25 - 02 - 2021, 03:30 PM | رقم المشاركة : ( 11 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس أفرام الكاتوناكي
وحيداً
عانى الأب نيكيفوروس كثيراً في أيامه الأخيرة، وهو قدّر صلوات الييروندا الحارّة من أجله وخدمته له، فاستحق الأخير منه كلمة شكر وبركة حين قال له قبيل رقاده: "فليباركك الله، فليباركك، لست أنت بإنسان، بل ملاك أنت!". بعد هذه المرحلة صار الأب إفرام وحيداً في القلاية. فراح يتأمّل وضعه الجديد وذكرياته المرّة والآلام التي لم تفارقه حتى اللحظة. وما لبث أن اُصيب بمرض تسمُّمي بسبب الفول وهدّدت حياته بالخطر. فكانت أول مرة يخرج فيها من الجبل (الى تسالونيك) منذ دخوله إليه. فأقام في المشفى لمدة تقارب الشهر لمعالجة هذا المرض ومعالجة ضعف عينيه. كانت إقامته في المشفى مناسبة لاستقبال زوّار كثيرين، ممّا أتعبه وأضعف صلاته المستمرّة. ومن الطرائف أنّ أخته وأخيه جاءا لزيارته ولم يعرفهما إلاّ بعد أن أخبراهُ بشكل مباشر. |
||||
25 - 02 - 2021, 03:30 PM | رقم المشاركة : ( 12 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس أفرام الكاتوناكي
مع أخويته
كان الشيخ يوسف الهدوئي قد نصح إبنه إفرام ألاّ يقبل في القلاية طلاّباً للرهبنة قبل أن يرقد الأب نيكيفوروس. وقد طبّق وصيّة الشيخ. وبعد أن تمنّع عن قبول عديدين، صار من الممكن له أن يقوّي شركته بالكنيسة، وأن يقبل تلامذة للرهبنة في قلايته ليسلّم إليهم شيئاً من خبرته في الصلاة والهدوء، رغم اعترافه مراراً بضعف إمكانيّاته في التعامل مع الشباب، خاصةً وقد أصبح هو شيخاً مسنّاً الى حد ما. وهكذ قَبِل مختبرين لديه، كان يعاملهم أبوياً، يستمع يومياً لاعترافاتهم ويتبادل معهم الحوار، موضحاً طرق الرهبنة المختلفة: هدوء، انفراد، حياة شركة... دون أن يفرض على أحد نمطاً ما. كان يقول لطلاّبه: "يا أولادي الأحباء، أنا أصلي من أجل أن ينيركم الله لكي تختاروا أنتم الطريق الذي به تمجّدونه وتخلّصون أنفسكم". كان الييروندا يرى ما يناسب كل شاب يأتي ليستشيره ويأخذ رأيه في الترهُّب، لم يكن يهتم بأن يُبقيه عنده بحيث يزيد عدد أخويته. بل كان يرسل البعض الى أديار أخرى وآباء روحيين آخرين ليروا ويستشيروا آخرين ويختاروا بحريّة وقناعة ذاتيّة. قال لأحد الشباب الذي كان ابناً روحياً له واختار أخيراً شيخاً آخر ليصير عنده راهباً: "الآن مات الأب إفرام بالنسة لك. لديك شيخك الروحي (الآخر)، أثبت هناك واحفظ الطاعة له حتى النهاية". وبالرغم من كبر سنّ الييروندا إلاّ أنه أبدى قدرة كبيرة في التحمُّل والتضحية بالإضافة الى مرونة ممدوحة مع أبنائه الجُدُد في الرهبنة، مُعلّماً إياهم وناصحاً ومربياً بطول أناة وصبر ومحبة. |
||||
25 - 02 - 2021, 03:30 PM | رقم المشاركة : ( 13 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس أفرام الكاتوناكي
بعض تعاليمه
كان الييروندا يواظب على تعليم الإخوة الخمسة الذين شكّلوا أخويته الجديدة. كانت تعاليمه ونصائحه الأولى أمور عملية بسيطة كأن يتّقوا الهواء البارد بخاصة عند التعرُّق. وأن لا يُجهِدوا أنفسهم في العمل فوق الطاقة وأن يحافظوا على أنظمة الأخوية فيما يتعلّق بالأصوام والترتيبات العامة الأخرى. عبارتَيّ "ليكن مباركاً" (نان إيفلويمينو) تعبيراً عن الطاعة، و"باركني" (إفلويصون) يمعنى إغفر لي، كانت من أهمّ العبارات التي شدّد على استعمالها. وكان يشجّع الإخوة على إنكار العالم ونزع نيره عنهم، بخاصة الأهل والأقارب. لسنوات وسنوات واظب الشيخ إفرام على نصح تلاميذه وحتى توبيخهم عند الحاجة في الموضوع الأهم، وهو المتعلق بحياتهم الروحية، غاية وجودهم في الجبل المقدس، كما كان يقول. مع محافظته هو أولاً على نشاطه الروحي وإلتزامه في الصلوات والأصوام والصمت والتواضع أمام الإخوة والابتعاد عن الدالة والمزاح، مع الاعتراف والمطالعة الروحية والسَّهر والتعب الجسدي. وكثيراً ما كان يستعمل قصصاً من الكتاب المقدس أو أخبار الشيوخ القدماء لكي يوضح ما يودَّ إيصاله من عِبَر ونصائح مفيدة للنفس، وأحياناً أخرى كان يتحدّث عن خبرته الشخصية لكي يثبّت الإخوة ويعزّيهم. |
||||
25 - 02 - 2021, 03:30 PM | رقم المشاركة : ( 14 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس أفرام الكاتوناكي
التعليم العملي
لم يكن الييروندا يبخل في مساعدة الإخوة النسّاك من القلالي المحيطة، رغم تعثُّر تلاميذه من مثل هذه التصرّفات. إلاّ أنّ السيّدة العذراء كانت تضاعف خيراتهم وتزيدهم. بخصوص المال، لم يكن يطالب بحقّه. على سبيل المثال، اعتاد أن يقول عن المال الذي كانوا يجنونه من صناعة الأختام: " عندما يُظلَم المرء ويصبر، تكون الأجرة من الله أكبر بكثير من أن يقدّم هو طواعية إحساناً أو تبرّعاً". كان نُبله وشهامته في منتهى العمق. تصرّفاته كانت مدروسة بدقّة. وكثيراً ما حدث في أوان الراحة أن تابع عمله الشاق بانتظار عودة أحد الإخوة من مهمة ما أرسله لإنجازها، وبالتالي لكي يرتاحا معاً، لا هو قبل الأخ الغائب. امتاز الأب إفرام ببساطته. كان يظهر هذا لدى مواجهتهِ مشكلةً فنيّةً عماية في إحدى الأدوات (كالمدفأة مثلاً). حينها كان يتصرّف كالأطفال الأبرياء. |
||||
25 - 02 - 2021, 03:30 PM | رقم المشاركة : ( 15 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس أفرام الكاتوناكي
الزمن والأشياء
لم يكن الييروندا يحفظ الكثير من التواريخ والأزمنة حتى من حياته الشخصية. فقط بعض المحطات الرئيسية: سيامته راهباً، الذكرى الألفية لتأسيس الجبل المقدّس... ويستعمل عبارات عامّة لتحديد الزمن: زمن الاحتلال (الألماني)، عندما كنتُ مبتدئاً، عندما كان الشيخ يوسف في منسك القديس باسيليوس،... أما أعياد القديسين والأعياد فكان يحفظها بامتياز. كان النهار والليل يمضيان وفق ترتيب معين للأعمال الجسدية والروحية. كل عمل، مهما كان، هو جهد مبذول وسبب للفرح وتمجيد الله. الزمن كترتيب لا يهم، المهم أنه إمكانية للحضور المستمر روحياً. كانت الصلاة هي محور حياته، صلاة يسوع رافقته في كل أوقاته، في عمله وحتى في نومه. الزمن كلّه اتّحد في صلاة. كما ذكرنا، لم يكن الييروندا ذاك الإنسان العملي المتعدّد الأشغال. ايضاً كان كل ما يعمله يعمله بأمانة وفرح واجتهاد. |
||||
25 - 02 - 2021, 03:31 PM | رقم المشاركة : ( 16 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس أفرام الكاتوناكي
الصلاة
على السؤال: كيف سنجد الصلاة، كيف سنجد النعمة؟ كان الييروندا يجيب: "عندما يكون وعاء النفس نقياً، عندها تمتلئ تلقائياً من نعمة الله. تُولد الصلاة من الطاعة، ومن الصلاة يأتي التكلّم باللاهوت". كان ينصح بألاّ نطيل صلاة يسوع، فقط أن نكرّر خمس كلمات (كما يوصي الرسول) "أيها الرب يسوع المسيح إرحمني". ويضيف أنّه عندما نتقدّم في الصلاة سنختصر أكثر، يمكن أن نصل الى مجرّد المناجاة باسم يسوع: يسوع، يسوع... إن خبرة كل شخص ستعلّمه أسرار الصلاة. كان ينصح باستحضار صور ما، كالجلجلة أو المجيء الثاني للمسيح، في بداية الصلاة، مما يجلب إلى نفسنا التخشُّع. ثم نطرح عنّا كل الصور ونكتفي بالتركيز على كلمات صلاة يسوع مما يُثمر تواضعاً ويجلب كل مواهب الروح القدس الى النفس. إلى هذا، فقد اعتاد على استعمال صلوات مرتجلة شخصية من حين لآخر. كل ذلك من خلال شرط الطاعة للأب الروحي، فمن دون هذه يستحيل اقتناء الصلاة والاستمرار فيها. |
||||
25 - 02 - 2021, 03:31 PM | رقم المشاركة : ( 17 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس أفرام الكاتوناكي
البرنامج في البريّة
كان الييروندا منتظماً جدّاً في برنامجه اليومي، وهكذا كانت أخويّته. في ساعات الصباح بعد أن يكون قد ارتاح من سهرانية الليل اليومية، كان يصعد الى الكنيسة لإتمام القداس. بعد القداس كانت مائدة صباحية ثم الأشغال الضرورية واليدوية مع بقية الإخوة حتى منتصف النهار. حينها كانوا يجتمعون حول المائدة كضيافة خفيفة ثم وقت الاستراحة. في المساء صلاة الغروب والعشاء وكان يتمنى عليهم أن يُوقفوا اهتماماتهم الحياتية وأعمالهم، لكي يحرّروا النفس ويفرّغوها للعمل الروحي الليلي، السهرانية. بعد صلاة النوم كان يستلقي لمدة ثلاث ساعات ونصف ثم يستيقظ تلقائياً، من دون منبّه، لإتمام سهرانيّته الشخصية بالمسبحة بشكل عام، مع مطالعة روحية، وصلوات شخصية من القلب. أما عن خدمته القدّاس الإلهي، فقد كانت بهدوء وخشوع، على ما تعلمه من الشيخ يوسف منذ شبابه. كان يقول أن القدّاس بالنسبة له هو الصلاة الأهم. |
||||
25 - 02 - 2021, 03:31 PM | رقم المشاركة : ( 18 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس أفرام الكاتوناكي
الاقتصاد والعلاقات العامّة
المال كان الييروندا يستعمل الأموال ببساطة، متجنّباً تخزينها، ملقياً رجاءه أولاً على الله. لم يكن يتقبّل إحساناً من المؤمنين إلاّ بصعوبة، وعندما يتقبّل كان يصلّي من أجل المحسن كثيراً. شيوخ الجبل كل الإصلاحات والإضافات التي تمّ إنشاءها في القلاية كانت بداعي الحاجة الملحّة. كان رهبان دير السيمونوبترا من أهم مساعديه في أعماله. كما كان يحتفظ بعلاقة خاصة مع رئيس الدير إميليانوس، ومعظم الأبناء الروحيين للشيخ يوسف، وهم الييروندا يوسف الفاتوبيذي، أفرام الفيلوثيي، خرالمبوس الذيونيسياتي، بالإضافة لآباء روحيين آخرين كُثُر كالأب أثناسيوس من دير اللافرا، والأب برثانيوس من دير القديس بولص، والأب جاورجيوس من دير غريغوريو... إلخ. لقد كان همّاً كبيراً عنده أن يحافظ رهبان الجبل المقدّس على علاقات طيّبة في ما بينهم. وقد اعتاد على رفع قيمة شيوخ الجبل في أعيُن الرهبان الشباب المختبرين. |
||||
25 - 02 - 2021, 03:31 PM | رقم المشاركة : ( 19 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس أفرام الكاتوناكي
الزوار
مشكلة زوّار القلاية كانت متعبةً للييروندا، أفقدته جمال صلواته الليلية. لم يكن يعرّف إلاّ نادراً، كان يكتفي بإعطاء النصائح والمشورة والتعزية. كان يرسل كثيرين الى آباء روحيين آخرين لديهم الخبرة الاجتماعية الكافية، بخاصة إذا كان لديهم إشكالات عائلية. قال إحدى المرّات مازحاً: "لكْ يا ولدي، يأتيك أحدهم ويقول زوجتي كذ... ثم آخر ايضاً زوجتي... كأنهم جعلوني طبيباً نسائياً!!" |
||||
25 - 02 - 2021, 03:31 PM | رقم المشاركة : ( 20 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس أفرام الكاتوناكي
مواهب الييروندا
لم تكن موهبة الييروندا الرئيسية في الرؤى المستقبلية، بل في الصلاة والدموع. وفي النهاية يبقى الله وحدُه هو الحاكم في شؤون الآباء الروحانيين الكبار. هناك عدة قصص تُروى عن رؤيوية الييروندا. حيناً ما كان الإخوة جالسين الى مائدة الطعام، مستضيفين أحد الرهبان الزوّار. إلتفت الييروندا نحو الراهب الضيف وقال له وهو يهزّ الرأس ملمّحاً: "عقبال الأعلى! عقبال الأعلى!" ثم راح يحرّك طرف كفّه الأيمن بشكل صليب على صدره قائلاً: "قدوس، قدوس، قدوس...". بعد وقت قصير، إعترف الراهب لبقية الإخوة أنه أتى لينال بركة الييروندا على سيامته شماساً، وقد أدرك الييروندا ذلك قبل أن يقول له. حيناً آخر زاره أحد الشباب من تلاميذ الجامعة. فاقتادَه الييروندا الى حيث يوجد ضريح لأحد الراقدين، خلف القلاية، وراح يكلّمه عن الموت والحياة بعد الموت. بعد يومين من هذا، عندما خرج الشاب من الجبل، علم أنّ والده قد توفّي. لدى تحوّل دير اللافرا الى نظام شركة، كان اسم الييروندا إفرام على رأس قائمة المرشحين لاستلام رئاسة الدير. وعندما أخبروه برغبتهم طلب أن يُعطى فرصة للصلاة من أجل هذا الأمر، ثم تبيّن له أن ليس هذا من مشيئة الله، فاتصل هاتفياً بشيوخ الدير وأنهى المسألة. |
||||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
سيرة القديس أفرام الكاتوناكي |
نشأة القديس أفرام الكاتوناكي |
القديس أفرام الكاتوناكي ووحيداً |
القديس أفرام الكاتوناكي مع أخويته |
صورة القديس أفرام الكاتوناكي |