04 - 05 - 2013, 04:58 PM | رقم المشاركة : ( 21 ) | ||||
| غالى على قلب الفرح المسيحى |
|
رد: قيامة المسيح ( موضوع متكامل ) 2013
أسئلة حول قيامة المسيح ............................ السؤال الأول: تذكر بشارة متى: «وَﭐلْقُبُورُ تَفَتَّحَتْ وَقَامَ كَثِيرٌ مِنْ أَجْسَادِ الْقِدِّيسِينَ الرَّاقِدِينَ. وَخَرَجُوا مِنَ الْقُبُورِ بَعْدَ قِيَامَتِهِ وَدَخَلُوا الْمَدِينَةَ الْمُقَدَّسَةَ وَظَهَرُوا لِكَثِيرِينَ» (مت27: 52، 53). ماذا حدث لهؤلاء الذين قاموا من الأموات عندما أسلم المسيح الروح؟ حدث عند موت المسيح فوق الصليب العديد من العجائب، فالظلمة التي سادت الأرض مدة ثلاث ساعات انسحبت، وعاد النور يشرق من جديد. والأرض تزلزلت، وكانت الزلزلة من الشدة حتى إنها شقّقت الصخور الصمّاء. كما أن القبور تفتّحت وقام كثير من أجساد القديسين الراقدين، وظهروا لكثيرين. أخيرًا وليس آخرًا، انشقّ حجاب الهيكل إلى اثنين من فوق إلى أسفل. وبهذا تكون هناك معجزتان في المجال الطبيعي، هما عودة النور وتشقّق الصخور، ومعجزة في المجال الروحي أو الديني، شق الحجاب؛ ومعجزة في دائرة غير المنظور، هي تفتّح القبور وقيام كثير من أجساد القديسين الراقدين. وهذا هو موضوع السؤال. ودائرة غير المنظور هذه كان للشيطان فيها وضع خاص؛ فبحسب تعليم الكتاب المقدس كان لإبليس سلطان الموت على البشر، بالنظر إلى خطاياهم (عب2: 14). وإن كانت الزلزلة قدرت أن تفتح القبور، فليس سوى الله القدير هو الذي أقام الأموات، الذين يسجِّل الوحي عنهم أنهم كانوا كثيرين. والله بالزلزلة أعطى تحذيرًا للعالم الغافل عن الدينونة المقبلة، وبالقبور المفتوحة أعطى وعدًا للمؤمنين بالبركة الأبدية، عندما يُبتلع الموت إلى غلبة، والموت لا يكون في ما بعد. وموت المسيح، ثم قيامته، قدَّما هذا التحذير للرافضين، وهذا الوعد للمؤمنين. عودة إلى سؤالنا. لقد تفتحت القبور التي كانت تضم رفات القديسين، ودخلت في الجثث حياة جديدة. وبعد قيامة باكورة الراقدين خرج هؤلاء أيضًا من قبورهم، وظهروا لكثيرين في المدينة المقدسة. والأرجح أن هؤلاء الذين قاموا من قبورهم لم يموتوا ثانية، بل إنهم تمتعوا بباكورة القيامة الأولى. والذي يدفعنا إلى هذا الاعتقاد ثلاثة أشياء: أولاً: أن المسيح الذي صُلب في يوم ”الفصح“، قام من الأموات في يوم ”الباكورة“، أي اليوم الذي كان فيه كل فلاح يحضر حزمة من أول حصيده للكاهن، لكي يرددها ترديدًا أمام الرب (انظر لاويين 23: 9-11). والمسيح هو الفلاح الذي زرع بالدموع، ولا بد أن يحصد بالابتهاج. ولكن قبل أن يتمتع هو بالحصاد الوفير لما زرع، أي قبل أن يرى هو من تعب نفسه ويشبع، كان لا بد من ترديد حزمة أول الحصاد أمام الله. ولذلك فلقد قام هؤلاء القديسون من الأموات ليمثلوا حزمة تلك الباكورة المقدسة. فالذي كان يُردَّد أمام الرب في يوم الباكورة هو حزمة، وليس ثمرة واحدة. ويعتقد بعض المفسرين أن هؤلاء الذين قاموا وخرجوا من قبورهم يوم الأحد، قد صعدوا مع المسيح إلى السماء لكي يردِّدهم الكاهن العظيم، ربنا يسوع المسيح، أمام الله. وهذا يعطي بُعدًا جديدًا لقول المسيح للمجدلية: «لا تلمسيني، لأني لم أصعد بعد إلى أبي». فهو في يوم القيامة تفسه صعد لكي يردِّد حزمة الترديد هذه أمام الله، وبالتالي فإن هؤلاء المُقَامين لم يموتوا ثانية بل صعدوا بعد قيامتهم إلى السماء. ثانيًا: أن البشير متى يركز على أن هؤلاء القديسين لم يخرجوا من القبور إلا بعد أن قام المسيح من الأموات. فلو أنهم قاموا بأجساد قابلة للموت ثانية، كما حدث مع كل من قاموا قبل ذلك، مثل لعازر وغيره، فلماذا لم يخرجوا من القبور عندما أسلم المسيح الروح، ولماذا انتظروا حتى قام المسيح من الأموات؟ الواقع أنهم لم يخرجوا من قبورهم إلا بعد قيامة المسيح من الأموات ليكون هو بكر الراقدين وباكورتهم، وليكون هو متقدِّمًا في كل شيء (أع 26: 23؛ 1كو15: 20؛ كو1: 18). وعليه فإن هؤلاء لم يقوموا ليعيشوا من جديد على الأرض. ثالثًا: يقول البشير متى إنهم ”ظهروا لكثيرين“، ولا يقول ”ورآهم كثيرون“. وهذه خاصية تميّز جسد القيامة، كما نفهم مما حدث بالنسبة للرب يسوع. لقد استخدم الوحي هنا كلمة ”ظهروا“، وهي بعينها الكلمة التي استخدمها عن المسيح المُقام من الأموات (مر16: 9، 12). فمن يقُم بجسده الترابي يَرَه الناس، وليس يظهر لهم. لكن يبدو أن لجسد القيامة خاصية القدرة على الظهور لبعضهم والاختفاء لغيرهم. لقد ظهر هؤلاء المقامون لكثيرين، لكنهم لم يمكثوا طويلاً على الأرض. والأرجح أن هؤلاء أيضًا، مثل المسيح، لم يظهروا إلا للمؤمنين فقط. السؤال الثاني: أين كان المسيح في فترة الثلاثة الأيام التي مرت بين موته وقيامته؟ بالنسبة لجسد المسيح، معروف أنه دخل إلى قبر يوسف الرامي، وكان هذا إتمامًا لقوله له المجد: «كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليالي، هكذا يكون ابن الإنسان في قلب الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال» (مت12: 40)؛ وأما بالنسبة لروح المسيح الإنسانية فقد استودعها المسيح عند موته في يدي الآب، كقوله في نطقه الأخير من فوق الصليب: «يا أبتاه في يديك أستودع روحي» (لو23: 46). لقد مات المسيح بكل معنى الكلمة، فالموت هو الترك من الله، وهو - تبارك اسمه - تُرك من الله في ساعات الظلام. والموت أيضًا هو انفصال الروح عن الجسد، وقد حدث هذا الفصل فعلاً عندما أسلم الرب يسوع الروح، فدُفن جسده في قبر يوسف الرامي، كما استودع روحه الإنسانية في يدي الآب. ولكن المسيح كان يعلم أن هذا الأمر لن يستمر، لأنه رئيس الحياة، ولا يمكن أن يُمسك من الموت (أع2: 24). ولهذا فقد قال في المزمور: «لأنك لن تترك نفسي في الهاوية (أي حالة انفصال الروح عن الجسد)، ولن تدع تقيك يرى فسادًا» (مز16: 10). فجسد المسيح ما كان يمكن أن يرى الفساد، نظرًا لخلوِّه من الخطية، وإن كان فوق الصليب قد جُعل - لفترة محدودة - خطية لأجلنا، لنصير نحن بر الله فيه (2كو5: 21). وفي اليوم الثالث قام المسيح من الأموات. السؤال الثالث: أين كان المسيح في الفترة ما بين قيامته من الأموات وصعوده إلى السماء؟ لم يذكر لنا الكتاب المقدس هذا الأمر صراحة، وعليه فمن المفضَّل أن لا نرتئي فوق ما هو مكتوب (1كو4: 6). وإن كان ثمَّة مَن يعتقد أن المسيح في تلك الفترة، نظرًا لكونه السماوي، مكانه الطبيعي هو السماء، وأنه عندما ارتفع بعد أربعين يومًا، كان هذا هو الارتفاع الدائم، لكي يجلس عن يمين الله. عندئذ تم القول: «قال الرب لربي: اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئًا لقدميك» (مز110: 1). وهو الآن جالس، منتظرًا توقيت الآب له لكي يستلم الملك الذي له، بعد أن قُطع المسيح وليس له (عب10: 12، 13؛ دا9: 26). ويرى آخرون أنَّ المسيح عندما يستلم مُلكه، ويملك على كل الكون، ستكون علاقته مع الأرض كما كانت في تلك الفترة ما بين القيامة والصعود. فطوال فترة الأربعين يومًا التي قضاها الربّ قبل صعوده إلى السماء، حسبما نقرأ في الأناجيل وسفر الأعمال (مر 16: 9-14؛ لو 24: 15-43 ؛ أع 1: 3-8)، كان يظهر حينًا ويختفي حينًا آخر. وهكذا ستكون علاقته عندما يملك من الدائرة السماوية على الساكنين على الأرض في فترة الألف السنة. السؤال الرابع:. ما طبيعة جسد القيامة الذي به قام المسيح من الأموات، وهل يختلف هذا الجسد عن الجسد الذي كان له عند التجسد، وعن الجسد الذي كان له في الظهورات الإلهية في العهد القديم؟ طبعًا يختلف جسد القيامة عن الجسد الذي كان للمسيح في الظهورات الإلهية في العهد القديم، فقد كان جسده في تلك الظهورات جسدًا معجزيًا، لا جسدًا حرفيًا حقيقيًا، من لحم ودم. فواضح أنه اشترك في اللحم والدم بالتجسد، أي عندما وُلد من العذراء المطوبة مريم، لكي يمكنه بهذا الجسد أن يموت، وبالتالي لكي يبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت أي إبليس (عب2: 14). ومن الأهمية بمكان أن نؤكِّد أن المسيح قام بجسد، والمسيح عندما ظهر لتلاميذه بعد قيامته من الأموات أكّد لهم أنه جسد وليس روحًا، إذ قال لهم: «جسوني وانظروا، فإن الروح ليس له لحم وعظام كما ترون لي» (لو24: 39). ولاحظ أيضًا أنه لم يُشِر إلى الدم، حيث قد سُفك دمه الكريم لأجل فدائنا على عود الصليب. ثم لاحظ أيضًا أن المسيح قام بالجسد نفسه الذي مات ودُفن، وليس بجسد آخر، وإلا فلا يكون المسيح قد قام، وتبقى عندنا مشكلة بلا حل، هي: أين الجسد الذي دخل القبر ودُفن؟ فهو لم يكن في القبر عندما دحرج الملاك الحجر عن باب القبر. نعم إن الجسد بعينه قام، ولكنْ لم تكن له خصائصه الأولى ذاتها. لقد قام المسيح، وعندما قام فقد قام جسدًا روحانيا، أي جسدًا له خصائص مختلفة عن الجسد الضعيف الذي نعيش به الآن، فجسدنا يُقال عنه إنه جسد حيواني، يحتاج إلى الدم، وإلا فلن يمكنه أن يعيش. ولكن كما قال المسيح عن قيامة أجساد القديسين، «يُزرع جسمًا حيوانيًا، ويُقام جسمًا روحانيًا» (1كو15: 44). إنِّما خصائص ذلك الجسد لا يمكن أن نعرفها بعقولنا الحاضرة، فلقد قال الرسول يوحنا: «لم يُظَهر بعد ماذا سنكون، ولكن نعلم أنه إذا أظهر نكون مثله، لأننا سنراه كما هو» (1يو3: 2). نعم نحن سنكون مثله، وفي الوقت ذاته يقول الرسول إنه «لم يُظهر بعد ماذا سنكون»، مما يدل على أنه لا يمكن بصورة واضحة معرفة طبيعة الجسد الروحاني الذي قام به المسيح من الأموات. ولكن يكفي أن نشير إلى أن هذا الجسد كان يمكنه الدخول إلى الأماكن، فيما الأبواب مغلقة (يو20: 19، 26)، كما كان يمكنه أن يظهر وأن يختفي ما بين لحظة وأخرى (لو24: 31)، وأيضًا أن يظهر بأشكال وهيئات مختلفة (مر16: 12). السؤال الخامس: إذا كان المسيح هو باكورة الراقدين، فما هو وضع أخنوخ وإيليا، اللذين يخبرنا الوحي أنهما اختطفا حيين إلى السماء؟ وعندما صعدا إلى السماء فهل لبسا جسدًا ممجَّدًا، قبل المسيح؟ الأرجح طبعًا أن أخنوخ وإيليا لبس كل منهما جسدًا ممجدًا، قبل صعودهما إلى السماء، لأن «لحمًا ودمًا لا يقدران أن يرثا ملكوت الله» (1كو15: 50). ولكن ليس ثمة مشكلة هنا، فالمسيح هو باكورة الراقدين (1كو15: 20)، وليس باكورة المتغيّرين. المسيح هو أول قيامة الأموات (أع26: 23)، فلم يقُم قبله شخص بجسد القيامة. فكل الذين ذكر الكتاب أنهم قاموا قبله، سواء الذين قاموا في العهد القديم، أو أولئك الذين قاموا في أثناء وجود المسيح بالجسد على الأرض، ماتوا ثانية؛ وأما المسيح فقد قام من الأموات لكي لا يموت أيضًا، ولا يسود عليه الموت بعد (رومية 6: 9 انظر أيضًا رؤيا 1: 18). السؤال السادس: كيف يمكن التوفيق بين قول الرب لمريم المجدلية «لا تلمسيني»، وما ورد في بشارة متى أن المرأتين تقدمتا وأمسكتا بقدميه وسجدتا له؟ واضح من إنجيل يوحنا 20: 17 أن الرب عندما ظهر لمريم المجدلية عند القبر، قال لها: «لا تلمسيني»، ولكنه بعد ذلك سمح للمرأتين أن تمسكا بقدميه، قبل أن تسجدا له (مت28: 9). وفي تفسير ذلك: 1- يرى بعض الشراح أن الرب عندما قال لمريم: «لا تلمسيني»، أوضح لها مباشرة السرّ في ذلك، إذ قال لها: «لأني لم أصعد بعد إلى أبي. ولكن اذهبي إلى إخوتي وقولي لهم إني أصعد إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم». لقد ظهر الرب للمجدلية قبل أن يصعد إلى الآب، حاملاً معه حزمة الباكورة وهم الذين قاموا من الأموات وخرجوا من القبور بعد قيامته (انظر إجابة السؤال الأول). لقد ظهر لها مكافأة لها على إخلاصها ومحبتها، ولكنه كان على عجلة من أمره، إذ كان يجب أن يمثل أمام الله بحزمة أول الحصاد ويردِّدهم ترديدًا أمام الله، ولهذا السبب فإنه لم يسمح لها بأن تُمسك به. ثم بعد أن تمم هذا الرمز، فإنه بعد نزوله من عند الآب، سمح للمرأتين في متى 28 بأن تمسكا قدميه. 2- ويرى بعض الشراح أن السر في الاختلاف بين الحادثتين يرجع إلي أن مريم المجدلية في إنجيل يوحنا تعطينا صورة للكنيسة، ولذلك فإن علاقتها بالمسيح ليست علاقة اللمس، كتلك العلاقة التي كانت لها معه قبل الصليب، بل إن علاقة الكنيسة بالمسيح هي علاقة روحية، بدأت بصعود المسيح إلى السماء، كقول الرسول بولس: «نحن من الآن لا نعرف أحدًا حسب الجسد، وإن كنا قد عرفنا المسيح حسب الجسد فإننا الآن لا نعرفه بعد. إذًا إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة» (2كو5: 16، 17). ولهذا فقد قال المسيح للمجدلية: «اذهبي إلى إخوتي وقولي لهم إني أصعد إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم» (يو20: 17). هذه هي نوعية علاقته بالكنيسة. أمَّا المرأتان في إنجيل متى فتعطياننا صورة للبقية التقية في المستقبل، تلك البقية التي ستُبنى علاقتها بالمسيح على الرؤية واللمس، وهي مصوَّرة في سفرالنشيد بالعروس التي ستقول عن عريسها: «فأمسكته ولم أُرخِه» (نش3: 4). لذلك فبينما وجَّه المجدلية والتلاميذ إلى الآب إذ قال لها: «اذهبي إلى إخوتي وقولي لهم إني أصعد إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم»، وجَّه المرأتين والتلاميذ إلى الجليل، لكي يروه هناك. والجليل في النبوة يحدِّثنا عن البقية التقية في المستقبل، تلك التي ستكون مُحتقرة في نظر باقي الأمة، ولكن لها سيظهر المسيح بالبركة (إش9: 1-7). م / يوسف رياض |
||||
04 - 05 - 2013, 05:14 PM | رقم المشاركة : ( 22 ) | ||||
| غالى على قلب الفرح المسيحى |
|
رد: قيامة المسيح ( موضوع متكامل ) 2013
يسوع المسيح هو هو ........................................ بإكمال عمل الصليب حقَّق الرب يسوع مجدًا اكتسابيًا، وعندما دُفن في ضريح كالبشر أُقيم من بين الأموات بمجد الآب (رو6: 4). لكن ما يدعو للعجب في ذلك الشخص الفريد أن الأمجاد لم تُغيِّر من طبيعته؛ فالمحبة التي كانت تجري من قلبه نحو الآخرين أيام اتضاعه، هي بذاتها التي ظهرت فيه بعد قيامته، فمكتوب عنه «هو هو أمسًا واليوم وإلى الأبد» (عب13: 8). إن الرب كشخص مؤثِّر كان يستحق أن تكون خدمته وسط الجماهير الغفيرة، ربما حدث هذا مرات معدودة أيام جسده، لكن الذي يدعو للعجب هو اهتمامه باللقاءات الفردية؛ وإنجيل يوحنا يُكلِّمنا في الأصحاحات من 1-9 عن بعضها، كيف كان يقضي الساعات مع النفوس. وبعد القيامة نجد الأمر ذاته، حيث العديد من ظهوراته كانت لأفراد، منها ظهورات لفرد واحد مثل ظهوره للمجدلية ولصفا وليعقوب ولبولس، ومنها لفردين مثل ظهوره لتلميذي عمواس، وهناك ظهور وحيد كان لجمهور مكون من نحو خمسمائة أخ. ثم إنه في أيام اتضاعة سار على الأقدام ساعات حتى تعب من السفر ليتقابل مع السامرية، ونرى الأمر عينه يعمله بعد قيامته، حيث سار على الأقدام فترة طويلة مع تلميذي عمواس. بالنسبة لنا نحن فإننا نقبل التعب أيام الفقر، ولكن عندما نغتني ربما نتأفف مما كنا نقوم به بسرور في وقت مضى. ثم تأمل في مشاعره تجاه الآخرين: لقد كان الرب في خدمته يُضمد المشاعر الجريحة، وكان يهمّه مشاعر المتألمين مثلما تهمّه احتياجاتهم، وكثيرًا ما كان علاجه لمشاعرهم ونفوسهم يسبق علاجه لأجسادهم. الأمر نفسه حدث يوم القيامة، فلقد قال للمجدلية: «يا امرأة لماذا تبكين؟»، وبالنسبة للتلاميذ في ظهوره لهم، لما رآهم مضطربين طمأنهم وقال لهم جسوني لأن الروح ليس له لحم وعظام كما ترون لي. ولكي يزيل كل خوف واضطراب أكل قدامهم! وما أجمله وهو يدعو خاصته بأسمائهم! إن الرب كالراعي الصالح كان دائمًا ينادي التلاميذ بأسمائهم، إذ هو يعرف جيدًا قيمة مناداة الشخص باسمه، وبعد قيامته فعل الشيء ذاته، مع مريم المجدلية ومع شاول الطرسوسي. له كل المجد .......... أنور داود |
||||
04 - 05 - 2013, 05:16 PM | رقم المشاركة : ( 23 ) | ||||
| غالى على قلب الفرح المسيحى |
|
رد: قيامة المسيح ( موضوع متكامل ) 2013
القيامة الأولى: نـُصرة ورجاء «مبارك ومقدس من له نصيب في القيامة الأولى. هؤلاء ليس للموت الثاني سلطان عليهم، بل سيكونون كهنة لله والمسيح، وسيملكون معه ألف سنة» (رؤ 20: 6) موضوع عظيم جدًا، وله غلاوة خاصة على قلوبنا كمؤمنين. سنحاول بمعونة الرب أن نلمس أبرز جوانبه من زاويتين رئيسيتين هما: التعليم، والتعزية المرتبطين به. وفي كلتا الحالتين سنبني أفكارنا على الكلمة النبوية. فمن الجانب التعليمي سنتعرَّض لمفهوم ”القيامة“ الشائع قديمًا، والمستمر في أذهان الكثيرين حتى اليوم؛ من جهة عمومية القيامة وحدوثها دفعة واحدة في ما يُسَمّى ”القيامة العامة“ أو ”يوم القيامة“. ثم نتناول تصحيح العهد الجديد لهذا المفهوم، مع بيان الترتيب السليم للأحداث وصولاً إلى مفهوم ”القيامة الأولى“ من جهة تفوقها وكمالها. أما من الجانب المُعزّي، فسنتأمل في إيجاز في هذه الحقيقة المباركة حال كونها انتصارًا عظيمًا على أعتى عدو، ورجاءً كريمًا في أروع مستقبل، ولقاءً حميمًا في أبهى اجتماع. وإن الذين ينكرون حقيقة ”القيامة“ بعد الموت، يجهلون - عن عمد أو عن عدم تبصُّر- على الأقل ثلاثة أمور: الأمر الأول: يجهلون طبيعة الإنسان وتميّزه عن سائر المخلوقات في كونه كائنًا ثلاثيًا؛ له روح ونفس وجسد (1تس5: 23)؛ بخلاف الحيوان الذي له نفس وجسد ولكن ليس له روح، وبموته يتلاشى وجوده ويفنى نهائيًا. ليس كذلك الإنسان الذي نفخ فيه الرب الإله نسمة حياة، «ولكن في الناس روحًا ونسمة القدير تعقِّلهم» (أي 32: 8). فإذ قد عمل الله الإنسان على صورته كشبهه (تك 1: 26)، فإن الروح الإنسانية خالدة لا تموت. الأمر الثاني: يجهلون قدرة الله، الذي ليس فقط هو «القادر على كل شيء» (رؤ 1: 8)؛ بل هو أيضًا الذي يدعو الأشياء غير الموجودة كأنها موجودة (رو 4: 17). وبكل يقين لا يعسر عليه قيامة جسد مات وتحلّل في أي مكان وأي زمان ليعيد اتحاده بالروح والنفس. الأمر الثالث: هو جهلهم بقوانين الطبيعة وقواعد الأمور المنظورة، وهذا ما قصده الرسول بولس في قوله لمثل هؤلاء: «يا غبي: الذي تزرعه لا يحيا إن لم يمت» (1كو 15: 36). وهو ذات الفكر الذي تحدّث عنه الرب يسوع نفسه قبل ذلك مشيرًا إلى موته، قائلاً عن حبة الحنطة إنها «إن لم تقع في الأرض وتمُت فهي تبقى وحدها، ولكن إن ماتت تأتي بثمر كثير» (يو12: 24). إننا في كل عصر سنواجه أمثال هؤلاء ”الصدوقيين“ والذين يُطلَق عليهم زورًا ”العقلانيون“، في حين أن كلمة الله لا تصفهم بكثرة العقل، بل بالحري - وبكل أسف - بكثرة الجهل والغباء كما رأينا. 1. مفهــــوم قــــــــديم لقد أُعلنت حقيقة قيامة الأموات على صفحات الوحي الإلهي بشكل متدرِّج؛ مثلها في ذلك مثل العديد من الحقائق الكتابية الأخرى. لذلك، فلا غرابة إن كنا نجد في العهد القديم، أنه حتى الأتقياء، كانوا يجهلون تفصيلات ما بعد الموت. إلا أنهم لم يجهلوا أنه بعد موتهم سيرون الله (أي 19: 26). وإذا وصلنا إلى زمان تجسّد المسيح فإننا نجد مرثا تتحدث عن قيامة لعازر أخيها بلغة عامة وغامضة إذ تقول للرب: «أنا أعلم أنه سيقوم في القيامة في اليوم الأخير» (يو 11: 24). من الواضح هنا أن النور كان جزئيًا، والمفهوم لم يكن كامل الوضوح. 2. تصحيح المفاهـــيم كثيرون نظير مرثا يعتقدون بفكرة ”القيامة العامة“، أي أن كل الأموات سيقومون معًا. ولقد قام الرب يسوع بنفسه أولاً، ثم الرسول بولس من بعده بالوحي، بتوضيح الفكر الصحيح، وهذا ما سنراه في بعض الفصول الكتابية نمرّ عليها بالترتيب في إيجاز. أما أولاً فإن حديث المسيح إلى اليهود في يوحنا 5 يفصِل بشكل واضح بين قيامة الحياة للأبرار، وقيامة الدينونة للأشرار (ع 28، 29). مما يلغي فكرة القيامة العامة دون تمييز بين الأموات في أشخاصهم، أو فيما سيتبع قيامتهم. ثم توالت الإعلانات الإلهية في الرسائل لتزيد الأمر وضوحًا. ففي أصحاح القيامة الشهير، كورنثوس الأولى 15، نجده يحدّثنا فقط عن قيامة المؤمنين بالمسيح دون سائر الأموات؛ فيقول مثلاً عن أجسادهم «يُزرع في فساد، ويُقام في عدم فساد. يُزرع في هوان ويُقام في مجد» ثم يربط في وضوح بين نوعية قيامة المسيح من بين الأموات، وقيامة الراقدين بيسوع، الذين هم للمسيح في مجيئه (راجع من فضلك 1كو 15: 20،42، 43، 49،54 ...). وفي أصحاح التعزية المعروف، تسالونيكى الأولى 4، نجد الوحي يؤكِّد مجدَّدًا نفس الفكر: أن هناك قيامة خاصة بالقديسين وحدهم عند مجيء الرب لاختطاف المؤمنين «الأموات في المسيح سيقومون أولاً. ونحن الأحياء (المؤمنين) نتغيَّر... وهكذا نكون في كل حين مع الرب». وفي فيلبي 3 يتوق الرسول لأن يبلغ إلى قيامة الأموات (أو ”القيامة من بين الأموات“ بحسب الأصل) (ع 11) ولو كانت القيامة عامة، فلا معنى لكلام الرسول هنا، ولكن المؤكد أن قيامة القديسين متميّزة. أما عبرانيين 9 فهي تؤكد لنا الجانب المقابل، وهو أن هناك قيامة خاصة بالأشرار تعقبها الدينونة إذ نقرأ في عدد 27 «وُضِع للناس أن يموتوا مرة ثم بعد ذلك الدينونة». وأخيرًا نصل إلى رؤيا 20 حيث الآية محور حديثنا في عدد 6 فإننا نجد حسمًا جديدًا ونهائيًا للأمر، فهناك قيامة خاصة بالأبرار هي ”القيامة الأولى“ يقول عنها إنه مبارك ومقدَّس من له نصيب فيها، إذ لن يؤذيه الموت الثاني. في حين أن الأشرار غير المؤمنين سيقومون في مرحلة تالية ليُدانوا أمام العرش العظيم الأبيض، ثم يُطرحوا بجسد القيامة أحياء في البحيرة المتقدة بالنار والكبريت إلى أبد الآبدين. وهذا هو الموت الثاني. إذًا فلا توجد قيامة عامة، بل إن قيامة القديسين مختلفة تمامًا: شكلاً، ومضمونًا، ونتيجةً، بل وتوقيتًا أيضًا (كما سنرى الآن) عن قيامة الأشرار. 3. الترتيب الســـــلـيم إننا إذا ربطنا بين الفصول السابقة، وبين الأحداث المستقبلة بحسب النبوات الواردة في الأناجيل، والإشارات النبوية في الرسائل، والإعلان النبوي الكامل في سفر الرؤيا، فإننا يمكننا الوصول إلى ترتيب أهم الأحداث المرتبطة بالقيامة في السباعية التالية: 1. قيامة المؤمنين: عند مجيء الرب، وهذه تشمل القديسين الراقدين من العهد القديم بدءًا من هابيل، وكل مؤمني الكنيسة حتى آخر مؤمن يرقد قبيل الاختطاف. وعندئذٍ سيعقب ذلك تغيير أجساد المؤمنين الأحياء عند هذه اللحظة (1تس 4 مع 1كو 15). 2. أحداث أسبوع الضيقة على الأرض بعد الاختطاف مباشرة، إذ ستأتي ضربات سفر الرؤيا من ص 6 إلى ص 18 (بداية من رؤيا 4 الكنيسة تُرى في السماء بعد اختطافها). 3. في خلال فترة الضيقة سترجع إلى الرب بقية من اليهود ستُنادي ببشارة الملكوت في كل العالم ومضمونها أن المسيّا سيرجع ليملك، وسيقبل بعض من الأمم هذه البشارة (الخراف بحسب متى 25: 32-34). 4. في خلال نفس الفترة سيموت عدد من القديسين، وعنهم يسجِّل الوحي هذه الكلمات الرائعة: «طوبى للأموات الذين يموتون في الرب منذ الآن. نعم يقول الروح، يستريحون من أتعابهم وأعمالهم تتبعهم» (رؤ 14: 13). 5. وخلال نفس الضيقة نقرأ عن شاهدين للرب سيموتان، ثم يُقامان من بين الأموات، ويصعدان حيين إلى السماء (رؤ11: 3–12). 6. عند ظهور المسيح بالمجد والقوة، وقبيل تأسيسه لملكوته الألفي السعيد (رؤ20)، سيقوم القديسون الذين ماتوا خلال فترة الضيقة، ليملكوا مع المسيح. 7. بعد الألف سنة ستتمّ قيامة الأموات، والتي ستشمل جميع الأشرار بدءًا من قايين، ووصولاً إلى آخر شخص مات بدون أن يتمتع بفداء المسيح، وجميعهم سيقفون أمام الله للدينونة أمام العرش العظيم الأبيض (رؤ 20: 12–13). مما سبق يتضح لنا أن القيامة الأولى، التي هي قيامة الأبرار، لن تتم على مرحلة واحدة، بل على مرحلتين رئيسيتين: * الأولى: عند مجيء الرب يسوع ثانية لاختطاف قديسيه عن قريب. وهذه تشمل كل القديسين في العهد القديم بالإضافة إلى الراقدين في فترة الكنيسة. * الثانية: عند ظهور المسيح بالمجد والقوة، بعد الضيقة العظيمة. وهذه ستشمل الذين ماتوا في الرب (رؤ 14: 13) خلال فترة الضيقة. إذًا فهناك: مرحلتان لمجيء المسيح: الاختطاف، والظهور يفصل بينهما فترة سبع سنوات ، يبدأ بعدها مباشرة مُلك المسيح (رؤ 11: 3؛ 12: 6 مع دانيال 12: 12). ومرحلتان للقيامة: قيامة الأبرار ”القيامة الأولى“ جزء منها عند الاختطاف، والجزء الآخر قبيل الملك الألفي. في حين أن قيامة الأشرار ستتم بعد المُلك الألفي وقبيل الحالة الأبدية. ومرحلتان للدينونة: الأولى دينونة الأحياء عند بداية المُلك، والثانية دينونة الأموات عند نهاية الألف سنة (مت25: 31-46 مع رؤ20: 11-15). 4. تفـوّق وتتـــــــمــيم لكن لماذا سُميّت قيامة القديسين بـ ”القيامة الأولى“؟ صحيح أنها تبدو أولى من حيث ترتيبها الزمني كما رأينا الآن، لكن الواقع أن كلمة ”أولى“ هنا لا تعني أولوية الترتيب الزمني، بل أولوية التفوق الأدبي. إنها نظير ”الحٌلة الأولى“ (لو 15: 22) و”المحبة الأولى“ (رؤ 2: 4). أما عن أسباب أفضلية هذه القيامة فهي كثيرة. يكفي أن نذكر الثلاثية الآتية: هي الأفضل من حيث مضمونها: إذ هي قيامة أفضل من وُوريَت أجسادهم الثرى: القديسين والأفاضل. وهي الأفضل من حيث توقيتها: إذ ستتم أولاً قبل قيامة الدينونة. وهي الأفضل من حيث نتيجتها: التي هي الوجود في حضرة الرب الودود في هناء وخلود. لكن يبرز أمامنا هنا سؤال: أ لم نقرأ في التاريخ المقدّس عن حالات قيامة لبعض من ماتوا، سواء في العهد القديم أو العهد الجديد؟ الإجابة هي: نعم بالتأكيد، ولكن: أين هم الآن؟ لقد ماتوا جميعًا ثانية! أما القيامة الأولى فهي شيء مختلف تمامًا، إذ إن من له نصيب فيها لن يسود عليه الموت بأية صورة فيما بعد. فالقيامة الأولى ستتم بجسد ممجَّد خلافًا للأجساد الطبيعية التي قام بها من قاموا من الموت قبلاً فماتوا مرة أخرى. لقد قام لعازر من بين الأموات بعد أن أنتن جسده في قبره (يو11: 39) لكن هل كانت هذه هي ”القيامة الأولى“ بالنسبة له؟ كلا بالطبع، فلقد قام بجسد قابل للمرض والموت والفساد وهذا ما حدث معه ثانية. أما عندما سيقوم في القيامة الأولى عند الاختطاف فإنه سيقوم بجسد على صورة جسد المسيح المقام والممجد، جسد لا يخضع لألم أو لموت أو لفساد إلى الأبد! * * * وبعد هذه الجولة السريعة في أبرز الأفكار التعليمية لموضوع ”القيامة الأولى“، دعنا فيما يلي نستكمل حديثنا بالمرور سريعًا على بعض الأفكار المعزّية المرتبطة بهذه الحقيقة الكتابية الرائعة. 5. انتصـــار عـــــظيم والواقع، فإن أول ما يشجِّعنا إزاء حقيقة ”القيامة الأولى“ هو أنها انتصار عظيم، نهائي وشامل على أقسى عدو شهدته البشرية، أسماه الأقدمون «ملك الأهوال» (أي18: 14)، وسجل الوحي عنه أنه «آخر عدو يُبطل» (1كو15: 26). لَكَم خرّب الموت من بيوت، وأثكل من نساء، ويتم الأطفال، وكسر قلوب أعتى الرجال! لقد هزم الجميع، ولم يرحم توسلات أحد. لكن قريبًا سيُسمع صياح النصرة من ملايين لا تُحصى من المفديين هاتفين «اُبتلع الموت إلى غلبة (نُصرة)» (1كو 15: 54). حقًا ما أحلى الانتصار! وما أغلاه عندما يأتي بعد طول انكسار! وما أروعه عندما يأتي انتصارًا كاملاً ونهائيًا على عدو لا يرحم ولا يشفق! مجدًا للرب الذي دخل الموقعة الأقسى، مع العدو الأشرس، في الموضع الأصعب في الصليب. لقد دخل الحبيب إلى المعركة بمفرده وخرج ظافرًا منتصرًا ليشرك في نصرته ما لا يُحصى من القديسين، ويصبح الموت بالنسبة لتابعي المسيح «ربحًا»، ومجرّد قنطرة آمنة تنقل القديسين من دنيا الآلام والعناء إلى أبدية الأفراح والهناء، إلى محضر الرب نفسه مباشرة، في انتظار قيامة الجسد؛ ولكن في صورة أمجد وأروع في «القيامة الأولى». لَكَم كانت فرحة مريم ومرثا غامرة، عندما قام لعازر من بين الأموات، أفراحًا تفوق أحزانهما عندما مات! فهو عندما مات شعرتا بمرارة الهزيمة والانكسار، وعندما قام امتلكهما الفرح المرتبط بالنصرة على الموت، هذا مع علمهما أنه في يومٍ تالٍ سيموت ثانية!! فما بالك وأفراحنا عندما يقوم أحباؤنا قريبًا لكي لا يسود عليهم الموت في ما بعد نهائيًا!! 6. رجــــــاء كريــــــم إن ما يشجِّع المؤمن في لحظات رحيله وهو يعبر «وادي ظل الموت» (مز 23: 4) هو أنه سيكون مع المسيح «ذاك أفضل جدًا» (في 1: 23)، وأن الجسد لن يبقى في تراب القبر إلى الأبد. وهو تشجيع رائع وتعزية قوية كذلك لأحباء الراحلين: إذ ندرك أنهم لم ينتهوا، ولم يخسروا. فنحن نودِّع أحباءنا الراحلين على رجاء هو ”القيامة الأولى“؛ القيامة الأفضل عند مجيء الرب يسوع عن قريب. هذا الرجاء فيه العزاء ما دمنا في وادي الدموع. رجاء مزدوج: للراحل أنه سيربح أعظم مما سيخسره؛ ولمن حوله بأن القيامة ليس فقط ستعيد الأمور إلى ما كانت عليه، بل وأروع جدًا. 7. لقــــاء حـــمـــيــــم وفي القيامة الأولى سيحدث أروع لقاء في أكبر تجمع للقديسين يشهده الكون منذ البدء: الأفاضل يلتقون من كل عصر وجيل، من كل حدب وصوب! سنرى أحباءنا الذين سبقونا، إذ لم يفرّقهم الموت عنا إلى الأبد! كما سنرى القديسين والأفاضل الذين طالما قرأنا سيرتهم وسمعنا عنهم في الوحي المقدس، أو على مر التاريخ الطويل. سنراهم في أفضل حال.. وسنكون معهم في أسعد حال.. وأروع الكل أن المسيح هو مركز الدائرة في كل الأحوال! سيكون لقاء بعد طول فراق. سنلتقي مع هابيل ودانيال، وسنجتمع مع موسى وإيليا، ومع بطرس ويعقوب ويوحنا! حقًا جيد أن نكون هناك. إننا ونحن بعدُ في أرض الغربة وفي جسد الضعف لا تحتمل قلوبنا في مراتٍ كثيرة الفرح الناتج عن رؤية أحباء لنا فرّقت بيننا وبينهم المسافات المكانية والزمانية. وكم نسعد في فرصنا العامة بلقاء القديسين، رغمًا عن أنها كلها لقاءات يعقبها فراق. فماذا عن لقاء لن يتأخر عنه واحد، ولن يوجد فيه ضعف واحد، الكل في مكان واحد، مشغولون بشخص واحد، ساجدين بقلب واحد، يجمعنا فكر واحد، بدون فراق لأي واحد؟!! |
||||
04 - 05 - 2013, 05:16 PM | رقم المشاركة : ( 24 ) | ||||
| غالى على قلب الفرح المسيحى |
|
رد: قيامة المسيح ( موضوع متكامل ) 2013
القيامة الأولى: نـُصرة ورجاء «مبارك ومقدس من له نصيب في القيامة الأولى. هؤلاء ليس للموت الثاني سلطان عليهم، بل سيكونون كهنة لله والمسيح، وسيملكون معه ألف سنة» (رؤ 20: 6) موضوع عظيم جدًا، وله غلاوة خاصة على قلوبنا كمؤمنين. سنحاول بمعونة الرب أن نلمس أبرز جوانبه من زاويتين رئيسيتين هما: التعليم، والتعزية المرتبطين به. وفي كلتا الحالتين سنبني أفكارنا على الكلمة النبوية. فمن الجانب التعليمي سنتعرَّض لمفهوم ”القيامة“ الشائع قديمًا، والمستمر في أذهان الكثيرين حتى اليوم؛ من جهة عمومية القيامة وحدوثها دفعة واحدة في ما يُسَمّى ”القيامة العامة“ أو ”يوم القيامة“. ثم نتناول تصحيح العهد الجديد لهذا المفهوم، مع بيان الترتيب السليم للأحداث وصولاً إلى مفهوم ”القيامة الأولى“ من جهة تفوقها وكمالها. أما من الجانب المُعزّي، فسنتأمل في إيجاز في هذه الحقيقة المباركة حال كونها انتصارًا عظيمًا على أعتى عدو، ورجاءً كريمًا في أروع مستقبل، ولقاءً حميمًا في أبهى اجتماع. وإن الذين ينكرون حقيقة ”القيامة“ بعد الموت، يجهلون - عن عمد أو عن عدم تبصُّر- على الأقل ثلاثة أمور: الأمر الأول: يجهلون طبيعة الإنسان وتميّزه عن سائر المخلوقات في كونه كائنًا ثلاثيًا؛ له روح ونفس وجسد (1تس5: 23)؛ بخلاف الحيوان الذي له نفس وجسد ولكن ليس له روح، وبموته يتلاشى وجوده ويفنى نهائيًا. ليس كذلك الإنسان الذي نفخ فيه الرب الإله نسمة حياة، «ولكن في الناس روحًا ونسمة القدير تعقِّلهم» (أي 32: 8). فإذ قد عمل الله الإنسان على صورته كشبهه (تك 1: 26)، فإن الروح الإنسانية خالدة لا تموت. الأمر الثاني: يجهلون قدرة الله، الذي ليس فقط هو «القادر على كل شيء» (رؤ 1: 8)؛ بل هو أيضًا الذي يدعو الأشياء غير الموجودة كأنها موجودة (رو 4: 17). وبكل يقين لا يعسر عليه قيامة جسد مات وتحلّل في أي مكان وأي زمان ليعيد اتحاده بالروح والنفس. الأمر الثالث: هو جهلهم بقوانين الطبيعة وقواعد الأمور المنظورة، وهذا ما قصده الرسول بولس في قوله لمثل هؤلاء: «يا غبي: الذي تزرعه لا يحيا إن لم يمت» (1كو 15: 36). وهو ذات الفكر الذي تحدّث عنه الرب يسوع نفسه قبل ذلك مشيرًا إلى موته، قائلاً عن حبة الحنطة إنها «إن لم تقع في الأرض وتمُت فهي تبقى وحدها، ولكن إن ماتت تأتي بثمر كثير» (يو12: 24). إننا في كل عصر سنواجه أمثال هؤلاء ”الصدوقيين“ والذين يُطلَق عليهم زورًا ”العقلانيون“، في حين أن كلمة الله لا تصفهم بكثرة العقل، بل بالحري - وبكل أسف - بكثرة الجهل والغباء كما رأينا. 1. مفهــــوم قــــــــديم لقد أُعلنت حقيقة قيامة الأموات على صفحات الوحي الإلهي بشكل متدرِّج؛ مثلها في ذلك مثل العديد من الحقائق الكتابية الأخرى. لذلك، فلا غرابة إن كنا نجد في العهد القديم، أنه حتى الأتقياء، كانوا يجهلون تفصيلات ما بعد الموت. إلا أنهم لم يجهلوا أنه بعد موتهم سيرون الله (أي 19: 26). وإذا وصلنا إلى زمان تجسّد المسيح فإننا نجد مرثا تتحدث عن قيامة لعازر أخيها بلغة عامة وغامضة إذ تقول للرب: «أنا أعلم أنه سيقوم في القيامة في اليوم الأخير» (يو 11: 24). من الواضح هنا أن النور كان جزئيًا، والمفهوم لم يكن كامل الوضوح. 2. تصحيح المفاهـــيم كثيرون نظير مرثا يعتقدون بفكرة ”القيامة العامة“، أي أن كل الأموات سيقومون معًا. ولقد قام الرب يسوع بنفسه أولاً، ثم الرسول بولس من بعده بالوحي، بتوضيح الفكر الصحيح، وهذا ما سنراه في بعض الفصول الكتابية نمرّ عليها بالترتيب في إيجاز. أما أولاً فإن حديث المسيح إلى اليهود في يوحنا 5 يفصِل بشكل واضح بين قيامة الحياة للأبرار، وقيامة الدينونة للأشرار (ع 28، 29). مما يلغي فكرة القيامة العامة دون تمييز بين الأموات في أشخاصهم، أو فيما سيتبع قيامتهم. ثم توالت الإعلانات الإلهية في الرسائل لتزيد الأمر وضوحًا. ففي أصحاح القيامة الشهير، كورنثوس الأولى 15، نجده يحدّثنا فقط عن قيامة المؤمنين بالمسيح دون سائر الأموات؛ فيقول مثلاً عن أجسادهم «يُزرع في فساد، ويُقام في عدم فساد. يُزرع في هوان ويُقام في مجد» ثم يربط في وضوح بين نوعية قيامة المسيح من بين الأموات، وقيامة الراقدين بيسوع، الذين هم للمسيح في مجيئه (راجع من فضلك 1كو 15: 20،42، 43، 49،54 ...). وفي أصحاح التعزية المعروف، تسالونيكى الأولى 4، نجد الوحي يؤكِّد مجدَّدًا نفس الفكر: أن هناك قيامة خاصة بالقديسين وحدهم عند مجيء الرب لاختطاف المؤمنين «الأموات في المسيح سيقومون أولاً. ونحن الأحياء (المؤمنين) نتغيَّر... وهكذا نكون في كل حين مع الرب». وفي فيلبي 3 يتوق الرسول لأن يبلغ إلى قيامة الأموات (أو ”القيامة من بين الأموات“ بحسب الأصل) (ع 11) ولو كانت القيامة عامة، فلا معنى لكلام الرسول هنا، ولكن المؤكد أن قيامة القديسين متميّزة. أما عبرانيين 9 فهي تؤكد لنا الجانب المقابل، وهو أن هناك قيامة خاصة بالأشرار تعقبها الدينونة إذ نقرأ في عدد 27 «وُضِع للناس أن يموتوا مرة ثم بعد ذلك الدينونة». وأخيرًا نصل إلى رؤيا 20 حيث الآية محور حديثنا في عدد 6 فإننا نجد حسمًا جديدًا ونهائيًا للأمر، فهناك قيامة خاصة بالأبرار هي ”القيامة الأولى“ يقول عنها إنه مبارك ومقدَّس من له نصيب فيها، إذ لن يؤذيه الموت الثاني. في حين أن الأشرار غير المؤمنين سيقومون في مرحلة تالية ليُدانوا أمام العرش العظيم الأبيض، ثم يُطرحوا بجسد القيامة أحياء في البحيرة المتقدة بالنار والكبريت إلى أبد الآبدين. وهذا هو الموت الثاني. إذًا فلا توجد قيامة عامة، بل إن قيامة القديسين مختلفة تمامًا: شكلاً، ومضمونًا، ونتيجةً، بل وتوقيتًا أيضًا (كما سنرى الآن) عن قيامة الأشرار. 3. الترتيب الســـــلـيم إننا إذا ربطنا بين الفصول السابقة، وبين الأحداث المستقبلة بحسب النبوات الواردة في الأناجيل، والإشارات النبوية في الرسائل، والإعلان النبوي الكامل في سفر الرؤيا، فإننا يمكننا الوصول إلى ترتيب أهم الأحداث المرتبطة بالقيامة في السباعية التالية: 1. قيامة المؤمنين: عند مجيء الرب، وهذه تشمل القديسين الراقدين من العهد القديم بدءًا من هابيل، وكل مؤمني الكنيسة حتى آخر مؤمن يرقد قبيل الاختطاف. وعندئذٍ سيعقب ذلك تغيير أجساد المؤمنين الأحياء عند هذه اللحظة (1تس 4 مع 1كو 15). 2. أحداث أسبوع الضيقة على الأرض بعد الاختطاف مباشرة، إذ ستأتي ضربات سفر الرؤيا من ص 6 إلى ص 18 (بداية من رؤيا 4 الكنيسة تُرى في السماء بعد اختطافها). 3. في خلال فترة الضيقة سترجع إلى الرب بقية من اليهود ستُنادي ببشارة الملكوت في كل العالم ومضمونها أن المسيّا سيرجع ليملك، وسيقبل بعض من الأمم هذه البشارة (الخراف بحسب متى 25: 32-34). 4. في خلال نفس الفترة سيموت عدد من القديسين، وعنهم يسجِّل الوحي هذه الكلمات الرائعة: «طوبى للأموات الذين يموتون في الرب منذ الآن. نعم يقول الروح، يستريحون من أتعابهم وأعمالهم تتبعهم» (رؤ 14: 13). 5. وخلال نفس الضيقة نقرأ عن شاهدين للرب سيموتان، ثم يُقامان من بين الأموات، ويصعدان حيين إلى السماء (رؤ11: 3–12). 6. عند ظهور المسيح بالمجد والقوة، وقبيل تأسيسه لملكوته الألفي السعيد (رؤ20)، سيقوم القديسون الذين ماتوا خلال فترة الضيقة، ليملكوا مع المسيح. 7. بعد الألف سنة ستتمّ قيامة الأموات، والتي ستشمل جميع الأشرار بدءًا من قايين، ووصولاً إلى آخر شخص مات بدون أن يتمتع بفداء المسيح، وجميعهم سيقفون أمام الله للدينونة أمام العرش العظيم الأبيض (رؤ 20: 12–13). مما سبق يتضح لنا أن القيامة الأولى، التي هي قيامة الأبرار، لن تتم على مرحلة واحدة، بل على مرحلتين رئيسيتين: * الأولى: عند مجيء الرب يسوع ثانية لاختطاف قديسيه عن قريب. وهذه تشمل كل القديسين في العهد القديم بالإضافة إلى الراقدين في فترة الكنيسة. * الثانية: عند ظهور المسيح بالمجد والقوة، بعد الضيقة العظيمة. وهذه ستشمل الذين ماتوا في الرب (رؤ 14: 13) خلال فترة الضيقة. إذًا فهناك: مرحلتان لمجيء المسيح: الاختطاف، والظهور يفصل بينهما فترة سبع سنوات ، يبدأ بعدها مباشرة مُلك المسيح (رؤ 11: 3؛ 12: 6 مع دانيال 12: 12). ومرحلتان للقيامة: قيامة الأبرار ”القيامة الأولى“ جزء منها عند الاختطاف، والجزء الآخر قبيل الملك الألفي. في حين أن قيامة الأشرار ستتم بعد المُلك الألفي وقبيل الحالة الأبدية. ومرحلتان للدينونة: الأولى دينونة الأحياء عند بداية المُلك، والثانية دينونة الأموات عند نهاية الألف سنة (مت25: 31-46 مع رؤ20: 11-15). 4. تفـوّق وتتـــــــمــيم لكن لماذا سُميّت قيامة القديسين بـ ”القيامة الأولى“؟ صحيح أنها تبدو أولى من حيث ترتيبها الزمني كما رأينا الآن، لكن الواقع أن كلمة ”أولى“ هنا لا تعني أولوية الترتيب الزمني، بل أولوية التفوق الأدبي. إنها نظير ”الحٌلة الأولى“ (لو 15: 22) و”المحبة الأولى“ (رؤ 2: 4). أما عن أسباب أفضلية هذه القيامة فهي كثيرة. يكفي أن نذكر الثلاثية الآتية: هي الأفضل من حيث مضمونها: إذ هي قيامة أفضل من وُوريَت أجسادهم الثرى: القديسين والأفاضل. وهي الأفضل من حيث توقيتها: إذ ستتم أولاً قبل قيامة الدينونة. وهي الأفضل من حيث نتيجتها: التي هي الوجود في حضرة الرب الودود في هناء وخلود. لكن يبرز أمامنا هنا سؤال: أ لم نقرأ في التاريخ المقدّس عن حالات قيامة لبعض من ماتوا، سواء في العهد القديم أو العهد الجديد؟ الإجابة هي: نعم بالتأكيد، ولكن: أين هم الآن؟ لقد ماتوا جميعًا ثانية! أما القيامة الأولى فهي شيء مختلف تمامًا، إذ إن من له نصيب فيها لن يسود عليه الموت بأية صورة فيما بعد. فالقيامة الأولى ستتم بجسد ممجَّد خلافًا للأجساد الطبيعية التي قام بها من قاموا من الموت قبلاً فماتوا مرة أخرى. لقد قام لعازر من بين الأموات بعد أن أنتن جسده في قبره (يو11: 39) لكن هل كانت هذه هي ”القيامة الأولى“ بالنسبة له؟ كلا بالطبع، فلقد قام بجسد قابل للمرض والموت والفساد وهذا ما حدث معه ثانية. أما عندما سيقوم في القيامة الأولى عند الاختطاف فإنه سيقوم بجسد على صورة جسد المسيح المقام والممجد، جسد لا يخضع لألم أو لموت أو لفساد إلى الأبد! * * * وبعد هذه الجولة السريعة في أبرز الأفكار التعليمية لموضوع ”القيامة الأولى“، دعنا فيما يلي نستكمل حديثنا بالمرور سريعًا على بعض الأفكار المعزّية المرتبطة بهذه الحقيقة الكتابية الرائعة. 5. انتصـــار عـــــظيم والواقع، فإن أول ما يشجِّعنا إزاء حقيقة ”القيامة الأولى“ هو أنها انتصار عظيم، نهائي وشامل على أقسى عدو شهدته البشرية، أسماه الأقدمون «ملك الأهوال» (أي18: 14)، وسجل الوحي عنه أنه «آخر عدو يُبطل» (1كو15: 26). لَكَم خرّب الموت من بيوت، وأثكل من نساء، ويتم الأطفال، وكسر قلوب أعتى الرجال! لقد هزم الجميع، ولم يرحم توسلات أحد. لكن قريبًا سيُسمع صياح النصرة من ملايين لا تُحصى من المفديين هاتفين «اُبتلع الموت إلى غلبة (نُصرة)» (1كو 15: 54). حقًا ما أحلى الانتصار! وما أغلاه عندما يأتي بعد طول انكسار! وما أروعه عندما يأتي انتصارًا كاملاً ونهائيًا على عدو لا يرحم ولا يشفق! مجدًا للرب الذي دخل الموقعة الأقسى، مع العدو الأشرس، في الموضع الأصعب في الصليب. لقد دخل الحبيب إلى المعركة بمفرده وخرج ظافرًا منتصرًا ليشرك في نصرته ما لا يُحصى من القديسين، ويصبح الموت بالنسبة لتابعي المسيح «ربحًا»، ومجرّد قنطرة آمنة تنقل القديسين من دنيا الآلام والعناء إلى أبدية الأفراح والهناء، إلى محضر الرب نفسه مباشرة، في انتظار قيامة الجسد؛ ولكن في صورة أمجد وأروع في «القيامة الأولى». لَكَم كانت فرحة مريم ومرثا غامرة، عندما قام لعازر من بين الأموات، أفراحًا تفوق أحزانهما عندما مات! فهو عندما مات شعرتا بمرارة الهزيمة والانكسار، وعندما قام امتلكهما الفرح المرتبط بالنصرة على الموت، هذا مع علمهما أنه في يومٍ تالٍ سيموت ثانية!! فما بالك وأفراحنا عندما يقوم أحباؤنا قريبًا لكي لا يسود عليهم الموت في ما بعد نهائيًا!! 6. رجــــــاء كريــــــم إن ما يشجِّع المؤمن في لحظات رحيله وهو يعبر «وادي ظل الموت» (مز 23: 4) هو أنه سيكون مع المسيح «ذاك أفضل جدًا» (في 1: 23)، وأن الجسد لن يبقى في تراب القبر إلى الأبد. وهو تشجيع رائع وتعزية قوية كذلك لأحباء الراحلين: إذ ندرك أنهم لم ينتهوا، ولم يخسروا. فنحن نودِّع أحباءنا الراحلين على رجاء هو ”القيامة الأولى“؛ القيامة الأفضل عند مجيء الرب يسوع عن قريب. هذا الرجاء فيه العزاء ما دمنا في وادي الدموع. رجاء مزدوج: للراحل أنه سيربح أعظم مما سيخسره؛ ولمن حوله بأن القيامة ليس فقط ستعيد الأمور إلى ما كانت عليه، بل وأروع جدًا. 7. لقــــاء حـــمـــيــــم وفي القيامة الأولى سيحدث أروع لقاء في أكبر تجمع للقديسين يشهده الكون منذ البدء: الأفاضل يلتقون من كل عصر وجيل، من كل حدب وصوب! سنرى أحباءنا الذين سبقونا، إذ لم يفرّقهم الموت عنا إلى الأبد! كما سنرى القديسين والأفاضل الذين طالما قرأنا سيرتهم وسمعنا عنهم في الوحي المقدس، أو على مر التاريخ الطويل. سنراهم في أفضل حال.. وسنكون معهم في أسعد حال.. وأروع الكل أن المسيح هو مركز الدائرة في كل الأحوال! سيكون لقاء بعد طول فراق. سنلتقي مع هابيل ودانيال، وسنجتمع مع موسى وإيليا، ومع بطرس ويعقوب ويوحنا! حقًا جيد أن نكون هناك. إننا ونحن بعدُ في أرض الغربة وفي جسد الضعف لا تحتمل قلوبنا في مراتٍ كثيرة الفرح الناتج عن رؤية أحباء لنا فرّقت بيننا وبينهم المسافات المكانية والزمانية. وكم نسعد في فرصنا العامة بلقاء القديسين، رغمًا عن أنها كلها لقاءات يعقبها فراق. فماذا عن لقاء لن يتأخر عنه واحد، ولن يوجد فيه ضعف واحد، الكل في مكان واحد، مشغولون بشخص واحد، ساجدين بقلب واحد، يجمعنا فكر واحد، بدون فراق لأي واحد؟!! |
||||
04 - 05 - 2013, 05:29 PM | رقم المشاركة : ( 25 ) | ||||
| غالى على قلب الفرح المسيحى |
|
رد: قيامة المسيح ( موضوع متكامل ) 2013
القيامة والكنيسة ............................ تشمل القيامة جانبًا هامًا في الإيمان المسيحي، وهي من أساسيات ذلك الإيمان، مثل التجسّد والصلب. وكما وجَّه الشيطان سهام التشكيك إلى تجسد المسيح وصلبه، فإنه وجّهها أيضًا إلى قيامته، إذ أشاع اليهود أن المسيح لم يقُم، بل سرق التلاميذ جسده (مت28: 11-15)؛ وللمؤمنين في كورنثوس دسّ تعليم عدم وجود قيامة أموات، وبالتالي فإن المسيح لم يقُم (1كو15)؛ وللمؤمنين في تسالونيكي أن إخوتهم الذين رقدوا لن يقوموا (1تس4)، وهكذا سبَّب الحزن لهم. فالشيطان يسعي حثيثًا لكي يقوِّض الإيمان المسيحي. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: إن كان التجسد واضحًا ومُعلنًا للكل، وهكذا أيضًا الصليب، فلماذا لم تكن قيامة المسيح كذلك، علي الرغم من أن العدو ما زال يشكك في هذه الأمور الثلاثة؟ والحقيقة أن الرب قَصَدَ أن يُظهر نفسه بعد قيامته في دائرة ضيقة من التلاميذ الذين كانوا معه، لأن ما يميِّز تدبير النعمة الحاضر هو الإيمان؛ فالرب قال لتوما: «طوبى للذين آمنوا ولم يروا» (يو20: 29). وبموت المسيح وقيامته تمّت المشورات الأزليه من جهة الكنيسة. صحيح أن كل التدبيرات تستفيد من موت المسيح وقيامته، لكن ما يميز الكنيسة الآن هو وجود المسيح في المجد كرأس الجسد، وحضور الروح القدس هنا علي الأرض لتكوين الكنيسة، لذلك سوف نتكلّم في هذه العُجالة عن علاقة قيامة المسيح بالكنيسة في ثلاثة اتجاهات: أولاً: قيامة المسيح وبناء الكنيسة (من حيث كونها بيت الله وهيكل الله). ثانيًا: قيامة المسيح وبنيان الكنيسة (من حيث كونها جسد المسيح). ثالثًا: قيامة المسيح ورجاء الكنيسة (من حيث كونها عروس المسيح). أولاً: من جهة بناء الكنيسة إن الكنيسة كبيت الله على الأرض أخذت مكان الأمة اليهودية التي رفضت الرب بصفته الملك. فبيت الله كان في أورشليم، لكن الرب أعلن - بعد رفض الأمه له - أن ذلك البيت لم يعُد بيت الله، وقال لهم: «هوذا بيتكم يُترك لكم خرابًا» (مت23: 38)، لكنه أعلن أيضًا أن هناك بناءً جديدًا سوف يبنيه، ألا وهو كنيسته (مت16: 18). أساس البناء: لقد أخذ الرب تلاميذه إلى نواحي قيصرية فيلبس، وهناك كان سؤاله لهم: «من يقول الناس إني أنا ابن الإنسان؟... وأنتم، مَن تقولون إني أنا؟ فأجاب سمعان بطرس وقال: أنت هو المسيح ابن الله الحي. فأجاب يسوع وقال له: طوبى لك يا سمعان بن يونا، إن لحمًا ودمًا لم يُعلن لك، لكن أبي الذي في السماوات. وأنا أقول لك أيضًا: أنت بطرس، وعلي هذه الصخرة ابني كنيستي، وأبواب الجحيم لن تقوى عليها» (مت16: 13-18). وهكذا على أساس الإعلان الذي أخذه بطرس عن المسيح أنه ابن الله الحي، يبني الرب كنيسته. لقد قال الرب لآدم بعد السقوط: «لأنك ترابٌ، وإلي ترابٍ تعود»، فكل من هو من آدم يكون للموت سلطان عليه. أما كل من يُبنى على المسيح ابن الله الحي، الذي هزم الموت، ثم قام بقوة حياة لا تزول (عب7: 8، 16، 25)، فإنه يُبنى على تلك الصخرة (أي المسيح ابن الله الحي). وفي رسالتي بطرس الأولي وأفسس، نجد الرب هو الذي يبني بيته، في حين أنه في رسالة كورنثوس الأولى نجد الإنسان تحت المسؤولية هو الذي يبني. ففي رسالة بطرس الأولى يقول: «الذي إذ تأتون إليه، حجرًا حيًّا، مرفوضًا من الناس، ولكن مختار من الله كريم، كونوا أنتم أيضًا مبنيين - كحجارة حية - بيتًا روحيًّا» (1بط2: 4، 5). لقد أدرك بطرس معنى الإعلان الذي أخذه من الآب عن المسيح ابن الله الحي (مت16: 16، 17). لقد قام الرب منتصرًا على الموت، وصار هو حجر الزاوية (كما يراه بطرس في رسالته)، وكل من يبنى عليه من المؤمنين يصير أيضًا حجرًا حيًّا، وهكذا يتكوَّن البيت الروحي الذي لله على هذا الأساس الذي هو المسيح المُقام من الأموات، وبطرس يرى البناء من نهايته، فيذكر أن المسيح هو رأس الزاوية. أما في رسالة أفسس فإننا نرى الرسول بولس يتكلم عن تكوين الكنيسة؛ مرّة كمسكن لله في الروح، والمؤمنين حينما يجتمعون معًا يُظهرون هذا المسكن، حيث يُستعلن في هذا المسكن مجد الله وحضوره. فالمؤمنون هنا على الأرض مسكنٌ لله في الروح، كما كان المسكن في سفر الخروج. لكن من جهة أخرى يتكلم بولس عن الكنيسة كبناء أو كبيت الله وهيكله، ويظهر أيضًا في هذه الرسالة أن الله هو الذي يبني هذا البيت، ويأتي بالمؤمنين كحجارة لتُبنى على الأساس الذي هو يسوع المسيح المُقام من الأموات. فقد كتب الرسول: «مبنيين على أساس الرسل والأنبياء (وهو هنا يقصد أشخاصهم وليس تعليمهم، حيث يتكلم عن بناء البيت وتكوينه من أشخاص كحجارة في هذا البيت)، ويسوع المسيح نفسه حجر الزاوية» (أف2: 20). والرسول يتكلم هنا عن البناء من بدايته من أسفل، ولذلك ذكر الرب يسوع المسيح كحجر الزاوية، وليس كرأسها كما في رسالة بطرس. وكل يوم يُضيف الرب أحجارًا إلى هذا البناء. وآخر حجر يدخل في هذا البناء يُصيِّر هذا البناء «هيكلاً مقدَّسًا في الرب» (أف2: 21). وعندما يحدث ذلك يأتي الرب، ويأخذ المؤمنين إلى حيث يكون هو. ثانيًا: قيامة المسيح وبنيان الكنيسة، من حيث كونها جسد المسيح لقد أوقع الرب الإله سباتًا علي آدم فنام، فأخذ واحدة من أضلاعه وملأ مكانها لحمًا، وبنى الرب الإله الضلع التي أخذها من آدم امرأة، وأحضرها إلى آدم (تك2: 22). لقد أطاع آدم الله في هذا الأمر (إن جاز التعبير)، ولما قام من سباته، وجد أمامه المرأة التي بناها الله من إحدى أضلاعه، فقال: «هذه الآن عظمٌ من عظمي ولحمٌ من لحمي» (تك2: 23). وهكذا أيضًا المسيح؛ لقد ذهب إلى الصليب طائعًا، ولسان حاله: «الكأس التي أعطاني الآب ألا أشربها؟». ولنلاحظ أيها القارئ العزيز، أن آدم عندما أُوقع عليه السبات (رمز لموت المسيح) لم يكن ذلك بسبب الخطية، إذ لم تكن الخطية قد دخلت بعد. فلم يكن هذا السُبات إلا لغرض واحد وهو أن يأخذ الرب ضلعًا منه، ويبنيها امرأة. وهكذا قد ذهب المسيح إلى الصليب لأسباب عديدة، لا مجال لذكرها هنا، ولكن هناك سبب لا يتعلق بالخطية، بل يتعلق بالكنيسة وحدها، أي لكي يحضرها لنفسه كنيسة مجيدةً، لا دنس فيها ولا غضن أو شيء من مثل ذلك (أف5: 27). لقد «بنى الرب الإله الضلع التي أخذها من آدم امرأة»، وهكذا لا بد من بنيان الكنيسه كجسد المسيح. فبعد أن مات الرب، وقام، وجلس عن يمين العظمه في الأعالي؛ أرسل الروح القدس على الأرض ليكوِّن الكنيسة، لذلك يقول بولس في 1كورنثوس12: 13 «لأننا جميعنا بروحٍ واحدٍ أيضًا اعتمدنا إلى جسدٍ واحدٍ، يهودًا كنا أو يونانيين، عبيدًا أم أحرارًا، وجميعنا سُقينا روحًا واحدًا». وهكذا يعمل الروح القدس الآن ليأتي بالنفوس المختارة لتنضم إلى كنيسة المسيح ويصبح أعضاء في الجسد الواحد. وهكذا يُرى المؤمنون في كورنثوس كأعضاء في الجسد الواحد، أما في روميه فهم أعضاء بعضهم لبعض (رو12: 5)، وفي أفسس أعضاء في الجسد الذي رأسه المسيح (أف1: 22، 23)، في حين أنه في كولوسي يُرى شخص المسيح ومجده في صفته رأس الجسد (كو1: 18). لكن السؤال هنا: كيف يُبنى الجسد؟ نقرأ في أفسس4 عن الرب أنه «إذ صعد إلى العلاء، سبى سبيًا وأعطى الناس عطايا... وهو أعطى البعض أن يكونوا رسلاً، والبعض أنبياء، والبعض مبشِّرين، والبعض رعاةً ومُعلِّمين، لأجل تكميل القديسين، لعمل الخدمة، لبنيان جسد المسيح» (أف4: 8-11). فالرب المُقام من الأموات والجالس فوق جميع السماوات هو الذي ُيقيم ويُعطي المواهب لبنيان جسد المسيح، وليس من حقِّ أية جماعة أو فئة أن ُتقيم أو تُعّين أشخاصًا لبنيان جسد المسيح، لكن الرب يبني فقط الجسد من طريق استخدام العطايا التي أعطاها وأقامها هو للكنيسة. ثالثًًا: القيامة ورجاء الكنيسة، من جهة صفتها عروسًا إن الكنيسة في دعوتها سماوية، وأصلها ومصدرها هو السماء «وأنا يوحنا رأيت المدينة المقدسة أورشليم الجديدة، نازلةً من السماء من عند الله، مهيأةً كعروسٍ مزينةٍ لرجُلِها» (رؤ21: 2). وهي الآن تنتظر عريسها كي يأتي ويأخذها إليه. ونحن نجد في تكوين 22؛ 24 صورة رمزية لهذا الأمر. ففي تكوين 22 نجد إسحاق ذاهًبا هو وأباه إبراهيم إلى جبل المريا، سالكًا طريق الطاعة حتى الموت، لكن الرب دبَّر له الخروف للمحرقة. وفي ع19 نجد أن الكتاب يذكر رجوع إبراهيم وحده إلى غلاميه دون إسحاق؛ وفي هذا إشارة لقيامة الرب من الموت، وصعوده إلى الأعالي، كما نجد في نهاية الأصحاح ولادة رفقة من بتوئيل الثامن من إخوته، وكما نعلم أن الرقم ”ثمانية“ هو رقم القيامة. وفي ص24 نجد العبد (الذي هو رمز للروح القدس) يذهب ليدعو رفقة العروس (رمز للكنيسة) لتذهب للاقتران بإسحاق العريس (رمز للرب يسوع). وما دامت العروس في البرية، يظل القول: «الروح والعروس يقولان: تعال». لقد قال الرب للكنيسة: «ها أنا آتي سريعًا»، فكان الرد: «آمين. تعال أيها الرب يسوع» (رؤ22: 20). وعلى الكنيسة طوال فترة وجودها على الأرض أن ترفع عينيها إلى فوق، منتظرة لحظة نداء عريسها ليأخذها إليه، فهي لا تنتظر أحداثًا على الأرض تُنبئ بقرب لحظة الاختطاف، فنحن لا نرتبط بتلك الأحداث، بل نرتبط بعريسنا السماوي. كما أن فترة تدبير النعمة التي نحن فيها الآن، والتي تبدأ من لحظة تكوين الكنيسة حتى الاختطاف، هي فترة ساقطة من النبوة وليست فترة محدَّدة. فبولس الرسول الذي كان يعلم النبوات جيدًا، وهو الذي تلقّى إعلان الكنيسة والاختطاف، كان ينتظر الرب. ورجاء الكنيسة يرتبط بقيامة ربنا يسوع المسيح من جهة الأمور الآتية: 1- مكاننا في بيت الآب 2- قيامة المؤمنين وتغيير الأجساد 3- لقاؤنا مع الرب في الهواء، سواء كنا قديسين راقدين أو أحياء. 1- مكاننا في بيت الآب لقد قال الرب لأحبائه في يوحنا 14: «لا تضطرب قلوبكم. أنتم تؤمنون بالله فآمنوا بي. في بيت أبي منازل كثيرة، وإلا فإني كنت قد قُلت لكم». فالتلاميذ هنا، كيهود، كانوا يعلمون أن سليمان بنى مساكن للكهنة في بيت الرب، لكن حين زاد عددهم، كان على بعضهم أن يبحثوا عن سكن بعيدًا عن بيت الرب، إذ لم تكن المساكن التي في البيت كافية لهم. لكن الرب هنا يطمئن أحباءه أن المساكن في بيت الآب كافية لكل المؤمنين مهما كان عددهم. لكنه استطرد قائلاً: «أنا أمضي لأعد لكم مكانًا، وإن مضيت وأعددت لكم مكانًا آتي أيضًا وآخذكم إلي». فبيت الآب لا يمكن لأي مخلوق، مهما كان، أن يدخله؛ فهو يخصّ الخالق نفسه، حتي نحن وإن كنا مفديين بعمل الصليب، فإن العمل في حدِّ ذاته فقط لا يجعل لنا مكانًا في بيت الآب، لكن بيت الآب أُعِد لنا بعد قيامة المسيح من الموت، ودخوله إلى بيت الآب كإنسان. 2- قيامة المؤمنين وتغيير الأجساد في 1كورنثوس 15: 13-14 أكَّد الرسول بولس بيقين قيامة الأموات، على أساس أن الرب يسوع نفسه قام من الأموات. لكن كان هناك هذا السؤال: إن كان الأموات يقومون، فبأي جسمٍ يأتون؟ وكيف يتم ذلك؟ فكان جواب الرسول: «يا غبيُّ! الذي تزرعه لا يحيا إن لم يَمُتْ. والذي تزرعه، لست تزرع الجسم الذي سوف يصير، بل حبَّه مجردةً، ربما من حنطة أو أحد البواقي... هكذا أيضًا قيامة الأموات؛ يُزرع في فسادٍ (حالة الموت)، ويُقام في عدم فساد (حالة المجد)، يزرع في هوان (حالة اللحم والدم) ويُقام في مجد (الجسد الممجَّد)، يُزرع في ضعف (حالة الشيخوخة والمرض) ويقام في قوة (حيث لا مرض)، يُزرع جسمًا حيوانيًا، ويُقام جسمًا روحانيًا... وكما لبسنا صورة الترابي، سنلبس أيضًا صورة السماوي. فأقول هذا أيها الأخوة إن لحمًا ودمًا لا يقدران أن يرثا ملكوت الله، ولا يرث الفساد عدم الفساد» (1كو 15: 35-50). وهكذا فإن الرجاء المسيحي جعل مكان القبور بالنسبه للناس هو المزرعة الإلهية بالنسبه للمؤمنين. والفلاح عندما يزرع يتطلع إلى وقت الحصاد بفرح، وهكذا للمؤمنين وإخوتنا الراقدين هناك ميعاد للفرح، حيث قيامة الراقدين وتغيير الأجساد (1كو15: 51-55). 3- لقاؤنا مع الرب في الهواء في الرسالة إلى تسالونيكي كتب الرسول قائلاً: «ثم لا أريد أن تجهلوا أيها الإخوة من جهة الراقدين... لأنه إن كنا نؤمن أن يسوع مات وقام، فكذلك الراقدون بيسوع، سيُحضرهم الله أيضًا معه». ثم يستطرد بولس قائلاً: «لأن الرب نفسه... سوف ينزل من السماء والأموات في المسيح سيقومون أولاً. ثم نحن الأحياء الباقين سنُخطف جميعًا معهم في السحب لملاقاة الرب في الهواء، وهكذا نكون كل حينٍ مع الرب» (1تس4: 13-17). والسؤال هنا لماذا في الهواء؟ والإجابة: لأن الشيطان هو إله هذا الدهر ورئيس هذا العالم، لكنه أيضًا رئيس سلطان الهواء. وهكذا فإن الهواء هو منطقة مناوراته وحروبه التي يشنّها على الكنيسة، لذلك سوف يأتي بنا الرب، بعد قيامة الراقدين، وتغيير الأحياء إلى منطقة الهواء، وبذلك يعلن الرب نصرتنا الأكيدة، حيث يجمعنا قبل ذهابنا إلى بيت الآب، فنهتف قائلين: « أين شوكتك ياموت؟ أين غلبتك ياهاوية؟». فما أعظمه انتصارًا! عزيزي القارئ، لقد قام المسيح. فلئن كان الصليب وموت المسيح أساسًا هامًا من أساسيات المسيحية، فإن قيامة المسيح هي الأساس الآخر، وإن كان هناك في العهد القديم عمودان يرتكز عليهما بيت الله وهما ”ياكين (القوة)“ و”بوعز (الغنى)“، فهناك أيضًا عمودان ترتكز عليهما المسيحية وهما الصليب والقيامة، فعلى أساسهما كان بناء الكنيسة وبنيانها، بل أيضًا رجاؤها. |
||||
04 - 05 - 2013, 05:32 PM | رقم المشاركة : ( 26 ) | ||||
| غالى على قلب الفرح المسيحى |
|
رد: قيامة المسيح ( موضوع متكامل ) 2013
قيامة المسيح وكهنوته ................................... «وأما هذا فمن أجل أنه يبقى إلى الأبد، له كهنوت لا يزول» (عب7: 24) لو لم يكن المسيح قد قام من بين الأموات لما أمكنه أن يُمارس كهنوته لصالح شعبه. هذه الحقيقة نجدها بكل وضوح في الأصحاح السابع من الرسالة إلى العبرانيين، كما أننا نجد رمزًا جميلاً لها في الأصحاح السابع عشر من سفر العدد. ولكن في البداية دعونا نجيب عن هذا السؤال: ما هو عمل المسيح كرئيس الكهنة؟ إننا نفهم من كلمة الله أن عمل المسيح كالكاهن له شِقّان: شِق يخص الله، وآخر يختصّ بالإنسان. فمن جهة ما يختص بالله؛ فالمسيح بعد أن قدِّم نفسه لله كالذبيحة الكاملة التي أشبعت قلبه تمامًا، هو الآن يمثِّل شعبه قُدّام الله. وهذا ما يعبِّر عنه كاتب رسالة العبرانيين بكلمات رائعة في القول: «لأن المسيح لم يدخل إلى أقداسٍ مصنوعة بيدٍ، أشباه الحقيقية، بل إلى السماء عينها، ليظهر الآن أمام وجه الله لأجلنا» (عب9: 24). هذا الأمر نراه قديمًا في هارون الذي كان دائمًا يحمل الشعب على صدره، مُمثَّلاً في صُدرة القضاء، وعلى كتفيه مُمثَّلاً في حجري الجزع. أما من جهة ما يختص بالإنسان؛ فالمسيح، وهو في السماء، يرثي لشعبه، ويُعينه في تجاربه، ويُمارس قدرته ليخلِّصه إلى التمام. وعن هذا يقول أيضًا كاتب العبرانيين: «فإذ لنا رئيس كهنةٍ عظيمٌ قد اجتاز السماوات، يسوع ابن الله، فلنتمسك بالإقرار. لأن ليس لنا رئيس كهنةٍ غير قادرٍ أن يرثي لضعفاتنا، بل مُجرَّبٌ في كل شيء ٍمثلنا، بلا خطيةٍ. فلنتقدَّم بثقةٍ إلى عرش النعمة، لكي ننال رحمةً ونجد نعمةً عونًا في حينه» (عب4: 14-16). تفرَّد كهنوت المسيح في الأصحاح السابع من رسالة العبرانيين، يعقد الكاتب مقابلة بين الكهنوت الهاروني وكهنوت المسيح، الذي هو على رتبة ملكي صادق، ويوضِّح بصورة بديعة سمو رتبة كهنوت ملكي صادق على الكهنوت اللاوي أو الهاروني، ويستخلص من ذلك سمو كهنوت المسيح عن كل كهنوت آخر. ويمكننا تلخيص أسباب تفرُّد كهنوت المسيح في النقاط الآتية: 1- المسيح يجمع بين المُلك والكهنوت، كما كان ملكي صادق قديمًا. وهذا الأمر، رغم استحالة حدوثه في الشعب اليهودي قديمًا، سيتم في المسيح في مُلكه المقبل، على العالم. وقد جاءت النبوة في زكريا النبي: «هوذا الرَّجُل الغصن اسمه، ومن مكانه ينبُتُ ويبني هيكل الرب. فهو يبني هيكل الرب، وهو يحمل الجلال ويجلس ويتسلَّط على كرسيه، ويكون كاهنًا على كرسيه» (زك6: 12، 13). 2- المسيح كهنوته غير محدود بشعب معين، بينما الكهنوت الهاروني محصور في الشعب اليهودي فقط. وما أجمل أن ندرك أن خدمة المسيح الكهنوتية هي لصالح كل واحد من شعبه «فإذ لنا رئيس كهنة عظيم» (عب4: 14). 3- المسيح كهنوته بِقَسَم «لأن أولئك بدون قسمٍ قد صاروا كهنةً، وأما هذا فبقسمٍ من القائل له: أقسم الرب ولن يندم؛ أنت كاهن إلى الأبد على رتبة ملكي صادق. على قدر ذلك قد صار يسوع ضامنًا لعهدٍ أفضل» (عب7: 21، 22). وهنا يأتي سؤال: لماذا أقسم الله للمسيح؟ (مز110: 4) أعتقد أن هناك سببين: أولاً لأن الله شبع تمامًا بعمل المسيح على الصليب. لقد أرضاه المسيح تمامًا، وأدخل السرور إلى قلبه بهذا العمل، ومجّده تمجيدًا فائقًا، أكثر كثيرًا جدًا من كل ما سبَّبته له الخطية من إهانة. فلهذا السبب، ومن فرط سروره به، أصدر هذا المرسوم الملكي الإلهي. وثانيًا لأننا في القَسَمِ نجد التشديد على مبدإ عدم تغير القرار أو المرسوم «فلذلك إذ أراد الله أن يُظهر أكثر كثيرًا لورثة الموعد عدم تغيُّر قضائه، توسَّط بقسمٍ» (عب6: 17). إذًا فكهنوت المسيح لصالح شعبه لا يتغيَّر أبدًا. يترتب على ذلك أنه الضامن لعهد أفضل «على قدر ذلك قد صار يسوع ضامنًا لعهدٍ أفضل» (7: 22). وما أحلى كلمة ”يسوع“ على مسمع كل مؤمن! إنها تُحرِّك في القلب كل مشاعر الحب نحوه. يسوع الغالي هذا قد صار ضامنًا لعهدٍ أفضل. وكلمة ”ضامن“ هي كلمة قانونية تعني الشخص الذي يتحمل المسؤولية كاملة. ويا للروعة!! إن يسوع يُريح نفسي ويُهدئها. إنه يؤكد قبولي الدائم لدى الله في شخصه المحبوب، في كل مرة أقترِب فيها من حضرة الله. 4- المسيح كاهن إلى الأبد لأنه قام من بين الأموات «وأولئك قد صاروا كهنةً كثيرين من أجل منعهم بالموت عن البقاء، وأما هذا فمن أجل أنه يبقى إلى الأبد، له كهنوتٌ لا يزول» (عب7: 23، 24). ولنتوسع قليلاً في هذه النقطة: القيامة ركيزة أساسية للكهنوت يستند كاتب العبرانيين، في أصحاح7، إلى حقيقة قيامة المسيح كأمر أساسي لخدمته الكهنوتية الآن، فيقول إن كهنوت المسيح قد صار ليس بحسب ناموس وصية جسدية، بل بحسب قوة حياة لا تزول (ع16). فبينما كهنوت هارون تأسَّس بالارتباط بالناموس، فإن كهنوت المسيح مؤيَّد بقوة حياة لا تزول. المسيح دُعيَ للكهنوت كالمُقام من بين الأموات، الذي له حياة غلبت الموت ولا يُمكن أن يقهرها أي شيء. إنها حياة لاتزول. وكلمة ”لا تزول“ - في ترجمة يوحنا داربي - تأتي indissoluble وتعني حرفيًا: لا فكاك منه. فهي إذًا حياة لا يعتريها الضعف أو الوهن، حياة مليئة بالقوة. إن كهنة العهد الأول كانوا كثيرين، لأن الموت منعهم عن البقاء. وقد ذكر أحد الشرَّاح أن عدد رؤساء الكهنة في تاريخ الأمة، من هارون حتى عام 70م يُقَدّر بحوالي 84 رئيس كهنة «وأولئك قد صاروا كهنةً كثيرين من أجل منعهم بالموت عن البقاء، وأما هذا فمن أجل أنه يبقى إلى الأبد، له كهنوتٌ لا يزول». فالمسيح، كالمقام من بين الأموات، لن يموت مرة أخرى، إنه يبقى إلى الأبد، وكهنوته لا يزول. وكلمة ”لا يزول“ - في حاشية ترجمة داربي - تعني ”لا ينتقل إلى آخر“. عصا هارون التي أفرخت من قراءة الأصحاح السابع عشر من سفر العدد، نفهم أن الرب أراد أن يبرهن للشعب اختياره هارون للكهنوت. وكان ذلك بعد هلاك قورح وقومه، وبعد تذمر إسرائيل على موسى وهارون. «وكلَّم الرب موسى قائلاً: كلِّم بني إسرائيل وخذ منهم عصًا، عصًا لكل بيت أبٍ من جميع رؤسائهم حسب بيوت آبائهم، اثنتى عشرة عصًا. واسم كل واحدٍ تكتبه على عصاه، واسم هارون تكتبه على عصا لاوي... وضعها في خيمة الاجتماع أمام الشهادة... فالرَّجُل الذي أختاره تُفرخ عصاه... فوضع موسى العصيَّ أمام الرب في خيمة الشهادة. وفي الغد دخل موسى إلى خيمة الشهادة، وإذا عصا هارون لبيت لاوي قد أفرخت. أخرجت فروخًا وأزهرت زهرًا وأنضجت لوزًا» (عد17: 1-8). عصا هارون التي أفرخت رمز لقيامة المسيح. فالمسيح قام من بين الأموات بقوة حياة لا تزول. والليلة التي قُضيت في الخيمة تمثل موته، ثم الغد هو قيامته. واللوز هو أول الأشجار التي تُثمر في الربيع. فإن كان الشتاء يمثل الموت، فإن الربيع يُمثل الحياة، واللوز المزهر صورة مبهجة للحياة بعد الموت. أما عن ارتباط هذه العصا بهارون، فلكي توضِّح أن خدمة المسيح كرئيس الكهنة لشعبه مؤسَّسة على قيامته من بين الأموات. وقد ظلت هذه العصا في تابوت العهد (عب9: 4)، لكن عند تدشين هيكل سليمان لم يحتوِ التابوت سوى على لوحي الشريعة (1مل8: 9)، أما قسط المن الذهبي، وعصا هارون التي أفرخت، واللذان كانا يمثِّلان الإمداد الإلهي للشعب طوال رحلة البرية، فلا مكان لهما في حُكم سليمان؛ ملك السلام. وهكذا لن يكون المؤمنون في احتياج إلى خدمة المسيح الكهنوتية، في صورتها الحالية، عندما يصلون إلى بيت الآب، في نهاية الرحلة. فهناك لن يكون ضعف أو عجز أو تجارب أو ألم. لكن المسيح سيواصل خدمته، إذ سيقود شعبه في السجود والتسبيح لله، إلى أبد الآبدين. تعزية قلب المؤمن إن حقيقة خدمة المسيح كالكاهن العظيم هي مصدر تشجيع كبير لكل مؤمن يدركها ويفهمها. فيقول كاتب العبرانيين: «وأما هذا فمن أجل أنه يبقى إلى الأبد، له كهنوتٌ لايزول» (عب7: 24). وإنني أتخيل شخصًا يهوديًا، من الشعب قديمًا، اعتاد أن يذهب إلى هارون ، مثقَّلاً بمشاكله، حتى يفرغ قلبه له، وينال منه رثاءً وترفقًا وإرشادًا. وفي أحد الأيام أخبروه أن هارون قد مات. وجاءه الخبر كوقع الصاعقة عليه. لقد أَلِفهُ وأعتاده واستفاد منه، فماذا يعمل الآن؟ عليه أن ينتظر تعيين أحد أولاد هارون ليشغل مركز أبيه. لكن المشكلة؛ هل سيكون مثل أبيه؟ هل سيتفهَّم مشاكله بذات سعة صدر أبيه؟ هل عنده ذات الحكمة والنظرة الثاقبة للأمور؟ من يدري؟! حقًا إن هذا يشكل عبئًا نفسيًا شديدًا على صاحبنا اليهودي هذا. لكن لنا أخ مسيحي مؤمن يجتاز في ظروف صعبة، وها هو يجلس أمام الرب يسوع المسيح، يحكي له، ويبكي عنده، ويسكب قلبه قدامه، ويكشف له كل أوجاعه. ودائمًا يقوم من قدامه مجبور الخاطر، مكفكَف الدموع، مُعالَج النفس، ومُشجَّع القلب أيضًا. إنه يتعلم، يومًا فيومًا، أن هذا الكاهن العظيم يعرف كل جزئياته وكلّياته؛ يعرف تكوينه النفسي، ويعرف جوانب الضعف في شخصيته، يعرف ما الذي يؤلمه وما الذي يفرحه. إنه يعرف كل شيء عنه. وهو ليس يعرف فقط، بل يرثي ويشجِّع، ويأخذ باليد ويُقوي؛ فيتمكن أخونا من المضي في مشواره المسيحي مرفوع الرأس، مسنود القلب. وأكثر ما يطمئن قلبه هو أن حبيبه القدير العظيم حيٌّ إلى الأبد، ولن يموت مرة أخرى، وكهنوته لن ينتقل لشخص آخر. ويواصل كاتب العبرانيين «فمن ثمّ يقدر أن يُخلِّص أيضًا إلى التمام الذين يتقدمون به إلى الله، إذ هو حيٌّ في كل حينٍ ليشفع فيهم» (عب7: 25). مِمَ يُخلِّص الرب؟ من كل ما يُعيق تقدُّمنا إلى حضرة الله. أحبائي، كم من عوائق تقف في طريقنا لإعاقتنا عن الوجود في حضرة الله، والتمتع بما لنا فيه، سواء كأفراد في مخادعنا، أو كجماعة في الاجتماعات. ربما مشاكل يفتعلها العدو، ربما ضعفات نفسية تؤدي للإنحناء وصغر النفس، ربما أمراض يسمح بها الرب، أو حيرة ذهنية ناتجة من المحدودية الإنسانية، هذه وغيرها يُخلِّص منها الرب، ويُخلص إلى التمام، على الدوام، على طول الخط. ولكن كيف يُخلِّص الرب؟ إما بإزالة السبب أو برفعنا فوقه، والنتيجة هي شبع بكلمته، وتجديد للذهن من الأفكار السلبية التي تملاؤه كالقلق والخوف والكآبة، وملؤه بالرجاء والثقة في الرب. حقًا إنها معجزة تتم فينا بفضل عمله الكهنوتي. والحيثية لخلاص الرب: «إذ هو حيٌّ في كل حينٍ ليشفع فيهم». ياللروعة! إنه يخصِّص حياته في السماء، لا لنفسه، بل لشؤون أحبائه. ليتنا نثبِّت النظر عليه. له كل المجد. د / فريد زكي |
||||
04 - 05 - 2013, 05:35 PM | رقم المشاركة : ( 27 ) | ||||
| غالى على قلب الفرح المسيحى |
|
رد: قيامة المسيح ( موضوع متكامل ) 2013
أقامنا معـًا
...................... ونحن نميل لننظر هذا المنظر العظيم الذي يستعرضه الروح القدس أمامنا في أفسس2: 6، يجدر بنا أن نضع هذا العدد جنبًا إلى جنب مع أفسس1: 19، 20، فنقرأ هكذا: «وما هي عظمة قدرته الفائقة نحونا نحن المؤمنين، حسب عمل شدّة قوته الذي عمله في المسيح، إذ أقامه من الأموات، وأجلسه عن يمينه في السماويات»، «وأقامنا (معًا) معه وأجلسنا (معًا) معه في السماويات في المسيح يسوع». تخبرنا هذه الأعداد عن أعظم عملين يرتبطان ببعضهما ارتباطًا وثيقًا: العمل الأول يمثِّل أعظم استعراض لقدرة الله الفائقة وشدة قوته، والعمل الثاني يمثل معجزة رحمة الله الذي هو غني فيها. العمل الأول هو الأساس للثاني؛ والثاني هو النتيجة الحتمية والمباركة للأول. العمل الأول هو الضمان والتأكيد للثاني، والثاني هو الأمر الأكيد والمضمون. العمل الأول تم فعلاً منذ ألفي عام تقريبًا، والعمل الثاني تم أدبيًا منذ أن تعرّفنا بالمسيح واتحدنا به، وسيتم فعلاً في المستقبل القريب، ويتم يوميًا مع كل شخص يقبل المسيح، ويتّحد به بالإيمان. العمل الأول يحدثنا عن الرأس الممجد الآن في السماء، والثاني يحدثنا عن أمجاد الجسد الآن على الأرض، وما سيكونه مستقبلاً. الأول يخبرنا عن عمل الله في المسيح لأجلنا (رو4: 25)، والثاني يخبرنا عن عمل الله فينا مع المسيح له المجد. أمام هذا الإعلان الرائع المجيد، يفيض القلب بالسجود، ويمتلئ الفم بالتسبيح والشكر لله لأجل مقاصده ومشوراته، له كل المجد. والآن هيا بنا لنلقي نظرة خاطفة على ثلاثية مباركة من ثلاثيات إعلانات الله في كلمة الله وهي: 1- ماذا كنا قبل أن «أقامنا»؟ - ماضينا التعيس (أف2: 1-3). 2- كيف «أقامنا... وأجلسنا»؟ - حاضرنا السعيد (أف2: 4-6). 3- ماذا بعد أن «أقامنا»؟ - مستقبلنا المجيد (أف2: 7). أولا: ماذا قبل أن «أقامنا»؟ (ماضينا التعيس) «وأنتم (الأمم) إذ كنتم أمواتًا بالذنوب والخطايا (في الذنوب والخطايا) التي سلكتم فيها قبلاً حسب دهر هذا العالم، حسب رئيس سلطان الهواء، الروح الذي يعمل الآن في أبناء المعصية. الذين نحن (اليهود) أيضًا جميعًا تصرّفنا قبلاً بينهم في شهوات جسدنا، عاملين مشيئات الجسد والأفكار، وكنا بالطبيعة أبناء الغضب كالباقين أيضًا» (أف2: 1-3). أ- لقد كنا «أمواتًا في الذنوب والخطايا». يجب أن نلاحظ أن الرسول لا يتكلم هنا عن الموت كعقوبة بسبب الذنوب والخطايا، بل يشير إلى الموت كحالة كنّا فيها، فلم نكن سوى موتى كالرمم، نفترش الذنوب ونلتحف الخطايا؛ ذلك لأن الموت كعقوبة لا يدخل ضمن مشغولية هذه الرسالة، فالروح القدس في هذه الرسالة ينظر إلى الإنسان كمجرّد رمة عفنة وملفوفة بالذنوب والخطايا، وقد تساوى في هذا الوضع الأمم واليهود على السواء وبدون استثناء. لقد سلكنا جميعًا في الذنوب والخطايا، وهذا هو الموت، فهذا السلوك يعني الذهاب بعيدًا بعيدًا عن كل طريق يقود إلى الله، إلى الحياة. وكان قانوننا الذي يحكمنا هو «دهر هذا العالم» الذي يحكمه «رئيس سلطان الهواء». ب- كنا «أبناء المعصية». فقد كنا نمارس العصيان بوعي وتعمد، وقد تساوى في هذا الطبع اليهود والأمم، «لأننا كنا نحن أيضًا قبلاً أغبياء، غير طائعين...» (تي3: 3). وهنا نشتمّ رائحة الفساد المادي، تمامًا مثل صورة الأمم في (رومية 1). ج- كنا بالطبيعة «أبناء الغضب كالباقين أيضًا». إن هذه الطبيعة لم يستطع الناموس أن يروِّضها ولا المعرفة أن تصقلها، فالجميع عصوا الله، فاستحقوا لقب «أبناء الغضب». نلاحظ أنه يقول: أبناء الغضب، ولا يقول ”أبناء الهلاك“، لأنه كانت هناك ثمّة أمل، وشعاع من رجاء، قبل أن يصل الإنسان إلى الهلاك. كانت تلك هي الحالة التعيسة والبائسة. وقد اشترك وتضافر في إنتاجها أعداء ثلاثة وهم: العالم، والشيطان، والجسد (أي الطبيعة الشريرة الساكنة فينا، والتي ورثناها من أبينا آدم الأول الساقط). ولولا عمل الله في المسيح لأجلنا، وعمله فينا بالروح القدس والكلمة، لَبقينا في هذه الحالة من الانفصال عن الله حاضرًا (بؤس وشقاء) ومستقبلاً (هلاك أبدي ودخان عذاب إلى أبد الآبدين). لكن الله، الذي هو غني في الرحمة، ومن أجل محبته الكثيرة التي أحبنا بها - رغم وجودنا في هذا الوضع الكريه - عمل معنا عملاً عظيمًا، يشكِّل معجزات الرحمة والمحبة والنعمة، التي تُظهر عظمة الله وشدّة قوته، فهو وحده العامل في كل ما نحن عليه الآن، وكل ما سنكونه مستقبلاً «الكل من الله». ثانيا: عمل الله العظيم (حاضرنا السعيد) «الله الذي هو غني في الرحمة، من أجل محبته الكثيرة التي أحبنا بها، ونحن أموات بالخطابا أحيانا مع المسيح - بالنعمة أنتم مخلصون - وأقامنا (معا) معه، وأجلسنا (معا) معه في السماويات في المسيح يسوع» (أف2: 4-6). لقد عمل الله عملين عظيمين، يليقان بعظمة شخصه، ولا يقدر عليهما إلا هو وحده بكل إمكانياته الفائقة. وكان لا بد له - كما رأينا - أن يعمل العمل العظيم الأول، لكي يتسنّى له أن يعمل العمل العظيم الثاني. العمل العظيم الأول الذي عمله في المسيح كان عملاً رباعيًا، إذ يقول الكتاب إنه: 1- أقامه من الأموات، 2- وأجلسه عن يمينه في السماويات، فوق كل رياسة وسلطان وقوة وسيادة، ليس في هذا الدهر فقط بل في المستقبل أيضًا، 3- وأخضع كل شيء تحت قدميه، 4- وإياه جعل رأسًا فوق كل شيء للكنيسة التي هي جسده، ملء الذي يملأ الكل في الكل. (أف1: 19-23). العمل العظيم الثاني الذي عمله الله فينا كان عملاً ثلاثيًا، فقد: 1- أحيانا مع المسيح، 2- وأقامنا (معًا)، 3- وأجلسنا (معًا) في السماويات في المسيح يسوع. هيا بنا نُمعن النظر في هذا العمل الثلاثي: أ- أحيانا مع المسيح: تلك هي المعجزة الأولى لرحمة الله ومحبته ونعمته، لقد أحيانا مع المسيح، لأننا كنا أمواتًا في الذنوب والخطايا. لقد منحنا الحياة الأبدية بالارتباط بربنا يسوع المسيح المُقام من بين الأموات «وهذه هي الشهادة: أن الله أعطانا حياة أبدية، وهذه الحياة هي في ابنه. من له الابن فله الحياة، ومن ليس له ابن الله فليست له الحياة» (1يو5: 11، 12). لقد أتى الرب يسوع المسيح لتكون لنا حياة وليكون لنا أفضل (أي حياة فضلى وسامية)، وذلك على أساس إتمامه لعمل الفداء وقيامته من بين الأموات. الله لم يكتفِ - بواسطة عمل المسيح - أن يوفي الدين الذي كان علينا، بل نظير ما عمله الله بواسطة أليشع رجل الله - في يومه - مع الأرملة المديونة، إذ أضاف إلى بُشرى وفاء الدين، بشرى الحياة، إذ قال لها: «اذهبي بيعي الزيت، وأوفي دينك، وعيشي أنت وبنوك بما بقي» (2مل4: 7). الله الذي هو غني في الرحمة «أحيانا»، ومن يملك إعطاء الحياة سوى الله الحي؟! لقد أحيانا مع المسيح الحي، ولا يقول إن الله أحيا المسيح ثم أحيانا معه؛ كلا، بل أحيانا نحن فقط مع المسيح الحي، ذلك أن المسيح هو «الحي» وقد «كان ميتًا» وها هو «حي إلى أبد الآبدين». لم تكن فينا نسمة حياة، بل وقد فقدنا حقنا في الحياة، لكن كأموات أعطانا الله حياة مع المسيح «الحي». ب- أقامنا معًا: هذه هي المعجزة الثانية لرحمة الله ومحبته ونعمته. وكما كنا معًا كأبناء المعصية، ومعًا كأبناء الغضب، هكذا نحن معًا مقامون. لم يكتفِ الله بأن يهبنا الحياة الأبدية، بل أقامنا أيضًا معًا. وماذا يقصد بكلمة «أقامنا»؟ يقصد أنه أخرجنا ونقلنا من تلك الحالة التي كنا فيها «أموات في الذنوب والخطايا». لقد أهّلنا لشركة ميراث القديسين في النور، وأنقذنا من سلطان الظلمة، ونقلنا إلى ملكوت ابن محبته، إلى دائرة الرضا الإلهي، التي نحن فيها مقيمون. أما كلمة «معًا» فيقصد بها اليهود والأمم على السواء، وكأنه هنا يعالج حالة من العداوة والشقاق التي كانت بين الفريقين، رغم أنهما كانا معًا أمواتًا بالذنوب والخطايا، وكانا معًا أبناء المعصية، وأبناء الغضب؛ وها هم معًا نالوا الحياة، وأقيموا معًا. لقد قصد أن يجرِّد اليهودي من كبرياء الاعتزاز بمكانته أمام الله، وأن يجرِّد الأممي من فلسفته التي عليها يعتمد، ويقتل العداوة التي كانت بينهما بالصليب. نلاحظ أنه لم يقل ”أقامنا معه“، لأننا فعلاً وحرفيًا غير مُقامين، لكننا أقمنا معه أدبيًا بحسب رسالة كولوسي، ومن ثم فعلينا من نفس الزاوية الأدبية أن نطلب ما فوق، ونهتم بما فوق. نحن لم نقم ”معه“ قيامته الفعلية (أف1: 20)، لكننا قمنا «معًا» وهذا شيء أدبي. فنحن لسنا بعد في قبر الخطايا، بل قمنا تاركين الأكفان أدبيًا، ونحن الآن أحياء «لله في المسيح» من الناحية الأدبية. ج- أجلسنا (معًا) في السماويات في المسيح يسوع: هذه هي المعجزة الثالثة لرحمة الله ومحبته ونعمته، وهذا هو مقامنا العظيم الذي حبانا إياه الله في المسيح، بسبب اتحادنا بالمسيح رأسنا الممجَّد. إن ربنا يسوع، الذي أقامه الله من الأموات وأجلسه عن يمينه في السماويات هو رأس الجسد، وحيث أن المؤمنين الحقيقيين هم أعضاء جسده، فلا يمكن أن يرى الجسد مستقلاً عن الرأس أو منفصلاً عنه. فكما أن المسيح الرأس قد أجلسه الله عن يمينه في السماويات (أف1: 20)، كذلك قد أجلسنا الله في السماويات في المسيح. هذا هو مركزنا وهذا هو مقامنا الآن «في السماويات في المسيح يسوع»، وبعد قليل سيأتي الرب ليأخذنا إليه، وعندئذ سنكون «مع المسيح» فعلاً. أما الآن فإننا ونحن هنا على الأرض فقد أجلسنا الله (معًا) - المؤمنين من اليهود والأمم - في السماويات في المسيح يسوع. هذا المقام السامي هو لجميع المؤمنين الحقيقيين بدون استثناء، وليس هو حالة عملية أو اختبارية، بل هو مقام. ويجب أن تكون حالتنا العملية والاختبارية في تمام التوافق مع هذا المقام السماوي العظيم. ثالثًا: ماذا بعد أن أقامنا (مستقبلنا المجيد) وهذا يتضمن: أ- الغاية من هذا العمل العظيم. ب- الحالة العملية التي يجب أن نكون عليها. أ- الغاية من هذا العمل العظيم «ليظهر في الدهور الآتية غنى نعمته الفائق باللطف علينا في المسيح يسوع» (أف2: 7). هذا هو المستقبل المجيد للمؤمنين، وهذا يتضمن أولاً مجد الله، وثانيًا مجدنا نحن. إن الدهور الآتية ليست هي «ملء الأزمنة» أي «الملك الألفي»، بل تتخطاها إلى الأبدية السعيدة المجيدة، حيث السماوات الجديدة التي نُرى فيها، ثم الأرض الجديدة التي يرانا ساكنوها، ويعظِّمون غنى نعمة الله التي تجلت «في اللطف علينا». لقد ظهر لطف الله في نظره إلينا ليس فقط في ما كنا محتاجين إليه كخطاة مساكين ومعوزين، بل إلى ما فيه مجده ومجد ابنه الحبيب إلى آباد الدهور كلها. الله سيظهر غنى نعمته في «الدهور الآتية»، أي الأبدية التي لا نهاية لها؛ إن قصده الأسمى في عمل الفداء ليس مجرد خلاص وسعادة المفديين فقط، بل إظهار غنى نعمته الفائق لجميع الكائنات، فالملائكة ورؤساء الملائكة، بل والشياطين أيضًا سترى نصرة النعمة الغنية بواسطة ابن الله الحبيب وما عمله فوق الصليب. ب- الحالة العملية التي يجب أن نكون عليها: إذ لنا هذا المقام الرفيع - هبة الله المجانية بالإيمان بالرب يسوع المسيح - يجب أن تتوافق حالتنا الراهنة مع هذا المقام، لأنها تمثِّل مدى تجاوبنا مع نعمة الله. ويقدِّم لنا الروح القدس تحريضات مفصَّلة للحالة التي يجب أن نكون عليها في كولوسي3: 1 - 4: 1؛ وإني أوجه القارئ العزيز إلى هذه الأعداد من كلمة الله العظيمة. ....................... طلعت حلمي |
||||
04 - 05 - 2013, 05:38 PM | رقم المشاركة : ( 28 ) | ||||
| غالى على قلب الفرح المسيحى |
|
رد: قيامة المسيح ( موضوع متكامل ) 2013
قيامة المسيح والدينونة
................................... «لأنه أقام يومًا هو فيه مزمع أن يدين المسكونة بالعدل برجل قد عينه، مقدِّمًا للجميع إيمانًا إذ أقامه من الأموات» (أع17: 31). أولاً: الدينونة وماذا تعني إن كلمةmishpat التي وردت في كتاب الله الثمين حوالي 420 مرة تحمل معنيين؛ المعني الأول: ”دينونة“، وهو أن تجلس قاضيًا تصغي إلي قضية، وتُعطي قرارًا سليمًا؛ وهذا ما نجده في سفر الجامعة 12: 14 علي سبيل المثال لا الحصر «لأن الله يحضر كل عمل إلى الدينونة، علي كل خفي إن كان خيرًا أو شرًا». أما المعني الثاني فهو ”أحكام - حقوق“، والمقصود به الجو الذي توضع فيه الأمور في علاقات سليمة بالنسبة لحقوق الأشخاص مثال ذلك «وهذه هي الأحكام التي تضع أمامهم» (خر21: 1). كما استخدمت كلمة shepatim لتشير إلي عملية الدينونة نفسها؛ ووردت حوالي 16 مرة في كلمة الله، حيث يقول في سفر العدد 33: 4 «والرب قد صنع بآلهتهم أحكامًا». وكل الكتاب يعلن أن الدينونة مؤكَّدة (جا11: 9)، وأنها بالبر (رو2: 5)، وأنها أبدية في نتائجها (عب6: 2). والدينونة كلمة مرعبة لا يحبّ الناس سماعها أو نطقها، وقعت ذات مرة علي مسمع فيلكس الوالي الروماني فارتعب (أع24: 25). فالإنسان يريد أن يعيش دون حساب ولا عقاب، ولكن هيهات، فالديّان واقف قدام الباب (يع5: 9)، وسوف يدين الله غير المخلَّصين حسب أعمالهم لأنهم لم يؤمنوا «باسم ابن الله الوحيد» (يو3: 18)، رغم أنهم يعرفون الحق، لكنهم يحجزونه بالإثم، «إذ معرفة الله ظاهرة فيهم... لأن أموره غير المنظورة تُرى منذ خلق العالم مُدرَكَة بالمصنوعات، قدرته السرمدية ولاهوته، حتى أنهم بلا عذر». ورغم أنهم عرفوا الله، لكنهم استبدلوا حق الله بالكذب (رو1: 18-21)؛ ورغم أن عمل الناموس مكتوب في قلوبهم (رو2: 15)، لذلك سوف يدينهم الله حسب الحق (رو2: 2)، وحسب الأعمال (رو2: 6)، وبحسب الناموس إذا كان لهم ناموس، وبعمل الناموس المكتوب في قلوبهم إذا كانوا بلا ناموس (رو2: 12-15)؛ وسينال البعض ضربات قليلة والبعض ضربات كثيرة بحسب درجة مسؤوليتهم وجسامة خطيتهم (لو 12: 47، 48)، ولكن لن يخلص منهم أحد (رو2: 6؛ 3: 20). ثانيًا: الدينونة ومن يقوم بها الله هو الديَّان، فالدينونة أساسًا هي من حق الله ”ديان كل الأرض“ (تك18: 25؛ مز94: 2)، وهو ”ديان الجميع“ (عب12: 23). ودينونة الله لا شك أنها عادلة عدالة مطلقة، وهي ليست اعتباطية، ولكنها ثمر رحمته وغضبه، فهو لا يأخذ بالوجه ولا يقبل الرشوة (تث10: 17)، وسيقضي على الأشرار «إذا سننت سيفي البارق، وأمسكت بالقضاء يدي، أرُدّ نقمة على أضدادي، وأجازي مبغضيَّ» (تث32: 41). ثالثًا: لماذا الله الابن؟ «لأن الآب لا يدين أحدًا، بل قد أعطى كل الدينونة للابن» (يو5: 22). لقد حدد الله يومًا سوف يدين فيه العالم بالاستقامة والعدل بواسطة الرب يسوع المسيح، وهو الرجل الذي عيَّنه الله للدينونة، على أساس قيامته من الأموات، لأن الله «أقامه من الأموات وأعطاه مجدًا» (1بط1: 21)، وأيضا رُفِع في المجد (1تي3: 16). «أما كان ينبغي أن المسيح يتألم بهذا ويدخل إلى مجده؟» (لو24: 26). وهو الآن في حضرة الله كالإنسان الممجَّد الجالس في سماء السماوات على يمين العظمة في الأعالي، «فوق كل رياسة وسلطان وقوة وسيادة وكل اسم يسمَّى، ليس في هذا الدهر فقط، بل في المستقبل أيضًا» (أف 1: 21). إنه «سوف يأتي في مجد أبيه مع ملائكته» (مت16: 27)، وسيُستعلَن من السماء مع ملائكة قوته (2تس1: 7). وسيجلس على كرسي مجده (مت 25: 31). وسيغطّي جلاله السماوات (حب 3: 3). إن ذاك الذي رفضه العالم من قبل، سيأتي في جلاله ومجده، وستراه كل عين؛ وحينئذ ستجثو باسم يسوع كل ركبة وسيعترف به كل لسان ربًّا وسيدًا. وفي يوحنا 5: 27 يقول الوحي «وأعطاه سلطان أن يدين أيضًا لأنه ابن الإنسان». فلم يقرِّر الله أن يكون للابن حياة في ذاته وحسب، بل أعطاه أيضًا سلطانًا أن يدين العالم، وهذا السلطان قد حصل عليه ”يسوع“ لأنه ابن الإنسان. فالرب دُعي ابن الله وابن الإنسان، في آن واحد؛ أما اللقب ”ابن الله“ فهو لتذكيرنا بأن الرب يسوع هو أحد أقانيم الثالوث الأقدس في اللاهوت، فبصفته ابن الله هو مساوٍ للآب وللروح القدس، كما أنه أيضًا بهذه الصفة مانح الحياة. لكنه أيضا ”ابن الإنسان“، فهو قد جاء إلى هذا العالم إنسانًا، وعاش إنسانًا هنا بين الناس، ومات على الصليب بديلاً عن البشر رجالاً ونساء، لقد رُفض وصُلب عندما أتى إلى هذا العالم بوصفه الإنسان الكامل؛ لكنه قام، وعلى أساس قيامته سوف يأتي ثانية ليدين أعداءه وليتمجَّد في هذا العالم. أنه مهيأٌ تمامًا ليكون القاضي، لكونه الله والإنسان في أن واحد. إذًا، فمن البديهي أن يكون المسيح هو الشخص الذي يدين الخطاة؛ إذ فضلاً عن أنه هو وحده البار - والبار هو وحده الذي له الحق في القيام بهذه المهمة - فإنه هو الذي قدَّم نفسه كفّارة عنهم، ومِن ثّمَ، فله وحده أن يدينهم بسبب عدم تقديرهم كفارته ورفضهم الاستفادة منها. وقد سبق وأشار الرب يسوع المسيح لهذه الحقيقة فقال «لأن الآب لا يدين أحدًا، بل قد أعطى كل الدينونة للابن» (يو5: 22)، وأعطاه سلطان أيضًا أن يدين لأنه ابن الإنسان (يو5: 27)، الذي قام بالفداء؛ كما قال: «ومتى جاء ابن الإنسان في مجده وجميع الملائكة القديسين معه، فحينئذ يجلس على كرسي مجده، ويجتمع أمامه جميع الشعوب فيميز بعضهم من بعض...». قال بطرس عن المسيح إنه هو المعيَّن من الله ديّانًا للأحياء والأموات، وأن له يشهد جميع الأنبياء أن كل من يؤمن به ينال باسمه غفران الخطايا (أع 10: 42، 43). وقال بولس الرسول: «من هو الذي يدين؟»، ثم أجاب على هذا السؤال فقال: «المسيح الذي مات بل بالحري قام أيضًا» (رو 8: 34)؛ كما قال عنه إنه هو الذي يدين الأحياء والأموات عند ظهوره وملكوته (2تي 4: 1). رابعًا: عمل الابن في الدينونة إن الرب يسوع، بفضل الموت والقيامة استولى على سلطان العدو، وأمسك بيمينه مفاتيح الموت والهاوية، وأصبح من حقِّه القيام بدينونة الأشرار ومكافأة المؤمنين به. وهذا ما نراه في قول الوحي: «ثم رأيت عرشًا عظيمًا أبيض، والجالس عليه، الذي من وجهه هربت الأرض والسماء ولم يوجد لهما موضع» (رؤ 20: 11). فالعرش عظيم ورهيب، والدينونة بحسب قداسة الجالس عليه، صاحب المجد والجلال، الرب يسوع المسيح. ثم يقول الرائي: «ورأيت الأموات، صغارًا وكبارًا، واقفين أمام الله، وانفتحت أسفار، وانفتح سفر آخر هو سفر الحياة، ودِين الأموات مما هو مكتوب في الأسفار بحسب أعمالهم» (رؤ20: 12). فالدينونة هي على أساس الأعمال، وتشمل الأفكار (تك 6: 5)، والأقوال (مت 12: 36)، والسرائر (رو 2: 16). وهكذا سيدان كل واحد، ويستدّ كل فم، وتُنكَّس كل رأس؛ وهكذا يصل الأشرار إلى البيئة التي سيخلدون فيها، حيث سيعذَّبون نهارًا وليلاً إلى أبد الآبدين، ويصعد دخان عذابهم إلى أبد الآبدين (رؤ 14: 11). وهذه الدينونة سوف تتم بعد الملك الألفي. كم مرعب هو السماع عن الانتقام، وكم مزعج هو تصوّر حالته! فكم يكون وقعه؟ وكيف يمكن وصفه إذا كان واقعًا من الله الخالق القدير الذي يستطيع كل شيء؟! لئن كان الكتاب يقول: «مخيف هو الوقوع في يدي الله الحي» (عب10: 31)؛ فذلك لأن هذا أقصى ما تصل إليه لغتنا في ضعفها للتعبير عن شيء لا يمكن أن يعبَّر عنه. لذا أناشدك أيها القارئ العزيز أن تراجع نفسك في ضوء ما قرأت، فإن لم تكن لك حياة ابن الله، وما زلت ترزح تحت نير خطاياك، فاعلم أن الدينونة آتية لا محالة؛ وأن الديَّان هو الابن لذلك «قبِّلوا الابن لئلا يغضب فتبيدوا من الطريق، لأنه عن قليل يتقد غضبه» (مز2: 12)؛ ومن يستطيع أن يحتمل غضبه؟!! جمع وتقديم حنا اسحق |
||||
04 - 05 - 2013, 05:41 PM | رقم المشاركة : ( 29 ) | ||||
| غالى على قلب الفرح المسيحى |
|
رد: قيامة المسيح ( موضوع متكامل ) 2013
القيامة من بطون الكتب
................................ لا توجد صفة لله ضدنا؛ فهو إله السلام، وهذا السلام أبدي مؤسَّس على عمل المسيح الكامل. وقد أعلن الله قبوله لهذا العمل الكامل بإقامة المسيح من الأموات، وإقامة الله للمسيح أعلنت قبوله لدمه الكريم. وكما دخل المسيح إلى السماء عينها بفضل قيمة الدم، هكذا بفضل قيمته أُقيم المسيح من الأموات بل وصار راعيًا عظيمًا للخراف. محاضرات في الرسالة إلى العبرانيين –صوئيل ريدوت يُلخَّص الإنجيل في ثلاثة عناوين رئيسية: أولا؛ أن المسيح مات، وهذا يستحضر أمامنا العمل الكفاري العظيم. وثانيًا أنه دُفِن، وهو البرهان الأكمل لموته. وثالثًا أنه قام من الأموات في اليوم الثالث حسب الكتب، وهي الشهادة الأبدية بأن قوة الموت قد كُسرت والشر قد هُزم والله قد تمجد. تفسير كورنثوس الأولى – هاملتون سميث لا غرابة أن الشيطان يهاجم حقيقة القيامة. وقد كانت الأكذوبة الأولى التي ابتدعها أن التلاميذ أتوا وسرقوا جسد يسوع، ولكن من الصعب أن نتخيّل كيف يستطيعون أن يفعلوا ذلك. لقد كان القبر محروسًا بعناية فائقة، وبالطبع كان مستحيلاً أن يتغلّب زمرة التلاميذ الخائفين على الجنود الرومان ويفتحوا القبر ويسرقوا الجسد. إلا أن العائق الأكبر، هو حقيقة أن التلاميذ أنفسهم لم يؤمنوا أنه سيقوم، فلماذا إذًا يسرقون الجسد ويورِّطون أنفسهم في مثل هذه الخدعة. تفسير إنجيل لوقا –وارين ورزبي المسيح ليس فقط مات بكامل إرادته، وعندما أراد، وكما حدَّد؛ بل أيضًا قام بكامل إرادته، وعندما أراد، وكما حدَّد. فلا عجب أن يعلِّق الرسول بولس على أن قيامته هذه بالقول «تعين (تبرهن) إبن الله بقوة من جهة روح القداسة بالقيامة من الأموات» (رو1: 4). فإقامة المسيح لنفسه من بين الأموات من أقوى الأدلة على لاهوته. أرني أين قال المسيح أنا هو الله فاعبدوني – يوسف رياض القيامة هي نبع الأفراح والتأكيد بالخلاص للمؤمن , وقوة الرجاء الحي. كما أنها القياس للحلة الحقيقية للأنسان الميت في خطاياه، والبرهان الأكيد الثابت للدينونة التي تحلق فوق الخطاة لأن الله أقام من الأموات رجلاً قد عينه ليدين الأحياء والأموات تفسير إنجيل يوحنا – هلال أمين لو أنّ المسيح ظل مائتًا مدفونًا في قبره، لَكَان هناك مجال للطعن في كماله المُطلق، ولكان هناك أيضًا مجال للطعن في كفارته وإيفاء مطالب عدالة الله وقداسته. لكن قيامته من الأموات في اليوم الثالث لم تدَع مجالا لهذا الطعن أو ذاك. غفران الذنوب – عوض سمعان إن المسيح قد أعلن أنه إبن الله، وقيامته تصديق من الآب على صدق ما أعلنه المسيح. فلو أن المسيح بقيَ في قبره، رغم إعلانه أنه سيقوم، لكان هذا يعني أن الله لم يوافق على ذلك الإعلان أنه إبن الله. أما وقد أقامه من الموت، فهذا معناه أن الله يقول: أنت ابني، وإنني اليوم أعلن هذه الحقيقة على الملأ. برهان يتطلب قرار – طبعة ثانية – جوش ماكدويل أُخذ إسحاق من على المذبح وكأنه أقيم من الأموات في مثال (عب11: 19) رمزًا لقيامة الرب يسوع الحقيقية من الأموات، بنتائجها المباركة لنفسه ولنا. فله، قد أُعطيت عروس، هي الكنيسة. ولنا، قد تمتعنا بالبركات السماوية. أسفار موسى الخمسة – يوسف رياض إن موت المسيح يحمل معه غروب شمس هذا العالم، وأيضًا غروب كل رجاء وتوقع من الإنسان في الجسد. ولكن بقيامته يبدأ يومًا جديدًا، وعلينا أن نبدأ حساباتنا من هذا اليوم الجديد. كتاب التابوت – عاطف ابراهيم القيامة ما كان يمكن أن تكون إلا بعد الموت الذي وضع حدًّا للحالة القديمة التي أنتجتها الخطية، فبدون الموت لم يكن ممكنًا أي خلاص أو إنقاذ؛ ولكن من جهة أخرى، بدون القيامة يكون المسيح قد مات باطلاً. فالقيامة هي باب البركات الجديدة والحالة المجيدة. والخُلاصة أن القيامة هي حقيقة الإنجيل الكبرى. تأملات في تيموثاوس الأولى والثانية – هنري روسييه القيامة ليست مجرد حادثة تاريخية، ولا حتى حتمية لاهوتية، بل هي حقيقة تعليمية لها أبعادها الروحية. إنها تعني أن الذبيحة قُبلت، والكفارة تمَّت ومشكلة الخطية سُويَت وأننا تبررنا. المزامير المسياوية يوسف رياض |
||||
04 - 05 - 2013, 05:43 PM | رقم المشاركة : ( 30 ) | ||||
| غالى على قلب الفرح المسيحى |
|
رد: قيامة المسيح ( موضوع متكامل ) 2013
شهادات عن القيامة من بطن التاريخ
..................................... حمل التاريخ الكثير من الشهادات التي تشهد عن قيامة المسيح، إليك بعضها: أغناطيوس قال: ”إن المسيح تألم لأجل خطايانا وقام في اليوم الثالث لأجل تبريرنا“. بوليكاربس قال: ”من ينكر قيامة المسيح فهو من أتباع الشيطان“. بلسيطون قال: ”المسيح قام من بين الأموات لأنه لم يكن مجرد إنسان“. يوستينوس قال: ”إننا نحتفل بسرِّ قيامة المسيح في اليوم الأول من الأسبوع“. الحبر اليهودي كاوزنر قال في كتابه ”يسوع الناصري“: ”من المحال أن نفترض وجود خدعة في أمر قيامة المسيح لأنه لا يُعقل أن تظل خدعة 19 قرنًا“. وستكوت قال: ”لا توجد حادثة تاريخية واحدة دعّمتها أدلة أقوى من تلك إلي تدعم قيامة المسيح“. دكتور توماس (أستاذ التاريخ في جامعة أكسفورد) قال: ”لما طُلب مني أن أقوم بتدريس التاريخ القديم وأفحص أدلة المؤرخين على صدق ما جاء به من أخبار، لم أجد خبرًا أجمع على صدقه كل الأشخاص المحايدين مثل خبر قيامة المسيح“. دكتور ”ديني“ قال: ”لا مجال للشك في قيامة المسيح بعد أن غيَّرت يوم الراحة الذي كان اليهود يتمسكون به بشدة“. |
||||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
موضوع متكامل عن يسوع المسيح |
موضوع متكامل عن دخول المسيح ارض مصر |
أول موضوع متكامل عن الكريسماس 2013 ادخل وشااااااااااارك |
موضوع متكامل عن دخول المسيح ارض مصر |
موضوع متكامل عن قيامة يسوع المسيح والخماسين |