15 - 09 - 2020, 05:47 PM | رقم المشاركة : ( 11 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تفسير سفر المزامير - مزمور 19- لله يعلن عن ذاته
"ليس أقوال ولا كلام،
الذي لا تُسمع أصواتهم، في كل الأرض خرج منطقهم، وإلى أقطار المسكونة بلغت أقوالهم" [3-4]. تشهد الكنيسة للإنجيل بحياتها أكثر مما بكلماتها. إذ يسكن كلمة الله في حياتنا الداخلية ينطق للآخرين حتى بصمتنا. بالحياة المقدسة في المسيح نعلن عن الأخبار السارة خلال الصمت كما بالكلمات. * كل جنس وكل لسان يسمع إعلانات الليل والنهار. لسان يختلف عن لسان، ولكن الطبيعة واحدة وتقدم ذات الدرس بالنهار كما بالليل . ثيؤدورث أسقف قورش * من لم يسمع أصوات الرسل وهم يكرزون بالإيمان بكل لسان؟! القديس أغسطينوس v بينما في تلك الأيام كان يُكرز بالناموس من دان إلى بئر سبع، الآن "في كل الأرض خرج منطقهم" (رو 10: 18؛ مز 19: 3)، وعَبَدَ الأمم المسيح، وبه عرفوا الآب . القديس أثناسيوس الإسكندري * بلغ صوت الرسل إلى كل الأرض، وبلغت أقوالهم إلى أقاصي العالم . القديس جيروم * لقد سُمع عنه في كل أقطار العالم وآمنوا به كما سبق فأظهر النبي، قائلاً: "بلغت أقوالهم إلى أقاصي العالم" . القديس يوحنا الذهبي الفم |
||||
15 - 09 - 2020, 05:47 PM | رقم المشاركة : ( 12 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تفسير سفر المزامير - مزمور 19- لله يعلن عن ذاته
* بمن آمنت أمم العالم إلا بالمسيح الذي جاء فعلاً؟! v مرة أخرى يقول داود في المزامير: "تعالوا إلى الله يا مدن الأمم، وذلك بلا شك لأنه "إلى كل الأرض" بلغت كرازة الرسل. قدموا للرب مجدًا وكرامة، قدموا لله ذبائح لاسمه، خذوا ذبائح وادخلوا إلى دياره"[397]. v لديكم نبوة عن عمل الرسل: "ما أجمل أقدام المبشرين بإنجيل السلام، تجلب الأخبار الصالحة، وليس أخبار حرب أو أخبار شر". "في كل الأرض خرج منطقهم وإلى أقطار المسكونة بلغت كلماتهم"، بمعنى أن كلماتهم التي حوت الشريعة الصادرة من صهيون وكلمة الرب الصادرة من أورشليم قد انتشرت كما كتب: "الذين كانوا بعيدين عن بِرّي صاروا قريبين من بِرّي ومن الحق" . العلامة ترتليان "جعل في الشمس مظلته (مَقدِسَه)، وهو مثل العريس الخارج من خدره" [5]. الشمس في العبرية كما في الآرامية "مذكر"، لهذا تقارن الشمس بالعريس. السيد المسيح - العريس السماوي - هو شمس البر الذي يشرق والشفاء في أجنحته (ملا 3). في كبد السماء نصبت الشمس خيمتها، وتبدو كأنها تسير مثل ملك جبار في موكب علني عالمي، تشع ببهائها على مشارق الأرض ومغاربها... إنها كملك يرحل، يضرب خيمته ثم سرعام ما يخلعها ويرحل إلى موضع آخر. تشرق الشمس بنورها وتبعث حرارتها لتهب حياة، هكذا جاء شمس البر يشرق على نفوس مؤمنيه في المشارق والمغارب ليهبهم إستنارة ودفئًا روحيًا وحياة متجددة على الدوام. * إنه هو الذي يعد خيمته - الكنيسة - في الشمس، على مرأى من جميع الناس. القديس أغسطينوس v إن كانت (الشمس) تظهر هكذا، لكن (المؤمنين) يظهرون في أكثر مجد، فإن الشمس تشرق لتنير العالم بالنور الطبيعي أما هم فينيرون العالم بطريقة أخرى، أقصد أنهم ينيرونها روحيًا . القديس يوحنا الذهب الفم |
||||
15 - 09 - 2020, 05:47 PM | رقم المشاركة : ( 13 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تفسير سفر المزامير - مزمور 19- لله يعلن عن ذاته
الظلمة في العهد القديم تمثل الخطية والتشويش الكامل، لهذا ساهمت الشمس بصفة خاصة في إبراز غلبة الله. على أي الأحوال، فإن الشمس لا تحمل معنى لاهوتيًا، إنما هي أحد خلائق الله التي يعتني هو بها. v من ثَم، فأنه جاء في المزمور: "كالعريس الخارج من خدره". لقد خطبنا عروسًا له خلال إعادة ميلادنا سريًا، نحن الذين كنا كفتاة ارتكبت الزنا مع الأوثان (حز 23: 37)، وقد غيّر طبيعتنا إلى عذراوية غير قابلة للفساد. مراسيم الزواج لم تكمل بعد؛ لقد زُفت الكنيسة إلى الكلمة، كما قال يوحنا: "من له العروس فهو العريس" (يو 3: 29). دخلت حِجال العُرسِ السرَّي، وها الملائكة تترقب عودة ملكهم الذي يقود الكنيسة إلى تلك الطوباوية اللائقة بطبيعتها . القديس غريغوريوس أسقف نيصص يرسل شمس البر حرارة روحه القدوس إلى قلوبنا لكي يلهبها بالحب الإلهي. يليق بنا أن نلاحظ أن المرتل يرى العريس السماوي كالجبار المسرع فرحًا. إنه يهب المؤمن به فرحه الأبدي، بينما يظهر كجبار أمام الشرير الذي لا يقدر أن يلتقي معه أو يرى مخافيه. أما المؤمنون الذين يتحدون مع العريس فيشاركونه سماته: تصير حياتهم عذبة جدًا ومفرحة وفي نفس الوقت ينالون قوة وسلطانًا للغلبة على الأعداء حتى الموت نفسه. في عبادتنا ننعم بعريسنا المرتبك جدًا بحياتنا الداخلية، إذ نتحد نحن معه؛ وفي ذات الوقت نعبده بمخافة. يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [بإن المؤمن إذ ينعم بالتبني للآب يتشبه بالابن الوحيد، يبعث أشعة روحية في هذا العالم بالمسيح الساكن فيه. * ما قيل عن الشمس "كالعريس الخارج من خدره" يمكننا بالحري أن نقوله الآن عن المؤمنين الذين يبعثون أشعة أكثر بهاءًا من الشمس . القديس يوحنا الذهبي الفم * لقد نادوا بالحق ذاته الخاص بصعوده إلى الموضع الذي نزل منه، وأنه لا يمكن لأحد أن يهرب من دينونته العادلة القديس إيريناؤس |
||||
15 - 09 - 2020, 05:48 PM | رقم المشاركة : ( 14 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تفسير سفر المزامير - مزمور 19- لله يعلن عن ذاته
مسيحنا شمس البر يبعث دفء المحبة وأشعتها في قلوبنا لتذيب ثليج جفافنا الداخلي الذي أقامته الخطية في داخلنا ليس فقط من جهة الله والناس بل وحتى من جهة نفوسنا ذاتها، فلا نبالي بنموها ومجدها وأبديتها. * تبرد محبة الكثيرين من أجل برود خطاياهم المتزايدة، الذين يصيرون جامدين كالثلج، على أي الأحوال إذ يحل دفء الرحمة الإلهية بهم يذوبون . الأب قيصريوس أسقف آرل يقول المرتل: "يبتهج مثل الجبار... كالعريس الخارج من خدره" يبرز جانبين متكاملين في عمل السيد المسيح الخلاصي هما البهجة والقوة. أنه يبتهج كعريس يقدم حياته مبذولة عن العالم كله ليقيم باشعة محبته عروسه من كل أمة ولسان، هذه البهجة العاملة إنما هي نصرة على عدو الخير والخطية... يدخل المعركة ليقود مؤمنيه إلى حياة الغلبة. وباتحادنا بعريسنا نحمل روح البهجة مع الغلبة، إذ يقيم داخلنا فردوسًا مبهجًا ومملكة فرح وفي نفس الوقت يقيمنا جنودًا أمناء لا نكف عن مقاومة إبليس وأعماله الشريرة بأسلحة الروح التي تعطينا سلطانًا أن ندوس على الحيات والعقارب وكل قوات العدو. |
||||
15 - 09 - 2020, 05:48 PM | رقم المشاركة : ( 15 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تفسير سفر المزامير - مزمور 19- لله يعلن عن ذاته
2. شهادة الكتاب المقدس لله: إن كان الإنسان لا يقدر أن يعيش بدون الشمس التي خلقها الله لأجله، بل أقام الكون كله لأجله، لكنه بالأحرى يجد في كلمة الله ما هو أهم وأعظم. الطبيعة تحدث الإنسان عن مركزه كمخلوق يحتل المركز الأسمى على الأرض، أما كلمة الله فتعلن عن مركز الإنسان كابن لله. في مديح الناموس إنما يمجد المرتل الله نفسه المتجلي في الناموس. الأعداد الثلاثة الأولى [7-9] أشبه بقطعة ليتورجية، تمجد ناموس الله بكونه هبة إلهية تنير وتقود. كلمة الله كاملة، أمينة، مستقيمة، نقية... يقدم المرتل ستة ألقاب لكلمة الله، ربما ليشير إلى ستة أيام العمل، وكأنه يليق بنا في جهادنا اليومي أن ننعم بكلمة الله كما بلقب جديد، وبتذوق جديد. كلمة الله لن تشيخ مطلقًا. أما في اليوم السابع، أي السبت والراحة، ففيها نلتقي بكلمة الله نفسه وجهًا لوجه بطريقة لا يُنطق بها. ألقاب كلمة الله الستة الواردة في هذا المزمور هي: ناموس الرب، شهادة الرب، فرائض الرب، وصية الرب، خشية الرب، أحكام الرب. "ناموس الرب بلا عيب، يرد النفوس. شهادة الرب صادقة، تعلم الأطفال" [7]. يقول القديس بولس: "فإننا نعلم أن الناموس روحي، وأما أنا فجسدي، مبيع تحت الخطية" (رو 7: 14). إن كلمة الله ترد النفس حيث تكشف عن الخطايا وتشير إلى طريق الخلاص منها بنعمة الله المجانية ومن جانب آخر فهي تهب المؤمنين البسطاء حكمة من فوق. "وأنك منذ الطفولة تعرف الكتب المقدسة القادرة أن تحكمك للخلاص بالإيمان الذي في المسيح يسوع" (1 تي 3: 15). |
||||
15 - 09 - 2020, 05:48 PM | رقم المشاركة : ( 16 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تفسير سفر المزامير - مزمور 19- لله يعلن عن ذاته
إن كنا قد فسدنا بالخطية فلم يعد فينا أي في جسدنا شيء صالح، كقول الرسول بولس، فإن ناموس الرب أو كلمة الله بلا عيب، تحمل النفس الفاسدة إلى الصليب لتنهل من الدم الكفاري، فتصير هي أيضًا بلا عيب. وراء الكلمة المكتوبة يختفي مسيحنا الذي بلا خطية وحده، الكامل، الذي بلا عيب، نتحد به بروحه القدوس فنحمل سماته فينا ونُحسب في عيني الآب بلا لوم، إذ يرى صورة ابنه الوحيد الجنس مطبوعة في أعماقنا. يقول القديس مرقس الناسك: [إن السيد المسيح "كلمة الله" مخفي وراء الوصية، فمن يدخل إلى الوصية بحياته العملية إنما يلتقي بالمسيح نفسه]. * ناموس الرب ليس إلا الرب نفسه، الذي جاء لكي يكمل الناموس، وليس لكي ينقضه (مت 5: 17). القديس أغسطينوس * عرف القديسون أن النفس تتطهر والعقل يستنير بحفظ الوصايا الأب دوروثيؤوس من غزة تُعلَن إرادة الله في الناموس لكي تعلم وتخلص، لهذا فإن الناموس هو أساس الثقة الثابتة في حب الله المترفق. هكذا نجد صدى الثقة المفرحة لأولاد الله في كل عبارة من عبارات المزمور. "شهادة الرب صادقة، تعلم الأطفال" [7]. كلمة الرب صادقة، تدعى "شهادة الرب"، تشهد عن مرارة الخطية، وعن صدق وعود الله بالخلاص التي تُقدم للنفوس الواثقة في الرب، كثقة الأطفال البسطاء في والديهم، الذين يلتقون على صدورهم كما على صخرة الحب، يتمتعون بعهده الإلهي الصادق. |
||||
15 - 09 - 2020, 05:48 PM | رقم المشاركة : ( 17 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تفسير سفر المزامير - مزمور 19- لله يعلن عن ذاته
"فرائض الرب مستقيمة تفرح القلب،
وصية الرب مضيئة، تنير العينين عن بعد" [8]. كلمة الرب ليست أوامر ونواهٍ تسبب مرارة للنفس، إنما هي علامة حب بين الله والإنسان، تبعث الفرح الداخلي... (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و التفاسير الأخرى). لاحظ كيف بدأ المرتل برجوع النفس إلى الله (ترد النفس) ثم تلاها بالتعليم (تعلم الأطفال)، بعد ذلك فرح القلب. عندما تقود الكلمة النفس تردها بالتوبة إلى الحضن الأبوي، فيتعلم كطفل صغير كيف يثق في مشيئة أبيه، ويفرح داخليًا بتحقيق إرادة الله أبيه فيه. أفراح العالم تقف إلى حد ما عند الشفتين وإلى حين أما فرح الرب فيهز أعماق النفس الداخلية، لذا قال "يفرّح القلب". تفيض تعزيات الروح في أعماق الإنسان إذ يجد أنه بكلمة الله قد إرتد إلى الحضن الأبوي، وتغيرت طبيعته من أعماقها، وتمتع بأسرار الله خلال اتحاده معه! إن كانت الخطية قد أظلمت بصيرتنا الداخلية فصار الله بالنسبة لنا مرعبًا ومخيفًا، نهرب منه كما فعل أبوانا الأولان حين سمعا صوت الله ماشيًا في الجنة، فإن كلمة الله الخلاصية تفرّح القلب وتنزع عنه الحزن القاتل وتنيره بروح الفرح والرجاء فترى في الله إلهها المخلص. تنفتح البصيرة لا لمعرفة الخير والشر وإنما لإدراك وخبرة عربون الحياة الجديدة السماوية والميراث الأبدي. لذلك يترنم داود النبي، قائلاً: "وصية الرب مضيئة، تنير العينين من البعد"، أي تهبهما أبعاد جديدة في النظر... ترفع العينين إلى السماء عينها لتعاين الأمور غير المنظورة. "خشية الرب زكية، دائمة إلى أبد الأبد. أحكام الرب أحكام حق وعادلة معًا" [9]. |
||||
15 - 09 - 2020, 05:48 PM | رقم المشاركة : ( 18 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تفسير سفر المزامير - مزمور 19- لله يعلن عن ذاته
يدعو كلمة الرب "خشية الرب" أو مخافته... وكما سبق فقلنا أن مخافة الرب هنا لا تعني خوف العبيد إنما روح التقوى. فإن كانت الكلمة الإلهية تحملنا للاتحاد مع الله في ابنه الكلمة المتجسد، فإننا إذ ننال - في مياه المعمودية - البنوة لله نحمل خشية البنين الذين يحرصون ألا يجرحوا مشاعر أبيهم المترفق بأولاده. بالمخافة نحرص ألا نخطئ، ونمتنع عن أن نخطئ بفعل النعمة الإلهية، فنثبت في الكلمة الأبدي، ونصير معه وبه خالدين، نعيش معه في سمواته إلى الأبد. يرى القديس أكلمندس الإسكندري أن الخوف يحفظنا من إرتكاب الخطية وأما الحب فيدفعنا إلى ممارسة الصلاح تلقائيًا كأبناء محبين لأبيهم القدوس الصالح. v أما بالنسبة لهؤلاء الذين بدافع الخوف يتحولون إلى الإيمان والبر، يبقى فيهم الخوف إلى الأبد. يُولّد الخوف إمتناعًا عن الشر، أما الحب فيدفع إلى ممارسة الفضيلة بالبناء تلقائيًا، حتى يُسمع قول الله: "لست أدعوكم عبيدًا بل أحباءً، ويمكن للإنسان عندئذ أن يتقدم إلى الصلاة بثقة القديس أكليمندس الإسكندري لئلا يُساء فهم الخوف فيظن أحد أن كلمة الله تبعث في النفس خوفًا يحطم فرحها، أو إلزامًا يفقدها الشعور بالحرية الإنسانية، ابرز المرتل شوق المؤمن للكلمة وتقديره لها وإحساسه بعذوبتها، إذ يقول: "شهوات قلبه مختارة أفضل من الذهب والحجر الكثير الثمن، وأحلى من العسل والشهد. وأن عبدك يحفظها، وفي حفظها مجازاة كثيرة" [10-11]. |
||||
15 - 09 - 2020, 05:48 PM | رقم المشاركة : ( 19 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تفسير سفر المزامير - مزمور 19- لله يعلن عن ذاته
الكلمة الإلهية الشاهدة عن أبوة الله وحنانه ليست فرضًا نتغصَّبه، وإنما هي أولاً "شهوة قلب"، تطلبها الأعماق إذ تجد فيها شبعها الحقيقي، وهي الغنى الحق أفضل من الذهب والحجر الكريم، وعذبة أحلى من العسل والشهد، بجانب هذا كله تقدم مجازاة كثيرة... أبدية لا يُعبر عنها. إنها فوق كل غنى العالم وقِيمِه وملذاته الأرضية. إذ يرتبط المؤمن بكلمة الله التي هي أفضل من الذهب والحجر الكثير الثمن، يصير هو بدوره ذهبًا وحجرًا كريمًا مُمتحنًا بالنار، محفوظًا ككنز إلهي مخفي، يحب كلمة الرب وأحكامه أكثر من حبه لنفسه أو لحياته الزمنية، مفضلاً إرادة الله عن إرادته الذاتية. v "أحلى من العسل والشهد" [10]. إذ تلتزم النفس بأن تصير عسلاً نقيًا، متحررة من رباطات الحياة المائتة، تنتظر في بساطة بركات الوليمة الإلهية؛ أو أنها تكون في قرص الشهد، ملتحفة بهذه الحياة كما في خلايا شمع العسل التي تملأها دون أن تصير مثلها (أي دون أن تصير شمعًا). وهي في هذا تحتاج إلى معونة يد الله التي تضغط لا لتحطم بل لكي تقطر عسلاً. تصير أحكام الله بالنسبة لمثل هذه النفس أحلى من كيانها هي ذاته، أحلى من العسل والشهد. القديس أغسطينوس * أي شيء أكثر بهاءً وسموًا من المعرفة الإلهية؟! أي شيء أكثر عذوبة وبهجة من كلمات الرب التي هي أعلى من قطر الشهد وعسله؟! * يجلب مَنّ كلمة الله لفمك التذوُّق الذي تشتهيه. على أي الأحوال، إذا ما تقبله إنسان ما بغير إيمان، فأخفاه عوض أن يأكله يُدوِّد. أتظن أننا نصل إلى التفكير بأن كلمة الله تصير "دودة"؟ ليت سماعك هنا لا يقلقك، إنما إصغ إلى النبي القائل في شخص ربنا "أما أنا فدودة لا إنسان" (مز 22: 6). إذ صار هو نفسه مصدرًا لهلاك البعض (بعدم إيمانهم) ووسيلة القيامة لآخرين، هكذا صار المن هو العسل الحلو للمؤمنين ودود لغير المؤمنين الأب قيصريوس أسقف آرل |
||||
15 - 09 - 2020, 05:48 PM | رقم المشاركة : ( 20 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تفسير سفر المزامير - مزمور 19- لله يعلن عن ذاته
سبق فتحدث عن كلمة الله بكونها "خشية الرب" الزكية والثابتة إلى الأبد، تهب للنفس رائحة المسيح الزكية وخلودًا أبديًا بقيامته العاملة فينا، وها هنا يتحدث عن الحب الذي لا ينفصل عن مخافة الرب، الكلمة تهب حبًا يعطي للنفس عذوبة، فتحب كلمة الله أكثر من حياتها الأرضية! * إذ تختلط الكلمة بالحب تنطفئ في الحال شهواتنا ونتطهر من خطايانا؛ ويبدو القول "أحلى من العسل" في مجرى الحديث يخص الكلمة[407]... v عذبة هي الكلمة التي تهبنا نورًا، إنها أثمن من الذهب والحجارة الكريمة، وأشهى من العسل والشهد. كيف لا تشتهيها وهي التي تنير العقل الذي دُفن في الظلمة، وتهب حذاقة لعيني النفس المستنيرة بها؟" القديس أكليمندس الإسكندري v إذا ما ترنم شخص بالمزامير مهتمًا فقط بعذوبة الأصوات وتنظيم الكلمات، دون مبالاة بالمعاني تنتعش أذناه، أما كلمة الله فلا تدخل قلبه. بمعنى أنه يمضغ شمعًا نقيًا ولا يتذوق عذوبة العسل قط! الأب قيصريوس أسقف آرل |
||||
|