وقال: (( خير لي أن أموت من أن أحيا )). فقال الله ليونان: (( أبحق غضبك بسبب الخروعة؟ )) فقال: (( بحق غضبي حتى الموت )). 1 فقال الرب: (( لقد أشفقت أنت على الخروعة التي لم تتعب فيها ولم تربها، والتي نبتت بنت ليلة، ثم هلكت بنت ليلة، أفلا أشفق أنا على نينوى المدينة العظيمة التي فيها أكثر من آثنتي عشرة ربوة من أناس لا يعرفون يمينهم من شمالهم، ما عدا بهائم كثيرة؟ )). |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 34118 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() يونان النبي كرمز للرب يسوع
![]() لم نتقابل مع الرب يسوع من قبل وهو يفتخر بعظمته أمام أحد مخلوقاته، بل نراه دائماً يقول: «تَعَلَّمُوا مِنِّي لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ» (متى 11: 29)، لكن عندما قارن نفسه بيونان النبي قال: «هُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ يُونَانَ هَهُنَا!» (لوقا 11: 32). فما هي عظمة يونان التي قارن الربُّ نفسه بها؟ يونان النبي: هو يونان ابن أمتّاي، كان يعيش في القرن الثامن قبل الميلاد، وقد وُلِدَ في مدينة جتّ حافر في أرض زبولون على بُعد خمسة أميال شمالاً من الناصرة. وفي بدء خدمته كان معروفاً ومحبوباً لأنه تنبَّأ عن نصرة إسرائيل واتساع أراضيها إلى حدودها الأصلية. كان يونان نبي الله العلي، أحد أنبياء بني إسرائيل، المتكلمين باسم الرب للشعب العبراني. لكن الرب اختاره وأرسله برسالة لمدينة أممية، ليست من رعوية بني إسرائيل، بل وعلى عداء مع هذا الشعب. وكانت الرسالة تحوي في طياتها المناداة بخراب هذه المدينة: «قُمِ اذْهَبْ إِلَى نِينَوَى الْمَدِينَةِ الْعَظِيمَةِ وَنَادِ عَلَيْهَا لأَنَّهُ قَدْ صَعِدَ شَرُّهُمْ أَمَامِي» (يون 1: 2). وقام يونان ليهرب من الله، ورفض تبليغ هذه الرسالة، ليس شفقة منه على شعب نينوى، بل لأنه يعلم أن الله رحومٌ، ولا يشاء موت الخاطئ، لذلك توقَّع أن يرجع الله في تهديده ووعيده ضد شعب نينوى، فيظهر الربُّ وكأنَّ كلمته قد سقطت. ثم أطاع النبي أمر الربِّ، بعد أن أعاده الله لوجهته الصحيحة، عندما أبقاه في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليالٍ. وذهب إلى مدينة نينوى، المدينة العظيمة، العظيمة في حضارتها، والعظيمة في شرِّها. ونادى يونان: «بَعْدَ أَرْبَعِينَ يَوْماً تَنْقَلِبُ نِينَوَى» (يون 3: 4). واستجاب الشعب لدعوة الله، ورجع أهل نينوى عن طريقهم الشريرة بتوبة حقيقية، فاغتمَّ النبي، لأنَّ ما توقَّع قد حدث. لم يكن غضب يونان النبي بالدرجة الأولى لأن الله لم ينتقم من ذلك الشعب المعادي لشعب الله، بل لأنّ كلمة الربِّ لم تُنفَّذ. كان النبي غيوراً على سمعة الله، أكثر من غيرته على هلاك شعب بأكمله يمكن أن يرجع للرب بالتوبة. أعظم من يونان: إن عظمة الرب يسوع، إذا قارناه بيونان النبي معروفة لنا جميعاً، فشتان بين أن نقارن الخليقة بخالقها. لكن تتجلَّى عظمة الرب في إرساليته، فقد أتى إلى خاصته، أما خاصته فلم تقبله (يوحنا 1: 11)؛ لم يهرب عندما أحسَّ بثقل الرسالة، بل كما يقول عنه إشعياء النبي: «السَّيِّدُ الرَّبُّ فَتَحَ لِي أُذُناً وَأَنَا لَمْ أُعَانِدْ. إِلَى الْوَرَاءِ لَمْ أَرْتَدَّ. بَذَلْتُ ظَهْرِي لِلضَّارِبِينَ وَخَدَّيَّ لِلنَّاتِفِينَ. وَجْهِي لَمْ أَسْتُرْ عَنِ الْعَارِ وَالْبَصْقِ» (إشعياء 50: 5-6)؛ لم ينادي للشعب بالهلاك كما فعل يونان، بل أعلن صراحة: «وَأَمَّا أَنَا فَقَدْ أَتَيْتُ لِتَكُونَ لَهُمْ حَيَاةٌ وَلِيَكُونَ لَهُمْ أَفْضَلُ» (يو 10: 10)؛ وقد قارن القديس يوحنا ذهبي الفم بين خدمة الرب يسوع ورسالة يونان النبي في تفسيره على إنجيل متى (12: 41) قائلاً على لسان الرب يسوع: [ فإنه هو كان مجرد عبدٍ، وأما أنا فإني السيِّد. هو خرج من بطن الحوت، وأما أنا فقمتُ من بعد الموت. هو كرز بالهلاك، وأما أنا فجئتُ مبشِّراً بالملكوت. إنهم آمنوا به دون أن يصنع آية، وأما أنا فأظهرتُ آياتٍ بلا عدد. إنهم لم يسمعوا منه أكثر من ذلك الكلام (التهديد بالهلاك)، وأما أنا فحركتُ فيكم جميع المُثـُل العُليا. إنه جاء كمجرد خادم، أما أنا فأتيتُ كرب وسيد الجميع، ليس لأُهدِّد أو أحاسب من جهة الاستقامة، بل لأُقدِّم لكم الصفح … لم يتنبَّأ أحدٌ عنه، وأما عني فالجميع تنبَّأوا. ثم جاءت الأحداث مُطابقة للنبوَّات. هو عند ذهابه إليهم هرب لئلا يسخروا به، وأما أنا فجئتُ عالماً أني سأُصلب ويُستهزأ بي. هو لم يحتمل مجرد التعيير من أجل الذين سيخلصون، وأما أنا فاحتملتُ الموت، بل وأشنع موت لأجلكم!]. كانت نينوى مدينةً عظيمةً، وكانت تقع في بلاد ما بين النهرين، أي في العراق حالياً. ولم تكن عظمة نينوى في النواحي الحضارية والمعمارية فقط، فقد اشتهرت في الكتاب المقدس بعظمة أخرى. للأسف كانت عظيمة أيضاً في الشرِّ. ولم ينتشر شرُّ هذه المدينة إلى البلدان المجاورة فقط، بل صعد إلى أعلى السموات. لذلك نرى الله الرحوم الذي: «لاَ يَشَاءُ أَنْ يَهْلِكَ أُنَاسٌ، بَلْ أَنْ يُقْبِلَ الْجَمِيعُ إِلَى التَّوْبَةِ» (2بط 3: 9)؛ يرسل إليها يونان النبي قائلاً له: «قُمِ اذْهَبْ إِلَى نِينَوَى الْمَدِينَةِ الْعَظِيمَةِ وَنَادِ عَلَيْهَا لأَنَّهُ قَدْ صَعِدَ شَرُّهُمْ أَمَامِي» (يون 1: 2). |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 34119 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() أعْظَمُ مِنْ آيَةِ يُونَانَ النَبِيّ معجزة خلاصنا هي أعظم من آية يونان النبي ومن كل الآيات؛ هي معجزة تدبير الخلاص العجيب التي أكملت كل المعجزات بإعلان المسيح ربًا وإلهًا وفاديًا ومخلصًا؛ الذي هو فوق الجميع... يعلّم ويعلن بالكلام والعمل والقدوة التي خدم لنا بها الخلاص، فهو المعلم الأبدي الأعلى والفريد للبشرية، وهو الحق المتجسد والنور الحقيقي الذي قدم ذبيحته من أجل خلاص العالم كله، وبه يخلص الجميع من الفساد والزيف والموت. يرد من الظلمة إلى النور؛ ومن الجهالة إلى معرفة مجد اسمه، فاتحًا عيون قلوبنا لتبصر مجده الأعلى... معلمنا الإلهي الذي لا يصيح ولا يسمع أحدٌ في الشوارع صوته؛ لا يطفئ الفتيلة المدخنة ولا يقصف القصبة المرضوضة، وحياته هي قاعدة وقانون ومعيار تقوانا وفضيلتنا، وتعليمه الجديد المجدِّد الذي فَاهَ به؛ يسترجع شبابنا الروحي ويجددنا يومًا فيومًا... يُميت موتنا ويطلقنا من جحيمنا وينقلنا إلى فردوسه؛ ويملك على نفوس الذين أحبوه وقبلوه وآمنوا بخلاصه ودخلوا شركة كنيسته وتمتعوا بأسراره.![]() نينوى ويونان؛ اسمان يستدعي كل منهما الآخر، في هذ الصوم مثلث الأيام. فيونان نبي العهد القديم هو في قلب أحداث العهد الجديد؛ لأنه رمز للسيد المسيح مع زُمرة الأنبياء الذين خدموا هذه الغاية، رموزًا وظلالاً للمرموز إليه مشتهى الأجيال كلها... فآية يونان النبي التي صاغها التدبير الإلهي هي إشارة مسبقة عما كمله سيدنا الرب وتممه ببشارته وموته وقيامته العجيبة.. لذلك عندما تكلم الرب قائلاً - (لأنه كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليالٍ؛ هكذا يكون ابن الإنسان في قلب الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليالٍ) متى ظ،ظ¢ ولوقا ظ،ظ، - لم يكن يربط بين حدثين وقعا بالفعل؛ وإنما بين حدثٍ وقع قبل قرون مضت؛ وحدثٍ هو يعرفه بعلمه السابق أنه سوف يقع فيما بعد، فهو يضع كلماته في الامتحان؛ وعلى المشككين فقط أن ينظروا ليروا، ولو لم يكن يعرف الماضي والحاضر والمستقبل لَمَا ربط حادثة يونان بالخلاص. فكما خرج يونان حيًا من بطن الحوت؛ هكذا ستكون قيامة المسيح بعد أيام القبر الثلاثة ولياليه الثلاث شهادة على صدق رسالته وأقواله؛ وعلى إتمام نبوات العهد القديم فيه، حيث صارت الرموز حقيقة؛ وتمت الظلال بالفعل، وسجلتها كلمة الله الحية التي لا تزول ولا تكذب ولا تتبدل ولا تنسخ بعضها بعضًا. أهل نينوى الذين تابوا بكرازة يونان سيدينون كل الذين لم يتوبوا ببشارة خلاصنا المفرحة، وسيدينون كذلك الذين لم يقبلوا دعوة مسيحنا للتوبة والإيمان به كمخلص... خاصة أن يونان والمسيح ليسا نِدَّيْن؛ لكن المسيح المخلص أعظم من يونان بما لا يقاس (وهوذا أعظم من يونان ههنا) بمقدار أن السيد أعظم من العبد؛ والمعلم أعظم من التلميذ؛ والمرسَل أعظم من الرسول؛ والكلمة أعظم من الكارز؛ ورب الهيكل أعظم من الهيكل؛ وباني البيت أعظم من البيت؛ والإلهي أعظم من البشري (الأرضي)؛ والذي من فوق هو فوق الجميع؛ لأنه الرب من السماء؛ لا يقارن بأحد ولا حتى بالأنبياء. مسيحنا أعظم من يونان؛ لأنه محب البشر الصالح الذي أحبنا أولاً وأحبنا فضلاً وأحبنا ونحن خطاة وأحبنا إلى المنتهى؛ وهو لا يُسر بموت الشرير بل برجوعه عن طرقه ليحيا؛ مشفقًا متحننًا فاتحًا أحضانه لكل من يُقبل إليه... أتى لا ليُفني ويُهلك؛ بل ليخلص ويضمد ويضم ويعزي ويشفق ويبذل إلى التمام... يعتني باليقطينة بل وبالخليقة كلها؛ ويهتم بالكل حتى النباتات التي لا تُدرِك من أمرها شيئًا.. إن خلاصنا هو شهوته؛ وقداستنا هي إرادته وفداءنا هو مسرته؛ بينما العقوبة هي نتيجة رفض وإهمال وتأجيل الخلاص والاستهتار به.. مسيحنا مخلص العالم كله؛ اختارنا واقتنانا وأحبنا برحمته وغفرانه وإحسانه؛ ومن أجل ذلك أدام لنا الرحمة، وهو منتظر كل شرير وفاسق لينعم عليه بالعفو الإلهي؛ عندما يغتصب ملكوت النجاة؛ كما حدث مع النبي الهارب والشعب التائب. نادى يونان؛ فآمن أهل نينوى بالله وصاموا وتابوا من كبيرهم إلى صغيرهم، صرخوا إلى الله بشدة ورجعوا كل واحد عن طريقة الرديئة وعن الظلم الذي في أيديهم، إنه منهج توبة تضعه لنا الكنيسة كل عام كي نسلك توبتنا فنرجع ونقدم ذبيحة الصوم التي تستحسنها ملائكة الصوم عندما جاءت فرحة تخدم المسيح على جبل التجربة، فتركه الشيطان مهزومًا مخزيًا. وليس عبثًا وضعت الكنيسة صوم نينوى؛ بل بترتيب مُلهم قبل قدوم الصوم الكبير؛ لأنه يحمل مَعَانٍ ورموزًا كثيرة بين الغطاس والنزول إلى بطن الماء ثم الخروج للبشارة ثم للموت على الصليب؛ وهكذا يبدو سفر يونان تطبيقًا رؤيويًا يشير إلى المسيح بصورة قوية: يونان رمز حي بشخصه يمثل المسيح في عماده الذي دفع به إلى الأربعين المقدسة ثم إلى الصليب وفصح القيامة؛ تمامًا كما نزل يونان الماء كاجتياز للموت والقيامة. لقد احتوى الحوتُ يونان في بطنه وأغلق عليه؛ لكن النعمة ضمنته فكانت حافظة له، ثم خرج كارزًا إلى مكان كرازته ليكرز بالتوبة بعد توبته هو... وهكذا صارت في يونان أول إشارة إلى عقيدة القيامة؛ وتثبتت بالمثال الذي تردده كنيستنا في صوم نينوى (يونان في بطن الحوت كمثال المسيح في القبر ثلاثة أيام).. إنها إشارة المسيح إلى قيامته كي يؤمنوا عندما يروا سابق معرفته بما سيحدث له؛ لأنه لم يقُل (في الأرض) بل (في قلب الأرض)؛ لكي يؤكد قبره (في بطن الحوت) ونحن بموته نبشر؛ وبقيامته المقدسة وصعوده إلى السموات نعترف، فقد نقض الهيكل (جسده) في ثلاثة أيام وأقامه؛ وقد رُفع العريس؛ الذي هو أعظم من يونان. يونان أعلن الخراب والموت لنينوى؛ أما المسيح فبشر بالبشارة السارة المفرحة وبالحياة الأبدية.. أهل نينوى آمنوا بدون آية؛ لكن مسيحنا أجرى آياتٍ وعجائبَ؛ وقدم نفسه فديةً عن كثيرين.. يونان مُرسَل كسفير لمن أرسله؛ لكن مسيحنا هو رب الكل. يونان لم يسبقه أحد كي يخبر عنه؛ أما مسيحنا فقد تعهدَنا بأنبيائه القديسين؛ وفي آخر الأيام ظهر لنا نحن الجلوس في الظلمة وظلال الموت. يونان لم يعيِّره أحد؛ أما مسيحنا فقد وقعت عليه تعييرات معيرينا؛ وحمل صليب الآلام ومات على صليب العار؛ محتقَرًا ومرذولاً من الناس.. فلنستمع إلى مناداته ولنقبل إذن خلاصه العجيب ونرجع عن الشر والأباطيل الكاذبة ونكرز ونخبر بفضائله... إذ مطلوب منا أمورًا أعظم مما كان من أهل نينوى؛ لأننا نلنا خلاصًا هذا مقداره، ونلنا عودة مَكِينة إلى الملكوت؛ بعد أن كنا في أرض النفي (نُفينا من فردوس النعيم)، أنقذنا من الموت الوشيك ومن الغضب والهلاك الأبدي بواسطة التدبير الذي أكمله الكلمة؛ وبواسطة آية (مماثلة) لآية يونان، لكل من سيؤمن بالله كيونان، وكل من يدعو في الضيق يستجيب له؛ وكل من يصرخ من جوف الهاوية يسمع صوته؛ دون أن يفتخر كل ذي جسد أمامه. بقلم القمص أثناسيوس چورچ. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 34120 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() صلاة يونان في بطن الحوت
![]() من منا يستطيع أن يعبِّر عن الضيق الذي دخل إليه يونان؟! في جوف الحوت إنحصر يونان في الضيق كما في قبر، ماتت فيه أفكاره الذاتية وقدراته وإمكانياته، لا يعرف ماذا يفعل، ولا يقدر أن يتوقع ماذا يحل به. يطفو الحوت على المياه فيتنسم يونان هواء ويرى بصيصًا من النور، ينزل به وسط المياه فيجد نفسه في ظلام دامس. يفتح الحوت فمه فيغرق يونان في مياه مالحة، يُخرج الحوت الماء ليسترد يونان أنفاسه. هكذا عاش يونان أيامًا قليلة، لولا رعاية الله له وإنعاماته عليه لصارت كل ثانية منها تمثل جبلًا ثقيلًا يحطم نفسه، وصار الموت بالنسبة له شهوة. في الضيق ألتحم يونان بالسيد المدفون في القبر خلال الرمز والظل، فأنطلق بقلبه وفكره لا إلى خارج الحوت إنما إلى ما فوق المكان، أرتفع إلى الله يُصلي كمن هو في مقدس سماوي 1-إستيعاب يونان للدرس: ليتنا نتعلم أن لا نهرب مِن وجه الرب، بل نطلب معونته التي تُدركنا في حينه. 2-الإيمان بإستجابة الصلاة: لقد دعى يونان الرب في ضيقته وتمتع بالإستجابة فورًا إذ رأى نفسه صاعدًا لا من جوف الحوت بل من جوف الجحيم في المسيح يسوع المصلوب! هنا يتحدث بصيغة الماضي لا المستقبل "إستجابني، سمعت صوتي"، صيغة التمتع الحقيقي خلال الرمز وصيغة اليقين الذي لا يحمل شكًا. 3-يونان المُسبّح: إن كان يونان قد قدم ذبيحة حمد لله في جوف الحوت إنما كرمز للسيد المسيح الذي رأى الكل قد تكاتف ضده، وفي محبة أوفى نذره للآب بتقديم حياته فدية عن كثيرين، حتى عن مضايقيه أنفسهم! 4-يونان الحيّ: يرى القديس يوحنا الذهبي الفم أن الله قدم ليونان دروسًا متوالية في الترفق بالآخرين، فإن كان الحوت قد إبتلعه ثم قذفه دون أن يؤذيه ألا يليق به أن يترفق هو بإخوته في البشرية وإن كانوا أمميين؟! "لقد أستقبلته الأمواج ولم تخنقه، وتلَقَفه الحوت دون أن يهلكه... بهذا كان يليق بالنبي أن يكون رقيقًا ورحيمًا، لا أن يكون أقسى من الحيوان المفترس أو البحارة الجهلاء أو الأمواج العنيفة |
||||