منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات
قديم 30 - 04 - 2014, 05:24 PM   رقم المشاركة : ( 21 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,056

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الإنجيل: كيف كُتِبَ؟ وكيف وصل إلينا؟

حلول الروح القدس وانتشار الملكوت

كتاب الإنجيل: كيف كُتِبَ؟ وكيف وصل إلينا؟
شبه السيد المسيح انتشار الملكوت بالخميرة الصغيرة التي تعمل بطريقة غير مرئية وتخمر كمية كبيرة من العجين "يشبه ملكوت السموات خميرة أخذتها امرأة وخبأتها في ثلاثة أكيال دقيق حتى اختمر الجميع (234)". وهذا بالضبط هو عمل الروح القدس. فالروح القدس هو العطية العظمى للملك القائم من الموت؛ الصاعد إلى السماء والجالس عن يمين الآب، وقد سكبه السيد على التلاميذ بعد عشرة أيام من صعوده إلى السماء ليشهد له من خلالهم "فهو يشهد لي. وتشهدون أنتم أيضًا (235)"، "ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم وتكونون لي شهودًا (236)". وكان حلوله على التلاميذ هو بداية انتشار ملكوت الابن، وقد بدأ في الانتشار بقوة منذ اليوم الأول لحلوله، فقد آمن في ذلك اليوم وحده، كما يقول الكتاب، "نحو ثلاثة آلاف نفس (237)". كان الرسل يبشرون بالأخبار السارة ويكرزون بملكوت الله وكان الروح القدس، الذي يؤيدهم بالآيات والعجائب والقوات المتنوعة ومواهب الخاصة، يعمل في القلوب بطريقة غير مرئية، مثل الخميرة التي تعمل في العجين، ويحرك القلوب للإيمان بالمسيح "وليس أحد يقدر أن يقول يسوع رب إلا بالروح القدس (238)".
  رد مع اقتباس
قديم 30 - 04 - 2014, 05:25 PM   رقم المشاركة : ( 22 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,056

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الإنجيل: كيف كُتِبَ؟ وكيف وصل إلينا؟

كرازة التلاميذ والرسل بالمسيح للعالم أجمع

بدأت كرازة المسيح وبشارته بملكوت الله بعد معموديته من يوحنا المعمدان واستمرت إلى أحداث صلبه وقيامته، وذلك بشخصه مباشرة. فقد كان يجول يصنع خيرًا ويشفى جميع المتسلط عليهم إبليس (1)"، كان يجول في المدن والقرى والطرق والشوارع والأسواق والحواري وعلى ضفاف نهر الأردن والبحر الميت وبحيرتي طبرية وجنيسارت وفى السفن والبيوت وفى المجامع، كل سبت، وفى الهيكل في أورشليم، خاصة في الأعياد والمناسبات الدينية التي يجتمع فيها مئات الألوف من اليهود. وكان محاط دائمًا بالجماهير الغفيرة والجموع التي لا تحصى. وكان أيضا يكرز لأفراد مثل نيقوديموس، أحد رؤساء ومعلمي اليهود، والمرأة السامرية، الخاطئة.

كتاب الإنجيل: كيف كُتِبَ؟ وكيف وصل إلينا؟
وكان لب وجوهر كرازته هو "توبوا لأنه قد اقترب (منكم) ملكوت السموات (2)"، "قد كمل الزمان واقترب ملكوت الله. فتوبوا وآمنوا بالإنجيل (3)"، وأنه "هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية (4)"، وأنه هو الطريق الوحيد المؤدى إلى الله الآب وإلى الحياة الأبدية:
"أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلا بي (5)"،
"أنا هو القيامة والحياة من آمن بي ولو مات فسيحيا (6)"،
"أنا هو الباب إن دخل بي أحد فيخلص ويدخل ويخرج ويجد مرعى (7)"،
"أنا هو نور العالم. من يتبعني فلا يمشى في الظلمة بل يكون له نور الحياة (8)".
وإنه هو الوحيد الذي من ذات الآب "أنا أعرفه لأني منه وهو قد أرسلني"، ومن ثم فهو وحده الذي يستطيع أن يعلن عنه "وليس أحد يعرف من هو الابن إلا الآب ولا من هو الآب إلا الابن ومن أراد الابن أن يعلن له (9)"، "الله لم يره أحد قط الابن الوحيد الذي في حضن الآب هو خبر (أخبر عنه) (10)"، وهو "صورة الله غير المنظور (11)"، "لو كنتم قد عرفتموني لعرفتم أبى أيضا . ومن الآن تعرفونه وقد رأيتموه.. الذي رآني فقد رأى الآب.. أنا في الآب والآب في (12)".
كما أنه الوسيط الوحيد بين الله والناس"لأنه يوجد إله واحد ووسيط واحد بين الله والناس الإنسان يسوع المسيح الذي بذل نفسه فدية لأجل الجميع (13)"، وهو الشفيع الوحيد "وإن أخطأ أحد فلنا شفيع عند الآب يسوع المسيح البار وهو كفارة لخطايانا ليس لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم (14)"، "ومن ثم يقدر أن يخلص أيضًا إلى التمام الذين يتقدمون به إلى الله إذ هو حي في كل حين ليشفع فيهم (15)".
وكان تعليمه وأسلوبه في التعليم يختلف تمامًا عن أسلوب وتعليم معلمي عصره من كهنة وكتبة ولاويين وفريسيين وناموسيين، كما كان يختلف عن أسلوب وتعليم فلاسفة اليونان والرومان وغيرهم، فقد كان تعليم رجال الدين اليهود جاف وأجوف، وكان تعليم الفلاسفة مجرد نظريات فلسفية جدلية.
وقد عبر هو عن تعليمه بأسلوب هو "روح الرب على لأنه مسحني لأبشر المساكين أرسلني لأشفى المنكسري القلوب لأنادى المأسورين بالإطلاق والعمى بالبصر وأرسل المنسحقين في الحرية وأكرز بسنة الرب المقبولة (16)". وكان يعلم دائمًا بالأمثال "هذا كله كلم به يسوع الجموع بأمثال وبدون مثل لم يكن يكلمهم. لكي يتم ما قيل بالنبي القائل سأفتح فمي بأمثال وانطق بمكتومات منذ تأسيس العالم (17)"، "وبأمثال كثيرة مثل هذه كان يكلمهم حسبما كانوا يستطيعون أن يفهموا (18)".
كان تعليمه سهل وبسيط ولكن كان يتكلم "بسلطان" إلهي، كما يقول الكتاب، كان تعليمه سام وبسيط في آن واحد: "كان يعلمهم كمن له سلطان وليس كالكتبة (19)".
"لم يتكلم قط إنسان مثل هذا الإنسان (20)"،
"كان يعلمهم في مجمعهم حتى بهتوا وقالوا من أين لهذا هذه الحكمة والقوة (21)"،
"كان الجميع يشهدون له ويتعجبون من كلمات النعمة الخارجة من فمه (22)"،
"وكان يعلمهم في السبوت. فبهتوا من تعليمه لأن كلامه كان بسلطان (23)".
وكانت أعماله الإعجازية والقوات التي تجرى على يديه لا حد لمداها أو عددها أو عظمتها فقد كان يشفى المرضى المصابين بجميع أنواع الأمراض "يشفى كل مرض وكل ضعف في الشعب (24)"، ويفتح أعين العميان سواء الذين ولدوا بدون بصر أو الذين أصيبوا بالعمى في مراحل أعمارهم المختلفة، ويقيم الموتى سواء الذين ماتوا توا أو الذين تعفنت أجسادهم، ويطهر البرص ويخرج الشياطين ويمشى على الماء ويتحكم في البحر والريح، وبالإجمال فقد كان له سلطان على جميع المخلوقات سواء المادية أو الروحية؛ الطبيعة والحيوانات والطيور والأسماك والنباتات والماء والهواء والنار والإنسان والأرواح؛ أما في السماء وما على الأرض وما في البحار؛ فقد حول الماء إلى خمر (25) والخمسة أرغفة وسمكتين جعلها تشبع أكثر من خمسة آلاف نفس ويفيض عنهم أثنتا عشر قفة مملوءة من الكسر (26) ومشى على الماء (27) وجعل الشباك الفارغة تتخرق من كثرة السمك الذي ملأها به (28) وطلب من بطرس أن يصطاد سمكة موجودة في بطنها أستار ذهب فأصطادها في الحال (29) وأمر الريح الشديدة والبحر الهائج أن يهدأ فأطاعاه كما صعد إلى السماء طائرًا دون أن يحمله ملاك أو أي مركبة سمائية كما حدث لإيليا النبي (30)، كان في مقدرته وسلطانه أن يفعل أي شيء، أو كما قال هو "أبى يعمل حتى الآن وأنا أعمل.. لأن مهما عمل ذاك (الآب) فهذا يعمله الابن كذلك (31)". وكانت الجماهير مندهشة ومبهوتة ومذهولة ومتعجبة من تعاليمه وأعماله:
"وكثيرون إذ سمعوا بهتوا قائلين من أين لهذا هذه. وما هذه الحكمة التي أعطيت له حتى تجرى على يديه قوات مثل هذه (32)"،
"من هو هذا. فإن الريح أيضًا والبحر يطيعانه (33)".
وكان محاط دائمًا بالجماهير الغفيرة وكان عدد غير قليل من هذه الجماهير مؤمنين به، وكان له تلاميذ كثيرون تعلموا منه وحفظوا أقوله وتعاليمه وسلكوا بحسب تعليمه ووصاياه.
  رد مع اقتباس
قديم 30 - 04 - 2014, 05:26 PM   رقم المشاركة : ( 23 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,056

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الإنجيل: كيف كُتِبَ؟ وكيف وصل إلينا؟

التلاميذ

تتكرر كلمة تلميذ (ماثتيس – Mathetes) في الأناجيل الأربعة حوالي 230 مرة وتتكرر في سفر أعمال الرسل حوالي 30 مرة، وتشير بصفة عامة إلى تلاميذ المسيح الذي آمنوا به وأتبعوا تعليمه، الذين أتبعوه وتعلموا عند قدميه واستمعوا إلى تعليمه، من خلال مواعظه وأقواله العديدة، ورأوا أعماله الإعجازية وآمنوا أنه أتى من الله، كما عبر نيقوديموس رئيس اليهود والذي كان يؤمن بالمسيح سرًا "يا معلم نعلم أنك أتيت من الله معلمًا لأن ليس أحد يقدر أن يعمل هذه الآيات التي أنت تعمل إن لم يكن الله معه (34)". وكان هؤلاء كثيرين جدًا "فقال يسوع لليهود والذين آمنوا به: أنكم إن ثبتم في كلامي فبالحقيقة تكونون تلاميذي (35)". ويظهر عدد التلاميذ عند دخول المسيح أورشليم، أنهم جمهور كبير "ولما قرب عند منحدر جبل الزيتون ابتدأ كل جمهور التلاميذ يفرحون ويسبحون الله بصوت عظيم لأجل جميع القوات الذين نظروا (36)". ويصفهم سفر أعمال الرسل أيضا بأنهم جمهور "فدعا الإثنا عشر جمهور التلاميذ (37)". وبعد حلول الروح القدس كان عددهم يتكاثر جدًا "وكانت كلمة الله تنمو وعدد التلاميذ يتكاثر جدًا في أورشليموجمهور كثير من الكهنة يطيعون الإيمان (38)". هذا الجمهور الغفير من التلاميذ كان عليه أن يتعلم عند قدمي المعلم الأعظم ويحمل النير "احملوا نيري عليكم وتعلموا منى (39)"، وأن يثبتوا في كلامي فبالحقيقة تكونون تلاميذي (39)".

كتاب الإنجيل: كيف كُتِبَ؟ وكيف وصل إلينا؟
ومن بين هذا الجمهور من التلاميذ أختار السيد المسيح اثني عشر تلميذًا، يقول الكتاب "دعا تلاميذه وأختار منهم اثني عشر الذين سماهم أيضا رسلًا (40)" ليكونوا معه ويتعلموا على يديه وعدد قدميه ويتدربوا على العمل، الكرازة، الذي سيوكله إليهم بعد صعوده إلى السماء وحلول الروح القدس عليهم "وأقام اثني عشر ليكونوا معه وليرسله ليكرزوا. ويكون لهم سلطان على شفاء الأمراض وإخراج الشياطين (41)".
وكان هناك أيضا أخوة الرب يعقوب ويوسى وسمعان ويهوذا (42)" الذين كانوا مواظبين بنفس واحدة على الصلاة والطلبة" مع بقية التلاميذ بعد الصعود. ومن هؤلاء الأربعة كان "يعقوب أخا الرب ويهوذا أخاه" ضمن الاثنا عشر، وصار يعقوب "أخا الرب" أول أسقف لأورشليم ودعى بيعقوب البار وكان ضمن الثلاثة تلاميذ المدعوين بالأعمدة "يعقوب وصفا (بطرس) ويوحنا المعتبرون أنهم أعمدة (43)".
وقد أختار السيد هذه المجموعة، والتي وصفها بالقطيع الصغير، بناء على معرفته بالإنسان "لأنه لم يكن محتاجًا أن يشهد أحد عن الإنسان لأنه علم ما كان في الإنسان (44)"، "أنا أعلم الذين أخترتهم (45)"، وبناء على معرفته بالإنسان أيضا أختار يهوذا الإسخريوطي "أليس أنى أنا اخترتكم الاثني عشر وواحد منكم شيطان. قال هذا عن يهوذا الإسخريوطي (46)". اختارهم، كل واحد، بالاسم ودعاهم كل واحد باسمه، قال لبطرس وأندراوس أخيه "هلم ورائي فأجعلكما صيادي الناس. فللوقت تركا الشباك وتبعاه (47)" ولما رأى يعقوب بن زبدى ويوحنا أخاه في السفينة مع زبدي أبيهما يصلحان شباكهما فدعاهما. فللوفت تركا السفينة وأباهما وتبعاه (48)" ولما رأى متى العشار قال "له اتبعني. فقام وتبعه (49)" ولما وجد فليبس قال له "اتبعني (50)" ولما رأى نثنائيل قال عنه أنه نقى القلب "هذا إسرائيلي حقًا لا غش فيه (51)" أي ابن إبراهيم بالروح (52)، وضمه إلى تلاميذه.
أختارهم بنفسه وجعلهم أحباء ورفعهم فوق مستوى العالم وعلمهم كل ما يتصل بغاية تجسده "أنتم أحبائي إن فعلتم ما أوصيكم به. لا أعود أسميكم عبيدًا لأن العبد لا يعلم ما يعمل سيده. لكنى قد سميتكم أحباء لأني أعلمتكم بكل ما سمعته من أبى. ليس أنتم اخترتموني بل أنا اخترتكم وأقمتكم لتذهبوا وتأتوا بثمر ويدوم ثمركم. لكي يعطيكم الآب كل ما طلبتم باسمي.. لأنكم لستم من العالم بل أنا اخترتكم من العالم لذلك يبغضكم العالم (53)".
وأوصاهم أن يتخذوا من شخصه الإلهي مثلًا أعلى يحتذون به:
"احملوا نيري عليكم وتعلموا منى. لأني وديع ومتواضع القلب. فتجدوا راحة لنفوسكم. لأن نيري هين وحملي خفيف (54)"،
"لأني أعطيتكم مثالًا حتى كما صنعت أنا بكم تصنعنون أنتم أيضا (55)"،
"لأنكم لهذا دعيتم فإن المسيح أيضا تألم لأجلنا تركًا لنا مثالًا لكي تتبعوا خطواته (56)"،
"من قال أنه ثابت فيه (في المسيح). ينبغي أنه كما سلك ذاك (المسيح) هكذا يسلك هو أيضا (57)".
وكما تعلموا منه التواضع تعلموا منه الصلاة (58)، وخدمة الآخرين (59)، وإنكار الذات (60)، وبذل الذات (61)، وعلمهم مميزات ومسئوليات أبناء الملكوت في الموعظة على الجبل (62)، وكشف لهم أسرار ملكوت الله في أمثال؛ الزارع والحنطة والزوان وحبة الخردل والخميرة والكنز المخفي واللؤلؤة الثمينة والشبكة المطروحة في البحر (63)، وكشف لهم حقيقة تجسده باعتباره المسيح ابن الله الحي (64)"، كما عرفهم غاية وهدف مجيئه، تجسده، "هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية (65)"، "ابن الإنسان لم يأت ليُخدم بل ليَخدم وليبذل نفسه فدية عن كثيرين (66)"، "أنه ينبغي أن يذهب إلى أورشليم ويتألم كثيرًا من الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة ويقتل وفى اليوم الثالث يقوم (67)"، ودعاهم للتفرغ له وترك كل شيء لأتباعه، لأجله ولأجل الإنجيل، لأجل الكرازة، لأجل بشارة ملكوت الله؛ "ودعا الجمع مع تلاميذه وقال لهم من أراد أن يأتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني. فإن من أراد أن يخلص نفسه يهلكها. ومن يهلك نفسه من أجلى ومن أجل الإنجيل فهو يخلصها (68)"،
"وابتدأ بطرس يقول له ها نحن قد تركنا كل شيء وتبعناك. فأجاب يسوع وقال الحق أقول لكم ليس أحد ترك بيتًا أو إخوة أو أخوات أو أبًا أو أمًا أو امرأة أو أولاد أو حقولًا لأجلى ولأجل الإنجيل إلا ويأخذ مئة ضعف الآن في هذا الزمان بيوتًا وأخوة وأخوات وأمهات وأولادًا وحقولًا مع اضطهادات وفى الدهر الآتي الحياة الأبدية (69)".
وأعطاهم السلطان لشفاء المرضى وإقامة الموتى وتطهير البرص وإخراج الشياطين (70) وأرسلهم، قبل الصلب والقيامة، في مهمات تدريبية، إعدادية، داخل إسرائيل (71) فقط، وذل لإعدادهم للإرسالية الكبرى إلى العالم أجمع بعد الصلب والقيامة وحلول الروح القدس (72). وعادوا ليخبروه بكل ما فعلوه وعلموه وقالوا "يا رب حتى الشياطين تخضع لنا باسمك. فقال لهم رأيت شيطان ساقطًا مثل البرق من السماء. ها أنا أعطيكم سلطانًا لتدسوا الحيات والعقارب وكل قوة العدو ولا يضركم شيء. ولكن لا تفرحوا بهذا أن الأرواح تخضع لكم بل أفرحوا بالحرى أن أسماءكم قد كتبت في السموات (73)".
وأعلمهم مقدمًا بما سيحدث لهم من متاعب وضيقات واضطهادات حتى الدم والاستشهاد "ها أنا أرسلكم كغنم في وسط ذئاب. فكونوا حكماء كالحيات وبسطاء كالحمام. ولكن أحذروا من الناس لأنهم سيسلمونكم إلى مجالس وفى مجامعهم يجلدونكم. وتساقون أمام ولاة وملوك من أجلى شهادة لهم وللأمم. فمتى أسلموكم فلا تهتموا كيف أو بما تتكلمون. لأنكم تعطون في تلك الساعة ما تتكلمون به. لأن لستم أنتم المتكلمين بل روح أبيكم الذي يتكلم فيكم.. وتكونون مبغضين من الجميع لأجل اسمي. ولكن الذي يصبر إلى المنتهى فهذا يخلص. ومتى طردوكم في هذه المدينة فاهربوا إلى الأخرى.. ليس التلميذ أفضل من المعلم ولا العبد أفضل من سيده.. فلا تخافوهم. لن ليس مكتوم لن يستعلن ولا خفي لن يعرف. الذي أقوله لكم في الظلمة قولوه في النور. والذي تسمعونه في الأذن نادوا به على السطوح. ولا تخافوا من الذين يقتلون الجسد ولكن النفس لا يقدرون أن يقتلوها. بل خافوا بالحرى من الذي يقدر أن يهلك النفس والجسد كليهما في جهنم.. وأما أنتم فحتى شعور رؤوسكم جميعها محصاه.. فلا تخافوا.. فكل من يعترف بي قدام الناس اعترف أنا أيضا به قدام أبى الذي في السموات. ولكن من ينكرني قدام الناس أنكره أنا أيضا قدام أبى الذي في السموات.. من أحب أبًا أو أمًا أكثر منى فلا يستحقني. ومن لا يأخذ صليبه ويتبعني فلا يستحقني ومن وجد حياته يضيعها. ومن أضاع حياته من أجلى يجدها. من يقبلكم يقبلني ومن يقبلني يقبل الذي أرسلني (74)".
وكان هؤلاء الاثنا عشر معه دائمًا يذهبون معه إلى كل مكان ولا يفارقونه إلا فيما ندر، خاصة في الأوقات التي كان يختلي فيها للصلاة وحده، وكان يعلمهم مع الجموع بأمثال ويفسر لهم وحدهم مغزى هذه الأمثال! "أعطى لكم أن تعرفوا أسرار ملكوت الله. وأما الباقين فبأمثال.. (75)"، "قد كلمتكم بهذا بأمثال ولكن تأتى ساعة حين لا أكلمكم أيضا بأمثال بل أخبركم عن الآب علانية (76)". وفسر لهم العهد القديم، خاصة النبوات التي تنبأ بها عنه جميع أنبياء العهد القديم؛ "ثم ابتدأ من موسى ومن جميع الأنبياء يفسر لهما الأمور المختصة به في جميع الكتب.. أنه لابد أن يتم جميع ما مكتوب عنى في ناموسموسى والأنبياء والمزامير. حينئذ فتح ذهنهم ليفهموا الكتب (77)".
وأحتفل معهم بعشاء الفصح، العشاء الأخير، والعشاء الرباني، وصنع لهم أول عشاء رباني بالخبز والخمر الذين هما ذبيحة العهد الجديد التي يقدمها ببذل نفسه وسفك دمه عن الجميع على الصليب "وفيما هم يأكلون أخذ يسوع الخبز وبارك وكسر وأعطى التلاميذ وقال: خذوا كلوا هذا هو جسدي. وأخذ الكأس وشكر وأعطاهم قائلًا: أشربوا هذا هو دمى الذي للعهد الجديد الذي يسفك من اجل كثيرين لمغفرة الخطايا (78)"، "اصنعوا هذا لذكرى (79)". ثم وعدهم بالروح القدس الذي سينسكب عليهم بعد صعوده ليكون معهم ويمكث فيهم إلى الأبد.
هذه المجموعة من التلاميذ الاثني عشر صارت هي إسرائيل الجديدة، أو أسباط العهد الجديد الاثني عشر الذين كتبت أسماءهم في سفر الحياة وعلى أساسات أورشليم السمائية "وسور المدينة كان له أثنا عشر أساسًا وعليها أسماء رسل الحمل (المسيح) الاثنا عشر (80)"، وكانوا أساس إيمان الكنيسة مع المسيح والأنبياء "مبنيين على أساس الرسل والأنبياء ويسوع المسيح نفسه حجر الزاوية (81)".
وكان للتلاميذ الاثني عشر لب داخلي مكون من بطرس ويعقوب ويوحنا الذين أخذهم الرب معه على جبل التجلي وأراهم مجده (82)"، وكذلك عند إقامة ابنة يايرس من الموت (83)"، وكانوا الأقرب إليه في بستان جثسيماني ولم يقرب منه أحد سواهم عندما بدأ يحزن ويكتئب (84)". وكان القديس بطرس هو الذي تحدث الروح القدس على لسانه في الاعتراف العظيم بأن يسوع الناصري هو "المسيح ابن الله الحي (85)"، وكان يوحنا هو التلميذ الذي يحبه الرب والذي اتكأ على صدره وقت العشاء (86)" والذي اتبعه حتى الصليب والذي تسلم العذراء القديسة مريم، أم الرب، وهو على الصليب (87)"، وكان بطرس ويوحنا هما أول من ذهبت إليه مريم المجدلية لإخبارهما بحقيقة القبر الفارغ وبالتالي أول من ذهب من التلاميذ إلى القبر وشاهدا الأكفان والقبر الفارغ (88)". وكانا هما أكثر من تحدث معهم الرب بعد القيامة وعند ظهوره على شاطئ بحيرة طبرية وطلب من بطرس أن يرعى غنمه ووعد يوحنا بالعمر الطويل (89)".
وكان بطرس ويوحنا ويعقوب (أخا الرب) معتبرين أعمدة في الكنيسة الأولى (90)"، بعد استشهاد يعقوب بن زبدي (91)".
وإلى جانب الاثني عشر فقد "عين الرب سبعين آخرين أيضًا وأرسلهم اثنين اثنين أمام وجهه إلى كل مدينة وموضع حيث كان هو مزمعًا أن يأتي (92)".
وقد طوب السيد المسيح تلاميذه ومدحهم لأنهم نالوا ما لم يناله قبلهم الأنبياء والأبرار والملوك، فقد كشف لهم عن ذاته وعن العلاقة بين الآب والابن ورأوا كلمة الله المتجسد، صورة الله غير المنظور، الله الظاهر في الجسد "والتفت إلى تلاميذه وقال كل شيء قد دفع إلى من أبى. وليس أحد يعرف من هو الابن إلا الآب ولا من هو الآب إلا الابن ومن أراد الابن أن يعلن له. والتفت إلى تلاميذه على انفراد وقال طوبى للعيون التي تنظر ما أنتم تنظرونه. لأني أقول لكم أن أنبياء كثيرين وملوكًا كثيرين أرادوا أن ينظروا ما أنتم تنظرون ولم ينظروا وأن يسمعوا ما أنتم تسمعون ولم يسمعوا".
  رد مع اقتباس
قديم 30 - 04 - 2014, 05:28 PM   رقم المشاركة : ( 24 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,056

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الإنجيل: كيف كُتِبَ؟ وكيف وصل إلينا؟

الرسل

كلمة رسول المستخدمة في الإنجيل هي "أبو يتولوس – Apostolos" وتعنى "رسول، مرسل، مبعوث فوق العادة، سفير"، وتعنى في العهد الجديد بالدرجة الأولى شخص المسيح باعتباره المريل من الآب "ونحن قد نظرنا ونشهد أن الآب قد أرسل الابن مخلصًا للعالم (93)"، وقال السيد المسيح مخاطبًا الجموع "لأنى قد نزلت من السماء ليس لأعمل مشيئتي بل مشيئة (الآب) الذي أرسلني (94)"، وقال مخاطبًا الآب "وهذه الحياة الأبدية يعرفونك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته (95)".

كتاب الإنجيل: كيف كُتِبَ؟ وكيف وصل إلينا؟
وتعنى الكلمة في العهد الجديد، بصفة عامة، رسول المسيح، مبعوث المسيح، مرسل المسيح إلى كل العالم؛ "كما أرسلني الآب أرسلكم أنا. ولما قال هذا نفخ وقال لهم أقبلوا الروح القدس. من غفرتم خطاياه تغفر له. ومن أمسكتم خطاياه أُمسكت"، "من يقبلكم يقبلني ومن يقبلني يقبل الذي أرسلني (97)"، "الذي يسمع منكم يسمع منى. والذي يرذلكم يرذلني. والذي يرذلني يرذل الذي أرسلني (98)".
ورسول المسيح هو الشخص الذي تعلم منه وتدرب على يديه، هو أحد الذين أتبعوه وعاشوا معه منذ معمودية يوحنا المعمدان إلى اليوم الذي صعد فيه إلى السماء (99)، أنه أحد الذين شاهدوا المسيح القائم من الموت وأعدوا للشهادة له في كل العالم. والذين شاهدوا الرب القائم من الأموات كثيرين وعلى رأسهم "الأحد عشر تلميذًا"، "هم والذين (كانوا مجتمعين) معهم (100)"، ويذكر القديس بولس أن الرب ظهر لثلاث مجموعات كبيرة غير الأفراد، هذه المجموعات هي "للاثني عشر. وبعد ذلك ظهر دفعة واحدة لأكثر من خمس مئة أخ.. ثم للرسل أجمعين (101)". وهذا العدد يعنى أكثر من خمسمائة بكثير.
وينطبق لفظ ووصف رسول بدرجة أكبر على التلاميذ الأحد عشر، بعد خيانة يهوذا وموته، الذين أختارهم الرب منذ البدء "ليكونوا معه وليرسلهم ليكرزوا (102)"، "الذين سماهم أيضا رسلًا (103)". وهؤلاء الأحد عشر كانوا معه منذ معمودية يوحنا إلى اليوم الذي صعد فيه. ويسميهم القديس لوقا "الرسل الذين أختارهم (104)" أي الرب، المسيح.
هؤلاء الرسل الذين كانوا مع الرب منذ معموديته إلى صعوده وأعدهم بنفسه ظهر لهم بعد القيامة "أربعين يومًا ويتكلم عن الأمور المختصة بملكوت الله. وفيما هو مجتمع معهم أوصاهم أن لا يبرحوا من أورشليم بل ينتظروا موعد الآب الذي سمعتموه منى. لأن يوحنا عمد بالماء وأما أنتم فستعمدون بالروح القدس ليس بعد هذه الأيام بكثير (105)". فقد أرسلهم للبشارة في العالم أجمع وليكونوا رسله وسفراءه إلى كل المسكونة، ولكن بعد حلول الروح القدس:
"وها أنا أرسل إليكم موعد أبى. فأقيموا في مدينة أورشليم إلى أن تلبسوا قوة من الأعالي (106)"،
"ولكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم وتكونون لي شهودًا في أورشليم وفى كل اليهودية والسامرة إلى أقصى الأرض (107)"،
"فتقدم يسوع وكلمهم قائلًا ك دُفع إلىّ كل سلطان في السماء وعلى الأرض. فأذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس. وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أنا أوصيتكم به (108)"،
"وقال لهم أذهبوا إلى العالم أجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها. من آمن وأعتمد خلص. ومن لم يؤمن يدن (109)".
وبعد مرور حوالي خمسة وعشرين سنة كان الرسل قد انتشروا في كثير من بلاد العالم وبقاع الأرض، ومن ثم يقول القديس بولس الرسول في هذه الفترة:
"الإنجيل الذي سمعتموه المكرز به في كل الخليقة التي تحت السماء (110)".
  رد مع اقتباس
قديم 30 - 04 - 2014, 05:29 PM   رقم المشاركة : ( 25 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,056

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الإنجيل: كيف كُتِبَ؟ وكيف وصل إلينا؟

بولس الرسول


كتاب الإنجيل: كيف كُتِبَ؟ وكيف وصل إلينا؟
لم يكن بولس الرسول من الاثني عشر أو السبعين أو غيرهم مكن الذين شاهدوا السيد المسيح قبل الصعود، بل على العكس تمامًا فقد كان مضطهدًا للكنيسة في أيامها الأولى ثم ظهر له السيد في الطريق إلى دمشق وأختاره ليكون رسوله إلى الأمم "لأن هذا لي إناء مختار ليحمل اسمي أمام أمم وملوك وبنى إسرائيل. لأني سأريه كم ينبغي أن يتألم من أجل اسمي (111)" ودعى "رسولًا (112)". وكانت دعوة الرب له مباشرة "وأعرفكم أيها الأخوة الإنجيل الذي بشرت به أنه ليس بحسب إنسان. لأني لم أقبله من عند إنسان ولا عُلّمته (تلقيته). بل بإعلان يسوع المسيح. فإنكم سمعتم بسيرتي قبلًا في الديانة اليهودية أنى كنت أضطهد كنيسة الله بإفراط وأتلفها. وكنت أتقدم في الديانة اليهودية على كثيرين من أترابي في جنسي إذ كنت أوفر غيرة في تقليدات آبائي. ولكن لما سر الله الذي أفرزني من بطن أمي ودعاني بنعمته أن يعلن أبنه فيّ لأبشر به بين الأمم للوقت ثم أستشر لحمًا ودمًا ولا صعدت إلى أورشليم إلى الرسل الذين قبلي بل انطلقت إلى العربية ثم رجعت أيضًا إلى دمشق. ثم بعد ثلاث سنين صعدت إلى أورشليم لأتعرف ببطرس فمكثت عنده خمسة عشر يومًا. ولكنى لم أرى غيره من الرسل إلا يعقوب أخا الرب (113)".
كانت رسولية بولس الرسول هي عمل مباشر للرب يسوع القائم من الأموات والجالس عن يمين العظمة في السماء "بولس رسول لا من الناس ولا بإنسان بل بيسوع المسيح والله الآب الذي أقامه من الأموات (114)"، كانت رسوليته بإعلان خاص ومباشر من الرب نفسه الذي ظهر له بعد صعوده إلى السماء وأختاره ليكون رسوله إلى الأمم وأعلن له الإنجيل مباشرة بدون وساطة أي إنسان "بإعلان يسوع المسيح"، "لأنني تسلمت من الرب ما سلمتكم أيضا أن الرب يسوع في الليلة التي أُسلم فيها أخذ خبزًا وشكر وكسر وقال خذوا كلوا هذا هو جسدي المكسور لأجلكم. اصنعوا هذا لذكرى. كذلك الكأس أيضا بعدما تعشوًا قائلًا هذه الكأس هي العهد الجديد بدمى. اصنعوا هذا كلما شربتم لذكرى (115)"، "أنه بإعلان عرفتي بالسر (116)".
ويلخص في رسالته الأولى إلى كورنثوس دعوته أو بشارته، جوهر الإنجيل الذي بشر به بقوله "وأعرفكم أيها الأخوة بالإنجيل الذي بشرتكم به وقبلتموه وتقومون فيه وبه أيضا تخلصون إن كنتم تذكرون أي كلام بشرتكم به إلا إذا كنتم قد آمنتم عبثًا. فإنني سلمت إليكم في الأول ما قبلته أنا أيضا إن المسيح مات من أجل خطايانا حسب الكتب. وأنه دفن وأنه قام في اليوم الثالث حسب الكتب. وإنه ظهر لصفا (بطرس) ثم للاثني عشر. وبعد ذلك ظهر دفعة واحدة لأكثر من خمسمئة أخ أكثرهم باق إلى الآن ولكن بعضهم قد رقدوا. وبعد ذلك ظهر ليعقوب ثم للرسل أجمعين. وآخر الكل كأنه للسقط ظهر لي أنا (117)". ثم يؤكد أن ما يكرز به هو نفس ما يكرز به بقية الرسل "فسواء أنا أم أولئك هكذا نكرر وهكذا آمنتم (118)".
وكانت إعلانات الرب له كثيرة جدًا حتى انه أُخذ، ذهب، إلى السماء الثالثة، إلى الفردوس "فإني آتى إلى مناظر الرب وإعلاناته. أعرف إنسانًا في المسيح قبل أربع عشرة سنة أفي الجسد لست أعلم أم خارج الجسد لست أعلم. الله يعلم. أختطف هذا إلى السماء الثالثة. وأعرف هذا الإنسان أفي الجسد أم خارج الجسد لست أعلم. الله يعلم. أنه أختطف إلى الفردوس وسمع كلمات لا ينطق بها ولا يسوغ لإنسان أن يتكلم بها (119)". لقد وصل إلى قمة الإعلان "إلى مناظر الرب وإعلاناته".
وقد بشر بولس الرسول في كثير من بلاد آسيا الصغرى وفلسطين وسوريا وقبرص واليونان وروما، من أورشليم إلى إلليريكون أقصى حدود اليونان "حتى أكون خادمًا ليسوع المسيح لأجل الأمم مبشرًا لإنجيل الله ككاهن ليكون قربان الأمم مقبولًا مقدسًا بالروح القدس. فلي افتخار في المسيح يسوع من جهة ما لله. لأني لا أجسر أن أتكلم عن شيء مما لم يفعله المسيح بواسطتي لأجل إطاعة الأمم بالقول والفعل. بقوة آيات وعجائب بقوة روح الله. حتى إني من أورشليم وما حولها إلى إلليريكون قد أكملت التبشير بإنجيل المسيح (120)".
  رد مع اقتباس
قديم 30 - 04 - 2014, 05:31 PM   رقم المشاركة : ( 26 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,056

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الإنجيل: كيف كُتِبَ؟ وكيف وصل إلينا؟

وحدة الرسل في الإعلان مع الآب والابن

بعد العشاء الرباني وبعد أن غسل السيد المسيح أرجل تلاميذه وإعطائهم درس عملي في التواضع وإنكار الذات بدأ يتحدث إليهم حديث وداعي طويل تحدث فيه عن تركه لهم ورحيله الوشيك من العالم وصعوده إلى السماء، بعد الصلب والقيامة، وعزاهم من مفارقته لهم، وأكد لهم حقيقة كونه الطريف والحق والحياة وأنه الباب الوحيد والطريق الوحيد المؤدى للحياة الأبدية، وحقيقة وحدته مع الآب في الذات الإلهية والجوهر الإلهي، وعلمهم أن يصلوا باسمه وأكد لهم أنه سيستجيب لكل ما يطلبونه باسمه، ووعدهم بإرسال الروح القدس الذي سيرشدهم إلى جميع الحق ويعلمهم كل شيء ويذكرهم بكل ما قاله لهم والذي سيمكث معهم إلى الأبد، وعرفهم بأن دورهم الأول كرسله هو الشهادة له، وأعلمهم بما سيلاقونه من آلام واضطهاد. وفى ختام حديثه الطويل "رفع عينيه نحو السماء (121)" إلى الآب في صلاة ربانية ومناجاة إلهية بين الآب والابن على مرأى ومسمع من تلاميذه. فقد أتت الساعة المحتومة ليبذل ذاته على الصليب وتنتهي بذلك المهمة التي تجسد بسببها والتي من أجلها نزل من السماء وجاء إلى العالم "قد أتت الساعة ليتمجد ابن الإنسان. الحق الحق أقول لكم إن لم تقع حبة الحنطة في الأرض وتمت. فهي تبقى وحدها. ولكن عن إن ماتت تأتى بثمر كثير.. الآن نفسي قد اضطربت. وماذا أقول أيها الآب نجنى من هذه الساعة. ولكن لأجل هذا أتيت إلى هذه الساعة.. وأنا إن ارتفعت عن الأرض أجذب إلىّ الجميع (122)"، وهو يقصد هنا الارتفاع على الصليب وهذا ما يؤكده الوحي بقوله "قال هذا مشيرًا إلى أية ميتة كان مزمعًا أن يموت (123)".

كتاب الإنجيل: كيف كُتِبَ؟ وكيف وصل إلينا؟
كان عليه بعد القيامة أن يصعد إلى السماء ويعود من حيث أتى "وليس أحد صعد إلى السماء إلا الذي نزل من السماء ابن الإنسان الذي هو في السماء (124)"، ولكن يظل كما هو المالئ الكل بلاهوته والموجود في كل مكان. وقد اعتاد تلاميذه على وجوده معهم ولم يتصوروا أنه سيفارقهم أبدًا حسب الاعتقاد اليهودي "سمعنا من الناموس أن المسيح يبقى إلى الأبد. فكيف تقول أنت أنه ينبغي أن يرتفع ابن الإنسان (125)"، ولكن قد آن الأوان ليترك العالم بالجسد وينطلقوا هم إلى العالم أجمع ويكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها وينادوا للبشرية بالخبر السار والبشارة المفرحة، بشارة الخلاص الأبدي، لذا فقد صلى للآب من أجلهم، صلاة خاصة على مسمع منهم، وكان محور هذه الصلاة هو ثباتهم في الآب والابن وحفظهم من الشرير، فقد أظهر لهم اسم الآب وحفظهم كلمته وعلمهم وصاياه وآمنوا أنه من ذات الآب، من عند الآب خرج وإليه يعود "أنا أظهرت اسمك للناس الذين أعطيتني من العالم (أي تلاميذه)كانوا لك وأعطيتهم لي. وقد حفظوا (كلمتك – Logos) كلامك. والآن علموا أم كل ما أعطيتني هو من عندك. لأن الكلام الذي أعطيتني قد أعطيتهم وهم قبلوا وعلموا يقينًا أنى خرجت من عندك وآمنوا أنك أنت أرسلتني (126). لقد أعلن لهم عن ذات الآب وكشف عن شيء من طبيعته "الله روح" (127) وحفظهم كلامه، كلمته، وعمل أمامهم أعمالًا عظيمة تظهر مجده، وآمنوا من ذات الآب، الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب" (128)، كلمة الله، صورة اله (الآب) غير المنظور، بهاء مجده ورسم جوهره، كالشعاع من مصدر النور، نور من نور، كما أدركوا أنه العالم بكل شيء "الآن نعلم أنك عالم لكل شيء ولست تحتاج أن يسألك أحد. لهذا نؤمن من أنك من الله خرجت" (129).
ثم يسأل الآب من أجلهم لأنهم للآب، آمنوا بالله أولًا، ثم صاروا للابن الذي هو الباب الوحيد للحياة الأبدية والطريق الوحيد للخلاص "وليس بأحد غيره الخلاص" (130) وقد تمجد المسيح فيهم؛ في إيمانهم به، في حفظهم كلامه ووصاياه "فليضئ نوركم هكذا قدام الناس لكي يروا أعماله الحسنة ويمجدوا أباكم الذي في السموات" (131) أو كما قال لهم السيد المسيح نفسه "بهذا يتمجد أبى إن تأتوا بثمر كثير فتكونون تلاميذي" (132)، وكما قال بولس الرسول بالوحي "أن الله بالحقيقة فيكم" (133)، وفى العجائب والقوات التي أعطاهم السلطان أن يعملوها باسمهن لذا يصلى "من أجلهم أسأل فهو لي وأنا ممجد فيهم" (134).
ويطلب من الآب أن يحفظهم في اسمه وأن يكونوا واحد في المسيح كما أن الآب والابن واحد فقد حفظهم السيد المسيح، الإله المتجسد في اسم الله، يهوه، ولم يهلك منهم سوى يهوذا الإسخريوطي "ابن الهلاك"، "ولست أنا بعد في العالم وأما هؤلاء فهم في العالم وأنا آتى إليك. أيها الآب القدوس أحفظهم في اسمك الذين أعطيتني ليكونوا واحدًا كما نحن. حين كنت معهم في العالم كنت أحفظهم في اسمك. الذين أعطيتني حفظتهم ولم يهلك منهم أحد إلا ابن الهلاك ليتم الكتاب. أما الآن فإنى آتى إليك. وأتكلم بهذا في العالم ليكون فرحى كاملًا فيهم" (135).
وكما أبغض العالم المسيح لأنه ليس من العالم فقد أبغض تلاميذه أيضًا لأنهم قبلوا الابن وآمنوا أنه من الآب خرج وحفظوا كلمته فصاروا أقوياء به و"تقووا من ضعيف صاروا أشداء" (136) وصاروا غرباء عن العالم "غرباء ونزلاء على الأرض" (137)، لذلك أبغضهم العالم كما أبغض سيدهم وربهم، يقول بطرس الرسول بالوحي "أيها الأحباء أطلب إليكم كغرباء ونزلاء أن تمتنعوا عن الشهوات الجسدية التي تحارب النفس وأن تكون سيرتكم بين الأمم حسنة لكي يكونوا في ما يفترون عليكم كفاعلي شر يمجدون الله في يوم الافتقاد من أجل أعمالكم الحسنة التي يلاحظونها" (138)، لذا قال لهم "إن كان العالم يبغضكم فاعلموا أنه قد أبغضني قبلكم: لو كنتم من العالم لكان العالم يحب خاصته ولكن لأنكم لستم من العالم بل أنا اخترتكم من العالم لذلك يبغضكم العالم" (139)، ويقول القديس يوحنا "لا تتعجبوا يا إخوتي إن كان العالم يبغضكم. نحن نعلم أننا قد انتقلنا من الموت إلى الحياة" (140). ومن ثم يصلى السيد والرب "أنا قد أعطيتهم كلامك والعالم أبغضهم لأنهم ليسوا من العالم كما أنى أنا لست من العالم" (141).
ثم يطلب من الآب أن لا يأخذهم من العالم، كما أخذ إيليا بعد أن ضاقت نفسه من العالم، بل أن يحفظهم من الشرير "لست أسأل أن تأخذهم من العالم بل أن تحفظهم من الشرير. ليسوا من العالم كما أنى لست من العالم. قد سهم في حقك. كلامك هو حق. كما أرسلتني إلى العالم أرسلتهم أنا إلى العالم" (142). فقد كان عليهم أن يحملوا رسالة الابن المتجسد إلى كل البشرية "كما أرسلني الآب أرسلكم أنا" (143) ويكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها.
كان يعلم أنه بتركه لهم وصعوده إلى السماء جسديًا سيصيرون كالأيتام لذا صلى للآب أن يحفظهم كما وعدهم أنه سيكون معهم دائمًا "ها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر" (144) ولن يتركهم يتامى "لا أترككم يتامى. أنى آتى إليكم" (145)، فهو الحي إلى أبد الآبدين بلاهوته (146) "بعد قليل لا يراني العالم أما أنتم فترونني. أنى أنا حي فأنتم ستحيون" (147).
ويسأل الآب أن يقدسهم في الحق، أي ينقلهم إلى حرية أولاد الله ويخصصهم لذاته وللحياة الأبدية، وفى كلامه الذي هو حق، أي يعيشون "في البر وقداسة الحق" (148)، قدسهم في حقك كلامك هو حق" (149)، فقد صاروا مقدسين بسبب تعليمه لهم وكلامه الذي حفظوه "أنتم أنقياء لسبب الكلام الذي كلمتكم به" (150). ويسأل أيضًا من أجل الذين سيؤمنون بالمسيح، الابن الفادي، بواسطة كرازتهم حتى ما يكون الجميع واحد "ولست أسأل من أجل هؤلاء فقط بل أيضًا من أجل الذين يؤمنون بي بكلامهم. ليكون الجميع واحد كما أنك أنت أيها الآب في وأنا فيك ليكونوا هم أيضًا واحدًا فينا ليؤمن العالم أنك أنت أرسلتني. وأنا قد أعطيتهم المجد الذي أعطيتني ليكونوا واحدًا كما أننا نحن واحد. أنا فيهم وأنت في ليكونوا مكملين إلى واجد وليعلم العالم أنك أرسلتني وأحببتهم كما أحببتني" (151). أنه يريد أن تكون هناك وحدة واحدة بين المؤمنين وبين الرسل "ليكون الجميع واحدًا" وهؤلاء جميعًا في وحدة مع المسيح "هكذا نحن الكثيرين جسد واحد في المسيح وأعضاء بعضاّ لبعض كل واحد للآخر" (152)، وان يكون الجميع واحد مع الآب والابن "كما أنك أنت أيها الآب فيّ وأنا فيك ليكونوا هم أيضًا واحدًا فينا.. أنا فيهم وأنت فيّ ليكونوا مكملين إلى واحد". يقول القديس يوحنا توضيحًا لذلك "الذي رأيناه وسمعناه نخبركم به لكي يكون لكم أيضًا شركة معنا. أما شركتنا نحن فهي مع الآب ومع ابنه يسوع المسيح" (153).
أخيرًا يقول "أَيُّهَا الآبُ أُرِيدُ أَنَّ هؤُلاَءِ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي يَكُونُونَ مَعِي حَيْثُ أَكُونُ أَنَا، لِيَنْظُرُوا مَجْدِي الَّذِي أَعْطَيْتَنِي، لأَنَّكَ أَحْبَبْتَنِي قَبْلَ إِنْشَاءِ الْعَالَمِ" (إنجيل يوحنا 17: 24). وقد سبق أن وعدهم أن يكونوا معه حيث يكون هو "أنا أمضى لأعد لكم مكانًا. وإن مضيت وأعددت لكم مكانًا آتى أيضًا وأخذكم إلىّ حتى حيث أكون أنا تكونون أنتم أيضًا" (154)، ومن ثم يقول القديس بولس بالوحي "وهكذا نكون كل حين مع الرب" (155).
  رد مع اقتباس
قديم 30 - 04 - 2014, 05:32 PM   رقم المشاركة : ( 27 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,056

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الإنجيل: كيف كُتِبَ؟ وكيف وصل إلينا؟

عمل الروح القدس وقيادته للكنيسة

بعد قيامته من الموت ظل السيد المسيح القائم من الموت يظهر لتلاميذه، رسله، مدة "أربعون يومًا ويتكلم عن الأمور المختصة بملكوت الله. وفيما هو مجتمع معهم أوصاهم أن لا يبرحوا أورشليم بل ينتظروا موعد الآب الذي سمعتموه منى. لأن يوحنا عمد بالماء وأما أنتم فستعمدون بالروح القدس ليس بعد هذه الأيام بكثير.. لكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم وتكونون لي شهودًا في أورشليم وفى كل اليهودية والسامرة وإلى أقصى الأرض" (156)،
"فأقيموا في مدينة أورشليم إلى أن تلبسوا قوة من الأعالي" (157).
طلب السيد القائم من الموت من تلاميذه، رسله، أن يقيموا في مدينة أورشليم ولا يبرحوها مهما كانت الظروف إلى أن يحل عليهم الروح القدس الذي سيعطيهم مواهبه وسيهبهم القوة "ستنالون قوة"، "تلبسوا قوة"، ولن تكون معموديتهم بالماء فقط، كما عمد يوحنا المعمدان، بل بالروح القدس، بالماء والروح، كما قال الرب لنيقوديموس ":إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله.. ينبغي أن تولدوا من فوق" (158). هذا الروح، الروح القدس، لا يعطى ولا يحل إلا على المؤمنين بالرب يسوع المسيح، فهذا ما أعلنه الرب نفسه "من آمن بي كما قال الكتاب تجرى من بطنه أنا هو ماء حيّ. قال هذا عن الروح الذي كان المؤمنون به مزمعين أن يقبلوه لأن الروح القدس لم يكن قد أعطى بعد. لأن يسوع لم يكن قد مجد بعد" (159).

كتاب الإنجيل: كيف كُتِبَ؟ وكيف وصل إلينا؟
من هذه الآيات ومما سبق نخرج بثلاث حقائق هامة:
إن الرب يسوع المسيح كان قد أعد تلاميذه، رسله، ليكونوا شهودًا له، شهودًا لشخصه وأعماله وأقواله، وبالدرجة الأولى شهودًا لصلبه وقيامته وصعوده، شهودًا له كالرب القائم من الموت والصاعد إلى السموات والجالس عن يمين العظمة في الأعالي.
ولكنه أكد لهم أنهم لن يستطيعوا أن يؤدوا الشهادة له أمام البشرية في كل العالم من ذواتها وبمجهودهم البشرى فهو لابد أن يكون معهم بروحه القدوس، ومن ثم فلابد أن يحل على الروح القدس، روح الله الآب وروح الابن، وأن يسكن فيهم ويقودهم ويرشدهم ويعلمهم ويذكرهم بكل ما قاله لهم وعمله أمامهم ويهبهم القوة لمواجهة العالم وقواته الشريرة.
وكان مقررًا أن يحل الروح القدس على التلاميذ والكنيسة، التي كانوا هم نواتها، بعد صلب المسيح وقيامته، أو بتعبير الرب نفسه بعد أن يتمجد، ومجده، كما سبق، هو ارتفاعه على الصليب "قد أتت الساعة ليتمجد ابن الإنسان.. وأنا إن ارتفعت عن الأرض أجذب إلى الصليب الجميع" (160). وهذا ما عبر عنه عندما حانت لحظة القبض عليه لمحاكمته وصلبه "أيها الآب قد أتت الساعة. مجد أبنك ليمجدك أبنك أيضًا" (161)، "الآن قد تمجد ابن الإنسان وتمجد الله فيه" (162). وكان لابد أن يصعد المسيح إلى السماء ليرسل الروح النجس ويسكبه على التلاميذ؛ "لكنى أقول لكم الحق أنه خير لكم أن أنطلق. لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزى. ولكن إن ذهبت أنا أرسله إليكم" (163).
وكان السيد المسيح قد أعلن لتلاميذه بعد العشاء الرباني وقبل القبض عليه ماهية وصفات وعمل الروح القدس في الآيات التالية:
"وأنا أطلب من الآب فيعطيكم معزيًا آخر ليمكث معكم إلى الأبد. روح الحق الذي لا يستطيع العالم أن يقبله لأنه لا يراه ولا يعرفه. أما أنتم فتعرفونه لأن ما معكم ويكون فيكم. لا أتترككم يتامى. أنى آتى إليكم.. وأما المعزى الروح القدس الذي سيرسله الآب بأسمى فهو يعلمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم" (164)،
"ومتى جاء المعزى الذي سأرسله أنا إليكم من الآب روح الحق الذي من عند الآب ينبثق فهو يشهد لي. وتشهدون أنتم أيضًا لأنكم من الابتداء" (165)،
"لكنى أقول لكم الحق أنه حير لكمن أن أنطلق. لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزى. ولكن إن ذهبت أرسله إليكم ومتى جاء ذلك يبكت العالم على خطية وعلى بر وعلى دينونة. أما على خطية فلأنهم لا يؤمنون بي. وأما على بر فلأني ذاهب إلى أبى ولا ترونني أيضًا. وأما على دينونة فلأن رئيس هذا العالم قد دين. إن لي أمورًا كثيرة أيضًا لأقول لكم ولكن لن تستطيعوا أن تحتملوا الآن. وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بأمور آتية. ذاك يمجدني لأنه يأخذ مما لي ويخبركم.كل ما للآب هولي. لهذا قلت أنه يأخذ مما لي ويخبركم. كل ما للآب هو لي. لهذا قلت أنه يأخذ مما لي ويخبركم. بعد قليل لا تبصرونني. ثم بعد قليل أيضًا ترونني لأني ذاهب أبى الآب" (166).
وفى هذه الآيات يكشف الرب عن الآتي:
إن هذا المعزى الذي سيرسله من عند الآب باسمه هو روح الحق، روح الله "الله روح"، الروح القدس، "روح إلهنا" (167)، "روح المسيح الذي فيهم" (168)، "روح يسوع المسيح" (169) روح الآب وروح الابن "أن كان روح الله ساكنًا فيكم. ولكن أن كان أحد ليس روح المسيح فذاك ليس له" (170). فهو روح الله وروح المسيح، روح الآب وروح الابن، والآب والابن واحد (171)، ومن ثم فروح الآب والابن واحد، والآب والابن والروح القدس واحد "باسم الآب والابن والروح القدس" (172)، لذلك يقول الوحي "أرسل الله روح ابنه" (173)، فالله واحد؛ موجود بذاته، الآب، ناطق بكلمته، الابن حي بروحهن الروح القدس. والابن صادر (مولود) من الآب بالولادة بلا انفصال "أنت أبنى أنا اليوم ولدتك" (174)، والروح القدس صادر (منبثق) من الآب بالانبثاق، بدون انفصال أو انقطاع "الذي من عند الآب ينبثق" (175). ولأن الروح القدس هو روح الآب والابن المنبثق من الآب فهو مرسل من الآب "يرسله الآب" ومن الابن أيضًا "إن ذهبت أرسله (أنا) إليكم" ولكن "سأرسله أنا إليكم من الآب باسم الابن "الذي سيرسله الآب باسمي".
وقد دعى السيد المسيح الروح القدس ب "البارقليط" وفى اليونانية "بارالكيتوس – Parakletos" “Advocate” أي مدافع أو محامى. وقد دعاه السيد المسيح "باراقليطًا آخر" لأن المسيح نفسه أيضًا دعى باراقليط، يقول القديس يوحنا الرسول بالروح "وإن أخطأ أحد فلنا شفيع (باراكليت – Paraleton) عند الآب يسوع المسيح البار" (176)، وقد ترجمت كلمة "باراقليط" في العربية "شفيع"، والشفيع هو المحامى أو المدافع.
وهو سيمكث إلى الأبد "يمكث إلى الأبد" وسيكون مع الرسل وفيهم "لأنه ماكث معكم وفيكم "روح المسيح الذي فيهم"، سيسكن فيهم "أما تعلمون أنكم هيكل الله وروح الله يسكن فيكم" (177)، "أن جسدكم هو هيكل للروح القدس" (178).
"لا يستطيع العالم أن يقبله" لأنه ضد روح العالم الشرير الذي رفض المسيح "إن كان العالم يبغضكم فأعلموا أنه قد ابغضني قبلكم. لو كنتم من العالم لكان العالم يحب خاصته" (179)، يقول الوحي بلسان بولس الرسول "الإنسان الطبيعي لا يقبل ما لروح الله لأنه عنده جهالة" (180).
وهو غير مرئي لأنه جوهر إلهي روحي غير مرئي، وغير مدرك "لا يراه ولا يعرفه". الله روح وغير مرئي "الله لم يره أحد"، "الذي لم يره أحد من الناس ولا يقدر أن يراه" (181)، "لأن الإنسان لا يراني ويعيش" (182). كما أن الروح، بصفة عامة، ليس لها خواص الكائنات المرئية من لحم ودم وعظام كما قال السيد نفسه "الروح ليس له لحم ولا عظام" (183).
ومهمته الأساسية هي الشهادة للمسيح "فهو الذي يشهد لي"، "والروح هو الذي يشهد لأن الروح هو الحق.. إن كنا نقبل شهادة الناس فشهادة الله أعظم لأن هذه شهادة الله التي قد شهد بها عن ابنه. من يؤمن بابن الله فعنده الشهادة في نفسه. ومن لا يصدق الله فقد جعله كاذبًا لأنه يؤمن بالشهادة التي قد شهد بها الله عن ابنه. وهذه هي الشهادة إن الله أعطانا حياة أبدية. وهذه الحياة هي في ابنه" (184).
وكانت له مهمة خاصة جدًا بالنسبة للرسل وهى أن يعلمهم كل شيء ويذكرهم بكل ما قاله الرب لهم ويرشدهم إلى كل الحق: "فهو يعلمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم"، "فهو يرشدكم إلى جميع الحق".
وهو يعلمهم كل شيء بأن يعطيهم الاستنارة الداخلية ويعلن لهم، يوحى لهم بكلمة الله "أما أنتم فلكم مسحة من القدوس وتعلمون كل شئ.. وأما أنتم فالمسيحية التي أخذتموها منه ثابتة فيكم ولا حاجة بكم إلى أن يعلمكم أحد بل كما تعلمكم هذه المسحة عينها عن كل شيء" (185)، "ونحن لم نأخذ روح العالم بل الروح الذي من الله لنعرف الأشياء الموهوبة لنا من الله التي نتكلم بها أيضًا لا بأقوال تعلمها حكمة إنسانية بل بما يعلمه الروح القدس" (186).
وكان الروح القدس وما يزال، كما وعد الرب هو الذي يتكلم على لسان التلاميذ والرسل والمدافعين والخدام ويعلمهم ما يجب أن يقولونه:
"ومتى قدموكم إلى المجامع والرؤساء والسلاطين فلا تهتموا كيف أو بما تحتجون أو بما تقولون. لأن الروح القدس يعلمكم في تلك الساعة ما يجب أن تقولونه" (186)،
"فمتى أسلموكم فلا تهتموا كيف أو بما تتكلمون. لأنكم تُعطون في تلك الساعة ما تتكلمون به. لأن لستم أنتم المتكلمين بل روح أبيكم الذي يتكلم فيكم" (187)،
"فضعوا في قلوبكم أن لا تهتموا من قبل لكي تحتجوا. لأني أنا أعطيكم فمًا وحكمة لا يقدر جميع معانديكم أن يقاوموها أو يناقضوها" (188)،
"فمتى ساقوكم ليسلموكم فلا تعتنوا من قبل بما تتكلمون ولا تهتموا. بل مهما أعطيتهم في تلك الساعة فبذلك تكلموا. لأن لستم أنتم المتكلمين بل الروح القدس" (189).
وهذا ما تم حرفيًا، يقول الكتاب أنه عندما وقف بطرس ويوحنا أمام الكهنة والشيوخ ورؤساء الكهنة "امتلأ بطرس من الروح القدس" ووبخهم وشهد بكل جرأة لصلب وقيامة المسيح وأنه لا خلاص لهم إلا بالإيمان به "وليس بأحد غيره الخلاص. لأن ليس أسم أخر تحت السماء قد أعطى بين الناس به ينبغي أن نخلص"، ثم يقول الكتاب "فلما رأوا مجابهة بطرس ويوحنا ووجدوا أنهما إنسانان عديما العلم وعاميان تعجبوا. فعرفوهما أنهما كانا مع يسوع" (190).
ب_ ويذكرهم بكل ما قاله الرب لهم "ويذكركم بكل ما قلته لكم؟ كانت بعض أقوال السيد المسيح، خاصة المتصل منها بآلامه وصلبه وقيامته غير متوقعة وصعبة على فهم التلاميذ وإدراكهم، كيهود، فقد كانت توقعاتهم وآمالهم في المسيح عكس ذلك تمامًا، ولذا يكرر الكتاب عبارات مثل:
"وهذه الأمور لم يفهما تلاميذه أولًا" (191)،
"وأما هم فلم يفهموا هذا القول. وكان مخفي عنهم لكي لا يفهموه" (192)،
"وأما هم فلم يفهموا هذا القول وخافوا أن يسألوه" (193)،
"أما هم فلم يفهموا من ذلك شيئًا وكان هذا الأمر مخفي عنهم ولم يفهموا ما قيل" (194).
ولكن بعد الصلب والقيامة بدأوا يتذكرون ويدركون مغزى ما سبق أن قاله لهم:
"ولكن لما تمجد يسوع حينئذ تذكروا أن هذه كانت مكتوبة عنه" (195)،
"فلما قام من الأموات تذكر تلاميذه أنه قال هذا" (196)،
"فتذكرن كلامه" (197).
  رد مع اقتباس
قديم 30 - 04 - 2014, 05:33 PM   رقم المشاركة : ( 28 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,056

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الإنجيل: كيف كُتِبَ؟ وكيف وصل إلينا؟

حلول الروح القدس في الكنيسة

وكان لابد أن يحل الروح القدس عليهم لكي يتذكروا كلامه ويفهموا ويدركوا مغزاه "يعلمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم" (198)، "يرشدكم إلى جميع الحق" (199).
وقد حقق الرب القائم من الموت والصاعد إلى السماء وعده في يوم الخمسين "ولما حضر يوم الخمسين كان الجميع (الرسل) معًا بنفس واحدة. وصار بغتة من السماء صوت كما من هبوب ريح عاصفة وملأ كل البيت حيث كانوا جالسين. وظهرت لهم ألسنة منقسمة كأنها من نار واستقرت على كل واحد منهم. وامتلأ الجميع من الروح القدس وابتدأوا يتكلمون بألسنة أخرى كما أعطاهم الروح أن ينطقوا" (200). وبعد ذلك ظهر عمل الروح القدس مع التلاميذ، كما يقول الكتاب، في كل مكان بكل قوة:
حينئذ امتلأ بطرس من الروح القدس وقال لهم يا رؤساء الشعب وشيوخ إسرائيل" (201)،
كتاب الإنجيل: كيف كُتِبَ؟ وكيف وصل إلينا؟
"ولما صلوا تزعزع المكان الذي كانوا مجتمعين فيه. وامتلأ الجميع من الروح القدس وكانوا يتكلمون كلام الله بمجاهرة" (202).
ولما وقف القديس أستيفانوس يشهد للمسيح أمام مجمع اليهود الذين كانوا من جنسيات مختلفة "الليبرتينيين والقيروانيين والإسكندريين ومن الذين من كيليكيا وأسيا" وأخذوا يحاورونه، يقول الكتاب "ولم يقدروا أن يقاوموا الحكمة والروح الذي كان يتكلم به" (203).
وكان الروح القدس هو القائد العام للكنيسة من خلال الرسل، معه وفيهم وبهم، يوجههم ويرشدهم ويقودهم ويقويهم ويتكلم بهم وعلى لسانهم ويحركهم ويرسلهم للكرازة في بعض الأماكن ويمنعهم عن أماكن أخرى؛ فقال الروح لفيلبس تقدم ورافق هذه المركبة" (204)، مركبة الخصى الحبشى، وبعد أن انتهت مهمته، يقول الكتاب "خطف روح الرب فيلبس فلم يبصره الخصي أيضًا وذهب في طريقه فرحًا. وأما فيلبس فوجد في أشدود. وبينما هو مجتاز كان يبشر جميع المدن حتى جاء إلى قيصرية" (205)، ووجه بطرس للذهاب إلى بيت قائد المئة الرومانى كرنيليوس ليبشره بالمسيح "قال له الروح.. فقال لي الروح أذهب معهم" (206)، أي رجال كرنيليوس.
وكشف الروح القدس عن المجاعة التي صارت على المسكونة في العصر الرسولي "وأشار (أغابوس) بالروح أن جوعًا عظيمًا عتيد أن يصير على المسكونة" (207)، وأمر بإرسال بولس وبرنابا للكرازة "وبينما هم (الأنبياء والمعلمون) يخدمون الرب ويصومون قال الروح القدس افرزوا لي برنابا وشاول (بولس الرسول) للعمل الذي دعوتهما إليه.. فهذا إذ أرسلا من الروح القدس انحدرا إلى سلوكية" (208). وهناك آيات كثيرة تتحدث عن عمل الروح القدس المتواصل في قيادة الكنيسة وتوجيه الرسل:
"لأنه قد رأى الروح القدس ونحن أن لا نصنع عليكم ثقلًا غير هذه الأشياء الواجبة" (209)،
"وبعدما اجتازوا في فريجيه وكورة غلاطية منعهم الروح القدس أن يتكلموا بالكلمة في أسيا. فلما أتوا إلى ميسيا حاولوا أن يذهبوا إلى بيثينية فلم يدعهم الروح.. وظهرت لبرولس رؤيا في الليل رجل مكدوني قائم يطلب إليه ويقول أعبر إلى مكدونية وأعنا. فلما رأى الرؤيا للوقت طلبنا أن نخرج إلى مكدونية متحققين أن الرب قد دعانا لنبشرهم" (210)،
"كان بولس منحصرًا بالروح وهو يشهد لليهود بالمسيح يسوع" (211)،
"ها أنا أذهب إلى أورشليم مقيدًا بالروح لا أعلم ماذا يصادفني هناك. غير أن الروح القدس يشهد في كل مدينة قائلًا أن وثقًا وشدائد تنتظرني" (212)،
"احترزوا إذًا لأنفسكم ولجميع الرعية التي أقامكم الروح القدس فيها أساقفة" (213).
وأعلن الروح القدس لرسله وأنبيائه سر المسيح، سر الفداء والخلاص "أنه بإعلان عرفني بالسر.. سر المسيح الذي في أجيال أخر لم يعرف به بنو البشر كما قد أعلن الآن لرسله القديسين وأنبيائه بالروح" (214).
وكان الرب يكلم الرسل في رؤى الليل ويوجههم لعملهم الكرازي:
"فقال الرب لبولس في رؤيا في الليل لا تخف بل تكلم ولا تسكت. لأني معك لا يقع بك أحد ليؤذيك لأن لي شعبًا كثيرًا في هذه المدينة" (215)،
"وفى الليلة التالية وقف به الرب وقال ثق يا بولس لأنك كما شهدت بما لي في أورشليم هكذا ينبغي أن تشهد لي في رومية أيضًا" (216)،
"ولكن الرب وقف معي وقواني لكي تتم بي الكرازة ويسمع جميع الأمم" (217).
  رد مع اقتباس
قديم 30 - 04 - 2014, 05:35 PM   رقم المشاركة : ( 29 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,056

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الإنجيل: كيف كُتِبَ؟ وكيف وصل إلينا؟

الرسل شهود المسيح للبشرية

عاش الرسل بالقرب من السيد المسيح. وتتلمذوا على يديه واقتربوا منه ودخل إليهم وخرج أو كما يقول بطرس الرسول "دخل إلينا الرب يسوع وخرج منذ معمودية يوحنا إلى اليوم الذي أرتفع فيه" (217)، وأكلوا معه وشربوا سواء قبل الصلب والقيامة أو بعد القيامة "نحن الذين أكلنا وشربنا معه بعد قيامته من الأموات" (218)، وتعلموا منه "تعلموا منى" وحفظوا كلامه "حفظوا كلامك.. الذي أعطيتني" (219) وشاهدوا كل أعماله التي أظهر فيها مجده "وأظهر مجده فآمن به تلاميذه" (220)، وأظهر لهم مجده على جبل التجلي عندما كشف لهم عن لمحه من عظمته ولاهوته "وتغيرت هيئته قدامهم وأضاء وجهه كالشمس وصارت ثيابه بيضاء كالنور. وإذا موسى وإيليا قد ظهرا يتكلمان معه.. وصوت من السحابة قائلًا هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت" (221)، "فلما استيقظوا (التلاميذ الثلاثة) رأوا مجده.." (222)، كما رأوه بعد قيامته مرات عديدة"، "الذين أراهم أيضًا نفسه حيًا ببراهين كثيرة بعدما تألم وهو يظهر لهم أربعين يومًا ويتكلم عن الأمور المختصة بملكوت الله" (223)، وشرح، وفسر لهم، في هذه الفترة، كل ما يختص به وما سبق أن تنبأ به عنه جميع أنبياء العهد القديم. وقبل صعوده إلى السماء كلفهم بالبشارة به في العالم أجمع.

كتاب الإنجيل: كيف كُتِبَ؟ وكيف وصل إلينا؟
أعدهم ليكونوا شهودًا له لكل البشرية في العالم أجمع، ليكونوا شهود عيان يهدون بما شاهدوه بأعينهم وسمعوه بآذانهم ولمسوه بأيديهم، ووعدهم بإرسال الروح القدس ليذكرهم بكل ما قاله لهم وبكل ما سمعوه ولمسوه، ويعلمهم كل شيء ويرشدهم إلى جميع الحق، ويشهد للمسيح من خلالهم "فهو يشهد لي. وتشهدون أنتم أيضًا لأنكم معي من الابتداء" (224).
أعدهم ليكونوا شهودًا عيانًا له، أو كما وصفهم القديس لوقا الإنجيلي بالوحي "الذين كانوا منذ البدء معاينين وخدامًا للكلمة" (225)، "الذين كانوا منذ البدء شهود عيان للكلمة"، لكي يكرزوا للعالم أجمع كشهود عيان لما يكرزون به، ويحملوا الأخبار السارة التي عاشوا أحداثها بأنفسهم وكانوا شهود عيانًا لها. ولذلك فقد كانت كرازتهم للبشرية لها بالخلاص والحياة الأبدية هي بما شاهدوه وسمعوه ولمسوه:
"والكلمة صار جسدًا وحل بيننا ورأينا مجده مجدًا كما لوحيد من الآب مملوءًا نعمة وحقًا" (226)،
"الذي كان من البدء الذي سمعناه الذي رأيناه بعيوننا الذي شاهدناه ولمسته أيدينا من جهة كلمة الحياة. فإن الحياة أظهرت وقد رأينا ونشهد ونخبركم بالحياة الأبدية التي كانت عند الآب وأظهرت لنا. الذي رأيناه وسمعناه نخبركم به لكي يكون لكم أيضًا شركة معنا. وأما شركتنا نحن فهي مع الآب ومع ابنه يسوع المسيح" (227).
"ونحن قد نظرنا ونشهد أن الآب قد أرسل الابن مخلصًا للعالم" (228)،
"لأننا لم نتبع خرافات وضعه إذ عرفناكم بقوة ربنا يسوع ومجيئه بل كنا معاينين عظمته لأنه أخذ من الله الآب كرامة ومجدًا إذ أقبل عليه صوت كهذا من المجد الأسمى هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت به. ونحن سمعنا هذا الصوت مقبلًا من السماء إذ كنا معه في الجبل المقدس" (229)،
"أطلب إلى الشيوخ الذين أنا الشيخ (بطرس الرسول) توفيقهم والشاهد لآلام المسيح وشريك المجد العتيد أن يعلن" (230).
كانت الفترة التي قضاها الرسل مع الرب يسوع المسيح سواء قبل القيامة أو بعد القيامة هي أعظم وأروع خبرة اكتسبوها في حياتهم، وكانت أثمن وأروع ما لديهم ليقدموه للبشرية، الشهادة للمسيح، ابن الله النازل من السماء والذي بذل ذاته لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية وكان الروح القدس الساكن فيهم يعمل فيهم وبهم ويرشدهم ويقودهم ويذكرهم بكل ما اختبروه في حياتهم مع الرب الحي إلى أبد الآبدين.
كانت شهادة الرسل كشهود عيان للمسيح تقوم على أسا معرفتهم الخاصة به وبأحداث حياته في كل تفاصيلها، خاصة آلامه وصلبه وقيامته، واختيارهم منه شخصيًا ليشهدوا له ويشهدوا عنه:
"وتشهدون أنتم أيضًا لأنكم كنتم معي من الابتداء" (231)،
"وقال لهم (بعد قيامته) هذا هو الكلام الذي كلمتكم به وأنا بعد معكم أنه لابد أن يتم جميع ما هو مكتوب عنى في ناموسموسى والأنبياء والمزامير. حينئذ فتح ذهنهم ليفهموا الكتب وقال هكذا هو مكتوب وهكذا كان ينبغي أن المسيح يتألم ويقوم من الأموات في اليوم الثالث. وأن يكرز باسمه بالتوبة ومغفرة الخطايا لجميع الأمم مبتدأ من أورشليم. وأنتم شهود لذلك (232)".
وفى أول خطاب له بعد حلول الروح القدس مباشرة شهد القديس بطرس الرسول وبقية الرسل أمام جموع غفيرة من رؤساء وعامة اليهود:
"أيها الرجال الإسرائيليون أسمعوا هذا الأقوال. يسوع الناصري رجل قد تبرهن لكم من قبل الله بقوات وعجائب وآيات صنعها الله بيده في وسطكم كما أنتم تعلمون. هذا أخذتموه مسلمًا بمشورة الله المحتومة وعلمه السابق وبأيدي آثمة صلبتموه وقتلتموه. الذي أقامه الله ناقضًا أوجاع الموت إذ لم يكن ممكنًا أن يُمسك منهُ.. فيسوع هذا أقامه الله ونحن جميعًا شهود لذلك.. فيعلم يقينًا جميع سكان بيت إسرائيل أن الله جعل يسوع هذا الذي صلبتموه أنتم ربًا ومسيحًا.. وبأقوال كثيرة كان يشهد لهم ويعظمهم.. فقبلوا كلامه بفرح وأنضم في ذلك اليوم نحو ثلاثة آلاف نفس (233)".
وفى عظته التالية في الهيكل قال لهم:
"إن إله إبراهيم وإسحق ويعقوب إله آبائنا مجد فتاه يسوع الذي أسلمتموه أنتم وأنكرتموه أمام وجه بيلاطس وهو حاكم بإطلاقه. ولكن أنتم أنكرتم القدوس البار وطلبتم أن يوهب لكم رجل قاتلو رئيس الحياة قتلتموه الذي أقامه الله من الأموات ونحن شهود لذلك (234)".
ويعلق الوحي الإلهي على كرازة الرسل قائلًا: "وبقوة عظيمة كان الرسل يؤدون الشهادة بقيامة الرب يسوع ونعمة عظيمة كانت على جميعهم (235)". وفى كرازة القديس بطرس الرسول للقائد الروماني كرنيليوس و"أنسبائه وأصدقائه الأقربين"، قال لهم بالروح القدس "أنتم تعلمون الأمر الذي صار في كل اليهودية مبتدئًا من الجليل بعد المعمودية التي كرز بها يوحنا. يسوع الذي من الناصرة كيف مسحه الله بالروح القدس والقوة الذي جال يصنع خيرًا ويشفى جميع المتسلط عليهم إبليس لأن الله كان معه. ونحن شهود بكل ما فعل في كورة اليهودية وفى أورشليم. الذي أيضا قتلوه معلقين إياه على خشبة. هذا أقامه الله في اليوم الثالث وأعطى أن يصير ظاهرًا ليس لجميع الشعب بل لشهود سبق الله فأنتخبهم. لنا نحن الذين أكلنا وشربنا معه بعد قيامته من الأموات. وأوصانا أن نكرز ونشهد بأن هذا هو المعين من الله ديانًا للأحياء والأموات (236)"،وفى عظة القديس بولس أمام مجمع اليهود في إنطاكية بيسيدية قال لهم:
أن المسيح بعد صلبه وقيامته من الموت "ظهر أيامًا كثيرة للذين صعدوا معه من الجليل إلى أورشليم الذين هم شهوده عند الشعب (237)".
كرز الرسل وبشروا البشرية في كل المسكونة بما شاهدوه بأنفسهم كشهود عيان أو كما يقول بطرس الرسول بالروح "كنا معاينين (رأينا بعيوننا) عظمته"، "تكلمنا باعتبارنا شهود عيان لعظمته". وكان الرب يؤيد شهادتهم بالآيات والقوات والمعجزات. يقول الروح القدس عن مؤازرته لكرازة بولس وبرنابا:
"فأقاما زمانًا طويلًا يجاهران بالرب الذي كان يشهد لكلمة نعمته ويعطى أن تجرى آيات وعجائب على أيديهم (238)". ويقول عن كرازة الرسل جميعًا "الذين سمعوا شاهدًا الله معهم بآيات وعجائب وقوات متنوعة ومواهب الروح القدس حسب إرادته (239)".
كان الرسل دائمًا يؤكدون على أنهم، بالدرجة الأولى، شهود عيان، وأكثر من استخدم كلمات "شهد" و"شاهد" و"شهادة" عن نفسه هو القديس يوحنا الحبيب، التلميذ الذي ألتصق بالرب أكثر من بقية التلاميذ والذي لُقب ب "التلميذ الذي كان يسوع يحبه (240)"، والذي "كان متكئًا في حضن يسوع241)" وقت العشاء الربانى؛ ويقول في الإنجيل الذي دونه بالروح القدس:
"ولكن واحدًا من العسكر طعن جنبه بحربة وللوقت خرج دم وماء. والذي عاين شهد وشهادته حق وهو يعلم أنه يقول الحق لتؤمنوا أنتم"،
"هذا هو التلميذ الذي يشهد بهذا وكتب هذا. ونحن نعلم أن شهادته حق (243)"،
ويقول في سفر الرؤيا:
"يوحنا الذي شهد بكلمة الله وبشهادة يسوع المسيح بكل ما رآه (244)"،
"أنا يوحنا أخوكم وشريككم في الضيقة وفى ملكوت يسوع المسيح وصبره كنت في الجزيرة التي تُدعى بطمُس (منفيا) من أجل كلمة الله ومن أجل شهادة يسوع المسيح (245)". وعن شهادة الشهداء للمسيح يقول:
"رأيت تحت المذبح نفوس الذين قُتلوا من أجل كلمة الله ومن أجل الشهادة التي كانت عندهم (246)". وعن انتصار المؤمنون على إبليس يقول:
"وهم غلبوه بدم الخروف وبكلمة شهادتهم ولم يحبوا حياتهم حتى الموت (247)"،
"وذهب ليصنع حربًا مع باقى نسلها (الكنيسة) الذين يحفظون وصايا الله وعندهم شهادة يسوع المسيح (248)".
أخيرًا يختم الروح هذه الشهادة بقول الملاك ليوحنا "أنا عبد معك ومع أخوتك الذين عندهم شهادة يسوع.. فإن شهادة يسوع هي روح النبوة (249)".
  رد مع اقتباس
قديم 30 - 04 - 2014, 05:36 PM   رقم المشاركة : ( 30 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,056

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الإنجيل: كيف كُتِبَ؟ وكيف وصل إلينا؟

الرسل والسلطان الرسولي الممنوح لهم

فى إرساليته الأولى للتلاميذ قال لهم "أشفوا مرضى. طهروا برصًا. أقيموا موتى. اخرجوا شياطين. مجانًا أخذتم مجانًا أعطوا (250)"، وعندما عين سبعين آخرين وأرسلهم أمام وجهه أعطاهم نفس السلطان ولما رجعوا من مهمتهم "قالوا يا رب حتى الشياطين تخضع لنا باسمك. فقال لهم رأيت الشيطان ساقطًا مثل البرق من السماء. ها أنا أعطيكم سلطانًا لتدوسوا الحيات والعقارب وكل قوة العدو ولا يضركم شيء (251)". وبعد قيامته وقبل صعوده إلى السماء قال لهم:

كتاب الإنجيل: كيف كُتِبَ؟ وكيف وصل إلينا؟
"وهذه الآيات تتبع المؤمنين. يخرجون الشياطين باسمي ويتكلمون بألسنة جديدة. يحملون حيات وإن شربوا شيئًا مميتًا لن يضرهم ويضعون أيديهم على المرضى فيبرأون (252)". وبناء على ذلك كان الرسل في كل مكان حيث يذهبون يصنع الرب على أيديهم آيات وعجائب وقوات لا حصر لها حتى أنه، كما يقول الكتاب "كانوا (الناس) يحملون المرضى خارجًا في الشوارع ويضعونهم على فرش وأسرة حتى إذا جاء بطرس يخيم ولو ظله على واحد منهم.. وكانوا يبرأون جميعهم (253)"، "وكان الله يصنع على يدي بولس قوات غير المعتادة. حتى كان يؤتى عن جسده بمناديل أو مآزر إلى المرضى فتزول عنهم الأمراض وتخرج الأرواح الشريرة (254)".
وكانوا يصنعون هذه الآيات والمعجزات باسم "يسوع المسيح" ويعملوها بقوته هو كما سبق أن قال لهم "الذي يثبت فيّ وأنا فيه هذا يأتي بثمر كثير. لأنكم بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئًا". ومن ثم فعندما وجد بطرس الرسول مفلوجًا قال له "يا إينياس يشفيك يسوع المسيح. قم وأفرش لنفسك. فقام للوقت (255)"، وقال للمقعد أمام باب الهيكل "باسم يسوع الناصري قم وأمش" ولما وجد الناس تنظر إليه هو والقديس يوحنا مندهشين ومذهولين قال لهم "لماذا تشخصون إلينا كأنه بقوتنا أو تقوانا جعلنا هذا يمشى.. إله آبائنا مجد فتاه يسوع.. وبالإيمان باسمه شدد اسمه هذا الذي تنظرونه وتعرفونه والإيمان الذي بواسطته أعطاه هذه الصحة أمام جميعكم (256)".
وأعطاهم أيضا سلطان الحل والربط وغفران الخطايا "الحق أقول لكم إن كل ما تربطونه على الأرض يكون مربوطًا في السماء. وكل ما تحلونه على الأرض يكون محلولًا في السماء (257)"، "فقال لهم يسوع أيضا سلام لكم. كما أرسلني الآب أرسلكم أنا. ولما قال هذا نفخ وقال لهم أقبلوا الروح القدس. من غفرتم خطاياه تغفر له. ومن أمسكتم خطاياه أُمسكت (258)". هذا السلطان يذكر الكتاب استخدام بطرس له عندما عاقب حنانيا وسفيرة لكذبهما على الروح القدس، وحرم سيمون الساحر من شركة القديسين لأنه أراد أن ينال مواهب الروح القدس بالمال "فقال له بطرس.. ليس لك نصيب. ولا قرعة في هذا الأمر. لأن قلبك ليس مستقيمًا أمام الله (260)". كما استخدم هذا السلطان أيضا بولس الرسول عندما عاقب عليم الساحر الذي قاوم كرازة بولس وبرنابا وأصابه بالعمى "هوذا يد الرب عليك فتكون أعمى ولا تبصر الشمس إلى حين (261)".
وكانت للرسل المكانة الأولى في الكنيسة باعتبارهم ممثلو المسيح وشهوده "الذي يقبلكم يقبلني (262)"، "الذي يسمع منكم يسمع منى. والذي يرذلكم يرذلني (263)". وكان لهم سلطان على أعضاء الكنيسة وتعاملوا مع كل الأمور والقضايا التي واجهت الكنيسة في مهدها وعقدوا أول مجمع للكنيسة في أورشليم لمناقشة وبحث موضوع قبول المؤمنين الراجعين إلى الله من الأمم. وأصدروا التوصيات والقرارات اللازمة لذلك (264). ومن ثم كان تصنيفهم الأول في الكنيسة قبل الأنبياء والمعلمين :
"فوضع الله أناسًا في الكنيسة، أولًا رسلًا، ثانيًا أنبياء، ثالثًا معلمين ثم قوات وبعد ذلك مواهب الشفاء.. (265)"،
"مبنيين على أساس الرسل والأنبياء ويسوع المسيح نفسه حجر الزاوية (266)"،
"وأعطى (المسيح) البعض أن يكونوا رسلًا والبعض أنبياء والبعض مبشرين والبعض رعاة ومعلمين (267)".
وكانت الوصية العظمى التي حفظوها كاللؤلؤة الكثيرة الثمن هي "لأن معلمكم واحد المسيح وأنتم جميعًا إخوة (271)".
  رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
لقد وصل الإنجيل إلينا فخلُصنا بدم المسيح الكفاري
«الإنجيل» أول كتاب تمت طباعته في العالم
الإنجيل، كيف كتب، وكيف وصل إلينا؟
كيف كُتِبَ الإنجيل؟ وكيف وصل إلينا؟
ما معنى قول الرب في الإنجيل: "أحبوا أعداءكم" (مت 44:5).. وكيف يمكن تنفيذ ذلك..؟


الساعة الآن 07:58 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024