منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 15 - 03 - 2014, 06:24 PM   رقم المشاركة : ( 251 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,316,105

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

صعود إيليا

"ولما قال هذا ارتفع وهم ينظرون. وأخذته سحابة عن أعينهم" (أع1: 9).
كان ينبغي أن يصعد السيد المسيح أمام أعين تلاميذه، ليجتذب أنظارهم نحو السماء حيث جلس هو عن يمين العظمة.
صعود السيد المسيح يذكرنا بصعود إيليا النبي على مرأى من تلميذه أليشع. فقد حدث "عند إصعاد الرب إيليا في العاصفة إلى السماء، أن إيليا وأليشع ذهبا من الجلجال.. إلى بيت إيل.. إلى أريحا.. إلى الأردن.. وأخذ إيليا رداءه ولفه وضرب الماء فانفلق إلى هنا وهناك، فعبرا كلاهما في اليبس. ولما عبرا قال إيليالأليشع: اطلب ماذا أفعل لك قبل أن أُوخذ منك. فقال أليشع ليكن نصيب اثنين من روحك علىّ. فقال صعّبت السؤال. فإن رأيتني أُوخذ منك يكون لك كذلك وإلاّ فلا يكون" (2مل2: 1-10).
لقد طلب أليشع أن يكون له نصيب البكر في البركة التي ينالها من قبل الرب بواسطة سيده ومعلمه إيليا وكان نصيب البكر هو نصيب اثنين من الأبناء في توزيع الميراث.
وعبارة "نصيب اثنين من روحك علىّ" تعنى روح النبوة، أي مواهب الروح القدس التي نالها إيليا النبي، مثلما قيل عن يوحنا المعمدان -أعظم مواليد النساء من الأنبياء- أنه يتقدم أمام السيد المسيح "بروح إيليا وقوته" (لو1: 17).
لقد طلب أليشع مواهب الروح القدس، لأنه لا يستطيع أن يمارس رسالته كنبي بدون قوة الروح القدس. وإرشاده وفعله.
كان أليشع في ذلك رمزًا إلى الكنيسة التي كانت تنتظر موعد الآب، الذي أشار إليه السيد المسيح في حديثه مع تلاميذه، كما هو مدون في سفر الأعمال "وفيما هو مجتمع معهم أوصاهم أن لا يبرحوا من أورشليم، بل ينتظروا موعد الآب الذي سمعتموه منى. لأن يوحنا عمد بالماء وأما أنتم فستتعمدون بالروح القدس ليس بعد هذه الأيام بكثير" (أع1: 4، 5).
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
رداء إيليا

"وفيما هما يسيران ويتكلمان إذا مركبة من نار وخيل من نار ففصلت بينهما، فصعد إيليا في العاصفة إلى السماء. وكان أليشع يرى وهو يصرخ يا أبى يا أبى مركبة إسرائيل وفرسانها. ولم يره بعد. فأمسك ثيابه ومزقها قطعتين. ورفع رداء إيليا الذي سقط عنه، ورجع ووقف على شاطئ الأردن. فأخذ رداء إيليا الذي سقط عنه وضرب الماء، وقال: أين هو الرب إله إيليا، ثم ضرب الماء أيضًا، فانفلق إلى هنا وهناك فعبر أليشع. ولما رآه بنو الأنبياء الذين في أريحا قبالته، قالوا قد استقرت روح إيليا على أليشع" (2مل2: 11-15).

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
إن رداء إيليا الذي حمله أليشع، بعد إصعاد إيليا إلى السماء، وشق به مياه الأردن، يرمز إلى بر المسيح الذي يلبسه المعمد المؤمن بالمسيح في المعمودية. كقول معلمنا بولس الرسول: "لأن كلكم الذين اعتمدتم بالمسيح قد لبستم المسيح" (غل3: 27).
والعجيب أن لهذا الرداء قصة: إذ أن إيليا النبي كان قد طرح على أليشع هذا الرداء في أول لقاء بينهما، حينما أمره الرب أن يمسح أليشع نبيًا "امسح أليشع بن شافاط من آبل محولة نبيًا عوضًا عنك.. فذهب من هناك ووجد أليشع بن شافاط يحرث واثنا عشر فدان بقر قدامه، وهو مع الثاني عشر، فمر إيليا وطرح رداءه عليه" (1مل19: 16-19).
كان طرح الرداء على أليشع هو علامة دعوة الرب له عن يد إيليا النبي، ليدخل في نصيب الرب وليتشح برداء النبوة.
نرى في هذه القصة أن أليشع كان "مع الثاني عشر" ولا يخفى ما في ذلك الرقم من إشارة إلى تلاميذ السيد المسيح الاثني عشر الذين دعاهم ليكونوا معه وأرسلهم لبشارة الملكوت.
إن قصة إصعاد إيليا إلى السماء ومقدماتها وملابساتها وما نتج عنها، تمتلئ بالرموز الخاصة بالسيد المسيح وكنيسته المجيدة وإرسال الروح القدس إلى الكنيسة في يوم الخمسين بألسنة موزعة كأنها من نار. الأمور التي لا يتسع المجال أن نتكلم عنها بالتفصيل ولكنها جميعها تبرز روعة الإعلان الإلهي في الكتاب المقدس بعهديه.
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
بين الصعود وحلول الروح القدس

قال السيد المسيح لتلاميذه: "خير لكم أن أنطلق. لأنه إن لم أنطلق، لا يأتيكم المعزى" (يو16: 7).
فكان انطلاق السيد المسيح إلى السماء هو العلامة التي انتظرت على أساسها الكنيسة حلول الروح القدس في يوم الخمسين.
لذلك قال إيليالأليشع "صعبت السؤال. فإن رأيتني أوخذ منك يكون لك كذلك، وإلا فلا يكون". أي أن شرط أن يستقر روح النبوة الذي لإيليا على أليشع، أن يراه وهو صاعد إلى السماء.
بمعنى أن التلامس مع حقيقة الصعود هو الذي يؤهل لنيل قوة ومواهب الروح القدس.
قال السيد المسيح لتلاميذه قبيل صعوده: "أقيموا في مدينة أورشليم إلى أن تُلبسوا قوة من الأعالي" (لو24: 49).
صعد السيد المسيح "بعد ما أوصى بالروح القدس الرسل الذين اختارهم" (أع1: 2) الذين أراهم أيضًا نفسه ببراهين كثيرة بعد قيامته من الأموات.
ارتفع بصورة منظورة، جسديًا، أمام أعين تلاميذه.. تمامًا مثلما ارتفع في أعينهم ببذله نفسه عنهم على الصليب، وظهوره لهم بعد القيامة ليمسح أحزانهم، وعودته إلى الآب تاركًا الأرض بعدما رفض المُلك الأرضي عليها.
كان السيد المسيح جديرًا أن يصير هو ملك ملوك الأرض، بعد انتصاره على الموت الذي لم ينتصر عليه أي إنسان مهما كانت عظمته.
ولكن السيد المسيح غادر الأرض وهو في قمة انتصاره ومجده.. فيا لروعة التخلّي عن كل أمجاد العالم.! أليس هو الذي سبق فقال: "مملكتي ليست من هذا العالم" (يو18: 36)،وأيضًا سبق فقال لتلاميذه: "خرجت من عند الآب وقد أتيت إلى العالم، وأيضًا أترك العالم وأذهب إلى الآب" (يو16: 28).
حقًا ارتفع السيد المسيح أمام أعينهم، كما ارتفع في أعينهم وهو يغادر الأرض في بساطة شديدة دون أن يطلب مجدًا من الناس.. لأن المجد الحقيقي كان في وجوده مع الآب الذي أرسله.
لقد اجتذب السيد المسيح مشاعر تلاميذه نحو السماء.. وصارت نبضات قلوبهم تعزف أجمل الألحان مع أناشيد السمائيين كما يقول المزمور "صعد الله بتهليل. والرب بصوت البوق. رتلوا لإلهنا رتلوا. رتلوا لمليكنا رتلوا. لأن الرب هو ملك الأرض كلها. رتلوا بفهم. فإن الرب ملك على جميع الأمم. الله جلس على كرسيه المقدس" (مز46: 5-8) وبهذا ملك الرب..
ملك السيد المسيح على قلوب محبيه، واجتذب مشاعرهم نحو كرسيه الذي في السماوات. وهذا ما أوجزه القديس مرقس في إنجيله بقوله: "ثم إن الرب بعدما كلَّمهم ارتفع إلى السماء وجلس عن يمين الله" (مر16: 19).
لهذا قال معلمنا بولس الرسول: "إن كنتم قد قمتم مع المسيح، فاطلبوا ما فوق حيث المسيح جالس عن يمين الله.." (كو3: 1).
وقال أيضًا: "فإن سيرتنا نحن هي في السماوات التي منها أيضًا ننتظر مخلصًا هو الرب يسوع المسيح. الذي سيغيِّر شكل جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده" (فى3: 20، 21).
  رد مع اقتباس
قديم 15 - 03 - 2014, 06:25 PM   رقم المشاركة : ( 252 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,316,105

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

متى صعد السيد المسيح؟

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
يقول البعض إن السيد المسيح قد صعد بعد قيامته مباشرةً، أي بعد لقائه في البستان مع مريم المجدلية، وأنه عاد إلى الأرض ليظهر لتلاميذه بعد ذلك. وأنه استمر طوال الأربعين يومًا التالية للقيامة يتردد بين السماء والأرض، إلى أن صعد بصفة نهائية في اليوم الأربعين بعد قيامته، أي في خميس الصعود.
وهذا القول يتعارض مع تعليم الكتاب المقدس ومع تقليد الكنيسة. لأن الكنيسة تحتفل بعيد الصعود باعتبار أن السيد المسيح قد دخل فيه إلى الموضع الذي لم يدخل إليه ذو طبيعة بشرية من قبل.
وقد ورد في قسمة قداس سبت البصخة المقدسة عن السيد المسيح [الذي صعد إلى السماوات وصار فوق السماوات. ودخل داخل الحجاب موضع قدس الأقداس الموضع الذي لا يدخل إليه ذو طبيعة بشرية، وصار سابقًا لنا، صائرًا رئيس كهنة إلى الأبد على رتبة ملكي صادق] (انظر عب6: 20).
وفى مزمور قداس عيد الصعود؛ تُقال العبارات الهامة التالية: "ارفعوا أيها الرؤساء أبوابكم وارتفعي أيتها الأبواب الدهرية، فيدخل ملك المجد. من هو هذا ملك المجد؟ الرب العزيز القدير، الرب القوى في الحروب. ارفعوا أيها الرؤساء أبوابكم وارتفعي أيتها الأبواب الدهرية، فيدخل ملك المجد. من هو هذا ملك المجد؟ رب القوات هذا هو ملك المجد" (مز23: 7-10).
وهذا معناه أن الأبواب الدهرية لم تُفتح إلا عند دخول السيد المسيح إلى الأقداس السماوية ليظهر أمام الآب لأجلنا باعتبار أنه هو الشفيع الذي به ننال المغفرة من قِبل الآب كقول معلمنا يوحنا الرسول: "إن أخطأ أحد فلنا شفيع عند الآب يسوع المسيح البار، وهو كفارة لخطايانا" (1يو2: 1، 2)،وكذلك قول معلمنا بولس الرسول: "لأن المسيح لم يدخل إلى أقداس مصنوعة بيد أشباه الحقيقية، بل إلى السماء عينها ليظهر الآن أمام وجه الله لأجلنا" (عب9: 24).
وما معنى احتفالنا بعيد الصعود المجيد بعد أربعين يومًا من عيد القيامة إن كان السيد المسيح قد صعد مرارًا وتكرارًا طوال الأربعين يومًا..؟!!
  رد مع اقتباس
قديم 15 - 03 - 2014, 06:26 PM   رقم المشاركة : ( 253 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,316,105

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

دخول السيد المسيح إلى المقدس السماوي

كان رئيس الكهنة في العهد القديم يدخل إلى قدس الأقداس في الهيكل مرة واحدة في السنة في يوم الكفارة العظيم ليكفر عن خطايا نفسه وعن خطايا الشعب بواسطة دم الذبائح الحيوانية المناسبة.
وكان الهيكل مقسمًا إلى قسمين: القسم الأول هو القدس حيث مائدة خبز الوجوه ومذبح البخور والمنارة ذات السبعة سرج. والقسم الثاني هو قدس الأقداس حيث كَروبا المجد وكرسي الرحمة أي تابوت العهد. ويفصل بين القسم الأول والقسم الثاني الحجاب.
وقد شرح معلمنا بولس الرسول في رسالته إلى العبرانيين كيف كان الهيكل الأرضي رمزًا للهيكل السماوي، وكيف دخل السيد المسيح إلى الأقداس، ومعنى دخوله هذا، وقارن بين كهنوت العهد القديم الهاروني، وكهنوت العهد الجديد على طقس ملكي صادق باعتبار أن السيد المسيح هو الكاهن إلى الأبد على رتبة ملكي صادق حسب الإعلان الإلهي في الكتب المقدسة.
قال عن خدمة السيد المسيح السمائية: "وأما رأس الكلام فهو أن لنا رئيس كهنة مثل هذا قد جلس في يمين عرش العظمة في السماوات، خادمًا للأقداس والمسكن الحقيقي الذي نصبه الرب لا إنسان" (عب8: 1، 2).
وقال عن تقسيم الهيكل ونظام الخدمة فيه في العهد القديم: "ثم العهد الأول كان له أيضًا فرائض خدمة والقدس العالمي. لأنه نصب المسكن الأول الذي يقال له القدس الذي كان فيه المنارة والمائدة وخبز التقدمة. ووراء الحجاب الثاني المسكن الذي يقال له قدس الأقداس، فيه مبخرة من ذهب وتابوت العهد مغشي من كل جهة بالذهب الذي فيه قسط من ذهب فيه المن وعصا هرون التي أفرخت ولوحا العهد. وفوقه كروبا المجد مظللين الغطاء.. ثم إذ صارت هذه مهيأة هكذا يدخل الكهنة إلى المسكن الأول كل حين صانعين الخدمة. وأما إلى الثاني فرئيس الكهنة فقط مرة في السنة ليس بلا دم يقدّمه عن نفسه وعن جهالات الشعب" (عب9: 1-7).
ونلاحظ هنا أن المسكن الثاني هو الملقب بقدس الأقداس وهو الذي يدخله رئيس الكهنة مرة واحدة في السنة. وقد شرح القديس بولس الرسول المقارنة بين ما يفعله رئيس الكهنة في العهد القديم وما فعله السيد المسيح عند إتمام الفداء.
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
دخل مرةً واحدة إلى الأقداس


كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
قال بولس الرسول عن دخول السيد المسيح إلى السماويات: "وأما المسيح وهو قد جاء رئيس كهنة للخيرات العتيدة فبالمسكن الأعظم والأكمل غير المصنوع بيد، أي الذي ليس من هذه الخليقة. وليس بدم تيوس وعجول بل بدم نفسه دخل مرة واحدة إلى الأقداس فوجد فداءً أبديًا" (عب9: 11، 12). ويتضح هنا أن السيد المسيح في دخوله إلى السماء قد دخل إلى قدس الأقداس ليس مرة واحدة في السنة، ولكنه دخل مرة واحدة إلى الأبد، ولم يتكرر كما يدّعى أصحاب الرأي الذي نوهنا عنه سابقًا. وفي ضوء هذا النص الصريح لا يبقى مكان للجدل حول هذا الموضوع لأنه لا حاجة إلى تكرار الذبيحة كل عام.
كما أنه لم يدخل بدم ذبائح أخرى بل دخل بدم نفسه أي بالذبيحة الحقيقية المقبولة عند الآب السماوي.
وقال عن عدم تكرار الذبيحة الخلاصية: "لا ليقدم نفسه مرارًا كثيرة كما يدخل رئيس الكهنة إلى الأقداس كل سنة بدم آخر. فإذ ذاك كان يجب أن يتألم مرارًا كثيرة منذ تأسيس العالم، ولكنه الآن قد أظهر مرة عند انقضاء الدهور ليبطل الخطية بذبيحة نفسه" (عب9: 25، 26).
وقال عن الحجاب: "فإذ لنا أيها الإخوة ثقة بالدخول إلى الأقداس بدم يسوع طريقًا كرّسه لنا حديثًا حيًا بالحجاب أي جسده. وكاهن عظيم على بيت الله" (عب10: 19-21).
عندما صُلب السيد المسيح وذُبح جسده بالصليب، انشق حجاب الهيكل إلى اثنين من فوق إلى أسفل (انظر مت 27: 51)، وحجاب الهيكل هو الفاصل بين القدس وقدس الأقداس،ومعنى ذلك أن السيد المسيح قد فتح الطريق إلى أحضان الآب السماوي بذبيحته الخلاصية على الصليب. وهذا ما قاله معلمنا بولس الرسول عن دخول المؤمنين إلى الأقداس بدم يسوع "طريقًا كرسه لنا حديثًا حيًا بالحجاب أي جسده" (عب10: 20) فالسيد المسيح هو الطريق المؤدى إلى الحياة الأبدية.
كان صعود السيد المسيح إلى السماء هو تأكيد منظور لقبول ذبيحته الكفارية عند الآب السماوي. لذلك ربط القديس بولس الرسول بين ذبيحة الصليب وبين دخول السيد المسيح إلى الأقداس السماوية؛ فقال عنه: "بدم نفسه دخل مرة واحدة إلى الأقداس فوجد فداءً أبديًا".
وقد أكد هذه المعاني في النصوص التالية عن السيد المسيح:
* "وأما هذا فمن أجل أنه يبقى إلى الأبد له كهنوت لا يزول. فمن ثم يقدر أن يُخلّص أيضًا إلى التمام الذين يتقدمون به إلى الله إذ هو حي في كل حين ليشفع فيهم. لأنه كان يليق بنا رئيس كهنة مثل هذا قدوس بلا شر ولا دنس قد انفصل عن الخطاة وصار أعلى من السماوات" (عب 7: 24-26).
* "أما رأس الكلام فهو أن لنا رئيس كهنة مثل هذا قد جلس في يمين عرش العظمة في السماوات. خادمًا للأقداس والمسكن الحقيقي الذي نصبه الرب لا إنسان" (عب 8: 1، 2).
* "وأما هذا فبعد ما قدّم عن الخطايا ذبيحة واحدة جلس إلى الأبد عن يمين الله" (عب 10: 12).
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
إلى المسكن الثاني وليس الأول

بهذا كله يتضح بجلاء أن السيد المسيح بعدما أكمل خدمته الخلاصية على الأرض قد صعد إلى السماوات ودخل إلى قدس الأقداس في السماء وليس إلى القدس، لأنه يقول: "دخل مرة واحدة إلى الأقداس فوجد فداءً أبديًا" (عب9: 12). ولا مجال إطلاقًا للقول بأنه دخل إلى القدس في السماء أولًا ثم انتقل بعد ذلك إلى قدس الأقداس في موعد لاحق بعد مئات السنين ليطهّر الأقداس السماوية. وكيف يُقال ذلك بينما قال معلمنا بولس الرسول: "لأن المسيح لم يدخل إلى أقداس مصنوعة بيد أشباه الحقيقية، بل إلى السماء عينها ليظهر الآن أمام وجه الله لأجلنا، ولا ليقدم نفسه مرارًا كثيرة كما يدخل رئيس الكهنة إلى الأقداس كل سنة" (عب9: 24، 25).
  رد مع اقتباس
قديم 15 - 03 - 2014, 06:28 PM   رقم المشاركة : ( 254 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,316,105

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

علاقة الكنيسة بالمقدس السماوي

إن الكنيسة على الأرض لا يمكنها أن تحيا بدون حضور المسيح بذبيحته الخلاصية في سر الافخارستيا.
وليست الافخارستيا تكرارًا لذبيحة الصليب التي قدمت مرة واحدة، ولكنها امتدادًا لها على طقس ملكي صادق الذي قدّم قربانه من الخبز والخمر.

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
وبالإفخارستيا ترتبط الكنيسة برأسها ورئيس كهنتها الأعظم الرب يسوع الجالس عن يمين عرش الآب في السماء، خادمًا للأقداس السمائية (انظر عب 8: 1، 2). وتلقب الكنيسة الإفخارستيا بأنها الذبيحة الناطقة السمائية.
فالكنيسة والحال هكذا هي سلم يعقوب المنصوب على الأرض ورأسه في السماء والملائكة صاعدة ونازلة عليه والرب واقف على قمته بمجد عظيم.
أي أن الكنيسة تحيا في غربة على الأرض ورأسها في السماء. وفي مسيرتها على الأرض تسير متطلعة دائمًا نحو السماء حيث المسيح جالس عن يمين العظمة.
وقد أقام الرب في الكنيسة وكلاء أسرار الله للاحتفال بالأسرار المقدسة على الأرض. فالأسقف كوكيل الله (انظر تى1: 7) يحتفل بسر الإفخارستيا بكهنوت على طقس ملكي صادق يخدم به الأسرار المقدسة،ويقدّم مفاعيل الخلاص لشعب المسيح بسلطان الروح القدس، الذي به منح السيد المسيح الكهنوت لرسله القديسين بعد قيامته من الأموات، وذلك ليغفروا الخطايا على الأرض.
ما أجمل هذا الارتباط بين السيد المسيح الرأس وبين الكنيسة التي هي جسده (هي جسده ليس بالمعنى الحرفي ولكن بالمعنى الاعتباري).. هي العروس، والمسيح الإله الكلمة المتجسد هو عريسها.
  رد مع اقتباس
قديم 15 - 03 - 2014, 06:30 PM   رقم المشاركة : ( 255 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,316,105

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

لماذا صعد السيد المسيح؟

قد يتساءل البعض، لماذا صعد السيد المسيح إلى السماء بعد أربعين يومًا من قيامته من الأموات؟ ولماذا لم يبقَ في وسط تلاميذه على الأرض يشجعهم ويقويهم ويرشدهم ويقودهم إلى حين نهاية العالم؟
ونود أن نلخص بعض الأسباب كما يلي:
أولًا: لأن السيد المسيح قد جاء من السماء، كان ينبغي أن يصعد إلى السماء.
بمعنى أن الصعود هو إثبات على ألوهية السيد المسيح وولادته من الآب قبل كل الدهور بحسب ألوهيته، وأنه هو نفسه الله الكلمة الذي صار جسدًا في ملء الزمان من أجل خلاصنا. وهو نفسه قد قال: "خرجت من عند الآب وقد أتيت إلى العالم وأيضًا أترك العالم وأذهب إلى الآب" (يو16: 28).
لهذا قال المزمور "صعد الله بتهليل، والرب بصوت البوق" (مز46: 5). أي أن الله الكلمة هو الذي صعد إلى أعلى السماوات جسديًا.
وقال عنه يوحنا المعمدان: "الذي يأتي من السماء هو فوق الجميع" (يو3: 31). وقال السيد المسيح عن نفسه لليهود: "أنتم من أسفل أما أنا فمن فوق. أنتم من هذا العالم أما أنا فلست من هذا العالم" (يو8: 23).
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
ثانيًا: أراد السيد المسيح أن يرُدْ إلى الإنسان كرامته بعد طرده من الفردوس حينما أخطأ الإنسان الأول.
لقد طُرِد الإنسان الأول من الفردوس حينما خالف الوصية الإلهية، وجاء السيد المسيح -باعتباره آدم الثاني أو آدم الجديد- وقدّم طاعة كاملة لله الآب. وبهذا استحقت البشرية أن تسترد كرامتها المفقودة في شخص الرب المتجسد يسوع المسيح باعتباره رأس الكنيسة. لهذا قال معلمنا بولس الرسول عن الرب "أقامنا معه وأجلسنا معه في السماويات في المسيح" (أف2: 6).
لقد رفع الله الآب رأسنا حينما استقبل رئيس خلاصنا بكل الفرح في الأمجاد السمائية.

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
ثالثًا: صار السيد المسيح باكورة الداخلين إلى الأمجاد السمائية، كما كان باكورة للراقدين بقيامته المجيدة من الأموات.
لقد صار السيد المسيح بجسده الخاص باكورة ومتقدمًا في كل شيء بالنسبة للكنيسة التي هي جسده الاعتباري.
صار سابقًا لنا في قيامته التي لا يقوى عليها الموت وعربونًا للحياة الأبدية التالية.
ولهذا صار أيضًا سابقًا لنا في صعوده إلى أعلى السماوات وفي دخوله إلى الأقداس التي نصبها الرب لا إنسان "دخل مرة واحدة إلى الأقداس فوَجَد فداءً أبديًا" (عب9: 12).
لهذا قال لتلاميذه: "أنا أمضى لأعد لكم مكانًا وإن مضيت وأعددت لكم مكانًا آتى أيضًا وآخذكم إلىّ حتى حيث أكون أنا تكونون أنتم أيضًا" (يو14: 2، 3).
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
رابعًا: أراد السيد المسيح أن يؤكد فكرة الملكوت السمائي.
أي أن الحياة الأبدية بعد القيامة هي في السماء وليست على الأرض. ولكي نُدرك أن "ليس لنا هنا مدينة باقية، لكننا نطلب العتيدة" (عب13: 14).
أراد أن يجعلنا نشتاق إلى السماء.. إلى حياة الوجود مع الآب السماوي وأن نشعر بغربتنا هنا على الأرض، متذكرين قوله المبارك: "حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك أيضًا" (مت 6: 21).
إن محبتنا للمسيح واشتياقنا إليه تجتذبنا باستمرار نحوه حيثما هو موجود. لهذا قال معلمنا بولس الرسول: "إن كنتم قد قمتم مع المسيح فاطلبوا ما فوق حيث المسيح جالس عن يمين الله" (كو3: 1).
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
خامسًا: كان في صعود السيد المسيح إلى السماء جسديًا إثبات أن التقدمة التي قدّمها على الصليب نيابة عن البشرية قد قُبلت أمام الآب السماوي.
أي أن الصعيدة التي قُدمت على الصليب كان ينبغي أن تصعد إلى الآب، ليكون ذلك علامة منظورة على قبول الآب وسروره بها.
ما أمجد هذا اللقاء بين الابن الوحيد الغالب المنتصر في جسم بشريته والآب السماوي الذي أعلن مرارًا وتكرارًا سروره. بل هو موضوع سروره من قبل إنشاء العالم وإلى دهر الدهور بلا أي انقطاع.
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
سادسًا: أراد السيد المسيح أن يوجّه تلاميذه إلى أحضان الآب السماوي. أي إلى إيجاد علاقة حب ودالة وصلاة بينهم وبين الآب.
كانت كل طلبات التلاميذ منحصرة في السيد المسيح أثناء وجوده وسطهم. وأراد بصعوده إلى السماء أن يجعلهم يطلبون من الآب مباشرة باسم المسيح.
لهذا قال لهم: "إلى الآن لم تطلبوا شيئًا باسمي؛ اطلبوا تأخذوا ليكون فرحكم كاملًا" (يو16: 24). "في ذلك اليوم تطلبون باسمي ولست أقول لكم إني أنا أسأل الآب من أجلكم لأن الآب نفسه يحبكم لأنكم قد أحببتموني، وآمنتم أنى من عند الله خرجت" (يو16: 26، 27).
كان السيد المسيح يريد أن يربط التلاميذ بعلاقة حب مع أبيه السمائي. لهذا قال للآب "أنا مجدتُك على الأرض.. أنا أظهرتُ اسمك للناس.. وعرفتُهم اسمك وسأعرفهم ليكون فيهم الحب الذي أحببتني به وأكون أنا فيهم" (يو17: 4، 6، 26).
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
سابعًا: أراد السيد المسيح أن يربط تلاميذه بعلاقة وثيقة مع الروح القدس ليتذوّقوا محبته ومواهبه وينقادوا به "لأن كل الذين ينقادون بروح الله فأولئك هم أبناء الله" (رو8: 14).
أعطاهم السيد المسيح وعدًا بأن يرسل لهم الروح القدس الذي هو روح الحق الذي من عند الآب ينبثق،وقال لهم: "أنا أطلب من الآب فيعطيكم معزيًا آخر ليمكث معكم إلى الأبد" (يو14: 16).
وحدثهم حديثًا طويلًا عن الروح القدس وقال: إنه "يعلمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم.. ويخبركم بأمور آتية" (انظر يو14: 26، يو16: 13). وقال: "ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم" (أع 1: 8).
وقال لهم: "متى جاء المعزى.. روح الحق.. فهو يشهد لي وتشهدون أنتم أيضًا لأنكم معي من الابتداء" (يو15: 26، 27).
ووعدهم بأن ينطق الروح القدس على أفواههم: "لستم أنتم المتكلمين بل روح أبيكم" (مت10: 20)، "أعطيكم فمًا وحكمة لا يقدر جميع معانديكم أن يقاوموها أو يناقضوها" (لو21: 15).
بل قال السيد المسيح لهم: "خير لكم أن أنطلق (أي أصعد) لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزى" (يو16: 7).
كان من الضروري أن يصعد السيد المسيح ويمارس خدمته الشفاعية الكفارية كرئيس كهنة في المقادس السمائية لكي يشفع كل حين فينا أمام الآب ولكي يرسل الآب موعد روحه القدوس الذي يعمل في الكنيسة بالأسرار الإلهية لننال الخلاص والمغفرة.
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
"أنا أمضى لأعد لكم مكانًا" (يو14: 2)

بعد أن أعطى السيد المسيح جسده ودمه الأقدسين للتلاميذ في العشاء الرباني، بدأ يكلمهم عن انطلاقه إلى الآب وعن إرسال الروح القدس.
كل تلك الأحاديث كانت في ليلة آلامه وصلبه، ليفهم التلاميذ طبيعة إرساليته من الآب، وعلاقة ذلك بالروح القدس في الكنيسة. فقال لهم: "وأما الآن فأنا ماضٍ إلى الذي أرسلني" (يو16: 5). وقال أيضًا: "لو كنتم تحبونني لكنتم تفرحون لأني قلت أمضى إلى الآب" (يو14: 28).
وقال: "أنا أمضى لأعد لكم مكانًا" (يو14: 2). وأيضًا قال "خرجت من عند الآب وقد أتيت إلى العالم، وأيضًا أترك العالم وأذهب إلى الآب" (يو16: 28).
وحينما حزن التلاميذ بسبب انطلاق السيد المسيح من هذا العالم، ابتدأ يعلن لهم: "أقول لكم الحق إنه خير لكم أن أنطلق. لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزى" (يو16: 7).
إن إرسالية الابن الوحيد وظهوره في الجسد، ليست عزلًا للكنيسة عن الآب السماوي، بل مصالحة لها معه.
وانطلاق السيد المسيح إلى الآب يؤكد هذه الحقيقة، كما أن إرسال الروح القدس "روح الحق الذي من عند الآب ينبثق" (يو15: 26)، هو تأكيد لنفس هذه الحقيقة الخالدة.
فالخلاص بصفة عامة هو عمل الثالوث القدوس، وليس عمل الابن فقط..
الابن هو الذي قدَّم نفسه على الصليب فداءً عن العالم.
والآب هو الذي "بذل ابنه الوحيد الجنس، لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة" (يو3: 16).
والروح القدس هو الذي يلدنا في المعمودية، التي فيها نُدفَنْ مع المسيح ونقوم معه، وننال الطبيعة الجديدة، والتبني ومغفرة الخطايا الجِدية والفعلية.. وهو العامل في جميع الأسرار، وهو الذي يقود الكنيسة ويمنحها قوة الكرازة والشهادة للمسيح.. أي أن الروح القدس هو الذي يوصّل إلينا كل استحقاقات الفداء الذي صنعه السيد المسيح لأجلنا.
الآب هو الذي أرسل الابن فاديًا ومخلصًا. ولهذا يقول الكتاب: "ولكن الكل من الله الذي صالحنا لنفسه بيسوع المسيح.. أي إن الله كان في المسيح مصالحًا العالم لنفسه" (2كو5: 18، 19).
وهو أيضًا الذي أرسل الروح القدس ليوصل إلينا كل بركات الفداء ونعمة العهد الجديد.
كل عمل قام به الابن، لم يكن بمعزل عن الآب السماوي. ولهذا قال السيد المسيح لتلاميذه: "الكلام الذي أكلمكم به لست أتكلم به من نفسي، لكن الآب الحال فيَّ هو يعمل الأعمال. صدقوني أنى في الآب والآب في. وإلا فصدقوني لسبب الأعمال نفسها" (يو14: 10، 11).
في اتضاع عجيب قال السيد المسيح لتلاميذه: "خير لكم أن أنطلق، لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزى" (يو16: 7).
الأقانيم الثلاث يعملون معًا.. ولهذا فالروح القدس هو الذي سيوصل إلينا بركات الفداء الذي صنعه الابن على الصليب.
الآب والروح القدس أَرسلا الابن "والآن السيد الرب أرسلني وروحُهُ" (إش48: 16).
والآب والابن أرسلا الروح القدس. "وأما المعزى الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي، فهو يعلمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم" (يو14: 26). "ومتى جاء المعزى الذي سأرسله أنا إليكم من الآب روح الحق الذي من عند الآب ينبثق" (يو15: 26).
وبالرغم من أن السيد المسيح قد قال باتضاع:"خير لكم أن.. يأتيكم المعزى" (يو16: 7). إلا أن هذا لا يعنى إطلاقًا عدم المساواة بين الابن والروح القدس.. أو أن الروح القدس أعظم من الابن. الدليل على ذلك قول السيد المسيح عن الروح القدس: "الذي سأرسله أنا إليكم" (يو15: 26) وقوله: "إن ذهبت أرسله إليكم" (يو16: 7) وقوله عن عمل الروح القدس: "ذاك يمجدني لأنه يأخذ مما لي ويخبركم" (يو16: 14) و"يشهد لي" (يو15: 26).
إن شهادة الثالوث هي واحدة. والحق المُعلَنْ من الثالوث، هو حق واحد. لهذا قال السيد المسيح: "متى جاء ذاك روح الحق، فهو يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به، ويخبركم بأمور آتية. ذاك يمجدني لأنه يأخذ مما لي ويخبركم. كل ما للآب هو لي لهذا قلت إنه يأخذ مما لي ويخبركم" (يو16: 13-15).
إن كل شهادة وكل نعمة فوقانية، هي صادرة من الآب، وهى باستحقاقات الابن، وهى تُمنح بالروح القدس. هي نعمة ثالوثية واحدة يتمايز فيها دور كل أقنوم. ولكن في مجملها هي عطية الثالوث القدوس الآب والابن والروح القدس.
لهذا يقول معلمنا يعقوب الرسول: "كل عطية صالحة، وكل موهبة تامة هي من فوق نازلة من عند أبى الأنوار الذي ليس عنده تغيير ولا ظل دوران. شاء فولدنا بكلمة الحق لكي نكون باكورة من خلائقه" (يع1: 17، 18).
كان السيد المسيح في إرساليته على الأرض يعمل دائمًا لإتمام مقاصد الآب السماوي، التي بعينها هي مقاصد الثالوث القدوس أي الأقانيم الإلهية معًا.
لهذا قال للآب في صلاته قبل الصليب: "أنا مجدتك على الأرض، العمل الذي أعطيتني لأعمل قد أكملته" (يو17: 4).
ولهذا أيضًا قال لتلاميذه: "خير لكم أن أنطلق. لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزى ولكن إن ذهبت أرسله إليكم" (يو16: 7).
  رد مع اقتباس
قديم 15 - 03 - 2014, 06:32 PM   رقم المشاركة : ( 256 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,316,105

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

روح الحق.. وأما أنتم فتعرفونه

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
"وأما أنتم فتعرفونه" (يو14: 17)

"روح الحق الذي لا يستطيع العالم أن يقبله لأنه لا يراه ولا يعرفه. وأما أنتم فتعرفونه لأنه ماكث معكم ويكون فيكم" (يو14: 17).
كما قام السيد المسيح بتعريف الآب لتلاميذه، هكذا قام أيضًا بتعريفهم بالروح القدس لهذا قال لهم عنه: "وأما أنتم فتعرفونه". وبهذا تكمل رسالته في تعريفهم بالثالوث القدوس.. أي أن تعرف الكنيسة الآب والابن والروح القدس.
في مناجاته للآب، قال السيد المسيح في ليلة آلامه: "أيها الآب البار، إن العالم لم يعرفك أما أنا فعرفتك. وهؤلاء عرفوا أنك أنت أرسلتني. وعرفتهم اسمك وسأعرفهم، ليكون فيهم الحب الذي أحببتني به وأكون أنا فيهم" (يو17: 25، 26).
وقال لتلاميذه: "تأتى ساعة حين لا أكلمكم أيضًا بأمثال، بل أخبركم عن الآب علانية" (يو16: 25).
وعن الروح القدس قال: "متى جاء ذاك روح الحق، فهو يرشدكم إلى جميع الحق.. يأخذ مما لي ويخبركم" (يو16: 13، 14).
وقال أيضًا: "وأما المعزى الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي، فهو يعلمكم كل شيء، ويذكركم بكل ما قلته لكم" (يو14: 26).. "ومتى جاء المعزى الذي سأرسله أنا إليكم من الآب، روح الحق الذي من عند الآب ينبثق، فهو يشهد لي" (يو15: 26).
قام السيد المسيح بتعريف تلاميذه بالآب وكذلك بالروح القدس.. ووعدهم أن الروح القدس سيقوم بتعليمهم كل ما يختص بالآب والابن والروح القدس، أي أنه سيكشف لهم الأمور المختصة بالله، وسيسكب فيهم محبة الله، ليكون فيهم مثال الحب المتبادل بين الأقانيم، وأنه سوف يرشدهم إلى جميع الحق.. وأنه سيمكث معهم ويكون فيهم.. وأنه سيمكث مع المؤمنين إلى الأبد.
الأقانيم الثلاث يعملون معًا بغير انفصال. وبالرغم من تمايز دور كل أقنوم، إلا أن الأقنوم الواحد من الثالوث يعمل من أجل الأقنومين الآخرين، بصورة تشهد للحب العجيب غير الموصوف بين الأقانيم.
اختفى السيد المسيح بحسب الجسد عن أعين تلاميذه.. ولكن الروح القدس جاء ليتصور المسيح في الذين يقبلون عمله ومحبته.
وانسحب السيد المسيح من موقف المجد بين التلاميذ.. ولكن الروح القدس جاء لكي يمجده ويشهد له "ذاك يمجدني لأنه يأخذ مما لي ويخبركم. كل ما للآب هو لي" (يو16: 14، 15).
وهكذا تحقق في السيد المسيح أن من يترك الكرامة تجرى خلفه وتخبر الناس عنه. فبالرغم من تركه العالم وصعوده إلى الآب، إلا أن الآب قد أرسل الروح القدس ليشهد للابن، وليمجد الابن الذي أكمل رسالته بأروع مثال. حتى في صعوده إلى السماء كان متجليًا باتضاعه،لهذا استحق كل التكريم كما في السماء كذلك على الأرض "لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة، ممن في السماء ومَنْ على الأرض ومَنْ تحت الأرض. ويعترف كل لسان أن يسوع المسيح هو رب لمجد الله الآب" (فى2: 10، 11).
ما أجمل أن يصعد الاتضاع.. هذا هو دستور الحياة مع الله.. فليس غريبًا للاتضاع أن يصعد كما أنه ليس بغريب للكبرياء أن تهبط.. "لأن الله يقاوم المستكبرين، وأما المتواضعون فيعطيهم نعمة" (1بط5: 5).
  رد مع اقتباس
قديم 15 - 03 - 2014, 06:32 PM   رقم المشاركة : ( 257 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,316,105

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

عشرة أيام في انتظار الروح المعزي

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
في تلك الأيام العشر التي عاشتها الكنيسة في انتظار موعد الروح القدس، اختبرت الكنيسة الأشواق السمائية.
كانت أفراح الصعود تعمل في قلب الكنيسة بمنتهى القوة.. وتهزها بصورة فائقة، حتى صارت الكنيسة مهيأة تمامًا لهبوب ريح الله وناره المقدسة التي ملأتها من المواهب الفائقة للطبيعة، وفجّرت فيها ينابيع الماء الحي.
لم يكن ممكنًا للروح القدس أن يغمر الكنيسة بهذه الصورة إلا بعد أن تتم أيام كاملة من تطلعها نحو ينبوع الماء الحي. وكانت هذه الأيام هي بالعدد عشرة حتى كملت الأيام وتحقق الوعد. فرقم عشرة هو رقم الكمال العددي.
إن انتظار مواعيد الله يحتاج إلى صبر وإيمان ورجاء كقول الكتاب "أما الصبر فليكن له عمل تام" (يع1: 4).
إن ما يرجوه الإنسان فإنه يتوقعه بالصبر "وأما الإيمان فهو الثقة بما يرجى والإيقان بأمور لا تُرى" (عب11: 1).
كان هناك وعد صريح من السيد المسيح، وهو هو نفسه ما أسماه موعد الآب: بحلول الروح القدس على الكنيسة.. وكما وعد الله إبراهيم بالخلاص أي الفداء، وحقق وعده، هكذا وعد السيد بإرسال الروح القدس وتحقق الوعد. وكما آمن إبراهيم بالله فحُسب له إيمانه برًا. هكذا آمن أبناء إبراهيم (كنيسة المسيح)، فحُسب لهم إيمانهم برًا ونالوا الوعد الذي وعدهم به الآب.
يوم الخمسين كان هو أول الأسبوع الثامن بعد القيامة (السبعة أسابيع تساوى تسعة وأربعين يومًا). وكما حدثت القيامة يوم الأحد في أول الأسبوع الجديد أي في اليوم الثامن من بداية أسبوع الآلام. هكذا ولدت الكنيسة في أول الأسبوع الثامن من بعد القيامة المجيدة،فرقم ثمانية يشير دائمًا إلى الحياة الجديدة في مفهوم الكتاب المقدس. كقول الكتاب عن نوح الذي جدد الحياة على الأرض مرة أخرى "حفظ نوحًا ثامنًا كارزًا للبر" (2بط2: 5). وكان في الفلك ثمانية أنفس خلصوا بالماء من الطوفان.
ليت الرب يمنحنا أن نحيا في جدة الحياة بقوة قيامته وبعطية روحه القدوس.
  رد مع اقتباس
قديم 15 - 03 - 2014, 06:33 PM   رقم المشاركة : ( 258 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,316,105

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

عمل الروح القدس فينا

قال السيد المسيح: "متى جاء المعزى الذي سأرسله أنا إليكم من الآب روح الحق الذي من عند الآب ينبثق فهو يشهد لي" (يو15: 26).
وهكذا أُرسل الروح القدس بناءً على طلب السيد المسيح، وبناءً على الصلح بدم صليبه.
أما المؤمنون بالمسيح فقال لهم: "أما أنتم فتعرفونه، لأنه ماكث معكم ويكون فيكم".

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
تلاميذ الرب نشأت بينهم وبين الروح القدس علاقة شخصية، اختبارية كقول معلمنا بولس الرسول: "جميعنا سقينا روحًا واحدًا" (1كو12: 13)، وقوله: "الروح نفسه يشفع فينا بأنات لا ينطق بها" (رو8: 26).
صارت لهم معرفة للروح القدس، ماذا يريد، وماذا يقول "قال الروح القدس أفرزوا لي برنابا وشاول للعمل الذي دعوتهما إليه" (أع13: 2).
صارت لهم الدالة أن يطلبوا من الروح القدس. مثلما تصلى الكنيسة وتقول (أيها الملك السمائي المعزى روح الحق الحاضر في كل مكان؛ مالئ الكل كنز الصالحات ومعطى الحياة، هلم تفضل وكن فينا، وطهِّرنا من كل دنس أيها الصالح وخلّص نفوسنا( (قِطع صلاة الساعة الثالثة).
وقد تنبأ داود النبي في المزمور عن الروح القدس وعن وجوده في كل مكان وعن عمله في حياة الإنسان فقال: "أين أذهب من روحك، ومن وجهك أين أهرب. إن صعدت إلى السماوات فأنت هناك. وإن فرشت في الهاوية فها أنت. إن أخذت جناحي الصبح وسكنت في أقاصي البحر فهناك أيضًا تهديني يدك وتمسكني يمينك" (مز139: 7-10).
ونلاحظ في كلمات المزمور؛ عمل الروح القدس في إرشاد المؤمنين "تهديني يدك وتمسكني يمينك". "لأن كل الذين ينقادون بروح الله، فأولئك هم أبناء الله" (رو8: 14).
المؤمن الحقيقي الذي يطلبه بحرارة من الله، يستشعر عمل الروح القدس في داخله: يعلّمه ويرشده ويعزّيه روحيًا ويقوده ويقود ضميره، وأحيانًا يوبّخه.. يذكّره بكلام السيد المسيح، أو يعلن مشيئة المسيح في داخله.. يقوّيه.. ينطق على لسانه.. يحدِّثه.. يلهمه لكي يتصرف بحسب فكر الروح،يعلن له أسرار سمائية، أو مقاصد إلهية.. يرفعه فوق مستوى العالم والمادة والزمان لكي يتصل بالحياة الأبدية. وعمومًا يشعر الإنسان بحضور الله في داخله إذ يصير هيكلًا للروح القدس.
فكيف بعد هذا كله، وكثير غيره، يتصور الإنسان أو تتصور الكنيسة أن تحيا بدون عمل الروح القدس فيها؟!
وقال السيد المسيح إنه هو الذي سيرسل الباراقليط (انظر يو15: 26)، وأن الباراقليط سوف يأخذ مما للمسيح ويخبرنا.. لأن كل ما للمسيح فهو للآب وهو أيضًا للروح القدس. وكل ما للروح القدس فهو للآب وهو أيضًا للابن.. وهكذا.
فالجوهر الإلهي الواحد للأقانيم الثلاثة يجعل كل ما للأقنوم الواحد هو أيضًا للأقنومين الآخرين، فيما عدا الخاصية الأقنومية التي يتمايز بها هذا الأقنوم على وجه الخصوص. فالأبوة هي للآب، والبنوة هي للابن. والانبثاق هو للروح القدس.
  رد مع اقتباس
قديم 15 - 03 - 2014, 06:34 PM   رقم المشاركة : ( 259 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,316,105

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

حديث السيد المسيح عن الروح القدس

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
حينما اقتربت ساعة الصلب بدأ السيد المسيح يتكلم حديثًا طويلًا تفصيليًا عن الروح القدس وانبثاقه من الآب وحقيقة أقنوميته وعمله في الكنيسة، وقد امتاز إنجيل معلمنا يوحنا بأنه كما أفاض في الحديث عن ألوهية السيد المسيح وأقنوميته باعتباره الابن الوحيد الجنس (monogenh,j مونوجنيس) والله الكلمة (lo,goj اللوغس) الذي أحبه الآب قبل إنشاء العالم، فإنه أفاض أيضًا في الحديث عن الروح القدس.
قال السيد المسيح: "إن كنتم تحبونني فاحفظوا وصاياي. وأنا أطلب من الآب فيعطيكم معزيًا آخر ليمكث معكم إلى الأبد. روح الحق الذي لا يستطيع العالم أن يقبله لأنه لا يراه، ولا يعرفه. وأما أنتم فتعرفونه لأنه ماكث معكم ويكون فيكم" (يو14: 15-17).
لم يكن ممكنًا أن يمنح الآب عطية الروح القدس للكنيسة إلا بناءً على طلب ابنه الوحيد الذي صالح الآب مع البشر بدم صليبه. وبناءً على هذه المصالحة أمكن أن يرسل الآب الروح القدس حسب وعده ليقوم بتوصيل بركات ومفاعيل الخلاص إلى الكنيسة.
وهذا ما عبّر عنه معلمنا بولس الرسول، موضحًا كيف يعمل الأقانيم الثلاث في خلاص البشرية فقال: "حين ظهر لطف مخلصنا الله (أي الآب) وإحسانه، لا بأعمال في بر عملناها نحن، بل بمقتضى رحمته خلّصنا بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس الذي سكبه بغنى علينا بيسوع المسيح مخلّصنا" (تى3: 4-6).
لقد دعانا السيد المسيح إلى طاعة وصاياه لكي ننال عطية الروح القدس وكانت الوصية التي أوصى بها تلاميذه هي أن لا يبرحوا أورشليم بعد صعوده إلى السماء إلى أن يلبسوا قوة من الأعالي متى حل الروح القدس عليهم "أقيموا في مدينة أورشليم إلى أن تلبسوا قوة من الأعالى" (لو24: 49).
وقد أطاع التلاميذ هذه الوصية ومكثوا في العلية في أورشليم إلى أن نالوا العطية الموعود بها. كانت هذه هي بركة الطاعة لأن ابن الطاعة تحل عليه البركة. وقد قدّم السيد المسيح مثالًا رائعًا للطاعة في طاعته الكاملة للآب حتى الموت، موت الصليب،وبهذه الطاعة الكاملة ومن خلال ذبيحة الصليب تمت المصالحة الحقيقية مع الآب. وصارت الطاعة هي المدخل إلى حياة الشركة مع الله.
لهذا قالت الجموع للرسل في يوم الخمسين: "ماذا نصنع أيها الرجال الإخوة؟" (أع2: 37) وقال شاول الطرسوسي (بولس الرسول) للسيد المسيح حينما ظهر له في الطريق ودعاه إلى الإيمان وهو مرتعد ومتحير: "يا رب ماذا تريد أن أفعل؟" (أع9: 6).
  رد مع اقتباس
قديم 15 - 03 - 2014, 06:36 PM   رقم المشاركة : ( 260 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,316,105

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي

معزيًا آخر

قال السيد المسيح: "أنا أطلب من الآب فيعطيكم معزيًا آخر" (يو14: 16) وهو يقصد الروح القدس لهذا قال: "روح الحق؛ الذي لا يستطيع العالم أن يقبله" (يو14: 17)
وعندما قال: "معزيًا آخر"فهو يقصد أن الروح القدس سيعوض ترك السيد المسيح لهم في وجوده بينهم بالجسد، وانطلاقه إلى السماء ليجلس عن يمين الآب، وليخدم في المقدس السماوي ويشفع من أجل مغفرة الخطايا بصفة دائمة عند الآب.
كان وجود السيد المسيح بينهم يعزيهم: يعزيهم بكلام النعمة الخارج من فمه، ويعزيهم بمثاله الصالح الجميل، ويعزيهم بما يعمله من معجزات فائقة، ويعزيهم بنصائحه وإرشاداته، ويعزيهم برؤيتهم له إذ هو صورة الله غير المنظور الذي قال: "الذي رآني فقد رأى الآب" (يو14: 9). كانت تعزية ليست بقليلة أن يرى الإنسان السيد المسيح الذي قال للآب: "أنا مجدتك على الأرض، أنا أظهرت اسمك للناس الذين أعطيتني، كنت أحفظهم في اسمك" (انظر يو17: 4، 6، 12) والذي قال لتلاميذه: "هذه هي مشيئة الذي أرسلني أن كل من يرى الابن ويؤمن به تكون له حياة أبدية" (يو6: 40).
وقال لهم: "إن أنبياءَ وأبرارًا كثيرين اشتهوا أن يروا ما أنتم ترون ولم يروا وأن يسمعوا ما أنتم تسمعون ولم يسمعوا. ولكن طوبى لعيونكم لأنها تبصر ولآذانكم لأنها تسمع" (مت13: 17، 16) لهذا كله ولكثير غيره قال لهم: "أنا أطلب من الآب فيعطيكم معزيًا آخر" (يو14: 16).
هذا المعزى الآخر ينبغي أن يشرق بالمسيح في قلوبهم، وينبغي أن يذكّرهم بكلامه وأن يعلمهم كل شيء ويرشدهم في طريق الحق. وينبغي أن يكون هو نفسه روح الحق لكي يعلن الحق في داخلهم وبذلك يعلن المسيح.
هذا المعزى ينبغي أن يشهد لأرواح التلاميذ أنهم أبناء الله، أنهم ورثة الملكوت. وينبغي أن يمنحهم القوة أن يصنعوا الآيات والعجائب التي تشهد للمسيح.
وهذا المعزى ينبغي أن ينطق على أفواههم بكلام النعمة مثلما كان يتكلم السيد المسيح وقيل له "انسكبت النعمة على شفتيك" (مز44: 2).

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
هذا المعزى ينبغي أن يشعرهم بحضور السيد المسيح معهم كل الأيام وإلى انقضاء الدهر حسب وعده قبل صعوده إلى السماء جسديًا، ولكنه بلاهوته يملأ الوجود كله. وقد احتاج التلاميذ لعمل الروح القدس المعزى لكي يدركوا ويستشعروا وجود الرب المسيح معهم كل الأيام.
لهذا قال السيد المسيح: "أنا أطلب من الآب فيعطيكم معزيًا آخر ليمكث معكم إلى الأبد روح الحق الذي لا يستطيع العالم أن يقبله" (يو14: 16، 17).
تحدثنا عن عمل الروح القدس في تعزية التلاميذ في مقابل التعزيات التي كانوا يحصلون عليها بوجود السيد المسيح في وسطهم قبل صعوده إلى السماء. ونود أن نشير أيضًا إلى أهمية هذه العبارة "معزيًا آخر" (يو14: 16)، لأنها تؤكّد أقنومية الروح القدس وتمايزه عن أقنوم الابن.
فالأقانيم الثلاثة لهم نفس الجوهر الإلهي الواحد، لأن اللاهوت واحد. ولكن كل أقنوم متمايز عن الآخر بخاصيته الأقنومية: فالآب له الأبوة، والابن له البنوة بالولادة من الآب قبل كل الدهور، والروح القدس له الانبثاق من الآب قبل كل الدهور. وهذا ما عبّر عنه القديس غريغوريوس الناطق بالإلهيات بقوله [الآب هو اسم من لا مصدر له، والابن اسم من وُلِدَ في غير بدء، والروح القدس اسم من انبثق أو أتى من غير ولادة] (الخطاب اللاهوتي الرابع -الفقرة 19).
وقال أيضًا عن الثالوث: [نعبد الله الآب، والله الابن، والله الروح القدس، ثلاثة أقانيم، في لاهوت واحد، لا يناله انقسام في المجد، والكرامة، والجوهر، والملك] (الخطاب اللاهوتي الخامس-الفقرة 28).
وفى حديثه عن الروح القدس وتأكيد ألوهيته قال القديس: [أي من الأسماء التي تطلق على الله لا تطلق عليه، ما خلا اللا مولود والمولود؟ إذ كان لابد من استثناء ميزتي الآب والابن الخاصيتين حتى لا يكون هناك التباس] (الخطاب اللاهوتي الخامس -الفقرة 29).
وفى شرحه لوحدانية الجوهر وتمايز الأقانيم الإلهية قال القديس: [والتعبيرات: غير مولود ومولود ومنبثق، تدل على الآب، والابن، والروح القدس موضوع كلامنا هنا، وهكذا نحافظ على ميزة الأقانيم الخاصة في الطبيعة الواحدة وكرامة اللاهوت الواحدة.
فالابن ليس الآب إذ ليس إلا آب واحد، ولكن له ما للآب، والروح القدس ليس الابن لمجرّد كونه يأتي من الآب، إذ ليس إلا ابن واحد، الوحيد (انظر يو3: 16)، ولكن له ما للابن،الثلاثة واحد في الألوهة، والواحد هو ثلاثة من حيث الميزات الخاصة. وهكذا فالواحد ليس ما ذهب إليه سابيليوس (الذي اعتقد بالأقنوم الواحد)، والثالوث ليس ما تذهب إليه انقسامات اليوم الهدّامة (يقصد البدع الأريوسية التي كان القديس يحاربها)] (الخطاب اللاهوتي الخامس -الفقرة 9).
وبهذا يتضح معنى قول السيد المسيح في إنجيل يوحنا عن الروح القدس: "معزيًا آخر". فالابن هو أقنوم، والروح القدس هو أقنوم آخر. ولكنه ليس آخر من حيث الجوهر والألوهية.
لذلك لا نقول أن الابن هو إله، والروح القدس هو إله آخر. بل نقول أن الابن هو أقنوم، والروح القدس هو أقنوم آخر. فالتثليث هو في الأقنومية وليس في الجوهر أو الألوهة غير المنقسمة.
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
هل المعزى الآخر هو إنسان؟

لقد تجسّد أقنوم الابن، ووجد في الهيئة كإنسان. أما أقنوم الروح القدس فليس إنسانًا على الإطلاق، ولا يمكن أن يكون إنسانًا، كما أنه لم يتجسد ويتأنس مثل أقنوم الابن.
لم يكن هذا المعزى الآخر إنسانًا، ما قيل عنه ينطبق على من يمكنه أن يكون حاضرًا بقدرته الإلهية في كل زمان ومكان. فهو روح الحق الذي يمكث مع المؤمنين بالمسيح إلى الأبد لهذا قال السيد المسيح عنه: "ليمكث معكم إلى الأبد" (يو14: 16) فلا يوجد إنسان عادى يمكنه أن يمكث معنا إلى الأبد على الأرض.
كما أنه لا يوجد إنسان يقول عنه السيد المسيح: "ماكث معكم ويكون فيكم" (يو14: 17) وهل يمكن لإنسان عادى أن يمكث إلى الأبد مع تلاميذ الرب، وأن يحل في داخلهم؟!!
والروح القدس لم يتجسد، ولهذا فهو يعمل بصورة غير منظورة في الكنيسة، وفي قلوب المؤمنين. ليس مثل السيد المسيح الذي أمكن للعالم أن يراه متجسدًا، لهذا قال عنه السيد المسيح إن العالم "لا يراه ولا يعرفه" (يو14: 17). لا يراه لأنه لم يتجسد، ولا يعرفه العالم لأنه لم يقبله ولم يختبر عمله في داخله. لو كان الروح القدس إنسانًا لما قيل عنه إن العالم لا يستطيع أن يراه.
كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي الأنبا بيشوي
الابن يرسل الروح القدس

هناك فرق بين الإرسال والانبثاق. فالروح القدس أُرسِلَ من الآب والابن ولكنه ينبثق من الآب فقط. الإرسال يخص عمل الروح القدس وهو في الزمان. أما الانبثاق فهو يخص كينونة الروح القدس وهو فوق الزمان.
قال السيد المسيح: "ومتى جاء المعزى الذي سأرسله أنا إليكم من الآب روح الحق الذي من عند الآب ينبثق فهو يشهد لي" (يو15: 26).
ولو كان الروح القدس ينبثق من الآب والابن كما يعتقد الكاثوليك، لضاع التمايز الأقنومي بين الأقانيم. فقد رأينا كيف قال القديس غريغوريوس عن الروح القدس، إنه هو [اسم من انبثق أو أتى من غير ولادة] أي أنه لا يمكن أن يأتي الروح القدس من خلال من هو مولود وهو الابن.. وهذا الكلام يخص كينونة الروح القدس وليس مواهبه..
  رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
من كتاب مشتهى الأجيال: صعود المسيح
من كتاب مشتهى الأجيال: من القدس إلى قدس الأقداس
من كتاب مشتهى الأجيال: التجربة على الجبل
من كتاب مشتهى الأجيال: مصير العالم يتأرجح
من كتاب مشتهى الأجيال: يأس المخلص


الساعة الآن 03:41 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025