09 - 02 - 2023, 01:52 PM | رقم المشاركة : ( 21 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
القديس متاؤس الأول حلم البابا متاؤس وصفحه عن خصومه وانتصاره عليهم وقام راهبان منجوسان ضد البابا لطلبهما الكهنوت باطلًا فسعيا ضده عند الملك برقوق ولما لم يسمع الملك لشكواهما سعيا به أيضًا عند كل حاكم بمصر. وكان كل حاكم يمضيان إليه يتكلمان في حق البابا بما يخالف ما ادعيا عليه به عند الحاكم الآخر. ولما تحقق لدى الحكام كذبهما وضجروا من أعمالهما قصدوا أن يعاقبوهما ويلقوهما في السجن ولكن رأفة البابا متاؤس وطول أناته لم تمكن أولئك الحكام من إيصال الأذى لهذين الراهبين وظل يحتملهما بصبر ويطول روحه عليهما فلم يرجعا عن شرهما لأن الشيطان ملأ قلبيهما فهجما ذات يوم على قداسة البابا وهو متربع في مجلس الحكم وقالا له: "ما بالك لا تقوم وتنحط عن كرسيك لأنه جاء الوقت الذي يصير فيه الواحد منا بطريركًا والآخر أسقفًا" فلما سمع كلامهما تبسم ولم يشتد غضبًا بل أجابهما بكل اتضاع قائلا: "أما تريان يا هذان أن تصبرا عليَّ قليلًا وأنا أضرب لكما مطانية metanoia أن تمهلاني أربعين يوما فقط حتى أتخلص من شؤون البطريركية وودائع الشعب التي معي. وبعد كمال الأربعين يومًا تعالا إلى وأنا أسلم لكما كرسي البطريركية بلا مانع يعيقني". ولما قال لهذين الراهبين هذا الكلام فرحا جدًا ومضيا إلى أحد الأديرة لكي يقيما فيه مدة الأربعين يومًا التي حددها لهما البابا، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. ولم يمض عليهما ثلاثون يومًا حتى أخذهما الرب وماتا واحدًا بعد الآخر بقوة الصلاة التي لهذا البابا القديس. وخرج راهب سرياني يدعى إبراهيم خرج عن الإيمان القويم أمام الملك ثم أندمج في سلك الجندية وبعد ذلك أخذ يتكلم في حق البابا متاؤس ويتحدث عن الرهبان المجروحين الذين خرجوا عن الإيمان ثم عادوا تائبين إلى البرية، بوشايات صعبة وكذبة. ثم أخذ بعض الجند وطلع إليهم بالبرية وقبض على جماعة من الرهبان وأوثقهم وحملهم إلى مصر وكان يظن أنه يجد أحدًا من أولئك المجروحين فلم يجد منهم سوى راهب واحد أحضره أيضا موثقا صحبة الرهبان إلى مصر حيث نال المجروح أكليل الشهادة. وأما الراهب الجندي الذي أنكر مسيحيته فلم يبرح عن معاندة البابا متاؤس وصار يقاومه إلى أن ضجر الشعب منه وسألوا البابا أن يدعى عليه ويلعنه فلم يوافقهم وقال لهم: "يا أولادي لا تدعوا عليه بل أنى أدعوا له كي يرده الله إلى حظيرة الإيمان ويهبه أكليل الشهادة مثل إخوته". ولم يمض على ذلك زمن حتى أبدل الله شرور هذا الراهب وغير ما في قلبه فأظهر ندمًا حقيقيًا على ما فرط منه ثم مضى لساعته واعترف بالمسيح أمام الملك بعد أن أنكره أمامه ونال إكليل الشهادة مثل أخوته كما دعا له البابا وتعجب كل واحد من قوة احتماله لهذه الشرور وعدم مقابلتها بأشر منها لأنه كم من الشرور وقعت من المعاندين على هذا البابا القديس وهو يحتملها بصبر وطول أناة إلى أن يخلصه الله منها بسلام (فوه 173 وكتاب 15 ص 285). |
||||
09 - 02 - 2023, 01:53 PM | رقم المشاركة : ( 22 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
القديس متاؤس الأول فشل سعى العامة لهدم كنيسة العذراء المعلقة بمصر ونجاتها خرج البابا القديس متاؤس الأول من القاهرة قاصدًا الأديرة البحرية ببرية شيهيت للاعتكاف والصلاة فلما سمع جماعة من المعاندين بتغيبه لأنهم كانوا يخشون بأسه أثناء وجوده بالقاهرة لرابطة المحبة والإخلاص التي تربطه بالسلطان برقوق اغتنموا فرصة غيابه وسعوا للقيام بهدم كنيسة السيدة العذراء والدة الإله المعلقة فلم يمكنهم السلطان من ذلك بل ألهمته العناية الإلهية إلى الاستعانة بالقضاة الأربعة في أمر الكشف عن تلك البيعة المقدسة فلم يجدوا شيئًا مما ادعى به المعاندون في طلبهم فانقهروا على كشف مؤامرتهم الدنيئة وامتلاؤا غيظًا من فساد تدبيرهم السيء فلم يتمالكوا نفوسهم من شدة غيظهم فأخذوا جفنة نار وأطلقوها تحت تلك البيعة يريدون حرقها بكمالها لكن الله عز وجل الذي سمع للفتية الثلاثة صلاتهم في أتون النار وأطفأ لهيبها عنهم ونجاهم فببركة الراعي الصالح متاؤس لم يدع النار تصعد إلى علو البيعة. وبينما كان تلاميذ البابا متاؤس يطفئون النار من أسفل أرسل لهم رب السلام الحارس على بيعته المقدسة ندى باردًا بكثرة من فوق حتى أطفأ لهيب النار المتقدة حتى تعجب الحاضرون من هذه العناية الربانية ومجدوا الله على حسن صنيعه معهم. |
||||
09 - 02 - 2023, 01:54 PM | رقم المشاركة : ( 23 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
القديس متاؤس الأول فشل مؤامرة المعاندين في أمر هدم دير شهران ثم أراد بعض المعاندين أن يقوموا على دير شهران ويهدموه فقدموا إلى الملك برقوق عريضة يتهمون فيها رهبان هذا الدير بادعاءات باطلة حتى أذن لهم بهدمه. فلما اجتمعوا لتنفيذ غرضهم السيئ لم يمكنهم البابا متاؤس من ذلك لأنه أجتمع في ذلك اليوم خلق كثير لا يحصى لهم عدد وظنوا أنه لكثرتهم يخشى البابا بأسهم ويخاف من شرهم ويسلم لهم الدير ليهدموه. ولكن رجل الله الذي يستمد من العلى كل معونة لم يخف منهم وصار يناصبهم ويقاومهم إلى أن قال لهم محتدًا: "من منكم أيها الناس له يد وسلطان فيجرد سيفه ويقتلني لأني ما دمت حيًا لا أمكنكم من أن تهدموا طوبة من بناء هذا الدير إلى أن أقف أنا وأنتم أمام السلطان واظهر له باطل ما ادعيتم به على رهبان الدير زورًا وبهتانًا من الأباطيل التي لا أساس لها من الحقيقة". وبعد أن تكلم معهم بهذه الصفة تركهم البابا ومضى إلى القلعة واستغاث بقوة السلطان برقوق ملك مصر. ولما وصل صوت صراخه إلى مسامع الملك أرسل للوقت للكشف عن حقيقة ما نسب لرهبان الدير المذكور فلما مضى القضاة الأربعة إلى دير شهران وكشفوا عليه فلم يجدوا أثرًا بالمرة مما أدعى به المعاكسون ومنعوا من الاعتداء على مباني الدير فهرب أولئك الشاكون واختفوا من غضب الملك برقوق لئلا يبطش بهم لكذبهم فيما أدعوه. |
||||
09 - 02 - 2023, 01:56 PM | رقم المشاركة : ( 24 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
القديس متاؤس الأول خلع السلطان برقوق ونفيه إلى الكرك ظهر في شمال سوريا في سنة 1389م استياء عام من السلطان برقوق واشتدت وطأته بتدبير الأمير منطاش حاكم ملطية والأمير يلبغا السلمي حاكم حلب. وقد استعان هذان الأميران بالمغول والتركمان في الحدود الشمالية للمملكة المصرية من جهة الشام التي كانت تابعة لحكم مصر. وتمكن الثوار من هزيمة الجيش المصري بالقرب من دمشق في 17 أبريل سنة 1389 م. واستولوا عليها ودخلوها ثم اتجهوا إلى مصر. وفي هذا الوقت استولى على السلطان برقوق الهلع من سوء الحالة التي وصل إليها حتى فقد وعيه. وبعد أن ألغى المكوس سلّح عامة الشعب وأقام المتاريس في الشوارع وحفر الخنادق حول القلعة وتفجرت دموعه من شدة اليأس واختبأ في دكان خياط. فدخل الثوار وعلى رأسهم الأميران منطاش ويلبغا السلمي القاهرة وأعادوا حجي بن شعبان السلطان المخلوع ملكًا بالاسم مكان برقوق (تاريخ مصر في العصور الوسطى تأليف لين بول ص 330). وقد حزن الشعب كله على انكسار الملك برقوق فقال لهم الأب رويس: "لا تحزنوا فغدًا سيخرج الملك برقوق من منفاه وينتصر على عدوه منطاش" (سيرة القديس رويس المحفوظة في ديره). |
||||
09 - 02 - 2023, 01:57 PM | رقم المشاركة : ( 25 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
القديس متاؤس الأول خلع السلطان برقوق ونفيه إلى الكرك اضطهاد الأميرين منطاش ويلبغا للبابا متاؤس ولما أنتصر منطاش ويلبغا على السلطان برقوق كما تقدم ذكره وليا مكانه السلطان حجي بن شعبان آخر ملوك المماليك البحرية. وكان ملكًا بالاسم إذ حفظا لشخصيتهما السلطة الفعلية في المملكة (لين بول ص 330). وقام أحد المعاندين للبابا متاؤس الأول ووشى به عند الأمير منطاش بأن تحت يد البابا أموالًا وذخائر أودعها عنده السلطان برقوق قبل خروجه من مصر ونفيه في قلعة الكرك. فطلب الأمير البابا متاؤس واستجوبه فلم يجد تحت يده شيئًا بالكلية من أموال السلطان فندم الأمير على ما أوقعه من عقاب على البطريرك وأطلق سراحه. ولكن الله لم يترك له هذا الظلم البين حتى نال جزاءه بالميتة الشنيعة التي أعدها له السلطان برقوق عندما أسترد كرسي المملكة كما سيأتي بيانه. وقد تسلط الأمير يلبغا أيضًا على قداسة البابا متاؤس وقصد أن يحدث على الشعب حوادث عديدة رديئة وعادات صعبة فلم يوافقه البابا على ذلك وقاومه، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. فجرد ذلك الأمير الفاجر سيفه بغضب يريد أن يضرب رقبته وللوقت مد البطريرك عنقه للسيف وسأله أن يضربه. فلما رأى الأمير شجاعته وقوة قلبه وصموده على الحق هلع منه وأطلقه ولكن الله جازاه على قبح تصرفاته إذ أسلمه إلى يدي ملك كان قد أقامه واليًا وضربه وعصره وأرسله إلى الجب في مدينة الإسكندرية. وكان الشعب كلما خشى عودته كان يطمئنهم البابا قائلا: "لا تخشوا يا أولادي شرًا ولا تخافوا البتة ولا تظنوا أن الأمير سيعود إلى مصر لأني وكلت بسجنه الأربعة حيوانات حاملي العرش الإلهي. ولم يبرح ذلك الأمير مسجونًا في الإسكندرية إلى أن مات شر ميتة. وان الشعب تعجب وأعطى المجد لله وقدم له الشكر على خلاصه من أيدي أعدائه سالمًا. |
||||
09 - 02 - 2023, 01:58 PM | رقم المشاركة : ( 26 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
القديس متاؤس الأول عودة السلطان برقوق إلى الحكم وفي سنة 1389 ميلادية وقع الخلاف في صفوف الأمراء وتراشق الأميران منطاش ويلبغا السلمي من سطح جامع السلطان حسن وأسوار القلعة بآلات القتال فمهدا بذلك السبيل للثورة التي أعدها في الشام السلطان برقوق المخلوع لأنه تمكن من الهرب من سجنه في قلعة الكرك وجمع الجيوش القوية وحارب بها الثائرين فقهرهم وانتصر عليهم في سوخد وأسر السلطان الصالح حجي الخليفة العباسي ودخل القاهرة ظافرًا في 4 صفر 792 هـ. الموافق 22 يناير سنة 1930 م. فأحسنت رجال الحاميات استقباله وابتهج الشعب بعودته وخرج إليه الإسرائيليون بمصاحفهم والمسيحيون بأناجيلهم وأضيئت الشموع وفرشت الأبسطة تشريفًا له وإظهارًا لسرورهم. وقام السلطان برقوق بالقبض على السلطان حجي وسجنه في القلعة وسمح له أن يعيش فيها إلى أن مات في سنة 1421م (لين بول ص 230 و231). وقد تحققت نبوءة القديس رويس التي أعلنها عند نفى الملك برقوق.. |
||||
09 - 02 - 2023, 01:58 PM | رقم المشاركة : ( 27 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
القديس متاؤس الأول القضاء على ثورة الشام وأسر الأمير منطاش قضى السلطان برقوق مدة السنتين التاليتين في محاربة الثوار الذين يقودهم الأمير منطاش في سوريا حتى قضى عليهم وأسر خصمه الأمير منطاش ثم قام بتعذيبه مر العذاب لينتزع منه سر مكان ثروته المخبوءة ولكنه لم يفز منه بطايل وأخيرا قطع رأسه وشهرها فوق حربة وأمر أن يطاف بها في جميع مدن الشام وأخيرا علقها على باب زويلة بالقاهرة ثم نكل بباقي المتآمرين عليه وسحبوهم في سروج الجمال وطافوا بهم في شوارع المدينة حتى فارقوا الحياة (تاريخ مصر في العصور الوسطى تأليف لين بول ص 126). |
||||
09 - 02 - 2023, 01:59 PM | رقم المشاركة : ( 28 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
القديس متاؤس الأول قيام تيمور لنك بغزو الشرق وما كاد السلطان برقوق يتمم حملته بنجاح حتى ظهرت بوادر غزو تيمور لنك المنغولي في أفق الشرق فاستولى على بغداد في أغسطس سنة 1393 م. وانحدر إلى الشام حتى أصبح يهدد السلطنة المصرية بالغزو. فقد جاء إلى السلطان برقوق رسل من قبل تيمور لنك يطلبون منه تسليمهم قرا يوسف أمير الدولة المادية الذي التجأ إلى حماية برقوق هربًا من بطش تيمور لنك وكان طلبهم بطريقة فظة فقتلهم لشدة غضبه من غلاظة معاملتهم. ولما بلغ الخبر إلى تيمور لنك استشاط غضبا وساق جيشه قاصدا مصر للانتقام. ولكن السلطان برقوق لم يغفل عن ذلك وتأهب للدفاع والهجوم وسار الجيش المصري حتى الفرات ولكن تيمور لنك أشتبك في القتال كلية مع طوقتمش في جورجيا (لين بول ص 332). |
||||
09 - 02 - 2023, 02:00 PM | رقم المشاركة : ( 29 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
القديس متاؤس الأول وفاة السلطان برقوق، وقيام ابنه السلطان فرج ولم يكد يتم السلطان برقوق استعداده لمُلاقاة خصمه تيمور لنك حتى أدركته الوفاة بداء الصرع في يوم الجمعة 15 شوال سنة 801 هـ. (20 يونيه سنة 1399 م.)، فأسف عليه الناس أسفًا شديدًا لعدالة حُكمه ويقظته ورفقته برعيته. (وحزن على موته القديس متاؤس الأول البطريرك لأنه كان صديقًا حميمًا له، وكان يقضي له حوايجه، ويرفق بشعبه، ويقيم العدل بين جميع الناس دون النظر إلى الفارِق الديني). وتولى بعده ابنه السلطان فرج، ولُقِّبَ بالملك الناصِر، وكانت أنه يونانية الجنس (لين بولس ص 333). |
||||
15 - 02 - 2023, 06:07 PM | رقم المشاركة : ( 30 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
القديس متاؤس الأول خلاص البابا متاؤس من الاضطهاد والسجن الذي وقع فيهما بعد موت السلطان برقوق وعندما استولى تيمور لنك على الشام، سافَر السلطان الملك الناصر فرج بن برقوق لمُحاربته، وأناب عنه في حُكم مصر الأمير يلبغا السالمي. ولما خلا الجو لهذا الأمير، أوقع على المصريين ظُلمًا كثيرًا، حتى أنه أمر بحصر كل أبوابهم: أبواب المنازل والحوانيت والطواحين والأفران والبساتين والسواقي والكروم، وقَدَّر عليها ضرائب باهظة. وقبض على البابا متاؤس الأول وسَجَنه، وأحضر نساء النصارى واليهود وألبسهم ملابس زرقاء وصفراء أمام البطريرك. ولكن البابا قاوَمه فغضب ذلك الأمير عليه واستل سيفه يضرب رقبة البابا. فَمَدَّ البطريرك رقبته إليه وسأله أن يقتله. فرجع الأمير عن عزمه واندهش لشجاعة البابا وأرد أن يطلق سراحه. ولكن البابا رفض ذلك إلا إذا أطلق أبناءه المسجونين بدون ذنب أو جريرة. وأتى أحد تلاميذ القديس فريج إليه، فوجده مُلقى على الأرض لا يتكلم، فقال له: "ألا تعلم أن الأمير قبض على أبينا البطريرك وَسَجَنَهُ وكاد يقتله؟ فلماذا لا تُحَرِّك ساكِنًا؟!" فرفع القديس فريج وجهه وأصابعه إلى السماء وقال لتلميذه: "انظر إلي فوق، فإن سيدتنا العذراء سَتُخَلِّصهُ". ولما سمع التلميذ هذا الكلام من مُعلمه اندهش من اطمئنانه وثباته. وأخذت التلميذ سنة من النوم ورأى في نومه صليبًا من النور في كبد السماء، وخرجت منه يمامة حسنة المنظر، وقد بسطت جناحيها على رأس البابا البطريرك. ثم سمع أثناء ذلك القديس فريج يخاطب البطريرك قائلًا: "مَتَّى، متى.. لا يخف قلبك. لأن الحمامة الحسنة التي تحبها ( مُبَشِّرًا بذلك إلى السيدة الطاهرة مريم والدة الإله حامية البابا متاؤس) قد خرجت اليوم لخلاص، وسَتُهْلِك عدوَّك". وعند ذلك استيقظ التلميذ من نومه، وتَوَجَّه إلى البابا البطريرك في السجن، وقصَّ عليه هذه الرؤيا. وفي تلك الأثناء هجم أحد أمراء مصر على السجن وكسَّر أبوابه الحديدية، وأخرج البابا متاؤس البطريرك القديس ومَنْ معه من المسجونين من السجن، وهزم الأمير يلبغا السالمي. وفي ذلك الأسبوع حضر السلطان الناصر فرج بن برقوق، ولما علم بما فعله الأمير يلبغا من الأعمال الوحشية قام بمطاردته من مكان إلى آخر، حتى تمكَّن أخيرًا من القبض عليه. وسجنه وأوقَع عليه عقوبات السَّجن والضرب حتى مات شر ميتة. وهكذا تمَّت نبوة القديس فريج بحذافيرها، وانتقم الله للقديس متاؤس وأبنائه المظلومين من الجبار يلبغا سريعًا، ونال جزاءه على ما اقترفته يداه الآثِمة. |
||||
|