01 - 11 - 2018, 03:56 PM | رقم المشاركة : ( 21 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: حياة الأنبا انطونيوس للقديس أثناسيوس الرسولى
27. لذلك أبكم الرب ـ كإله ـ أفواه الشياطين. وخليق بنا إذ قد تعلمنا من القديسين، أن نفعل مثلهم، ونقتدي بشجاعتهم. لأنهم عندما كانوا يرون هذه الأمور كانوا يقولون: "عندما قام عليَّ الخاطئ صمتُ صمتاً، وتواضعت وسكت عن الكلمات الطيبة"[59] وأيضا "ولكني كنت كأصم لا أسمع وكأبكم لا يفتح فمه وصرت كإنسان لا يسمع "[60].
لذلك ينبغي أن لا نصغي للشياطين لأنها غريبة عنا ولا ننتبه إليها، حتى ولو أيقظتنا للصلاة، وتكلمت عن الصوم، بل لنتمسك بالأحرى بتصميمنا علي النسك، ولا ننخدع بمن يفعلون كل شئ بخداع حتى ولو هددونا بالموت فهم ضعفاء. ولا يقدرون أن يفعلوا شيئا سوي التهديد. |
||||
01 - 11 - 2018, 03:56 PM | رقم المشاركة : ( 22 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: حياة الأنبا انطونيوس للقديس أثناسيوس الرسولى
28. سبق أن تحدثنا عن هذه الأمور بالإيجاز. أما الآن فيجب أن لا أتردد عن التحدث عنها بتوسع. لأن تذكيركم مصدر أمان لكم.
منذ افتقد الرب الأرض سقط العدو، وضعفت قوته. وإذ عجز عن أن يفعل شيئا فإنه كطاغية لم يحتمل سقوطه بهدوء بل هدد، رغم أن تهديده لم يكن سوى كلمات. وليذكر كل واحد منكم هذا، فيستطيع أن يحتقر الشياطين. وإن كانت قد غلبت أمامنا نحن الأجساد فيمكنها أن تقول "عندما يختبئ الناس فإننا لا نقدر أن نجدهم، ولكن عندما نجدهم فإننا نقدر أن نؤذيهم" . ونحن أيضاً إذ نختبئ فإننا نقدر أن ننجو منها، عندما نغلق الأبواب في وجوهها. لكن إن لم تكن هذه هي طبيعتها. بل تقدر أن تدخل، وأن كانت الأبواب مغلقة. وتتحول في كل الجو، هي وقائدها إبليس، وتميل إلى الشر والإيذاء، وكما قال المخلص" إبليس قتال الناس من البدء وأبو الرذيلة "[61] وطالما كنا نحن ـ رغم هذا ـ لا نزال أحياء. ونقضي حياتنا في مقاومته بقوة أشد، فواضح من هذا أنها ضعيفة وعديمة القوة، لأن المكان لا يعرقل مؤامراتها، ثم هي لا تنظر إلينا كأصدقاء حتى تعفو عنا، ولا هي محبة للخير حتى تصلح من شأنها، بل بالعكس هي شريرة، ولا تسعي وراء شئ سوي جرح من يحبون الفضيلة ويتقون الله. نظراً لأنها لا قوة لها لتعمل أي شئ، فأنها لا تفعل شيئا سوى التهديد. ولو كانت قادرة لما ترددت، بل لفعلت الشر في الحال (فهذه هي كل رغبتها)، سيما ضدنا. هوذا نحن الآن مجتمعون معاً، ونتكلم ضدها، وهي تعلم بأننا كلما تقدمنا ازدادت هي ضعفاً. فلو كانت لديها قوة لما سمحت لأي واحد منا نحن المسيحيين بأن يعيش. لأن التقوى مكرهة الخاطئ [62]، ولأنها لا تقدر أن تفعل شيئاً فإنها تجرح نفسها أكثر فأكثر، إذ أنها لا تقدر أن تتمم شيئا من تهديداتها. وبعد هذا لنذكر بأننا يجب أن لا نخافها وأنها لو كانت لها القدرة لما جاءت في جموع، ولا ظهرت بمظاهر مختلفة، ولا حاولت أن تخدع بتغيير منظرها، بل لكان يكفي أن يأتي شيطان واحد فقط ويتمم ما يقدر أن يفعله، وما يريد أن يفعله. سيما وأن كل من توافرت لديه القوة لا يقتل متخفياً، ولا يبعث الخوف بالجلبة والضوضاء، بل يستخدم كل سلطانه في الحال كما يريد. أما الشياطين، فلأنها لا قدرة لها، فهي كالممثلين علي المسرح تغير شكلها، وتخيف الأطفال بأشباحها المخيفة، وأشكالها المختلفة، الأمر الذي يبعث بالأحرى علي احتقارها لأنها تظهر ضعفها. فعلي الأقل أن ملاك الرب الحقيقي الذي أرسل ضد الآشوريين لم يكن في حاجة لكي يحدث جلبة أو ضوضاء، أو يغير منظره الخارجي، أو يبعث أصواتاً أو قعقعة، بل استخدم قوته في هدوء، وللحال قتل مائة وخمسة وثمانين ألفا [63]، أما أمثال تلك الشياطين عديمة القوة فإنها تحاول أن تخيف علي الأقل بأشكالها المصطنعة. |
||||
01 - 11 - 2018, 03:56 PM | رقم المشاركة : ( 23 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: حياة الأنبا انطونيوس للقديس أثناسيوس الرسولى
29. ولكن إن قال واحد، وهو يذكر قصة أيوب، لماذا إذا خرج إبليس وتمم كل شئ ضده، وجرده من كل ممتلكاته، وقتل بنيه، وضربه بقروح ردية؟ فليذكر مثل هذا من الناحية الأخرى، إن إبليس لم يكن هو القوي، بل الله الذي سلم إليه أيوب لامتحانه. يقينا أنه لم تكن لديه قوه لعمل شئ، ولكنه طلب، وإذ أجيب إلى طلبه فعل ما فعل. ومن هذا أيضاً يزداد افتضاح العدو، إذ أنه لم يقدر علي شخص بار واحد رغم أنه أراد إيذاءه. لأنه لو كانت له قوة لما طلب الأذن. أما وقد طلب، لا مرة واحدة بل مرة أخري أيضاً، فقد بين ضعفه وافتقاره إلي القوة. وليس عجيبا أن عجز عن أن يفعل شيئا ضد أيوب. إن كان الهلاك لم يحل بمواشيه أو لم يكن الله قد سمح بذلك وليس لدية سلطان علي الخنازير، لأنه مكتوب في الإنجيل أن الشياطين طلبت من الرب قائلة: إئذن لنا أن ندخل الخنازير[64]. وإن لم يكن لها سلطان حتى علي الخنازير فبالأولي جداً ليس لها سلطان علي البشر [65]، الذين قد تكونوا علي صورة الله.
30. إذا وجب أن نخاف الله فقط ونحتقر الشياطين، ولا نرهبها. بل كلما ازدادت هي في عمل هذه وجب أن نضاعف نحن نسكنا ضدها، لأن الحياة الصالحة والإيمان بالله سلاح قوي. وعلي أي حال فهي تخشى الصوم، والسهر، والصلوات، والوداعة، والهدوء، واحتقار المال، والمجد الباطل، والتواضع، ومحبة المساكين، والصدقة، وتحرر النساك من الغضب، وفوق الكل تقواهم نحو المسيح، لذلك فهي تفعل كل شئ لكي لا يكون لا يكون هناك من يطأها إذ تعرف النعمة المعطاة للمؤمنين ضدها بواسطة المخلص حينما قال" ها أنا أعطيكم سلطانا لتدوسوا الحيات والعقارب وكل قوة العدو[66]. |
||||
01 - 11 - 2018, 03:56 PM | رقم المشاركة : ( 24 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: حياة الأنبا انطونيوس للقديس أثناسيوس الرسولى
31. وإن ادعت التنبؤ بالمستقبل وجب أن لا يلتفت إليها أحد، لأنها كثيرا ما تعلن مقدما أن الأخوة قادمون بعد بضعة أيام، فيأتون فعلاً، وعلي أي حال فإن الشياطين لا تفعل هذا لاهتمامها بالسامعين، بل لكي تنال ثقتهم. وبعد ذلك قد تهلكهم إذ تستحوذ عليهم في سلطتها. لهذا يجب ألا نصغي إليها، بل بالأحرى أن نخرسها إذ تتكلم، فنحن لسنا في حاجة إليها. لأنه أي عجب إن كانت، هي بأجسادها الأكثر دهاء من أجساد البشر[67]، عندما تري الأخوة يبدءون أسفارهم تسبقهم بسرعة وتعلن مجيئهم؟ وكما أن راكب الحصان عندما يسبق السائر علي قدميه يعلن مقدما قدوم هذا الأخير، كذلك لا داعي للتعجب منها في هذا الصدد، لأنها لا تعرف شيئا لم يوجد بعد في الوجود، ولكن الله وحده هو الذي يعرف كل الأشياء قبل ولادتها[68]، أما هذه فإنها تركض أولا وتعلن ما ترى. فلقد أعلنت خدمتنا للكثيرين، أعلنت أننا مجتمعون معا نتناقش في بعض الإجراءات ضدها، وذلك قبل أن يستطيع أي واحد منا أن يذهب وينبئ بهذه الأمور. والواقع أن هذا ما يستطيع فعله أي فتى رشيق الحركة عندما يسبق شخصا أقل حركة. ولكن ما أقصده هو هذا، أنه إن بدا شخص يسير من طيبة أو من أية منطقة أخري، فإنها لا تستطيع معرفة إتجاه مسيره قبل أن يبدأ المسير. ولكنها عندما تراه سائراً تسرع وتعلن اقتراب وصوله قبل أن يصل. وهكذا يحدث أن يصل المسافرون بعد ذلك ببضعة أيام. ولكن كثيرا ما يحدث أن السائرين يرجعون فيتضح كذب الشياطين.
|
||||
01 - 11 - 2018, 03:57 PM | رقم المشاركة : ( 25 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: حياة الأنبا انطونيوس للقديس أثناسيوس الرسولى
32. وهكذا أيضا فيما يختص بمياه النهر. فالشياطين في بعض الأحيان تعطي بيانات خاطئة. فإذا رأت أمطارا كثيرة في مناطق أثيوبيا، وهي تعرف أنها هي سبب فيضان النهر، فإنها تسرع وتعلن الأمر قبل وصول المياه إلى مصر. وهذا ما يستطيع البشر أن يخبروا به لو كانت لهم نفس قوة الركض كالشياطين. وكما أن جاسوس داود إذ صعد إلى مكان مرتفع رأي الرجل يقترب أسرع مما رآه من كان ماكثا في مكان منخفض، وهكذا الراكض نفسه يعلن، قبل وصول غيره، لا الأشياء التي لم تحدث، بل تلك التي حدثت وكانت في الطريق مع حامليها، هكذا تسعي هذه لكي تعلن للآخرين ما هو حادث، وذلك لكي تخدعهم. إما إن رتبت العناية الإلهية شيئاً مخالفا للمياه، وللسائرين في الطريق، لأن العناية الإلهية تقدر أن تفعل هذا، فإن الشياطين تخدع، والذين أصغوا إليها ينخدعون.
33.هكذا انتشرت في الأيام الماضية أقوال اليونانيين(الوثنيين)، وبهذا أضلتهم الشياطين، علي أن ضلالاتهم قد وضعت عند حد بمجيء الرب.[69] الذي أباد الشياطين ومكايدها لأنها لا تعرف شيئا من تلقاء ذاتها، بل كلصوص لنقل ما يتصادف أن تعرفه من الآخرين، وهي لا تتنبأ بالحوادث بل بالأحرى تتكهن. ولذلك فإن تكلمت بالصدق أحيانا وجب أن لا يعجب أحد بها من أجل هذا. فالأطباء المحنكون أيضا إن رأوا مرضاً واحداً في أشخاص مختلفين كثيراً ما ينبئون به، ويكشفون عنه بخبرتهم، وربابنة السفر والفلاحون، لتعودهم علي الجو، يستطيعون بنظرة واحدة بسيطة أن يخبروا عن حالة الجو، ويتنبئوا أن كان الجو سيصير عاصفاً أم لطيفاً. ولن يستطيع أحد القول أنهم يفعلون هذا بوحي أو الهام، إنما من الاختبار والتمرين. وهكذا إن فعلت الشياطين بعض الأحيان نفس الأمر بالتكهن فلا يتعجب أحد من الأمر أو يصغي إليها. لأنه أية منفعة للسامعين أن يعرفوا منها قبل الوقت ما سوف يحدث؟ أو أية أهمية أن تعرف مثل هذه الأمور حتى ولو كانت المعرفة صحيحة؟ فهي ليست ثمرة للفضيلة، ولا هي أية علامة علي الصلاح. لأنه لن يدان أحدنا بسبب ما لا يعرفه، ولا يقال علي أحد أنه مبارك لأن لديه علماً ومعرفة. بل يدعو كل واحد للدينونة في هذه الناحية، هل حفظ الإيمان واتبع الوصايا بحق ؟ |
||||
01 - 11 - 2018, 03:57 PM | رقم المشاركة : ( 26 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: حياة الأنبا انطونيوس للقديس أثناسيوس الرسولى
34. لذلك لا حاجة لكي نعطي هذه الأمور أهمية كبيرة، أو نمارس حياة النسك والتعب من أجلها، بل أن نرضي الله بحياتنا الطيبة. ويجب ألا نصلي لكي نعرف المستقبل. أو نطلب هذه المعرفة كأجر لنسكنا، بل لتكن صلاتنا لكي يكون الرب معيناً لنا للنصرة علي إبليس، وإن حدث أننا رغبنا مرة في معرفة المستقبل فلنكن طاهري الذهن، لأنني أعتقد أنه إن تطهرت النفس تماما، وكانت في حالتها الطبيعية، استطاعت أن تري أكثر وأبعد من الشياطين[70] لنقاوة نظرها، لأن لها الرب الذي يعلنه لها، كنفس إليشع التي رأت ما فعله جيحزي[71] وأبصرت جيوش الملائكة واقفة بجوارها.[72]
35. لذلك فإن أتتكم ليلاً وأرادت أن تخبركم عن المستقبل، أو قالت نحن ملائكة، فلا تصغوا إليها، لأنها كاذبة، حتى إن مدحت نسككم ودعتكم مباركين فلا تصغوا إليها، ولا تكن لكم معاملات معها، بل بالأحرى ارشموا ذواتكم وبيوتكم، وصلوا، تجدوها قد انقشعت. لأنها في غاية الجبن. وتخشي جداً علامة صليب الرب، طالما كان الرب قد جردها فيه حقاً، وأشهرها جهارا[73]. أما إذا ثبتت بلا خجل، مغيرة هيئتها وتشكلها فلا تخشوها، ولا تنزعجوا، ولا تستمعوا إليها كأنها أرواح صالحة، لأنه بمساعدة الله يسهل تمييز وجود الخير أو الشر فرؤية القديسين لا تقترن بالذهول أو الحيرة "لأنهم لا يخاصمون ولا يصيحون ولا يسمع أحد في الشوارع صوتهم.[74]إذ تأتي بهدوء ورقة، حتى أنه للحال يحل في النفس الفرح والبهجة والشجاعة، لأن معهم الرب الذي هو فرحنا، ومعهم قوة الله الآب. فتبقى أفكار النفس غير مضطربة أو منزعجة، ونرى أنفس هؤلاء الذين يظهرون كأنها قد استنارت بأشعة نورانية، لأنها تتملكها محبة الإلهيات ومحبة الأشياء العتيدة، وتبتغي أن تنضم معهم بكليتها إن استطاعت أن ترتحل معهم. ولكن إن كان البعض ـ وهم بشر ـ يخافون رؤية الصالحين، فإن الذين يظهرون ينزعون الخوف في الحال، كما فعل جبرائيل في حالة زكريا.[75] وكما فعل الملاك الذي ظهر للنسوة عند القبر المقدس[76]، وكما فعل ذلك الذي قال للرعاة في الإنجيل "لا تخافوا"[77]، فخوفهم لم ينشأ عن الجبن، بل عن الإحساس بحضور كائنات أعلي. إذاً فهذه هي طبيعة رؤية القديسين. |
||||
01 - 11 - 2018, 03:57 PM | رقم المشاركة : ( 27 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: حياة الأنبا انطونيوس للقديس أثناسيوس الرسولى
36. أما غارات الأرواح الشريرة ومظاهراتها فتكون مقترنة بالاضطراب، والطنين، وأصوات وصراخ، كالشغب الذي يحدث مع الصبية الأردياء، أو اللصوص. ومن ذلك ينشأ الخوف في القلب، والاضطراب في الفكر، والكآبة وكراهية الذين يعيشون حياة النسك، وعدم المبالاة، والحزن، وتذكر الأهل، والخوف من الموت، وأخيراً الرغبة في الشرور، وعدم احترام الفضيلة، والعادات غير المستقرة.
ولذلك فكما رأيتم أي شئ وخفتم، فإن انتزع خوفكم في الحال، وحل محله الفرح الذي لا يعبر عنه، والغبطة والشجاعة والقوة المتجددة، وهدوء الفكر، وكل ما ذكرته سابقا، والجرأة والمحبة من نحو الله، فتشجعوا وصلوا. لأن الفرح واستقرار النفس وطمأنينتها تدل علي قداسة ذاك الذي حل. هكذا فرح إبراهيم عندما رأي الرب[78]، ويوحنا أيضاً فرح وارتكض بابتهاج عند سماع صوت مريم[79]حاملة الله. أما إذا حدث عند ظهور أية شخصية اضطراب، وصخب ومظاهر عالمية، وتهديد بالموت، وما سبق أن ذكرته فاعلموا أن هذا هو هجوم من الأرواح الشريرة . |
||||
01 - 11 - 2018, 03:57 PM | رقم المشاركة : ( 28 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: حياة الأنبا انطونيوس للقديس أثناسيوس الرسولى
37.ولتكن هذه أيضاً علامة لكم، إذا ما بقيت النفس منزعجة كان هذا معناه وجود الأعداء. لأن الشياطين لا تنزع الخوف المنبعث من حلولها، كما فعل رئيس الملائكة العظيم جبرائيل مع مريم وزكريا، وكما فعل الذى ظهر للنسوة عند القبر، ولكنها بالأحرى كلما رأت الناس خائفين ازدادت في طغيانها لكي يزدادوا خوفاً، وفي آخر هجوم تهزأ بهم قائلة خروا واسجدوا. وهكذا أضلت اليونانيين (الوثنيين)، وهكذا اعترفوا بها آلهة، زوراً وبهتانا. أما الرب فلم يسمح لنا بأن يضللنا إبليس. لأنه كلما صوب نحوه ضلالات كهذه انتهره قائلا: "أذهب عنى يا شيطان لأنه مكتوب للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد"[80]. إذن فلنحتقر المضل أكثر فأكثر، لأن ما قاله الرب، تممه من أجلنا، حتى إذا ما سمعت الشياطين منا كلمات مماثلة هربت من قبل الرب الذى انتهرها بتلك الكلمات
38. ثم لا يليق الافتخار بإخراج الشياطين، ولا الانتفاخ بشفاء الأمراض. كذا لا يليق بأن من يخرج الشياطين يمجد وحده، أو يحقر من شأن من لا يخرجها، بل ليعرف المرء نسك كل واحد، وإما أن يقتدي به، أو ينافسه، أو يقومه، لأن عمل الآيات ليس من اختصاصنا بل هو عمل المخلص، ولذا قال لتلاميذه "لا تفرحوا بهذا أن الأرواح تخضع لكم بل افرحوا أن أسماءكم كتبت في السموات"[81]. لأن كتابة أسمائنا في السموات دليل علي حياتنا الفاضلة، أما إخراج الشياطين فهو هبه من المخلص الذى وهبها. أما أولئك الذين افتخروا بالآيات لا بالفضيلة، وقالوا "يارب باسمك أخرجنا شياطين وباسمك صنعنا قوات كثيرة".[82] فقد أجابهم "الحق أقول لكم أنى لا أعرفكم" لأن الرب لا يعرف طريق الآثمة. لكن يجب علينا أن نصلى دواماً، كما قلت آنفاً، لكي نحصل علي موهبة تمييز الأرواح، حتى كما هو مكتوب لا نصدق كل روح.[83] |
||||
01 - 11 - 2018, 03:57 PM | رقم المشاركة : ( 29 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: حياة الأنبا انطونيوس للقديس أثناسيوس الرسولى
39. كنت أود أن لا أطيل الكلام، ولا أقول شيئا من عندي، اكتفاء بما ذكرت، ولكن لئلا تظنوا أنني أتكلم كيفما أتفق، أو خبط عشواء، أو تتوهموا أنني أسرد هذه التفاصيل بدون خبرة، أو بعيدا عن الصواب، لأجل هذا ـ ولو صرت كغبى ـ فإن الرب الذي يسمع يعرف نقاوة ضميري، ويعرف أنني لست من أجل نفسي، بل من أجل محبتكم لي، وإجابة لطلبكم، أخبركم مرة أخرى ما رأيته من تصرفات الأرواح الشريرة. فكثيراً ما دعتني مغبوطا فانتهرتها باسم الرب. كثيرا ما تنبأت بارتفاع النهر فأجبتها "مالكم به". ومرة أتتني مهددة، وأحاطت بي كجنود مسلحين تمام التسلح. ومرة أخرى ملأت البيت خيلاً وحيوانات برية وزحافات، فترنمت قائلاً "هؤلاء بالمركبات وهؤلاء بالخيل. أما نحن فباسم الرب إلهنا نفتخر".[84] ولدى الصلاة هربت بقوة الرب. ومرة أتت في الظلام حاملة ما يشبه النور، وقالت "أتينا لنقدم إليك نورا يا أنطونيوس". أما أنا فأغمضت عيني وصليت، وللحال انطفأ نور الأشرار. وبعد ذلك ببضعة شهور أتت كأنها ترنم المزامير، وتتحدث بكلمات الكتاب "أما أنا كأصم لم أسمع"[85]. ومرة هزت الصومعة بزلزلة. ولكنني ظللت أصلى بقلب لا يتزعزع. بعد هذا جاءت ثانية مزمجرة تصفر وترقص. ولكن إذ صليت واضطجعت، مرنماً المزامير لنفسي، بدأت للحال تبكي وتنتحب، كأن قوتها قد خانتها. على أنني أعطيت المجد للرب الذى أذلها، ودحر قوتها وجرأتها.
|
||||
01 - 11 - 2018, 03:58 PM | رقم المشاركة : ( 30 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: حياة الأنبا انطونيوس للقديس أثناسيوس الرسولى
40. ومرة جاءني شيطان طويل القامة، وظهر في عظمة وفخامة، وتجاسر أن يقول "أنا قوة الله، وأنا العناية الإلهية. كل ما أردته أعطيتك". أما أنا فنفخت فيه، ونطقت باسم المسيح، وشرعت بأن أضربه، وبدا كأنني ضربته، وللحال اختفى هو وكل شياطينه أمام اسم المسيح، رغم ضخامة حجمه. ومرة أخرى إذ كنت صائماً أتى مليئا بالمكر في شكل راهب، ومعه شبه أرغفة، ونصحني قائلاً: "كل وكف عن أتعابك الكثيرة. أنت أيضا إنسان. وقد تعرض نفسك للمرض". أما أنا فإذ أدركت حيلته قمت للصلاة. ولكنه لم يحتمل ذلك لأنه انصرف وخرج من الباب كدخان. وكم من مرة أظهر في الصحراء ما يشبه الذهب، حتى ألمسه مجرد لمس وأتطلع إليه. ولكنني رتلت المزامير ضده فاختفى. وكثيراً أرادت ضربي بجلدات، فكنت أكرر مرارا وتكرارا "لن يفصلني شئ عن محبه المسيح".[86] وللحال بدأت تضرب بعضها بعضا، ولم أكن أنا الذى صددتها وحطمت قوتها، بل الرب الذى قال "رأيت الشيطان ساقطا مثل البرق من السماء".[87] أما أنا يا أبنائي، فإذا تذكرت كلمات الرسول حولت هذه تشبيها إلى نفسي[88] ، لكي تتعلموا أن لا تخوروا في النسك، أو تخشوا إبليس أو أضاليل الشياطين .
|
||||
|