12 - 05 - 2012, 08:19 AM | رقم المشاركة : ( 201 ) | ||||
† Admin Woman †
|
سير وسلوك لأن كثيرين يسيرون ... وهم أعداء صليب المسيح ... فإن سيرتنا نحن هي في السماوات ( في 3: 18 - 20) نحن أمام فريقين: مَنْ يسيرون معتمدين على برهم الذاتي، وهم أعداء لصليب المسيح الذي يضع نهاية للإنسان وبره، كما يضع حدًا فاصلاً بين المؤمن والعالم ( غل 6: 14 ). وهذا الفريق الأول نهايتهم الهلاك، إذ يفتكرون في الأرضيات حيث كل آمالهم وطموحاتهم. أما الفريق الثاني، ويضم بولس نفسه معهم، فإن سيرتهم في السماوات حيث مآلهم الأبدي ووطنهم الحقيقي، ومنها ينتظرون خلاصهم بل مُخلِّصهم، الذي سيغيِّر شكل جسد تواضعهم ليكون على صورة جسد مجده. فيا لها من مفارقة بين الفريقين! ونذكر هنا شريعة أعطاها الرب لبني إسرائيل في أجيالهم، أن يجعلوا على أهداب ذيل ثيابهم عصابة من أسمانجوني، حتى لا يزيغوا وراء قلوبهم وأعينهم كلما نظروا إليها ( عد 15: 37 - 41). وفي هذا مغزى أدبي لتعليمنا؛ فكلما انخفضت رؤوسنا لأسفل، وتعلَّقت قلوبنا بالعالم، علينا أن نذكر سريعًا مقامنا السماوي وجنسيتنا السماوية، كما قال الرب: «ليسوا من العالم كما أني أنا لست من العالم» (يو17)، فحالاً تتحول أنظارنا للسماء. «فإن كنتم قد قُمتم مع المسيح فاطلبوا ما فوق، حيث المسيح جالس عن يمين الله. اهتموا بما فوق لا بما على الأرض» ( كو 3: 1 ، 2)، فلنحذر من محبة العالم والأشياء التي فيه: شهوة الجسد، شهوة العيون، تعظم المعيشة ( 1يو 2: 16 )، فنأبى كل ما يقدمه لنا، متمثلين بيوسف وأليشع وموسى، وقد قيل عن كل منهم أنه «أبى» إزاء شهوات العالم. ولا ننسى أن «العالم يمضي وشهوته» ( 1يو 2: 17 )، وهيئته تزول ( 1كو 7: 31 )، ولنتوقع مجيء الرب لأجل الخلاص النهائي الذي هو غاية إيماننا، حيث نُخطف جميعًا في السُحب لمُلاقاة الرب في الهواء، وهكذا نكون كل حين مع الرب ( 1تس 4: 16 ). |
||||
12 - 05 - 2012, 08:20 AM | رقم المشاركة : ( 202 ) | ||||
† Admin Woman †
|
مثالنا في الشكر في ذلك الوقت أجاب يسوع وقال: أحمدُكَ أيها الآب رب السماء والأرض ... لأن هكذا صارت المسرة أمامك ( مت 11: 25 ، 26) إذا كان الرب يحرِّضنا بفم رسوله قائلاً: «اشكروا في كل شيء» ( 1تس 5: 18 )، فهو لا يطلب منا شيئًا لم يفعله هو، إذ يجب أن لا يغيب عن بالنا أنه اجتاز في هذا المشهد، وتجرَّب في كل شيٍ مثلنا بلا خطية. تأملوه في متى11: 16- 30 مُجرَّبًا من ذلك الجيل المتقلب الذي لم يؤمن به بعد كل أعمال محبته ومعجزات قوته. ولا ريب أن ذلك الظرف كان كافيًا لأن يُحزن أي واحد، إذ تضيع كل أتعابه باطلاً بحسب الظاهر. ولكن كيف تصرَّف الرب إزاء كل هذا؟ «في ذلك الوقت أجاب يسوع وقال: أحمدك أيها الآب ربُّ السماء والأرض ... لأن هكذا صارت المسرة أمامك». وإذا رجعنا إلى لوقا10: 21 حيث تُسرَد نفس الحادثة نجد أيضًا أنه قد «تهلل يسوع بالروح». ولنلاحظ القول: «أجاب يسوع وقال: أحمدُكَ». علامَ أجاب؟ إنه كان يرى هنا، كما في كل الظروف المؤلمة، يد أبيه ويسمع صوته يقول: ”هذه مني“ فيُجيب قائلاً: «أحمدك أيها الآب ربُّ السماء والأرض ... لأن هكذا صارت المسرة أمامك». فالآب رب السماء والأرض الذي له سلطان على كل شيء، هو الذي أمر بهذه الظروف المؤلمة ولذلك يقبلها الرب يسوع بالشكر. وأنت أيضًا أيها القارئ العزيز، إخضع إرادتك لأبيك، فتشعر براحة كبيرة من ثقل كل ظرف مؤلم، وتحسّ بقوة متجددة في نفسك، وتفرح في الروح في كل مرة تُجيب الله فيها قائلاً: «أحمدك أيها الآب ... لأن هكذا صارت المسرة أمامك». ويا لها من راحة نشعر بها عندما نعلم أنه مهما كانت صعوبة الظرف، فإن المشيئة الإلهية التي رتبته لم تخطئ. وإن كنت لا أميل أن أُجيب قائلاً: «أحمدك أيها الآب» فإنما هذا يدل على أن إرادتي لم تُخضَع لإرادته، وإني لا أريده أن يتخذ طريقه معي ولا أرغب في أن يُجري معي كما تكون المسرة أمامه، ولذلك أشكو وأتذمر فأضيف إلى شقائي شقاء بدون جدوى. |
||||
12 - 05 - 2012, 08:21 AM | رقم المشاركة : ( 203 ) | ||||
† Admin Woman †
|
أمجاد تزول أَوصِ الأغنياء في الدهر الحاضر أن لا يستكبروا، ولا يُلقوا رجاءهم على غير يقينية الغنى، بل على الله الحي ( 1تي 6: 17 ) ذات يوم رَسَت في ميناء بورتسموث بانجلترا سفينتان قادمتان من فرنسا، وكانت إحدى هاتين السفينتين مدرعة حربية دَوَت طلقات المدافع تحية لاستقبالها. وكانت الأخرى يختًا نزلت منه امرأة متقدمة في السن، استقلت عربة، ومضت في طريقها لم يشعر بها أحد. كانت السفينة الحربية تقل رئيس الجمهورية الفرنسية قادمًا إلى انجلترا في زيارة رسمية لملك بريطانيا. وكان اليخت يقل أوجيني إمبراطورة فرنسا في وقت من الأوقات. ولقد كان رئيس الجمهورية الفرنسية رجلاً من أصل متواضع قفز إلى رئاسة الجمهورية في الانتخابات. ويا له من درس! ويا لها من عِبرة! لقد كانت الإمبراطورة أوجيني في أيامها سيدة المجتمع الراقي في كل أوربا بلا مُنازع، ولقد سبق أن زارت بريطانيا أيضًا زيارة رسمية واستقبلتها الملكة فيكتوريا أحرّ استقبال، ولكن الحرب المشئومة بين فرنسا وبروسيا عام 1870 – 1871 أطاحت بعرش زوجها، واضطرت الإمبراطورة لأن تهرب لحياتها، وتَعاقَب على عرش فرنسا بعد ذلك أُناس من عامة الشعب. هذه هي «غير يقينية» مجد العالم. وبكل تأكيد استقرت هذه الحقيقة في قلب أوجيني في ذلك اليوم عندما كانت تطرق آذانها طلقات مدافع ميناء بورتسموث، ومع ذلك فالناس رجالاً ونساءً يبيعون أنفسهم لأجل تنعُّم يوم قصير ولذة استمتاع وجيز بنفخة مجد باطل وزائل. قد ينوء رجل تحت حمل الألقاب التي تُخلع عليه، ومع ذلك يهلك هلاكًا أبديًا ويمضي إلى قتام الظلام إلى الأبد. إن بريق الحياة الحاضرة وتوهجها قد غرر بالكثيرين. وذلك البريق وهذا التوهج لن يدوم طويلاً، وسريعًا سيتقلد الرب المرفوض الآن سلطانه، وسيمسك بصولجانه، وستتزلزل من رهبته قلوب أعدائه. ووشيكًا سيظهر يسوع المسيح المُحتقر الآن في كل جلاله وجبروته وسينتزع الأرض من أيدي غاصبيها. وإن دم المسيح الكريم يستطيع أن يضع في فمي حُجة امتلاك الحياة الأبدية ويؤهلني للبركة اللانهائية. فليتعلق بهذا العالم التَعِس المسكين مَن يتعلق به، وليشبع الأغنياء بقشوره إن أشبعتهم القشور. أما نصيب المؤمن فهو شيء آخر؛ نصيب موفور الدسم، أبدي الدوام، لا تمتد إليه يد عابث، ولا يتطرق إليه فساد. فهل تشاركنا هذا النصيب؟ |
||||
12 - 05 - 2012, 08:22 AM | رقم المشاركة : ( 204 ) | ||||
† Admin Woman †
|
هامان ومردخاي وعدَّد لهم هامان عظمة غناه وكثرة بنيه .. وقال .. وكل هذا لا يساوي عندي شيئًا كلما أرى مردخاي اليهودي جالسًا في باب الملك ( أس 5: 11 - 13) كان الناس في تلك الأيام ينظرون إلى هامان ومردخاي فيرون الأول سعيدًا جدًا والآخر بائسًا جدًا، وتلك هي نظرة العيان، أما الحقيقة فكانت عكس هذا تمامًا. فقد كان هامان رغم تلك الأبهة والعظمة والسعادة الظاهرية كأنه في أتون من العذاب إذ كان يدخل بيته حزينًا مُكمدًا فتظن زوجته أن مصيبة كبرى قد نزلت به، أو أن الملك قد جرَّده من كل امتيازاته، أو أنه أمرَ بقتله أو نفيه، فلا تزال به مستفهمة في حيرة وخوف ولوعة حتى يقول لها السبب، فإذا هو عدم سجود مردخاي له، ذلك البواب التافه. يا للغرابة! ما أشبه العظمة العالمية بالطبول: صوت عالِ من جوفٍ خالِ. أما مردخاي فقد كان سعيدًا حقًا رغم فقره وحقارته، وكان مصدر سعادته ما يتمتع به من سلام في القلب وراحة في الضمير وهدوء في العقل سببه شعور برضى الله عنه لأمانته في أعماله وتصرفاته، ورضى مليكه عنه لأمانته في خدمته، وفوق هذا فقد كان يشعر بلذة تفوق التصور عندما يذكر أنه يهودي وأحد أفراد شعب الله الذين اتخذهم لنفسه وميَّزهم عن الشعوب الذين حولهم بأن أصبح لهم إلهًا وأصبحوا له شعبًا. فإن سجد الكثيرون لإنسان كهامان ولكنه أشرف من ذلك بكثير إذ هو لا يسجد إلا لله وحده. ليست المسألة بالمظاهر فإنها خدَّاعة ولكنها بحقائق الأمور التي لا تكذب، وليست السعادة في الغنى ولا في الشهرة ولا في النفوذ ولا في الجاه، فقد تجتمع هذه كلها لشخص ولكنه يبقى في داخله شقيًا، ولكن السعادة الحقيقية والغبطة الصحيحة في شيء واحد هو ”إرضاء الله“. وما أسعدني إذا كان الله راضيًا عني، فليس رضاؤه مما يمكن أن يُشترى بالنقود مهما كثرت، ولا يعوَّض بما تسعه الدنيا من حطام، ولكنه يرضى حقًا بالإيمان، وبدون إيمان لا يمكن إرضاؤه. إن الإيمان يُشعِر المؤمن براحة من جهة الحياة الأبدية كما أنه يُشعِره براحة من جهة الحياة الحاضرة، فلا تصغر نفوس المؤمنين عندما يرون الغير يزدهرون في مظاهرهم، بل يمتلئون ثقة بمركزهم ومقامهم ومستقبلهم أكثر من ثقة أولئك بأنفسهم. |
||||
12 - 05 - 2012, 08:23 AM | رقم المشاركة : ( 205 ) | ||||
† Admin Woman †
|
ثقة الدخول فَإِذْ لَنَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ ثِقَةٌ بِالدُّخُولِ إِلَى الأَقْدَاسِ بِدَمِ يَسُوعَ ( عب 10: 19 ) «فإذ لنا أيها الإخوة ثقة (أو جرأة أو حرية) بالدخول إلى الأقداس بدم يسوع، (عن) طريقٍ (مصنوعٍ حديثًا) حيًا كرَّسه لنا بالحجاب، أي جسده» ( عب 10: 19 ، 20). هذه ترجمة حرفية منقولة عن جرانت. نعم لنا جرأة التحرر من الخوف، جرأة التحرر من ضمير الخطايا، وما هو مصدر وسَنَد هذه الجرأة؟ إنه «دم يسوع» هو ضمان سلامتنا ونحن نطأ عتبات الأقداس. وأما الذين لم يعرفوا هذا السَنَد الوحيد «دم يسوع»، وبالتالي لم يتطهروا بدمه من نجاسات خطاياهم، فهم الرجسون والذين قيل عنهم في سفر الرؤيا «وأما الخائفون وغير المؤمنين والرجسون ... فنصيبهم في البحيرة المتقدة بنارٍ وكبريتٍ، الذي هو الموت الثاني» ( رؤ 21: 8 ). ويا له من مصير رهيب! في مطلَع الأصحاح التاسع من الرسالة إلى العبرانيين نرى تقسيمًا أو فاصلاً ضخمًا بين القدس «المَسكَن الأول» وبين قدس الأقداس «المسكن الثاني»، ونرى أن القدس بما احتواه: المنارة والمائدة وخبز الوجوه، كان وقْفًا على الكهنة الذين كانوا يصنعون الخدمة كل يوم، بحيث كان محظورًا عليهم الاقتراب إلى ما وراء الحجاب الثاني أي «قدس الأقداس» الذي كان من امتياز رئيس الكهنة أن يدخله مرة واحدة في السنة، وليس بلا دم. أَما وقد شُق الحجاب بعد موت ربنا يسوع المسيح، فقد أصبح «القدس» و «قدس الأقداس» مكانًا أو مسكنًا واحدًا يسميه العهد الجديد «الأقداس» أو «المكان المقدس». على أن هذا لا يعنى إلغاء محتويات «القدس» ذلك أن جميع هذه المحتويات تشير إلى المسيح الذي وإن صار من امتيازنا الدخول إلى الأقداس، سيظل موضوع سُبحنا وسجودنا وغبطتنا. وما الذي أجاز لنا الدخول إلى تلك الأقداس التي هي ليست من هذه الخليقة، بل هي السماء عينها، حيث دخل سيدنا ليظهر أمام وجه الله لأجلنا؟ إنه الدم الغالي الثمين الذي أعد لنا مكانًا هناك حيث دخل سيدنا، الذي أهّلنا نحن أيضًا للسجود لإلهنا بالروح منذ الآن هنا. |
||||
12 - 05 - 2012, 08:24 AM | رقم المشاركة : ( 206 ) | ||||
† Admin Woman †
|
الزارع والحاصد الذين يزرعون بالدموع يحصدون بالابتهاج. الذاهب ذهابًا بالبكاء، حاملاً مبذر الزرع، مجيئًا يجيء بالترنم حاملاً حُزَمه ( مز 126: 5 ، 6) إن سيدنا المبارك أتى إلى الأرض كالزارع العظيم وكابن الإنسان الذي زرع الزرع الجيد ( مت 13: 37 ). لقد أتى من مجد السماء حاملاً البذار الجيدة، وإذ زرع زرع بالدموع. ومَنْ يستطيع أن يصف الخدمة العجيبة التي خدمها، والطريقة التي زرع بها؟ انظر إليه عند بئر يعقوب! في حر النهار قد قطع المسافة الطويلة المُتعبة، ليزرع الزرع الجيد في قلب المرأة الخاطئة التي كان تاريخها مملوءًا بالإثم والعار. ولكن الزرع العظيم قد زرعه لما مضى إلى الصليب. رُفض الزارع المبارك الذي أعلن الله للإنسان. إن مَنْ قال «الذي رآني فقد رأى الآب» رفضه الإنسان وعلَّقه على الصليب، حيث أتم العمل الذي لأجله أتى. لقد مات ليجمع حصادًا للمجد «الحق الحق أقول لكم: إن لم تقع حبة الحنطة في الأرض وتَمُت فهي تبقى وحدها. ولكن إن ماتت تأتي بثمرٍ كثير» ( يو 12: 24 ). إنه حبة الحنطة، وجميع مَنْ آمنوا به هم الثمر الثمين لموته على الصليب، وبقوة الروح القدس الموجود على الأرض لهذا الغرض يجمع هذا الثمر. إن مَنْ زرع بالدموع يحصد الآن بالابتهاج. لما مضى إلى الصليب ليقدِّم نفسه كالذبيحة العظمى، رأى زرعه، رأى الكنيسة وكل أعضائها، وإذ أحبها أسلم نفسه لأجلها ( أف 5: 25 ). ما أعظم الفرح الذي يملأ قلبه إذ يُضم، عضو بعد عضو، إلى جسده المبارك، ومصيره أن يكون معه ويشاركه في مجده! ولكن أكثر من ذلك «مجيئًا يجيءُ بالترنم حاملاً حُزمه». سيأتي الوقت وذلك الزارع الذي زرع بالدموع، باذلاً نفسه لأجلنا، يجيءُ بالترنم حاملاً حُزَمهُ. عندئذٍ سيرى من تعب نفسه ويشبع. وما أعظم ما سنتمتع به نحن ـ ثمر تعبه ـ من مجد! سنكون عندئذٍ إلى الأبد معه، ناظرين مجده، مشتركين معه في ذلك المجد وذلك الميراث العجيب. ألا تتوق نفوسنا إلى ذلك؟ لا بد وأن هذا الشوق يملأ قلوب قديسي الله الذين يعرفون جيدًا ويحبون ظهوره. ما أكثر القلوب التي تصرخ الآن طالبةً تحقيق ذلك الوعد المعزي! ولكن لنتذكر أنه بينما يتأنى، يكون الوقت وقت زرع لنا. فلنخرج الآن، بالاتكال عليه، ونزرع بدموع المحبة، دموع الصلوات الحارة لأجل النفوس. وما أعظمه امتيازًا! |
||||
12 - 05 - 2012, 08:25 AM | رقم المشاركة : ( 207 ) | ||||
† Admin Woman †
|
كيف تصنع البر؟ فمتى صنعت صدقة فلا تُصوِّت قدامك بالبوق، كما يفعل المراؤون في المجامع وفي الأزقة، لكي يُمجَّدوا من الناس ( مت 6: 2 ) الكلمة ”مُرائي“ في اللغة اليونانية التي كُتب بها العهد الجديد تعني ”ممثل“. فالمرائي المتظاهر بالتقوى لكنه مُنكر لقوتها إنما هو يمثل دور التقي ليس إلا. إنه يعتبر كل العالم مسرحًا، وهو يقوم بالتمثيل فيه، إنه لا يظهر قط في شخصيته الحقيقية بل المُصطنعة، إنه يرتدي قناعًا يخفي تحته شخصيته الحقيقية، مع هذا الفارق الجوهري بينه وبين الممثل؛ فالممثل على المسرح لا خطورة منه، فكل الناس تعرف أنه مجرد مُمثل، أما المرائي فإنه يحاول أن يخدع الناس وذلك بالظهور أمامهم وهو يمارس صور العبادة المختلفة من صَدَقة (ع2) أو صلاة (ع5) أو صوم (ع16). ولقد استخدم الرب في هذا الجزء صورتين مجَازيتين ليوضح لنا فكره: أولاً. التصويت بالبوق، للكناية عن المشغولية بجذب أنظار الناس، لكنه يستطرد إلى ما هو أبعد وأعمق من ذلك فيقول ما معناه: ليس فقط لا تعلن عملك للآخرين، بل أيضًا لا تعلنه لنفسك. وكأنه ـ له المجد ـ بعد أن حذرنا من السعي إلى نوال مديح الناس، يحذرنا أيضًا من الإعجاب بالذات فيقول: «وأما أنت فمتى صنعت صدقة فلا تُعرِّف شمالك ما تفعل يمينك، لكي تكون صدقتُك في الخفاء» (ع3، 4). والشمال واليمين لهما بالإضافة إلى معناهما المباشر الظاهري معنى أبعد. فاليد اليمين هي العضو الذي به نعمل الأعمال، أما الشمال فهو مكان القلب. فالرب إذ يقول لا تُعرِّف شمالك ما تفعل يمينك، كأنه يقول لنا: لا تَدَع قلبك يُعجب بما تفعل. فهناك أشخاص، مع أنهم لا يعملون برهم أمام الناس، ليمدحهم الغير، إلا أنك تجدهم، بينهم وبين أنفسهم، مُعجبين بما فعلوا. ويُخبرنا الكتاب المقدس عن واحد من هؤلاء هو عوبديًا الذي على قصر أخآب. لقد عمل الخير في الخفاء مع أنبياء الرب، ويبدو أنه كثيرًا ما عرفت شماله ما فعلت يمينه، فإنه ما أن التقى بإيليا رجل الله حتى قال له: «أ لم يُخبَر سيدي بما فعلت حين قَتَلَتْ إيزابل أنبياء الرب، إذ خبأت من أنبياء الرب مئة رجلٍ ... وعُلتُهم بخبزٍ وماءٍ» ( 1مل 18: 13 ). لكن الرب يقول هنا لا تدع الناس ينشغلون بما فعلت، ولا تنشغل أنت به، بل لتكن صدقتك في الخفاء فتبرهن بذلك على أنها بدافع شفقة حقيقية على النفوس المحتاجة، ورغبة مُخلِصة لإرضاء الله وحده. |
||||
12 - 05 - 2012, 08:30 AM | رقم المشاركة : ( 208 ) | ||||
† Admin Woman †
|
يقينية المجيء الثاني خُرُوجُهُ يَقِينٌ كَالْفَجْرِ. يَأْتِي إِلَيْنَا كَالْمَطَرِ ( هو 6: 3 ) نستطيع أن نجمع من كلمة الله عدة أمور تجعل مجيء الرب الثاني أمرًا حتميًا: (1) لأن الله الآب أعلن عن رغبته وأشواقه لمجيء المسيح ليملك. فلا بد أن يجلس المسيح ويتسلط على كرسيه ( زك 6: 13 ). فأشواق الآب وغيرته على مجد الابن تحتم مجيء المسيح للـمُلك ( أع 2: 30 -35). فبعد ظهور المسيح سيكون ملكًا كبيرًا على كل الأرض ( مز 47: 7 ؛ 110: 1، 2؛ رؤ5). (2) لأن الله الابن قد وعد بهذا المجيء. كقوله لتلاميذه «آتي أَيضًا وآخذكم إِليَّ» ( يو 14: 3 ). وفى سفر الرؤيا نقرأ كثيرًا هذا القول المعزى للرب «ها أَنا آتي سرِيعًا» وهو يتكرر في رؤيا22 فقط ثلاث مرات (ع7، 12، 20). (3) لأن الله الروح القدس قد أكد على مصداقية هذا الأمر. «روح المسيحِ ... سبق فشهِد بِالآلامِ التي لِلمسيحِ والأمجاد التي بَعْدَهَا» ( 1بط 1: 11 ). (4) لأن الملائكة القديسين قد سبقوا فأنبأوا بهذا المجيء، عندما أكدوا للتلاميذ هذا الحق الجليل «إِن يسوع هذا الذي ارتفع عنكم إِلى السماءِ سيأتي هكذا كما رأَيتموه منطلقًا إِلى السماءِ» ( أع 1: 11 ). (5) لأن أُناس الله القديسين قد أعلنوا بالوحي عن مجيء الرب. فالرجاء المسيحي يملأ كل صفحات العهد الجديد. وكذلك حقيقة ظهور المسيح للـمُلك تمتلئ بها كل نبوات العهد القديم. وكل شخص يطيع الكلمة لا بد أن يصدِّق هذه الأمور المتيقنة عندنا. (6) لأن قيامة المسيح برهنت على يقينية المجيء، «لأنه أقام يومًا هو فيه مزمعٌ أَن يدين المسكونة بِالعدلِ، بِرجلٍ قد عيَّنه، مقدمًا لِلجميعِ إِيمانًا إِذ أقامه من الأموات» ( أع 17: 31 ). (7) لأنه كما تمت آلام المسيح حرفيًا، هكذا أيضًا ستتم كل أمجاد المسيح المرتبطة بالمجيء الثاني. فهناك أكثر من 300 نبوة خاصة بمجيئه الأول قد تمت حرفيًا. وهناك حوالي 2500 نبوة خاصة بمجيئه الثاني، وهذه لا بد أن تتم أيضًا حرفيًا! ( إش 53: 12 ؛ مي5: 15؛ في2: 5-11). |
||||
12 - 05 - 2012, 08:30 AM | رقم المشاركة : ( 209 ) | ||||
† Admin Woman †
|
للفجار وليس الأبرار ولكن الله بيَّن محبته لنا، لأنه ونحن بعد خطاة مات المسيح لأجلنا ( رو 5: 8 ) إن الكلمة التي استُخدمت للإتيان بي إلى المخلِّص هي رومية5: 8 «ولكن الله بيَّن محبته لنا، لأنه ونحن بعد خطاة مات المسيح لأجلنا». ولا يمكن أن أنسى العتق المصحوب بالسلام الذي جاء لقلبي عندما أشرق نور هذا الحق المجيد على نفسي وهو أن يسوع المسيح قد جاء ليس للقديسين بل للخطاة، وأن الناس الأردياء وليس الطيبون، والناس الفجار، وليس الأبرار (الذين يعتمدون على برهم الذاتي) هم الذين يقبلهم الله ويغفر لهم من أجل خاطر ذلك الفادي. حاولت جهدي سنين عديدة لأجعل نفسي قديسًا. حاولت أن أقلل من خطأي وأن أحسِّن في سيرتي على أمل أن الله يقبلني لهذا السبب ويرحمني في اليوم الأخير. ومعظم المواعظ التي سمعتها حينئذٍ كانت تؤيد هذا الفكر عندي، فالمواعظ كانت تحثني أن أكون طيبًا وأن أفعل الحَسَن وأن أستخدم وسائط النعمة وأن أقرأ الكتاب المقدس، وإذا فعلت ذلك، فالله بطريقة خفية لا أعلمها سيغفر لي باقي الخطايا التي لم تكفِّر عنها هذه الحَسَنات. أما المسيح فلم يكن فيه شيء سوى مثال حسن لنا وشفيع الرحمة لنا عند الله. فلم أسمع شيئًا عن إمكان الحصول على الخلاص والحرية في الحال، ولا أذكر أني تقابلت مع أحد نال هذه الحرية أو ذلك الخلاص. ولعلك تدرك دهشتي عندما كتبت لي إحدى قريباتي خطابًا قالت فيه إنها خلصت أثناء حضورها اجتماعًا تبشيريًا عُقد في خيمة وأن الكلمات التي قادتها إلى المخلِّص هي تلك الواردة في رومية5: 8، ثم ختمت خطابها بالقول: إن الرب يسوع يخلِّص الخطاة وليس القديسين، والفجار وليس الأبرار ... هنا يعثر تقريبًا كل شخص، فالجميع يريدون أن يحسِّنوا أنفسهم ويظنون أن الله عندئذٍ يخلِّصهم، بينما الله يخلِّص الخطاة كما هم من أجل خاطر المسيح. عندئذٍ ثارت ثائرتي وتمرَّد قلبي المتكبر ضد هذا الفكر، ولكن شيئًا فشيئًا أخضعت كبريائي وابتدأت آخذ مكاني كخاطئ فقير لا يملك شيئًا وضعيف لا قدرة له على عمل شيء. وحينئذٍ مدّ الرب إليَّ ذراع الخلاص ... آه مَن لي بصوت أقوى من صوت البوق لأنشر هذا الخبر طولاً وعرضًا، وهو أنه «ونحن بعد خطاة مات المسيح لأجلنا». |
||||
12 - 05 - 2012, 08:32 AM | رقم المشاركة : ( 210 ) | ||||
† Admin Woman †
|
نابال الأحمق قال: مَن هو داود؟ ومَن هو ابن يسى؟ .. أآخذ خبزي ومائي وذبيحي الذي ذبحت لجازيَّ وأُعطيه لقومٍ لا أعلم من أين هم؟ ( 1صم 25: 10 ، 11) كان نابال هذا إسرائيليًا، وكان يختلف جدًا في ظروفه عن داود الذي، بالرغم من كونه ملك إسرائيل الممسوح، إلا أنه لم يكن له أين يسند رأسه، بل كان يتجول من جبل إلى جبل، ويهرب من مغارة ليختبئ في أخرى. زِد على ذلك أن نابال كان أنانيًا ولا يميل إلى داود. فإذا كانت لديه بركات فإنه يحتفظ بها لنفسه، وإذا كان عظيمًا فما كان يخطر على باله أن يشارك في عظمته أحدًا، وعلى الأخص داود ورفاقه. كان داود في البرية إذ كان هناك مكانه، وكان نابال مُحاطًا بجميع تنعمات الحياة. الأول كانت له أتعابه وآلامه، والثاني كانت له ممتلكاته ومباهجه. وعمومًا نجد أنه حيثما تُستمد امتيازات من مناصب دينية، هناك توجد الأنانية. فالاعتراف بالحقائق إذا لم يكن مصحوبًا بإنكار الذات، فإنه سيرتبط بالمشغولية بالذات والأنانية. ولذلك نلاحظ أنه في يومنا الحاضر هناك روح عالمية واضحة مرتبطة بأسمى اعتراف بالحق، وهذا شر مُحزن شعر به الرسول حتى في يومه، فقال: «لأن كثيرين يسيرون ممن كنت أذكرهم لكم مرارًا، والآن أذكرهم أيضًا باكيًا، وهم أعداء صليب المسيح، الذين نهايتهم الهلاك، الذين إلههم بطنهم ومجدهم في خزيهم، الذين يفتكرون في الأرضيات» ( في 3: !8، 19). لاحظ أنهم «أعداء صليب المسيح»، فهم لا يرفضون جملة المبادئ المسيحية. إنهم لا يطرحون عنهم رداء المسيحية، بل «يسيرون» ـ أي أن لديهم قدر من الاعتراف. والأشخاص المذكورين هنا يستاءون جدًا بلا شك إذا حرمهم أحد من لقب المسيحية، وإن كانوا لا يريدون أن يحملوا صليب المسيح وليس لهم أية علاقة عملية مع المسيح المصلوب، بل يرحبون بكل شيء يحصلون عليه عن طريق المسيحية دون أية تضحية أو إنكار ذات «إلههم بطنهم ... الذين يفتكرون في الأرضيات». آه، ما أكثر أولئك الذين علقت بهم تُهمة التفكير في الأمور الأرضية! إذ من السهل الاعتراف بالمسيحية، بينما المسيح نفسه غير معروف، وصليبه مُبغَض. من السهل أن نردد اسم يسوع بالشفاه، وفي ذات الوقت نعيش لذواتنا في محبة للعالم. كل هذا مُجسَّم في شخصية نابال الأحمق البخيل، الذي إذ قد أغلق على نفسه وسط مباهجه وكمالياته وثرواته، ولم يهتم بمسيح الله، ولم يشعر بألمه في وقت مَنفاه المؤلم، وفي وقت تنقله المرير في البرية. |
||||