12 - 05 - 2012, 07:57 AM | رقم المشاركة : ( 191 ) | ||||
† Admin Woman †
|
الرجال الجامدون على درديهم كُتبت نبوة صفنيا قُبيل السبي البابلي، حوالي سنة 624 ق. م، وبعدها وقعت أول مراحل السبي، سنة 605 ق. م، وفي هذه النبوة، يصف النبي مشاهد القضاء المُريعة، التي أملاها عليه الروح القدس، التي كانت وشيكة أن تنصب على أورشليم المُنجَّسة، ولكن راح بالوحي إلى مشاهد نبوية أبعد وأعم، تشرح أهوال الغضب الخاصة بيوم الرب، الذي أول مراحله الظهور، وآخرها الزمان اليسير، وبعده يأتي يوم الله، أي الحالة الأبدية. وضمن الذين يتوعدهم الرب بالقضاء: «الرجال الجامدين على دُرديهم»، ولكن ماذا تعني هذه الكلمات؟ هذا التعبير أقصد ”الجامد على درديه“، يُقال عن عصير العنب، المُعد لأن يختمر، الذي لم يمر بعمليات التصفية الواجبة، فتظل رواسبه فيه، فتُفسد طعمه ورائحته الجديدة، الواجب أن يكون عليها. ونفس هذه الفكرة نجدها في إرميا48: 11 «مستريح موآب منذ صباه، وهو مستقر على درديه، ولم يُفرَّغ من إناءٍ إلى إناءٍ ... لذلك بقيَ طعمه فيه، ورائحته لم تتغير»، فعصير العنب يُترك لفترة حتى تترسب رواسبه أسفل الإناء، ثم يطفو السائل النقي إلى أعلاه، ثم يفرَّغ العصير دون رواسبه إلى إناء جديد، وتتكرر هذه العملية عدَّة مرات. وأثناء عملية التفريغ هذه يتخلَّص العصير من رواسبه ويصل إلى درجة نقاوة أعلى. أخي المؤمن أَأنت من «الرجال الجامدين على دُرديهم»؟ أقصد الذين لا يتغيرون؟ فيجب أن تتبدل أنماط حياتنا، ومناهج تفكيرنا غير الكتابية، وما أصعب علينا وعلى ذوينا، أن نظل بأمزجة وانفعالات شخصية، لا تحكمها المبادئ الروحية، وما أبشع الإمساك بالخرافات العجائزية، ولكن ما أكرم ارتقاء سُلَّم المجد، ونحن ناظرون طلعة الرب بلا عائق في الحضرة البهية. أخي .. إن خريطة التغيُّر، ونحن ناظرون «مجد الرب»، هي خريطة الشرفاء، لماذا؟ لأن الكتاب يُخبرنا عن مراحلها، ومحطاتها فيقول: «ونحن جميعًا .. نتغيَّر .. من مجد إلى مجد» ( 2كو 3: 18 ). فدرجات هذا السُلَّم هي «من مجدٍ إلى مجد»، وكأن الدرجة الأسفل هي: «مجد»، والأعلى هي أيضًا «مجد»، فيا لعقوبة مَن يجمدون على دُرديهم، ويا لكرامة مَن يرتقون درجات المجد. |
||||
12 - 05 - 2012, 07:57 AM | رقم المشاركة : ( 192 ) | ||||
† Admin Woman †
|
حياة مريم والشركة مع الله فاختارت مريم النصيب الصالح الذي لن يُنزع منها ( لو 10: 42 ) أولاً: استقبال وتجديد ذهني: إن حياة الشركة هي حياة استقبال، أكثر منها ثرثرة وإرسال. فقد جلست مريم في لوقا10 تسمع كلامه وتستقبل أفكاره. ووصف الرب هذا بالنصيب الصالح الذي لن يُنزع منها. فنصيبنا هو أن نجلس بانكسار تام أمام الكلمة، وبإحساس مقدس بقُدسيتها وسلطانها وبشغَف القلب أن نتعلم. هكذا جلست مريم تسمع وتستقبل كلامه. ونحن إذ نستقبل مقاييس الكلمة أمامه وتشكِّل هي مقاييسنا وتجدد أذهاننا ومفاهيمنا، تصبح جزء لا يتجزأ من الكيان، نصيبنا الصالح الذي لن يُنزع منا. ما فينا (ما في قلوبنا) من كلامه نتيجة الجلوس أمامه، هو نصيبنا الصالح. ثانيًا: التمتع بمعية الرب في ظروفنا: وأما الخطوة الثانية فهي التمتع بمسير الرب معنا في ظروفنا. انظر الرب يسير مع مريم يوم موت أخيها. من حيث لاقته خارج بيت عنيا يسير معها خطوة بخطوة إلى قبر أخيها. سار الرب مع مريم في صمت تام إلى قبر أخيها، خطوة بخطوة تتمتع بمعيته وحنان قلبه يغمرها بلا كلمة، ولكن صلاحه يظللها. أحبائي .. إن لم نرَ الرب في ظروفنا وكيف يخدمنا، لا يمكن لنا أن نخدمه خدمة صحيحة في ظروفه (أقصد ظروف القطيع) ولا يمكن أن نسجد له سجودًا فياضًا. ثالثًا: فيضان القلب: وبعد أن رأت مريم الرب في ظروفها، نراها في يوحنا12 ليست فقط عند قدميه كعادتها الجميلة، ولكنها في مُنتهى الروعة وعُمق الإحساس بالجَميل ـ كل جسدها مُنحنِ أمامه، مجدها، الذي هو شعرها تمسح به رجليه وقُبلاتها تُبادل يديها وشعرها في احتضان قدميه. وهي كلها كاملة الانحناء تسكب عواطفها، وناردينها قد فاح! وهكذا كل نفس جلست أمامه واختبرت حنانه في معجزاته، ستنسكب بالكامل لعِرفانه. هكذا خرَّ بطرس يوم صيد السمك الكثير ( لو 5: 8 ). وهكذا سجدت الشونمية يوم إقامة ابنها ( 2مل 4: 37 )، وهكذا سجد المولود أعمى بعد أن أبصر ( يو 9: 38 )، وهكذا سجد كل مَن رأى الله في ظروفه. فدعونا ننطلق الآن لبُعد أعمق في شركتنا مع إلهنا. |
||||
12 - 05 - 2012, 08:00 AM | رقم المشاركة : ( 193 ) | ||||
† Admin Woman †
|
أحاط به غمرٌ قد اكتنفتني مياهٌ إلى النفس، أحاط بي غمرٌ. التفَّ عُشب البحر برأسي. نزلت إلى أسافل الجبال .. ثم أصعَدت من الوهدة حياتي أيها الرب إلهي ( يون 2: 5 ، 6) عند ذيَّاك الصليب تجمَّع الضباط والجنود يومئذٍ، والتفوا مع رجال الدين والأكابر في تلك الأمة التي دُعيت شعب الله، في وحدة قوامها العداء المشترك لله، وبوصفهم ـ معًا ـ أدوات تنفيذية في يد رئيس هذا العالم، نقول: إن ذيَّاك الصليب كشف عن كل ظلمة وعداوة قلوبهم ضد ابن محبة الله، يوم وَضع الله عليه إثم جميعنا حتى كل مَن يؤمن به ”بجلدته يُشفى“. أجَلْ، فقد كان متروكًا بأفظع ما تنطوي عليه هذه الكلمة، حتى نُعفى أنت وأنا من اختبار مثل هذا الهجران الموجع. فقد كان متروكًا من جميع خاصته، وفوق الكل كان متروكًا من الله، وليس متروكًا فحسب، بل كان محوطًا بأعدائه أدوات الشيطان التنفيذية، محوطًا بأقوياء باشان الذين فغروا أفواههم كأسدٍ مفترسٍ مُزمجرٍ ”أحاطت به كلاب. جماعة من الأشرار اكتنفته“، وكل قساوة الإنسان، وكل خبث الشيطان وأرجاسه، انطلقت من عقالها ضد حَمَل الله الذي بلا عيب، الوديع الصابر. وها هو ابن الآب الطائع، الذي كان له سلطان أن يضع حياته وله سلطان أن يأخذها أيضًا، عتيد أن يتوج طاعته في الحياة بطاعته في الموت؛ موت الصليب، حتى بموته يُصالح الخطاة الذين يناصبون الله العداء، حيث أظهر الإنسان حبه للخطية وبُغضه لله، وحيث أظهر الله كراهيته للخطية ومحبته للخاطئ ليقهر بالمحبة عداء الإنسان، ويجعل من الخطاة مؤمنين يهتفون بعمله المجيد. لقد كان وضع يونان في بطن الحوت أيسر حالاً قياسًا إلى وضع ربنا وسيدنا على الصليب، الذي أطاع حتى الموت موت الصليب، ومن أجل عصياننا نزل إلى «العمق»، إلى مياه غامرة أعمق من تلك التي طُرح فيها يونان لعصيانه. على أن ذاك الذي بكلمة قدرته أطلق يونان من بطن الحوت حينما جاءت صلاته «إلى هيكل قدسه»، خلَّصه الله ومن قرون بقر الوحش استجاب له. وذاك المجيد «الذي، في أيام جسده .... قدَّم بصراخٍ شديدٍ ودموعٍ، طلبات وتضرعات للقادر أن يخلِّصه من الموت وسُمع له من أجل تقواه» ( عب 5: 7 )، ذلك الذي مرة «صُلب من ضعف» هو الآن حي بقوة الله الذي ”مال إليه وسمع صراخه، وأصعده من جُب الهلاك، من طين الحمأة، وأقام على صخرة رجليه، وثبَّت خطواته“ ( مز 40: 1 ، 2). |
||||
12 - 05 - 2012, 08:01 AM | رقم المشاركة : ( 194 ) | ||||
† Admin Woman †
|
طول الأناة وأما ثمر الروح فهو ... طول أناة ( غل 5: 22 ) إن طول الأناة هي صفة النفس والذهن التي تستطيع أن تتحمل أعباء الحياة المسيحية بدون إحجام أو شكوى. وطول الأناة مثل أي ثمر للروح هو في مُباينة مع أعمال الناموس. فالناموس سمح بالمعاملة بالمِثل «عينٍ بعين وسنٍ بسن»، لكن الرب يسوع كان وديعًا ومتواضع القلب، وعلَّم تابعيه أن يتصرفوا بطريقة مختلفة. فالضرب على الخد الأيمن لن يثير لدى المؤمن السالك بالروح أية كراهية أو حقد ضد الذي لطمه. وإن هدوء القلب المألوف لشخص مثل هذا بعيد كل البُعد عن الشعور بالضيق من الإهانة لدرجة أنه على استعداد أن يقدِّم الخد الآخر. إن طول الأناة والروح غير المقاومة كانت كاملة في المسيح الذي كان كنعجة صامتة أمام جازيها «الذي إذ شُتم لم يكن يشتم عوضًا، وإذ تألم لم يكن يهدد» ( 1بط 2: : 23). وكل تلميذ مدعو لأن يكون كسيده. إن طول الأناة هو ضبط النفس الذي يمنع الإنسان المسيحي من الاندفاع بمشاعره الطبيعية إلى كلام قاسي، وأعمال ثأرية انتقامية. إنه النشاط السامي للطبيعة الجديدة أكثر من مجرد قمع جسدي للطبيعة القديمة. ربما أظهر بولس طول أناة تجاه اسكندر النحَّاس الذي أظهر له شرورًا كثيرة، ولكن بالتأكيد لم يفعل هكذا مع حنانيا رئيس الكهنة ( 2تي 4: 14 ؛ أع23: 2-5). إن طول الأناة مثل شفرة حديدية مُقسَّاة تمامًا يمكن أن تُثنى بدون أن تُقصف، فقط لكي نحصل عليها يجب أن نُخرجها من الفرن المتأجج ونُطفئها في الماء. كذلك طول الأناة يتطلب منا أن نمر خلال مزيد من الاختبارات في السرَّاء والضرَّاء ( 2كو 6: 4 -10). وكلاً من الأغاني والدموع تخدمنا في هذا الغرض. وطول الأناة صفة مميَّزة لفترة الكنيسة. وهذا التعبير يُستعمل عن الله في صبره على عالم خاطئ يرفض عروض نعمته، كما يُستخدم أيضًا عن إمهاله في تنفيذ الغضب كما في أيام نوح ( رو 2: 4 ؛ 1بط3: 20). وطول الأناة سيُمكّننا من مواجهة التجارب المختلفة التي نتعرض لها يوميًا، كالكلام الشرير، والألم والمرض، والأصدقاء المستفزين، والعائلات المُمزقة، والأخوة الكذَبَة وربوات الإغاظة التي تأتي علينا. كل هذا يمكننا أن نتحمله لو امتلكنا فكر المسيح. |
||||
12 - 05 - 2012, 08:03 AM | رقم المشاركة : ( 195 ) | ||||
† Admin Woman †
|
بركات السير مع الله وسار أخنوخ مع الله، ولم يوجد لأن الله أخذه ( تك 5: 24 ) «المُساير الحكماء يصير حكيمًا» ( أم 13: 20 )، والسير مع الله معناه تعلُّم حكمة الله، وهذه العادة التي كانت لأخنوخ جعلته يتعلَّم طرق الله من جهة العالم الأثيم، فهو قد عرف كيف أن شر الإنسان تعاظم على الأرض، وكيف أن أفكار قلب الإنسان شريرة كل يوم، وكيف أن دم هابيل البار كان يصرخ طالبًا النقمة، ولماذا أمسك الله العادل يده عن أن يعاقب قايين قاتل أخيه، كل هذا عرفه أخنوخ لأنه «سار مع الله»، وتعلَّم منه. وإذ تعلَّم من الله تطلع أخنوخ إلى يوم عتيد «يوم الغضب واستعلان دينونة الله العادلة» ( رو 2: 5 ). وعلى ذلك، فقبل الطوفان، استطاع أخنوخ أن يتنبأ عن أمور آتية في مستقبل العالم، فقال: «هوذا قد جاء الرب في ربوات قديسيه، ليصنع دينونة على الجميع، ويعاقب جميع فجارهم على جميع أعمال فجورهم التي فجروا بها، وعلى جميع الكلمات الصعبة التي تكلَّم بها عليه خطاةٌ فجارٌ» (يه14، 15). هذه النبوة عظيمة من نواحِ كثيرة، فهي أقدم نبوة وقد أُعطيت من الله لأخنوخ، ربما في حياة آدم، وفيها تخبير بظهور ربنا يسوع للقضاء والدينونة، وربما دون أن يفهم هو ملء المعنى الذي يعبِّر عنه. ولا شك أن الطوفان كان تتميمًا جزئيًا لهذا التحذير الذي نادى به أخنوخ من دينونة الشر العتيدة، لكن تمام النبوة على الوجه الأكمل لا يزال ينتظر مجيء الرب في ربوات قديسيه ( زك 14: 5 ؛ 1تس3: 13). إن رجل الله الذي تأسف على طغيان الإثم في أيامه، قد أُعطي أن يرى أن الحق والبر لا بد أن يسودا، وأن كل شر وإثم لا بد أن يُدانا. ولكن قبل مجيء هذا اليوم الذي يتحقق فيه ذلك، نُقل أخنوخ من مشهد الشر الجامح في الأرض. وهذه كرامة خاصة أُضيفت على الرجل الذي سار إلى جانب الله وسط ارتداد الجنس الآدمي. وأخنوخ نُقل إلى السماء؛ مسكن البر والقداسة، والتي منها سيأتي الرب مع ربوات قديسيه ليصنع دينونة على الجميع. وفي طريقة انتقال أخنوخ نرى صورة لاختطاف المؤمنين الأحياء عند نزول الرب من السماء بهتاف. فالأحياء من المؤمنين، الذين يبقون على الأرض إلى ذلك اليوم، سوف يُختطفون لمُلاقاة الرب في الهواء «وهكذا نكون كل حين مع الرب» ( 1تس 4: 15 - 17). |
||||
12 - 05 - 2012, 08:05 AM | رقم المشاركة : ( 196 ) | ||||
† Admin Woman †
|
بيت الله الحقيقي فلستم إذاً بعد غرباء ونُزلاء بل رعية مع القديسين وأهل بيت الله ... مبنيون معاً مسكناً لله في الروح ( أف 2: 19 ـ22) يوجد لله الآن بيت على الأرض، يرتبط به إعلان اسمه، مع فارق كبير بين بيت الله في القديم وبيت الله المُعلن عنه في العهد الجديد. فالأول كان مادياً رمزياً، أما الآن فالبيت روحي حقيقي. البيت الروحي هو كنيسة الله الحي، عمود الحق وقاعدته، جماعة المؤمنين (الأحجار الحية) الذين سكن فيهم الروح القدس وجعلهم مسكناً لله في الروح. وشخص المسيح ابن الله الحي هو كالصخرة، أساس هذا البيت ( مت 16: 18 ؛ 1كو3: 11)، وهو بانيه ( مت 16: 18 )، وهو حجر زاويته ( أف 2: 20 )، وهو ابن على بيته، أي هو المشرف عليه كالرب والسيد ( عب 3: 6 ). وربما يستوقف أحدنا سؤال هو: ما أهمية وجود بيت ـ مادياً كان أم روحياً ـ لله على الأرض؟ وباختصار أُجيب: إن الشيطان أصبح بعد سقوط الإنسان رئيساً لهذا العالم ( يو 12: 31 )، بل وإلهاً لهذا الدهر ( 2كو 4: 4 ). لقد أصبحت الأرض مُسلَّمة ليد الشرير، والناس يعبدونه، وقالوا لله ابُعد عنا، وبمعرفة طرقك لا نُسرّ ( أي 21: 14 ). وليس دليل على ذلك أقوى من موقف البشر سكان الأرض من الخالق عند مجيئه إلى الأرض، إذ لم يعرفوه ولم يقبلوه ( يو 1: 10 ،11). ولم يكن له فيها أين يسند رأسه، بل وفي النهاية قدموا له الصليب وقتلوه. أمام كل هذا الشر وهذه العداوة لن يصمت الله، وقريباً سيعود المسيح وتوضع جميع الأعداء موطئاً لقدميه، ويقهر الشيطان وأعوانه، ويحصر جميع فعلة الشر في مكان واحد هو البحيرة المتقدة بنار وكبريت، ويخلو الكون من الأشرار، ويصبح الله الكل في الكل، في السماء الجديدة والأرض الجديدة. لكن إلى أن يحين هذا، أليس من حق الله أن تكون له بقعة على الأرض تنتسب له وتخضع لسيادته ويمارس فيها سلطانه كما يشاء؟ لقد أزاح الشيطان والإنسان اسم الله من كل الأرض، فقصد الله أن يحتفظ بكيان صغير يعلن فيه اسمه كالسيد وصاحب السلطان. وهذا هو دور بيت الله؛ إنه يقدم للعالم نموذجاً ليبيّن كيف تكون العلاقة بين الخالق والمخلوق، كيف يُطاع ويُخدَم ويسود. هذه البقعة أو هذا الكيان يُسمَّى بيت الله، لأن فيه يجد الله راحته. |
||||
12 - 05 - 2012, 08:08 AM | رقم المشاركة : ( 197 ) | ||||
† Admin Woman †
|
نــــــــــــوح وإيليــــــــــا فقال الله لنوح: نهاية كل بشر قد أتت أمامي، لأن الأرض امتلأت ظلمًا منهم. فها أنا مُهلكهم مع الأرض. اصنع لنفسك فلكًا ( تك 6: 13 ، 14) قد لا يعرف التاريخ البشري ”رجلاً“ جمع في شخصيته الكثير من الصفات؛ القوة والعزيمة، الشجاعة والإقدام، الصبر والصلابة، المحبة والحنان، مثل ذلك الرجل «نوح»، وذلك لأنه عاش في عصر تركزت فيه سلسلة حلقات من الشرور والفساد، وملأت الأرض في أيامه. فهذه خطية الشهوة والفجور في سقوط أبناء الله تحت إغراء بنات الناس. وتلك خطية التمرد والعصيان في اتخاذهم لأنفسهم نساء من كل ما اختاروا. والثالثة خطية الظلم والطغيان بامتلاء الأرض ظلمًا وطغاة في تلك الأرض. والرابعة خطية الكبرياء والاعتداد بالذات بولادة الجبابرة الذين منذ الدهر ذوو اسم. والخامسة النجاسة والمجون بدخول بني الله على بنات الناس. والسادسة خطية الزيغان والفساد إذ أفسد كل بشر طريقه على الأرض، ففسدت الأرض كلها. وإذا كان أليشع لم يرَ إيليا رجل الله وهو يصعد إلى السماء باعتباره ”فردًا“ أو ”واحدًا“ يصعد أمامه، إذ صرخ قائلاً: «يا أبي يا أبي، مركبة إسرائيل وفُرسانها!» ( 2مل 2: 12 )، وهو يقصد بذلك أن إيليا لم يكن أبدًا ”واحدًا“، بل جيشًا كبيرًا، كامل العتاد ومُكتمل القوة. على هذا المنوال كان نوح، وإن كان بمقياس أعظم وفائق جدًا جدًا. نوح أحد الأقدمين العظماء، والأبطال الأقوياء، وأول كارز على الأرض. عاش في زمن عصيب ورهيب، لكنه وقف بجانب الله، وهو ذاته كان نقطة تحوُّل وبداية جديدة. وهو أب للبشرية كلها من بعد الطوفان. ويُعتبر نوح أكثر قوة وشجاعة وإقدام من إيليا. في أيام إيليا كان هناك مئة نبي على الأقل، وسبعة آلاف كل الركب التي لم تَجثُ لبعل. أما نوح فكان وحيدًا، ومع ذلك وقف بجانب الله، حين كان العالم كله يقف على الجانب الآخر، ويغرق في العصيان والشرور والمظالم. ونوح أيضًا أشد صلابة وعزيمة وصبر منه، فلم يرَ ما رآه إيليا من هتافات الشعب «الرب هو الله! الرب هو الله!»، ولا قتْلِ أنبياء البعل، ولا استجابة السماء ونزول المطر، بل على العكس لم يكن هناك أي تجاوب مع كرازته، وكان العالم يسير من رديء إلى أردأ، لكنه ظل يكرز بصبر ولم يَخُرْ أو يفشل لعشرات السنين هي مدة كرازته، مع أنه لم يرَ أية بادرة أمل من التصديق أو التغيير في العالم القديم الذي عاش فيه. |
||||
12 - 05 - 2012, 08:09 AM | رقم المشاركة : ( 198 ) | ||||
† Admin Woman †
|
الراعي الصالح والخروف الضال أي إنسانٍ منكم له مئة خروف، وأضاع واحدًا منها، ألا يترك التسعة والتسعين في البرية، ويذهب لأجل الضال حتى يجده؟ ( لو 15: 4 ) هذا الأصحاح (لو15) لا يحتوي على ثلاثة أمثال كما يظن البعض، ولكنه يحتوي على مَثَل واحد مكوَّن من ثلاثة أجزاء، فهو يعطي صورة جميلة ورائعة عن اهتمام كل أقنوم من الأقانيم الثلاثة بخلاص الضال. وفي الجزء الأول من المَثَل (ع4- 7)، نرى عمل المسيح كالراعي الصالح. أولاً: فهو الذي «له مئة خروف»، أي هو الذي تنتمي له «الخراف»، هم ينتمون إليه لأنهم عطية الآب له. ثانيًا: هو الذي قيل عنه: «يذهب لأجل الضال»، وهذا يصوِّر المسيح وهو آتٍ من بيت الآب في الأعالي إلى هذه الأرض حيث يوجد الخروف الضال. ثالثًا: نجد أنه يذهب وراء الضال «حتى يجده»، وهذا يستحضر أمامنا الصليب، مكان الموت، لأنه هناك كان يوجد «الخروف»، ولن يمكن أن يجده إلا هناك. رابعًا: «وإذا وَجده يضعه على منكبيه» وهذا يُخبرنا عن عناية المخلِّص الرقيقة بخاصته، وأيضًا يضمن لنا المكان الآمن الذي صار لنا الآن فيه. من الرائع أن نلاحظ في إشعياء9: 6 حيث الكلام عن مُلك المسيح المستقبلي «تكون الرياسة على كتفهِ»، فالكتف بالمفرد يُذكر هنا، بينما عندما يُذكر الخروف يأتي بالمثنى «منكبيه». كتف واحدة تحمل رئاسة العالم، وكتفان يُعطيان ضمانًا مضاعفًا لحفظنا. خامسًا: يضعه على منكبيه «فَرِحًا». يا له من أمر عجيب! إننا نستطيع أن نفهم أن الخروف يمكنه أن يجد من الأسباب ما يجعله يفرح بالراعي، ولكن كون المخلِّص (المكتفي بذاته) يجد مناسبة ليفرح بخلاص الخطاة التعساء المستحقين للجحيم، فهذا أمر ”فائق المعرفة“. سادسًا: «ويأتي إلى بيتهِ»، هذا يتكلم عن النتيجة المباركة لعمل المخلِّص، وعن النجاح المنشود لسعي الراعي. لاحظ أن السماء هنا تُسمى «البيت»، تصوير يدفعنا لنُطيل فيه التأمل. سابعًا: «ويدعو الأصدقاء والجيران قائلاً لهم: افرحوا معي لأني وجدت خروفي الضال». كم يكشف لنا هذا قلب المسيح! فهو ليس يفرح فقط بخلاص الضال، ولكنه يدعو الملائكة ليشاركوه فرحته. |
||||
12 - 05 - 2012, 08:11 AM | رقم المشاركة : ( 199 ) | ||||
† Admin Woman †
|
بيت الخمر أدخلني إلى بيت الخمر، وعلمه فوقي محبة ( نش 2: 4 ) سبق أن قالت العروس: «أدخلني الملك إلى حجاله» ( نش 1: 4 )، هذه هي الشركة الفردية، وهي لا بد أن تسبق التمتع بالشركة الجماعية في بيت الخمر الذي فيه نتمتع بالشركة معه، ومع جميع الذين يحبون ربنا يسوع المسيح في عدم فساد. وعبارة «أدخلني» تدل على أنها في ذاتها ليست جديرة على الإطلاق بالدخول إلى هذا المكان، لكنه هو الذي أدخلها. وهي تذكِّرنا بقول الوحي عن الرب إنه «أخذ بطرس ويعقوب ويوحنا وصعد بهم إلى جبلٍ عالٍ. وتغيَّرت هيئته قدامهم» ( مت 17: 1 ، 2)، وهي صورة أيضًا للاجتماع إلى اسم الرب، حيث يُرى الرب بمجده، وحيث تتصاعد كلمات القديس: «جيد يا رب أن نكون ههنا»، وحيث تُرفع العيون فلا نرى إلا يسوع وحده. نعم مَنْ فينا يستحق التواجد في محضر الرب؟ دَعنا لا ننسى أننا في الاجتماع إلى اسمه نوجد في محضر ذاك الخالق المهيب الذي مجده ملء كل الأرض، بل إننا نجلس في محضر ذاك الذي السرافيم تقف في محضره، ونُعاين مجده بوجهٍ مكشوف، ذاك الذي تغطي وجوهها أمامه، ونتكلم إلى ذاك الذي لا تقدر الملائكة إلا أن تتلقى تعليماته وأوامره! وبيت الخمر هو المكان الذي يتم فيه شرب الخمر. والخمر صورة في الكتاب إلى الفرح وإلى الروح القدس، أو بالحري أفراح الروح القدس. إنها ليست أفراحًا جسدية نتيجة الطَرَب العالمي، بل أفراحًا عميقة لا يقدر أن ينشئ نظيرها إلا الروح القدس. لقد أدخلها إلى حيث يمكنها التمتع بأفراح الروح القدس المباركة والعجيبة، حيث الفرح الذي لا يُنطق به ومجيد. وفي بيت الأفراح وجدت العروس أن الراية المرفوعة هي «المحبة». والراية المرفوعة تدل على إحراز النصر. والنُصرة التي تمت هي نُصرة الصليب، فعلى أساس محبة الصليب يمكننا نحن أن نجتمع إلى اسمه. ما الذي أوجدنا نحن الذين بالطبيعة خطاة في محضره القدوس؟ ولماذا لا نهرب نحن من محضر الله كما فعل أبونا آدم؟ هل نحن أفضل؟ كلا البتة، ولكنها المحبة التي غلبت عداوتنا وشرّنا، وهو عين ما عبَّر عنه المسيح عندما قال: «وأنا إن ارتفعتُ عن الأرض (بالصليب) أجذبُ إليَّ الجميع» ( يو 12: 32 ). هذا هو أساس اجتماعنا إليه. |
||||
12 - 05 - 2012, 08:16 AM | رقم المشاركة : ( 200 ) | ||||
† Admin Woman †
|
اسمه يسوع اسمه يسوع، لأنه يخلِّص شعبه من خطاياهم( مت 1: 21) عندما أعلن الملاك القول: «لأنه يخلِّص شعبه من خطاياهم» كان يتطلع إلى الأمام أو على الأقل كانت هذه وجهة نظر الروح فيما يتعلَّق بأزمنة ما بعد الصليب. فإن شعب الله ما كان ليخلص، كما شهد الأنبياء، بدون التوبة وفاعلية الكفارة. فسمعان البار عندما أُتيح له امتياز أخذْ الرب على ذراعيه، تنبأ أيضًا في وضوح تام أن مجد شعب يهوه سوف يكمل بعد رفض الطفل المقدس عند تقديمه للشعب ( لو 2: 25 - 35). فإن آلام المسيح ينبغي أن تسبق أمجاده، حتى كما قال هو لتلميذي عمواس: «أَمَا كان ينبغي أن المسيح يتألم بهذا ويدخل إلى مجده؟» ( لو 24: 26 ). كان هذا الواقع هو الذي محَّص قلوب البشر مُظهرًا ما فيها من عداء مُستحكَم. فلو أُتيح لهم أن يأخذوا المسيح بالقوة وينصِّبوه ملكًا عليهم، ولو أنه جعل من نفسه قائدًا لهم، وسار في مقدمتهم ليخلِّصهم من صولة أعدائهم، لرحَّبوا به كالمسيا المُنتظَر، حتى وإن كانوا لا بد أن يشقوا عليه عصا الطاعة بعد ذلك مباشرة. ولكنه وهو الذي جاء كـ «يهوه» المخلِّص ينبغي أولاً أن يُصلح الفجوة التي أوجدتها خطايا شعبه بينهم وبين إلههم، ولذلك فإنه باشر بنفسه قضيتهم وحمل مسؤوليتهم، وكمَن قام مقامهم صاح: «يا الله أنت عرفت حماقتي، وذنوبي عنك لم تَخفَ» ( مز 69: 5 ). أيها الرب المبارك، نحن لا نستطيع أن نسبر غور أحزانك وآلامك، ولكننا نستطيع أن نشكرك لأنك جعلت خطايا شعبك خطاياك، وأبعدتها عنهم إلى الأبد. ومع ذلك، أيها القارئ العزيز، في حين أن هذا الوعد يشير مبدئيًا إلى شعب الله، إلا أنه ينبغي أن لا ننسى أن نفس هذا العمل المجيد الذي هو أساس مغفرة خطاياهم، هو سبيلنا الوحيد لمغفرة خطايانا كذلك، وعن طريق زلَّتهم أُتيح الخلاص للأمم، ومن ثم استطاع الرسول أن يكتب إلى الكورنثيين «أن المسيح مات من أجل خطايانا حسب الكتب، وأنه دُفن، وأنه قام في اليوم الثالث حسب الكتب» ( 1كو 15: 3 ، 4). يجدر بنا إذًا، أن نشكر الله دائمًا من أجل نعمته العجيبة؛ النعمة التي انتهزت فرصة رفض خاصته وعدم إيمانهم لتعلن كل مشوراته المتعلقة بأولئك الذين سيكونون وَرَثة الله ووارثين مع المسيح، وجدير بنا كذلك أن تفيض قلوبنا شكرًا وامتنانًا عند ذكر اسم يسوع، لأنه هو الذي حقق وضمن لنا كل شيء. |
||||