12 - 02 - 2019, 05:51 PM
|
رقم المشاركة : ( 11 )
|
† Admin Woman †
|
رد: تجسد ربنا يسوع المسيح
13- ان التقوى الحقيقية تمنع من المغامرة والخوض في هذه الاختراعات، بل هي بذاتها تجعل كل تقي يعترف باستقامة بأن الكلمة الكائن قبل كل الدهور، والمساوي للآب في الجوهر، جاء في الأيام الأخيرة وتجسد من والدة الاله العذراء مريم، لكي يجدد ما خلق, وصور في آدم الأول، أي الطبيعة التي فينا، والتي جعلها له بالأتحاد. وهكذا الاله الكائن قبل كل الدهور ظهر كإنسان ودعى المسيح. هذا وحده يجعلنا نحن "أعضاء المسيح" وكما هو مكتوب "نحن من لحمه ومن عظامه"(أف5 : 30). فما معنى الاختراعات والخيالات السابقة؟ هل أنتم تستعملون الحكمة الإنسانية محاولين الوصول إلى صياغات لأمور تقع خارج مجال قدرات الفكر الإنساني؟ ما معنى كلامكم "بدلاً من الإنسان الداخلي الذي ينتمي الينا، وُجد في المسيح عقل سمائي"؟ يا للفكر الدنس!! وما أضعف هذه الكلمات الفارغة من المضمون والصادرة عن بشر لا يفهمون أساسات الإيمان.
فالحقيقة الأولى من هذه الأساسات هي أن نعرف أن نعبر عن المسيح بأكثر من أسلوب، اذ لا يجد أسلوب واحد فقط، بل أن اسم "المسيح"يعلن حقيقتين، اللاهوت والناسوت. وهكذا يدعى المسيح"إنساناً", وهو ذاته يدعى الله، وأحيانا يُسمى الإله المتأنس، ورغم كل هذه الكلمات المختلفة، هو المسيح الواحد.
باطلة إذا هذه السفسطة التي تقودكم إلى شيء آخر غير المسيح. وحتى الذين دعوا "مسحاء" فإن المعنى الكامل للأسم لا يخصهم, وإنما معناه الجزئي فقط، لأن هؤلاء لا يمكن أن نصفهم أو أن نعتقد أنهم مثل المسيح الحق، والمتهورون فقط هم الذين يتجاسرون على أن يخضعوا المسيح للمنطق الإنساني المحدود القائم على التحليل والدراسة. أن ما ذكرتموه وأخبرتمونا به لم يخبر به نبي ولا رسول ولا انجيلي من الانجيليين, هذه أمور يجب أن يخجل المرء من التفكير فيها، فهل صرتم تخجلون من التفكير فيها؟
لو كان المسيح آخر غير "العقل السمائي" الذي جاء وسكن فيه، و"العقل السمائي" كامل، فحسب كلامكم أنتم يصبح المسيح في إثنان كاملان، وبذلك تعتقدون بما تحاولون هدمه. اما العقل السمائي فأن الأنبياء نالوه، لأنهم تكلموا عن أمور سمائية وأمور مستقبلة كـأنها حاضرة امامهم. ولماذا تفترضون أنتم أن "الإنسان الداخلي" غير موجود في المسيح؟ وماذا تقولون عن "النفس الإنسانية"؟ أليست النفس هي حياة الجسد مثل الدم بالنسبة للحم؟ فهل ستقولون بالعكس، بأن النفس والجسد هما "الإنسان الخارجي"؟ ومادمنا نلمس اللحم والعظام، فهل سنلمس النفس أيضا مادامت قد صارت منظورة، وبالتالي يصبح من الممكن ذبحها وقتلها، مع أن ربنا قال: ان النفس لا يمكن أن تُقتل (مت10 : 28), فعليكم أن تعتقدوا بان النفس هي الإنسان الداخلي، حسبما نرى في الخلق الأول ومن تأمل الانحلال الذي حدث بعد السقوط. هذا نراه فقط ليس من تأمل موتنا نحن، وانما نراه أيضا في موت المسيح نفسه عندما وُضع الجسد في القبر، وذهبت النفس إلى الجحيم. وما أعظم الفرق بين القبر والجحيم، فقد رقد الجسد المحسوس في القبر، أما هو فقد كان غير المحسوس في الجحيم.
|
|
|
|
12 - 02 - 2019, 05:52 PM
|
رقم المشاركة : ( 12 )
|
† Admin Woman †
|
رد: تجسد ربنا يسوع المسيح
14- فكيف حسب الرب في عداد الموتى وهو في الجحيم؟ انه لم يذهب إلى الجحيم بجسده بل ذهب إلى الجحيم لكي يبشر النفوس التي كانت في سلاسل العبودية، وذهب وبشر بصورة إنسانيته التي لم تخضع لسلطان الموت، بل غلبت الموت ودحرته، وهكذا كان حاضراً مع الموتى لكي يصور أساس القيامة ويحطم السلاسل التي كانت تربط النفوس الأسيرة في الجحيم. وهكذا أعلن أنه خالق الإنسان ومصوره، والذي حكم على الإنسان بالموت، جاء وبحضوره في الصورة الإنسانية، وبارادته وحده حرر الإنسان من حكم الموت، لأن الموت لم يستطع ان يقوى على نفس المسيح الإنسانية التي اتحدت باللوغوس، بل عجز الموت عن أن يستعبدها، ولا استطاع الفساد أن يذلها أو يأسرها, ومع أن الموت فصل النفس عن الجسد، إلا أن الفساد لم يتجاسر على أن يقترب من أيهما, لأن كل الذي حدث إنما كان تحت السيطرة الالهية وعنايتها, وأي فكر آخر ذلك فهو ضلال.
أما من يتأمل التعدي الأول والعقوبة التي نُفذت وهي عقوبة مزدوجة, سوف يُدرك معنى ما نقول، فقد قيل للعنصر الأرضي: "تراب أنت والى التراب تعود" (تك3 : 10). وبعد أن صدر حكم الرب بدأ الفساد يدب في الجسد، أما عن النفس فقد قيل لها: "موتاً تموت" (تك2 : 8) وتم هذا بتقسيم الإنسان إلى قسمين، وحُكم عليه بأن يعاني من مكانين؛ القبر والجحيم. وبعد أن أصدر القاضي حكمه، كان هو وحده القادر على أن يُلغي حكمه بنفسه, فظهر في صورة من حكم عليه (آدم). دون أن تكون هذه الصورة تحت حكم الدينونة, بل بلا خطية، وبذلك صالح الله الإنسان، الإنسان كله جسداً ونفساً، وتمت حرية الإنسان بواسطة إنسان, وبتجديد صورة ابنه يسوع المسيح ربنا.
فهل تفهمون أن العقوبة قسمت الإنسان إلى ثلاثة أجزاء, وكان حكماً بأن يذهب إلى ثلاثة أماكن؟ لقد أفتقد الرب القبر والجحيم فما هو المكان الثالث الذي ذهب اليه، وما هو العنصر الثالث الذي كان تحت عبودية الموت. فإذا لم يكن في امكانكم أن تخبروا عن مكان ثالث, لأنه لا يوجد سوى القبر والجحيم, وهما اللذان تحرر منهما الإنسان, لأن المسيح نزل اليهما بصورة حقيقية تشبه صورتنا ولكنها كاملة, فإذا تم هذا بواسطة المسيح فكيف يمكنكم أن تقولوا بعد ذلك أن الله لم يصالح الإنسان كله (جسداً ونفساً). وكيف تجسد المخلص وحل بيننا؟ هل أخذ جزء من الإنسان, أي الجسد فقط؟ وهل هذا يعني انه كان عاجزاً عن أن بخلص النفس, أي يخلص الإنسان كله؟ هل اشمئز من العقل الإنساني لأنه أخطأ, أم انه كان يخاف أن يُخطيء هو أيضا؟ وكيف يخاف وهو الإله الذي إذ تجسد وصار إنسانا استمر في صلاحه وكماله. أن الذين يفكرون بهذا الأسلوب هم بلا شك مملؤون بالكفر.
وكيف تفهمون الطبيعة الإنسانية بشكل سليم وأنتم تعتقدون أن الخطية جزء من تركيبها وتكوينها، وإذا وصلتم إلى هذه النتيجة، أليس هذا هو ذات تجديف المانويين؟.
|
|
|
|
12 - 02 - 2019, 05:52 PM
|
رقم المشاركة : ( 13 )
|
† Admin Woman †
|
رد: تجسد ربنا يسوع المسيح
15- إذا تمسكتم بهذه الآراء، فأنتم بذلك تنسبون الخطية إلى خالق الطبيعة, وكأن الله عندما خلق الإنسان الأول خلقه بطبيعة خاطئة.
وإذا صح هذا, فلماذا حُكم على آدم عندما أخطأ؟ وكيف قيل انه لم يعرف الخير من الشر فبل سقوطه؟ ألم يُخلق في البدء كصورة الله في عدم فساد, وجعله الله على صورة أزليته (حك2 : 24), أي خلقه بطبيعة غير خاطئة وبإرادة حرة, ولكن بحسد ابليس دخل الموت إلى العالم بعد أن وجد الوسيلة التي أدت إلى المعصية، وهكذا بسبب عصيان وصية الله صار الإنسان مجالاً بذر فيه العدو الزوان (مت13 : 25) وتسلطت الخطية بواسطة الاهواء على الإنسان, ورغم كل هذا لم يكن الشيطان هو الذي خلق وكون طبيعة ساقطة في الإنسان, حاشا لله أن نعتقد بذلك, لأن الشيطان عاجز عن الخلق، وكفر المانويين الذي نرفضه هو الذي ينسب الخلق للشيطان, ولكن التعليم الصحيح هو أن المعصية أدت إلى فساد الطبيعة الإنسانية, وبسبب ذلك "ملك الموت على كل البشر" (رو5 : 11و14). ولنفس السبب قيل: "جاء ابن الله لكي يبيد أعمال الشيطان" (1يو3 : 8). وما هي أعمال الشيطان التي جاء ابن الله ليبيدها؟ انها غواية الشيطان, لأن الله لم يخلق الإنسان خاطئاً, بل خلقه في عدم خطية, ولكن غواية الشيطان جعلته يعصي وصية الله فأخطأ للموت، ولذلك أخذ كلمة الله هذه الطبيعة وجددها وجعلها في حالة لا تقبل الغواية ولا تُخطيء، وهذا ما يجعل الرب يقول: "رئيس هذا العالم آت وليس له فيه شيء" (يو14 : 30). أن رئيس العالم لم يجد شيئا يخصه في المسيح, لان المسيح لم يتخل عن عمل يديه ولم يتركه لرئيس العالم، ولذلك السبب أيضاً عجز رئيس العالم عن أن يجد فيه شيئا. وهكذا أظهر المسيح التجديد وأسس الكمال وحقق خلاص الإنسان كله، أي النفس العاقلة والجسد لكي تكمل أيضا القيامة.
سفسطة الأريوسيين القائلة بأن المخلص أخذ جسدا فقط باطلة أيضاً، وهم بذلك يكفرون, لأن هذا معناه أنهم ينسبون الآلام إلى اللاهوت غير المتألم. وباطل أيضا رأيكم النابع من مصدر آخر غير الأسفار الالهية والذي يجعلكم تتفقون مع الأريوسيين, لأن ادعائكم هو أن الابن استخدم الصورة الإنسانية التي لبسها، أي انها كانت مجرد "أداة" فقط، لأنه في مكان الإنساني الداخلي الذي فينا، كان في المسيح "عقلا سمائيا". فكيف تألم وحزن وصلى كما هو مكتوب"اضطراب بالروح" (يو14 : 21). هذه افعال لا تمت لجسد بلا عقل، ولا تمت إلى اللاهوت غير المتألم، وإنما إلى نفس عاقلة لها شعور وتتألم وتضطرب وتحزن وتحس بالآلام فكريا.
|
|
|
|
12 - 02 - 2019, 05:52 PM
|
رقم المشاركة : ( 14 )
|
† Admin Woman †
|
رد: تجسد ربنا يسوع المسيح
16- أما اذا قررتم الاستمرار في التفكير بهذا الشكل، صار من المحتم عليكم أن تختاروا بين ثلاثة اعتقادات باطلة وهي: إنكار التجسد, التجديف على اللاهوت, إنكار الخلاص، فأي من هذه الثلاثة تختارون؟ واذا افترضتم أن الآلام والموت كانت مجرد خيالات, فهذا يعني أن ما قيل عن التجسد في الاسفار ليس حقيقياً. وإذا افترضتم أن اللوغوس صار العقل الإنساني للنفس الإنسانية في الرب فهذا يعني أن نفسه لم تكن نفساً بشرية, ولم يكن لها ادراك بشري, لأنها كانت تفكر بواسطة اللوغوس الذي صار عقلا لها. وهذا تجديف لأن من يتصور بأن عديم التغير قد تغير فصار يشعر بالآلام والحزن والثقل فهو كافر. وإذا كانت الأناجيل تقول أن يسوع "اضطراب بالروح" فقد أعلن الرب نفسه بكلمات أخرى أنه يعني عقله الإنساني بقوله: "نفسي قد اضطربت" (يو12 : 27). وإذا كشف الرب بهذا عن عقله الإنساني فقد أعلن بذلك أن فيه ذات العنصر الذي فينا, وهذا ما جعله يترفق بنفوسنا، لأنه في الوقت الذي يتألم والآلام هي آلامه، فاننا نعترف بأنه غير متألم كإله. وكما فدانا بدم جسده، هكذا فدانا بفكره ونفسه فأعلن انتصار نفوسنا قائلاً: "أنا قد غلبت العالم" (يو16 : 33). وكما أن الدم عند المؤمنيين ليس دماً بشرياً وانما هو القوة القادرة على خلاصنا، هكذا نفسه وعقله وليسا بشرياً ضعيفا ينتمي إلى الإنسانية, وانما يعلن طبيعة اللاهوت.
وهكذا يدعى المسيح الإله الكامل والإنسان الكامل، ليس لأن الكمال الإلهي قد تغير إلى كمال إنساني, فهذا كفر محض, ولا يعني هذا أننا نعترف باثنين كاملين كل منهما منفصل عن الآخر، لأن هذا ضد الإيمان القويم. كما أننا لا نقول بأنه تقدم ونما في الفضيلة والبر, حاشا لله. وإنما بالاتحاد الكامل صار الاثنين (اللاهوت والناسوت) واحداً كاملاً في كل شيء، هو نفسه الإله المتأنس. لذلك عينه قال الرب: "الآن نفسي قد أضطربت", أي أنها كانت تتألم, و "الآن" تعني عندما أراد. وهذا يوضح حقيقة تجسده، لأنه لم يكن يتكلم عن أمر لا وجود له، كما لو كان يتكلم عن شيء خيالي، وانما كان يعني أنه تألم فعلا وما حدث له كان حقيقيا.
|
|
|
|
12 - 02 - 2019, 05:53 PM
|
رقم المشاركة : ( 15 )
|
† Admin Woman †
|
رد: تجسد ربنا يسوع المسيح
17- وحيث أن الرب صار إنساناً وأخذ طبيعة إنسان ولم يكن هذا مجرد خيال، فلا معنى لإثارة موضوع الخطية كاعتراض على التجسد، لأن الذي تجسد هو خالق الجسد, أما عن الصراع الكامن في طبيعتنا فهو ما أخترعناه نحن من شرور نبتت من غواية الشيطان الذي علمنا كيف نعصي الله, وزرع هذه الغواية في طبيعتنا, هذا الصراع لا يزال في داخلنا بسبب ضعفنا, أما الرب فقد تجسد دون أن يتخلى عن إلوهيتة، وهو ما يعني أنه لا يوجد فيه صراع داخلي صادر من الطبيعة القديمة, أي إنساننا القديم. هذا يجعلنا نتعلم منه كيف "نخلع الإنسان القديم، ونلبس الإنسان الجديد" (أف4 : 22و24). وهذا في حد ذاته سر عجيب, فقد صار الرب إنساناً ولكن "بلا خطية"، وصار بذلك الإنسان الجديد الكامل, فكشف عما يقدر أن يفعله من أجلنا. وما يستطيع أن يفعله الرب بارادته، أعلنه في طبيعته، ودبر أن يأخذه عندما تجسد أي ميلاده من امرأة، والنمو في القامة حتى صارت حياته تحسب بالسنين، والجوع والعطش والنوم والألم والموت والقيامة. وهكذا حيث ساد جسد الإنسان، قدم يسوع جسده، وعندما ربطت النفس الإنسانية بقوة الموت، قدم يسوع نفسه، فاستطاع الذي لا يمكن أن يربطه الموت أن يكون حاضراً كإنسان وان يفك ربطات الموت كإله, وحيث زرع الفساد، ينمو عدم الفساد، وحيث ملك الموت على الصورة الإنسانية, أي النفس، يحضر عديم الموت والذي يعطي الخلود, وبذلك يجعلنا شركاء في عدم فساده وعدم موته بالرجاء في القيامة من الموت، وهكذا تم الخلاص عندما "لبس الفساد عدم الفساد والمائت عدم الموت" (1كو53:15), "وكما بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم، وبالخطية الموت، هكذا بإنسان واحد, يسوع المسيح, تملك النعمة بالبر للحياة الآبدية" (رو12:5).
وبعد كل هذا ماذا تقصدون بقولكم: "بدلاً من الإنسان الداخلي الذي فينا، كان المسيح عقل سمائي"؟ هل توافقون على تقسيم الإنسان الواحد إلى اثنين، واحد داخلي والثاني خارجي، ألم يفعل المسيح ذلك عندما رقد الجسد في القبر وذهبت النفس إلى الجحيم؟
هنا يجب أن نقرر أن شخصاً آخر كان الآخر مختلفا عنه في الجوهر، ولذلك أعطى جسده من أجل أجسادنا، ونفسه من أجل نفوسنا، وكان هذا الفداء كاملاً للإنسان كله، فهل سوف تهزأون مثل اليهود أعداء الحياة الذين سخروا من الصليب، فكانوا يمرون أمام صليبه يهزون روؤسهم سخرية (مت27 : 39).
أن الجحيم لم يكن يستطيع أن يحتمل ظهور اللاهوت غير محجوب في النفس الإنسانية، وهذه الحقيقة هي التي شهد بها الرسل والأنبياء.
|
|
|
|
12 - 02 - 2019, 05:53 PM
|
رقم المشاركة : ( 16 )
|
† Admin Woman †
|
رد: تجسد ربنا يسوع المسيح
18- وبالاضافة إلى ما ذكرناه، فان الحقيقة سوف تظهر بوضوح أكثر إذا دققنا النظر في تدبير الصليب الذي أعلن عن حقيقة جسده عندما سال دمه وانسكب معه ماء, فأعلن بذلك عن قداسة ناسوته وأنه بلا عيب, لأنه جسد الكلمة الله. وعندما صرخ بصوت عال "وأحنى رأسه ولفظ روحه"، أعلن بذلك عن ما في داخل جسده, أي نفسه الإنسانية التي قال في مناسبة أخرى: "أنا أضعها عن خرافي" (يو10 : 15). ولا يمكن لمن يفهم تدبير الصليب بشكل سليم أن يفهم أنه عندما لفظ أنفاسه كان هذا بمثابة مفارقة اللاهوت له، وانما خروج نفسه فقط. ولو كان الموت, أي موت الجسد كما يقولون, هو مفارقة اللاهوت لجسده، لكان هذا موتاً خاصاً به فقط، وليس الموت الذي يخصنا نحن. وكيف يمكن للاهوت أن ينزل إلى الجحيم علانية بدون حجاب يستتر به؟ وفي هذه الحال علينا أن نسأل أين النفس الإنسانية التي وعد الرب بان يضعها عن خرافه؟ ألم تكن هي نفسه التي سبق وأخبر الأنبياء عنها باعلانات نبوية؟ أما إذا كان موته هو خروج نفسه منه فأننا في هذه الحالة يمكن أن نقول أنه مات الموت الذي يخصنا نحن، أي انه قبل وأحتمل تقسيم الإنسان إلى نفس وجسد، كما سبق وأحتمل ميلادنا الجسداني.
|
|
|
|
22 - 02 - 2019, 05:05 PM
|
رقم المشاركة : ( 17 )
|
† Admin Woman †
|
رد: تجسد ربنا يسوع المسيح
19- باطلة هي سفسطتكم، إذ كيف يتم الموت إذا كان الكلمة لم يأخذ لنفسه "الإنسان الخارجي والإنسان الداخلي", اي الجسد والنفس؟ وكيف دفع الفدية عن الكل (1تي2 : 6)؟ وكيف حل سلاسل الموت تماماً؟ كيف استطاع المسيح ذلك إذا لم يكن قد أخذ لنفسه، وبلا خطية ذات الذي أخطأ بالفكر, أي النفس. فإن لم يأخذ نفساً إنسانية يظل الموت "يملك" على الإنسان الداخلي, وعلى أي شيء ملك الموت؟ أليس إلى النفس التي أخطأت فكريا والتي قيل عنها: "النفس التي تخطيء تموت" (خر18 : 4). من أجل ذلك أسلم المسيح نفسه عوضاً عن كل نفس، وقدم نفسه فدية عن الجميع.
وما الذي كان عليه الله في البدء؟ هل على صورة الخليقة التي صورها الخالق وصنعها, أم على العمل الصادر من إرادة الخليقة؟ فإذا دان الله الخليقة فقد دان نفسه وأصبح في هذه الحالة مثل البشر.
واذا كان كفراً في أن الله مثل البشر، فالله دان العمل الصادر من إرادة الخليقة التي كونها وصورها. وفي هذه الحالة قد أدان العمل نفسه ونتائجه وجدد الخليقة التي صورها ويتم القول: "لأننا نحن خليقته التي خلقها لأعمال صالحة" (أف2 : 10).
|
|
|
|
22 - 02 - 2019, 05:05 PM
|
رقم المشاركة : ( 18 )
|
† Admin Woman †
|
رد: تجسد ربنا يسوع المسيح
20- لكن يبقى اتهامكم لنا بأننا نقول: "ان الذي وُلد من العذراء مريم هو إله". ونحن نسألكم لماذا تستخدمون ذات لغة مرقيان الذي أدعي بأن الله جاء وأفتقدنا بشكل غير محسوس فقط، لأن طبيعة الله لا تقبل الاتحاد بالجسد البشري؟ ولماذا تتكلمون عن الله مثل بولس الساموساطي؟ ألم يكن مثل هذا الأسلوب الغامض هو الأسلوب الذي حاول أن يستر به كفره وقال بأنه يعترف بأن المولود من مريم هو إله بمعنى خاص، أي انه أخذ بدايته من مريم، رغم أنه كائن قبل الدهور. وكان يعترف بأن في المسيح كلمة (لوغوس) وحكمة من السماء تحرك المسيح وتعمل بواسطته. كانت هذه هي نظرته الكفرية، وهل تختلف هذه اللغة عن اللغة والمعاني التي تستخدمونها في الكلام عن المسيح كمن حل فيه عقل سمائي. أما الحقيقة فهي أن الجسد الحي بلا نفس ليس إنساناً كاملاً, ولا من له عقل سمائي يمكن أن يكون إلها.
وعندما نقول الإنسان الحي فأننا نقصد بكل وضوح الإنسان الذي له نفس عاقلة, كما أن جسد الإنسان يُدعى جسداً ولا يُدعى نفساً، وأيضاً نفس الإنسان تدعى نفساً ولا تدعى جسداً بالمرة. أما عن علاقة النفس بالجسد وبسبب اختلاف طبيعتها عن طيبعة الجسد فهي تدعى "الروح". ولولا ذلك لما قيل: "من يعرف فكر الرب" (1كو16:2). وفكر الرب, أي عقله, هو إرادة ومشورة الرب، وليس الرب نفسه. لماذا تغشون كلمة الرب (2كو17:2) باضافة كلماتكم اليها؟ أن الكنيسة لم تقبل ولا تسلمت ولا سلمت لنا هذه التصورات، وإنما حسب ما هو مكتوب أن الله الكلمة الكائن قبل كل الدهور مع الآب (يو1 : 1) قد جاء في الأزمنة الأخيرة (عب26:9) ووُلد من العذراء القديسة مريم والروح القدس, وانه ابن الإنسان الذي كتب عنه أنه البكر "ولم يعرفها حتى ولدت ابنها البكر" (مت25:1). وأيضا: "لكي يكون بكراً بين أخوة كثيرين" (رو8 : 21). هو نفسه الإله الحق، تألم لأجلنا كإنسان وفدانا من آلام الموت كإله.
باطل تصوركم الذي يوحي بأنه في استطاعتكم أن تنالوا تجديد النفس التي تحرك الجسد وتفكر، بتصوركم أن التجديد يتم بمجرد التشبه ومحاكاة المسيح. هذا باطل لأن المحاكاة تعني أن نتشبه بمن هو مثلنا، ويجب في هذه الحالة أن يكون النموذج كائن فعلا وإلا استحال تقليده. هنا وفي غياب النفس الإنسانية، يصبح تجديد الجسد هو ما تم وتحقق فعلا، وهكذا تضلون وتجدفون لأن البشرية عاجزة عن أن تجدد ذاتها بدون المسيح، وتجديد النفس التي تقود الجسد لا يتم بدون المسيح، لأن المقود يتبع قائده. وما دمنا قد وصلنا إلى هذا الحد صار من حقنا أن نسألكم ما هي منفعة مجيء المسيح وتجسده؟
|
|
|
|
22 - 02 - 2019, 05:05 PM
|
رقم المشاركة : ( 19 )
|
† Admin Woman †
|
رد: تجسد ربنا يسوع المسيح
21- أما الذين يقولون كلاماً لا أساس له بالمرة، مدعين بأن الله الكلمة جاء كما جاء من قبل للأنبياء نقول لهم أنه ولا واحد من هؤلاء عندما جاء إليه الكلمة قيل عنه أن الله تجسد, وعن هذا التصور الفاسد نسأل أيضاً لماذا لم يكن تكمل الناموس شيئا (عب9 : 19). ولماذا ملك الموت على الذين لم يخطئوا مثل آدم الأول (رو : 14). وأيضا لماذا قال الرب: "اذا حرركم الابن فبالحقيقة تصيرون احراراً" (يو8 : 36). أليس هذا إعلاناً عن التجديد الذي تم به والكمال الذي نؤمن بأننا نلناه فيه؟ لأننا به تجددنا، وبه نتشبه, وفيه نشترك في المسيح الجديد. أما أنتم فقد أخترعتم ما هو باطل وبذلك فقدتم الخلاص. هذا الباطل يدفعكم لعدم استخدام كلمة "نفس" ويصور لكم أن تستخدموا عبارات مثل هذه: "العقل المضطرب"، "إنسان الخطية"، وأحيانا بكل جرأة "فاعل الاثم"، يمكن أن يحل محل كلمة واحدة وهي "النفس", وباطل أيضا قولكم عن الجسد "غير المخلوق" وأحيانا "السمائي" وأيضاً "المساوي للكلمة في الجوهر". ان هدفكم من كل هذا وبوضوح هو انكار التجسد. وكما عثر الأريوسيون وسقطوا في عدم فهم ميلاد الابن الفائق والأزلي من الآب، وخترعوا كلمات وعبارات لكي يتفادوا الاعتراف الصحيح مثل هذه الكلمات المضادة لميلاد الابن الأزلي "الميلاد يعني الشهوة" و "تقسيم جوهر الله" و"رخاوة الطيبعة الالهية" والهدف من هذه الكلمات غير المقدسة هي أن يسقطوا غير الثابتين في حفرة المعصية، لأن "فم العاصي هو حفرة أثم عميقة" (أم22 : 14). وهكذا حاول سابليوس نفس الشيء وأفترض أن الابن بلا جوهر وان الروح القدس غير كائن، وأتهم الذين قاموا بأنهم يقسمون جوهر الله إذا صرحوا بايمانهم بالاقانيم الثلاثة. وتوهم سابليوس بأن العلة الخالقة تظهر في أشكال متتابعة معينة، ولكن ذلك أدى إلى الإيمان بعدة آلهة بعد ذلك، فسقط سابليوس في كفر اليهودية وانكار أزلية الابن . وأيضاً المانويون الذين لم يؤمنوا بتجسد الرب ولا بتأنسه وكفروا بقولهم بأن الإنسان خاضع لإلهين واحد شرير وآخر خير. أما أنتم فأردتم أن تقاوموا الحق واخترعتم هذه الشعارات التي توجهونها ضدنا، لأنكم تتهموننا بأننا نقول بأننا نؤمن بابنين، وتدعونا "عابدين الإنسان" وتثيرون موضوع علاقة الخطية بالعقل ليس لكي تصلوا إلى الخلاص والإيمان الحق وانما تصلوا إلى التناقض التام مع أنفسكم خصوصا عندما تستخدمون كلمات صالحة بقصد نشر مبادئكم السيئة, ولكن هذا يؤدي إلى أن تبعدوا غير الثابتين عن الإيمان بما تضيفونه من كلمات كفر. أما نحن فان اساسنا ثابت لأن الله قد ختمه (2تي2 : 19).
ياصديقي العزيز، لقد كتبت هذا حسب الحق, أي حسب التسليم الانجيلي الذي هو كاف والذي لا يجب أن يكتب أحد غيره أو يضيف إليه شيئا آخر لقد كتبت لأنك سألتني عن الإيمان الذي فينا وطلبت أن نرد على الذين يتكلمون حسبما يحلو لهم وعن اختراعاتهم، ومن يتكلم من نفسه يكذب (يو8 : 24)، لأن العقل البشري لا يستطيع أن يعبر عن جمال مجد تجسد المسيح، ولكن علينا أن نعترف بما تم ونعلنه حسبما جاء في الأسفار، وان نثبت على الدوام عابدين الله إلى الأبد، وأن نمجد محبته التي إذا أعترفنا بها ننال الخلاص في المسيح يسوع ربنا آمين.
|
|
|
|
22 - 02 - 2019, 05:06 PM
|
رقم المشاركة : ( 20 )
|
† Admin Woman †
|
رد: تجسد ربنا يسوع المسيح
تجسد ربنا يسوع المسيح
المقالة الثانية
الفصل الأول
1- اكتفينا بما أوضحناه في بحثنا السابق، مع أنه قليل من كثير، ببيان ضلال الأمم في عبادة الأوثان وخرافاتها، وكيف كانت هذه الأوثان من البدء من اختراعات البشر. وكيف كانت شرور البشر هى الدافع لابتكارهم عبادة الأوثان. والآن بعد أن أشرنا قليلاً لبعض الأمور عن إلوهية كلمة الآب وتدبيره لكل الأشياء وسلطانه وكيف أن الآب الصالح يضبط كل الأشياء بالكلمة, وأن كل شئ به وفيه يحيا ويتحرك.
أيها الطوباوي يا محب المسيح بالحقيقة تعال نتتبع الإيمان الحقيقي, ونتحدث عن كل ما يتعلق بتأنس الكلمة ونبيّن كل ما يختص بظهوره الإلهي بيننا، ذلك الذي يسخر منه اليهود ويهزأ به اليونانيون، أما نحن فنسجد له رغم ضعفه الظاهري, وذلك حتى تتقوى وتزداد تقواك به.
2 ـ فكلما ازداد الاستهزاء من غير المؤمنين بالكلمة، يعطى هو شهادة أعظم عن إلوهيته. وكل ما يظن البشر أنه مستحيل، فإن الله يثبت أنه ممكن، وكل ما يسخر منه البشر كأمر غير لائق، هذا يجعله بصلاحه لائقًا. وكل ما يهزأون به, وهم يدّعون الحكمة, على أنه أعمال بشريّة, فهذا كله يُظهره بقوته أنه أعمال إلهية. وهكذا، فمن ناحية يحطّم عن طريق الصليب, الذي يُظن أنه ضعف, كل ضلالات عبادة الأوثان، ومن ناحية أخرى يُقنع بطريقة خفيّة أولئك الهازئين وغير المؤمنين، حتى يدركوا إلوهيته وسلطانه.
3- ولإيضاح هذه الأمور فإنه يلزم أن تستحضر للذاكرة كل ما سبق أن قيل (في المقالة ضد الوثنيين) حتى تستطيع أن تدرك سبب ظهور كلمة الآب، كلّي العظمة والرفعة، في الجسد، ولكي لا تظن أن مخلّصنا كان محتاجاً بطبيعته أن يلبس جسداً. بل لكونه بلا جسد بطبيعته، ولكونه هو الكلمة، فإنه بسبب صلاح أبيه ومحبته للبشر، ظهر لنا في جسد بشري لأجل خلاصنا.
4- والآن إذ نشرح هذا الأمر، فإنه يليق بنا أن نبدأ أولاً بالحديث عن خلقة الكون كله وعن الله خالقه، وهكذا يستطيع المرء أن يُدرك أن تجديد الخليقة تم بواسطة الكلمة, الذي هو خالق الخليقة في البدء. وهكذا يتضح أنه ليس هناك تناقض في أن يتمم الآب خلاص العالم بالكلمة الذي به خُلِقَ العالم.
|
|
|
|
الساعة الآن 07:08 PM
|