18 - 02 - 2017, 07:10 PM | رقم المشاركة : ( 21 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس بورفيريوس الرّائي
عندها أثار أنتقاؤه حسد الكاهن ذي الكفاءة العالية، الّذي أراد هذا المنصب لنفسه، فأخذه المدير بنفسه إلى رئيس الأساقفة الّذي ٱستجوبه قليلاً ثم قال: ”في هذا المكان نريد شخصًا متعلّمًا وكاهنًا واعظًا، لأنّه مركز يعمّ فيه الفساد، وينبغي على الكاهن فيه أن يعظ ويعلّم النّاس، لكنّ السّيّد المدير يريدك أنتَ. يُمْكنني أن أقول بأنّك لست متعلّمًا. ولكن إذا استطعت، على الأقل، أن تحافظ على أسلوب جيِّد ولهجة حسنة، فيمكنني أن أعتبر أنّك، بأسلوبك، قد تكون أفضل من كاهن لاهوتي، يعظ النّاس بأقوال منمّقة خطابية.“ وهكذا كان. أخذ الأب بورفيريوس البركة وانطلق في هذه المرحلة الجديدة من حياته الّتي استمرّت ثلاثة وثلاثين عامًا. وصفها الأب بورفيريوس كالتالي: ”عشت هناك ثلاثة وثلاثين عامًا، وكأنّني قضيت يومًا واحدًا, عشتُ حياة جميلة. كنت مجهولاً جدًا، ومختفيًا، هناك، في المستشفى... كنت مهمَلاً جدًا، غير متعلّم، غير مهم، فقيرًا، آخرون يترأسون الكنيسة وأنا لا أعرف شيئًا“. |
||||
18 - 02 - 2017, 07:10 PM | رقم المشاركة : ( 22 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس بورفيريوس الرّائي
أحبّ القدّيس جيراسيموس حبًّا كبيرًا وكذلك المرضى. ذاع صيته كأب روحي جيِّد، فتقاطر عليه الناس من أجل الاعتراف. لم يكن يجيد القراءة ولا حتّى الترتيل بحسب الموسيقى، لذلك قام بجهود كبيرة خاصة وأنّ عددًا كبيرًا من المثقفّين كان يحضر إلى كنيسة القدّيس جيراسيموس. حتّى إنّه التحق بمعهد الموسيقى لكي يساعد المرتّلين. كانت أكبر تجربة مرّ بها في خدمته في أثينا صوت الموسيقى العالي الصّادر من أحد محلات الاسطونات مقابل الكنيسة أثناء القدّاس الإلهي. كلّم صاحب المحل ولكن من دون جدوى. فأخذ يصلّي... صلّى والرّب أعطاه جوابًا من خلال كتاب فيزياء لطفل صغير قرأ فيه: ”إذا ألقينا حجرًا صغيرًا في بحيرة ساكنة، نرى المياه تضطرب، وتصنع ”أمواجًا“ تمتد إلى مسافات قصيرة. وإذا ألقينا وراءه حجرًا أكبر منه، تتشكّل ”أمواج“ أكبر من السّابقة، وتمتد مسافات أبعد، بحيث أنّها تحيط بالأمواج الأولى وتطغي عليها“. ومن تلك اللحظة تحرّر من ضغطة التجربة عليه وأخذ يقوم بالذبيحة الإلهية مركِّزًا ذهنه بالكلية على الله... فشعر أنّه والجماعة المحيطة به ضمن النّعمة الإلهية بمنأى عن كلّ ما يحصل في الخارج ولم يعد يسمع صوتًا خارج الصّلوات المقامة في الكنيسة. |
||||
18 - 02 - 2017, 07:10 PM | رقم المشاركة : ( 23 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس بورفيريوس الرّائي
ولكون الأب بورفيريوس غير متعلّم كان يحصل على معاش زهيد لا يكفيه ولا يكفي عائلته وبعض الأقارب من الّذين كان يعولهم، ولا كان باستطاعته جمع المال لبناء الدّير الّذي كان يحلم به. لذلك اشترى آلة وأخذ يصنع مع أخته الفانيلاّت والجاكيتّات بالإضافة إلى البخور الممتاز الغالي الثمن. هذا كان يصنعه بنفسه، يمزج العطورات مميِّزًا روائحها وتفاعلها مع بعضها البعض، كانت له وصفته الخاصة في صنع البخور. في تلك المرحلة كان يقيم في ”توركوفونيا“، في كوخ من الخفّان مع والدته وأخته وٱبنة أخته. |
||||
18 - 02 - 2017, 07:10 PM | رقم المشاركة : ( 24 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس بورفيريوس الرّائي
عصا القدّيس جيراسيموس ذات مرة أثناء مغادرته لكوخه عَبَرَ الطريق الوعرة المنحدرة، فوقع وكسر ساقه. أسرعوا به إلى المستشفى حيث جبّروا السّاق. بعد خمسة عشر يومًا، بينما كان يصلّي مستلقيًا في السّرير ألقى نظرة عفوية على رجله، فرأى من خلال الجبصين بنعمة الله أنّ الرّجل كانت معوجة. طلب من الأطباء فتح الجبصين. لكنّ الطبيب الأستاذ ضحك منه ورفض عدة مرّات تصوير السّاق رغم إصرار الأب بورفيريوس. في نهاية المطاف أنزلوه إلى غرفة الأشعة واستبان أنّ الأب بورفيريوس على حق، فٱضطرّ الطبيب إلى إعادة كسر السّاق وجبرها بالشكل الصّحيح، مما سبب له آلامًا قاسية. بعدها، بقي مستلقيًا شهرين أو ثلاثة ثم أعطوه عكّازين لكي يمشي، فخاف أن يعتاد عليهما، فنصحه الطبيب بشراء عصا، فأوصى أخته بشرائها رغم عدم توفّر المال لديها. |
||||
18 - 02 - 2017, 07:11 PM | رقم المشاركة : ( 25 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس بورفيريوس الرّائي
غادر الأب بورفيريوس المستشفى حوالي الساعة الحادية عشرة واتجه بواسطة العكّازين إلى كنيسة المستشفى. هناك دخلت سيّدة وسألت إذا ما كانت هذه كنيسة القدّيس جيراسيموس وعن أيقونته، فدلّتها المشرفة على المكان إليها. فذهبت السّيّدة وجثت أمام الأيقونة وقالت بدموع وصوت عال: ”يا قديس الله، أنا لا أعرفك، ولم أسمع عنك أبدًا، ولم أسمع حتّى بٱسمك. ولكنك أكرمتني وزرتني، وطلبت مني العصا الّتي ٱشتريتُها من أورشليم، لكي آتي بها إلى بيتك وقد حدّدت لي اليوم والسّاعة... وها قد أتيت“. ولما أنهت صلاتها ٱتجهت نحو الأب بورفيريوس وسألته عن سبب هذه الرؤيا؛ ففسّرت لها المشرفة أنّ الأب الجالس هنا هو كاهن هذه الرّعية وأنه أراد شراء عصا، رغم فقره، وشفيع هذه الكنيسة دبّر الأمر بطريقته!!!. أسمى الأب بورفيريوس هذه العصا عصا القدّيس جيراسيموس. وكان كلّ من ضربه بها يُشفَى من دائه. |
||||
18 - 02 - 2017, 07:11 PM | رقم المشاركة : ( 26 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس بورفيريوس الرّائي
في دير القدّيس نيقولاوس في بندلي عام 1955، ٱنتقل الأب بورفيريوس للعيش في دير للقدّيس نيقولاوس في ”كاليسيا“ التابع لدير بندلي. هناك زرع الأرض بكلّ أنواع الخضار والأشجار على أنواعها وركّب مضخّة لاحضار المياه من الوادي وربّى الدّجاج. كلّ هذه الأعمال والاهتمامات قام بها الأب بورفيريوس مع خدمته في كنيسة القدّيس جيراسيموس والمستشفى التابع له، متذكّرًا دومًا مقولة القدّيس إسحق السّرياني: ”يجد الرّب الإله وملائكته الفرح في العمل، أما الشيطان وزبانيته فيفرحون بالبطالة“. أراد الأب بورفيريوس أن يُنْشئ ديرًا في هذه الناحية لكنّ الله شاء غير ذلك. |
||||
18 - 02 - 2017, 07:11 PM | رقم المشاركة : ( 27 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس بورفيريوس الرّائي
هناك في كاليسيا، ذهب ذات مرة مساء مع أخته إلى كنيسة القدّيس نيقولاوس لكي يصلّيا. ذهبا خفية عن والدتهما. وما إن شرعا بتلاوة صلاة يسوع: ”أيّها الرّب يسوع المسيح إرحمنا“ حتى غمر المكان نورٌ إلهي، فتابعا الصّلاة فرحَين فرحًا لا يوصف. بقيا ساعات ضمن النّور الإلهي، ثم أخذ النّور ينحسر... ولما عادا إلى القلاّية، كانت والدتهما في انتظراهما وقالت لهما: ”كيف تركتماني، أتعتقدان أنّي لم أراكما... لقد رأيت كلّ شيء... نورًا نزل من السّماء ودخل الكنيسة... نظرت وبكيت...“. |
||||
18 - 02 - 2017, 07:11 PM | رقم المشاركة : ( 28 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس بورفيريوس الرّائي
شخصية الأب بورفيريوس كان الأب بورفيريوس قصير القامة. هيئته بسيطة ورقيقة في آن. كان التواضع وتسليمه الكليّ لله يشّع منه. يشعر المرء إذا تكلّم معه بصلابته الدّاخلية المنبعثة من النّعمة السّاكنة فيه... هذا التضاد يذكّرنا بقولة الرّسول: ”قوتي في الضعف تُكمل“ (2 كو 9:12). كان النّور يُضيء على محيّاه. هذا النور الّذي يشبه النّور المنبثق من وجوه القدّيسين في الأيقونات كان يشعّ، بخاصة، أثناء قيامه بالذبيحة الإلهية. يتكلّم بسهولة، من دون تردد، بصوت منتظم، رقيق، وهادئ. في السّنوات الأخيرة من مرضة وآلامه الكثيرة أصبح صوته خافتًا واهنًا كصحّته. كان كلامه بسيطًا، من دون تكلّف، يبدو لك مألوفًا وسهل الاستيعاب. |
||||
18 - 02 - 2017, 07:11 PM | رقم المشاركة : ( 29 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس بورفيريوس الرّائي
لم يكن القديس بورفيريوس يتململ أبدًا أو يكلّم أحدًا عن متاعبه إلا ليشكر الله أنّه ٱفتقده وأعطاه الصّبر لتحملها، رغم تزايد عدد الوافدين إليه والاتصالات الهاتفية ليلاً ونهارًا، ما سرَّع في تفاقم وضعه الصّحيّ باطّراد. كان للكلّ الأب والصّديق والملاك الحارس وطبيب النّفوس والأجساد أحيانًا. لم يكن يزدري أحدًا محترِمًا الكلّ. في بعض الأحيان كان يصرّ على نصيحته ولكنه لم يكن يفرضها، مريدًا أن يتصرف الأنسان بحرّية، مختارًا نصائحه بملء إرادته. ما يلفت زائريه كان محبّته الخالصة الّتي كان يغدقها بسهولة عليهم. لم يكن مرة عابسًا أو متضجّرًا أو متذمّرًا أو محتقِرًا. كانت هذه المحبّة الّتي يظهرها للجميع متجذّرة ونابعة من حبّه الكليّ والدائم لإلهه. |
||||
18 - 02 - 2017, 07:11 PM | رقم المشاركة : ( 30 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس بورفيريوس الرّائي
تميّز الأب بورفيريوس بتواضعه الّذي اقتناه في بدايات حياته الرّهبانية وذلك بسبب طاعته الكاملة والغير المشروطة. لم يسمعه أحد يتفاخر بل كان دائمًا يُذل نفسه، مقرّعًا ذاته، معترفًا بخطاياه ولائمًا نفسه رغم كلّ فضائله كغير مستحق للنّعم الّتي أغدقها الله عليه. سلّم الأب بورفيريوس نفسه لحرب ضروس ضد العدو ليتطهر من أهوائه، حتّى ارتضى الله أن يصبح بلا هوى مسبِغًا عليه نقاوة داخلية تجلّت ببراءته الشبه الطفولية. كلّ من التقاه كان يشهد كأنّه تكلّم مع أحد أنبياء العهد القديم، لموهبة النبوّة عنده ومعرفته مكنونات القلوب. وآخرون يقولون إنّهم تكلّموا مع ملاك، لشفافيّته ونقاوة نفسه والنّور المشّع على هيئته. في كلّ حال، من كلّمه كان على يقين أنّه في حضرة قدّيس. |
||||
|