منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 17 - 04 - 2019, 02:15 PM   رقم المشاركة : ( 23001 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,295,477

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

القديس نيقوديموس فاتوبيذي (القرن 14 م )‏
‎ 11‎تموز غربي (‏‎ 24‎تموز شرقي‏‎(‎

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
عاش في دير فاتوبيذي في جبل آثوس و هو الذي أنشأ القديس غريعوريوس بالاماس
على الفلسفة العلمية أي الحباة النسكية مع المسيح .
 
قديم 17 - 04 - 2019, 02:23 PM   رقم المشاركة : ( 23002 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,295,477

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

القديس الجديد في الشهداء نكتاريوس من ناحية القديسة حنة (+1820 ‏م)‏
‎ 11‎تموز غربي (‏‎ 24‎تموز شرقي‏‎(‎

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة





 
قديم 17 - 04 - 2019, 02:25 PM   رقم المشاركة : ( 23003 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,295,477

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

القديس الجديد في الشهداء نيقوديموس الالباني (+1722 م)‏
‎ 11‎تموز غربي (‏‎ 24‎تموز شرقي‏‎(‎

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

 
قديم 17 - 04 - 2019, 02:30 PM   رقم المشاركة : ( 23004 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,295,477

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

القديس نيقوديموس الجبل المقدس (+1809 م )‏
‎ 14‎تموز غربي (‏‎ 27‎تموز شرقي)

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
وُلد سنة 1749م في جزيرة ناكسوس في أرخبيل السيكلاذيس. أعطاه أبواه التقيّان، في المعمودية، اسم نيقولاوس وأحالوه على كاهن القرية ليتعلّم القراءة. كان ينصرف عن اللهو إلى القراءة. امتاز بذكاء حاد وذاكرة غير عادية سمحت له بتسجيل كل ما يقرأ للحال وترداده بلا خلل ساعة يشاء. أُرسل إلى إزمير في عمر السادسة عشرة ليتتلمذ على المعلّم إيروثاوس في المدرسة الكتابية. أحبّه الجميع، الأساتذة والتلاميذ، لوداعته وأخلاقه الحميدة. بالإضافة إلى الآداب والعلوم المقدّسة تلقّن اللاتينية والفرنسية وأضحى خبيراً في اليونانية القديمة، الأمر الذي سمح له بملء المهمة التي أعدّه الله لها وهي جعل ذخائر تراث الكنيسة في متناول الشعب اليوناني الأرثوذكسي المقموع.
بعد أربع سنوات من الدراسة في إزمير، وبعدما ذبح الأتراك اليونانيّين في تلك الأنحاء، إثر الحملة الروسية، اضطرّ نيقولاوس للعودة إلى وطنه ناكسوس. هناك التقى الرهبان غريغوريوس ونيفون وأرسانيوس المنفيِّين من الجبل المقدّس بسبب النزاع حول الكوليفا، أي ما إذا كانت إقامة الجنانيز للراقدين جائزة أيام الآحاد أم لا. لقاؤه الرهبان حرّك في نفسه محبّة الحياة الرهبانية ودفعه إلى تعاطي النسك والصلاة الداخلية. أخبروه أنّ في هيدرا رجل فضيلة فذّاً درِباً في عقيدة آباء الكنيسة، الميتروبوليت مكاريوس الكورنثي. توجّه إلى هناك كما يشتاق الأيِّل إلى ينبوع المياه، فوجد لدى الأسقف القدّيس إتفاقاً وإيّاه في الفكر لجهة الضرورة الملحّة لنقل منابع التراث الكنسي. وتعرّف أيضاً إلى الناسك الشهير سيلفستروس القيصري الذي كان يعيش في قلاّية منعزلة على مسافة قليلة من المدينة. هذا أثنى ثناء كبيراً على طيِّبات حياة التوحّد حتى قرّر نيقولاوس ألاّ يتأخّر بعدُ في حمل النير الليّن العذب للمسيح، فتزوّد برسائل توصية من سيلفستروس وأبحر إلى جبل آثوس (1775م).
دخل أول ما دخل إلى دير ديونيسيو حيث اتّشح، بسرعة، بالثوب الرهباني واتّخذ اسم نيقوديموس. سُمِّي سكرتيراً وقارئاً وما لبث أن صار نموذجاً لكل الإخوة في حميّة الصلاة والنسك والخدم التي كان يتمِّمها من دون تذمّر. انقضت سنتان قبل أن يكلّفه القدّيس مكاريوس الكورنثي، في زيارة للجبل المقدّس، بمراجعة وإعداد الفيلوكاليا للنشر، وهي الموسوعة الأرثوذكسية للصلاة والحياة الروحيّة. اعتزل الراهب الشاب في قلاّية في كارياس إتماماً لهذا العمل اللائق بمعلّمي الهدوئية، الذي يتطلّب معرفة عميقة بعلم الحياة الداخلية. وإلى الفيلوكاليا اهتمّ بمجموعة "الأفرجاتينوس" و"البحث في المناولة المتواترة" الذي أنشأه القدّيس مكاريوس وزاده القدّيس نيقوديموس غنى.

وما إن نجز العمل حتى عاد قدّيسنا إلى دير ديونيسيو. لكن معاشرة آباء الفيلوكاليا والممارسة المركّزة لصلاة يسوع حرّكا فيه الرغبة في التفرّغ للأمرين. فلمّا سمع بالقدّيس بائيسي فليتشكوفسكي (28 تشرين الثاني) الذي كان يرعى ألفاً من الرهبان في مولدافيا في العمل المقدّس، عمل إنزال الذهن إلى القلب، حاول أن ينضمّ إليه. ولكن، بتدبير من الله، حالت عاصفة دون بلوغ قصده. فلمّا عاد إلى جبل آثوس، وإذ كان متحرّقاً للتفرّغ للصلاة في السكون، لم ينزل في ديونيسيو بل اعتزل في قلاّية قريبة من كارياس ثمّ في إسقيط كابسالا التابع لدير بندوكراتور، في منسك على اسم القدّيس أثناسيوس كان ينسخ فيه المخطوطات سدّاً لحاجاته المعيشية. وإذ انكبّ، ليلاً نهاراً، ولا ما يلهيه، على الصلاة وتأمّل الآباء القدّيسين ارتقى، بسرعة، درجات السلّم الروحيّة. في تلك الأثناء تمكّن الشيخ أرسانيوس البليوبونيزي، الذي عرفه في ناكسوس، من دخول آثوس فأتى واستقرّ في الإسقيط. إذ ذاك تخلّى نيقوديموس عن وحدته، عن طيب خاطر، لينتفع من حسنات الطاعة، وصار له تلميذاً.
والبكاد أنجزا بناء قلاّية جديدة حتى قرّرا، إثر اضطراب سكونهما، أن يعتزلا في جزيرة سكيروبولا القاحلة (1782). ولكنْ أمام صعوبات توفير المعيشة انتقل أرسانيوس إلى موضع آخر تاركاً نيقوديموس وحده في الجزيرة. هناك، بناء لطلب ابن عمّه، الأسقف إيروثاوس أوريبوس أنجز عمله الشهير: "كتاب النصائح الطيِّبة"، في شأن حفظ الحواس والأفكار وعمل الذهن. كان قد بلغ الثانية والثلاثين. نقصته الكتب والمدوّنات الشخصية وما سوى ذلك إلاّ كنز ذاكرته الهائلة ومناجاته المتواترة لله. قدّم، في هذا العمل، بشكل مكثّف، كل العقيدة الروحية للآباء القدّيسين مزوّدة بعدد فائق من الشواهد المرفقة بمراجعها بدقّة. وفيه علّم كيفية خلاص الذهن (النوس) من قيد ملاذ الحواس بغية الارتقاء، بالصلاة الداخلية (أو صلاة القلب)، إلى الملاذ الروحية للمعاينة. خلال هذه الإقامة في الجزيرة القاحلة، واجه القدّيس هجمات عنيفة للأبالسة. حاولت طرده من هناك. ومع أنّه كان في فتوّته خوّافاً ولا يجرؤ على النوم والباب مقفل، فإنّه، لما أتت أرواح الظلمة، فيما بعد، تتهامس عند نافذته، لم يرفع رأسه عن الكتاب إلاّ ليضحك من مساعيهم العاجزة.
وبعد سنة من الإقامة في سْكيروبولا عاد نيقوديموس إلى آثوس واقتبل الإسكيم الكبير وأقام في قلاّية القدّيس ثيوناس في كابسالا. وقد رضي أن يتّخذ تلميذاً هو إيروثاوس. انكبّ، أكثر من ذي قبل، على الكتابة وتعليم الإخوة الذين جاؤوا ليقيموا في الجوار طلباً للانتفاع من علمه.
وخلال إقامة القدّيس مكاريوس، مرّة أخرى، في الجبل المقدّس، أَسند إلى نيقوديموس مهمة العناية بنشر ترجمة الأعمال الكاملة للقدّيس سمعان اللاهوتي الجديد. في مقدّمة هذا العمل، التي تتضمّن تعاليم في غاية السمو حول المعاينة الإلهية، يُبرز القدّيس نيقوديموس أنّ مثل هذه الكتب ليس للرهبان وحسب بل لعامة المؤمنين أيضاً لأنّ المسيحيّين، كل المسيحيّين، مدعوون إلى السلوك في الكمال الإنجيلي.

بعد ذلك وضع موجزاً للمعرّف وجعل، في مجموعة فريدة من نوعها، قوانين لوالدة الإله، على الألحان الثمانية ولكل يوم من أيام الأسبوع، لتُرتل في نهاية صلاة الغروب أو صلاة النوم في الأديرة. وبالإضافة إلى المؤلّفات الليتورجية العديدة الأخرى، نشر عملين كتابيّين مقتبسين من كتب روحية غربية شهيرة: "الحرب اللامنظورة" لِلورنزو سكوبولي" و"التمارين الروحية" اللذين عرفا نجاحا مرموقاً. لم يكن هذان العملان نقلاً عادياً بل أصلحهما واقتبسهما وأدخل فيهما تعليماً لا غبار عليه في شأن التوبة والنسك وصلاة يسوع. في ذلك الحين تسبّب الكتاب حول المناولة المتواترة في ردود فعل عنيفة بين الرهبان الذين دافعوا عن العادة المخالفة للقوانين المقدّسة والتقاليد الرسولية، أن يُصار إلى مساهمة القدسات ثلاث أو أربع مرّات في السنة.
وإذ اعتُبر الكتاب بدعة جديدة أدانه البطريرك بروكوبيوس. ولكن لمّا صُيِّر نيوفيطوس السابع (1789م) بطريركاً محلّه رُفع الحُرم. اعتُرف بجماعة الكوليفا أنّهم المدافعون الحقيقيون عن التقليد. رغم ذلك بقيت تُهَمٌ باطلة سمجة تُطلق، في بعض الأوساط الرهبانية، على القدّيس نيقوديموس. هذه ذهبت إلى حدّ اتّهامه بإخفاء المناولة المقدّسة في سكوفيّته (لباس الرأس) ليتسنّى له أن يساهم القدسات ماشياً. لكن القدّيس آثر حفظ الصمت لا ينتظر الإنصاف من غير الله، ذارفاً الدمع من أجل هداية الذين هم في الضلال في شأن ذكر الراقدين يوم الأحد.
وجاء إلى القدّيس نيقوديموس الراهبُ الكاهن أغابيوس البليوبونيزي وعرض عليه أن يراجع مجموعة القوانين الكنسيّة التي أعدّها ليوسِّعها ويعلِّق عليها. أما القدّيس، الذي كان يعتبر الحياة والانضباط في الكنيسة أثمن من حياته، فانكبّ على العمل بعناد وجمع أربع خطّاطين ليُنجز العمل في الوقت المناسب مسمّياً إيّاه "دفّة المركب" أو "البيذاليون". اشتغل ليل نهار على مدى سنتين، يجمع ويصحِّح النصوص المنحولة أو المتضاربة، مقارناً ما بين قوانين المجامع والآباء القدّيسين ومراسيم الشرع البيزنطي، مُغنياً العمل، بخاصة، بعدد كبير من الحواشي التي تُبرز المعايير المؤكّدة لتطبيق قوانين هذه المجموعة على حياة الكنيسة. فلمّا نجز العمل وأُرسل إلى القسطنطينية استدعى الانتظار طويلاً ليحظى بالبركة البطريركية، ثمّ أُحيل على الكاهن الراهب ثيودوريتوس، الذي كان في رومانيا، ليُنشَر استناداً إلى موافقة كل الرهبان الآثوسيّين عليه. لكن هذا الأخير، لمّا كان مناهضاً لجماعة الكوليفا والمناولة المتواترة، فقد أدخل في البيذاليون تنقيحات مباشرة مسيئاً إلى فكر المؤلّف وتقليد الكنيسة في آن. فلمّا ظهر الكتاب في لايبزيغ سنة 1800م، ودرى القدّيس به حزن حزناً عميقاً وهتف: "كان خيراً لي أن أُطعن بسيف في قلبي من أن يُضاف أو يُحزف أي شيء من هذا الكتاب!"
وقريباً من تلك الحقبة، نُهي إلى القدّيس نيقوديموس أنّ مخطوط الأعمال الكاملة للقدّيس غريغوريوس بالاماس (14 تشرين الثاني) الذي جمعه بتعب جزيل ووضع له حواشيه بناء لطلب القدّيس أثناسيوس باروس (24 حزيران) والميتروبوليت لاون هليوبوليس، أقول نُهي إليه أنّ هذا المخطوط اختطفه النمساويون من المطبعة في فيينا وأفسدوه بحثاً عن رسائل للدعاية الثورية وجّهها نابوليون بونابارت إلى اليونانيّين. هذا الخبر جلب لقلبه حزناً وجعله يذرف الدمع فيّاضاً، لا فقط للوقت الذي استدعاه هذا العمل الذي لا يُعوَّض، ولكن، بخاصة، لخسارة مثل هذا الكنز.
بعد أن لزم القدّيس نيقوديموس، لبعض الوقت، بمعيّة سلفستروس القيصري، قلاّية القدّيس باسيليوس الذي سبق أن عاش فيها القدّيس ثيوفيلوس المفيض الطيب (8 تموز)، استعاد حياة التوحّد وتابع عمله الرسولي. وإذ لبس الأسمال وانتعل حذاء غليظاً اعتبر نفسه آخر الكل. لم يعرف الطهي البتّة واغتذى بالرز المسلوق وبالعسل المخفّف بالماء بالإضافة إلى بعض الزيتون والفول المنقوع. وعندما كان الجوع يضنيه كان يذهب إلى جيرانه ليأخذ بعض الطعام لديهم. لكنّه كثيراً ما كان ينسى أن يأكل مأخوذاً بالكلام والنقاش. لم يكن يُعرف له نشاط سوى اثنين: الصلاة والدرس. في أية ساعة من النهار أو الليل كان يوجد منحنياً على كتاب أو على أدوات الكتابة أو حانياً ذقنه على الجزء الأعلى من صدره لينزل ذهنه إلى أعمق أعماق قلبه ولكي يدعو بحميّة الإسم المقدّس ليسوع. كان قد صار كلّه صلاة. بهذا الاتحاد بالمسيح، جعلت النعمة الإلهيّة في قلبه كل كنز الكنيسة. عندما كان يكتب كان يُؤخذ لدرجة أنّه جاءه يوماً راهب زائر فوجده يعمل فجعل له في فمه قطعة من الخبز الطري. ولما عاد إليه مساء وجده في ذات وضعية الجلوس وقطعة الخبز في فمه وكأنّه لم يلاحظ شيئاً.
هذا وقد راجع قدّيسنا شرحاً مسهباً لرسائل القدّيس بولس بحسب القدّيس ثيوفيلاكتوس البلغاري وكذلك شرحاً للرسائل الجامعة، كما وضع شرحاً للأوديات الكتابية التسع بعنوان "بستان النعمة" وترجم شرح المزامير لأفتيميوس زيغابينوس. وكما، في كل أعماله الأخرى، تخطّى نيقوديموس، بأشواط، عمل المترجم البسيط. فإنّه إذ اتّخذ لنفسه قاعدةً ونسقاً أحد الشرّاح التقليديّين، كان يستكمله بحواش وافرة ملؤها شهادات آباء الكنيسة في شأن أعداد من الموضوعات. وكنبع ماء لا ينضب، نشر أيضاً مختارات من سير القدّيسين القدامى (Néon Eklogion) وأخبار الشهداء الجدد التي هي مجموعة سير الشهداء الجدد بقصد دعم إيمان المسيحيّين المقهورين الرازحين تحت النير العثماني، والتي بفضلها أمكن أعداداً من المرتدّين عن الإيمان أن يهتدوا وينضمّوا من جديد إلى الكتائب الممجّدة للشهداء. وإذ كان مهتماً بتربية شعب الله وضع أيضاً موجز الأخلاق المسيحية الحميدة (Christoètheia).

يومياً كل المجروحين بالخطيئة أو بالإرتداد عن الإيمان، كانوا يسرعون الخطى إلى ناسك كابسالا متجاهلين الأساقفة والمعترفين، طلباً للدواء وعزاء النفس. وليس فقط رهبان، بل أيضاً عامة مؤمنين قدموا من بعيد حتى شكا القدّيس عجزه عن الإقبال، كما يرغب، على الصلاة وتمنّى الانتقال، من جديد، إلى موضع آخر قاحل مجهول. لكن المرض حال دون تحقيقه هذه الرغبة. ومع أنّه لم يكن قد بلغ السابعة والخمسين ولكن أضناه النسك وتعب الكتابة والتأليف الكافي لملء مكتبة، فإن التعب نال منه إلى درجة أن مجرد زيادة الطعام لم تعد تكفيه. لذا غادر منسكه في كابسالا ليقيم لبعض الوقت في قلاّية أحد أصدقائه في كارياس، ثمّ لدى أحد جيرانه وكان راهباً رسّاماً. في ذلك الحين راجع، على مدى سنتين، مجموعة السنكسار. ثمّ عاد إلى قلاّيته في كابسالا حيث انخرط في تفسيره الغني لقوانين الأعياد وللأنافاثيميات التي تُرتّل كل أحد، في صلاة السحر. وقد أكمل عمله هذا الأخير، الذي استبان فيه كل علمه اللاهوتي ونسغه الروحي، فيما كان يعاني من فقر الدم، وبعدما فقد أسنانه وصار شبه أصمّ (1808م). في تلك الأثناء أدّت وشايات في حقّ أثناسيوس باروس وثلاثة من القائلين بـ "الكوليفا" إلى إدانة غير محقّة من قِبَل البطريرك غريغوريوس الخامس. بإزاء ما حصل لم يستطع القدّيس نيقوديموس أن يأخذ على عاتقه مهمّة الدفاع عنهم واكتفى بتحرير اعتراف إيماني. وما لبثت حالته الصحّية أن ساءت. ثمّ بعدما اشتغل قليلاً في شرح الأنافاثيميات صرّح: "سيّدي، خذني إليك فإنّي تعبٌ من هذا العالم!" من يوم إلى يوم كان الفالج يمتدّ في أعضائه، وكان يردّد صلاة يسوع بصوت عال معتذراً من الإخوة أنّه لم يعد قادراً على حفظها في السرّ. ثمّ بعدما اعترف وساهم القدسات أخذ بيديه رفات القدّيس مكاريوس الكورنثي وبرثانيوس سكورتيوس وقبّلها بدموع وقال: "لقد رحلتما إلى السماء وترتاحان في الفضائل التي حصدتماها على الأرض وأنتما تذوقان مجد الربّ يسوع. أما أنا فأعاني بسبب خطاياي. أيضاً أنتما أبواي أتوسّل إليكما أن تتشفّعا بي لدى السيّد ليرأف بي ويؤهّلني للموضع الذي أنتما فيه". وأثناء الليل هتف: "ها أنا أموت، أموت، إليّ بالقدسات!" فبعدما ساهمها صار في هدوء غير عادي. وإذ جعل يديه على صدره بشكل صليب أجاب الرهبان الذين سألوه إذا كان في الراحة: "لقد أدخلتُ المسيحُ فيّ فكيف لا أكون في الراحة؟". عند بزوغ الفجر، في 27 تموز 1809، استودع السيّد نفسه. أحد الحاضرين هتف: "كان خيراً أن يقضي ألف مسيحي نحبهم اليوم من أن يغادرنا نيقوديموس!" ولكن إذا كان النجم قد أفل فإنّ أشعّته لم تكفّ عن إضاءة الكنيسة وكتبه باقية معيناً لا ينضب للتعليم والتهذيب والحثّ على ملء الحياة في المسيح.
 
قديم 17 - 04 - 2019, 02:31 PM   رقم المشاركة : ( 23005 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,295,477

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

القديس نيقوديموس الجبل المقدس (+1809 م )‏
‎ 14‎تموز غربي (‏‎ 27‎تموز شرقي)

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
وُلد سنة 1749م في جزيرة ناكسوس في أرخبيل السيكلاذيس. أعطاه أبواه التقيّان، في المعمودية، اسم نيقولاوس وأحالوه على كاهن القرية ليتعلّم القراءة. كان ينصرف عن اللهو إلى القراءة. امتاز بذكاء حاد وذاكرة غير عادية سمحت له بتسجيل كل ما يقرأ للحال وترداده بلا خلل ساعة يشاء. أُرسل إلى إزمير في عمر السادسة عشرة ليتتلمذ على المعلّم إيروثاوس في المدرسة الكتابية. أحبّه الجميع، الأساتذة والتلاميذ، لوداعته وأخلاقه الحميدة. بالإضافة إلى الآداب والعلوم المقدّسة تلقّن اللاتينية والفرنسية وأضحى خبيراً في اليونانية القديمة، الأمر الذي سمح له بملء المهمة التي أعدّه الله لها وهي جعل ذخائر تراث الكنيسة في متناول الشعب اليوناني الأرثوذكسي المقموع.
بعد أربع سنوات من الدراسة في إزمير، وبعدما ذبح الأتراك اليونانيّين في تلك الأنحاء، إثر الحملة الروسية، اضطرّ نيقولاوس للعودة إلى وطنه ناكسوس. هناك التقى الرهبان غريغوريوس ونيفون وأرسانيوس المنفيِّين من الجبل المقدّس بسبب النزاع حول الكوليفا، أي ما إذا كانت إقامة الجنانيز للراقدين جائزة أيام الآحاد أم لا. لقاؤه الرهبان حرّك في نفسه محبّة الحياة الرهبانية ودفعه إلى تعاطي النسك والصلاة الداخلية. أخبروه أنّ في هيدرا رجل فضيلة فذّاً درِباً في عقيدة آباء الكنيسة، الميتروبوليت مكاريوس الكورنثي. توجّه إلى هناك كما يشتاق الأيِّل إلى ينبوع المياه، فوجد لدى الأسقف القدّيس إتفاقاً وإيّاه في الفكر لجهة الضرورة الملحّة لنقل منابع التراث الكنسي. وتعرّف أيضاً إلى الناسك الشهير سيلفستروس القيصري الذي كان يعيش في قلاّية منعزلة على مسافة قليلة من المدينة. هذا أثنى ثناء كبيراً على طيِّبات حياة التوحّد حتى قرّر نيقولاوس ألاّ يتأخّر بعدُ في حمل النير الليّن العذب للمسيح، فتزوّد برسائل توصية من سيلفستروس وأبحر إلى جبل آثوس (1775م).
دخل أول ما دخل إلى دير ديونيسيو حيث اتّشح، بسرعة، بالثوب الرهباني واتّخذ اسم نيقوديموس. سُمِّي سكرتيراً وقارئاً وما لبث أن صار نموذجاً لكل الإخوة في حميّة الصلاة والنسك والخدم التي كان يتمِّمها من دون تذمّر. انقضت سنتان قبل أن يكلّفه القدّيس مكاريوس الكورنثي، في زيارة للجبل المقدّس، بمراجعة وإعداد الفيلوكاليا للنشر، وهي الموسوعة الأرثوذكسية للصلاة والحياة الروحيّة. اعتزل الراهب الشاب في قلاّية في كارياس إتماماً لهذا العمل اللائق بمعلّمي الهدوئية، الذي يتطلّب معرفة عميقة بعلم الحياة الداخلية. وإلى الفيلوكاليا اهتمّ بمجموعة "الأفرجاتينوس" و"البحث في المناولة المتواترة" الذي أنشأه القدّيس مكاريوس وزاده القدّيس نيقوديموس غنى.

وما إن نجز العمل حتى عاد قدّيسنا إلى دير ديونيسيو. لكن معاشرة آباء الفيلوكاليا والممارسة المركّزة لصلاة يسوع حرّكا فيه الرغبة في التفرّغ للأمرين. فلمّا سمع بالقدّيس بائيسي فليتشكوفسكي (28 تشرين الثاني) الذي كان يرعى ألفاً من الرهبان في مولدافيا في العمل المقدّس، عمل إنزال الذهن إلى القلب، حاول أن ينضمّ إليه. ولكن، بتدبير من الله، حالت عاصفة دون بلوغ قصده. فلمّا عاد إلى جبل آثوس، وإذ كان متحرّقاً للتفرّغ للصلاة في السكون، لم ينزل في ديونيسيو بل اعتزل في قلاّية قريبة من كارياس ثمّ في إسقيط كابسالا التابع لدير بندوكراتور، في منسك على اسم القدّيس أثناسيوس كان ينسخ فيه المخطوطات سدّاً لحاجاته المعيشية. وإذ انكبّ، ليلاً نهاراً، ولا ما يلهيه، على الصلاة وتأمّل الآباء القدّيسين ارتقى، بسرعة، درجات السلّم الروحيّة. في تلك الأثناء تمكّن الشيخ أرسانيوس البليوبونيزي، الذي عرفه في ناكسوس، من دخول آثوس فأتى واستقرّ في الإسقيط. إذ ذاك تخلّى نيقوديموس عن وحدته، عن طيب خاطر، لينتفع من حسنات الطاعة، وصار له تلميذاً.
والبكاد أنجزا بناء قلاّية جديدة حتى قرّرا، إثر اضطراب سكونهما، أن يعتزلا في جزيرة سكيروبولا القاحلة (1782). ولكنْ أمام صعوبات توفير المعيشة انتقل أرسانيوس إلى موضع آخر تاركاً نيقوديموس وحده في الجزيرة. هناك، بناء لطلب ابن عمّه، الأسقف إيروثاوس أوريبوس أنجز عمله الشهير: "كتاب النصائح الطيِّبة"، في شأن حفظ الحواس والأفكار وعمل الذهن. كان قد بلغ الثانية والثلاثين. نقصته الكتب والمدوّنات الشخصية وما سوى ذلك إلاّ كنز ذاكرته الهائلة ومناجاته المتواترة لله. قدّم، في هذا العمل، بشكل مكثّف، كل العقيدة الروحية للآباء القدّيسين مزوّدة بعدد فائق من الشواهد المرفقة بمراجعها بدقّة. وفيه علّم كيفية خلاص الذهن (النوس) من قيد ملاذ الحواس بغية الارتقاء، بالصلاة الداخلية (أو صلاة القلب)، إلى الملاذ الروحية للمعاينة. خلال هذه الإقامة في الجزيرة القاحلة، واجه القدّيس هجمات عنيفة للأبالسة. حاولت طرده من هناك. ومع أنّه كان في فتوّته خوّافاً ولا يجرؤ على النوم والباب مقفل، فإنّه، لما أتت أرواح الظلمة، فيما بعد، تتهامس عند نافذته، لم يرفع رأسه عن الكتاب إلاّ ليضحك من مساعيهم العاجزة.
وبعد سنة من الإقامة في سْكيروبولا عاد نيقوديموس إلى آثوس واقتبل الإسكيم الكبير وأقام في قلاّية القدّيس ثيوناس في كابسالا. وقد رضي أن يتّخذ تلميذاً هو إيروثاوس. انكبّ، أكثر من ذي قبل، على الكتابة وتعليم الإخوة الذين جاؤوا ليقيموا في الجوار طلباً للانتفاع من علمه.
وخلال إقامة القدّيس مكاريوس، مرّة أخرى، في الجبل المقدّس، أَسند إلى نيقوديموس مهمة العناية بنشر ترجمة الأعمال الكاملة للقدّيس سمعان اللاهوتي الجديد. في مقدّمة هذا العمل، التي تتضمّن تعاليم في غاية السمو حول المعاينة الإلهية، يُبرز القدّيس نيقوديموس أنّ مثل هذه الكتب ليس للرهبان وحسب بل لعامة المؤمنين أيضاً لأنّ المسيحيّين، كل المسيحيّين، مدعوون إلى السلوك في الكمال الإنجيلي.

بعد ذلك وضع موجزاً للمعرّف وجعل، في مجموعة فريدة من نوعها، قوانين لوالدة الإله، على الألحان الثمانية ولكل يوم من أيام الأسبوع، لتُرتل في نهاية صلاة الغروب أو صلاة النوم في الأديرة. وبالإضافة إلى المؤلّفات الليتورجية العديدة الأخرى، نشر عملين كتابيّين مقتبسين من كتب روحية غربية شهيرة: "الحرب اللامنظورة" لِلورنزو سكوبولي" و"التمارين الروحية" اللذين عرفا نجاحا مرموقاً. لم يكن هذان العملان نقلاً عادياً بل أصلحهما واقتبسهما وأدخل فيهما تعليماً لا غبار عليه في شأن التوبة والنسك وصلاة يسوع. في ذلك الحين تسبّب الكتاب حول المناولة المتواترة في ردود فعل عنيفة بين الرهبان الذين دافعوا عن العادة المخالفة للقوانين المقدّسة والتقاليد الرسولية، أن يُصار إلى مساهمة القدسات ثلاث أو أربع مرّات في السنة.
وإذ اعتُبر الكتاب بدعة جديدة أدانه البطريرك بروكوبيوس. ولكن لمّا صُيِّر نيوفيطوس السابع (1789م) بطريركاً محلّه رُفع الحُرم. اعتُرف بجماعة الكوليفا أنّهم المدافعون الحقيقيون عن التقليد. رغم ذلك بقيت تُهَمٌ باطلة سمجة تُطلق، في بعض الأوساط الرهبانية، على القدّيس نيقوديموس. هذه ذهبت إلى حدّ اتّهامه بإخفاء المناولة المقدّسة في سكوفيّته (لباس الرأس) ليتسنّى له أن يساهم القدسات ماشياً. لكن القدّيس آثر حفظ الصمت لا ينتظر الإنصاف من غير الله، ذارفاً الدمع من أجل هداية الذين هم في الضلال في شأن ذكر الراقدين يوم الأحد.
وجاء إلى القدّيس نيقوديموس الراهبُ الكاهن أغابيوس البليوبونيزي وعرض عليه أن يراجع مجموعة القوانين الكنسيّة التي أعدّها ليوسِّعها ويعلِّق عليها. أما القدّيس، الذي كان يعتبر الحياة والانضباط في الكنيسة أثمن من حياته، فانكبّ على العمل بعناد وجمع أربع خطّاطين ليُنجز العمل في الوقت المناسب مسمّياً إيّاه "دفّة المركب" أو "البيذاليون". اشتغل ليل نهار على مدى سنتين، يجمع ويصحِّح النصوص المنحولة أو المتضاربة، مقارناً ما بين قوانين المجامع والآباء القدّيسين ومراسيم الشرع البيزنطي، مُغنياً العمل، بخاصة، بعدد كبير من الحواشي التي تُبرز المعايير المؤكّدة لتطبيق قوانين هذه المجموعة على حياة الكنيسة. فلمّا نجز العمل وأُرسل إلى القسطنطينية استدعى الانتظار طويلاً ليحظى بالبركة البطريركية، ثمّ أُحيل على الكاهن الراهب ثيودوريتوس، الذي كان في رومانيا، ليُنشَر استناداً إلى موافقة كل الرهبان الآثوسيّين عليه. لكن هذا الأخير، لمّا كان مناهضاً لجماعة الكوليفا والمناولة المتواترة، فقد أدخل في البيذاليون تنقيحات مباشرة مسيئاً إلى فكر المؤلّف وتقليد الكنيسة في آن. فلمّا ظهر الكتاب في لايبزيغ سنة 1800م، ودرى القدّيس به حزن حزناً عميقاً وهتف: "كان خيراً لي أن أُطعن بسيف في قلبي من أن يُضاف أو يُحزف أي شيء من هذا الكتاب!"
وقريباً من تلك الحقبة، نُهي إلى القدّيس نيقوديموس أنّ مخطوط الأعمال الكاملة للقدّيس غريغوريوس بالاماس (14 تشرين الثاني) الذي جمعه بتعب جزيل ووضع له حواشيه بناء لطلب القدّيس أثناسيوس باروس (24 حزيران) والميتروبوليت لاون هليوبوليس، أقول نُهي إليه أنّ هذا المخطوط اختطفه النمساويون من المطبعة في فيينا وأفسدوه بحثاً عن رسائل للدعاية الثورية وجّهها نابوليون بونابارت إلى اليونانيّين. هذا الخبر جلب لقلبه حزناً وجعله يذرف الدمع فيّاضاً، لا فقط للوقت الذي استدعاه هذا العمل الذي لا يُعوَّض، ولكن، بخاصة، لخسارة مثل هذا الكنز.
بعد أن لزم القدّيس نيقوديموس، لبعض الوقت، بمعيّة سلفستروس القيصري، قلاّية القدّيس باسيليوس الذي سبق أن عاش فيها القدّيس ثيوفيلوس المفيض الطيب (8 تموز)، استعاد حياة التوحّد وتابع عمله الرسولي. وإذ لبس الأسمال وانتعل حذاء غليظاً اعتبر نفسه آخر الكل. لم يعرف الطهي البتّة واغتذى بالرز المسلوق وبالعسل المخفّف بالماء بالإضافة إلى بعض الزيتون والفول المنقوع. وعندما كان الجوع يضنيه كان يذهب إلى جيرانه ليأخذ بعض الطعام لديهم. لكنّه كثيراً ما كان ينسى أن يأكل مأخوذاً بالكلام والنقاش. لم يكن يُعرف له نشاط سوى اثنين: الصلاة والدرس. في أية ساعة من النهار أو الليل كان يوجد منحنياً على كتاب أو على أدوات الكتابة أو حانياً ذقنه على الجزء الأعلى من صدره لينزل ذهنه إلى أعمق أعماق قلبه ولكي يدعو بحميّة الإسم المقدّس ليسوع. كان قد صار كلّه صلاة. بهذا الاتحاد بالمسيح، جعلت النعمة الإلهيّة في قلبه كل كنز الكنيسة. عندما كان يكتب كان يُؤخذ لدرجة أنّه جاءه يوماً راهب زائر فوجده يعمل فجعل له في فمه قطعة من الخبز الطري. ولما عاد إليه مساء وجده في ذات وضعية الجلوس وقطعة الخبز في فمه وكأنّه لم يلاحظ شيئاً.
هذا وقد راجع قدّيسنا شرحاً مسهباً لرسائل القدّيس بولس بحسب القدّيس ثيوفيلاكتوس البلغاري وكذلك شرحاً للرسائل الجامعة، كما وضع شرحاً للأوديات الكتابية التسع بعنوان "بستان النعمة" وترجم شرح المزامير لأفتيميوس زيغابينوس. وكما، في كل أعماله الأخرى، تخطّى نيقوديموس، بأشواط، عمل المترجم البسيط. فإنّه إذ اتّخذ لنفسه قاعدةً ونسقاً أحد الشرّاح التقليديّين، كان يستكمله بحواش وافرة ملؤها شهادات آباء الكنيسة في شأن أعداد من الموضوعات. وكنبع ماء لا ينضب، نشر أيضاً مختارات من سير القدّيسين القدامى (Néon Eklogion) وأخبار الشهداء الجدد التي هي مجموعة سير الشهداء الجدد بقصد دعم إيمان المسيحيّين المقهورين الرازحين تحت النير العثماني، والتي بفضلها أمكن أعداداً من المرتدّين عن الإيمان أن يهتدوا وينضمّوا من جديد إلى الكتائب الممجّدة للشهداء. وإذ كان مهتماً بتربية شعب الله وضع أيضاً موجز الأخلاق المسيحية الحميدة (Christoètheia).

يومياً كل المجروحين بالخطيئة أو بالإرتداد عن الإيمان، كانوا يسرعون الخطى إلى ناسك كابسالا متجاهلين الأساقفة والمعترفين، طلباً للدواء وعزاء النفس. وليس فقط رهبان، بل أيضاً عامة مؤمنين قدموا من بعيد حتى شكا القدّيس عجزه عن الإقبال، كما يرغب، على الصلاة وتمنّى الانتقال، من جديد، إلى موضع آخر قاحل مجهول. لكن المرض حال دون تحقيقه هذه الرغبة. ومع أنّه لم يكن قد بلغ السابعة والخمسين ولكن أضناه النسك وتعب الكتابة والتأليف الكافي لملء مكتبة، فإن التعب نال منه إلى درجة أن مجرد زيادة الطعام لم تعد تكفيه. لذا غادر منسكه في كابسالا ليقيم لبعض الوقت في قلاّية أحد أصدقائه في كارياس، ثمّ لدى أحد جيرانه وكان راهباً رسّاماً. في ذلك الحين راجع، على مدى سنتين، مجموعة السنكسار. ثمّ عاد إلى قلاّيته في كابسالا حيث انخرط في تفسيره الغني لقوانين الأعياد وللأنافاثيميات التي تُرتّل كل أحد، في صلاة السحر. وقد أكمل عمله هذا الأخير، الذي استبان فيه كل علمه اللاهوتي ونسغه الروحي، فيما كان يعاني من فقر الدم، وبعدما فقد أسنانه وصار شبه أصمّ (1808م). في تلك الأثناء أدّت وشايات في حقّ أثناسيوس باروس وثلاثة من القائلين بـ "الكوليفا" إلى إدانة غير محقّة من قِبَل البطريرك غريغوريوس الخامس. بإزاء ما حصل لم يستطع القدّيس نيقوديموس أن يأخذ على عاتقه مهمّة الدفاع عنهم واكتفى بتحرير اعتراف إيماني. وما لبثت حالته الصحّية أن ساءت. ثمّ بعدما اشتغل قليلاً في شرح الأنافاثيميات صرّح: "سيّدي، خذني إليك فإنّي تعبٌ من هذا العالم!" من يوم إلى يوم كان الفالج يمتدّ في أعضائه، وكان يردّد صلاة يسوع بصوت عال معتذراً من الإخوة أنّه لم يعد قادراً على حفظها في السرّ. ثمّ بعدما اعترف وساهم القدسات أخذ بيديه رفات القدّيس مكاريوس الكورنثي وبرثانيوس سكورتيوس وقبّلها بدموع وقال: "لقد رحلتما إلى السماء وترتاحان في الفضائل التي حصدتماها على الأرض وأنتما تذوقان مجد الربّ يسوع. أما أنا فأعاني بسبب خطاياي. أيضاً أنتما أبواي أتوسّل إليكما أن تتشفّعا بي لدى السيّد ليرأف بي ويؤهّلني للموضع الذي أنتما فيه". وأثناء الليل هتف: "ها أنا أموت، أموت، إليّ بالقدسات!" فبعدما ساهمها صار في هدوء غير عادي. وإذ جعل يديه على صدره بشكل صليب أجاب الرهبان الذين سألوه إذا كان في الراحة: "لقد أدخلتُ المسيحُ فيّ فكيف لا أكون في الراحة؟". عند بزوغ الفجر، في 27 تموز 1809، استودع السيّد نفسه. أحد الحاضرين هتف: "كان خيراً أن يقضي ألف مسيحي نحبهم اليوم من أن يغادرنا نيقوديموس!" ولكن إذا كان النجم قد أفل فإنّ أشعّته لم تكفّ عن إضاءة الكنيسة وكتبه باقية معيناً لا ينضب للتعليم والتهذيب والحثّ على ملء الحياة في المسيح.
 
قديم 17 - 04 - 2019, 02:37 PM   رقم المشاركة : ( 23006 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,295,477

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

القديس نقولاوس كوتشانوف النوفغورظدي المتباله (1392م)‏
‎27‎‏ تموز غربي (‏‎9‎‏ آب شرقي)‏

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

 
قديم 17 - 04 - 2019, 02:40 PM   رقم المشاركة : ( 23007 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,295,477

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

القديسة نونا والدة القديس غريغوريوس اللاهوتي (+374م)‏
‎5‎‏ آب شرقي (‏‎18‎‏ آب ‎5‎‏ آب غربي (‏‎18‎‏ آب شرقي)‏‎)‏‎

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أصل القديسة نونا كبادوكي. نشأت في الإيمان واقترنت بغريغوريوس، أحد قضاة نازينزا. هذا كان عضواً في شيعة تنكرت لعبادة الله كآب. نجحت، لصبرها وصلاتها، في هداية زوجها إلى الإيمان القويم. وقد تسقف على نازينزا خمسة وأربعين عاماً وتقدس وعيده في أول كانون الثاني. أثمر زواج نونا وغريغوريوس ثلاثة أولاد، صبيين وبنتاً، كلهم تقدسوا في كنيسة المسيح: القديسة غورغونيا المعيد لها في 23 شباط والقديس قيصاريوس المعيد له في 9 آذار والقديس غريغوريوس اللاهوتي، وهو الأبرز بينهم، ويعيد له في 25 كانون الثاني. هذا الأخير جاء إلى الحياة إثر صلوات حارة رفعتها نونا إلى ربها.
ذكر القديس غريغوريوس اللاهوتي عن والدته، فيما بعد، أنها كانت على تقوى مثالية. قال عنها إنه كان لها جسد امرأة لكنها اقتنت نفساً سَمّت بها فوق الرجال بسالة. لم تكن لتهتم بشؤون الأرض إلا بمقدار ما كانت، لديها، مكرسة لله ومعينة على التحاقها بالسماء في أقرب وقت.
عفَّت عن المساحيق والتجميل واهتمت بتشريف صورة الله في نفسها سالكة في التقى،وجاعلة نصب عينيها أنا من الله وأنا إليه راجعون. قست على نفسها بالأصوام والصلوات الليلية وأنشأت أولادها على القناعة الراسخة بأنها وُدّت لو تبيع نفسها وإياهم لتوزع أثمانهم حسنات للفقراء. مرضت، إثر وفاة زوجها، خلال السنة 374م.
صبرت بالشكران على علتها إلى أن أسلمت الروح خلال خدمة القداس الإلهي متكئة على المائدة المقدسة. وإذ لفظت نفسها الأخير استبانت كأنها في الصلاة

 
قديم 17 - 04 - 2019, 02:44 PM   رقم المشاركة : ( 23008 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,295,477

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

القديس البار نيكانور العجائبي (+ 1549 م)‏
‎7‎‏ آب غربي (‏‎20‎‏ آب شرقي)
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


نشأته
أبصر النور في تسالونيكي، سنة 1491م، لأبوين تقيّين غنيّين. وُلد، عجائبياً، بعد عقم. نشأ في الفضيلة محباً للكتب المقدسة. إثر وفاة والديه وزع ماله على الفقراء وترهب باسم نيكانور، لكنه لازم منزله وسلك في الأتعاب النسكية. كان يقضي لياليه في الصلاة وذراعاه إلى السماء كموسى.
حياته
سامه أسقف المحلة شماساً فكاهناً وأسند إليه الخدم الليتورجية في الكاتدرائية. في سن السابعة والثلاثين خرج من تسالونيكي، تلبية لصوت إلهي. كرز، في طريقه، بالكلمة. استقر، لبعض الوقت، في قرية سراكينا. جرى به عدد من العجائب بنعمة الله. انسحب إلى قمة كليستراتوس. أقام في مغارة معلقة يعسر بلوغها. انصرف إلى أصوام متطرفة وصلوات متواصلة. تعرض لتجارب شيطانية قاسية، لكنه بعلامة الصليب وذكر اسم الرب يسوع انحفظ منها جميعاً.
رقاده و أعماله
إثر وفاته خرب الأبالسة المغارة لكي لا يأتي مجاهد آخر لله ويقيم فيها. لم تبق أتعاب نيكانور وفقره الشديد مخفياً. انضم إليه عدد من التلامذة، بعد حين. باتت الحاجة ماسة إلى دير. رمموا ديراً باسم السابق المجيد قريباً من المغارة. بناء لإيعاز إلهي أخذ القديس إيقونة للسيد كانت مخبوءة في أعلى الجبل.
بنوا كنيسة باسم التجلي وديراً واسعاً. بلغ عدد الرهبان، في غضون سنوات قليلة، المئات. لمع القديس كنجم ساطع. تدفق عليه الناس بعضهم للانضمام إليه وآخرون لسماع كلامه العذب وأخذ بركته وآخرون طلباً للشفاء من أسوائهم. بعدما أتم خدمته وسلم تلاميذه وصيته رقد في الرب إثر مرض طفيف سنة 1549م. أضحت رفاته مصدر أشفية للعديدين
 
قديم 17 - 04 - 2019, 02:46 PM   رقم المشاركة : ( 23009 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,295,477

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

القديس نركيسوس الأورشليمي ‏‎ ‎‏(القرن ‏‎3‎‏ م)‏
‎7‎‏ آب غربي (‏‎20‎‏ آب شرقي)‏

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
اختير أسقفاً لأورشليم حوالي العام 195م. كتب عنه أفسافيوس القيصري في تاريخه. قال عنه هو الخامس عشر منذ حصار اليهود في عهد أدريانوس، والثلاثون بعد الرسل. رأس مجمعاً مع ثيوفيلوس القيصري وآخرين وضبطوا مسألة تعييد الفصح التي كانت موضع جدل يومذاك.
حدّدوا أن يكون الفصح الأحد بعد الفصح اليهودي، وحتى ذلك الحين لا يُختم الصوم. قيل إن عفّة نركسيوس وتقواه وحياته الفاضلة كانت معروفة للجميع. من العجائب التي يوردها أفسافيوس عنه أنه في ليلة عيد الفصح نفذ الزيت في القناديل فصلى نركسيوس على الماء وبنعمة الله فَعل فِعل الزيت. عاش إلى سن متقدمة
.اعتزل في البرية سنين في آخر أيامه. عاد واستلم الأسقفية من جديد وكأنه، بتعبير أفسافيوس القيصري، "قد قام من بين الأموات". بلغ المائة والست عشرة سناً

 
قديم 17 - 04 - 2019, 02:52 PM   رقم المشاركة : ( 23010 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,295,477

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

القديس البار نيفون بطريرك القسطنطينية‎ ‎‏(+1508م)‏
‏1‏‎1‎‏ آب غربي (‏‎4‎‏2‏‎‏ آب شرقي)‏

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ولد في البليوبونيز لأبوين نبيلين فاضلين وأعطي اسم نيقولاوس. كان أبوه، مانوئيل، مستشاراً لأمير دالماتيا، وقع ضحية الوشايات فحُكم عليه بالموت. أطلقت سراحه زوجة الأمير. لجأ إلى البليوبونيز حيث صار مستشاراً أولاً لأمير موريا، توما بالييلوغوس.

طفولتة وبداية حياة الرهبانية
مج نيقولاوس اللعب، منذ نعومة أظفاره، وانكب على دراسة الكتب المقدسة والآباء المتوشحين بالله. أتقن ترتيب الخدم الليتورجية وهو في الثانية عشرة. أثار إعجاب معلمه لحدة ذكائه. نزع إلى اتباع مثال الرهبان القديسين الذين قرأ سيرهم بشغف. ذات يوم، مر به راهب اسمه يوسف. تجاذب وإياه أطراف الحديث. تبعه نيقولاوس حتى دون أن يودع والدته وأقرباءه. لما بلغ أبيدافرا، سمع عن ناسك معروف تقدس اسمه أنطونيوس. ذهب لزيارته. أعجب بطريقة حياته وتعليمه. لفته أنطونيوس إلى صعوبة الحياة النسكية. حظي ببركة بقائه لديه، بعدما أصر بدموع. أما يوسف الراهب فواصل طريقه.
عمل طاعة الطالب الجديد كان الخط. أقبل بهمة على أعمال النسك. أطاع الشيخ طاعة كلية واجتهد أن يقتدي بسيرته الملائكية في التفاصيل. ألبسه أنطونيوس الثوب الرهباني بسرعة وأعطاه اسم نيفون. مذ ذاك ضاعف جهوده. لم يكن أحد يراه يضحك البتة أو تخرج من فمه كلمة بطالة. لم يكن يقرأ إلا بدموع. بعد فترة قصيرة رقد أنطونيوس بالرب، وخرج نيفون يبحث لنفسه عن أب روحي جديد. سمع براهب آثوسي فاضل حكيم اسمه زخريا، يقيم في مدينة أرثا، فذهب إليه وطلب منه أن يعلمه طريقة الحياة في الجبل المقدس.
لكن الاضطرابات التي حصلت في الكنيسة نتيجة الوحدة الزائفة، الآتية من مجمع فلورنسا (1439)، لم تترك للرهبان أن ينعموا بحياة السكون التي يرغبون فيها. تبع القديس نيفون شيخه إلى نواحي عسقلون وكروغيا في ألبانيا سعياً إلى تثبيت الشعب في الإيمان الأرثوذكسي. جعل الأمير جاورجيوس كاستربوتيس زكريا أباه الروحي واحتفظ به في قصره مع القديس نيفون. بعد ذلك بقليل، وبعدما أحدث سقوط القسطنطينية (1453م) اضطراباً في كل الأصقاع المسيحية، لجأ القديسان إلى الجبل. وما إن عاد الهدوء حتى رجعا إلى أوخريدا حيث أقاما في دير والدة الإله. فلما رقد رئيس أساقفة أوخريدا، المدعو نيقولاوس، اختار الأساقفة ورجال الإكليروس، في تلك الأنحاء، زخريا ليشغل كرسي أوخريدا. بعد تحفظات عديدة أبداها رضخ. ثم قبل أيام قليلة من سيامته سأله القديس نيفون البركة ليعتزل في جبل آثوس. أخذ عليه شيخه أن يتخلى عنه في اللحظة التي يحتاج فيها إليه. ما إن حل الليل، وفيما كان زخريا قائماً في الصلاة، استطلاعاً لمشيئة الله، جاء ملاك الرب وأوعز إليه بترك تلميذه بذهب إلى الجبل المقدس.

في الجبل المقدس
خرج نيفون إلى الجبل كمن له جناحان. توقف أولاً في دير فاتوبيذي. وجد هناك العديد من الرهبان الأفاضل. توجه بعدها إلى كارياس حيث لاقاه المتقدم دانيال وأبدى أنه سمع عنه ورغب، من زمان، في العرف إليه قبل أن يموت.
أوصاه بعدم الاحتفاظ لنفسه بكنوز الحكمة التي ادخرها في نفسه. مذ ذاك شرع القديس نيفون يعلم فأثار تعليمه إعجاب الرهبان الآثوسيين لعمق معارفه وأسلوبه حتى كانوا يتغافلون عن تناول طعامهم. زار، بعد ذلك، ديري كوتلوموسيو والبندركراتور. ثم عاش، لبعض الوقت، في تقشف كبير، في مغارة برفقة نساك آخرين. وإذ دعاه آباء اللافرا الكبير إلى النزول عندهم، أقام بينهم معلماً للرهبان، ثم اعتزل، أخيراً، في دير ديونيسيو، حيث اقتبل الإسكيم الكبير وسيم كاهناً. ذاعت شهرته لا فقط في الأديرة بل خارج حدود الجبل المقدس أيضاً، حتى لما رقد برثانيوس، متروبوليت تسالونيكي، اختار الإكليروس والشعب نيفون خلفاً له وأرسلوا سفارة إلى دير ديونيسيو يحيطون رئيسه علماً بالقرار الذي اتخذوه ويسألونه المساعدة في إقناع القديس بالقبول تعزية لنفوسهم.
أذعن نيفون لمشيئة الله وذرف دموعاً سخية. جرى استقباله في المدينة استقبالاً حاشداً. كانت الجموع تتهافت لأخذ بركته. حالما جرت سيامته، شرع يبشر بالإيمان الأرثوذكسي إصلاحاً للأخطاء المدسوسة بتأثير مجمع فلورنسا. كان عزاء للشعب المسيحي الرازح تحت النير العثماني. حث المؤمنين على الخضوع لما تقتضيه العناية الإلهية، على رجاء الخيرات العتيدة، وكذا على الثبات في الفضائل الإنجيلية. وكان، ليلاً، يتردد على بيوت البائسين ليوزع الإعانات. نجح، بمواعظه الصابرة، في هداية العديد من غير المؤمنين.

بطريركا على القسطنطينية
دُعي نيفون إلى القسطنطينية ليشترك في اجتماع المجمع المقدس. أكرمه البطريرك سمعان تربيبذوند وكل الكنيسة أيما إكرام. لقي هناك أباه الروحي زخريا أوخريد الذي ما لبث أن فارق إلى ربه. بعد ذلك بأيام قليلة رقد البطريرك أيضاً، وجرى انتخاب القديس نيفون، بالإجماع، بطريركاً محله سنة 1486م. استبان نوراً في مشكاة الكنيسة، وأمكن تعليمه، مذ ذاك، أن ينتشر انتشاراً كبيراً. رغم شدائد العبودية. في تلك الأيام، استعادت الكنيسة فرحها لأن الإيمان الأرثوذكسي صار له، في شخص القديس نيفون، مدافعاَ غيوراً. إلا أن حساداً أخذوا يكيدون له المكائد.
فإذ كان البطريرك سمعان قد ترك غنى وافراً فإن عين السلطة التركية كانت على الميراث. حاول نيفون أن يحافظ على الموجود ما أمكن. أثار حرصه عداء الحكومة له، فصادرت كمية كبيرة من الأواني المقدسة وأطلقت حملة اضطهاد على الكنيسة. ألقت العديد من الإكليروس في السجون. وإذ بلغ السلطان بايازيد الثاني أن البطريرك وراء هذه المسألة، سخط عليه وأقاله (1488م). طُرد نيفون من المدينة فلجأ إلى دير السابق المجيد في سوزوبوليس في تراقيا. بقي هناك سنتين يسأل الصفح لأعدائه.
إثر الفترة البطريركية الثانية التي قضاها القديس ديونيسيوس وكذلك مكسيموس الرابع، استدعي نيفون، مرة أخرى، ليتسلم كرسي القسطنطينية، كان هذا في آواخر العام 1497م. وجد الكنيسة هناك في اضطراب عرضة لفضائح جمة. ذات يوم التقى البطريرك في الشارع السلطان وموكبه. حياه دون أن يبدي في حضرته الإكرامات التي يفرضها العُرف. للحال جرت إقالته، مرة أخرى، ورُحل إلى أدرينوبوليس، إلى كنيسة القديس استفانوس. صار ممنوعاً عليه أن يعلم (1498م).

في فلاخيا
في ذلك الحين كان الأمير الفالاخي رادو الكبير (1496 -1508م) يعتبر نفسه حامي الأرثوذكسية وخليفة ملوك بيزنطة. هذا قدم لزيارة القديس في منفاه، إذ كان في مهمة لدى السلطان. عرض الأمير على القديس الانتقال إلى ما وراء الدانوب ليتسلم زمام الكنيسة البلغارية الفالاخية هناك ويعمل على إصلاحها وتعليم الشعب والإكليروس الناموس الإلهي. وافق السلطان على ذبك وقبل نيفون، بعد صلاة ملية، المهمة. جرى استقباله في فلاخيا بإكرام كبير. كان ذلك حوالي العام 1503م. للحال دعا إلى اجتماع للشعب والبويار واقترح تدابير اعتبرها ضرورية لتقويم الأخلاق المفسدة نتيجة الممارسات السيئة والاعتقادات الفاسدة. أنشأ أسقفيتين: بوزببو وريمنيكو، وأصلح الأديرة، وحض الكهنة والنبلاء على حفظ وصايا الله ليكونوا مثالاً طيباً للشعب. تصدى للسكر والفسق. قدم نفسه، في كل شيء، كيوحنا الذهبي الفم جديداً للأرض الرومانية.
ولكن ما لبث أن نشب خلاف بين القديس والأمير. كان رادو قد زوج شقيقته للبويار المولدافي الكبير، بوغدان، المنفي في فالاخيا، وهو عالم بأن لهذا الخير زوجة في بلاده. فلما أحيط القديس نيفون علماً بالأمر، حاول إقناع بوغدان بالتخلي عن زواجه الثاني. لكن هذا رفض وهدد. ورغم ضغوط الأمير رادو بقي قديس الله لا يلين، وحرم بوغدان، كما توقع لرادو وبوغدان نهاية بائسة وتحدث عن أسواء كبيرة سوف تحل بفلاخيا. عمد رادو إلى طرد الأسقف السجاع من كرسيه محرماً على أحد استضافته. لكنه عاد فخشي غضب الله، لاسيما بعد اللعنة التي تفوه بها القديس عليه، فاستدعاه والتمس عفوه. بارك القديس ابنه الروحي البويار الصغير نياجو باساراب وتنبأ بارتقائه سدة العرش. ثم أخذ معه تلميذيه مكاريوس ويواصاف وارتحل إلى مقدونيا حيث أقام لبعض الوقت يعلم الشعب المسيحي.
العودة الى الجبل المقدس :
أخيراً، عاد إلى الجبل المقدس فاستقبله رهبان فاتوبيذي بفرح. بعد قليل من استشهاد تلميذه مكاريوس التسالونيكي (14 أيلول)، ترك الدير، سراً، وتحول إلى دير ديونيسيو متخفياً. كان يلبس ثوب راهب بسيط. طلب الانضمام إلى الشركة. أسندت إليه مهمة سائس البهائم. ذات يوم، فيما كان يحفظ الحيوانات في الجبل، عاين رهبان شعلة نار ترتفع إلى السماء ولاحظ أحدهم القديس في الصلاة وكله بهاء. عاد الراهب، بسرعة، إلى الدير ليتقل الخبر.
اجتمع الرهبان في الكنيسة ليسألوا الله في أمر نيفون من تراه يكون. ظهر القديس يوحنا السابق، شفيع الدير، للرئيس وأمره بإعداد العدة لاستقبال نيفون، بطريرك القسطنطينية. فلما عاد القديس إلى الدير في حلته البسيطة، كانت الشركة كلها في انتظاره بالباب، على قرع الأجراس، بالشموع وبالبخور، إكراماً لرتبته. فلما طالعه المشهد انطرح أرضاً والدموع في عينيه، وسأل الإخوة الصفح لأنه خدعهم. شرح لهم أن هذا كان لخلاص نفسه ولكي يجد رحمة في الدينونة، فإنه، هرباً من الكرامات الباطلة وهموم العالم جعل نفسه في خدمتهم كالأخير بينهم. فيما بعد، استمر يخدم الشركة في الأمور الوضيعة عينها، معلماً بالمثال الطيب التواضع، ومستأسراً كل فكر جسدي لناموس الروح بنسك فائق.
عرف نساك الجبل المقدس ورهبانه أن قمر الأرثوذكسية مقيم بينهم، فكان الدير، كل أحد وكل يوم عيد، يمتلئ رهباناً متشوقين لتلقي تعليم قديس الله. لمع بتعليمه وعجائبه إلى أن بلغ التسعين سناً. وإذ درى سلفاً بيوم وفاته، دعا كل الإخوة وحضهم على اليقظة في ابتاع القواعد التراثية للحياة الرهباينة وأن يجاهدوا بغيرة ليُحسبوا أهلاً لملكوت السموات. وبعدما باركهم وسألهم العفو، طلب من تلميذه يواصاف أن يدون صلاة للحل من الخطايا لتقرأ عند دفن الإخوة التماساً لمغفرة خطاياهم. ثم أعطاه الإذن أن يقدم نفسه للشهادة. رقد بسلام في الرب في 11 آب سنة 1508م بعدما ساهم القدسات.
إثر نياحة القديس نيفون، قضى الأمير رادو بمرض رهيب وضربت أسواء فلاخيا للاستبداد الذي تعاطاه أميرها. أما نياجو باساراب الذي نجا من محاولة اغتيال فقد استلم دفة السلطة ونجح في إعادة النظام إلى البلاد. ولكي يُعبر عن امتنانه لقديس الله الذي رأى نبوءته تتحقق، نقل رفاته إلى فلاخيا حيث استبان، عجائبياً، أن خطايا الأمير رادو قد غُفرت. وقد أرسل، فيما بعد، قسماً من هذا الكنز الثمين في مستوعب رائع إلى دير ديونيسيو الذي من عليه بعطايا سخية، فقط احتفظ بالجمجمة وإحدى يدي الأسقف القديس. هذه أودعت كنيسة دير Curtea في أرغيس.


طروبارية للقديس نيفون
لقد لمعتَ بأعمالِ حُسنِ العبادة، مُنعِشاً بها كُلَّ الكنيسة. وارتفعتَ بطُرُقِ تواضُعِك، فتمجَّدتَ بِنُسكِكَ في آثوس، مُتزَيِّنَاً بجمالِ البطاركة. فيا نيفون المجيد، إملأ بالنِّعمِ الإلهيّة مَن بإيمانٍ وشوقٍ يعظِّمونك
 
موضوع مغلق


الانتقال السريع


الساعة الآن 09:38 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025