07 - 02 - 2014, 05:53 PM | رقم المشاركة : ( 21 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الغيرة المقدسة - البابا شنوده الثالث
موسى النبي هذا الرجل الذي كانت له الغيرة على ملكوت الله، حتى صار بطل الإيمان فى عصره. ومن أجل غيرته، ترك الإمارة والقصر الملكى، ليقود الشعب في عبادة الله. ولذلك " أبى أن يدعى إبن إبنة فرعون، منفصلا بالأخرى أن يدل مع شعب الله.. حاسبًا عار المسيح غنى أعظم من خزائن مصر.." (عب 11: 24 – 26). فضرب مثلا بغيرته، حينما عبد الشعب العجل الذهبي: لقد أخذ موقفًا حازمًا جدًا مع الشعب الخاطئ. لأنه لما اقترب من المحلة وأبصر العجل والرقص، يقول عنه الكتاب " فحمى غضب موسى، وطرح اللوحين من يديه وكسرهما في أسفل الجبل. ثم أخذ العجل الذي صنعوه، وأحرقه بالنار، وطحنه حتى صار ناعمًا، وذراه على وجه الماء" (خر 32: 19، 20). ووبخ هرون رئيس الكهنة. وأمر بضرب الشعب، فمات في ذلك اليوم نحو ثلاثة آلاف رجل (خر 32: 28). وكما أن غيرة موسى جعلته يأخذ موقفًا حازما مع الشعب، كذلك جعلته غيرته أنه يشفع فيهم أمام الله. فلما أراد الرب إفناءهم بسبب خطيتهم هذه، وقف موسى شفيعًا يقول " لماذا يا رب يحمى غضبك على شعبك.. ارجع عن حمو غضبك، واندم على الشر بشعبك. اذكر إبراهيمواسحق وإسرائيل عبيدك.." (خر 32: 11- 13). بل قال له أكثر من هذا " والآن إن غفرت خطيتهم، وإلا فامحنى من كتابك الذي كتبت" (خر 32: 32). إنها غيرة مزدوجة: فيها الحزم، وفيها الحنو. فيها التأديب، وفيها الشفاعة إنها تريد خلاص الناس وليس هلاكهم. وإن كان خلاصهم يحمل ضربهم، فلا مانع: "وأى إبن لا يؤدبه؟!" (عب 12: 7) لاشك أن مثال غيرة موسى هذه هو من الأمثلة النادرة التي تحمل معنى مزدوجًا.. |
||||
|
|||||
07 - 02 - 2014, 05:54 PM | رقم المشاركة : ( 22 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الغيرة المقدسة - البابا شنوده الثالث
فينحاس فينحاس Phinehas كان كاهنًا للرب، حفيد هرون رئيس الكهنة. حدث بعد مقابلة بلعاملبالاق، أن الشعب ابتدأ يزنى مع بنات موآب. وإذا برجل قد دخل بإمرأة أمام عينى موسى وأعين كل الجماعة، وهم باكون لدى باب خيمة الاجتماع. وحينئذ اشتعل فينحاس بالغيرة المقدسة، ودخل وراء الرجل والمرأة وقتلهما، وتطهرت المحلة بسفك دمهما. فعل هذا دون أن يدعوه أحد إلى فعل ذلك. وامتدح الله غيرة فينحاس. واوقف الله الوبأ الذي الذى كان قد قتل اربعة وعشرين الفًا من الشعب بسبب زناهم. " وكلم الرب موسى قائلًا: فينجاس بن العازار بن هرون الكاهن قد رد سخطى عن بنى إسرائيل بكونه غار غيرتى في وسطهم، حتى لم افن بنى إسرائيل بغيرتى" (عدد 25: 6 – 11). |
||||
07 - 02 - 2014, 05:55 PM | رقم المشاركة : ( 23 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الغيرة المقدسة - البابا شنوده الثالث
الفتى داود تحدثنا في الفصل الأول عن غيرة داود الملك، الذي قال للرب " غيرة بيتك أكلتنى" (مز 69: 9). داود الذي بقلب مملؤ من الغيرة المقدسة أعد كل شيء لبناء بيت للرب (1أى 29). نعم داود الذى كانت غيرته تجعله يكتئب ويبكى بسبب الخطاة الذين تركوا ناموس الرب. (مز 119). ولكننا نريد هنا أن نتكلم عن غيرة داود وهو فتى، حينما حارب جليات: نذكر هذا المثال، لأنه كان فتى صغيرًا، وليس من رجال الحرب. ولم يكن مسئولًا عن رد تعيير جليات. بل قد وبخه أخوه اليآب ضخما مخيفًا للجيش كله (1صم 17: 24). وما كان أحد يلوم الفتى داود إن لم يتطوع لمقاتلة جليات، بل الملك شاول نفسه تعجب لما قال داود" عبدك يذهب ويحارب هذا الفلسطينى". فأجابه الملك: لا تستطيع أن تذهب لتحاربه، لأنك غلام وهو رجل حرب منذ صباه (1صم 17: 32، 33). ولكن داود دعته غيرته، فأراد أن يزيل العار عن صفوف الله الحى (1صم 17: 26). الجيش كله يسمع تعيير الرجل دون أن يجرؤ على عمل شيء بل أن " جميع رجال إسرائيل لما رأوا الرجل هربوا منه وخافوا جدًا" (1صم 17: 24). ولكن داود لم يخف، كانت غيرته لا تعتمد على الذات، بل على الله. إنها غيرة مؤمنة بعمل الله. لا تقف لتعرض ذاتها وعملها. إنها الغيرة التي تقول لعدو الله " أنت تأتى إلى بسيف وبرمح وبترس. وأنا آتى إليك باسم رب الجنود.. في هذا اليوم يحسبك الرب في يدى.. لأن الحرب للرب، وهو يدفعكم ليدنا" (1صم 17: 45 – 47). إنها الغيرة التي لا تنتظر دعوة لكي تعمل.. إنها يدعوها قلبها الملتهب من الداخل، الذي لا يستطيع أن يقف صامتًا لايتكلم. ولا يستطيع أن يقف جامدًا لا يتحرك. إن الاحداث تدفعه دفعًا، ولوفى الأمر خطورة. وهكذا تصرف فينحاس أيضًا. كان هناك من هم أكبر من داود، ولم يتصرفوا. ولكن الذي كان في قلبه كان أكبر بكثير مما كان في قلوبهم. كانت في قلبه غيرة، نار متقدة، مع إيمان، وعدم خوف. وبهذا الكنز الداخلى تقدم، وعمل الله فيه وبه. |
||||
07 - 02 - 2014, 05:56 PM | رقم المشاركة : ( 24 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الغيرة المقدسة - البابا شنوده الثالث
إيليا النبي إنه ذلك النبي القوى الذي قال للرب غرت غيرة للرب إله الجنود، لأن بنى إسرائيل قد تركوا عهدك، ونقضوا مذابحك، وقتلوا انبياءك بالسيف.." (1مل 19: 14). وغيرة إيليا جعلته يواجه الملك ويوبخه، كما سببت له غيرته اتهامات ومتاعب. كانت عبادة الأصنام منتشرة في عهده. بسبب الملك آخاب وزوجته الملكة إيزابل، التي كان يأكل على متئدتها اربعمائة وخمسون من أنبياء البعل واربعمائة من أنبياء السوارى (1مل 18: 19). وغيرة إيليا دفعته أن يصلى لتحدث ضيقة، يمكن بها أن تستيقظ الضمائر.. فصلى صلاة أن لا تمطر السماء ن فلم تمطر ثلاث سنين وستة أشهر (يع 5: 17) قال في غيرته وقوة إيمانه".. لا يكون طل ولا مطر في هذه السنين، إلا عند قولى" (1مل 17: 1). وقد كان وحدثت المجاعة، واستمرت سنوات. حتى أنه لما تقابل مع الملك آخاب، قال له الملك " هل أنت مكدر إسرائيل؟" (1مل 18: 17). فأجابه إيليا بكل جرأة غيرته " بل أنت وبيت أبيك، بترككم وصايا الرب، وبسيرك وراء البعليم".. وانتهى الأمر برجوع المطر، وبقتل كل أنبياء البعل والسوارى.. إنها غيرة قوية وجريئة وحازمة، طهرت الأرض من الوثنية.. ولكنها عرضت إيليا للمتاعب: عرضته لمواجهة الملك الذي كان يريد قتله، والذي بسببه اختبأ انبياء الرب في المغاير. وكان عوبديا، الرجل الطيب، يخافه أيضًا (1مل 18). وتعرض إيليا لغضب إيزابل التى كانت أقوى وأقسى من آخاب، والتي لما سمعت بما فعله إيليا، ارسلت إليه تنذره بأنها ستقتله (1مل 19: 1). واضطر ايليا إلى الهرب من من وجهها. ولم يسمح لها الرب أن تنفذ وعيدها. |
||||
07 - 02 - 2014, 05:57 PM | رقم المشاركة : ( 25 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الغيرة المقدسة - البابا شنوده الثالث
إشعياء النبي غيرته يمثلها قول المزمور " مستعد قلبى يا الله، مستعد قلبى" (مز 56). هذا الذي لما سمع صوت السيد الرب قائلا " من أرسل؟ ومن يذهب لأجلنا؟ " أجاب على الفور " هأنذا ارسلنى" (أش 6: 8). البعض قد يفهم التواضع بمعنى الاعتفاء من الخدمة والهروب منها. ولكن الغيرة بكل محبة تقدم نفسها للخدمة. تتقدم الغيرة إلى خدمة. ولا يكون ذلك عدم اتضاع. لأنها تعرف أنها ستخدم بعمل الله فيها، منكرة ذاتها تمامًا. مثلما تقدم داود لمقاتلة جليات وهو يقول " اليوم الرب يحبسك في يدى. الحرب للرب، وهو يدفعكم ليدنا" (1صم 17). |
||||
07 - 02 - 2014, 05:58 PM | رقم المشاركة : ( 26 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الغيرة المقدسة - البابا شنوده الثالث
الإثنا عشر رسولًا بغيرة الآباء الرسل تأسست الكنيسة وانتشرت في الأرض كلها. هؤلاء الذين لا صوت لهم ولا كلام، إلى أقصاء المسكونة بلغت أصواتهم. بعزيمة لا تفتر وعمل لا يعرف الراحة، وباحتمال عجيب. لذلك استطاعوا أيقولوا لما حاولوا منعهم: نحن لا يمكننا أن لا نتكلم.. (أع 4: 20). ينبغى أن يطاع الله أكثر من الناس (أع 5: 29). وهكذا كانوا " يتكلمون بكلام الله مجاهرة " بكل شجاعة " وكانوا كل يوم في الهيكل وفى البيوت معلمين ومبشرين بيسوع المسيح" (أع 5: 42) " وكان الرب كل يضم إلى الكنيسة الذين يخلصون" (أع 2: 47) " وكان مؤمنون ينضمون إلى الرب أكثر، جماهير من رجال ونساء" (أع 5: 14). ومن أجل غيرة الرسل احتملوا الجلد والإهانة والسجن. ولما سجنوهم وجلدوهم ثم أطلقوهم "خرجوا فرحين لأنهم حسبوا مستأهلين أن يهانوا من أجل إسمه" (أع 5: 41). ولما أوقفوهم أمام المجمع قال لهم رئيس الكهنة " أما أوصيناكم وصية أن لا تعلموا بهذا الإسم. وها أنتم قد ملأتم أورشليم بتعليمكم، وتريدون أن تجلبوا علينا دم هذا الإنسان" (أع 5: 28). ولما طردوهم من أورشليم بعد استشهاد أستفانوس، يقول عنهم الكتاب: " الذين تشتتوا، جالوا مبشرين بالكلمة" (أع 8: 4). كانوا كقطع من فحم، اشعلتها نار الروح القدس في يوم الخمسين، فتطايرت شراراتها إلى أقصاء الأرض، واشتعل العالم نارًا.. وهكذا نفذوا وصية الرب الذي قال لهم".. وتكونون لي شهودًا في أورشليم وفي كل اليهودية والسامرة، وإلى أقصى الأرض" (أع 1: 8). لقد شهدوا للمسيح، ونالوا في ذلك أكاليل الشهادة. وكانوا لا يخافون الموت اطلاقًا، ولا تزعجهم الضيقات ولا العذابات ولا المحاكمات ولا السجون. المهم أن يشهدوا للرب وليكن بعد ذلك ما يكون.. |
||||
07 - 02 - 2014, 06:01 PM | رقم المشاركة : ( 27 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الغيرة المقدسة - البابا شنوده الثالث
القديس بولس الرسول إنه من أروع الأمثلة البشرية للغيرة المقدسة، بل هو أروعها فعلًا. عندما آمن بالميسحية، دخلتها طاقة عجيبة من الحرارة والقوة. فاستطاع أن يشهد للرب في أورشليم، وفي بلاد اليهودية، وفي قبرص، وآسيا الصغرة. وثم فى بلاد اليونان، وفى ايطاليا. وهو الذي أسس كنيسة رومة * يضاف إلى 14 رسالة كتبها، وكانت لها أهميتها في وضع قواعد الإيمان المسيحى وانتشاره. وقد كتب بعضها وهو في السجن. أية غيرة هذه: أن الإنسان يبشر وهو في السجن! بل ما أجمل ما يقوله عن انسيمس " الذته في قيودى" (فل 10). ومن السجن يكتب إلى أفسس، قائلا لأهلها " أطلب إليكم أنا الأسير في الرب أن تسلكوا كما يليق بالدعوة التى دعيتم إليها" (أف 4: 1). كان وهو أسير، في السجن، يهتم بخلاص غيره. بل أن اهتمامه بخلاص غيره، فاق اهتمامه بنفسه. ولذلك فإنه في محبته العجيبة لمواطنيه، يقول عبارته المؤثرة جدًا، المملوءة غيرة وحبًا.. يقول: ".. كنت أود لو أكون أنا نفسى محرومًا من المسيح، لأجل أخوتى وانسبائى حسب الجسد.." (رو 9: 3). غيرته إذن مبنية على الحب العميق، الذي يريد فيه خلاص الكل، ويخشى فيه على الحب العميق، الذي يريد فيه خلاص الكل، ويخشى فيه على الكل من السقوط. فيقول لأهل كورنثوس " إنى أغار عليكم غيرة الله. لأنى خطبتكم لرجل واحد لأقدم عذراء عفيفة للمسيح. ولكننى أخاف أنه كما خدعت الحية حواء بمكرها تفسد أذهانكم عن البساطة التي فى المسيح" (2كو 11: 2، 3). بولس الرسول من أجل غيرته على الملكوت، كان دائم الأسفار، يحتمل المتاعب لنشر الايمان. إنه يقول عن خدمته " ثلاث مرات انكسرت بى السفينة. ليلًا ونهارًا قضيت في العمق. بأسفار مرارًا كثيرة. بأخطار سيول، بأخطار لصوص، بأخطار من جنسى، بأخطار من الأمم. بأخطار في المدينة، بأخطار في البرية، بأخطار في البحر. في تعب وكد، في أسهار مرارًا كثيرة. في جوع وعطش، في أصوام مرارًا كثيرة. عدا ما هو دون ذلك.." (2كو 11: 25: 27). وما هو ذلك؟ يقول: " التراكم على كل يوم. الاهتمام بجميع الكنائس" (2كو 11: 28). هذه هى الغيرة حقًا. التي أمامها نقف متعجبين حينما يحارب شاب بالمجد الباطل، لمجرد أنه يدرس فصلا في التربية الكنسية، أو يلقى عظة فى كنيسة!! أما القديس بولس الرسول فبالاضافة إلى كرازته في ميادين جديدة، كان عليه الاهتمام بالكنائس القائمة: يدبر ويفتقد ويرعى، حتى وهو في السجن. وما أكثر الآلام التي تحملها القديس بولس بسبب غيرته على الملكوت. يشرحها فيقول " في الأتعاب أكثر، في الضربات أوفر، في السجون أكثر، في الميتات مرارًا كثيرة. من اليهود خمس مرات قبلت أربعين جلدة. ثلاث مرات ضربت بالعصى. مرة رجمت.." (2كو 11: 23 – 25). وعن تعبه وتعب زملائه في الخدمة يقول " في كل شيء نظهر أنفسنا كخدام الله في صبر كثير، في شدائد ضرورات في ضيقات، ضربات في سجون في اضطرابات، في أتعاب في أسهار في أصوام.. كمضلين ونحن صادقون.. كمائتين وها نحن نحيا.. كحزانى دائما فرحون.." (2كو 6: 4-10). إن الغيرة لم تنفصل إطلاقًا عن الصليب، في خدمة بولس الرسول وزملائه. ولذلك فإنه يصف حياته وحياتهم في الخدمة فيقول".. مكتئبين في كل شيء، لكن غير متضايقين. متحيرين ولكن غير بائسين، مضطهدين لكن غير متروكين، مطروحين لكن غير هالكين، حاملين في الجسد كل حين إماته الرب يسوع.. " (2كو 4: 8 – 10). هذه هى حالتهم، لئلا يظن البعض أن حياة القديس بولس كانت مجرد مجد كقديس ورسول. أو لئلا يظن البعض أن الغيرة هى حماس يامر وينهى، وينتقد ويوبخ!! وينسى أن الذي يحيا حياة الغيرة المقدسة، يجاهد لأجل الملكوت، لابد أن يحمل صليبه كل يوم ويتبع الرب.. |
||||
07 - 02 - 2014, 06:02 PM | رقم المشاركة : ( 28 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الغيرة المقدسة - البابا شنوده الثالث
القديس استفانوس إن غيرته كانت ثمرة طبيعية لمواهبه وروحياته: لقد اختير شماسًا من " المملوءين من الروح القدسوالحكمة". وقيل كان رجلًا مملوءًا من الإيمان والروح والقوة (أع 6: 3، 5، 8). وإنه " كان يصنع عجائب وآيات عظيمة في الشعب" (أع 6: 8). وق بدأ أسطفانوس عمله بقوة. فماذا كانت نتائج غيرته؟ " كانت كلمة الله تنمو، وعدد التلاميذ يتكاثر جدًا. وجمهور كثير من الكهنة يطيعون الإيمان" (أع 6: 7). ولم يحتمل المقاومون غيرة اسطفانوس وعمله، فنهض لمحاورته قوم من مجمع الليبرتينيين والقيروانيين والاسكندريين، ومن الذين من كيليكية. " ولم يقدروا أن يقاوموا الحكمة والروح الذي كان يتكلم به" (أع 6: 10). وإذ لم يقدروا على مقاومة غيرته بكل مواهبها، دسوا له الدسائس واتهموه بالتجديف، وسلموه للجميع لكي يرجموه. وفى أثناء المحاكمة والرجم لم تفارقه غيرته. فكان يشرح الإيمان ويوبخ رؤساء اليهود على قساوة قلوبهم. هذا هو اسطفانوس، الذي لم يكن رسولًا ولا أسقفًا ، وإنما كان شماسًا. ولكنه شماس مملوء من الغيرة، يعمل بقوة جبارة بالروح القدس الذي فيه.. وكانت لغيرته ثمار لم يحتملها أعداؤه. وكانت له جرأة لم يستطيعوا أن يحتملوها ايضًا. فحنقوا عليه، وسدوا آذانهم دون كلماته، وهجموا عليه بنفس واحدة، وأخرجوه خارج المدينة روجموه (أع 7: 54 – 58). وصار أول الشهداء في المسيحية.. مدة خدمة قصيرة، ولكنها مثمرة، وقوية.. |
||||
07 - 02 - 2014, 06:03 PM | رقم المشاركة : ( 29 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الغيرة المقدسة - البابا شنوده الثالث
القديس مرقس الرسول غيرته تمثل الثمر الكثير، على الرغم من عوائق أكثر. بدأ من فراغ وانتصر على كل الصعوبات. جاء إلى مصر، إلى بلد لا كنيسة فيه، ولا شعب، ولا مسيحية، ولا أية امكانيات. بل كانت فيه العبادات الفرعونية بقيادة كبير الآلهة رع، والعبادات اليونانية بقيادة كبير الآلهة زيوس، والعبادات الرومانية بقيادة كبير الآلهة جوبتر. بالاضافة إلى اليهودية التي كانت تشغل حيين من أحياء الأسكندرية، مع عبادات شرقية أخرى.. مع الفلسفة التي تزخر بها مكتبة الاسكندرية الشهيرة.. هؤلاء جميعًا تسندهم سلطة الدولة الرومانية بكل قسوتها. وكانت غيرة مارمرقس أقوى من تلك المقاومات. لم تكن له أية أمكانيات مادية على الاطلاق، بل دخل مصر بحذاء مقطوع من كثرة المشى على قدميه.. ولم يجد شعبًا مؤمنًا، فعمل على تكوين شعب مؤمن.. واستطاع مارمرقس بغيرته على ملكوت الله، أن ينشر المسيحية في مصر، وفي ليبيا. كما ساعد بولس الرسول في تبشير رومه، وكثير من بلاد أوربا. واسس في الإسكندرية أول مدرسة لاهوتية، أعدت قادة للإيمان في الشرق كله. كما أنه كتب الإنجيل الذي حمل إسمه، وكان مصدرًا للإيمان في العالم كله. كانت غيرته كافية لكرازة مصر، وكانت أكبر من مصر. فانتشر الإيمان على يديه في أماكن متعددة. وكثرت اسفاره لنشر الملكوت في أقطار أخرى. فاضطر إلى سيامة اسقف عام لمساعدته، يحل محله أثناء سفره. ذلك هو القديس انيانوس أول خلفاء مارمرقس على كرسيه في الإسكندرية. وطبعًا ما كان ممكنًا لأعداء الإيمان أن يحتملوا غيرة مارمرقس ونشره للإيمان. فنال إكليل الاستشهاد على أيديهم سنة 68 م. وترك لنا إيمانًا راسخًا مازلنا نحن في ظلاله إلى يومنا هذا. وبقى أن يقتضى أبناء مارمرقس آثار غيرته، ويتتبعوا خطواته. ولا يقل أحد: أنا مستعد أن أخدم، ولكن لا توجد إمكانيات. لقد خدم مارمرقس بدون إمكانيات. بدأ من فراغ كما قلنا وفراغ محاط بمقاومات.. ولم يكن يملك سوى غيرته. وهكذا باقى الرسل. لم يكن طريقهم سهلًا ولا مهدًا، بل كان مليئا بالصعوبات، إذ أنهم خدموا في بلاد وثنية. واليهود كانوا ضدهم. وكذلك الدولة الرومانية. هم تعبوا، ونحن دخلنا على تعبهم (يو 4: 38). كما تعب المسيح من قبل، والرسل دخلوا على تعبه. ونتيجة لهذا التعب كله، كانت الكنيسة في نمو مستمر. |
||||
07 - 02 - 2014, 06:07 PM | رقم المشاركة : ( 30 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الغيرة المقدسة - البابا شنوده الثالث
القديس أثناسيوس الرسولي حقا ما أصدق ما قاله القديس جيروم عن أثناسيوس وجهاده ضد أريوس والأريوسية، وكيف استطاع أن يحول مجرى التاريخ.. قال: مر وقت كاد فيه العالم كله أن يصبح أريوسيًا، لولا أثناسيوس..! بدأت المشكلة الأريوسية قبل أثناسيوس بزمن. ومن أجلها عقد البابا ألكسندروس (البطريرك 19) مجمعًا مكانيًا حضره مائه أسقفًا من أساقفة مصر والخمس المدن الغربية. وحينما عقد مجمع نيقية المسكونى سنة 325 م، كان أثناسيوس مايزال شابًا، وشماسًا. ولكن هذا الشماس الشاب شعر أن المسئولية ملقاة على عاتقه. وشعوره بالمسئولية كان مصدر غيرته. كان في المجمع 318 أسقفًا يمثلون كنائس العالم المسيحى كله. وكان من بينهم بطاركة وعظام ورؤساء كنائس. ولكن أثناسيوس الشماس شعر أن الإيماس المسيحى كله أمانة في عنقه. فوقف يدافع عنه بكل حماس، ويرد على كل حجج أريوس ببراهين لاهوتية أقوى منها. واستطاع أن يصوغ بنود قانون الإيمان المسيحى. ولما صار أثناسيوس بطريركًا تصدى أيضًا للأريوسيين، ووضع كتابًا ضدهم إسمهContra Arianos (ضد الأريوسيين). وهو من أربعة أجزاء، تناول فيه كل الآيات التي يعتمدون عليها، ووضع التفسير السليم لها، ورد على فهمهم الخاطئ. كما وضع الكثير من المؤلفات، في الدفاع عن الإيمان النيقاوى.. وبسبب غيرته تعرض لاضطهادات كثيرة.. فاتهمه أعداء الإيمان بتهم مريرة، ودسوا له الدسائس عند الامبراطور، ونفى عن كرسيه أربع مرات. ولكن غيرته لم تفارقه في أماكن منفاه، بل كان في كل مكان ينفى إليه، ينشر الإيمان السليم، ويشرح العقيدة، ويرد على لأريوسية، ويعقد مجامع ضدها. وينتهى الأمر برجوعه إلى كرسيه، فيواصل جهاده لينفى مرة أخرى 45 سنة قضاها على الكرسى المرقسى في جهاد مستمر. ومن أجل غيرته على الإيمان، اصبح عنوانًا للإيمان بحيث أن الذي يريد أن يثبت صحة إيمانه، يقول " أنا على إيمان أثناسيوس". ولم تفتر حرارة هذا القديس يومًا واحدًا. بل كانت قوة الأريوسية تلهب غيرته بالأكثر، حتى ثبت الإيمان على قواعد سليمة. وهذه الغيرة بدأت معه، منذ معه، منذ سنى شبابه المبكر، حيث وضع كتابين هامين هما: كتاب تجسد الكلمة، وكتاب "رسالة ضد الوثنيين". وضعهما وهو شماس شاب. ومع ذلك صارًا مرجعين هامين، ينتفع بهما كل جيل أتى بعده، حتى يومنا هذا.. ولم يكتف بالرد على الأريوسية، بل تتبع كل هرطقة.. وهكذا وضع أيضًا رسائله عن الروح القدس التي وضح فيها الإيمان السليم بهذا الأقنوم الإلهى.. وصارت غيرة أثناسيوس وإيمانه وجهاده مضرب الأمثال، حتى أنه لما اشتهر القديس ايلارى أسقف بواتييه في دفاعه عن الإيمان، أسموه أثناسيوس الغرب.. |
||||
|