26 - 08 - 2012, 02:34 PM | رقم المشاركة : ( 11 ) | ||||
..::| الاشراف العام |::..
|
رد: الدليل المبسط في علم آباء الكنيسة
القدّيس أغناطيوس الثيؤفورس[143] St. Ignatius of Antioch أسقف أنطاكية ولد ما بين عامي ٣٠، ٣٥م؛ سوري الأصل على الأرجح، هيليني الثقافة، وثني. يرى أناستاسيوس الكتبي[144]الذي عاش في القرن التاسع أنّه ذاك الطفل الذي حمله السيّد المسيح مقدّمًا إياه مثالاً للتواضع (مت ١٨: ٢-٤)؛ بينما يرى القدّيس يوحنا الذهبي الفم الأنطاكي المولد، في أواخر القرن الرابع أن القدّيس أغناطيوس لم يرَ السيّد المسيح[145]. إذ رأى الرسل غيرته المتّقدة رسموه أسقفًا على أنطاكية، وقد اختلف البعض في شخصيّة من سامه، فيرى البعض أن الرسول بطرس سام أفوديوس على اليهود المتنصرين والرسول بولس سام أغناطيوس على الأمم المتنصرين. وأنه لما تنيّح الأول تسلّم أغناطيوس رعاية الكنيسة بشطريها. على أي الأحوال اتّسم بغيرته على خلاص النفوس، فكسب الكثيرين من الأمم للسيّد المسيح. اتسم بحبه الشديد لشعبه كما يظهر من حديثه مع مستقبليه في أزمير أثناء رحلته إلى روما للاستشهاد، إذ كان يذكر أمام مستقبليه شعبه، ويطلب إليهم الصلاة من أجلهم. وضعه نظام التسبحة قيل أنّه نظر في رؤيا الملائكة تسبح ممجدة الثالوث القدّوس، فنقل النظام الذي لاحظه إلى الكنيسة الأنطاكية، حيث انتشر بعد ذلك بين بقيّة الكنائس. لقاؤه مع والي سوريا سمع الوالي عن غيرته على انتشار المسيحيّة فاستدعاه، ودخل معه في حوار من جهة "يسوع المصلوب"، انتهى بإصداره الأمر بأن يُقيَّد أغناطيوس القائل عن نفسه أنّه حامل في قلبه المصلوب، ويُقاد إلى روما العظمى، ليُقدّم هناك طعامًا للوحوش الضارية، إرضاءً للشعب. سمع الأسقف بذلك فابتهج جدًا. إذ جاءت الساعة التي طالما ترقبها، وحسب هذا الأمر أعظم هديّة قدّمت إليه؛ إذ جثا وصرخ مبتهجًا: "أشكرك أيها السيّد الرب، لأنك وهبتني أن تشرّفني بالحب الكامل نحوك، وسمحت لي أن أُقيّد بسلاسل حديديّة كرسولك بولس". ولما صلى هكذا قبَّل القيود، متضرعًا إلى الله أن يحفظ الكنيسة، هذه التي ائتمنه الرب عليها ليخدمها حوالي ٤٠ عامًا. إلى روما خرج القدّيس في حراسة مشدّدة من عشرة جنود، وقد صاحبه اثنان من كنيسته هما روفوس وزوسيموس اللذان شملهما الحكم بالإعدام. وإذ رأى الجند حب الشعب له والتفافهم حوله عند رحيله تعمّدوا معاملته بكل عنف وقسوة، حتى دعاهم بالفهود بالرغم من لطفه معهم وما دفعه الشعب لهم كي يترفّقوا بأسقفهم. وصلّوا إلى سميرنا Smyrna حيث استقبله القدّيس بوليكاروبوس أسقفها، كما جاء إليه أساقفة كنائس مغنيسيّة (مانيسيا)[146]Magnesia وأفسس وتراليا[147]Tralles مع وفود من الكنائس يتبركون به، ويلتقطون درر تعاليمه. استغل الفرصة وكتب رسائل إلى هذه الكنائس، كما كتب رسالة بعثها إلى روما، إذ سمع أن بعض المؤمنين يبذلون كل الجهد لينقذوه من الاستشهاد، جاء فيها: [لا أطلب إليكم سوى أن أكون سكيبًا لله مادام المذبح معدًا... أطلب إليكم ألا تظهروا لي عطفًا في غير أوانه، بل دعوا الوحوش تأكلني، التي بواسطتها يوهب لي البلوغ إلى الله. إنّني حنطة الله. اتركوني أُطحن بأنياب الوحوش لأصبح خبزًا تقيًا للمسيح. هيِّجوا هذه الوحوش الضارية لتكون قبرًا لي، ولا تترك شيئًا من جسدي، حتى إذا ما مُت لا أُتعب أحدًا، فعندما لا يعود العالم يرى جسدي أكون تلميذًا حقيقيًا للمسيح[148].] في تراوس أبحر بالسفينة من سميرنا إلى تراوس، حيث كتب القدّيس أيضًا ثلاث رسائل "إلى فيلادلفيا، وسميرنا، والقدّيس بوليكاربوس". من تراوس أبحر إلى نيوبوليس، ثم فيلبّي، ثم Epirus وTyrhene... وأخيرًا إلى منطقة Portus حيث التقى بالإخوة الذين امتزج فرحهم برؤيته وبحزنهم لانتقاله. قابلهم بكل محبّة، سائلاً إياهم أن يظهروا المحبّة الحقيقيّة ويتشجّعوا. جثا على ركبتيه وصلّى لكي يوقف الله موجة الاضطهاد عن الكنيسة، وأن يزيد محبّة الاخوة لبعضهم البعض. أخيرًا أسرع به الجند إلى الساحة، وأطلقت الوحوش ليستقبلها بوجهٍ باشٍ، كمن يُسرع إلى المدينة السماويّة الأبديّة، ليعيش مع سيّده في الأمجاد الأبديّة. وثب عليه أسدان، ولم يبقيا منه إلاَّ القليل من العظام. استشهد حوالي سنة ١٠٨ بروما[149]. جمع المؤمنون ذخائره وأرسلوها إلى كنيسته بأنطاكيا، فدفنت خارج السور بالقرب من باب دفنه. وبقيت هناك حتى أيام القديس إيرونيموس، ثم تحوّل هيكل فورتونة في قلب أنطاكية إلى كنيسة مسيحيّة، فنقل الإمبراطور ثيؤدوسيوس الصغير (٤٠٨-٤٥٠) رفات القدّيس إلى هذه الكنيسة، وأطلق عليها اسم الشهيد البار تخليدًا لذكراه[150]. تعيِّد له الكنيسة القبطية في ٧ من شهر أبيب. رسائله ظهرت ١٥ رسالة: ٧ رسائل حقيقيّة، و٨ رسائل مزيفة. الرسائل الحقيقيّة موجّهة إلى كنائس أفسس ومغنيسيّة وتراليا (ترالز) وروما وفيلادلفيا وسميرنا (إزمير) وإلي الشهيد بوليكاربوس. أمّا المزيّفة فموجّهة إلى السيّدة العذراء ومريم الكاسابيليّة (الكسبولة Cassabola) والرسول يوحنا (رسالتان) وهيرون (شماس أنطاكي) وإلى كنائس أنطاكية وفيلبّي وطرطوس (تراسيا). وصلت إلينا الرسائل الحقيقيّة في مجموعات ثلاث: قصيرة (يونانيّة) وطويلة ومختصرة (سريانيّة). اتفق معظم العلماء على أن النص القصير هو النص الأصلي، وأما المطوّل فجاء شارحًا للأصل. حُفظ النص القصير في مخطوطة يونانيّة قديمة[151]وهي تعود إلى القرن الثاني، لكنها لا تشمل نص الرسالة إلى أهل روما. وقدم النسخ التي تتضمّن نص الرسالة إلى روما لا تعود إلى ما قبل القرن العاشر[152]. المفاهيم اللاهوتيّة والروحيّة اتسمت مفاهيمه اللاهوتيّة بالآتي: 1. إذ جمع القدّيس أغناطيوس في شخصه البساطة الشديدة بلا تكلف مع الصراحة وعدم حبه للدعاية والمظاهر وأيضًا الصلابة في التمسّك بالإيمان المستقيم، كتب لا كدارسٍ باحثٍ، وإنّما كراعٍ يقظٍ وأب محبٍ مترفقٍ، يهتم بإبراز الحق في استقامة، وحفظ أولاده من البدع، خاصة المعاصرة له مثل (الخياليّين) أو الدوسيتيّين[153]Docetists الذين حملوا اتجاهًا نحو إنكار التجسّد والصلب بكون جسد المسيح "خيالاً". كتب ليشعل قلوب أولاده بنار الحب الإلهي، ويبعث فيهم الانشغال بالحضرة الإلهيّة، والتمتّع بالكنيسة الجامعة (الكاثوليكيّة) كحياة معاشة واتّحاد مع المسيح. 2. العقيدة – كما تظهر من رسائله – ليست فكرًا فلسفيًا، وإنّما هي حياة معاشة، يختبرها المؤمن دون فصل بين الإيمان بالله (اللاهوت) وعمله الخلاصي وممارسة الحياة الكنسيّة على صعيد الروح خلال الواقع العملي مع انشغاله بخلاص اخوته. 3. يركّز على الوحدة المسيحيّة في كل رسائله، فيحسب نفسه مكرّسا لهذا العمل: [لقد قمتُ بما في وسعي القيام به كإنسان يعيش من أجل الوحدة[154].] 4. خلافًا للقدّيس إكليمنضس الروماني، لا يقتبس من العهد القديم، وإنّما لأنّه تلقى تربية مستقلّة عن مجمع اليهود، بكونه نبتة جديدة ظهرت في أرض وثنيّة من زرع مسيحي تقي[155]. 5. كشفت لنا هذه الرسائل عن روح آبائنا من جهة حبهم الملتهب نحو الله، وشوقهم لتمتّع الكل بالروح الكنسيّة الإنجيليّة، ورغبتهم الصادقّة نحو الاستشهاد مع حزمهم الشديد ضدّ الهرطقات ومقاومتهم لها ولأصحاب البدع والمنشقّين عن الكنيسة، وفتحهم باب التوبة على مصراعيه أمام الراغبين منهم في العودة إلى أحضان الكنيسة. 6. كتابته الرسائل وعيناه تتطلّعان لا إلى روما حيث تنتهي حياته الزمنيّة بل بالحري إلى السيّد المسيح السماوي وهو يُعد له موضعًا في الأمجاد طبع عليها اتجاهًا اسخاتولوچيًا (أو انقضائيًا). في رسالته إلى روما يقول: [عندئذ أصير تلميذًا حقيقيًا ليسوع المسيح عندما لا يعود يرى العالم جسدي بعد[156]]؛ [عندما اختفي من هذا العالم أستطيع أن أُدعى مؤمنًا حقيقيًا[157].] [ليس شيء منظور جميلاً؛ حتى إلهنا يسوع المسيح يعلن بصورة أفضل الآن إذ عاد إلى حضن الآب[158].] ١. المسيح المخلّص أ. السيّد المسيح هو المعلّم الذي تتلمذ عليه الأنبياء قبل مجيئه وذلك بعمل الروح القدس الذي سبق فوجّه أنظارهم إلى المعلّم، المسيّا المخلّص، وقد تحقّقت نبوّاته واشتياقهم بمجيئه. [يسوع المسيح معلّمنا الأوحد... حتى الأنبياء تتلمذوا له بالروح، وقد توقّعوا مجيئه معلّما[159].] ب. أوضح لاهوت السيّد المسيح وناسوته بجلاء تام: [يوجد طبيب واحد، هو في الوقت نفسه جسم وروح (إنسان وإله)، مولود gennetos، وغير مولود، الله صار إنسانًا. حياة حقيقيّة في موت (جسد قابل للموت)، من مريم ومن الله، في البدء كان قابلاً للألم وأصبح الآن غير قابل للألم، هو يسوع المسيح ربّنا[160].] [بالحقيقة هو من نسل داود حسب الجسد، وهو ابن الله حسب الولادة الآب وقوّته، وقد وُلد حقًا من عذراء وعمَّده يوحنا حتى يتمّم كل برّ[161].] ج. أنّه فوق الزمن وغير منظور. [تطلّع إلى ذاك الذي هو فوق الزمن – غير الخاضع للزمن ولا منظور، الذي لأجلنا صار مرئيًا، غير الخاضع للألم صار لحسابنا خاضعًا للألم، محتملاً كل شيء لأجلنا[162].] د. حياتنا الجديدة هي في المسيح يسوع مصدر الحياة كما سنرى في الحديث عن الخلاص وعن الشركة في المسيح. الخلاص في رأي القدّيس أغناطيوس[163]توجد مملكتان: مملكة الله مصدر الحياة والخلود وحده ومملكة إبليس المؤقتة يسودها الفساد والموت. أمّا الإنسان فبذاته لا تتمتّع نفسه بالخلود... إنّه في حاجة أن يتّحد بالمسيح واهب الحياة والخلود. فمن كلماته: [لا تنكر صلاحه (المسيح)، لأنّه لو عاملنا بالمثل كما نعامله لقُضي علينا[164].] الآن كيف يتحقّق الخلاص؟ أ. السيّد المسيح كواهب الحياة وحده قادر أن يطهّرنا من سلطان الفساد والموت إذ يقول: [وُلد واعتمد لكي يطهّر الماء بآلامه[165].][ينشر على كنيسته عطر الخلود[166].] [بدونه ليست لنا حياة حقيقيّة[167].]ب. صُلب السيّد المسيح حقًا[168]، لكي يهبنا بصليبه الحياة، لذا يدعو الصليب "شجرة الحياة[169]"، أغصانها هم المؤمنون الثابتون فيه، يحملون ثمارًا غير فاسدة[170]. الصليب هو أساس الاستشهاد كدعوة لقبول الموت مع المصلوب. إذ يقول: [دعوني اقتدي بآلام إلهي؛ من كان الله معه فليفهم ما أريد... أنا حنطة الله! أُطحن تحت أنيابها لأصبح خبزًا نقيًا للمسيح... حيندئذ أصبح تلميذًا حقيقيًا ليسوع المسيح عندما لا يرى العالم جسدي[171].] ج. بالموت حطّم السيّد المسيح الشيطان ونزع عنّا الموت: [لا تعيشوا كسائر الناس بل بحب يسوع المسيح الذي مات لأجلكم الذي إذا آمنتم بموته تخلّصون من الموت[172].] باتّحادنا بجسد المسيح القائم من الأموات نستهين بالموت وننتصر عليه. إذ تكون الحياة المُقامة ليست فقط في متناول يد المؤمن بل عاملة فيه خلال شركته مع مسيحه. [أما أنا فأعرف وأؤمن أنّه ظلّ في الجسد حتى بعد قيامته... في الحال لمسوه (لو ٢٤: ٣٩)، وآمنوا واتّحدوا بجسده وروحه، فاستهانوا بالموت، وانتصروا عليه. وبعد قيامته أكل وشرب مثل البشر، لكنّه كان متحدًا بالآب في الروح[173].] يرى أن الله الكلمة تجسّد حقًا ووُلد وصُلب حقًا ومات حقًا أمام السمائيّين والأرضيّين والذين تحت الأرض، غايته أن تكون قيامته حقيقة واقعة، ليهبنا جسده المقام فنقوم فيه ومعه. [وقام حقًا من الموت، والآب هو الذي أقامه، وسيقيمنا نحن في يسوع المسيح، وكل الذين آمنوا به، فبدونه ليست لنا حياة حقيقيّة[174].] نظرته للموت يرى الأب رومانيدس في كتابه: [لاهوت الكنيسة عند القدّيس أغناطيوس] أن شوقه إلى الموت ليس عن حماس أخروي ولا عن تعب، إنّما عن فهم كتابي (إنجيلي) للشيطان حيث يرتبط مع الموت (٢ كو ٢: ١١). ففي نظره الخوف من الموت هو استعباد للشيطان، أمّا من يتحد بالسيّد المسيح ويتتلمذ له فلا يخاف الموت، لأنّه يتمتّع بالاتّحاد مع الحياة والخلود وعدم الفساد. بالموت يبلغ الإنسان إلى الآب والسيّد المسيح فينعم بالحياة الخالدة. [أمامنا شيئان: الموت والحياة... توجد عُملتان: عملة الله وعملة العالم، ولكل منهما ختم خاص بها. لغير المؤمنين ختم العالم، وللمؤمنين القائمين في المحبّة ختم الله الآب بيسوع المسيح. إن لم نختر بملء حرّيتنا أن نموت معه لنشترك في آلامه، فحياتهم ليست فينا[175].] [لتأت عليَّ كل هذه: النار والصليب، مجابهة الحيوانات المفترسة، التمزيق والكسر... لتنصب عليَّ كل عذابات الشيطان، على أنّني أبلغ يسوع المسيح[176].] [رئيس هذا العالم (الشيطان) يفرح بإقصائي بعيدًا عن الله وإفساد اشتياقي إليه؛ ليتكم أيها القاطنون بروما لا تعاونوه بل تكونوا في جانبي، أي مع الله[177].] [لماذا أسلِّم نفسي إلى الموت، إلى النار، إلى السيف، إلى الوحوش الضارية!... القريب من السيف هو قريب من الله، والذي مع الوحوش هو مع الله، على أن يتم ذلك كلّه باسم يسوع المسيح؛ وإنني احتمل كل شيء لاشترك في آلامه[178].] جاء في حواره مع تراجان: [أنا كاهن سيّدي يسوع المسيح، وله أقدّم الذبيحة كل يوم، وأرغب أن أقدّم حياتي ذبيحة كما قدّم حياتهم ذبيحة، حبًا فيَّ.] ٢. الكنيسة أ. الكنيسة موضع الذبيحةThysiasterion. ب. الكنيسة جماعة حب. [كل الأمور حسنة على السواء؛ إذا آمنتم وأنتم في المحبّة[179].]السيّد المسيح هو الحياة الخالدة، إذ يهبنا الحياة يعطينا الحب الإلهي: [فإن شرابه، أي دمه... هو المحبّة غير الفاسدة[180].] ج. الكنيسة جماعة شكر وتسبيح. خلال سرّ الشكر تظهر الكنيسة من جانبين:جانب إيجابي: تمتّع بالحب والنقاوة والوحدة وشركة الخلود مع التسبيح والفرح. وجانب سلبي: تقاوم إبليس وتغلبه. [اهتموا في أن تجتمعوا بكثافة أكثر لتقديم الشكر والمجد لله، فعندما تجتمعون مرارًا معًا في الاجتماع الإفخارستي، تضمحلّ قوى الشيطان، وتنحل قوّته أمام اتفاق إيمانكم وتآلفه[181].] [لا يخدعن أحد نفسه، فإذا كان الإنسان خارج الهيكل يُحرم من خبز الله... ومن لا يأتي إلى الاجتماع معًا يتكبر ويقطع نفسه عن الشركة[182].] [من كان داخل المذبح فهو نقي، وأما من كان خارج المذبح فهو ليس نقيًا[183].]كنيسة المسيح كاثوليكيّة الكنيسة (الكنيسة الجامعة!) أول من دعي الكنيسة بالكاثوليكيّة هو القدّيس أغناطيوس، هذا لا يعني إنّها من وضعه، لكن سجّل ما كان سائدًا في عصره عن جامعيّة الكنيسة وكلمة "كاثوليكيّة" مركبة من مقطعين، هما "كاث" و"اولو" kay وolo، أي الكل معًا في وحدة، وهي كلمة شرقيّة من واقع الخبرة الشرقيّة، لا علاقة لها بالمفهوم الخاص بالكنيسة اللاتينيّة، استخدمت الكلمة في الليتورچيّات الشرقيّة، لا لتعني الوجود في بقعة معيّنة أو الوجود الجغرافي حتى في العالم، إنّما الوجود الروحي وارتباطه حول المذبح الواحد. [اجتمعوا في هيكل واحد لله، حول مذبح واحد، في يسوع المسيح الوحيد، الذي خرج من أبٍ واحدٍ، وكان معه واحدًا، وإليه عاد وهو واحد[184].] الوحدة الكنسيّة تقوم هذه الوحدة كأيقونة حيّة للوحدة بين الآب والسيّد المسيح، وكعلاقة للحب. أ. وحدانيّة الله: [واحد هو الله، أظهر نفسه بابنه يسوع المسيح[185].] الله الواحد هو الثالوث[186]، الآب أبو يسوع المسيح[187]، والمسيح إلهنا[188]، والروح القدس. ب. وحدة الآب والمسيح: الآب والسيّد المسيح هما رجاؤنا المشترك[189]، مصدرا الحب والرحمة والنجاح[190]، مصدرا سلطان الكاهن[191]. حياتنا هنا هي "في المسيح[192]"، كما "في الله (الآب)[193]"، وغاية حياتنا هو أن "ننال الله[194]" أو "ننال المسيح[195]". المسيحيّون هم هيكل الله وهيكل المسيح، يسكن الله فيهم وهكذا المسيح[196].ج. وحدة شخص المسيح: [يوجد طبيب واحد، هو في الوقت نفسه جسم وروح (إنسان وإله)[197].] د. وحدة المسيحيّين والكنيسة: تتحقّق الوحدة في الكنيسة المحلّية خلال الأسقف المنظور الذي يمثّل الأسقف غير المنظور[198]، سلطانه ينحدر من الرسل، وهو صورة الله غير المنظور[199]. كرّس القدّيس أغناطيوس حياته من أجل الوحدة، ففي نظره الأسقف هو حارس الوحدة بكونه راعٍ يهتم بحياة الرعيّة. هيكل مقدّس نحن هيكله نقتنيه فينا وهو يقتنينا بدمه الثمين. [لنعمل ما ينبغي علينا عمله، معتبرين أنّه حالّ فينا، ونحن هياكله، وهو إلهنا الساكن فينا. وهذا سيظهر لنا بكل وضوح إن أحببناه باستقامة[200].] [اعتبرتم نفوسكم حجارة هيكل الآب، أُعدت لبناء الله، ورُفعتم إلى فوق بأداة يسوع المسيح، أي بالصليب، وبحبل الروح القدس. إيمانكم يسحبكم إلى فوق، والمحبّة هي الطريق الذي يؤدي بكم إلى الله. أنتم إذن رفاق الطريق، حاملون اللهTheophoroi والهيكل Naophoroi والمسيح Christophori والقدسات[201]Agiaphoroi.] حامل الله (الثيؤفورس) يلقب القدّيس أغناطيوس نفسه في كل افتتاحيّة من رسائله بالثيؤفورس وعند محاكمته سأله تراجان الإمبراطور: "ماذا تقصد بحامل الله "ثيؤفورس""؟ أجابه: "أن يكون السيّد المسيح في قلبه". ونراه في النص السابق يدعو المؤمن "ثيؤفورس" أي حامل الله، و"ناؤفورس" أي حامل الهيكل و"خريستوفورس" أي حامل المسيح، و"أجيافورس" أي حامل القدسات. الشركة مع المسيح [بكل نقاوة ورزانة أقيموا في المسيح يسوع، بالجسد والروح[202].][إني أصلي أن توجد فيهم نعمة الاتّحاد بجسد يسوع المسيح وروحه، الذي هو حياتنا الأبدي؛ وحدة الإيمان والحب، التي لا شيء يفضلها[203].] [الأمر الوحيد الضروري هو الوجود في المسيح يسوع للحياة الأبديّة[204].]الاقتداء بالمسيح [لا يستطيع الجسديّون أن يأتوا بأعمال روحيّة، ولا الروحيّون عمل الجسديّين؛ ولا يمكن للإيمان أن يمارس عمل الكُفر، ولا الكُفر عمل الإيمان، والأعمال التي يمارسونها حتى في الجسد هي روحيّة، لأنكم تعملون كل شيء في اتّحاد مع يسوع المسيح[205].] [تمثلوا بيسوع المسيح كما يتمثل هو بالآب[206].][دعوني أتمثل بآلام إلهي[207].] الإفخارستيا الإفخارستيا بالنسبة للمؤمن هي: v غذاء روحي يشبع النفس، ويهبها الخلود[208]. v دواء يشفي المؤمن من أمراض الروح وضعفاتها ومن الموت[209]. v تمتّع بالوحدة مع الله والكنيسة، حيث يجتمع المؤمنون حول الأسقف، وحول مذبح واحد، ليس لربّنا يسوع المسيح سوى جسد واحد وكأس واحدة توحّدنا بدمه[210]. يتطلّع القدّيس أغناطيوس إلى الأفخارستيّا كذبيحة thysia حقيقيّة، فكثيرًا ما يشير إلى المذبح والذبيحة والهيكل[211]. [صلاة واحدة، تضرع واحد، عقل واحد، رجاء واحد في المحبّة وبفرح لا عيب فيه، هذا هو يسوع المسيح... اجتمعوا في هيكل واحد لله حول مذبح واحد في يسوع المسيح الوحيد[212].] العماد ذُكر العماد في رسائل القدّيس أغناطيوس أربع مرّات، في اثنتين منها يشير إلى عماد السيّد المسيح في الأردن، والأخريّتين إلى سرّ الكنيسة. [وُلد واعتمد ليطهّر المياه بآلامه[213].][عمَّده يوحنا حتى يتم كل برّ...[214].] لا يمنح العماد بدون علم الأسقف[215].الاستشهاد [إنكم متمثلون بالله، وقد أكملتم عمل الإخوة حتى النهاية بدم الله. وما أن عرفتم بمجيئي من سوريا، موثقًا لأجل الاسم... راجيًا أن أحظى بمعونة صلاتكم، بمجابهة الوحوش في روما لأتمكّن من أن أكون حقًا تلميذ المسيح[216].] [هيِّجوا هذه الوحوش الضارية لتكون قبرًا لي، ولا تترك شيئًا من جسدي... حينئذ أصير تلميذًا حقيقيًا ليسوع المسيح عندما لا يرى العالم جسدي... صلّوا إلى المسيح من أجلي حتى عندما أعدّو بفضل الوحوش الضارية ضحيّة إلهي[217].] لقد وُجدت الكنيسة الأولى في كلمات القدّيس أغناطيوس الناريّة مفاهيم الاستشهاد والشوق إليه، في رسالته إلى أهل روميّة، فكانت تُقرأ مرّة ومرّات في أوقات الاستشهاد[218]، لتهيئة النفوس بالشوق نحو الاتّحاد مع المسيّا المتألّم وقبول دعوته للانطلاق نحو الآب... [دعوني أتمثل بآلام إلهي!] الشهادة للسيّد المسيح[219] v بالصلاة من أجل الآخرين: [صلّوا بلا انقطاع من أجل الآخرين فإنّه يُرجى فيهم التوبة ليبلغوا إلى الله[220].] v بالقدوة الصالحة: [علّموهم على الأقل بأعمالكم، فيكونوا لكم تلاميذ. قابلوا غضبهم بالهدوء، وكبرياءهم بالوداعة، وتجديفهم بالصلاة... كونوا مترفّقين أمام قسوتهم، ولا تطلبوا الانتقام[221].] [من الأفضل أن نصمت ونعمل عن أن نتكلم ولا نعمل. فالتعليم حسن، إذا كان المعلّم يعمل بما يعلّم به. ليس لنا سوى معلّم واحد، هو الذي قال وعمل كل ما قاله[222].] الإكليروس v الدرجات الكهنوتيّة الثلاث مع الشعب يلتزمون بالعمل كإرادة الآب، حسب فكر المسيح، بالروح القدس: [إنّها (الكنيسة) فرحي الأبدي، لاسيما إن ثابر أبناؤها على أن يكونوا واحدًا مع الأسقف والقساوسة والشمامسة الذين أُقيموا معه (مع الأسقف) حسب فكر يسوع المسيح الذي يثبّتهم حسب مشيئته الخاصة وبروحه القدّوس[223].] [أسقف واحد مع القساوسة والشمامسة رفاق في الخدمة، وهكذا تتمّمون في كل شيء مشيئة الله[224].]الكنيسة كجماعة ليتورچيّة متعبّدة لله حول المذبح لا يمكن أن تقوم بدون الإكليروس في درجاته الثلاث: [بدون هؤلاء لا توجد كنيسة[225].] v كل ما يتعلّق بالكنيسة ينبغي أن يتم بالاشتراك مع الأسقف والقسوس والشمامسة: [لازموا الأسقف ملازًمة المسيح لأبيه، واتبعوا لفيف القساوسة اتباعكم للرسل، كرموا الشمامسة كاحترامكم لوصيّة الله. لا يصنع أحد شيئًا يخص الكنيسة بدون الأسقف[226].][يكرم بعضهم الأسقف بالكلام فقط ولا يعتبرونه في أعمالهم كلّها. ويبدو لي أن مثل هؤلاء لا يتصرّفون بضمير صالح، إذ لا يعقدون اجتماعات شرعيّة مطابقة لوصيّة الرب[227].] [لأنّه (المسيح) واحد مع الآب، هكذا أنتم لا تأتوا عملاً بمعزل عن الأسقف والقساوسة... بل اعملوا عملكم حسب الشركة، وهي صلاة واحدة. طلبة واحدة، فكر واحد، رجاء واحد في المحبّة وبفرحٍ بلا عيب. هذا هو يسوع المسيح لا يفضله شيء. اجتمعوا في هيكلٍ واحدٍ ومذبحٍ واحدٍ في يسوع المسيح الوحيد[228].] في الخضوع لهم تحقيق للوحدة معًا في المسيح الواحد، وتمتّع بالحياة المقدّسة في الرب. [ينبغي عليكم... أن تطيعوا الأسقف ولفيف القساوسة، حتى تتقدّسوا في جميع الأمور.] [إن كنت أنا نفسي في زمن قصير قد ارتبطت بأسقفكم برباط روحي لا جسدي، فكم أنتم مباركون، فأنتم المتحدون معه مثل اتّحاد الكنيسة بالمسيح، ومثل اتّحاد المسيح بالآب، حتى يتآلف الكل في وحدة[229].] [ثابروا على الاتّحاد بإلهنا يسوع المسيح وبالأسقف وبوصايا الرسل... من يصنع عملاً بدون الأسقف والقساوسة والشمامسة فضميره غير نقي[230].] v الوحدة والخضوع للأسقف هما أيقونة للوحدة والخضوع لله أبي ربّنا يسوع أسقف الجميع. [لا تستهينوا بحداثة أسقفكم، بل أدُّوا له كل احترام من أجل سلطان الله الآب. وإني أعرف أن قساوستكم القدّيسين لم يستخفّوا به بالرغم من حداثة سنه كما يبدو عليه، بل كأناس واعين في الله أظهروا له الخضوع، ليس له، بل لأبي يسوع المسيح أسقف الجميع[231].] الوحدة مع الأسقف هي صورة حيّة عن الوحدة مع السيّد المسيح: [كل من ينظر الأسقف صامتًا، عليه أن يوقّره، لأن رب البيت أرسله، ليدبّر بيّته؛ علينا أن نقبله كما نقبل من أرسله. ولذلك علينا أن نعتبر الأسقف كما نعتبر الرب نفسه[232].] [عندما تطيعون أسقفكم طاعتكم ليسوع المسيح يصير هذا برهانًا على أنكم لا تعيشون حسب العالم، بل بحسب يسوع المسيح الذي مات لأجلكم[233].] الأسقف مثال الآب: [على الجميع أن يحترموا الأسقف أيضًا احترامهم ليسوع المسيح، والأسقف مثال للآب[234].]الخضوع ليس خنوعًا ولا ضعفًا ولا استخفافًا بالشعب، بل علامة الوحدة؛ مقدّما خضوع السيّد المسيح الواحد في أبيه والمساوي له في الجوهر مثالاً. [اخضعوا للأسقف، وليخضع بعضكم للبعض الآخر، كما أن يسوع المسيح كان خاضعًا لأبيه[235].]يطالب الجميع باحترام الشمامسة احترامهم ليسوع المسيح[236]. إذ كان يقول: [لازموا الأسقف يلازمكم الله.] يدعو الشمامسة شركاءه أو رفقاءه في الخدمة. أوضح التزام الأسقف الذي يكرِّمه الشعب: [حافظ على مركزك بكل عناية... وابذل جهدك في سبيل الوحدة التي لا شيء أفضل منها. ساعد الجميع كما يساعدك الله... اسهر بروح لا يعرف الكسل[237].] الأسقف والإفخارستيا [لا تشتركوا إلاَّ في إفخارستيّا واحدة، لأنّه ليس لربّنا سوى جسد واحد وكأس واحد توحّدنا بدمه، ومذبح واحد، وأسقف واحد مع القساوسة رفاقي في الخدمة، وهكذا تتمّمون في كل شيء مشيئة الله[238].] [لا يفعل أحد منكم شيئًا يخص الكنيسة دون إرادة الأسقف. الإفخارستيا هي السرّ الذي يتمّمه الأسقف أو من ينتدبه. لا يجوز أن تُمنح المعموديّة ولا تُقام وليمة الأغابي بدون الأسقف[239].] الزواج طلب أن يكون الاتّحاد في الزيجة بموافقة الأسقف حتى يكون الزواج حسب الرب، يحمل رمز الحب بين السيّد المسيح وكنيسته العروس[240]. البتوليّة [البتوليّة ليست احتقارًا للزيجة... ولا نلمح هذا الاستعلاء، لأن تطلّعه بين الرجل والمرأة كعلاقة المسيح بالكنيسة[241].]الصمت [من امتلك الحق، يحدثه يسوع، ويستطيع أن يصغي حتى إلى صمته (صمت السيّد المسيح)، فيكتمل ويعمل بكلمته وصمته (صمت المؤمن المدرك لصمت السيّد المسيح)[242].] |
||||
26 - 08 - 2012, 02:37 PM | رقم المشاركة : ( 12 ) | ||||
..::| الاشراف العام |::..
|
رد: الدليل المبسط في علم آباء الكنيسة
القدّيس بوليكاربوس أسقف سميرنا St. Polycarp of Smyrna من أهم الشخصيّات الكنسيّة في ولاية آسيا الصغرى في النصف الأول من القرن الثاني[243]، استحق لقب "معلّم آسيا، وأب المسيحيّين، ومحطّم الآلهة[244]". كما نرى في رسالته ووقائع استشهاده هو إنسان وقور، ارتعب الجند من هيبته ووداعته وبشاشته عندما أرادوا القبض عليه. لم يخف عذابات الموت، وكان قلبه متّسعًا بالحب نحو الغير، يصلي لأجلهم في لحظات استشهاده. لا نعرف شيئًا عن نشأته، إنّما حوكم حوالي سنة ١٥٥م وكان عمره حوالي ٨٦ عامًا، لذا فقد وًلد حوالي سنة ٦٩م، وتعمد في صباه. يروي عنه كلارك C. P. S. Clarke أن سيّدة تقيّة تُدعى كالستو Callisto اشترته بناءً على رؤيا، وأودعته منزلها، وعندما نما جعلته مديرًا لممتلكاتّها. سافرت لأمرٍ ما وسلمت مخازنها له، فالتف حوله الأيتام والأرامل والفقراء، فكان يعطيّهم بسخاء. وإذ رجعت السيّدة أخبرها العبد زميله بما حدث، لكن إذ فتحت مخازنها وجدتها مملوءة كما كانت. أمرت السيّدة بعقاب العبد الزميل لكن بوليكاربوس تشفع فيه وأخبرها بحقيقة الأمر، فدهشت كالستو من عمل الله، وكتبت لبوليكاربوس وصيّتها أن يرث كل ما تملكه بعد وفاتّها، وأما هو فلم يشغله هذا الأمر. يرى البعض أن بوكوليس Bucolus أسقف سميرنا سامه شماسًا، فشهد للمخلّص بالكلام كما بحياتهم، وكان يواجه الأمم واليهود والهراطقة، فسامه كاهنًا وهو صغير السن، وقد قال عنه الأسقف أنّه مستحق أن يكون مشيرًا ومشاركًا له في التعليم.ويرى آخرون أنّه تتلمذ على يدي القدّيس يوحنا الحبيب، وقد تعرّف على عدد ممّن عيَّنهم الرب، وربّما قام القدّيس يوحنا نفسه بسيامته أسقفًا على سميرنا (أزمير). القدّيس بوليكاريوس أسقف سميرنا قال عنه تلميذه القدّيس إيريناؤس: [وأما بوليكاربوس ليس فقط قد تعلَّم بواسطة الرسل، وتحدّث مع كثيرين ممّن شاهدوا المسيح، بل وأيضًا تعلَّم بواسطة الرسل في آسيا، وأُقيم أسقفًا في سميرنا، هذا الذي رأيته في صغري[245].] ويقول العلاّمة ترتليان إن القدّيس يوحنا الحبيب هو الذي أقامه أسقفًا، قبل نفيه إلى بطمس. قيل أنّه هو ملاك كنيسة سميرنا الله أشار إليه في سفر الرؤيا (رؤ ٢: ٨)، وهو الوحيد من بين الأساقفة السبعة الذي وجده بارًا، غنيًا في الإيمان، فقيرًا في ماديّاته، مقاومًا للمجدّفين، يُنتظر دخوله في ضيق. قال عنه القدّيس إيريناؤس: [أنّه إلى الآن لم يزل ثابتًا في مخيلتي نوع الاحتشام والرصانة الذي كان يتّصف بهما القدّيس بوليكاربوس مع احترام هيئته ووقار طلعته وقداسة سيرته، وتلك الإرشادات الإلهيّة التي كان يعلّم بها رعيّته. وبأبلغ من ذلك، كأني أسمع ألفاظه التي كان ينطق بها عن الأحاديث التي تمّت بينه وبين القدّيس يوحنا الإنجيلي وغيره من القدّيسين الذين شاهدوا يسوع المسيح على الأرض، وتردّدوا معه، وعن الحقائق التي تسلّمها وتعلمها منهم.] سيم أسقفًا وهو في حوالي الثلاثين من عمره. القدّيسان بوليكاربوس وأغناطيوس ارتبط اسم القدّيس بوليكاربوس بالقدّيس أغناطيوس، فقد توقّف الأخير في سميرنا وهو في طريقه إلى روما للاستشهاد. استقبله أسقف سميرنا بتكريم لائق به كمعلّمٍ عظيمٍ ومعترفٍ في طريقه إلى الاستشهاد، وقد لحقه بعد حوالي ٤٠ عامًا مقدّمًا حياته ذبيحة حب بالاستشهاد. اهتم القدّيس بوليكاربوس برسائل القدّيس أغناطيوس، فجمعها وأرفقها بخطابٍ منه. عندما بلغ القدّيس أغناطيوس تراوس بعث برسالةٍ إلى القدّيس بوليكاربوس تكشف عن شخصيّة الأخير: [أرحب بفرح بمشاعرك وأفكارك الثابتة في الله كصخرة لا تتزعزع، لذلك مجَّدتُ الرب بلا حدود لأنّه أهَّلني لرؤية وجّهك الذي بلا عيب، وأرجو أن أتمتّع به في الله[246].] وبالفعل واجه القدّيس الاستشهاد كصخرة لا تتزعزع! بوليكاربوس والهراطقة قاوم القدّيس بوليكاربوس الهراطقة، خاصة مرقيّون، ويشهد عنه القدّيس إيريناؤس أنّه ردَّ كثيرين ممّن انحرفوا وراء الهراطقة (أتباع فالنتينوس وأتباع مرقيّون) إلى الكنيسة الكاثوليكيّة (الجامعة)[247]. التقى القدّيس بوليكاربوس بمرقيّون، فسأله الأخير: "أتعرّفنا؟" أجابه: "أعرفك، إنكَ بكر الشيطان". ذهب مرقيّون إلى روما سنة ١٤٠م متخفيًا وبدأ ينشر بدعته، والتف حوله عدد من المسيحيّين، فطردته الكنيسة، وفي سنة ١٥٤م إذ كان القدّيس بوليكاربوس هناك ردّ كثيرين من أتباع مرقيّون[248]. ندم مرقيّون على ما فعله وارتضى الخضوع للكنيسة، لكنّه مات قبل أن تتم عودته. القدّيس بوليكاربوس الشهيد تقدّم لنا رسالة كنيسة سميرنا (عام ١٥٦م) إلى المسيحيّين في فيلوميليّون Philomelion بفيريجيا العظمى تفصيلاً عن استشهاد القدّيس بوليكاربوس الذي تم بعد فترة قصيرة من عودته من روما. وتُعتبر هذه الرسالة أقدّم وثيقة عن استشهاد شخص وأول عمل من "أعمال الشهداء" acta martyrum وإن كانت لا تُصنف ضمن أعمال الشهداء، وإنّما ضمن الرسائل. يوقع على الوثيقة شخص يدعى مرقيّون، كتبها بعد استشهاد القدّيس بفترة وجيزة[249]. تكشف لنا الوثيقة عن موقف المؤمن من الاستشهاد والشهداء. أضيف إلى هذه الوثيقة ملاحظات كُتبت في وقت متأخر، تقدّم لنا انطباعًا رائعًا عن سموّ شخصيّة بوليكاربوس. وقد جاءت رواية استشهاده في اختصارٍ هكذا[250]:إذ شرع مرقس أورليوس في اضطهاد المسيحيّين صب والي آسيا جامات غضبه عليهم، واحتمل مسيحيّو سميرنا الكثير. قرر الوثنيّون القبض على الأسقف، وتحت ضغط الشعب اضطر إلى الاختفاء. أخيرًا عرفوا الموضع، وجاء الجند يقبضون عليه. طلب من الجند أن يمهلوه ساعة واحدة ليصلّي. وقد تعجبوا من هيبته ووداعته وبشاشته وعذوبة حديثه، حتى قال أحدهم: "لماذا هذا الاجتهاد البليغ في طلب موت هذا الشيخ الوقور؟" حينما طلب من الوالي ستاثيوس كوادراتوس Statius Quadratus أن يحلف بحياة قيصر ويلعن المسيح فيطلقه أجابه: [لقد مضت ستّة وثمانون عامًا أخدم فيها المسيح، وشرًا لم يفعل معي قط، بل اقبل منه كل يوم نعمًا جديدة، فكيف أجدف على ملكي الذي يخلّصني؟]وحينما هدّده بالحرق وطرحه للوحوش، قال: [إني لا أخاف النار التي تحرق الجسد، بل تلك النار الدائمة التي تحرق النفس. وأما ما توعدتني به من أنك تطرحني للوحوش المفترسة، فهذا أيضًا لا أبالي به. أحضر الوحوش، وأضرم النار، فها أنا مستعدّ للحريق والافتراس.] وحينما حاول الجند تسميره على خشبة حتى لا يتحرك من شدّة عذابات النار، قال لهم: [اتركوني هكذا، فإن ذاك الذي وهبني قوّة لكي احتمل شدة حريق النار، هو نفسه سيجعلني ألبث فيها بهدوء دون حاجة إلى مساميركم.] أوثقوا يديه وراء ظهره واضعين إياه على الحطب، كما لو كان ذبيحة على مذبح، أمّا هو فصلى للرب، شاكرًا إياه أنّه سمح له أن يموت شهيدًا، وأن يشركه في شرب كأس آلام الابن الوحيد. أوردت هذه الوثيقة أول شهادة عن تقدير الكنيسة لرفات الشهداء، إذ جاء فيها: [أخذنا رفاته الباقيّة، الثمينة أكثر من الحجارة الكريمة، والأسمى من الذهب، وأودعناها في مكانٍ لائق. ليسمح الرب لنا – قدر المستطاع – أن نجتمع بالفرح والحبور لنحتفل باستشهاده – يوم ميلاده (18: 2).] هكذا تطلّعت الكنيسة إلى الموت، خاصة الاستشهاد، كيوم ميلاد المؤمن، يستحق أن يُعيد له... ربّما لهذا السبب كان القدّيس يوحنا الذهبي الفم يقاوم فكرة الاحتفال بأعياد ميلاد الأشخاص متطلّعا إلى عيد ميلادنا الحقيقي هو يوم خروجنا غالبين ومنتصرين من هذا العالم لنلتقي مع مسيحنا وجها لوجّه. تتحدّث الوثيقة التي نشير إليها هنا إلى تكريم الشهداء: [نسجد له، لأنّه ابن الله، ونحب الشهداء، لأنّهم تلاميذ الرب يقتدون به، يستحقّون ذلك من أجل محبّتهم الفائقة لملكهم ومعلّمهم (17: 3).] لم يبدأ الاحتفال بالشهداء بواسطة أحبائهم وعائلاتهم كعلاقات شخصيّة تمس الشهيد بهم، وإنّما منذ البداية قامت الكنيسة ككل بالاحتفال بفرحٍ وسرورٍ، كعمل كنسي مفرح يمجد نعمة الله العاملة في حياة الكنيسة. اعتمد بعض الدارسين على ما ورد في وقائع استشهاد بوليكاربوس "لذكرى الشهداء الأولين[251]"، بأن عيد الشهيد بوليكاربوس الذي بدأ عام ١٥٦م في سميرنا حسبه المؤمنون "عيد الكنيسة[252]" أو عيد الشهداء. أما سيرة بوليكاربوس Vita Polycarbi التي تُنسب إلى الكاهن بيونيوس Pionios فإنّها من نتاج القرن الرابع/الخامس، وقد نُسبت خطأ إلى بيونيوس الشهيد الذي نال إكليله سنة ٢٥٠م في سميرنا بينما كان يحتفل بذكرى بوليكاربوس. وتنحصر خدمات هذا القدّيس الشهيد التاريخيّة في أنّه حفظ لنا نص الرسالة في استشهاد بوليكاربوس المشار إليها أعلاه لا سيرة بوليكاربوس[253]. يتطلّع القدّيس بوليكاربوس إلى الاستشهاد كهبة إلهيّة، إذ نراه يشكر الآب بفرح من أجل هذه العطيّة وغيرها، مثبّتا شكره بكلمة "آمين" التي استخدمت في الليتورچيّا المسيحيّة[254]. كاثوليكيّة الكنيسة عُرف تعبير "كاثوليكيّة" أولاً في كتابات القدّيس أغناطيوس الأنطاكي، معلنًا: [حيث يوجد يسوع المسيح توجد الكنيسة الكاثوليكيّة.] وقد ورد هذا التعبير ثلاث مرّات في رسالة سميرنا التي وصفت استشهاد القدّيس بوليكاربوس، مرتان عُني بها "الجامعة"، أمّا المرّة الثالثة قرب نهاية الرسالة فجاءت لتحمل معنيّين، جامعيّة الكنيسة وأرثوذكسيّة إيمانهما. لقد ميزت الرسالة بين جسد الكنيسة الجامعة تحت قيادة قادتها الأرثوذكس وبين الجماعات المنشقة تحت قيادة الهراطقة[255]. رجل صلاة وعبادة تكشف الوثيقة الخاصة باستشهاده عن شخصيّة القدّيس بوليكاربوس كرجل صلاة، فعند القبض عليه طلب من الجند إمهاله وقتًا للصلاة، وقبيل استشهاده صار يصلّي. لقد أدرك أن الصلاة هي مصدر القوّة. أعماله الرسالة إلى أهل فيلبّي يخبرنا القدّيس إيريناؤس[256]أن القدّيس بوليكاربوس بعث عدة رسائل إلى الكنائس المسيحيّة المجاورة وإلى بعض الأساقفة زملائه. لم يصلنا من هذه الرسائل سوى رسالته إلى أهل فيلبّي.طلب أهل فيلبّي من القدّيس بوليكاربوس نسخة من رسائل القدّيس أغناطيوس، فأرسلها ومعها رسالة وجّهها إليهم، هذه الرسالة مدعّمة بحجج قويّة على صحتّها، شهد بذلك القدّيس إيريناؤس[257]، وكثير من الآباء. مميزاتّها تكشف لنا عن حالة الكنيسة البكر في أوربا، والتي كانت عزيزة على القدّيس بولس الرسول. تمتاز بأنّها غزيرة في جهة الحكمة العمليّة، مقتبسًا الكثير عن نصوص الكتاب المقدّس. إنّها تعكس لنا روح القدّيس يوحنا في وداعته كالحمل وملامح الهدوء. فقد كان محبًا كما كان يوحنا، وقد انعكس صوت "ابن الرعد" على بوليكاربوس في توبيخاته. تجسّد الكلمة وموته [كل روح لا يعترف بيسوع المسيح أنّه قد جاء في الجسد هو ضدّ المسيح؛ ومن لا يعترف بشهادة الصليب هو من الشيطان؛ ومن يحرف كلمات الرب لأجل شهواته قائلاً إنه ليس قيامة ولا دينونة، فهو بكر إبليس (7: 1).] الإقتداء بالسيّد المسيح والحياة معه [لنركّز أنظارنا دومًا على رجائنا وعربون برّنا، يسوع المسيح، الذي حمل خطايانا في جسده على الخشبة، والذي لم يوجد في فمه غش (١ بط ٢: ٢٤، ٢٢)، والذي لأجلنا احتمل كل شيء لكي نحيا فيه. فلنتشبّه باحتماله. (8: 1-2)] [اتبعوا مثال الرب، ثابتين غير متزعزعين في الإيمان، محبّين الإخوة. (10: 1)]الاهتمام بخلاص الآخرين في وداعة وحب إذ يتحدّث عن القس فالنز وزوجته اللذين بسبب الطمع انحرفا عن الإيمان، قائلاً: [إنني حزين جدًا يا إخوة من أجل فالنز ومن أجل زوجته أيضًا، يا ليت الرب يمنحهما توبة صادقّة! عالجوا هذا الأمر بالذات باعتدال، ولا تحسبوهما أعداء، بل حاولوا إعادتهما كعضوين مريضين تائهين، ومتى عادا يصبح جسدكم كاملاً، إذا فعلتم هذا فإنكم تبنون أنفسكم. (11: 4)] الجانب التنظيمي [ينبغي أن يكون القسوس عطوفين ورحماء على الجميع، فيردون الذين ضلوا، ويزورون المرضى، ولا يهملون الأرملة واليتيم والفقير، بل دائمًا يكونون "معتنين بأمورٍ حسنة قدام الرب والناس" (راجع رو١٢: ١٧؛ ٢ كو ٨: ٢١)، ممتنعين عن كل غضبٍ، ومحاباة الناس، أو إصدار حكم ٍظالمٍ، هاربين من كل محبّة للمال، غير متعجلين في الحكم ضدّ أحد، غير قاسين في الحكم، عالمين إنّنا جميعًا مدينون بالخطيّة. (6: 1)] الكنيسة والدولة [صلّوا لأجل الملوك (والرؤساء) (١تي٢: ٢)، والسلاطين والأمراء، صلّوا من أجل كل الذين يضطهدونكم ويبغضونكم، ومن أجل أعداء الصليب، حتى تكون ثمرتكم واضحة للجميع، وتكونوا كاملين فيه (المسيح). (فصل 12)] |
||||
26 - 08 - 2012, 02:40 PM | رقم المشاركة : ( 13 ) | ||||
..::| الاشراف العام |::..
|
رد: الدليل المبسط في علم آباء الكنيسة
رسالة برناباس The Epistle of Bernabas رسالة برناباس هي مقال لاهوتي أو عظة، لها مظهر الرسالة، وإن كان ينقصها وجود تحيّة افتتاحيّة وخاتمة، ولا تحوي أمورًا شخصيّة. لم يذكر واضعها اسمه، إنّما ذكر هدفها وهو تعليم "المعرفة gnosis الكاملة والإيمان". واضعها اقتبس القدّيس إكليمنضس السكندري[258]الكثير منها ونسبها إلى الرسول برنابا. كذلك اعتبرها العلاّمة أوريجينوس[259] من أسفار الكتاب المقدّس، أمّا يوسابيوس فصنفها من بين الكتب المختلفة، ثم جاء القدّيس چيروم واعتبرها من كتب الأبوكريفا، وإن كان الاثنان – يوسابيوس وچيروم – ينسبانها إلى برنابا رفيق بولس الرسول. وجّه الكاتب رسالته هذه إلى رعيّة مسيحيّة مجهولة، سبق أن بشَّر فيها بالإنجيل، ويدعو هؤلاء المسيحيّين بالأولاد والبنات، أبناء الفرح، أبناء المحبّة، إخوة الخ[260]. ويرى أوريجينوس إنّها رسالة جامعة كُتبت للكنيسة المسيحيّة في العالم. أقسامها تضم الرسالة قسمين رئيسيّين: قسم نظري، والآخر عملي. القسم النظري (١-١٧): وهو قسم عقيدي، هدفه كما جاء في الفصل الأول (١: ٥) [أن تصير معرفتكم كاملة جنبًا إلى جنب مع إيمانكم.] وقد أراد الكاتب بهذا أن يكشف للقارئ عن أهميّة العهد القديم ومعنى إعلانه، مُظهرًا أن اليهود قد أساءوا فهم الشريعة لأنّهم فسَّروها حرفيًا. بعد رفضه للتفسير الحرفي قدّم وجهة نظره: المعنى الروحي الأصيل، أي الرمزي. القسم العملي (١٨-٢١): يهتم بالجانب السلوكي الأخلاقي، على نمط يشبه ما جاء بالديداكيّة، تستخدم ما يسمى بالطريقين: طريق الفضيلة أو الرذيلة؛ النور أو الظلمة. الأفكار اللاهوتيّة السيّد المسيح [لو لم يصر إنسانًا كيف كان يمكن للبشر أن يعاينوه لكي يخلصوا، ناظرين أنّه بلا قدرة عندما يتفرّسون في الشمس ويحدقون إلى أشعّتها ببصرهم؟!] (فصل 5:5) جاء التجسّد بدافعين: [الأول: جاء ابن الله في الجسد للسبب التالي: لكي يملأ قياس (كأس) إثم أولئك الذين اضطهدوا أنبياءه حتى الموت؛ لهذا السبب احتمل الألم. الثاني: كان يريد أن يتألّم لأجلنا.] (فصل 5: 11-13) الشريعة الموسويّة لم يقصد الله حفظها حرفيًا، إنّما لكي تُفسر رمزيًا، وأن ملاكًا شرّيرًا قد ضلل اليهود بقبولهم التفسير الحرفي. 1. من جهة الختان: [يقول في موضع آخر، أنّه ختن قلوبنا... يقول الرب: "اختنوا قلوبكم" (راجع إر ٤: ٤)... هكذا ختن حتى آذاننا لكي نسمع صوته ونؤمن... الختان ليس ختان الجسد، لقد تجاوزه، لأن ملاك الشر قد ضللهم. إليكم ما يقوله الرب إلهكم: "لا تزرعوا في الأشواك، اختتنوا للرب" (إر ٤: ٣-٤). ماذا يقول أيضًا؟ "اختنوا غُرْلة قلوبكم ولا تصلبوا رقابكم" (تث ١٠: ١٦). هوذا يقول الرب: "كل الأمم غُلف، وكل بيت إسرائيل غلف القلوب" (إر ٩: ٢٦). المصريّون أيضًا يستخدمون الختان. تعلّموا أيها الأبناء الأحبّاء واعرفوا أن إبراهيم الذي طبَّق الختان أول الجميع طبقه روحيًا، واضعًا المسيح نصب عينيه، وقد حصل على كل التعليم بأحرف ثلاثة. يقول الكتاب حول هذا الموضوع أن إبراهيم ختن رجال أهل بيّته وعددهم ثمانية عشر وثلاثمائة (تك ١٧: ٢٣؛ ١٤: ١٤). لاحظ أن العدد ١٨ جاء أولاً ثم رقم ٣٠٠. العدد ١٠ يكتب بحرف "I" وعدد ٨ "H". فالعددان "IH" يعنيان يسوع (ايسوس) المسيح. والحرف "I" هو شكل الصليب ويعني نعمة، فالرقم ٣٠٠ الذي يُعبر عنه بالحرف "T" مضافًا إليه الحرفان الأولان "IHT" يدل على (يسوع) المسيح مع الصليب.] (فصل 9: 1-9) 2. من جهة الصليب: ا. أشار إلى الصليب عند حديثه عن ختان إبراهيم، إذ ختن عبيده الـ ٣١٨؛ وكما لاحظنا أن الرقم يشير إلى "صليب يسوع". ب. أشار إلى مجيء المسيّا المتألّم خلال تيس عزازيل المذكور في سفر اللاويّين (١٦: ٧-١٠)، خاتمًا حديثه عنه بالقول على لسان السيّد المسيح: [من أراد أن يرى ملكوتي يجب عليه أن يتألّم ويتعذّب ليحصل عليّ.] (فصل 7: 11) ج. أشار موسى إلى الصليب ببسط يديه (فصل 12: 3)، وبإقامة الحيّة النحاسيّة (فصل 12: 5-7). 3. من جهة الهيكل: [إني أقول لكم أيضًا عن الهيكل، إن هؤلاء الضالين الأشقياء انحصر رجاؤهم في بناء الهيكل، وليس بالله صانعهم. لقد فعلوا كما يفعل الوثنيّون عندما حصروا الله في الهيكل كالصنم، لكنّه سوف يُهدم الهيكل. تعلموا: "من قاس السماوات بالشبر وكال بالكيل (تراب) الأرض؟ ألست أنا يقول الرب؟ السماوات كرسيّ والأرض موطئ قدميّ. أين البيت الذي تبنون لي؟ وأين مكان راحتي؟" (راجع إش ٤٠: ١٢؛ ٦٦: ١)... قبل أن يكون لنا الإيمان بالرب كان داخلنا حقيرًا فاسدًا كهيكل مبني بأيدٍ بشريّة. كان هذا الهيكل مليئًا بعبادة الأصنام، ومسكنًا للشيطان عندما كنا نعمل ما يخالف الرب. انتبهوا حتى يأتي البناء عظيمًا، لأنّه يُبنى باسم الرب... يُبنى بعد نوالنا غفران الخطايا ووضع رجائنا في الرب وتجديدنا، فيُعاد بناؤنا، ويسكن الرب في داخلنا. كيف يتم ذلك؟ تتنبّأ فينا كلمته – وهي غرض إيماننا ودعوة موعده وحكمة وصاياه وتعاليمه، وتفتح لنا باب الهيكل، أي تفتح فمنا بالصلاة، نحن الذين كنا مستعدّين للموت، ويهبنا مغفرة الخطايا، ويدخل بنا إلى الهيكل غير الفاسد. من أراد أن يخلّص لا يتطلّع إلى الإنسان وإنّما إلى الساكن فيه... هذا ما يعنيه الهيكل الروحي الذي بناه الله (فصل 16).] 4. من جهة الذبائح والتقدمات: [قال لهم: لأني لم أكلم آباءكم ولا أوصيتهم يوم أخرجتهم من أرض مصر من جهة محرقة وذبيحة، بل إنّما أوصيتهم بهذا الأمر، قائلاً: "لا يفكرن أحد في السوء على قريبه في قلوبكم، ولا تحبوا يمين الزور" (إر ٧: ٢٢، ٢٣؛ زك ٨: ١٧)... أنّه يقول: "الذبيحة لله روح منسحق" (مز٥١: ١٧)؛ القلب المنسحق عطر للرب الذي جبله.] (فصل 12) 5. تحريم بعض الأطعمة [لم يكن عدم الأكل أمرًا إلهيًا، لأن موسى تكلم عن الأكل بالروح وبطريقة رمزيّة. تكلم أولاً عن الخنزير، وقد عني بذلك ألاَّ يكون لك اتصال بمن كانت أخلاقهم كالخنزير، إي أولئك الذين ينسون الرب وهم في حياة التنعم يتقلبون، ولا يذكرونه إلاَّ عندما يشعرون بالاحتياج، وذلك كالخنازير التي لا تعرف أصحابها إلاَّ عندما يعضّها الجوع، فتصرخ لتحصل على الأكل. "لا تأكل النسر والأنوق والعقاب والغراب" (لا ١١: ١٣)، أي لا تكون لك علاقة بمن لا يعرفون كيف يكسبون عيشهم إلاَّ بالقنص الشرّير وافتراس لحوم الآخرين، فتراهم يسلكون مسلك البراءة وما هم بأبرياء. أنّه يتربصون بفريستهم لينقضوا عليها... لا يكون لك علاقة بالكفرة (منكري الإيمان) الذين هم الآن أموات ويشبهون الأسماك الملوّنة التي لا تسبح كبقيّة الأسماك، بل تستقر في الأعماق منتظرة فريستها لتنقّض عليها (لا ١١: ٩-١١).] (فصل 10) العماد [يجدننا بغفران خطايانا، ليغيرنا إلى طابع آخر، فتصير لنا النفس التي للأطفال، وكأنّه يخلقنا ثانية. يتحدّث الكتاب المقدّس عنّا عندما يقدّم لنا حديث الآب مع الابن: "لنخلق الإنسان على صورتنا ومثالنا.] (فصل 6: 11-12) يوم الرب [قيل: "قدّسوا يوم السبت للرب بأيدٍ نظيفة وقلوبٍ نقيّة" (راجع خر ٢٠: ٨؛ مز ٢٤: ٤)... نخطئ إن اعتقدنا إنّنا نستطيع أن نقدس اليوم الذي قدسه الرب دون أن نكون أنقياء القلوب. إنّنا لا نستطيع أن نقدس اليوم، ولا أن نرتاح فيه بكرامةk إلاَّ إذا كنا جديرين بتبرير نفوسناk بوضع قدّمنا على طريق الوعد، بعد تدميرنا لكل إثم، وتقدّيسنا بيسوع، عندئذ نستطيع أن نقدس السبت بتقدّيسنا أولاً... لذلك نعيد اليوم الثامن بفرح؛ اليوم الذي قام فيه المسيح من الأموات وظهر وصعد إلى السماوات.] (فصل 15) الألفيّة Chilioi واضع الرسالة من أتباع الألفيّة Chiliasm؛ اعتبر ستّة أيام الخلقة هي ستّة آلاف سنة، لأن ألف سنة كيومٍ واحد عند الرب (مز ٩٠: ٤). وخلص إلى القول بأنّه في هذه الآلاف الستّة تكتمل كل الأشياء بعد أن يتحطّم هذا الزمن الشرّير وتُعطى الفرصة كاملة للخطاة للتوبة، عندئذ يأتي ابن الله ليدين الأشرار ويغير الشمس والقمر والنجوم ويرتاح في اليوم السابع. (فصل 15: 4-5) |
||||
26 - 08 - 2012, 02:41 PM | رقم المشاركة : ( 14 ) | ||||
..::| الاشراف العام |::..
|
رد: الدليل المبسط في علم آباء الكنيسة
بابياس أسقف هيرابوليس Papias of Herapolis تعرّفنا على بابياس (وُلد ما بين ٦٠، ٧٠م) وكتاباته وأفكاره غالبًا من خلال كتابات القدّيس إيريناؤس ويوسابيوس القيصري[261]. يرى الأول أن بابياس تلميذ القدّيس يوحنا الحبيب، ورفيق القدّيس بوليكاربوس أسقف أنطاكية. صار أسقفًا على هيرابوليس في فرنجيّة بآسيا الصغرى. تفسير كلام الرب Logion Kyriakon Exegesis يذكر القدّيس إيريناؤس المعاصر له أنّه وضع خمسة كتب[262]، وقد مدح هذا العمل جدًا، إذ تطلّع إليه أنّه على اتصال بأزمنة الرسل[263]. وقد وُجد هذا العمل حتى القرن الرابع عشر ما لم يكن بعد ذلك، لكنّه لم يُعثر بعد على نسخة منه[264]. احتكامًا إلى ما ورد في رسالة الإنجيلي يوحنا: "الذي كان من البدء، الذي سمعناه، الذي رأيناه بعيوننا... نخبركم به" في نهاية القرن الأول الميلادي، حدث صدى له لدى كثيرين من الذين عاشوا بعد ذلك، وشاهدوا بأعينهم، وسمعوا بآذانهم، ليسجّلوا للكنيسة ما استطاعوا تسجيله[265]؛ من بينهم بابياس تلميذ القدّيس يوحنا الحبيب الذي عمد إلى جمع التقليد الذي تلقاه من أفواه من وعى أحاديث الرسل والتلاميذ. فوضع كتابه هذا ذا الخمسة مقالات في "تفسير كلام الرب Exposition of Oracles of the Lord، كتبه مؤخرًا في نهاية حياتهم ما بين عام ١٣٠، ١٤٠م[266]. اهتمامه بالتقليد يقول[267]Richardson : [لقد قامت الكرازة المسيحيّة على العهد القديم والتقليد الحيّ ليسوع، هذا الذي تناقل فمًا من فم، ففي الكنيسة الأولى كان الشعور بالشهادة الشخصيّة قويًا للغاية. فبابياس مثلاً سجّل لنا تفضيله "الصوت الحيّ" عن الكتب.] مع ما لهذا العمل من عيوب لكنّه يحمل قيمة خاصة من جهة اهتمامه بالتقليد بما يحويه من تعليم الرسل الشفوي. فقد لخّص بابياس عمله هذا في المقدّمة، قائلاً: [لا أتردّد أن أضيف ما تعلّمته وما أتذكّره جيدًا من تفاسير تسلّمتها من الشيوخ، لأني واثق من صحته تمامًا. أنا لم أفرح، كمعظم الناس، بالذين قالوا أشياء كثيرة، بل بمن يعلّمون الحق؛ ولا أفرح بمن يردّدون وصايا الآخرين، بل بأولئك الذين أعادوا ما أعطاه الرب للإيمان واستقوا من الحق نفسه. وإذا جاءني أحد ممّن تبع القسوس نظرت في كلام الشيوخ ممّا قاله اندراوس أو بطرس أو فيلبس أو توما أو يعقوب أو يوحنا أو متى أو أحد تلاميذ الرب، أو أرستون أو يوحنا الشيخ. فإنني ما ظننت أن ما يُستقى من الكتب يفيدني بقد ما ينقله الصوت الحيّ الباقي[268].] هكذا يهتم بابياس بصوت التقليد الشفوي الحيّ الذي سُلّم خلال تلاميذ الرب بكونه صوتًا إنجيليًا يعلن عن الحق. ويلاحظ في هذا النص الآتي: 1. استخدم كلمة شيوخ هنا بالمعنى العام كقول Lightfoot ليشير إلى آباء الكنيسة في الجيل السابق له. 2. كرر اسم "يوحنا" مرّتين، الأولى مع بطرس ويعقوب ومتّى وبقيّة الرسل، والأخرى خارج دائرة الرسل ذكره بعد ارستيون Aristion؛ الأول القدّيس يوحنا الإنجيلي والثاني شخصيّة مشهورة، وقد وُجدت في أفسس مقبرتان باسم يوحنا حتى أيام يوسابيوس القيصري. لم يتوخَ بابياس الدقّة، خاصة في أمرين: أ. حسب القدّيس مرقس الإنجيلي مترجمًا للقدّيس بطرس، وقد فنَّد قداسة البابا شنودة الثالث في كتابه "القدّيس الإنجيلي ناظر الإله مرقس" هذا الرأي. ب. انتقد يوسابيوس القيصري على ما تحدّث به بابياس من قيام مُلك ألفي زمني بعد القيامة من الأموات، بصورة خياليّة متوهّمًا أن السيّد المسيح يعود إلى الأرض وفي مملكته توجد ١٠٠٠٠ كرمة كل كرمة فيها ١٠٠٠٠ غصن، وكل غصن به ١٠٠٠٠ عنقود، وكل عنقود يحوي ١٠٠٠٠ حبة من العنب، وكل حبة عصيرها يملأ ٢٥ مكيالاً من الخمر! صورة خياليّة سقط فيها خلال دفاعه عن المسيحيّة ضدّ اليهود، متخيلاً أن ما ورد في العصر المسيّاني من سلام وبركات إنّما هي أمور حرفيّة زمنيّة تتحقّق في مجيئه الثاني... وقد أخذ بعض الآباء هذه الفكرة عنه لا كعقيدة مدروسة وإنّما خلال أحاديثهم العابرة؛ من بينهم القدّيس أغسطينوس الذي تدارك الأمر فيما بعد ودرسه في جديّة بالروح الإنجيلي الكنسي وحسب من يعتنق هذه العقيدة إنّما يُحسب منحرفًا عن الإيمان. |
||||
26 - 08 - 2012, 02:45 PM | رقم المشاركة : ( 15 ) | ||||
..::| الاشراف العام |::..
|
رد: الدليل المبسط في علم آباء الكنيسة
كتاب الراعي لهرماس The Shepherd of Hermas يُدرج كتاب الراعي لهرماس بين كتابات الآباء الرسوليّين، لكنّه في الحقيقة ينتمي إلى الرؤى الأبوكريفا. هو كتاب رؤيوي قدّم الرؤى لهرماس خلال رمزين سماويّين: الأول امرأة عجوز كشفت له الرؤى الأربع الأولى والثاني ملاك التوبة ظهر في شكل راعٍ في الرؤية الخامسة قدّم له الوصايا والأمثال. هرماس جاء في القانون الموراتوري Muratorian Fragment on the Canon الذي يعود إلى القرن الثاني أن هرماس صاحب كتاب الراعي هو أخو بيوس الأول أسقف روما (١٤٠-١٥٠م)، وارتأى أوريجينوس[269]أن صاحب هذا الكتاب هو هرماس المذكور في روميّة ١٦: ١٤. ما يقوله صاحب كتاب "الراعي" عن نفسه يصعب فيه التمييز بين ما هو رمز وما هو حقيقي. يقول عن نفسه أنّه كان عبدًا. بيع في روما إلى سيّدة رومانيّة تسمى روده Rhoda؛ فأحس في بادئ الأمر بعاطفة الأخوة من نحوها، ثم تطلّع إلى جمالها فاشتهى أن تكون له امرأة (رؤيا ١: ١). أطلقت سبيله، فاشتغل بالزراعة والتجارة، فصار غنيًا. تزوّج من امرأة ثرثارة، وأغفل أمر عائلته، فانغمس أولاده في الشر (رؤيا ١: ٣)، وافتقر بسببهم (رؤيا ١: ٢؛ ٢: ٣؛ ٣: ٦). يصوّر نفسه أحيانًا رجلاً فاضلاً عنيفًا بعيدًا عن كل الشهوات الشرّيرة، بسيطًا مجانبًا للشر (رؤيا ١: ٢)، وأحيانًا أخرى، كاذبًا متكلّمًا بالرياء (رؤيا ٣). إذ حدث اضطهاد، تمسّك هو وزوجته بالإيمان، بينما أنكر أولاده الإيمان، وتحمس للتوبة، فوضع كتابه "الراعي" ليبحث عن التوبة، مظهرًا أن نقاوة الكنيسة في خطر بسبب استفحال الخطيّة، وأن النهاية قد اقتربت. ضياع أولاده لم يحطمه بل أثار فيه الرغبة في الكرازة مشتاقًا أن يراهم تائبين ومعهم كل نفسٍ بشريّة، وقد فرح بتوبة أهل بيّته فعلاً (مثل ٧: ٤)، كما أعلن له الملاك أنّه سيعيد إليه حاله الأول الذي كان عليه قبل دماره ودمار أولاده. تاريخ كتابته جاء في الرؤيا الثانية (٤: ٣) أن الكنيسة قد أمرته أن يُعد نسختين لما يراه، وأن يضع إحداهما تحت تصرّف إكليمنضس ليرسلها إلى المدن التي في الخارج. هنا يوجد نوع من التناقض، إذ كيف يمكن أن يكون هرماس أخًا لبيوس أسقف روما الذي لم يجلس على كرسي روما قبل سنة ١٤٠م بينما كان إكليمنضس واضع الرسالة إلى كورنثوس أسقفًا من سنة ٩٠ إلى ١٠٠م؟ يعالج البعض هذا التناقض بالقول أن هذا العمل بدأ في زمن إكليمنضس وانتهى في عصر بيوس[270]. نظرة الكنيسة الأولى لكتاب الراعي[271] توجد شهادات من القرن الثاني، إذ يستشهد به القدّيس إيريناؤس[272]والقدّيس إكليمنضس السكندري[273]والعلاّمة أوريجينوس[274]، وينظرون إليه كسفر قانوني. ووُجد في المخطوطة الإسكندرانيّة للكتاب المقدّس مع رسالة برناباس بعد الكتب المقدّسة (ربّما ككتابٍ كنسيٍ هام). يعترف العلاّمة أوريجينوس أنّه يوجد في عصره من حطّ من قدر الكتاب. ويجعله يوسابيوس في عداد الكتب المضادة للكتاب المقدّس[275]. وأما القدّيس أثناسيوس[276]فمع اعتباره كتابًا نافعًا، إلاَّ أنّه يجعله من الكتب غير القانونيّة. أما بالنسبة للغرب فقد اعتبره العلاّمة ترتليان كتابًا يحبّذ الزناة[277]. ويقول القدّيس چيروم[278]أن هذا الكتاب كان منسيًا في الغرب في القرن الرابع. سماته 1. يمكننا القول بأن هرماس كان إنسانًا تقيًا ومتمسّكًا بالإيمان، ثبت وسط الاضطهاد. 2. لم يكن هرماس مدرّبًا في العقيدة، وإن كان حسن النيّة. نراه يخلط بين ابن الله والروح القدس (قابل المثل ٩: ١ بالمثل ٦: ٥). 3. لم يكن الكاتب أديبًا، فقد جاءت لغته بسيطة وعاميّة؛ وبالنظر إلى طابعه النبوي نجد صعوبة إن لم نقل عدم إمكانيّة فهم بعض الأمور. يقتبس الكاتب من الكتاب المقدّس من غير أن يورد آية بحرفيّتها، كما يقتبس أيضًا من الكتب المنحولة ومن كتب المسيحيّين والوثنيّين على السواء، ومن اللاتينيّة والكتبة اللاتين. ويُشتم ممّا في الكتاب من الكلمات والتعبيرات اللاتينيّة أنّه كُتب في بلاد تُستعمل فيها اللغة اللاتينيّة بجانب اللغة اليونانيّة، ويجوز أن يكون قد كُتب في روما. وبالنظر إلى العبريّة التي فيه فقد يجوز أن يكون الكاتب من أصل عبراني. 4. ما أحبّه آباء الكنيسة الأولى فيه ليس فكره اللاهوتي وإنّما تعليمه السلوكي الأخلاقي وفهمه للحياة المسيحيّة[279]. 5. كتاب الراعي غزير المادة، جمّ الفائدة لمؤرّخ الكنيسة في النصف الأول من القرن الثاني. فإنّنا نلتقي فيه بجميع طبقات المسيحيّين، بالصالحين والأشرار. فهناك أساقفة وكهنة وشمامسة أتقياء أمناء، وهناك أيضًا كهنة مهملون طامعون وشمامسة أكلوا أموال الأرامل واليتامى. وفيه يبهر نور الشهداء الثابتين في الإيمان كما ينبو البصر عن الجاحدين المجدّفين. وفيه المسيحي المخلص، والمرائي، والغني الذي لا يكترث بالفقراء، والمؤمن الحقيقي الذي يبذل بسخاء، وإهمال بعض المسيحيّين وطمعهم وتمسّكهم بحطام الدنيا. يعتبر هذا الكتاب أشبه بمراجعة كنيسة روما لنفسها أو فحصها ذاتيًا[280]. الخطوط العريضة لكتاب الراعي يحوي كتاب الراعي ثلاث مجموعات: خمس رؤى، واثنتي عشر وصيّة، وعشرة استعارات أو أمثال أو تشبيهات similitudes، غير أن واضع الكتاب يقدّم تقسيمًا آخر وهو:1. القسم الأول يحوي الأربع رؤى الأولى التي أعلنتها الكنيسة له. 2. القسم الثاني يبدأ بالرؤيا الخامسة حيث يقدّم الراعي الوصايا والأمثال، وهو القسم الأطول والأهم. الرؤى الخمس تظهر الكنيسة في أربع رؤى متعاقبة: في الرؤيا الأولى تظهر الكنيسة كامرأة عجوز ضعيفة جالسة على كرسي، تحضّه على التوبة عن خطاياه وخطايا عائلته. في الرؤيا الثانية تستعيد الكنيسة قوّتها. رأى المرأة تنتصب على قدّميها بوجه أكثر فتّوة وإشراقًا، إلاَّ أن جسدها وشعرها كانا جسد وشعر امرأة مسنة. إن هذا يشبه المثل الآتي: إنسان شيخ أقعدته همومه وأحزانه واستولى عليه اليأس، وكان ينتظر يومه الأخير تخلّصًا من اليأس الذي استولى عليه، وفجأة سقطت عليه ثروة لم يكن يحلم بها، وبسبب هذه الثروة نسي ضعفه، وسرت فيه الحياة من جديد، وتجدّدت قواه التي أنهكتها الأشغال السابقة، فخرج من سريره فرحًا، ووقف على قدميه. كذلك أنت عندما تسمع إعلان المخلّص لك. فقد تراءف بك وتحنن عليك، وعادت إليك القوّة بعد أن طرحت الضعف جانبًا، وتركّزت في الإيمان... في الرؤيا الثالثة ظهرت المرأة شابة فرحة وجميلة، كان شكلها رائعًا. كما أن إعلان الخير ينسي الرجل الحزين أحزانه وأتعابه الماضية، ولا يفكر إلاَّ في البشارة الجديدة، فتعود إليه كل القوى التي تفعل الخير ويشعر بأن روحه قد عاد إليها الشباب بالفرح الذي انتابه. كذلك أنت، قد شعرت بأن الشيبوبة قد عادت إلى نفسك لدى رؤيتك هذه الخيرات. إذا كنت قد رأيتها جالسة على مقعد فإنّها أرادت أن تبرهن على رسوخ مركزها وثباته[281]. يلاحظ في هذا التفسير الآتي: 1. عدم الفصل بين الحياة الشخصيّة وحياة الجماعة، أو بين حياة العضو وحياة الكنيسة. عندما يسقط الإنسان تبدو الكنيسة وكأنّها امرأة مسنة لا تقوى على الوقوف؛ وحينما يقبل نعمة الله ووعوده يتجدّد شبابها. حياتنا متلاحمة معًا بكوننا جسد المسيح الواحد، ما نمارسه أو نفكر فيه إنّما هو لحساب الجماعة كلّها. 2. تركّز الرؤى على الرجاء أو اليأس، فالخطيّة تحطّم نفس الإنسان وتدخل به إلى اليأس، فينهار رجاؤه وشبابه، مشتهيًا الموت؛ أمّا نعمة الله، فتبعث الرجاء، وتجدّد مثل النسر شبابه. 3. المظهر الخارجي لا يكشف عن تمام الحقيقة، فالعجوز جالسة على مقعد والفتاة أيضًا، الأولى تجلس إذ هي عاجزة عن الحركة أو القيام بعملٍ ما، والثانية تجلس كمن يحكم، ثابتة في حياتها، صاحبة سلطان. 4. التحوّل من حالة الشيخوخة إلى الشبوبيّة إنّما يعني أن المخلّص يخلق أو يعيد خلقتنا بالميلاد الجديد. فالحاجة لا إلى إصلاح جزئي بل إلى الحياة الجديدة. 5. يرى البعض[282]أن التحوّل السريع من الشيخوخة إلى الشبوبيّة في حياة المؤمن يعني أن الشر ليس متأصلاً بعمق شديد كما نظن، وأن هذا الانطباع يتثبّت بالأكثر في بقيّة الكتاب. فالمسيحي بالتوبة – المعموديّة الثانية – يتجدّد ذهنه يوميًا فلا يشيخ، وإن كان قد شاخ يعود إلى الحياة الشابة من جديد! في الرؤيا الثالثة تطل الكنيسة (السيّدة الشابة) على هرماس لتريه برجًا عاليًا في طور البناء، فتظهر أن الكنيسة تصير مُثلى في الاهتمام بالقريب، غير أن كل حجر لا يصلح للبناء يُرذل، هكذا كل خاطئ يُمنع من الشركة الحقيقية في الكنيسة ما لم يتب، خاصة وأن الوقت مقصّر. في الرؤيا الرابعة يظهر تنين قبيح مُرعب فوق رأسه أربعة ألوان: أسود وأحمر ناري وذهبي وأبيض يرمز إلى الأخطار والاضطهادات المحدقة. لكنّه لا يؤذي المؤمن الثابت في إيمانه. ويظهر وراء التنين الكنيسة في هيئة عروس جميلة متوَّجة رمز السعادة والتطويب للمؤمنين وضمان قبولهم في الكنيسة الخالدة المقبلة. يقول: [بعد أن اجتزت التنين بثلاثين خطوة إذا بفتاة مزينة كأنّها خارجة من عرسٍ يوشحها البياض، وتنتعل حذاءً أبيض، وتغطي رأسها حتى الجبين، وتلبس فوقه تاجًا، وكان شعرها أبيض... فغمرتني رؤيتها فرحًا، فصافحتني... وقالت: "ألم تلتقِ بشيء في طريقك؟" قلت: "نعم. لقد التقيت بتنّين يمكنه أن يهدم مدينة، إلاَّ أنّني نجوت منه بقدرة الله ورحمته". فقالت: "إذا كنت قد نجوت، فلأنّك ألقيت همومك على الله، وفتحت له قلبك، وآمنت أن لا خلاص لأي إنسان إلاَّ بواسطة اسمه العظيم. لذلك أرسل الله ملاكه الموكّل إليه أمر الحيوانات، المُسمى ثاغري، ولجّم فمه حتى لا يقضي عليك، لقد نجوت بإيمانك من نكبة عظيمة، فلم تتزعزع أمام وحشٍ هائلٍ كهذا. اذهب وفسّر لمختاري الله أعماله المجيدة، وقل لهم أن هذا الوحش هو صورة للأحزان المستقبلة العظيمة. استعدّوا وتوبوا من أعماق قلوبكم... آمنوا بالمخلّص أيها المؤمنون المتأرجحون..." سألتها عن الألوان الأربعة فوق رأس الحيوان، فأجابتني قائلة... "الأسود هو العالم الذي تسكن فيه. أما الناري الدموي فإن العالم سيهلك بالنار والدم. أما الجزء المذهب فهو أنتم الذين تهربون من هذا العالم؛ فكما أن الذهب يُختبر بالنار ويصبح صالحًا للاستعمال، كذلك أنتم الذين تقطنون هذا العالم تُختبرون... أما الجزء الأبيض فإنّه الدهر الآتي الذي يقطنه مختارو الله، لأن المختارين للحياة أبديّة يكونون طاهرين بلا دنس.] (رؤيا 4: 2، 5) في الرؤيا الخامسة يظهر ملاك التوبة في ثوب راعٍ يدبر أمور التوبة، ويضمن نتائجها، ويعلن عن الوصايا الواجب حفظها. هنا نلاحظ أن ملاك التوبة لم يظهر لهرماس إلاَّ بعدما تمتّع برؤية الكنيسة الشابة الجميلة الغالبة للتنّين، المتوّجة بإكليل النصرة، المتوشّحة بالقداسة (البياض)، المنتعلة بحذاء أبيض، أي تسلك الطريق الملوكي بالنقاوة، المحتشمة (تغطي رأسها حتى الجبين)، الحكيمة (شعرها أبيض)... هذا المنظر بعث فيه فرحًا يسنده على قبول الوصيّة والجهاد من أجلها في الرب. لا يستطع المؤمن أن يحب الوصيّة، ويتقبّلها بفرح، ما لم يكتشف الحياة الكنسيّة المجيدة الغالبة للشر، والحاملة قداسة مسيحها. وكأن الوصيّة ليست أوامر ونواهٍ، إنّما هي الطريق الملوكي الذي فيه ننعم بمسيحنا واهب الغلبة والحياة المقدّسة. الوصايا الاثنتا عشرة 1. الإيمان بالله الخالق وخشيته التي تبعث التعفّف. 2. البساطة وعدم النميمة وعدم الانشقاق وحب العطاء. 3. الصدق أو الحق: الله الساكن فينا هو الحق! [أحبب الحق، ولا ينطق فمك إلاَّ به، ليرى الناس جميعًا حقيقة الروح الذي أسكَنه الله فيك، وهكذا يتمجّد الرب الساكن فيك، لأن الله حق في كل أقواله، وليس فيه كذب قط.] (وصية 3: 1) 4. طهارة المتزوجين: [إذا اكتشف (الزوج) أن (زوجته) تزني، ورفضت أن تتوب، فإنّه يكون شريكًا معها في زناها وخطيّتها إن عاش معها.] (وصية 4: 1، 5) 5. طول الأناة: [إن كنت طويل الأناة، فالروح القدس الذي يسكن فيك يبقى نقيًا ولن يزورك فكر شرّير قط. إن كان قلبك طاهرًا، فالروح الذي فيك يبتهج ويتهلّل، إذ يعمل في سعة بيتك الذي تحكمه البساطة بصفاء، أمّا إذا دخله الغضب، فينزعج الروح القدس المملوء رقّة بتلوّث المكان الذي يعيش فيه ويحاول مغادرته... طول الأناة يفوق العسل حلاوة.] (وصية 5: 1: 2-6) 6. السلوك في طريق العدل لا الظلم: [يصحب الإنسان ملاكان، ملاك العدل وملاك الشر... عندما تشعر بالتذمّر والمرارة فاعلم أن الشيطان يسكن فيك... فابتعد عنه ولا تصدّقه، لأن أعماله تضر عبيد الله.] (وصية 6: 2: 1، 5، 6) 7. خف الله لا الشيطان: [اخش الرب واحفظ وصاياه التي تقوّيك في كل أمورك، فلا يكون مثيل لأعمالك... لا تخف الشيطان إذا خشيت الرب، فإن خشيتك لله تعطيك سلطانًا على الشيطان.] (وصية 7: 1-2) 8. اصنع الخير وكف عن الشر: [إن فعلت الصلاح تحيا في الله، ويحيا أيضًا الذين يفعلون الخير مثلك.] (وصية 8: 12) 9. الكف عن الشك: [إذا تسلّل الشك إلى قلبك لن تنال شيئًا... أما الذين يطلبون واثقين فإنّه ينالون ما يريدون، لأن صلاته تخلو من التردّد والشك.] (وصية 9: 5-6) 10. الكآبة: [اطرد عنك الحزن (الكآبة)، فإنّه شقيق الشك والغضب.] (وصية 10: 1: 1) [الروح القدس القاطن فيك لا يحتمل الكآبة ولا الانزعاج.] (وصية 10: 2: 6) [الكآبة إذا امتزجت بالصلاة، يمنعها من الصعود نقيّة.] (وصية 10: 3:3) 11. الأنبياء الكذبة: التواضع يميّز النبي الصادق من النبي الكذاب (وصية 11: 8). 12. ترك الشهوات الشرّيرة: [قبل كل شيء إياك واشتهاء امرأة غريبة والترف والتنعّم بالباطل والسكر وكل شهوة أو لذّة صبيانيّة. الشهوة الشرّيرة إذا رأتك مسلحًا بخوف الله تُولي هاربة، ولا تجسر قط أن تظهر أمامك إذا رأتك مستعدّا لمقاومتها، حينئذ يتوّج رأسك بإكليل الظفر. اقترب من الرغبة الصالحة... وكرّس نفسك لها، وضع نفسك تحت تصرفها، وهكذا تستطيع أن تسيطر على الشهوة الشرّيرة، وتتحكّم بها بإرادتك.] (وصية 12: 2: 1-5) [يجيد الشيطان الصراع، لكنّه لا يغلب إذا صمدتم في وجهه، بل ينحدر ويهرب خجلاً. الأشخاص الفارغون هم الذين يخافون الشيطان كقوّة.] (وصية 12: 5: 2) [لا تخافوا مطلقًا تهديدات الشيطان، فإنّه مشلول كأعصاب ميّت.] (وصية 12: 6: 2) الأمثال أو التشبيهات similitude جاءت الخمسة أمثال الأولى من نوع الوصايا. المثل أو التشبيه الأول: التغرّب. [إنكم تعلمون يا عبيد الله أنكم تقطنون أرضًا غريبة، وأن بلدكم بعيد جدًا وليس ههنا... فلماذا تقتنون الأراضي الشاسعة والقصور والأبنية والمساكن ما دمتم تعرّفون أن المدينة التي ستستوطنونها ليست هنا؟! من يهيئ نفسه لهذه الحياة يصعب عليه أن يعود إلى مدينته الحقيقيّة.] (الأمثال 1: 1-2) المثل أو التشبيه الثاني: الكرمة وشجرة الدردار (محبّة الفقراء). المثل أو التشبيه الثالث: الأشجار العارية في الشتاء. [الأشجار التي تراها هم سكان هذا العالم... لأن الصدّيقين والخطاة لا يتميّزون في هذا العالم بل جميعهم يتشابهون. هذا العالم بالنسبة للصدّيقين هو بمثابة الشتاء، ولا يتميّزون عن الخطاة الذين يسكنون معهم. ففي الشتاء تفقد الأشجار أوراقها وتصبح متشابهة تمامًا، ويصعب التمييز بين الأشجار الميّتة والأشجار الحيّة.] (الأمثال 3: 2: 3) المثل أو التشبيه الرابع: تمييز الأشجار في الصيف. [كما أن ثمار الأشجار تظهر في الصيف، وتعرف كل شجرة من ثمارها، كذلك سيُعرف الصدّيقون المثقّلون بأوراق تعطي ظلاً من ثمارهم. أمّا الوثنيّون والخطاة الذين ترمز لهم الأشجار اليابسة، فسيظهرون في الدهر الآتي على حالتهم. يابسين عقيمين، ويُلقى بهم في النار كالخشب اليابس، لأن أعمالهم كانت شرّيرة.] (الأمثال 4: 3: 4) المثل أو التشبيه الخامس: مفهوم الصوم الحقيقي. [اسمع. فإن الله لا يريد صومًا باطلاً كهذا الصوم؛ إن صمت هكذا فأنت لا تعمل شيئًا للبرّ. صُم للرب هكذا: لا تصنع الشر، واخدم بقلب نقي، واحفظ وصايا الله، وسِرْ حسب أوامره، ولا تترك للشهوة الشرّيرة منفذًا في قلبك، وثق بالله، فإن فعلت هذا، وخشيت الله، تكون قد صمت صومًا عظيمًا مقبولاً لدى الله.] (الأمثال 5: 1: 4-5) تحدّث أيضًا عن الطهارة: [احفظ جسدك طاهرًا بلا دنس حتى ينال شهادة الروح القدس الساكن فيه.] (الأمثال 5: 7: 1) الأربعة أمثال أو التشبيهاتالتالية (٦-٩) تعالج بشيء من التفصيل موضوع التوبة، بينما في المثال الأخير (١٠) يعود فيظهر البرج مرّة أخرى، ويعلّم ملاك التوبة هرماس أن ينقّي عائلته من كل شر، وأن ينصح كل أحد بالتوبة. المثل أو التشبيه السادس: حوار بين ملاك الشهوة والخداع وملاك العقاب في ثوبي راعيّين. المثل أو التشبيه السابع: هرماس يتألّم بسبب خطايا عائلته. المثل أو التشبيه الثامن: شجرة الصفصاف وعمل النعمة. أراه الراعي شجرة صفصاف كانت تظلل سهولاً وجبالاً، وقد اجتمع تحتها كل الذين دعوا باسم المسيح. وكان ملاك الرب العظيم بقامته الفارعة يقف تحت الشجرة وفي يده منجل، وكان يقطع به أغصانًا، ويوزّعها على الجمع المحتشد تحت ظلالها. وكانت الأغصان صغيرة لا تتجاوز طول الشبر. وبعد أن استلم الجميع أغصانه وضع ملاك الرب المنجل جانبًا، وظهر الشجرة كأنّها لم تمس. شجرة الصفصاف – كما قال ملاك التوبة – هي الناموس أو ابن الله، ربّما قصد بها كلمة الله أو الوصيّة المكتوبة، أو كلمة الله المتجسّد، فإن كل مؤمن بالكلمة المتجسّد يكون كمن تمتّع بغصن، ويلتزم أن يبقى أمينًا في إيمانه بالحياة الإنجيليّة الحيّة. وملاك الرب العظيم هو رئيس الملائكة ميخائيل، الموكل إليه حفظ إيمان الكنيسة. جاء وقت استلام الأغصان وفحصها بدقّة، فماذا وجد؟ 1. أُعطي لمن كانت أغصانه يانعة ومثمرة أكاليل كأنّها مصنوعة من أغصان النخيل على رؤوسهم وأُدخلوا في البرج، هؤلاء هم الذين صارعوا الشيطان وغلبوه، وتحمّلوا الموت من أجل الوصيّة، فتمتّعوا بإكليل النصرة. 2. الذين قدّموا أغصانه يانعة دون ثمر أرسلهم إلى البرج بعد ختمهم بخاتم، وهناك صاروا يلبسون ثيابًا بيضاء كالثلج، هؤلاء هم الذين طبقوا الناموس وتحمّلوا اضطهادات ولم ينكروا اسم المسيح. 3. سلّم الملاك العظيم لملاك التوبة بقيّة الجموع ثم غادر المكان، وصار ملاك التوبة يفحص أغصانه فوجدها هكذا: أ. البعض يابسة دون أن ينخرها السوس. ب. البعض نصف يابسة (المتردّدون الذين هم ليسوا أحياء ولا أموات). ج. البعض نصف يابسة ومشقّقة (المتردّدون النمامون). د.البعض نصف خضراء مشقّقة (مؤمنون لكنّهم يطلبون المجد الباطل). هـ. البعض نصف خضراء ونصف يابسة (المنغمسون في الزمنيّات). و. البعض خضراء بثلثيها والثلث الباقي يابس (الذين أنكروا الإيمان أحيانًا وأعلنوه أحيانًا). ز. البعض يابسة بثلثيها والثلث الباقي أخضر (الذين بعد قبولهم الإيمان عادوا إلى طريق الأمم). ح. البعض خضراء كلّها إلاَّ القليل من أطرافها (المؤمنون الذين سقطوا عن ضعف). ط. البعض يابسة إلاَّ قليل من طرفها أخضر (المؤمنون الذين يصنعون الإثم لكنّهم يفتخرون باسم الله ويستقبلون خدام الله بفرح). أخذ ملاك التوبة من الناس الأغصان وزرعها في الأرض مترجّيًا أن تعود إليها الحياة بالتوبة، وصار يسقيها، لأن الخالق يريد الحياة لكل من تسلّم غصنًا من هذه الأغصان. جاءت الجماعات مصطفّة حسب ترتيب تسليمهم الأغصان، وعاد يفحص الأغصان، البعض عادت إليها الخضرة، والأخرى أكلها السوس؛ البعض صار بها براعم ثمر والأخرى بقيت عقيمة... سأل هرماس: لماذا لم يتب الجميع؟ فأجابه ملاك التوبة: [يعطي الله روح التوبة للقلوب التي تنتقي وتتطهّر، أمّا الخبيثة فتكون توبتها مرائيّة، ولن يعطيّها روح التوبة، لئلا تهين اسمه.] (الأمثال 8: 6: 2) المثل أو التشبيه التاسع: الكنيسة كبرجٍ عجيبٍ قاد ملاك التوبة هرماس إلى جبل أركاديا، وهو جبل لولبي، وأجلسه فوق القمة، وأراه سهلاً عظيمًا تحيطه دائرة من اثنى عشر جبلاً، ولكل جبل شكل خاص به. هذه الجبال تمثّل اثنى عشر سبطًا يقطنون كل العالم، كرز لهم الرسل بابن الله، أي تشير إلى الكنائس المحليّة المنتشرة في العالم، لها ثقافاتها الخاصة وطقوسها الخاصة، لذا ظهرت الجبال مختلفة الشكل، التي ربّما تشير إلى المؤمنين الذين بينهم من هم أمناء، ومنهم من هم غير أمناء. v جبل أسود (المؤمنون الذين جدَّفوا على الرب وخانوا خدامه). v جبل عارٍ لا عشب فيه (المراءون ومعلّمو الفساد). v جبل مليء بالأشواك والعُلّيق (الأغنياء المرتبكون بهموم العالم). v جبل نصفه مملوء عشبًا؛ وكانت رؤوس الأعشاب خضراء، والقسم القريب من الجذور يابسًا، وكانت الحرارة تُيبّس بعض الأعشاب (المرتدون الذين يشهدون للرب بأفواههم، أمّا قلوبهم فبعيدة عنه). v جبل معشب ووعر (المؤمنون العصاة المعجبين بأنفسهم كمعلّمين). v جبل مليء بالحفر الصغيرة والكبيرة، فيها عشب ذابل (الحاقدون). v جبل مليء بالأعشاب النضرة، ترعى فيها الحيوانات فيزداد نضارة وبهاءً (البسطاء الراضون عن خدام الله المملوءون رحمة وحبًا). v جبل مليء بالينابيع، تشرب منها مخلوقات الله (الرسل والمعلّمون). v جبل بدون ماء، فيه زحافات ميّتة (الشمامسة السالبون ما لله). v جبل عليه أشجار كبيرة تستظل تحتها قطعان الغنم (الأساقفة الأمناء). v جبل مُغطى بغابة كثيفة من الأشجار المثمرة شهيّة (المتألّمون لأجل الله). v جبل أبيض يبعث في النفس بهجة وعذوبة (المؤمنون البسطاء كأطفالٍ أبرياء). هذه صورة الشعب المسيحي بين الأمم، منهم البعض مثل جبل أسود، والبعض مثل جبل أبيض؛ منهم من يحمل ثمار الروح الشهيّة، ومنهم من هو عقيم؛ منهم ما بهم ينابيع نعمة الله المُروية للنفوس، ومنهم ما يقتله الجفاف الروحي الخ. أراه أيضًا صخرة بيضاء كانت تقوم مرتفعة في وسط السهل، وكانت الصخرة أعلى من الجبال ومربّعة، تستطيع أن تسع العالم. كانت الصخرة قديمة وبابها محفور في أحد جوانبها، وقد ظهر له الباب محفورًا حفرًا حديثًا. كانت الصخرة أكثر لمعانًا من الشمس، حتى أثارت أشعتها إعجابه. الصخرة القديمة هي ابن الله الأزلي، صخر الدهور الذي يسع العالم كلّه ككنيسة مقدّسة يحملها بذراعيه، أمّا الباب الجديد فيشير إلى تجسّده، به ندخل إليه، وننعم بخلاصه، ونحيا في ملكوته. كان حول الباب اثنتا عشر عذراء: أربعة منهنّ، وهنّ أجملهنّ، كن يقمن عند الزوايا، أمّا الباقيات فكنّ يقفن بين كل زاويتين، اثنتين اثنتين، وكنّ يلبسن لباسًا من الكتّان، ويأتزرن مآزر جميلة، وكانت أكتافهنّ عارية كأنّها أُعدّت لحمل شيء ما، وكن يقفن مستعدّات فرحات. العذارى الواقفات عند الزاويّة هن: الإيمان والعفّة والقوّة وطول الأناة؛ أمّا الواقفات بينهن فهن: البساطة والبراءة والنقاوة والصفاء والحقيقة والفطنة والتصافي والمحبّة. من حمل هذه الأسماء مع اسم ابن الله يمكنه أن يدخل ملكوت السماوات. كان المشهد مثيرًا ورائعًا، ومحيرًا، فقد رأى العذارى الرقيقات اللواتي يقفن بنعومتهنّ وقفة رجوليّة كأنّهن يتهيّأن ليحملن السماء كلّها (٩:٢: ٥). هكذا تتمتّع نفس المؤمن الحقيقي برقّة شديدة ولطف زائد، فتكون كمجموعة من العذارى الجميلات الرقيقات، لكنها تحمل قوّة وتسلك بحزم وفي وضع كمن يحمل السماء عينها! إنّهن تحملن صورة ابن الله وسماته الوديع كل الوداعة ليجتذب الخطاة بحبّه اللانهائي، حازمًا ضدّ الشر، يقتل إبليس ويهدم سلطانه. رأى أيضًا ستّة رجال مقبلين بقامتهم الطويلة ومشيتهم الرصينة وهيئتهم المتشابهة، وقد استدعوا عددًا من الناس طوال القامة مشرقي الطلعة أقوياء. وأمرهم الستّة أن يبنوا فوق الصخرة وفوق الباب برجًا. هؤلاء الرجال هم الملائكة المحيطون بابن الله، ثلاثة عن اليمين وثلاثة عن اليسار، يحثّون المؤمنين للعمل الكنسي، لبناء كنيسة الله على الإيمان بالمسيح الصخرة والباب. كانت العذارى يطلبن من الرجال أن يسرعوا لبناء البرج، وكن يمددن أيديهن لمن يردن أن يتسلّمن شيئًا. بناء على أمر الرجال الستّة اقتلع الرجال عشرة حجارة مربّعة برّاقة غير منحوتة، استلمتها العذارى، وحملن إيّاها إلى الرجال الذين أوكل إليهم بناء البرج. هذه الحجارة اُستخرجت من أعماق البحر، وتعاونت العذارى معًا على حملهن حجرًا حجرًا. هذه الحجارة هي الجيل الأول من المؤمنين الذين كانوا يُحملون من البحر كمن يُنتزعون من الطبيعة الميّتة، ويدخلون بالإيمان بابن الله مع سلوكهم الحياة المقدّسة الجديدة (العذارى) إلى بناء ملكوت الله الروحي أي إلى الكنيسة. كان بناء البرج يتم فوق الصخرة وفوق الباب، وقد تغطت الحجارة كلّها بتلاحمها معًا فوق الصخرة التي صارت أساسًا للبرج. وبعد الحجارة العشرة استخرج من الأعماق خمسة وعشرون حجرًا دخلت في البناء كما حدث مع العشرة حجارة؛ ثم خمسة وثلاثون ثم أربعون، وهكذا أصبح أساس البرج مؤلفًا من أربعة صفوف. توقف استخراج الحجارة من الأعماق، وتوقّف البناءون قليلاً عن البناء، ثم أمر الرجال الستّة جموع الفعلة بجلب الحجارة للبناء من الجبال. فانطلقوا يحملون حجارة مختلفة الألوان، وكانوا ينحتونها ويسلّمونها للعذارى اللواتي كن ينقلنها من الباب ويسلّمنها لبناء البرج. وعندما كانت هذه الحجارة تُوضع في مكانها من البناء تفقد ألوانها وتصبح كلّها بيضاء. إنّها تمثّل الكنيسة التي تصبح قلبًا واحدًا نقيًا وبهيًا في المسيح يسوع. الحجارة التي لم تتسلّمها العذارى لم تدخل من الباب، ولم تكن ملائمة للبناء، بلا بهاء، ولم يتغيّر لونها إلى الأبيض الناصع. توقّف العمل قليلاً وبقيت العذارى حارسات البرج حتى يأتي صاحب البرج، فقبلته العذارى ودرن معه حول البرج. صار يفحص البرج بدقّة متحسّسًا كل حجر، وكان يضرب بعضها بعصا في يده، فكان بعضها يسوَّد والبعض يتفتّت أو يتشقّق أو يُبتر، وظهر البعض أنها ليست بلونٍ أبيض ولا أسود، وظهرت حجارة إنّها خشنة لا تصلح للبناء والبعض ملطّخة... هذه حجارة لا تصلح للبناء، نُزعت عن البرج واستُبدلت بغيرها، أتوا بها لا من الجبال بل من سهلٍ مجاور. حفروا السهل، فعثروا على حجارة لامعة مكعّبة وبعضها مستدير. هؤلاء هم الأغنياء الذين عاشوا حياة سهلة لكنّهم لم يتركوا الإيمان ولم يخرج من فمهم كلمة بطّالة، إذ نُزع عنهم حب الغنى صاروا حجارة حيّة لامعة في بيت الرب. بعض الحجارة الكرويّة احتاجت إلى نحتها لتوضع في البناء. وهكذا نرى صاحب البرج يشتاق أن يستخدم كل حجر في البناء، لكن الحجارة التي لا تستجيب تُرذل، ويُلقى بها بعيدًا عن البرج. جاء ملاك التوبة بعد يومين لتنظيف المكان خارج البرج، فكان يلقي كل حجر لا يدخل في البناء بعدما يبذل كل الجهد لتسليم كل حجر للعذارى الست حتى المفتت والمشقّق لعلّه يصلح في البناء. المثل أو التشبيه العاشر: ينبّه ملاك العقاب هرماس وعائلته بالتوبة، معلنًا أن العذارى فرحات بوجودهنّ عنده، وأنّه ينصحهنّ ألاَّ يتركن بيت هرماس فقبلت العذارى النصيحة فرحات. |
||||
26 - 08 - 2012, 02:50 PM | رقم المشاركة : ( 16 ) | ||||
..::| الاشراف العام |::..
|
رد: الدليل المبسط في علم آباء الكنيسة
أفكاره 1. التوبة جاء في الوصيّة الرابعة حوار بين هرماس وملاك التوبة عن موضوع التوبة وغفران الخطايا بعد نوال المعموديّة. [قلت: أيمكنني يا سيّدي أن أسألك سؤالاً آخر؟ قال: تكلّم. قلت: سمعت بعض المعلّمين يقولون أنّه ليس هناك توبة (عن جحد الإيمان) غير التي نلناها عند المعموديّة حيث نلنا غفران الخطايا السابقة. فقال لي: ما سمعته صحيح. وهذا هو الواقع، فالذي نال مغفرة الخطايا يجب عليه ألا يخطئ، بل يبقى في النقاوة... إني أقول لك أن الإنسان يخطئ خطيّة عظيمة إذا وقع في التجربة بعد تلك الدعوة العظيمة الشريفة؛ للإنسان توبة واحدة؛ ولكنّه إذ يخطئ المرّة بعد الأخرى، فالتوبة غير مفيدة[283].] ا. يلاحظ هنا أن ملاك التوبة يفتح باب التوبة أمام الساقطين بعد العماد في خطيّة عظيمة، ربّما عني بها جحود الإيمان وقت الضيق والاضطهاد حيث ثارت في الكنيسة مناقشات كثيرة حول إمكانيّة قبول توبتهم؛ لكنّه يضع أمام التائبين فرصة نهائيّة، فلا تُستغل طول أناة الله ومراحمه للسقوط المتكرّر. هنا لا يتحدّث ملاك التوبة عن السقوط في الضعفات التي يئن منها الجميع، إنّما عن خطايا معيّنة تمس إيمان الإنسان أو قدسيّة حياته بأكملها[284]. ب. تحمل التوبة سمة "الجامعيّة" فلا يُستبعد خاطئ ما منها، لا يُستبعد الإنسان الدنس أو الجاحد، وإنّما يُستبعد فقط من يصرّ على عدم التوبة. ج. يلاحظ هنا أن التوبة تترجم إلى عمل، أو إلى حياة إيمانيّة عاملة. التائب حجر حيّ تتلقّفه الاثنتا عشر عذراء اللواتي هن: الإيمان والعفّة والقوّة وطول الأناة والبساطة والحب الخ[285]. أمّا غايتها فهو التمتّع بالعضويّة الكنسيّة الروحيّة، البناء الأبدي القائم على السيّد المسيح الصخرة المتّسعة لكل البشر، والباب المفتوح لكل تائب[286]. د. التوبة حياة شخصيّة خفيّة وليست مجرّد ممارسات ظاهرة. هذه الحياة لا تُختبر خارج الحياة الجماعيّة الكنسيّة. فالمؤمن يبقى حجرًا لا قيمة له، ولا يتغيّر لونه إلى البياض والبهاء ما لم تدخل به العذارى إلى البرج ليصير مع إخوته بناءً مترابطًا وبهيًا. في المثل أو التشبيه التاسع يبرز أنّه لا مكان للمؤمن في البرج أي في الكنيسة بدون توبة، وأيضًا لا خلاص إلاَّ بالدخول في البرج. كأنّه بالتوبة نتمتّع بالحياة الكنسيّة الحقيقية، وبالحياة الكنسيّة نخلص من الخطيّة وننعم بحياة القداسة المجيدة. 2. الإيمان بالثالوث لم يذكر هرماس قط اسم "يسوع المسيح"، بل دائمًا يدعوه ابن الله أو السيّد، كما خلط في في المثل أو التشبيه التاسع بين الروح القدس وابن الله، إذ يقول له ملاك التوبة: [أريد أن أريك كل ما أظهره لك الروح القدس الذي خاطبك باسم الكنيسة، هذا الروح هو ابن الله[287].] وفي مثل ٥: ٦: ٥-٧ جعل الروح القدس الخالق متجسّدًا... هكذا حدث لبس في نظرته للثالوث، ما لم يكن الخطأ في النساخة منذ عصر مبكر. 3. الكنيسة 1. كتاب "الراعي" هو دعوة حارة للتوبة، فهو في الحقيقة دعوة للدخول إلى العضويّة الكنسيّة حيث جماعة التائبين المتمتّعين بنعمة الله وعمله الخلاصي. رأينا في في المثل أو التشبيه التاسع على وجه الخصوص كيف نزع ابن الله، صاحب البرج، من كنيسته الحجارة غير اللائقة، ولم يقبل عودتها لتكون جزءً لا يتجزّأ من البناء بطريق آخر غير التوبة العمليّة والمستندة على ابن الله، الصخرة المتّسعة لكل البشر. 2. الكنيسة – عند هرماس – هي أول المخلوقات، لم يُخلق العالم إلاَّ لأجلنا[288]. 3. لا يتجاهل هرماس ضعفات الكنيسة، بل يتحدّث عنها بإسهاب في الرؤيا الثالثة، ومع وجود هذه الضعفات كان مملوءً رجاءً في الله الذي يبني الكنيسة كبرجٍ بسرعة[289]. 4. تحدّث بطريقة غير مباشرة عن النظام الكهنوتي، فقد مدح محبّة الأساقفة الروحيّين، وفي صراحة وبّخ الكهنة (القسوس) والشمامسة على أخطائهم. 5. بغض النظر عما للإكليروس من فضائل أو ضعفات فإنّه يتطلّع إلى الكنيسة نفسها كأم للمسيحيّين. إنّها كأم تنصح أبناءها قائلة: [اسمعوا يا أولادي؛ لقد ربيتكم ببساطة عظيمة وبراءة وقداسة[290].] 6. يتحدّث عن وحدة الكنيسة فيما بينها ووحدتها مع مسيحها، إذ رآها برجًا كما لو كانت حجرًا واحدًا منفردًا[291]، كما رآها والصخرة القائمة عليها كتلة واحدة[292]. 4. المعموديّة 1. لا يتمتّع أحد بالعضويّة الكنسيّة ما لم يتقبّل المعموديّة: [سألتها: لماذا يُبنى هذا البرج فوق الماء يا سيّدتي؟ فقالت: لقد قلت لك من قبل... إن حياتنا خلصت وتخلص بالماء. للبرج أساس، وأساسه كلمة اسم الله العظيم الممجّد، قائم بقوّة السيّد غير المنظورة[293].] 2. تسمى المعموديّة ختمًا [الذين لا يحملون اسم ابن الله هم أموات، إلاَّ أنّهم عندما ينالون الختم يخلعون الموت ويلبسون الحياة. الختم هو ماء المعموديّة، ينزلون في الماء أمواتًا ويخرجون منه أحياء. لقد أُعلن هذا الختم لهم أيضًا، فاستخدموه ليدخلوا ملكوت السماوات[294].] ويُلاحظ أن العماد هو نزول إلى الماء كما إلى القبر، وخروج منه كما بقيامة السيّد المسيح، يتم بالتغطيس للشركة في دفن المسيح وتمتّع بقيامته، كقول الرسول بولس: "فدفنّا معه بالمعموديّة للموت؛ حتى كما أُقيم المسيح من الأموات بمجد الآب هكذا نسلك نحن أيضًا في جدة الحياة" (رو ٦: ٤). 3. يرى هرماس أن الرسل والمعلّمين نزلوا إلى الجحيم ليعمِّدوا الذين رقدوا في الفضيلة والإيمان بابن الله قبل مجيء السيّد المسيح، ويصيروا معهم حجارة ميّتة في البرج الأبدي. هكذا يرى العماد ضروريًا حتى لرجال العهد القديم الذين ماتوا على رجاء الخلاص. هذه النظرة مُبالغ فيها، لكنّها تكشف عن مدى أهميّة المعموديّة في العصر الرسولي للتمتّع بالخلاص. 5. الأخلاق 1. يقول كواستن Quasten أنّه جدير بالملاحظة وأمر هام أن هرماس يميّز بين الوصيّة والمشورة؛ الوصيّة تأمر بما يجب الالتزام بها، أمّا المشورة فتعني أن الإنسان يتمّم ما بعد المشورة بمحض إرادته.[سأظهر لك وصاياه، فإن فعلت ما هو أكثر تنال مجدًا أعظم وحظًا أوفر عند الله[295].] من الأعمال التي بها نمارس ما هو أكثر من الوصايا: الصوم والبتوليّة والاستشهاد. كأن المسيحيّة لا تقف عند حدود معيّنة، أو لا تعرّف للوصيّة حدًا، إذ يشتاق المؤمن أن يُبذل كل يوم في أصوامه، وأن يسمو بمشاعره فيقدّم نفسه بتولاً لا تنشغل إلاَّ بعريسها السماوي؛ ويشتهي أن يموت من أجل من مات عنه. 2. لكل إنسان ملاكان، ملاك البرّ يحث الإنسان على الحياة الفاضلة من تقوى وطهارة وقداسة الخ.، وملاك الشر يثير فيه الشر. كلا الملاكين يريدان السكنى في القلب؛ الأول أنيس ومتواضع ووديع، والثاني عنيف ومبغض وأحمق[296]. 3. يتطلّع هرماس إلى الغنى كعائق في الحياة الروحيّة، بل أحيانًا يقود إلى إنكار السيّد[297]. 6. الزواج في رأيه لا يجوز لأحد الزوجين أن يتزوّج بسبب زنى الطرف الآخر، لكنّ يمكنه أن ينفصل عنه، وإن تاب الطرف الآخر فليقبل توبته[298]. يجوز الزواج بعد وفاة الطرف الآخر، وإن بقي الشخص بدون زواج ينال شرفًا عظيمًا ومجدًا أمام السيّد[299]. مخطوطات وطبعات "الراعي" يقول مطران حلب إلياس معوّض [لم يكن الراعي لعام ١٨٥٦م معروفًا إلاَّ في ترجمة لاتينيّة يرجّح أنّها من القرن الثاني، وقد طبعت هذه أولاً في باريس عام ١٥١٣م، وفي عام ١٨٥٧م طبعت عن مخطوطة من القرن الرابع عشر ترجمة لاتينيّة ثانية تستند على الأرجح إلى الترجمة الأولى، ويغلب الظن إنّها من القرن الرابع أو الخامس. أما المخطوطة اليونانيّة "للراعي" فإن أول من وجدها هو قسطنطين سيمونيدس المزوّر وذلك عام ١٨٥٥م، في دير القدّيس غريغوريوس في جبل آثوس. وهذه المخطوطة المنسوخة بخط كثيف هي من القرن الرابع عشر؛ تتألّف من عشر ورقات، والورقة الأخيرة منها مفقودة. انتزع سيمونيدس من ورقات المخطوطة، الخامسة والسادسة والتاسعة، ونقل الورقات الباقيّة باعتناء، ولم يذكر اسم الدير الذي وجدت فيه. ثم باع الورقات الثلاث الأصليّة مع الورقات المفقودة إلى مكتبة ليبزيغ، وهكذا عرفت التسعة أعشار من المخطوطة اليونانيّة "الراعي"، وقد نشره Anger and Dindorf، في ليبزيغ سنة ١٨٥٦م. ثم أخذ سيمونيدس يطلع على العالم، شيئًا فشيئًا، بمخطوطات جديدة "للراعي" حتى أوصلها إلى عشر مخطوطات، أقدمها ادّعى بأنّه اكتشفها في جبل سيناء عام ١٨٥٢م ويعود تاريخها إلى القرن الأول، وهي بالنتيجة أقدم كل المخطوطات في العالم. ولما كان سيمونيدس قد وعد بإحضار مخطوطة هرماس كما هي، جاءت دائرة الشرطة في برلين، بإشارة من الكساندر ليكورغو أستاذ الجامعه آنذاك، ورئيس أساقفة سيروس، وتينوس فيما بعد، فضبطت غرفته والمواد التي كان يهيئها لتقديم هذه المخطوطة، الأمر الذي اضطره إلى مغادرة المانيا والشخوص إلى انجلترا حيث تابع عمله كمخادع. وفي عام ١٨٥٩م نشر في لندن بحثًا بعنوان "القليل من الكثير عن الأب الرسولي هرماس"، ونشر في آخر البحث صورة من مخطوطتين قديمتين من عمله، مستندًا إلى الترجمة اللاتينيّة. على أن Hulgenfeld الذي طبع لهرماس أخذ عن سيمونيدس النهاية المزيفة لكن هارنك بيَّن زيفها. وفي عام ١٨٨٠م صادف أن كان أسبيريدون لأمبروس في دير القدّيس غريغوريوس في جبل آثوس فدرس مخطوطة هرماس، ونقل بواسطة مرافقة الورقات الست الباقيّة ونشرها في عام ١٨٨٨م في كمبردج[300]، وقدّمت هذه الطبعة ببحث طويل عن كيفيّة وجود المخطوطة، وهكذا اتّضح أن كل ما جاء به سيمونيدس كان منحولاً[301]. لعلّ أقدم نسخ أصيلة لكتاب "الراعي" بقايا برديتان بجامعة ميتشيجان Michigan، وهما يعودان إلى أواخر القرن الثالث، يضمان شيئًا من المثلين أو التشبيهين الثاني والخامس ومن الوصيّة الثانية[302]. كما عثر على الربع من "الراعي" وحتى الوصيّة الرابعة في المخطوطة السينائيّة للكتاب المقدّس Siniaticus التي عثر عليها Codex Tishendorf سنة ١٨٥٩م، وطُبعت في ليبزيغ عام ١٨٦٣م، وهي ضمن ملحقات العهد الجديد. وجدت في مصر مقاطع من كتاب الراعي على رق الغزال وعلى ورق البردي. توجد ترجمة قبطيّة وحبشية وفارسيّة للراعي. |
||||
26 - 08 - 2012, 02:52 PM | رقم المشاركة : ( 17 ) | ||||
..::| الاشراف العام |::..
|
رد: الدليل المبسط في علم آباء الكنيسة
الرسالة إلى ديوغنيتس The Epistle to Diognetus رسالة نفسيّة نجهل كاتبها وتاريخ كتابتها ومكان الكتابة، يكتنفها الغموض. شخصيّة مؤلفها يعتقد P. Andriessen أن كوادراتوس Quadratus هو واضع الرسالة، وإنّها ليست إلاَّ ذلك الدفاع المفقود له. ومع أن العبارة التي اقتطفها المؤرّخ يوسابيوس[303]في دفاع عن كوادراتوس غير موجودة في الرسالة إلى ديوغنيتس لكن توجد ثغرة بين العبارتين ٦، ٧ في الفصل السابع للرسالة، ويمكن للعبارة التي وردت في يوسابيوس أن تسد هذه الثغرة... المعلومات التي وصلت إلينا عن كوادراتوس من يوسابيوس وچيروم وفوتيوس وما ورد في Bede عن الاستشهاد ورسالة القدّيس يعقوب المزوّرة والموجّهة إليه جاءت كلّها تتفق مع الرسالة إلى ديوغنيتس[304]. تدل الرسالة على علاقة قويّة بين كاتبها والقدّيس إكليمنضس الإسكندري، أو أن الكاتب المجهول "يدور في فلك إكليمنضس" على حد تعبير كافكن[305]. على أن بعض الدارسين يروا أن ما هو مشترك بينهما إنّما هو قاسم مشترك في التقليد المسيحي القديم، خاصة في مجموعة المدافعين عن الإيمان، وأن الاثنين لم يعتمد أحدهما على الآخر، إنّما ارتويا من ينبوعٍ واحدٍ مشترك هو التقليد الكنسي. من هو ديوغنيتس؟ يظهر من الرسالة أنّه شريف، طلب من صديقه المسيحي أن يخبره عن مفاهيم ديانته وطقوسها.يرى P. Andriessen أنّه الإمبراطور أدريان Hadrian، أمّا ديوغنيتس (تعني حامل السماء) هو أحد ألقابه الشرفيّة[306]. جاء في المقدّمة: [أنا عالم يا سيّدي ديوغنيتس، باهتمامك العظيم الذي تظهره لتتعرّف على المعلومات الدقيقة عن الدين المسيحي، لتطلّع على حقيقة الإله الذي يؤمن به المسيحيّون، والعبادة التي يقدّمونها له؛ وعما يدفعهم إلى احتقار (محبّة) العالم، والاستهانة بالموت. بأنك تسأل: لِمَ لا يقيم المسيحيّون وزنًا لآلهة يعترف بها اليونانيّون، ولا يعيرون انتباهًا لسفسطات يتشبّث بها اليهود؟ وما هو سرّ الحب العظيم الذي يربطهم بعضهم ببعض؟ كما تود أن تعرف أخيرًا، لِمَ هذا الشعب الجديد – قل: هذا النمط الجديد من الحياة – جاء إلى حياتنا حديثًا فقط عوض ظهوره في أزمنة مبكرة؟] سماتها 1. تتحلى الرسالة باللطف ورقة العاطفة[307]، فهي درة ثمينة[308]في مجموعة الدفاع عن الإيمان، وشهادة صادقّة للسرّ المسيحي. تتسم بالدقّة في التفكير مع وضوح في التعبير[309]، صاغها الكاتب في شكل أسئلة طرحها عليه ّصدّيقه الشريف ديوغنيتس مقدّما إجابة عن هذه التساؤلات. 2. في حديث ديوغنيتس عن سمو المسيحيّة عن الوثنيّة أبرز جانبين: الأول: كيف يمكن للإنسان أن يتعبّد لصنم صنعته يد بشريّة من مادة قابلة للتلف والفناء، كما يتعرّض الصنم نفسه للسرقة؟ والثاني: تمج النفس الذبائح الدمويّة. 3. أبرز سمو المسيحيّة وكمالها عن اليهوديّة بارتفاعها فوق الحرفيات القاتلة من تطهيرات، واهتمام بختان الجسد، كما لا يحمل المسيحيّون كبرياء اليهود واعتدادهم بذاته. 4. كشف عن سمو الحياة المسيحيّة وسلوك المسيحيّين في أيامه، في النقاط التالية: ا. يُترجم سمو إيمانهم خلال السلوك العملي اليومي. ب. الإيمان المسيحي هبة إلهيّة، يسمو فوق العقل لكنّه لا يناقضه، قدّمه الله الكلمة نفسه. [العقيدة التي يدين بها المسيحيّون، ويحيطونها بجليلٍ من العناية، ما كانت قط يومًا من استنباط إنسان، فإن إيمانهم لا يمت بصلة إلى أسرار البشر. إنّه بالحقيقة هبة القدير بالذات، خالق الكل، غير المنظور، عطيّة السماء، فهو الذي جعل الحق بين الناس، أعني كلمته القدّوس غير المدرك، الذي وطَّد الله في قلوب المؤمنين به.] [إن رب الكون... قد ظهر للبشر في ملء مجيئه... كشف لنا عن قصده في شخص ابنه الحبيب، وأعلن ما أعده لنا منذ البدء.] [الله لم يبغضنا، ولم ينبذنا، ولم يحقد علينا، بل اتّسم بطول الأناة زمنًا، وحمل أعباءنا، تحنّن علينا، وأخذ على عاتقه وقر خطايانا، وأسلم وحيده فداء عنّا. أجل! لقد أُسلم القدّوس للمجرمين، والبار للآثمة، والصدّيق للمنافقين، والأزلي للمائتين. بمَ كان يمكن أن تُستر آثامنا إن لم يكن ببرّه هو؟ بمن نتبرّر نحن الآثمة إن لم يكن ببرّ ابنه الوحيد؟] [لقد ظهر الكلمة وأعلن نفسه للبشر. وإذ لم يفهمه من لم يؤمنوا به، كشف عن سرّه لتلاميذه الذين عرفهم، فآمن به تلاميذه، ونالوا من معرفة أسرار الآب. لهذا جاء كي يعلن ذاته. ولما استهانت به خاصته، حمل الرسل بشارته إلى الأمم فآمنت به. في البدء كان، وظهر كأنّه جديد، وهو القديم. ميلاده يتجدّد دومًا في قلوب قدّيسيه. أنّه الأبدي ونحن اليوم نعرفه كأنّه جديد!] ج. المسيحيّون ليسوا، كما يتخيل ديوغنيتس، شعبًا متقوقعًا حول ذاته، يقيم من ذاته دولة لها لغتها الخاصة وعاداتها المستقلّة، إنّما الإيمان المسيحي هو انفتاح على البشريّة، على خلاف اليهود. [لا وطن، ولا لغة، ولا عادات، تميّز المسيحيّين عن سائر البشر. فهم لا يقطنون مدنًا خاصة بهم، ولا ينفردون بلهجة معيّنة.] د. طبيعة الكنيسة سماويّة، لكنها تؤمن بالواقع العملي بكونها تعيش على الأرض. [يقيم كل منهم في وطنه، إنّما كغريب مُضاف... أنّه في الجسد، ولكنّهم لا يعيشون حسب الجسد. يصرفون العمر على الأرض، إلاَّ أنّه من مواطني السماء.] هـ. العالم يضاد الكنيسة لكنّه لا يقدر أن يؤذيها، وتبقى الكنيسة تحب العالم وتخدمه بإخلاص، قد يسلبها العالم الأمور الزمنيّة لتفتقر، وبفقرها تغني الكثيرين. [الجميع يضطهدونهم، ويتنكّرون لهم، ويحكمون عليهم، أمّا هم فبموتهم يربحون الحياة. إنّهم فقراء، وبفقرهم يغنون الكثيرين. يفتقرون إلى كل شيء، وكل شيء فائض لديهم.] و. علاقة الكنيسة بالعالم كعلاقة الروح بالجسد، مصدر حياتهم، إنّها خميرة المجتمع البشري، والنور الذي يهديه سواء السبيل. [يقيم المسيحيّون في العالم كما تقيم الروح في الجسد. الروح منتشرة في أعضاء الجسد انتشار المسيحيّين في مدن العالم. الروح تقيم في الجسد، إلاَّ أنّها ليست من الجسد المنظور... الجسد يكره الروح ويقاومها، وإن لم ينله منها أذى، سوى أنّها تحول دون انغماسه في حمأة اللذات. والعالم يكره المسيحيّين، لا لأنّه أساءوا إليه، بل بكونهم يتصدّون لما فيه من شهوات منحرفة فاسدة. تحب الروح الجسد الذي يبغضها، كما يحب المسيحيّون مبغضيهم. الروح سجينة الجسد، ولولاهم لما كان للجسد من حياة، والمسيحيّون موثقون في سجن العالم، ولولاهم لا قيام ولا حياة للعالم.] ز. [يخضع المسيحيّون للشرائع؛ هم مواطنون صالحون، يعملون بنشاط في خدمة بلدهم. يمتثلون للشرائع القائمة، إلاَّ أن نمط حياتهم يسمو كمالاً على الشرائع... لا يعملون إلاَّ الصلاح، ويُعاقبون كأدنياء، وفي عقابهم يتهلّلون كأنّهم يولدون للحياة.] ح. تعيش الكنيسة حياة الشركة في كل شيء ما عدا الحياة الزوجيّة، إذ يقول العلاّمة ترتليان: [كل شيء مشترك بيننا عدا زوجاتنا[310].] وجاء في الرسالة إلى ديوغنيتس: [لأي مسيحي الحريّة أن يشارك طعام قريبه، لكنّه لن يشاركه مضجعه.] 5. يدعو الكاتب صديقه ديوغنيتس للإيمان. [الآن، إن رغبت أيضًا أن يكون لك مثل هذا الإيمان، فلتكن لك معرفة الآب كأول درس لك... تصور أية غبطة سيتدفّق بها قلبك لمعرفته! ولكم تندفع في حب من أحبّك أولاً. بحبك له تمثّل بجوده... إنك ستشجب خداع العالم وضلاله. يوم تعي حقيقة الحياة المسيحيّة، تزدري بما يسمّونه موت الجسد، لترهب الموت الحقيقي المُعد لمن سيُطرحون نهائيًا إلى النار الأبديّة جزاء أعمالهم السيئة. وإنك ستنحني إجلالاً وتعظيمًا أمام من قاسوا عذاب النار هنا لأجل البرّ، وتغبطهم إذ ما كنت على علم بحقيقة النار الأخرى.] [لتتحد المعرفة بقلبك، ولتتقبّل حياتك في داخلها الكلمة. وإذا ما نمت هذه الشجرة (شجرة المعرفة) فيك، وجمعت ثمارها، فإنك لا تكف عن أن تجني ما يُرتجى نواله من الله، وما لا تقوى الحيّة على الوصول إليه، ولا الخداع أن يتسلّل إليه. أمّا حواء فإنّها لم تبقَ بعد ضحيّة الإغواء، بل ستظل عذراء، ويُعلن الخلاص.] أقسام الرسالة 1. غيرة ديوغنيتس وأسئلته ١. 2. سموّ المسيحيّة على الوثنيّة واليهوديّة ٢-٤. 3. سمو الحياة المسيحيّة ٥-٦. 4. أصل المسيحيّة الإلهي ٧-٨. 5. ظهورها مؤخّرًا لإظهار عجز الإنسان بذاته ٩. 6. دعوة ديوغنيتس لقبول الإيمان ١٠. 7. الفصلان ١١-١٢ – يرى البعض إنّهما دخيلان يخصّان عملاً آخر، ربّما يكون من عمل القدّيس بنتينوس عميد مدرسة الإسكندريّة[311]، أو من عمل هيبوليتس الروماني[312]، أو ميليتس أسقف ساردس[313]Melito of Sardis. |
||||
26 - 08 - 2012, 02:53 PM | رقم المشاركة : ( 18 ) | ||||
..::| الاشراف العام |::..
|
رد: الدليل المبسط في علم آباء الكنيسة
كوادراتس Quadratus يبدو أنّه آسيوي، وقد دعاه البعض Quadratus the Asiatic وأنّه تلميذ للرسل[314]. أقدّم المدافعين عن المسيحيّة، ونحن ندين ليوسابيوس القيصري في كل ما نعرفه عنه، إذ يقول: [وبعد أن حكم تراجان تسعة عشر عامًا ونصف، خلفه في الحكم يوليوس ادريان Aelius Hadrian. وقد وجّه إليه كوادراتس حديثًا متضمنًا دفاعًا عن ديننا، لأن بعض الأشرار حاولوا إزعاج المسيحيّين. ولا يزال هذا المؤلف بين أيدي الكثيرين من الاخوة، ولدينا نسخة منه. وهو برهان قوي على ذكائه وأرثوذكسيّته الرسوليّة. إنّه يظهر التاريخ المبكر الذي عاش فيه، وذلك بكلماته التالية: "على أن أعمال مخلّصنا كانت دائمًا ماثلة أمامنا أنّها كانت يقينيّة، فإن الذين شُفوا والذين أقيموا من الأموات لم يُروا فقط وقت شفائهم أو قيامتهم، بل كانوا حاضرين دومًا، ليس فقط حين كان المخلّص على الأرض، بل وأيضًا بعد ذهابه (صعوده)، لأنّه ظلوا عائشين مدة طويلة، وقد عاش بعضهم حتى زماننا نحن"[315].] ما جاء في كتاب يوسابيوس هو كل ما وصل إلينا من دفاع كوادراتس. فقد ثبت خطأ نظريّة Harris بأنه توجد مقتطفات من هذا الدفاع في الاكلمنضيّات المزوّرة وأعمال القدّيسة كاترين السينائيّة وتاريخ يوحنا مالالاس Malalas ورواية برلعام وجوزاف[316]Romance of Barloram and Joasaph. قدّم كوادراتس دفاعه للإمبراطور خلال إقامته في آسيا الصغرى في عام ١٢٣/١٢٤م أو في عام ١٢٩م، وربّما في أثينا عندما زارها الإمبراطور عام ١٢٥م أو مؤخرًا عام ١٢٩م[317]. من الصعب اعتباره تلميذًا للرسل. هذا وقد أخطأ القدّيس چيروم[318] حين ظنه كوادراتس أسقف أثينا الذي عاش في أيام مرقس أوريليوس. من خلال الفقرة التي وصلت إلينا عن طريق يوسابيوس يرى البعض أنه كان يقارن بين عمل السيّد المسيح الحقيقي والباقي وأعمال الآلهة الوثنيّة، أو عمل الشيّاطين الزائل والمملوء خداعًا. هذه الفكرة وُجدت لدى اللاهوتيّين الفلاسفة المعاصرين لكوادراتس. |
||||
26 - 08 - 2012, 02:57 PM | رقم المشاركة : ( 19 ) | ||||
..::| الاشراف العام |::..
|
رد: الدليل المبسط في علم آباء الكنيسة
قصة قصيرة 156 [1] See F. Cayé: Patrologie et Histoire de la Theologie, Paris 1945, t 1. [2] Patrick J. Halell: Introduction to Patrology, 1968, p. 10. [3]انظر تك١: ٢٤ (الترجمة السبعينيّة)؛ خر٣: ١٣، ١٥؛ تث١: ٨؛ أع ٣: ١٣؛ ٧: ٢، ١٢؛ رو٤: ١٣، ١٦؛ ٢ بط ٣: ٤. [4] Marty. Polyc. 12:3. [5] Athanasuis: Ep. ad Afros 6. [6] Against Haer 42. [7] Stromata 1:1:2. [8] Timothy Ware: The Orthodox Church, Maryland 1969, p. 212. [9] St. Augustine: Contra Julian, II 9. [10]St. Augustine: Contra Julian 37. [11] Athanasius: Ep. ad Afros 6. [12] Kelly: Early Chrisian Doctrines, p. 48–49. [13] Ad Monach PG 77:12,13. [14] Adv. Nest. 4:2. [15] De recta Fide ad regin; apol. contr. Orient PG 76:1212 For; 316. [16] E. Shwartz: acta conciliorum oecumenicorum 1:1, 7:89 F. [17]المؤلف: مفاهيم إيمانية (٢): الكنيسة والتقليد، ص ٩. [18] J. Quasten: Patrology, vol 1. The Oxford Dictionary of the Christian Church, 1974, p. 481. [19] Eccl. Hist. 1:1:1. [20] Ep. 40:9 written in 397. [21] F. Arvalo: S. Isidore …, Rome 1797 to 1803, vol. 5, p. 138 – 178, PL 83 : 1018 – 1106: 96 : 195 – 206. [22]يذكر Questen وجود طبعة تشمل أغلب المؤلفين ومؤلفاتهم الكنسيّة من چيروم إلى تريثموس (بالطبع تجاهل الكتاب الشرقيّين خاصة غير الخلقدونيين): J. A. Fabricius: Biblotheca Ecclesiastics, Hamburg, 1718. كما ذكر وجود عملين آخرين لمؤلفين كنسيّين هما: L. S. Nain de Tillemont: Memoires pour server a Phistoure ecclesiastique des six premiers siècles, Paris 1693 – 1713. R. Ceillier: Histoire generale des autears sacre’s et ecclesiastiques, Paris وهو يقع في ٢٣ مجلدًا، يعالج الكتّاب المسيحيّين قبل ١٢٥م. [23] Quasten: Patrology, vol 1, p. 5. [24]يس عبد المسيح: اللهجات القبطيّة وآثارها الأدبيّة – عن كتاب: صفحة من تاريخ القبط ص ٣٦. [25]كانت الكتابة باليونانيّة أما الوعظ فبالقبطيّة أو الديموطيقيّة، وذلك لأن كثير من العامة في القرى لا يعرفون اليّونانيّة. فالقدّيس أنبا أنطونيوس كان نفسه يجهل اليّونانيّة، وكان يتحدث مع زائريه بالقبطيّة. [26] Warrell: A Short Account of the Copts, Michigan, 1955. [27]جمعيّة مارمينا بالإسكندرية: صفحة من تاريخ القبط: الدكتور مراد كامل: القبط في ركب الحضارة العالميّة؛ يس عند المسيح: اللهجات القبطيّة وآثارها الأدبيّة. [28]لم يكونوا "مونوفزيت" بل ميافزيت" لأن الطبيعة الواحدة عن اللاخلقيدونيين ليست طبيعة منفردة Single بل الطبيعة واحدة من طبيعتين، لذا لا تدعى monophysite بل Miaphysite كتعبير القدّيس كيرلس الكبير. [29] J. Meyendorff: Christ in the Eastern Christian Thought, 1969, p. 24. [30] Anne Fremantle: A Treasury of Early Christianity, p 275 [31] Fr. Gregory Dix: The Shape of the Liturgy, p 485 ff. Shaff: History of the Christian Church, vol I, II. Clarke: Liturgy & Worship [32] Whitalker: ********s of the Baptismal Liturgy, p 5. [33] Schaff, vol II, p 523. [34] Liturgy & Worship. [35] Vol I, p 464. [36] Patrology, vol I, p 23. [37] كتاب المزامير (ابصلمودية) الملك Aethelstan بالمتحف البريطاني. [38] P. L. 21 : 337. [39] P. L. 39, 2 : 89, 2 : 96 [40] The Early Christian Frs. [41] Apology 1 : 61. [42] Quasten, vol I, p 25. [43] ما جاء بين قوسين جاء في طبعات متأخرة [44] ما بين القوسين طبعات متأخرة. [45] Shaff, History of the Christian Church, vol 2, p 536 –7. ترجم عن [46] ما جاء بين قوسين أضيف في المجمع المسكوني ٣٨١ م. [47] راجع كتابنا: قانون أم للرسل – الديداكية، عام ١٩٧٥م. [48] Quasten: Patrology, vol. 1, p. 30. [49] F. L. Cross: The Early Christian Fathers, London 1960, p. 8. [50] Ep. Fest. 39. [51] Eusebius: H. E. 34. [52] Com. in Symb. 38. [53] Stromata 1: 20, 100. [54] Ch. 4. [55] The MS. Was transferred to the library of the Greek Patriachate at Jerusalem, where it is now (Codes 54). [56] المطران الياس معوض: الآباء الرسوليّون، ص ٥٦. [57] F. L. Cross, p. 9. [58] للمؤلف: المسيح في سرّ الإفخارستيا، ١٩٧٣م، ص ٥٦٤ – ٥٧٤. [59] Vokes: The Riddle of the didache S. P. C. K. 1938. [60] Richardson: Early Christian Fathers, p 161. [61] Edgar J. Goodspeed: A History of Early Christian Literature, 1966, p. 12. [62] Brynnius, Zahau, Harnack. [63] للمؤلف: المسيح في سرّ الإفخارستيا، طبعة ١٩٧٤م، ص ٥٧٧.. [64] F. R. M. Hitchcock’s article in the Journal of Theological Studies, 1923, 397 f. [65] See Richarson, p. 162. [66] ANF vol 7, p 373. [67] Quasten: Patrology, vol. 1, p. 37-38. [68] R. H. Connolly: New Fragments of the Didache, Journ. Theol. Stud., 1924, 151-153. [69] لغة سكان چورچيا في القفقاس. [70] العناوين والتبويب من وضع المعرب. [71] غالبًا هذا العنوان هو الأصلي، وقد عرف له عنوان آخر مختصر "تعليم الرسل الإثني عشر". [72] في رسالة برناباس طريق للنور والآخر للظلمة. [73] مت ٥: ٤٤. الفقرة الأخيرة وردت في القوانين الرسولية، لا يعرف مصدرها. [74] كإنسان مسيحي لا يقدر أن يطلب برد ما أعطى. [75] المصدر غير معروف. ربما كتبه عن التعبيرات المتداولة في ذلك الوقت ألاَّ تقدم المحبة أو العطاء بغير تمييز. [76] رسالة برناباس ١٩. [77] هنا سكب الماء على الرأس جائز عند ندرة وجود الماء، سمحت به الكنيسة فيما بعد في حالة المرض الشديد، حيث يعجز المريض عن النزول إلى المعمودية، يسميه البعض Clinical Baptism. [78] ذكرت "القوانين الرسولية" سبب الصوم يومي الأربعاء والجمعة، أنهما يوما الخيانة والدفن. كان اليهود يصومون الاثنين والخميس. يوم الاستعداد هو الجمعة، حيث كان اليهود يستعدون للسبت (الراحة) (مت ٢٧: ٦٣). [79] الأصل اليوناني (بايس) يتذبذب بين المعنيين "ابن" و "خادم" وقد فضل البعض "خادم" متأملين في التسابيح الواردة في إشعياء النبي عن "خادم أو عبد الرب المتألم" – المسيح في سرّ الإفخارستيا، ص ٥٧١. [80] أي خبز مختمر. [81] أو تكتفون. [82] النص القبطي: "لتأت النعمة". [83] تعبير آرامي يعني "تعال أيها الرب". [84] راجع "المسيح في سرّ الإفخارستيا" ص ٥٤٩ عن مدى حرية الأسقف في تشكيل ليتورچية الإفخارستيا، في نطاق الخطوط الرئيسية التقليدية. [85] عن النسخة القبطية. [86] ربما يقصد بالأنبياء هنا جماعة الوعاظ أو الكارزين، برتبة الأسقفية. [87] ربما قصد التجديف على الروح القدس (مت ١٢: ٣١). [88] ربما قصد ولائم محبة، أو لعله يقصد أن ينادي بتعليم روحي ولا ينفذه. [89] of. Chrétiens de tous les temps (1): Les écrits des Péres Apostoliques, Paris 1968. [90] Maxwell Staniforth: Early Christian Fathers, 1963. [91] Quasten: Patrology, vol. 1, p. 40. [92] Irenaeus: Adv. Haer 3:3. 3. [93] Eus: H. E. 4:23. [94] Eus: H. E. 2:16, Jerome: De Vir Illus., c. 15. [95] H. E. 2:15. [96] De vir Illus., ch. 15. [97] Bishop Lightfoot: The Apostolic Frs. (Clement of Rome, vol. 2). كان بعض العبيد على جانب من الثقافة والذكاء، ومن أمثلتهم هرماس صاحب كتاب "الراعي"، وكالستوس أسقف روما، كلاهما من العبيد المحرّرين "الكنيسة في عصر الرسل"، ص ٥٣. [98] H. E. 3:15, 16, 17. [99] Butler’s lives of the Saints, vol. 4, p. 406. [100]راجع يسطس الدويري: موجز تاريخ المسيحيّة، الأسقف إسيذوروس: الجريدة النفيسة في تاريخ الكنيسة. [101] cf. Quasten, Patrology, vol 1; Maxwelll, p. 20. [102] Ch. 6:1, 2. [103] Ch. 32:4. [104] Ch. 31:2. [105] Ch. 33:1, 2. [106] Ch. 34:1. [107] Ch. 55:3. [108] Ch. 16:1. [109] Ch: 49:4, 6. [110] Ch. 37:4. [111] Ch. 46:7. [112] Ch. 42;44: 1-3. [113] Gregory Dix: The Chape of the Liturgy, p. 102. [114] Ch. 40. [115] Ch. 40: 5;41:1. [116] Ch. 44. [117] Ch. 36. [118] Ch. 59-61. [119] E. von der Goltz: Das Gebt in dêr abtesten Christenheit, 192-207. [120] Ch. 8:1. [121] Ch. 14:1. [122] Ch. 14:2. [123] Ch. 7:6. [124] Prof. Riddle: ANF, vol. 8, p. 53. [125] Quasten: Patrology, vol. 1., p. 58. [126] Ep. 1:4. [127] Ep. 1:5 [128] Ep. 1:10; 2:1-15. [129] Ep. 2:6. [130] Ep. 1:10. [131] Ep. 1:11. [132] Ep. 1:12, 13. [133]يختلف الدارسون في أصل الأبيونيّين Ebionaioi، فينسبه البعض إلى أبيون مؤسّسهم في القرن الأول، وهذا قول ضعيف، ويقول آخرون أن الكلمة مشتقّة عن "ابيونيم" العبريّة وتعني "المساكين"، وقد دعوا أنفسهم هكذا يقول الرب "طوبى للمساكين" (لو٦: ٢٠؛ مت٥: ٣) أو دعاهم المسيحيّون هكذا لأنهم مساكين في الإيمان. [134]ظن البعض مثل Baur أنهم قصدوا بسيمون الساحر "بولس الرسول" لكن هذا الرأي مستبعد. [135]راجع: أنبا غريغوريوس: مذكرة عن البيونيّة لطلبة الكليّة الإكليركيّة، أنبا يؤانس (القمص شنودة السرياني): الكنيسة المسيحيّة في عصر الرسل، ص ١٣٢، ٢٦٦. [136] Schaff, vol. 2, p. 650. [137] Recog. 6: 10: 11’ Hom. 11: 28, 30. [138] Hom. 12-6; Recog. 7: 6. [139] Hom. 8: 15. [140] Hom. 2:38; 3:47; 18:20. [141] Hom. 8:10. [142] Hom. 11:20. [143] راجع للمؤلف: الشهيدان أغناطيوس وبوليكاريوس، ١٩٦٤م. وأيضًا قاموس آباء الكنيسة وقدّيسيها، ج ١، ١٩٨٥ م، ص ٣٤١-٣٤٣. [144] Amastase le Bibliothécaire, 2:42. PG. 5:404. [145] In Sanct. Mart. Ignatium. PG. 49:594. [146] مغنيسيّة: مدينة صغيرة بآسيا الصغرى، واقعة على الجنوب الغربي من أفسس على مقربة من نهر مويندر في مقاطعة ليديا، تُدعى الآن جوزيل حصار (عن مجلة الكرمة). [147] تراليا أو ترالس، مدينة في مقاطعة فيجية بالأناضول، موقعها الآن قرية سلطان حصاء. [148] Ep. to Rom. 2, 4. [149] السنة العاشرة من ملك تراجان (يوسابيوس ٣: ٣٦). [150] الدكتور أسد رستم: آباء الكنيسة – القرون الثلاثة الأولى، ١٩٨٣م، ص ٣٠-٣١. Eragrius: His Eoc. 1: 16.. [151]Codex Mediceus Laurentiarnus, 57:7. [152] Codex Paris, Graec., 1457. [153] كلمة "دوسيت" مأخوذة عن اليونانيّة " ooke’w، تعني "أبدو I seem". ظهر هذا الاتجاه – أكثر منه تعليم محدّد رسمي – منذ القرن الأول، ينادي بأن السيّد المسيح لم يكن له جسد حقيقي بل ظاهري، وبالتالي لم يتألم ولا صُلب... ظهر هذا الاتجاه بأكثر قوة في الغنوسيّة في القرن الثاني. Cross: Dict. of the Christian Church, p. 413 [154] Ep. to Phlad. 8. [155] الأصول المسيحيّة الشرقيّة: (١) رسائل رعويّة، ترجمها وقدم لها چورچ صابر، بيروت، ١٩٧٢م، ص ٣٣. [156]Rom. 4:1-2. [157]Rom. 3:2. [158]Rom. 3:3. [159]Magn. 9:1-2. [160] Eph. 7:2. [161] Smyrn. 1:1. [162] Polyc. 3:2. [163] الأب يوحنا رومانيدس: لاهوت الكنيسة عند القدّيس أغناطيوس الأنطاكي، ترجمة الأب ميشال نجم. [164] مغنيسيا ١٠. [165] أفسس ١٨. [166] أفسس ١٧. [167] تراليا ٩: ٢. [168] تراليا ٩: ١. [169] ازمير ١: ٢. [170] تراليا ١١: ٢. [171] روما ١١: ٣؛ ٤: ١-٢. [172] تراليا ٢. [173] أزمير ٣: ١-٣. [174] تراليا ٩: ٢. [175] Magn. 5. [176] Rom. 5. [177] Rom. 7. [178] Smyrn. 4. [179] Philad. 9. [180] Rom. 7 [181] Ephes. 13. [182] Ephes. 5. [183] Trall. 7. [184] Magnes. 7:2. [185] Magnes. 8. [186] Trall. 2:1-2. [187] Ephes. 2:1. [188] Ephes. 9:1. [189] Ephes. 21:2. [190] Philad. 1; Trall. 1. [191] Philad. 1. [192] Ephes. 3:1; 8:2; 10:3; 11:1, 2; 12:2; 20:2; 21:2. [193]Ephes. 6:2; Magnes. 3:3; 14; Trall 4:1; 8:2; Plycarb. 1:1. [194]Ephes. 12:2; Magnes. 14:21; Trall. 12:2; 13:3; Rom. 1: 1; 2:2; 4:1; 9:2; Smyrn. 12:1, Polyc. 12:1; Polyc. 2:3; 7:1. [195] Rom. 5:3; 6:1. [196] Philad. 7: 2; Eph. 9: 2; Magn. 12. [197] Ephes. 7. [198] Magnes. 3. [199] Ephes. 6; Magnes. 6; Tral. 3. [200] Ephes. 15:3. [201] Ephes. 9:1, 2. [202] Ephes. 10:3. [203] Magnes. 1:2. [204] Ephes. 11:1. [205] Ephes. 8:2. [206] Philad. 7:2. [207] Rom. 6:3. [208] Ephes. 20:2. [209] Ephes. 20:2. [210] Phiald. 4. [211] Magnes. 7:1; Tral. 8: 1; Rom. 7:1; Philad. 4:1; Smyrn: 7:1. [212] Magnes. 7:1, 2. [213] Ephes 18. [214] Smyrn. 1. [215] Samyrn 8. [216] Ephes 1:1, 2. [217] Rom 1, 2. [218] St. Irenaeus: Adv Haer. 5: 28: 4; Acts of Perpetua and Felecitus 14; Origen: Der Oratione 20; In Cant. Prolog. [219] للمؤلف: القدّيسان الشهيدان أغناطيوس وبوليكاربوس، ص ٧٢. [220] Ephes. 10:1. [221] Ephes. 10:1, 2. [222] Ephes. 15:1. [223] Philad. insc. [224] Philad. 4. [225] Tral. 3. [226] Smyrn. 8. [227] Magnes. 4. [228] Magnes. 7:1, 2. [229] Ephes. 2, 5. [230] Trall. 7. [231] Magnes. 3. [232] Ephes. 6:1. [233] Trall. 2. [234] Tarll. 3. [235] Magnes. 13. [236] Trall. 3. [237] Polyc 1. [238] Philad 4. [239] Samyrn. 8. [240] Polyc. 6:1; 5:2. [241] Polyc. 5:1. [242] Ephes. 15:2. [243]Eusebius; H. E. 5: 20; Irenaeus: Adv. Haer. 3: 3. [244] الأصول المسيحيّة الشرقيّة: رسائل رعوية (١)، ص ١٥٥، المناهل المسيحيّة ١٠، استشهاد بوليكاربوس ١٠. [245] Adv. Haer. 3: 3: 4. [246] Plycarp 1:1 [247] Eusb. H. E. 4:14. [248] St. Irenaeus: Adv. Haer. 3: 4. [249] Quasten: Patrology, vol. 1, p. 77. [250] للمؤلف: الشهيدان أغناطيوس و بوليكاربوس، ص ٨٩ الخ. [251] H. Achelis: Die Martyrologien, p.. 17f. ****s in Lietzmann: Die drei aresten Martyrologien (Kl, ****e 2). [252] Hanz Leitzmann: A History of the Early Church, 1974, vol. 2, p. 138. [253]Eusbius: H. E. 4:15; E. Schwartz: De Pionio et Polycarbo Gottingen, 1905. [254] Martyr. Polyc. 14: 1-3 [255] Kenneth Scott Latourette: A History of Christianity, 1953, p. 130. [256] Eusebius, H. E. 5: 20: 8. [257] Adv. Haer. 3: 3. [258] Stromata 2: 6:20. [259] Against Celsus 1:63. [260] سلسلة آباء الكنيسة: ١- الآباء الرسوليّون تعريب الياس معوض مطران، حلب، ص ٧٣. [261] Irenaeus: Adv. Haer. 54; Eusebius: H. E., 31, 2. [262] Irenaeus: Adv. Haer. 54; Eusebius: H. E., 31, 2. [263] Jean Danielou: The Theology of Jewish Christianity, p. 46. [264] F. F. Bruce: Tradition, Old and New, Michigan 1972, p. 108. [265] المؤلف: مقدمات في علم الباترولوچي، ١٩٧٤، ص ٩٥. [266] J. B. Lightfoot: The Apostolic Fathers, Michigan, 1974, p. 262. [267] Early Christian Fathers, p. 21, 22. [268] Eusebius: 311-13; Irenaeus: Adv. Haer. 5:32. [269] Comm. in Rom. 10:31. [270] J. Quasten: Patrology, vol. 1, p. 92, 93. [271]سلسلة آباء الكنيسة: ١- الآباء الرسوليّون، تعريب مطران حلب الياس معوض، ١٩٧٠م، ص ١٦٧-١٦٨. [272]Eusebius: H. E. 5:8. [273]Stromata 1:29. [274] Comm. on Matt. 14:1. [275] Eusebius: H. E. 3:25. [276] Letter on the Acto of the Niciene Council, 18. [277] De Pudicitia 10. [278] De vir. il. 10. [279] Jules Lebreton: The History of the Primitive Church, London 1944, vol. 2, p. 370. [280] J. Quasten: Patrology, vol. 1, p. 96-97. [281] The Shepherd, Vision 3:11-13. [282] Lebreton: The History of the Primitive Church, vol. 2, p. 372. [283] Command 4:3. [284] Quasten: Patrology, vol. 2, p. 98. [285] See The Shepherd, Command. 9. [286] The Shepherd, Command. 9. [287] The Shepherd, Command. 9:1:1. [288]The Shepherd, Vision 21. [289] The Shepherd, Vision 39. [290] The Shepherd, Vision 31. [291] The Shepherd, Command. 97. [292] Lebreton, p. 376-377. [293] Vision 35. [294] The Shepherd, Command. 93, 4. [295] The Shepherd, Command. 61-4. [296] The Shepherd, Command. 61-4. [297] The Shepherd, Command. 8:8; 1;9:1; 91; Vision 35-7. [298] The Shepherd, Command. 4:1:8. [299] Ibid. 41-2. [300] A collection of the Athos codex of the shepherd of Hermas together with an introduction by Sp. P. Lampros. Traslated and edited by J. Armitage Robinson, Cambridge 1888. [301] سلسلة آباء الكنيسة: ١- الآباء الرسوليّين، ص ١٧١-١٧٣. [302] F. L. Cross, p. 27. [303] H. E. 42. [304] Quasten, vol. 1, p. 248-9. [305] Zeitschrift für kirchengeschgeschichte, t. XLIII, 1924, p. 350. [306] Maxwell Stanifiorth, p. 171. [307] H. Puech: Hisoire de la literature grecque chrêtienne, t. 2, p. 217. [308] I. M. Sailer, der Briefan Diognetus, eine Perle de Christlischen Alterthums, Munich, 1900, Apologie, 15-4. [309] چورچ صابر، ص ٢٠٧. [310] Apology 39:11. [311] H. B. Swete: Patrsitic Study, 1904, p. 46 n. [312] Maxwell Staniforth, p. 172. [313] Edgar Goodspeed: A History of Early Christian Literature, 1966, p. 105. [314] Patrick J. Hamell: Handbook of Patrology, 1968, p. 36; H. Musurillo: The Fathers of the Primitive Church, 1966, p. 117. [315] راجع ترجمة القس مرقس داود، ١٩٦٠م، ص ١٦١. [316] Quasten: Patrology, vol. 1, p. 191. [317] E. J. Goodspeed: A History of Early Christian Literature, 1966, p. 96. [318] Vir. Illust. 9; Ep. 70:4. |
||||
|