المحبة والخدمة
هكذا الخدمة أيضًا: إن لم يدخلها الحب، لا نكون خدمة.
السيد المسيح كانت معجزاته مخلوطة بالحب. فمثلًا في معجزة إشباع الجموع من الخمس خبزات والسمكتين,
يقول الكتاب إنه (أبصر جمعًا كثيرًا فتحنن عليهم وشفي مرضاهم) (مت 14:14)
وأيضًا (فتحنن عليهم، إذا كانوا كخراف لا راعي لها) (مر 6: 34).
وحتى حينما روي قصة السامري الصالح، دقق علي هذه النقطة
فقال (ولكن سامريًا مسافرًا جاء إليه، ولما رآه تحنن) (لو 10: 33)
أن هذه العواطف لها أهميتها عند الرب.
كثيرون خدمتهم مجرد نشاط، خالية من الحب.
تشمل الكثير كم العمل والإنتاج والكثير من الإداريات والنظام، وربما من الروتين. ولكن بلا حب..
بينما الخدمة، في أصلها أنك تحب الله، وملكوته.
وتحب أبناء الله، وتريد لهم أن يحبوا الله، وأن يدخلوا ملكوته. لذلك تبذل كل جهدك لتقوم بعمل محبة نحوهم.
إن عطايا الرب ومعجزات الشفاء كانت ممتزجة بالحب.
قبل إقامته لعازر من الموت، قيل عنه "بكي يسوع" (يو 11: 35).
وفي إقامة ابن أرملة نايين، لما رأي هذه الأم الأرملة "تحنن علها وقال لها لا تبكي" (لو 7: 13)
وفي شفاء الأبرص قيل (فتحنن يسوع ومد يده ولمسه) (مر 1: 41) وطهره
وفي شفاء الأعميين في أريحا قيل (فتحنن يسوع ولمس أعينهما , فللوقت أبصرت أعينهما فتبعاه (مت 20: 34).
وما أجمل ما قيل عن السيد المسيح، إنه أحب خاصته اللذين في العالم، أحبهم حتى المنتهي (يو 13: 1).
وقال لهم (لا أعود أسميكم عبيدًا.. لكني قد سميتكم أحباء) (يو 15:15)
(كما أحبني الآب، أحببتكم أنا. أثبتوا في محبتي) (يو 15: 9).
وقال للآب عنهم: (عرفتهم اسمك وسأعرفهم، ليكون فيهم الحب الذي أحببتني به، وأكون أنا فيهم) (يو 17: 26)
وقال لهم عن رسالة الفداء التي جاء ليقوم به.
(ليس لأحد حب أعظم من هذا، أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه) (يو 15:13)
كلام كله حب، ونفهم منه هذه الحقيقة.
أن السيد المسيح علي الصليب كان ذبيحة حب.
فتكلم عن الفداء، أنه مات عنا. وأنه قد حمل خطايانا، وأنه خلصنا. ولكن وراء كل هذا العمل،
كان الحب (أحب.. حتى بذل) (يو 3: 16)
أذن سبب التجسد الإلهي هو الحب، وسبب الفداء هو الحب.
ويتحدث القديس يوحنا عن ذلك فيقول "في هذا هي المحبة، وليس أننا أحببنا الله، بل أنه هو أحبنا وأرسل أبنه كفارة لخطايانا" (1يو 4: 10)
ولذلك نحن نقابل حبه بحب. وهكذا قال (نحن نحبه لأنه هو أحبنا قبلًا) (1يو 4: 19)
وكما كان المسيح، ذبيحة حب نحونا، هكذا كان الشهداء ذبيحة حب نحو الله لقد قدموا حياتهم ذبيحة حب لله. أحبوه أكثر من العالم كله، وأكثر مكن الأهل والأقرباء. بل أحبوه أكثر من أنفسهم، وفرحوا بالموت لأنه يقربهم إليه، ليعيشوا معه في الفردوس ثم في الملكوت إلى الأبد
كما قال القديس بولس (لي اشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح. ذاك أفضل جدًا) (في 1: 23).
لا تظنوا أن اللذين تقدموا للاستشهاد كانوا يلاقون الموت وهم خائفون أو متضايقون.
كلا بل كانوا في محبتهم للقاء الله، فرحين جدًا بهذا اللقاء، ومشتاقين إليه.
كانوا يذهبون إلى ساحة الاستشهاد هم يرتلون في فرح. وأثناء سجنهم، حولوا. السجون إلى معابد ترتفع منها أصوات الترتيل والتسبيح والصلاة.
حتى أن أحد الشهداء قبل السلاسل التي قيدوه بها.
وشهيد أخر كان يصلي طالبًا البركة للجلاد الذي سيقطع رأسه ولعلمهم أخذوا هذا الدرس عن السيد المسيح الذي حينما أقترب إلى الجلجثة قال قد أتت الساعة ليتمجدابن الإنسان (يو 12: 23).
الآن تمجد ابن الإنسان وتمجد الآب فيه (يو 13: 31). وقيل عنه فيما تحمله من الآم وإهانات في وقت الصلب (من أجل السرور الموضوع أمامه أحتمل الصليب مستهينا بالخزي) (عب 12: 2).