منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 20 - 01 - 2021, 11:51 AM   رقم المشاركة : ( 32531 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,296,129

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

كيف يتصرف الإنسان عند ما يجد نفسه في ظروف عصيبة؟

يقدم يوئيل أربع نصائح هامة بهذا الصدد (إقرأ الاصحاح الأول).
  1. اسمع (ع1-4). استمع لكلمة الله، ودعه يفسر لك ما يحدث معك. واستفد من رجال الله الذين يوضحون لك من الكلمة فكر الرب.
  2. اصحُ (ع5-7). اعتبر معاملات الله المؤلمة واستفد من الصعاب التي تواجهها. فلا شيء يحدث من قبيل الصدفة بل يد الله خلف كل شيء
  3. تُب (نُحْ) (ع8-18). إنه من اللازم جدًا لحياتنا أن تكون هناك أوقات فيها نحزن ونتوب «لأن الحزن الذي بحسب مشيئة الله يُنشئ توبة لخلاص بلا ندامة» (2كورنثوس7: 10).
  4. اصرخ (ع19-20). كان يوئيل يصرخ للرب طالبًا رحمته وانقاذه ولا شك أنه تذكر الوعد القائل: «إذا تواضع شعبي الذين دُعي اسمي عليهم، وصلّوا، وطلبوا وجهي، ورجعوا عن طرقهم الردية، فإنني أسمع من السماء وأغفر خطيتهم وأبرئ أرضهم» (2أخبار7: 14). لذا لنصرخ إلى الرب مُنتظرين رحمته.

 
قديم 20 - 01 - 2021, 11:55 AM   رقم المشاركة : ( 32532 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,296,129

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

نَبِيُّ العَنْصَرَةِ والتَّجْدِيدِ (يوئيل النبي)




وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


حَمَلَ يوئيل النبي روح التبكيت والتجديد ؛ مذكِّرًا الشعب بالخراب الحادث وبانقطاع روح الفرح والبهجة من البشر وتهديد الأعداء لهم... ثم نادَى عليهم بالتوبة والرجوع والصراخ إلى الله..خاصة : الكهنة وخدام المذبح والشيوخ ؛ كي يتقدسوا ويصوموا وينوحوا ويصرخوا لله ؛ فيرحمهم كعظيم رحمته. وهذا ما يحتاجه عالمنا اليوم بمناداة البوق من أجل مفارقة الشر والكذب والنفاق ورفض الانقياد وراء مخادعات إبليس ؛ حيث تجرï»± كلمات يوئيل النبي أمام عيوننا الآن ؛ في ازدياد الخراب والقتل والسفك والخطف والدم والحرق والجوع والحروب والإمحاء... ولاطريق أمام العالم إلا طريق الرجوع لله مخلص كل أحد ؛ لأنه إله رؤوف رحيم بطيء الغضب وكثير الرأفة ، وقابل إليه القرابين والتقدمات وكل سكيب طاهر. روح الله القدوس الرب المحيي هو (عنصرة دائمة) حاضرة في كنيسة الروح ؛ لتوقظ ضمير العالم الغافل والميت ، وتمزق الحياة الكاذبة والمنافقة التي يعيشها اللاهين ، وهو الذï»± يسكب الرأفات والمراحم الصادقة على الراجعين والتائبين من كل الرتب والطغمات ، مانحًا الغفران بدم صليبه ؛ وبروحه الأزلي يبرر كل نفس تعبده بإخلاص ؛ لا من أجل برّها وذاتها وتاريخها ونجوميتها ومجدها الشخصي ؛ لأنه روح يقدس الذين يطيعونه ؛ روح مجدد للكهنة ولخدام المذبح ؛ كي يرجعوا إلى نذور تكريس دعوتهم ، ويخدموا لا خدمة العين كمن يُرضي الناس ؛ تاركين عنهم (عنب السُّم وعناقيد المرارة) التي سمّاها يوئيل النبي بسم الأُفعوان ؛ التي تخدعنا بمعقولات إبليس المعسولة ؛ وتثقِّل قلوبنا بالشهوات التي تمزقنا ؛ انما مشتاقون بجدة إلى قبول عصير الخمر السماوï»± الجديد (عنب الكرمة) ؛ ساجدين عابدين زاهدين في الخفاء، متمتعين بسكنَى روح الفرح المُحيي وثمار حلاوة الوحدة (تين الكرمة) ؛ حاملين شمس بر ملجأنا ؛ الذï»± يشع فينا ببياض نوره وثياب عُرسه ؛ فندخل أقداسه مقدمين قرابيننا وذبيحة إيماننا وسكيبة أرواحنا المنسحقة ؛ حتى نرتوï»± ونشبع ونغتني.. إنها دعوة لا للهروب من الله ؛ بل للهروب إلى الله واللجوء إليه ؛ صُلحًا وصفحًا ”أسْرِعُوا وهلُمُّوا“ (يوئيل ظ£ : ظ،ظ،). لقد تكلم نبي العنصرة عن يوم الرب ؛ الذï»± يمنح فيه سكيب روحه القدوس (إني أسكُبُ من روحي على كل بشر) ؛ وهذا هو يوم الخمسين الدائم في الكنيسة ؛ والسارï»± القوة ؛ ليؤلفنا ويوحِّدنا ويقدسنا ؛ بالوعد الإلهي دائم الانسكاب بالنبوة والأحلام والرؤَى للجميع ؛ فيكونوا كسهام بيد جبار ؛ وآنية مملوءة من النعمة..
إذ لا يمكننا أن نرضخ لما نحن فيه ؛ ونبقى قاعدين على هذا الجبل ؛ حيث أن روح الله روح حرية ”يهُبُّ حيث يشاء“ (يو ظ£ : ظ¨) ، ولا يمكن أن نشير عليه نحن ؛ أين يهُبُّ؟! وإلى أï»± مكان يذهب؟! لكننا فقط نُطيعه ونتجاوب معه بالقبول والاستجابة ؛ مهما كنا وأينما كنا ؛ من أجل ضعفاتنا وجهلاتنا. فلا تستولي علينا نزعة التعالي والظن الخاطئ بأننا نُخبة الروحانيين ؛ بينما الروح القدس ينسكب ”على كل بشر“ (يوئيل ظ¢ : ظ¢ظ¨) ؛ ويخلصنا من أï»± استيلائية أو فَرْدَانيَّة ؛ إذ لا خلاص لنا إلا ضمن الكنيسة وبالكنيسة ومع الكنيسة ؛ التي لا خلاص لأحد خارجها. فالمسيحي ليس بمسيحي وحده ؛ لكنه المتحد بالثالوث القدوس وبجماعة المؤمنين وبالقديسين سحابه الشهود.. الروح القدس هو الذï»± يعمل من أجل التآلف والوحدة ؛ ليحل كل الخلافات والانقسامات والمشاجرات ؛ ويُنهي الملاسنات ؛ لأنه روح محبة واتفاق ووحدة ، وهو أيضًا روح التحرير ؛ الذï»± يحررنا من الأنانية والشِّلَلية المفسدة ، ومن أï»± قيد يحُول دون خلاصنا الأبدï»±. لذلك عندما نعيِّد فصحيًا لحلول الروح القدس في يوم العنصرة ، نترجَى حلوله علينا لنلبس قوة ديناميكية من الأعالي ، فنعمل عمل الله لا عمل أنفسنا ؛ ونخدم الله لا أنفسنا ؛ ونكرز بروحه لا بأرواحنا ، روحه روح الحكمة والمصالحة والمجد والرأفة والتبكيت والاستنارة والبصيرة (عَيْنَاكِ حمامتان) ؛ والتدبير الذï»± يرفُّ على وجة الغمر بالبهجة المفرحة ؛ وبالعسل وقطر الشهد والتعزية ؛ التي تقودنا وترشدنا وتدافع عنا بعطايا الفهم والمعرفة ووقار السلطان. لقد بكَّت النبي يوئيل الكهنة وخدام المذبح ؛ لئلا يظنوا أن هذه الإنذارات سينقلونها فقط بشفاههم ؛ من دون أن يعيشوها ويقدموا أنفسهم أيقونة قدوة ؛ كي يُضرموا الموهبة بالصلاة والسكون والأمانة في ربح الوزنات بغير تشامخ ولاترف ولا تعال ؛ لأن فضل القوة لله لا من أحد ؛ كائنًا مَنْ كان ، وحتى لا يكون رصيدهم مجرد ملابسهم السوداء ومناظر هيئتهم وقد استوفوا أجورهم ،مديحا وتكريما او صلفا واكتنازا إن العنصرة هي للعَصْرَنَة والتجديد الدائم المرتبط بالتوبة المستمرة والعبادة والسلوك العملي والشهادة التي لا تتوقف إلى النفس الأخير..

تجديدًا في خبرة ودراسة الكلمة والوصايا الواسعة جدًا والتي لا حدَّ لها.. تجديدًا في فهم أعمق للعبادة والطقوس والأسرار (بالروح والذهن أيضًا).. تجديدًا في أساليب الخدمة ووسائل الكرازة.. تجديدًا روحيًا في السلوك الإنجيلي ؛ لأن الروح القدس ينطفئ وينحبس في أجواء الرخاوة وخصومات الحسد ؛ لكنه يوحد الإخوة الساكنين معًا ؛ ويجعلهم مثل قيثارة ؛ مبنيين مسكنًا لله في الروح ، رافعًا من بينهم كل مرارة وسخط وغضب وصياح وحسد. لقد نادَى يوئيل ”لِيَبْكِ الكهنة خدام الرب ويقولوا : أشفق يارب على شعبك ولا تُسلِّم مِيراثَكَ للعار“. ولا زال صوته النبوï»± ممتدًا ؛ يحدثنا عن خجل الفلاحين وفلس الكرَّامين ؛ وتلف الحنطة والشعير من حصيد الحقل ، وجدب الأرض ؛ وتقحط الحقول من الزحاف والغوغاء والطيار (يوئيل ظ، : ظ¤) ، حتى ذبلت الثمار ويبُست البهجة ؛ وصارت الكرمة خربة متهشمة ؛ والأهراء خالية والمخازن منهدمة ؛ لأن جداول المياة جفت والنار أكلت المراعي. أمَّا الان فقد حان وقت صوت البوق ، للسماع والإصغاء ونوبة الصحيان ، للتوبة والاتزان ونوال فرح الابتهاج وتقديم سكيب بيت إلهنا. حان وقت الرجوع (بكل القلب) حتى نشبع من القمح والمسطار والزيت ، ويتعظم عمل الرب ؛ وتعطي الأشجار قوة ثمارها بالمطر المبكر والمتأخر ، وتمتلئ كل البيادر والمعاصر والتلال من ماء ولبن الفرح ، وتخرج ينابيع الأشفية والأعاجيب من مجارï»± بيت الرب ، فنستعوض عن السنين التي أكلها الجراد ، ناهضين للنجاة ، مسبحين عجائبه كل حين.
 
قديم 20 - 01 - 2021, 11:57 AM   رقم المشاركة : ( 32533 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,296,129

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

+ يوئيل + غارات الجراد




وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

افتتح النبي السفر بقوله: "قول الرب الذي صار إلى يوئيل بن فثوئيل" [1]. فإن كانت كلمة "فثوئيل" في العبرية تعنى "فتح الله"، فانه قد أنجب "يوئيل" الذي يعنى: "يهوه هو الله". وكأنه إذ يفتح الله بصيرتنا الداخلية يعلن ذاته لنا. إنه يهوه! إى "هو الكائن"! الله هو الكائن الذي بجواره يصير الكل كأنهم غير كائنين. ففي أول لقاء لله مع أول قائد للشعب، قال له: "هكذا تقول لبنى إسرائيل: يهوه إله آبائكم إله إبراهيم وإله إسحق وإله يعقوب أرسلنى إليكم. هذا اسمى إلى الأبد. وهذا ذكرى إلى دور فدور" (خر 3: 15).

وكما يقول فيلون اليهودى الاسكندرى معلقًا على قول الله لموسى: [أخبرهم أولاً أنيّ أنا هو الكائن حتى تعرفوا الفارق بين من هو كائن وما هو ليس بموجود[8]].

ليكن في داخلنا فثوئيل، أي ليفتح الله بصيرتنا فندرك أسراره. فنتجه إليه ونوجد معه بكونه الكائن السرمدي. ولا نعطيه القفا لئلا نعود إلى العدم، إذ يقول القديس أغسطينوس: [من يأخذ الاتجاه المضاد لله إنما يسير إلى العدم[9]].

بعد هذه المقدمة المختصرة للغاية حدثهم عن غارات الجراد، قائلاً:

اسمعوا هذا أيها الشيوخ.

واصغوا يا جميع سكان الأرض.

هل حدث هذا في أيامكم، أو في أيام آبائكم؟!

اخبروا بنيكم عنه، وبنوكم بنيهم. وبنوهم دورًا (جيلاً) آخر.

فضلة القمص أكلها الزحاف.

وفضلة الزحاف أكلها الغوغاء.

وفضلة الغوغاء أكلها الطيار. [2-4]



إن كان النبي يطلب من الشيوخ أن يسمعوا لقول الرب، فإنه يسأل جميع سكان الأرض أن يصغوا، فإن الله يود أن يتحدث مع كل البشر بلا محاباة!! إن كان الله يتحدث بلغة أو أخرى فإنه يطلب أن يلتقى مع كل إنسان ليعلن عن معاملات حبه له.

هذا ويطلب النبي منهم أن يخبروا بنيهم بالأمر، أي بصوت الرب ومعاملاته. لكى يقدموا خبرة حياة للجيل القادم، وهكذا كل جيل يسلم غيره ما قد تسلمه. هذا هو "التسليم" أو "التقليد" الذي هو في جوهره "معاملات الله مع بنى البشر". لهذا يقول الرسول بولس: "ما تعلمتموه وتسلمتموه وسمعتموه ورأيتموه في فهذا افعلوا" (في 4: 9). ويقول القديس غريغوريوس أسقف نيصص: [يكفينا للبرهنة على عبادتنا ذلك التقليد (التسليم) المنحدر إلينا من الآباء بكونه الميراث الذي تناقلناه بالتتابع منذ الرسل خلال القديسين الذين تبعوهم[10]]... فكل جيل ملتزم بتسليم الجيل الجديد إنجيل الرب كسرّ حياة عملية خلال العقيدة السليمة والعبادة الحيّة والسلوك الروحي.

أما بخصوص غارات الجراد المذكورة هنا فقد رأى غالبية الدارسين أنها حملات حقيقية شاهدها النبي بينما ظن البعض أنها مجرد تعبير رؤيوى يكشف عما يتحقق فيما بعد، خاصة في الأزمنة الأخيرة...

القمص هو الجراد عندما يخرج من بيضه عاجزًا عن الحركة.

والزحاف هو الجراد عندما يبدأ في الحركة فيزحف أو يمشى.

والغوغاء عندما ينبت له جناحان صغيران.

والطيار ينطلق ليطير في الجو.

يرى كثير من علماء اليهود حتى أيام القديس جيروم أن هذه الغارات الأربع تُشير إلى أربع حملات قام بها سنحاريب ملك أشور ضد يهوذا (إش 1 ذ: 36)، أو إلى أربع ممالك سادت إسرائيل ويهوذا وهي: أشور وبابل؛ مادى وفارس؛ والمقدونيون؛ الرومان؛ أو: مصر وأشور وبابل واليونان... على أي الأحوال قبلت الكنيسة الأولى الفكر الرمزى لهذه الحملات دون إنكار حدوثها.

ويلاحظ في هذه الحملات الأربع (القمص. الزحاف. الغوغاء. الطيار) الآتى:

أولاً: نحن نعلم أن رقم 4 يُشير إلى العالم بجهاته الأربع: الشرق والغرب والشمال والجنوب. وإلى الجسد المأخوذ من الأرض أي من العالم. وكأن هذه الغارات تمثل حرب محبة العالم ضد المؤمن، وهجوم شهوات الجسد ضد الروح. فإذ يسقط الإنسان تحت الخطية، يسمح الله له بالتأديب خلال خطيته، إذ تحمل الخطية في ذاتها فسادها ومرارتها. فالمؤمن الذي ينحرف نحو محبة العالم وشهوات الجسد، يسمح الله أن يتركه إلى حين لهجمات محبة العالم وشهوات الجسد، ليدرك المؤمن أن الخطية تحمل في داخلها فسادها، فيتأدب بذات الخطأ الذي ارتكبه. هذا ما يؤكده لنا الله باستمرار: أن ما يحل بنا من تأديب هو ثمرة طبيعية لعمل ارتكبناه، فيقول: "أما صنعتِ هذا بنفسك؟!" (إر 2: 17). "طريقكِ وأعمالكِ صنعت هذه لكِ، هذا شركِ فإنه مرّ، فإنه قد بلغ قلبك" (إر 4: 18). فإذ يترك الإنسان الله الحق ويرتبط بمحبة العالم الباطل وشهوات الجسد الوقتية لا يتوقع إلاَّ أن يصير هو نفسه باطلاً، يفقد كل ما هو حق.

لقد أحب يهوذا العالم لا الله، شهوات الجسد لا الروح، لهذا صار أرضًا لا سماءً، وجسدًا بلا روح.

من محبة الله لنا إذ نقبل بإرادتنا أن نصير أرضًا لا سماءً، يسمح بكوارث زمنية أرضية عنيفة من براكين وزلازل وفيضانات وسيول وعواصف وأوبئة وقحط غارات الجراد والخسائر المادية تهز أرضنا، فنتركها هاربين إلى الله الذي وحده يجدد أرضنا ويجعلها سماءً له!!

إن كانت أرضنا، أى جسدنا، قد أثمر من ذاته شهوات جسدية، يسمح الله فيرسل غارات الجراد كثمر طبيعي لخطايانا يحطم ما ظنناه ثمرًا مفرحًا. فنهرب إلى الله الذي وحده يقدر أن يقدسنا. يجردنا من أعمالنا الذاتية الشريرة، لا ليحطمنا، وإنما ليحطم ما قد سكن فينا من شر واحتل مركز قلبنا. يطرد الشر ليملك هو فينا، واهبًا إيانا بروحه القدوس ثمرًا جديدًا يليق بالإنسان الجديد. لهذا، فلا عجب إن بدأ السفر بغزوات الجراد ليعلن غزو الروح القدس لقلوبنا (2: 28-32)، إذ نفقد ثمر الإنسان القديم وأعماله الميتة وننعم بثمر الإنسان الجديد على مستوى إلهي فائق!!

لتسمح يارب بتأديباتك ليّ مهما كانت مرارتها، فإننى إذ أتلمس خلالها مرارة خطاياي، تتعلق نفسي بعمل روحك القدوس واهب الحياة الساكن فيّ!!

لقد أوضح الله لسليمان الحكيم غاية التأديب بغارات الجراد، قائلاً: "إن أمرت الجراد أن يأكل الأرض، وإن أرسلت وبأ على شعبي، فإذا تواضع شعبي الذي دُعىِ اسمي عليهم وصلوا وطلبوا وجهي ورجعوا عن طرقهم الردية، فإنني أسمع من السماء، وأغفر خطيتهم، وأبرىء أرضهم" (2 أي 7: 13-14). إنه يسمح بالجراد لا لهدمنا، بل لهدم شرنا، لطلب وجهه والتجاوب مع روحه القدوس الساكن فينا، فننال غفران الخطايا. لكن للأسف كثيرًا ما يعاند الإنسان نفسه كما فعل بنو إسرائيل إذ يوبخهم، قائلاً: "كثيرًا ما أكل القمص جناتكم وكرومكم وتينكم وزيتونكم فلم ترجعوا" (عا 4: 9).

ثانيًا: يبدأ الله في تأديبه للإنسان بالسماح لغارة القمص الصغير أن تهاجمنا. فإن لم نرجع إليه يسمح بالزحاف، وإن لم نتب فالغوغاء ثم الطيار، وإذ لا نقبل تأديباته هذه كلها يسمح بغزو الأعداء. وأخيرًا يأتى يوم الرب ظلامًا قاتمًا لمن لم يقبل كل أنواع التأديبات. إنه يتدرج معنا في تأديباته حتى متى خضعنا له يترفق بنا.

ثالثًا: لعل هذه المرحلة من الجراد: القمص والزحاف والغوغاء والطيار، تُشير إلى حرب الخطيئة ضدنا وغزوها للقلب. تبدأ بالقمص الصغير جدًا، الذي يتسلل إلى القلب أو الفكر أو الحواس خفية كالثعالب الصغيرة المفسدة للكروم (نش 2: 15)، هذه التي يُستهين بها الإنسان فتملك على القلب وتفسده. وإذ يقوم القمص بدوره الخفي ينفتح الباب للزحاف حيث تزحف إلينا خطايا أخرى، فتسلمنا خطية إلى خطية، ونصبح ألعوبة في أيديهم. وإذ يسحبنا الزحاف إلى خطايا جديدة لم نكن نظن أننا نسقط فيها يتجرأ العدو علينا فتتسرب خطايا أبشع وأمر تمثل الخطايا في أبشع صورها أي الطيار، هذه التي تنطلق بنا إلى أعماق الهاوية، هذه التي وصفها سفر الرؤيا (9: 1-12) أنها خارجة من بئر أعماق الهاوية، مفسدة لنور الشمس تلدغ كالعقرب وصوت كصوت مركبات خيل كثيرة تجري إلى قتال. بمعنى آخر كل تهاون يسحبنا إلى مرحلة أخطر حتى يستسلم الإنسان لجراد الهاوية المهلك. يقول القديس مرقس الناسك: [يقدم لنا الشيطان خطايا صغيرة تبدو كأنها تافهة في أعيننا، لأنه بغير هذا لا يقدر أن يقودنا إلى الخطايا العظيمة[11]].
 
قديم 20 - 01 - 2021, 11:59 AM   رقم المشاركة : ( 32534 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,296,129

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

+ يوئيل + آثار الغارات




وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة





اصحوا أيها السكارى،

وابكوا وولولوا يا جميع شاربى الخمر،

على العصير، لأنه انقطع عن أفواهكم. [5]


في البداية سألهم أن يسمعوا ويصغوا. أما وقد حدثت غارات الجراد سألهم أن يصحوا ويتيقظوا عن سكرهم إذ شربوا خمر العالم الذي أفسد عقلهم وحطم حكمتهم الحقة. يليق بهم أن يفيقوا من السكر ليبكوا ويولولوا على ما وصلوا إليه من حرمان!!

[يوجد سكر للنفس يصعب تجنبه إذ تصطادنا اهتمامات هذا العالم حتى إن كنا نعيش في حياة الوحدة. عن مثل هذا يقول النبي: "اصحوا أيها السكارى (لكن ليس بالخمر)". ويقول آخر: "قد سكروا وليس من الخمر، ترنحوا وليس من المسكر" (إش 29: 9). في هذا السُكر يستخدمون خمرًا يسميه النبي: "سُم الافعوان"...

أتريد أن تعرف شيئًا عن ثمرة الكروم وثمر ذلك الغصن؟

إنه يقول: "عنبهم عنب سم ولهم عناقيد مرارة". لأنه ما لم نتطهر من كل الأخطاء، ونزهد تخمة كل الشهوات، نثقل قلوبنا بمسكر وخمر أشد خطرًا. دون أن تسكر بخمر أو تتخم بولائم[12]].

لقد سكروا بخمر محبة العالم، فحرموا أنفسهم من الخمر الجديد الذي هو "الروح القدس"، الذي به تترنح النفس في محبة الله.

يدعوهم سكارى، وفي نفس الوقت يطالبهم بالبكاء والولولة على العصير لأنه انقطع من أفواههم. إذ حرموا أنفسهم مما تمتع به التلاميذ في يوم الخمسين (خمر الروح القدس) حيث وقف الرسول بطرس وقال: "لأن هؤلاء ليسوا سكارى كما أنتم تظنون، لأنها الساعة الثالثة من النهار بل هذا ما قيل بيوئيل النبي: "يقول الله ويكون في الأيام الأخيرة أنيّ أسكب من روحي على كل بشرٍ..." (أع 2: 15-17).

ليبكِ إسرائيل القديم وليولول لأنه قد انقطع عن فمه عصير الخمر السماوي الجديد برفضهم سكنى الروح فيهم، وليفرح إسرائيل الجديد - رجال العهد الجديد - ويتهللوا إذ رفضوا خمر العالم، أي أعمال الإنسان القديم لينعموا بخمر الروح المحييّ!

إذ يطلب من السكرى بخمر العالم أن يصحوا ويتعقلوا لأن غارات الجراد قد حلت بهم يكشف لهم عن فاعلية هذه الغارات من جوانب كثيرة، بكونها فاضحة لعمل الخطية فينا.

يقول "إذ قد صعدت على أرضي أمة قوية بلا عدد، أسنانها أسنان الأسد ولها أضراس اللبوة" [6]. إن كانت الجرادة في أي مرحلة من مراحل نموها لا تزيد عن كونها حشرة صغيرة يستطيع الإنسان أن يستحقها بقدمه أو حتى بأصبعه، لكن الجراد يتجمَّع معا كحملات قوية وخطيرة لا يمكن مقاومتها.

في عتاب يقول، "صعدت على أرضه"، فإن ما يحل بنا بسبب خطايانا وإن كان بسماح إلهي لتأديبنا، ولكنه يعتبر كل ما يمسنا يمس أرضه هو، إذ نحن أرض الله التي أقامها ليسكن فيها البرّ (2 بط 3: 13). فما نرتكبه من خطايا يُسيء إلى الله في أرضه!

أما سرّ قوة هذه الأمة التي بلا عدد فيكمن في فمها، إذ يقول: "اسنانها أسنان أسد ولها أضراس اللبوة". فتحت الحية الغريبة فمها لتتحدث مع حواء، وإذ تراخت الأخيرة هلكت هي ورجلها ونسلها أيضًا. لنحذر إذن من كلمات إبليس المخادع، لنهرب منها كما من أسنان الأسد وأضراس اللبوة، إذ يقول الحكيم عن حكمة الله: "ليحفظك من المرأة الأجنبية من الغريبة الملقة بكلامها" (أم 7: 5).

يليق بنا ألاَّ نُخدع بكلامات إبليس المعسولة لئلا تمزقنا، كما يليق بنا أن نحرس لئلا يستخدمنا عدو الخير فنصير نحن أنفسنا أسنانه التي كأسنان الأسد؛ يستخدمنا في تمزيق حياة الآخرين وإيمانهم. فإن كان عدو الخير إبليس يجول كأسدٍ زائرٍ ملتمسًا من يبتلعه (1 بط 5: 8) فلا نكون نحن أداته في تمزيق اخوتنا.

من يسلم فمه لإبليس يكون اشبه بالأسنان في فم الأسد المهلك، كما يقول القديس يوحنا الدرجى: [فاه بطرس بكلمة فبكى بكاءً مرًا، ذلك لأنه لم يذكر القول القائل:" سأستيقط في طريقى لئلا أخطىء بلساني" (مز 38: 1)، ولا القول الآخر: "الزلة من السطح ولا الزلة من اللسان" ابن سيراخ (20: 20)[13]].

ومن يسلم فمه للرب يصير اشبه بالأسنان في فم الأسد الخارج من سبط يهوذا، يحمل روح الغلبة والنصرة والحياة خلال الشهادة له، لا يمزق حياة اخوته بل يمزق عمل إبليس المضاد للحق.

إذن كلنا أسنان إما في فم الأسد المقاوم للحق أو في فم الأسد الحق، وكما يقول الحكيم: " من ثمر فم الإنسان يشبع بطنه، ومن غَلَّة شفتيه يشبع، والموت والحياة في يد اللسان" (أم 18: 20-21).

ثانيًا: "جعلت كرمتي خربةً وتينتي متهشمة" [7].

إن كان تهاوننا مع الخطيئة قد أفسد حياتنا - أرض الرب - فصارت ميدانًا لغزو عدو الخير، الأمة التي بلا عدد، المفترسة كما بأسنان الأسد وأضراس اللبوة، فإن هذا قد حطم كرمة الرب وتينته.

يدعو الرب شعبه كرمته وتينته، فالكرم يقدم العنب الذي يجتاز مع الرب المعصرة ليحمل سمة آلامه ويدخل معه إلى قوة قيامته، والتينة بغلافها الحلو الذي يضم كميات كبيرة من البذور الرفيعة إشارة إلى عمل الحب والوحدة الذي للروح القدس العذب الذي يضم الأعضاء معًا بلا انعزالية ولا فردية[14]...

فالخطيئة تفقد الكرمة والتينة سمتهما، أي تحطم عمل المسيح المصلوب والروح القدس فينا. الخطيئة تحطم كرم الرب وتهشم تينته، فلا يقبل المؤمنون المعصرة بفرح لتقديم خمر جديد في ملكوت الآب، ولا السلوك بروح الحب والوحدة الذي هو عمل الروح القدس.

الله يفرح بشعبه، كالكرمة وسط البرية، أو كتينة بكر تشبع قلبه (هو 9: 10)، لكن الخطيئة تفسد هذه الكرمة وتهشم هذه التينة، وكما جاء في سفر حبقوق: "لا يزهر التين ولا يكون حَمْلُ في الكروم" (حب 3: 17).

ثالثًا: "قد قشرتها وطرحتها فأبيضت قضبانها" [7].

امتد عمل الجراد إلى قشرة الساق والفروع. ففقدت قشرتها وصارت قضبانها بيضاء. يا للعجب فإن البياض وهو يُشير إلى النقاوة والطهارة، ففي التجلي ظهر السيد المسيح بثيابه البيضاء كالنور (مت 17: 2)، إذ حملت في داخلها شمس البرّ الذي يشع ببهائه فيها. وعند القبر المقدس رأت القديسة مريم المجدلية "ملاكين بثياب بيض" (يو 20: 12). فإن العدو وهو يحاول الخداع يستخدم اللون الأبيض في حالة البرص علامة النجاسة (لا 13: 12-13).

فمادام لنا المسيح شمس البر ملجأ لنا فيه نختفي وهو يسكن فينا نحمل بياضه كالنور، ولكن إن نُزعنا عنه برفضنا إياه نصير قضبانًا بلا قشرة تحميه... لها بياض البرص النجس. بياض المسيح يرفعنا إلى السماء حيث السماوي سرّ بياضنا قائم، أما بياض البرص فيدفع صاحبه إلى خارج المحلة ليعيش منعزلاً، يشق ثيابه ويكون رأسه مكشوفًا ويغطى شاربيه وينادى: نجس! نجس! (لا 13: 36، 45).

رابعًا: الدخول إلى حالة ترمل مبكر، إذ يقول: "نوحي يا أرضي كعروس مؤتزرة بمسح من أجل بعل صباها" [8].

إن الإنسان عند ارتكابه للخطيئة يظن أنه يشبع نفسه المحرومة ويروي جسده بالملذات، فإذا به في الحقيقة يدخل بها إلى حالة ترمل، فتأتزر بالمسوح بغير إرادتها، لأنها فقدت عريسها الأول "الله" الذي ارتبطت به منذ صباها، وعوض ثوب العرس المفرح لها وللسمائيين، صار لها مسوح الترمل المحزنة.

على أي الأحوال يبقى عريسها الأول، عريس صباها، يتملقها ويذهب بها إلى البرية ويلاطفها (هو 2: 14)، لينزع عنها ثوب ترملها القاتم، قائلاً لها: "وأخطبك لنفسي إلى الأبد" (هو 2: 19). لكنه لا يخطبها وهي في حضن الرجل الآخر، إنما يؤكد لها: "أخطبك لنفسي بالعدل والحق والإحسان والمراحم، أخطبك لنفسي بالأمانة فتعرفين الرب" (هو 2: 19-20).

خامسًا: انقطاع التقدمة والسكيب، إذ يقول: "انقطعت التقدمة والسكيب عن بيت الرب، ناحت الكهنة خدام الرب" [9].

تكشف غارات التأديب الإلهي ما وصلت إليه النفس بسبب الخطية، فإنها إذ صارت مترملة، فقدت اتحادها بالعريس السماوي، ولم يعد يقدر الكهنة أن يقدموا تقدمة أو يسكبوا سكيبًا للرب، إذ لا يقبل تقدمة الأشرار ولا سكيب من أعطوه القفا لا الوجه.

قبول التقدمة والسكيب في بيت الرب علامة الاتحاد بين الله وشعبه المقدس ورضى الله عنه، أما وقد سقط الشعب في الرجاسات فلا قبول لتقدماته بدون التوبة والرجوع إليه. يقول المرتل: "لأنك لا تسر بذبيحة وإلاَّ فكنت أقدمها، بمحرقة لا ترضى، ذبائح الله هي روح منكسرة. القلب المنكسر والمنسحق يا الله لا تحتقره" (مز 51: 16-17).

في دراستنا لرسالة معلمنا بولس الرسول الثانية إلى تيموثاوس رأينا أن السكيب يُشير إلى حياة الفرح المستمر الذي يسكبه الروح القدس بغنى وسط الآم الكنيسة بكونها ذبيحة الله المتحدة مع المسيح الذبيح[15]. وكأن انقطاع السكيب هو انتزاع للفرح الروحي الدائم عن الشعب لتحل الكآبة عوضًا عنه... هذا هو ثمر الخطيئة الطبيعي.

نحن في حاجة أن يتقبل الله التقدمة والسكيب... فنحمل سمة المسيح المصلوب: التقدمة وسمة الفرح الروحي (السكيب)، إن رجعنا بالتوبة إليه.

سادسًا: تلف الثمار: "تلف الحقل، ناحت الأرض، لأنه قد تلف القمح، جف المسطار، ذبل الزيت. خجل الفلاحون، ولول الكرامون على الحنطة وعلى الشعير، لأنه قد تلف حصيد الحقل، الجفنة يبست، والتينة ذبلت، الرمانة والنخلة والتفاحة كل أشجار الحقل يبست، إنه يبست البهجة من بنى البشر" [1012].

إن كانت قد أفسدت الخطية كرم الرب وهشمت تينته، فإنها تفقد كل ثمر روحي في حياة المؤمن الذي هو حقل الرب.

أ. يتلف الحقل ويجف المسطار (الخبز الجديد) ويذبل الزيت: إن كان القمح يُشير إلى الخبز اليومي الضروري، فالمسطار يُشير إلى الشراب الروحي المفرح بينما يُشير الزيت إلى الدواء. هكذا جراد الخطية يفقد الإنسان طعامه الروحي وشرابه ودواءه، ليعيش في حالة جوع وعطش ومرض، ليس من يشبعه ولا من يرويه أو يضمد جراحاته.

لا يبخل الله على الإنسان بشيء، لكن الإنسان في جهله يستخدم ما لله لحساب عدوه. إذ يعاتب الله عروسه، قائلاً لها: "وهي لم تعرف أني أنا أعطيتها القمح والمسطار والزيت وكثرت لها فضًة وذهبًا جعلوه لبعل" (هو 2: 8). "وخبزي الذي أعطيتك السميذ والزيت والعسل الذي أطعمتك وضعتها أمامها (أمام صور ذكور تزنى معها) رائحة سرور" (حز 17: 19).

ليتنا خلال تأديبات الله ندرك ما بلغ إليه حالنا الداخلي فنجوع ونعطش إلى البرّ (مت 5: 6). (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و التفاسير الأخرى). فنجد السيد المسيح خبزًا سمائيًا لنا (يو 6: 15)، ومشربًا روحيًا، وطيبًا لنفوسنا.

ب. يخجل الفلاحون ويولول الكرامون إذ يأتي رب الحصاد فيجد حقله بلا حنطة ولا شعير. يجد رعاته وكهنته لا يقدمون طعام الأغنياء (الحنطة) أو حتى طعام الفقراء (الشعير).

إن كانت الحنطة تُستخدم كطعام للإنسان والشعير كطعام للحيوان، فإن الخطية تفسد كل شيء، فلا يشبع الإنسان (النفس الإنسانية) ولا حتى الحيوان (الجسد)؛ فيعيش الإنسان في حالة فراغ وجوع روحي ونفسأني وجسدي أيضًا.

ج. لا يوجد في النفس - الحقل الإلهي - ثمرًا سواء كان رمانًا أو نخلاً أو تفاحًا.

يُشير الرمان إلى وداعة المسيح التي تنعكس على وجه الكنيسة عروسه فيناجيها الرب: "خدك كفلقة رمانة تحت نقابك" (نش 4: 3)، إذ يكون لوجهها وداعته الحقة.

تُشير النخلة إلى حياة الاستقامة التي بلا انحراف، كقول العريس لعروسه الحاملة لطبيعة عريسها المستقيمة: "قامتك هذه شبيهة بالنخلة" (نش 7: 7).

ويُشير التفاح إلى التجسد الحامل للثمر المفرح لدى الآب والناس، حيث تقول العروس لعريسها المتأنس: "كالتفاح بين شجر الوعر كذلك حبيبى بين البنين، تحت ظله اشتهيت أن أجلس وثمرته حلوة لحلقي" (نش 2: 3). هكذا بالروح القدس إذ نتحد بشجرة التفاح الفريدة بين أشجار الوعر غير المثمر نصير نحن أنفسنا تفاحًا يُفَّرح قلب الله والناس، لنا رائحة مسيحنا... "رائحة أنفك كالتفاح" (نش 7: 8).

بمعنى آخر انعدام الرمان والنخيل والتفاح إنما يعني انتزاع سمة المسيح واستقامته ورائحته عن النفس البشرية!

د. إن كانت الخطية تفقد الإنسان طعامه الروحي (الحنطة) وشرابه (المسطار) ودواءه (الزيت)، تجعله بلا ثمر للنفس والجسد (حنطة أو شعير)، تحرمه من ملامح السيد واستقامته ورائحته الذكية... فإن هذا كله يحرم الإنسان بهجته الروحية وفرحه الداخلي، إذ يقول: "إنه قد يبست البهجة من بني البشر" [12].

كثيرون يظنون في الحياة المدللة فرحًا وبهجة، وفي الحياة مع الله حزنًا وكآبة... لكن الحقيقة غير هذه فان الحياة المدللة تحمل مرارة داخلية وكآبة وسط ترفها وضحكها، أما الحياة مع الله فتقدم فرحًا روحيًا عميقًا وسط الآلام والضيقات. الخطية تفقد الإنسان فرحه الروحي، والتوبة تهب فرحًا وسط الدموع، وسلامًا داخليًا رغم الطريق الكرب والباب الضيق. لهذا كتب القديس يوحنا الدرجى مقالاً كاملاً عن "النوح الحامل الفرح"[16]، جاء فيه: [تمسك كل التمسك بالتوجع المفرح الملازم لنخس القلب، ولا تكف عنه، حتى يرفعك عن الأرضيات، ويقدمك نقيًا إلى المسيح]، [من تسربل بالنوح المغبوط المنعم به عليه كحلة عرس، عرف ضحك النفس الروحأني]، [الدموع الناتجة عن ذكر الموت تولد الخوف، إذا ولد الخوف الاطمئنان أشرق الفرح، وإذا هدأ الفرح واستمر ثابتًا أينعت زهرة الحب المقدس[17]].
 
قديم 20 - 01 - 2021, 12:00 PM   رقم المشاركة : ( 32535 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,296,129

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

+ يوئيل + دعوة إلى التوبة




وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


كشف الله من خلال تأديباته عن ثمر الخطية المر في حياة شعبه:

* هاجمت أرضه أمة قوية بلا عدد، أسنانها كأسنان الأسد [6].

* صارت كرمته خربة، وتينته مُتهشمة [7].

* فقدت الساق والأغصان قشرتها وصارت بلا حمية [7].

* دخلت عروسه إلى حالة ترمل مبكر [8].

* انقطعت التقدمة والسكيب الذي هو علامة رضى الله وفرحه ببيته [9].

* فقدت الطعام والشراب والدواء [10].

* فقدت سمات الرب واستقامته ورائحته الذكية [12].

* خسرت البهجة الروحية [12].


والآن يسرع الرب إلى تحويل الدموع والحزن إلى التوبة، هذه التي يلزم أن يمارسها الكهنة مع الشعب، إذ يقول: "تنطقوا ونوحوا أيها الكهنة. ولولوا يا خدام المذبح. ادخلوا بيتوا بالمسوح يا خدام إلهي. لأنه امتنع عن بيت إلهكم التقدمة والسكيب..." [13]. يوجه حديثه إلى الكهنة خدام المذبح ليقوموا بدورهم القيادي، لا بالنصح والإرشاد، وإنما أولاً بممارسة التوبة العملية، ليكونوا مع الشعب غير منعزلين عنهم. وقد أبرز علامات التوبة وملامحها في النقاط التالية:

أولاً: التنطق [13] أو لبس المسوح. إنه ليس وقت للبس الملابس الكهنوتية الثمينة والبهية، إنما هو وقت للتمنطق بالمسوح حتى يرق الله لشعبه ويتراءف على أولاده الساقطين. لبس المسوح يلازمه التذلل الداخلي والانسحاق بالروح أمام الله. يقول القديس يوحنا الدرجى: [ليكن لك ثوبك على الأقل داعيًا إلى النوح لأن جميع الذين يندبون موتاهم يرتدون السواد[18]].

ثانيًا: النوح والولولة [13]. فيليق بالكاهن ألاَّ يطلب دموع اخوته وأولاده الروحيين وهو جاف في مشاعره، إنما يمارس ما يطلبه منهم، قائلاً مع النبي: "من أجل سحق بنت شعبي انسحقت، حزنت، أخذتني دهشة... ياليت رأسي ماء وعيني ينبوع دموع فأبكي نهارًا وليلاً قتلي بنت شعبي" (إر 8: 21، 9: 1).

يحدثنا القديس يوحنا الدرجى عن فاعلية النوح والدموع، قائلاً: [كما تبيد النار القصب تبيد الدمعة الطاهرة كل دنس جسدي وروحي]، [لا يحتاج الله يا أحبائي إلى إنسان يبكي ويتوجع، ولا يُريد ذلك، بل بالحرى يشاء أن يبتهج بحبه ويتهلل. أزل يا هذا الخطيئة، فتصير الدمعة الموجعة في الأعين الحسية فضلة زائدة، لأنه لا حاجة إلى تنظيف حيث لا يوجد جرح. لم يكن لآدم دموع قبل المعصية، ولن تكون دموع بعد القيامة، حيث تكون الخطيئة قد أبيدت وزال معها الوجع والغم والتنهد[19]].

ثالثا: تقديس صوم لهذا الغرض، فالتوبة تمس كل حياة الإنسان، خاصة الكاهن؛ تنهدات قلبه وصراخ فمه وملابسه وأيضًا بطنه. وكأن الإنسان يتحدث مع الله معلنًا توبته بكل وسيلة، فتتساند تصرفاته معًا للإعلان عن شوقه إلى الرجوع إلى الله.

الصوم هو لغة الأحشاء متفاعلة مع الروح والفكر والأحاسيس لتعلن الرغبة في اللقاء مع الله خلال الحياة المقدسة فيه.

يقول القديس يوحنا الدرجى: [ان عقل الصوَّام يصلي بأفكار طاهرة، أما عقل الشره فيمتلىء صورًا نجسة]، [إن إتخام المعدة يجفف ينابيع الدموع، أما إذا جفت المعدة بالإمساك فتنبع تلك المياه]، [إذا ضيَّقنا على معدتنا تذلل قلبنا، وإذا لذذناها تعجرف فكرنا[20]].

ويقول الأب مار اسحق السريأني: [قال أحد القديسين: إذ يضعف الجسد بالصوم والإماتة تتقوى النفس روحيًا بالصلاة[21]].

رابعًا: المناداة باعتكاف. إذ يقول للكهنة "نادوا باعتكاف. اجمعوا الشيوخ جميع سكان الأرض إلى بيت الرب إلهكم واصرخوا إلى الرب" [14]. هكذا يعلن النبي الالتزام بالمناداة باعتكاف، أي بالاحتفال الجماعي للتوبة، فكما اشتركت الجماعة معًا في الشر، هكذا تشترك في التوبة. وقد تحدثنا في مقدمة سفر هوشع عن التوبة الجماعية التي تتضافر مع الحياة الروحية الشخصية والعلاقة الخفية بين النفس والله بكون النفس عضوًا في الجماعة المقدسة.

إن كان الكاهن يمثل العمل القيادي في الإنسان فإنه يليق بهذه القيادة أن تنادي بالاعتكاف وتجميع شيوخ جميع سكان الأرض؛ أي يجمع الإنسان كل أحاسيسة وطاقاته وقدراته وكأنها شيوخ الأرض أي العاملون في الجسد، لكي يقدم الإنسان توبةً نابعة عن كل تصرفاته وإمكانياته الروحية والنفسية والجسدية. ليجتمع الكهنة مع سكان الأرض في بيت الرب، أى لتعمل الروح بطاقاتها مع الجسد بطاقاته تحت قيادة الرب، ويصرخ الإنسان بكليته إلى إلهه.

ليتم الاعتكاف في بيت الرب إلهنا، فنهرب من غضب الله باللجوء إليه، والاحتماء في محبته الحانية وطول أناته. وكما جاء في سفر إشعياء: "يتمسك بحصني فيصنع صلحًا معي، صلحًا يصنع معي" (إش 27: 5).
 
قديم 20 - 01 - 2021, 12:01 PM   رقم المشاركة : ( 32536 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,296,129

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

+ يوئيل + الحاجة إلى شفيع




وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


إذ يجتمع الكهنة مع الشيوخ في بيت الرب ينوح الكل مولولين لإدراكهم ما قد فعلته الخطية فيهم، مترقبين ذاك الذي وحده يقدر أن يشفع فيهم بدمه الكفاري، فينقذهم من الغضب الإلهي في ذلك اليوم الرهيب. لقد أبرز النبي هذين الأمرين المتكاملين: إدراك ما وصلنا إليه من مرارة ورعب قبالة يوم الرب، والحاجة إلى شفيع قادر على مصالحتنا مع الله.

فمن جهة إدراك ما وصلنا إليه يقول: "آه على اليوم لأن يوم الرب قريب، يأتي كخراب من القادر على كل شيء. أما انقطع الطعام تجاه عيوننا؟! الفرح والابتهاج عن بيت إلهنا! عفنت الحبوب تحت مدرها، خلت الأهراء، انهدمت المخازن لأنه قد يبس القمح، كم تئن البهائم؟! هامت البقر لأن ليس لها مرعى حتى قطعان الغنم تفنى" [15-18].

في اختصار صرنا في حالة جوع، إذ انقطع الطعام تجاه عيوننا، فانه لن تشبع بآخر غير الله نفسه الذي خُلقت على صورته ومثاله. لعله لهذا السبب وُلد السيد المسيح، كلمة الله المتجسد، في مزود حتى إذ صار الإنسان كحيوان جائع يميل إلى المزود، فيقتني طعامًا جديدًا قادرًا أن يشبعه أبديًا. يسمعه يقول: "أنا هو خبز الحياة... أنا هو الخبز الحيّ الذي نزل من السماء إن أكل أحد من هذا الخبز يحيا إلى الأبد. والخبز الذي أنا أعطي هو جسدي الذي أبذله من أجل حياة العالم... الحق الحق أقول لكم إن لم تأكلوا جسد ابن الإنسان وتشربوا دمه فليس لكم حياة فيكم" (يو 6: 48-53).

انقطع الطعام وزال الفرح والابتهاج فصارت النفس في حالة كآبة، بل صارت في موت لا تستطيع القول: "أنيّ ابتهج بالرب وأفرح بإله خلاصي" (حب 3: 18)... لأنها عزلت نفسها بنفسها عن الله مصدر بهجتها.

صارت النفس في حالة خراب بلا ثمر روحي، فعفنت الحبوب تحت مدرها، وانهدمت المخازن، وصارت بلا رجاء... حتى البهائم (الجسد) تئن، قطعان الغنم تفنى. بالخطيئة يفقد الإنسان حتى الأمور الجسدية التي من أجلها ارتكبها!

بمعنى آخر نقول إنه بالخطيئة حلت اللعنة على كل شيء حتى على الأرض، كقول الرب لآدم: "ملعونة الأرض بسببك" (تك 3: 17)... فلم يعد للبركة موضع.

الآن بعد إدراك ما وصلنا إليه من لعنة حلت بنا وبالأرض ونباتاتها وحيواناتها تدخل يوئيل كشفيع، أو بمعنى أدق كرمز للشفيع الحقيقى يسوع المسيح، الذي وحده يصرخ إلى أبيه فيستجيب له. يقول "إليك يا رب أصرخ ". إنه لا يصرخ عن نفسه وإنما عن الشعب، عن المراعى التي أحرقتها النار، وعن جداول المياه التي جفت [19-20].

هذا هو الشفيع الذي يسكن القلب "أورشليم الداخلية" فيصنع صلحًا للنفس والجسد بكل طاقاتهما مع الآب. هذا الذي يفرح به الآب ويطلبه قائلاً: "طوفوا في شوارع أورشليم وانظروا واعرفوا وفتشوا في ساحاتها، هل تجدون إنسانًا، أو يوجد عامل بالعدل طالب الحق فأصفح عنها" (إر 5: 1). إنه ربنا يسوع المسيح المختبىء في أورشليمنا الداخلية الذي به ننال الصفح عن خطايانا‍!
 
قديم 20 - 01 - 2021, 12:02 PM   رقم المشاركة : ( 32537 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,296,129

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

+ يوئيل + الحاجة إلى شفيع




وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



عوض غارات الجراد هب ليّ روحك الناري!

v احسبني يا رب كيوئيل ابنًا لفثوئيل (فتح الله)!

افتح يا رب قلبي، فأبصرك داخلي؟، أتعرف عليك، وأدرك حكمتك!

v خطايا يهوذا جلبت على أرضهم غارات الجراد الأربع:

غارات القمص والزحاف والغوغاء ثم الطيار.

خطاياي جلبت علىّ تأديباتك، تقسو بالتدريج لعلي أرجع فأتوب!

خطاياي حوّلت قلبي إلى أرض قحط.

عوض غارات الجراد ليهب روحك القدوس على أرض قلبي،

يحول بريتي إلى فردوس مثمر.

يحول أرضى إلى سماء لا تقترب إليها جرادة واحدة!

v لتؤدب يا رب... ولتشد يدك!

لكن لا تسمح بهلاكي، بل بهلاك الفساد الذي دبَّ فيّ!

أنت تسمح ليّ بالمرارة، لكنك تطلب بهجة خلاصي وفرحي الأبدي!

v سببت ليَّ الخطية قحطًا وجوعًا!

أفسدت سلامي ونزعت عني فرحي الداخلي!

حولت عرسي إلى مأتم!

نزعت رائحتك الزكية من أعماقي!

حرمتني من التقدمة وسكيب الفرح!

نزعت عني البركة وحلت بيّ لعنتها!

من يخلصني منها غيرك يا مخلص العالم، يا شفيعي السماوي!

أنت شبعي، وسلامي، وفرحي، ومصدر كل بركة!
 
قديم 20 - 01 - 2021, 12:04 PM   رقم المشاركة : ( 32538 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,296,129

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

+ يوئيل +الخراب المدمر



وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


لم يستفد الشعب من غارات الجراد، إذ قيل بعاموس النبي: "ضربتكم باللفح واليرقان، كثيرًا ما أكل القمص جناتكم وكرومكم وتينكم فلم ترجعوا إليّ يقول الرب" (عا 4: 9)، لذا بدأ يحدثهم عن تأديب آخر هو غارات الأعداء المدمرة، إذ يقول:

اضربوا بالبوق في صهيون،

صوّتوا في جبل قدسي،

ليرتعد جميع سكان الأرض،

لأن يوم الرب قادم لأنه قريب. [1].


أولاً: ضرب البوق في صهيون: كان الضرب بالأبواق من صميم عمل الكهنة، تُضرب عندما يتحرك الموكب "في البرية"، وعند الإعلان عن حرب، وفي مسح الملك، وعند الاحتفال بالأعياد الخ... وكان البوق فضيًا (لا 10) يُشير إلى الوصية الإلهية أو الكلمة الإلهية، التي تعمل في النفس أثناء جهادها وحربها ضد الخطية وتملأها فرحًا وبهجة مع كل عمل إلهي داخلي.

يأمر الله بضرب البوق في صهيون ليس لأن أمة معينة تهاجم صهيون، وإنما لأن يوم الرب قادم فترتعد جميع سكان الأرض... إنه يوم قريب!!

لعله أراد بضرب الأبواق في صهيون في الجبل المقدس أن يعلن أن الله هو الذي يسمح بهياج الأعداء على شعبه لتأديبهم. فإذا لم يسمعوا لصوته خلال الوصية يقدم إليهم بالرعب خلال أعدائهم، مستخدمًا إياهم لتحقيق خلاصهم من الشر؛ لم يسمعوا بوداعته فلينتظروا حزمه!

لنسمع صوت البوق، إنذارات الله، من فم الكهنة، ولنقبل الوصية الإلهية وإن كانت مرة بالنسبة للأشرار لأنها تحطم الشر الذي يحبونه، إذ "يرتعد جميع سكان الأرض" كل ما هو أرضي يهتز في قلب الشرير أمام الوصية الإلهية، وتتزلزل كل معصية وتعدي في داخله أمامها. وكما قيل: "هل يضرب بالبوق في مدينة والشعب لا يرتعد؟!" (عا 3: 6).

إن كان ضرب البوق يُشير إلى قدوم الكلمة الإلهي إلى النفس، فإن هذا يتبعه حتمًا تحطيم كل وثن داخلي احتل القلب زمانًا وكما يقول إشعياء النبي: "هوذا الرب راكب على سحابة خفيفة سريعة وقادم إلى مصر، فترتجف أوثان مصر من وجهه ويذوب قلب مصر داخلها" (إش 19: 1).

ثانيًا: "يوم ظلام وقتام، يوم غيم وضباب، مثل الفجر ممتدًا على الجبال" [2].

إن كان يوم الرب بالنسبة للمؤمنين الحقيقيين هو يوم عرس مبهج ومنير حيث يتقدم العريس - شمس البر - ليلتقي بعروسه التي تضيء كالقمر بنوره، فإنه بالنسبة للأشرار يوم ظلام وقتام، يوم غيم وضباب، إذ لا يقدرون على معاينة الرب في مجده وبهائه ولا التمتع بأسراره.

يتطلع يوئيل النبي إلى فترات غزو الجراد ليرى الجو قد تحول إلى ظلامٍ دامسٍ، لا لعدم وجود الشمس، وإنما من أجل الجراد الذي غطي الجو كله، فأفقد الإنسان بصيرته للنور، فيتحول النهار في عينيه إلى ليل. هذا المنظر وصفه سفر الخروج عند حدوث ضربة الجراد على أرض مصر: "فصعد الجراد على كل أرض مصر... وغطى وجه كل الأرض حتى اظلمت الأرض" (خر 10: 14، 15).

خلال هذا المنظر رأى يوئيل النبي ما سيحدث في يهوذا بواسطة جيوش الأعداء. فبسبب كثرة الجيش المقاتل والمركبات تتحول أرض يهوذا إلى عاصف تراب يسبب قتامًا وظلامًا. وبنفس الصورة يتحقق الأمر بالنسبة للأشرار في يوم الرب العظيم حيث يأتى ليدين المسكونة، فيكون لهم قتامًا وظلامًا بسبب ما حملوه في داخلهم من قتام الخطية وظلمتها فتحجب عنهم معاينة بهائه.

ولعل الظلام والقتام يشيران إلى ما حل بالنفس من مرارة وضيق أثناء التأديب، فتسود عيني الإنسان ونظرته إلى الحياة!

أما قوله: "مثل الفجر ممتدًا على الجبال" فيعني تأكيد حدوثه. فهو آتٍ لا محالة بالنسبة لجميع البشر: الجبال المقدسة والجبال النجسة. تفرح به جبال صهيون المقدسة، وترتعب أمامه الجبال الحاملة لمذابح البعل!

ثالثًا: يقدم لنا صورة مرة وقاسية للجيش المقاوم من جهة عدد المحاربين وقوتهم وفاعليتهم، إذ يصفه هكذا:

1. "شعب كثير وقوى لم يكن نظيره منذ الأزل ولا يكون أيضًا بعده إلى سنى دور فدور" [2].

2. الله في طول أناته ينتظر ويتأنى... لكنه يضطر من أجل محبته أن يؤدب. وإذ لا نستجيب يبدو الله قاسيًا في تأديباته حتى إذ نسقط تحت التأديب نشعر أنه فريد في آلامه ومرارته! إنها الأبوة الحانية لأجل خلاص النفس العاصية المستميتة في خطاياها!

ب. لا يقف الأمر عند كثرة العدد إنما "كمنظر الخيل منظره ومثل الأفراس يركضون، كصريف المركبات على رؤوس الجبال يثبون" [4-5]. يُرعب عيوننا بمنظره، آذاننا بصوته، العيون التي استطابت الخطية مسترخية في جهادها الروحي يرعبها التأديب الإلهي فتراه كخيل عنيف، ليس من يقدر أن يقاومه وكفرسان يركضون فليس وقت للرخاوة أو التباطؤ. صوته مرهب وعنيف للغاية، كأصوات المركبات التي تبلغ إلى رؤوس الجبال، ليس من يفلت منها!

ج. من جهة عمل التأديب فهو يفضح عمل الخطية فينا. إذ تحول جنتنا الداخلية إلى قفر: "قدامه نار تأكل، وخلفه لهيب يحرق، الأرض قدامه كجنة عدن وخلفه قفر خرب ولا تكون منه نجاة" [3]. هذا الغزو الناري وإن كان في أعماقه تأديبًا إلهيًا لكنه هو ثمر طبيعي لعمل الخطية، النار المهلكة، من يمارسها يحتضن نارًا تهلكه. هذه النار لا يمكن أن يقوى عليها إلاَّ نار الروح القدس، الذي يحول القفر الخرب إلى فردوس مبهج. فبنار الروح القدس تُباد نار الخطية، وبثمر الروح يرد للقلب حاله الأول ليصير جنة الله المبهجة، فيناجي المؤمن مخلصه قائلاً: "ليأتِ حبيبي إلى جنته ويأكل ثمرة النفيس" (نش 4: 6).

إن كان هذا السفر هو سفر يوم الرب الرهيب للخطاة الذين تحوّل فردوسهم إلى قفر، فهو في نفس الوقت سفر انسكاب الروح على بني البشر الذي يرد إلينا طبيعتنا، فيجعلنا فردوسًا لله عوض القفر الذي صرنا إليه. لهذا يقول القديس غريغوريوس أسقف نيصص للموعوظين قبيل عمادهم: [إنكم خارج الفردوس أيها الموعوظين. إنكم تشاركون آدم أباكم الأول في نفيه، والآن يفتح الباب وتعودون من حيث خرجتم[22]].

إن كان النبي يرى في الخطية نارًا تلتهم القش[5]. فالروح الناري يحول هذا الرماد إلى هيكل مقدس للرب. يقول القديس كيرلس الكبير: [ينال المعمد الروح القدس فيه ويحمل فعلاً لقب هيكل الله[23]].

د. من جهة الخطة فهي محكمة للغاية: "يصعدون السور كرجال الحرب، ويمشون كل واحد في طريقه ولا يغيرون سبلهم، ولا يزاحم بعضهم بعضًا، يمشون كل واحدٍ في سبيله وبين الأسلحة يقعون ولا ينكسرون" [7-8]. فقد شاهد النبي غارات الجراد وقد غطت الجو تمامًا. انطلقت إلى الحقول فأكلت كل ما هو أخضر فيها، وتسربت إلى البيوت خلال الكوى. ليس من يقدر أن يقاوم! ومع هذا كله أدرك كأن لكل جرادة عملها الذي أُرسلت من أجله. فلا تزاحم جرادة أختها، ولا تتحرك إلاَّ بالقدر الذي سمح لها به الله للتأديب. ما حدث لم يكن مجرد كارثة طبيعية بلا هدف إنما حملت هدفًا دقيقًا في جملتها كما في تفاصيلها. والأمر بعينه، يتكرر مع غزو الأعداء ضد يهوذا، فما يحدث من تخريب لا يكون بلا هدف إنما كل شيء محدد بدقة فائقة!

الله الذي سمح للعدو أن يهاجم شعبه لا يقف أمامه السور حائلاً، فإن الخطة تتم ويدخل كل إلى موقعه، وإن سقط بين الأسلحة فلا ينكسر حتى يحقق الهدف.

ه. لا يفلت أحد من هذا التأديب، ما دام الكل قد أخطأ، فإن كان يهاجم الحقول المكشوفة في القرى ليحولها إلى قفر، فإنه يتسلل كلصوص من الكوى إلى البيوت في المدن. يتخطى السور ولا يقف أمامه حائط... ليس من يقدر أن يهرب، فإن ثمر الخطية يتبعه إينما وُجد ولو كان في داخل مخدعه محاطًا بالأسوار المنيعة!

و. يحمل مرارة المرّ، ليس من يقدر أن يطيقه: "قدامه ترتعد الأرض وترتجف السماء، الشمس والقمر يظلمان، والنجوم تحجز لمعانها. والرب يعطى صوته أمام جيشه. إن عسكره كثير جدًا. فإن صانع قوله قوى، لأن يوم الرب عظيم ومخوف جدًا. فمن يطيقه؟! [10-11].

هذه هي ذات العلامات التي قدمها السيد المسيح نفسه عن مجيئه الأخير، هي علامات مرعبة للخطاة الأشرار... يسمح الله للطبيعة أن تهتز أمامهم وترتجف ليدركوا ماذا تفعل الخطية بالطبيعة فيستعد الخطاة بالتوبة لملاقاة الرب.

والعجيب أن الله يعتبر الجيش المقاوم لشعبه "جيشه"، لأنه هو الذي سمح له أن يقوم بالتأديب، فصار عصاه للتأديب ولكن إلى حين.

وللآباء مفاهيم روحية رمزية لارتعاد الأرض وارتجاف السماء وظلمة الشمس والقمر وتساقط النجوم... الأمر الذي نعود إليه بأكثر توسع في دراستنا لانجيل متى (ص 24) إن شاء الرب وعشنا مكتفيًا هنا ببعض المقتطفات:

v الآن نهاية كل الحياة الزائلة. وكما يقول الرسول تزول هيئة هذا العالم الخارجي ليتبعه عالم جديد، وعوض الكواكب المنظورة يضيء المسيح نفسه بكونه شمس الخليقة الجديدة وملكها. عظيمة هي قوة هذه الشمس الجديدة. وعظيم هو بهاؤه وذلك كالشمس التي تضيء الآن حيث يظلم القمر والكواكب الأخرى أمام هذا النور العظيم[24].
يوسابيوس القيصري

v كما أن القمر والنجوم تتضاءل بسرعة أمام الشمس المشرقة هكذا أمام ظهور المسيح تظلم الشمس، ولا يعطى القمر ضوءه، وتتساقط النجوم من السماء، فيُنزع عنها بهاؤها السابق لكي تلبس ثوب النور العظيم[25].
القديس يوحنا الذهبي الفم

الأرض المرتعدة هي الجسد الذي يضعف ويهزل أمام الرجاسات التي يرتكبها الإنسان لبهجة جسده وراحته، ففيما يظن أنه يقدم الراحة لجسده إذا به يرعده دون أن يدري. أما السماء فتُشير إلى النفس التي كان يجب أن تكون مركزًا لملكوت الله وموضعًا لسكناه... تفقد النفس أمانها وسلامها خلال الخطية فترتجف. وتبطل الأنوار السماوية علامة فقدان البصيرة الروحية والدخول إلى حالة تخبط روحي، هكذا يعلن التأديب الإلهي ثمرة خطايانا؛ يفضحها فينا فلا نطيق يومه الرهيب. لقد سبق فقال أهل بيتشمس الذين سرقوا تابوت العهد: "من يقدر أن يقف أمام الرب الإله القدوس هذا؟! وإلى من يصعد عنا؟!"(1 صم 6: 20). كما يقول المرتل: "أنت مهوب أنت، فمن يقف قدامك حال غضبك؟! من السماء أسمعت حكمًا! الأرض فزعت وسكتت عند قيام الله للقضاء لتخليص كل ودعاء الأرض" (مز 76: 7-9).
 
قديم 20 - 01 - 2021, 12:05 PM   رقم المشاركة : ( 32539 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,296,129

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

+ يوئيل +التوبة



وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


إذ كشف الله بتأديباته عن فاعلية الخطية في النفس والجسد، فتح الله أبواب الرجاء لشعبه على مصراعيه حتى لا يسقط أحد في اليأس. إذ ينادى قائلاً: "ارجعوا إليَّ بكل قلوبكم وبالصوم والبكاء والنوح، ومزقوا قلوبكم لا ثيابكم، وارجعوا إلى الرب إلهكم لأنه رؤوف رحيم، بطيء الغضب وكثير الرأفة ويندم على الشر، لعله يرجع ويندم فيبقى وراءه بركة تقدمة وسكبيًا للرب إلهكم" [12-14].

في هذه الدعوة يعلن الآتى:

أ. التوبة في جوهرها هي "رجوع إلى الله"... ليس مجرد ندامة على الخطية أو توقف عن الإثم، إنما في إيجابيتها رجوع إلى الأحضان الإلهية، فنعطى لله الوجه لا القفا... لهذا يؤكد الله سماته الخاصة بعلاقته بنا أنه رؤوف رحوم بطيء الغضب وكثير الرحمة.

وكما يقول القديس كبريانوس: [يستطيع أن يصفح، مترفقًا بالخاطىء الذي يعمل سائلاً الرحمة[26]]. لقد استخدم الله كل وسيلة ممكنة للتعبير عن محبته للإنسان وترفقه به لكي يعود إليه فيجد فيه الأحضان الأبوية التي لا تغلق قط أمام الراجعين! يقول القديس أمبروسيوس: [ليته لا يخف أحد من الهلاك، مهما كانت حالته، ومهما كان سقوطه، فسيمر عليه السامري الصالح الذي للإنجيل، ويجده نازلاً من أورشليم إلى أريحا، أي هاربًا من آلام الاستشهاد إلى التمتع بملذات العالم مجروحًا بواسطة اللصوص... مطروحًا بين حيّ وميت، هذا السامري الصالح الذي هو رمز للسيد المسيح، الذي هو حارس للأرواح، لن يتركك إنما يتحنن عليك ويشفيك[27]].

إن كان الله هو الذي يسمح بالتأديب - الذي نراه شرًا - فإننا إذ نرجع إليه "يندم على الشر". وكما يقول الأب ثيودور: [اعتاد الكتاب أن يستخدم بعض التعبيرات في غير معناها الأصلي، فيستخدم كلمة "الشرور" عن "الأحزان والضيقات" ليس لأنها شر أو طبيعتها شريرة، بل لأن من تحل بهم هذه الأمور لأجل صالحهم يعتبرونها شرًا. فحينما يتحدث الحكم الإلهي مع البشر يتكلم معهم حسب لغتهم ومشاعرهم البشرية[28]].

ب. الرجوع بكل القلب: كثيرون يرجعون إلى الله وقت الضيق لكن ليس بكل القلب، فاذا ما رُفع الضيق عادوا فورًا إلى شرهم الأول، وربما إلى حال أشر، كما كان فرعون الذي دعا موسى وهرون وسألهما أن يصليا عنه وعن شعبه، فيطلق الشعب ليذبح للرب (خر 8: 8) لكن "لما رأى فرعون أنه قد حصل الفرج أغلظ قلبه ولم يسمح لهما كما تكلم الرب" (خر 8: 15)...

ليكن رجوعنا إلى الله بكل القلب، يسندنا في ذلك الصوم والبكاء والنوح... وكأن الجسد يشترك مع النفس في الرجوع إلى الله، معلنًا ذلك بالصلاة والصوم والدموع.

في هذا يقول القديس أمبروسيوس: [ليت هؤلاء الذين يتوبون يعرفون كيف يقدمون التوبة، بأية غيرة، وبأى مشاعر، وكيف تبتلع كل تفكيره، وتهز أحشاءه الداخلية، وتخترق أعماق قلبه، إذ يقول إرميا النبي: "أنظر يا رب فإني في ضيق، أحشائي غلت، ارتد قلبي في باطني" (مرا 1: 2)].

ويقول: [شيوخ بنت صهيون يجلسون على الأرض ساكتين، ويرفعون التراب على رؤوسهم، يتمنطقون بالمسوح. تحني عذارى أورشليم رؤوسهن إلى الأرض، كلت من الدموع عيناي، غلت أحشائي، انسكب على الأرض كبدي" (مرا 2: 10-11). هكذا أيضًا أهل نينوى حزنوا فهربوا من هلاك مدينتهم (يونان 3: 5) يا لقوة مفعول هذا الدواء الذي للتوبة، حتى ليبدو كأنه يغير نيِّة الله!].

[اظهر جراحاتك للطبيب فيشفيك... أزل آثار جروحك بالدموع! فإن هذا هو ما صنعته المرأة المذكورة في الإنجيل، فأزالت بذلك نتانة خطاياها. لقد غسلت خطاياها بغسلها قدمىْ المخلص بدموعها[29]].

لا تقف التوبة عند المظهر الخارجي، إنما يلزم أن تمس القلب الداخلي، القلب كله... . "مزقوا قلوبكم لا ثيابكم". وكما يقول القديس كبريانوس: [أسالكم أيها الإخوة الأعزاء أن يعترف كل واحد بخطاياه التي ارتكبها في هذا العالم... لنرجع إلى الرب بكل القلب، ونعبر عن توبتنا عن خطايانا بالحزن الحقيقي، متوسلين إلى رحمة الله، لتنحنِ نفوسنا قدامه، ليشفع حزننا أمامه، ليكن كل رجائنا فيه، فقد أخبرنا كيف نسأله... لنرجع إلى الرب بكل قلبنا، ونطفيء غضبه وسخطه بالصوم والبكاء والحزن كما نصحنا هو بنفسه[30]].

ج. في قوله: "لعله يرجع ويندم" لا يعني عدم اليقين، وإنما علامة الوقوف أمام الله بتذلل وانسحاق، مترجين رحمته، فالله يطلب في توبتنا الاتضاع، إذ "ذبائح الله هي روح منكسرة، القلب المنكسر والمنسحق يا الله لا تحتقره" (مز 51: 17).

إنه يندم لا بمعنى تغيير فكر الله، وإنما بمعنى الحب، كالأب الذي يؤدب ابنه بحزم متظاهرًا بالقسوة لعل ابنه يعود إليه، فيعود إلى ابنه. إنه حتى في لحظات حزمه لا يحتمل دموع الابن. وعلامة ندمه أنه يترك وراء التأديب بركة لا غضبًا، فيقبل من ابنه التقدمة والسكيب علامة رضاه عنه وقبوله: "فيبقى وراءه بركة تقدمة وسكيبًا للرب إلهكم" [14].

د. التوبة تمارسها الجماعة كلها، الشيوخ والأطفال والرضع والمتزوجون حديثًا والكهنة وخدام الرب. إن كانت الخطية قد امتدت إلى الجميع لذا يليق أن يشترك الكل معًا، ويسند البنيان بعضه البعض في حياة التوبة.

يتحدث إرميا النبي عما فعلته الخطية بالرضع: "لصق لسان الراضع بحنكه من العطش، الأطفال يسألون خبزًا وليس من يكسره لهم" (مرا 4: 4)... وفي رحمة الله بنينوى كان للأطفال اعتبارهم الخاص لديه، إذ يقول: "أفلا أشفق أنا على نينوى المدينة العظيمة التي يوجد فيها أكثر من أثنتى عشر ربوة من الناس الذين لا يعرفون يمينهم من شمالهم وبهائم كثيرة؟!" (يو 4: 11).

ه. يشترك الكهنة مع الشعب في التوبة بكونهم خدام الرب بين الرواق والمذبح، عملهم الرئيسي خدمة الرب خلال المذبح، أي في المسيح الذبيح. إنهم يخدمون خلال الصلاة الدائمة والشفاعة عن الشعب، قائلين: "اشفق يا رب على شعبك ولا تسلم ميراثك للعار حتى تجعلهم الأمم مثلاً، لماذا يقولون بين الشعوب أين إلههم؟!" [17].
 
قديم 20 - 01 - 2021, 12:06 PM   رقم المشاركة : ( 32540 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,296,129

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

+ يوئيل +الله يرق لشعبه



وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



الله يرق لشعبه

"يغار الرب لأرضه ويرق لشعبه" [18]... ما سمح الله به لشعبه من آلام إنما لأجل غيرته على أرضه المقدسة، ورقته نحو شعبهم المحبوب لديه جدًا، إذ فيما هو يؤدب يطلب من أولاده أن يتطلعوا إليه لا كديان منتقم بل كأب محب يشتاق أن يفرح بهم ويُسر بحبهم له. أما علامات محبته الأبوية فهي:

أ. إن كانت النفس تدخل إلى حالة جوع وعطش ومرض بسبب الخطية، فإن الله في محبته يقدم نفسه طعامًا وشرابًا ودواءًا روحيًا لها، قائلاً: "هأنذا مرسل لكم قمحًا ومسطارًا وزيتًا لتشبعوا منها، ولا أجعلكم عارًا بين الأمم" [19]... لا تعود تسأل الأمم - أي العالم - ليشبع عاطفتها أو يروى أحاسيسها أو يطيب جراحاتها بل تجد في عريسها كل الشبع.

يُناجي القديس يوحنا سابا الله مصدر الشبع الحقيقى، قائلاً:

[طوبى للذي نسى حديث العالم بحديثه معك، لأن منك تكتمل كل حاجاته!

أنت هو أكله وشربه!

أنت هو بيته ومسكن راحته، إليك يدخل في كل وقت ليستتر!

أنت هو شمسه ونهاره، بنورك يرى الخفيات!

أنت هو الآب والده!

أنت أعطيت روح ابنك فيه، والروح أعطاه دالة أن يطلب منك كل مالك، مثلما يطلب الابن من أبيه! معك حديثه في كل حين، لأنه لا يعرف له أبًا غيرك![31]].

ب. إذ يحقق الله الهدف بالتأديب حيث يرجع الشعب إليه، يدين الشعب المقاوم، الجيش الذي استخدمه كأداة تأديب... لماذا؟ لأنه سقط في الكبرياء، كقول النبي: "فيكون متى أكمل السيد كل عمل بجبل صهيون وبأورشليم انى أعاقب ثمر عظمة قلب ملك أشور وفخر رفعة عينيه" (إش 10: 12). فقد تصلف العدو وظن في نفسه أنه قدير ولم يدرك أن الله كان يستخدمه لتأديب شعبه. لهذا يذله الرب على تصلفه: "والشمالي أبعده عنكم، وأطرده إلى أرض ناشفة ومقفرة مقدَّمته إلى البحر الشرقي (البحر الميت شرقي اليهودية) وساقته (مؤخرته) إلى البحر الغربى، فيصعد نتنه وتطلع زُهمته (رائحتة الكريهة) لأنه قد تصلف في عمله" [20]...

هكذا إذ يسقط في العجرفة يشقه الرب ليحطم مقدمته في مياه البحر الميت ومؤخرته إلى أقصى البحر الغربي لكي لا يجتمع معًا مرة أخرى، تفوح رائحة نتنه في كل موضع. هذا كله بسبب التصلف، كقول إشعياء النبي: "لأنه قال: بقدرة يدي صنعت وبحكمتي، لأنى فهيم، ونقلت تخوم شعوبٍ ونهبت ذخائرهم وحططت الملوك كبطل.. لذلك يرسل السيد سيد الجنود على سمانه هُزالاً، ويوقد تحت مجده وقيدًا كوقيد النار، ويصير نور إسرائيل نارًا وقدوسه لهيبًا فيحرق ويأكل حسكه وشوكه في يومٍ واحدٍ، ويفني مجد وعره وبستانه (النفس والجسد معًا)" (إش 10: 13-18).

ج. يغسل الرب جراحاتهم السابقة فيرد الغم الذي سيطر عليهم بسبب الخطية إلى بهجة وفرح [21].

د. تقديس كل الطاقات والمواهب بالروح القدس، إذ يقول: "لا تخافي يا بهائم الصحراء، فإن مراعي البرية تنبت، لأن الأشجار تحمل ثمرها، التينة والكرمة تعطيان قوتهما. ويا بني صهيون ابتهجوا وافرحوا بالرب إلهكم لأنه يعطي المطر المبكر على حقه وينزل عليكم مطرًا مبكرًا ومتاخرًا في أول الوقت" [22-23].

ارتبط العصر المسيانى في ذهن الأنبياء بالمياه المقدسة (حز 36: 26؛ إش 30: 23؛ إر 31: 9؛ زك 13: 1-2؛ مز 46: 4 الخ...) التي تحول القفر أرضًا خصبة، تروى المؤمنين كأشجار فردوس الله، تنزع النجاسات وتطهر الأرض من عبادة الأصنام، وتقدم حياة وتقديسا[32]...

ما هو المطر المبكر والمتأخر إلاَّ الروح القدس الذي يروى النفس الظمآنة، فتنبت البرية، وتحمل الأشجار ثمارها، وتعطى التينة والكرمة قوتهما؟! انه الروح القدس الذي عمل في القديم كمطر مبكر، لكنه بالأكثر استقر فينا بعد صعود الرب ليحول بريتنا الداخلية إلى فردوس مفرح!

يقول النبي: "لا تخافي يا بهائم الحقل، فإن مراعي البرية تنبت"، فإن كان الجسد قد صار بسبب الخطية كبهائم الحقل بلا مرعى، فإن الروح القدس يقدس الجسد ويشبع كل طاقاته وأحاسيسه بما هو للبنيان، إنه لا يحطم بهائم الحقل، ولا يحقر من شأنها، بل يقدسها ويشبعها بما هو للرب! ولهذا يسأل بني صهيون أن تبتهج وتفرح من أجل هذا المطر السماوي. وكأن النبي يعلن خلال الظل ما قاله السيد لتلاميذه: "لكني أقول لكم الحق إنه خير لكم أن أنطلق، لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزى" (يو 16: 7).

هذا هو المطر الذي وعد السيد المسيح تلاميذه أن يرسله لهم من عند الآب علامة حبه لهم واهتمامه بهم، وكما جاء في الأمثال: "في نور وجه الملك حياة، ورضاه كسحاب المطر المتأخر" (أم 16: 15). ويقول هوشع النبي: "خروجه يقين الفجر، يأتى إلينا كالمطر، كمطر متأخر يسقي الأرض" (هو 6: 3). ويسألنا زكريا النبي أن نطلب هذا المطر المتأخر ليعمل في حياتنا: "اطلبوا من الرب المطر في أوان المطر المتأخر، فيصنع الرب بروقًا، ويعطيهم مطر الوبل، لكل إنسان عشبًا في الحقل" (زك 10: 1). هذا هو عطية الله العظمى: "لنخف الرب إلهنا الذي يُعطي المطر المبكر والمتأخر في وقته، يحفظ لنا أسابيع الحصاد المفروضة" (إر 5: 24).

قدم لنا السيد المسيح هذا المطر المتأخر في حينه لكي تشبع نفوسنا بالرب فتسبحه، وتدرك حلوله في وسطها، أي يهبها الشبع الروحي وحياة التسبيح والشعور بالحضرة الإلهية، إذ يقول "وتأكلون أكلاً وتشبعون، وتسبحون اسم الرب إلهكم الذي صنع معكم عجبًا ولا يخزى شعبي إلى الأبد، وتعلمون إنى أنا في وسط إسرائيل وأنيّ أنا الرب إلهكم وليس غيري ولا يخزى شعبي إلى الأبد" [26-27].

إن كان الإنسان قد خرج من الفروس جائعًا، لا يستطيع العالم كله أن يشبع قلبه أو أحاسيسه أو فكره... فإنه يبقى هكذا هائمًا على وجه الأرض في جوع شديد حتى يملأه الله بروحه القدوس المشبع!

هذا الشبع يولد تسبيحًا، فيصير الإنسان كالرضيع الذي يفرح بأمه فتهتز كل مشاعره وتتجاوب كل أعضاء جسده مع فرحه ليخرج تسبحة حب حقيقي يعجز اللسان عن التعبير عنها، فالتسبيح ليس مجرد كلمات ننشدها أو نغمات نتعلمها لكنه في أعماقه هو حالة فرح حقيقي تهز كيان المؤمن كله: جسديًا وروحيًا، فينطلق اللسان بالتسبيح، ويرقص القلب طربًا بالرب، وتهتز النفس كلها بنغمات سمائية ملائكية.

هذا التسبيح يرتبط بإدراك المؤمن لسكنى الرب فيه. فهو يسبح ويتهلل لا من أجل العطايا حتى وإن كانت روحية، إنما من أجل المُعطي نفسه، واهب العطايا!

هذه هي علامات محبة الله الأبوية لشعبه. إنه يشبع النفس ويرويها ويضمد جراحاتها، ويرد لها مجدها فيه، وينزع عنها عار الخطية والإثم، مقدسًا كل طاقاتها ومواهبها لحسابه، معلنًا سكناه فيها كسرّ شبعها وتسبيحها الروحي!

يمكن تلخيص بركات حبه لشعبه في الآتي:

أ. يرق لهم، أي يترفق ويحنو عليهم [18].

ب. يجيبهم ويسمع لهم [19].

ج. يُشبع احتياجاتهم ويهبهم شبعًا روحيًا [ 19].

د. ينزع عنهم العار [19]، واهبًا إياهم مجدًا.

ه. يطرد أعداءهم ويحطم كبرياءهم [20].

و. ينزع عنهم الخوف والقلق [21].

ز. يهبهم البهجة والفرح [21].

ح. يهتم حتى ببهائمهم [22].

ط. يبارك ثمار أرضهم [22].

ى. يهبهم المطر المبكر والمتأخر [23] (عطية الروح القدس).

ك. يعوضهم عن السنوات التي أكلها الجراد [24].

ل. يعطيهم روح التسبيح والعبادة الروحية الحية [26].

م. يعلن عجائبه في حياتهم، فيصيرون عجبًا [26].

ن. يعلن سكناه في وسطهم [27].

س. يهبهم روحه القدوس [28].
 
موضوع مغلق


الانتقال السريع


الساعة الآن 08:47 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025