هل تحققت نبؤات الكتاب التي كان يصعب تصديقها؟
ج: نعم تحققت بالتفصيل ولم يوجد كتاب آخر حوى مثل هذه النبؤات قط، ودعنا يا صديقي نأخذ باختصار ستة أمثلة على هذه النبؤات، ثلاثة منها تخص مدن والرابعة تخص ملك عظيم، وأثنين تخصان شعبي اليهود ومصر.
أولًا: مدينة نينوى:
بعد أن تابت مدينة نينوى بمناداة يونان عادت إلى شرها فتنبأ عنها ناحوم النبي سنة 650 ق.م، وسقطت المدينة على يد الماديين والكلدانيين، وأعطى ناحوم وصفًا دقيقًا لهذا السقوط العظيم حيث تنبأ عن:-
1-خراب المدينة وشعبها في حالة سكر " فإنهم وهم مشتبكون مثل الشوك وسكرانون كمن خمرهم يُؤكلون كالقش اليابس بالكمال" (نا 1: 10)
2-خراب المدينة نتيجة طوفان غامر " وحى على نينوى بطوفان عابر يصنع (الرب) هلاكًا تامًا لموضعها (نا 1: 1، 8) " أبواب الأنهار انفتحت والقصر قد ذاب" (نا 2: 6).
3-احتراق المدينة " هاأنا عليك يقول رب الجنود فاحرق مركباتك دخانًا" (نا 2: 13) " تأكل النار مغاليقك.. هناك تأكلك النار" (نا 3: 13-15)
4-تنهب المدينة " أنهبوا فضة أنهبوا ذهبًا فلا نهاية للتحف للكثرة من متاعٍ مشتهى" (نا 2:9)
5-تُخرب للأبد ولا تعود تعمَّر وتختفي من الوجود " ليس جبر لانكسارك. جرحك عديم الشفاء" (نا 3:19) " وأقطع من الأرض فرائسك ولا يسمع أيضًا صوت رسلك" (نا 2: 13)
كانت مدينة نينوى عاصمة الملكة الآشورية مدينة عظيمة ومتسعة تقع على نهر دجلة، وبلغ ارتفاع أسوارها نحو 33 مترًا، وسمك السور 16 مترًا، وارتفاع أبراج المراقبة 66 مترًا، ويحيط بالسور من الخارج خندق مائي يبلغ عرضه 50 مترًا، فمن يريد أن يقتحم المدينة عليه عبور هذا المانع المائي والسور المنيع ليفاجئ بعد هذا بخندقين مائيين يعقبهما سورين آخرين بينهما مسافة 700م.(برهان يتطلب قرار ص 343) ورغم هذه التحصينات الهائلة والتي تجعل سقوط المدينة في يد الأعداء أمرًا مستحيلًا فإن ناحوم قد تنبأ بسقوطها وخرابها وشرح طريقة خرابها، وفعلًا تحقَّقت النبؤات عندما حاصر نابو بلاسر حاكم بابل سنة 612 ق.م. مدينة نينوى لمدة ثلاثة أشهر فقط وهى مدة قصيرة جدًا فبعض المدن كانت تحاصر سنوات طويلة وتظل صامدة، ولكن الذي حدث خلال هذه الفترة الصغيرة أن النهر فاض نتيجة الأمطار الغزيرة فأغرق جزءًا كبيرًا من المدينة، وكان الاعتقاد السائد أن نينوى لن تسقط أبدًا ما لم يصر النهر عدوًا لها، فما كان من ملكها إلا أنه جمع نسائه وممتلكاته في القصر وأحرق القصر بما وبمن فيه، بينما كان الشعب يلهو ويسكر، فأقتحم نابو بلاسر بجيشه الجرار المدينة ونهبها وخربها، ولم تعمر نينوى للآن، بل إنه كان هناك صعوبة بالغة في اكتشاف آثارها، وتحقَّقت نبوات الكتاب.
وفى سنة 1849 أكتشف " لابار " خرائب نينوى وقصر سنحاريب المتسع ومكتبة أشور نانبيال (حفيد سنحاريب) الملحقة بالقصر وبها 30000 لوحة منها سبع لوحات تحكى قصة الخلقة والطوفان، وفي سنة 1958 قام العالم " ملاون " بعمليات تنقيب كشفت عن مدى الحريق الهائل الذي حدث حتى أن الجدران قد اسودت وتخللها الهباب الأسود وتغير لون الطوب بفعل سعير النيران وقال "رأيت مدنًا كثيرة محترقة، ولكنى لم أرَ مثل هذا الحريق الانتقامي الذي لا يزال رماده باقيًا، ولقد ظلت أطلال القصر باقية كما هي تحت الأنقاض حتى كشفنا عنها سنة 1958(33).
ومن الطريف إنه على أحد الأعمدة الآشورية التي وجدت في نينوى قصة هزيمة جيش سنحاريب الساحقة حيث قتل ملاك الرب 185 ألفا من جنوده (2مل 19: 135) (الكتاب المقدس ونظريات العلم الحديث - هنرى. م. موريس - ترجمة د. نظير عريان ص98).
ثانيًا: مدينة بابل:
كانت مدينة بابل سيدة المدائن يقسمها نهر الفرات، وتعتبر حلقة الوصل والمركز التجاري الهام بين الشرق والغرب، بلغت مساحتها 196 ميلًا مربعًا ومحيطها 56 ميلًا، ويحيط بها سوران عظيمان يبلغ ارتفاع السور الخارجي مائة مترًا وعرضه نحو 24 مترًا يكفى لسير ست مركبات حربية متجاورة وعمق أساساته اثني عشر مترًا، وعلى السور 250 برجًا للمراقبة، وبه مائة بوابة من خشب الأرز المغشى بالنحاس اللامع، وسورها الداخلى مبنى بالقوالب الملَّونة التي تمثل مناظر لصيد النمور والأسود، واشتهرت بابل بحدائقها المعلقة إحدى عجائب الدنيا السبع، وتقدمت بابل في العلوم فاخترعت الألف باء للكتابة، وتقدمت في علوم الحساب والهندسة والفلك والفن والعمارة فشيدت أعظم المباني من الطين وأيضا من الحجارة ومن عظمتها خشى هيرودوت Herodotus أن يصفها لئلا يكذّبه الناس، ورغم هذه العظمة فقد تنبأ عنها إشعياء وإرميا بالخراب الأبدي في وصف تفصيلي للغاية ويمكن تتبع النبؤات كالآتي:
1-لم ينس الرب ما فعله نبوخذ نصر إذ خَّرب مدينة أورشليم وسلب الآنية المقدسة وخَّرب الهيكل بالإضافة إلى شرور بابل الأخرى، ولذلك جاءت النبؤة بمعاقبة بابل على شرها " وأكافئ بابل وكل سكان أرض الكلدانيين على شرهم الذي فعلوه في صهيون أمام عيونكم يقول الرب" (ار 51: 24) وتوعدها الله قائلًا "فلو صعدت بابل إلى السماوات ولو حصَّنت علياء عزها فمن عندي يأتي عليها الناهبون يقول الرب" (ار 51:53).
2-حدَّد أشعياء بأن الخراب سيحل ببابل على يد مملكة فارس ومادي فتنبأ قائلًا " قد أعلنت لي رؤيا قاسية الناهب ناهبًا والمُخرِب مخربًا. اصعدي يا عيلام. حاصري يا مادي" (اش 21: 2) فجاءت نبؤة إشعياء على بابل كضرب من الخيال.
3-حدَّد أشعياء اسم الملك "كورش" الذي سيكتسح بابل وسيٌصرِح ببناء أورشليم وتجديد الهيكل "القائل عن كورش راعى فكل مسَّرتي يتمم ويقول عن أورشليم ستٌبنى والهيكل ستؤسَّس" (اش 44: 28).
4-يصف هيرودتس حصار المدينة فيقول "وهكذا زحف الماديون والفارسيون على بابل بزعامة كورش وعندما طاف كورش وكبار قواده حول المدينة ورأوا استحالة خضوع هذه الأسوار لكل آلات الحرب المعروفة آنذاك، فضلًا عن الحاجز المائي المنيع، لم يغير رأيه. بل أمر بحصار دقيق حولها.. وأحاطوها لمدة سنتين " (34).
والأمر العجيب أن رجال بابل خشوا الخروج من المدينة لفك الحصار تمامًا كما تنبأ أرميا النبي قائلًا " كفَّ جبابرة بابل عن الحرب وجلسوا في الحصون. نضبت شجاعتهم صاروا نساء" (ار 51: 30) ويذكر زينوفون المؤرخ أن كورش دعا ملك بابل للمبارزة الفردية فأبى ملك بابل (النبؤات والآثار ج2 ص 62) وشجعهم على عدم الخروج من المدينة توفر المياه بها، والأرض الزراعية التي بداخلها، وسعة خزائنها، ولم تعلم أن آخرتها جاءت أمام الرب كما أخبر بذلك أرميا النبي " أيتها الساكنة على مياه كثيرة الوافرة الخزائن قد أتت آخرتك" (ار 51: 13).
5-كيف أقتحم كورش مدينة بابل؟ لقد هرب من مدينة بابل رجلان وانضما إلى جيش فارس، فاستعان بهما كورش ووضع خطة لاقتحام المدينة، فطلب كورش من جنوده حفر خندقًا ضخمًا جدًا، وفي الليلة السابقة من تشرين الأول سنة 539 ق.م. تم تحويل مجرى نهر الفرات وتحقَّقت نبؤة ارميا النبي " هكذا قال الرب.. أُنشّف بحرها وأُجفّف ينبوعها" (ار 51: 36) واقتحمت قوات فارس المدينة عبر مجرى النهر الأصلي.
6-كيف تم الهجوم على المدينة الحصينة..؟ في ليلة كان البابليون يقيمون حفلًا لآلهتهم يرقصون ويسكرون ويضحكون على أعدائهم الواقفين عاجزين خارج الأسوار الحصينة دون أن ينتبهوا إلى كورش الذي حوَّل مجرى النهر ويسرع بجيشه الجرار إلى داخل المدينة، وفوجئ أهل بابل بجنود كورش داخل المدينة وداخل البهو الملكي بحسبما صوَّر ارميا النبي من قبل " قد حلف رب الجنود بنفسه أنى لأملأنَّك أناسًا كالغوغاء فيرفعون عليك جلبة" (ار 51: 14) ويقول أشعياء على لسان بابل " امتلأت حقواي وجعًا وأخذني مخاض كمخاض الوالدة. تلَّويت حتى لا أسمع. اندهشت حتى لا أنظر. تاه قلبي بغتني رعب؟ (اش21: 3-4) ويقول هيرودوت بعد أن حفر كورش خندقًا عظيمًا " وإذ أنجز هذا العمل الهندسي العظيم في ليلة كان البابليون غارقين في سكرهم وبطرهم وأفراحهم وَهمًا منهم أن مدينتهم أمنع من عقاب الجو "(35)
7-تنبأ أرميا قائلًا " يركض عدَّاء للقاء عدَّاء. ومخبر للقاء مخبرٍ ليخبر ملك بابل أن مدينته قد أخذت عن أقصى" (ار 51: 31) وفعلًا تمت هذه النبؤة إذ اقتحم جيش كورش مجرى النهر من طرفيه في وقت واحد فركض المخبرون من الجانبين ليخبروا الملك، وكل عدَّاء يخبر عداءًا آخر لتصل الرسالة بأسرع ما يمكن للملك، وأمام قصر الملك التقى المخبران أحدهما جاء من طرف والآخر من الطرف الآخر لمجرى النهر.
8-لو أغلق البابليون أبواب النهر النحاسية قبل هجوم كورش لفشل الهجوم، ولكنها تُرِكت مفتوحة لأنه لم يتوقع أهل بابل أن كورش سيحول مجرى النهر، وبهذا تحققت نبؤة أشعياء النبي عندما قال "لأفتح أمامه (أمام كورش) المصراعين (أبواب القصر)، والأبواب لا تغلق (أبواب النهر النحاسية)" (اش 45:1)
9-قيل أن أهل بابل خشوا طول الحصار فقتلوا في يوم واحد 50000 من نسائهم وأولادهم، وأبقوا عددًا من النساء لعمل الخبز وحمل الماء أثناء الحصار،ثم اقتحم كورش المدينة وقتل الكثيرين فتحققت نبؤة أشعياء النبي " فيأتي عليك هذان الاثنان بغتة في يوم واحد الثكل والترمل" (اش 47: 9) وحتى أن لم تكن الحادثة الأولى قد حدثت فان جيش فارس قتل الكثيرين من الشباب فتثكلت أمهاتهم، وقتل كثيرًا من الرجال فترملت نساؤهم.
10- حدَّد أشعياء النبي أن الهجوم سيحدث ليلًا وقت احتفال أهل المدينة فقال "ليلة لذتي جعلها لي رعدة. يرتبون المائدة يحرسون الحراسة يأكلون يشربون. قوموا أيها الرؤساء امسحوا المِجَنَّ" (اش 21: 4، 5).
11-وهكذا قتل كورش رؤساء بابل وتحققت النبؤة " سقطت سقطت بابل وجميع تماثيل آلهتها المنحوتة" (اش 21: 9) والأمر المدهش أن أرميا النبي قد أكد نبؤة أشعياء هذه، إذ كتب كل الشرور الآتية على بابل، وأرسل بها سرايا بن نيريا إلى بابل، وأمره أن يقرأ كل هذه الشرور، وأوصاه " ويكون إذا فرغت من قراءة هذا السفر إنك تربط به حجرًا وتطرحه إلى وسط الفرات. وتقول هكذا تغرق بابل ولا تقوم من الشر الذي أنا جالبهُ عليها" (ار 51: 63-64).
12-الأمر المدهش أن المدينة لم تقم لها قائمة بعد، فكم من المدن تخرَّبت وأعيد تجديدها مثل أورشليم وروما وغيرهما، أما بابل فلم تجدد رغم أن كورش سكن بها وأراد أن يحيها ولكن خلفائه اختاروا غيرها، ورغم أن الإسكندر الأكبر كان يتمنى إعادتها إلى مجدها ولكنه وجد أن التكلفة باهظة، كما تصارع خلفاء الإسكندر وجرت المعارك بينهم على أرض بابل، فنهبتها الجيوش المتحاربة وأكملت خرابها، وعندما صارت من نصيب السلوقيين بنوا مدينة سلوقية شمال بابل بنحو أربعين ميلا فتحولت التجارة إليها وتدهورت بابل إلى الحضيض، وكل هذا جاء تتميمًا للنبؤات، حتى أن أرميا النبي يصف محاولات التجديد هذه وفشلها فيقول "سقطت بابل بغتة وتحطمت ولولوا عليها. خذوا بلسانًا لجرحها لعلها تشفى. داوينا بابل فلم تشفى. دعوها ولنذهب كل واحد إلي أرضه لأن قضاءها وصل إلى السماء" (ار51: 8-9).. يا لروعة الوحي.
13- وتحققت النبؤات بأن بابل ستظل خرابًا إلى الأبد لا يسكنها إلاَّ بنات أوى ولا يقيم فيها إعرابي ولا راعى.. لماذا؟ لأنه نتج عن تحويل النهر البرك والمستنقعات، ولم تعد أرضها صالحة للزراعة فلا تنمو فيها حتى الأعشاب التي تجذب الرعاة إليها.. لقد حدث ما صوره أشعياء النبي تمامًا وتصير بابل بهاء الممالك وزينة الكلدانيين كتقليب الله سدوم وعمورة لا تعمَّر إلى الأبد ولا تسكن إلى دور فدور ولا يخيم إعرابي ولا يربض هناك رعاة. بل تربض هناك وحوش القفر.. وتصيح بنات آوى في قصورهم.." (اش13: 19-22) وبحسبما تنبأ أرميا النبي أيضًا " وتكون بابل كومًا ومأوى بنات آوى ودهشًا وصفيرًا بلا ساكن.. لا يسكن فيها إنسان ولا يعبر فيها ابن آدم" (اش 51: 37-43) وبعد أن تهدمت بابل ومع الزمن سقطت أسوارها العظيمة حتى إنه عندما زارها "استرابو " في حكم أوغسطس قيصر (27 ق.م. - 14م) قال "لقد صارت المدينة العظيمة صحراء " (36).. لقد تحققت النبوات تمامًا "هكذا قال رب الجنود أن أسوار بابل العريضة تُدمَّر تدميرًا وأبوابها الشامخة تُحرَق بالنار" (ار51: 58) وفي سنة 1956 كتب أندريه بارو في كتابه بابل والعهد القديم يقول "فبُعد المدينة قليلًا عن بغداد، ويتدفق إليها كثيرون من السياح كل يوم تقريبًا، وبصورة عامة يخيب ظنهم كثيرًا وبصوت واحد تقريبًا يقولون إنه لا يوجد شيء لرؤيته " (37) وآخر هذه المحاولات ما قام به صدام حسين في منتصف سنة 1980 إذ أراد أن يقيم المدينة ثانية ويجعلها منتجع سياحي، ووضع الخطة كاملة لإقامة الفنادق وإنشاء الشوارع والمتنزهات وكان المال متوفرًا لتنفيذ الخطة، ولكن في شهر سبتمبر من نفس العام اشتعلت الحرب بين العراق وإيران التي استمرت سنوات طويلة، وبعدها حدث غزو العراق للكويت. ثم استرداد الكويت منه، وضربه وفرض الحصار عليه فصارت الخطة في طيّ النسيان.
14- وجاءت أيضًا نبؤة غريبة تنبئ بان أحجار بابل لا تستخدم في مكان آخر للبناء " فلا يأخذون منك حجرًا لزاوية ولا حجرًا لأسُس" (ار 51: 6) وقد ذكر ستونر أن الحجارة التي كانت مستخدمة ضخمة، وبذلك تصبح تكلفة نقلها مكلفة جدًا، فلهذا لم تستخدم بينما أُعيد استخدام الطوب في أماكن أخرى (برهان يتطلب قرار ص 352)
* ختام: اخذ عالم الرياضيات بيتر ستونر 7 نبؤات فقط من النبوات السابقة وطبق عليها نظرية الاحتمالات ليعلم نسبة تحقق هذه النبوات السبع على مدينة بابل بمجرد الصدفة، فوجد النسبة واحد إلى 75 مليون.. حقًا انه مهما طعن النقاد في تاريخ هذه النبوات وقالوا أنها كُتِبت في وقت متأخر بعد خراب بابل فلن يصلوا إلى مبتغاهم ولن يستطيعوا لذلك فكاكا، وذلك لسببين:
أ-أن هذه النبوات التي وردت في سفري أشعياء وأرميا وُجِدت في مخطوطات قمران التي يرجع تاريخها إلى سنة 250 ق.م. كما أن سفري أشعياء وأرميا ترجما إلى اليونانية في القرن الثالث قبل الميلاد ضمن الترجمة السبعينية. إذًا من الثابت أن هذه النبوات ترجع على أقل تقدير إلى ما قبل القرن الثالث قبل الميلاد.
ب-جزم النبوات بأن بابل لن تعمر إلى الأبد، وها قد مرَّ عشرات القرون، وتقف النبوات ضد تعمير بابل كالجبل الشامخ تعظ غير المؤمنين وتناديهم أن يصدقوا الكتاب وكل حرف فيه ويأتوا إلى رب الكتاب حتى ينالوا النهاية الصالحة.
ثالثًا: مدينة صور:
تعظمت مدينة صور وازدهرت طيلة ألفى عام حتى أصبحت مستعمراتها في قرطاجة تنافس مدينة رومية، وإن كانت بابل تمثل سيدة الممالك في البر، فان صور مثلت سيدة البحار حيث صارت ملتقى الشعوب، وجذب ميناءها سفن الدول المختلفة، وأُقيمت فيها أسواق الذهب والفضة والأحجار الكريمة واللؤلؤ والعاج والأبنوس فأصبحت هي عروس آسيا بلا منافس، وبينما كانت صور تمثل سيدة البحار وأعظم المدن الساحلية تنبأ عنها أشعياء وحزقيال وعاموس وزكريا بالخراب، وجاءت النبؤات تصف الأحداث التي ستتم بالمدينة وصفًا تفصيليًا دقيقًا للغاية، وذلك قبل خرابها بمائة عام والمدينة كانت في أوج قوتها، ويمكن عرض هذه النبوات باختصار شديد كالآتي:
1- جاءت نبؤة أشعياء قبل خرابها بمائة عام فقال "عند وصول الخبر إلى مصر خبر صور. اعبروا إلى ترشيش. ولولوا بإسكان الساحل أهذه لكم المفتخرة التي منذ الأيام القديمة قِدَمها. تنقلها رجلاها بعيدًا للتغرُّب" (اش 23: 5-7) ثم حدّد حزقيال الملك الذي سيهدم مدينة صور قائلًا" لأنه هكذا قال السيد الرب هاأنذا أجلب على صور نبوخذ راصَّر ملك بابل من الشمال ملك الملوك بخيل وبمركبات وبفرسان وجماعة وشعب كثير.. " ويجعل مجانق على أسوارك ويهدم أبراجك بأدوات حربه" (حز 26: 7) وفعلًا حاصر نبوخذ راصَّر مدينة صور بعد نبؤة حزقيال النبي بثلاث سنوات، وحاصرها لمدة 13 سنة (585-573 ق.م) ولم يجلو عنها، بينما أخذ معظم أهلها أموالهم وهربوا إلى جزيرة قريبة تبعد نحو ميل من المدينة، وحصنوا هذه الجزيرة وبذلك تحققت نبؤة أشعياء النبي عندما قال عن المدينة "ينقلها رجلاها بعيدًا للتغرُّب" وعندما استولى نبوخذ راصَّر على المدينة سنة 573 ق.م. وجد معظم أهلها قد هجروها حاملين أموالهم وكنوزهم، وصوَّر حزقيال النبي هذا الموقف بأن نبوخذ نصر خدم هذه السنين بلا مقابل وبلا أجرة فقال "يا ابن آدم أن نبوخذ راصَّر ملك بابل استخدم جيشه خدمة شديدة على صور.. ولم تكن لهُ ولا لجيشِه أجرة من صور لأجل خدمته التي خدم بها عليها" (حز 29: 18)
2- عادت المدينة وبنيت على الجزيرة المنفصلة بعد سبعين سنة من خراب مدينة صور، وقد حدَّد أشعياء النبي هذه المدة صراحة وقال إنها تساوى عمر أحد الملوك وفعلًا تساوت مع عمر نبوخذ راصَّر الذي عاش سبعين سنة حكم منها 44 سنة " ويكون في ذلك اليوم أن صور تُنسى سبعين سنة كأيام ملك واحد. من بعد سبعين سنة يكون لصور كأغنية الزانية.. ويكون من بعد سبعين سنة أن الرب يتعهَّد صور فتعود إلى أجرتها" (اش 23:15-17) وفعلًا بعد سبعين سنة كانت أسوار صور الجديدة قد إرتفعت شاهقة حتى لا يقوى عليها عدو آخر.
3- بعد بناء المدينة الجديدة تنبأ زكريا عن خرابها أيضًا فقال "قد بَنَتْ صور حصنًا لنفسها وكوَّمت الفضة كالتراب والذهب كطين الأسواق. هوذا السيد يمتلكها ويضرب في البحر قوَّتها وهى تؤكل بالنار" (زك9: 3-4) وفي سنة 332 ق.م. وبينما كان الإسكندر الأكبر في طريقه إلى مصر حاصر المدينة لمدة سبعة أشهر، ولكيما يصل إلى المدينة ألقى بأنقاض المدينة القديمة في البحر ليصنع طريقًا لصور الجديدة، فعمل طريقًا بطول 800م. وعرضه ستون مترًا، كما طلب من البلاد التي أخضعها أن تُرسِل له بعض السفن، فقدمت له صيدا وارفاد نحو 80 سفينة، ورودس عشرة سفن، وسولي ومالوس ثلاث سفن، وليكيه عشرة سفن، وسفينة كبيرة من مكدونية، ومائة وعشرين سفينة من قبرص (برهان يتطلب قرار ص 318) فاستطاع أن يفتتح صور بعد أن تحقَّقت نبؤة حزقيال " هاأنذا عليك يا صور فأُصعِد عليك أممًا كثيرة كما يعلى البحر أمواجه" (حز 26:3) وفعلًا نجح الاسكندر الأكبر في اقتحام المدينة، وتحققت نبؤة حزقيال النبي التي تفوه بها منذ نحو مائتين وخمسين سنة خلت " وينهبون ثروتكِ ويغنمون تجارتكِ ويهدُّون أسوارك ويهدمون بيوتكِ البهيجة ويضعون حجارتكِ وخشبكِ وترابكِ في وسط المياه" (حز26:12) وبسبب ما تكبده الإسكندر الأكبر في فتح المدينة فقد نكل بأهلها فقتل منهم نحو 8000 نفس وصلب ألفين وباع منهم ثلاثين ألفًا عبيدًا، وخرَّب المدينة وأحرقها بالنار سنة 332 ق.م.
4-ظلت المدينة تُعمَّر وتُخرَّب عدة مرات خلال حكم اليونان والرومان والمسلمين والصليبيين، فيقول أحد المؤرخين " بعد أخذ بتولمايس وإخرابها، أرسل السلطان أحد الأمراء على فرقة من جيشه لأخذ صور، فملأ الرعب قلوب أهلها ففتحوا الأبواب بدون مقاومة، فذبح الأمير بعض سكانها وبيع الآخرون عبيدًا، وهدمت المعابد والأسواق، وأُبيد كل شيء بالسيف أو بالحريق (برهان يتطلب قرار ص 320) وعاد المسلمون للمدينة سنة 1291 فخرَّبوها تمامًا فتحققت فيها نبؤة حزقيال بالخراب الأبدي " وأُصيّرك كضخ الصخر فتكونين مبسطًا للشباك لا تُبنين بعد لأني أنا الرب تكلمت يقول السيد الرب" (حز26:14) ووضعت الكاتبة نينا جدجيان مدينة صور حديثًا فقالت " هناك سفن صغيرة للصيد، ولكن فحص الأساس يظهر أعمدة جرانيتية من العصر الروماني استعملها الصليبيون لتدعيم الأسوار، وصار البناء اليوم ملجأ لسفن الصيد الصغيرة، ومكانًا لتجفيف الشباك وهناك مدينة اليوم اسمها صور، لكنها ليست صور القديمة، لأنها مبنية على موقع آخر غير صور القديمة. أن صور سيدة البحار ومركز العالم التجاري لعدة قرون قد انتهت إلى غير رجعة!.. فان صور القديمة العظيمة قد سقطت تحت الركام، ولا يوجد منها فوق سطح الأرض سوى بعض الأعمدة المتناثرة وأنقاض برج الكاتدرائية المسيحية، وعندما يتطلع الواحد منا تحت الماء يرى أعمدة الجرانيت الضخمة والأحجار المُلقاة في قاع البحر، وحطام صور فوق الماء قليل.(38) وعندما " زار الدكتور الكساندر كيت تلك المواضع لم يجد محلًا ينصب فيه خيمته، ووجد أن ذلك السدد (الطريق الذي صنعه الاسكندر)، صار متحجرًا مثل الصخر، ورأى الصيادين في الوقت ذاته باسطين شباكهم عليه فأخذ صورتهم، بالآلة المصوّرة، ونشرها في مقالاته المستوفية عن النبوات". (39) والأمر المدهش أن الينابيع التي كانت تروى صور قديمًا ما زالت موجودة للآن تصب مياهها في البحر بمقدار عشرة ملايين جالون في اليوم، وهى كمية تكفى لقيام مدينة كبيرة، ومع هذا فان صور ستظل خرابًا إلى الأبد " لا تبنين بعد" (حز 26: 14).
5- ومن بين النبوات التي جاءت على صور قبول أبنائها الإيمان المسيحي " وتكون تجارتها وأجرتها قدس للرب" (اش 23: 18) وفعلًا حدث هذا وتحقَّقت هذه النبؤة.
وقام عالم الرياضيات بيتر سونر بتطبيق نظرية الاحتمالات على نبؤات حزقيال فقط دون أشعياء وزكريا فوجد نسبة إنطباق هذه النبوات على المدينة بمحض الصدفة كنسبة واحد إلى 75 مليون. وإن قال أحد النقاد ربما تكون هذه النبوات التي نسبت إلى أشعياء وحزقيال وزكريا قد كتبت بعد خراب مدينة صور ونسبت لهؤلاء الأنبياء، ولمثل هذا نقول وما رأيك في نبؤة حزقيال التي ما زالت قائمة حتى اليوم عندما تنبأ عن المدينة قائلًا " لا تبنين بعد"..؟! أن وجود هذه النبوات في مخطوطات وادي قمران منذ القرن الثالث قبل الميلاد كما حدَّد العلماء هذا لهو أمر ثابت، وأيضًا خراب صور للآن أمر ثابت، والأمران معًا يثبتان صحة الوحي في الكتاب المقدس وسلامة الكتاب أيضًا عن أي تحريف أو تغيير
رابعًا: الإسكندر الأكبر:
تنبأ دانيال عن الإسكندر الأكبر (356-323 ق.م) قبل مجيئه بمئات السنين، وحدّد وظيفته بأنه "ملك اليونان" واسبغ عليه بعض الصفات مثل " العظيم"، " الجبار"، وتنبأ عن انتهاء حياته فجأة وقيام أربع ممالك خلفًا له، فقال "وبينما كنت متأملًا إذا بتيس من المعز جاء من الغرب على وجه كل الأرض ولم يمسَّ الأرض وللتيس قرن معتبر بين عينيه.. فتعظم المعز جدًا ولما اعتز انكسر القرن العظيم وطلع عوضًا عنه أربعة قرون معتبرة نحو رياح السماء الأربع.. والتيس العافي ملك اليونان والقرن العظيم الذي بين عينيه هو الملك الأول. وإذا انكسر وقام أربعة عوضًا عنه فستقوم أربع ممالك من الأمة ولكن ليس في قوته" (دا8: 5-22) وفعلًا تمت هذه النبؤات كالآتي:
1-اكتسح الإسكندر الأكبر جميع الدول وكوَّن الإمبراطورية العظيمة خلال عشر سنوات فقط فأمتد ملكه من الهند والخليج العربي إلى غرب أوربا، ومن آسيا الصغرى إلى مصر.
2-شهد المؤرخ اليهودي يوسيفوس بتحقق هذه النبؤات على الإسكندر الأكبر، فيقول عندما حاصر الإسكندر مدينة صور ورفض اليهود إمداده بالمؤونة اللازمة لجيشه اغتاظ منهم، وبعد أن اقتحم مدينة صور وفعل بها ما فعل توجه بغضبه إلى أورشليم ليفعل بها كما فعل بصور وأهلها، ولكن رئيس الكهنة لبس ملابسه الكهنوتية وخرج لاستقباله في موكب عظيم من الكهنة والشعب، وأراه نبؤة دانيال عنه ففرح وسر وتلاشى غضبه وسأل رئيس الكهنة عن أي طلب يطلبه، ويقول البعض أن الإسكندر عندما أبصر رئيس الكهنة سجد له، فأحتج عليه أتباعه، فقال لهم إنه عندما بدأ فتوحاته شاهد هذا المنظر في حلم فتشجع وأكمل طريقه
3-حددت النبؤة أن الملك سينقطع عن نسل الإسكندر الأكبر " ولا يعقبه (لنسله) ولا حسب سلطانه الذي تسلَّط به لأن مملكته تنقرض وتكون لآخرين غير أولئك" (دا 11:4) وفعلًا جميع الذين تملَّكوا بعده من نسله قتلوا، فقد ملك أخيه العاجز فيليب أريديوس نحو سبع سنوات وقتلته أمه سنة 317 ق.م، ثم ملك الإسكندر اللو ابن الإسكندر الشرعي من زوجته روكسانا نحو ست سنوات وقُتِل سنة 311 ق.م. على يد كاسندر الذي اغتصب حكم مكدونيا واليونان، ثم نادى هرقل ابن الإسكندر غير الشرعي بنفسه ملكًا ولكنه قُتِل سنة 309 ق.م، وبهذا انتهى الملك من نسل الإسكندر الأكبر.
4-صرَّحت النبؤة بموت الإسكندر فجأة وهو في ريعان شبابه " ويقوم ملك جبار ويتسلَّط تسلطًا عظيمًا ويفعل حسب إرادته. وكقيامه تنكسر مملكته وتنقسم إلى رياح السماء الأربع" (دا 11: 3-4) وفعلًا بعد موته انقسمت مملكته إلى أربع ممالك:
أ- مصر وليبيا والعربية وفلسطين، ومَلَكَ عليها بطليموس لاجوس.
ب- بابل وميديا وسوريا وفارس ومقاطعات شرق نهر الهندوس ومَلَكَ عليها سلوقس نيكاتور.
ج- آسيا الصغرى وتركية الأوربية وملك عليها ليسيماخوس.
د- مكدونية واليونان وملك عليها كاسندر.
وعندما تأكد بروفورس أحد نقاد الكتاب المقدس القدماء من تطابق نبؤات دانيال الخاصة بالإسكندر الأكبر والممالك الأربعة مع الواقع قال أن هذه النبؤات كُتِبت مؤخرًا بعد حدوث الأحداث المذكورة، فهى تأريخ لأحداث ماضية وليست نبؤات لأمور مستقبلية، فرد عليه القديس ايرونيموس بحكمة قائلًا هذا الكلام في حد ذاته شهادة للحق نفسه، لأنه من دقة وإعجاز النبؤة انه بدى له ما قاله، فهذه شهادة للنبي لا عليه. أما تواريخ الأنبياء ومتى وُجِدوا ومتى تنيحوا؟ فهى معروفة جيدًا لأصغر تلميذ، مهما حاول ذوو الأغراض والهوى والتضليل والخداع، وبذلك (أي بمعرفة تواريخ الأنبياء) يمكن معرفة ما إذا كانت هذه الأقوال سابقة أم لاحقة على تحقيقها " (40).
خامسًا: اليهود:
سأل فردريك الكبير ملك روسيا أحد قواده المسيحيين إن كان يقدر أن يبرهن على وحى الكتاب المقدس بكلمتين فقط، فأجابه القائد المسيحي " اليهود يا مولاي" وفعلًا نبوات الكتاب المقدس عن الشعب اليهودي وتحقُّقها بدقة بالغة تدهش العقول، ويمكن في عرض موجز أن نقطع هذه الرحلة سريعا:
1-تنبأ الكتاب عن مجاعة إسرائيل وقت الحصار بسبب مخالفتهم لوصايا الرب " وتحاصركَ في جميع أبوابكَ.. فتأكل ثمرة بطنكُ لحم بنيكَ وبناتكَ الذين أعطاكَ الرب إلهكَ في الحصار والضيقة.. بأن يُعطى أحدهم من لحم بنيه الذي يأكله والمرأة المتنعمة.. وبأولادها الذين تلدهم لأنها تأكلهم سرًّا في عوز كل شيء في الحصار والضيقة" (تث 28: 52-57) وتحقّقت هذه النبؤات عندما حاصر بنهدد ملك آرام السامرة وحدثت مجاعة " حتى صار رأس الحمار بثمانين من الفضة وربع ألقاب من زبل الحمام بخمسٍ من الفضة" (2مل 6: 25) وأكلت النساء أبنائهن (2مل 6: 26-29).
2-تنبأ الكتاب سنة 1500 ق.م. عن هجوم نبوخذ نصر ملك بابل على أورشليم وسبى أبناءها قبل حدوث السبى بنحو تسعمائة عامًا فقال موسى النبي " يجلب الرب عليك أمةً من بعيدٍ من أقصاء الأرض كما يطير النسر أُمَّةً لا تفهم لسانها. أُمَّةً جافية الوجه لا تهاب الشيخ ولا تحن إلى الولد" (تث 28: 49-50) " يذهب بك الربُّ وبملكك الذي تقيمه عليك إلى أمَّة لم تعرفها أنت ولا آباؤك وتعبد هناك آلهة أخرى" (تث 28: 36) "ويبددك الربُّ في جميع الشعوب من أقصاء الأرض إلى أقصائها وتعبد هناك آلهة أخرى لا تعرفها أنت ولا آباؤك من خشب وحجر" (تث 28: 64).
3-حدَّدت النبؤات أيضًا المكان الذي سيُسبى إليه بنو يهوذا قبل حدوث السبي بأكثر من مائة سنة إذ قال أشعياء النبي لحزقيا الملك " هوذا يأتي أيام يُحمَل فيها كل ما في بيتك وما خزَّنه آباؤك إلى هذا اليوم إلى بابل. لا يترك شيء يقول الرب ومن بنيك الذين يخرجون منك الذين تلدهم يُأخذون فيكونون خصيانًا في قصر ملك بابل" (اش 38: 6-7)
4-وحدَّدت النبؤة مدة السبي بسبعين سنة " وتصير كل هذه الأرض خرابًا ودهشًا وتخدم هذه الشعوب ملك بابل سبعين سنة" (ار 25: 11). وفعلًا تحقَّقت هذه النبؤات بالحرف الواحد " في ذلك الزمان صعد عبيد نبوخذ ناصَّر ملك بابل إلى أورشليم فدخلت المدينة تحت الحصار.. وجاء نبوخذ ناصَّر ملك بابل على المدينة وكان عبيده يحاصرونها.. واخرج من هناك خزائن بيت الرب وخزائن بيت الملك وكسر كل آنية الذهب.. وسبى كل أورشليم وكل الرؤساء وجميع الجبابرة.. لم يبق إلا مساكين شعب الأرض.. جاء نبوزرادان رئيس الشرط عبد ملك بابل إلى أورشليم وأحرق بيت الرب وبيت الملك وكل بيوت أورشليم وكل بيوت العظماء أحرقها بالنار. وجميع أسوار أورشليم مستديرًا هدمها.. وجميع آنية النحاس التي كانوا يخدمون بها أخذوها. والمجامر والمناضح. ما كان من ذهب فالذهب وما كان من فضة فالفضة أخذها رئيس الشرط" (2مل24: 10 - 25: 15).
5-أعلنت النبؤات عودة بني يهوذا إلى وطنهم ثانية وردهم من سبيهم " أمَّا أنت يا عبدي يعقوب فلا تخف يقول الرب ولا ترتعب يا إسرائيل لأني هاأنذا أخلصك من بعيد ونسلك من أرض سبيهِ فيرجع يعقوب ويطمئن ويستريح..(ار 30: 10-11، 46: 28).
6-وحدَّدت النبؤة اسم الملك "كورش " الذي سيأمر بإعادتهم لوطنهم والتصريح لهم ببناء أورشليم والهيكل قبل ولادته " القائل عن كورش راعى فكل مسَّرتي يتمم ويقول عن أورشليم ستُبنى وللهيكل ستؤسَّس" (اش 44: 28).
7-ذكر السيد المسيح ما سيحل بأورشليم نتيجة رفضها له وتمسكها بشرورها " وفيما هو يقترب نظر إلى المدينة وبكى عليها. قائلًا إنكِ لو علمتِ أنت أيضًا حتى في يومكِ هذا ما هو لسلامكِ. ولكن الآن قد أخفى عن عينيك. فإنه ستأتي أيام ويحيط بك أعداؤك بمترسةٍ ويحدقون بك ويحاصرونك من كل جهة. ويهدمونك وبنيكِ فيكِ ولا يتركون حجرًا على حجرٍ لأنك لم تعرفي زمان افتقادك " وتحققت هذه النبؤة على يد القائد الروماني تيطس فاسباسيان سنة 70م. عندما حاصر أورشليم العاصية، وعندما خفف الحصار لسبب غير معلوم هجرها المسيحيون لإحساسهم بأن كلام النبؤة على وشك التحقق. ثم عاد تيطس وأغلق الحصار عليها حتى اقتحمها وأمر الجنود أن يخربوا المدينة ولكن يحرصوا على بقاء الهيكل كتحفة معمارية، ولكن أحد الجنود اعتلى كتف آخر وألقى بقطعة نار مشتعلة في داخل الهيكل، وفي أثناء هذا هبت ريح عاصفة فانتشرت النيران في أرجاء الهيكل حتى انصهر الذهب الذي كان يغشى الهيكل، فأمر تيطس بهدمه حتى إنه لم يبق حجر على حجر لم ينقض، وكتب يوسيفوس الذي كان في قلب الأحداث يقول "وقد كان مجموع كل الأسرى الذين أُسروا خلال الحرب كلها 97 ألفا، كما كان مجموع الذين ماتوا مدة الحصار الطويل من مراحله الأولى إلى النهاية مليون ومائة ألف أغلبهم من اليهود بالجنس.. الذين اجتمعوا من الدولة كلها للاحتفال بعيد الفطر، وحاصرتهم الحرب فجأة، وكان الزحام هو السبب. أولًا بالطاعون وأخيرا بالجوع " (41)
8-تنبأ الكتاب المقدس عن عودتهم إلى مصر " ويردَّك الرب إلى مصر في سفن في الطريق التي قلت لك لا تعد تراها فتباعون هناك لأعدائك عبيدًا وإماءً وليس من يشترى" (تث 28: 68) وتحقَّق هذا على يد تيطس الروماني، فالذين نجوا من الذبح حمَّلهم تيطس في سفن إلى أرض مصر.
9-ومع أن اليهود تشتتوا في بابل وغيرها من بلاد العالم لكن الأمر العجيب أنهم لم يذوبوا في هذه الشعوب إنما حافظوا على كيانهم برغم ما تعرضوا له من أهوال وبهذا تحققت نبوات الكتاب " ولكن مع ذلك أيضًا متى كانوا في أرض أعدائهم ما أبيتهم ولا كرهتهم حتى أبيدهم وأنكث ميثاقي معهم" (لا 26: 44) وأينما ذهب اليهود يحافظون على كيانهم حتى إنه في البلاد التي فيها تواجد يهودي تجدهم يسكنون معًا في حي اليهود أو حارة اليهود، ويتزاوجون معًا.
سادسًا: تحول مصر من الوثنية للمسيحية:
تنبأ أشعياء النبي عن دخول مصر للمسيحية، وبينما كان الشعب اليهودي يرفض رفضًا باتًا إقامة أي مذبح آخر غير مذبح أورشليم، حتى أنهم رغم عظمتهم الآن فإنهم لا يستطيعون أن يقدموا ذبيحة للرب لأنهم لا يملكون المذبح الذي يقدمون عليه الذبائح، ورغم هذا التشديد اليهودي ورفض الفكر اليهودي لوجود أي مذبح آخر خارج عن أورشليم فان أشعياء النبي يتنبأ عن:
1-ظهور مذبح للرب في وسط أرض مصر.
2-انتشار المسيحية في مصر على يد مارمرقس "عمود للرب عند تخومها "
3-يعرف المصريون الرب.
4-يقدمون ذبيحة وتقدمة ونذور، أي يمارسون العبادة الحقة للإله الحق.
وفعلًا تحققت نبوات أشعياء النبي التي قالها قبل الميلاد بنحو 700 سنة "في ذلك اليوم يكون مذبح للرب في وسط أرض مصر وعمود للرب عند تخومها. فيكون علامة وشهادة لرب الجنود في أرض مصر.. فيُعرَف الرب في مصر ويعرف المصريون الرب في ذلك اليوم ويقدمون ذبيحة وتقدمة وينذرون للرب نذرًا ويوفون به" (اش 19: 19-21).
نبؤات كان يصعب جدًا تحققها:
الشعب اليهودي
المجاعة وقت الحصار (تث52:28-57، 2مل5: 6- بفارق أكثر من 600 سنة
هجوم البابليين على أورشليم (تث 28: 49،50)
السبي (تث28: 36،64-2مل24: 10-25: 15)
مكان السبي (اش38: 6) بفارق زمني 100 سنة
مدة السبي (ار25: 1)
العودة من السبي (اش10: 20، ار30: 10،11- 46: 28)
الملك الذي سيأمر بإعادتهم (اش 44: 28)
نبؤات السيد المسيح على أورشليم (لو 19: 41 - 44)
عودتهم إلى مصر (تث28: 8)
حفاظهم على كيانهم (لا 26)
عودتهم للإيمان في أخر الأيام (هو3: 5 - رو11: 25،26)
صور (ميناء على البحر الأبيض)
سقوط صور (اش3: 5) بفارق زمني مائة عام
الملك الذي يهدمها (حز26: 7)
حصارها 585 ق.م. لمدة 13 سنة وانتقالها (اش 23: 7)
نقل ثروتها (حز 29: 18)
قيام صور الجديدة بعد 70 سنة (اش 23: 15-17)
سقوط صور الجديدة (زك9: 3-4)
حصار الإسكندر لها 7 أشهر سنة 332 ق.م. - إلقاء أنقاض المدينة في البحر - هجوم السفن (حز 26: 3) - بفارق 250 سنة
لا تبنين بعد (حز 26: 14)
قبول أبناءها الإيمان (اش 23: 18)
ستونر: نبؤات حزقيال فقط 1: 75 مليون
نينوى (على نهر دجلة)
سقوط المدينة وهى في حالة سكر (نا1: 10)
خراب المدينة بطوفان غامر(نا1: 10، 2: 6)
احتراق المدينة (نا 2: 13- 3: 13،15)
نهب المدينة (نا 2: 9)
لا تعود تعمَّر (نا3:19- 2: 13)
سقطت نينوى سنة 612 ق.م. على يد نابو بلاسر بعد حصار ثلاثة أشهر
بابل (على جانبي الفرات)
توعد الرب لها (ار51: 24-53)
خرابها على يد مملكة فارس ومادى (اش 21: 2)
الملك الذي سيخرَّبها (اش 44: 28)
خوف جيش بابل المواجه (ار51: 3.)
مع الإمكانات الهائلة فآخرتها قد أتت (ار51: 13)
تحويل مجرى النهر (ار 51: 36)
الهجوم المفاجئ (ار51: 14- اش21: 3-4)
وقت الهجوم (اش 21: 3،4)
يركض عدَّاء للقاء عدَّاء (ار51: 31)
أبواب النهر (اش 45: 1)
الثكل والترمَّل (اش 47: 9)
سقوط بابل (اش21: 9-ار51: 63-64)
فشل محاولات التجديد (ار51: 8،9)
لا يخيم أعرابي، ولا يربض رعاة (اش13: 19 -22،51: 37،43)
تدمير الأسوار (ار51: 58)
محاولة صدام حسين في يونيو سنة 1991
حجارتها لا تستخدم (ار 51: 6)
_____