05 - 02 - 2020, 05:21 PM | رقم المشاركة : ( 11 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس غريغوريوس بالاماس العجائبي رئيس أساقفة سالونيك
بعض مقولاته كتابات القديس غريغوريوس عظيمة الأهمية. لذا، وإكمالاً للفائدة، نورد بعض مقولاته. يقول أنه متى اعتزل الإنسان العالم واستغرق في النشوة الكاملة للروح فإن الله يكشف له ذاته. إذ ذاك تنشقّ الظلمة ولا يبقى غير نور الله يدعونا إليه مؤطراً بنار معتمة. هذا النور هو الله نفسه. فإن صلّى المرء بمنتهى البساطة في القلب وكرّر الكلمات "ربي يسوع المسيح، يا ابن الله، ارحمني" أيضاً وأيضاً، فإنه يؤدي، بذلك، العمل الفائق الذي من أجله خُلق، لأنه سيجد نفسه أخيراً في دائرة الضوء الذي أشرق على قمة ثابور يوم التجلي الإلهي. كان غريغوريوس يرى الكون مشحوناً بطاقة (energy) التجسّد الإلهي وكذا بجمال العذراء مريم. في عينه أن الأرض موضع إلهي جماله يكاد لا يحتمل. فإن نور التجلي لم يكف عن السطوع. وثمة قديسون يعاينون هذا النور، بعدما جاء المسيح في الجسد، بحراً لا حدّ له يفيض بصورة عجيبة من شمس وحيدة هي جسد المسيح. |
||||
05 - 02 - 2020, 05:21 PM | رقم المشاركة : ( 12 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس غريغوريوس بالاماس العجائبي رئيس أساقفة سالونيك
يقول: "في الاسم القدوس طاقة إلهية تخترق قلب الإنسان وتغيّره متى انبثت في جسده". وكان يؤمن أن ثمة نَفَساً إلهياً معطى للناس يتحرك في أجسادهم المادية، والجسد يقتني القداسة بهذا النَفَس الإلهي المنسكب فيه، وأن الجسد كالنَفْس مخلوق على صورة الله وهو ليس شراً بحال. وللقديس غريغوريوس قول مأثور عن أهمية الجسد "إن الإنسان بفضل كرامة الجسد المخلوق على شبه الله هو أسمى من الملائكة". كان يقول أنه من النفس تنسكب في الجسد طاقة إلهية بصورة متواصلة وأن الملائكة وإن كانوا أدنى إلى الله فلا أجساد لهم تنسكب فيها الطاقة الإلهية على هذا النحو. وعنده أن الإنسان يصبح إلهاً متى انكب على التأمل وعاين في موضع القلب نور التجلي المتوهج. هذا ومع القديس غريغوريوس انتهى الجدل الذي طالما كان قائماً بين قائل بإمكان إدراك الإنسان لله وقائل بخلاف ذلك. |
||||
05 - 02 - 2020, 05:21 PM | رقم المشاركة : ( 13 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس غريغوريوس بالاماس العجائبي رئيس أساقفة سالونيك
فيما أن نعمة الله قد صار بالإمكان معاينتها في النور غير المخلوق المتدفق في "موضع القلب"، وبما أن الرهبان، ولاسيما القديسين، يتمتعون بهذه النعمة، في أعمق تأملاتهم، لذا يخلص غريغوريوس إلى أن الله بات بالفعل قابلاً للمعاينة لأنه هو إياه هذا النور. ومع ذلك يبقى الله، إلى الأبد، غير منظور، يبقى في جوهره كذلك. بكلام آخر، الله معروف في ذاته، في شخصه كنور غير مخلوق، لا في جوهره. بكلمات القديس غريغوريوس نفسه: "ليس لنا أن نشترك في الطبيعة الإلهية، ومع ذلك، وبمعنى من المعاني، لنا أن نشترك، وبيسر، في طبيعة الله، لأننا ندخل في شركة معه، فيما يبقى الله تماماً وفي الوقت نفسه بمنأى عنا. لذا نؤكد معاً، وفي وقت واحد، أمرين متناقضين نسرّ بهما ونعتبرهما مقياساً للحقيقة". |
||||
05 - 02 - 2020, 05:21 PM | رقم المشاركة : ( 14 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس غريغوريوس بالاماس العجائبي رئيس أساقفة سالونيك
على هذا خلص القديس غريغوريوس إلى أن التجلّي الإلهي على قمة ثابور هو أعظم ما أتاه الرب يسوع من أعمال. التجلي الإلهي يفوق حتى سر الشكر. وقد كتب "أن نور ثابور هو ملكوت الله". لم يكن نوراً مفاجئاً لأنه لا بداية له ولا نهاية، لا يحد في زمان ولا مكان ولا يمكن إدراكه بالحواس العادية. ومع ذلك صار معروفاً والذين اشتركوا في طاقة الله عرفوه وتألهوا به. فالتلاميذ الذين وقفوا فوق قمة ثابور قد رأوا النور وأضحوا كائنات سماوية لأنهم لما حدقوا فيه تروحنت أجسادهم. هذا النور المعمّي عاينه القديس بولس في دمشق وإيليا النبي عندما أخذته عن الأنظار عربة النار وموسى عندما وقف بالعليقة المحترقة. وكيف يلتمس المرء هذا النور؟ قبل كل شيء، بالتوبة والدعوة باسم الرب يسوع واستدعاء رحمة الاسم القدوس. |
||||
05 - 02 - 2020, 05:21 PM | رقم المشاركة : ( 15 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس غريغوريوس بالاماس العجائبي رئيس أساقفة سالونيك
القديس غريغوريوس بالاماس هو لاهوتي الروحانية الأرثوذكسية الأول. إن كل آباء البرية والذين استغرقوا في خبرة صلاة الرب يسوع والتماس النور الإلهي قالوا واختبروا ويختبرون ما سكبه القديس غريغوريوس في قالب أجاد في حبكه. وقد كان التعبير عن هذا التراث الحي غاية في الأهمية في القرن الرابع عشر لأن الروحانية الأرثوذكسية تعرّضت، آنئذ، لهجمات من الداخل والخارج كان يمكن أن تحوّلها عن مسارها وتغيّر ملامحها وتلقيها في خضم التيارات الفكرية التي بدأت تعبث بالغرب، آنذاك، والتي تمثلت في بعث الفكر الفلسفي الإغريقي والوثنيات القديمة وتمخضت، فيما بعد، عن التيارات العقلانية والحركة البروتستانتية، كما خلقت المجتمعات الدهرية التي أخذت ترتكز على الفلسفة الإنسانية والأخلاقيات دون الإلهيات وأفرعت ما يعرف بفلسفة "الله مات". |
||||
05 - 02 - 2020, 05:22 PM | رقم المشاركة : ( 16 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس غريغوريوس بالاماس العجائبي رئيس أساقفة سالونيك
المواجهة التاريخية في هذا الإطار كانت المواجهة التاريخية الشهيرة بين القديس غريغوريوس بالاماس والراهب برلعام. كان برلعام من كالابريا، في جنوبي إيطاليا، يوناني اللسان. جاء إلى مدينة القسطنطينية خلال العام 1338 فذاع صيته في أوساط المفكرين فيها كعالم وفيلسوف مميز، كما خصّه الإمبراطور ورئيس وزرائه بإكرام وتقدير كبيرين. كان برلعام أرثوذكسياً في الظاهر وقد كتب ضد اللاتين. قال بعدم إمكان معرفة الله في ذاته، واستند في تعاطيه مع مؤلفات الآباء الشرقيين إلى تحليلاته الذهنية والفلسفية دون الخبرة الصلاتية، لذا اصطدم بما كان يدّعيه الهدوئيون من إمكان معرفة الله ومعاينة النور غير المخلوق عن طريق صلاة الذهن في القلب والتركيز والإيقاع الجسديين الموافقين لها. |
||||
05 - 02 - 2020, 05:22 PM | رقم المشاركة : ( 17 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس غريغوريوس بالاماس العجائبي رئيس أساقفة سالونيك
\فشنّ عليهم حملة شعواء وكفّرهم بحجة الخروج على عقائد أساسية مسلّم بها في الكنيسة. إذ ذاك انبرى القديس غريغوريوس بالاماس للدفاع عن تراث طالما عاش الرهبان في كنفه وخبروه حياً في ذواتهم على مدى الأجيال. وطبعاً كان لكل من الاثنين، غريغوريوس وبرلعام، مناصروه في كافة الأوساط: القصر والجيش والأساقفة والمفكرين والرهبان وحتى العامة. وهكذا قامت الدنيا ولم تقعد ردحاً من الزمان. في هذه الفترة بالذات كتب القديس غريغوريوس ثلاثيته في الدفاع عن القديسين الهدوئين. وقد التأم مجمعان، خلال شهري حزيران وآب من العام 1341، في أروقة آجيا صوفيا، وأدانا برلعام الذي تحوّل إلى الغرب وصار أسقفاً في إيطاليا. غير أن رحيل برلعام لم يكن كافياً لوضع حد للصراع، فقام أكندينوس بمتابعة الحملة ضد القديس غريغوريوس والرهبان وناصره في رأيه بطريرك القسطنطينية، يوحنا كاليكاس، لأسباب سياسية. ولكن، أقيل البطريرك في العام 1347م وأخذ مكانه ايسيدوروس الذي زكى غريغوريوس وجعله أسقفاً على سالونيك. وكان أهم المجامع المنعقدة في هذا الشأن ذاك الذي التأم في شهر تموز من العام 1351م والذي أدان آخر أعداء بالاماس، الفيلسوف نقفر غريغوراس، وأعلى شأن القديس غريغوريوس والكتابات التي وضعها من حيث تعبيرها الصادق والصافي عن إيمان الكنيسة الأرثوذكسية. |
||||
05 - 02 - 2020, 05:22 PM | رقم المشاركة : ( 18 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس غريغوريوس بالاماس العجائبي رئيس أساقفة سالونيك
وقوعه في الأسر ولعل آخر وأهم حدث في السنوات الأخيرة من حياة القديس غريغوريوس كان وقوعه في الأسر. فبينما كان ينتقل بطريق البحر من تسالونيكي إلى القسطنطينية وقع في أيدي القراصنة الأتراك الذين استاقوه إلى آسيا الصغرى حيث بقي أسيراً ما يقرب من سنة (1353 – 1354م). أمران أساسيان ميّزا هذه الفترة من حياة قديسنا، كما يتضح من الرسائل والوثائق العائدة إليها، أولهما التسامح الكبير الذي كان الأتراك يعاملون به المسيحيين، سواء الأسرى منهم أو سكان المناطق المحتلة، والثاني اهتمام القديس غريغوريوس بالدين الإسلامي. وقد تجلّى الأمر الأخير بصورة خاصة، في الحوار الصريح الذي كان للقديس غريغوريوس مع الابن الأكبر للأمير التركي أورخان. وبنتيجة هذا الحوار عبّر قديسنا عن الأمل في أن "يحل يوم"، على حدّ تعبيره، "يصبح فيه بإمكاننا أن نفهم بعضنا بعضاً...". ويبدو أن قديسنا عاش في هدوء خلال القسم الأكبر من هذه الفترة في دير من ديورة نيقيا إلى أن افتداه بالمال بعض الأتقياء الصرب. |
||||
05 - 02 - 2020, 05:22 PM | رقم المشاركة : ( 19 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس غريغوريوس بالاماس العجائبي رئيس أساقفة سالونيك
رقاده أما رقاد القديس غريغوريوس فكان في تسالونيكي في الرابع عشر من شهر تشرين الثاني من العام 1359 للميلاد، بعد أشهر من المرض الشديد. ويذكر مترجمه أنه "بعد أن فارقت جسده روحه الطاهرة، أظهرت نعمة الروح القدس البهاء الداخلي الذي كان في نفسه وذلك بطريقة عجيبة، إذ أن نوراً ساطعاً ملأ تلك القلاية التي كانت فيها رفاته. فاستضاء وجهه وجسده لم يزل بعد جاثياً يابساً قبل الدفن... وقد لازمت نعمة الروح القدس رفاته الشريفة واستبان مسكناً للنور الإلهي ومنبعاً للعجائب والمواهب ومستشفى عاماً مجانياً. لذلك لقب بالعجائبي...". هذا وقد أعلنت قداسة القديس غريغوريوس في مجمع عقد في القسطنطينية بعد تسع سنوات من رقاده، في العام 1368م، برئاسة تلميذه وصديقه، فيلوثاوس، البطريرك المسكوني، وهو الذي كتب سيرته. وقد وصفه المجمع بأنه "الأعظم بين آباء الكنيسة". |
||||
05 - 02 - 2020, 05:23 PM | رقم المشاركة : ( 20 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس غريغوريوس بالاماس العجائبي رئيس أساقفة سالونيك
طروبارية للقديس غريغوريوس بالاماس باللحن الثاني يا كوكب الرأي المستقيم، وسند الكنيسة ومعلمها، يا جمال المتوحدين ونصيراً لا يحارب للمتكلمين باللاهوت، غريغوريوس العجائبي، فخر تسالونيكية وكاروز النعمة، ابتهل على الدوام في خلاص نفوسنا. |
||||
|