25 - 01 - 2013, 09:21 AM | رقم المشاركة : ( 21 ) | |||
..::| مشرفة |::..
|
رد: بحث متكمل عن بولس رسول الأمم
رابعاًـ مجمع أورشليم : إن الأسلوب الذى بدأه بولس فى رحلته الكرازية الأولي، بتبشيرة للأمم مبإشرة، أثار اهتماماًبالغاًفى أورشليم، كما أن الأمر كان يحتاج إلى توضيح فى كنائس الأمم وبخاصة فى ضوء نشاط التهوديين ودعأواهم، ولم يُحسَم الأمر إلا فى مجمع أورشليم الذي يرجح أنه انعقد فى عام 49 م، حيث صدرت قرارات كان لها أثرها الكبير سواء فى الكرازة لليهود أو كرازة بولس للأمم. (أ) ـ القضايا إلى نظر فيها المجمع : كانت الكنيسة فى أورشليم ـ باعتبارها إسرائيل الحقيقي والبقية الأمينة ـ تتوقع أن تسير الإِرسالية المسيحية على الخطوط التي رسمها الله منذ القديم، وأن كل وجودها قائم على هذا الأفتراض، وأن تعاليمها تتضمن تلك الحقيقة، أن الإِيمان بالمسيح لا يجعل اليهودي أقل يهودية ـ فيما عدا القليل ـ بل بالحري يجعل الأمم المنتمين إلى المجامع، أقوى شبهاًبالمثل الأخلاقية اليهودية. على أي حال، لقد أكدت المسيحية ـ على الدأوم ـ ارتباطها الجوهري بديانة إسرائيل والامة الإِسرائلية، مهما تنوعت الارآء داخل الحركة ومهما اكتنفها من غموض،لذلك اعتقد الكثيرون أن أسلوب بولس الجديد ـ رغم دعواه فى أن إرساليته للأمم كما كلفه بها المسيح، وكما أقرها الرسل أنفسهم فى أورشليم ـ يضعف من الأسس التي تقوم عليها خدمة الكنيسة فى أورشليم، فأسلوب بولس لا يتمشى مع ادعائه باستمرارية إيمان إسرائيل، وموافقة المؤمنين من اليهود على شرعية هذا الأسلوب، يعَّرض جهودهم التبشيرية لنفس الاتهام أمام عيون مواطنيهم من اليهود. وبعد مباحثات كثيرة بين بولس وبرنابا من جانب، وجماعة التهوديين الذين كانوا يدَّعون أنهم مؤيدون من الرسل فى أورشليم، من جانب آخر (أع 15 : 1و 2 )، وإذ أدركت الكنيسة فى أنطاكية أن هذه المباحثات قائمة أيضاًفى الكنائس التي تأسست فى جنوبي أسيا الصغرى، أرسلت بعثة ـ على رأسها بولس وبرنابا ـ إلى أورشليم لاستجلاء الأمور مع الرسل والمشايخ هناك. ووصل الفريق القادم من أنطاكية ومعه أخبار عن نجاح الإِرسالية المسيحية، بعد أن اجتازوا فى فينيقية والسامرة وأخبروهم برجوع الأمم (أع 15 : 3 )، أى رجوعهم على أساس الخدمة المبإشرة لهم، لأن وجود الدخلاء والمتجددين من الأمم الذين يتقون الله، لم يكن أمراًجديداًيستحق الإِخبار به فى عام 49 م. وكان هدف الوفد الأنطاكي هو استجلاء العلاقة بين سياسة الرسل فى أورشليم، سياسة المواءمة، وبين المبادىء التي ينادي بها التهوديون، لأنه قد حدث خارج أورشليم اضطراب كثير نتيجة لما كان يشيعه التهوديون بأنهم وكل الكنيسة فى أورشليم على رأي وأحد. وكان المؤمنون فى أورشليم ـ من جانبهم ـ يريدون استجلاء ملابسات الإِتصال المبإشر بالأمم، وأن يواجه بولس وبرنابا المأزق الذي وضعا فيه كنيسة أورشليم بسياستهم الجديدة. ويبدو ان القضايا المختلفة قد تبلورت فى قضيتين : 1- شرعية الخدمة المبإشرة للأمم. 2- العلاقة بين السياسة المبنية على المواءمة، وتلك المبنية على المبدأ في مواصلة حفظ ناموس موسى. أما القضايا الأشمل فيما يتعلق بصواب الكرازة للأمم مبإشرة بوجه عام، وضرورة التزام المؤمنين من اليهود بالحفاظ على العوائد اليهودية وعلى علاقتهم بالمؤسسات اليهودية كطريق للحياة، فيبدو أنهم اعتبروها أموراًقد سبق أن تقررت من قبل، ولو أن البعض رأوا طرحها من جديد على بساط البحث. (ب) مسار الحوار : نجد أن الحوار المسجل في سفر الأعمال قد أقتصر على أربعة فرقاء أو بالحري أربعة أشخاص. فقال بعض المؤمنين من الفريسيين أصلاًـ دفاعاًعن وجهة نظر التهوديين ـ إنه ينبغي أن يُختنوا ( الأمم ) ويوصوا بأن يحفظوا ناموس موسى ( أع 15 : 5 ). ويبدو من رواية لوقا أن كلمة ينبغي كانت تعني أنه أمر لائق عملياًومطلوب لاهوتياً، فالقضيتان ـ عندهم ـ صنوان لا ينفصمان. وكان جواب بطرس على ذلك أن ذكر تجديد كرنيليوس كدليل على موقف الله من قبول الأمم، وكسابقة قوية لسياسة بولس ( أع 15 : 6 ـ 11 )، فكانت حجته هي أنه حيث أن سابقة الكرازة المبإشرة للأمم قد حدثت فى داخل دائرة الخدمة المسيحية اليهودية ـ رغم أن كنيسة أورشليم لم تواصل السير على ذلك النهج ـ فإن نهج بولس ـ من جهة المبدأ ـ لم يكن شططاًثورياً. ثم تحدث برنابا وبولس عن شهادتهما للامم فى رحلتهما البتشيرية الأولى، وبخاصة كيف وضع الله ختم رضاه بالأيات والعجائب التي صنعها الله بواسطتهم ( أع 15 : 12 ). ولابد أنهما شرحا وجوه الشبه الواضحة بين حالتي كرنيليوس وسرجيوس بولس. وممايستلفت النظر هنا هو أن برنابا يذكر قبل بولس، فلعله هو الذى تولى شرح ماقاما به في هذا المجال، إذ يحتمل إنه كان أكثر قبولاًمن بولس عند الكثيرين منهم. ثم وقف يعقوب وبِّين انه من ناحية القضية اللأهوتية المتعلقة بصلة المؤمنين من الأمم بناموس موس : أن لا يثقل على الراجعين إلى الله من الأمم ( أع 15 : 19 )، حيث انه قد حدثت سابقة لذلك في دائرتهم هم أنفسهم، كما أن النبي عاموس ( 9 : 11و12 ) سبق وأنبأ بوضوح عن شمول البركة للأمم ( أع 15 : 13 ـ 19 ). ومن جهة الأثر العملي لكرازة بولس، على شهادة المسيحيين فى أورشليم، وخشية أن يستخدم المؤمنون من الأمم حريتهم لزعزعة المؤمنون من اليهود، رأى أن يُطلب من المؤمنون من الأمم أ ن يحفظوا أنفسهم من : 1-نجاسات الأصنام وكل ما يتصل بها. 2-الزنا بجميع صوره. 3-الأكل من الحيوانات التي قتلت خنقاً. 4-أكل الدم ( أ ع 15 : 20 - 29 ). وقد وافقت الكنيسة على رأي يعقوب، وأرسلت مع بولس وبرنابا يهوذا الملقب برسابا وسيلا لشرح معنى القرار للمؤمنين في أنطاكية. ( ج ) _ طبيعة القرار : كان هذا القرار متمشياًمع مبادىء يعقوب والرسل فى أورشليم كما نراها في سائر أجزاء سفر أعمال الرسل وفى الرسالة إلى غلاطية. فلم يكن ممكناًلهم أن يتجاهلوا سياق تعليم الأسفار المقدسة، ولا قبول الله القبول الواضح للأمم كما ظهر في الآيات والعجائب. ومن الجانب الآخر لم يستطيعوا تجاهل المقتضيات العملية في الكرازة لإسرائيل، دون الانحياز إلى أقول التهودين الداعية إلى الأنقسام والفرقة، فكان القرار ذا أهمية بالغة لمواصلة الكرازة للأمم. |
|||
25 - 01 - 2013, 09:25 AM | رقم المشاركة : ( 22 ) | |||
..::| مشرفة |::..
|
رد: بحث متكمل عن بولس رسول الأمم
ومن جهة الأثر العملي لكرازة بولس، على شهادة المسيحيين فى أورشليم، وخشية أن يستخدم المؤمنون من الأمم حريتهم لزعزعة المؤمنون من اليهود، رأى أن يُطلب من المؤمنون من الأمم أ ن يحفظوا أنفسهم من :
1-نجاسات الأصنام وكل ما يتصل بها. 2-الزنا بجميع صوره. 3-الأكل من الحيوانات التي قتلت خنقاً. 4-أكل الدم ( أ ع 15 : 20 - 29 ). وقد وافقت الكنيسة على رأي يعقوب، وأرسلت مع بولس وبرنابا يهوذا الملقب برسابا وسيلا لشرح معنى القرار للمؤمنين في أنطاكية. ( ج ) _ طبيعة القرار : كان هذا القرار متمشياًمع مبادىء يعقوب والرسل فى أورشليم كما نراها في سائر أجزاء سفر أعمال الرسل وفى الرسالة إلى غلاطية. فلم يكن ممكناًلهم أن يتجاهلوا سياق تعليم الأسفار المقدسة، ولا قبول الله القبول الواضح للأمم كما ظهر في الآيات والعجائب. ومن الجانب الآخر لم يستطيعوا تجاهل المقتضيات العملية في الكرازة لإسرائيل، دون الانحياز إلى أقول التهودين الداعية إلى الأنقسام والفرقة، فكان القرار ذا أهمية بالغة لمواصلة الكرازة للأمم. [/center][/center][/color][/size][/font] |
|||
25 - 01 - 2013, 09:26 AM | رقم المشاركة : ( 23 ) | |||
..::| مشرفة |::..
|
رد: بحث متكمل عن بولس رسول الأمم
وإذا تأملنا موقف كنيسة أورشليم في 49م، فلا بد أن ندرك أن القرار الذي وصل إليه المسيحيون في أورشليم، كان قراراًمن أجرأ القرارات وأكثرها سماحة فى تاريخ الكنيسة. فبينما كانوا يبذلون الجهد فى الكرازة للأمة، أبوا أن يعترضوا تقدم الجانب الآخر من الكرازة المسيحية الذي كان نجاحة سيسبب لهم ـ ولابد ـ اضطهاداًأكثر، فكان كل ما طلبوه هو أنه فى وجه مخاوف اليهود وحساسياتهم، يجب أن يمتنع المؤمنون من الأمم عن بعض الممارسات التي كان التقليد اليهودي يعلم أنها من الرذائل الشنيعة فى العبادات الوثنية. ولا شك فى أن بولس كان سعيداًبهذا القرار لأنه صدر عن اعتبارات عملية للعلاقات اليهودية المسيحية دون أن يعتبر أساساًللبر. وكان للقرار الذى صدر عن مجمع أورشليم، أثاره البعيدة المدى، فأول كل شيء، لقد حرر الإِنجيل من الوقوع فى حبائل اليهودية ومؤسساتها، بدون استنكار شرعية مواصلة الشهادة المسيحية فى داخل تلك الحدود. وهكذا أصبح الطريق مفتوحاًأمام مواصلة الكرازة المسيحية بين الأمم وبين اليهود جنباًإلى جنب في خلال العقد التالي بدون أي صراع جوهري. ثم إن الغيوم التي كانت بموقف بولس في نظر كنيسة أورشليم، قد انجلت، ولو أنه من المحتمل أن عداوة البعض لبولس قد إشتدت، ولكن السواد الأعظم من الجماعة المسيحية في أورشليم، أصبح موقفهم منه إيجابياً، كما يبدو من موقف يوحنا مرقس ( وسيأتى الكلام عنه فيما بعد ). ولقد شعر البعض ـ فى الكرازة للأمم ـ بسعادة أكثر مما كانوا فى أورشليم، للسماحة التي أبداها المجمع، كما فى حالة سيلا ( أع 15 : 27 و 32 و34و40 ). ثم إن القرار الذي صدر عن مجمع أورشليم أثار عداءاليهود الدائم، فمنذ ذلك الوقت، واجهت الكرازة بالإِنجيل بين الأمة اليهودية ـ وبخاصة بين اليهود فى أورشليم وما حولها ـ مقأومة عنيفة. ويقول الرسول بولس فى رسالته إلى الكنيسة فى رومية ( وكانت فى غالبيتها من الأمم ) عن الأمة اليهودية، إنهم من جهة الإِنجيل هم أعداء من أجلكم ( رو 11 : 28 ). : كثيراًما ينظر إلى رحلة بولس التبشيرية الأولى كمجرد حادثة عارضة، ذكرها لوقا لينتقل بها من الأحوال فى أورشليم تحت حكم هيرودس أغربياس الأول ( أع 12 ) إلى مجمع أورشليم ( أع 15 )، ولكن النظر إلى هذه الفترة من حياة بولس على أنها فترة قليلة الأهمية، إنما يتجاهل التقدم الهام الذي حدث فى الكرازة بالإِنجيل، ويهدم الأساس المنطقي للأحداث التي أعقبت ذلك. أ- خط سير الرحلة : بينما كان بولس وبرنابا يخدمان فى أنطاكية سورية، أمر الروح القدس أن يتركا خدمتهما فى الكنيسة هناك، وأن ينطلقا إلى مجال أوسع ( أ ع 13 : 2، 3 ). ولا يذكر الكتاب كيف أصدر الروح القدس هذا الأمر، ولو أن هناك بعض التلميحات التي تدل على أن ذلك تم من خلال ثلاثة عوامل : 1- اقتناع عند الرسل أنفسهم لأنهم كانوا صائمين فى ذلك الوقت الذي وصلهم فيه هذا الأمر الواضح. 2- إعلان نبوي على فم أحد أعضاء الكنيسة شبيه مثلاًبما قاله أغابوس من قبل. 3-اقتناع جماعة المؤمنين أن هذه مشيئة الله بعد أن صاموا وصلوا. وليس من السهل تحديد من يعود عليهم ضمير الفاعل في صاموا وصلوا فى العدد الثالث، فقد بعود على الأنبياء والمعلمين المذكورين فى العدد الأول، وفى هذه الحالة يكون القادة الثلاثة الآخرون فى كنيسة أنطاكية، هم الذين ـ بعد أن صاموا وصلوا ـ وضعوا عليهما الأيادي ثم أطلقوهما. ولكن قياساًعلى ما جاء في سفر الأعمال حيث نجد صيغة مشابهة لاستخدام ضمير الفاعل في رتبوا ( 15 : 2 ) دون تحديد من يعود عليهم الضمير، ولكن يتضح من العدد الثالث أنه يعود على الكنيسة. وعليه فالأرجح أن كل جماعة المؤمنين إشتركت فى تنفيذ الأمر ووضع الأيادى عليهما واطلاقهما. ويقطع العدد الرابع من الأصحاح الثالث عشر بأنهما أرسلا من الروح القدس . وقد أخذ معهما الشاب يوحنا مرقس من أورشليم ( أ ع 12 : 12 ) وابن عم برنابا ( كو 4 : 10 ـ انظر ابن الأخت ). فانحدر الثلاثة من أنطاكية إلى مينائها في سلوكية، وسافروا فى البحر إلى قبرس، موطن برنابا ـ ومن سلاميس شرقاًإلى بافوس غرباً، كرزوا بالإِنجيل في كل الجزيرة، في مجامع اليهود فحسب ( أع 13 : 5 )، ولكن في بافوس، دعاهما الوالي سرجيوس بولس والتمس أن يسمع كلمة الله منهما، ولعله كان يهدف إلى معرفة طبيعة كرازتهم لئلا يكون فيها ما يثير الاضطراب فى المجتمع اليهودي في الجزيرة وبالرغم من مقأومة باريشوع الساحر، آمن سرجيوس بولس بعد أن رأي ما جرى لعليم الساحر بناء على لعنة الرسول بولس لهذا الساحر ابن إبليس ( أع 13 : 6 ـ 12 ). وكان هذا أمراًبعيد الاحتمال، إذ يبدو أن الوالي الروماني، لم تكن له علاقة بالديانة اليهودية ومؤسساتها. وهنا نشا موقف لا يختلف في نظر الرسل، عن الموقف الذي حدث عقب تجديد قائد المئة كرنيليوس(أع10:1-11: 18 ),بل إنه ليتجاوز موضوع كرنيليوس في بعض النواحي. ومع أن الكينسة في أورشليم-كما يبدو-لم تحمل تجديدكرنيليوس على أنه يعتبر سابقة تحتذي فى خدمتها، لأن خدمتها كانت لإسرائيل، فإن بولس ـ الذى كانت خدمته أساسا موجهة للأمم ـ رأي فيما حدث في بافوس شيئا أبعد فىإرساليته للأمم. ومن هذه النقطة، نجد سفر الأعمال يستخدم اسمه الروماني بولس وليس اسمه اليهودي شأول ( أع 13 : 9 )، إذ أصبح مستعداًـ من هذه النقطة ـ أن يتقابل مع أي أممي في الأمبراطورية، دون التقيد بالخدمة في المجمع. ولايذكر إسم شاول بعد ذلك إلا في مناسبتين لهما دواعيهما الخاصة ( اع 14 : 12، 15 : 12 ). كما بدأ اسم بولس يسبق اسم برنابا. ثم أقلع بولس ومن معه من قبرس إلى برجة بمفيلية فى أسيا الصغرى (أع 13 : 13 ). ولايذكر الكاتب شيئاًعن كرازتهم في برجة فى تلك المرة. وأن كان بولس وبرنابا ـ عند عودتهما إليها ـ قد تكلما بالكلمة ( أع 14 : 25 ). ولعل السبب في مرورهما الخاطف ببرجة فى ذلك الوقت، وانتقالهما إلى أنطاكية بيسيدية، هو مرض بولس بالملاريا ـ كما هو المرجح ـ مما اضطره إلى الالتجاء إلى المنطقة المرتفعة في الشمال. وفى برجة تركهما يوحنا مرقس ورجع إلى أورشليم، ربما خشية ردود الفعل عند الكنيسة أورشليم إذا علمت بكرازتهم بالإِنجيل للأمم مباشرة، ولم يشأ أن يزج بنفسه في مثل هذا المازق، بينما رأى بولس فيما حدث في بافوس تحقيقاًلإِرساليته. أما تفسير مفارقة مرقس لهما على أساس حنينه إلى وطنه، أو لمتاعب الترحال، أو للتغيير الذي حدث فى قيادة المجموعة، أو لمرض بولس الذي استدعى تغيير البرنامج، فهذه كلها ليست سوى افتراضات لا تكفي لتبرير موقف بولس، هذا الموقف العنيد، من مرقس كما سجلة سفر الأعمال ( 15 : 37 ـ 39 )، وهو ما يدل على أن مفارقة مرقس لهما كانت لسبب أهم من مجرد هذه الأسباب الشخصية. |
|||
25 - 01 - 2013, 09:28 AM | رقم المشاركة : ( 24 ) | |||
..::| مشرفة |::..
|
رد: بحث متكمل عن بولس رسول الأمم
وفي أنطاكية بيسيدية خاطب بولس اليهود ومن يتقون الله من المتهودين، الذين كانوا مجتمعين في المجمع في يوم السبت مبيناًلهم أن يسوع هو المسيا والمخلص الموعود به في الكتب المقدسة ( أع 13 : 14 ـ 43 ). وفى السبت التالي، اجتمع عدد كبير من الأمم لسماع كلمة الله على فم بولس، فامتلأ اليهود غيرة وجعلوا يقأومون ما قاله بولس، فتحول بولس إلى الأمم مبإشرة مواصلاًالمناداة برسالته فى المدينة، ووجد ترحيباًواسعاً( أع 13 : 44 ـ 49 ). ونتبين من هنا أسلوب بولس في الكرازة، فقد كان يبدأ أولاًبالكرازة بالإِنجيل إلى اليهود والأمم المتهودين، سواء كانوا قد أصبحوا دخلاء فعلا أو مجرد متشيعين لليهودية. ولما منع من الحديث في المجامع،توجه إلى الأمم رأساً. وقد سار بولس على هذا النهج فى كل مدينة وجد بها جالية يهودية، فيما عدا أثينا. وفى أنطاكية بيسيدية تجدد ـ أيضاًـ منهج مقاومة اليهود لبولس ( أع 13 : 50 ) على أساس أن بولس يكرز للأمم بما لايتفق مع إيمان الآباء. وقد رأي بولس أن عناد اليهود يجعل من الضرورى الكرازة للأمم مبإشرة إذا كان لابد أن يسمعوا الإِنجيل ويأتوا إلى الله الحقيقى. اما بالنسبة لليهود فإنهم كانوا يرون في ذلك نقضاًلدعوى أن في يسوع الناصري، تتحقق جميع الوعود التي أعطاها الله للآباء. وأصبح الأمر واضحاًأمام قادة اليهود، وهو أن المسيحية تختلف تماماًعن اليهودية وكتبها، طالما أن بولس مستعد أن يعمل خارج مؤسساتها، وبذلك لا يدخل تحت مظلة حماية القانون الروماني للديانة الواحدة للشعب الوأحد. وبينما أرادت المسيحية أن تجد الشرعية في أعين روما باحتمائها تحت جناحي اليهودية، فإن أسلوب الكرازة بها، رأي فيه اليهود غزوة تستلزم المقا ومة، وهكذا اهاج اليهود النساءالمتعبدات الشريفات ( الداخلات للديانة اليهودية، من زوجات الحكام الرومان ؟ )، فحرضن أزواجهن على اعتبار بولس وجماعته سبب تعكير لسلام روما . وبناء على ذلك ثار الاضطهاد عليهما في أنطاكية، وطردا منها. وقد تكرر هذا الأمر وعلى هذا النمط كثيراًفى رحلات بولس التبشيرية. وقد أسفرت الكرازة فى إيقونية عن إيمان جمهور كثير من اليهود واليونانيين بالمسيح ( أع 14 : 1 ). وثارت مرة أخرى قضية دعوى المسيحية بأنها امتداد لديانة إسرائيل، لها حق الحماية كديانة شرعية. وعندما انحازت السلطات المحلية لوجهة النظر اليهودية، وأصبح الاضطهاد لا يحتمل، هرب الرسولان إلى لسترة ودربه ( أع 14 : 2 ـ 6 ). والإِشارة إلى دربة ولسترة بأنهما مدينتا ليكأونية، توحى بأن إيقونية كانت تنتمي إلى مقاطعة أخرى. ولوقوع هذه المدن الثلاث في منطقة جغرافية وأحدة، ظن البعض ـ فيما مضى ـ أن لوقا قد خانته الدقة في هذا الصدد، ولكن أبحاث سير وليم رمزي أثبتت أنه في الفترة ما بين 37 ـ 72م ـ وفى تلك الفترة فقط ـ كانت دربة ولسترة تحت الحكم المبإشر لروما، بينما كان يحكم إيقونية أنطيوكس، وبينما كانت المنطقة التي تقع فيها دربة ولسترة، تسمى رسمياًليكأونية الغلاطية، كانت إيقونية في منطقة تسمى ليكأونية الانطيوكسية، وكانتا تشتهران باسم ليكأونية وفريجية، وكان خضوع مدينتي لسترة ودربة لسلطة غير السلطة التي تخضع لها إيقونية، أمراًهاماًللرسولين بولس وبرنابا، لأنهما بعبورهما الحدود تخلصا من سلطات فريجية. وقد أثبتت لسترة ودربة أنهما منطقتان خصبتان لغرس بذرا الإِنجيل ( أع 14 : 21 )، وإن لم يخل الحال من الصعاب والمتاعب. وكان تيموثأوس أحد المتجددين فى لسترة فى هذه المرحلة الأولى ( أع 16 : 1، 20 : 4 ) وقد ضمه بولس فيما بعد إلى فريقة الكرازي. ولكن حدث في لسترة ما ضايقهما بعض الشيء، وذلك لتقلب مزاج الناس في تجأوبهم مع قوة الله وكرازة بولس. فعندما شاهدوا المقعد يمشي عندما أمره بولس بذلك، أظهروا استعدادهم لتقديم العبادة لهما باعتبارهما الإِلهين زفس ( جيوبتر عند الرومان )، وهرمس ( عطارد عند الرومان ) قد نزلا إليهما في صورة الناس، فاضطر الرسولان إلى إسكات الجموع، وتكلما إليهم بشدة محأولين تحويل عبادتهم إلى الإِله الحي ( أع 14 : 8 ـ 18 )، ومن الناحية الأخرى، عندما عرفوا أنهما ليسا آلهة، وأنهما قد يكونان مجرد مضللين، وبتحريض من اليهود الذين جاءوا من أنطاكية وإيقونية، تحول احترامهم إلى كراهية حتى انهم رجموا بولس ( أ ع 14 : 19 ). ويمكن ـ إلى حد ما ـ فهم استحابتهم الأولي المتهورة في ضوء أسطورة قديمة ذكرها أوفيد، والتي يحتمل أنها كانت معروفة لكثيرين من سكان المنطقة فى جنوبي أسيا الصغرى. وتقول الأسطورة إن زفس وهرمس جاءا مرة إلى تلك المنطقة فى صورة رجلين ملتمسين ملجأ لهم، ورغم أنهما طرقا أبواب ألف منزل، لم يقبلهما أحد، وأخيراًوصلا إلى منزل صغير حقير مشيد من الأعواد والقش، فقبلهما زوجان عجوزان هما فليمون وزوجته بوكيس، اللذان أقاما لهما مأدبة أمتصت مواردهما المحدودة، ولكنهما قدماه بكل رضى. وتقديرا من الإِلهين لذلك، حولا كوخهما إلى معبد سقف من الذهب وأعمدة من الرخام كما عينا فليمون وزوجته كاهنين للمعبد. وعوضاًعن أن يموت فليمون وزوجته، تحولا إلى بلوطة وزيزفونة، ودمر زفس وهرمس بيوت الناس الذين رفضوا استضافتهما انتقاماًمنهم. ولكن أوفيد لم يذكر متى حدث ذلك، واكتفى بالقول انه حدث فى منطقة تلال فريجية. ويبدو أن أهل لسترة، تذكروا هذه الأسطورة وهم يرون شفاء الرجل المقعد من بطن أمه، فاعتقدوا أن زفس وهرمس قد عادا مرة أخرى، فأرادو أن يقدموا لهما الإِكرام الواجب حتى لا يتعرضوا للعواقب الوخيمة. والأرجح أن هذه الرحلة التبشيرية الأولى تمت فيما بين 46 ـ 48 م.، وإن كان هذا مجرد تخمين على أساس الأحداث السابقة والتالية. وبعد أن صرف الرسولان حوالي سنتين فى الكرازة فى قبرس وأسيا الصغرى، رجعا لزيارة الكنائس التي أسساها، يشددان أنفس التلاميذ ويعظانهم أن يثبتوا فى الإِيمان رغم الضيقات الشديدة، وأقاما شيوخاًفى كل كنيسة لمواصلة الخدمة ( أع 13 : 21 ـ 23 ). وبعد أن تكلما بالكلمة فى برجة رجعا إلى أنطاكية فى سورية، وهناك جمعا كل الكنيسة وأخبرا بكل ما صنع الله معهما وأنه فتح للأمم باب الإِيمان ( أ ع 14 : 27 ). |
|||
25 - 01 - 2013, 09:33 AM | رقم المشاركة : ( 25 ) | |||
..::| مشرفة |::..
|
رد: بحث متكمل عن بولس رسول الأمم
[SIZE="5"][FONT="Lucida Sans Unicode"][SIZE="5"][CENTER][COLOR="Navy"][CENTER]
ب- أهمية هذه الرحلة التبشيرية : لقد ورد مراراًفى العهد القديم أن الأمم سيكون لهم نصيبهم فى بركات إسرائيل ( مثل : تك 22 : 18، 26 : 4، 28 : 14، إش 49 : 6، 55 : 5و6، صفنيا 3 : 9 و 10، زك 8 : 22 ). وكان هذا هو الدافع وراء كل جهود كسب دخلاء ( مت 23 : 15 )، وكما تضمنه عظات بطرس فى يوم الخمسين وفي بيت كرنيليوس ( أع 2 : 39، 10 : 35 ). كما أنه من الواضح أن الكنيسة قد قبلت المؤمنين من الأمم فى حالة كرنيليوس والمتقين الله من الأمم فى أنطاكية سورية، ولكن القناعة اليهودية ـ ككل ـ كانت أن إسرائيل هو الشعب الذى عينه الله وسيلة لهذه البركات فعن طريق إسرائيل كأمة، وخدمات مؤسساتها،سيكون للأمم نصيب فى برنامج الله للفداء والاستمتاع ببركاته، ويبدو أن المسيحيين الأوائل لم يكونوا يتوقعون تغييراًجدياًفى هذا المجال، مع أنه فى تلك الأيام الأخيرة كان الله يعمل بالكنيسة كإسرائيل الحقيقي والبقية الأمينة فى الأمة. وقد حدث دائماًفى بداية الكنيسة، أن المؤمينين من الأمم ( باستثناء حالة وأحدة ) اعترفوا أولاًبيسوع كالمسيا من اتصالهم باليهودية، وإما كدخلاء ( مثل : نيقولأوس فى أعمال 6 : 5، ويحتمل الخصي أيضاًفى أعمال 8 : 26 ـ 39 ـ أو اليونانيين فى أعمال 11 : 20 ـ 26 )، ولم يشذ عن هذا النهج سوى كرنيليوس، وهذه حالة كانت تعتبر شاذة وليست دليلاًعلى تغيير هذا النمط، وإن كان بطرس قد استند إليها بعد ذلك لتأييد منهج بولس ( أع 15 : 7 ـ 11 ). ومع أن بولس سبق أن ناقش ـ مع قادة كنيسة أورشليم ـ الإِرسالية التي كلف بها ـ وهي الكرازة للأمم ـ إلا أنه يبدو أنه كان فى ذهنهم أن يتم ذلك عن طريق المجامع بلا استثناء. ولكن النهج الذى سار عليه بولس فى رحلته التبشيرية الأولي قد تجأوز هذه المفاهيم. لقد رأى بولس فى تحديد سرجيوس بولس ـ دون أن تكون له علاقة سابقة بالمجمع ـ ما لم تستطيع كنيسة أورشليم أن تراه فى تجديد كرنيليوس. لأن بولس رأى الله ـ فى عنايته ـ يبين له بكل وضوح معنى إرساليته إلى الأمم. علأوة على ذلك، لقد وضع الله خاتم رضاه ـ بصورة عجيبة ـ على هذا النهج يتكاثر عدد الأمم الذين لمس الله قلوبهم. ومع أن المجمع كان المكان المناسب ليبدأ منه خدمته فى كل مدينة، حيث يوجد مستمعون من اليهود والأمم مستعدون لسماع كلمة الله، إلا أن المجمع لم يكن المكان الوحيد لمواصلة خدمته. فاليهود والأمم أمام الله سواء ( رو 2 : 1 ـ 3 : 20 )، ولاختلاف خلفياتهم وحساسياتهم، أصبح من الممكن مخاطبتهم بأساليب مختلفة. |
|||
25 - 01 - 2013, 09:34 AM | رقم المشاركة : ( 26 ) | |||
..::| مشرفة |::..
|
رد: بحث متكمل عن بولس رسول الأمم
هذا هو " إنجيل بولس " الذي كتب عنه فى رسالته إلى غلاطية ( 1 : 11 ـ 2 : 10 )، فهو لم يكن يختلف فى محتواه، ولكنه كان متميزاًفى أساليب تبليغه. لقد أعلن له الله طبيعة خدمته، وقاده بعنايته، وأوضح له مميزات دعوته. وإن اليهود والأمم أمام الله سواء من جهة الدينونة والحاجة الروحية، ووضعهم الشرعى أمام الله عند تجديدهم فى المسيح. وكما كتب بولس فيما بعد ذلك : " أنه بإعلان عرفني بالسر.. الذي فى أجيال أخر لم يعرف به بنو البشر كما قد أعلن الآن لرسله القديسين وأنبيائه بالروح، أن الأمم شركاء في الميراث والجسد ونوال موعده فى المسيح بالإِنجيل " (أف 3 : 3 ـ 6 ).
جـ - إستجابة اليهود لخدمته : واضح من الرسالة إلى الكنيسة فى غلاطية أنها كتبت قبل انعقاد المجمع فى أورشليم المذكور فى الأصحاح الخامس عشر من سفر أعمال الرسل، وبذلك تكون الرسالة إلى غلاطية هى أولى الرسائل التي كتبها الرسول بولس. والأرجح أنه كتبها فى نحو عام 49 م. فى أنطاكية سورية، أو لعله كتبها وهو فى طريقه من أنطاكية إلى أورشليم. وقد نرى فى الرسالة إلى غلاطية، ردود فعل اليهود من نحو بولس وخدمته للأمم، ممثلة فى ثلاث فئات : 1- اليهود غير المؤمنين فى أورشليم. 2- قادة الكنيسة فى أورشليم. 3-التهوديين. ان تفسير ما جاء فى الأصحاح الثاني من الرسالة إلى غلاطية ( 2 : 11 ـ 21 ) يتوقف إلى مدى بعيد على معرفة المقصودين بعبارة " الذين هم من الختان " ( عدد 12 ) الذين خاف منهم بطرس، فالمألوف أن تفسر العبارة على أنها تشير إلى المؤمنين من اليهود المتزمتين والمتمسكين بالناموس الذين جاءوا إلى انطاكية من " عند يعقوب "، وعلى هذا الأساس يكون الفرقاء فى تلك المواجهة هم : (1) - يعقوب ومبعوثوه الذين يمثلون جماعة التهوديين فى كنيسة أورشليم. (2) - بطرس والمسيحيون من اليهود فى أنطاكية ومعهم برنابا، والذين لم يكونوا شديدي التمسك بالناموس مثل الفريق الأول، ولكنهم كانوا يفضلون الادعان لسلطة الكنيسة فى أورشليم الممثلة فى يعقوب. (3) - بولس، المدافع عن حرية الأمم ومسأواتهم. (4) - المؤمنون من الأمم فى أنطاكية، الذين وقفوا موقف المتفرج. ومع أن لوقا يستخدم نفس العبارة " الذين من أهل الختان " فى سفر الأعمال ( 10 : 45، 11 : 2 ) عن المسيحيين من إليهود، إلا أن بولس لايستخدمها مطلقاًبهذا المعنى، فهو يستخدم فى كتاباته، " الختان " ، "والذين هم من الختان " في معناهما المطلق دائماً، للإشارة إلى اليهود بوجه عام ( رو 3 : 30، 4 : 9 و 12، 15 : 8، غل 2 : 7 ـ 9، أف 22 : 11، كو 3:11، 4 11 ـ وان كان لا يمكن الجزم بالمقصود بعبارة " الذين من الختان" في تيطس ( 1 : 10 ). فبالإِتساق مع استخدامه لكلمة " الختان " فى الأعداد السابقة ( غل 2 : 7 ـ 9 ) يجب أن نفهم كلمة " الختان " فى نهاية العدد الثاني عشر من الأصحاح الثاني من غلاطية ـ كما يترجمه ج.ب. فيلبس ترجمة " صائبة ـ أن بطرس : " انسحب وأكل منفصلاًعن الأمم، خشية ما يمكن أن يظنه اليهود ". ومن هنا نستنتج أن يهود أورشليم غير المؤمنين وقفوا موقف العداء من مساعي بولس، كما فعل السواد الأعظم من إخوتهم فى الشتات. وأمام ردود الفعل عند اليهود فى أورشليم، أدرك الرسل فى أورشليم حتمية تخفيف الصراعات التي لا داعي لها، التي يمكن أن تثور بين اليهود والكرازة المسيحية، لذلك يحتمل أن الذين جاءوا من " عند يعقوب " لم يأتوا بإنذار من جماعة من المتطرفين، ولكنهم جاءوا بتحذير بأن الإشاعات المتزايدة عن تآخي المؤمنين من اليهود مع الأمم غير المختونين فى أنطاكية وجنوبي أسيا الصغرى، قد وضع كل كنائس اليهودية فى موضع الخطر. ولعل بطرس رأي ـ أمام هذا الموقف ـ أنه من الأفضل أن يخفف من اختلاطه بالأمم فترة من الزمن إلى أن تهدأ العاصفة، وأن المؤمنين من اليهود فى أنطاكية مع " برنابا " ( غل 2 : 13 ) قد رأوا رأية أيضاً. ويجب ملاحظة أن بولس لم يتهم بطرس بخطأ فى المباديء، بل بعدم التزامه بالمبادىء التي ينادي بها ( غل 2 : 14 ـ 16 ). ويكون معنى هذا، أن تصرف بطرس ـ فى نظر بولس ـ حدث من قبيل المواءمة، وليس طوعاًلمبدأ، كما كان ينادي التهوديون. ولكن مع أن تصرف بطرس حدث من قبيل المواءمة فقط، إلا أن بولس رأى أنه يمس جوهر المبدأ، لأن التمييز بين المؤمنين من اليهود والمؤمنين من الأمم على هذا الأساس، ـ ولو وقتياًوتحت ضغط خارجى ـ معناه الشك فى حقيقة ايمان هؤلاء المسيحيين من الأمم، ودق "اسفين " بين الكنائس اليهودية والكنائس الأممية، لا يمكن إزالته.. |
|||
25 - 01 - 2013, 09:35 AM | رقم المشاركة : ( 27 ) | |||
..::| مشرفة |::..
|
رد: بحث متكمل عن بولس رسول الأمم
وقد تبع بعض المؤمنين من اليهود فى جنوبي غلاطية رأي بولس ونادوا بأن المتجددين من الأمم لا يلزمهم أن يختتنوا وأن يحفظوا ناموس موسى، بينما جاء آخرون من أورشليم إلى أنطاكية سورية مؤكدين " أنه إن لم تختتنوا حسب عادة موسى لا يمكنكم أن تخلصوا " ( أ ع 15 : 1 ). أما القول بأن يعقوب وبطرس قد وقفا وراء أولئك التهوديين، فهو محض خيال لا سند له من الحقائق التاريخية، لأنه بينما كان الرسل فى أورشليم يهتمون بشدة بتخفيف التوتر بين اليهود والمسيحيين من اليهود، بقدر ما يمكنهم، فإنهم لم يكونوا مستعدين للتضحية بمباديء الإِنجيل بهدف المواءمة، إذ أدركوا ما يمكن أن يتأتى عن ذلك. وما كتبه الرسول إلى كنيسة تسالونيكى ( اتس 2 : 14 ـ 16 ) يدل على أنه اعتبر غير المؤمنين من اليهود، أشد الناس مقاومة للكرازة للأمم، وعندما يقول للغلاطيين إن هؤلاء التهوديين " يريدون أن تختتنوا أنتم لكى يفتخروا فى جسدكم " ( غل 6 : 13 )، فالأرجح أنه قصد أنه يصبح باستطاعتهم أن يظهروا لغير المؤمنين من اليهود أن الإِنجيل يجعل الأمم يمتون للعالم اليهودي بصلة. ولا شك فى أن أولئك التهوديين كانوا يعتقدون أنهم بذلك يرضون ضمائرهم، ولكن بولس رأى أنهم كانوا "يريدون أن يعملوا منظراًحسناًفى الجسد.. لئلا يضطهدوا لأجل صليب المسيح فقط " ( غل 6 : 12 ).
رابعاًـ مجمع أورشليم : إن الأسلوب الذى بدأه بولس فى رحلته الكرازية الأولي، بتبشيرة للأمم مبإشرة، أثار اهتماماًبالغاًفى أورشليم، كما أن الأمر كان يحتاج إلى توضيح فى كنائس الأمم وبخاصة فى ضوء نشاط التهوديين ودعأواهم، ولم يُحسَم الأمر إلا فى مجمع أورشليم الذي يرجح أنه انعقد فى عام 49 م، حيث صدرت قرارات كان لها أثرها الكبير سواء فى الكرازة لليهود أو كرازة بولس للأمم. (أ) ـ القضايا إلى نظر فيها المجمع : كانت الكنيسة فى أورشليم ـ باعتبارها إسرائيل الحقيقي والبقية الأمينة ـ تتوقع أن تسير الإِرسالية المسيحية على الخطوط التي رسمها الله منذ القديم، وأن كل وجودها قائم على هذا الأفتراض، وأن تعاليمها تتضمن تلك الحقيقة، أن الإِيمان بالمسيح لا يجعل اليهودي أقل يهودية ـ فيما عدا القليل ـ بل بالحري يجعل الأمم المنتمين إلى المجامع، أقوى شبهاًبالمثل الأخلاقية اليهودية. على أي حال، لقد أكدت المسيحية ـ على الدأوم ـ ارتباطها الجوهري بديانة إسرائيل والامة الإِسرائلية، مهما تنوعت الارآء داخل الحركة ومهما اكتنفها من غموض،لذلك اعتقد الكثيرون أن أسلوب بولس الجديد ـ رغم دعواه فى أن إرساليته للأمم كما كلفه بها المسيح، وكما أقرها الرسل أنفسهم فى أورشليم ـ يضعف من الأسس التي تقوم عليها خدمة الكنيسة فى أورشليم، فأسلوب بولس لا يتمشى مع ادعائه باستمرارية إيمان إسرائيل، وموافقة المؤمنين من اليهود على شرعية هذا الأسلوب، يعَّرض جهودهم التبشيرية لنفس الاتهام أمام عيون مواطنيهم من اليهود. وبعد مباحثات كثيرة بين بولس وبرنابا من جانب، وجماعة التهوديين الذين كانوا يدَّعون أنهم مؤيدون من الرسل فى أورشليم، من جانب آخر (أع 15 : 1و 2 )، وإذ أدركت الكنيسة فى أنطاكية أن هذه المباحثات قائمة أيضاًفى الكنائس التي تأسست فى جنوبي أسيا الصغرى، أرسلت بعثة ـ على رأسها بولس وبرنابا ـ إلى أورشليم لاستجلاء الأمور مع الرسل والمشايخ هناك. ووصل الفريق القادم من أنطاكية ومعه أخبار عن نجاح الإِرسالية المسيحية، بعد أن اجتازوا فى فينيقية والسامرة وأخبروهم " برجوع الأمم " (أع 15 : 3 )، أى رجوعهم على أساس الخدمة المبإشرة لهم، لأن وجود الدخلاء والمتجددين من الأمم الذين يتقون الله، لم يكن أمراًجديداًيستحق الإِخبار به فى عام 49 م. وكان هدف الوفد الأنطاكي هو استجلاء العلاقة بين سياسة الرسل فى أورشليم، سياسة المواءمة، وبين المبادىء التي ينادي بها التهوديون، لأنه قد حدث خارج أورشليم اضطراب كثير نتيجة لما كان يشيعه التهوديون بأنهم وكل الكنيسة فى أورشليم على رأي وأحد. وكان المؤمنون فى أورشليم ـ من جانبهم ـ يريدون استجلاء ملابسات الإِتصال المبإشر بالأمم، وأن يواجه بولس وبرنابا المأزق الذي وضعا فيه كنيسة أورشليم بسياستهم الجديدة.er][/size][/font][/size] |
|||
25 - 01 - 2013, 09:35 AM | رقم المشاركة : ( 28 ) | |||
..::| مشرفة |::..
|
رد: بحث متكمل عن بولس رسول الأمم
ويبدو ان القضايا المختلفة قد تبلورت فى قضيتين :
1- شرعية الخدمة المبإشرة للأمم. 2- العلاقة بين السياسة المبنية على المواءمة، وتلك المبنية على المبدأ في مواصلة حفظ ناموس موسى. أما القضايا الأشمل فيما يتعلق بصواب الكرازة للأمم مبإشرة بوجه عام، وضرورة التزام المؤمنين من اليهود بالحفاظ على العوائد اليهودية وعلى علاقتهم بالمؤسسات اليهودية كطريق للحياة، فيبدو أنهم اعتبروها أموراًقد سبق أن تقررت من قبل، ولو أن البعض رأوا طرحها من جديد على بساط البحث. (ب) مسار الحوار : نجد أن الحوار المسجل في سفر الأعمال قد أقتصر على أربعة فرقاء أو بالحري أربعة أشخاص. فقال بعض المؤمنين من الفريسيين أصلاًـ دفاعاًعن وجهة نظر التهوديين ـ " إنه ينبغي أن يُختنوا ( الأمم ) ويوصوا بأن يحفظوا ناموس موسى " ( أع 15 : 5 ). ويبدو من رواية لوقا أن كلمة " ينبغي " كانت تعني أنه أمر لائق عملياًومطلوب لاهوتياً، فالقضيتان ـ عندهم ـ صنوان لا ينفصمان. وكان جواب بطرس على ذلك أن ذكر تجديد كرنيليوس كدليل على موقف الله من قبول الأمم، وكسابقة قوية لسياسة بولس ( أع 15 : 6 ـ 11 )، فكانت حجته هي أنه حيث أن سابقة الكرازة المبإشرة للأمم قد حدثت فى داخل دائرة الخدمة المسيحية اليهودية ـ رغم أن كنيسة أورشليم لم تواصل السير على ذلك النهج ـ فإن نهج بولس ـ من جهة المبدأ ـ لم يكن شططاًثورياً. ثم تحدث برنابا وبولس عن شهادتهما للامم فى رحلتهما البتشيرية الأولى، وبخاصة كيف وضع الله ختم رضاه بالأيات والعجائب التي صنعها الله " بواسطتهم " ( أع 15 : 12 ). ولابد أنهما شرحا وجوه الشبه الواضحة بين حالتي كرنيليوس وسرجيوس بولس. وممايستلفت النظر هنا هو أن برنابا يذكر قبل بولس، فلعله هو الذى تولى شرح ماقاما به في هذا المجال، إذ يحتمل إنه كان أكثر قبولاًمن بولس عند الكثيرين منهم. ثم وقف يعقوب وبِّين انه من ناحية القضية اللأهوتية المتعلقة بصلة المؤمنين من الأمم بناموس موس : " أن لا يثقل على الراجعين إلى الله من الأمم " ( أع 15 : 19 )، حيث انه قد حدثت سابقة لذلك في دائرتهم هم أنفسهم، كما أن النبي عاموس ( 9 : 11و12 ) سبق وأنبأ بوضوح عن شمول البركة للأمم ( أع 15 : 13 ـ 19 ). ومن جهة الأثر العملي لكرازة بولس، على شهادة المسيحيين فى أورشليم، وخشية أن يستخدم المؤمنون من الأمم حريتهم لزعزعة المؤمنون من اليهود، رأى أن يُطلب من المؤمنون من الأمم أ ن يحفظوا أنفسهم من : 1-نجاسات الأصنام وكل ما يتصل بها. 2-الزنا بجميع صوره. 3-الأكل من الحيوانات التي قتلت خنقاً. 4-أكل الدم ( أ ع 15 : 20 - 29 ). وقد وافقت الكنيسة على رأي يعقوب، وأرسلت مع بولس وبرنابا يهوذا الملقب برسابا وسيلا لشرح معنى القرار للمؤمنين في أنطاكية. ( ج ) _ طبيعة القرار : كان هذا القرار متمشياًمع مبادىء يعقوب والرسل فى أورشليم كما نراها في سائر أجزاء سفر أعمال الرسل وفى الرسالة إلى غلاطية. فلم يكن ممكناًلهم أن يتجاهلوا سياق تعليم الأسفار المقدسة، ولا قبول الله القبول الواضح للأمم كما ظهر في الآيات والعجائب. ومن الجانب الآخر لم يستطيعوا تجاهل المقتضيات العملية في الكرازة لإسرائيل، دون الانحياز إلى أقول التهودين الداعية إلى الأنقسام والفرقة، فكان القرار ذا أهمية بالغة لمواصلة الكرازة للأمم. |
|||
25 - 01 - 2013, 09:36 AM | رقم المشاركة : ( 29 ) | |||
..::| مشرفة |::..
|
رد: بحث متكمل عن بولس رسول الأمم
وإذا تأملنا موقف كنيسة أورشليم في 49م، فلا بد أن ندرك أن القرار الذي وصل إليه المسيحيون في أورشليم، كان قراراًمن أجرأ القرارات وأكثرها سماحة فى تاريخ الكنيسة. فبينما كانوا يبذلون الجهد فى الكرازة للأمة، أبوا أن يعترضوا تقدم الجانب الآخر من الكرازة المسيحية الذي كان نجاحة سيسبب لهم ـ ولابد ـ اضطهاداًأكثر، فكان كل ما طلبوه هو أنه فى وجه مخاوف اليهود وحساسياتهم، يجب أن يمتنع المؤمنون من الأمم عن بعض الممارسات التي كان التقليد اليهودي يعلم أنها من الرذائل الشنيعة فى العبادات الوثنية. ولا شك فى أن بولس كان سعيداًبهذا القرار لأنه صدر عن اعتبارات عملية للعلاقات اليهودية المسيحية دون أن يعتبر أساساًللبر.
وكان للقرار الذى صدر عن مجمع أورشليم، أثاره البعيدة المدى، فأول كل شيء، لقد حرر الإِنجيل من الوقوع فى حبائل اليهودية ومؤسساتها، بدون استنكار شرعية مواصلة الشهادة المسيحية فى داخل تلك الحدود. وهكذا أصبح الطريق مفتوحاًأمام مواصلة الكرازة المسيحية بين الأمم وبين اليهود جنباًإلى جنب في خلال العقد التالي بدون أي صراع جوهري. ثم إن الغيوم التي كانت بموقف بولس في نظر كنيسة أورشليم، قد انجلت، ولو أنه من المحتمل أن عداوة البعض لبولس قد إشتدت، ولكن السواد الأعظم من الجماعة المسيحية في أورشليم، أصبح موقفهم منه إيجابياً، كما يبدو من موقف يوحنا مرقس ( وسيأتى الكلام عنه فيما بعد ). ولقد شعر البعض ـ فى الكرازة للأمم ـ بسعادة أكثر مما كانوا فى أورشليم، للسماحة التي أبداها المجمع، كما فى حالة سيلا ( أع 15 : 27 و 32 و34و40 ). الرحلة التبشيرية الثانية : لقد وصل بولس في رحلته التبشيرية الثانية إلى مناطق أبعد، فمع أنه كان يتوقع عندما شرع فيها، أن يواصل كرازته للأمم داخل حدود أسيا الصغرى، إلا أن الرب قاده إلى مكدونية وأخائية في جنوبي شرقي أوروبا. ونجد تفصيلات هذه الرحلة في سفر الأعمال ( 15 : 36 ـ 18 : 22 )، وقد استغرقت هذه الرحلة السنوات من 49 ـ 52م. أ- فريقان للكرازة : بعد أن حُسِم موضوع النزاع فى أنطاكية، الذي أثاره التهوديون، أراد بولس أن يعاود زيارة الكنائس التي تأسست فى رحلته التبشيرية الأولى، فوافق برنابا على ذلك، وأراد أن يأخذا معهما أيضاًابن عمه، يوحنا مرقس، اهتماماًمنه بتقدمه الروحي. ويبدو من اقتراح برنابا أنه رأي تحولاًفي نظرة مرقس إلى بولس وكرازته للأمم، وإلا لمَا فكر في ذلك. والأرجح أن مجمع أورشليم لعب دوراًهاماًفي إعادة تقديره للأمور، فأصبح أرجح عقلاًوأرحب قلباً، فأقر شرعية تصرف بولس. ولكن بولس لم يقبل ذهابه معهما. ولعل التقرير الذي قدمه مرقس بعد عودته إلى كنيسة أورشليم، هو الذى أثار مقأومة التهوديين لخدمة بولس. وإذا كان الأمر كذلك، فيحتمل أن برنابا رأى أن وجود مرقس معهما والشهادة الناتجة عن تغير موقفه، سيكون له أثاره الاستراتيجية عند العودة لزيارة جماعات المسيحين الذين عرفوا مرقس من قبل.أ ما بالنسبة لبولس، فقد كان الجرح أعمق غوراً، ولم تندمل أثاره بعد، فلم يكن الجو مهيأ للارتباط الوثيق بشخص يحتمل أنه كان ـ ولو عن غير قصد ـ عاملاًفى إثارة النزاع الأصلي. وبينما يحتمل أن مرقس قد تغير قلباًوفكراً، وتخلى عن كل النزعات التهودية، وأصبح مؤيداًلاتجاهاته، لكن بولس ظل على موقفه، لأن القضية كانت أكبر من ذلك كثيراً، كما أن خير الكنائس كان فى الدرجة القصوى من الأهمية، فلم يكن الحال يسمح بالمجازفة بوجوده معهما حتى لا يذكر الكنائس بتذبذبه السابق وانشقاقه عنهما. وعند هذا وجد برنابا أنه على غير وفاق مع بولس، فحصل بينهما مشاجرة حتى فارق أحدهما الآخر ( أع 15 : 39 ). فأخذ برنابا مرقس وذهبا إلى قبرس التي بدات منها رحلتهما السابقة، وحيث يمكن لمرقس أن يكون أكثر نفعا. واختار بولس سيلاًرفيقاًجديداًله وعاد إلى حقول العمل فى أسيا الصغرى ( أع 15 : 36 ـ 41 ). |
|||
25 - 01 - 2013, 09:36 AM | رقم المشاركة : ( 30 ) | |||
..::| مشرفة |::..
|
رد: بحث متكمل عن بولس رسول الأمم
ولايمكن أن يكون النزاع بين المؤمنين أمراًمشكوراًأو مقبولاً، ومع أن لوقا يصف مأحدث من مشاجرة بين بولس وبرنابا، إلا أنه لا يعلق عليه بشيء، بل اكتفى بسرد الأحداث كما جرت، بدون محأولة التقليل من خطورة الموضوع. ويجب أن نلاحظ أن الخلاف قد دار ـ كما يبدو ـ حول قضايا الساعة، ولم يهبط مطلقاًـ كما نرى من إشارات بولس فيما بعد إلى الآخرين ـ إلى مستوى القذف فى حق الآخرين أو الغض من شأنهم، ففى رحلته الثالثة، إشار بولس إلى برنابا فى رسالته إلى الكورنثيين قارنا اياه بنفسه، ومعتبراًإياه رسولاًمن أعظم الرسل ( اكو 9 : 6 ). ثم فى رسالته إلى المؤمنين في وادي ليكوس في جنوبي أسيا الصغرى، الذين يحتمل أنهم كانوا يكنون بعض العداء لمرقس لمِاَ سمعوه عن تصرفه السابق، يكتب لهم بولس من جهة مرقس حاثاًإياهم على أن يقبلوه إن أتى إليهم ( كو 4 : 10 ). وفى آخر رسالة كتبها قبيل استشهاده، يطلب من تيموثأوس أن يحضر مرقس معه لأنه نافع لي للخدمة ( 2تي 4 : 11 ). ومن الواضح أنه حتى رجال الله الأتقياء ـ من أسمى نوع ـ يمكن أن يختلفوا وتفترق بهم الطرق، ورغم أن هذا الانفصال لا يمكن أن يكون، موضع ثناء، فإن الكتاب المقدس لا يعتبره وصمة عار على أي جانب من الجانبين طالما أن الانفصال لم ينشأ عن دوافع شخصية أو عن حقد أو لرغبة فى الانتقام. وفي الحالة التي أمامنا استخدم الرب الخلاف لإِرسال فريقين للكرازة بدلاًمن فريق واحد. ومع أن لوقا لا يسجل لنا في سفر الأعمال شيئاًمفصلاًعن خدمة برنابا، فلا يمكن أن يكون ذلك لعدم رضاه عنها. وإذ حكمنا بناء على إشارات بولس ـ فيما بعد ـ إلى هذين الرجلين، برنابا ومرقس، فمن الواضح أنهما قاما بعمل ممتاز في قبرس، ولكن بولس كان البطل الذى يؤرخ له لوقا، كما أنه عن طريق خدمة بولس حدث هذا التقدم الكبير في تبشير الأمم.
وكان اختيار بولس لسيلا ليكون رفيقاًله، اختيارا موفقاً، إذ كانت تتوفر فيه صفات تلائم الخدمة بين الأمم كما حدثت فى الخمسينات من القرن الأول. ففى المقام الأول كان أحد قادة المؤمنين فى أورشليم مؤهلا لتمثيل رأي كنيسة أورشليم ( أع 15 : 22و27و32 ). كما كان نبياًقادراًعلى أن يتحدث للأمم حديثاًفعَّالاً( أع 15 : 32 ). ومن إشارات بولس المتكررة إليه باسمه الروماني سلوانس ( 1 تس 1 : 1، 2 تس 1 : 1 ) يمكننا أن نستنتج إنه كان على استعداد لملاقاة الأمم على قدم المساواة، وبالإِضافة إلى ذلك، كان مواطنا رومانيا له الحق فى الحصانة ضد الأضطهادات المحلية متى لزم الأمر ( أع 16 : 37 )، وبهذه الصورة كان أفضل رفيق لبولس فى رحلته. وهذا الوفاق الواضح بين سيلا والرسل فى كنيسة أورشليم أولاً، ثم مع بولس فى رحلتيه الثانية والثالثة، ثم مع بطرس ( ابط 5 : 12 ) لأكبر دليل على الوحدة الأساسية بين جناحي المسيحية في عصورها الأولى، وبين قادتها أيضاً. |
|||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
(معلمنا بولس رسول الأمم) 💛 |
صورة بولس رسول الأمم |
نقطة تحول في حياة وبشارة الكنيسة الاولى... بولس رسول الأمم |
بولس رسول الأمم وبطرس رسول الختان |
القديس مار بولس (رسول الأمم). |