21 - 01 - 2023, 06:09 PM | رقم المشاركة : ( 11 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
القديس متاؤس ترشيح القس متى للبطريركية انتقل البابا غبريال الرابع البطريرك (86) من هذا العالم في يوم 3 بشنس سنة 1094 ش (1378م) في أيام سلطة الملك على بن شعبان المنصور ولبث الكرسي بعده خاليًا نحو ثلاثة شهور. فقام جماعة من الشعب يبحثون على من يصلح للبطريركية من الرهبان لترشيحه إلى أن استقر رأيهم على أن يسألوا القس متى في أن يصير بطريركا عليهم فلم يرض وقام واختفى عن الأعين ونزل في مركب للإبحار إلى الجهات القبلية. إلا أن الطبيعة عاكسته بإرادة الله عز وجل إذ امتنع الهواء أن يخرج في هذا اليوم. والشعب قائم في البحث عنه إلى أن أتى طفل بالهام إلهي وكان صغير السن فدلهم عليه قائلًا: "انه مختبئ في خن المراكب" فأسرع الشعب بالمضي إليه وأخرجوه من الخن المختبئ فيه. ولما علم أنه ليس خلاص من أيديهم حينئذ سألهم بإلحاح كبير أن يرسلوه صحبة أثنين منهم إلى جبل القديس أنطونيوس ليشاور الشيوخ فيما هو معروض عليه. فأجاب الشعب طلبه وذهبوا به إلى الدير المذكور وعندما وصله وأبصره شيوخ الدير ورحبوا به وعلى الأخص الأب الطوباني مرقس وأشاروا عليه بأن لا يبرح عما رسم له بل يستعد ويقبل هذه الخدمة. |
||||
21 - 01 - 2023, 06:11 PM | رقم المشاركة : ( 12 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
القديس متاؤس رسامة القس متى بطريركا متاؤس الأول وصل القس متى مع وفد الأمة إلى مصر. ولما تحقق له أمر اختياره للبطريركية بصفة نهائية تألم قلبه لذلك جدا حتى لما زاد به الألم أخذ مقصا وقطع به طرف لسانه وطرحه أمام الشعب ولما رأوا ذلك منه تألموا جدا وقصدوا معالجته فلم يمكنهم من ذلك لكن الرب أفسد تدبيره فان الإله القدير الذي أطلق لسان زكريا بعد الخرس هو الذي أطلق لسانه فتحقق للأمة أن راعيهم هذا هو مختار من الله لاعتلاء الكرسي الرسولي المرقسي. البابا متاؤس الأول البطريرك الكبير وبعد ذلك أمسكه الشعب وأعضاء المجمع المقدس ورسموه بطريركًا في اليوم الأول من شهر مسرى سنة 1094 ش (1378 م) في مدينة الإسكندرية مقر كرسيه لأسم البابا متاؤس الكبير البطريرك (87) وكان جملة من اجتمع من أعضاء المجمع المقدس ووضعوا اليد عليه بالإسكندرية في ذلك اليوم أحد عشر أسقفا وكان يود من المسيح أن يرسل له الأسقف الثاني عشر وأنه لم يخرج من الإسكندرية حتى أرسل له السيد المسيح الأسقف الثاني عشر وكملوا جلوسه بطريركا في اليوم السادس عشر من شهر مسرى لمحبته في ذلك اليوم الذي هو يوم عيد سيدتنا العذراء الذي كان يحبها ويحتمي فيها ويلجأ إليها في كل حين. |
||||
21 - 01 - 2023, 06:13 PM | رقم المشاركة : ( 13 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
توجيه خدامه نحو تأدية فروض الصلوات وإعانة المساكين والراهبات والرهبان لما تولى البابا متاؤس الأول على الكرسي الرسولي لم يغير شيئا من نظام طريقته التي كان يسلكها قبل البطريركية بل حافظ على نسكه وتواضعه في أيام بطريركيته. فإنه منذ أن اعتلى الكرسي قام بتنصيب جرس من نحاس في القلاية البطريركية بحارة زويلة وصار كل من يسمع دقات الجرس ينهض لتأدية فروض الصلاة في أوقاتها وممارسة الصوم في كل يوم إلى الساعة التاسعة. وكان مع حرصه على الصلوات والسهر لا يغفل عن راحة المساكين وإعانة المحتاجين فإنه إذا نصب كرسي الحكم وجلس للفصل في القضايا وينظر في حال ذلك المسكين أو الجائع لأنه أفضل في نظره من مجالس الحكم لأن هذا البابا القديس ما كان له من الاهتمام بالحكم مثل التفاته للمساكين ومنح الصدقة وعمل الرحمة وكان من شدة اهتمامه بالصدقة والرحمة أنه في اليوم الذي لا يطرق بابه مسكين أو بائس كان يقوم بنفسه ويطوف على بيوت الأرامل والمساكين والبؤساء ويفتقدهم حتى الذين في السجون فكان يزورهم ويتعهد كل واحد منهم. ولم ينس هذا البابا الرحوم أديرة الراهبات والرهبان بل كان يهتم بأمرهم أكثر من كل شيء فكان يطوف على الأديرة وينظر في حالهم ولما عبر مرة على أديرة الراهبات ووجد راهبة عجوز مسكينة جلست وقت الساعة التاسعة تأكل خبزا وملحا فقط فتألم من ذلك كثيرا وحزن قلبه على الراهبات حتى صار لا يغفل عن افتقادهن وصار يرسل إليهن في كل شهر القمح والحبوب والزيت وغير ذلك من يوم بطريركيته إلى يوم انتقاله. وكذلك لم يترك الذين في الأديرة والجبال بلا عائل بل كان يرسل لهم أيضا جميع ما يحتاجون إليه. كما كان يفتقد الذين في الضوائق والشدائد من جميع الطوائف فكان يتلقى عنهم تلك الشدة وكان يعمل لخلاص الذين في السجون فكان يطرح ذاته على أبواب الأمراء والحكام ويبذل لهم الأموال الكثيرة حتى يخلص نفس كل إنسان من تلك الشدائد وكان يطلب العوض في ذلك من رب الإحسان والرحمة المسيح إلهنا الذي كان يرسل له العوض أضعافا وكان كلما ازداد في صنع الخير والرحمة تزايدت إله العطايا من ذهب وفضة وكان يصرفه أولا بأول على المساكين دون أن يدخر له شيئا منها. |
||||
21 - 01 - 2023, 06:15 PM | رقم المشاركة : ( 14 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
درس في الاعتماد على الله بدلا من المال اعتراض تلاميذ البطريرك على عدم احتفاظه بالمال للعوارض لقد قام تلاميذه بإحصاء ما تخلف عن البابا غبريال الرابع سلف البابا متاؤس الأول فوجدوا أنها تزيد عن مائة ألف درهم وزعها جميعها صدقة منه على المساكين والفقراء والمحتاجين. وأما رأوا أن كل ما كان تحت يده وجميع ما يحمل إليه يقوم بصرفه وتوزيعه أولا بأول على المساكين قاموا على هذا البابا الرحوم وخاصموه وأشاروا عليه أن يبقى شيئًا يدخره تحت يده لطارئ يطرأ عليه أو عارض غير منتظر. ولما اشتدوا عليه بإلحاحهم حفر في الأرض حفرة ووضع فيها ستمائة دينار. وبعد ذلك فكر البابا متاؤس في نفسه وقال: "يا متى أن الرب يقول في الإنجيل المقدس لا تكنزوا لكم كنوزا في الأرض حيث السوس يفسدها والسارقون يحتالون فيسرقون وأنت حبست ذلك عن المساكين وخزنته في الأرض وخالفت قول الإنجيل أو ما تعلم أن الله يعوض بدل ما تعطيه للمساكين أضعافا" وندم على ما فعل وبكى ثم قام لساعته ليخرج تلك الستمائة دينار التي خبأها. وإذا في أثناء الحفر يجد ستمائة دينار أخرى كانت مخبأة كشفها له الرب من أجل رحمة المساكين. فلما نظر ذلك تعجب وصار يبكت تلاميذه على قساوة قلوبهم وعدم ثقتهم برحمة الرحمن الإله القدير قائلًا: "أنظروا يا أولادي إذا كان هذا صنيع الرب مع من يرحم ويعطى المساكين فكيف تمنعوني أنا الحقير أن لا أعطى لأولئك المساكين" ثم أخذ للوقت الألف ومائتيّ دينار وأشار على تلاميذه أن يشتروا بها غلال وقام بتوزيعها على الأديرة والمحتاجين. |
||||
21 - 01 - 2023, 06:19 PM | رقم المشاركة : ( 15 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
مقاومة البابا للمجاعة ومكافحة الغلاء بالهام الروح القدس ألهم الله البابا القديس متاؤس بقرب حدوث مجاعة كبرى وغلاء كثيرة فقال هذا البابا لتلاميذه: "قوموا يا أولادي واشتروا ألف أردب غلة للمساكين لأن غلاء عظيما سيقع بأرض مصر ويموت الكثيرون من المساكين" فأجاب تلاميذه قائلين: "من أين لنا يا أبانا أن نشترى ألف أردب غلة وليس معنا من ثمنها سوى خمسمائة دينار لا غير" فقال لهم البابا المتكل على رحمة مولاه: "اشتروا يا أولادي ولا تخافوا والرب يهيئ خمسمائة دينار أخرى لأجل المساكين". ولم يفرغ الكلام من فم البابا القديس حتى جاءت امرأتان من أعيان الناس ومعهما خمسمائة دينار وسألتاه أن يشترى بها قمحا للمساكين. فلما نظر التلاميذ هذه الأعجوبة العظيمة اندهشوا مما حصل وآمنوا بأن الاعتماد على الله خير من الاعتماد على البشر والمال المدخر وقاموا في الحال واشتروا الغلال كما قال لهم أبوهم البابا متاؤس. وبعدما اشتروا الغلال لم يلبث الأمر طويلًا حتى وقع بمصر ذاك الغلاء الصعب وهاجر أناس كثيرون من بلادهم واجتمعوا عند البابا البطريرك حتى امتلاء طريق قلايته من الجياع والمطروحين. وكان هذا البابا ينظر إلى كل طائفة منهم ويتألم قلبه عليهم وكان يهتم لهم جميعا بما يحتاجونه يوما فيومًا إلى أن ارتفع ذلك الغلاء وزالت الشدة عن الأرض. حينئذ دعا الغرباء وغيرهم وأعطى لكل واحد منهم ثوبًا وكساء له وللنسوة ما يجب لسترتهن ثم زودهم جميعًا سفنا تحملهم وأرسلهم إلى بلادهم حتى تعجب الناس لكثرة الثياب والأردية التي أقام مدة في تفصيلها وخياطتها حتى اكتفى الجميع في ذلك اليوم كما كان يهتم بالمنتقلين منهم فيكفنهم ويدفنهم. وكان يفعل الرحمة مع كل الطوائف نصارى ومسلمين ويهود. وكان الله يبارك في جميع الغلات وغيرها كما بارك في الخمس خبزات وسمكتين حتى صار تلاميذه إذا شكوا إليه من عدم وجود الغلة وان ما بقى في المخازن لا يكفى الجمع للغد كان يقول لهم: "فرقوا يا أولادي ولا تخافوا لأن عندي مخازن فايضة ملآنة" ولم يكن يعنى هذا البابا المخازن الأرضية بل كان يقصد المخازن السمائية. لأنه كان من عادة البابا تؤس أن يعيد للسيدة العذراء الطاهرة والدة الإله وكذلك لرئيس الملائكة ميخائيل الطاهر عيدين في كل شهر وكانت المخازن إذا نقصت ودخل وباركها في هذين العيدين كانت تمتلئ غلتها وتفيض من البركة السمائية. ومما يحسن ذكره في هذا المقام أنه لما شعر بقدوم وطأة الغلاء اشترى للأديرة والجبال ألف أردب ترمس لسد حاجات الرهبان وقت وقوع الغلاء. ولكن حدث أن بعض الرهبان لما رأوا إبطاء وقوع هذا الغلاء صاروا يحمون من ذلك الترمس في النار كالزبل فلما حل وقوع ذلك الغلاء ندم أولئك الرهبان كثيرًا على سوء تصرفهم وأما الذين حفظوا ما عندهم فإنهم صاروا كلما يجدون ما يقتاتون به يأكلون الترس ويشكرون الله على هذا الحال. |
||||
21 - 01 - 2023, 06:22 PM | رقم المشاركة : ( 16 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
الرحمة تثمر ثمارا جيدة ولما نظر الأغنياء الذين بلا رحمة إلى صنيع هذا البابا ولمسوا زايد محبته صاروا يقتفون آثاره ويصنعون كما يصنع حتى أن أحد الأغنياء أتى إلى البابا وقال له: "إني أسألك أيها الأب أن تسأل السيد المسيح كي يعطيني رحمة في قلبي لأحب رحمة المساكين مثلك ويجعل انتقالي قبل وفاتك ويكون موتى أمامك. وأنا أعطى المساكين كل ما لي لأجلك" فقال البابا "كأيمانك فليكن لك يا ابني وكما اشتهيت فليكن لك مثل قلبك" ومن تلك الساعة أعطى المسيح لذلك الإنسان رحمة في قلبه كما طلب إلى أن صار لا يرد أحدا ممن يسأله بل لا برح يصدق ويعطى وكانت أكثر صدقاته على الراهبات إلى أن بلغت صدقاته على يد هذا البابا نفسه ألف أردب غلة في كل عام فلما أرضى الإله بأعماله ودنت ساعته حركته الإرادة الإلهية فطلع ذات يوم إلى القلاية كي يتبارك من الأب البطريرك كعادته وفي تلك الساعة أدركه الموت في حضرة البطريرك كما طلب حتى تعجب من أمانته الصادقة فكفنه بيده الطاهرة وكتب على كفنه: "سألت فأعطيت. قرعت فتح لك لأن الله يسمع لأنه هكذا للرحومين والمتواضعين". وأما الأغنياء الذين بغير رحمة فقد حضر البابا متاؤس إنسانًا عند موته وهو التاج بن الثمار وسأله أن يعطى شيئا من ذهبه وفضته قبل موته فلم يسمع له ذلك الغنى ومات لساعته وأحاطت به الظلمة إذ أرسل الملك إليه قائدًا ظالما قبل أن يخرج البابا من بيته فوضع يده على خزائن ذلك الغنى وأخذ كل ذهبه وفضته وذخائره قبل موته ثم مات ميتة رديئة مقهورا وانحدرت نفسه إلى الجحيم لأنه هكذا الشقاء الذي يحل بالأغنياء عديمي الرحمة. لهذا كان البابا متاؤس يحب أن يداوم جميع الناس على الرحمة كما أحبها هو، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. ولذلك كان لا يترك شيئًا إلا ويصدق به حتى أنه في اليوم الذي لا يجد فيه شيئا يتصدق به كان يعطى البساط الذي تحته للمساكين وفي إحدى المرات تصدق بثوبه وردائه وفي حين آخر بالدواة النحاس الموضوعة أمامه. وذات يوم جاءه إنسان جائع عند المساء وكان جالسا يأكل طعامه فأخذ عشاءه من أمامه ودفعه لذلك الجائع ثم خرج وقرع الأبواب مثل مسكين في طلب رغيف. فلما قرع الباب وتحققوا انه صوت البطريرك خرجوا له وسألوه أن يقبل أكثر من رغيف فلم يقبل. فتعجب تلاميذه لعظم صبره ليس في المأكل فقط بل وحتى في الثياب والبرنس الذي له. لأن هذا البطريرك لم يكن يهتم بحاجة الجسد وما كان يلتفت إليها بل كان يكتفي بمسح شعر من تحت ثيابه ويعطى جميع ما عنده لأولاده الأساقفة ولا يدع عنده غير برنس واحد برسم الخدمة. وفي إحدى المرات سأل تلاميذه أن يعطوا ذلك البرنس الوحيد لأسقف مسكين قد أقامه فامتنع تلاميذه عن ذلك. فلما امتنعوا أرسل له الرب في تلك الساعة برنسا جديدا من حرير أحسن من الذي عنده فأعطاه لذلك الأسقف فلما نظر التلاميذ ما كان مجدوا الله وندموا على مخالفتهم له ولم يعودوا بعد ذلك يخالفونه. تواضع البابا متاؤس وكان البابا متاؤس مع ما اتصف به من فائق الرحمة لا يتعاظم قط ولا يتكبر لأنه حاز مع الرحمة على فضيلة الاتضاع. وكان إذا دعته الضرورة يعمل مع الفعلة والعال معاجن الطين وينزح مراحيض البيعة الذي هو فيها مع العلمانيين. وكان مع هذا كله لم ينحط قدره ولم تذهب عنه هيبته بل ازداد مجدا ووقارا في أعين الناس. خدمته الكهنوتية وحلول الروح القدس عليه أثناء تأديتها وكان البابا متاؤس إذا لبس وتقدم لخدمة الكهنوت يتغير لون وجهه كالجمر ويصير لمعان عينيه كالبرق لأنه كان ينظر بالعقل ابن الله قائما على المذبح فيخاف من هيبته جدا حتى من شدة خوفه كان الكهنة يسألونه الجلوس على الثرونس (العرش البابوي) وكان يمتنع من ذلك ولا يجلس عليه قط ويخاطبهم قائلا: "يا أولادي هنا يجب أن يكون السجود أمام تلك الخدمة الرهيبة". وكان مع حرصه ينهر ويزجر كل كاهن كي يحترص في خدمته خشية الملك السماوي الجالس على العرش. وكان كل كاهن لا يسمع له يحرمه فيموت لساعته. حتى انه ذات مرة احتقر أحد الشمامسة حرم هذا البابا وتجاسر على الخدمة فسقط للوقت من سلم وتقطع قطعا ومات. وفي دفعة قام إنسان بإخفاء الحجج المكتوبة عن بستان لأطفال أيتام فلما كلمه البابا متاؤس في هذا الخصوص كان جوابه: "كلمتك تقطعني يا أبى إن كنت أخفيت عنك حجج بستان أولئك الأطفال الأيتام" فرد عليه البابا بغضب قائلًا: "من فيك يكون لم كما قلت" وهكذا لم يصل هذا الشماس إلى بيته حتى وقع ميتا ووجدوا ما أخفاه من الحجج في جوانب بيته لأنه لم يكن يحكم بالظواهر التي تحكم بها الناس بل كان يحكم بإلهام وإرشاد الروح القدس الحال عليه لأنه لن يكن يبتدئ في محاكمته بشيء قبل أن يدعو الحاضرين للمحاكمة أن يصلوا معه قائلين: "يا أبانا الذي في السموات" أي الصلاة الربانية. |
||||
21 - 01 - 2023, 06:26 PM | رقم المشاركة : ( 17 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
القديس متاؤس الأول نصائح واحكام البابا متاؤس بإرشاد الروح القدس الحال فيه وأما مكاتباته فكان يكتب فيها بعد ذكر الثالوث القدوس ما يأتي: "الخلاص للرب" مشيرًا بذلك إلى أن المسيح إلهنا الحي هو الذي ينطق على فمه بما فيه الخلاص لعبيده. ولذلك صارت كل مشكلة يتعذر على الملوك والحكام الفصل فيها يرسلونها إلى البابا متاؤس فتحل لوقتها بأسهل طريق لتحقيق العدل لأن هذه الأحكام كان يصدرها قداسته بالوحي الإلهي حتى ذاعت شهرته في جميع الأصقاع حتى تعدت حدود مصر وسرت في الخارج وسمع بها الملوك الذين كانوا يقدمون له الهدايا الثمينة فكان ملوك الفرنج يعتقدون في طهارته ويعترفون بقداسته ويلتمسون بركته. وكذلك كان جماعة الروم يثقون في قداسته لكثرة ما عاينوه من محبة هذا الأب القديس لهم وما لمسوه بأيديهم وعقولهم من سلامة في أحكامه التي كان يفصل فيها بينهم بكل إنصاف وعدل. وكانوا عند ما يلتمسون منه هذه العدالة والسلامة والمحبة والإنصاف في أحكامه وإرشاده يمجدون الله قائلين: "بالحقيقة كما سمعنا كذلك رأينا". |
||||
21 - 01 - 2023, 06:28 PM | رقم المشاركة : ( 18 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
القديس متاؤس الأول زيارة البابا متاؤس الأول البطريرك 87 لدير القديس العظيم الأنبا أنطونيوس ولما كان الملك برقوق يحترم البابا متاؤس الأول ويحبه ويعتقد في صلاحه وبركته فإنه لم يشأ أن يجلس على سرير الملك قبل أن يستشير البابا متاؤس صديقه ويسأله الرأي في قبول الملك. فلبى البابا نداء الملك برقوق واستعد للقيام بزيارة دير القديس انطونيوس في البرية لأخذ رأى شيوخه القديسين فيما يطلبه برقوق. وبينما كان قداسة البابا متاؤس قادمًا إلى دير القديس أنطونيوس فقد سبقه إلى الدير الراهب يعقوب القليوبي من دير شهران وحضر إلى الشيخ القديس مرقس الأنطوني وصار يسأله أن يمنحه طرس بركة إلى أبينا البطريرك ليطيب قلبه عليه حتى يزيل أثر غضبه منه. فلما ازداد في الإلحاح على الشيخ بهذا الطلب وكان بجانب الشيخ مرقس قربانة فأخذها ودفعها لذلك الراهب وقال له: "كم من مرة تقول لي أعطيني أشارة لمتى هوذا متى هوذا متى" وهكذا لم يفرغ القديس مرقس الشيخ الكبير من كلامه حتى اجتمع الرهبان إليه وأخبروه أن البابا متاؤس قد حضر، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. فلما سمع الراهب هذا الخبر أخذته الدهشة مما حدث فتعجب. ثم اجتمع الآباء القسوس والرهبان وخرجوا للقاء البابا متاؤس بالصلبان والأناجيل والمجامر والنواقيس والشموع وخرج الأب مرقس والقس آبرام حاملين سعف النخل وأغصان الزيتون وهم يرتلون أمامه بفرح وتهليل. وقد حضر في صحبة البابا متاؤس نحو ثمانين نفس من أقباط مصر وأقام البابا هناك إلى أن كرز كنيسة الثلاثة فتية بالبستان وعمل البصخة المقدسة وحصل فرح عظيم لم يسبق له مثيل. وعند عودة البابا وانتهاء مهمته التي حضر إليها أخذ في السؤال من أبينا الطاهر مرقس أن يذكره في صلواته حينئذ أجابه الشيخ القديس قائلا: "اذهب يا أبانا ولا تخف لأن الرب برحمته عليك قد جعل السماء أمامك أرضا والأرض سماء" وهكذا عاد إلى كرسيه بفرح واستقامت البيعة في أيامه (كتاب رقم 24 تاريخ بمكتبة كنيسة السيدة العذراء بحارة زويلة ص 108 و109). وقد حدثت هذه الزيارة سنة 1098 ش (1382م) وعاد إلى القاهرة حاملًا إذن الشيوخ القديسين بجبل العظيم أنطونيوس بأن يقبل الملك برقوق الملك لأن الله قد اختاره ملكًا على هذه الديار المصرية. فأقامه الله ملكا على سلطنة مصر وقضى جميع حياته محافظا على صداقة البابا فلم يسمع لسعاياتهم لأن الرب كان يحميه ويدفع عنه كل سوء. واشتهر أمر نزاهة القديس متاؤس في أحكامه في القضايا التي كانت ترفع أمامه ويفصل فيها بحكمته وعدله على أحسن حال حتى طرقت مسامع السلطان برقوق الملك الظاهر واعتقد بها بكل إخلاص فكان عندما يتعسر على هذا الملك العظيم الفصل في القضايا الخاصة بخطف الأموال التي كان الشوايله يدعون فيها أن الفرنج استولوا عليها منهم في البحر المالح فكان يستعين في حلها بالبابا متؤس لتعقد مسائلها وغموض حوادثها فكان هذا القديس بفضل روح الله الساكن فيه ورجحان عقله وحسن أخلاقه وطيب كلامه يحكم فيها بالعدل ويحل عقدها ويظهر الظالم من المظلوم. |
||||
21 - 01 - 2023, 06:31 PM | رقم المشاركة : ( 19 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
القديس متاؤس الأول تجديد عهد السلام بين مصر وملوك الحبشة وكان من حسن سياسة السلطان برقوق انه عندما تولى الملك وجه همته نحو ملوك الأحباش وجدد معهم عهود السلام وحسن الجوار وكان ملك ملوك الحبشة وقتئذ الملك داود الأول الذي جلس على سرير المملكة سنة 1381 م. أي قبل جلوس السلطان برقوق على عرش السلطنة المصرية بسنة واحدة وذلك بعد أن قامت ثورة ضد أخيه الملك "نوايا سريام ويدم أصغر" وعزلوه بعد أن حكم من سنة 1371 م. إلى سنة 1381 م. فأشار الملك الظاهر برقوق على البابا متاؤس أن يكتب كِتابًا إلى ملك الحبشة، وكان البابا يعرف أن الملك "ويدم أصغر" هو الذي على عرش هذه المملكة. وكان البابا لا يميل إلى هذا الملك لعدم استقامته وسوء تصرفه. فلما جلس ليكتب نطق الله على لسانه فعنون الكتاب باسم أخيه داود لم يكتبه باسم ويدم أصغر المتولي قبله متنبئا بذلك على جلوس داود على كرسي المملكة بدل أخيه. فأنكر عليه ذلك رسل الملك وامتنعوا عن حمل الكتاب لئلا يشعر الملك "ويدم أصغر" بهذا التغيير في توجيه الرسالة الملكية المصرية إليه فيقتلهم. ألزمهم البابا بأخذ الكتاب كما هو ومضوا به إلى الحبشة. وقبل اقترابهم من الحدود علموا أن الملك ويدم أصغر عزله عساكره من كرسي المملكة لسوء تصرفاته وأقاموا أخاه داود مكانه. فتعجبت البيعة المصرية من حكمة البابا في تصرفاته وأيقنوا أنه كان مدفوعا إلى ذلك بوحي إلهي ومجدوا الله. ولما وصل الوفد المصري إلى عاصمة البلاد الحبشية قدموا الرسالة البابوية بفرح عظيم لجلالة الملك داود. ولما فك الملك خاتم الرسالة وجد فيها أنها مكتوبة باسمه لا باسم أخيه الذي كان يعتلى كرسي المملكة وقت كتابتها فتعجب وأخذ يسأل الرسل عما إذا كان معهم صليب هذا البابا ومنديله وقد كان البابا أعطاهما لهم وكانوا محتفظين بهذه الوديعة المباركة إلى أن يفرغ الملك من قراءة الرسالة فيقدموها إليه. فازدادوا عجبا وأخذوا يسألون الملك عن كيفية علمه بهذه الوديعة. فقال لهم الملك: "إن البابا البطريرك هو الذي أعلمني بذلك قبل وصولكم وعندي شهود يشهدون بذلك" ثم دعا للوقت عساكره وجنوده وأخته المباركة أيضا وأخذ يقص عليهم ما أبصروه قائلا: أني بالحقيقة أقول لكم يا أحبائي انه قبل أن يجلسوني ملكا على كرسي المملكة أبصرت هذا البابا في الرؤيا وقد خلع أخي من على كرسي ملكه وأقامني عوضًا عنه وقال هكذا: "ينزع الله الملك ممن لا يسير بالاستقامة ويعطيه لمن يسير بالاستقامة" بهذا التصريح وأجلسني على كرسي المملكة أعطاني هذا الصليب بيدي ودعا لي أن الله يثبت كرسي مثل داود النبي لأقضى بين الشعوب بالعدل وأحكم الأمم بالاستقامة ثم بعد ما أتم الدعاء لي باركني وانصرف عنى فانتبهت من نومي وتعجبت من هذه الرؤيا وكنت أود أن أشرح لكم هذه الرؤيا في وقتها ولكن المباركة أختي منعتني من ذلك خشية من بطش الملك أخي لئلا يشعر بذلك فيقتلني لساعتي ولهذا دعوت شقيقتي مع جميعكم لتشهد لكم بما سمعته منى من قبل. ولما أخبر الملك داود بهذا التصريح الجلي أمام الجميع مجدوا الله المظهر عجائبه على يد قديسه البابا الجالس على الكرسي المرقسي بالديار المصرية وهو ينظر بالروح ما سيحدث من الانقلاب في أقاصي الحبشة وينطق بما سيكون من نتائج الانقلاب. أما رسول ملك مصر فأنه لما عاد بعد ذلك مع رجال بعثته إلى مصر وأعلم الملك بما حدث من البابا تعجب أيضًا لأنه كان هو أيضًا يحبه ويجله وكذلك كان البابا يحترمه ويحبه وأقام الملك برقوق طول أيامه ولم يسمع فيه سعاية كاذبة. |
||||
21 - 01 - 2023, 06:33 PM | رقم المشاركة : ( 20 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب تاريخ القديس البابا متاؤس الأول - الأنبا متاؤس
القديس متاؤس الأول هدايا الملوك للبابا متاؤس لتجديد المحبة والصلح والسلام على يديه وقد ذاع خبر هذا البابا القديس وانتشرت أعماله الصالحة في أركان العالم كما تجدد على يديه الصلح والسلام والمحبة حتى شهد له ملوك المسيحية قائلين: "إن مثل هذه الأعمال الصالحة لم نسمع بها قط" ولم ينقطع سيل الهدايا الكريمة من الوصول إليه. ومن بين هذه الهدايا العظيمة أن الملك البار ملك الحبشة داود الأول DAWIT I: ل‹³ل‹ٹل‰µ لما سمع بعظم تقدير ملوك الإفرنج لهذا البطريرك ومحبتهم له وكثرة هداياهم إليه قام بإرسال هدايا ثمينة أعظم منها من بلاده إلى أحد ملوكهم قائلا له: "لأنني ما أرسلت أليك هذه الهدايا لطلب هدايا مثلها، بل لتقدم لي شيئًا من الأثارات السيدية التي في بلادكم" ولما وصلت تلك الهدايا لملك الفرنج فرح بها وأرسل له ما هو أجل وأعظم منها وهو أنه قد كان عنده في ذخائره المقدسة الثمينة قطعة خشب سنبه من خشب الصليب المقدس الذي صلب عليه سيدنا المسيح فأخرجها للوقت ووضعها داخل صندوق ثمين. ثم وضع فيه من الأواني الذهب والفضة والحلل الفاخرة التي للملوك والكهنة ما لا يمكن وصفه وأنه صور على أحدى الحلل صورة هذا البابا متاؤس مصورة بالذهب اللامع. ثم أرسل هذا الملك الهدايا إلى البابا متاؤس الإسكندري لكي يقوم بتوصيلها إلى ملك الحبشة واستحلفه بأن لا يرسلها حتى يقدس في تلك البدلة الكهنوتية المصور عليها صورته ويصلى عليها ويباركها من فمه الطاهر قبل تصديرها إلى الحبشة لأنه كان عنده إيمان عظيم في بركة هذا البابا ولم يكن رآه من قبل ولا أبصره بل اعتمادًا على ما كان يسمعه عن فضائله وكرامته وأنه لعظم إيمانه بقداسة البابا سأله كثيرًا حتى يعطيه قطعة من عمامته ليتبرك بها فأرسل له ما طلب فكان يضع هذه البركة على المرضى الذين في بلاده فيبرأون. وقد أجاب رجاء هذا الملك ولبس البدلة وقدس فيها أمام الجميع الذين دعاهم للتبرك من الآثارات السيدية وقام بإرسالها إلى ملك الحبشة، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وعندما وصلت هذه الذخائر المقدسة إلى بلاد الحبشة استقبلها الملك بفرح عظيم وموكب احتفالي مهيب، ولما عاش وملك البلاد والبار أثار سيدنا المسيح تعجب وكشف التاج عن رأسه وأقام نحو ساعة مطروحًا ساجدًا أما تلك الآثار المقدسة التي لسيدنا المسيح ثم لما رفع رأسه ورأى البدلة الكهنوتية التي عليها صورة البابا متاؤس مصورة صار يتهلل ويفرح ويسجد ويمجد الله الذي جعله مستحقًا أن يرى صورة هذا البابا القديس في بلاده قبل انتقاله من هذا العالم. لأن هذا الملك المبارك كان يشتاق دائمًا أن يرى صورة هذا البابا للنبوة التي تنبأ له بها عن توليه عرش الملك موضع أخيه. |
||||
|