![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 22721 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() مفهوم الصوم عند البعض من آباء الكنيسة
لأن الإنسان نفساً وجسداً، فهو بحاجة إلى أفعال الجسد. فالصوم أو الصيام كلاهما مصدر واحد صام يصوم صوماً وصياماً، وهو لغة الإمساك عن الطعام والشراب لفترة من الزمن. وأما الكلمة اليونانية خ½خµدƒد„خµخ¹خ± (نستيا) تعني الإمساك ويشير الإمساك هنا إلى ضبط الجسد والنفس فيصبح الإنسان سيداً على أهوائه وعلى رغباته. فضبط النفس والجسد بإذلالهما يؤدي إلى التواضع وهو شرط لدخول الملكوت. فالصائم كأنه يقول لله” أنا تائب نادم، ولست متعالياً أو متكبراً، فلا حاجة بك لإذلالي أكثر من ذلك”. والصوم في الكتاب المقدس هو الامتناع أيضا عن العلاقات الزوجية:”…أوصوا بصوم مقدس… وليخرج العريس من مخدعه” (يوئيل2: 15-16). ويتضمن أيضا استرحام الله، فنجد هذا واضحاً في حالة داود عندما مرض ابنُهُ الذي ولدته بتشابع عقب خطيئته معها. ” قد يَرحَمُني الرَّبُّ ويَحْيا الصَّبيّ” (2 صموئيل12: 16-23). وقد يكون الصوم تعبيراً عن الاتضاع أمام الرب، كما يقول الرب لإيليا النبي عن أحاب الملك عندما جعل المسح على جسده وصام:” رأيت كَيفَ ذَلَّ أحاب أمامَي؟ فلأَنَّه قد ذَلَّ أمامَي، لا أَجلُبُ الشَّرَّ في أَيَّامِه”(1ملوك21: 27-29). ![]() الصوم هو الاعتراف بأنّ الله هو السيد المطلق ومصدر حياة الإنسان قبل الخبز الذي يجود به الله علينا:” ليسَ بِالخُبزِ وَحدَه يَحيْا الإِنْسان بل بِكُلِّ كَلِمَةٍ تَخرُجُ مِن فَمِ الله”(مت 4:4). وأما كيفية الصوم فهو التبرؤ من الرياء والنفاق إلى صدق الإخلاص والصفاء للبحث عن وجه الله تعالى الذي يرى في الخفاء، وقد وبخ الرب يسوع صوم الرياء والتظاهر قائلا:” وإِذا صُمتُم فلا تُعبِّسوا كالمُرائين…” (متى 6/16-18). الصوم فعل من الأفعال المسيحية الثلاثة (الصوم والصلاة والصدقة(مت6)) الموجّهة نحو الآب السماوي الذي يرى في الخفية بخلاف الرغبة في أن يرانا الناس على ما جاء في كلام سيدنا يسوع المسيح:”أَمَّا أَنتَ، فإِذا صُمتَ، فادهُنْ رأسَكَ واغسِلْ وَجهَكَ، لِكَيْلا يَظْهَرَ لِلنَّاسِ أَنَّكَ صائم، بل لأَبيكَ الَّذي في الخُفْيَة، وأَبوكَ الَّذي يَرى في الخُفْيَةِ يُجازيك”(متى 6: 17-18). |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 22722 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() لماذا نصوم؟ ![]() إن الصوم في المسيحية شريعة إلهية كما يعتبرها القديس باسيليوس الكبير الوصية الأولى في الكتاب المقدس:” وأَمَّا شَجَرَةُ مَعرِفَةِ الخَيرِ والشَّرّ فلا تَأكُلْ مِنها، فإنَّكَ يَومَ تأكُلُ مِنها تَموتُ مَوتًا” (تكوين2: 17). ثبّت سيدنا يسوع المسيح وصية الصوم بقوله:” سَتَأتي أَيَّامٌ فيها يُرفَعْ العَريسُ مِن بَيْنِهم، فَحينَئذٍ يَصومون”(مت9: 14-15). الصوم هو شكل من أشكال التوبة الذي يعبر عن الارتداد في علاقة الإنسان مع الذات والله والآخرين. مع الذات: للصوم وجهان جسدي وروحي. فالوجه الجسدي للصوم هو أن يُعرض الإنسان ذاته عن العواطف المنحرفة ويكبح الرذائل ولا سيما كبرياءه ويُمكّنه من التسلط على غرائزه من حرية القلب ومغريات العالم فيتجدد روحاً ونفساً ويتعلق قلبه بالله. لذا فالصوم لا يقوم على الفم فحسب، وإنما العين والأذن والقدمين واليدين وكل أعضاء الجسم، ولا يقوم على التبدل الذي طرأ على طعامنا فقط بل على قلبنا. فمن يستطيع أن يسيطر على الأشياء المسموحة يستطيع أن يسيطر على الأشياء الممنوعة. فالصوم يتطلب إذًا جهد يقوم بقهر الإنسان لذاته، بغية التقرب من الله ومن البشر، إذ أن”الرُّوحُ مُندَفع وأَمَّا الجَسدُ فضَعيف” (مت26: 41). ![]() أما الوجه الروحي للصوم فهو الامتناع عن الخطيئة، هو موقف القلب، القلب المتواضع التائب، الرحيم، الشفيق، الذي يسعى لتجديد علاقته مع الله. كما يقول يوئيل النبي:” مَزِّقوا قُلوَبَكم لا ثِيابَكم وأرجِعوا إِلى الرَّبِّ إِلهكم فإِنَّه حَنونٌ رَحيم طَويلُ الأَناة كَثيرُ الرَّحمَة ونادِمٌ على الشَّرّ” (يوئيل2: 13). الصوم هو عدم تفكير الإنسان بالشر في قلبه. (زكريا 7: 4-10)، هذا القلب المجروح بالخطيئة الميّال إلى الشر والأنانية. (مز 51) فهو زمن التوبة والعودة إلى الذات بالتقشّف، وفقاً لأول كلمة تفوّه بها يسوع بعد صومه الأربعيني:”فَتوبوا وآمِنوا بِالبِشارة” (مرقس1: 15). والتوبة باللفظة اليوناينة (متانويا) خ¼خµد„خ±خ½خ؟خ¹خ± تعني تغيير العقلية، وباللفظة العبرية (شوف) שוב تعني الرجوع، إنها تهدف إلى مراجعة الذات، إلى التجديد والتغيير والتطوير في الشعور والحكم والحياة، إلى هجر الإنسان العتيق ولبس الجديد، إلى الانتقال من الحياة القديمة والعودة إلى الشباب المتجدد. ![]() مع الله: الصوم في المسيحية ليس هدفاً بحد ذاته، وإنما وسيلة للوصول إلى الهدف، إلى الله” خُبزُ الحَياة” (يوحنا6: 35). لذا لا يمكن أن ينفصل الصوم عن ذكر الرب المحرك الأساسي له. إننا بصومنا نتجه نحو الرب بانفتاح جذري الذي ننتظر منه كل شيء (دانيال9: 3). فمقومات الصوم الأربعيني هي الرجوع إلى الله وطلب رحمته بكل لجاجة من خلال أعمال التوبة والصلاة والصدقة، وبالطبع هناك أعمال روحية ذات صلة بهذا المثلث وهي الاهتداء، المصالحة الغفران، محبة القريب، والابتعاد عن الكراهية والحقد والانتقام… فنحن بالصيام نعبر أن الله هو مصدر الحياة والعيش وليس الخبز واللحم. “مَكتوبٌ: لَيَس بِالخُبزِ وَحدَه يَحيا الإِنسان”(لو4: 3-4). فالله هو مصدر وجودنا فعلينا أن نكون مستعدين أن نفرغ حياتنا لكي نمتلئ منه تعالى. لنصم جميعاً متحدين بالرب ولنشبع أنفسنا منه وحده. إذ أن بالصوم ربنا يستجيب لنا “فصُمْنا وطَلَبنا مِن إِلهِنا لِأَجلِ ذلك فاستَجابَنا. (عزرا 8: 23). ![]() مع الآخرين: الصوم في المسيحية هو زمن العودة إلى بعضنا البعض بأفعال المحبة والصدقة والرحمة والمصالحة. فالصدقة هو موقف القلب، القلب الرحيم، الشفيق، الذي يسعى لتجديد علاقته مع الآخرين. فلا حب بلا تضحية والتضحية بلا حب أمر خارجي. الصيام وحده لا يوصلك إلى السماء بل يلزمك لتصعد إليها على أجنحة المحبة”. بالصوم يشعر الإنسان بالجوع وبالتالي مع الجائع. ما نصوم عنه ليس من حقنا، وإنما هو من حق الفقير. ما تحرم نفسك منه، قدّمه إلى شخص آخر. الصوم المقبول عند الرب يقول اشعيا النبي:” أَلَيسَ هو أَن تَكسِرَ للجائِعِ خُبزَكَ وأَن تُدخِلَ البائسينَ المَطْرودينَ بَيتَكَ وإذا رَأَيتَ العُرْيانَ أن تَكسُوَه وأَن لا تَتَوارى عن لَحمِكَ؟” (اشعيا58: 7). ألم يقل المسيح:” تَعالَوا، يا مَن بارَكَهم أَبي، فرِثوا المَلكوتَ المُعَدَّ لَكُم مَنذُ إِنشاءِ العَالَم: أَنِّي جُعتُ فأَطعَمتُموني، وعَطِشتُ فسَقَيتُموني، وكُنتُ غَريباً فآويتُموني، وعُرياناً فَكسَوتُموني، ومَريضاً فعُدتُموني، وسَجيناً فجِئتُم إِلَيَّ … كُلَّما صَنعتُم شَيئاً مِن ذلك لِواحِدٍ مِن إِخوتي هؤُلاءِ الصِّغار، فلي قد صَنَعتُموه”. (مت25: 34-40). الصوم كالطائر لا يطير إلا بجناحين الصلاة والصدقة. هذا هو الصوم الذي يفضّله الربّ: الصوم الذي يظهر له أيادي مليئة بالحسنات وقلبًا ممتلئًا بحبّ الآخرين؛ صوم مليء بالطيبة. ![]() |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 22723 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() في أي وقت كان يصوم المؤمن؟ ![]() في العهد القديم نجد أن وقت الصيام كان في أيام مختلفة حسب الظروف منها: يوم الكفارة: هو اليوم الوحيد الذي أمرت الشريعة بالصوم فيه. وهو اليوم العاشر من الشهر السابع حسب التقويم العبري وكل ما هو مطلوب: تذليل النفوس، والامتناع عن كل عمل، وهو يوم عطلة مقدسة، يصومون فيه ويقدمون قربانا للرب. (أحبار16: 29-34؛ عدد29: 7). – وقت الشدة: كان اليهود يصومون في أوقات أخرى لم تأمر الشريعة بها وهي: – وقت الاستعداد لملاقاة الله: كما حدث مع موسى (خروج34: 28)؛ ومع دانيال (9: 3). – في زمن الحرب أو التهديد بالحرب: (قضاة20: 26). – وقت المرض: صام داود عندما مرض ابنه (2 صموئيل 12: 16ت). – وقت النوح: صام داود سبعة أيام من أجل مقتل شاول (1 صموئيل31: 13). – وقت الندم والتوبة: كانت المصائب تعتبر دليلاً على غضب الله، فكان الندم والتوبة وسيلة الخلاص منها. صام أحاب واتضع أمام الله عندما أنذره إيليا بالمصير الذي ينتظره لقتله نابوت اليزعيلي (1ملوك21: 27). – وقت الخطر الدائم: نادى عزرا بصوم ليطلب رعاية الرب له وللشعب الراجع من بابل إلى وطنه (عزرا 8: 21). – في ذكرى الكوارث: اليوم 10 من الشهر الخامس الذي فيه أحرق الهيكل (ارميا52: 12). واليوم العاشر من الشهر العاشر الذي بدأ فيه البابليون حصار أورشليم (2ملوك25: 1). – زمن الأزمات: يحدث الصوم في حالة دمار البلاد … (يوئيل 14:1). أما في العهد الجديد فنجد مناسبتين يطلب الله فيها الصيام: – لطرد الشياطين: هناك شياطين لا تخرج إلا بالصلاة والصوم. ويشير الصوم هنا كمؤشر للإيمان (مت17: 21؛ مرقس 9: 29). وعلى هذا المبدأ سار المسيح الذي صام أربعين يوماً وحارب بعدها الشيطان وجابهه، وعلى خطاه سار الرسل وآباء الكنيسة. – للقيام برسالة تبشيرية: عندما قال الروح القدس للتلاميذ في أنطاكية:”أَفرِدوا بَرْنابا وشاوُلَ للعَمَلِ الَّذي دَعَوتُهما إِليه. فصاموا وصلَّوا” (رسل 13: 1-3). |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 22724 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ما هي مدة الصوم حسب الكتاب المقدس؟ ![]() في العهد القديم كان الصوم عادة لمدة يوم واحد من شروق الشمس إلى مغربها (قضاة 20: 26؛ 1 صموئيل 14: 24) وربما كان لليلة واحدة (دانيال6: 18-19)، واستمر صوم أستير ثلاثة أيام ليلاً ونهاراً (أستير 4: 16) وصام أهل يابش جلعاد سبعة أيام لموت شاول (1صموئيل31: 13) وصام داود سبعة أيام عند مرض ابنه (2صموئيل 12: 16-18). وقد صام موسى أربعين يوماً (خروج 34: 28؛ تثنية9: 9) وكذلك صام إيليا (1ملوك19: 8). ويدل رقم “أربعين” وهو عمر جيل بكامله على فترة زمنية طويلة لا تُعرف مدتها معرفة دقيقة. يرجح أن هذه المدة تشير إلى الوقت الذي قضاه موسى على الجبل أو إلى الأربعين سنة التي قضاها إسرائيل في البرية (عدد14: 34) والتي تشير إلى مسيرة إيليا أربعين يوماً (1ملوك19: 8). وأما في العهد الجديد فكان الفريسيون يصومون يومين من كل أسبوع بدافع من تقواهم الخاصة (ل وقا18: 9-12). الخميس هو يوم ذهاب موسى النبي للجبل لاستقبال الوحي الإلهي، والاثنين هو اليوم الذي عاد فيه من الجبل. ![]() وأما قرنيليوس فكان صائماً لمدة أربعة أيام عندما ظهر له الملاك (رسل 10: 1-5). وصام الرجال الذين مع بولس في السفينة مدة أربعة عشر يوماً (رسل 27: 33). وأما الأرملة حنّة فكانت تواظب ليل نهار على الصلاة والصوم “لا تُفارقُ الهيكلَ، مُتعبِّدةً بالصوم والصلاة ليلَ نهار” (لوقا 2: 37). وصام يسوع أربعين يوماً ليفتتح رسالته بفعل تسليم لأبيه بثقة كاملة (مت4: 1-11). إن هذه الأربعين يومأً هي أيام مسيرتنا الجماعية إلى ليلة الفصح المقدسة، إنها تمثل صعود يسوع إلى أورشليم. إنها تمثل طول الطريق التي تبعدنا عن الله، وسلوكنا لدرب العودة والرجوع وملاقاة الله ومصالحته في عيد الفصح. “فلا نترك الفصح يمرّ من غير أن ندخل في حقيقته وفي مطالبه. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 22725 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ما هو دور الكنيسة في شريعة الصوم؟ ![]() وضع لنا المسيح الخطوط الرئيسية للصوم، غير أنه لم يحدد أياما للصيام، ولا ساعة لبداية الصوم كما لم يحدد لهذا الصيام التزامات أو ممنوعات أو مباحات، إنما أنهى عن الصوم الشكلي والظاهري، تاركاً التفاصيل للكنيسة لتبتّ فيها، ولتفسّر للمؤمنين كيفية الصوم بحسب البيئة والظروف، وبما تراه مناسباً لتحقيق مفهوم وهدف الصوم. فوضعت الكنيسة قوانين للصيام. وغايتها أن تكفل للمؤمنين الحد الأدنى الذي لا بد منه في روح الصلاة وفي الجهد الأخلاقي كي يتحد الجميع في ممارسة مشتركة لأعمال الصوم والانقطاع للكفر بذواتهم والنمو في محبة الله والقريب. فالصوم في كنيستنا الرومية الكاثوليكية كما وردت في الكتب الطقسيّة وفي نشرات الأبرشيّات والرعايا فهي كما يلي: الصوم الأربعيني الكبير: أيام الصوم هي أيام الأربعاء والجمعة من أسبوع مرفع الجبن. وأيام الاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس والجمعة من أسابيع الصوم والأسبوع العظيم المقدّس. ما عدا اليوم الذي يقع فيه عيد البشارة (25 آذار). سبت النور. هو السبت الوحيد الذي يجب الصوم فيه. بينما يمنع الصوم في السبوت الأخرى لارتباط السبت بأحد القيامة. أيام القطاعة تشمل الصوم الأربعيني بكامله بما فيها أيام الآحاد. بالإضافة إلى الأسبوع العظيم المقدّس. ما عدا عيد البشارة وأحد الشعانين حيث يسمح بأكل السمك. القطاعة هي الامتناع عن اللحم ومرق اللحم، وعن البياض، أعني البيض والجبن والألبان والزبدة الخ… أما السمك فيسمح به في أيام معيّنة. وكذلك الزيت والخمر في أيام معيّنة. هذا مع العلم أن السينودس المقدّس قد ترك لكلّ مطران أن يعطي تعليمات وتوجيهات إضافيّة مناسبة لأبرشيّته. من هنا أهمية الصوم وضرورته وفائدته لحياة العبادة والتقوى، كما نراه في الكتاب المقدس. فلا حياة روحية بدونه، ولا يمكن بالتالي أن نتصور قديساً بلغ حياة القداسة من غير الصوم كما لا نتصور قداسة بغير صلاة ويغير أعمال الرحمة. كما أن للصوم فائدته للنمو الروحي في الفضائل، وتحقيق عمل المواهب في النفس والجسد. لهذا صام المسيح بعد حلول الروح القدس عليه بعد عماده، وصام الرسل بعد حلول الروح أيضاً في العنصرة، ولنفس الغرض يصوم أصحاب الدرجات الكهنوتية بعد نيلهم الدرجة الكهنوتية. اهمية الصوم والصلاة وضرورتها عند البدء في كل عمل مهم، هو زمن تقشف لإسكات هتافات الجسد وضجيجه، فنتمكن من أن نسمع هتافات الروح ونتعمّق في كلمة الرب والعمل بمشيئته. وإلا يكون صومنا مجرد إمتناع عن الطعام من دون إهتداء داخلي. الصوم هو إرتداد القلب في العمق، وتجديد الحياة، والاستعداد لفتح أبواب النفس لنستقبل نعمة الله فموضوع الصوم في الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد مرتبط بالتوبة. فالشعب القديم كان يتوب ويصلي ويصوم طلباً لرحمة الله. فهذه الثلاثة مرتبطة ارتباطاً كاملاً ببعضها. فالصوم هو جزء من حياة التوبة لذلك شددت الكنيسة منذ القديم في زمن الصوم الكبير على فكرة توبة الشعب، ومراجعة النفس للوصول إلى الفصح والقيامة مع المسيح. الصيام إذاً ليس طقوساً نتبعها، بتغيير عادات الطعام والشراب فقط بل هو صيام النفس قبل الجسد ومن ثم يتبعها حرمان الجسد من بعض الأطعمة، أو البقاء دون طعام. وذلك بصرف وقتاً للصلاة وعمل رحمة مميز، فالصوم يعلمنا ضبط النفس عن الماديات الزائلة ويجعلنا ننظر بعين الرضى إلى عطايا الله وأن نتذكّر أخينا الفقير. لهذا ومن خلال الكتاب المقدس نكتشف أن الصوم: هو صلاة وعبادة إلى الله، هو التأمل وخلوة معه، هو صعود إلى الجلجلة المقدس حيث الصليب وتجلي قيامته. هو إصغاء إلى صوته في برية العالم في حجرتك في عملك، في مدرستك وجامعتك، لكي تكتشف إرادة الله فتحققها في حياتك كما حققها المسيح في البرية. من خلال كلمة الله وتعليم الكنيسة. هو أن تتحمل بكل صبر وهدوء وطول أناة معاناة الحياة ومشاكلها وأن تظهر دائماً مبتسماً أمام الناس. هو حب وعطاء لكل إنسان هو التضامن مع المحتاج، وصفحك وغفرانك لمن أساء إليك. هو فرح تجلي لأنك بصومك تشارك المسيح في فرح قيامته، في فرح انتصاره على الخطيئة وعلى الشيطان وعلى الموت فيتجلى فيك ضياء مجده الابدي. ![]() خلاصة القول: بعد أن حاولنا أن نجيب على الأسئلة التي يطرحها الإنسان على نفسه نجد أن الأهم هو أن يصوم الإنسان ويختبر معنى الصوم وحينئذ يفهم ويكتشف فائدته، فليكن طعامنا في زمن الصوم الأربعينية الكلمة التي تخرج من فم الله، لأنه “ليسَ بِالخُبزِ وَحدَه يَحيْا الإِنْسان بل بِكُلِّ كَلِمَةٍ تَخرُجُ مِن فَمِ الله” (متى 4:4)، والعمل بمشيئته وهو القائل: ”طَعامي أَن أَعمَلَ بِمَشيئَةِ الَّذي أَرسَلَني وأَن أُتِمَّ عَمَلَه”، (يوحنا 4: 34) وان نلبي دعوته ونقبل بتوبة وإيمان إلى تناول جسده وشرب دمه وهو القائل: ”لأَنَّ جَسَدي طَعامٌ حَقّ وَدمي شَرابٌ” (يوحنا 6 : 55). |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 22726 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() يسوع يصوم في البرية (مت 4: 1-11؛ ل و4: 1-13). ![]() التعليق على نص تجربة يسوع (مت4: 3-11؛ ل و4: 1-13) التجربة الأولى: جُرِّب يسوع في الصحراء، قبل مباشرته برسالته بين البشر. والصحراء خير مكان للخلوة، فيها يرى الانسان ذاته على عريها، بعيداً عن أقنعة المجتمع وتمويهاته. سمع إبليس إعلان الآب، في أثناء اعتماد يسوع:” أنت ابني الحبيب”. وارتعب من وجود انسان هو في الوقت عينه ابن الله، فبذل جهوداً مستميتة كي يزعزع إيمانه في تلك البنوة الإلهية. ولكن يسوع أثبت أنه حقيقة هو ابن الله، برفضه كل اقتراحات عدو البشر، وبتأكيد طاعته المطلقة لمشيئة أبيه. حاول ابليس إقناع يسوع بأن يكون المسيح كما توقعه وتصوره اليهود، فحاول جرّه إلى بسط سيطرته على جميع ممالك العالم، وامتلاك كل ثروات الكون، واستخدام قدراته الخارقة لفرض الهيبة، والخضوع، لعله بذلك، يحمله على خيانة الرسالة التي تجسد لأجلها. ولكن يسوع أفشل كل محاولاته، فأتى العالم بحبه. قبل البدء برسالته العظمى، حرص يسوع على إخضاع جسده، وإحكام سيطرته عليه، فصام أربعين يوماً، في جو صحراوي شاق. وخيّل لإبليس أن هذا الجائع قد أصبح لقمة هينّة فأسرع لامتحانه. وزيّن له تحويل الصحراء الحجرية إلى فرن مليء بالأرغفة الشهية والساخنة. ولكن يسوع صدّه بقوله:” ليس بالخبز وحده يحيا الانسان…” علّمنا يسوع بقوله هذا الأ تُفقدنا حاجتُنا إلى إشباع جوعنا السيطرة على ذواتنا، ولا تدفعنا إلى مقايضة واستبدال أنفسنا بالطعام. هذه المقايضة تعني فقدان الرجاء بالخلاص والحياة والتمرّد على المحنة والألم … واتهام الله بكل ما يحصل معنا من شرور. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 22727 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() يسوع باختباره الجوع، أصبح مشاركاً لكل جائع، وهو طلب وحرّض تلاميذه لإطعام الجياع. فالحاجة إلى الطعام حاجة أساسية، وأول ما يموت في الانسان الجائع هو روحه العنصر القادر على تقبّل كلام الله. فالذي يفتقر إلى الخبز تتعذّر عنده معرفة الله وعبادته.
الخبز عنصر أساسي للحياة، ولكن هناك عنصر أهم من الخبز، هو كل ما يخرج من فم الله. الجوع الأكبر في الانسان هو الدعوة لتلبية نداء الرب لنا، عندها نحيا حياة تليق بالإنسان، تلبية كاملة لله. إلتزاماً لهذه الدعوة صدّ يسوع تجربة إبليس الأولى فمهمته ليست تحويل الحجارة لخبز بل تنفيذ مشيئة الآب. وقد كانت التجربة الأولى محاولة لحّل قضية الله حلاً بشرياً وتحويله إلى حاجة بشرية يشبعها طعام مادي أو عمل، مهنة، مستقبل… ولكن يسوع قضى على التجربة بحزم، وبخّر كل حجج وحيل الشر، ودعانا لنكون أحرار ومسؤولين أمام الله. التجربة الثانية: حاول فيها إبليس إيهام يسوع أنه، بالاستعانة بالملائكة، يمكنه تحدي نظام الكون الذي وضعه الله، وفي أيامنا يغرينا نحن البشر بقدرات العلم والتقنيات الحديثة الكفيلة بالاستغناء عن الله. حاول أن يجعل من يسوع جندياً مظلياً يسقط من فوق الهيكل اختباراً لحماية أبيه، وهي تجربة للتخلي عن بشريته وإظهار ألوهته وزعامته، ولكن يسوع أصر على أن يكون المسيح الخادم الفقير المهان المتألم… كل انسان يتعرض لامتحان ايمانه الذي يبدو لنا أحياناً قفزة في الفراغ وغالباً ما نشعر بأن الله صامت وغائب عن محنتنا، في حين ان الله يترك لنا حرية التدبير ويضمن لنا سلامة نفوسنا كلما طلبنا ذلك. استشهد إبليس بالمزمور 91 ولكنه حرفّه كما يريد:” الساكن في كنف العلي…. لأنه يوصي ملائكته بك ليحفظوك…يحملونك لئلا تصدم بحجر رجلك”. إذا انت ابن الله فالفرصة أمامك لتثبت ذلك، وما عليك إلا أن ترمي بنفسك من فوق الهيكل فتحميك أجنحة الملائكة. وكان جواب يسوع قاطعاً إنه يثق بأبيه ويكتفي بكلامه. هذه التجربة تكررت أكثر من مرّة ونرى صمت الله المطبق في أثناء آلامه. وكما قال إبليس:” إن كنت ابن الله فألق بنفسك…”، قال المارة أمام الصليب:” إن كنت ابن الله فانزل عن الصليب”. وأخيراً حاول إبليس الدخول إلى قناعة يسوع عن طريق إغرائه بما يغري الكثيرين من البشر: أي السلطة والنفوذ وإخضاع الناس، وكان شرطه لتحقيق هذه السيطرة أن يأتمر يسوع بأمره وينفذ مخطاطاته. فبعد فشل ابليس بالتجربتين تخلى عن أسلوب الحيلة، ولجأ لأسلوب جديد فظّ، لم يعد يدعو يسوع ابن الله بل أراده ان يكون عبداً ساجداً عند قدميه، ولكن غاب عن ذهنه أن العبادة لا تصح إلا لله وحده. أراد الله أن يسيطر الانسان على الأرض ولكن الإنسان أراد لنفسه سيادة وسيطرة مطلقة. جميع ممالك الأرض وما يقلق في هذه التجربة الثالثة أن ابليس يعلن أنها كلها قد أعطيت له وبوسعه إعطاؤها لمن يركعون له. أيكون الأمر كذلك حقيقة؟ يسوع صدّ بحزم عروضات ابليس، والمسيحي المشترى بدم المسيح، والذي بالعماد اشترك في الطبيعة الالهية وسلطانها يسمو فوق كل السلطات والممالك. من خلال هجمات ابليس الثلاث كان هدفه واحداً تحويل وإبعاد يسوع عن مهمته ورسالته وعن صفته ابناً لله، حاول إبليس جهده لإغراء يسوع بأن يكون المسيح الجبار والمتسلط الذي ينتظره اليهود ولكن يسوع أوضح بأن لا رغبة لديه سوى تنفيذ مشيئة الآب، وتركه ابليس إلى حين ولكنه لم يكف عن محاصرته. إنتصار يسوع هو انتصار الثقة المطلقة في الله وانتصار القداسة المدعوين إليها. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 22728 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() الصوم والتقديس ![]() إذا تكلمنا عن التبرير يعني نتكلم عن التقديس، فالأول هو الباب المفتوح مجاناً على الله بحدث يسوع المسيح، والثاني يدخل الإنسان بحريته ويلتزم الخلاص. فالصوم لا يأخذ معناه إلاّ حين يساعد الإنسان على الخروج من انغلاقه وتقوقعه بأن يجعله متنبهاً إلى متطلِّبات الآخر-الله-وحاجات الآخرين-البشر. من هنا فهو يحقق غايته إلاّ بتحوله إلى بعض أفعال المحبة، وبحرية. الحرية هي حرّة ومحرّرة. الله حرّرنا بمحبته ونحن بدورنا بالمحبة الفائضة فينا نعمل للحرية والتحرير، أولاً، تحرير الله من كل المفاهيم المغلوطة التي تمنعنا من أن نراه كما أوحى بذاته لنا. وثانياً، تحرير الإنسان من حواجز الخطيئة. فالصوم حين يتأسس على المحبة يخلق تضامناً بين البشر ويوجّههم نحو الحرية الحق. فالجائعون والعطاش والفقراء والمستعبدون يبقون بيننا علامة المسيح المتألم. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 22729 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() الصوم والتطهير ![]() جميع الديانات تقريباً عرفت طقوس التطهير مستعملة عناصر طبيعية فيها قوة مطهرّة كالماء والنار… إلخ. هذه الطقوس حاولت حماية الإنسان من نجاسته. وكان التطهير محاولة يريد بها الإنسان أن يقترب من الطاهر والقدوس. وفي العهد الجديد أصبح المقياس مقلوباً: الطاهر يقترب من النجس. ابن الله يسكن بين البشر. ![]() فالصوم في حياتنا المسيحية، لا يساعدنا على كبت وإقتلاع أهواء الجسد، إنما يساعدنا على قبول ذواتنا فنتحمّل خطايا الآخرين على مثال الطاهر الذي قَبِلَ أن يكون خطيئة لأجلنا. إذاً الصوم ليس صراعاً ضد ذواتنا إنما هو جهاد ضدّ كل ما يمنعنا من أن نكون ذواتنا وضدّ كل شيء فينا موجه ضدّ الآخرين. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 22730 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() الصوم والتكفير ![]() يخبرنا العهد الجديد عن تاريخ الله الذي يتنازل ويقترب من الإنسان، موحياً عن ذاته بأنه المحبة. فهو الآب الذي يصالح العالم بموت ابنه على الصليب وبقيامته من بين الأموات وبإرساله روحه القدوس. فالآب لم يستعمل ذبيحة الابن وآلامه كواسطة لإسكات غضبه كما كان مفهوم الشعب قديماً يصومون ويقدمون ذبائح لإرضاء الآلهة. فعلى الإنسان على ضوء حدث يسوع المسيح، أن يتقبّل مبادرة الله ويعترف بها ويشهد لها، ويشكرها ويحيا منها. فالصوم لا يصبح فعلاً يخرج من الإنسان ويصبح خارجاً عنه ليستطيع التكفير عن خطاياه، بل هو شهادة توحي بحالة داخلية تنبع من حضور الله الذي يسكن الإنسان. فهو ليس مجهوداً يقوم به الإنسان أو سيراً نحو الله يعيشه وكأن الإنسان يأخذ المبادرة، إنما الصوم هو فعل وعي على أن الله هو هنا، اقترب منا وينادينا. من هنا الصوم هو تعبير عن حضور المسيح العروس في حياة المؤمن وهذا الحضور هو سرّ كمال الإنسان. ![]() |
||||