09 - 01 - 2014, 04:02 PM | رقم المشاركة : ( 21 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب حياة التواضع والوداعة - قداسة البابا شنودة الثالث
وسائل الاتضاع وعلاماته (5) 27 والإنسان المتواضع يكون دائمًا بعيدًا عن الغضب وثورة الأعصاب. وكما قال القديس دوروثيئوس في ذلك "إن المتواضع لا يغضب من أحد، ولا يُغضب أحدًا". فهو لا يغضب من أحد، لأنَّه باستمرار يأتي بالملامة على نفسه في كل شيء. وهو لا يُغضب أحدًا، لأنَّه يطلب بركة كل أحد، ولأنَّه يعتقد في أعماقه أنَّ كل أحد أفضل منه. ولذلك نرى أنَّ الاتضاع يرتبط دائمًا بالهدوء والوداعة. حقًا إنَّه ليس كل هادئ متواضعًا. ولكن كل متواضع لابد أنْ يكون هادئًا، وأنْ يكون وديعًا طيب القلب. 28 والمتواضع بطبعه سهل التعامل مع غيره بسيطًا في تعامله: إنَّه لا يفترض باستمرار أنَّه على حق، وأنَّ مَنْ يعارضه على باطل. ولا مانع لديه من أنْ يتنازل عن رأيه إنْ ثبت له أنَّه خطأ. بل أيضًا يشكر مَن وجَّهَهُ إلى أنَّ ذلك خطأ، ويفعل ذلك بحب حقيقي. وفى النقاش لا يُقاطع غيره، ولا يُسكِتَه لكي يتكلم هو. ولا يسخر من الآراء المعارضة له. ولا يحاول أنْ يتهكم على غيره. بل قد يُثبِتْ له خطأ فكره في لطف دون أنْ يَجرح مشاعره أو أنْ يُسئ إليه. فهكذا كان يفعل القديس ديديموس الضرير مدير الكلية الإكليريكية في حبرية البابا أثناسيوس. فاستطاع في حواره مع الفلاسفة الوثنيين أنْ يكسب الكثيرين منهم إلى المسيحية. وكانوا جميعهم يحبونه. 29 أيضًا المتواضع لا يرتفع قلبه مهما نَما في الروح وفي الفضيلة. ومهما نال أيضًا من مواهب روحية. بل يعتقد باستمرار أنَّ كل الحياة الروحية التي صارت له، هي من عمل النعمة فيه، من عمل الروح القدس معه، عن غير استحقاق منه. وأنَّه بدون الله لا يقدر أنْ يعمل شيئًا (يو5:15). فعليه أنْ يشكر لا أنْ يفتخر. والمتواضع يعرف أنَّه إذا افتخر بشئ ستتخلَّى النعمة عنه، لكي يشعر بضعفه، ويتضع أمام الله. ويذكر باستمرار قول الكتاب: "قبل الكسر الكبرياء. وقبل السقوط تشامخ الروح" (أم18:16). وهكذا يذكُر أنَّه "تحت الآلام" مثل غيره (يع17:5)،.وأنَّه ليس أكبر من السقوط، وليس معصومًا منه. فإنَّ الخطية "طرحت كثيرين جرحى، وكل قتلاها أقوياء" (أم26:7). 30 لذلك فهو أمام جميع الخطايا لا يَفقد احتراسه، ولا يُقلِّل صلواته. لا يقول عن بعض الخطايا إنَّها من النوع الذي يُحارب المُبتدئين، وليس النامين في الروح مثله!! وأنَّه أكبر من مستوى مثل تلك الحروب، أو أنَّه قد داس الشيطان تحت قدميه!! بل هو -في كل محاربات الشيطان- يطلب معونة من الله، مُصليًا بقوة، مهما بدت الحرب بسيطة. ذلك لأنَّه لا يعتمد مطلقًا على قوته الخاصة ولا على انتصاراته السابقة. 31 والإنسان المتواضع لا مانع لديه من أنْ يستشير. فالذي يستشير، إنَّما يشعر أنَّ هناك عند غيره ما ينقصه من معرفة. ولا يظن مطلقًا أنَّه غير محتاج إلى رأى أو حلول من غيره كما يفعل المتكبرون. بل هو يستشير ويعمل بالمشورة الصالحة، واثقًا أنَّه -مهما أوتى من علم وخبرة- هناك من هو أَعلَم منه في أمور معينة.. وحتى إنْ لم يستشر، وجاءه رأى صائب تطوَّع به أحدهم دون طلب منه، يأخذ الفائدة التي في هذا الرأي، مهما كان صاحب الرأي أصغر منه أو أقل شأنًا. 32 ومن صفات المتواضع الطاعة والاحترام لمَنْ هو أكبر منه. سواء كان ذلك الكبير أكبر منه سنًا، أو أكبر منه مقامًا، أو أكبر منه في القامة الروحية أو في العلاقة الاجتماعية. وعمومًا فالمتواضع لا يَستصغر أحدًا. فهو يُعامل الكل بلطف، حتى الصغار والخدم. ويرفع بذلك من روحهم المعنوية، ويُشعرهم بأنَّ نفوسهم كريمة في عينيه. |
||||
09 - 01 - 2014, 04:03 PM | رقم المشاركة : ( 22 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب حياة التواضع والوداعة - قداسة البابا شنودة الثالث
وسائل الاتضاع وعلاماته (6) 33 الإنسان المتواضع يظهر اتضاعه الروحي في اتضاع جسده أيضًا. يظهر اتضاعه في ملامح وجهه، وفي نبرات صوته، وفي نظرات عينيه. فهو ينظر إلى الناس في وداعة. ليست له النظرات المُتعالية، ولا ينظر إلى الناس من فوق. وصوته هادئ: يتكلم بلطف، لا بسلطان. لا يحتد على أحد، ولا يتكلم بشدة ولا بنبرات متكبرة، ولا بصوت عالٍ، ولا باحتقار أو استصغار لأحد في عدم رد.. إنَّما بلطف يتحدث مع كل أحد.. ويظهر اتضاعه أيضًا في طريقة مشيه. فلا يمشى في زهو أو في خيلاء. وفي جلوسه أيضًا يجلس في أدب، لا ينتفخ في مظهره.. ويبعد عن العظمة في مستوى ملابسه وأدواته وأثاثاته وحياة الترف. لا يُشعر الناس في منظره ومظهره أنَّه في مستوى عالٍ، أو مستوى أعلى منهم. ولغته تدل عليه: فهو لا يتغنَّى بأعمال قام بها، ولا يفتخر. ولا يعقد مقارنات بينه وبين الآخرين، تدل على تفوقه ومقدار ارتفاعه عليهم وإدراكه ما لا يُدركون. 34 والمتضع يظهر اتضاعه أيضًا في أسلوب عبادته وصلواته. فهو يدخل إلى الكنيسة في خشوع. حسبما قال داود النبي "أما أنا فبكثرة رحمتك أدخل إلى بيتك. وأسجد قدام هيكل قدسك بمخافتك" (مز7:5). ويقف في مهابة تليق بالصلاة وبالوجود في حضرة الله. كما قيل عن الشاروبيم والسارافيم إنَّهم وقوف قدامه: بجناحين يُغطون وجوههم، وبجناحين يُغطون أرجلهم (أش6). يحفظ حواسه جيدًا، ولا ينشغل عن الصلاة بشيء. ولا يُزاحم غيره في وقت التناول من الأسرار المقدسة. بل يتقدم إليها كغير مستحق.. ولا يجلس في الوقت الذي ينبغي فيه الوقوف. لذلك عند مباركة الطعام في مائدة بيته، لا يُصلى وهو جالس.. بل هو في كل مناسبة، يحتفظ بمهابة الصلاة. كذلك يحتفظ المتواضع بخشوعه في فترة صومه. لأنَّها فترة تذلل أمام الله، والتذلل يليق به الاتضاع. ولِنَتَذكَّر في هذه المناسبة ما قيل عن صوم أهل نينوى إنَّهم "نادوا بصوم، ولبسوا مسوحًا من كبيرهم إلى صغيرهم. وبلغ الأمر ملك نينوى. فقام عن كرسيه، وخلع رداءه عنه وتغطى بمسح. وجلس على الرماد" (يون6، 5:3). 35 والمتواضع إذا أخطأ، وانكشف له ذلك، فإنَّه يعترف بخطئه. ما أصعب الاعتراف بالخطأ على إنسان متكبر! يشعر أنَّ ذلك يُقلّل من قدره ومن كرامته أمام الآخرين. أمَّا المتواضع، فإنَّه لا يحاول أنْ يتهرب من مسئولية أخطائه أو يُغطى عليها، أو يُبرر ذاته بالأعذار،.ولا مانع عنده من أنْ يقول "أخطأت في هذا الأمر". يقول "أخطأت" أمام الله، وأمام الناس، وفي أعماق نفسه، بكل اقتناع. إنَّ نفسه ليست معصومة في نظره. المتواضع ليس "بارًا في عيني نفسه" (أى1:32). فهو بعيد كل البعد عن البر الذاتي. ويعرف عن أخطائه أكثر مما يعرفه الناس عنه. 36 من الوسائل التي تساعد على الاتضاع: حياة التوبة الحقيقية، وما يصحبها من فضائل. فالإنسان التائب هو إنسان شاعر بِثِقَلْ خطاياه، وخطيته أمامه في كل حين (مز50)، يذكرها متذللًا أمام نفسه وأمام الله، شاعرًا أنَّه غير مستحق لشيء. وهو باستمرار يلوم نفسه ويُبكِتها على سقطاتها وضعفاتها ونقائصها. وهو في كل ذلك يطلب صلوات وبركة كل أحد.. لذلك يسلك باتضاع، ولا يتكبر على أحد. لأنَّ تذكار ضعفاته يُخزيه من الداخل، ويمنع عنه الكبرياء من الخارج.. وكلما بَعُدَ الإنسان عن مشاعر التوبة وحرارتها ودموعها، أصبح في خطر أنْ يفقد اتضاعه.. ولذلك سعيد مَنْ يحيا في التوبة على الدوام. لا يعتبر أنَّها مجرد مرحلة من مراحل حياته وقد عَبَرَتْ. بل هو في كل يوم من أيام حياته يُخطئ. وكما قال القديس يوحنا الرسول "إنْ قلنا إنَّه ليس لنا خطية، نُضل أنفسنا وليس الحق فينا" (1يو8:1). |
||||
09 - 01 - 2014, 04:05 PM | رقم المشاركة : ( 23 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب حياة التواضع والوداعة - قداسة البابا شنودة الثالث
وسائل الاتضاع وعلاماته (7) 37 من وسائل الاتضاع أيضًا: الصمت وعدم إدعاء المعرفة. إنَّه يعرف أنَّ "كثرة الكلام لا تخلو من معصية" (أم19:10) فيقول في نفسه "تكفى مَعاصيَ السابقة". ويُردِّد عبارة القديس أرسانيوس "كثيرًا ما تكلَّمت فندمت". لذلك فهو يُفضِّل الصمت. ويرى أنَّ الاستماع أفضل من التكلُّم. ففي الاستماع يستفيد معرفة. وفي التكلُّم يُعرِّض نفسه للخطأ. مُرَدِّدًا عبارة موسى النبي "لست أنا صاحب كلام، منذ أمس ولا أوَّل من أمس" (خر10:4). ويتذكَّر قصة القديس الأنبا أنطونيوس، الذي سأل بعض تلاميذه عن آية معينة. فأخذ كلٍ منهم يذكر لها تفسيرًا، ما عدا الأنبا يوسف الذي قال "لا أعرف". فقال له القديس الأنبا أنطونيوس " طوباك يا أنبا يوسف، لأنَّك عرفت الطريق إلى كلمة: لا أعرف". وبينما يجلس المتضع صامتًا في وقار يحترمه الناس، نرى الإنسان المُتكبر يحشر نفسه في كل موضوع مهما كان في غير تخصصه! ويجيب على كل سؤال، سواء كان يعرف أو لا يعرف. أما المتواضع -فإنْ اضطر إلى الكلام- يجيب في هدوء عما يوقن به. ولا مانع من أنْ يقول أحيانًا: لا أعرف. أو سأحاول أنْ أدرس هذا الموضوع. 38 الإنسان المتواضع يشعر أنَّه في حاجة إلى معونة من القديسين: لذلك فهو في كثير من الأمور لا يعتمد فقط على صلواته الخاصة، إنَّما يطلب من القديسة العذراء، ومن الملائكة الأبرار، ومن أرواح الشهداء والقديسين أنْ يسندوه في جهاده، وأنْ يشفعوا فيه أمام الله هو وكل الذين له. ويقول للرب في صلاة الأجبية: أحطنا يا رب بملائكتك القديسين، لكي نكون في معسكرهم محفوظين ومُرشَدين.. ولا يرتفع قلبه فيقول: لست في حاجة إلى وساطة من أحد هؤلاء! إنَّ لي صلتي المباشرة بالله! فلماذا أطلب من العذراء، أو من مار جرجس أو من الملاك ميخائيل؟! مُتذكِّرًا أنَّ القديس بطرس الرسول -في ليلة العشاء السري- طلب من زميله القديس يوحنا الحبيب، الأصغر منه سنًا، أنْ يسأل الرب عمَنْ سيُسلمه. وكان كذلك (يو13: 2325). بل المتواضع يطلب صلوات كل أحد. وهوذا القديس بولس الرسول يطلب من شعبه في أفسس أنْ يُصلُّوا لأجله بكل صلاة وطلبة في كل وقت، لكي يُعطَى كلامًا عند افتتاح فمه ليعلِّم بالإنجيل (أف19، 18:6). 39 والإنسان المتواضع لا يطلب أنْ يكون من أصحاب الرؤى، أو من صانعي المعجزات والعجائب. إنَّه لا يشتهى هذه الشهوة ولا يطلبها، لأنَّه يعرف مقدار ضعفه وهبوط مستواه الروحي. بل القديسون الكبار كانوا يخشون هذا الأمر لئلا يحاربهم الكبرياء والمجد الباطل. ويذكرون قول الرب لتلاميذه عن مثل هذا الأمر "لا تفرحوا بهذا.." (لو20:10).. والمتواضع يذكر أنَّ كثيرًا من الذين صنعوا آيات وعجائب لم يدخلوا ملكوت السموات. وقال لهم الرب "اذهبوا عنى"، "إنِّي لم أعرفكم قط" (مت23، 22:7). 40 لذلك فالمتواضع يسعى إلى ثمار الروح (غل23، 22:5). وليس إلى مواهب الروح (1كو12).. والذين في كبرياء يُحبون الرؤى والمناظر، ما أسهل أنْ يقعوا في خداع الشياطين. والشيطان سهل عليه أنْ يعمل بكل قوة وبآيات وعجائب كاذبة، وبكل خديعة الإثم في الهالكين (2تس10، 9:2) كما سيعمل في الأيام الأخيرة في مساندة ضد المسيح المقاوم والمرتفع على كل ما يدعى إلهًا (2تس4:2)، والشيطان أيضًا يستطيع أنْ يظهر في شبه ملاك من نور (2كو14:11). وبهذا يُرضِى مُحب الرؤى ويخدعه ويُضيِّعه.. وهنا أذكر قصة ذلك الراهب الذي ظهر له الشيطان في هيئة ملاك وقال له "أنا الملاك جبرائيل، وقد أرسلني الله إليك". فردَّ عليه الراهب في اتضاع "لعلك أُرسلت إلى غيري وأخطأت الطريق. أمَّا أنا فإنسان خاطئ، لا أستحق أنْ يظهر لي ملاك". فلما سمع الشيطان هذه العبارة المتضعة، انقشع كالدخان واختفى. 41 الإنسان المتواضع -إذا عمل في الخدمة- لا يُلح على الله أنْ يمنحه موهبة التكلم بألسنة. ولا يعلن على الناس أنَّ هذه هي علامة الملء! ولا ينظر باستصغار إلى مَنْ لا يتكلم بألسنة على اعتبار أنَّه لم يصل بعد! ولا يُنادى شخصًا آخر، ويقول له: تعالَ لكي أُسلِّمك تدريب الملء، واقفًا أمام الناس كمانح لموهبة الألسنة! |
||||
09 - 01 - 2014, 04:05 PM | رقم المشاركة : ( 24 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب حياة التواضع والوداعة - قداسة البابا شنودة الثالث
وسَائل وعلامات أخرى لحيَاة الاتضاع تجدها في الأبواب المقبلة، وبخاصة في علاقة الاتضاع بالفضائل. وأيضًا في مقاومة الصفات التي يتصف بها المتكبر. ونذكر من هذين البابين:
مع قراءة تفاصيل كل ذلك. |
||||
09 - 01 - 2014, 05:15 PM | رقم المشاركة : ( 25 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب حياة التواضع والوداعة - قداسة البابا شنودة الثالث
الكبرياء والعظمة خطية مركبة تلد خطايا كثيرة (أ) المتكبر هو إنسان ضائع، ضيعته الذات، وفي كبريائه يقع في عديد من الخطايا. وربما لا يشعر بضياعه ولا بخطاياه بسبب كبريائه. ويقول الكتاب: "قبل الكسر الكبرياء. وقبل السقوط تشامخ الروح" (أم 16: 18). فما هو سر هذا الكسر؟ وما هذا السقوط الذي يتعرض له؟ نذكر منها:
|
||||
09 - 01 - 2014, 06:54 PM | رقم المشاركة : ( 26 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب حياة التواضع والوداعة - قداسة البابا شنودة الثالث
مقاومة الله للمتكبرين قد يتعرض المتكبر لمقاومة كثيرين ممن ينفرون من كبريائه، لأن الكبرياء خطية منفرة. ولكن أصعب من هذا كله مقاومة الله له. كما قال يعقوب الرسول: " يقاوم الله المستكبرين. أما المتواضعون فيعطيهم نعمة" (يع 4: 6). حقًا: ما أصعب هذا، وما أخطر هذا! إنه أمر مرعب أن يقاوم الله لونًا من مخلوقاته..!! والسبب هو الكبرياء. أول مخلوق قاوم الله، والله قاومه، هو الشيطان: أراد الشيطان أن يرتفع فوق الكل، وأن يصير مثل الله (أش 14: 14). وفي سقوطه لم يتضع ولم ينسحق، بل استمر في مقاومته، وأسقط معه مجموعة من الملائكة من رتب عديدة، صاروا جندًا له، ينفذون معه خطته في مقاومة الله. ومازال الشيطان في مقاومته لله ولملكوته، وفي مقاومته لأبناء الله.. حتى أنه عندما يُحل من سجنه، سيخرج "ليضل الأمم الذين في أربع زوايا الأرض" (رؤ20: 7).. بل يحاول أن يضل "لو امكن المختارين أيضًا" (مت24: 24). وأخطر عدو في آخر الزمان ن دُعي أيضًا مقاومًا: إنه "ضد المسيح" Anti-Christ الذي قال عنه الرسول إنه سيكون سببًا في الارتداد العام الذي يسبق المجيء الثاني للسيد المسيح. ووصفه بأنه "إنسان الخطية، إبن الهلاك، المقاوم والمرتفع على كل ما يُدعي إلهًا أو معبودًا. حتى إنه يجلس في هيكل الله كإله، مظهرًا نفسه إنه إله"، "الذي مجيئه بعمل الشيطان، بكل قوة وبآيات وعجائب كاذبة، وبكل خديعة الإثم في الهالكين" (2تس 2: 1- 10). من كبريائه يدعي الألوهية كمعلمه الشيطان. ومن كبريائه يكون مرتفعًا ومقاومًا، مثل الشيطان أيضًا. وتغريه الآيات والعجائب والقوة، كمعلمه أيضا. لذلك يقاومه الله "يبيده بنفخة فمه، ويبطله بظهور مجيئه" (2 تس 2: 8). إن السيد المسيح كان يشفق على الخطاة المنسحقين، بينما يقاوم المستكبرين. * لقد دافع عن المرأة الخاطئة الذليلة المضبوطة في ذات الفعل. وقال لها: "وأنا أيضًا لا أدينك. أذهبي بسلام ولا تخطئ أيضًا" (يو 8: 11).،. بينما قاوم الكتبة والفريسيين المتكبرين، الذين نسوا خطاياهم وأرادوا رجم تلك المرأة. وقال لهم الرب " من كان منكم بلا خطية، فليرمها بأول حجر" (يو 8: 7). * وأشفق السيد كذلك على الخاطئة المنسحقة التي بللت قدميه بدموعها، بينما وبخ الفريسي المتكبر الذي احتقرها وأدانها (لو7). وصلت كبرياء ذلك الفريسي إلي حد انه شك في السيد المسيح نفسه له المجد! فقال في قلبه " لو كان هذا نبيًا لعلم من هذه المرأة وما حالها، إنها لخاطئة" (لو 7: 39). فأراه السيد الرب أن تلك المرأة أفضل منه، وأن كليهما مديونان أمام الله. غير أنها تابت، وهذا الفريسي لم يتب. فاستحقت لذلك المغفرة.. وقاوم الرب الكتبة والفريسيين، لأنهم مراؤون ومتكبرون صب الويلات على أولئك الذين كانوا "يحبون المتكآت الأولي في الولائم، والمجالس الأولي في المجامع، والتحيات في الأسواق.. ويغلقون ملكوت السموات قدام الناس. فلا هم يدخلون، ولا يدعون الداخلين يدخلون". ودعاهم "قادة عميان" (مت 23: 6، 7، 13) (مت 23: 16، 19). احذر إذن من أن تتكبر، فيقاومك الله!! حقًا، ما أخطر ما قيل عن ذلك في سفر إشعياء: ورد فيه عن هذا الأمر: "إن لرب الجنود يومًا على كل متعظم وعال، وعلي كل مرتفع فيوضع. وعلي كل أرض لبنان العالي المرتفع، وعلي كل بلوط باشان. وعلي كل الجبال العالية، وعلي كل التلال المرتفعة. وعلي كل برج عال، وعلي كل سور منيع.. فينخفض تشامخ الإنسان، وتوضع رفعة الناس. ويسمو الرب وحده في ذلك اليوم" (أش 2: 12- 17). فإن خفت أن يقف الرب ضدك ويقاومك، تواضع لأنه "يعطي المتواضعين نعمة" (يع4: 6).. ماذا في الكبرياء أيضًا؟ |
||||
10 - 01 - 2014, 04:01 PM | رقم المشاركة : ( 27 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب حياة التواضع والوداعة - قداسة البابا شنودة الثالث
تشامخ الروح هناك كبرياء في ذاتها، يشعر الإنسان فيها إنه كبير (= عظمة). وكبرياء أخري مقارنة. غذ يُقارن نفسه بغيره، فيشعر انه أكبر منه. وقد ينمو عنده هذا الشعور، حتى يظن أنه أكبر من الكل، وأنه أفضل منهم، وأنه يفوقهم جميعًا!! وتنتقل به الكبرياء إلي المعاملة، فينظر إلي الناس من فوق! فيتعاظم عليهم، ويكلمهم بغير احترام، بأسلوب منتفخ غير لائق. ويفقد آداب التخاطب وآداب التعامل. وربما يكونون أكبر منه سنًا أو أعلي منه مقامًا. ولكنه في كبريائه وفي تعاظمه، لا يحترم أحدًا، ولا يراعي شعور احد! ألم يقل الكتاب عن إنسان الخطية إنه " المرتفع على كل ما يدعي غلها"! (2تس 2: 4). فكم بالأولي تعامله مع إنسان! بينما المتواضع يحترم الكل، ولو كانوا اصغر منه أو أقل شأنًا. المتواضع يعامل الكل بالاحترام والأدب واللياقة، حتى مرؤوسيه وتلاميذه، بل وخدمه أيضا.. ولا يحاول إطلاقًا أن يخدش أي إنسان، مهما كان خاطئًا أو مخطئًا في تصرفه.. وهكذا تحدث السيد المسيح له المجد مع المرأة السامرية الخاطئة، دون أن يجرح شعورها. ولم يكلمها عن التوبة والتعفف والطهارة، بل حدثها عن الماء الحي والسجود لله بالروح والحق (يو4). |
||||
10 - 01 - 2014, 04:03 PM | رقم المشاركة : ( 28 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب حياة التواضع والوداعة - قداسة البابا شنودة الثالث
الإدانة ومسك السيرة في عدم احترام المتكبر للغير، يتكلم عنه بأسلوب غير لائق، فيه الإدانة والشتائم، وألفاظ التجريح والألفاظ القاسية، كأنما غره بلا شعور ولا إحساس أمامه! وفي كل ذلك ينسي قول الكتاب: "لا شتامون.. يرثون ملكوت الله" (1كو6: 10). وقد وضع الرسول هؤلاء الشتامين ضمن قائمة من أصحاب الخطايا البشعة، كالظالمين والطماعين والسارقين والفسقة وعبدة الأصنام..! وربما المتكبر وهو يشتم غيره، لا يحسب أنه يرتكب إثمًا بشعًا.. وقد يظن أنه من حقه أن يشتم وأن يدين! وقد يضع شتائمه في قائمة الغيرة المقدسة والرغبة في الإصلاح أو التعليم. كبرياؤه تقوده إلي شيء آخر هو البر الذاتي.. |
||||
10 - 01 - 2014, 04:04 PM | رقم المشاركة : ( 29 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب حياة التواضع والوداعة - قداسة البابا شنودة الثالث
البر الذاتي المتكبر بار في عيني نفسه. وقد يكون أيضًا "حكيمًا في عيني الناس" بينما يقول الكتاب "لا تكن حكيمًا في عيني نفسك" (أم 3: 7). وقد وبخ هذا النوع من الناس فقال "جاوب الجاهل حسب حماقته، لئلا يكون حكيمًا في عيني نفسه" (أم 26: 5). من الصعب أن يعترف هذا النوع من الناس أنه مخطئ. هناك أناس -من الصعب وربما من المستحيل- أن يعترفوا بأنهم قد أخطأوا! حتى لو كان الخطأ واضحًا، سواء في رأي أو في تصرف..! ولكن كبرياء القلب تأبي أن تخدش (العصمة) التي يدعيها المتكبر لنفسه! فلابد أن يدافع عن أخطائه، وأن يقاوم، وأن يهاجم من يكشف له خطأ أو عيبًا. ولابد أن يبرر ذاته بكافة الطرق. فتقوده الكبرياء إلي المكابرة.. |
||||
10 - 01 - 2014, 04:05 PM | رقم المشاركة : ( 30 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب حياة التواضع والوداعة - قداسة البابا شنودة الثالث
المكابرة أو ما يسمونه بالعامية (المقاوحة).. إنه يريد أن ينتصر في مجادلته بأية الطرق! ورغبته في الانتصار تبعده عن الحق، وتركزه حول الذات. والمكابرة سببها في المتكبر: التشبث بالرأي أيًا كان! وقد ينفر الناس من أسلوب المتكبر في مجادلته وتشبثه برأيه، مما لا يؤدي إلي أية نتيجة، إلا إلي ضياع الوقت وإرهاق الأعصاب، فيبعدون عن النقاش معه، حرصًا على سلامهم القلبي، ولكي لا يدخلوا في صراع معه.، .وربما يكلمهم أو يكاتبهم فلا يجيبون.. وهكذا تؤدي به المكابرة والتشبث بالرأي إلي اعتزال الناس له. أو قد يؤدي ذلك إلي انطوائه عن الناس ترفعًا وكبرياءً. وتتعبه العزلة وترهق أعصابه، فيزداد عنفًا إن دخل في نقاش. وإذا طرقت المناقشة والمكابرة موضوعًا لاهوتيًا أو عقيديًا، فقد يسقط المتكبر في البدعة أو الهرطقة. |
||||
|