18 - 02 - 2017, 07:08 PM | رقم المشاركة : ( 11 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس بورفيريوس الرّائي
بعد عامين أو ثلاثة، حسب قول القديس بورفيريوس، أخذ الإسكيم الكبير بٱسم ”نيكيتا“ في ”دير اللافرا الكبير“. وقد زارته النّعمة بطيب سماوي اشتمّه في طريقه إلى اللافرا ومن ثم انبعثت رائحة طيب من رفات القدّيس ”خرالمبوس“ أثناء تقبيله لها. فرح فرحًا شديدًا ومن شدة التأثر اختلى بنفسه بعد السّهرانة دون أن يتكلّم مع أي راهب. لم يرغب في الترتيل كعادته ولا بأي شيء آخر. فقط كان يريد سماع صوت إلهه. زيارة النّعمة الإلهية له ذات يوم، حوالي السّاعة الثالثة والنّصف فجرًا، ذهب نيكيتا إلى الكنيسة الكبرى، كنيسة الثالوث القدّوس، لحضور الخدمة. وصل باكرًا قبل قرع الأجراس. لم يكن هناك أحد داخل الكنيسة. جلس في المدخل تحت الدرج وأخذ يصلّي. بعد قليل فُتح باب الكنيسة ودخل راهب طويل مسنّ، هو الشيخ ديماس*. عندما دخل، تفقّد المكان بنظره فلم يرَ أحدًا، فأمسك بمسبحته وأخذ يصنع السّجدات الكبيرة بسرعة مردِّدًا: ”يا ربي يسوع المسيح ارحمني... أيتها الفائق قدسها والدة الإله خلّصينا“. بعد قليل دخل في ذهول دون إرادته، فوقف فاتحًا يديه بشكل صليب محاطًا بالنّور الإلهي. فإذا بالنّعمة تنتقل إلى نيكيتا فورًا فدخل في حالة الشيخ للحال. تأثر كثيرًا وأخذ يبكي. |
||||
18 - 02 - 2017, 07:08 PM | رقم المشاركة : ( 12 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس بورفيريوس الرّائي
يقول القديس بورفيريوس:”لا يوجد كلام يستطيع التعبير به عمّا جرى له. إنّه سبي من الله. لا يمكن شرح هذه الأمور على الإطلاق. إذا حاولتُ شرحها أُخطئ. كلا، كلا لا يمكن شرحها ولا في الكتب، لا يمكن إدراكها... يجب أن تكون مستأهلاً لكي تفهمها“. من تلك اللحظة أخذت المواهب تتضاعف عند الراهب نيكيتا. وأوّل إعلان لها كان عندما رأى الشّيخَين قادمين من طريق بعيد خلف الجبل. رآهما كأنّهما بقربه. وقد أعلم شيخه بالحادث فأوصاه ألا يعطي أهميّة للموضوع. لكنّه أصبح أكثر فطنةً وحفظ معظم القوانين وكلّ كتاب المزامير. أصبح يرى أمورًا كثيرة وينتبه لكلّ شيء. انفتحت عيناه وأذناه، فصار يميّز الحيوانات والعصافير على أنواعها. ٱنفتح أنفه وكان يشمّ كلّ شيء ويتبيّن الرّوائح بدقة متناهية. أصبح إنسانًا جديدًا: يجعل كلّ ما يراه صلاة، يرى، يسمع، يشُم كل شيء بنعمة الله... يتأثر، يتخشّع ويصلّي. يصف القديس هذه المرحلة قائلاً: ”كنت أعيش ضمن النّجوم، داخل الأبدية، في السّماء...“. |
||||
18 - 02 - 2017, 07:09 PM | رقم المشاركة : ( 13 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس بورفيريوس الرّائي
العودة إلى العالم ومع زيارة النّعمة استمرّ الرّاهب نيكيتا في جهاداته النّسكية كسابق عهده بتواضع، تحركه محبّته لإلهه. لكنّ الرّبّ الإله ارتضى له مسيرًا آخر بعيدًا عن الجبل. أراده أن يكون مرشدًا للنّفوس وراعيًا لأغنامه. لم يفكّر أبدًا لا بالحصول على موهبة خاصة من لدن ربّه ولا بمغادرة الجبل المقدس. في أحد الأيام الماطرة ذهب ليجمع الحلزون الكبير طاعة للأب إيونيكيوس فتعرّض لحادثٍ. نجا ولكنّ الحادث أثّر على صحته إذ أُصيب بالتهاب الرئتين. استدعى رئيساه ناسكًا قدّيسًا عالمًا بأمور الطب ولكن لم ينتفع منه شيئًا. في نهاية المطاف ٱضطر أبواه لإرساله إلى العالم ليحظى بالعناية الواجبة لاستعادة صحته لأنّهم لم يكونوا يملكون لا الأدوية اللازمة ولا الأطعمة كالحليب والبيض... أخذ بركتهما، وببكاء ووجع كبير غادر عائدًا إلى إيفيا. |
||||
18 - 02 - 2017, 07:09 PM | رقم المشاركة : ( 14 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس بورفيريوس الرّائي
في إيفيا وصل الرّاهب نيكيتا إلى قريته، كان شكله قد تغيّر تمامًا. عمره آنذاك كان تسع عشرة سنة، شعره طويل ولحيته متدلّية. فرح به أبوه كثيرًا، لكن أمّه خجلت به ووبّخته ولم تسلّم عليه. حضرت كلّ الضيعة بفضول لملاقاة ”ناسك جبل آثوس“ ذي الشعر الطويل. لم يشأ نيكيتا أن يقصّ شعره فجعله في ماء مغليّ فتخرّب وسقط وأصبح أصلع. أوّل الأمر سكن مع عمّته لأنّ أمّه رفضت أن تستقبله. هناك بدأ يأكل طعامًا جيدًا واستعاد صحته، لكنّه لم يبقَ، لأنّه شعر بالخجل إذ لم يقدِّم شيئًا لأهله وهم الآن يعتنون به. ذهب إلى دير القدّيس خرالمبوس. فرح به رئيس الدّير هناك. وما لبث أن شعر بالتحسن فأسرع إلى الجبل المقدس. فرح به أبواه كثيرًا، لكنّه مرض من جديد بعد بضعة أيام، ومن جديد عاد إلى دير القدّيس خرالمبوس. استعاد صحته وتقوّى ثم عاد إلى الجبل المقدس. ذهب ثلاث مرات وعاد، وفي المرة الثالثة، قال له أبواه إنّه رغم عدم رغبتهما في إرساله إلى العالم، إلا أنّ بقاءه في الجبل المقدس يشكّل خطرًا على صحته قد يؤدي إلى موته، معبّرَين عن محبتّهما الفائضة له. |
||||
18 - 02 - 2017, 07:09 PM | رقم المشاركة : ( 15 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس بورفيريوس الرّائي
هكذا رحل الرّاهب نيكيتا عن الجبل المقدس نهائيًا. ذهب إلى دير القدّيس خرالمبوس، حيث رغب به الجميع وأحبّوه وفرحوا بعودته. أما بالنسبة لأمّه المسكينة الّتي ساءها أن يكون ٱبنها راهبًا، فقد بعث لها راهب من منسك القدّيس نيلّس رسالة قرّعها فيها على قساوة قلبها وقال لها إنّ وحوش البرية تحب أولادها. كتب الكثير من الكلام الجميل ولكن القاسي. ٱنسحقت أمّه كثيرًا وتغيّرت وأصبحت شغوفة بالكنيسة. وعندما صار ٱبنها كاهنًا، لم تعد تتركه. كانت تدعوه ”أبي“ بافتخار. ماتت بقربه وكانت تقول: ”يا ولدي، ليتني جعلتُ كلّ أولادي رهبانًا! في البداية لم أدرك الأمر، ليت كلّ أولادي كانوا رهبانًا“! |
||||
18 - 02 - 2017, 07:09 PM | رقم المشاركة : ( 16 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس بورفيريوس الرّائي
كاهنًا أُوليَ الرّاهب نيكيتّا ثقة كاملة في الدير. أثناء العمل لم يكن يترك عقله تائهًا بل كان يؤدّبه...كان كالفتاة الهائمة بمعشوقها. فبالرغم من إصابته بداء الرّئة ومرضه، إلا أنّ ذهنه كان دائمًا عند معشوقه المحبوب... عند المسيح. وقد أُعجب به كثيرًا ”المتربوليت فوستين“ الّذي كان يحب الرّهبان. ذات مرة جاء المتروبوليت مع رئيس كهنة سيناء، بورفيريوس الثالث، وحاولا إقناع نيكيتا أن يصير كاهنًا لانّه لم يكن يشاء ذلك. وفي نهاية المطاف صُيِّر كاهنًا وأخذ اسم ”بورفيريوس“. |
||||
18 - 02 - 2017, 07:09 PM | رقم المشاركة : ( 17 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس بورفيريوس الرّائي
بعد سنتين جُعل أبًا روحيًا وأخذ يعرّف ليل نهار، أحيانًا ثمان وأربعين ساعة دون توقّف ودون طعام. في البدء كان صارمًا في أعطاء الحل واضعًا كتاب الإعتراف للقدّيس نيقوديموس ناموسًا له. لكنّه مع الوقت تعقّل، وتذكر قانونًا للقدّيس باسيليوس الّذي يقول فيه: ”من أخذ سلطان الرّبط والحلّ، إذا وجد أنّ الخاطئ قد اعترف بخطاياه وٱنسحق، عليه أن يخفّف مدة العقوبة، فالحكم ليس على المدة بل على أسلوب العقاب“. |
||||
18 - 02 - 2017, 07:09 PM | رقم المشاركة : ( 18 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس بورفيريوس الرّائي
بقي الرّاهب الكاهن بورفيريوس أبًا روحيًا في إيفيا إلى العام 1940. كان يستقبل أعدادًا كبيرة من المؤمنين كلّ يوم. انتشر صيته كأب معرّف وعارف بمكنونات القلوب في المناطق المجاورة وٱزداد عدد الوافدين إلى دير القدّيس خرالمبوس للإعتراف لديه. وبموهبة الرؤية المعطاة له ساعد النّفوس التائهة وقادها إلى معرفة الحق والحياة مع المسيح. بهذه الموهبة خلّص نفوسًا كثيرة من حبائل الشيطان وألاعيبه. عام 1938، صيرّه متروبوليت كاريستيا أرشمندريتًا ”لخدمته كأب روحي وللآمال الحسنة الّتي تراها الكنيسة المقدسة فيه“... آمال تحقّقت بنعمة الله. |
||||
18 - 02 - 2017, 07:09 PM | رقم المشاركة : ( 19 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس بورفيريوس الرّائي
كاهنًا لرعية تساكايي ودير القدّيس نيقولاوس حوالي العام 1938 عَيِّن المتروبوليت كاريستيا الأب بورفيريوس كاهنًا لقرية تساكايي في إيفيا. ترك الأبُ ديرَ القدّيس خرالمبوس، لأنّه تحوّل إلى دير نسائي، وسكن في دير القدّيس نيقولاس المهدّم والمهجور في منطقة ”أنو فاسيا“ (Ano Vathias) تحت رعاية متروبوليت خالكيذا. بقي هناك حوالي ثلاثة سنوات ثم غادر المكان قبل ٱندلاع الحرب الإيطالية. |
||||
18 - 02 - 2017, 07:10 PM | رقم المشاركة : ( 20 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس بورفيريوس الرّائي
مستشفى أثينا عام ،1940 مع اندلاع الحرب العالمية الثّانية، عُيّن الأب بورفيريوس كاهنًا لكنيسة القدّيس جيراسيموس الصغيرة التابعة لمستشفى أثينا. أحبّ الأب بورفيريوس كثيرًا أن يعمل في مؤسسة تعين المرضى والمحتاجين. ٱشتعلت فيه هذه الرّغبة عندما سمع، ذات مرة، قراءة في الجبل المقدس للقدّيس نيكيفوروس قال فيها: ”كم من الخير يستطيع أن يفعل المرء، عندما يُعزّي نفوسًا متألّمة أو أشخاصًا يعانون من أمراض...“ سمع الرّب الإله تضرّعاته وقاده إلى مستشفى أثينا. طلب موعدًا وذهب لمقابلة المدير. تأخّر هذا الأخير عن الموعد، فجلس الأب بورفيريوس في قاعة الانتظار وفتح الكتاب المقدس وأخذ يقرأ فيه. حضر المدير وما إن سلّم عليه حتّى سأله ماذا كان يقرأ، فأجابه: ”الكتاب المقدس“... ثم سأله عن دراسته، فأعلمه أنّه لم يكمل الصّف الأول الابتدائي، ولكن سيرة حياته أعجبت المدير. فسأله إلى أي متربوليت يتبع، ثم قام واتصل به قائلاً: ”لقد وجد المستشفى كاهِنَهُ“. وأجبره على القيام بالذبيحة الإلهية، رغم عدم توفّر إذن من رئيس الأساقفة. عارض الأب بورفيريوس في البدء لكنّه بوداعته المعتادة رضخ. وبعد القدّاس قال له المدير: ”سنتّخذك أبًا وكاهنًا لنا“. |
||||
|