06 - 02 - 2014, 04:05 PM | رقم المشاركة : ( 21 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الخدمة الروحية والخادم الروحي -3 لقداسة البابا شنودة الثالث
العمل الفردي في العهد القديم لعله من أروع الأمثلة على أهمية العمل الفردي في الخدمة: أن الله نفسه – على الرغم من رعايته للعالم كله- اهتم بالعمل الفردي. في العهد القديم: الله يرسل ملاكه إلى الجب الذي أُلقي فيه دانيال، لكي يسدّ أفواه الأسود فلا تؤذيه (دا22:6). وكذلك يسير مع الثلاث فتية في أتون النار، فلا تكون للنار قوة لإحراقهم (دا25:3- 31). ويفتقد إيليا، وهو خائف، وهارب من الملكة إيزابيل، ويسأل عنه قائلًا له بصوت منخفض خفيف "مالك ههنا يا إيليا؟" (1مل12:19، 13). وكذلك يظهر ليعقوب وهو خائف وهارب من وجه أخيه عيسو، لكيما يعزي قلبه بكلمات المحبة والمعونة قائلًا له: "ها أنا معك، وأحفظك حيثما تذهب، وأردك إلى هذه الأرض" (تك15:28). وبنفس العمل الفردي قام الرب بعملية إنقاذ، لكي ينجى سارة من الملك أبيمالك، وظهر له في حلم، وحذره وأنذره، وقال له "وأنا أمسكتك عن أن تخطئ إلىّ، لذلك لم أدعك تمسها" (تك3:20- 6). وكما كان للرب عمل فردي مع كل من هؤلاء لإنقاذه، أو منحه السلام، أو لإنقاذ الغير منه، كذلك كان للرب عمل فردي دعوة البعض إلى خدمته. فهكذا دعا الله أبانا إبرآم أبا الآباء والأنبياء، ليذهب إلى الجبل الذي يريه إياه، وباركه وجعله بركه، وقال له أيضًا "وتتبارك فيك جميع قبائل الأرض" (تك1:12- 3). ودعا الرب موسى من وسط العليقة المشتعلة بالنار، ولما اعتذر عن ذلك بأنه ثقيل الفم واللسان وليس صاحب كلام، منحه أخاه هرون لكي يكون له فمًا. وقال له "تكلمه وتضع الكلمات في فمه. وأنا أكون مع فمك ومع فمه. وأعلمكما ماذا تصنعان" (خر4:3)، (خر10:4- 16). ودعا الرب إرميا اليوم أيضًا "ولما اعتذر بأنه صغير السن، قال له "هأنذا قد جعلتك اليوم مدينة حصينة، وعمود جديد، وأسوار نحاس على كل الأرض..فيحاربونك ولا يقدرون عليك، لأني أنا معك – يقول الرب لأنقذك" (أر6:1- 19). ودعا الرب سائر الأنبياء، وكان معهم. وكان له عمل فردي مع كل منهم. وفي قصة يونان النبي، كان للرب عمل فردي معه، ومع أهل السفينة. وعمل فردي آخر مع مدينة نينوى. وهكذا في تلك القصة، كان العمل الفردي مع يونان هو قيادته إلى الطاعة وإنقاذه من جوف الحوت، وإقناعه وتخليصه من فمه. وكان عمله مع أهل السفينة، لقيادتهم إلى الإيمان، وتقديم ذبيحة له.. وعمله مع أهل نينوى هو لقيادتهم إلى التوبة والانسحاق، والإيمان به أيضًا، باعتبارهم من الأمم.. وهنا نلاحظ ملاحظة هامة وهي: عمل الله مع مدينة نينوى يعتبر عملًا فرديًا، إذا قيست بكل ما في العالم من مدن. ونفس الوضع يعتبر عمل الله مع شعب إسرائيل في العد القديم: من جهة قيادته لهذا الشعب، وإرسال الأنبياء والشريعة والعهود له، وكذلك ما أجراه معه من الآيات، وما أوقعه عليه من العقوبات.. إنه مجرد شعب واحد، إذا قيس بالشعوب العديدة في العالم كله. لاشك أن عمل الله معه، يعتبر بوجه المقارنة عملًا فرديًا. والأمثلة عن العمل الفردي في العهد القديم عديدة جدًا، من الصعب إيرادها الآن. ننتقل إلى نقطة أخرى وهي: العمل الفردي للسيد المسيح. |
||||
06 - 02 - 2014, 04:07 PM | رقم المشاركة : ( 22 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الخدمة الروحية والخادم الروحي -3 لقداسة البابا شنودة الثالث
العمل الفردي للسيد المسيح كانت للسيد المسيح رسالة وسط الجموع والآلاف العديدة من الناس، مثلما حدث في معجزة الخمس خبزات والسمكتين، حيث كان الرجال فقط خمسة آلاف غير النساء والأطفال (مت21:14)، وقد قيل في أكثر من موضع أن الجموع كانت تزحمه (لو42:8، 45) (مر24:5- 31). وحدث مثل ذلك أيضًا في قصة شفاء المفلوج الذي حمله أربعة (مر2:2- 4). وعلى الرغم من كل ذلك، كان للسيد المسيح عمل فردي. إذ لم يشأ أن يضيع الفرد في زحمة الجموع. ومثالنا عمله مع زكا العشار. كان الجمع يزحم السيد المسيح. ولم يقدر زكا أن يراه بسبب الجمع، فصعد إلى جميزة. ووسط كل تلك الجموع والزحام، وقف السيد ونادي زكا باسمه، ودخل بيته "وحصل خلاص لهذا البيت، إذ هو أيضًا إبن إبراهيم" (لو9:19). وتاب زكا، واعترف بأخطائه، ورد ما قد ظلم فيه الغير أربعة أضعاف. كذلك كان السيد المسيح عمل فردي مع نيقوديموس. قابله نيقوديموس ليلًا، وحدثه المسيح عن الميلاد من الماء والروح وعن ابن الإنسان الذي هو في السماء، وعن الخلاص (يو1:3- 21). وأثمر هذا اللقاء فآمن نيقوديموس، بل إنه اشترك مع يوسف الرامي في تكفين جسد المسيح (يو38:20- 40). ويذكر التاريخ إنه فيما بعد صار أسقفًا.. وكان للسيد أيضًا عمل فردي مع المرأة السامرية. قابلها عند البئر، وتحدث معها عن الماء الحي، وعن السجود لله بالروح والحق، وقادها إلى الاعتراف والتوبة وإلى الإيمان به. وقد تعجب التلاميذ من أنه كان يتكلم مع إمرأة (يو27:4). وأثمر هذا اللقاء فآمن نيقوديموس، بل إنه اشترك مع يوسف الرامي في تكفين جسد المسيح (يو38:20- 40). ويذكر التاريخ إنه فيما بعد صار أسقفًا.. وكان للسيد أيضًا عمل فردي مع المرأة السامرية. قابلها عند البئر، وتحدث معها عن الماء الحي، وعن السجود لله بالروح والحق، وقادها إلى الاعتراف والتوبة وإلى الإيمان به.وقد تعجب التلاميذ من أنه كان يتكلم مع إمرأة (يو27:4). ولكن حديثه معها كان له ثمرة، ليس فقط في حياتها الخاصة في إيمانها وتوبتها، بل أكثر من هذا إنها ذهبت لتبشر أهل السامرة، بأن هذا هو المسيح (يو28:4- 30). والإصحاح 15 من إنجيل لوقا، كله عن أعمال فردية لأجل التوبة. سواء عن الخروف الضال، الذي ذهب الراعي الصالح ليبحث عنه تاركًا التسعة والتسعين، حتى وجده وحمله على منكبيه فرحًا، أو البحث عن الدرهم المفقود، أو الفرح برجوع الإبن الضال وإقامة وليمة له، أو العمل الفردي لإقناعه أخيه الكبير الذي كان ساخطًا على الفرح برجوعه. ومن الأعمال الفردية أيضًا التي لها دلالتها: عمل السيد المسيح مع مرثا، حيث قال لها "أنت تهتمين وتضطربين لأجل أمور كثيرة، ولكن الحاجة إلى واحد" (لو41:10، 42). وكذلك عمله مع المولود أعمى، بعد شفائه له، وقد طرده اليهود خارج المجمع. فظهر له الرب، ودعاه إلى الإيمان به، وأعلن له أنه إبن الله: فقال الرجل "أؤمن يا سيد، وسجد له" (يو35:9- 38). كذلك حديثه مع نثانائيل، لما قال له "قبل أن دعاك فيلبس، وأنت تحت التينة- رأيك. فآمن نثنائيل وقال له "يا معلم، أنت إبن الله" (يو47:2- 51). وما أكثر الأعمال الفردية التي قام بها السيد المسيح، سواء مع تلاميذه الإثنى عشر، أو مع بطرس ويعقوب ويوحنا، أو حتى في قصة التجلي مع موسى وإيليا (مر2:9- 8). ومع أفراد كثيرين آخرين. ولا ننسى الأعمال الفردية التي قام بها السيد المسيح بعد القيامة: حيث ظهر لتلميذي عمواس "وابتدأ من موسى ومن جميع الأنبياء يفسر لهما الأمور المختصة به في جميع الكتب" (لو27:24). كذلك ظهوره لتوما، وكيف نجاه من شكه، وأعطاه الفرصة أن يلمس جراحه، وقال له "لا تكن غير مؤمن بل مؤمنًا" (يو26:20- 29). وبنفس الوضع ظهر لمريم المجدلية، التي ثلاث مرات تقول "أخذوا سيدي ولست أدري أين وضعوه" (يو2:20، 13، 15). فبكلامه معها آمنت بقيامته، بل أرسلها لتبشر التلاميذ مع مريم الأخرى (مت28). وظهر الرب بعد القيامة للتلاميذ، وأقنعهم بأنه ليس مجرد روح أو شبح، فالروح ليس له لحم وعظام، واراهم يديه ورجليه، وأكل قدامهم (لو36:24- 43). بل ظهر لهم أيضًا ومنحهم سرّ الكهنوت. نفخ في وجوههم، وقال لهم: "اقبلوا الروح القدس. من غفرتم له خطاياه غفرت له، ومن امسكتموها عليه أمسكت" (يو22:20، 23). بل عمل أيضًا عملًا فرديًا مع بطرس، الذي كان حزينًا جدًا على إنكاره للمسيح قبل صلبه. فعزاه وقال له "أرع غنمي.. أرع خرافي" (يو15:21- 17). ومن أعظم الأعمال الفردية التي عملها الرب بعد صعوده: دعوته لشاول الطرسوسي. |
||||
06 - 02 - 2014, 04:07 PM | رقم المشاركة : ( 23 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الخدمة الروحية والخادم الروحي -3 لقداسة البابا شنودة الثالث
دعوة المسيح لشاول الطرسوسي ظهر له في طريق دمشق، وعاتبه قائلًا "شاول شاول لماذا تضطهدني؟! (أع4:9). وقاده إلى الإيمان، وأرسله إلى حنانيا فعمده (أع16:22). واختاره رسولًا للأمم (أع15:9- 18). وظهر له مرة أخرى في رؤيا الليل وهو في كورنثوس وقال له: "لا تخف، بل تكلم ولا تسكت. لأني أنا معك، ولا يقع بك أحد ليؤذيك. لأن لي شعبًا كثيرًا في هذه المدينة" (أع9:18، 10). كما أرسله مرة وقال له "اذهب فإني مرسلك بعيدًا إلى الأمم" (أع21:22). كذلك ظهر له مرة أخرى وقال له "ثق يا بولس، لأنك كما شهدت بما لي في أورشليم، هكذا ينبغي أن تشهد في رومية أيضًا" (أع11:23). وأطاع القديس بولس، وذهب إلى رومية ليؤسس كنيستها وأقام سنتين كاملتين في بيت أستأجره لنفسه. وكان يقبل جميع الذين يدخلون إليه، كارزًا بملكوت الله، ومعلمًا بأمر الرب يسوع المسيح، بكل مجاهرة بلا مانع" (أع30:28، 31). ولعل من أعظم الأعمال الفردية التي قام بها السيد المسيح: عمله مع اللص اليمين. |
||||
06 - 02 - 2014, 04:08 PM | رقم المشاركة : ( 24 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الخدمة الروحية والخادم الروحي -3 لقداسة البابا شنودة الثالث
|
||||
06 - 02 - 2014, 04:09 PM | رقم المشاركة : ( 25 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الخدمة الروحية والخادم الروحي -3 لقداسة البابا شنودة الثالث
أعمال فردية للرسل إن الرسل كرزوا في جميع الأمم وتلمذوهم وعمدوهم (مت9:28). بل كرزوا بالإنجيل للخليقة كلها (مر15:16). ومع ذلك كانت لهم أعمال فردية: مثال ذلك عمل بولس وسيلا مع سجان فيلبي، في دعوته إلى الإيمان: "حيث كلماه وجميع من في بيته بكلمة الرب.. واعتمد في الحال هو والذين له أجمعون" (أع31:16- 33). كذلك عمل بولس مع ديونسيوس الأريوباغي (أع34:17)، الذي صار فيما بعد أسقفًا لأثينا.. كذلك عمله مع تلاميذ كثيرين صاروا من أعوانه في الخدمة فيما بعد.. ومن الأمثلة الجميلة في العمل الفردي: عمل فيلبس مع الخصي الحبشي. |
||||
06 - 02 - 2014, 04:12 PM | رقم المشاركة : ( 26 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الخدمة الروحية والخادم الروحي -3 لقداسة البابا شنودة الثالث
عمل فيلبس مع الخصي الحبشي فيلبس رأى ذلك الرجل في مركبته يقرأ سفر أشعياء، فسأله "أتفهم ما تقرأ ثم بدأ يشرح له، وبشره باسم يسوع. وانتهى ذلك اللقاء العابر، بأن اقبلا على ماء، فعمده، وذهب ذلك الخصي في طريقه فرحًا (أع27:8- 39). كذلك العمل الفردي الذي قام به بولس الرسول نحو ليديا بائعة الإرجوان التي تأثرت بكلامه وآمنت واعتمدت. واستجاب بولس الرسول لطلبتها، فدخل بيتها (أع15:16). وقيل إن بيتها صار كنيسة للرب في ثياترا. ومن الأمثلة التاريخية للعمل الفردي، عمل مار مرقس مع أنيانوس. وكيف أنه انتهز كلمة عن الله التي لفظها، فبشره وعمده، وصار أول من آمن على يديه في الأسكندرية، وصار بيته كنيسة. بل أصبح أسقفًا، وأول خليفة لمار مرقس. |
||||
06 - 02 - 2014, 04:12 PM | رقم المشاركة : ( 27 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الخدمة الروحية والخادم الروحي -3 لقداسة البابا شنودة الثالث
عمل فردي الآباء الرسل كان لهم عمل فردي، حتى في رسائلهم: مثال ذلك رسالة القديس بولس مع فيلمون. فقد كان فيها عمل فردي مع فليمون، وعمل آخر مع عبده أنسيموس الذي صيره القديس بولس أخًا وخادمًا نافعًا له في الخدمة، وتعهد بأن يوفي عنه دينونة.. (فل16- 18). كذلك رسالته أيضًا إلى تيموثاوس. بالإضافة إلى ما ورد فيها عن حياته وسلوكياته، بل عن صحته الجسدية أيضًا، إذ يقول له: "لا تكن بعد شريب ماء، بل خذ قليلًا من الخمر لأجل معدتك وأسقامك الكثيرة" (1تي23:5). والأمثلة كثيرة عن العمل الفردي في رسائل الآباء الرسل. |
||||
06 - 02 - 2014, 04:13 PM | رقم المشاركة : ( 28 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الخدمة الروحية والخادم الروحي -3 لقداسة البابا شنودة الثالث
مميزات العمل الفردي العمل الفردي يتميز عن العمل الجماعي بعدة أمور، نذكر منها: 1. فيه نوع من التركيز والتخصيص والفائدة المباشرة: ففي العظة التي تلقى في الكنيسة أو في أي إجتماع، يتكلم الخادم كلامًا عامًا لجميع الناس. ولكنه في العمل الفردي يكلم إنسانًا بالذات يمس الحياة الخاصة لهذا الإنسان، والظروف التي يمر بها. إنها خدمة مركزة، ونتيجتها واضحة. فما معنى عبارة "نتيجتها واضحة"؟ أي أنه في العظة العامة، لا يعرف الواعظ ماذا كان تأثير كلامه، وهل أتى بنتيجة أم لا. أما في العمل الفردي، فيرى النتيجة أمامه. إنه يكلم شخصًا يرى أمامه مدى استجابته أو رفضه، ومدى تفاعله مع الكلام الذي يسمعه، وإن كان له إعتراض يبديه.. 2. العمل الفردي يتميز أيضًا بمكافأة خاصة، لأنه عمل في الخفاء. العظات العامة، والفصول الكبيرة في التربية الكنسية، والخدمة في القرى، لها وضوح وهي ظاهرة أمام الكل. وقد يوضع جدول لها يبين إسم الخادم وخدمته وموعدها. أما العمل الفردي، فهو في الخفاء، لا يحس به أحد، ولا ينال إعجابًا من جمهور. ولكن كما قال السيد الرب "أبوك الذي يرى في الخفاء، هو يجازيك علانية" (مت4:6، 6). 3. كذلك العمل الفردي، يحمل أيضًا تواضعًا في الخدمة. هناك أشخاص لا يخدمون إلا على مستوى معين!! إما في إجتماع كبير، أو كنيسة كبيرة، أو مكان له شهرته.. وإلا فإنهم يعتذرون عن الخدمة..! أما العمل الفردي فإن فيه اتضاعًا، لأن الخادم يكلم فيه شخصًا واحدًا، في بعد عن الشهرة، فهي خدمة تعطي، وفيما يبدو لا تأخذ شيئًا.. 4. العمل الفردي يتميز بحب أكثر، وبإهتمام أكثر. فيه عنصر المبادرة وعنصر الإهتمام. ففي العظات العامة يذهب الناس إلى الكنيسة. أما في العمل الفردي، فالخادم هو الذي يذهب إلى المخدومين، وليسوا هم الذي يأتون إليه. وحتى إن أتى بعضهم، فإنه يجد إهتمامًا خاصًا. العمل الفردي هو حب الناس. هو إدراك لقيمة النفس الواحدة. هو إدراك عملي لقيمة النفس التي مات المسيح لأجلها. وكان ثمنها هو دم المسيح. وهو إنتشال لهذه النفس من النار، كما قال الرسول "وخلصوا البعض بالخوف، ومختطفين من النار" (يه23). وكما قال ملاك الرب عن يهوشع وهو ينقذه من الشيطان الذي يقاومه "أفليس هذا شعلة متشلة من النار" (زك2:3). وما أعمق قول معلمنا يعقوب الرسول "من ردّ خاطئًا عن ضلال طريقه، يخلص نفسًا من الموت ويستر كثرة من الخطايا" (يع20:5). 5. وربما عمل فردي تكون له خطورته، ويتحول إلى عمل عام كبير. مثل عمل السيد المسيح مع شاول الطرسوسي، في عتابه له وهدايته، وفي دعوته أيضًا. وكيف أنه بهذا العمل الفردي، تحول شاول إلى طاقة جبارة في العمل الكرازي، وتعب في الخدمة أكثر من جميع الرسل (1كو10:15). فما أدراك. ربما هذا الفرد الذي تخدمه يصير شيئًا كبيرًا فيما بعد.. 6. أيضًا في العمل الفردي، تأخذ خبرة روحية عميقة. خبرة لا تستطيع أن تحصل عليها في العمل العام. فأنت تعرف خلالها طبيعة النفس البشرية وحروبها، وما تقف أمامها من عوائق عملية في طريق الفضيلة.وترى الفارق بين التعليم النظري الذي يقال للجماعات، وبين شخص تكلمه فيرد عليك، وتأخذ وتعطي معه في الحديث. وتشرح له الفضيلة، فيشرح لك العقبات العملية التي تقف أمام التطبيق.. 7. لذلك فالعمل الفردي يتميز بالناحية العملية أكثر من العمل الجماعي. والإنسان الذي له خبرة سابقة أو حالية في العمل الفردي، يستطيع في عمله الجماعي أو في العظات العامة أن يكون أكثر فعالية، وأن يمس كلامه مشاعر الناس، ويكون علميًا في تعليمه يتحدث عن الواقع الذي يعيشه السامعون، ولا يقول كلامًا نظريًا. وفي خدمة الكهنوت، يوجد العمل الفردي والعمل الجماعي، كلاهما معًا. العمل الجماعي في الصلاة العامة، وفي العظات العامة والخدمات العامة. أما العمل الفردي ففي الإعترافات، وفي حل مشاكل الناس، وفي الزيارات والافتقاد. إنه يتعامل مع الكل، ومع كل فرد على حدة. ومن الجائز أن العمل الفردي لا يكون مع فرد واحد. من الجائز أن يكون مع إثنين معًا، يصلحهما أو يدبر حياتهما المشتركة، أو يوفق خدمتهما. أو يكون العمل الفردي مع أسرة كاملة، ولكن لها طابعها الفردي بالنسبة إلى باقي الأسرات. أو مع مجموعة من الناس، مع مجلس جمعية مثلًا.. |
||||
06 - 02 - 2014, 04:15 PM | رقم المشاركة : ( 29 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الخدمة الروحية والخادم الروحي -3 لقداسة البابا شنودة الثالث
مجالات العمل الفردي من الممكن أن يوجد عمل فردي في مجال الأسرة. مثلما يقول الكتاب "أما أنا وبيتي فنعبد الرب" (يش15:24).. ومثلما قال الرب عن وصاياه "قصها على أولادك، وتكلم بها حين تجلس في بيتك" (تث7:6). فهل أنت لك خدمة روحية وسط أفراد أسرتك؟ أم علاقتك بهم مجرد علاقة إجتماعية عائلية! أم علاقة إحتكاكات أحيانًا!! هل افتكرت أن توصل أخاك الصغير إلى الله؟ أو أن تقود أحد أقربائك إلى حياة التوبة، أو تعلمه العقدية السليمة؟ إنه عمل فردي. يمكن أن يكون العمل الفردي في مجال الجيران أو المعارف. إن كنت شخصًا روحيًا، ولك جيران أو أصدقاء، فهل استفادوا من روحياتك؟ هل تمر حياتك الروحية مرورًا عابرًا على الآخرين، دون أن تترك فيهم أثرًا، ويكون وجودك وسطهم بلا ثمر؟! هل كل أحاديثك معهم خالية من الله؟ أم تراك تتحاشى ذلك أو تخجل منه، لئلا يتهموك بأنك متدين؟! ونفس الكلام يقال عن زملائك في العمل أو في الدراسة. وأيضًا عن زملائك في النادي، أو في أي نشاط اجتماعي. ما هي خدمتك الفردية وسط كل هؤلاء؟ هل استطعت أن تجذب أحدًا إلى طريق الله، أو حتى أن تدعوه إلى إجتماع في الكنيسة؟ يعجبني فيلبس، أنه وهو سائر في الطريق، كان له عمل عميق مع الخصي الحبشي. قدّم له الإيمان وعمده، وذهب في طريقه فرحًا (أع38:8، 39). وأنت كم من الناس قد قابلتهم في طريق الحياة، دفعهم الله إلى طريقك. فهل قدّمت لأحد منهم كلمة روحية، أو أية كلمة منفعة، أو دفعة إلى قدام.. ما أعجب خدام الرب الحقيقيين. إنهم مميزون بشهادتهم للرب (أع8:1). أشخاص كثيرون يتقابلون معك.واحد منهم يقدم لك عمله ومعرفته، وآخر يقدم لك ذكاءه، وثالث يقدم ظرفه ولطفه، ورابع يقدم خدمة. أما هذا النوع المميز، فيقدم لك المسيح، بلباقة ولطف فتشعر باشتراك المسيح معكما.. المسيح، بلباقة ولطف فتشعر باشتراك المسيح معكما.. قد يكون ذلك في أية مناسبة، في زيارة، في مرض، في تعزية، في معايدة.. في لقاء عادي، يحوله هو إلى لقاء روحي، بأسلوب هادئ طبيعي.. وهنا أتذكر أعماقًا مذهلة في لقاءات القديسين. لعل في مقدمتها لقاء مريم العذراء مع إليصابات. أكان لمجرد خدمة تلك العجوز في الشهور الأخيرة من حملها؟ أم أننا نقف امام هذه العبارة الجميلة "فلما سمعت إليصابات سلام مريم.. إمتلأت إليصابات من الروح القدس" (لو41:1).. وكان لقاء نبوءة وكشف إلهي، وتسبيح وكلام روحي. ماذا أيضًا عن اللقاء بين القديس الأنبا أنطونيوس، والقديس الأنبا بولا.. وماذا عن اللقاءات بين القديسين التي كانوا يتكلمون فيها بعظائم الله، وإسمه على ألسنتهم. وكما تقول التسبحة "اسمك حلو ومبارك في أفواه قديسيك". ولعلك تقول: من يسمع؟ ومن يقبل؟ ومن يفهم؟ كلا يا أخي. تكلّم أنت، وأترك النتيجة إلى عمل الله في القلوب. المهم أن تنطق بكلمة الله في حكمة. وثق أن كلمة الله لن ترجع فارغة. بل كما قال السيد الرب "هكذا تكون كلمتي التي تخرج من فمي، لا ترجع إلىّ فارغة، بل تعمل ما سررت به، وتنجح فيما أرسلتها له" (أش11:55). إذن أحرص فيما تخدم، أن يكون الله متكلمًا على فمك. أما عن النتيجة، فاذكر قول الكتاب: "إرم خبزك على وجه المياه، فإنك تجده بعد أيام كثيرة" (جا1:11). هناك نفوس تحتاج إلى مدى زمني، حتى تقبل كلمة الله، وحتى يمكن أن تأتي الكلمة فيها بثمر.. والأمر يحتاج إلى صبر ومثابرة. إن كل نفس تعمل معها عملًا فرديًا، لها ظروفها الخاصة، وعقليتها الخاصة، ولها ماضيها وحاضرها، وبيئتها وضغوطها، ولها مشاعرها وأحساسيسها ومفاهيمها. وليست كل نفس تنفعها نفس الكلمة. لذلك فإن العمل الفردي يحتاج إلى حكمة، تتخير الكلام المناسب، والأسلوب المناسب، ونوع المعاملة. إن كانت بصدد مشكلة معينة معروفة، يمكن أن تطرقها بطريقة مقبولة. أما إن كنت بصدد هداية عامة، فربما لا يصلح الأسلوب المباشر الذي تفرض به العمل الروحي فرضًا، بطريقة غالبًا لا تقبلها ولا تستسيغها النفوس التي لم تتعودها إنما يترقب الشخص المناسبة التي يقول فيها الكلمة الروحية بحيث تبدو طبيعية جدًا غير مصطنعة.. |
||||
06 - 02 - 2014, 04:15 PM | رقم المشاركة : ( 30 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الخدمة الروحية والخادم الروحي -3 لقداسة البابا شنودة الثالث
لاحظ نفسك والتعليم | لمن | لماذا "لاحظ نفسَك والتعليم" (1تي16:4). من قالها؟ ولمن؟ من قال هذه العبارة "لاحظ نفسك والتعليم، وداوم على ذلك. فإنك إن فعلت هذا، تخلص نفسك والذين يسمعونك أيضًا" (1تي16:4) القديس بولس الكارز العظيم، الذي اختبر الخدمة في عقمها، واختبر الحياة الروحية في عمقها، الذي في الخدمة تعب أكثر من جميع الرسل (1كو10:15) وفي الروحيات صعد إلى السماء الثالثة، إلى الفردوس (2كو2:12، 4).. بولس هذا يكتب إلى تلميذه تيموثاوس أسقف أفسس، الذي سكن فيه الإيمان العديم الرياء، وفي أسرته، أمه وجدته من قبل، وهو منذ الطفولة يعرف الكتب المقدسة (2تس15:3).. يكتب إليه فيقول له "لاحظ نفسك والتعليم وداوم على ذلك. لأنك إن فعلت ذلك تخلص نفسك والذين يسمعونك أيضًا" (1تي16:4). ومع أنه في الأسقفية محاط بأعباء ومسئوليات ضخمة، وبخاصة في بلد كأفسس، ليست الخدمة فيها سهلة إذا قال القديس بولس نفسه "حاربت وحوشًا، في أفسس" (1كو32:15).ولكن على الرغم من كل مسئوليات الخدمة الملحة، يقول له معلمه "لاحظ نفسك". ويقول "لاحظ نفسك" أولًا قبل التعليم، ويرى هذا لازمًا لخلاصه ولخلاص أنفس الناس "لأنك إن فعلت ذلك، تخلص نفسك والذي يسمعونك أيضًا".. إنها قاعدة أساسية يقدمها الرسول للجميع، سواء كانوا خدامًا أو أشخاصًا عاديين، ولكن الخدام يمسهم هذا الأمر بعمق أكثر فلماذا؟ |
||||
|