26 - 02 - 2018, 05:38 PM | رقم المشاركة : ( 20181 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
لنحذر من وهم وعود المسيح للنفس
+ حَيْثُ لاَ تَدْبِيرٌ يَسْقُطُ الشَّعْبُ، أَمَّا الْخَلاَصُ فَبِكَثْرَةِ الْمُشِيرِينَ (أمثال 11: 14)سلام في الرب احذروا الاندفعات الحماسية للشباب، أحياناً كثيرة يحدث خلط عند بعض الشباب ما بين صوت أنفسهم وصوت الله، لأن الشاب عموماً بينفعل ويتأثر كثيراً باندفعات نفسية غير منضبطة، لذلك فهو يحتاج لأب روحي محنك يستطيع أن يوجهه توجيهاً روحياً سليماً، لأن في بداية الطريق الروحي يحدث انفعالات عاطفية كثيرة ومن الصعوبة التامة التمييز ما بين الحركات النفسية والعاطفية المندفعة، وبين الحركات الروحية السليمة التي مصدرها الروح القدس. فعند قراءة كلمة الله دائماً المعوق الرئيسي في عدم فهمها فهماً صحيحاً هو الهياج العاطفي والمشاكل النفسية الموجودة في الإنسان، فمثلاً إنسان عنده مشاكل اجتماعية ودخله ضعيف، أو تربى في بيئة فقيرة، وبذلك تتواجد عنده مشكلة في نفسيته وهو الرغبة الجامحة في الخروج من هذا الجو الذي عاش فيه، فحينما يقرأ كلمة الله ويجد غنى إبراهيم أب الآباء أو وعد الله الأرضي لبني إسرائيل أو آيات تُشير للبركة، فأن قلبه يتعلق بها ويظن أن هذا هو وعد الله لهُ ويصلي ويتأكد في قلبه هذا الوعد، فيحيا على أمل أن يعطيه الله غنى لأن هذا هو وعده الذي وعده به، مع أن بعد فترة وفي عدم تحقيق هذا الظن يفقد الأمل بل والإيمان ويبدأ يتسائل لماذا الله لم يحقق لي وعده، ويبدأ في الشكوى إلى أن يصل لنقطة إنكار وجود الله بالتمام.فيا إخوتي انتبهوا لأن هذا يُسمى خداع النفس، لأن هذا هو الوعد الذي وعدنا هو به: الحياة الأبدية (1يوحنا 2: 25)، ولم يقل الرب أبداً ستصيروا أغنياء وأوعدكم بحياة هنيئة في الأرض، ملؤها فرح مادي وسلام واستقرار مجتمعي لا يهتز، بل بالعكس قال في العالم سيكون لكم ضيق لكن ثقوا أنا قد غلبت العالم، ولم يكن الرسل أغنياء ولا حتى شخص المسيح الرب نفسه عاش على الأرض في غنى، طبعاً الغنى في حد ذاته لا عيب ولا حرام وليس فيه أي مشكلة خالص، لكن المشكلة الحقيقية في القلب، ولا ننسى المكتوب: لا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم، أن أحب أحد العالم فليست فيه محبة الآب (1يوحنا 2: 15) فأحياناً الشاب يُريد مقتنيات كثيرة وقلبه فيها، وقبل أن يتنقى قلبه فأنه يدخل للإنجيل وفي داخل قلبه يشتهي أن ينال أشياء في العالم والقلب بطبعه نجيس ومخادع، فبشكل خداعي دون أن يدري لأنه لم يقتني بعد روح التمييز والإفراز، فأنه حينما يقرأ كلمه الله يُسقط حاجته عليها فيستمع لصوت الله حسب ظنه، ويدخل في الصلاة محمل بكل مشاكله النفسية وبالتالي يطالب بالوعد الذي وعد به نفسه، ظناً أن هذه هي مشيئة الله ويتحدث عنها بيقين، فاحذروا لأن على مر خدمتي 30 سنة شوفت هذا الأمر يتكرر بنفس ذات مشكلته بالحرف الواحد عند ناس كثيرة جداً، وفي النهاية ابتعدوا تماماً عن الله قلباً وقالباً لأنه لم يحقق هذه الوعود المزعومة، لذلك فأن مشكلة إنجيل الرخاء المنتشر عند البعض هو مقبول في الأةوساط الشبابية لأن فيه تحقيق مآرب النفس لذلك فهو مقبول عند الناس التي تتبع الله بعواطفها وتقلباتها النفسية.انا هنا لا اقصد أكتب موضوع كامل أو تفصيلي، لكن قصدت اضع إرشاد للشباب المندفع واقول ابحث عن أب روحي محنك يكون لك موجه لكي تعرف كيف تميز بين الغث والثمين، وما هو من الله وما هو من ذاتك، وابتعد عن العناد والتمسك بما هو في مخيلتك حسب ما تميل إليه نفسك، واستمع من أجل خلاصك، لأن كل ما على الأرض سيزول ولن يبقى سوى محبة الله هي التي تقودك نحو الأبدية، لأنها هي الباقية للأبد لأنها لا تسقط أبداً . |
||||
26 - 02 - 2018, 05:47 PM | رقم المشاركة : ( 20182 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
فمن كلمة الله يأتي النداء الذي يحمل الحياة كل من يستمع إليه يحيا، وكل من يحيا يتنفس فيحصل على الأكسجين اللازم لتستمر حياته ولا يدخل في حالة الاختناق، وكلمة الله هي أكسجين النفس، فأقل ابتعاد عنها (قلبياً) يؤذي الإنسان ويجعله يختنق، وكل واحد مسئول عن استقبال الكلمة، فيا اما يقرأها أو يسمعها ويهبط بها لمستوى الإنسان الطبيعي فيصير جاهلاً في الحق ولا يحيا بقوة النور الذي فيها، أو يقبلها ويخضع لها فيستنير والنور يملأ حياته ويصير حكيماً ويحيا بالتقوى ويشع منه نور الحياة فيصير شهادة لعمل الله فيه. + أَلَعَلَّ الْحِكْمَةَ لاَ تُنَادِي وَالْفَهْمَ أَلاَ يُعْطِي صَوْتَهُ؟. عِنْدَ رُؤُوسِ الشَّوَاهِقِ عِنْدَ الطَّرِيقِ بَيْنَ الْمَسَالِكِ تَقِفُ. بِجَانِبِ الأَبْوَابِ عِنْدَ ثَغْرِ الْمَدِينَةِ عِنْدَ مَدْخَلِ الأَبْوَابِ تُصَرِّحُ: «لَكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ أُنَادِي وَصَوْتِي إِلَى بَنِي آدَمَ. أَيُّهَا الْحَمْقَى تَعَلَّمُوا ذَكَاءً وَيَا جُهَّالُ تَعَلَّمُوا فَهْماً. اِسْمَعُوا فَإِنِّي أَتَكَلَّمُ بِأُمُورٍ شَرِيفَةٍ وَافْتِتَاحُ شَفَتَيَّ اسْتِقَامَةٌ. لأَنَّ حَنَكِي يَلْهَجُ بِالصِّدْقِ وَمَكْرَهَةُ شَفَتَيَّ الْكَذِبُ. كُلُّ كَلِمَاتِ فَمِي بِالْحَقِّ. لَيْسَ فِيهَا عَوَجٌ وَلاَ الْتِوَاءٌ. كُلُّهَا وَاضِحَةٌ لَدَى الْفَهِيمِ وَمُسْتَقِيمَةٌ لَدَى الَّذِينَ يَجِدُونَ الْمَعْرِفَةَ. خُذُوا تَأْدِيبِي لاَ الْفِضَّةَ. وَالْمَعْرِفَةَ أَكْثَرَ مِنَ الذَّهَبِ الْمُخْتَارِ. لأَنَّ الْحِكْمَةَ خَيْرٌ مِنَ اللّآلِئِ وَكُلُّ الْجَوَاهِرِ لاَ تُسَاوِيهَا. (أمثال 8: 1 – 11) |
||||
27 - 02 - 2018, 01:26 PM | رقم المشاركة : ( 20183 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الصوم ضبط لإرادة الإنسان الأنبا إرميا يُعد الصَّوم إحدى العقائد الأساسية فى الأديان والعبادات التى عرَفها البشر، وهو إحدى الوسائل الروحية التى يقدمها الإنسان فى عباداته؛ فقد عُرف فى «اليهودية»، و«المَسيحية»، و«الإسلام»، كما عرفته العبادات الأخرى مثل: «البوذية»، و«الكُنفوشيوسية»، و«الهندوسية»، وغيرها. والصَّوم أحد الأعمال الروحية التى يتقدم بها الإنسان إلى الله، سائلًا مراحمه، طالبًا غفرانه، تائبًا عن كل ما اقترفه من آثام وذنوب، وبينما الإنسان يقدم صومه إلى الله، يُقرنه بممارسات روحية أخرى مثل الصلاة، وبأعمال الخير والصلاح كالودّ والتسامح وتقديم الصدقات التى تنبَع من محبة ذٰلك الإنسان العميقة لله؛ فتنعكس على معاملاته نحو الآخرين بمحبة ورحمة. إلا أن هناك معتقدات خاطئة عن الصوم وأهدافه عند بعض الناس: فيعتقدون أن الصوم هو نوع من إضعاف للجسد أو تعذيبه، لكن الأمر ليس هكذا، إنما الصوم هو ضبط إرادة الإنسان من جهة الطعام؛ وبوجه خاص الأطعمة التى يحبها بشدة، إذ هو يساعد الإنسان على تدريب إرادته على الاحتمال والسيطرة على رغباته من خلال امتناعه عن الطعام والشراب فترة زمنية، ثم تناوله أطعمة لا يشتهيها، ومن ثَم يحتمل مشاعر الجوع التى يشعر بها فى أثناء صومه؛ وبذلك يتمكن من الارتفاع فوق مطالب الجسد والماديات ليُعطى اهتمامًا أكبر للروح. وهذا يجعل الصوم إحدى الوسائل الروحية التى يستعد بها الإنسان ويتدرب للسُّمو بجسده إلى مستوى روحى أعمق تنمو فيه عَلاقته بالله، ومثل هذه التدريبات تشدد عزيمته وقدرته على الاحتمال وضبط النفس، وهكذا يتمكن من ضبط أفكاره ومشاعره، فتتقوى الروح فى عَلاقة قوية عميقة بالله، وقد يزداد ثباته ضد التجارِب والمشكلات، فلا يهتز أو يضطرب، إذ يلمس أعمال الله وعنايته فى حياته. |
||||
27 - 02 - 2018, 03:06 PM | رقم المشاركة : ( 20184 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ذاك الذي فداك يظهر لك ما يريده منك أن تفعله؛ يريدك في صلاة دائمة؛ يودك أن تتأمل في قلبك البركات التي تصلي من أجلها؛ يريدك أن تسأله فتنال صلاحه الذي يشتاق أن يهبه لك. إنه لن يبخل قط ببركاته على من يصلي، لكنه برحمته يحث البشر ألا يملوا في الصلاة. تقبل تشجيع الرب لك بفرحٍ، ولترد أن تتمم ما يأمر به وأن تكف عما يمنعك عنه. أخيرًا، تأمل ما يوهب لك من امتياز مغبوط، أنك تتحدث مع الله في صلواتك، مظهرًا له احتياجاتك، فإنه يجيبك لا بكلمات وإنما برحمته، إذ هو لا يستخف بالسؤالات، وهو لا يمل إلا إن توقفت أنت. القديس يوحنا الذهبي الفم |
||||
27 - 02 - 2018, 03:07 PM | رقم المشاركة : ( 20185 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
كتب بولس إلى أهل تسالونيكي: "صلوا بلا انقطاع" (1 تس 5: 17). وفي رسائل أخرى يوصي: "مصلين بكل صلاة وطلبة كل وقت في الروح" (أف 6: 18)، "واظبوا على الصلاة ساهرين فيها" (كو 4: 2)، "مواظبين على الصلاة" (رو 12: 12). وأيضًا يعلمنا المخلص عن الحاجة إلى الصلاة الدائمة بمثابرة خلال مثل المرأة التي بلجاجتها غلبت القاضي الظالم بسؤالها المستمر. من هذا كله يتضح أن الصلاة الدائمة ليست أمرًا عارضًا بل سمة أساسية للروح المسيحي. حياة المسيحي - بحسب الرسول - مختفية في الله بالمسيح (كو 3: 3)، لذا وجب على المسيحي أن يعيش في الله على الدوام بكل فكره ومشاعره؛ وإذ يفعل هذا إنما يصلي بلا انقطاع! لقد تعلمنا أيضًا أن كل مسيحي هو "هيكل الله" فيه "يسكن روح الله" (1كو 3: 16؛ رو 8: 9). هذا الروح دائما حال فيه، ويشفع فيه، مصليًا في داخله "بأنات لا يُنطق بها" (رو 8: 26)، وهكذا يعلمه كيف يصلي بلا انقطاع. + اُذكر أن القديس باسيليوس الكبير قد أجاب على السؤال: كيف استطاع الرسل أن يصلوا بلا انقطاع؟ قائلاً أنهم في كل شيء كانوا يفعلونه يفكرون في الله، عائشين في تكريس دائم لله. هذا الحال الروحي كانت صلاتهم التي بلا انقطاع. الأب ثيوفان الناسك |
||||
27 - 02 - 2018, 03:12 PM | رقم المشاركة : ( 20186 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
اليوم الاول (الاثنين) من الاسبوع الثاني من الصوم الكبير الانجيل 1 و قال لهم ايضا مثلا في انه ينبغي ان يصلى كل حين و لا يمل 2 قائلا كان في مدينة قاض لا يخاف الله و لا يهاب انسانا 3 و كان في تلك المدينة ارملة و كانت تاتي اليه قائلة انصفني من خصمي 4 و كان لا يشاء الى زمان و لكن بعد ذلك قال في نفسه و ان كنت لا اخاف الله و لا اهاب انسانا 5 فاني لاجل ان هذه الارملة تزعجني انصفها لئلا تاتي دائما فتقمعني 6 و قال الرب اسمعوا ما يقول قاضي الظلم 7 افلا ينصف الله مختاريه الصارخين اليه نهارا و ليلا و هو متمهل عليهم 8 اقول لكم انه ينصفهم سريعا و لكن متى جاء ابن الانسان العله يجد الايمان على الارض + + + الصلاة بلجاجة (الأرملة وقاضي الظلم) سبق فأعلن السيد أن "الصليب" هو طريق الملكوت، إذ ينبغي أن يتألم ابن الإنسان ويُرفض لكي يملك فينا، هكذا ينبغي أن تتألم كنيسته وتحمل صليبه وهي تنتظر مجيئه الأخير. ربما يتساءل البعض: كيف يمكننا أن نحتمل الصليب ونقبل الآلام بفرح من أجل الملكوت؟ وقد جاءت الإجابة هنا: الصلاة كل حين! مقدمًا لنا "مثلاً في أنه ينبغي أن يُصلي كل حين ولا يُمل" [1]. + إذ تحدث ربنا عن المتاعب والمخاطر التي ستحل أضاف العلاج في الحال، أي الصلاة الدائمة بغيرة. ( الأب ثيؤفلاكتيوس ) + إن كنت لم تنل موهبة الصلاة أو التسبيح كن لجوجًا فتنلْ... لا تمِل من الانتظار، ولا تيأس من عدم نوالك، لأنك ستنال فيما بعد. (القديس أوغريس ) + لم يأمرنا أن نقيم صلاة من عشرة آلاف عبارة، لنأتي إليه لمجرد ترديدها... فنحن لا نأتي لكي نعلمه وإنما لنصارع معه، ونلتصق به بالطلب المستمر والتواضع وتذكر الخطايا. ( القديس يوحنا الذهبي الفم ) + ذاك الذي فداك يظهر لك ما يريده منك أن تفعله؛ يريدك في صلاة دائمة؛ يودك أن تتأمل في قلبك البركات التي تصلي من أجلها؛ يريدك أن تسأله فتنال صلاحه الذي يشتاق أن يهبه لك. إنه لن يبخل قط ببركاته على من يصلي، لكنه برحمته يحث البشر ألا يملوا في الصلاة. تقبل تشجيع الرب لك بفرحٍ، ولترد أن تتمم ما يأمر به وأن تكف عما يمنعك عنه. أخيرًا، تأمل ما يوهب لك من امتياز مغبوط، أنك تتحدث مع الله في صلواتك، مظهرًا له احتياجاتك، فإنه يجيبك لا بكلمات وإنما برحمته، إذ هو لا يستخف بالسؤالات، وهو لا يمل إلا إن توقفت أنت. القديس يوحنا الذهبي الفم + لا تكن الصلاة مجرد عمل لوقت معين إنما هي حالة دائمة للروح. يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: تأكد أنك لا تحد صلاتك بجزءٍ معين من اليوم. اتجه إلى الصلاة في أي وقت، كما يقول الرسول في موضع آخر: "صلوا بلا انقطاع" (1 تس 5: 17). يخبرنا الرسول أن نصلي "في الروح" (أف 6: 18)، بمعنى أن الصلاة لا تكون فقط في الخارج (بكلمات مسموعة) بل وفي الداخل، فهي عمل العقل والقلب. بهذا يكون جوهر الصلاة هو رفع العقل والقلب نحو الله. + كتب بولس إلى أهل تسالونيكي: "صلوا بلا انقطاع" (1 تس 5: 17). وفي رسائل أخرى يوصي: "مصلين بكل صلاة وطلبة كل وقت في الروح" (أف 6: 18)، "واظبوا على الصلاة ساهرين فيها" (كو 4: 2)، "مواظبين على الصلاة" (رو 12: 12). وأيضًا يعلمنا المخلص عن الحاجة إلى الصلاة الدائمة بمثابرة خلال مثل المرأة التي بلجاجتها غلبت القاضي الظالم بسؤالها المستمر. من هذا كله يتضح أن الصلاة الدائمة ليست أمرًا عارضًا بل سمة أساسية للروح المسيحي. حياة المسيحي - بحسب الرسول - مختفية في الله بالمسيح (كو 3: 3)، لذا وجب على المسيحي أن يعيش في الله على الدوام بكل فكره ومشاعره؛ وإذ يفعل هذا إنما يصلي بلا انقطاع! لقد تعلمنا أيضًا أن كل مسيحي هو "هيكل الله" فيه "يسكن روح الله" (1كو 3: 16؛ رو 8: 9). هذا الروح دائما حال فيه، ويشفع فيه، مصليًا في داخله "بأنات لا يُنطق بها" (رو 8: 26)، وهكذا يعلمه كيف يصلي بلا انقطاع. + اُذكر أن القديس باسيليوس الكبير قد أجاب على السؤال: كيف استطاع الرسل أن يصلوا بلا انقطاع؟ قائلاً أنهم في كل شيء كانوا يفعلونه يفكرون في الله، عائشين في تكريس دائم لله. هذا الحال الروحي كانت صلاتهم التي بلا انقطاع. الأب ثيوفان الناسك قدم السيد المسيح مثل الأرملة وقاضي الظلم ليحثنا على الصلاة الدائمة، "كان في مدينة قاضٍ لا يخاف الله، ولا يهاب إنسانًا. وكان في تلك المدينة أرملة، وكانت تأتي إليه، قائلة: انصفني من خصمي. وكان لا يشاء إلى زمان، ولكن بعد ذلك قال في نفسه: وإن كنت لا أخاف الله، ولا أهاب إنسانًا. فإني لأجل أن هذه الأرملة تزعجني أنصفها لئلا تأتي دائمًا فتقمعني. وقال الرب: اسمعوا ما يقول قاضي الظلم. أفلا ينصف الله مختاريه الصارخين إليه نهارًا وليلاً وهو متمهل عليهم؟! أقول لكم إنه ينصفهم سريعًا، ولكن متى جاء ابن الإنسان ألعله يجد الإيمان على الأرض؟!" [2-8]. هكذا يحثنا السيد المسيح على الصلاة الدائمة بلا ملل، النابعة عن الإيمان بالله مستجيب الصلوات، لذا يعلن أنه في أواخر الدهور إذ يجحد الكثيرون الإيمان وتبرد المحبة تتوقف أيضا الصلاة، فيفقد الإنسان صلته وصداقته مع الله. هذا هو ما عناه بقوله "ألعله يجد الإيمان على الأرض؟!"، معلنًا حزنه على البشرية المحرومة من الصداقة الإلهية. + فصل الإنجيل المقدس يبنينا في الالتزام بالصلاة والإيمان، بعدم اتكالنا على ذواتنا بل على الرب. أي تشجيع على الصلاة أكثر من مثل القاضي الظالم المُقدم لنا؟ فإن القاضي الظالم وهو لا يخاف الله ولا يهاب إنسانًا إلا أنه يصغي إلي الأرملة التي تسأله، مغلوبًا بلجاجتها وليس باللطف. إن كان قد سمع طلبتها ذاك الذي يكره أن يسأله أحد، فكم يسمع لنا نحن ذاك الذي يحثنا أن نسأله؟! بالمقارنة العكسية إذ يعلمنا الرب أنه "ينبغي أن يُصلي كل حين ولا يمل" يضيف قائلاً: "ولكن متى جاء ابن الإنسان ألعله يجد الإيمان على الأرض؟!" إن سقط الإيمان بطلت الصلاة، لأنه من يصلي لمن لا يؤمن به؟ لذلك عندما حث الرسول الطوباوي على الصلاة، قال: "لأن كل من يدعو باسم الرب يخلص" (رو 10: 13). ولكي يظهر أن الإيمان هو ينبوع الصلاة أكمل قائلاً: "فكيف يدعون بمن لم يؤمنوا به؟!" (رو 10: 14). كي نصلي يلزمنا أن نؤمن ولكي لا يضعف ذلك الإيمان الذي به نصلي فلنصلِ. الإيمان يفيض صلاة، وفيض الصلاة يقوي الإيمان. أقول، إن الإيمان يفيض صلاة، وفيض الصلاة يهب قوة الإيمان عينه. فلكي لا يضعف الإيمان أثناء التجربة قال الرب: "اسهروا (قوموا) وصلوا لئلا تدخلوا في تجربة" (22: 46)... ماذا يعني "تدخلوا في تجربة" إلا ترك الإيمان؟ فالتجربة تشتد برحيل الإيمان، وتنتهي بنمو الإيمان... ولكي تعرفوا أيها الأحباء بأكثر وضوح أن الرب بقوله: "اسهروا وصلوا لئلا تدخلوا في تجربة" يقصد ألا يضعف الإيمان ويهلك، يقول في نفس الموضع في الإنجيل: "هوذا الشيطان طلبكم لكي يغربلكم كالحنطة، ولكني طلبت من أجلك لكي لا يفنى إيمانك" (22: 31-32). ذاك الذي يحمي (إيماننا يصلي) أفلا يصلي ذاك الذي يتعرض للخطر؟ في كلمات الرب: "ولكن متى جاء ابن الإنسان ألعلّه يجد الإيمان على الأرض؟! [8]، يتحدث عن الإيمان الكامل، إذ يكون نادرًا على الأرض.( القديس أغسطينوس ) + ينبوع كل بركة هو المسيح "الذي صار لنا حكمة من الله" (1 كو 1: 30)، إذ فيه صرنا حكماء وامتلأنا بالمواهب الروحية. الآن من كان متزن العقل يؤكد أن معرفة هذه الأشياء التي فيها نتقدم بكل وسيلة بالحياة المقدسة السامية والنمو في الفضيلة إنما هي عطية من الله، يتأهل الإنسان للفوز بها. إننا نجد إنسانًا يسأل الله، قائلاً: "اظهر لي يا رب طرقك، علمني سبلك" (مز 24: 4). عديدة هي السبل التي تقودنا إلى الأمام نحو الحياة غير الفاسدة... لكنه يوجد سبيل واحد على وجه الخصوص نافع لكل السالكين فيه وهو الصلاة. لقد حرص المخلص نفسه أن يعلمنا إياه، مقدمًا لنا المثل الموضوع أمامنا كي نجاهد في الصلاة، إذ قيل: "وقال لهم أيضًا مثلاً في أنه ينبغي أن يصلى كل حين ولا يُمل" [1]. إنني أؤكد أنه من واجب من يكرسون حياتهم للخدمة ألا يتراخوا في صلواتهم، ولا يحسبونها واجبًا ثقيلاً ومرهقًا، بل بالحري يفرحوا من أجل الحرية التي يهبها الله لهم، فإنه يريدنا أن نتحدث معه كأبناء مع أبيهم. ألا يُعتبر هذا فضلاً يستحق منا كل تقدير؟ لو بلغ إلينا إنسان عظيم ذو سلطان أرضي وسمح لنا أن نتحدث معه بكامل الحرية، أما نحسب هذا سببًا لائقًا للفرح العظيم؟! فلماذا نشك إن كان الله يسمح لكل واحدٍ منا أن يوجه حديثه له كيفما شاء، مقدمًا للذين يخافونه كرامة عظيمة كهذه، يتأهلون لنوالها؟! لنبطل كل كسل هذا الذي يجعل الناس يمارسون الصمت الضار عن الصلاة، ولنقترب بالحري إليه بالمديح والفرح إذ نلنا وصية أن نتحدث مع رب الكل وإله الجميع، ولنا المسيح شفيعًا يهبنا مع الآب تحقيق طلباتنا. يكتب بولس الطوباوي: "نعمة لكم وسلام من الله أبينا والرب (وربنا) يسوع المسيح" (2 كو 1: 2). بل والمسيح نفسه يقول لرسله القديسين: "إلى الآن لم تطلبوا شيئًا باسمي، اطلبوا تأخذوا" (يو 16: 24). إنه شفيعنا، إنه كفارة عنا، إنه معزينا، واهبنا كل سؤالاتنا. من واجبنا أن نصلي بلا انقطاع ككلمات الطوباوي بولس (1 تس 5: 7)، وكما هو معروف لنا حسنًا ومؤكد لنا ان ذاك الذي نقدم له سؤلاتنا قادر أن يحقق لنا كل شيء. لقد قيل: "ليطلب بإيمان غير مرتاب البتة، لأن المرتاب يشبه موجًا من البحر تخبطه الريح وتدفعه، فلا يظن ذلك الإنسان أنه ينال شيئًا من عند الرب" (يع 1: 6-7). فمن هو مرتاب يرتكب بالحق سخرية، فإن كنت لا تؤمن أنه يقترب إليك ويبهجك ويتمم طلبتك لا تقترب إليه بالكلية، لئلا تُوجد متهمًا القدير بكونك في غباوة مرتابًا. إذن لنتجنب هذا المرض الدنيء (الارتياب). الله ينصت للذين يقدمون له صلواتهم لا بتراخٍ أو إهمالٍ بل بجديةٍ واستمرارية، هذا ما يؤكد لنا المثل الماثل بيننا. فإن كان مجيء الأرملة المظلومة قد غلب القاضي الظالم الذي لا يخاف الله ولا يهاب إنسانًا، حتى وهبها طلبتها بغير إرادته، أفليس ذاك الذي يحب الرحمة ويكره الظلم، الذي يمد يده على الدوام لمحبيه، يقبل الذين يقتربون إليه ليل نهار، وينتقم لهم بكونهم مختاريه؟ v لكن، ربما يقول قائل: هوذا المسيح يقول لرسله القديسين: "أحبوا أعدائكم، صلوا لأجل الذين يسيئون إليكم"، فكيف نصرخ ضدهم (نطلب النقمة) دون أن نحتقر الوصية الإلهية؟... عندما تُرتكب معاصي ضدنا شخصيًا، فلنحسب ذلك مجدًا لنا أن نغفر لهم، فنمتلئ حبًا مشتركًا، ونقتدي بالآباء القديسين، حتى وإن ضربونا أو سخروا بنا. نعم حتى وإن مارسوا كل أنواع العنف ضدنا، إذ يليق بنا أن نتحرر من كل عيب، ونسمو فوق الغضب والحقد. مثل هذا المجد يليق بالقديسين ويفرح الله. ولكن إن كانت خطية موجهة ضد مجد الله (كالبدع والهرطقات ومقاومة الكرازة بالحق)، فلنقترب من الله ونسأله معونته ونصرخ ضد مقاومي مجده، كما فعل العظيم موسى، إذ قال: "قم يا رب، فلتتبدد أعداؤك، ويهرب مبغضوك من أمامك" (عد 10: 35). كذلك الصلاة التي نطق بها الرسل القديسون... "أنظر إلى تهديداتهم"، بمعنى أبطل مقاومتهم وهب لعبيدك الحرية أن ينطقوا بكلمتك. ( القديس كيرلس الكبير ) + إننا نجد أيضًا الشهداء في رؤيا يوحنا (6: 10) يطلبون الانتقام مع أنه قد طُلب منا صراحة أن نصلي لأجل أعدائنا ومضطهدينا... لنفهم أن الشرير يهلك بطريقين: إما بتحوله إلى البرّ (فيهلك شره) أو بمعاقبته إن فقد فرصة التوبة. فإنه حتى لو تحول كل البشر إلى الله فسيبقى الشيطان مُدانًا حتى النهاية. إذن فالأبرار يطلبون الحياة العتيدة، وليس باطلاً يسألون النقمة. (القديس أغسطينوس ) بمعنى آخر إن كانت هذه الأرملة تمثل الكنيسة كما تمثل كل عضو فيها، فإنها لا تطلب النقمة من الأشخاص بروح البغض والانتقام، إنما تطلب هلاك الشر من حياة الأشرار بقبولهم الإيمان، أو تطلب انقضاء الدهر حيث ينال أولاد الله الميراث ويُلقى عدو الخير وجنوده في الهلاك الأبدي. + + + |
||||
27 - 02 - 2018, 03:16 PM | رقم المشاركة : ( 20187 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
القديس كيرلس الكبير [لقد اقترب وتظاهر بالحديث اللطيف، إذ دعاه معلمًا ووصفه صالحًا، وقدم نفسه كمن يشتهي التلمذة له، إذ قال: "ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية؟" لاحظ كيف مزج التملق بالخداع والخبث كمن يمزج الإفسنتين بالعسل، حاسبًا أنه بهذا يقدر أن يخدعه. عن مثل هؤلاء قال أحد الأنبياء القديسين: "لسانهم سهم قتال بالغش؛ بفمه يكلم صاحبه بسلام وفي نفسه عداوة" (أر 9: 8). وأيضًا يقول المرتل الحكيم عنهم: "فمهم مملوء لعنة ومرارة" (مز 10: 7)، وأيضًا: "ألين من الزيت كلماته وهي سيوف (حراب)" (مز 55: 21). لقد داهن يسوع، وحاول أن يخدعه، مظهرًا أنه خاضع له. لكن العالم بكل شيء أجاب: "لماذا تدعونني صالحًا؟ ليس أحد صالحًا إلا واحد وهو الله"، إذ مكتوب: "الأخذ الحكماء بحيلتهم" (أي 5: 13). ها أنت ترى كيف برهن السيد أن (الشاب) لم يكن حكيمًا ولا متعلمًا مع أنه رئيس لليهود (لو 18: 18). كأنه يقول له: أنت لا تؤمن إني الله، وارتدائي للجسد قد ضللك، فلماذا تنعتني بما يليق بالطبيعة العلوية وحدها مع أنك لا تزال تحسبني إنسانًا مثلك، وليس أعظم من الطبيعة البشرية؟ فإن الله وحده بطبيعته التي تسمو على الكل يُنسب إليه الصلاح بالطبيعة، الصلاح غير المتغير. أما الملائكة ونحن الذين على الأرض فصالحون بتمثلنا به أو بالحري بشركتنا معه... هو بالحق صالح، صالح مطلقًا، أما الملائكة والبشر فصالحون بكونهم خلقوا هكذا مشاركين في صلاح الله كما قلت... على أي الأحوال كأنه يقول له: أبدو لك إني لست حقًا الله، وها أنت بجهل وغباوة تنسب لي ما يخص الطبيعة الإلهية، في الوقت الذي فيه تحسبني إنسانًا مجردًا، الكائن الذي لا ينسب له الصلاح كطبيعة غير متغيرة، إنما يقتنيه حسب الإرادة الإلهية.] |
||||
27 - 02 - 2018, 03:21 PM | رقم المشاركة : ( 20188 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
اليوم الثاني (الثلاثاء) من الاسبوع الثاني من الصوم الكبير الانجيل 17 و فيما هو خارج الى الطريق ركض واحد و جثا له و ساله ايها المعلم الصالح ماذا اعمل لارث الحياة الابدية 18 فقال له يسوع لماذا تدعوني صالحا ليس احد صالحا الا واحد و هو الله 19 انت تعرف الوصايا لا تزن لا تقتل لا تسرق لا تشهد بالزور لا تسلب اكرم اباك و امك 20 فاجاب و قال له يا معلم هذه كلها حفظتها منذ حداثتي 21 فنظر اليه يسوع و احبه و قال له يعوزك شيء واحد اذهب بع كل ما لك و اعط الفقراء فيكون لك كنز في السماء و تعال اتبعني حاملا الصليب 22 فاغتم على القول و مضى حزينا لانه كان ذا اموال كثيرة 23 فنظر يسوع حوله و قال لتلاميذه ما اعسر دخول ذوي الاموال الى ملكوت الله 24 فتحير التلاميذ من كلامه فاجاب يسوع ايضا و قال لهم يا بني ما اعسر دخول المتكلين على الاموال الى ملكوت الله 25 مرور جمل من ثقب ابرة ايسر من ان يدخل غني الى ملكوت الله 26 فبهتوا الى الغاية قائلين بعضهم لبعض فمن يستطيع ان يخلص 27 فنظر اليهم يسوع و قال عند الناس غير مستطاع و لكن ليس عند الله لان كل شيء مستطاع عند الله + + + الغني والتبعية للمسيح هكذا تتكشف ملامح الطريق الجديد في بساطته أيضًا لغير الروحيين، إذ هو طريق المسيح المصلوب، وصيته تبدو صعبة تحمل في أعين الجسدانيين حرمانًا، ودعوته تحتضن الأطفال المحتقرين - في ذلك الحين - وتدعونا للطفولة في بساطتها ونقاوتها، والآن إذ يلتقي به شاب غني ارتبط قلبه بثروة هذا العالم حرمه هذا الثقل من العبور مع السيد خلال باب الحب للدخول إلى الطريق الضيق. فالغنى في ذاته ليس شرًا، لكنه يمثل ثقلاً للنفس المتعلقة به، يفقدها حياتها وينزعها عن الالتصاق بمخلصها. يروي لنا الإنجيلي قصة هذا اللقاء، فيقول: "وفيما هو خارج إلى الطريق ركض واحد وجثا له، وسأله: أيها المعلم الصالح، ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية؟ فقال له يسوع: لماذا تدعوني صالحًا، ليس أحد صالحًا إلا واحد وهو الله. أنت تعرف الوصايا: لا تزن، لا تقتل، لا تسرق، لا تشهد بالزور، لا تسلب، أكرم أباك وأمك" [17-19]. خرج السيد المسيح إلى الطريق ليجد الشاب الغني المُمسك بحب المال هناك، فمع غناه يوجد في الطريق كمن محتاج يطلب شبعًا ولا يجد. شعر الشاب بالجوع والعطش فركض مسرعًا نحو السيد وجثا له وسأله: "أيها المعلم الصالح ماذا أعمل لأرث الحياة الصالحة؟" وإذ كان الشاب لم يدرك بعد أنه المسيح ابن الله، عاتبه السيد: "لماذا تدعوني صالحًا، ليس أحد صالحًا إلا واحد وهو الله!" إنه لم ينف عن نفسه الصلاح فقد دعا نفسه الراعي الصالح (يو 10: 11؛ لو 2: 15)، لكنه يرفض أن يلقبه الشاب هكذا ظنًا أنه لقب للتفخيم كعادة اليهود في معاملاتهم مع القيادات الدينية، ينعتوهم بصفات خاصة بالله نفسه. وكأنه أراد من الشاب أن يراجع حساباته الداخلية من جهة إيمانه به، وثانيًا ألا يستخدم الألفاظ الخاصة بالله لتكريم الإنسان. يقول القديس أمبروسيوس: [عندما قال: "أيها المعلم الصالح"، قالها بمعنى الصلاح الجزئي لا المطلق مع أن صلاح الله مطلق وصلاح الإنسان جزئي، لذا أجابه الرب: لماذا تدعوني صالحًا، وأنت تنكر إني أنا الله؟ لماذا تدعونني صالحًا والله وحده هو الصالح؟ لم ينكر الرب أنه صالح، بل يشير إلى أنه هو الله... إن كان الآب صالحًا فذاك أيضًا صالح، لأن كل ما للآب فهو له (يو 17: 10)... أليس صالحًا من يدبر صلاح النفس التي تطلبه؟ أليس صالحًا من يشبع بالخير عمرك (مز 103: 5)؟ أليس صالحًا من قال "أنا هو الراعي الصالح"؟ (يو 10: 11).] ويقول القديس كيرلس الكبير: [لقد اقترب وتظاهر بالحديث اللطيف، إذ دعاه معلمًا ووصفه صالحًا، وقدم نفسه كمن يشتهي التلمذة له، إذ قال: "ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية؟" لاحظ كيف مزج التملق بالخداع والخبث كمن يمزج الإفسنتين بالعسل، حاسبًا أنه بهذا يقدر أن يخدعه. عن مثل هؤلاء قال أحد الأنبياء القديسين: "لسانهم سهم قتال بالغش؛ بفمه يكلم صاحبه بسلام وفي نفسه عداوة" (أر 9: 8). وأيضًا يقول المرتل الحكيم عنهم: "فمهم مملوء لعنة ومرارة" (مز 10: 7)، وأيضًا: "ألين من الزيت كلماته وهي سيوف (حراب)" (مز 55: 21). لقد داهن يسوع، وحاول أن يخدعه، مظهرًا أنه خاضع له. لكن العالم بكل شيء أجاب: "لماذا تدعونني صالحًا؟ ليس أحد صالحًا إلا واحد وهو الله"، إذ مكتوب: "الأخذ الحكماء بحيلتهم" (أي 5: 13). ها أنت ترى كيف برهن السيد أن (الشاب) لم يكن حكيمًا ولا متعلمًا مع أنه رئيس لليهود (لو 18: 18). كأنه يقول له: أنت لا تؤمن إني الله، وارتدائي للجسد قد ضللك، فلماذا تنعتني بما يليق بالطبيعة العلوية وحدها مع أنك لا تزال تحسبني إنسانًا مثلك، وليس أعظم من الطبيعة البشرية؟ فإن الله وحده بطبيعته التي تسمو على الكل يُنسب إليه الصلاح بالطبيعة، الصلاح غير المتغير. أما الملائكة ونحن الذين على الأرض فصالحون بتمثلنا به أو بالحري بشركتنا معه... هو بالحق صالح، صالح مطلقًا، أما الملائكة والبشر فصالحون بكونهم خلقوا هكذا مشاركين في صلاح الله كما قلت... على أي الأحوال كأنه يقول له: أبدو لك إني لست حقًا الله، وها أنت بجهل وغباوة تنسب لي ما يخص الطبيعة الإلهية، في الوقت الذي فيه تحسبني إنسانًا مجردًا، الكائن الذي لا ينسب له الصلاح كطبيعة غير متغيرة، إنما يقتنيه حسب الإرادة الإلهية.] إذ سأله الشاب عن الحياة الأبدية وجهه السيد إلى الوصايا، قائلاً: "أنت تعرف الوصايا: لا تزن، لا تقتل، لا تشهد بالزور، لا تسلب، أكرم أباك وأمك" [18-19]؛ فإننا لا نستطيع التمتع بالحياة الأبدية خارج الوصية الإلهية. لقد جاءت إجابة السيد المسيح على خلاف ما توقع هذا الشاب رئيس مجمع يهودي، إذ يقول القديس كيرلس الكبير: [توقع رئيس المجمع أن يسمع المسيح يقول: كُف يا إنسان عن كتابات موسى، أترك الظل، فإنها كانت رموزًا ليس إلا، واقترب بالحري إلى وصاياي، التي أقدمها بالإنجيل. لكنه لم يجب هكذا إذ أدرك بمعرفته الإلهية غاية ذاك الذي جاء ليجربه. فكما لو لم تكن له وصايا أخرى بجانب الوصايا التي أعطيت لموسى أرسل إليهم (المجمع) الرجل (الرئيس) قائلاً له: "أنت تعرف الوصايا"، ولئلا يظن أنه يتحدث عن وصايا خاصة به عدّد الوصايا الواردة في الناموس، قائلاً: "لا تزن، لا تقتل، لا تشهد بالزور".] على أي الأحوال إذ بحكمة أجابه السيد حتى لا يتصيد هذا الرئيس الشاب على السيد أنه كاسر للناموس، فإنه في نفس الوقت سحبه نحو الوصية الإلهية كمصدر للتمتع بالحياة الأبدية. وكما يقول القديس مرقس الناسك أن السيد المسيح نفسه مختفي في الوصية فمن يمارسها عمليًا يكشفه داخلها. بمعنى آخر إن كانت الحياة الأبدية هي تمتع بالمسيح "الحياة" عينها، فإننا نلتقي به عمليًا متى آمنا به خلال دخولنا إلى أعماق الوصية لنجده سّر تقدسينا ونقاوتنا وحياتنا. أعلن الشاب أنه قد حفظ الوصايا منذ حداثته فأحبه المسيح، وكما يقول العلامة أوريجينوس: [لقد أحبه أو قبّله، مظهرًا تثبيت الحق في عمله بقول الشاب أنه حفظها كلها... إذ رآه قد أجاب بضمير صالح.] ربما يتساءل البعض كيف يحب إنسانًا أو يقّبله وهو يعلم أنه لا يتبعه؟ نجيب على هذا أنه أحب فيه البداية الحسنة لكنه لا يحب انحرافه فيما بعد. أحب فيه ما استحق أن يُحب ليدفعه لما هو أعظم، لكن ليس إلزامًا ولا قهرًا، إنما بكامل حريته. لقد أحبه وقدم له الوصية التي تبلغ به إلى الكمال: "يعوزك شيء واحد. اذهب بع كل مالك، وأعطِ الفقراء، فيكون لك كنز في السماء. وتعال اتبعني حاملاً الصليب" [21]. من تعليقات الآباء على قول السيد بخصوص ترك محبة العالم وحمل الصليب: + حسنًا قال "يكون لك كنز" ولم يقل "حياة أبدية"، أنه يتحدث في أمر الغنى وتركه، مظهرًا أنه يتمتع بما هو أعظم مما ترك بقدر ما السماء أعظم من الأرض. القديس يوحنا الذهبي الفم + ليس من انطلقت في نفسه وفي عظامه محبة المسيح ويقدر أن يحتمل قذارة الشهوة المرذولة... ليس من سُبى عقله بحُسن رب الكل يقدر أن يسبيه شيء من هذا العالم بشهواته. + الذين ذاقوا عظمة حلاوته صاروا مبغضين كل نعيم. + كمال الوصايا هو الصليب، يعني نسيان شهوات العالم وإهمالها، مع اشتياق وتلهف وحب للرحيل، كقول القديس بولس: "لي اشتهاء أن انطلق وأكون مع المسيح، ذاك أفضل جدًا" (في 1: 23). (القديس يوحنا سابا ) أمام هذه الوصية الإلهية وقف الشاب متعثرًا... فقد رأى طريق السيد المسيح صعبًا، لأن محبته للمال قد حرمته من الدخول، إذ يقول الإنجيلي: "فاغتم على القول، ومضى حزينًا، لأنه كان ذا أموالٍ كثيرةٍ" [22]. تألم السيد المسيح لهذا المنظر حين رأى أمور هذا العالم التي خلقها الله للإنسان كي يستعملها استعملته هي لحسابها عبدًا، وعِوَض أن تسنده أذلت قلبه، وربطته في شباك التراب وفخاخه، لهذا "نظر يسوع حوله، وقال لتلاميذه: ما أعسر دخول ذوي الأموال إلى ملكوت الله" [23]. إذ تحير التلاميذ "قال لهم: يا بني، ما أعسر دخول المتكلين على الأموال إلى ملكوت الله. مرور جمل من ثقب إبرة أيسر من أن يدخل غني إلى ملكوت الله" [24-25]. لقد كشف لهم أن العيب لا في الغنى إنما في القلب المتكل على الغنى! v قال الرب هذا لتلاميذه الفقراء الذين لا يملكون شيئًا ليعلمهم ألا يخجلوا من فقرهم، مبررًا لهم لماذا لم يسمح لهم أن يملكوا شيئًا. ( القديس يوحنا الذهبي الفم ) يقدم لنا القديس أمبروسيوس تفسيرًا رمزيًا لكلمات السيد المسيح: "مرور جمل من ثقب إبرة أيسر من أن يدخل غني إلى ملكوت الله" بالقول بأن الجمل يشير إلى شعوب الأمم (إش 30: 6) وثقب الإبرة يشير إلى طريق الصليب الضيق، وكأن دخول الأمم خلال طريق السيد المسيح الضيق لهو أيسر من دخول الأمة اليهودية التي تمثل الغنى من جهة تمتعها بالناموس والآباء والأنبياء والوعود الخ. إلى ملكوت الله! ويرى القديس كيرلس الكبير أن كلمة "جمل" هنا تشير إلى الحبال السميكة التي يستخدمها البحارة في السفن، هذه التي لا يمكن أن تدخل في ثقب إبرة. إذ سمع التلاميذ كلمات السيد المسيح "بهتوا إلى الغاية، قائلين بعضهم لبعض: فمن يستطيع أن يخلص؟ فنظر إليهم يسوع وقال: عند الناس غير مستطاع، ولكن ليس عند الله، لأن كل شيء مستطاع عند الله" [26-27]. لقد أدرك التلاميذ صعوبة الطريق بسبب إغراءات المال، لكن رب المجد كشف لهم أنه ليس شيء غير مستطاع لدى الله، فإن كان يسمح لأحد بالغنى، فإنه يقدر بنعمته أن يحول هذا الغنى للخير، كما حوّل غنى إبراهيم ويوسف وغيرهما لمجده. الحاجة إلى واحد، الله الذي يسند النفس، ويجتذبها من كل حبال الشر، ويهبها إمكانية العمل لحساب مملكة الله. يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [سبب قوله أن الله هو العامل، الكشف عن أن من يضعه الله في هذا الطريق (الغنى) يحتاج إلى نعمة عظيمة، مظهرًا أنه ستكون المكافأة عظيمة للغني الذي يتبع التلمذة للمسيح.] + + + |
||||
27 - 02 - 2018, 03:22 PM | رقم المشاركة : ( 20189 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
اليوم الثالث (الاربعاء) من الاسبوع الثاني من الصوم الكبير الانجيل 32 و اما يسوع فدعا تلاميذه و قال اني اشفق على الجمع لان الان لهم ثلاثة ايام يمكثون معي و ليس لهم ما ياكلون و لست اريد ان اصرفهم صائمين لئلا يخوروا في الطريق 33 فقال له تلاميذه من اين لنا في البرية خبز بهذا المقدار حتى يشبع جمعا هذا عدده 34 فقال لهم يسوع كم عندكم من الخبز فقالوا سبعة و قليل من صغار السمك 35 فامر الجموع ان يتكئوا على الارض 36 و اخذ السبع خبزات و السمك و شكر و كسر و اعطى تلاميذه و التلاميذ اعطوا الجمع 37 فاكل الجميع و شبعوا ثم رفعوا ما فضل من الكسر سبعة سلال مملوءة 38 و الاكلون كانوا اربعة الاف رجل ما عدا النساء و الاولاد + + + تحنّنه على طالبيه إذ التفَّت الجماهير حوله ليمكثوا معه ثلاثة أيام، لم ينتظر التلاميذ أن يسألوه أن يصرف الجموع لكي يمضوا إلى القرى، ويبتاعوا طعامًا كما حدث قبلاً (مت 14: 15) إنّما استدعاهم ليقدّم خلالهم لشعبه احتياجاتهم حتى الجسديّة؛ ربّما لأن الشعب في هذه المرة لم يشعر بالجوع بسبب بقائهم مدة طويلة يستمعون كلماته المشبعة، أو لأن التلاميذ اختبروه قبلاً في إشباعهم. + + + |
||||
27 - 02 - 2018, 03:37 PM | رقم المشاركة : ( 20190 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
لنحترم كلمة الله ونوقرها جداً على مستوى العهدين
مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ، إِذْ لَنَا هَذِهِ الْخِدْمَةُ كَمَا رُحِمْنَا، لاَ نَفْشَلُ. بَلْ قَدْ رَفَضْنَا خَفَايَا الْخِزْيِ، غَيْرَ سَالِكِينَ فِي مَكْرٍ، وَلاَ غَاشِّينَ كَلِمَةَ اللهِ، بَلْ بِإِظْهَارِ الْحَقِّ، مَادِحِينَ أَنْفُسَنَا لَدَى ضَمِيرِ كُلِّ إِنْسَانٍ قُدَّامَ اللهِ. وَلَكِنْ إِنْ كَانَ إِنْجِيلُنَا مَكْتُوماً، فَإِنَّمَا هُوَ مَكْتُومٌ فِي الْهَالِكِينَ، الَّذِينَ فِيهِمْ إِلَهُ هَذَا الدَّهْرِ قَدْ أَعْمَى أَذْهَانَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لِئَلاَّ تُضِيءَ لَهُمْ إِنَارَةُ إِنْجِيلِ مَجْدِ الْمَسِيحِ، الَّذِي هُوَ صُورَةُ اللهِ. (2كورنثوس 4: 1 – 4) فالكتاب المقدس لم يكن صناعة وصياغة الناس بهدف وضع تعاليم للرقي الإنساني، أو وضع مبدأ نسير عليه، لكنه وضع بالروح القدس لا بغرض المعرفة في حد ذاتها ولا بهدف أن نحيا كأُناس متعلمين قليل أو كثير من المبادئ السامية، أو نصير بحيثه في الكتب وعلماء فيها، لكن كُتب بغرض الإيمان (الإيمان بالخبر والخبر بكلمة الله - رومية 10: 17)، والإيمان هنا يختص بالله القدير للدخول في شركة حقيقية معه في واقعنا الإنساني المُعاش، لنرتقي للمستوى السماوي وندخل للحضرة الإلهية، لأنه متى ضاع منا هذا الهدف فأنه سيتجرد (الكتاب المقدس كله) من معناه ليصير مجرد مبدأ أو فلسفة فكر عميق نختلف في تفسيره وشرحه، وندخل في متاهة المفسرين والشراح، ونتساءل هل أحداثه تعتبر اسطورية أم حقيقية وفيها مبالغات القصد منها التعليم، لأن كثير من الأحداث فيها معجزات لا يتقبلها علم ولا فكر إنسان، وهكذا نبدأ نتصارع ما بين الحرف والرمز، ونخرج خارج الهدف مبتعدين عن القصد والتدبير الإلهي، وهذه مصيبة العلم والفكر الذي جعل كلمة الله تحت المجهر بحجة الدفاع عنها وتنوير العقول.لنحترم كلمة الله ونوقرها جداً على مستوى العهدين يا إخوتي انتبهوا وافهموا واستوعبوا سرّ الكتاب المقدس،لأنه فوق إمكانيات الإنسان الطبيعي، لأن الإنسان بعد السقوط أُصيب عقلة بالظلمة، ولم يعد يعي الإلهيات ويدرك قوتها، لأن بسبب السقوط أظلم العقل ودخلت الجهالة الروحية للإنسان، وصار يعتمد على المدركات الحسية واضعاً كل شيء تحت المجهر ليحلله ليتناسب مع عقليته، فضاعت منه بركة الله والحس الروحي انطفأ فيه، ولم يعد يدرك قوة الحياة المتدفقة من كلمة الله، فابتعد عنها بعيداً وانعزل قلبه تماماً عن الله ولم يعد يتذوق الوجود في حضرته كإله حي وحضور مُحيي. فالإنسان الطبيعي الذي يحيا في إنسانيته العتيقةدائماً ما يضع كل شيء تحت الفحص للفهم والاستيعاب، طبعاً هذا مشروع في كل ما يختص بالحياة على الأرض، لكنه لا ينفع ابداً مع كلمة الله، لأنها في الأساس سماوية مصدرها الله الحي القدير، لأنه هو منبعها، فهي تأتي من فوق من عند أبي الأنوار للإنسان، لا لكي تصير تحت تصرفه وعنايته وتخضع لتفكيره ويتقبل ما فيها حسب قناعته، بل الهدف أن تعمل فيه لترفعه هي بالقوة الإلهية التي تحملها للعلو المجيد الذي لله، لذلك يقول الرسول: من أجل ذلك نحن أيضاً نشكر الله بلا انقطاع لأنكم إذ تسلمتم منا كلمة خبر من الله قبلتموها لا ككلمة أُناس، بل كما هي بالحقيقة: ككلمة الله التي تعمل أيضاً فيكم أنتم المؤمنين (1تسالونيكي 2: 13) وهذا هو إعلان الكتاب المقدس عن كلمة الله:هَكَذَا تَكُونُ كَلِمَتِي الَّتِي تَخْرُجُ مِنْ فَمِي. لاَ تَرْجِعُ إِلَيَّ فَارِغَةً بَلْ تَعْمَلُ مَا سُرِرْتُ بِهِ وَتَنْجَحُ فِي مَا أَرْسَلْتُهَا لَهُ؛ فَقَالَ الرَّبُّ لِي: أَحْسَنْتَ الرُّؤْيَةَ لأَنِّي أَنَا سَاهِرٌ عَلَى كَلِمَتِي لأُجْرِيَهَا؛ أَلَيْسَتْ هَكَذَا كَلِمَتِي كَنَارٍ يَقُولُ الرَّبُّ وَكَمِطْرَقَةٍ تُحَطِّمُ الصَّخْرَ؟؛ لأَنَّ كَلِمَةَ اللهِ حَيَّةٌ وَفَعَّالَةٌ وَأَمْضَى مِنْ كُلِّ سَيْفٍ ذِي حَدَّيْنِ، وَخَارِقَةٌ إِلَى مَفْرَقِ النَّفْسِ وَالرُّوحِ وَالْمَفَاصِلِ وَالْمِخَاخِ، وَمُمَيِّزَةٌ أَفْكَارَ الْقَلْبِ وَنِيَّاتِهِ؛ مَوْلُودِينَ ثَانِيَةً، لاَ مِنْ زَرْعٍ يَفْنَى، بَلْ مِمَّا لاَ يَفْنَى، بِكَلِمَةِ اللهِ الْحَيَّةِ الْبَاقِيَةِ إِلَى الأَبَدِ (أشعياء 55: 11؛ إرميا 1: 12؛ 23: 29؛ عبرانيين 4: 12؛ 1بطرس 1: 23) يا إخوتي انتبهوا أرجوكم فنَحْنُ لَمْ نَأْخُذْ رُوحَ الْعَالَمِ،بَلِ الرُّوحَ الَّذِي مِنَ اللهِ لِنَعْرِفَ الأَشْيَاءَ الْمَوْهُوبَةَ لَنَا مِنَ اللهِ. الَّتِي نَتَكَلَّمُ بِهَا أَيْضاً لاَ بِأَقْوَالٍ تُعَلِّمُهَا حِكْمَةٌ إِنْسَانِيَّةٌ، بَلْ بِمَا يُعَلِّمُهُ الرُّوحُ الْقُدُسُ، قَارِنِينَ الرُّوحِيَّاتِ بِالرُّوحِيَّاتِ. وَلَكِنَّ الإِنْسَانَ الطَّبِيعِيَّ لاَ يَقْبَلُ مَا لِرُوحِ اللهِ لأَنَّهُ عِنْدَهُ جَهَالَةٌ، وَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَعْرِفَهُ، لأَنَّهُ إِنَّمَا يُحْكَمُ فِيهِ رُوحِيّاً. وَأَمَّا الرُّوحِيُّ فَيَحْكُمُ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ لاَ يُحْكَمُ فِيهِ مِنْ أَحَدٍ. لأَنَّهُ مَنْ عَرَفَ فِكْرَ الرَّبِّ فَيُعَلِّمَهُ؟ وَأَمَّا نَحْنُ فَلَنَا فِكْرُ الْمَسِيحِ. (1كورنثوس 2: 12 – 16) فبدون أن يكون لنا فكر المسيحستظل كلمة الله مكتومة فينا وسيظل الصراع القائم على تفسيرها بين مؤيد ومعارض قائماً، بل وبكل كبرياء ستتعالى الأصوات وكل واحد يحرم أخيه ويتهمه بالهرطقة او الرفض، أو حتى يحتقر فكره في قلبه، لأنه يجده غير متفق مع فهمه وشرحه وتفسيره المستنير، لأنه هو الدارس والباحث المتعمق في أصول الكلمة الذي انفتحت بصيرته على الحق، ويا لها من استنارة التي تجعل الأخ لا يقبل أخيه وينقسموا ويتفرقوا بحجة الحق والدفاع عن الإيمان! فيا إخوتي، أن لم تنغرس الكلمة فينافأننا لن نخلص أبداً مهما ما صنعنا حتى لو فهمنا الكلمة وصرنا معلمين عُظماء ومتعمقين في الأصول المعرفية والبحثية وصار يحترمنا العالم كله ويوقرنا جداً ويصدق على تعلمينا الصحيح والنافع، لأنه مكتوب: لِذَلِكَ اطْرَحُوا كُلَّ نَجَاسَةٍ وَكَثْرَةَ شَرٍّ. فَاقْبَلُوا بِوَدَاعَةٍ الْكَلِمَةَ الْمَغْرُوسَةَ الْقَادِرَةَ أَنْ تُخَلِّصَ نُفُوسَكُمْ (يعقوب 1: 21)، فكلمة الله كالبذرة تُلقى في تربة القلب، فأن كان صالحاً فأنه يتقبلها بالإيمان ككلمة الله لا الناس، فتنغرس فيه وتأتي بثمر حسب قصد الله، فتصير مجد خاص لهُن فيفرح ويسر جداً، ويتغير عن شكله بتجديد ذهنه، لأن كلمة الله تعمل في الإنسان للتغيير والتجديد ليصير إنساناً جديداً كلياً حسب صورة شخص المسيح الرب، لأننا كلنا مدعوين أن نتغير إليه، وهذا ليس بعمل إنسان ولا جهد بشر، بل هو عمل الله بزرع كلمته بروحه فينا، ولكن كيف يفعل ذلك ونحن لا نوقر كلمته ونستخف بها، ونهبط بها لمستوانا الإنساني الضعيف ونضعها تحت مجهر الفحص العقلي ونفرغها من قوتها الإلهية ونحسبها ككلمة أُناس دونوا شوية اختبارات شخصية بشكل ميثولوجي. لنستفيق ونصحى للبرّ وننتبه لحياتنا الأبدية في المسيح يسوع،ولا نركض وراء البحث العملي والفكري لئلا يفلت منا إنجيل خلاصنا ويضيع منا قوة كلمة الله، لأنها حاملة الحياة لتمد كل قلب بها، والله لا يتعامل مع الغير مؤمنين بكلمته، لأن حينما تأتي الكلمة كبذرة الله الحية وتجد القلب مغلق بعناد الشك، أو مغلق بسبب أنه لا يتقبلها بسهولة ويقف أمامها مُحللاً ومفسراً وشارحاً، حينئذٍ يخسر الإنسان قوتها وتضيع منه ويفلت منه خلاص نفسه ويضيع في متاهة الشروحات والتفسيرات ويقف في النهاية حيران هل يوجد إله حقيقي فعلياً أم أنه وهم الكتابات القديمة، ثم يبدأ في مرحلة الإلحاد وترك الله بعدما كان من أوائل المدافعين عن الكتاب المقدس والإنجيل. اَللهُ، بَعْدَ مَا كَلَّمَ الآبَاءَ بِالأَنْبِيَاءِ قَدِيماً، بِأَنْوَاعٍ وَطُرُقٍ كَثِيرَةٍ، كَلَّمَنَا فِي هَذِهِ الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ فِي ابْنِهِ الَّذِي جَعَلَهُ وَارِثاً لِكُلِّ شَيْءٍ، الَّذِي بِهِ أَيْضاً عَمِلَ الْعَالَمِينَ. الَّذِي، وَهُوَ بَهَاءُ مَجْدِهِ، وَرَسْمُ جَوْهَرِهِ، وَحَامِلٌ كُلَّ الأَشْيَاءِ بِكَلِمَةِ قُدْرَتِهِ، بَعْدَ مَا صَنَعَ بِنَفْسِهِ تَطْهِيراً لِخَطَايَانَا، جَلَسَ فِي يَمِينِ الْعَظَمَةِ فِي الأَعَالِي، صَائِراً أَعْظَمَ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ بِمِقْدَارِ مَا وَرِثَ اسْماً أَفْضَلَ مِنْهُمْ؛ فَإِنَّهُ إِنْ أَخْطَأْنَا بِاخْتِيَارِنَا بَعْدَمَا أَخَذْنَا مَعْرِفَةَ الْحَقِّ، لاَ تَبْقَى بَعْدُ ذَبِيحَةٌ عَنِ الْخَطَايَا، بَلْ قُبُولُ دَيْنُونَةٍ مُخِيفٌ، وَغَيْرَةُ نَارٍ عَتِيدَةٍ أَنْ تَأْكُلَ الْمُضَادِّينَ. مَنْ خَالَفَ نَامُوسَ مُوسَى فَعَلَى شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةِ شُهُودٍ يَمُوتُ بِدُونِ رَأْفَةٍ. فَكَمْ عِقَاباً أَشَرَّ تَظُنُّونَ أَنَّهُ يُحْسَبُ مُسْتَحِقّاً مَنْ دَاسَ ابْنَ اللهِ، وَحَسِبَ دَمَ الْعَهْدِ الَّذِي قُدِّسَ بِهِ دَنِساً، وَازْدَرَى بِرُوحِ النِّعْمَةِ؟ (عبرانيين 1: 1 – 4؛ 10: 26 – 29) |
||||