منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11 - 11 - 2020, 05:12 PM   رقم المشاركة : ( 30051 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,296,129

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

مثلث الرحمات الأنبا مكاريوس
( اسقف قنا وقوص ونقادة ودشنا والبحر الاحمر)
---------------------------------------------


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


كان أحد أولاده يبكى عليه بحراره
وكان عنده إلتهاب شديد فى المراره يسبب له مغص صعب قوى
لم يستطع النوم طوال الليل رغم تناوله للمسكنات والمضادات الحيويه
وكان يبكى أبيه المتنيح الأنبا مكاريوس وفى الصباح
وقف يصلى حوالى الساعه العاشره
وإذا ملاك الرب يظهر له قائلاً لماذا تبكى على الأنبا مكاريوس ؟
تعالى سوف آخذك إلى الفردوس لترى مقدار المجد إللى فيه الأنبا مكاريوس
فلا تبكى عليه مره أُخرى طلعوا إلى الفردوس فى مكان جميل
مليان خضرة ليس لها مثيل وليس لها حدود مكان يدى الفرح والسلام
بنور ساطع شديد المعان
ولقى الأنبا مكاريوس جاى خطوة خطوة
ومسبى فى المجد لابس ثوب سماوى وماسك صليب ألماظ
وقال لهذا الشخص شوف المجد إللى أنا فيه أوعى تبكى علىّ تانى
أنا فى كنيسة الأبكار ولينا حرية نتجول فى الفردوس .
الشخص قال له هو أنا مُت ؟ أجابه أنت جاى بجسدك
أنا طلبت من أجلك إلى الرب يسوع لترى كم من المجد إللى أنا فيه
حتى لا تبكى علىّ تانى
وقال هذا الشخص للانبا مكاريوس وما كل الألماظ إللى فى الصليب الذى تحمله ؟
إنه يا إبنى رمز للفضائل البساطه والنقاوه والمحبه والإتضاع
لقد ظل هذا الشخص بالفردوس 3 ساعات كاملة خلال هذه الفترة
فتحوا المتولين لخدمته وعلاجه باب حجرته فلم يجدوه بحثوا عنه
فى كل مكان بمنتهى الإستغراب فلم يجدوه.
وعلى الرغم من ذلك مرّت على هذا الشخص
تلك الساعات التى قضاها فى الفردوس كدقائق قليلة.
بركة شفاعة مثلث الرحمات تكون مع جميــعا أميــ+ـــن
 
قديم 11 - 11 - 2020, 05:30 PM   رقم المشاركة : ( 30052 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,296,129

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


من معجزات الاظ”نبا مرقص الانطوني
ظهور فى مجمع القداس الالهى



وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة





فى سنة من السنين فى عيد الانبا اظ”نطونيوس كان اظ”حد الاباء الرهبان يصلى القداس فى كنيسة الانبا مرقس الانطونى و معه بعض الاباء الرهبان و الاخوة طالبى الرهبنة
و فى اظ”ثناء صلاة المجمع لاحظ اظ”بونا الذى يصلى القداس بوجود راهب غريب داخل
الهيكل فظنه اظ”حد الرهبان الضيوف , فبعد الانتهاء من صلاة المجمع قال اظ”بونا للشماس
شوف اظ”بونا الضيف لكيما يضع البخور فى الشورية "فلما بحث الشماس فى الكنيسة فلا يجد غير رهبان الدير المعروفين فهنا عرف الاب الراهب اظ”ن الذى راظ”ه هو الانبا مرقس الانطونى ذو الشيبة الحسنة اظ”تى ليشارك اظ”بنايظ”ه الرهبان الاحتفال بعيد اظ”بونا القديس العظيم الانبا اظ”نطونيوس.
بركة و صلوات الانبا مرقس الانطونى تكون معنا اظ”مين.
 
قديم 11 - 11 - 2020, 05:32 PM   رقم المشاركة : ( 30053 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,296,129

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

عمرو بن العاص و رأس مارمرقس âک‌��ï¸ڈ



وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


. ظل جسد القديس مار مرقس ورأسه معا في تابوت واحد حتى سنة 644م وكان هذا التابوت محفوظا في كنيسة بوكاليا أو دار البقر . وفي أحد الأيام من سنة 644م دخل أحد البحارة العرب إلى الكنيسة فوجد التابوت وتوهم أن فيه ذهبا ووضع يده في التابوت . فوقعت يده على الرأس فأخذها في الليل وأخفاها في أسفل المركب . ولما عزم القائد عمرو بن العاصي على المسير . أبحرت كل السفن وخرجت من ميناء الإسكندرية ما عدا تلك السفينة التي بها الرأس فلم تتحرك إطلاقا رغم محأولات البحارة في بذل جهودهم لإخراجها . عند ذلك علموا أن في الأمر سرا . فأمر عمرو بن العاص بتفتيش السفينة فوجدوا الرأس مخبأة فيها فأخرجوها من السفينة واحتفظ بها عمرو وبعدها تحركت السفينة حالا ففهم عمرو بن العاص ومن معه أن تأخر السفينة كان بسبب وجود الرأس المقدسة فيها . فأحضر البحار الذي خبأها فأعترف بجريمته فعاقبه . ثم سأل عمرو بن العاص عن بابا الأقباط وكان هو الأنبا بنيامين البطريرك الثامن والثلاثون وكان هاربا ومختبئا بأديرة الصعيد فكتب له عمرو بن العاص خطابا بخط يده يطمئنه ويعطيه الأمان ويطلب منه الحضور . فحضر البابا بنيامين وأستلم منه الرأس المقدسة . بعد ما قص عليه عمرو بن العاص المعجزة العظيمة التي حدثت منه . ثم أعطاه عشرة آلاف دينار ليبني بها كنيسة عظيمة على أسم صاحب هذه الرأس . فشكره البابا وأحتفظ بالرأس في قلايته بدير مطرا إلى أن يتم بناء الكنيسة . ثم بدأ في بناء الكنيسة التي عرفت باسم المعلقة بالإسكندرية الكائنة في شارع المسلة بالثغر ولكنه لم يستطع إكمالها فأتمها خليفته البابا أغاثون وكرسها في مثل هذا اليوم . ووضع فيها الرأس المقدسة وكان من طقس رسامة البطاركة أن يتوجه البابا ثاني يوم رسامته إلى رأس مار مرقس الإنجيلي الرسول وبصحبته الأساقفة والكهنة والشعب . فيضرب المطانية أمام الرأس المقدس ثم يرفع البخور أمام الرأس ويقرأ مقدمة إنجيل مرقس . ويختم الصلاة بالتحليل والبركة ثم يدخل إلى حجرة وحده . ويأخذ الرأس المقدسة ويضعها في حجرة ويعريها من الكسوة القديمة ويكسوها بكسوة جديدة من الحرير ويخيط عليها وبعد ذلك يظهر للناس وهي في حجرة ليقبلوها واحدا واحدا حسب رتبهم . ويتبارك هو من مؤسس الكرازة المرقسية وأذ يدعي البابا الأسكندري خليفة مار مرقس بركة صلوات القديس مار مرقس الإنجيلي الرسول فلتكن معنا ولربنا المجد دائمًا أبديا آمين .
 
قديم 11 - 11 - 2020, 05:35 PM   رقم المشاركة : ( 30054 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,296,129

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

ايقونه العجائب | العذراء العزباوية



وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


المكان



الايقونه موجوده ف كنيسة
العدراء العزباوية مقر دير السريان
موجوده في محطه الشهداء بعد شارع كلوت بيك جنب الازبكيه القديمة

وصول الأيقونة
بعد ما بنوا كنيسه العزباوية واختاروها كمقر للدير في واحد من روساء الدير ف الوقت ده وجاب معاه ايقونه العجائب من الدير وحطها ف مقصورة وحط قدامها قنديل وابتدي الناس يعرفوها ويجوا ليها عشان ياخدوا بركتها من كل مكان وكانت بتعمل معجزات كتيره جدا وعجائبيه فعلا

معلومات عن الصورة
ايقونة العزباوية واحدة من 3 ايقونات رسمها لوقا الرسول تظهر فيها ماما العذراء شايله بابا يسوع ع رجلها وتحت رجله يوحنا المعمدان وده تفسير للايه بتاعت
ها أنذا أرسل قدام وجهك ملاكي الذي يهيئ طريقك قدامك " (مر 1: 2)
ووراه حمل صغير رمز لان ربنا يسوع المسيح هو الحمل الحقيقي

حكايه ف العزباويه
كانت العدراء مباركه المكان اللي فيه الكنيسه أثناء زيارتها لمصر ووهما معدين استريحوا عند راجل فلاح فسقاهم وحكتله ماما العذراء عن قصتهم وقالتله ابني يسوع يصنع معاك معجزة انك اول ماتزرع البطيخ هيطلع تاني يوم رغم انه ف العادي بياخد حوالي 3 شهور ف الراجل امن وصدق وقالتله ماما العدراء الرومان بيجروا ورانا احنا هنمشي وهما هيجوا يسالوا علينا اول مايسالوك انت شوفتنا امتي رد عليهم قولهم من ساعه ما كنت برمي بذور البطيخ وفعلا حصل كل ده تاني يوم صحي لقي البطيخ كبر وملئ الحقل بتاعه وجه الرومان وعمل زي ما ماما العذراء قالتله بالظبط

معجزاتها المشهورة والرائعة
كان ف ايام الانبا فيلوثاؤس رئيس الدير اللي قبل الأنبا ثاوفيلوس وكان وقت الزياره جات عيله ام وزوجها وأولادها ولما
فضلوا قاعدين ف المزار فتره طويله والام عماله تبكي ف جه وقت انتهاء الزياره وقفل الكنيسه ف طلب الرهبان المسئولين من العيله ديه انهم يروحوا ف رفضوا وقالت الام انا مش همشي غير لما العدراء تشفيني كانت مصابه بسرطان ف الثدي وكانت رايحه اليوم اللي بعده ع طول تعمل عمليه استئصال للثدي وفضلت تبكي طول الليل ف سابوها الرهبان وبعد شويه سمعوا صوت تهليل وفرح ف نزلوا يشوفوا في ايه ف لقوا الام بتحكي انهم كلهم ناموا بعد نص الليل وبعدين حسيت الام بحد بيصحيها ف قامت لقيتها ماما العدراء وقالتلها انا العدراء ام النور اللي بتطلبيني ع طول وابني يسوع أرسلني عشان اعملك العملية ومدت ايديها ولمست ثديها ورشمت عليه الصليب فراحت الاورام والقرح وقالت لها اشكري ربك يسوع وقولي مع داود النبي باركي يانفسي الرب وكل مافي باطني فليبارك اسمه القدوس باركي يانفسي الرب ولا تنسي كل حسناته
وفضل مكان الصليب موجود مهما غسلته وراحت تاني يوم للدكتور اكد لها انها معجزة اكيده وليتمجد اسم الرب
معجزة تانيه كان ف ام من الروم كانت دايما بتيجي تدي ابونا هناك ريال وتقوله اعملي تمجيد للعدراء وتفضل تبكي قدام الصورة ولما سالها ابونا عن سر بكائها قالتله ابني اخدوه ف الجيش في لبنان وكان كل فتره يبعتلي جزاب واخر جواب كان فيه انه تعبان جدا ومن ساعتها ماطمنهاش عليه وكانت خايفة يكون راح السما وبعد 13 يوم جات الام مبسوطه جدا وادت ابونا جنيه وقالتله اعملي تمجيد كبير ابني بعت جواب وطني عليه وقالي انه لما كان تعبان جاتله ماما العذراء وادلته كوب لبن فشربه وخف ع طول
ولما سالها انتي مين قالتله انا العدراء مامتك دايما تصليلي ف العزباويه وبعتاني ليك من مصر
كان في ف العزباويه بير ميه كانت شاربه منه ماما العذراء ولسه موجود ع باب الكنيسه من الشمال

 
قديم 11 - 11 - 2020, 05:54 PM   رقم المشاركة : ( 30055 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,296,129

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

شدرخ وميشخ وعبد نغو (الفتيان الثلاثة)



وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



مقدمة
لست أعلم لماذا يطلق الناس عليهم على الدوام الثلاثة فتية ؟ ... من الحق أنهم وصلوا إلى بابل ، وهم فتيان صغار فى طراوة العمر وربيع الحياة ، لكن من المؤكد أنهم تقدموا مع الزمن ، وتجاوزوا - على الأغلب - الخامسة والثلاثين ، عندما واجهوا امتحانهم الأعظم أمام أتون نبوخذ ناصر ، ولقد وصفوا فى القصة سبع مرات بأنهم « رجال » ...

ومع ذلك فأنت لا تكاد تذكرهم رجالاً أو شيوخاً ، بل هم فى ذهنك مع الدوام الفتيان الثلاثة هل توقف الزمن هنا ليمنحهم شباباً خالداً لا يمكن أن ينال منه الضعف أو الوهن أو العجز بأية صورة من الصور !!؟ فى الحقيقة ، إن الشباب روح قبل أن يكون جسداً ، وما أكثر الذين يعيشون فى جسد الشباب وهم شيوخ ، … وما أكثر الشيوخ الذين يحملون روح الشباب مهما امتدت بهم الحياة أو ناء ما تحت الوهن أو الضعف الجسدى !! …

والثلاثة الفتية كانت أسماؤهم العبرية مرتبطة باللّه – فحنانيا يعنى « اللّه حنان » ، وميشائيل يعنى « من مثل اللّه !!؟ .. » وعزريا « اللّه يعين». وحاول السبى أن ينسيهم هذا الارتباط بتغيير أسمائهم ، وإضافة آلهة الكلدانيين إلى أسمائهم الجديدة ، فأخذ حنانيا اســـــــم « شدوخ » أو « أمر آخ » وآخ كان معبود القمر عند البابليين أو كما ندعوه الآن « سدراك » وميشائيل أضحى « ميشخ » أو تحول : « من مثل اللّه » إلى « من مثل آخ » وهو عندنا الآن ميخائيل ، والثالث وكان اسمه « عزريا » وقد أعطى « عبد نغو » وعبد نغو معبود العلم عند البابليين،... على أن هذا التغيير فى الأسماء ، لم يغير نبضة واحدة من نبضات قلوبهم التى تنبض باسم إلههم الواحد القديم ، وبارتباطهم به فى الحياة أو الموت على حد سواء!! .. ولقد اكتسب هولاء الرجال شبابهم الخالد ، فى قصة التاريخ ، وها نحن نتابعهم اليوم فيما يلى :



الثلاثة الفتية وسبب ظهورهم



وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



لسنا بحاجة إلى تكرار ما أشرنا إليه فى الحديث عن دانيال - ونحن نتحدث عن شخصيته
- إذ أنه الفتى الأول إلى جانب هؤلاء الثلاثة فى المسرحية التى ظهرت على أرض بابل عندما سار هذا الفوج الأول من المسبيين إلى السبى ، وعلى الأغلب ما بين عامى 605 و 604 ق.م. ، وكان الغلمان الأربعة فى سن واحدة قدرها البعض بخمسة عشر عاماً ، وقدرها آخرون بسبعة عشر عاماً ، فإذا كان الأمر كذلك ، وعلى ما تتجه إليه الترجمة السبعينية ، أن أتون النار حدث فى العام الثامن عشر من حكم نبوخذ ناصر عندما صنع الملك البابلى تمثال الذهب تخليداً لانتصاراته العظيمة ، وتمجيداً لآلهته « بيل » ، فإن الفتيان الثلاثة يكونون قد واجهوا التجربة بعد سماعهم بخراب أورشليم ومجئ الفوج الكبير اللاحق لهذا الخراب من المسبيين أى حوالى عام 685 ق.م. ، أو بعد الخامسة والثلاثين من أعمارهم ، فى سن الرجولة الواعية الكاملة ، وقد أخذ إلى السبى الملكان يهوياكين وصدقيا ، وكان إرميا فى أورشليم ، ودانيال فى بابل ، ويبدو أنه كان غائباً فى مهمة ما عن المدينة !! ..

ولعله من اللازم أن نشير إلى أن إرميا كان قد تنبأ بأن مدة السبى ستكون سبعين عاماً ، وقد حذر الشعب من الإصغاء إلى الأنبياء العرافين المدعين كذباً الذين دأبوا على خداعهم بأن اللّه سيرجعهم سريعاً إلى بلادهم ، وطلب إليهم أن يبنوا بيوتاً ويغرسوا جنات ، ويتزوجوا ، ويصلوا لأجل البلاد التى هم فيها لأن وقتاً متسعاً لهذه كلها ، لابد أن ينقضى قبل رجوعهم .. كان الكثيرون من المسبيين ينظرون إلى السبى كشر مطلق سمح به اللّه الذى تركهم ونسيهم ، ولكن الحقيقة كانت على عكس ذلك ، إذ أنه سباهم لأنه يفكر فيهم ويحبهم ويقصد لهم آخرة فياضة بالسلام والرجاء : « لأنه هكذا قال الرب . إنى عند تمام سبعين سنة لبابل أتعهدكم وأقيم لكم كلامى الصالح بردكم إلى هذا الموضوع لأنى عرفت الأفكار التى أنا مفتكر بها عنكم يقول الرب ، أفكار سلام لا شر لأعطيكم آخرة ورجاء ، فتدعوننى وتذهبون وتصلون إليّ فأسمع لكم. وتطلبوننى فتجدوننى إذ تطلبوننى بكل قلبكم ، فأوجد لكم يقول الرب وأرد سبيكم وأجمعكم من كل الأمم ومن كل المواضع التى طردتكم إليها يقول الرب ، وأردكم إلى الموضع الذى سبيتكـم منـه » " إر 29 : 10 - 14 " .

على أنه من الواجب مع ذلك ، أن نتعرف على حياة المسبيين وشعورهم العميق فى السبى ، ولسنا نظن أن هناك مزموراً حزيناً يضارع فى حزنه ، المزمور المائة والسابع والثلاثين ، ومع أن كاتبه مجهول ( ويعتقد البعض أنه من سبط لاوى ) .. ومع أننا لا نستطيع أن نقبل بحال ما روح العنف والقسوة التى كانت سمة العهد القديم فى الانتقام ، والتى جاءت فى ختام المزمور : «أذكر يارب لبنى أدوم يوم أورشليم القائلين هدوا هدوا حتى إلى أساسها يابنت بابل المخربة طوبى لمن يجازيك جزاءك الذى جازيتنا طوبى لمن يمسك أطفالك ويضرب بهم الصخرة » ... إلا أننا مع ذلك ندرك إحساس المسبيين ، والعواطف الوحشية التى تتملك الأسير وهو يرى رد فعل المعاناة التى عاناها ، واشتدت عليه ، ...

غير أن روح االمسيح يمنعنا الآن من مثل هذا الأسلوب ، وقد صلى هو لصالبيه من فوق الصليب ، مرتفعاً فوق الحقد والضغينة باسمى لغة سمعها الإنسان على الأرض : «إغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون » " لو 23 : 34 ". وفى الوقت عينه ، من اللازم أن نتحسس مشاعر الفتية الثلاثة من هذا المزمور ، ...
لقد كانوا على ولاية بابل ، وعندما بلغهم خراب مدينتهم علقوا أعوادهم على الصفصاف ، ولم تنقطع الدموع من عيونهم !! ... ومع أن بابل كانت أجمل مدينة فى الدنيا فى ذلك التاريخ ، كانت مدينة الحدائق المعلقة التى جمعت أبهج ما يمكن أن تمتلئ به العين ، وكانت المدينة الممتلئة بالأنهار والغدر ان تتدفق منها الحياة تدفقاً ، وأشجار الصفصاف ترتفع عالية شامخة ترسل ظلالها البعيدة هنا وهناك ، لكن جمال المدينة نفسه ، كان عذاباً لمشاعرهم وعواطفهم ، كلما ذكروا بلادهم الخربة التعسة التى أضحت أطلالا وأنقاضاً !! ...

لقد كانت بابل قفصاً من ذهب ، طلب إلى الطائر السجين أن يغرد ويرفع صوته وهو داخله بالأغنية والطرب !! .. ولم تكن المأساة أن يمتنع الطائر الأسير المهاجر عن الغناء ، ... بل طلب إليه أن يغنى أغنية لإله غريب ، وهنا الطامة الكبرى ، بل هنا البلاء الذى لا يعد له بلاء آخر ، لقد كان على الثلاثة الفتية ، أن يستبدلوا أعوادهم بأعواد أخرى ، ومزاميرهم بمزامير أخرى ، ويهللوا فى وقت نكبتهم ، بالترنيم لإله غريب !! ..

صنع نبوخذ ناصر تمثالا عظيما من ذهب ، تصوره البعض ذهباً خالصاً ، وتصوره آخرون خشباً مغشى كله بالذهب ، وارتفاعه ستون ذراعاً أو ما يقرب من ثلاثين متراً ، وعرضه ستة أذرع أو ما يقرب من ثلاثة أمتار ، وقد ظن البعض أنه تمثال نبوخذ ناصر نفسه ، والأرجح أنه تمثال لآلهته ، وقد دعى لتدشين التمثال القادة والرؤساء وحكام الولايات ، فاجتمع جمع غفير من كل القبائل والأمم والألسنة ، وكان لابد أن يكون الثلاثة الفتية الموكلون على أعمال ولاية بابل ، بين الحاضرين !! .. ومن الواضح أن دانيال لم يكن بالمدينة ، وإلا لكان القائد أو رجل الطليعة .. وكان على زملائه الآخرين أن يواجهوا الامتحان هذه المرة بمفردهم ، ... وواجهوه على النحو العظيم الذى أثار التاريخ بأكمله !! .



الثلاثة فتية والشكوى ضدهم



وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



عند سماع الموسيقى لامست جميع الرؤوس الأرض ، إلا ثلاثة رؤوس لم تنحن للتمثال لأنها لا يمكن أن تنحنى إلا للّه وحده ، وسارع الكلدانيون بالشكوى لنبوخذ ناصر ، ولعل هناك أكثر من سبب لهذه الشكوى ، بل لعل بعضها يختفى وراء البعض الآخر ، ومع أنها قد تكون الأسباب الحقيقية ، لكنها مع ذلك تلبس مسوح غيرها من الأسباب ، ... ولو أننا حاولنا أن نحلل أسباب الشكوى لرأيناها أولا غيظ الرأس المنحنى من الرأس الذى لا يعرف الانحناء لبشر ، والناس دائماً يبحثون عن الرؤوس المتساوية ولا يقبلون رأساً يرتفع فوق رؤوسهم ليكشف ضعفهم ونقصهم وهزالهم وهزيمتهم ، ..

ولو أننا بحثنا الصراعات القاسية فى كل العصور والأجيال ، لرأينا الكثير منها لا يزيد عن تناطح الرؤوس ، وتصارع الرياسات ، وتقاتل المناصب ، ... وما من شك بأن الحسد لعب دوره العظيم فى هذا المجال ، فالثلاثة الفتية ليسوا كلدانيين وأعمال ولاية بابل بين أيديهم ، هم غرباء أجانب ، لم يكتفوا بأن يزاحموا الوطنيين فى مراكزهم ، بل أكثر من ذلك يرأسونهم ويسودون عليهم ، ... فإذا أضفنا إلى ذلك أنهم عقبة كأداء فى طريق الفساد والرشوة والانتهازية والوصولية التى عاشوا عليها ، أو يحلمون باستغلالها ، والكسب الحرام من ورائها ، ... تبين لنا مدى االحنق والغيظ ، وانتهاز الفرص للاضرار بهم والإيقاع بأشخاصهم ، والأمل فى إسقاطهم من الحياة العالية المرتفعة التى وصلوا إليها !! ...

ومن المتصور أيضاً أن هذا كله استتر وراء الغيرة على الدين ، فمن هم هؤلاء الذين يجرؤون على رفع رؤوسهم تجاه « بيل » معبود نبوخذ ناصر ومعبودهم ؟! .. وأنهم ينبغى أن يكونوا أوفياء أمناء تجاه آلهتهم العظيمة التى ينبغى أن ترتفع على كل الآلهة التى يتعبد الناس لها فى الأرض !! .. كانت شكوى الكدانيين على الثلاثة الفتية خليطاً من البواعث الدفينة والظاهرة ، التى تمتزج فى حياة الناس ، وتكون حقدهم وتعصبهم وضغينتهم وانتقامهم دروا بها أو لم يدروا على حد سواء !! ..



الثلاثة الفتية وولاؤهم للّه




وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



كان ولاء الثلاثة الفتية للّه نموذجاً من أروع نماذج الولاء فى كل العصور ويخيل إلى أن هناك علاقة بين أسمائهم العبرية ، وهذا الولاء ، ويمكن أن نأخذ صورة منها ، فاسم أحدهم « ميشائيل » ... أو « من مثل اللّه !! ؟ أو من هو الإله الذى يمكن أن يكون نداً ومثيلا للّه !!؟ لا أحد !! ... وهيهات أن يكون له مثيل بين الآلهة أو تماثيلها وأنصابها أيضاً !! .. فليصنع نبوخذ ناصر تمثالا لبيل ، وليطلق على ميشائيل اسم ميشخ أو من هو مثل « آخ » معبود القمر ، ... فهذا أمر لا يقبله ميشائيل ، حتى ولو تحول أشلاء تذروها الرياح ، فمن مثل اللّه عنده ؟!! .. ومن فى السماء أو الأرض يدانى اللّه أو يقاربه ؟..!! ألم يغن موسى فى بركته التليدة : « ليس مثل اللّه يايشورون. يركب السماء في معونتك والغمام فى عظمته . الإله القديم ملجأ والأذرع الأبدية من تحت » " تث 33 : 26 و 27 " ... وألم يقل إشعياء : « فبمن تشبهوننى فأساويه يقول القدوس » " إش 40 : 25 " بمن تشبهوننى وتسووننى وتمثلوننى لنتشابه " " إش 46 : 5 " .. وألم يهتف ميخا : « من هو إله مثلك غافر الإثم ، وصافح عن الذنب لبقية ميراثه ، » " ميخا 7 : 18 " ... وقد كان ممتنعاً على الإسرائيلى لهذا السبب أن يحاول تصوير اللّه فى أية صورة أو نصب أو تمثال يتقرب به إليه ، ومن ثم جاءت الوصية : لا تصنع لك تمثالا منحوتاً ولا صورة ما مما فى السماء من فوق ، وما فى الأرض من تحت ، وما فى الماء من تحت الأرض ، لا تسجد لهن ولا تعبدهن ، لأنى أنا الرب إلهك إله غيور أفتقد ذنوب الآباء فى الأبناء فى الجيل الثالث والرابع من مبغضى » "خر 20 : 4 و 5 " ... والعبرانى بهذا المعنى لا يقبل أن يرى آلهة بجانب اللّّه ، أو تمثالا أو صورة يتقرب بها إليه ، مهما بلغت ذروة الفن أو الجمال ، ...

لأنها - فى أفضل الحالات - ليست إلا مسخاً لجلاله الفائق الحدود !! ... فإذا أضفنا اسم «حنانيا » إلى اسم ميشائيل ، نعرف سبباً آخر للولاء للّه ، فنحن لا نعظم اللّه لمجرد أن عظمته لا تحاكيها أو تدانيها أية عظمة أخرى ، وهو أعلى من السموات التى ليست بطاهرة أمام عينيه وإلى ملائكته ينسب حماقه !! ... إن السبب الثانى للولاء هو حنوه ومحبته وجوده وإحسانه ، إذ أنه اللّه الحنان المشفق الرحيم الجواد ، الذى يمطر علينا بالإحسان والعطف والمحبة والرأفة !! .. لقد أدرك الثلاثة الفتية حنان إلههم فى قلب الأسر والسبى والمتاعب والالام ، فهو لم يكتف أن يجنبهم أهوال الاستعباد التى كان يمكن أن تطحنهم طحناً ، كعبيد أسروا فى الغزو والحرب ، بل رفعهم وعظمهم وجعلهم سادة على مستعبديهم ، وقادة فى ولاية بابل ، ...

فإذا جئنا إلى عزريا أو « اللّه يعين » أدركنا أن اللّه لم يتخل عن شعبه فى وقت المأساة والضيق ، بل كان على العكس ، أقرب ما يكون إليهم ، وهم لا يدرون ، ... : « وقالت صهيون قد تركنى الرب وسيدى نسينى . هل تنسى المرأة رضيعها فلا ترحم ابن بطنها ؟ حتى هؤلاء ينسين وأنا لا أنساك . هوذا على كفى نقشتك . أسوارك أمامى دائما » .. " إش 49 : 14 - 16 " ولست أظن أن الولاء المسيحى للّه يعرف أسباباً أفضل من عظمة اللّه ، وحنوه ، وعنايته التى ظهرت فى شخص يسوع المسيح مخلصنا ، وعندما أوقد الشيطان أتونه العظيم ضد الكنيسة ، وأثار عليها أرهب وأشنع صور الاضطهاد عادت مرة أخرى بطولة ميشائيل وحنانيا وعزريا فى آلاف الآلاف الذين غنوا فى قلب الأتون المحمى سبعة أضعاف وصار ناراً مشتعلة بحبهم العظيم للّه فى يسوع المسيح الرب والمخلص!! .
فإذا تحولنا من سر الولاء إلى مظهره ، رأيناه أولا فى الشجاعة الخارقة ، وهل يمكن أن يعرف العالم شجاعة أعلى وأسمى من شجاعة الشهيد الذى تبدو الصورة الأولى لشجاعته فى انتصاره على نفسه ، قبل أن ينتصر على إنسان أو مخلوق آخر ؟!، وعندما ينتصر الإنسان على نفسه فإن ألف نبوخذ ناصر لا يستطيعون أن يفعلوا معه شيئاً . عندما هدد الإمبراطور يوحنا فم الذهب ، قائلا إنه يستطيع أن يفعل ضده الكثير ، قال له القديس القديم ، : إنه أعجز من أن يفعل معه شيئاً ، وإذ قال هل : أنفيك... قال الذهبى الفم : إن أى مكان ترسلنى إليه ، سأجد هناك صديقى الذى لا تستطيع أن تفصلنى عنه ! .. وإذ قال له : آخذ ثروتك أجابه : إنك لا تستطيع ، لأن لى كنزاً فى السماء لا تصل إليه يدك !! ..
وإذ قال له : أقطع عنقك ... كان الجواب : يوم تفعل ذلك فإنما أنت تحرر الطائر السجين من القفص الذى حبس فيه ... وأدرك الإمبراطور أن إنساناً كهذا لا يمكن قهره على الإطلاق ، .. كان انتصار الفتية الثلاثة ، أولا وقبل كل شئ ، انتصاراً على النفس ، فلم يعد واحد منهم يفكر فى الشباب الذى يترصده الموت على أرهب صورة ، ... ولم يعد واحد منهم يفزع من أجل المنصب الذى يوشك أن يضيع ، ولم تعد الحياة بجملتها ، بما فيها من متعة وجلال ، ومجد أرضى ، تساوى قلامة ظفر ، تجاه مجد اللّه وجلاله وعظمته وخدمته !! .. ألم يأت بعدهم بمئات السنين من قال : « والآن ها أنا أذهب إلى أورشليم مقيداً بالروح لا أعلم ماذا يصادفنى هناك ، ولكننى لست أحتسب لشئ ولا نفسى ثمينة عندى حتى أتمم بفرح سعيى والخدمة التى أخذتها من الرب يسوع لأشهد ببشارة نعمة اللّه » " أع 20 : 22 - 24 " ؟! ... عندما انتصر الفتية الثلاثة على أنفسهم ، استطاعوا الانتصار على الامبراطور العظيم الطاغية ، ...

ومن العجيب أن ثلاثة عزل من كل سلاح ، يقفون أمام أعظم إمبراطور فى عصره ، الامبراطور الذى دانت له الدنيا ، وقهر الممالك ، وأذل أعناق الرجال ، ... ولعل هذا الامبراطور فى معركته مع الفتية لم تقع عينه قط على من هو أجرأ أو أشجع منهم على الإطلاق ، كيف لا ، وهم ينادونه باسمه دون تملق أو زلفى أو خوف أو فزع أو مداهنة أو رياء ، ومن غير إضافة أى لقب ، ... وفى الواقع ، لا يمكن أن تعرف الدنيا فى كل الأجيال ، جرأة كجرأة الشهيد الذى يخوض معركة الحق من أجل اللّه !! .. كانت المعركة بين نبوخذ ناصر والفتية ، هى ذات المعركة القديمة ، بين المنظور وغير المنظور ، بين الحق والباطل ، بين الخير والشر ، بين الأمانة والحماقة ، ومن المؤكد أنه لم يكن هناك تكافؤ بين الطرفين ، فحسب النظرة البشرية كانت الكفة أرجح بما لا يقاس نحو رجل يملك قوة الدنيا بأكملها بين يديه ، وبين ثلاثة من الأسرى المنبوذين الذين لا حول لهم ولا قوة وما هم إلا ثلاث من النمل تحت أقدام فيل رهيب ضخم ولكن حسب النظرة الأعمق ، هم المسلحون بقوة رب الجنود إله إسرائيل !! .. فإذا عدنا ننظر إلى القوة التى يمتلكونها نجدها أشبه بدرجات سلم متصاعدة ، أما الدرجة الأولى التى تمس الأرض فهى أنهم ثلاثة معاً وليسوا واحداً ، ... ومع أن كثيرين من أبطال التاريخ ذهبوا إلى معاركهم منفردين وراء ذاك الذى قال « دست المعصرة وحدى » " إش 63 : 3 " ... لكن المسيح نفسه ، وهو القادر على كل شئ وله فى جثسيمانى أن يحس بوجود تلاميذه معه ، وقال لبطرس وابنى زبدى ، : « أمكثوا هنا واسهروا معى » " مت 26 : 38 " ..
« أهكذا ما قدرتم أن تسهروا معى ساعة واحدة ؟ " مت 26 : 40 " كان من أقسى ما عانى فى جثسيمانى وحدته تجاه أكبر معركة مرت فى التاريخ ، ... وما أجمل أن يجد الإنسان منا فى لحظات المحن والمتاعب والتجارب والآلام ، من يؤنسه بكلمة أو يبتسم له أو يشجعه أو يعينه بأية صورة من الصور ، ... وقد وجد الفتية الثلاثة هذا التشجيع فى الشركة التى تربطهم فى الإيمان والمصير !! .. عندما وقف لاتيمار مع صديقه ردلى وقد حكم عليها بالموت حرقاً ... قال لاتيمار لزميله : تشدد فإننا سنضئ اليوم فى انجلترا كمشعل بنعمة اللّه لن ينطفىء أبداً !! .. وكانت الدرجة الثانية من السلم يقين الفتية بأنهم يدخلون معركة نبيلة شجاعة من أعظم وأروع المعارك على ظهر هذه الأرض ، وقد سبق فى دراستنا للشخصيات أن أشرنا إلى ما قاله جورج فرند سبرج وهو قائد من أعظم القواد الألمان لمارتن لوثر ، وهو يدخل باب مجمع ورمس لمحاكمته التليدة الرهيبة : « أيها الراهب المسكين ... إنك ذاهب إلى معركة أنبل وأعظم من كل المعارك التى خضتها أنا ، أو أى واحد من القادة ، فإذا كانت قضيتك عادلة فتقدم باسم اللّه » ...

وكما تقدم الثلاثة الفتية العظام ، تقدم مارتن لوثر إلى معركة الإصلاح التى لم تغير تاريخ أوربا فحسب ، بل غيرت التاريخ المسيحى كله !! .. على أن الدرجة العليا فى السلم ، كانت يقين الفتية أنهم لا يدخلون المعركة منفردين،... إذ لم يكن هذا هو الاختبار الأول لهم ، فقد سبقت لهم النجاة من يد الرجل البطاشة ، عندما أعلن اللّه لدانيال على صورة معجزية خارقة للعادة حلم نبوخذ ناصر وتفسيره ، ...

إنهم يؤمنون بإله قوى قادر على كل شئ ، وعندما يرون نبوخذ ناصر أمامهم ، فى ضوء اللّه ، يضحى العاتية الجبار أقل من نملة تدب على الأرض ، وهم لذلك يخاطبونه بدون لقبه ، قائلين : « يانبوخذ نصر لا يلزمنا أن نجيبك عن هذا الأمر، هوذا يوجد إلهنا الذى نعبده يستطيع أن ينجينا من أتون النار المتقدة وأن ينقذنا من يدك أيها الملك ، وإلا فليكن معلوماً لك أيها الملك أننا لا نعبد آلهتك ولا نسجد لتمثال الذهب الذى نصبته » ... " دا 3 : 17 و 18 " وجند الطاغية كل قواه وسلطته ، فالأتون يحمى سبعة أضاف ، الفتية يقيدون ، وأقوى رجال الحرب يقذفون بهم فى قلب الأتون ، والنار الملتهبة فى شدتها وعنفها تقضى على القاذفين !! ..





الثلاثة الفتية ونصرهم العظيم



وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



فى معسكرات الاعتقال الشيوعية ، قبض على جمع من الشباب ، وكانوا عشرين على ما أتذكر ، ودخل الضابط الشيوعى ، وعدهم قائلا أنتم عشرون وقال شاب : لا ، بل نحن واحد وعشرون ، وعد الضابط مرة أخرى ، ... وقال : أنتم عشرون . ورد عليه نفس الشاب : بل واحد وعشرون ، وإذ أعاد العد ، قال : ومن هو الواحد والعشرون !! فأجاب الشاب : إنه الرب يسوع المسيح !! .. وإذا كان المسيح معنا فى كل وقت ، فإنه أدنى إلينا وألصق بنا ونحن فى الأتون ، ... ومن اللازم أن نشير إلى أن الثلاثة الفتية كانوا يؤمنون بالنصر ، سواء عاشوا أو ماتوا !! ..

فإذا عاشوا فهم شهود قدرته ، وإذا ماتوا فهم أوفياء لمحبته ، ومن المثير أن نبوخذ نصر قذف بهم موثقين ، فإذ به يراهم محلولين يتمشون فى وسط الزتون ، وما بهم ضرر ومعهم رابع شبيه بابن الآلهة ، ... لقد أخطأ الرجل أعمق الخطأ ، سواء فى فهم قيودهم ، أو فى فك هذه القيود ، ... لقد ظن أن يقيدهم بحبال البشر وما درى أن قيدهم الحقيقى هو حب اللّه، الذى يعيشون من أجله ، ويموتون فى سبيله ، ... ولقد ظن أن النار ستأتى عليهم وعلى قيودهم معاً ، وما عرف أو أدرك أنهم أحرار ، يتمتعون بأكمل صور الحرية رغم قيودهم ، أحرار فى ذلك الذى حل قيودهم وفكها ، وسار معهم داخل الأتون الملتهب ، دون أن ينالهم أدنى ضرر ، إذ هو القائل : « فإن حرركم الابن فبالحقيقة تكونون أحراراً » " يو 8 : 36 " ..

ولا حاجة إلى القول إن القصة تتكرر فى كل عصور التاريخ بهذه الصورة أو تلك ، من أتون التجارب ونيران الاضطهاد والمصاعب ، ولكن ابن اللّه يظل هناك على الدوام ، لا يتغير ولا يتبدل ، مهما كانت النتائج التى تتمخض عنها الأحداث ، وقد اشتعلت النيران طوال ثلاثة قرون فى مطلع التاريخ المسيحى ، وحمى الأتون سبعة أضعاف ، ... ولكن المسيحية خرجت من قلبه ، وجوليان الإمبراطورى يصيح : لقد غلبت أيها الجليلى !! ... إن الدرس العظيم الذى يعطيه الثلاثة الفتية للعالم ، إلى جانب الولاء المطلق للسيد ، هو اليقين الذى لا يتزعزع فى جوده وحبه ، ... وفى وجوده على صورة خارقة عجيبة تفوق الإدراك والوصف ، وتحير العقول وتذهلها كما تحير نبوخذ نصر وتعجب هو والمرازبة والشحن والولاة ومشيرو الملك وهم يرون « هؤلاء الرجال الذين لم تكن للنار قوة على أجسادهم ، وشعرة من روؤسهم لم تحترق وسراويلهم لم تتغير ورائحة النار لم تأت عليهم " دا 3 : 27 " !! ..

هل لنا مثل هذا الإيمان ، مهما تغيرت أو تلونت ظروف الحياة ... ومهما أحاطت بنا الصعاب والمتاعب ؟!! .. تحدث هنرى ورد بيتشر عن أبيه ، وكان خادماً للّه ، وقد مرت به ظروف قاسية صحية ومادية فى كثير من الأوقات ، قال الابن : لا أنسى أننا كنا نتناول الشاى فى المطبخ ، وإذا بأمى تقول لزوجها ، وكانت هادئة وديعة ، ... لا أعلم كيف نواجه المصروفات والفواتير ، وهى تخشى أن تموت فى بيت من بيوت العجزة المسنين ، ... وأجاب الزوج قائلا : ياعزيزتى : لقد وثقت باللّه طوال أربعين عاماً خلت ، ولم يخذلنى قط طوال هذه السنين ، ... وأنا لست مستعداً بعد أن أبدأ الآن بعدم الثقة فيه !! ..

وقال بيتشر الابن : لقد أيقظتنى هذه العبارة ، وكانت لى أفضل قانون للإيمان ، ... لقد اجتزت فى بكور أيامى بين المرض والفقر وألوان المتاعب والضيقات ، دون أن تغيب عن ناظرى ، أو يتباعد رنينها عن أذنى : « لقد وثقت باللّه أربعين عاماً ، ولست مستعداً بعد أن أبدأ الآن بعدم الثقة فيه » !! .. إنحنى نبوخذ نصر ، إنحنى الملك العظيم أمام ملك الملوك ورب الأرباب ، وسجل أمام اللّه والتاريخ فى مواجهة الأتون : « تبارك إله شدرخ وميشخ وعبد نغو ، الذى أرسل ملاكه وأنقذ عبيده الذين اتكلوا عليه وغيروا كلمة الملك وأسلموا أجسادهم لكيلا يعبدوا أو يسجدوا لإله غير إلههم . فمتى قد صدر أمر بأن كل شعب وأمة ولسان يتكلمون بالسوء على إله شدرخ وميشخ وعبد نغو فإنهم يصيرون إرباً إباًً وتجعل بيوتهم مزبلة إذ ليس إله آخر يستطيع أن ينجى هكذا .. حينئذ قدم الملك شدوخ وميشخ وعبد نغو فى ولاية بابل » " دا 3 : 28 - 30 " .. نعم ، وليكن اسمه مباركاً إلى أبد الآبدين آمين فآمين !! ...
 
قديم 11 - 11 - 2020, 05:54 PM   رقم المشاركة : ( 30056 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,296,129

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

مديح واطس للثلاثة فتية القديسين


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الله الأزلى قبل الأدهار
نجى الفتية من آتون النار
باركوا الرب اله اسرائيل
سبحوه بصوت التهليل
بختنصرالملك أقام صورة ذهب
اذا ما سمعتم آلات الطرب
تعالو لوقتكم خارين
واذا لم تسجدا وتلقون فى الأتون
تقدم الكلدانيون
ما خلا الثلاثة فتية القديسين
تعال الينا يا انانياس
وسبح الهك ماسياس
جاء قوم وأعلموا الملك قائلين
لم يسجدوا للصورة بل مهملين
جمع الملك رؤساء الشعب
وقال لهم أوقدوا الاتون بالحطب
أتو بالفتية موثوقين
فصار كندى بغر تسخين
حينئذ ملاك الله جاءهم
وفرحوا به لما اتاهم
حينئذ صلى عزارياس
صارخا الى اله الخلاص
خاصة بالأ كثر ميصائيل
ازمو افران ان اممانوئيل
دهش الملك ايضا واحتار
هوذا أربعة يمشون أجهار
رأى الملك حقا اجهار
ويسبحون ببهجة ووقار
زاد عجبا ونطق بفاه
فى منظره وفى رؤياه
سبحوه أيها السادات
وارواح البشر ذو القوات
سبحوه ومجدوه
على منابر الشيوخ باركوه
سبح الهك يا سدراك
لأنه نجاكم من الهلاك
سبحوه يا جميع الأمم
لأنه أنشأكم من العدم سعير
اللهيب يا أنانياس
اسمو أبيفران توديمياس
صاح الفتية بصوت عال
حنانيا وعزاريا وميصائيل
ضحية قربت بغير أدناس
اسمو ايه افرا تو ديمياس
طفى اللهب عمانوئيل
ورتل لا لهك بالتهليل
ظهر الفتية بالتمجيد
افؤاب ابشيرى اممنريت
علا أيضا لهيب الآتون
ولم يرهبه المجاهدون
غلب الفتية لهيب النار
فاستحقوا المديح والتذكار
فصاح الملك بصوت عال
عبيد الله القوى المتعال
تعالوا اخرجوا من النار
صانع العجائب الكبار
قدم الينا ايها المختار
لتخبرنا بهذه الاسرار
كرامة ومجدا يا أسرائيل
تسابيح البركة والتهليل
له يسجد كل الأسباط
يسبحون رب القوات
من يشبهك يا رب الأرباب
سلطانك فى كل الأحقاب
ندى بارد صار الأتون
سبحوا الرب يا بشريون
هللوا لا له يعقوب
ورتلوا لاسمه المحبوب
وسبحوه ايضا بالألحان
ومجدوه فى كل أوان
لأنه عظيم ومبارك جدا
بقدرته نجى الفتية
يليق الأكرام والسجود
رب الا حسان مصدر الجود

أرسل ملاكه المختار
هوس ايروف آرى هوؤو تشاسف
حنانا وعزارا ومصائيل
هوس ايروف آرى هوؤو تشاسف
وقال للوزرا وكل الشعب
هوس ايروف آرى هوؤو تشاسف
ولتلك الصورة ساجدين
هوس ايروف آرى هوؤو
تشاسف لتلك الصورة خروا ساجدين
هوس ايروف آرى هوؤو تشاسف
ورتل معنا لصوت الخلاص
هوس ايروف آرى هوؤو تشاسف
ها هنا ثلا ثة رجال ساكنين
هوس ايروف آرى هوؤو تشاسف
وأرباب ا لدولة وكل الرتب
هوس ايروف آرى هوؤو تشاسف
وطرحوهم فى وسط الأ تون
هوس ايروف آرى هوؤو تشاسف
أطفا الأ تون وقواهم
هوس ايروف آرى هوؤو تشاسف
صلاة قوية بغير أدناس
هوس ايروف آرى هوؤو تشاسف
رفع صوته بالتهليل
هوس ايروف آرى هوؤو تشاسف
أليس ثلا ثة ألقوا فى النار
هوس ايروف آرى هوؤو تشاسف
أربعة رجال يمشون فى النار
هوس ايروف آرى هوؤو تشاسف
هوذا الرابع يشبة ابن الله
هوس ايروف آرى هوؤو تشاسف
والملا كة والقوات
هوس ايروف آرى هوؤو تشاسف
فى كنائس شعبه ارفعوه
هوس ايروف آرى هوؤو تشاسف
وأبداناغو والممد وح ميساك
هوس ايروف آرى هوؤو تشاسف
والأحرار والعبيد والخدم
هوس ايروف آرى هوؤو تشاسف
أطفا الهك ماسياس
هوس ايروف آرى هوؤو تشاسف
باركو الرب اله اسرائيل
عبيد الله القوى المتعال
أيها الممدوح عزارياس
هوس ايروف آرى هوؤو تشاسف
فسر وسبح يا ميصائيل
هوس ايروف آرى هوؤو تشاسف
للأب والا بن الوحيد
هوس ايروف آرى هوؤو تشاسف
تسعة واربعون ذراعا كاملون
هوس ايروف آرى هوؤو تشاسف
وقهروا الأ عداء والكفار
هوس ايروف آرى هوؤو تشاسف
حنانيا وعزاريا ومصائيل
هوس ايروف آرى هوؤو تشاسف
لأن الهكم ذو اقتدار
هوس ايروف آرى هوؤو تشاسف
دانيال النبى البار
هوس ايروف آرى هوؤو تشاسف
قدم لالهك عمانوئيل
هوس ايروف آرى هوؤو تشاسف
وكل الألسن واللغات
هوس ايروف آرى هوؤو تشاسف
اله قوى عظيم مهاب
هوس ايروف آرى هوؤو تشاسف
ابتهجوا بالله المرهوب
هوس ايروف آرى هوؤو تشاسف
باركوه ايها الفتيان
هوس ايروف آرى هوؤو تشاسف
ومخوف على كل الآ لهه
هوس ايروف آرى هوؤو تشاسف
بالاله الخالق المعبود
هوس ايروف آرى هوؤو تشاسف
فصاح الفتية بصوت حنون
هوس ايروف آرى هوؤو تشاسف

 
قديم 11 - 11 - 2020, 05:55 PM   رقم المشاركة : ( 30057 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,296,129

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الثلاثة الفتية وسبب ظهورهم



وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


لسنا بحاجة إلى تكرار ما أشرنا إليه فى الحديث عن دانيال - ونحن نتحدث عن شخصيته
- إذ أنه الفتى الأول إلى جانب هؤلاء الثلاثة فى المسرحية التى ظهرت على أرض بابل عندما سار هذا الفوج الأول من المسبيين إلى السبى ، وعلى الأغلب ما بين عامى 605 و 604 ق.م. ، وكان الغلمان الأربعة فى سن واحدة قدرها البعض بخمسة عشر عاماً ، وقدرها آخرون بسبعة عشر عاماً ، فإذا كان الأمر كذلك ، وعلى ما تتجه إليه الترجمة السبعينية ، أن أتون النار حدث فى العام الثامن عشر من حكم نبوخذ ناصر عندما صنع الملك البابلى تمثال الذهب تخليداً لانتصاراته العظيمة ، وتمجيداً لآلهته « بيل » ، فإن الفتيان الثلاثة يكونون قد واجهوا التجربة بعد سماعهم بخراب أورشليم ومجئ الفوج الكبير اللاحق لهذا الخراب من المسبيين أى حوالى عام 685 ق.م. ، أو بعد الخامسة والثلاثين من أعمارهم ، فى سن الرجولة الواعية الكاملة ، وقد أخذ إلى السبى الملكان يهوياكين وصدقيا ، وكان إرميا فى أورشليم ، ودانيال فى بابل ، ويبدو أنه كان غائباً فى مهمة ما عن المدينة !! ..

ولعله من اللازم أن نشير إلى أن إرميا كان قد تنبأ بأن مدة السبى ستكون سبعين عاماً ، وقد حذر الشعب من الإصغاء إلى الأنبياء العرافين المدعين كذباً الذين دأبوا على خداعهم بأن اللّه سيرجعهم سريعاً إلى بلادهم ، وطلب إليهم أن يبنوا بيوتاً ويغرسوا جنات ، ويتزوجوا ، ويصلوا لأجل البلاد التى هم فيها لأن وقتاً متسعاً لهذه كلها ، لابد أن ينقضى قبل رجوعهم .. كان الكثيرون من المسبيين ينظرون إلى السبى كشر مطلق سمح به اللّه الذى تركهم ونسيهم ، ولكن الحقيقة كانت على عكس ذلك ، إذ أنه سباهم لأنه يفكر فيهم ويحبهم ويقصد لهم آخرة فياضة بالسلام والرجاء : « لأنه هكذا قال الرب . إنى عند تمام سبعين سنة لبابل أتعهدكم وأقيم لكم كلامى الصالح بردكم إلى هذا الموضوع لأنى عرفت الأفكار التى أنا مفتكر بها عنكم يقول الرب ، أفكار سلام لا شر لأعطيكم آخرة ورجاء ، فتدعوننى وتذهبون وتصلون إليّ فأسمع لكم. وتطلبوننى فتجدوننى إذ تطلبوننى بكل قلبكم ، فأوجد لكم يقول الرب وأرد سبيكم وأجمعكم من كل الأمم ومن كل المواضع التى طردتكم إليها يقول الرب ، وأردكم إلى الموضع الذى سبيتكـم منـه » " إر 29 : 10 - 14 " .

على أنه من الواجب مع ذلك ، أن نتعرف على حياة المسبيين وشعورهم العميق فى السبى ، ولسنا نظن أن هناك مزموراً حزيناً يضارع فى حزنه ، المزمور المائة والسابع والثلاثين ، ومع أن كاتبه مجهول ( ويعتقد البعض أنه من سبط لاوى ) .. ومع أننا لا نستطيع أن نقبل بحال ما روح العنف والقسوة التى كانت سمة العهد القديم فى الانتقام ، والتى جاءت فى ختام المزمور : «أذكر يارب لبنى أدوم يوم أورشليم القائلين هدوا هدوا حتى إلى أساسها يابنت بابل المخربة طوبى لمن يجازيك جزاءك الذى جازيتنا طوبى لمن يمسك أطفالك ويضرب بهم الصخرة » ... إلا أننا مع ذلك ندرك إحساس المسبيين ، والعواطف الوحشية التى تتملك الأسير وهو يرى رد فعل المعاناة التى عاناها ، واشتدت عليه ، ...

غير أن روح االمسيح يمنعنا الآن من مثل هذا الأسلوب ، وقد صلى هو لصالبيه من فوق الصليب ، مرتفعاً فوق الحقد والضغينة باسمى لغة سمعها الإنسان على الأرض : «إغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون » " لو 23 : 34 ". وفى الوقت عينه ، من اللازم أن نتحسس مشاعر الفتية الثلاثة من هذا المزمور ، ...
لقد كانوا على ولاية بابل ، وعندما بلغهم خراب مدينتهم علقوا أعوادهم على الصفصاف ، ولم تنقطع الدموع من عيونهم !! ... ومع أن بابل كانت أجمل مدينة فى الدنيا فى ذلك التاريخ ، كانت مدينة الحدائق المعلقة التى جمعت أبهج ما يمكن أن تمتلئ به العين ، وكانت المدينة الممتلئة بالأنهار والغدر ان تتدفق منها الحياة تدفقاً ، وأشجار الصفصاف ترتفع عالية شامخة ترسل ظلالها البعيدة هنا وهناك ، لكن جمال المدينة نفسه ، كان عذاباً لمشاعرهم وعواطفهم ، كلما ذكروا بلادهم الخربة التعسة التى أضحت أطلالا وأنقاضاً !! ...

لقد كانت بابل قفصاً من ذهب ، طلب إلى الطائر السجين أن يغرد ويرفع صوته وهو داخله بالأغنية والطرب !! .. ولم تكن المأساة أن يمتنع الطائر الأسير المهاجر عن الغناء ، ... بل طلب إليه أن يغنى أغنية لإله غريب ، وهنا الطامة الكبرى ، بل هنا البلاء الذى لا يعد له بلاء آخر ، لقد كان على الثلاثة الفتية ، أن يستبدلوا أعوادهم بأعواد أخرى ، ومزاميرهم بمزامير أخرى ، ويهللوا فى وقت نكبتهم ، بالترنيم لإله غريب !! ..

صنع نبوخذ ناصر تمثالا عظيما من ذهب ، تصوره البعض ذهباً خالصاً ، وتصوره آخرون خشباً مغشى كله بالذهب ، وارتفاعه ستون ذراعاً أو ما يقرب من ثلاثين متراً ، وعرضه ستة أذرع أو ما يقرب من ثلاثة أمتار ، وقد ظن البعض أنه تمثال نبوخذ ناصر نفسه ، والأرجح أنه تمثال لآلهته ، وقد دعى لتدشين التمثال القادة والرؤساء وحكام الولايات ، فاجتمع جمع غفير من كل القبائل والأمم والألسنة ، وكان لابد أن يكون الثلاثة الفتية الموكلون على أعمال ولاية بابل ، بين الحاضرين !! .. ومن الواضح أن دانيال لم يكن بالمدينة ، وإلا لكان القائد أو رجل الطليعة .. وكان على زملائه الآخرين أن يواجهوا الامتحان هذه المرة بمفردهم ، ... وواجهوه على النحو العظيم الذى أثار التاريخ بأكمله !! .
 
قديم 11 - 11 - 2020, 05:55 PM   رقم المشاركة : ( 30058 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,296,129

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الثلاثة فتية والشكوى ضدهم
 
قديم 11 - 11 - 2020, 05:55 PM   رقم المشاركة : ( 30059 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,296,129

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الثلاثة فتية والشكوى ضدهم



وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


عند سماع الموسيقى لامست جميع الرؤوس الأرض ، إلا ثلاثة رؤوس لم تنحن للتمثال لأنها لا يمكن أن تنحنى إلا للّه وحده ، وسارع الكلدانيون بالشكوى لنبوخذ ناصر ، ولعل هناك أكثر من سبب لهذه الشكوى ، بل لعل بعضها يختفى وراء البعض الآخر ، ومع أنها قد تكون الأسباب الحقيقية ، لكنها مع ذلك تلبس مسوح غيرها من الأسباب ، ... ولو أننا حاولنا أن نحلل أسباب الشكوى لرأيناها أولا غيظ الرأس المنحنى من الرأس الذى لا يعرف الانحناء لبشر ، والناس دائماً يبحثون عن الرؤوس المتساوية ولا يقبلون رأساً يرتفع فوق رؤوسهم ليكشف ضعفهم ونقصهم وهزالهم وهزيمتهم ، ..

ولو أننا بحثنا الصراعات القاسية فى كل العصور والأجيال ، لرأينا الكثير منها لا يزيد عن تناطح الرؤوس ، وتصارع الرياسات ، وتقاتل المناصب ، ... وما من شك بأن الحسد لعب دوره العظيم فى هذا المجال ، فالثلاثة الفتية ليسوا كلدانيين وأعمال ولاية بابل بين أيديهم ، هم غرباء أجانب ، لم يكتفوا بأن يزاحموا الوطنيين فى مراكزهم ، بل أكثر من ذلك يرأسونهم ويسودون عليهم ، ... فإذا أضفنا إلى ذلك أنهم عقبة كأداء فى طريق الفساد والرشوة والانتهازية والوصولية التى عاشوا عليها ، أو يحلمون باستغلالها ، والكسب الحرام من ورائها ، ... تبين لنا مدى االحنق والغيظ ، وانتهاز الفرص للاضرار بهم والإيقاع بأشخاصهم ، والأمل فى إسقاطهم من الحياة العالية المرتفعة التى وصلوا إليها !! ...

ومن المتصور أيضاً أن هذا كله استتر وراء الغيرة على الدين ، فمن هم هؤلاء الذين يجرؤون على رفع رؤوسهم تجاه « بيل » معبود نبوخذ ناصر ومعبودهم ؟! .. وأنهم ينبغى أن يكونوا أوفياء أمناء تجاه آلهتهم العظيمة التى ينبغى أن ترتفع على كل الآلهة التى يتعبد الناس لها فى الأرض !! .. كانت شكوى الكدانيين على الثلاثة الفتية خليطاً من البواعث الدفينة والظاهرة ، التى تمتزج فى حياة الناس ، وتكون حقدهم وتعصبهم وضغينتهم وانتقامهم دروا بها أو لم يدروا على حد سواء !! ..


 
قديم 11 - 11 - 2020, 05:56 PM   رقم المشاركة : ( 30060 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,296,129

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الثلاثة الفتية وولاؤهم للّه




وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



كان ولاء الثلاثة الفتية للّه نموذجاً من أروع نماذج الولاء فى كل العصور ويخيل إلى أن هناك علاقة بين أسمائهم العبرية ، وهذا الولاء ، ويمكن أن نأخذ صورة منها ، فاسم أحدهم « ميشائيل » ... أو « من مثل اللّه !! ؟ أو من هو الإله الذى يمكن أن يكون نداً ومثيلا للّه !!؟ لا أحد !! ... وهيهات أن يكون له مثيل بين الآلهة أو تماثيلها وأنصابها أيضاً !! .. فليصنع نبوخذ ناصر تمثالا لبيل ، وليطلق على ميشائيل اسم ميشخ أو من هو مثل « آخ » معبود القمر ، ... فهذا أمر لا يقبله ميشائيل ، حتى ولو تحول أشلاء تذروها الرياح ، فمن مثل اللّه عنده ؟!! .. ومن فى السماء أو الأرض يدانى اللّه أو يقاربه ؟..!! ألم يغن موسى فى بركته التليدة : « ليس مثل اللّه يايشورون. يركب السماء في معونتك والغمام فى عظمته . الإله القديم ملجأ والأذرع الأبدية من تحت » " تث 33 : 26 و 27 " ... وألم يقل إشعياء : « فبمن تشبهوننى فأساويه يقول القدوس » " إش 40 : 25 " بمن تشبهوننى وتسووننى وتمثلوننى لنتشابه " " إش 46 : 5 " .. وألم يهتف ميخا : « من هو إله مثلك غافر الإثم ، وصافح عن الذنب لبقية ميراثه ، » " ميخا 7 : 18 " ... وقد كان ممتنعاً على الإسرائيلى لهذا السبب أن يحاول تصوير اللّه فى أية صورة أو نصب أو تمثال يتقرب به إليه ، ومن ثم جاءت الوصية : لا تصنع لك تمثالا منحوتاً ولا صورة ما مما فى السماء من فوق ، وما فى الأرض من تحت ، وما فى الماء من تحت الأرض ، لا تسجد لهن ولا تعبدهن ، لأنى أنا الرب إلهك إله غيور أفتقد ذنوب الآباء فى الأبناء فى الجيل الثالث والرابع من مبغضى » "خر 20 : 4 و 5 " ... والعبرانى بهذا المعنى لا يقبل أن يرى آلهة بجانب اللّّه ، أو تمثالا أو صورة يتقرب بها إليه ، مهما بلغت ذروة الفن أو الجمال ، ...

لأنها - فى أفضل الحالات - ليست إلا مسخاً لجلاله الفائق الحدود !! ... فإذا أضفنا اسم «حنانيا » إلى اسم ميشائيل ، نعرف سبباً آخر للولاء للّه ، فنحن لا نعظم اللّه لمجرد أن عظمته لا تحاكيها أو تدانيها أية عظمة أخرى ، وهو أعلى من السموات التى ليست بطاهرة أمام عينيه وإلى ملائكته ينسب حماقه !! ... إن السبب الثانى للولاء هو حنوه ومحبته وجوده وإحسانه ، إذ أنه اللّه الحنان المشفق الرحيم الجواد ، الذى يمطر علينا بالإحسان والعطف والمحبة والرأفة !! .. لقد أدرك الثلاثة الفتية حنان إلههم فى قلب الأسر والسبى والمتاعب والالام ، فهو لم يكتف أن يجنبهم أهوال الاستعباد التى كان يمكن أن تطحنهم طحناً ، كعبيد أسروا فى الغزو والحرب ، بل رفعهم وعظمهم وجعلهم سادة على مستعبديهم ، وقادة فى ولاية بابل ، ...

فإذا جئنا إلى عزريا أو « اللّه يعين » أدركنا أن اللّه لم يتخل عن شعبه فى وقت المأساة والضيق ، بل كان على العكس ، أقرب ما يكون إليهم ، وهم لا يدرون ، ... : « وقالت صهيون قد تركنى الرب وسيدى نسينى . هل تنسى المرأة رضيعها فلا ترحم ابن بطنها ؟ حتى هؤلاء ينسين وأنا لا أنساك . هوذا على كفى نقشتك . أسوارك أمامى دائما » .. " إش 49 : 14 - 16 " ولست أظن أن الولاء المسيحى للّه يعرف أسباباً أفضل من عظمة اللّه ، وحنوه ، وعنايته التى ظهرت فى شخص يسوع المسيح مخلصنا ، وعندما أوقد الشيطان أتونه العظيم ضد الكنيسة ، وأثار عليها أرهب وأشنع صور الاضطهاد عادت مرة أخرى بطولة ميشائيل وحنانيا وعزريا فى آلاف الآلاف الذين غنوا فى قلب الأتون المحمى سبعة أضعاف وصار ناراً مشتعلة بحبهم العظيم للّه فى يسوع المسيح الرب والمخلص!! .
فإذا تحولنا من سر الولاء إلى مظهره ، رأيناه أولا فى الشجاعة الخارقة ، وهل يمكن أن يعرف العالم شجاعة أعلى وأسمى من شجاعة الشهيد الذى تبدو الصورة الأولى لشجاعته فى انتصاره على نفسه ، قبل أن ينتصر على إنسان أو مخلوق آخر ؟!، وعندما ينتصر الإنسان على نفسه فإن ألف نبوخذ ناصر لا يستطيعون أن يفعلوا معه شيئاً . عندما هدد الإمبراطور يوحنا فم الذهب ، قائلا إنه يستطيع أن يفعل ضده الكثير ، قال له القديس القديم ، : إنه أعجز من أن يفعل معه شيئاً ، وإذ قال هل : أنفيك... قال الذهبى الفم : إن أى مكان ترسلنى إليه ، سأجد هناك صديقى الذى لا تستطيع أن تفصلنى عنه ! .. وإذ قال له : آخذ ثروتك أجابه : إنك لا تستطيع ، لأن لى كنزاً فى السماء لا تصل إليه يدك !! ..
وإذ قال له : أقطع عنقك ... كان الجواب : يوم تفعل ذلك فإنما أنت تحرر الطائر السجين من القفص الذى حبس فيه ... وأدرك الإمبراطور أن إنساناً كهذا لا يمكن قهره على الإطلاق ، .. كان انتصار الفتية الثلاثة ، أولا وقبل كل شئ ، انتصاراً على النفس ، فلم يعد واحد منهم يفكر فى الشباب الذى يترصده الموت على أرهب صورة ، ... ولم يعد واحد منهم يفزع من أجل المنصب الذى يوشك أن يضيع ، ولم تعد الحياة بجملتها ، بما فيها من متعة وجلال ، ومجد أرضى ، تساوى قلامة ظفر ، تجاه مجد اللّه وجلاله وعظمته وخدمته !! .. ألم يأت بعدهم بمئات السنين من قال : « والآن ها أنا أذهب إلى أورشليم مقيداً بالروح لا أعلم ماذا يصادفنى هناك ، ولكننى لست أحتسب لشئ ولا نفسى ثمينة عندى حتى أتمم بفرح سعيى والخدمة التى أخذتها من الرب يسوع لأشهد ببشارة نعمة اللّه » " أع 20 : 22 - 24 " ؟! ... عندما انتصر الفتية الثلاثة على أنفسهم ، استطاعوا الانتصار على الامبراطور العظيم الطاغية ، ...

ومن العجيب أن ثلاثة عزل من كل سلاح ، يقفون أمام أعظم إمبراطور فى عصره ، الامبراطور الذى دانت له الدنيا ، وقهر الممالك ، وأذل أعناق الرجال ، ... ولعل هذا الامبراطور فى معركته مع الفتية لم تقع عينه قط على من هو أجرأ أو أشجع منهم على الإطلاق ، كيف لا ، وهم ينادونه باسمه دون تملق أو زلفى أو خوف أو فزع أو مداهنة أو رياء ، ومن غير إضافة أى لقب ، ... وفى الواقع ، لا يمكن أن تعرف الدنيا فى كل الأجيال ، جرأة كجرأة الشهيد الذى يخوض معركة الحق من أجل اللّه !! .. كانت المعركة بين نبوخذ ناصر والفتية ، هى ذات المعركة القديمة ، بين المنظور وغير المنظور ، بين الحق والباطل ، بين الخير والشر ، بين الأمانة والحماقة ، ومن المؤكد أنه لم يكن هناك تكافؤ بين الطرفين ، فحسب النظرة البشرية كانت الكفة أرجح بما لا يقاس نحو رجل يملك قوة الدنيا بأكملها بين يديه ، وبين ثلاثة من الأسرى المنبوذين الذين لا حول لهم ولا قوة وما هم إلا ثلاث من النمل تحت أقدام فيل رهيب ضخم ولكن حسب النظرة الأعمق ، هم المسلحون بقوة رب الجنود إله إسرائيل !! .. فإذا عدنا ننظر إلى القوة التى يمتلكونها نجدها أشبه بدرجات سلم متصاعدة ، أما الدرجة الأولى التى تمس الأرض فهى أنهم ثلاثة معاً وليسوا واحداً ، ... ومع أن كثيرين من أبطال التاريخ ذهبوا إلى معاركهم منفردين وراء ذاك الذى قال « دست المعصرة وحدى » " إش 63 : 3 " ... لكن المسيح نفسه ، وهو القادر على كل شئ وله فى جثسيمانى أن يحس بوجود تلاميذه معه ، وقال لبطرس وابنى زبدى ، : « أمكثوا هنا واسهروا معى » " مت 26 : 38 " ..
« أهكذا ما قدرتم أن تسهروا معى ساعة واحدة ؟ " مت 26 : 40 " كان من أقسى ما عانى فى جثسيمانى وحدته تجاه أكبر معركة مرت فى التاريخ ، ... وما أجمل أن يجد الإنسان منا فى لحظات المحن والمتاعب والتجارب والآلام ، من يؤنسه بكلمة أو يبتسم له أو يشجعه أو يعينه بأية صورة من الصور ، ... وقد وجد الفتية الثلاثة هذا التشجيع فى الشركة التى تربطهم فى الإيمان والمصير !! .. عندما وقف لاتيمار مع صديقه ردلى وقد حكم عليها بالموت حرقاً ... قال لاتيمار لزميله : تشدد فإننا سنضئ اليوم فى انجلترا كمشعل بنعمة اللّه لن ينطفىء أبداً !! .. وكانت الدرجة الثانية من السلم يقين الفتية بأنهم يدخلون معركة نبيلة شجاعة من أعظم وأروع المعارك على ظهر هذه الأرض ، وقد سبق فى دراستنا للشخصيات أن أشرنا إلى ما قاله جورج فرند سبرج وهو قائد من أعظم القواد الألمان لمارتن لوثر ، وهو يدخل باب مجمع ورمس لمحاكمته التليدة الرهيبة : « أيها الراهب المسكين ... إنك ذاهب إلى معركة أنبل وأعظم من كل المعارك التى خضتها أنا ، أو أى واحد من القادة ، فإذا كانت قضيتك عادلة فتقدم باسم اللّه » ...

وكما تقدم الثلاثة الفتية العظام ، تقدم مارتن لوثر إلى معركة الإصلاح التى لم تغير تاريخ أوربا فحسب ، بل غيرت التاريخ المسيحى كله !! .. على أن الدرجة العليا فى السلم ، كانت يقين الفتية أنهم لا يدخلون المعركة منفردين،... إذ لم يكن هذا هو الاختبار الأول لهم ، فقد سبقت لهم النجاة من يد الرجل البطاشة ، عندما أعلن اللّه لدانيال على صورة معجزية خارقة للعادة حلم نبوخذ ناصر وتفسيره ، ...

إنهم يؤمنون بإله قوى قادر على كل شئ ، وعندما يرون نبوخذ ناصر أمامهم ، فى ضوء اللّه ، يضحى العاتية الجبار أقل من نملة تدب على الأرض ، وهم لذلك يخاطبونه بدون لقبه ، قائلين : « يانبوخذ نصر لا يلزمنا أن نجيبك عن هذا الأمر، هوذا يوجد إلهنا الذى نعبده يستطيع أن ينجينا من أتون النار المتقدة وأن ينقذنا من يدك أيها الملك ، وإلا فليكن معلوماً لك أيها الملك أننا لا نعبد آلهتك ولا نسجد لتمثال الذهب الذى نصبته » ... " دا 3 : 17 و 18 " وجند الطاغية كل قواه وسلطته ، فالأتون يحمى سبعة أضاف ، الفتية يقيدون ، وأقوى رجال الحرب يقذفون بهم فى قلب الأتون ، والنار الملتهبة فى شدتها وعنفها تقضى على القاذفين !! ..


 
موضوع مغلق


الانتقال السريع


الساعة الآن 07:51 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025